الله ذاته، الفريد (د)

قداسة الله (أ) الجزء الثاني

دعونا ننظر الآن في الكلمات والتعبيرات الأخرى للشيطان التي تسمح للإنسان برؤية وجهه البغيض. دعونا نواصل قراءة بعض مقاطع الكتاب المُقدّس.

حوارٌ بين الشيطان ويهوه الله

(أيُّوب 1: 6-11) "وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو ٱللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ يَهْوَه، وَجَاءَ ٱلشَّيْطَانُ أَيْضًا فِي وَسْطِهِمْ. فَقَالَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ: "مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟" فَأَجَابَ ٱلشَّيْطَانُ يَهْوَه وَقَالَ: "مِنَ ٱلْجَوَلَانِ فِي ٱلْأَرْضِ، وَمِنَ ٱلتَّمَشِّي فِيهَا". فَقَالَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ: "هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي ٱلْأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ، يَتَّقِي ٱللهَ وَيَحِيدُ عَنِ ٱلشَّرّ". فَأَجَابَ ٱلشَّيْطَانُ يَهْوَه وَقَالَ: "هَلْ مَجَّانًا يَتَّقِي أَيُّوبُ ٱللهَ؟ أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَٱنْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي ٱلْأَرْضِ. وَلَكِنِ ٱبْسِطْ يَدَكَ ٱلْآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ".

(أيُّوب 2: 1-5) "وَكَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَنَّهُ جَاءَ بَنُو ٱللهِ لِيَمْثُلُوا أَمَامَ يَهْوَه، وَجَاءَ ٱلشَّيْطَانُ أَيْضًا فِي وَسْطِهِمْ لِيَمْثُلَ أَمَامَ يَهْوَه. فَقَالَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ: "مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟" فَأَجَابَ ٱلشَّيْطَانُ يَهْوَه وَقَالَ: "مِنَ ٱلْجَوَلَانِ فِي ٱلْأَرْضِ، وَمِنَ ٱلتَّمَشِّي فِيهَا". فَقَالَ يَهْوَه لِلشَّيْطَانِ: "هَلْ جَعَلْتَ قَلْبَكَ عَلَى عَبْدِي أَيُّوبَ؟ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِثْلُهُ فِي ٱلْأَرْضِ. رَجُلٌ كَامِلٌ وَمُسْتَقِيمٌ يَتَّقِي ٱللهَ وَيَحِيدُ عَنِ ٱلشَّرِّ. وَإِلَى ٱلْآنَ هُوَ مُتَمَسِّكٌ بِكَمَالِهِ، وَقَدْ هَيَّجْتَنِي عَلَيْهِ لِأَبْتَلِعَهُ بِلَا سَبَبٍ". فَأَجَابَ ٱلشَّيْطَانُ يَهْوَهَ وَقَالَ: "جِلْدٌ بِجِلْدٍ، وَكُلُّ مَا لِلْإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ. وَلَكِنْ ٱبْسِطِ ٱلْآنَ يَدَكَ وَمَسَّ عَظْمَهُ وَلَحْمَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ".

هذان المقطعان هما حوارٌ بين الله والشيطان، وهما يُسجِّلان ما قاله الله وما قاله الشيطان. هل قال الله الكثير؟ (كلا). لم يتحدّث كثيرًا، وتحدّث بكلّ بساطةٍ. هل يمكننا رؤية قداسة الله في كلمات الله البسيطة؟ سوف يقول البعض إن هذا ليس سهلاً. هل يمكننا إذًا أن نرى بشاعة الشيطان في ردوده؟ (نعم). دعونا ننظر أوّلاً في نوع السؤال الذي وجّهه يهوه الله إلى الشيطان. ("مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟") هل هذا سؤالٌ مباشر؟ (نعم). هل يوجد أيّ معنى خفيّ؟ (كلا). إنه مُجرّد سؤالٌ واضح بدون أيّ غرضٍ آخر. إذا سألتكم: "من أين أتيتم؟" فكيف ستجيبون؟ هل هو سؤالٌ تصعب إجابته؟ هل يمكنكم القول: "من الجولان في الأرض ومن التمشّي فيها"؟ (كلا). لن تجيبوا بهذه الطريقة. كيف تشعرون إذًا عندما ترون الشيطان يجيب بهذه الطريقة؟ (نشعر أن الشيطان سخيفٌ وماكر). هل تشعرون بهذا؟ هل يمكنك معرفة شعوري؟ في كلّ مرّةٍ أرى هذه الكلمات أشعر بالاشمئزاز. لأنه يتحدّث دون أن يقول أيّ شيءٍ! هل أجاب عن سؤال الله؟ (كلا). لماذا؟ لم تكن كلماته إجابةً، ولم توجد أيّة نتيجةٍ. لم تكن إجابةٌ مُوجّهة للردّ على سؤال الله. "مِنَ ٱلْجَوَلَانِ فِي ٱلْأَرْضِ، وَمِنَ ٱلتَّمَشِّي فِيهَا". هل تفهم هذه الكلمات؟ هل تفهمها؟ من أين يأتي الشيطان؟ هل تلقّيتم إجابةً؟ (كلا). هذا "ذكاء" مكر الشيطان بعدم السماح لأيّ شخصٍ باكتشاف ما يقوله حقًّا. ما زلتم بعد سماع هذه الكلمات لا تقدرون على تمييز ما قاله، إلّا أنه انتهى من الإجابة. إنه يعتقد أنه أجاب إجابةً وافية. كيف تشعرون إذًا؟ (بالاشمئزاز). تشعر بالاشمئزاز؛ والآن تبدأ في الشعور بالاشمئزاز من هذه الكلمات. لا يتحدّث الشيطان مباشرةً، ومن ثمَّ يتركك في حيرةٍ وغير قادرٍ على إدراك مصدر كلامه. إنه يتحدّث عن عمدٍ ومكرٍ ويغلب عليه جوهره، أي طبيعته. خرجت هذه الكلمات مباشرةً من فم الشيطان. لم يُفكّر فيها الشيطان لفترةٍ طويلة من الوقت ثم نطق بها، حاسبًا نفسه ذكيًّا؛ ولكنه عبَّر عنها تعبيرًا طبيعيًّا. "من أين يأتي؟" تشعر بالحيرة الشديدة ولا تعرف من أين يأتي. هل يوجد أحدٌ بينكم يتحدّث بهذه الطريقة؟ (نعم). ما نوع هذا الكلام؟ (إنه غامضٌ ولا يُقدّم إجابةً مُحدّدة). ما نوع الكلمات التي يجب أن نستخدمها لوصف طريقة التحدّث هذه؟ إنها مُخادِعة ومُضلِّلة، أليس كذلك؟ لنفترض أن شخصًا ما لا يريد أن يُعرِّف الآخرين بالمكان الذي ذهب إليه بالأمس. تسأله: "لقد رأيتك بالأمس. إلى أين كنت ذاهبًا؟ فلا يُجيبك مباشرةً ليفيدك بالمكان الذي ذهب إليه بالأمس. يقول: "الأمس كان مُتعِبًا جدًّا!" هل أجاب عن سؤالك؟ لقد أجاب، ولكن هذا ليس الجواب الذي كنت تريده. هذا هو "ذكاء" حيلة الشخص. لا يمكنك أن تكتشف أبدًا ما يقصده أو ترى المصدر أو النيّة وراء كلماته. ولا تعرف ما يحاول تجنّبه لأن لديه في قلبه قصّته الخاصّة – وهذه هي الغواية. هل تتحدّثون كثيرًا بهذه الطريقة أيضًا؟ (نعم). ما هدفكم إذًا؟ هل هدفكم أحيانًا حماية مصالحكم، وأحيانًا الحفاظ على وضعكم وصورتكم، والحفاظ على أسرار حياتكم الخاصة، والحفاظ على سمعتكم؟ مهما كان الهدف، فإنه لا ينفصل عن اهتماماتكم ويرتبط بمصالحكم. أليست هذه هي طبيعة الإنسان؟ أليس كلّ شخصٍ بهذا النوع من الطبيعة يشبه الشيطان؟ يمكننا قول هذا، أليس كذلك؟ عمومًا، هذا السلوك الظاهر مقيتٌ ومثيرٌ للاشمئزاز. وأنتم أيضًا تشعرون بالاشمئزاز، أليس كذلك؟ (بلى).

عند النظر مُجدّدًا إلى المقطع الأوّل، يُجيِب الشيطان يهوه الله مرّةً أخرى قائلاً: "هَلْ مَجَّانًا يَتَّقِي أَيُّوبُ ٱللهَ؟" إنه يبدأ بمهاجمة تقييم يهوه الله لأيُّوب، وهذا الهجوم مُلوّنٌ بالعداء. "أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟" هذا فهم الشيطان وتقييمه لعمل يهوه الله مع أيُّوب. يُقيِّم الشيطان مثل هذا قائلاً: "بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَٱنْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي ٱلْأَرْضِ. وَلَكِنِ ٱبْسِطْ يَدَكَ ٱلْآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ". يتحدّث الشيطان بغموضٍ دائمًا، ولكنه هنا يتحدّث بتأكيدٍ. ومع ذلك، فإن هذه الكلمات المنطوقة بتأكيدٍ هي هجومٌ وتجديفٌ على يهوه الله ومنافسة له، أي مع الله نفسه. كيف تشعرون عندما تسمعونها؟ هل تشعرون بالنفور؟ هل يمكنكم رؤية نواياه؟ أوّلاً، إنه يرفض تقييم يهوه الله لأيُّوب، الذي يتّقي الله ويحيد عن الشرّ. وبعدها يرفض كلّ شيءٍ يقوله أيُّوب ويفعله في اتّقاء يهوه الله. هل هو اتّهاميٌّ؟ يتّهِّم الشيطان وينكر ويُشكِّك في كلّ ما يقوله يهوه الله. إنه لا يؤمن بل يقول: "إذا قلت إن الأمور هكذا، فكيف لم أرها؟ لقد منحته الكثير من البركات، فكيف لا يتّقيك؟" أليس هذا إنكارٌ لكلّ ما يفعله الله؟ الاتّهام والإنكار والتجديف – أليست كلماته عدوانيّة؟ أليست تعبيرًا حقيقيًّا عمّا يُفكِّر به الشيطان في قلبه؟ هذه الكلمات بالتأكيد ليست الكلمات نفسها التي نقرأها الآن: "مِنَ ٱلْجَوَلَانِ فِي ٱلْأَرْضِ، وَمِنَ ٱلتَّمَشِّي فِيهَا". إنها مختلفةٌ تمامًا عنها. من خلال هذه الكلمات يكشف الشيطان تمامًا عن الموقف تجاه الله وعن البُغض من اتّقاء أيُّوب الله الذي يحمله في قلبه. عندما يحدث هذا ينكشف خبثه وطبيعته الشرّيرة تمامًا. إنه يُبغِض مَنْ يتّقون الله ويُبغِض من يحيدون عن الشرّ، والأكثر من ذلك يُبغِض يهوه الله لأنه يمنح الإنسان البركات. يريد أن ينتهز هذه الفرصة ليقضي على أيُّوب الذي رفعه الله بيده وليُدمّره قائلاً: "أنت تقول إن أيُّوب يتّقيك ويحيد عن الشرّ. ولكني أرى الأمر مختلفًا". إنه يستخدم طرقًا مُتنوّعة لاستفزاز يهوه الله وتجربته، ويستخدم طرقًا مُتنوّعة كي يُسلِّم يهوه الله أيُّوب إلى الشيطان كي يتحكّم به ويؤذيه ويتعامل معه. يريد الاستفادة من هذه الفرصة للتخلّص من هذا الرجل الكامل والمستقيم في نظر الله. هل لديه مثل هذا القلب لفترةٍ مُؤقّتة؟ كلا، ليس كذلك. فهو له باعٌ طويل في هذا المجال. يعمل الله، ويهتم بالشخص، ويراعي الشخص، ولكن الشيطان يتعقبه في كل خطوة. مَنْ يسانده الله، يراقبه الشيطان أيضًا، لاهثًا وراءه؛ فإذا أراد الله هذا الشخص، فسيفعل الشيطان كل ما في وسعه لعرقلة الله، مستخدمًا طرق شريرة مختلفة لإغواء العمل الذي يقوم به الله وعرقلته وتحطيمه، وذلك من أجل تحقيق هدفه الخفي. وما هدفه؟ إنه لا يريد أن يقتني اللهُ أحدًا، ويريد كل أولئك الذين يريدهم الله، يريد أن يمتلكهم، ويسيطر عليهم، ويتولى أمرهم حتى يعبدوه، وبذلك يرتكبون الأفعال الشريرة إلى جانبه. أليس هذا هو الدافع الشرير للشيطان؟ من الطبيعيّ أن تقولوا إن الشيطان شرّيرٌ جدًّا وسيءٌ جدًّا، ولكن هل رأيتموه؟ يمكنك فقط أن ترى مدى سوء الإنسان بينما لم ترَ في الواقع مدى سوء الشيطان. ولكن هل رأيت ذلك في هذا الموضوع الذي يخصّ أيُّوب؟ (نعم). لقد أوضح هذا الموضوع وجه الشيطان البغيض وجوهره تمام الوضوح. الشيطان في حالة حربٍ مع الله، ويتعقّب أثره. هدفه هو أن يقوِّض كلّ العمل الذي يريد الله القيام به، وأن يحتلّ جميع مَن يريدهم الله، وأن يسيطر عليهم بهدف القضاء التامّ على أولئك الذين يريدهم الله. وفي حال عدم التخلّص منهم، فإنهم يكونون في حوزة الشيطان كي يستخدمهم – وهذا هدفه. وماذا يفعل الله؟ يقول الله جملةً بسيطة في هذا المقطع؛ فلا يوجد سجلٌّ لأيّ شيءٍ آخر يفعله الله، ولكننا نرى سجلّات أكثر بكثيرٍ بخصوص ما يقوله الشيطان. في المقطع الكتابيّ أدناه، سأل يهوه الله الشيطان: "مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟" ماذا كان جواب الشيطان؟ (أجاب أيضًا قائلاً: "مِنَ ٱلْجَوَلَانِ فِي ٱلْأَرْضِ، وَمِنَ ٱلتَّمَشِّي فِيهَا"). ما زالت هي نفسها تلك العبارة. كيف أصبحت شعار الشيطان وتحفته؟ أليس الشيطان بغيضًا؟ يكفي قول هذه الجملة المثيرة للاشمئزاز مرّةً واحدة. لماذا يعود الشيطان دائمًا إلى هذه الجملة؟ هذا يُثبِت شيئًا واحدًا: طبيعة الشيطان غير مُتغيّرةٍ. ووجهه البغيض لا يمكن أن يبقى مخفيًّا لفترةٍ طويلة. يسأله الله سؤالاً فيجيب بمثل هذه الطريقة، ولا يهمّه كيفيّة تعامله مع الناس! إنه ليس خائفًا من الله ولا يخشى الله ولا يطيع الله. ولذلك فإنه يتجرّأ بأن يكون وقحًا وقاحةً منعدمة الضمير أمام الله، وبأن يستخدم هذه الكلمات نفسها للتمويه على سؤال الله، وبأن يستخدم هذه الإجابة نفسها للإجابة عن سؤال الله، وبأن يحاول استخدام هذه الإجابة لإرباك الله – وهذا هو الوجه البغيض للشيطان. إنه لا يؤمن بقدرة الله، ولا يؤمن بسلطان الله، كما أنه بالتأكيد غير مُستعدٍّ للطاعة تحت سيادة الله. إنه في معارضةٍ مستمرّة لله، ويهاجم باستمرارٍ كلّ ما يفعله الله محاولاً تدمير كلّ ما يفعله الله – وهذا هدفه الشرّير.

في خطّة تدبير الله المستمرّة على مدى ستّة آلاف سنةٍ، يُمثِّل هذان المقطعان اللذان يقولهما الشيطان والأشياء التي يفعلها الشيطان في سفر أيُّوب مقاومته لله، فهنا يُظهِر الشيطان ألوانه الحقيقيّة. هل شاهدت كلمات الشيطان وأعماله في الحياة الحقيقيّة؟ عندما تراها ربّما لا تعتقد أنها أشياءٌ تحدّث بها الشيطان، ولكن بدلاً من ذلك تعتقد أنها أشياءٌ تحدّث بها الإنسان، أليس كذلك؟ ما الذي تُمثّله مثل هذه الأشياء عندما يتحدّث بها الإنسان؟ إنها تُمثّل الشيطان. فحتّى إذا عرفتها، فإنك لا تزال غير قادرٍ على إدراك أن الشيطان تحدّث بهذا فعلاً. ولكنك رأيت هنا والآن بصراحةٍ ما قاله الشيطان نفسه. لديك الآن فهمٌ جليٌّ واضح للوجه البغيض للشيطان ولشرّه. هل يتّسم هذان المقطعان اللذان يتحدّث بهما الشيطان إذًا بقيمة للبشر اليوم كي يتمكّنوا من معرفة طبيعة الشيطان؟ هل يستحقّ هذان المقطعان جمعهما كي يتمكّن البشر اليوم من التعرّف على وجه الشيطان البغيض والتعرّف على وجه الشيطان الأصليّ الحقيقيّ؟ مع أن قول هذا قد لا يبدو ملائمًا جدًّا، إلّا أن التعبير عنه بهذه الطريقة يمكن اعتباره دقيقًا. لا يسعني إلّا أن أصيغ الأمر بهذه الطريقة، وإذا استطعتم فهمه، فهذا يكفي. يهاجم الشيطان مرارًا وتكرارًا الأشياء التي يفعلها يهوه الله، ويُلقي بالاتّهامات بخصوص اتّقاء أيُّوب يهوه الله. يحاول استفزاز يهوه الله بأساليبٍ مختلفة حتّى يسمح له يهوه الله بإغواء أيُّوب. ولذلك فإن كلماته استفزازيّةٌ للغاية. أخبرني إذًا، بمُجرّد أن تحدّث الشيطان بهذه الكلمات، هل يستطيع الله رؤية ما يريد الشيطان فعله؟ (نعم). هل يفهم الله ما يريد الشيطان أن يفعله؟ (نعم). ففي قلب الله، هذا الرجل أيُّوب الذي ينظره الله – خادم الله هذا الذي يعتبره الله رجلاً كاملاً مستقيمًا – هل يمكنه تحمّل هذا النوع من الإغواء؟ (نعم). لماذا يقول الله "نعم" بمثل هذا اليقين؟ هل يفحص الله قلب الإنسان دائمًا؟ (نعم). هل الشيطان قادرٌ إذًا على فحص قلب الإنسان؟ (كلا). الشيطان لا يمكنه ذلك. حتّى إذا كان الشيطان يمكنه رؤية قلب الإنسان، فإن طبيعته الشرّيرة لا يمكنها أن تؤمن أبدًا أن القداسة قداسة، أو أن الدناءة دناءة. الشيطان الشرّير لا يمكنه أبدًا تقدير أيّ شيءٍ مُقدّس أو بارّ أو مُشرِق. لا يسع الشيطان سوى ألّا يدخّر جهدًا ليعمل من خلال طبيعته وشرّه ومن خلال هذه الأساليب التي يستخدمها. وحتّى على حساب تعرّضه للعقاب أو الهلاك من الله، فإنه لا يتردّد في معارضة الله بعنادٍ – وهذا هو الشرّ، وهذه هي طبيعة الشيطان. ولذلك يقول الشيطان في هذا المقطع: "جِلْدٌ بِجِلْدٍ، وَكُلُّ مَا لِلْإِنْسَانِ يُعْطِيهِ لِأَجْلِ نَفْسِهِ. وَلَكِنْ ٱبْسِطِ ٱلْآنَ يَدَكَ وَمَسَّ عَظْمَهُ وَلَحْمَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ". يعتقد الشيطان أن اتّقاء الإنسان الله يرجع إلى حصول الإنسان على العديد من المزايا من الله. يحصل الإنسان على مزايا من الله ولذلك يقول إن الله صالحٌ. ولكن ليس لأن الله صالحٌ بل لأن الإنسان يحصل على العديد من المزايا فيتّقي الله بهذه الطريقة: بمُجرّد أن يحرم الله الإنسان من هذه المزايا يتخلّى الإنسان عن الله. لا يؤمن الشيطان في طبيعته الشرّيرة أن قلب الإنسان يمكن أن يتّقي الله حقًّا. وبسبب طبيعته الشرّيرة لا يعرف معنى القداسة، فما بالك بالمخافة الخاشعة. لا يعرف معنى طاعة الله أو اتّقاء الله. ولأن الشيطان نفسه لا يتّقي الله فإنه يعتقد أن الإنسان لا يستطيع أن يتّقي الله أيضًا وأن هذا مستحيلٌ. أخبروني، أليس الشيطان شرّيرًا؟ (بلى!) الشيطان شرّيرٌ. باستثناء كنيستنا، سواء كانت الديانات والطوائف المُتنوّعة أو الجماعات الدينيّة والاجتماعيّة، فإن أيًّا منها لا يؤمن بوجود الله أو يؤمن بأن الله يستطيع أن يعمل، لذلك فإنهم يعتقدون أن ما تؤمن به ليس الله أيضًا. الإنسان الفاسق ينظر حوله فيرى الجميع فاسقين، تمامًا مثله هو. والإنسان الكذّاب ينظر حوله فلا يرى أحدًا صادقًا، ويعتبر أنهم جميعًا كاذبون. والإنسان الشرّير يرى الجميع أشرارًا ويريد مقاتلة كلّ شخصٍ يراه. في حين أن أولئك الأشخاص الذين يتّسمون بصدقٍ نسبيّ يرون الجميع صادقين، فإنهم دائمًا ما يتعرّضون للغشّ والخداع دون أن يتمكّنوا من عمل أيّ شيءٍ. أقول هذه الأمثلة القليلة كيما يزداد يقينك: طبيعة الشيطان الشرّيرة ليست إكراهًا مُؤقّتًا أو شيئًا ناتجًا عن بيئته، كما أنها ليست إظهارًا مُؤقّتًا ناتجًا عن أيّ سببٍ أو خلفيّةٍ. بالطبع لا! لا يسعه إلّا أن يكون بهذه الطريقة! لا يمكنه أن يفعل شيئًا جيّدًا. وحتّى عندما يقول ما يُسرّ الآذان، فإنه يغويك وحسب. كلّما كانت كلماته أكثر جاذبيةً ولباقةً ورقّةً، أصبحت نواياه الشرّيرة أكثر خبثًا وتجاوزت حدود هذه الكلمات. أيّ نوعٍ من الوجه، وأيّ نوعٍ من الطبيعة يُظهِره الشيطان في هذين المقطعين؟ (المُغوي، والخبيث، والشرّير). وسمته الأساسيّة هي الشرّ، وخصوصًا الجانب الشرّير والجانب الخبيث.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة