كيفية السعي إلى الحق (12) الجزء الثالث

قدمت شركة للتو عن التخلي عن الهوية التي ترثها من عائلتك. هل من السهل القيام بذلك؟ (نعم، من السهل القيام به). هل من السهل القيام به؟ في أي الظروف سيؤثر هذا الأمر عليك ويزعجك؟ عندما لا يكون لديك فهم صحيح ونقي لهذا الأمر، ستتأثر به في نوع معين من البيئات، وسيؤثر على قدرتك على أداء واجبك جيدًا، وسيؤثر على أساليبك في التعامل مع الأمور وعلى العواقب. لذا عندما يتعلق الأمر بالهوية التي ورثتها من العائلة، عليك أن تتعامل معها بشكل صحيح، وألا تدعها تؤثر فيك أو تتحكم بك، وإنما ترى الناس والأشياء وتتصرف وتفعل بشكل طبيعي وفقًا للأساليب التي أعطاها الله للناس. بهذه الطريقة، سيكون لديك السلوك والمبادئ التي يجب أن يتحلى بها المخلوق المقبول في هذا الصدد. تاليًا، سنعقد شركة حول التخلي عن التأثيرات التكييفية التي تمارسها العائلة عليك. في هذا المجتمع، مبادئ الناس في التعامل مع العالم، وأساليبهم للعيش والوجود، وحتى مواقفهم ومفاهيمهم تجاه الدين والمعتقد، وكذلك مفاهيمهم وآراؤهم المختلفة تجاه الناس والأشياء – كل هذه الأشياء تُكيَّف حتمًا بفعل العائلة. قبل أن يتوصل الناس إلى فهم الحق؛ ومهما كان عمرهم أو نوعهم الاجتماعي أو المهنة التي يمارسونها أو نوع موقفهم تجاه كل الأمور متطرفًا كان أم عقلانيًا؛ أي في جميع أنواع الأشياء باختصار، فإنَّ أفكارهم وآراءهم ومواقفهم تجاه الأشياء، تتأثر تأثرًا كبيرً بالعائلة. معنى هذا أنَّ التأثيرات التكييفية المختلفة التي تمارسها العائلة على الشخص، تحدد إلى حد كبير موقف هذا الشخص من الأشياء وطريقة تعامله معها، وكذلك نظرته إلى الوجود، وهي تؤثر حتى على إيمانه. وبما أن العائلة تكيّف الناس وتؤثر فيهم بدرجة كبيرة، فإن العائلة – لا محالة – هي أساس أساليب الناس ومبادئهم في التعامل مع الأشياء، وكذلك نظرتهم إلى الوجود، وآراءهم عن الإيمان. ولأن بيت العائلة نفسه ليس هو المكان الذي ينشأ فيه الحق، ولا هو مصدر الحق، فلا توجد عمليًا سوى قوة دافعة واحدة أو هدف واحد يدفع عائلتك إلى تكييفك على أي فكرة أو وجهة نظر أو أسلوب للوجود؛ وهذه القوة الدافعة هي العمل لما فيه مصلحتك. هذه الأشياء التي تصب في مصلحتك، بغض النظر عمن تأتي منه – سواء كانت من والديك أو أجدادك أو من أسلافك – كلها باختصار تهدف إلى تمكينك من الدفاع عن مصالحك الخاصة في المجتمع وبين الآخرين، ومنعك من التعرض للتنمر عليك، وتمكينك من العيش بين الناس بطريقة أكثر تحررًا ودبلوماسية، والتي تهدف إلى حماية مصالحك الخاصة إلى أقصى درجة. يهدف التكييف الذي تتلقاه من عائلتك إلى حمايتك، وأن يجنبك التعرض للتنمر أو الإذلال، وأن يجعلك شخصًا يفوق الآخرين في المكانة، حتى لو كان ذلك يعني التنمر على الآخرين أو إيذاءهم، ما دمت أنت نفسك لن تُضَر. هذه بعض أهم الأشياء التي تكيفك عائلتك عليها، وهي أيضًا الجوهر والهدف الرئيس الذي تقوم عليه جميع الأفكار التي تُكيَّف عليها. أليس هذا هو الحال؟ (بلى). إذا نظرت في هدف كل الأشياء التي كيفتك عائلتك عليها، وفي جوهر هذه الأشياء، فهل فيها أي شيء يتوافق مع الحق؟ حتى لو كانت هذه الأشياء تتفق مع الأخلاق أو الحقوق المشروعة والمصالح الإنسانية، فهل لها أي صلة بالحق؟ هل هي الحق؟ (لا). يمكن القول بكل يقين إنها بالتأكيد ليست الحق. فمهما كان اعتقاد الإنسان أن الأشياء التي تكيفه عائلته عليها إيجابية وشرعية وإنسانية وأخلاقية، فإنها ليست الحق، ولا يمكنها أن تمثل الحق، ولا يمكن بالطبع أن تحل محل الحق. لهذا، عندما يتعلق الأمر بموضوع العائلة، فإن هذه الأشياء هي جانب آخر يجب على الناس التخلي عنه. ما هو هذا الجانب تحديدًا؟ إنه التأثيرات التكييفية التي تمارسها العائلة عليك – هذا هو الجانب الثاني الذي يجب أن تتخلى عنه بخصوص موضوع العائلة. بما أننا نناقش التأثيرات التكييفية التي تمارسها العائلة عليك، فلنتحدث أولاً عن ماهية هذه التأثيرات التكييفية بالضبط. إذا ميزناها بحسب مفهوم الناس عن الصواب والخطأ، فبعضها صحيح نسبيًا وإيجابي وقابل للتطبيق ويمكن كشفه أمام الآخرين، في حين أن بعضها أناني نسبيًا وخسيس ودنيء وسلبي نسبيًا، ولا شيء أكثر من ذلك. ولكن على أي حال، فإن هذه التأثيرات التكييفية من العائلة هي بمثابة طبقة من الثياب الواقية التي تحمي في مجموعها مصالح الإنسان الجسدية، وتحفظ كرامته بين الآخرين، وتمنع عنه التنمر. أليس كذلك؟ (بلى). لنتحدث إذن عن التأثيرات التكييفية التي تمارسها عائلتك عليك. على سبيل المثال، عندما يكثر كبار العائلة من أن يقولوا لك: "يحتاج الناس إلى كبريائهم مثلما تحتاج الشجرة إلى لحائها"، فإنهم يفعلون ذلك ليجعلوك تولي أهمية لأن تكون لك سمعة طيبة، وأن تعيش حياة أبية وألا تفعل أشياء تجلب لك العار. فهل هذه المقولة ترشد الناس بطريقة إيجابية أم سلبية؟ هل يمكنها أن تقودك إلى الحق؟ هل يمكنها أن تقودك إلى فهم الحق؟ (لا، لا يمكنها ذلك). يمكنك أن تقول بكل تأكيد: "لا، لا يمكنها ذلك!" فكر في الأمر – يقول الله إن الناس يجب أن يتصرفوا بوصفهم أناسًا أمناء. عندما تذنب أو تخطئ في شيء، أو عندما تفعل شيئًا يتمرد على الله ويخالف الحق، فعليك أن تعترف بخطئك، وأن تفهم نفسك، وتواصل تشريح نفسك من أجل تحقيق التوبة الحقيقية، ثم تتصرف بعد ذلك وفقًا لكلام الله. إذن، إذا كان على الناس أن يتصرفوا بوصفهم أناسًا أمناء، فهل يتعارض ذلك مع مقولة "يحتاج الناس إلى كبريائهم مثلما تحتاج الشجرة إلى لحائها"؟ (نعم). كيف يتعارض؟ إن مقولة "يحتاج الناس إلى كبريائهم مثلما تحتاج الشجرة إلى لحائها" تهدف إلى جعل الناس يولون أهمية لعيش جانبهم المشرق والملون والإكثار من فعل الأشياء التي تجعلهم يبدون بمظهر جيد – بدلاً من فعل الأشياء السيئة أو المشينة، أو الكشف عن جانبهم القبيح – ومنعهم من العيش بدون كبرياء أو كرامة. من أجل سمعة المرء، ومن أجل كبريائه وشرفه، لا يمكن له أن يستنكر كل شيء يخصه، ناهيك عن إخبار الآخرين عن جانبه المظلم وجوانبه المخزية، لأن عليه أن يعيش بكبرياء وكرامة. ولكي يعيش المرء بكرامة يحتاج إلى سمعة طيبة، ولكي تكون للمرء سمعة طيبة يحتاج إلى التظاهر والتزين. ألا يتعارض هذا مع أن يتصرف المرء بوصفه شخصًا أمينًا؟ (بلى). عندما تتصرف بوصفك شخصًا أمينًا، فإن ما تفعله يتعارض تمامًا مع مقولة "يحتاج الناس إلى كبريائهم مثلما تحتاج الشجرة إلى لحائها". إذا أردت أن تتصرف بوصفك شخصًا أمينًا، فلا تعلق أهمية على الكبرياء؛ فكبرياء الإنسان لا يساوي شيئًا. يجب على المرء عند مواجهة الحق أن يكشف عن نفسه، لا أن يتظاهر أو يخلق صورة زائفة لنفسه. يجب على المرء أن يكشف لله أفكاره الحقيقية، والأخطاء التي ارتكبها، والجوانب التي تخالف مبادئ الحق، وما إلى ذلك، وأن يكشف هذه الأشياء أيضًا لإخوته وأخواته. ليست المسألة مسألة أن يعيش المرء من أجل سمعته، بل هي مسألة أن يعيش المرء من أجل التصرف بوصفه شخصًا أمينًا، وأن يعيش من أجل السعي إلى الحق، وأن يعيش من أجل أن يكون كائنًا مخلوقًا حقيقيًا، ومن أجل إرضاء الله وأن يخلُص. ولكن عندما لا تفهم هذا الحق، ولا تفهم مقاصد الله، غالبًا ما تهيمن عليك الأشياء التي كيفتك عائلتك عليها. لذلك عندما ترتكب خطأ ما، تتستر عليه وتتظاهر وتفكر: "لا يمكنني قول أي شيء عن هذا الأمر، ولن أسمح أيضًا لأي شخص آخر يعرف عن هذا الأمر أن يقول أي شيء. إذا قال أي منكم أي شيء، فلن أتهاون معك. سمعتي تأتي في المقام الأول. لا قيمة للحياة إن لم تكن من أجل سمعة المرء، لأنها أهم من أي شيء آخر. إذا فقد الإنسان سمعته، يفقد كل كرامته. لذلك لا يمكنك أن تقول الحق كما هو، بل عليك أن تتظاهر، وعليك أن تتستر على الأمور، وإلا ستفقد سمعتك وكرامتك، وستكون حياتك بلا قيمة. إذا لم يحترمك أحد، فأنت مجرد حثالة رخيصة عديمة القيمة". هل من الممكن أن تتصرف بوصفك شخصًا أمينًا من خلال الممارسة بهذه الطريقة؟ هل من الممكن أن تكون منفتحًا تمامًا وتشرّح نفسك؟ (لا، هذا ليس ممكنًا). من الواضح أنك بفعلك هذا تلتزم بمقولة "يحتاج الناس إلى كبريائهم مثلما تحتاج الشجرة إلى لحائها" التي كيفتك عائلتك عليها. رغم ذلك، إذا تخليت عن هذه المقولة من أجل السعي إلى الحق وممارسته، فستكف عن التأثير عليك، وستكف عن أن تكون شعارك أو مبدأك في القيام بالأشياء، وبدلاً من ذلك سيكون ما تفعله العكس تمامًا من مقولة "يحتاج الناس إلى كبريائهم مثلما تحتاج الشجرة إلى لحائها". لن تعيش من أجل سمعتك، ولا من أجل كرامتك، بل ستعيش من أجل السعي إلى الحق، والتصرف بوصفك شخصًا أمينًا والسعي إلى إرضاء الله والعيش ككائن مخلوق حقيقي. إذا التزمت بهذا المبدأ، فستكون قد تخلّيت عن التأثيرات التكييفية التي تمارسها عائلتك عليك.

إنَّ العائلة لا تكيف الأشخاص على مقولة أو اثنتين فقط، بل على مجموعة كاملة من الأقوال المأثورة والأمثال المعروفة. على سبيل المثال، هل يكثر شيوخ عائلتك ووالداك من ذكر مقولة: "الإنسان يترك اسمه ورائه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت"؟ (نعم). إنهم يقولون لك: "يجب أن يعيش الناس من أجل سمعتهم. لا يسعى الإنسان في حياته إلى أي شيء سوى السمعة الطيبة بين الناس، وأن يخلف لديهم انطباعًا حسنًا. أينما ذهبت، كن أكثر سخاءً في إلقاء التحية والملاطفات والمجاملات، وأكثر من قول الكلمات الطيبة. لا تسئ إلى الناس، بل قم بالمزيد من الأعمال الصالحة والأفعال الطيبة". إن لهذا التأثير التكييفي الخاص الذي تمارسه العائلة تأثير معين على سلوك الناس أو مبادئ السلوك، والنتيجة الحتمية هي أنهم يولون أهمية كبيرة للشهرة والربح؛ أي إنهم يعلقون أهمية كبيرة على سمعتهم ومكانتهم والانطباع الذي يتركونه في أذهان الناس، وتقدير الآخرين لكل ما يفعلونه وكل رأي يعبرون عنه. عندما تولي أهمية كبيرة للشهرة والربح، فإنك عن غير قصدٍ تولي أهمية قليلة لمدى اتفاق الواجب الذي تؤديه مع الحق والمبادئ من عدمه، وما إذا كنت ترضي الله، وما إذا كنت تؤدي واجبك على النحو الملائم. أنت ترى أن هذه الأمور أقل أهمية وأدنى في الأولوية، في حين تصبح مقولة "الإنسان يترك اسمه ورائه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت"، التي كيفتك عائلتك عليها، في غاية الأهمية بالنسبة إليك. إنها تجعلك تولي اهتمامًا عظيمًا لما يرد في أذهان الآخرين بشأن كل تفاصيلك. وعلى وجه الخصوص، يولي بعض الناس اهتمامًا خاصًا لما يعتقده الآخرون عنهم فعلًا من وراء ظهورهم، لدرجة التنصت عبر الجدران، والاستماع من خلال الأبواب نصف المفتوحة، وحتى سرقة نظرة خاطفة على ما يكتبه الآخرون عنهم. حالما يذكر أحدهم اسمه، يفكر: "يجب أن أسرع وأستمع إلى ما يقوله عني، وما إذا كان رأيه فيّ جيدًا. يا إلهي، لقد قال إنني كسول وأحب تناول أطايب الطعام. يجب أن أتغير إذن، إذ لا يمكنني أن أكون كسولًا في المستقبل، بل يجب أن أكون مجتهدًا". وبعد أن يجتهد لفترة من الوقت، يفكر في قرارة نفسه: "لقد كنت أستمع إلى ما إذا كان الجميع يقولون إنني كسول، ويبدو أن أحدًا لم يقل ذلك مؤخرًا". لكنه لا يزال غير مستريح، لذلك يقحم الأمر عرضًا في أحاديثه مع من حوله قائلًا: "أنا كسول بعض الشيء"؛ فيرد الآخرون: "أنت لست كسولًا، أنت الآن أكثر اجتهادًا مما كنت عليه في السابق". وعندها يشعر على الفور بالاطمئنان والسعادة البالغة والراحة. "مرحى! لقد تغيرت آراء الجميع عني. يبدو أن الجميع لاحظوا التحسن في سلوكي". كل ما تفعله ليس من أجل ممارسة الحق، ولا من أجل إرضاء الله، بل من أجل سمعتك. بهذه الطريقة، ماذا يصبح كل ما تفعله فعليًا؟ لقد أصبح فعليًا عملاً دينيًا. ماذا أصبح جوهرك؟ لقد أصبحت نموذجًا مثاليًا للفريسي. ماذا أصبح مسارك؟ لقد أصبح مسار أضداد المسيح. هكذا يعرِّف الله الأمر. إذن، لقد أصبح جوهر كل ما تقوم به ملوثًا، ولم يعد مثلما كان؛ فأنت لا تمارس الحق أو تسعى إليه، بل تسعى إلى الشهرة والربح. في نهاية المطاف، بالنسبة إلى الله، فإن أداء واجبك – باختصار – غير كافٍ. لماذا؟ لأنك تكرس نفسك لسمعتك فحسب، لا لما ائتمنك الله عليه، أو لواجبك ككائن مخلوق. بأي شيء تشعر في قلبك عندما يأتي الله بمثل هذا التعريف؟ أن إيمانك بالله طوال هذه السنوات كان بلا طائل؟ فهل يعني هذا أنك لم تكن تسعى إلى الحق على الإطلاق؟ أنت لم تكن تسعى إلى الحق، بل كنت تولي اهتمامًا خاصًا لسمعتك، وأصل هذا الأمر التأثيرات التكييفية التي تأتي من عائلتك. ما المقولة الأكثر هيمنة التي تم تكييفك عليها؟ إن مقولة: "الإنسان يترك اسمه ورائه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت"، قد ترسخت في قلبك وأصبحت شعارًا لك. فأنت قد تأثرت بهذه المقولة وتكيفت عليها منذ صغرك، وحتى بعد أن كبرت، غالبًا ما تستمر في ترديد هذه المقولة للتأثير على الجيل القادم من عائلتك والأشخاص المحيطين بك. الأخطر من ذلك بالطبع هو أنك تبنيتها طريقة ومبدأ لسلوكك والتعامل مع الأشياء، بل إنك تبنيتها هدفًا واتجاهًا تسعى إليه في الحياة. إن هدفك واتجاهك خاطئان، وبالتالي فإن العاقبة النهائية ستكون سلبية بالتأكيد. لأن جوهر كل ما تفعله هو فقط من أجل سمعتك، وفقط من أجل تطبيق مقولة: "الإنسان يترك اسمه ورائه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت". أنت لا تسعى إلى الحق، لكنك أنت نفسك لا تعرف ذلك. أنت تعتقد أنه لا بأس بهذه المقولة، لأنه ألا ينبغي أن يعيش الناس من أجل سمعتهم؟ فبحسب المقولة: "الإنسان يترك اسمه ورائه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت". تبدو هذه المقولة إيجابية ومشروعة للغاية، لذا فإنك تتقبل تأثيرها التكييفي دون وعي وتعتبرها أمرًا إيجابيًا. بمجرد اعتبارك هذه المقولة كأمر إيجابي، فأنت تتبعها وتطبقها دون وعي. في الوقت نفسه، أنت تسيء فهمها دون وعي وبصورة مشوشة على أنها الحق ومعيارًا للحق. عندما تعتبرها معيارًا للحق، فأنت لم تعد تستمع إلى ما يقوله الله، ولم تعد تفهمه. أنت تمارس هذا الشعار: "الإنسان يترك اسمه ورائه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت" بشكل أعمى وتتصرف وفقًا له، وما تحصل عليه من ذلك في النهاية هو السمعة الطيبة. لقد ربحت ما أردت، لكنك عندما فعلت ذلك خالفت الحق وتخليت عنه، وخسرت فرصة الخلاص. وبما أن هذه هي العاقبة النهائية، يجب عليك أن تتخلى عن فكرة أن "الإنسان يترك اسمه ورائه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت"، التي كيّفتك عليها عائلتك، وأن تنبذها. إنها ليست شيئًا يجب أن تتمسك به، ولا هي مقولة أو فكرة يجب أن تنفق جهدك وطاقتك طوال الحياة في سبيل تطبيقها. هذه الفكرة ووجهة النظر التي غُرِسَت فيك وكُيِّفت عليها خاطئة، لذا يجب عليك التخلي عنها. والسبب في أنه يجب عليك التخلي عنها لا يقتصر فقط على أنها ليست الحق، بل لأنها ستضللك وستودي بك في النهاية إلى الهلاك، لذا فإن العواقب وخيمة للغاية. بالنسبة إليك، فهي ليست مجرد مقولة بسيطة، بل سرطان – وسيلة وطريقة تفسدان الناس. لأنه في كلام الله، من بين كل متطلباته للناس، لم يطلب منهم أبدًا أن يسعوا وراء السمعة الحسنة، أو أن يسعوا وراء الهيبة، أو أن يتركوا انطباعًا جيدًا لدى الناس، أو أن يفوزوا باستحسان الناس، أو أن يحصلوا على إعجاب الناس، وهو لم يجعل الناس يعيشون من أجل الشهرة أو من أجل أن يتركوا وراءهم سمعة حسنة. إن الله لا يريد من الناس سوى أن يؤدوا واجبهم جيدًا وأن يخضعوا له وللحق. لذلك، بالنسبة إليك، فإن هذه المقولة هي نوع من التكييف من عائلتك يجب أن تتخلى عنه.

هناك تأثير تكييفي آخر تمارسه عائلتك عليك. على سبيل المثال، عندما يشجعك الوالدان أو كبار العائلة، غالبًا ما يقولون لك: "يجب أن تتحمل معاناة كبيرة للوصول إلى القمة". إن هدفهم من قولهم هذا هو تعليمك أن تتحمل المعاناة، وأن تكون مجتهدًا ومثابرًا، وألا تخشى المعاناة في كل ما تفعله، لأن أولئك الذين يتحملون المعاناة ويقاومون المشقة ويعملون بجد ويمتلكون روحًا قتالية هم وحدهم الذين يستطيعون أن يصلوا إلى القمة. ماذا يعني "الوصول إلى القمة"؟ إنه يعني عدم التعرض للتنمر عليك أو احتقارك أو التمييز ضدك، ويعني أن يكون لك هيبة ومكانة عالية بين الناس، وأن يكون لك سلطة التحدث وأن تُسمع، وسلطة اتخاذ القرارات، ويعني أن تكون قادرًا على أن تعيش حياة أفضل وأعلى جودة بين الآخرين، وأن ينظر الناس إليك بتوقير، ويعجبوا بك، ويحسدوك. وهذا جوهريًا أنك في الطبقة العليا من الجنس البشري بأكمله. ماذا تعني "الطبقة العليا"؟ يعني أن هناك الكثير من الناس تحت قدميك وأنك لست بحاجة إلى تحمل أي سوء معاملة منهم؛ هذا هو "الوصول إلى القمة". من أجل أن تصل إلى القمة، عليك أن "تتحمل معاناة كبيرة"، وهو ما يعني أنك يجب أن تكون قادرًا على تحمل معاناة لا يستطيع الآخرون تحملها. لذا قبل أن تتمكن من الوصول إلى القمة، يجب أن تكون قادرًا على تحمل نظرات الناس المزدرية، وسخريتهم، وتهكمهم، وافترائهم، وكذلك عدم فهم الآخرين لك، وحتى احتقارهم، وما إلى ذلك. إضافة إلى المعاناة الجسدية، يجب أن تكون قادرًا على تحمل سخرية الرأي العام واستهزائه بك. لا يمكنك أن تبرز بين الناس سوى بتعلمك أن تكون من هذا النوع من الأشخاص، وبأن تربح لنفسك مكانة في المجتمع. الهدف من هذه المقولة هو أن يصبح الناس متبوعين لا تابعين، لأن كونك تابعًا أمر صعب للغاية؛ عليك أن تتحمل سوء المعاملة، وتشعر بأنك عديم الفائدة، ولا كرامة لك ولا ماء وجه. هذا أيضًا تأثير تكييفي تمارسه عائلتك عليك، بهدف التصرف بما يخدم مصالحك. تقوم أسرتك بذلك حتى لا تُضطر أنت إلى تحمل سوء المعاملة من الآخرين، وحتى تكون لك شهرة وسلطة، وحتى تأكل جيدًا وتستمتع، وحتى لا يجرؤ أحد على التنمر عليك أينما ذهبت، بل يمكنك أن تتصرف كطاغية وتتخذ القرارات، فيخضع لك الجميع وينحنون لك. من ناحية، أنت تسعى إلى أن تكون في مرتبة أعلى من أجل مصلحتك، ومن ناحية أخرى، فإنك تفعل ذلك أيضًا لتعزيز المكانة الاجتماعية للعائلة وجلب الشرف لأسلافك، حتى يستفيد والداك وأفراد عائلتك أيضًا من علاقتهم بك ولا يعانون من سوء المعاملة. إذا كنت قد تحملت معاناة كبيرة ووصلت إلى القمة بأن أصبحت مسؤولاً رفيع المستوى لديك سيارة فارهة ومنزل فخم وحاشية من الناس تحوم حولك، فإنَّ عائلتك ستستفيد بالمثل من الارتباط بك، وسيتمكن أفراد عائلتك أيضًا من قيادة سيارات فارهة وتناول الطعام الجيد والعيش في رفاهية. ستتمكن من تناول أغلى الأطعمة الشهية إذا أردت، وستتمكن من الذهاب إلى أي مكان تريده، وسيكون الجميع تحت تصرفك، وستفعل ما يحلو لك، وستعيش بعناد وغطرسة دون الحاجة إلى التواري عن الأنظار أو العيش ذليلًا، وأن تفعل ما تشاء، حتى لو كان فوق القانون، وأن تعيش بجرأة وتهور، هذا هو هدف عائلتك من تكييفك بهذه الطريقة، لمنعك من أن تُظلم، ولجعلك تصل إلى القمة. وبعبارة صريحة، هدفهم هو أن يجعلوك شخصًا يقود الآخرين ويوجههم ويأمرهم، وأن يجعلوك شخصًا يستطيع التنمر على الآخرين لكنه لا يكون أبدًا المتلقي، وأن يجعلوك شخصًا يصل إلى القمة، وليس شخصًا يُقاد. أليس هذا هو الحال؟ (بلى). هل يفيدك هذا التأثير التكييفي من عائلتك؟ (كلا). لماذا تقول إنه لا يفيدك؟ إذا علَّمت كل أسرة الجيل القادم بهذه الطريقة، فهل سيزيد ذلك من الصراع الاجتماعي ويجعل المجتمع أكثر تنافسية وظلماً؟ سيرغب الجميع في أن يكونوا في القمة، ولن يرغب أحد في أن يكون في القاع، أو أن يكون شخصًا عاديًا، بل سيرغب الجميع في أن يكون الشخص الذي يحكم الآخرين ويتنمر عليهم. هل تعتقد أن المجتمع سيظل صالحًا إذا كان هذا هو الحال؟ من الواضح أن المجتمع لن يكون موجهًا في اتجاه إيجابي، ولن يؤدي ذلك إلا إلى زيادة حدة الصراعات المجتمعية، وزيادة التنافس بين الناس، وتفاقم الخلافات بينهم. خذ المدرسة على سبيل المثال. يحاول الطلاب أن يتفوقوا بعضهم على بعض، من خلال بذل جهد كبير في الاستذكار عندما لا يكون ثمة أحد حولهم، ولكن عندما يلتقون يقولون: "أواه، لم أستذكر في عطلة نهاية الأسبوع الماضي كذلك، بل ذهبت إلى مكان رائع واستمتعت طوال اليوم. إلى أين ذهبت"؟ فيرد شخص آخر: "لقد نمت طوال عطلة نهاية الأسبوع ولم أستذكر أيضًا". في الواقع كلاهما يعلم تمامًا أن الآخر قضى كل عطلة نهاية الأسبوع في الاستذكار إلى حد الإرهاق، لكن لا يعترف أي منهما بأنه استذكر أو بذل جهدًا كبيرًا بينما لم يكن يراه أحد، لأن كل واحد يريد الوصول إلى القمة، ولا يريد أن يتفوق عليه أحد. يقولان إنهما لم يكونا يستذكران، لأنهما لا يريدان أن يعرف الآخرون أنهما في الحقيقة كانا يستذكران. ما فائدة الكذب بهذه الطريقة؟ أنت تستذكر من أجل مصلحتك الشخصية، وليس من أجل الآخرين. إذا كان بإمكانك الكذب في مثل هذه السن المبكرة، فهل يمكنك السير في الطريق الصحيح بعد دخولك المجتمع؟ (كلا). الدخول إلى المجتمع ينطوي على مصالح شخصية ومال ومكانة، لذا لن تزداد المنافسة إلا شراسة. لن يتوقف الناس عند أي شيء، وسيستخدمون كل الوسائل المتاحة لهم من أجل تحقيق أهدافهم. سيكونون مستعدين للقيام بكل ما يلزم لتحقيق أهدافهم وبأي ثمن، وقادرين على ذلك، حتى لو كان ذلك يعني تحمل الإذلال للوصول إلى هدفهم. إذا استمرت الأمور على هذا المنوال، فكيف يمكن للمجتمع أن يصبح جيدًا؟ إذا فعل الجميع ذلك، فكيف يمكن للجنس البشري أن يصبح جيدًا؟ (لن يمكنه ذلك). تأتي جذور جميع أنواع الأعراف الاجتماعية غير السليمة والاتجاهات الشريرة من التكييف الذي تمارسه العائلة على الناس. ما الذي يطلبه الله في هذا الصدد إذًا؟ هل يطلب الله من الناس أن يكونوا في القمة وألا يكونوا متوسطين أو رتيبين أو غير مميزين أو عاديين، بل أن يكونوا عظماء ومشهورين وسامين؟ هل هذا هو ما يطلبه الله من الناس؟ (كلا). من الواضح جدًا أن المقولة التي كيفتك عائلتك عليها – "يجب أن تتحمل معاناة كبيرة للوصول إلى القمة" – لا ترشدك في اتجاه إيجابي، وبالطبع لا صلة لها بالحق أيضًا. إن أهداف عائلتك من جعلك تتحمل المعاناة ليست بريئة إطلاقًا، وترتكز على تدبير المكائد، وهي أهداف دنيئة وخسيسة جدًا. يجعل الله الناس يتحملون المعاناة لأن لديهم شخصيات فاسدة. إذا رغب الناس في أن يتطهروا من شخصياتهم الفاسدة، فعليهم أن يتحملوا المعاناة؛ هذه حقيقة موضوعية. إضافةً إلى ذلك، يطلب الله من الناس أن يتحملوا المعاناة: هذا ما ينبغي للكائن المخلوق أن يفعله، وهو أيضًا ما يجب أن يتحمله الشخص الطبيعي، والموقف الذي يجب أن يتحلى به الشخص الطبيعي. رغم ذلك، لا يطلب الله منك أن تكون في القمة، بل يطلب منك فقط أن تكون شخصًا عاديًا طبيعيًا يفهم الحق، ويستمع إلى كلامه، ويخضع له، وهذا كل شيء. لا يطلب الله منك أبدًا أن تفاجئه، أو أن تفعل أي شيء يزلزل الأرض، ولا يحتاج منك أن تكون مشهورًا أو شخصًا عظيمًا. إنه يحتاج منك فقط إلى أن تكون شخصًا عاديًا وطبيعيًا وحقيقيًا، وبغض النظر عن مقدار المعاناة التي يمكنك تحملها، أو ما إذا كنت تستطيع تحمل المعاناة على الإطلاق، إذا كنت قادرًا في النهاية على أن تتقي الله وتحيد عن الشر، فهذا أفضل شخص يمكن أن تكونه. ما يريده الله ليس أن تكون في القمة، بل أن تكون كائنًا مخلوقًا حقيقيًا، شخصًا يستطيع أن يؤدي واجب الكائن المخلوق. هذا الشخص هو شخص عادي وغير ملحوظ، شخص يتمتع بإنسانية وضمير وعقل طبيعيين، وليس شخصًا ساميًا أو عظيمًا في نظر غير المؤمنين أو البشر الفاسدين. لقد قدمنا الشركة كثيرًا حول هذا الجانب من قبل، لذا لن نناقشه أكثر من ذلك الآن. من الواضح أن هذه المقولة "يجب أن تتحمل معاناة كبيرة للوصول إلى القمة" هي شيء يجب أن تتخلى عنه. ما هو تحديدًا الشيء الذي يجب أن تتخلى عنه؟ إنه الاتجاه الذي كيفتك عائلتك على السعي إليه. أي إنه يجب عليك تغيير اتجاه سعيك. لا تفعل أي شيء لمجرد أن تكون على القمة، أو أن تبرز من بين الحشود وأن تكون جديرًا بالملاحظة أو أن تكون موضع إعجاب الآخرين، بل يجب عوضًا عن ذلك أن تتخلى عن هذه المقاصد والأهداف والدوافع، وأن تفعل كل شيء بطريقة واقعية من أجل أن تكون كائنًا مخلوقًا حقيقيًا. ماذا أعني بـ "بطريقة واقعية"؟ المبدأ الأساسي هو أن تفعل كل شيء وفقًا للطرق والمبادئ التي علَّمها الله للناس. لنفترض أن ما تفعله لا يبهر الجميع أو يثير إعجابهم، أو حتى لا يمتدحه أو يقدِّره أحد. رغم ذلك، إذا كان هذا أمر يتعين عليك القيام به، فعليك المثابرة والاستمرار فيه، وأن تعامله على أنه واجب يجب أن يؤديه الكائن المخلوق. إذا فعلت ذلك، فستكون كائنًا مخلوقًا مقبولًا في عينيِّ الله؛ الأمر بهذه البساطة. ما تحتاج إلى تغييره هو سعيك فيما يتعلق بتصرفك ونظرتك إلى الحياة.

تكيفك الأسرة وتؤثر فيك بطرق أخرى، على سبيل المثال بمقولة: "التناغم كنز والصبر ذكاء". غالبًا ما يعلمك أفراد العائلة: "كن لطيفًا ولا تجادل الآخرين ولا تخلق لك أعداءً، لأنك إذا خلقت الكثير من الأعداء، فلن تتمكن من الحصول على موطئ قدم في المجتمع، وإذا كان من يكرهونك ويتربصون بك كُثُر، فلن تكون آمنًا في المجتمع. ستكون دائمًا مهددًا، وسيتعرض بقاؤك، ومكانتك، وعائلتك، وسلامتك الشخصية، وحتى فرص ترقيتك المهنية للخطر وعرقلة الناس الأشرار لها. لذا يجب أن تتعلم أنَّ "التناغم كنز والصبر ذكاء". كن لطيفًا مع الجميع، ولا تفسد العلاقات الجيدة، ولا تقل شيئًا لا يمكنك التراجع عنه لاحقًا، وتجنب أن تجرح كبرياء الناس، ولا تفضح عيوبهم. تجنب قول الأشياء التي لا يرغب الناس في سماعها أو توقف عن ذلك. قدِّم المجاملات فحسب، لأنه لا يضير أبدًا أن تجامل شخصًا ما. يجب أن تتعلم أن تتحلى بالصبر والمساومة في الأمور الكبيرة والصغيرة على حد سواء، لأن "المساومة تجعل حل النزاع أسهل بكثير". فكر في الأمر، تغرس عائلتك فيك فكرتين ووجهتي نظر في آن واحد. فمن ناحية، يقولون لك أن تكون لطيفًا مع الآخرين؛ ومن ناحية أخرى، يقولون لك أن تكون صبورًا ولا تتكلم في غير دورك، وإذا كان لديك ما تريد قوله، فعليك أن تغلق فمك حتى تصل إلى المنزل ثم تخبر أسرتك. أو الأفضل ألا تخبر أسرتك على الإطلاق، لأن الجدران لها آذان؛ إذا تسرَّب السر في أي وقت، فلن تسير الأمور على ما يرام بالنسبة إليك. لكسب موطئ قدم في هذا المجتمع والبقاء على قيد الحياة فيه، يجب أن يتعلم الناس شيئًا واحدًا، وهو أن يظلوا على الحياد من الجميع، أي بكلمات سهلة، يجب أن تكون مراوغًا وماكرًا. لا يمكنك أن تقول ما يدور في ذهنك فحسب. إذا مضيت قدمًا وقلت ما يدور في ذهنك، فهذا يسمى غباءً، ولا يسمى ذكاءً. بعض الناس لا يمكن توقع تصرفاتهم ويقولون ما يريدون أيًا كان. تخيل شخصًا يفعل ذلك وينتهي به الأمر بالإساءة إلى رئيسه. حينئذٍ، ينغص عليه رئيسه حياته، ويلغي علاوته، ويسعى دائمًا إلى افتعال شجار معه. وفي نهاية الأمر، لا يعود قادرًا على تحمل البقاء في الوظيفة. وإذا استقال من وظيفته، فليس لديه وسيلة أخرى لكسب العيش. لكن إذا لم يستقل، فليس بوسعه سوى البقاء في وظيفة لم يعد يتحمل القيام بها. ماذا يُسمى ذلك، عندما تكون بين المطرقة والسندان؟ "عالق"، أو في مأزق. حينئذٍ توبخه عائلته قائلة: "أنت تستحق أن تُساء معاملتك، كان عليك أن تتذكر أنَّ "التناغم كنز والصبر ذكاء"! أنت تستحق هذا لأنك شخص لا يمكن توقع تصرفاته وكلامك كثير! لقد أخبرناك أن تكون لبقًا وتفكر مليًا بشأن ما تقوله، لكنك لم ترغب في ذلك، بل كان لزامًا عليك أن تكون مباشرًا. هل كنت تعتقد أن رئيسك في العمل من السهل العبث معه؟ هل كنت تعتقد أن النجاة في المجتمع بهذه السهولة؟ أنت تتصور دائمًا أنك صريح فحسب. حسنًا، عليك الآن أن تحصد العواقب المؤلمة. فليكن هذا درساً لك! من الأفضل لك مستقبلًا أن تتذكر مقولة: "التناغم كنز والصبر ذكاء"! وبمجرد أن يتعلم هذا الدرس، يتذكره ويفكِّر: "لقد كان والداي محقين فعلًا في تعليمي. هذا شيء من الرؤية الثاقبة للاختبار الحياتي، وهي حكمة حقيقية لا يمكنني الاستمرار في تجاهلها. تجاهلي لمن هم أكبر سنًا يضر بي، لذا سأتذكر ذلك في المستقبل". بعد أن أصبح مؤمنًا بالله وانضم إلى بيت الله، لا يزال يتذكر هذه المقولة: "التناغم كنز والصبر ذكاء"، ولذا فهو يحيّي إخوته وأخواته متى رآهم، ويبذل قصارى جهده للتحدث إليهم بكلمات لطيفة. يقول القائد: "أتولى القيادة منذ فترة، لكنني لا أملك خبرة كافية في العمل"، فيتدخل في الكلام ويقول مجاملًا له: "أنت تقوم بعمل رائع. لولا قيادتك لنا لشعرنا أنه ليس لدينا مكان نلجأ إليه". يقول شخص آخر: "لقد ربحت فهمًا لنفسي، وأعتقد أنني مخادع للغاية". فيرد قائلًا: "لست مخادعًا، بل أنت صادق للغاية، أنا المخادع". يوجه له شخص آخر ملاحظة بذيئة، فيفكر في نفسه: "لا داعي للخوف من الملاحظات البذيئة كهذه، يمكنني تحمل ما هو أسوأ من ذلك بكثير. مهما وصل مدى سوء ملاحظاتك، سأتظاهر فحسب بأنني لم أسمعها، وسأستمر في مجاملتك، وسأحاول قدر المستطاع أن أتودد إليك، لأنه لن يضيرني أبدًا أن أجاملك". ومتى ما طلب منه أحد أن يدلي برأيه أو يبوح بما في قلبه في أثناء الشركة، لا يتحدث بصراحة، ويحافظ على هذه الواجهة المبتهجة والمرحة أمام الجميع. يسأله أحدهم: "كيف تكون دائمًا بهذا الابتهاج والمرح؟ هل أنت نمر مبتسم حقًا؟ فيفكر في نفسه: "إنني نمر مبتسم منذ سنوات، وخلال كل هذا الوقت لم يستغلني أحد قط، لذلك أصبح هذا مبدئي الأَولى في التعامل مع العالم". أليس كالحجر الزلق؟ (بلى). لقد انجرف بعض الناس في المجتمع على هذا النحو لسنوات عديدة، ولا يزالون يفعلون ذلك بعد أن انضموا إلى بيت الله. إنهم لا يقولون كلمة واحدة صادقة، ولا يتحدثون أبدًا من القلب، ولا يتحدثون عن فهمهم الخاص لأنفسهم. حتى عندما يبوح لهم أخ أو أخت بما في قلبه، فإنهم لا يتحدثون بصراحة، ولا يمكن لأحد أن يعرف ما يجول في أذهانهم حقًا. إنهم لا يكشفون أبدًا عما يفكرون فيه أو ما هي آراؤهم، فهم يحافظون على علاقات جيدة حقًا مع الجميع، ولا تعرف ما نوع الناس أو الشخصيات الذي يحبونه فعليًا، أو ما يفكرون فيه فعليًا تجاه الآخرين. إذا سألهم أي شخص عن أي نوع من الأشخاص فلان، فإنهم يجيبون: "إنه مؤمن منذ أكثر من عشر سنوات، وهو لا بأس به". أيًا كان من تسألهم عنه، سيجيبون بأن هذا الشخص لا بأس به أو جيد جدًا. إذا سألهم شخص ما: "هل اكتشفت أي عيوب أو نقائص فيه؟"، فسيجيبون قائلين: "لم أجد أيًا منها حتى الآن، سأراقبه عن كثب في المستقبل"، لكنهم في قرارة أنفسهم يفكرون: "أنت تطلب مني أن أسيء إلى هذا الشخص، وهو ما لن أفعله بالتأكيد! إذا أخبرتك بالحقيقة واكتشف هو الأمر، ألن يصبح عدوي؟ لطالما أخبرتني عائلتي بألا أتخذ أعداءً لي، ولم أنسَ كلماتهم. هل تعتقد أنني غبي؟ هل تظن أنني سأنسى ما تلقيته من تعليم وتكييف من عائلتي لمجرد أنك قدمت لي شركة من جملتين حول الحق؟ هذا لن يحدث! حتى الآن، لم تخذلني هاتان المقولتان: "التناغم كنز والصبر ذكاء" و "المساومة تجعل حل النزاع أسهل بكثير"، وهما تعويذتيَّ. لا أتحدث عن عيوب أي شخص، وإذا استفزني أحدٌ ما فإنني أظهر له الصبر. ألم تر هذا الحرف المطبوع على جبيني؟ إنه الرمز الصيني المقابل لـ "الصبر"، والذي يتكون من رسم سكين فوق رسم قلب. أُظهر الصبر لكل من يقول ملاحظات بذيئة. أُظهر الصبر لمن يهذبني. هدفي هو أن أبقى على علاقة طيبة مع الجميع، وأن أحافظ على العلاقات في هذا المستوى. لا تتمسك بالمبادئ، لا تكن غبيًا، لا تكن غير مرن، يجب أن تتعلم أن تذعن بحسب الظروف! لماذا في رأيك تعيش السلاحف لفترة طويلة؟ ذلك لأنها تختبئ داخل قوقعتها متى اشتدت عليها الظروف، أليس كذلك؟ بهذه الطريقة يمكنها حماية نفسها والعيش لآلاف السنين. هكذا تعيش طويلًا، وهكذا تتعامل مع العالم". أنت لا تسمع مثل هؤلاء الناس ينطقون بأي شيء صادق أو حقيقي، ولا يكشفون أبدًا عن وجهات نظرهم الحقيقية وأساس تصرفهم. إنهم يفكرون فقط في هذه الأشياء ويتأملونها في قلوبهم، لكن لا أحد غيرهم يعرف بها. هذا النوع من الأشخاص لطيف في الظاهر مع الجميع، ويبدو حسن الخلق، ولا يؤذي أو يضر أحدًا. لكن في الواقع، هو يظل على الحياد من الجميع وهو حجر زلق. هذا النوع من الأشخاص محبوب دائمًا من بعض الناس في الكنيسة، لأنه لا يرتكب أخطاءً كبيرة أبدًا، ولا يفصح عن نفسه أبدًا، وتقييم قادة الكنيسة والإخوة والأخوات له هو أنه على وفاق مع الجميع. إنه فاتر في أداء واجبه، ولا يفعل سوى ما يُطلب منه فحسب. إنه مطيع ومهذب بشكل خاص، ولا يؤذي الآخرين أبدًا في الحديث أو عند التعامل مع الأمور، ولا يستغل أحدًا أبدًا. لا يتحدث أبدًا عن الآخرين بسوء، ولا يحكم على الناس من وراء ظهورهم. ومع ذلك، لا أحد يعرف ما إذا كان مخلصًا في أداء واجبه، ولا أحد يعرف ما يظنه بشأن الآخرين أو رأيه فيهم. بعد التفكير مليًا، أنت تشعر حتى أن هذا النوع من الأشخاص غريب بعض الشيء ويصعب فهمه، وأن الإبقاء عليه قد يؤدي إلى متاعب. ماذا ينبغي أن تفعل؟ إنه قرار صعب، أليس كذلك؟ عندما يؤدون واجبهم، يمكنك أن تراهم يمضون في أعمالهم لكنهم لا يهتمون أبدًا بالمبادئ التي أوصلها لهم بيت الله. إنهم يقومون بالأشياء كما يحلو لهم، ويؤدونها بشكل سطحي فحسب، ويحاولون فقط تجنب ارتكاب أي أخطاء كبيرة. وبالتالي، لا يمكنك إيجاد خطأ فيهم، أو تحديد أي عيوب بهم. إنهم يقومون بالأشياء بشكل لا تشوبه شائبة، ولكن بم يفكرون في داخلهم؟ هل يريدون أداء واجبهم؟ لو لم تكن هناك مراسيم إدارية كنسية، أو إشراف من قائد الكنيسة أو من إخوتهم وأخواتهم، فهل يمكن أن يخالط هذا الشخص أناسًا أشرارًا؟ هل يمكن أن يفعل أشياء سيئة ويرتكب الشر مع الناس الأشرار؟ هذا ممكن جدًا، وهو قادر على فعل ذلك، لكنه لم يفعل ذلك بعد. هذا النوع من الأشخاص هو النوع الأكثر إثارة للمتاعب، وهو خير نموذج للحجر الزلق أو الثعلب العجوز الماكر. إنهم لا يحملون ضغائن ضد أي شخص. إذا قال أحدهم شيئًا يجرحهم، أو كشف عن شخصية فاسدة تنتهك كرامتهم، فماذا يكون رأيهم؟ "سأظهر الصبر، ولن أحمل ضغينة ضدك، ولكن سيأتي يوم تجعل فيه من نفسك أضحوكة!" عندما يتم التعامل مع هذا الشخص حقًا أو يجعل من نفسه أضحوكةً، فإنه يضحك سرًا على ذلك. إنه يسخر بسهولة من الآخرين والقادة وبيت الله، لكنه لا يسخر من نفسه. إنه فقط لا يعرف ما المشكلات أو العيوب الموجودة لديه هو نفسه. يحرص مثل هؤلاء الأشخاص على عدم الكشف عن أي شيء من شأنه أن يؤذي الآخرين، أو أي شيء يمكِّن الآخرين من رؤية حقيقتهم، على الرغم من أنهم يفكرون في هذه الأشياء في قلوبهم. في حين أنه عندما يتعلق الأمر بالأشياء التي يمكن أن تخدِّر الآخرين أو تضللهم، فإنهم يعبرون عنها بحرية ويسمحون للناس برؤيتها. مثل هؤلاء الناس هم الأكثر خبثًا وصعوبة في التعامل معهم. فما هو الموقف الذي يتخذه بيت الله تجاه أمثال هؤلاء الناس؟ استخدامهم إذا كان بالإمكان استخدامهم، وإخراجهم إذا لم يكن ذلك بالإمكان؛ هذا هو المبدأ. لماذا؟ السبب هو أن أمثال هؤلاء الناس مقدر لهم ألا يسعوا إلى الحق. إنهم عديمو إيمان يسخرون من بيت الله ومن الإخوة والأخوات والقادة عندما تسوء الأمور. ما الدور الذي يلعبونه؟ هل هو دور الشيطان والأبالسة؟ (نعم). عندما يُظهرون الصبر تجاه إخوتهم وأخواتهم، فهذا لا يمثل تسامحًا حقيقياً ولا محبة حقيقية. إنهم يفعلون ذلك لحماية أنفسهم وتجنب خلق أي أعداء أو خطر لأنفسهم. إنهم لا يتسامحون مع إخوتهم وأخواتهم لحمايتهم، ولا يفعلون ذلك بدافع المحبة، وهم بالطبع لا يفعلون ذلك لأنهم يسعون إلى الحق ويمارسون وفقًا لمبادئ الحق. إن موقفهم هو كليًا موقف يتمحور حول الانجراف وتضليل الآخرين. مثل هؤلاء الناس يظلون على الحياد من الجميع وهم أحجار زلقة. إنهم لا يحبون الحق ولا يسعون إليه، وبدلاً من ذلك ينجرفون فحسب. من الواضح أن التكييف الذي يتلقاه مثل هؤلاء الأشخاص من عائلاتهم يؤثر بشكل كبير على الأساليب التي يتصرفون بها ويتعاملون بها مع الأشياء. بالطبع، لا بد من القول إن هذه الأساليب والمبادئ في التعامل مع العالم لا تنفصل عن جوهرهم الإنساني. وعلاوة على ذلك، فإن تأثيرات التكييف من عائلاتهم لا تعمل إلا على جعل تصرفاتهم بارزة وملموسة بدرجة أكبر، وتكشف عن جوهر طبيعتهم بشكل أكمل. لذلك، عندما يواجهون قضايا أساسية تتعلق بالصواب والخطأ، وفي الأمور التي لها تأثير على مصالح بيت الله، إذا استطاع هؤلاء الناس أن يتخذوا بعض الخيارات المناسبة ويتخلوا عن فلسفات التعاملات الدنيوية التي يضمرونها في قلوبهم من قبيل: "التناغم كنز والصبر ذكاء"، من أجل الحفاظ على مصالح بيت الله وتقليل تعدياتهم وتقليل أفعالهم الشريرة أمام الله؛ فكيف سينفعهم ذلك؟ على أقل تقدير، عندما يحدد الله عاقبة كل شخص في المستقبل، سيخفف ذلك من عقابهم ويقلل من تأنيب الله لهم. من خلال الممارسة بهذه الطريقة، ليس لدى هؤلاء الناس شيء يخسرونه ويربحون كل شيء، أليس كذلك؟ إذا أُجبروا على التخلي تمامًا عن فلسفاتهم للتعاملات الدنيوية، فلن يكون الأمر سهلًا عليهم، لأن الأمر يتعلق بجوهر إنسانيتهم، وهؤلاء الأحجار الزلقة الذين يظلون على الحياد من الجميع لا يقبلون الحق على الإطلاق. ليس من البسيط والسهل عليهم أن يتخلوا عن الفلسفات الشيطانية التي كيّفتهم عليها عائلاتهم، لأنهم – حتى لو نحينا جانبًا تأثيرات التكييف هذه من عائلاتهم – هم أنفسهم مؤمنون مهووسون بالفلسفات الشيطانية، ويحبون هذا النهج في التعامل مع العالم، وهو نهج فردي وذاتي للغاية. ولكن إذا كان هؤلاء الأشخاص أذكياء، إذا تخلوا عن بعض هذه الممارسات للدفاع عن مصالح بيت الله بشكل مناسب، ما دامت مصالحهم الخاصة غير مهددة أو متضررة، فهذا في الواقع أمر جيد بالنسبة إليهم، لأنه على أقل تقدير يمكن أن يخفف من ذنبهم، ويقلل من تأنيب الله لهم، بل يمكن حتى أن يقلب الوضع، بحيث إنَّ الله يكافئهم ويتذكرهم بدلاً من أن يؤنبهم. كم سيكون ذلك رائعًا! ألن يكون هذا شيئًا جيدًا؟ (بلى). بهذا نختتم شركتنا حول هذا الجانب.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.