يجب أن يبدأ الإيمان بالله بإدراك الاتّجاهات الشريرةّ في العالم

على الرغم من إيمان بعض الشباب بالله، فمن الصعب عليهم التخلص من العادة السيئة المتمثلة في حب ممارسة ألعاب الحاسوب. ما أنواع الأشياء التي من شأن ألعاب الحاسوب أن تنطوي عليها؟ إنها تحتوي على قدر كبير من العنف. الألعاب – ذلك هو عالم إبليس. وبعد أن يمارس معظم الناس هذه الألعاب لمدة طويلة، لا يمكنهم القيام بعد ذلك بأي عمل حقيقي، ولا تعود لديهم رغبة في الدوام في المدرسة، أو العمل، أو التفكير بمستقبلهم، فضلًا عن الاهتمام بحياتهم. ما الأشياء التي تمتلئ بها قلوب الشباب في المجتمع الآن؟ إلى جانب الأكل والشرب والتسلية، تتعلق قلوبهم بممارسة الألعاب. فكل ما يقولونه أو يفكرون به سخيف ولا إنساني. لا يمكن للمرء حتى أن يستخدم كلمة "قذر" أو "شرير" لوصف الأشياء التي يفكرون فيها؛ فهي ليست أشياء ينبغي أن توجد لدى أناس ذوي إنسانية طبيعية، كما أنها جميعها أشياء سخيفة وغير إنسانية. إن تحدثتَ عن مسائل أو موضوعات لها صلة بالإنسانية الطبيعية، فإنهم لا يطيقون السماع بها؛ فهم لا يهتمون ولا يرغبون في الاستماع، حتى إنهم سيشعرون بنفور منك. كما أنهم لا يشتركون مع الناس العاديين بأي لغة أو موضوعات مشتركة، بل تتعلق موضوعاتهم جميعًا بالأكل والشرب والتسلية، وقلوبهم ملأى بالتوجهات الدنيوية، فأي فرص مستقبلية لديهم يا تُرَى؟ هل لديهم مستقبل؟ (كلا؛ فهؤلاء الأشخاص مآلهم إلى ضياع). "الضياع" كلمة مناسبة للغاية. ماذا يعني هذا؟ هل يمكنهم الانخراط في أنشطة تشارك فيها الإنسانية الطبيعية؟ (كلا). لا يبذل هؤلاء الأشخاص أي جهد في دراساتهم، وإن أراد أحد منهم الاجتهاد في أعمالهم، فهل لديهم استعداد لذلك؟ (كلا). بماذا يفكرون؟ يفكرون في أنفسهم: "ما فائدة العمل؟ هذا العمل مرهِق. ماذا يمكنني أن أربح من خلاله؟ لا شيء سوى التعب والألم. أما ممارسة الألعاب فهو أكثر تسلية واسترخاء ومتعة بدرجة كبيرة! عندما أكون أمام الحاسوب، وأعيش في عالم افتراضي، يكون لديّ كل شيء". إن جعلتهم يعملون من الساعة التاسعة حتى الخامسة، بحيث يصلون إلى مكان العمل في الوقت المحدد ويعملون ساعات ثابتة، فكيف سيكون شعورهم إزاء ذلك؟ هل سيكونون راغبين في الالتزام بذلك الجدول والتقيد على هذا النحو؟ (كلا). عندما يداوم الناس باستمرار على الألعاب وتبديد الوقت على الحاسوب، فسوف تختفي إرادتهم بعد فترة ويتدهورون. يستمتع غير المؤمنين باتباع الصَّرعات ويحبون الأزياء، ولا سيما الشباب، ولا يهتم غالبيتهم بوظائفهم المناسبة أو يسلكون المسار الصحيح، ويعجز آباؤهم عن تدبيرهم، ولا يستطيع أساتذتهم فعل شيء معهم، ولا يوجد أي شيء في النظام التعليمي بأي دولة يمكنه أن يفعل شيئًا حيال هذا التيار. يفعل الشيطان إبليس أمورًا لكي يغوي الناس ويوصلهم إلى الفساد الخُلُقي. فالأشخاص الذين يعيشون في العالم الافتراضي ليس لديهم اهتمام أيًّا كان بأي شيء له علاقة بحياة الإنسانية الطبيعية، فهم ببساطة ليسوا في حالة مزاجية للعمل أو الدراسة. وهمهم الوحيد هو ممارسة الألعاب، كما لو أن شيئًا ما يغريهم. لقد زعم العلماء أن الأشخاص الذين يمارسون الألعاب ما إن يتقمصون شخصية في إحدى الألعاب حتى تبدأ أدمغتهم في إفراز شيء يجعلهم متحمسين، بل ومتوهمين إلى حد ما، ثم يصبحون مدمنين على ممارسة الألعاب، ويفكرون دائمًا بممارستها. وكلما أصيبوا بالملل أو كانوا منهمكين في عمل مناسب ما، فإنهم يرغبون في ممارسة الألعاب بدلًا منه، وتدريجيًّا يصبح اللعب حياتهم كلها. تشبه ممارسة الألعاب تعاطي أحد أنواع المخدرات: فبمجرد إدمان المرء عليه يغدو من الصعب التخلي والابتعاد عنه؛ إنه يدمّره. وبمجرد أن يتعود المرء على هذه العادة السيئة، سواء كان شابًّا أو مسنًّا، يصعب عليه التخلص منها. يسهر بعض الأطفال ويلعبون الألعاب طوال الليل، وليلةً تلو الليلة، ولا يستطيع آباؤهم السيطرة عليهم أو مراقبتهم؛ وبالتالي ينتهي الأمر بالأطفال إلى الإفراط في ممارسة الألعاب على الحاسوب حتى الموت. كيف ماتوا يا تُرَى؟ تشير الأدلة العلمية إلى أن أدمغتهم تضررت؛ إذ ظلوا يلعبون حتى الموت. هل ستقولون إن ممارسة الألعاب هو أمر يفعله الأشخاص الطبيعيون؟ لو كانت الإنسانية الطبيعية للناس تحتاج إلى اللعب – أي إن كان هو السبيل السوي – فلماذا إذًا يعجز الناس عن التخلي عن ممارسته؟ كيف يمكن أن يأسرهم إلى هذه الدرجة؟ ثمة أمر واحد يثبته ذلك؛ وهو أن ممارسة الألعاب ليس بالأمر الجيد. فقضاء اليوم كله وإضاعته على شبكة الإنترنت والتصفح عبرها لأجل هذا الأمر وذاك، والنظر إلى أشياء غير صحية، وممارسة الألعاب – لا يمكن أن يؤدي اللعب بهذه الأشياء طوال اليوم إلّا إلى جعل الناس يهينون أنفسهم بأمور لا معنى لها، ويسببون للناس الأذى والضرر. ليس أي من هذه هو المسار الصحيح. في هذه الأيام يمارس جميع المراهقين والشباب والكهول وكبار السن ألعاب الفيديو، وأعداد الذين يمارسونها في تزايد. وعلى الرغم من أن معظم الناس يدركون أن هذا ليس بالأمر الجيد، فليس بوسعهم أن يتفادوه. تُلحق هذه الألعاب الضرر بالأجيال الشابة، وقد سببت الأذى لأناس عديدين جدًا. ومن أين تأتي الألعاب؟ ألا تأتي من الشيطان؟ يوجد بعض أنواع من السخفاء الذين يقولون: "ألعاب الفيديو هي رمز للتقدم العلمي الحديث؛ فهي إنجازات علمية". وماذا عن هذا التفسير؟ إنه مثير للاشمئزاز! فممارسة الألعاب ليس مسارًا جيدًا، وليس بالطريق الصحيح! هذه الممارسة للألعاب ليست مجرد مسألة اتباع التوجهات الاجتماعية، فحتى غير المؤمنين يقولون إن ممارسة الألعاب تقتل إحساسك بالهدف. إن كنت لا تستطيع التخلي عن شيء بهذه البساطة، ولا يمكنك السيطرة على نفسك في هذا الأمر، فأنت إذًا في خطر. في هذه الأيام، من الشائع أن يلعب الناس ألعاب الفيديو ويتعاطوا المخدرات، بصرف النظر عما إذا كانوا شبابًا أو شيبًا، والعالم بأجمعه على هذه الشاكلة. فمهما طالت مدة إيمانك بالله، إن لم تستطع حتى أن تسيطر على شيء مثل ممارسة ألعاب الفيديو، فإنك في يوم ما، عندما تشعر بأن الإيمان بالله غير مجدٍ ومسبب للملل والضجر، ألن تبدأ في تعاطي المخدرات وتجرب جميع أنواع المنشطات مثل غير المؤمنين؟ هذا أمر خطير لدرجة لا تُصدَّق! قد تؤمن بالله، ولكنك لا تملك أساسًا ولم تربح الحق؛ ولذلك فأنت لا تزال عرضة تمامًا لخطر خيانتك إياه. توجد غوايات كثيرة جدًا في هذا العالم الشرير، ويستخدم الشيطان جميع أنواع الطرق لإغراء الذين يؤمنون بالله دون أن يسعوا إلى الحق. إن لم تأكل وتشرب من كلام الله بانتظام، وكان قلبك وعقلك خاويًا في الغالب، فأنت في خطر عظيم. هل يعاني قلبك الفراغ معظم الوقت؟ فالشباب يعانون الفراغ في كثير من الأوقات! إنه لَمِنَ الخطورة بمكان أن تترك هذه المشكلة بلا حل. بما أنك تؤمن بالله، فعليك أن تقرأ المزيد من كلامه، وعندما تتمكن من قبول بعض الحق فسيكون ذلك بمثابة نقطة تحول، وستكون قادرًا على تجنب هذا الوقت الخطير وتصمد بثبات في الكنيسة.

يتزايد عدد الشباب الذين ينضمّون إلى بيت الله، وعدد قليل منهم في العشرينات من العمر. إنهم في مقتبل العمر، ولم يحددوا أهدافهم في الحياة بعدُ، وليس لديهم تطلعات، ولا يفهمون حتى الآن ماهية الحياة. وما الذي يتجلى في هؤلاء الأشخاص؟ لديّ عبارتان لكم: عنجهية الشباب وعدم التمييز. ولماذا أقول ذلك؟ دعوني أولًا أناقش ما تعنيه "عنجهية الشباب". هل يمكنكم إيضاح ما هي "عنجهية الشباب"؟ أي نوع من الشخصية هي؟ وأي نوع من المظاهر تَتَّخذ؟ (هي عندما يعتقد الناس أن أي شيء يحبونه يكون هو الأفضل، وأن كل ما يتصورونه يكون صائبًا، وهم غير مستعدين للإصغاء إلى أحد). وبكلمة واحدة، هذا النوع من الشخصية "متعجرف". هذه هي الشخصية النمطية للناس في هذه الفئة العمرية. فمهما كانت صفة بيئة أو خلفية معيشتهم، فإن الجميع في هذه الفئة العمرية يمتلكون عنجهية الشباب. ولمَ أقول هذا يا تُرى؟ ليس لأنني متحيز ضدهم أو أستخفّ بهم، بل لأن الناس في هذه الفئة العمرية يُكنّون نوعًا من الشخصية؛ إنها شخصية متعجرفة وعابثة ومتكبرة للغاية. وبما أنهم لا يتمتعون بكثير من الخبرة الدنيوية، ولا يفهمون سوى القليل عن الحياة، فإنهم في اللحظة التي يواجهون فيها بعض الأمور في العالم أو الحياة يفكرون في أنفسهم: "أنا أفهم، لقد اكتشفت الأمر، أنا أعرف كل شيء الآن! أستطيع فهم ما يقوله الأشخاص الأكبر سنًّا، ومواكبة ما هو شائع في المجتمع. انظروا السرعة التي تتطور بها الهواتف الآن، ومدى التعقيد الذي تتصف به جميع خصائصها. أنا أعرفها جميعًا، ولست مثلكم يا كبار السن الذين لا تفهمون أي شيء". وعندما يأتي إليهم شخص أكبر منهم سنًّا طلبًا للمساعدة، فإنهم حتى يقولون: " عندما يكبر الناس يغدون بلا فائدة. فهم لا يستطيعون حتى استعمال الحاسوب، فما الفائدة حتى من حياتهم؟" ما هذا؟ هذا مظهر من مظاهر عنجهية الشباب. يمتلك الشباب ذاكرة أفضل وهم أسرع تقبلًا للأفكار الجديدة، وكلما تعلموا شيئًا جديدًا فإنهم يتعالَون على كبار السن. هذه شخصية فاسدة. وهل هذا النوع من الشخصية هو شخصية الإنسانية الطبيعية؟ هل تعتبر مظهرًا من مظاهر الإنسانية الطبيعية؟ (كلا). ذلك هو السبب في تسميتها بعنجهية الشباب. لماذا إذًا تسمى "عنجهية" وليس "عجرفة"؟ لأنها شخصية مميِّزة للشباب؛ فهم يتعلمون أمرًا صغيرًا ويصبحون معتدين بأنفسهم؛ إذ ليس لديهم فكرة عن ارتفاع السماء وعمق الأرض، ويعاملون الشيء الذي تعلموه بأنه شيء كبير. يكون الناس جميعًا على هذه الشاكلة في شبابهم، إلى أن يكبروا قليلًا، ويفهموا أكثر قليلًا، ويزدادوا اختبارًا لتقلبات الحياة. وبعد ذلك يزدادون نضجًا واستقرارًا، ويفضلون التصرف بتواضع أكبر؛ إذ لا يُضفون على الأمر أهمية كبرى عندما يتعلمون القيام بشيء ما، ولا ينزعجون عندما لا يستطيعون القيام بأمر ما. الشباب مغرورون بدرجة لا تُصدَّق: كلما تعلموا شيئًا لا بد أن يتباهوا به، ويشعروا بالاعتداد بالنفس، وأحيانًا عندما يتحمسون، يبدؤون بالشعور بأنهم قد تفوقوا على جميع من عداهم، وأن العالم أصغر من أن يَسَعهم، ويتمنون لو يستطيعون العيش على كوكب آخر بدلًا من ذلك. هذه هي العنجهية. تتميز عنجهية الشباب بشكل رئيسي بجهلهم بارتفاع السماء وعمق الأرض، وبما يحتاج إليه الناس، وبالمسار الذي ينبغي أن يتبعوه في الحياة، وما هي الأحوال التي تنطوي على خطورة إن عشنا فيها، وما ينبغي عليهم أن يفعلوه. الأمر هو كما يقول الناس غالبًا: "إنهم عديمو التمييز، وليس لهم معرفة بالحياة". فالناس في هذه الفئة العمرية لديهم شخصية العنجهية هذه؛ ولذلك تخرج منهم هذه الأشياء. ثمّةَ شباب يعتقدون أن الجميع دونهم، وعندما تقول شيئًا لا يعجبهم، إنهم يتجاهلونك ببساطة. من الصعب على الآباء أن يكتشفوا ما يفكر به الشباب – كلمة واحدة خاطئة وينفجرون في نوبة غضب ويندفعون في سخط وصخب. من الصعب التواصل معهم. لماذا يا تُرى يجد الآباء صعوبة هذه الأيام في تدبير أولادهم وتعليمهم؟ ليس ذلك لأن الآباء ضعيفو التعليم ولا يفهمون عقول الشباب، بل لأن تفكير الشباب أصبح غير سوي. إن جميع الشباب يحبون التوجهات الدنيوية، وهم يقعون أسرى لها. إنهم جميعًا ضحايا وقرابين للشيطان، وسرعان ما يقعون في الفساد، ومن الصعب عليهم أن يتيقظوا لذلك. ولهذا السبب ليس من السهل أن تكون أحد الوالدين؛ فبعض الآباء يبذلون قصارى جهدهم ليتعلموا علم نفس الطفل حتى يعلّموا أولادهم. ويعاني كثير من الأطفال في هذه الأيام أمراضًا غريبة، مثل التوحد والاكتئاب، تجعل من الصعب التعامل معهم. لا يملك الناس سبيلًا أو تفسيرًا واضحًا لهذه المشكلات، وقد اخترع المثقفون في المدارس والمجتمع عبارات مثل "عقلية متمردة" أو "مرحلة التمرد". لماذا لم تكن هذه العبارات موجودة في الأجيال السابقة؟ لقد تقدم العلم اليوم كثيرًا، وظهرت جميع أنواع العبارات الغريبة؛ فهذه البشرية تزداد فسادًا أكثر فأكثر، بينما تتلاشى أمور الإنسانية الطبيعية – أليس هذا ناجمًا عن الاتجاهات الشيطانية في المجتمع؟ (هي كذلك). وإذًا، فإن السبب الذي يجعلكم أيها الشباب قادرين على الجلوس هنا الآن، برغبة صادقة في سماعي أتحدث، وتستمعون إليّ وأنا أقدم شركة على هذا النحو، ليس لأن أيًّا منكم رائع، وعلى استعداد لاختيار سبيل السعي إلى الحق؛ بل بسبب نعمة الله، إنه لأن الله لم يسلّمكم إلى الدنيا أو إلى الشيطان. أنت ترى أولئك الشباب في المجتمع الذين لا يؤمنون بالله مهما حاولت أن تقنعهم بالإيمان به. لن تكون ثمة فائدة حتى ولو تحدثتُ أنا إليهم. هل ذلك هو مجرد مسألة عجرفة شبابية؟ أي نوع من الناس هم؟ إن لم يتمتعوا بضمير أو حس، فهم إذًا ليسوا سوى بهائم وأبالسة! إن تحدثتَ معهم بكلام إنساني، فهل هم قادرون على الفهم؟ لم تعد المشكلة تقتصر على صعوبة التواصل معهم، بل المشكلة أنهم يرفضون الإصغاء مطلقًا. إن نعمة الله وحفظه هما اللذان جعلاكم قادرين على قبول عمله الآن وفهم كلامه والاهتمام بسبيل الحق! ولذا ينبغي أن تقدّروا هذه الفرصة لتقومو بواجبكم، وتسعوا جاهدين لتقوموا بثباتٍ بإرساء أساس في إيمانكم بالله أثناء هذا الوقت. وعند ذلك ستكونون في أمان، ولن تنجرفوا بسهولة بواسطة هذه التيارات الشريرة. فحالما تخطف هذه التيارات الشريرة الناس، فإنها تجرفهم بعيدًا بسهولة، وعندما تنجرف أنتَ بعيدًا بها، فهل سيرغب الله فيك؟ لا، لن يفعل! لقد منحك فرصة بالفعل، ولن يريدك بعد الآن مطلقًا. عندما لا يريدك الله فستكون في خطر، وستكون قادرًا على فعل أي شيء.

والآن بعد أن ناقشنا "عنجهية الشباب"، لنتحدث عن "عدم التمييز". "عدم التمييز" هو مصطلح رسمي نوعًا ما. تقدم واشرح ما يعنيه حرفيًّا. (هو عندما لا يستطيع شخص تمييز الصالح من الطالح، ويعتقد أن ما يعتبره صالحًا سيبقى صالحًا دائمًا، وأن ما يعتبره سيئًا سيقى سيئًا دائمًا. ومهما أُوضحت له الأمور فلن يستمع). (هو عندما لا يدري شخص ما هو الصواب وما هو الخطأ، ويفتقر إلى التمييز). ذلك تقريبًا هو المعنى الحرفي: عدم القدرة على التمييز بين الصواب والخطأ، وعدم معرفة أي الأشياء إيجابية وأيها سلبية. وبالنظر إلى عنجهية الشباب، لا يصل إليهم شيء مما يقوله الناس؛ فهم يفكرون قائلين لأنفسهم: "كل ما يقوله الآخرون خطأ، وما أقولُه أنا صواب. لا ينبغي لأحد أن يقول لي كيف هي الأمور، فلن أستمع إليه. سأكون في الواقع عنيدًا، وسأبقى عنيدًا وأُصر على أفكاري، حتى عندما تكون خاطئة". هذا هو نوع الشخصية التي يتصفون بها؛ إنهم لا يميزون. ظاهريًا، يمكنهم التحدث عن تعليم تلو التعليم، ويمكنهم الحديث عن التعاليم بوضوح وبشكل مفهوم أكثر من أي شخص آخر، إذًا فلماذا يصابون دومًا بالتشوش والحيرة عندما يأتي وقت العمل؟ إنهم يعلمون جيدًا تمامًا ما هو الصواب، ولكن الأمر فقط أنهم لا يودون الاستماع؛ إنهم يفعلون كما يحلو لهم، ويتصرفون كيفما يشاؤون. هذا عبارة عن نزوة، وهو أمر سخيف. إن الأشخاص الذين يتبعون توجهات العالَم سخفاء للغاية؛ فهم متعلقون بالوثب والقفز بالحبل، ويهوَوْن إيجاد الإثارة في كافة أنواع الرياضات الخطرة. أليس هذا سخيفًا؟ هل أنتم جميعًا تحبون رياضة الوثب أيضًا؟ (أنا كنت أحبها). ولماذا كنت تحبها؟ ألم تعلم أن الوثب خطير؟ ألم تعلم أنك تجازف بحياتك عندما تمارس الوثب؟ فالناس ليسوا عناكب أو سحالي. إن تسلقوا جدارًا فلا محالة سيسقطون؛ إذ لا يتمتع البشر بتلك المقدرة، فهي ليست شيئًا يمتلكه ذوو الإنسانية الطبيعية، فكيف أمكنكم أن تحبوها؟ ذلك لأن هذه الأشياء يمكن أن تعطي الناس نوعًا من الحافز البصري والعاطفي، ولذلك يرغب الناس في ممارسة الوثب. ما الذي يحكم هذا التفكير؟ هل يأتي من "الرجل العنكبوت"؟ أليست هناك عقلية ورغبة في أعماق الإنسان الذي يودّ تخليص العالم، وأن يكون بطلًا خارقًا؟ يوجد أبطال يطيرون في كثير من الأفلام والبرامج التلفزيونية، يحلّقون هنا وهناك ويتنقّلون من سطح إلى آخر، والناس في الواقع معجبون بهم. هكذا تُغرَس هذه الأشياء في عقول الشباب. وكيف تكون لديهم القدرة على أن يتسمموا على هذا النحو؟ هذا له علاقة بميول الناس وأنشطتهم. فكل شخص يود أن يكون بطلًا، وأن يكون إنسانًا خارقًا، وأن يتمتع بقوى خاصة، ولذلك يعبدون الشيطان. أخبروني: هل يمتلك الناس العاديون مثل هذ الأشياء السخيفة؟ هل يمتلك الناس العاديون هذه القوى الخاصة؟ بالتأكيد لا. ألم تكن هذه الأشياء من صنع الناس وتخيلاتهم؟ لو أن هذه الأشياء الغريبة كانت موجودة بالفعل، ألا يكون من يتمتعون بها ممسوسين من أرواح شريرة؟ هل كُتب أي شيء عن الوثب في الكتاب المقدس؟ (كلا). الوثب هو نتاج المجتمع الحديث الشرير، وهو إحدى الطرق التي يضلل بها الشيطان الناس ويفسدهم. يستغل الشيطان ميول الشباب نحو الأشياء الغريبة والمثيرة، ويلفق بعض القصص ويخرج بها ويمثلها. هذه هي الطريقة التي يضلل بها هؤلاء المراهقين غير المميزين، حيث يقودهم إلى متابعة قوى الشيطان الخاصة الغريبة والمثيرة. أليس هذا تسميمًا للناس؟ تصبح هذه الأشياء سُمًّا في اللحظة التي تدخل فيها عقول الناس، وإن كنتً لا تستطيع معرفة هذا السُّمَ فلا يمكنك التخلي عنه تمامًا، ولن تتخلص من تأثيره وإزعاجه وسيطرته. هل يمكن إزالة هذا السم بسهولة؟ (ليس بسهولة). كيف يمكن حل هذه المشكلة؟ يكره بعض الناس التخلي عن هذه الأشياء. فهم يعتقدون أن هذه الأشياء ظريفة وليست سمومًا، ولا يمكنهم التخلي عنها عندما يفكرون على هذا النحو. ولذلك، فما عليك، لتحفظ نفسك من الوقوع فريسة لإغواءات الشيطان، سوى أن تبذل ما في وسعك لتنأى بنفسك عما يفسد قلبك ويسممك، في الوقت الذي لا تزال فيه قامتك ضئيلة؛ وذلك لأنك تفتقر إلى قوة التمييز، ولا تزال ساذجًا ومفعمًا بالعجرفة. أنت لم تجهز نفسك بما يكفي من الأمور الإيجابية، ولا تملك أيًّا من حقيقة الحق. وباستعارة كلام الإيمان، ليس لديك حياة ولا قامة. ما تملكه هو مجرد قدر قليل من الاستعداد، ورغبة في الإيمان بالله. أنت تعتقد أن الإيمان بالله جيد، وأنه هو السبيل الصحيح للسير فيه والطريق إلى أن تكون إنسانًا صالحًا، لكنك مع ذلك تتفكر: "أنا لست شخصًا سيئًا بين غير المؤمنين، أنا أحب الوثب ولكنني لم أفعل أي شيء خاطئ، وما زلت إنسانًا صالحًا". هل هذا يتفق مع الحق؟ هل تظن أنك لا تعاني شخصية فاسدة لمجرد أنك لم تفعل شيئًا خاطئًا؟ إنك تعيش ضمن التيارات الشريرة، وهذا يكفي لإظهار أن قلبك ممتلئ بالأشياء الشريرة.

قل لي، هل يتأثر المرء كثيرًا ببيئته؟ أنت تؤدي واجبك في الكنيسة الآن، أي البيئة التي أنت موجود فيها، وأنت موجود مع إخوتك وأخواتك كل يوم، ويحيط بك أُناسٌ يؤمنون بالله، وأنت ثابت على إيمانك بالله أيضًا. إن وُضعتَ بين غير المؤمنين، وأُبقيتَ بينهم، هل سيبقى الله في قلبك؟ وإن كنتَ على اتصال بهم أو عشتَ بين ظهرانيهم، ألن تتبع التيارات كما يفعلون؟ يقول البعض: "جميل، الله يرعاني ويحميني، ولذلك فلن أسلك أبدًا ذلك السبيل". هل تجرؤ على القيام بذلك التعهد؟ ما دمت تحب هذه الأمور وتتبعها، فأنت عرضة لاتباع التيارات عن قصد. وعلى الرغم من أنك ستعلم في قلبك أن ذلك خطأ، فإنك لن تزيد على أن تقول لنفسك بشكل عابر: سامحني يا الله، هذا خطأ مني"، ومع مرور الوقت، سوف تتوقف عن الشعور بالذنب أو بأي شيء آخر على الإطلاق، وسوف تتفكر قائلًا في نفسك: "أين الله، على أية حال؟ لِمَ لم أَرَهْ؟" وسوف تشك دومًا في الله، وسيختفي الإيمان الذي كنت تتمتع به فيما مضى شيئًا فشيئًا. وبحلول الوقت الذي ينكر فيه قلبك الله، لن تعود ترغب في اتباعه أو في فعل أي شيء يتعلق بواجبك، حتى إنك ستندم على اختيارك أداء واجب في المقام الأول. لماذا يستطيع الناس أن يتغيروا بهذه السهولة؟ في الحقيقة، ليس الأمر أنك قد تغيرت؛ بل هو أنك لم تحظَ بحقيقة الحق في المقام الأول. وعلى الرغم من أنك في الظاهر تؤمن بالله وتؤدي واجبك، فإنك لم تتخلص من الأفكار وووجهات النظر وطرق العيش الدنيوية والشيطانية، والشخصية الفاسدة في داخلك، وما زلتَ مفعمًا بأمور شيطانية. ما زلت تعيش على هذه الأشياء، ولهذا فإنك لا تزال ضئيل القامة. ما زلت في مرحلة خطيرة، ولم تصبح بعد آمنًا أو سالمًا. ما دمت تمتلك شخصية شيطانية، فستستمر في مقاومة الله وخيانته، ولكي تحل هذه المشكلة، عليك أولًا إدراك ماهي الأشياء الشريرة والتي هي من الشيطان، وكيف تكون ضارّة، ولماذا يفعل الشيطان هذه الأشياء، وما أنواع السُّموم التي يعانيها الناس عندما يتقبلونها، وما الذي سيصبح عليه أولئك الناس، وكذلك ما نوع الشخص الذي يطلب الله من الناس أن يكونوه، وما الأشياء التي تنتمي إلى الإنسانية الطبيعية، وما هي الأشياء الإيجابية، وما هي الأشياء السلبية. لن يكون لديك مسار إلّا إذا كنت تتمتع بقوة التمييز وتستطيع أن ترى هذه الأمور بوضوح. أضف إلى ذلك أنك، في الجانب الإيجابي، يتعين عليك أيضًا أن تبادر إلى أداء واجبك مع إظهار إخلاصك وتفانيك؟ لا تكن مراوغًا أو متراخيًا، ولا تتعامل مع واجبك أو ما كلفك الله به من منظور غير المؤمنين أو بفلسفات الشيطان. عليك أن تأكل المزيد من كلام الله وتشربه، وأن تسعى لفهم جميع أوجه الحق، وأن تفهم بوضوح أهمية أداء واجب ما، ثم تمارس جميع جوانب الحق وتدخل فيها في الوقت الذي تؤدي فيه واجبك، وتتوصل تدريجيًّا إلى معرفة الله وعمله وشخصيته. وبهذه الطريقة، لا تدري إلّا وقد تغير الحال في داخلك، وسيكون هناك المزيد من الأمور الإيجابية والفعالة في داخلك، وتقل الأشياء السلبية وغير الإيجابية، وتغدو قدرتك على تمييز الأشياء أقوى من ذي قبل. وعندما تنمو إلى هذه الدرجة في قامتك، ستمتلك القدرة على تمييز جميع أنواع الأشخاص والأمور والأشياء في هذا العالم، وستكون قادرًا على سبر غور جوهر المشكلات. وإن كنت سترى فيلمًا من صنع غير المؤمنين، سيكون بإمكانك إدراك ما السموم التي يمكن أن يعانيها الناس بعد مشاهدته، وكذلك ما ينوي الشيطان دسّه وغرسه في الناس من خلال هذه الوسائل والتيارات، وما ينوي أن يقضي عليه لدى الناس. وسوف تتمكن بالتدريج من فهم هذه الأمور. لن تتعرض للتسميم بعد مشاهدة الفيلم، وستكون لديك القدرة على تمييزه – ذلك عندما تملك قامةً بالفعل.

بعد مشاهدة بضعة أفلام عن الأبطال الخارقين والخيال الجامح، يصاب بعض الشباب بعدوى الرغبة؛ إذ يتمنون لو يستطيعون امتلاك قدرات خارقة مثل قدرات الشخصيات الرئيسية. أليسوا مسمَّمين على هذا النحو؟ هل يمكن أن يؤذيك ذلك السمّ إذا لم تشاهد تلك الأفلام؟ لا يمكن. ما الذي أعنيه بهذا؟ الذي أعنيه هو أنك تعيش في مجتمع شرير؛ ولذلك إن كنت ضئيل القامة وتفتقر إلى التمييز، فيمكن أن تهيمن عليك أمور تنتمي إلى تيارات شريرة لأنك واجهتها لأول مرة، وستعاملها كأمور إيجابية، وكأشياءَ طبيعية ومناسبة. هذه إحدى الطرق التي يسمِّم الشيطان الناسَ بها. قل لي، أليس الشيطان شريرًا؟ للشيطان طرق عديدة لإفساد الناس! ويمكن القول إن أي شخص شاهد هذه الأنواع من الأفلام يتملَّكه هذا النوع من الرغبة. كان هناك طفل قد شاهد فيلمًا خياليًا وأصبح يجري في أنحاء باحة البيت راكبًا عصا مكنسة كلما كان لديه وقت فراغ. في البداية، لم يستطع الطيران مهما حاول، ثم في أحد الأيام بدأ يطير بالفعل. لم يطر من تلقاء نفسه، بل كانت قوة خارجية هي ما جعلته يطير. وبعد أن بدأ بالطيران، لم يكن بوسعه سوى إطلاق الصرخة الغريبة نفسها التي كانت الشخصية تطلقها في الفيلم؛ لقد سكنته روح من نوع ما. هل ركوب عصا مكنسة هو جزء من حياة الإنسان الطبيعية؟ يمكنك أن تركب حصانًا أو حمارًا، فلماذا ينبغي لك أن تركب عصا مكنسة وتطير؟ هل هذا شيء ممكن؟ يمكنك أن تقول على الفور إنه ليس شيئًا يفعله أناس أسوياء؛ فعِصِيّ المكانس لا يمكنها الطيران، ولا يمكنها الطيران إلّا بمساعدة أرواح شريرة. هل تتمتعون بقليل من القدرة على تمييز الأشياء التي يفعلها الشيطان؟ ما نوع الموقف الذي ينبغي أن تتخذوه نحو تلك الأشياء؟ أليس من الواجب أن تُعرضوا عنها؟ عليكم أن تتأملوا في أنفسكم عندما يتاح لكم الوقت، حيث تتفحصون لتروا ما الأمور الغريبة التي تبقى في أذهانكم. لماذا يوجد في أذهانكم الكثير من الأمور الغريبة؟ لأن الناس في جيلكم تسمَّموا كثيرًا؛ فأنتم جميعًا تودّون أن تطيروا من سطح مبنىً إلى سطح مبنىً آخر، وأن تصيروا الرجل العنكبوت أو الرجل الوطواط، وأن تصبحوا كائنًا خارقًا. ليس هذا ما ينبغي أن يمتلكه أو يتمتع به أُناس ذوو إنسانية طبيعية. إن أصررتَ على طلب أشياء لا يحتاج إليها ذوو الإنسانية الطبيعية، وعملت بإصرار على تجربتها واختبارها، فقد تجتذب عمل الأرواح الشريرة. يقع الناس في المتاعب عندما تستحوذ عليهم الأرواح الشريرة؛ إذ يأسرهم الشيطان، وبعدها يكونون في خطر. كيف يمكن حل هذه المشكلة؟ يجب أن يدعوَ الناسُ اللهَ باستمرار، ويجب ألّا يقعوا ضحية لغواية الشيطان أو لخداعه. ففي هذا العصر الشرير الذي يسرح ويمرح فيه الشياطين والأرواح النجسة، إن استطعت أن تصلي لتحظى دومًا بنعمة الله وحمايته، وتطلب منه أن يرعاك ويحميك حتى لا يضل قلبك عنه، وتكون قادرًا على عبادة الله بصدق ومن قلبك، أفلا يكون هذا هو السبيل القويم؟ (هو كذلك). وهل أنتم مستعدون للسير في هذا السبيل؟ هل أنتم مستعدون لأن تحيَوا دومًا في ظل رعاية الله وحمايته، وفي ظل تأديبه، أم أنكم تريدون أن تعيشوا في عالمكم الحر؟ إن أدّبكم الله، فقد يجعلكم ذلك تعانون أحيانًا معاناة جسدية قليلة. هل أنتم على استعداد لتحمُّل ذلك؟ (أجل). تقولون إنكم على استعداد الآن، ولكنكم قد تبدؤون بالتذمّر عندما يواجهكم واقع الأمر. لا يكفي أن تكونوا على استعداد للمعاناة، بل لا بدّ أيضًا من أن تكون لديكم الإرادة للسعي بجد إلى الحق. لا يمكنكم الثبات إلّا عندما تفهمون الحق. ومما يدعو إلى القلق أن الشباب متقلبون للغاية، ولا يهتمون بواجباتهم الصحيحة أو يفكرون بالأشياء المناسبة، ولا يرغبون في قراءة كلام الله أو يجدّون في سعيهم إلى الحق؛ وهذا أمر خطير. من الصعب معرفة ما إذا كان ذلك سينتهي بالحياة أو الموت. يوجد اليوم بعض الشباب الذين استمعوا إلى العظات على مدى عدة سنوات، وبدأوا يهتمون بالحق، وهم على استعداد لتدوين ملاحظات عندما يستمعون إلى العظات. إنهم يشعرون بشيء من الجوع والعطش إلى البِرّ، ويستطيعون فهم الحق، وهذا يعني أن لديهم أساسًا بالفعل، وما دام الحق يترسخ في قلوبهم فسيكونون أكثر أمنًا. وإذا استمروا في السعي إلى الحق، فسوف يضمن ذلك قدرتهم على فهم الحق والدخول إلى حقيقته ونيل الخلاص.

هل تعلمون ماهي أعظم حكمة؟ بناء على قامتكم الحالية، هل تعلمون ما يجب أن تركزوا عليه في إيمانكم، وما الحكمة الكبرى من حيث ما ينبغي أن تسعوا إليه وتمارسوه؟ بعض الناس لا يبدو من ظاهرهم أنهم مَهَرة للغاية، ويظلّون صامتين ومتحفظين طوال الوقت، وهم لا يتحدثون كثيرًا، ولكن قلوبهم تنطوي على حكمة عظيمة لا توجد لدى الآخرين، ولا يستطيع معظم الناس أن يروها، وحتى عندما يستطيعون رؤيتها لن يعتقدوا أنها حكمة، بل سيرون أنها غير ضرورية وليست لها قيمة. هل بإمكانكم التفكير بماهية حكمتهم العظيمة هذه؟ (امتلاك قلب يتصف بالهدوء دومًا أمام الله، والصلاة دائمًا إلى الله، والتقرُّب إليه على الدوام). لقد اقتربتم قليلًا من الإجابة الصحيحة. ما هي الغاية من التقرُّب إلى الله؟ (طلب مشيئة الله). ما الحكمة من طلب مشيئة الله؟ هل هي الاتكال عليه؟ (أجل). الحكمة هي الاتكال على الله. إن اتكلتَ على الله في كل شيء، فسينيرك الله ويوجهك ويرشدك، ولن تُضطر إلى تلمُّس طريقك في الظُّلمة كالأعمى، ويمكنك ببساطة التصرف وفقًا لكلام الله. أليس ذلك أيسر بكثير؟ لن تحتاج إلى التخبط بعد ذلك، بل يمكنك العمل وفقًا لما يبيّنه الله. هذا سهل وسريع، ولا يتطلب منك إنهاك نفسك بسلوك سبل ملتوية. لقد قال الله كلامه بوضوح كبير؛ ولذلك لا داعي لأن تقلق بشأن تحديد كيف يجب أن تتصرف. أليست هذه حكمة؟ هل تفهم الآن؟ دعوني أخبركم: إنَّ أعظم حكمة هي التطلُّع إلى الله والاتكال على الله في كل شيء. لا يعترف الناس العاديّون بهذا. يعتقد جميع الناس أن حضور المزيد من الاجتماعات، والاستماع إلى المزيد من العظات، وتقديم المزيد من الشركة مع إخوتهم وأخواتهم، والتخلي عن المزيد، ومعاناة المزيد، ودفع المزيد من الثمن، سوف يجعلهم يربحون استحسان الله وخلاصه. يعتقدون أن الممارسة بهذه الطريقة هي الحكمة الأعظم، لكنهم يهملون الأمر الأكبر: التطلُّع إلى الله والاتّكال على الله. كذلك يعتبرون المهارة البشريَّة الضئيلة حكمة ويتجاهلون التأثير النهائيّ المفترَض أن تحققه أعمالهم. وهذا خطأ. بغض النظر عن مقدار الحق الذي يفهمه المرء، أو عدد الواجبات التي قد أدَّاها، أو مقدار الاختبار الذي اختبره أثناء تأديته لتلك الواجبات، أو مدى كِبَر قامته أو صغرها، أو نوع البيئة التي يوجد فيها، فإن ما لا يمكن للمرء الاستغناء عنه هو أن عليه أن يتطلع إلى الله ويعتمد عليه في كل ما يفعله. هذا هو أعظم نوع من الحكمة. لماذا أقول إن هذه هي أعظم حكمة؟ حتى لو توصَّل المرء إلى فهم بعض الحقائق، فهل سيكون ذلك كافيًا إذا لم يعتمد على الله؟ آمن بعض الناس بالله لأعوامٍ عديدة، واختبروا تجارب عدّة، ولديهم بعض الاختبار العمليّ، ويفهمون قدرًا من الحقّ، ولديهم بعض المعرفة العمليَّة عن الحقّ، لكنهم لا يعرفون كيف يتكلون على الله، ولا يفهمون كيف يتطلعون إليه ويعتمدون عليه. هل يمتلك أشخاص كهؤلاء الحكمة؟ إنهم أكثر الناس حماقة، وهم من نوع الأشخاص الذين يعتقدون أنهم أذكياء؛ إنهم لا يتَّقون الله ولا يحيدون عن الشر. أحد الأشخاص يقول: "أنا أفهم العديد من الحقائق وأمتلك واقع الحق. لا بأس في القيام بالأشياء بطريقة تستند إلى المبادئ. أنا مُخلص لله وأعرف كيف أقترب منه. ألا يكفي أنني أمارس الحق؟" " عندما تحدث لي أمور؟ لا توجد أي حاجة للصلاة إلى الله أو التطلُّع إلى الله". ممارسة الحقّ أمرٌ صحيح، ولكن توجد أوقات عديدة ومواقف لا يعرف فيها الناس ما الحق ومبادئ الحق التي تتم مناقشتها، وكل مَنْ لديهم خبرة عملية يعرفون ذلك. على سبيل المثال، عندما تواجهك قضية، قد لا تعرف ما هو الحق الذي تتناوله هذه القضية أو كيف يجب ممارسة الحق المتعلق بهذه القضية، فما الذي ينبغي عليه فعله في مثل هذه الأوقات؟ بغض النظر عن مقدار الخبرة العملية التي تتمتع بها، لا يمكنك أن تفهم مبادئ الحق في جميع الحالات. وبغض النظر عن طول المدة التي آمنت خلالها بالله، وكم الأشياء التي مررت بها، وكم التهذيب أو التعامل أو التأديب الذي اختبرته، حتَّى إن كنت تفهم الحقّ، فهل تجرؤ على القول بأنك أنت الحقّ؟ هل تجرؤ على القول بأنك مصدر الحقّ؟ بعض الأشخاص يقولون: "أنا أحفظ كل تلك الأقوال والفقرات المعروفة في كتاب "الكلمة يظهر في الجسد" عن ظهر قلب. لست في حاجة إلى الاعتماد على الله أو التطلع إليه. فعندما يحين الوقت، سأكون على ما يرام بمجرد الاعتماد على كلمات الله تلك". الكلمات التي حفظتَها ثابتة، ولكن البيئات التي تواجهها، وكذلك حالاتك، متغيِّرة. يمكنك نطق كلام التعاليم، ولكن لا يمكنك فعل أيّ شيءٍ به عندما يحدث لك شيءٌ ما، ممَّا يثبت أنك لا تفهم الحقّ. ومهما كنت ماهرًا في سرد كلام التعاليم، فهذا لا يعني أنك تفهم الحقّ، فضلًا عن أن يعني أنك تستطيع ممارسة الحقّ. لذلك هناك درس مهم للغاية ينبغي تعلُّمه هنا. وما هو هذا الدرس؟ هو أن الناس في حاجة إلى التطلع إلى الله في كل شيء، وأنه من خلال قيامهم بذلك، يمكنهم تحقيق الاعتماد على الله، وفقط من خلال الاتكال على الله سيكون للناس طريق ليتبعوا عمل الروح القدس. وإلا، فبإمكانك أن تفعل شيئًا ما بشكل صحيح ودون مخالفة الحق، لكن إذا كنت لا تعتمد على الله، فإن أفعالك ليست سوى أفعال صالحة من الإنسان، ولا يمكن أن ترضي الله. وما دام الناس يمتلكون مثل هذا الفهم الضحل للحق، فمن المرجَّح أن يتبعوا القواعد ويتشبَّثوا بعناد بكلام التعاليم مستخدمين الحق عينه عند مواجهة مواقف مختلفة. من الممكن أن يُتموا العديد من الأمور التي تتفق اتفاقًا عامًّا مع مبادئ الحق، لكن لن يكون من الممكن رؤية إرشاد الله ولا عمل الروح القدس في ذلك. توجد مشكلة خطيرة هنا، وهي أن الناس يفعلون أشياء كثيرة بالاعتماد على اختبارهم والقواعد التي فهموها، وعلى تصورات بشرية معينة. من الصعب تحقيق الصلاة الحقيقيَّة لله والتطلُّع حقًّا إلى الله والاتكال عليه في جميع ما يفعلونه. وحتَّى لو فهم المرء مشيئة الله، فمن الصعب تحقيق أثر التصرُّف وفقًا لإرشاد الله ولمبادئ الحقّ. لهذا السبب أقول إن أعظم حكمة هي التطلع إلى الله والاعتماد عليه في كل شيء.

كيف يمكن للناس أن يمارسوا التطلُّع إلى الله والاتّكال عليه في جميع الأشياء؟ يقول بعض الناس: "أنا شابٌ، وقامتي ضئيلة، وآمنت بالله لفترةٍ قصيرة. لا أعرف كيفيَّة ممارسة التطلُّع إلى الله والاتّكال على الله عندما يحدث شيءٌ ما". فهل هذه مشكلةٌ؟ توجد العديد من الصعوبات في الإيمان بالله، وأنت بحاجةٍ لاختبار العديد من الضيقات والتجارب والآلام. جميع هذه الأشياء تتطلَّب التطلُّع إلى الله والاتّكال على الله لتجاوز الأوقات العصيبة. فإذا لم تتمكَّن من ممارسة التطلُّع إلى الله والاتّكال على الله، فلن تتمكَّن من اجتياز الصعوبات، ولن تتمكَّن من اتّباع الله. فالتطلُّع إلى الله والاتّكال على الله ليس تعليمًا فارغًا أو شعارًا للإيمان بالله. إنه بالأحرى حقيقة أساسيَّة، أي حقيقة ينبغي أن تملكها كي تؤمن بالله وتتبع الله. يقول بعض الناس: "التطلُّع إلى الله والاتّكال على الله لا ينطبق إلّا عند وقوع حدثٍ كبير. مثال ذلك، أنك لا تحتاج إلى التطلع إلى الله والاتّكال عليه إلّا عندما تواجهك الضيقات والتجارب والاعتقال والاضطهاد، أو عندما تواجه صعوبات في واجباتك، أو عند تهذيبك والتعامل معك. لا حاجة إلى التطلُّع إلى الله والاتّكال على الله في الأمور التافهة للحياة الشخصيَّة؛ لأن الله لا يهتمّ بها". هل هذه العبارة صحيحة؟ حتمًا ليست صحيحة. يوجد انحرافٌ هنا. فمن الضروريّ التطلُّع إلى الله في الأمور الكبرى، ولكن هل يمكنك التعامل مع الأمور التافهة والصغيرة في الحياة بدون المبادئ؟ ففي أمورٍ مثل ارتداء الملابس وتناول الطعام، هل يمكنك التصرُّف بدون المبادئ؟ بالتأكيد لا. ماذا عن تعاملاتك مع الناس والأمور؟ بالتأكيد لا. فحتَّى في الحياة اليوميَّة والأمور التافهة، ينبغي أن تكون لديك على الأقلّ مبادئ كي تتمكَّن من العيش في صورةٍ إنسانيَّة. فالمشكلات التي تنطوي على المبادئ هي مشكلات تنطوي على الحقّ. هل يستطيع الناس حلَّها بأنفسهم؟ بالطبع لا. وبالتالي، عليك أن تتطلَّع إلى الله وتتَّكل على الله. فلا يمكن حلّ هذه المشكلات التافهة إلّا عندما تكتسب استنارة الله وتفهم الحقّ. إذا كنتم لا تتطلَّعون إلى الله ولا تتَّكلون على الله، فهل تعتقدون أن هذه المسائل التي تنطوي على المبادئ يمكن حلَّها؟ بالتأكيد ليس بهذه السهولة. يمكن القول إنه في جميع الأشياء التي لا يمكن للناس رؤيتها بوضوحٍ، والتي تتطلَّب من الناس السعي إلى الحقّ، ينبغي أن يتطلَّعوا إلى الله ويتَّكلوا عليه. فمهما كانت أيّ مشكلةٍ يجب حلَّها بالحقّ كبيرة أو صغيرة، فإنها تتطلَّب التطلُّع إلى الله والاتّكال عليه. هذه ضرورةٌ. وحتَّى لو فهم الناس الحقّ واستطاعوا حلّ المشكلات بأنفسهم، فإن هذه الفهوم والحلول محدودة وسطحيَّة. إذا لم يتطلَّع الناس إلى الله ولم يتَّكلوا على الله، فلن يكون دخولهم عميقًا للغاية أبدًا. مثال ذلك، إذا كنت مريضًا اليوم وكان مرضك يُؤثِّر على أداء واجبك، فأنت بحاجةٍ إلى الصلاة بخصوص هذا الأمر والقول: "يا الله، أنا لست على ما يرام اليوم، ولا أستطيع تناول الطعام، وهذا يُؤثِّر على أداء واجبي. ينبغي أن أفحص نفسي. ما السبب الحقيقيّ لمرضي؟ هل يُؤدِّبني الله لعدم أمانتي في واجبي؟ يا الله، أسألك أن تنيرني وتهديني". ينبغي أن تصرخ هكذا. فهذا هو التطلُّع إلى الله. ومع ذلك، عندما تتطلَّع إلى الله، لا يمكنك اتّباع الشكليَّات والالتزام بالقواعد ببساطةٍ. إذا كنت لا تطلب الحقّ لحلّ المشكلات، فسوف تُؤخِّر الأشياء. وبعد أن تُصلِّي إلى الله وتتطلَّع إليه، يجب أن تظلّ تعيش حياتك كما هو واجب عليك دون تأخيرٍ للواجب الذي عليك أداؤه. إذا كنت مريضًا، فيجب عليك مراجعة الطبيب، وهذا أمرٌ لائق. وفي الوقت نفسه، ينبغي أن تُصلِّي وتتأمَّل نفسك وتطلب الحقّ لحلّ المشكلة. فالممارسة لا تكون لائقة تمامًا إلّا على هذا النحو. وفيما يخصّ أشياء مُعيَّنة، إذا عرف الناس كيفيَّة عملها بشكلٍ لائق، فيجب عليهم عملها. هذه هي الطريقة التي يجب أن يتعاون بها الناس. لكنّ إمكانيَّة تحقيق التأثير والهدف المنشودين بشكلٍ تامّ في هذه الأمور يعتمد على التطلُّع إلى الله والاتّكال على الله. ففي المشكلات التي لا يستطيع الناس رؤيتها بوضوحٍ أو التعامل معها جيِّدًا بأنفسهم، ينبغي عليهم بالأكثر أن يتطلَّعوا إلى الله ويطلبوا الحقّ لحلّها. فالقدرة على عمل هذا هي ما يجب أن يمتلكه الناس ذوو الطبيعة البشريَّة السليمة. توجد دروسٌ عديدة يجب تعلُّمها من التطلُّع إلى الله. ففي عمليَّة التطلُّع إلى الله، قد تتلقَّى استنارة الرُّوح القُدُس، وسوف تتَّخذ طريقًا، أو إذا جاءت كلمة الله عليك فسوف تعرف كيفيَّة التعاون، أو قد يُرتِّب الله لك بعض المواقف لتتعلَّم منها دروسًا تحوي مقاصد الله الحسنة. وفي عملية التطلُّع إلى الله، سوف ترى إرشاد الله وقيادته، وهذان سوف يساعدانك على تعلُّم العديد من الدروس واكتساب فهمٍ أفضل لله. وهذا هو التأثير الذي يتحقَّق من خلال التطلُّع إلى الله. وبالتالي، فإن التطلُّع إلى الله درسٌ ينبغي أن يتعلَّمه أولئك الذين يتّبعون الله في الغالب، وهو شيءٌ لن يكملوا اختباره أبدًا في حياتهم. يوجد أناسٌ عديدون لديهم اختبارٌ ضئيل جدًّا ولا يمكنهم رؤية أعمال الله، ولذلك يُفكِّرون هكذا: "يوجد العديد من الأشياء الصغيرة التي يمكنني عملها بنفسي ولا أحتاج فيها أن أتطلَّع إلى الله". وهذا خطأ. فبعض الأشياء الصغيرة تُؤدِّي إلى أشياء كبيرة، ومشيئة الله مخفيَّة في بعض الأشياء الصغيرة. يتجاهل أناسٌ كثيرون الأشياء الصغيرة، ونتيجةً لذلك يجدون أنفسهم يواجهون نكسات كبيرة بسبب أمورٍ صغيرة. أمّا أولئك الذين يتَّقون الله حقًّا، في الأمور الكبيرة والصغيرة، فسوف يتطلَّعون إلى الله ويُصلّون إليه، ويعهدون إلى الله بكلّ شيءٍ، ثم يرون كيفيَّة قيادة الله وإرشاده لهم. بمُجرَّد أن يكون لديك مثل هذا الاختبار، سوف تتمكَّن من التطلُّع إلى الله في جميع الأشياء، وكلَّما زاد اختبارك لهذا، ازددت إحساسًا بأن التطلُّع إلى الله في جميع الأشياء أمرٌ عمليّ للغاية. عندما تتطلَّع إلى الله في أمرٍ ما، من الممكن ألّا يمنحك الله شعورًا ما أو معنىً واضحًا أو تعليمات واضحة، لكنه سيجعلك تفهم فكرة لها صلة بالأمر، وهذا بمثابة إرشاد لك من االله باستخدام طريقةٍ مختلفة وإفساح طريق لك. إذا تمكَّنت من إدراك هذا وفهمه، فسوف تستفيد. قد لا تفهم أيّ شيءٍ في الوقت الحاليّ، ولكن ينبغي عليك الاستمرار في الصلاة والتطلُّع إلى الله. ولا يوجد خطأ في هذا، فعاجلًا أم آجلًا سوف تستنير. لا تعني الممارسة بهذه الطريقة الامتثال للقواعد، بل هي تلبية لاحتياجات الروح والكيفيَّة التي يجب على الناس الممارسة بها. قد لا تتلقَّى الاستنارة والإرشاد في كلّ مرَّةٍ تُصلِّي فيها إلى الله وتتطلَّع إليه، ولكن ينبغي على الناس أن يمارسوا بهذه الطريقة، وإذا أرادوا فهم الحقّ، فعليهم أن يمارسوا بهذه الطريقة. هذه هي الحالة الطبيعيَّة للحياة والروح، ولا يمكن للناس الاحتفاظ بعلاقةٍ طبيعيَّة مع الله إلّا بهذه الطريقة، بحيث تكون قلوبهم قريبة إلى الله. وبالتالي، يمكن القول إن التطلع إلى الله هو التفاعل الطبيعي مع الله في قلوب الناس. بصرف النظر عمَّا إذا كنت تستطيع تلقِّي استنارة الله وإرشاده، يجب أن تُصلِّي إلى الله وأن تتطلَّع إلى الله في جميع الأشياء. هذه أيضًا هي الطريقة الحتميَّة للعيش أمام الله. عندما يؤمن الناس بالله ويتبعونه، يجب أن تكون حالتهم الذهنيَّة هي حالة التطلُّع الدائم إلى الله. هذه هي الحالة الذهنيَّة التي يجب أن تكون لدى الناس ذوي الطبيعة البشريَّة. أحيانًا لا يعني التطلُّع إلى الله سؤاله بأن يعمل شيئًا ما باستخدام كلماتٍ مُحدَّدة أو طلب توجيهٍ أو حمايةٍ مُحدَّدين منه. بدلًا من ذلك، عندما يواجه الناس مشكلةً ما، فإنهم يكونون قادرين على أن يدعوه بإخلاصٍ. ما الذي يفعله الله إذًا عندما يدعوه الناس؟ عندما يتحرَّك قلب شخصٍ ما وتكون لديه هذه الفكرة: "يا الله، لا أستطيع أن أفعل هذا بنفسي، لا أعرف كيف أفعله، وأشعر بالضعف والسلبيَّة"، عندما تظهر هذه الأفكار لديهم، ألا يعلم الله بذلك؟ عندما تنشأ هذه الفكرة عند الناس، هل تكون قلوبهم صادقة؟ عندما يدعون الله بإخلاصٍ بهذه الطريقة، هل يوافق الله على مساعدتهم؟ على الرغم من حقيقة أنه ربَّما لم ينطقوا كلمةً واحدة، فإنهم يُظهِرون الصدق ولذلك يوافق الله على مساعدتهم. عندما يواجه شخصٌ ما صعوبةً شائكة بشكلٍ خاصّ، وعندما لا يكون لديهم من يلجأون إليه وعندما يشعرون بالعجز، فإنهم يضعون رجاءهم الوحيد في الله. ماذا تشبه صلواتهم؟ ما حالتهم الذهنيَّة؟ هل هم صادقون؟ هل يوجد أيّ غشٍّ في ذلك الوقت؟ عندما تثق في الله كما لو كان الملاذ الأخير الذي تتمسَّك به لإنقاذ حياتك آملًا أن يساعدك، فإن قلبك يكون صادقًا. على الرغم من أنك ربَّما لم تقل الكثير، فإن قلبك قد خفق بالفعل. وهذا يعني أنك تُقدِّم قلبك الصادق لله وأن الله يسمع. عندما يسمع الله، فإنه يرى صعوباتك وينيرك ويرشدك ويساعدك. متى يكون قلب الإنسان في أصدق حالاته؟ يكون في أصدق حالاته عندما يتطلَّع الإنسان إلى الله وعندما لا يوجد مخرج. أهم شيء تمتلكه في التطلُّع إلى الله هو القلب الصادق. ينبغي أن تكون في حالة احتياجٍ حقيقيّ لله. وهذا يعني أن قلوب الناس ينبغي أن تكون على الأقلّ صادقة وليست غير مبالية؛ وعلى الناس عدم الاكتفاء بتحريك أفواههم فقط دون قلوبهم. إذا كنت تتخبَّط في عمليَّة التحدُّث إلى الله، ولكن قلبك لا يتأثَّر، وما تقصده هو: "لقد وضعت خططي الخاصَّة بالفعل، وبهذا أخطرك يا الله. سوف أنفِّذها بصرف النظر عمَّا إذا كنت توافق أم لا. فأنا أفعل هذا دون حماسةٍ"، فإن هذا يعني حدوث المتاعب. إنك تخدع الله وتتلاعب به، وهذا أيضًا تعبيرٌ عن عدم توقير الله. كيف سيعاملك الله بعد هذا؟ سوف يتجاهلك الله وينبذك، وسوف تتعرَّض للإذلال التامّ. إذا كنت لا تطلب الله جاهدًا ولا تبذل جهدًا في الحقّ، فسوف تُطرد.

إن معظم الناس الذين يؤمنون بالله هم على هذه الحالة؛ فهم يعيشون معظم الوقت في حالة من عدم التفكير واللاوعي، وعندما لا يحدث شيء غير عادي ولا يتعرضون لأية مشقة كبيرة، لا يعرفون الصلاة إلى الله أو الاتكال عليه، ولا يسعون إلى الحق في وجه المشكلات المعتادة، بل يعيشون على معرفتهم وتعاليمهم وميولهم الخاصة، وهم يدركون جيدًا أن الشيء الصحيح المطلوب منهم فعله هو الاتكال على الله، ولكنهم في معظم الأوقات يتّكلون على أنفسهم والظروف والبيئات المفيدة من حولهم، وكذلك على أي أشخاص وأحداث وأشياء تعمل لمصلحتهم. هذا أكثر ما يبرع فيه الناس. وأكثر ما هم سيئون فيه هو الاعتماد على الله والتطلع إليه، لأنهم يشعرون أن تطلعهم إلى الله يضايقهم للغاية – وأنهم مهما صلَّوا إلى الله سيظلون بدون تلقي أي استنارة أو إضاءة أو إجابة فورية؛ لذا يتصورون أنهم سيوفرون على أنفسهم المتاعب ويذهبون ويجدون شخصًا يحل لهم المشكلة. وهكذا، في هذا الجانب من دروس الناس، فإن أداءهم هو الأسوأ، ودخولهم فيه هو الأكثر ضحالة. إذا لم تتعلم كيف تتطلع إلى الله وتتكل عليه، فلن ترى أبدًا الله يعمل فيك أو يرشدك أو ينيرك. إذا كنت لا تستطيع رؤية هذه الأشياء، فإن أسئلة مثل "ما إذا كان الله موجودًا وما إذا كان يوجِّه كل شيء في حياة البشر" ستنتهي في أعماق قلبك بعلامة استفهام بدلاً من نقطة أو علامة تعجب. "هل يوجّه الله كل شيء في حياة البشر؟" "هل يرى الله أعماق قلب الإنسان؟" إن كانت هذه طريقة تفكيرك، فأنت في مشكلة. لأي سبب تصيغون هذه الأفكار في شكل أسئلة؟ إذا كنت لا تتكل حقًا على الله أو تتطلع إليه، فلن تكون قادرًا على اكتساب إيمان حقيقي به. وإذا كنت لا تستطيع اكتساب إيمان حقيقي به، فبالنسبة إليك، ستظل علامات الاستفهام هذه موجودة إلى الأبد، مصاحبة لكل ما يفعله الله، ولن توجد جُمَلٌ تنتهي بعلامات وقف. عندما لا تكونون مشغولين، اسألوا أنفسكم: "أؤمن أن الله هو الحاكم صاحب السيادة على كل الأشياء" – هل يلي ذلك علامة استفهام أم نقطة أم علامة تعجب؟" عندما تتأملون في هذا، لن يكون بإمكانكم القول بالضبط أي حالة تنطبق عليكم لبعض الوقت. فبعد اكتسابكم بعض الخبرة ستكونون قادرين على رؤية الأمور بوضوح؛ فتقولون متيقنين: "الله هو فعلًا الحاكم صاحب السيادة على كل الأشياء!!!" وهذه ستتبعها ثلاث علامات تعجب، وذلك لأنكم في الواقع لديكم معرفة بحكم الله دون أي شكوك. أي من هذه الحالات تنطبق عليكم؟ بالنظر إلى حالاتكم وقاماتكم الراهنة، من الواضح أنه توجد غالبًا علامات استفهام، ويوجد عدد كبير تمامًا منها. يدل هذا على أنكم لا تفهمون شيئًا من الحق، وأنه ما زالت توجد شكوك في قلوبكم. عندما يكون لدى الناس كثير من الشكوك حول الله، يكونون بالفعل على حافة الخطر؛ إذ لديهم إمكانية السقوط وخيانة الله في أي وقت من الأوقات. ولماذا أقول إن الناس صغيرو القامة؟ وعلى أي أساس يتحدد حجم قامة الشخص؟ يتحدد من خلال مقدار الإيمان الصادق بالله الذي تمتلكه، ومقدار المعرفة الحقيقية التي لديك. وما المقدار الذي لديكم؟ هل تفحصتم هذه الأمور من قبل؟ يوجد كثير من الشباب الذين توصلوا إلى الإيمان بالله عن طريق والديهم، وتعلموا بعض التعاليم عن الإيمان بالله من أولياء أمورهم، ويعتقدون أن الإيمان بالله أمر جيد، وأنه شيء إيجابي، ولكنهم لم يفهموا بعدُ فهمًا حقيقيًا أو يختبروا الحقائق التي ينبغي أن يفهمها المؤمنون بالله ويتثبتوا منها. ولذلك يوجد لديهم الكثير من علامات الاستفهام والمفاهيم، ومعظم الكلمات التي تخرج من أفواههم ليست تأكيدات أو كلمات تعجُّب، بل هي أسئلة. وذلك لأنهم يعانون العديد من النقائص، ولا يمكنهم فهم كُنه الأشياء، ومن الصعب القول ما إذا كانوا سيتمكنون من الثبات. من الطبيعي بالنسبة إليكم أن تكون لديكم علامات استفهام كثيرة في العشرينات والثلاثينات من أعماركم، ولكن بعد أن تؤدوا واجبكم لبعض الوقت، كم من علامات الاستفهام هذه يمكنكم التخلص منها؟ هل ستتمكنون من تغيير علامات الاستفهام هذه إلى علامات تعجُّب؟ سيتوقف هذا على خبرتكم. هل هذا أمر مهم أم لا؟ (إنه مهم). هذا مهم للغاية! ما الذي قلتُ عنه للتو إنه الحكمة الكبرى؟ (التطلع إلى الله والاتكال عليه في كل الأمور). عندما يسمع بعض الناس هذا يقولون: "تلك الإجابة بسيطة للغاية وشائعة بدرجة كبيرة. إنها قول مبتذل، ولا أحد يقوله في هذه الأيام". قد يبدو التطلع إلى الله طريقًا واضحًا للممارسة، ولكنه درس ينبغي أن يدرسه كل تابع لله ويدخل فيه أثناء حياته. هل تطلّع أيوب إلى الله عندما كان في السبعينات من عمره؟ (أجل). وكيف تطلع إلى الله؟ ما هي المظاهر المحددة لتطلعه إلى الله ولجوئه إليه؟ عندما فقد ممتلكاته وأولاده، كيف تطلع إلى الله؟ صلَّى في قلبه وفعل بعض الأمور في الظاهر، وماذا ورد في الكتاب المقدس عن ذلك؟ "مَزَّقَ جُبَّتَهُ، وَجَزَّ شَعْرَ رَأْسِهِ، وَخَرَّ عَلَى ٱلْأَرْضِ وَسَجَدَ" (أيوب 1: 20). لقد خرّ على الأرض وسجد. ذلك مظهر اللجوء إلى الله! كان هذا ورعًا بدرجة لا تصدق. هل هذا شيء تستطيعون فعله؟ (لا نقدر على فعله بعدُ). إذًا، هل ترغبون في فعله؟ (أجل). إن استطاع امرؤ السموّ إلى مستوى أيوب، واتقى الله وحاد عن الشر، وأصبح شخصًا نزيهًا، فهو عندئذ كامل! ولكن أثناء أدائكم واجبكم، عليكم أن تمتلكوا الإرادة لتحمُّل الشدائد. عليكم أن تثابروا على السعي نحو الحق. بمجرد أن تفهموا الحق وتتعاملوا مع الأمور وفقًا للمبادئ، ستكونون قد أديتم متطلبات الله. ما عليكم سوى تذكر هذا.

1 يناير 2015

السابق: جوهر المسيح هو المحبة

التالي: بتسليم المرء قلبه لله يمكنه نيل الحق

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب