ربح الحق هو الأهم في الإيمان بالله (الجزء الثاني)
بصرف النظر عما يحدث لك، يجب أن تنظر إلى الأشياء وفقًا لكلام الله، وأن تتعامل معها من منظور الحق. من السهل اكتشاف المشكلات بهذه الطريقة، ومن خلال النظر إلى الأشياء وفقًا لكلام الله سوف تستطيع بسهولة رؤية جوهر الأشياء. ينظر بعض الناس دائمًا إلى الأشياء بناءً على التعلم. إنهم يدرسون الأشياء ويحللونها دائمًا بعقولهم، أو ينظرون إلى الأشياء ويلاحظونها بنظرتهم الدنيوية. ولذلك، فإنهم لا يستطيعون رؤية جوهر المشكلات، ويخرجون دائمًا عن المسار الصحيح. يمكن أن يستمر هذا لعقود من الزمن، ومن الممكن أن يموتوا من دون رؤية الأشياء بوضوح. مثال ذلك، تواجه أحيانًا مرضًا وتعتقد أنه مجرد مرض عادي لأسباب موضوعية، وأنه ليس تأديبًا من الله وليس مشكلة، في حين أنه ينطوي في الواقع على مشكلة كبيرة. إذا كنت ثاقب الفكر في هذا الأمر وتستطيع الصلاة إلى الله والسعي إلى الحق، فسوف تستطيع أحيانًا التعرف على بعض أوجه القصور في نفسك أو المشكلات في شخصيتك عندما ينقل الروح القدس إليك أحد المعاني. يعطيك الله مرضًا ليزيدك صلابةً ويجعلك تعاني ويجعلك تعود إلى الروح للفحص والتأمل عن كثب ورؤية مغزى هذا المرض بالضبط. عندما تعود إلى أعماق الروح لتفحص نفسك، يمكنك إيجاد جذر المشكلة، والتوصل إلى قدر من المعرفة عن فسادك. ومن دون القليل من المعاناة، سوف تعتقد دائمًا أنك عظيم، ولن تكتشف هذا الفساد، وحينها لن تتمكن من فهم الحق الذي تحتاج إليه. هل اختبرتم هذا؟ يفعل الروح القدس كل شيء في الوقت المناسب، ويجري هذا كله وفقًا لما يحتاج إليه الناس ووفقًا لقامتهم وحالتهم الحاليتين. لقد قِيل من قبل إن عمل الله منضبط وموزون وفي الوقت المناسب جدًا ولا تأخير فيه، وقد رأيتم هذا في اختباركم الفعلي. كلما تواجه شيئًا، يحركك الروح القدس فورًا ويمدَّك بالاستنارة، لكن تعاونك ضعيف. أنت فاقد للحس تمامًا؛ فأحيانًا تشعر بما يحدث فتتجاهله من دون أن تحاول فهمه فهمًا أعمق. إنك تكتفي بمجرد الفهم الحسي وتظن بذلك أنك تفهم، لكنك لم تصل فعليًا إلى الفهم الحقيقي. يجب أن يرتقي فهمك الحسي إلى مستوى الفهم العقلاني قبل أن تتمكن من المضي قُدُمًا. إذا حرَّكك الروح القدس مجددًا وما زلت تتجاهل الأمر ولا تريد تدوينه في مذكراتك، فسوف تنساه قريبًا. لن تكون قد ربحت هذا النور، أي هذا الشيءَ العملي، وسوف يكون ذلك مؤسفًا للغاية. يدون المجتهدون الأشياء في ملاحظاتهم ويشعرون بالارتياح عندما ينظرون إلى ملاحظاتهم من جديد لاحقًا. إنهم يستطيعون ربح قدر من النور على هذا الأساس. أما الشخص المهمل والذي ليس لديه فهم روحي فلا يمكنه أن يشعر بهذا النور، فهو لا يعرف حتى معنى النور. يومض هذا النور بداخله ويختفي، وإذا ظل هكذا دائمًا فلن يعمل الروح القدس فيه. للسعي إلى الحق، يجب أن تكون حساسًا وثاقب التفكير، وألا تكون كسولًا. يجب عليك أيضًا التعاون فورًا. عندما يكون لديك الفهم الحسي، ينبغي عليك التمسك به، والإسراع للتأمل فيه، والصلاة إلى الله. كيف ينبغي أن تُصلِّي؟ ركز صلاتك على الاستنارة التي ربحتها. قد يبدو أحيانًا أن صلاتك هي أفكارك الخاصة، وهذا مقبول. ما دمت تشعر بالمسرة والوضوح، فينبغي أن تُصلِّي وتسعى. والأمر الأهم هو اكتشاف هذا النور الجديد وفهمه بالتمام. إذا تدفقت الكلمات جيدًا بصورة خاصة أثناء صلاتك، وشعرت بالارتياح، واستنرت مجددًا واستضاء ذهنك، فينبغي أن تدون ملاحظة هذا النور الجديد. وسبب هذا هو أنه يمكنك أحيانًا أن تتذكر عندما تكون في حالة جيدة، لكنك تنسى عندما تكون في حالة سيئة. يمكن للناس أن يكتبوا عدة صفحات عندما يكتبون مقالًا، لكنهم لا يستطيعون كتابة كلمة واحدة عندما يتعلق الأمر بالشهادة الاختبارية أو بمعرفتهم بالله. إنهم ما زالوا يفتقرون إلى الواقع، وأولئك الذين يحبون الحق يركزون على استنارة الروح القدس وإضاءته، أما أولئك الذين لا يحبون الحق فلا يُقدِّرون استنارة الروح القدس، وهذا يبين أنهم لا يعرفون ما هو مهم أو ما هو ثانوي أو ما هو حاسم أو ما ينبغي عليهم ربحه؛ ولهذا السبب، فإنهم يفقدون استنارة الروح القدس. من الأفضل أن تحمل معك دفتر ملاحظات صغيرًا؛ بحيث كلما أمدَّك الروح القدس بالاستنارة وربحت نورًا جديدًا، يمكنك الشعور بذلك فورًا وتدوينه. فالروح القدس يعمل في أي وقت وفي أي مكان. ومهما كان الوضع الذي يمر به الشخص، وما دام يتأمل كلام الله ويستطيع أن يسعى إلى الحق، فإن الروح القدس يمدَّه بالاستنارة. وحتى عندما تكون منشغلًا بالعمل وتشعر بالتعب الشديد، فإن الروح القدس يمدَّك بالاستنارة إذا كنت تسعى وتصلي. يمدَّك الروح القدس بالاستنارة عندما تقرأ كلام الله أو تقيم الشركة عن الحق. إنه يمدَّك بالاستنارة عندما تتأمل كلام الله وتتأمل نفسك. عندما يمدَّك الروح القدس بالاستنارة، دوِّن ذلك وواصل التأمل فيه، وسوف يصبح قلبك صافيًا. سوف تتحرر تمامًا عندما تفهم الحق بالفعل. عندما تختبر عمل الله بهذه الطريقة، فإن الحصاد الذي تجنيه سوف ينمو أكثر فأكثر. الحقيقة هي أنكم أفسدتم قدرًا كبيرًا من استنارة الروح القدس. إنكم كالمبذرون إذ تهدرون ميراثكم، وتضيعون كل العمل الذي يُجريه الروح القدس فيكم، وتخسرون الكثير من الفرص لتكميل الله لكم! لقد أجرى الروح القدس الكثير من العمل، لكنك لا تتمسك بذلك. هل يمكنك حقًا أن تقول إن الله ليس لطيفًا معك؟ الحقيقة ليست أن الله لم يُظهِر لك ما يكفي من اللطف، بل أنك لم تربحه.
يوجد نمط لعمل الروح القدس، ويجب استخلاص استنتاجات حوله. إذا انهمك المرء في استخلاص النتائج، فسوف يستطيع استنتاج أشياء كثيرة. يوجد بالتأكيد شيء يمكن ربحه. خذ الصلاة مثالًا لذلك. هناك أوقات يمكنك فيها ربح الكثير من الاستنارة من الصلاة، ولكن إذا كنت غافلًا، فلن تكون واعيًا. على الرغم من أن بعض كلمات الاستنارة قد تخرج من فمك، فإنك لن تلاحظ ذلك إذا لم تنتبه. لن تعرف إلا أنك قد صلَّيت جيدًا، بينما في الواقع كانت توجد كلمات في صلاتك أمدَّها الروح القدس بالاستنارة والإضاءة. كانت هذه الكلمات كلها نورًا جديدًا، لكنك تركتها تفلت من يديك. إن الطريقة التي يساعد بها عمل الروح القدس الناس بالأكثر هي من خلال مدَّهم بالاستنارة والإضاءة، والسماح لهم بفهم الحق ومقاصد الله والتمكن من فعل الأشياء وفقًا لمطالب الله، وعدم الانحراف عن الطريق الصحيح. ما هدف عمل الروح القدس في مدّ الناس بالاستنارة؟ أحيانًا تكون مهمته الإرشاد إلى الطريق، وأحيانًا يعمل كتذكير ويجعلك تتمتع بقدر من العقل، وأحيانًا يمدُّك بالاستنارة، ويساعدك على فهم الحق، ويمنحك طريقًا للممارسة. عندما تضل وتسلك طريقك الخاص، فإنه يدعمك ويساعدك مثل العكاز ويقودك إلى الطريق الصحيح ويرشدك. ومهما كان النور والمعرفة اللذان يمدّ بهما الروح القدس الناس بالاستنارة، واللذان قد يختلفان بسبب الخلفيات الشخصية للناس، فإن ذلك لا يتناقض أو يتعارض مع الحق على الإطلاق. إن كان للجميع أن يختبروا بطريقة تنطوي على السعي الحقيقي والصلاة والخضوع الحقيقي، بحيث يعمل الروح القدس باستمرار على مدِّهم بالاستنارة وإرشادهم، وإذا كانوا حريصين وثاقبي التفكير ويمكنهم ممارسة تلك الأشياء التي يمدُّها الروح القدس بالاستنارة والدخول إليها، فإن قامتهم سوف تنمو بسرعة كبيرة. وسوف يكونون حينها قد انتهزوا الفرصة. من خصائص عمل الروح القدس أنه في غاية السرعة، فهو ينتهي في لمح البصر، على عكس عمل الأرواح الشريرة الذي يحث الناس دائمًا ويجبرهم على فعل الأشياء بحيث لا يستطيعون التصرف بأي طريقة أخرى. يعمل الروح القدس أحيانًا عن طريق إعطاء الناس شعورًا عندما يكونون على حافة الخطر مما يجعلهم يحسون بالاضطراب والقلق الشديد، وهذا يحدث في ظل ظروف خاصة. في المعتاد، عندما يقترب الناس من الله ويسعون إلى الحق أو عندما يقرأون كلام الله، يمنحهم الروح القدس شعورًا أو تفكيرًا ثاقبًا أو فكرة، أو قد ينقل إليك تعبيرًا أو رسالة. يبدو الأمر وكأنه يوجد صوت، ولكنه يبدو وكأنه بلا صوت أيضًا. إنه أشبه بتذكير، ويمكنك فهم ما يعنيه. إذا مضيت قُدُمًا وقبلت المعنى الذي فهمته وعبَّرت عنه بالكلمات المناسبة، فسوف تربح شيئًا، وسوف يثقف الآخرين أيضًا. إذا كان الناس يختبرون دائمًا بهذه الطريقة، فسوف يتوصلون تدريجيًّا إلى فهم العديد من الحقائق. إذا كان عمل الروح القدس إلى جانب الناس دائمًا وكان يوجد دائمًا نور جديد يقودهم، فمن المؤكد أنهم لن يضلوا أبدًا عن الطريق الحق. وحتى إذا لم يكن أحد يقيم الشركة معك ولا أحد يرشدك ولم تكن لديك ترتيبات عمل، وإذا كنت تسير في الاتجاه الذي يرشدك إليه الروح القدس، فمن المؤكد أنك لن تضل. لقد رأى بطرس الرب يسوع بعد قيامته وصعوده إلى السماء، ولكن مرَّات قليلة فقط. لم يستطع، كما يتصور الناس، أن يرى الرب يسوع كثيرًا أو يراه متى أراد، ولم يكن يراه كلما صلَّى من أجل أي شيء لم يفهمه. لم يكن الأمر هكذا. هل رؤية الله بتلك السهولة؟ الله لا يظهر بسهولة للناس. ففي معظم الأحيان، جعل الله بطرس يفهم الأشياء من خلال عمل الروح القدس. لماذا لا تستطيعون تحقيق ما استطاع بطرس تحقيقه؟ ماذا يثبت هذا، مع وضع جميع الحقائق في الاعتبار؟ إنه يثبت أن مقدرتكم غير كافية، وأنكم لا تملكون قوة الفهم، وأنكم لا تستطيعون فهم الأشياء من خلال التأمل. بصرف النظر عما تواجهه، يجب عليك دائمًا أن تنظر إليه وفقًا للحق في كلام الله. إذا كان الناس يعيشون دائمًا داخل خواطرهم وعقولهم عندما تحدث لهم الأشياء، ويتعاملون مع تلك الأشياء بوسائل بشرية، فلن يربحوا شيئًا. ماذا كان رأي بطرس عندما حدث له شيء ما؟ لقد فكَّر فيه وتأمله وفقًا لكلمات الرب يسوع، وبالتالي استطاع فهم مقاصد الله. وفي وقت لاحق، عندما صعد الرب يسوع إلى السماء، لماذا ظل بطرس قادرًا على فهم مقاصد الله؟ لقد استطاع فعل ذلك من خلال استنارة الروح القدس. لو لم يستطع الشعور باستنارة الروح القدس، ولو لم يظهر له الرب يسوع بعد قيامته وصعوده إلى السماء، فكيف كان سيتمكن من فهم مقاصد الله؟ لا يعمل الله في الجسد كما يتصور الناس من حيث إرشاد الناس شخصيًا وبلا انقطاع كل يوم من أجل تكميلهم. الأمر ليس كذلك. فعمل الروح القدس موجود بالشراكة. والعمل المشترك للروح يمثل غالبية العمل. فالجسد يُجري العمل الأساسي، وعندما يكتمل ذلك العمل، فإن المسائل الثانوية المتبقية هي ما ينير الروح القدس به الناس ليفهموها. إذا لم يتمكن الناس من استيعاب هذا ولم يتمكنوا إلا من ربح جزء منه، فلن يتمكنوا من ربح مزيد من التفاصيل، وإذا لم يتمكنوا من ربحها فلن يتغيروا ولن يحققوا أي تقدم.
ليس من السهل على أولئك الذين لم يختبروا عمل الروح القدس أو استنارته أن يفهموا تلك الأشياء. فالحقيقة هي أنه يوجد نمط لعمل الروح القدس واستنارته. كلّما ذُكر عمل الروح القدس واستنارته، أساء الناس الفهم دائمًا، معتقدين أنهم يجب أن يعانوا كثيرًا ويدفعوا ثمنًا باهظًا قبل أن يتمكنوا من الحصول على عمل الروح القدس. أليس هذا مفهومًا بشريًا؟ نظرًا لأن الناس كسالى وقلوبهم غليظة للغاية، فإنهم عادةً لا يركزون أبدًا على المشاعر الموجودة في أرواحهم، وعندما يوجد بصيص من النور والاستنارة، فإنهم يرفضونه على أنه لا شيء. إذا كنت تعيش طول اليوم منشغلًا بشؤونك وملتزمًا بالكلام والتعاليم واللوائح، وعائشًا حياة الجسد والحب الرومانسي، فلن يتمكن الروح القدس من مدَّك بالاستنارة وإرشادك. لا توجد طريقة يمكنه من خلالها أن يفعل هذا. يجب أن تُصلِّي أكثر، وتسعى إلى عمل الروح القدس، وتسعى إلى كيفية قبول عمل الروح القدس، وعدم تركه يفلت من يديك. صلِّ إلى الله: "يا الله! من فضلك اعمل فيَّ، واجعلني كاملًا وغيِّرني، واسمح لي أن أفهم مقاصدك في جميع الأشياء وأخضع لرغباتك. تكمن محبتك العظمى ومقاصدك في خلاصك لي. على الرغم من أن الناس متمردون ويقاومونك، وعلى الرغم من أنهم خائنون بطبيعتهم، فإنني أفهم الآن مقصدك في خلاص الناس وأريد التعاون معك. أرجو أن تمنحني المزيد من المواقف والتجارب والمصاعب، وتسمح لي برؤية يدك في هذه المصاعب، ورؤية أعمالك حتى يمكنني فهم مقاصدك والخضوع لها. لا تدعني أكون فاسقًا بل شخصًا بقدمين راسختين على الأرض". صلِّ بهذه الطريقة وافعل ذلك كثيرًا. اطلب من الروح القدس أن يعمل فيك ويقودك دائمًا. عندما يرى الروح القدس أنك تسير في الطريق الصحيح وتهتم بما ينبغي، فإنه يمنحك أولًا بعض المواقف لاختبارك، وتجربة ثقيلة لمعرفة ما إذا كان بإمكانك التغلب عليها. قد لا يتمكن البعض من تحمُّلها. سوف يقولون: "يا إلهي، هذا الموقف فوق الطاقة، ولا أستطيع تحمُّله!" سوف يكونون عندها قد فشلوا في هذا الأمر. إذا كنت تشعر حقًا أن الموقف الذي أنت فيه فوق الطاقة بالنسبة إليك، فصلِّ إلى الله هكذا: "يا الله، إن الموقف الذي منحتني إياه فوق الطاقة. لا أستطيع تحمُّله، لكنني على استعداد للسعي. من فضلك ارعَني حسب قامتي، واجعلني أفهم مقاصدك؛ سواء كنت أمرّ بمعاناة شديدة أو معاناة خفيفة، من دون أن أخونك أو أشتكي. اجعلني قادرًا على الخضوع التام بطريقة ترضيك. سواء كنت أمرّ بمعاناة شديدة أو خفيفة، ما دامت هذه رغباتك، فإنني على استعداد للخضوع لها من دون أي شكوى. لست على استعداد لمعارضة رغباتك، وبصرف النظر عن مدى شدة المعاناة، فإنني أطلب منك أن تمنحني إياها ما دمت أستطيع تحمُّلها". يجب أن تُصلِّي بثقة وجرأة. لا تهرب أو ترتعد. عندما يرى الروح القدس أنك تسلك الطريق الصحيح، وأنك تفعل كثيرًا ما عليك أن تفعله، وأنك تريد حقًا أن يكون الله في قلبك، وأنك تسعى إلى الحق، فقد يمنحك موقفًا ثقيلًا وقوة عظيمة للتغلب عليه، وحينها ستكون قد انتصرت. إن تغلبك على موقف مرهق على وجه الخصوص هو أمر أعلى بكثير من مجرد فهم بعض الكلام والتعاليم. إنه مسألة تقديم الشهادة.
يحتك الناس في الحياة اليومية بجميع أنواع الناس والأحداث والأشياء، وإذا لم يكن لديهم الحق ولم يُصلُّوا ويسعوا إليه، فسوف يجدون صعوبة في التخلص من الغواية. مثال ذلك، العلاقات بين الرجال والنساء. لا يستطيع بعض الناس مقاومة مثل هذه الغوايات ويسقطون بمجرد مواجهة مثل هذا الموقف. ألا يدل هذا على مدى ضآلة قامتهم؟ إن الناس الذين ليس لديهم الحق بؤساء هكذا ولا يقدمون أي شهادة على الإطلاق. يسقط بعض الناس في الغواية عندما يواجهون مواقف تتعلق بالمال. فعندما يرون شخصًا آخر لديه المال، يشتكون: "لماذا يمتلك الكثير من المال وأنا فقير جدًا؟ هذا ظلم!" إنهم يشتكون عندما يحدث هذا لهم، ولا يمكنهم أن يقبلوه من الله أو يخضعوا لتنظيمه وترتيبه. ويوجد أيضًا بعض الناس الذين يركزون دائمًا على المكانة، وعندما يواجهون هذا النوع من الغواية يعجزون عن التغلب عليه. مثال ذلك، يريد شخص غير مؤمن أن يوظفهم في منصب رسمي ويمنحهم العديد من المزايا، وهم يعجزون عن الصمود، ويفكرون متسائلين: "هل ينبغي أن أفعل ذلك؟" يُصلُّون ويتأملون ثم يقولون: "نعم، لا بد أن أفعل ذلك!" لقد اتخذوا قرارهم ولم تعد توجد فائدة من سعيهم. لقد قرروا بوضوح تولي هذا المنصب الرسمي وربح منافعه، لكنهم يريدون أيضًا العودة إلى الله والإيمان به خوفًا من فقدان بركات الإيمان بالله. ولذلك، فإنهم يُصلُّون إليه قائلين: "اختبرني يا الله من فضلك". ما الذي تبقَّى لاختبارك بخصوصه؟ لقد قررت بالفعل تولي منصبك الرسمي. لم تتمسك بهذا الأمر، وقد سقطت بالفعل. هل ما زلت بحاجة إلى اختبارك؟ أنت لا تستحق اختبار الله لك. هل أنت جدير بالاختبار بقامتك الضئيلة البائسة؟ يوجد حتى بعض الناس الخسيسين الذين يتنافسون على أي منفعة يرونها. إن الروح القدس بجانبهم مباشرةً، ويلاحظهم ليرى وجهات النظر التي يُعبِّرون عنها، وما هو موقفهم، ويبدأ في اختبارهم. يفكر بعض الناس في قرارة أنفسهم: "لا أريد ذلك، حتى لو كان ذلك لطفَ الله تجاهي. لديَّ ما يكفي بالفعل، والله يُظهِر لي الكثير من اللطف. لا يهمني أن أتغذى جيدًا، وأرتدي ملابس أنيقة، بل أهتم فقط بالسعي إلى الحق والقدرة على ربح الله. فالحق الذي تلقيته أعطاني الله إياه مجانًا. وأنا لا أستحق هذه الأشياء". يمحص الروح القدس قلوبهم ويمدُّهم بالمزيد من الاستنارة، بحيث يسمح لهم بمزيد من الفهم والنشاط، ويجعل الحق أكثر شفافية لهم. ومع ذلك، يرى أولئك الناس الخسيسون منفعة مقدمة ويفكرون: "سوف أقاتل من أجلها قبل أن يتمكن أي شخص آخر من ذلك. إذا أعطوها لشخص آخر وليس لي، فسوف أوبخهم بشدة وأقلب الدنيا على رؤوسهم. سوف أريهم معدني، وحينها سوف نرى من الذي سيعطونه المنفعة في المرَّة القادمة!" يرى الروح القدس أنهم من هذا النوع ويكشفهم. لقد انكشف قبحهم ويجب معاقبة مثل هذا الشخص. مهما طال إيمانه أعوامًا عديدة، فإن ذلك لن ينفعه بشيء. لا يمكنه ربح أي شيء! وفي أحيان كثيرة، عندما يُظهِر الروح القدس اللطف للناس، فإنهم يربحونه عندما لا يتوقعونه. إذا لم يُظهِر الله لك لطفًا، فسوف يأتي عقابك أيضًا عندما لا تتوقعه. هذا هو مدى خطورة الأشياء لأولئك الذين لا يسعون إلى الحق.
عندما يفتقر الناس إلى البصيرة في أمور تحدث لهم ولا يعرفون الشيء المناسب ليفعلوه، ما أول شيء يجب أن يفعلوه؟ يجب أوَّلًا أن يُصلّوا؛ فالصلاة تأتي أوَّلًا. ما الذي تدلّ عليه الصلاة؟ تدلّ على أنك تقيٌّ، وأن لديك قلبًا يتقي الله إلى حد ما، وأنك تعرف كيف تسعى إلى الله، مما يثبت أنك تضع الله أوَّلًا. عندما يكون الله في قلبك، ويكون له مكان فيه، وعندما تكون قادرًا على الخضوع لله، فأنت مسيحيٌّ تقيّ. يوجد كثيرون من المؤمنين كبار السنّ الذين يركعون في الصلاة في الوقت نفسه والمكان نفسه كلّ يومٍ. إنهم يركعون مدّةَ ساعةٍ أو ساعتين في كل مرة. ولكن مهما كان عدد السنين الذي ركعوا فيها على هذا النحو، فإن ذلك لم يحلّ كثيرًا من مشكلاتهم مع الخطيَّة. دعونا أولًا نضع جانبًا ما إذا كانت مثل هذه الصلاة الدينيّة مفيدةً أم لا. فعلى الأقلّ، هؤلاء الإخوة والأخوات كبار السنّ يتمتعون ببعض التقوى؛ إنهم أفضل بكثيرٍ من الشباب في هذه النقطة. إذا كنت تعيش أمام الله وتختبر عمل الله، فإن الشيء الأوَّل الذي يجب عليك فعله عندما يحدث لك شيءٌ ما هو أن تُصلِّي. ليست الصلاة مجرد مسألة ترنم ببعض العبارات المستَظهرة دون تفكير وحسب – لن تصل بذلك إلى أي نتيجة. عليك أن تتمرن على الصلاة بقلبك. قد تصلي على هذا النحو ثماني أو عشر مرَّاتٍ، دون أن يظهر لك شيء من ذلك، فلا يثبطن ذلك عزيمتك، وعليك الاستمرار في التدريب. صلِّ أولًا عندما يحدث معك شيءٌ. أخبر الله أوَّلًا، ودعه يتولَّى الأمر. دعه يساعدك ويرشدك ويريك الطريق؛ فهذا سوف يُثبت أن لديك قلبًا يتَّقي الله وأنك تعطي الأولوية لله. عندما يحدث لك شيءٌ أو تواجه صعوبةً ما فتغدو سلبيًّا وتشعر بالغضب، فهذا دليلٌ على عدم حضور الله في قلبك وعدم اتّقائك الله. مهما كانت الصعوبات التي تواجهها في حياتك الواقعية، ينبغي أن تأتي أمام الله؛ وأول شيء تفعله هو الركوع بالصلاة، وهذا هو الأهمّ. فالصلاة تدل على أن لله مكانًا في قلبك. وعندما تواجه مشكلة، فإن التوجه إلى الله والصلاة إليه والطلب منه يدلّ على أن قلبك يتقي الله إلى حد ما؛ إذ لن تفعل ذلك إن لم يكن الله في قلبك. يقول بعض الناس: "لقد صلَّيت، ولكن الله مع ذلك لم يُنِرني!" ليست تلك الطريقة المناسبة لقول ذلك. ينبغي أن تنظر أوَّلًا فيما إذا كان القصد من وراء صلاتك مناسبًا. إن كنت تبحث عن الحقّ بصدق وتُصلِّي إلى الله كثيرًا، فقد يوجد أمرٌ مُعيَّن ينيرك الله فيه ويسمح لك بفهمه. وفي أية حال، سيُفهمك الله. وإذا لم يُنِرك الله، فلن تتمكَّن من الفهم بنفسك؛ توجد بعض الأشياء التي لا يستطيع فكر الإنسان تحقيقها، سواء تحليت بالقدرة على الفهم أم لا، وكيفما كانت مقدرتك. وعندما تفهم بالفعل، فهل يكون هذا نتاج تفكيرك؟ مع أخذ مقاصد الله ومقاصد عمل الرُّوح في الاعتبار، إن لم يُنرْك الرُّوح القُدُس فلن تجد أحدًا يعرف؛ ولن تعرف إلّا عندما يخبرك الله نفسه بما يعنيه. وهكذا، فإن أول شيء تفعله عندما يحدث لك شيءٌ هو الصلاة، وعندما تُصلِّي، يجب أن تُعبِّر لله عن أفكارك وآرائك وموقفك، وأن تطلب الحقّ منه بعقليَّة الخضوع؛ فهذا ما يجب أن يمارسه الناس. لن تحقق أي شيء ما لم تبذل جهدًا حقيقيًّا، ويجب ألَّا تشتكي بعد ذلك من أن الرُّوح القُدُس لم يُنِرك. لقد وجدت بعض الناس يراعون الطقوس والأنشطة الدينية في إيمانهم بالله. لا يوجد مكان له في قلوبهم مطلقًا، بل إنهم ينكرون عمل الرُّوح القُدُس، ولا يُصَلُّونْ أو يقرأون كلام الله. إنما يواصلون الذهاب إلى الاجتماع وهذا كل ما يفعلونه. هل هذا هو الإيمان بالله؟ إنهم يستمرون في الإيمان كما يفعلون، ومع ذلك فليس من إلهٍ في إيمانهم، وليس الله في قلوبهم، ولم يعودوا يريدون الصلاة إلى الله، كما لم يعودوا مُستعدِّين لقراءة كلام الله. ألم يصيروا بذلك غير مؤمنين؟ يوجد بعض القادة والعاملين الذين، على وجه الخصوص، يهتمون غالبًا بالشؤون العامَّة، وهم لا يُركِّزون أبدًا على دخول الحياة، بل يتخذون عمل الشؤون العامَّة بمثابة عملهم الرئيسي، ولم يصبحوا سوى مديري مهام ولا يُؤدُّون أيًّا من العمل الأساسي للقادة والعاملين. ونتيجةً لذلك، وبعد الإيمان بالله لمدَّة عشرين أو ثلاثين سنة، ليس لديهم كلام يقدمونه عن تجربتهم الحياتيَّة، ويفتقرون إلى أيّ معرفةٍ حقيقيَّة بالله، ولا يمكنهم سوى قول بضع كلمات وتعاليم. ألم يصبحوا بذلك قادة كذبة؟ ذلك لأنهم في إيمانهم بالله لا يراعون واجباتهم الملائمة ولا يطلبون الحقّ. فمُجرَّد الاعتماد على فهم بعض الكلمات والتعاليم لا يحلّ أيّ شيءٍ. إنهم يتذمرون من الله حالما يتم اختبارهم أو يتعرضون لكارثة أو يمرضون. إنهم لا يمتلكون أيّ معرفةٍ حقيقيَّة بأنفسهم، ولا أي شهادة اختبارية على الإطلاق. يدلّ هذا على أنهم لم يسعوا إلى الحقّ في هذه السنوات التي آمنوا فيها بالله، وأنهم لم يشغلوا أنفسهم إلّا بالمظاهر الخارجية ونتيجةً لذلك دمّروا أنفسهم. بصرف النظر عن عدد سنوات إيمان الناس بالله، ينبغي على الأقلّ أن يتوصَّلوا إلى فهم بعض الحقائق إذا أرادوا ضمان عدم سقوطهم، وعدم ارتكاب الشرّ، وعدم استبعادهم؛ فهذا أقلّ ما ينبغي أن يتجهزوا به. يفتقر بعض الناس إلى الحماس عندما يستمعون إلى العظات، ولا يتأمَّلون في كلام الله، ولا يطلبون الحقّ مهما حدث لهم؛ بل يكتفون بمُجرَّد فهم الكلمات والتعاليم، مفترضين أنهم ربحوا الحقّ، ثم، عندما تحلّ بهم تجربة، لا يمتلكون أي معرفة مطلقًا، وتمتلئ قلوبهم بالتظلمات والشكاوى التي لا يجرؤون على الجهر بها، علمًا أنهم يودّون ذلك. أليس أمثال هؤلاء الناس مثيرين جدًّا للشفقة؟ فكثيرٌ من الناس دائمًا ما يكونون غير مبالين في أداء واجبهم، ولا يتأمَّلون أو يحاولون فهم أنفسهم عندما يُهذبون، ودائمًا ما يأتون بالمُبرِّرات. ولذلك، يظهر قبحهم بطرق عديدة مختلفة، ويُكشَفون ويُستبعدون، عاجزين عن معرفة أنفسهم حتى النهاية. ما جدوى فهمهم لتلك التعاليم يا تُرى؟ لا جدوى من ذلك على الإطلاق. فبصرف النظر عن عدد سنوات إيمان الناس بالله، لا فائدة من مُجرَّد الفهم والنطق بالتعليم. إنهم لم يربحوا الحقّ، بل ضلّوا. وإذًا، عندما يحدث شيءٌ لك فتصلّي إلى الله باحثًا عن مقاصده، فإن مفتاح الحل يكمن في الوصول إلى فهم الحقّ، إن كانت المشكلة ستُحل. هذا هو المسار الصحيح، وعليك الالتزام باستمرار بمثل هذه الممارسة.
1997
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.