82. تعذيب في غرفة التحقيقات

بقلم شياو مين – الصين

اعتقلني الحزب الشيوعي الصيني، أثناء وعظي بالإنجيل في عام 2012. عدت قرب المساء في يوم 13 سبتمبر إلى المنزل، وكعادتي دائمًا، أوقفت دراجتي الكهربائية في الخارج وضغطت على جرس الباب. وتفاجأت بعد أن فتحت الباب بأربعة رجال أقوياء البنية مثل الذئاب ينقضون عليَّ، وثنوا ذراعي خلف ظهري وقيَّدوا يديّ، ثم دفعوني إلى الكرسي وقيَّدوا حركتي، وسرعان ما بدأ العديد من رجال الشرطة في تفتيش حقيبتي. وفي مواجهة هذا الإظهار المفاجئ والقاسي للقوة، أخرسني الخوف، وشعرت بأنني مثل حمل صغير مذعور تحاصره ذئاب شرسة، دون أي قوة للمقاومة على الإطلاق. ثمَّ أخرجوني ووضعوني في مؤخرة سيارة خاصة سوداء. داخل السيارة، نظر إليَّ قائد الشرطة، وكان يشبه رجلًا مثيرًا للشفقة منتشي من نجاحه، وعلى وجهه ابتسامة كريهة، قائلًا: "هل تعرفين كيف قبضنا عليكِ؟" وخوفًا من أن أحاول الهرب، أمسكني شرطيان من الجانبين كما لو كنت مجرمة خطيرة. شعرت بالغضب والهلع، ولم أستطع أن أخمِّن كيف ستعذبني الشرطة. شعرت بخوف شديد من عدم قدرتي على تحمُّل تعذيبهم، ومن أن أصبح مثل يهوذا وأخون الله. ولكنني فكَّرت في كلام الله الذي يقول: "ما دمتم تُصلّون وتتضرعون أمامي باستمرار، فسأمنحكم كل الإيمان. قد يبدو الذين في السلطة أشرارًا من الخارج، لكن لا تخافوا؛ لأن هذا سببه أن إيمانكم ضئيل. ما دام إيمانكم ينمو، فلن يستعصي عليكم أمرٌ" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الخامس والسبعون). أعطاني كلام الله القدير الإيمان والقوة، وساعدني تدريجيًا على الهدوء. فكَّرت في نفسي قائلة: "نعم. بغض النظر عن مدى وحشية وشراسة رجال الشرطة الأشرار، فهم مجرد بيادق صغيرة في يد الله، وهم ضمن ترتيبات الله. ما دمت أصلَّي وأدعو الله بقلب حقيقي، فإن الله سيكون معي ولا يوجد ما يدعو للقلق. إذا عذبني وضربني رجال الشرطة الأشرار بقسوة، فسيكون ذلك اختبار من الله لإيماني. بغض النظر عن الكيفية التي قد يعذبون بها جسدي، لا يمكنهم أبدًا منع قلبي من النظر إلى الله ودعوته. وحتى لو قتلوا جسدي، فإنهم لا يستطيعون قتل روحي، حيث إن كياني بجملته بين يدي الله". ما إن فكَّرت بذلك، لم أعد أخاف إبليس الشيطان، وغدوت عازمة على التمسُّك بالشهادة لله. لذلك دعوت في قلبي قائلة: "يا الله القدير، بغض النظر عمَّا يفعلونه بي اليوم، أنا على استعداد لمواجهة كل شيء. ومع أن جسدي ضعيف، أتمنى أن أعيش متَّكلة عليك، وألا أعطي الشيطان فرصة واحدة لاستغلالي. أرجوك احمني، ولا تدعني أخونك، ولا تدعني أصير كيهوذا المخزي". أثناء سيرنا بالسيارة، ظللت أترنَّم في عقلي بإحدى ترانيم الكنيسة: "بخطَّته وسيادته، أواجه التَّجارب المعدَّة لي. كيف لي أنْ أستسلم أو أحاول الاختباء! ... مجد الله يأتي أوَّلًا. في أوقات الضِّيقات، كلماته ترشدني ويكمِّل إيماني. أنا طوع يديه أبدًا، مكرَّسٌ لله، لا أخشى الموت، لا. فمشيئته فوق كلّ الأشياء" (من "أطلب رضا الله وحسب" في "اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة").‎‎ بينما كنت أترنَّم بصمت، كان قلبي مملوءًا بالقوة، وأصبحت عازمة على الاتكال على الله أشهد وأُذل الشيطان.

ما أن أخذوني إلى غرفة الاستجواب، فوجئت برؤية أخت أخرى تؤدي نفس واجب الكنيسة مثلي،، وإحدى قائدات الكنيسة، كُنَّ هناك أيضًا. لقد قُبض عليهن كذلك! رآني أحد رجال الشرطة وأنا أنظر إلى أخواتي اللائي من الكنيسة، فسمَّرني في مكاني بنظراته ووبَّخني قائلًا: "إلام تحدقين؟ ادخلي!" ولمنعنا من التحدث مع بعضنا بعضًا، حبسنا رجال الشرطة في غرف استجواب مختلفة، ثم فتَّشوني بغلظة، وفكَّوا حزامي وفتشوا كل جزء من جسمي، فشعرت بإهانة جسيمة، ورأيت إلى أي مدى كان أتباع حكومة الحزب الشيوعي الصيني يتسمون حقًا بالشر والحقارة والوضاعة. شعرت بالغضب، لكنني اضطررت إلى ابتلاع غضبي، حيث لم يكن يوجد مكان في عرين الوحوش هذا للعقل. بعد أن صادروا دراجة كهربائية جديدة كانت ملكًا للكنيسة وأكثر من 600 يوان كانت معي، بدأوا في استجوابي. "ما اسمك؟ ما هو مركزك في الكنيسة؟ مَنْ هو قائدك؟ أين هم الآن؟" لم أجب، فصرخ الشرطي في وجهي قائلًا: "هل تعتقدين أننا لن نعرف إن لم تخبرينا؟ ليس لديك فكرة عمَّا يمكننا القيام به! يجب أن تعلمي أننا قد ألقينا القبض على قادتك من المستوى الأعلى أيضًا!" ثم انتقلوا بعدها إلى ذكر بعض الأسماء، وسألوا إذا كنت أعرف أيًا منهم، واستمروا في استجوابي قائلين: "أين تُحفظ كل أموال كنيستك؟ أخبرينا!" رفضت كل ما قالوه وقلت لهم: "لا أعرف أحدًا! لا أدري أي شيء!" وعندما رأوا أن أول جولة من الاستجوابات فشلت، قرروا أن يلعبوا بورقتهم الرابحة، وبدأوا يتناوبون على استجوابي وتعذيبي في محاولة لإنهاكي. ولأن الشرطة لم تتمكَّن في اليوم الأول من الحصول على المعلومات التي يريدونها مني، شعروا بالخزي والغضب، وقال رئيسهم بشراسة: "لن أستسلم لعنادها. عذبوها!" أخذ رجال الشرطة يديَّ المكبلتين اللتين كانتا لا تزالان وراء ظهري وعلقوهما على طاولة، ثم أجبروني على البقاء في وضع نصف القرفصاء، وكانوا ينظرون إليّ نظرةً عدائية، ويضغطون عليَّ بالأسئلة. "أين قائدك؟ أين هي كل أموال الكنيسة؟" كانوا يتوقون إلى أن انكسر تحت ضغط هذا التعذيب وأن أستسلم لهم. وبعد أن واصلت الشرطة الشريرة هذا العذاب لنحو نصف ساعة، بدأت ساقاي في الشعور بالألم والارتعاش. كان قلبي يخفق بشدة وكانت ذراعاي تؤلمانني بشدة. وصلت لحافة قدرتي على التحمُّل وشعرت كما لو أنني لا أستطيع أن أتحمَّل للحظة أخرى، ولذا دعوت بصدق في قلبي قائلة: "يا الله القدير، أرجوك خلِّصني. لم أعد أتحمَّل. لا أريد أن أخونك مثل يهوذا. أرجوك اعطني القوة". بعد ذلك، تبادر كلام الله هذا إلى ذهني: "إن رهان الشيطان مع الله يسبق كل خطوة يأخذها الله فيكم، فخلف كل هذه الأمور صراعٌ. ... عندما يتصارع الله والشيطان في العالم الروحي، كيف عليك إرضاء الله والثبات في شهادتك؟ يجب عليك أن تعرف أن كل ما يحدث لك هو تجربة عظيمة، وأن تعرف الوقت الذي يريدك الله فيه أن تشهد له" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. محبة الله وحدها تُعد إيمانًا حقيقيًّا به). لقد أيقظني كلام الله ومكَّنني من إدراك أن الشيطان كان يعذّبني بهذه الطريقة ليجعلني أخون الله وأتخلَّى عن السعي وراء الحق. كانت هذه معركة تدور رحاها في العالم الروحي: لقد كان الشيطان يحاول إغوائي، وكانت أيضًا طريقة الله في تجربتي. كانت هذه هي اللحظة التي يحتاج فيها الله إلى شهادتي له. كان لدى الله توقعات مني وكان الكثير من الملائكة يراقبونني الآن، وكذلك إبليس الشيطان، وكلهم ينتظرون مني أن أعلن موقفي. كنت أعرف ببساطة أنه لا يمكنني أن أستسلم وأستلقي، ولا يمكن أن أسلِّم نفسي للشيطان؛ كنت أعلم أنه كان عليّ السماح لعمل الله أن يتم من خلالي لتلبية مشيئة الله. وفقًا لمبدأ غير قابل للتغيير، كان هذا هو الواجب الذي يجب أن أقوم به ككائن مخلوق – كانت هذه هي دعوتي. في هذا المنعطف الحاسم، كان لموقفي وسلوكي تأثير مباشر على قدرتي على الشهادة المنتصرة لله، وبالأحرى أن يكون لهما تأثير مباشر على قدرتي على أن أصبح شهادة على هزيمة الله للشيطان وربحه للمجد. كنت أعلم أنني لا أستطيع أن أتسبَّب في حزن الله أو أن أخيّب أمله، ولا أن أسمح لمخططات الشيطان الماكرة التي ابتُليت بها أن تنجح. عندما فكَّرت في هذه الأمور، زادت القوة فجأة في قلبي وقلت بقوة: "يمكنكم ضربي حتى الموت، لكن ما زلت لا أعرف أي شيء!" عندئذٍ جاءت إحدى الشرطيات إلى الغرفة، وعندما رأتني قالت: "أنزلوها بسرعة. ما الذي تحاولون عمله، أن تقتلوها؟ إن أصابها مكروه ستكون مسؤوليتكم!" علمت في قلبي أن الله القدير قد سمع صلاتي وحفظني من الأذى في هذه اللحظة الخطرة. عندما أنزلني رجال الشرطة الأشرار، انهرت على الفور على الأرض. لم أتمكَّن من الوقوف، وفقدت ذراعاي وساقاي كل إحساس. بالكاد كانت لدي القدرة على التنفس، ولم أكن أشعر بأطرافي الأربعة تمامًا. شعرت بالخوف في ذلك الوقت وانهمرت الدموع من عيني بلا انقطاع. وفكرت في نفسي قائلة: "هل سينتهي بي الأمر إلى أن أصبح كسيحة؟" ومع هذا، فإن رجال الشرطة الأشرار لم يسمحوا لي بالرحيل. جاء شرطي على كل من الجانبين، أمسكا بذراعيّ وسحباني مثل الجثة إلى مكسور، ودفعاني عليه. ثمَّ قال أحد رجال الشرطة بشراسة: "إذا لم تتحدَّث، فعلقاها بالحبال!" وبسرعة أخرج الشرطي الشرير الآخر حبلًا رفيعًا من النايلون واستخدمه في تعليق يديّ الموثقتان على أنبوب تسخين. وسرعان ما سُحب ذراعيّ لأعلى وبدأت أشعر بالألم في ظهري وكتفيَّ. استمر رجال الشرطة الأشرار في استجوابي، متسائلين: "هل ستخبرينا بما نريد أن نعرفه؟" ومع ذلك لم أجبهم، فشعروا بالغضب لدرجة أنهم ألقوا كوبًا من الماء في وجهي، قائلين إنه بغرض إيقاظي. كنت آنذاك قد عُذبت بالفعل لدرجة أنه لم تعد فيّ ذرة من القوة، وكانت عيناي متعبتين لدرجة أنني لم أتمكَّن حتى من فتحهما. وعندما رأوا أنني صامتة، فتح أحد رجال الشرطة الأشرار عيني قسرًا بيديه ليسخر مني. خلال ساعات من الاستجواب والتعذيب، كان رجال الشرطة الأشرار قد استخدموا جميع الخدع التي في جعبتهم، لكن محاولاتهم لجعلي أتحدث باءت بالفشل.

عندما رأى رجال الشرطة الأشرار أنهم لم يتمكَّنوا من انتزاع أي شيء مني من خلال استجوابي، قرَّروا استخدام مؤامرة شيطانية: أحضروا شخصًا من المدينة أطلق على نفسه "خبير استجواب" للتعامل معي، وأخذوني إلى غرفة أخرى وأمروني بالجلوس على كرسي معدني، ثم قيَّدوا كاحليَّ بإحكام إلى أرجل الكرسي، ويديَّ إلى ذراعيّ الكرسي. وبعد فترة وجيزة، جاء رجل أنيق المظهر يرتدي نظارة ويحمل حقيبة. ابتسم لي ابتسامة واسعة، وتظاهر بأنه لطيف، ونزع السلاسل التي تكبّل يديّ وكاحليّ بالكرسي، وسمح لي بالجلوس على سرير صغير في جانب الغرفة، ثم سكب لي كوبًا من الماء، وقدَّم لي الحلوى. تقدَّم نحوي وقال بود مُصطنع: "لماذا تعانين هكذا؟ لقد عانيتِ كثيرًا، لكن في الواقع الأمر ليس بهذه الأهمية. أخبرينا بما نريد أن نعرفه، وكل شيء سيكون على ما يرام..." في مواجهة هذا الوضع الجديد، لم أكن أعرف ماذا يجب أن أفعل، لذلك صلَّيتُ إلى الله في قلبي على عجل ودعوته إلى تنويري وإرشادي. عندئذٍ، فكرت في كلام الله القدير القائل: "يجب أن تتحمل كل التجارب وتقبل كل ما يأتي مني. يجب أن تسير وفق كل ما يقوم به الروح القدس ليرشدك. ينبغي أن يكون لك روح تواق، وأن تكون لديك القدرة على تمييز الأشياء. ينبغي أن تفهم الناس ولا تتبع الآخرين اتباعًا أعمى، وأن تبقي عينيك الروحيتين براقتين، وأن تمتلك معرفة دقيقة بالأشياء" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الثامن عشر). لقد بيّن لي كلام الله طريق الممارسة وساعدني على إدراك أن الشيطان سيكون دائمًا شيطانًا، وأن الشيطان لا يمكنه أبدًا تغيير جوهره الشيطاني الذي يقاوم الله ويكرهه. سواء كانوا يستخدمون تكتيكات قاسية أو تكتيكات ناعمة، فإن هدفهم هو دائمًا أن يجعلوني أخون الله وأن أتخلَّى عن طريق الحق. بفضل تحذير كلام الله، وصلت إلى تمييز مخططات الشيطان الماكرة، وتطهّر عقلي، وأصبحت قادرة على اتخاذ موقف حازم. ثم قال لي المحقق: "تمنع حكومة الحزب الشيوعي الصيني الناس من الإيمان بالله، وإن واصلت الإيمان بالله القدير، فسوف تتورَّط عائلتك بأكملها، وسيؤثر هذا على مستقبل الأبناء في عائلتك، وفرص عملهم، وفرصهم المستقبلية في الخدمة المدنية، ومن الأفضل أن تفكري مليًا في الأمر" بعد أن قال هذا، بدأت معركة تحتدم في داخلي، وشعرت بانزعاج مضاعف. وفي وقت شعوري بالضياع، فكَّرت فجأة في اختبارات بطرس عندما نجح في التمسُّك بالشهادة أمام الشيطان؛ لقد حاول بطرس دائمًا فهم الله من خلال كل خطط الشيطان الماكرة التي كان يواجهها له. وهكذا، في أعماق قلبي، نظرت إلى الله وأودعته كل شيء، وطلبت مشيئته. ودون أن أعي، خطر ببالي كلام الله القدير القائل: "فقط الله مَنْ يعزّي هذه البشرية، وهو الوحيد الذي يعتني بها ليلًا ونهارًا. لا ينفصل التقدم البشري والنمو عن سيادة الله، ولا يمكن انتزاع تاريخ البشرية ومستقبلها بعيدًا عن مقاصده. ... فالله وحده يعرف مصيرَ الأمم والدول، وهو وحده من يتحكم في مسار هذه البشرية" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. ذيل مُلحق 2: الله هو من يوجِّه مصير البشرية). ملأني كلام الله بالنور. وفكَّرت في نفسي قائلة: "نعم! الله هو الخالق ومصيرنا كبشر هو في يد الله. إبليس الشيطان هو على شاكلة من يتحدّون الله. وإن كانوا حتى غير قادرين على تغيير مصيرهم بأن يكون محكوم عليهم بالجحيم، فكيف يمكنهم التحكُّم في مصير الإنسان؟ إن مصير الإنسان معيَّن سابقًا من الله، ويتوقف نوع الوظائف التي يمكن لأطفالي أن يشغلوها في المستقبل، وشكل مستقبلهم على الله – وليس للشيطان أي سلطان على هذه الأمور على الإطلاق". عندما فكَّرت في هذا، أصبحت قادرة على رؤية حقارة الشيطان وأبالسته وخزيهم بصورة أكثر وضوحًا. فمن أجل إجباري على إنكار الله ورفضه، كان يستخدم الحيل المخادعة والشريرة – هذه "الألعاب الذهنية" – لجذبي إلى الانخداع. لولا تنوير الله القدير وإرشاده لي في الوقت المناسب، لأطاح بي بالفعل الشيطان وأسرني. والآن بعد أن أدركت كيف أن الشيطان حقير وشرير، تعزَّزت ثقتي بعدم الاستسلام لمخططاته الماكرة. وفي النهاية، كان الشرطي الشرير في حيرة من أمره ولم يكن يعرف ماذا يفعل أيضًا، وهكذا غادر وهو في حالة من الضيق الشديد.

في اليوم الثالث، رأى قائد قطاع مكافحة الجريمة في الشرطة أنهم لم يحصلوا على أي معلومات مني واشتد به الغضب، وشكى من عدم كفاءة مرؤوسيه. وجاء إليّ، وعلى وجهه ابتسامة ساخرة، وتحدَّث بسخرية، قائلًا: "لماذا لم تعترفي بعد؟ مَنْ تظنين نفسك، ليو هولان؟ تعتقدين أننا قمنا بالفعل بأسوأ ما لدينا لذا لم تعودي خائفة، أليس كذلك؟ لماذا لا يأتي إلهك القدير ويخلصك؟" أثناء حديثه، كان يخيفني وهو يلوح بعصا كهربائية صغيرة أمام عيني يقرقع ويومض بضوء أزرق، ثم أشار إلى عصا كهربائية كبيرة كانت تُشحن بالكهرباء وهددني قائلًا: "هل ترين هذا؟ سوف تنفد هذه العصا الكهربائية الصغيرة من الشحن بعد قليل، وفي غضون لحظات، سأستخدم هذه العصا الكهربائية الكبيرة المشحونة بالكامل لصعقك بالكهرباء، ومن ثمَّ سنرى ما إذا كنت ستتكلمين! أنا أعلم أنك سوف تتكلمين حينها!" نظرت إلى العصا الكهربائية الكبيرة ولم أملك سوى أن أشعر بالذعر: "هذا الشرطي الشرير شرس وشيطاني للغاية. هل سينتهي به الأمر إلى قتلي؟ هل سأكون قادرة على تحمُّل هذا العذاب؟ هل سأصعق بالكهرباء حتى الموت؟ "في تلك اللحظة، غمرني الضعف والجبن والألم والعجز، فدعوت الله على عجل قائلة: "يا الله، أرجوك أن تحميني وتمنحني القوة". وبعد ذلك، تبادرت إلى ذهني عدة أبيات من ترنيمة من كلام الله تقول: "الإيمان أشبه بجسرٍ خشبيّ مؤلف من جذع واحد، بحيث يجد الذين يتشبّثون بالحياة في وضاعةٍ صعوبةً في عبوره، أمّا أولئك الذين يستعدّون للتضحية بأنفسهم فيمكنهم المرور عليه دون قلقٍ. إذا كانت لدى الإنسان أفكار الخجل والخوف، فسوف ينخدع من الشيطان؛ إذ يخشى الشيطان أن نعبر جسر الإيمان للوصول إلى الله" (من "ليملُك الله على كياننا بجملته‎" في "اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). وتبادرت إلى ذهني أيضًا هذه الكلمات التي قالها الرب يسوع: "وَلَا تَخَافُوا مِنَ ٱلَّذِينَ يَقْتُلُونَ ٱلْجَسَدَ وَلَكِنَّ ٱلنَّفْسَ لَا يَقْدِرُونَ أَنْ يَقْتُلُوهَا، بَلْ خَافُوا بِٱلْحَرِيِّ مِنَ ٱلَّذِي يَقْدِرُ أَنْ يُهْلِكَ ٱلنَّفْسَ وَٱلْجَسَدَ كِلَيْهِمَا فِي جَهَنَّمَ" (متى 10: 28). تسبَّب كلام الله في انهمار دموعي بغزارة، وشعرت بتأثر غير عادي. كانت القوة في قلبي مثل النار المتأججة، وفكَّرت: "حتى لو مت اليوم فماذا هنالك لأخشاه؟ إنه لشيء مجيد أن أموت من أجل الله، وسوف أتخلَّى عن كل شيء لمحاربة الشيطان حتى الموت!" في تلك اللحظة، تبادرت إلى ذهني بعض الأبيات من ترنيمة أخرى من كلام الله تقول: "في الطريقِ إلى أورشليمَ، شعرَ قلبُ يسوعَ بالألمِ. لكنه حافظَ على كلِمَتَهُ وتَقَدَّمَ إلى مكانِ صلبِهِ. في النهايةِ سُمِّرَ على الصليبِ، وصارَ صورةً للجسدِ الخاطئِ، مُكمِلًا عملَ الفداءِ..." (من "تمثَّلْ بالربِّ يسوعَ" في "اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة").‎‎ ترنمت كثيرًا في قلبي، وانهمرت الدموع بلا توقف على وجنتيّ. ورأيت أمام عينيّ مشهد صلب الرب يسوع: لقد سخر الفريسيون من الرب يسوع وأهانوه وافتروا عليه، وقد ضربه جلَّاده بسوط أطرافه من الرصاص، حتى غطته الجروح والكدمات، وسمَّروه في النهاية بقسوة على خشبة الصليب، ومع ذلك لم ينطق بكلمة... كل ما مر به الرب يسوع كان من أجل حبه للبشرية، هذا الحب الذي طغى على حبه لحياته ذاتها. في تلك اللحظة، ألهمت محبة الله قلبي وأثَّرت فيه وملأتني قوةً وإيمانًا هائلين. شعرت بعدم الخوف من أي شيء، وشعرت أنه سيكون أمرًا مجيدًا أن أموت من أجل الله، في حين أنه سيكون أكبر عار أن أصبح مثل يهوذا. لكنني تفاجأت عندما قررت أن أتمسَّك بالشهادة لله حتى وإن كان الثمن هو حياتي. هرول شرطي شرير إلى الغرفة قائلًا: "توجد اضطرابات في ميدان المدينة، ويتعيَّن علينا حشد قوات الشرطة لقمعها والحفاظ على النظام العام!" وهرول الشرطي الشرير خارجًا. وعندما عادوا، كان في وقت متأخر من الليل، ولم تكن لديهم طاقة لاستجوابي بعد ذلك، وقالوا لي بشراسة: "بما أنك لن تتكلمي، سنرسلك إلى مركز الاحتجاز!" في صباح اليوم الرابع، التقط رجال الشرطة الأشرار صورة لي وعلّقوا علامة مربعة كبيرة حول عنقي تحمل اسمي مكتوبًا بفرشاة. كنت مثل مجرم مدان، وكان رجال الشرطة الأشرار يسخرون مني ويستهزؤون بي. شعرت كأنني تعرضت لأكبر قدر من الذل، وشعرت بضعف شديد في داخلي. أدركت أن حالتي الذهنية لم تكن صحيحة، ولذا دعوت الله على عجل بصمت في قلبي: "يا إلهي، أرجوك أن تحمي قلبي وتمكِّنني من فهم مشيئتك، وألا تجعلني أقع فريسة لمخططات الشيطان الماكرة". بعد الصلاة، ظهر مقطع من كلام الله في ذهني: "بالطبع، عليك كمخلوقٍ أن تعبد الله وأن تنشد حياة ذات معنى. ... عليك كمخلوقٍ أن تبذل من أجل الله وأن تتحمل كل ضيق. عليك أن تقبل بسرور وثقة الضيق القليل الذي تكابده اليوم، وأن تعيش حياة ذات معنى مثل أيوب وبطرس. … أنتم أناس يسعون نحو الطريق الصحيح، وينشدون التحسُّن. أنتم أناس قد نهضوا في أمة التنين العظيم الأحمر، ويدعوهم الله أبرارًا. أليس هذا أسمى معاني الحياة؟" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الممارسة (2)]. لقد سمح لي كلام الله أن أفهم أن القدرة على السعي وراء الحق ككائن مخلوق، والعيش لعبادة الله وإرضائه، هي الحياة الأكثر جدوى وقيمة. إن إلقاء القبض عليَّ واحتجازي اليوم بسبب إيماني بالله، ومعاناتي كل هذه المهانة والألم، وقدرتي على المشاركة في مِحن المسيح، لم يكن شيئًا مخجلًا، بل شيئًا مجيدًا. الشيطان لا يعبد الله. بل على العكس من ذلك، فهو يفعل كل ما في وسعه لتعطيل عمل الله وعرقلته، وهذا أكثر الأمور خزيًا وحقارة. بسبب هذه الأفكار، امتلأت بالقوة والفرح. رأى رجال الشرطة الأشرار الابتسامة على وجهي وحدَّقوا بي في دهشة، وقالوا: "ما الذي يجعلك سعيدة؟" فأجبتهم باعتدال وبقوة قائلة: "إن إيماننا بالله وعبادتنا له أمر مبرَّر تمامًا. فلا يوجد ما هو خطأ على الإطلاق في القيام بذلك. لماذا لا أكون سعيدة؟" لم يقولوا شيئًا عندما سمعوا هذا الكلام، وبتوجيه من كلام الله، تمكَّنت مرة أخرى من الاعتماد على الله للتغلُّب على الشيطان.

ثم نُقلت إلى مركز الاحتجاز. كان كل شيء في هذا المكان أكثر كآبة وخوفًا، وشعرت كما لو أنني هبطت إلى جحيم ما. في كل وجبة، كانوا يعطونني قطعة سوداء صغيرة من الخبز المصنوع على البخار ووعاء من الحساء المُخفَّف الشفاف مع بعض أوراق الكرنب المسلوق التي تطفو على السطح. كنت في كل يوم أشعر بالجوع الشديد طوال اليوم، وكانت معدتي تتلوَّى طلبًا للطعام. ومع ذلك، كان عليَّ الاستمرار في عملٍ مضنٍ، وإذا لم أتمكَّن من الوفاء بحصتي، كنت أتعرض للضرب أو أُجبر على الوقوف للحراسة كعقاب. وبسبب التعذيب القاسي من رجال الشرطة الأشرار لي لعدة أيام، فقد أصبت بالفعل بكدمات وجروح من أعلى الرأس إلى أخمص القدمين، وأصبح من الصعب عليّ حتى المشي، لكن ظل الضابط الإصلاحي يجبرني على حمل كميات كبيرة من الأسلاك النحاسية. وبسبب هذا العمل الشاق، أصبحت أشعر بألم لا يُطاق في ظهري، وكان كل ما يمكنني فعله في نهاية كل يوم هو الزحف إلى سريري. لكن حتى أثناء الليل، كان الضابط الإصلاحي يجعلني أقف للحراسة، وجعلني هذا أشعر بالإرهاق الشديد. في إحدى الليالي بينما كنت في مهمة حراسة، استغللت غياب الضابط الإصلاحي الشرير، وجلست سرًا في وضع القرفصاء على أمل الحصول على قسط من الراحة. ومع ذلك، وعلى غير توقع، رآني ضابط إصلاحي شرير على الشاشة في غرفة المراقبة، وهرع إليّ وهو يصرخ: "من قال إنك تستطيعين الجلوس؟" وعندها همست لي واحدة من السجينات الأخريات قائلة: "أسرعي واعتذري له، وإلا سيجعلك تنامين على "السرير الخشبي". وبهذا كانت تعني التعذيب حيث يُنقل لوح خشبي في زنزانة السجين، وتقيّد يديه ورجليه في هذا اللوح بالسلاسل، ويوثق معصميه إليه بالحبال، ثم يُربط السجين باللوح، ولا يُسمح له بالحركة مرة أخرى لمدة أسبوعين. عند سماع ذلك، امتلأت بالغضب والكراهية، لكنني علمت أنه لا يمكنني إظهار حتى أقل قدر من المقاومة. كان كل ما أمكنني عمله هو ابتلاع غضبي. وجدت أن مثل هذا التنمُّر والتعذيب يصعب تحمُّله. في تلك الليلة، استلقيت على فراشي البارد لدرجة التجمد أبكي على الظلم البيّن، وقلبي يمتلئ بالشكاوى والمطالب من الله، وكنت أفكِّر قائلة: "متى ينتهي كل هذا؟ يوم واحد فقط في هذا المكان الجهنمي هو كثير". ثم فكَّرت في كلام الله القائل: "إن كنت تفهم أهمية الحياة البشرية، واتخذت الطريق الصحيح للحياة البشرية، وإن كنت سوف تخضع لتدابير الله في المستقبل، مهما كانت طريقة تعامل الله معك، دون أي شكوى أو طلب بدائل، ولن تكون لديك أي متطلبات من الله، فستكون بهذه الطريقة شخصًا تتمتع بقيمة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كيف يمكن للإنسان الذي حصر الله في مفاهيمه أن ينال إعلانات الله؟). جعلني كلام الله أخجل من نفسي، وتذكَّرت كيف قلت دائمًا إنني سوف أسعى لطاعة الله دائمًا بكل الطرق، مثلما فعل بطرس، بغض النظر عن مدى الألم أو المعاناة، ولن أتَّخذ أي قرارات أو مطالب لمصلحة شخصية. لكن عندما حلَّ بي الاضطهاد والشدائد واضطررت إلى المعاناة ودفع الثمن، وحاولت أن أفكر في وسيلة للفرار. لم يكن لديَّ أي طاعة على الإطلاق! عندها فقط فهمت أخيرًا مقاصد الله الطيبة: لقد سمح الله لهذا البؤس أن يصيبني لصقل عزيمتي على تحمُّل المعاناة، وليسمح لي أن أتعلَّم كيف أطيع في معاناتي، حتى أكون قادرة على الخضوع لترتيبات الله ولأكون مؤهلة لتلقي وعده. كل ما كان يفعله الله لي كان يتم بدافع الحب، وكان يقوم به ليخلِّصني. تحرَّر قلبي بعد ذلك، ولم أعد أشعر بالظلم أو الألم. كل ما أردته هو الخضوع لتنظيمات الله وترتيباته، للثبات في شهادتي وإذلال الشيطان.

بعد شهر، أُطلق سراحي. ومع ذلك، فقد اتهموني بتهمة "تعطيل إنفاذ القانون والمشاركة في جماعة دينية محظورة" بهدف تقييد حريتي الشخصية. لم يُسمح لي لمدة عام بمغادرة مدينتي أو المقاطعة، وكان عليّ أن أكون تحت أمر الشرطة كلما أرادوا. فقط بعد عودتي إلى المنزل اكتشفت أن جميع الممتلكات التي احتفظت بها في المنزل قد سرقها وأخذها رجال الشرطة. إلى جانب ذلك، نهب رجال الشرطة الأشرار منزلي مثل العصابات، وهددوا عائلتي قائلين إن عليهم أن يسلموهم أكثر من 25 ألف يوان قبل أن يطلقوا سراحي. لم يكن بمقدور حماتي تحمُّل كل هذا الخوف وأُصيبت بنوبة قلبية، ولم تتعافَ إلا بعد دخولها المستشفى وتلقي العلاج، بتكلفة تزيد عن 2000 يوان. في النهاية، أُجبرت عائلتي على مطالبة كل شخص يعرفونه بإقراضهم المال حتى يتمكَّنوا من جمع 3000 يوان للشرطة، وعندها فقط أُطلق سراحي. بسبب التعذيب القاسي الذي تعرضت له على أيدي الشرطة الشريرة، فقد ظل جسدي يعاني من آثار جانبية شديدة: كثيرًا ما كان ذراعاي وساقاي تتورم وتتسبَّب في ألم نتيجة الضغط الشديد الذي تعرضت له أثناء سجني؛ وأصبحت عاجزة حتى عن رفع 2,5 كغم من الخضروات أو غسل ملابسي، وفقدت القدرة على العمل تمامًا.

لقد منحتني تجربة الاعتقال والاضطهاد تلك رؤية واضحة للحزب الشيوعي، ولوجهه الشيطاني الشرير الذي يكره الحق ويكره الله. لقد أثارت بغضي للشيطان وللحزب الشيوعي الصيني الشيطاني المنحرف الذي يتعارض تمامًا مع السماء. كان لدي أيضًا تجربة شخصية حقيقية عن مدى عملية عمل الله وحكمته. لقد أدى اعتقالي واضطهاد الحزب الشيوعي إلى تطوير بصيرتي. لقد صقل أيضًا عزيمتي وكمَّل إيماني، مما سمح لي أن أتعلَّم كيف أنظر إلى الله وأتكل عليه. لقد تذوقت أيضًا قوة كلام الله وسلطانه، حيث رأيت أنه يمكن أن يكون مصدرًا للعون دائمًا إلى جوارنا. رأيت أن الله وحده هو الذي يحب الإنسان، والله وحده قادر على خلاص الإنسان. أصبحت أقرب إلى الله في قلبي. لقد حصدت كل هذه المكافآت من مروري بالضيقة والتجارب. أقدِّم الشكر لله!

السابق: 81. الآلام هي بركات الله

التالي: 83. النصر وسط إغواءات الشيطان

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

69. العودة إلى الطريق الصحيح

يقول الله القدير، "خدمة الله ليست بالمهمة اليسيرة. إن أولئك الذين لا تزال شخصيتهم الفاسدة كما هي دون تغيير لا يمكنهم أن يخدموا الله أبدًا....

57. الإبلاغ أو عدم الإبلاغ

يقول الله القدير، "من أجل مصيركم، عليكم أن تسعوا إلى أن تحظوا بقبول الله. وهذا يعني أنكم ما دمتم تعترفون بأنكم تُحسبون في عداد بيت الله،...

28. لم أعد مرتعبة من المسؤولية

ذات يوم في نوفمبر 2020، حضر قائدٌ اجتماع فريقنا، ثم بعد اختتامه، ذكر أنه يريد أن ننتخب قائد فريقٍ يتولى مسؤولية أعمال التحرير لدينا....

3. اختبار شخصية الضد

"يا الله! سواء أكانت لي مكانة أم لا، أنا الآن أفهم نفسي. إذا كانت مكانتي رفيعة فهذا بسبب تزكيتك، وإذا كانت وضيعة فهذا بسبب ترتيبك. فالكلّ...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب