كيفية السعي إلى الحق (19) الجزء الثاني
أين توقفنا في شركتنا في الاجتماع الأخير؟ (في الاجتماع الأخير، عقد الله شركة عن "تخلي المرء عن الأعباء التي تأتي من عائلته". أحد جوانب هذا هو التخلي عن توقعات المرء من أبنائه. شرح الله لنا هذا على مرحلتين: إحداهما تتعلق بسلوك الآباء والأمهات بينما لا يزال أولادهم قاصرين، وتتعلق الأخرى بسلوكهم عندما يصبح أولادهم راشدين. وأيًا كان عمر أبنائهم، سواء كانوا راشدين أم لا، فإن سلوك الآباء وتصرفاتهم في الواقع يتعارضان مع سيادة الله وترتيباته. يرغب الوالدان دائمًا في التحكم في قدر أبنائهم والتدخل في حياتهم، لكن لا يمكن لهم تحديد الطريق الذي يختاره الأبناء والمساعي التي تكون لديهم. لا يمكن للوالدين التحكم في أقدار الأبناء. كما أشار الله إلى وجهة النظر الصحيحة التي يجب أن ننظر من خلالها إلى الأمور: أيًا كانت مرحلة حياة الطفل، يكفي أن يتمم الوالدان مسؤولياتهما، ويتعلق الباقي بالخضوع لسيادة الله وترتيباته وما قدره مسبقًا). لقد عقدنا شركة في المرة الماضية عن حقيقة أن الناس يجب أن يتخلوا عن توقعات الوالدين لأبنائهم. بالطبع، هذه التوقعات مدفوعة بإرادة الإنسان وفكره، وهي لا تتماشى مع حقيقة أن الله يرتب قدر الإنسان. هذه التوقعات ليست جزءًا من مسؤولية الإنسان، بل هي شيء يجب على الناس التخلي عنه. مهما كان مدى عظمة توقعات الآباء لأبنائهم، ومهما كان الآباء يظنون أن توقعاتهم لأبنائهم صائبة وملائمة، فما دامت هذه التوقعات تتعارض مع حقيقة أن الله هو صاحب السيادة على قدر الإنسان، فهي شيء يجب على الناس التخلي عنه. ويمكن القول إن هذا أيضًا أمر سلبي؛ فهو ليس ملائمًا ولا إيجابيًا، ويتنافى مع مسؤوليات الوالدين ويتجاوز نطاق تلك المسؤوليات، ويشكّل توقعات ومطالب غير واقعية تتنافى مع الإنسانية. وقد عقدنا شركة في المرة السابقة حول بعض التصرفات والسلوكيات غير السوية، وبعض السلوكيات المتطرفة التي يقوم بها الآباء تجاه أبنائهم الذين لم يبلغوا سن الرشد بعد، والتي تؤدي إلى كافة أنواع التأثيرات والضغوط السلبية على أبنائهم، مما يدمر سلامتهم الجسدية، والعقلية، والروحية. تشير هذه الأمور إلى أن ما يفعله الآباء غير لائق وغير مناسب. هذه هي الأفكار والأفعال التي يجب على الأشخاص الذين يسعون إلى الحق أن يتخلوا عنها، لأنها، من وجهة النظر الإنسانية، طريقة قاسية وغير إنسانية لتدمير سلامة الطفل الجسدية والعقلية. لذا فإن ما يجب على الآباء والأمهات القيام به تجاه أبنائهم الذين لم يبلغوا سن الرشد بعد هو الوفاء بمسؤولياتهم، وليس التخطيط لمستقبلهم ومصيرهم والتحكم فيهما أو الترتيب لهما أو تحديدهما. ألم نذكر جانبين رئيسيين من جوانب وفاء الوالدين بمسؤولياتهما تجاه أطفالهما القاصرين في المرة السابقة؟ (بلى، لقد فعلنا). إذا جرى تنفيذ هذين الجانبين، ستكون قد أتممت مسؤوليتك. أما إذا لم يتم تنفيذهما، فحتى لو ربيت أبناءك ليصبحوا فنانين أو موهوبين، ستظل مسؤوليتك غير مكتملة. فمهما بذل الآباء والأمهات من جهد في تربية أبنائهم، سواء كان ذلك يعني أن يشيبوا من القلق، أو أن يصبحوا منهكين إلى حد المرض، ومهما كان الثمن الذي دفعوه كبيرًا، أو مهما بذلوا من جهد، أو بذلوا من مال، فلا يمكن اعتبار أي من ذلك وفاءً بالمسؤولية. إذن، ماذا يعني قولي إن على الوالدين الوفاء بمسؤولياتهما تجاه أطفالهما الصغار؟ ما هما الجانبان الرئيسيان؟ من يتذكرهما؟ (في المرة السابقة عقد الله شركة حول مسؤوليتين. إحداهما هي العناية بصحة الطفل البدنية، والأخرى توجيهه وتعليمه ومساعدته في صحته الذهنية). الأمر بسيط للغاية. في الواقع، إن العناية بصحة الطفل البدنية أمر سهل؛ فقط لا تدعه يصاب بالكثير من الصدمات، أو الكدمات، أو يأكل أشياء ضارة، ولا تفعل أي شيء يؤثر سلبًا على نموه، وعلى الوالدين أن يحرصا قدر المستطاع على أن يحصل على ما يكفي من الطعام، وأن يأكل جيدًا وبصورة صحية، وأن يحصل على الراحة المناسبة، وأن يبقى خاليًا من المرض أو لا يمرض إلا في أحيان قليلة، وأن يحصل على العلاج في الوقت المناسب عندما يمرض. هل يمكن لمعظم الآباء تحقيق هذه المعايير؟ (نعم). هذا شيء يمكن للبشر تحقيقه، فالمهام التي يكلف الله بها الناس سهلة. لأن الحيوانات يمكنها تحقيق هذه المعايير أيضًا، فإذا كان البشر غير قادرين على تحقيقها، ألا يكونون أسوأ من الحيوانات؟ (بلى، يكونون كذلك). إذا كانت الحيوانات تستطيع تحقيق هذه الأشياء، ولكن البشر لا يستطيعون ذلك، فهم حقًا مثيرون للشفقة. هذه هي المسؤولية التي تقع على عاتق الآباء تجاه صحة الأبناء الجسدية. وفيما يتعلق بالصحة الذهنية للأبناء، فإن هذه أيضًا إحدى المسؤوليات التي يجب على الآباء والأمهات تتميمها أثناء تربية الأطفال الصغار. فبعد أن يكون أطفالهم أصحاء جسديًا، يجب على الوالدين أيضًا تعزيز صحتهم الذهنية وصحة أفكارهم، والتأكد من أنهم يفكرون في المشكلات بطرق واتجاهات إيجابية ونشطة ومتفائلة، حتى يتمكنوا من عيش حياة أفضل ولا يكونوا متطرفين أو عرضة للانحرافات أو عدائيين. وماذا أيضًا؟ يجب أن يكونوا قادرين على أن يكبروا ليكونوا طبيعيين، وأصحاء، وسعداء. على سبيل المثال، عندما يبدأ الأطفال في فهم ما يقوله آباؤهم ويمكنهم إجراء محادثات بسيطة وطبيعية معهم، وعندما يبدؤون في إظهار اهتمامهم بأشياء جديدة، يمكن للآباء أن يقصوا عليهم قصص الكتاب المقدس أو مشاركة قصص بسيطة عن كيفية التصرف لإرشادهم. بهذه الطريقة، يمكن للأطفال أن يفهموا ما تعنيه كيفية التصرف وما يجب فعله ليكونوا أطفالًا صالحين وأشخاصًا صالحين. هذا شكل من أشكال التوجيه العقلي للأطفال. لا ينبغي أن يخبرهم الآباء والأمهات بأن عليهم أن يربحوا الكثير من المال عندما يكبرون أو أن يصبحوا مسؤولين رفيعي المستوى، مما يمنحهم ثروة لا نهاية لها ويمنعهم من المعاناة أو القيام بالأعمال اليدوية الشاقة، ويمنحهم السلطة والمكانة ليتسلطوا على الآخرين. يجب عليهم ألا يغرسوا مثل هذه الأمور السلبية في أطفالهم، بل يجب أن يشاركوا معهم الأمور الإيجابية. أو عليهم أن يحكوا لأطفالهم قصصًا تتناسب مع أعمارهم وتحمل رسالة تربوية إيجابية. على سبيل المثال، تعليمهم ألا يكذبوا وألا يكونوا أطفالًا كاذبين، وإفهامهم أن على المرء أن يتحمل عواقب الكذب، وتوضيح موقفهم من الكذب، والتأكيد على أن الأطفال الذين يكذبون هم أطفال سيئون، وأن الناس لا يحبون مثل هؤلاء الأطفال. على أقل تقدير، يجب أن يعلموا أطفالهم أن عليهم أن يكونوا صادقين. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على الآباء والأمهات منع أطفالهم من تطوير أفكار أصولية أو متطرفة. كيف يمكن منع ذلك؟ يجب على الآباء أن يعلموا أطفالهم أن يكونوا متسامحين تجاه الآخرين، وأن يتحلوا بالصبر والمغفرة، وألا يكونوا عنيدين أو أنانيين عندما تطرأ الأمور، وأن يتعلموا أن يكونوا لطفاء ومتناغمين في تعاملهم مع الآخرين؛ فإذا واجهوا أشخاصًا أشرارًا أو سيئين يحاولون إيذاءهم، يجب أن يتعلموا الانسحاب بدلًا من معالجة الموقف بالمواجهة والعنف. يجب على الوالدين تجنب زرع بذور أو أفكار الميول العنيفة في عقول أطفالهم الصغار. يجب أن يوضحوا لهم أن العنف ليس من الأمور التي يحبها الآباء، وأن الأطفال الذين يميلون إلى العنف ليسوا أطفالًا صالحين. إذا كان لدى الناس ميول عنيفة، فقد يتحولوا في نهاية المطاف إلى ارتكاب الجرائم ويواجهوا الزجر المجتمعي والعقاب وفقًا للقانون. الأشخاص ذوو الميول العنيفة ليسوا أشخاصًا صالحين، وليسوا أشخاصًا يحظون باحترام المجتمع. ومن ناحية أخرى، يجب على الآباء والأمهات تعليم أطفالهم الاعتماد على أنفسهم. لا ينبغي أن يتوقع الأطفال أن يأتيهم الطعام والملبس، بل يجب أن يتعلموا أن يقوموا بالأشياء بأنفسهم كلما كانوا قادرين أو يعرفون كيف يفعلونها، وتجنب عقلية الكسل المستمرة. يجب على الآباء والأمهات توجيه أطفالهم بطرق مختلفة لفهم هذه الأمور الإيجابية والصحيحة. وبالطبع، عندما يرى الوالدان أشياء سلبية تحدث أو تنشأ، يجب عليهم ببساطة أن يخبروا أطفالهم أن هذا السلوك ليس جيدًا، وأن هذا ليس من شيم الأطفال الصالحين، وأنهم هم أنفسهم لا يحبون مثل هذا السلوك، وأن الأطفال الذين يفعلون ذلك قد يواجهون عقوبة قانونية والجزاء والقصاص في المستقبل. باختصار، يجب على الآباء والأمهات أن ينقلوا لأبنائهم المبادئ الأساسية والأكثر بساطة لكيفية التصرف والسلوك. على أقل تقدير، يجب أن يتعلم الصغار، وهم لم يبلغوا سن الرشد بعد، ممارسة التمييز، والتفريق بين الخير والشر، ومعرفة الأفعال التي تحدد الشخص الصالح مقابل الشخص السيئ، وما هي الأشياء التي تدل على سلوك الشخص الصالح، والأفعال التي تعتبر شريرة وتدل على سلوك الشخص السيئ. هذه هي الأشياء الأساسية التي يجب أن يتعلموها. وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن يفهم الأطفال أن بعض السلوكيات محتقرة من الآخرين، مثل السرقة أو أخذ ممتلكات الآخرين دون إذن، واستخدام ممتلكاتهم دون موافقة، ونشر الإشاعات، وزرع الفتنة بين الناس. هذه الأفعال وما شابهها كلها تدل على سلوك شخص سيئ، وهي أمور سلبية ولا ترضي الله. وعندما يكبر الأطفال قليلًا، يجب تعليمهم ألا يكونوا عنيدين في أي شيء يفعلونه، وألا يفقدوا الاهتمام بسرعة، وألا يكونوا متهورين أو متسرعين. يجب أن يفكروا في عواقب أي عمل قد يقومون به، وإذا علموا أن هذه العواقب قد تكون غير مواتية أو كارثية، فعليهم أن يكفوا أيديهم، وألا يسمحوا للمكاسب أو الرغبات أن تتحكم في عقولهم. يجب على الآباء والأمهات أيضًا تعليم أطفالهم بشأن الكلمات والأفعال النمطية للأشخاص السيئين، وتزويدهم بفهم أساسي للأشخاص السيئين والمعايير التي يمكن قياسهم عليها. يجب أن يتعلموا ألا يثقوا في الغرباء أو وعودهم بسهولة كبيرة، وألا يقبلوا الأشياء من الغرباء دون حذر. يجب تعليمهم كل هذه الأشياء، لأن العالم والمجتمع شريرين ومليئين بالمكائد. لا ينبغي أن يضع الأطفال ثقتهم في أي شخص بسهولة، وينبغي تعليمهم أن يميزوا الأشرار والسيئين، وأن يحذروا من الأشرار ويبتعدوا عنهم، حتى يتجنبوا الوقوع في فخهم أو الانخداع بهم. يجب على الآباء والأمهات أن يرشدوا أطفالهم ويوجهوهم بمنظور إيجابي خلال سنوات تكوينهم فيما يتعلق بهذه الدروس الأساسية. من ناحية، ينبغي عليهم أن يسعوا جاهدين لضمان أن ينمو أطفالهم ليكونوا بصحة جيدة وأقوياء أثناء تنشئتهم، ومن ناحية أخرى، ينبغي عليهم تعزيز النمو العقلي السليم لأطفالهم. ما هي علامات العقل السليم؟ هي أن يكون لدى الشخص المنظور الصحيح للحياة ويمكنه أن يسلك الطريق الصحيح. حتى وإن لم يؤمن بالله، لا يزال يتجنب اتباع الاتجاهات الشريرة خلال سنوات تكوينه. وإذا لاحظ الآباء والأمهات أي انحراف لدى أبنائهم، فعليهم أن يسارعوا إلى مراجعة سلوكهم وتقويمه، وتوجيه أبنائهم التوجيه الصحيح. على سبيل المثال، إذا تعرض الأبناء في سنواتهم الأولى لأمور معينة تحدث بوصفها جزءًا من الاتجاهات الشريرة أو بعض الحجج أو الأفكار والآراء الخاطئة في سنواتهم الأولى، فقد يتبعونها أو يقلدونها إن لم يكن لديهم تمييز. يجب على الوالدين اكتشاف هذه الأمور في وقت مبكر وتقديم التصحيح الفوري والتوجيه الدقيق. هذه مسؤوليتهم أيضًا. الهدف باختصار هو ضمان أن يكون لدى الأطفال اتجاه أساسي وإيجابي وصحيح للنمو في أفكارهم، وتصرفاتهم، ومعاملتهم للآخرين، وإدراكهم لمختلف الأشخاص والأحداث والأشياء، حتى يتطوروا في اتجاه بنّاء وليس في اتجاه شرير. على سبيل المثال، غالبًا ما يقول غير المؤمنين: "الحياة والموت مقدران سلفًا، والثروة والشرف تقررهما السماء". إن مقدار المعاناة والمتعة التي يجب أن يختبرها الإنسان في الحياة مقدر مسبقًا من الله ولا يمكن لبشر تغييره. من ناحية، يجب على الآباء والأمهات أن يطلعوا أبناءهم على هذه الحقائق الموضوعية، ومن ناحية أخرى، أن يعلموهم أن الحياة ليست مجرد احتياجات جسدية فقط، وبالتأكيد ليست متعة. هناك أشياء أكثر أهمية للناس في هذه الحياة من الأكل والشرب والسعي وراء الترفيه؛ يجب أن يؤمنوا بالله، ويسعوا إلى الحق، ويسعوا إلى تخليص الله لهم. إذا كان الناس يعيشون فقط من أجل المتعة والأكل والشرب والسعي وراء متعة الجسد، فهم مثل الموتى الأحياء، وحياتهم لا قيمة لها على الإطلاق. إنهم لا ينتجون أي قيمة إيجابية أو ذات معنى، ولا يستحقون أن يعيشوا أو حتى أن يكونوا بشرًا. حتى لو كان الطفل لا يؤمن بالله، فعلى الأقل فليكن شخصًا صالحًا وشخصًا يقوم بواجبه الصحيح. بالطبع، إذا اختاره الله وكان على استعداد للمشاركة في الحياة الكنسية والقيام بواجبه الخاص عندما يكبر، فهذا أفضل. إذا كان أولادهم هكذا، فعلى الآباء والأمهات أن يقوموا بمسؤولياتهم تجاه أولادهم القاصرين استنادًا بشكل أكبر إلى المبادئ التي أوصى الله بها الناس. إذا كنت لا تعرف ما إذا كانوا سيؤمنون بالله أو إن كان الله سيختارهم، فعلى الأقل يجب عليك الوفاء بمسؤولياتك تجاه أطفالك خلال سنوات تكوينهم. وحتى لو كنت لا تعرف هذه الأشياء أو كنت غير قادر على فهمها، فينبغي عليك مع ذلك القيام بهذه المسؤوليات. يجب أن تبذل قصارى جهدك للقيام بما يتوجب عليك من التزامات ومسؤوليات، ومشاركة ما تعرفه من أفكار إيجابية وأشياء إيجابية مع أطفالك. على أقل تقدير، تأكد من أن نموهم الروحي يسير في اتجاه بنّاء، وأن عقولهم نظيفة وسليمة. لا تجعلهم يتعلمون كل أنواع المهارات والمعارف منذ الصغر في إطار توقعاتك وتربيتك أو حتى قهرك. بل والأخطر من ذلك أن بعض الآباء والأمهات يرافقون أبناءهم عند مشاركتهم في عروض المواهب المختلفة والمسابقات الأكاديمية أو الرياضية، ويتابعون كل أنواع التوجهات الاجتماعية ويذهبون إلى المناسبات مثل جلسات الاستماع الصحفية والتوقيعات والجلسات الدراسية، وحضور ما يشاءون من مسابقات وخطابات القبول في حفلات توزيع الجوائز وغيرها. كآباء، على أقل تقدير يجب ألا يسمحوا لأبنائهم باتباع خطاهم بالقيام بهذه الأشياء بأنفسهم. إذا أحضر الوالدان أطفالهما إلى مثل هذه الأنشطة، فمن الواضح من ناحية أنهما لم يفيا بمسؤولياتهما كوالدين؛ ومن ناحية أخرى، فإنهما يقودان أطفالهما علانية إلى طريق اللاعودة، ويعيقان نموهم العقلي البنّاء. إلى أين قاد هؤلاء الآباء أطفالهم؟ لقد قادوهم إلى اتجاهات شريرة. هذا شيء لا ينبغي أن يفعله الآباء. وعلاوة على ذلك، فيما يتعلق بالمسارات المستقبلية التي سيسلكها أبناؤهم والمهن التي سيسعون إليها، يجب على الآباء ألا يغرسوا أشياء مثل: "انظروا إلى فلان، إنه عازف بيانو بدأ العزف على البيانو في سن الرابعة أو الخامسة. لم ينغمس في اللعب، ولم يكن لديه أصدقاء أو ألعاب، وكان يتدرب على عزف البيانو كل يوم. كان والداه يرافقانه إلى دروس البيانو، واستشاروا العديد من المعلمين، وأشركوه في مسابقات البيانو. انظروا إلى ما هو عليه الآن من شهرة؛ فهو الآن يأكل جيدًا، ويرتدي ملابس أنيقة، وتحيطه هالة من النور ويحظى بالاحترام أينما ذهب". هل هذا هو نوع التعليم الذي يعزز النمو الصحي لعقل الطفل؟ (لا، ليس كذلك). أي نوع من التعليم هو إذن؟ إنه تعليم الشيطان. هذا النوع من التعليم يضر بعقل أي صغير. إنه يشجعه على التطلع إلى الشهرة، والطمع في مختلف هالات الشهرة والأوسمة والمناصب والمتع. إنه يجعله يتوق إلى هذه الأشياء ويسعى وراءها منذ صغره، ويدفعه إلى القلق والتخوف الشديد، بل ويجعله يدفع كل ثمن للحصول عليها، فيستيقظ مبكرًا ويعمل لوقت متأخر لمراجعة واجباته المدرسية ودراسة المهارات المختلفة، ويضيع سنوات طفولته، ويستبدل تلك السنوات الثمينة بهذه الأشياء. وفيما يتعلق بما تروج له الاتجاهات الشريرة، فإن الأطفال دون السن القانونية لا يملكون القدرة على مقاومتها أو تمييزها. لذا، يجب على الآباء والأمهات باعتبارهم أوصياء على أبنائهم القاصرين الوفاء بهذه المسؤولية من خلال مساعدتهم على تمييز وجهات النظر المختلفة التي تأتي من الاتجاهات الشريرة في العالم وكل الأشياء السلبية ومقاومتها. يجب عليهم توفير التوجيه والتعليم الإيجابيين. بالطبع، لكل شخص تطلعاته الخاصة، وقد يظل بعض الأطفال الصغار يرغبون في بعض المساعي المعينة حتى لو لم يشجعهم آباؤهم عليها. دعهم يتمنون ما يريدون، وعلى الوالدين الوفاء بمسؤولياتهما. وبصفتك أب أو أم، يقع على عاتقك التزام ومسؤولية تنظيم أفكار أطفالك وتوجيههم في اتجاه إيجابي وبنّاء. أما من جهة اختيارهم أن يستمعوا إليك أو إذا ما أرادوا أن يتصرفوا وفقًا لتعاليمك عندما يكبرون، فهذا خيارهم الشخصي، الذي لا يمكنك التدخل فيه أو التحكم فيه. باختصار، تقع على عاتق الوالدين خلال سنوات تكوين أطفالهم مسؤولية والتزام بغرس مختلف الأفكار ووجهات النظر وأهداف الحياة الصحية والسليمة والإيجابية في عقول أبنائهم. هذه هي مسؤولية الوالدين.
يقول بعض الآباء: "لا أعرف حتى كيف أعلّم أبنائي. لقد كنت مشوشًا منذ كنت طفلًا، أفعل كل ما يأمرني به والداي دون أن أميز بين الصواب والخطأ. وحتى الآن، لا زلت لا أعرف كيف أعلّم الأطفال". لا تقلق بشأن عدم المعرفة؛ فهذا ليس بالضرورة أمرًا سيئًا. الأسوأ هو عندما تعرف بالفعل، ولكنك لا تطبق على أرض الواقع، وتظل تعلم أولادك فقط من أجل التفوق، وتقول: "لم أعد بارعًا، ولكنني أريد أن يتفوق أولادي عليَّ. إن الجيل الأصغر سنًا ينعمون بخير من هم أكبر منهم سنًا، ويجب أن يتفوقوا عليهم. أنا أشغل حاليًا منصب رئيس قسم؛ لذلك يجب أن يكون ابني عمدة أو محافظًا أو حتى يرتقي إلى مستويات حكومية أعلى أو يصبح رئيسًا". ليست هناك حاجة إلى قول أي شيء آخر لمثل هؤلاء الناس. نحن لا نتعامل مع مثل هؤلاء الأشخاص. المسؤولية الأبوية التي نتحدث عنها هي مسؤولية إيجابية واستباقية وتتعلق بالحق. للباحثين عن الحق، إذا كنت ترغب في الوفاء بمسؤوليتك تجاه أطفالك، ولكنك غير متأكد من كيفية الوفاء بهذه المسؤولية، فابدأ بالتعلم من البداية؛ الأمر سهل. تعليم الكبار ليس بالأمر السهل، لكن تعليم الأطفال سهل، أليس كذلك؟ تعلّم وعلّم في الوقت نفسه، وعلّم ما تعلمته للتو. أليس هذا سهلًا؟ تعليم أطفالك سهل. والأفضل من ذلك أن تفي بمسؤوليتك فيما يتعلق بصحة أطفالك الذهنية. حتى لو لم تتمكن من القيام بذلك على أكمل وجه، فهو أفضل من عدم تعليمهم على الإطلاق. الأطفال صغار وسذج، فإذا تركتهم يستقون معلوماتهم من التلفاز ومختلف المصادر، ويسعون إلى ما يحلو لهم، ويفكرون ويتصرفون كما يحلو لهم دون تعليم أو تنظيم، فأنت لم تؤد مسؤوليتك كأب أو أم. لقد أخفقت في واجبك، ولم تضطلع بمسؤوليتك والتزامك. إذا كان على الآباء والأمهات أن يفوا بمسؤوليتهم تجاه أبنائهم، فلا يمكن أن يكونوا سلبيين، بل عليهم أن ينشطوا في دراسة بعض المعارف والتعلم، التي يمكن أن تساعد في رعاية الصحة الذهنية لأبنائهم أو بعض المبادئ الأساسية المتعلقة بالحق، منذ البداية. هذه كلها أمور ينبغي على الوالدين القيام بها: إنها تسمى الوفاء بالمسؤولية. وبالطبع، لن يكون تعلمك عبثًا. فخلال عملية التعلم وتعليم أطفالك، ستربح أنت أيضًا شيئًا ما. لأنه أثناء تعليمك لأطفالك كيف ينمون صحتهم الذهنية في اتجاه بنّاء، ستتصل حتمًا كشخص راشد ببعض الأفكار الإيجابية وتتعرف عليها. وعندما تقارب هذه الأفكار أو المبادئ والمعايير الإيجابية الخاصة بالسلوك والتصرف بدقة وجدية، ستربح دون وعي شيئًا ما؛ لن يذهب الأمر هباءً. إن الوفاء بمسؤوليتك تجاه أبنائك ليس أمرًا تقوم به من أجل الآخرين، بل ينبغي أن تقوم به بسبب علاقتك العاطفية بهم وصلة الدم. حتى لو تصرف أطفالك أو سلكوا بطريقة لا تلبي توقعاتك بعد قيامك بذلك، فعلى الأقل ستكون قد ربحت شيئًا ما. أنت تعرف ما يعنيه تعليم أطفالك والوفاء بمسؤوليتك تجاههم. لقد أوفيت بمسؤوليتك بالفعل. أما بالنسبة إلى المسارات التي سيختار أبناؤك اتباعها فيما بعد، وكيف سيختارون أن يتصرفوا، والأقدار التي تنتظرهم في الحياة، فهذا لم يعد من شأنك. عندما يصلون إلى مرحلة الرشد، لا يسعك إلا أن تقف متفرجًا وتراقب كيف تتكشف حياتهم وقدرهم. لم يعد لديك التزام أو مسؤولية للمشاركة. إذا لم تقدم لهم الإرشاد والتعليم والحدود في أمور معينة عندما كانوا قاصرين في الوقت المناسب، فقد تندم على ذلك عندما يقولون أو يفعلون أشياء غير متوقعة أو يظهرون أفكارًا وسلوكيات لم تتوقعها عندما يكبرون. على سبيل المثال، عندما كانوا صغارًا، كنتَ تقوم بتعليمهم باستمرار، قائلًا: "ادرسوا بجد، التحقوا بالكلية، اسعوا إلى الدراسات العليا أو الدكتوراه، اعثروا على وظيفة جيدة، اعثروا على شريك جيد للزواج وتكوين أسرة، وبعد ذلك ستكون الحياة جيدة". من خلال تعليمك وتشجيعك ومختلف صور الضغط، عاشوا واتبعوا المسار الذي حددته لهم وحققوا ما كنت تتوقعه كما تمنيت، والآن هم غير قادرين على العودة إلى الوراء. إذا كنت قد فهمت بعض الحقائق ومقاصد الله بسبب إيمانك، وبعد أن اكتسبت أفكارًا ووجهات نظر صحيحة، تحاول الآن أن تخبرهم ألا يسعوا وراء هذه الأشياء بعد الآن، فمن المحتمل أن يردوا عليك قائلين: "ألست أفعل ما أردته تمامًا؟ ألم تعلمني هذه الأشياء عندما كنت صغيرًا؟ ألم تطلب مني هذا؟ لماذا تمنعني الآن؟ هل ما أفعله خطأ؟ لقد حققت هذه الأشياء وأنا قادر على الاستمتاع بها الآن؛ ينبغي أن تشعر بالسعادة والرضا والفخر بي، أليس كذلك؟" كيف ستشعر عند سماع هذا؟ هل ينبغي أن تكون سعيدًا أم باكيًا؟ ألن تشعر بالندم؟ (بلى). لا يمكنك استعادتهم الآن. إذا لم تكن قد علَّمتهم بهذه الطريقة عندما كانوا صغارًا، إذا كنت قد منحتهم طفولة سعيدة دون أي ضغط، دون أن تعلمهم أن يكونوا متفوقين على البقية، أو أن يتقلدوا منصبًا رفيعًا أو يجنوا الكثير من المال، أو أن يسعوا وراء الشهرة والربح والمكانة، لو كنت قد تركتهم لمجرد أن يكونوا صالحين، أناسًا عاديين، دون أن تطلب منهم أن يكسبوا الكثير من المال، أو أن يستمتعوا بالكثير، أو أن يعيدوا إليك الكثير، ولا تطلب منهم سوى أن يكونوا أصحاء وسعداء، أن يكونوا أفرادًا بسطاء وسعداء، فربما كانوا سيتقبلون بعض الأفكار ووجهات النظر التي أصبحت تحملها بعد الإيمان بالله. حينئذ، ربما كانت حياتهم ستكون سعيدة الآن، مع ضغط أقل من الحياة والمجتمع. وعلى الرغم من أنهم لم يربحوا الشهرة والمكسب، كانت قلوبهم على الأقل ستشعر بالسعادة، والهدوء، والسلام. لكن خلال سنوات نموهم، وبسبب تحريضك وحثك المتكرر، وتحت ضغطك، سعوا بلا هوادة وراء المعرفة، والمال، والشهرة، والربح. وفي نهاية الأمر، اكتسبوا الشهرة والربح والمكانة، وتحسنت حياتهم، واستمتعوا بالمزيد، وكسبوا المزيد من المال، لكن حياتهم مرهقة. في كل مرة تراهم فيها، ترتسم على وجوههم نظرة متعبة. ولا يجرؤون على خلع أقنعتهم والاعتراف بأنهم متعبون ويريدون الراحة إلا عندما يعودون إلى المنزل، ويعودون إليك. ولكن بمجرد أن يخرجوا من المنزل، لا يعودون كما كانوا، بل يرتدون القناع مرة أخرى. تنظر إلى تعابير وجوههم المتعبة والمثيرة للشفقة، وترثي لحالهم، لكنك لا تقوى على جعلهم يتراجعون. لم يعد هذا بإمكانهم. كيف حدث هذا؟ ألا يتعلق الأمر بتربيتك لهم؟ (بلى). لم يكن أي من هذا شيئًا عرفوه بشكل طبيعي أو سعوا إليه منذ صغرهم؛ فله علاقة أكيدة بتربيتك لهم. ألا تشعر بالضيق عندما ترى وجوههم، وعندما ترى حياتهم في هذه الحالة؟ (بلى). لكنك عاجز؛ كل ما تبقى هو الأسف والحزن. قد تشعر أن الشيطان استولى تمامًا على ابنك، وأنه غير قادر على العودة، وليس لديكَ أي قوة لإنقاذه. هذا لأنك لم تفي بمسؤوليتك كوالد. أنت الذي أضررت به، أنت الذي ضللته بتعليمك وتوجيهك الأيديولوجي المعيب. لا يمكنه العودة أبدًا، وفي النهاية لا يبقى لك سوى الندم. أنت تنظر بلا حول ولا قوة بينما يعاني ابنك الذي أفسده هذا المجتمع الشرير، وأرهقته ضغوط الحياة، وليس لديك أي وسيلة لمساعدته. كل ما يمكنك قوله هو: "تعال إلى المنزل كثيرًا، وسأطبخ لك شيئًا لذيذًا". ما هي المشكلات التي يمكن لوجبة طعام أن تحلها؟ لا يمكن أن تحل أي شيء. لقد نضجت أفكاره وتبلورت بالفعل، وهو ليس على استعداد للتخلي عن الشهرة والمكانة التي حققها. لا يمكنه سوى المضي قدمًا وعدم العودة إلى الوراء أبدًا. هذه هي النتيجة الخبيثة لتوجيه الآباء والأمهات التوجيه الخاطئ وغرس الأفكار الخاطئة في أبنائهم خلال سنوات تكوينهم. لذا، يجب على الآباء والأمهات خلال هذه السنوات أن يوفوا بمسؤوليتهم ويوجهوا الصحة الذهنية لأبنائهم ويوجهوا أفكارهم وأفعالهم في اتجاه بنّاء. هذه مسألة في غاية الأهمية. قد تقول: "أنا لا أعرف الكثير عن تعليم الأطفال"، ولكن ألا يمكنك حتى الوفاء بمسؤوليتك؟ إذا كنت تفهم حقًا العالم وهذا المجتمع، وإذا كنت تدرك حقًا ما هي الشهرة والربح، وإذا كنت تستطيع حقًا التخلي عن الشهرة الدنيوية والربح، فينبغي عليك حماية أطفالك وعدم السماح لهم بتقبل هذه الأفكار الخاطئة من المجتمع بسرعة كبيرة خلال سنوات تكوينهم. على سبيل المثال، عندما يدخل بعض الأطفال المرحلة الإعدادية، يبدؤون في ملاحظة أشياء مثل الأصول التي يمتلكها أحد أباطرة الأعمال التجارية التي تساوي مليارات الدولارات، ونوع السيارات الفارهة التي يمتلكها أغنى شخص في المنطقة، والمنصب الذي يشغله شخص آخر، ومقدار ما لديه من أموال، وعدد السيارات التي يوقفها أمام منزله، وأنواع الأشياء التي يستمتع بها. تبدأ عقولهم في التساؤل: "أنا في المرحلة الإعدادية الآن. ماذا لو لم أجد وظيفة جيدة بعد الجامعة؟ بدون وظيفة، ماذا سأفعل إذا لم أستطع شراء قصر وسيارات فارهة؟ كيف يمكنني أن أصبح استثنائيًا بدون مال؟". يبدأ في القلق والحسد لأولئك الذين يتمتعون بالوجاهة في المجتمع والذين يعيشون حياة البذخ والترف. وعندما يصبح الأطفال على دراية بهذه الأمور، يبدؤون في تلقي مختلف المعلومات والأحداث والظواهر من المجتمع، ويبدؤون في عقولهم الصغيرة في الشعور بالضغط والقلق، القلق على مستقبلهم والتخطيط له. في مثل هذه الحالة، ألا يجب على الآباء والأمهات أن يفوا بمسؤوليتهم ويوفروا لهم الراحة والتوجيه، ويساعدوهم على فهم كيفية النظر إلى هذه الأمور والتعامل معها بشكل صحيح؟ عليهم أن يحرصوا على ألا ينشغل أطفالهم بهذه الأمور منذ صغرهم، حتى يتمكنوا من تكوين وجهة النظر الصحيحة تجاهها. أخبرني، كيف يجب على الآباء والأمهات التعامل مع هذه الأمور مع أطفالهم؟ ألا يتعرض الأطفال في الوقت الحاضر للعديد من جوانب المجتمع في سن مبكرة جدًا؟ (بلى). ألا يعرف الأطفال الكثير هذه الأيام عن المطربين، ونجوم السينما، ونجوم الرياضة، وكذلك مشاهير الإنترنت، وأباطرة الأعمال، والأثرياء، وأصحاب الملايين؛ كم يكسبون من المال، وماذا يرتدون، وما الذي يستمتعون به، وكم عدد السيارات الفارهة التي يمتلكونها، وما إلى ذلك؟ (بلى). لذلك، يجب على الآباء والأمهات في هذا المجتمع المعقد أن يفوا بمسؤوليتهم الأبوية، وأن يحموا أطفالهم ويوفروا لهم عقلًا سليمًا. عندما يصبح الأطفال على دراية بهذه الأمور أو يسمعون أي معلومات غير صحية ويتلقونها، ينبغي على الآباء والأمهات تعليمهم تنمية الأفكار ووجهات النظر الصحيحة حتى يتمكنوا من الابتعاد عن هذه الأمور في الوقت المناسب. على أقل تقدير، يجب على الوالدين أن يلقنوهم تعليمًا بسيطًا: "أنت لا تزال صغيرًا، وفي سنك هذه، مسؤوليتك هي أن تستذكر دروسك جيدًا وتتعلم ما تحتاج إلى تعلمه. لست بحاجة إلى التفكير في أشياء أخرى؛ أما كم ستكسب من المال أو ما ستشتريه، فلا يجب أن تهتم بهذه الأمور؛ فهي أمور لما بعد أن تكبر. في الوقت الراهن، ركز على أداء واجباتك المدرسية، وإنجاز الواجبات التي يكلفك بها معلموك، وتدبير أمور حياتك الخاصة. لست بحاجة إلى التفكير كثيرًا في أي شيء آخر. لن يكون قد فات الأوان للتفكير في هذه الأمور بعد دخولك إلى المجتمع والاحتكاك بها. الأمور التي تحدث الآن في المجتمع تخص الكبار. أنت لست راشدًا، لذا لا ينبغي لك أن تفكر فيها أو تشارك فيها. ركز الآن على أداء واجباتك المدرسية بشكل جيد، واستمع إلى ما نقوله لك. نحن كبار ونعرف أكثر منك، لذا ينبغي أن تستمع إلينا وإلى كل ما نقوله. إذا تعلمت عن تلك الأمور في المجتمع، واتبعتها وقلدتها، فلن يكون ذلك مفيدًا لدراستك وواجباتك المدرسية؛ فقد يؤثر ذلك على تعليمك. أما نوع الشخص الذي ستصبحه فيما بعد أو نوع المهنة التي ستحصل عليها، فهذه أمور يجب التفكير فيها لاحقًا. أما الآن، فمهمتك هي الاهتمام بدراستك. إذا لم تتفوّق في دراستك، فلن تنجح في تعليمك، ولن تكون طفلًا صالحًا. لا تفكر في الأمور الأخرى؛ فهي ليست ذات صلة بك. عندما تكبر، ستفهم هذه الأمور". أليس هذا أهم تعليم يجب أن يفهمه الناس؟ (بلى). فليعلم الأطفال هذا: "مهمتك الآن هي الاستذكار، وليس الأكل والشرب واللهو. إذا لم تستذكر، ستضيع وقتك وتهمل تعليمك. الأمور في المجتمع المتعلقة بالأكل والشرب والسعي وراء اللهو وأمور أخرى متنوعة كلها أمور تخص الكبار. يجب ألا ينخرط أولئك الذين لم يبلغوا سن الرشد بعد في تلك الأنشطة". هل هذه الكلمات سهلة القبول بالنسبة إلى الأطفال؟ (نعم). أنت لا تحرمهم من حقهم في معرفة هذه الأمور أو الشعور بالحسد تجاهها. في الوقت نفسه، أنت تشير إلى ما ينبغي عليهم القيام به. هل هذه طريقة جيدة لتعليم الأطفال؟ (نعم). هل هي طريقة بسيطة؟ (نعم). يجب على الآباء والأمهات أن يتعلموا أن يفعلوا ذلك، وأن يدرسوا بقدر ما يستطيعون كيفية تربية أولادهم القاصرين ورعايتهم حسب قدرتهم، وظروفهم، ومستوى قدراتهم، وعليهم أن يفوا بمسؤوليتهم تجاههم، وأن يقوموا بكل ذلك على قدر استطاعتهم. لا توجد معايير صارمة أو جامدة لهذا الأمر؛ فهو يختلف من شخص لآخر. تختلف الظروف العائلية لكل شخص عن الآخر، ويختلف مستوى قدرات كل شخص عن غيره. لذلك، عندما يتعلق الأمر بالوفاء بمسؤولية تعليم الأبناء، فلكل شخص طريقته الخاصة. ينبغي عليك القيام بكل ما هو فعال، وما يحقق النتائج المرجوة. ينبغي أن تتكيف مع شخصية أطفالك وعمرهم وجنسهم: قد يحتاج البعض إلى المزيد من الصرامة، بينما قد يحتاج البعض الآخر إلى أسلوب ألطف. قد يستفيد البعض من أسلوب أكثر تطلبًا، بينما قد يزدهر البعض الآخر في بيئة مريحة. ينبغي على الآباء تعديل أساليبهم بناءً على حالة أطفالهم الفردية. وعلى أي حال، فإن الهدف الأسمى هو ضمان صحتهم الذهنية وتوجيههم توجيهًا بنّاءً في أفكارهم ومعايير تصرفاتهم. لا تفرض أي شيء قد يتنافى مع الإنسانية، أو أي شيء يتعارض مع قوانين النمو الطبيعي أو يتجاوز ما يستطيعون تحقيقه في مرحلتهم العمرية الحالية أو حجم مستوى قدراتهم. عندما يتمكن الوالدان من القيام بكل هذا، سيكونان قد أتما مسؤوليتهما بالفعل. هل هذا صعب التحقيق؟ إنها ليست مسألة معقدة.
كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.