كلمات حول معرفة عمل الله وشخصيته
اقتباس 19
معظم الناس لا يفهمون عمل الله، لذلك إيمانهم ناقصٌ جدًّا. معرفة عمل الله ليست سهلة، فعلى المرء أوَّلًا أن يعرفَ أنه توجد خطة لكلِّ عمل الله وتجري كلها حسب توقيت الله. لا يمكن للإنسان أن يُدرك بالكامل ما يعمله الله ومتى يعمله، فالله يقوم بعملٍ محدَّدٍ في وقت مُعيَّن، ولا يُبطئ، ولا يمكن لأحد أن ينقض عمله. التصرُّف بحسب خطته ووفق مقاصده هو المبدأ الذي يقوم وفقه بعمله، ولا أحد يمكنه تغيير ذلك، ووفق ذلك عليك أن ترى شخصيَّة الله. عمل الله لا ينتظر أحدًا، وعندما يحين موعد عمل ما، ينبغي أن يتمَّ. لقد اختبرتم جميعكم عمل الله في السنوات القليلة الماضية. من يستطيع أن ينقض الطريقة التي يرزق بها الناس، ويمنعه من قول كلماته عندما يجب أن يقولها ويؤدي العمل عندما يجب أن يؤديه؟ عندما بدأ الناس يبشرون بالإنجيل، وزع أغلبهم كتبًا لكلمات الله للذين في الكنائس وللمتدينين. وماذا كانت نتيجة ذلك؟ قلة قليلة من هؤلاء الناس فحصوا كلمات الله، ومعظمهم كانوا مفترين وديانين وملآنين بالعداء، إذ أن بعضهم حرق الكتب، وبعضهم صادرها وبعضهم ضربَ أولئك الذين يبشرون بالإنجيل وأجبروهم على الاعتراف بذنبهم، وحتَّى أن بعضهم استدعى الشرطة ليعتقلوهم ويضطهدونهم. في ذلك الوقت، قاومت جميع الطوائف بشدة، ولكن في النهاية لا يزال إنجيل الملكوت منتشرًا في شتَّى أنحاء الصين القارية. من يستطيع تعطيل تنفيذ مشيئة الله؟ من يستطيع إيقاف انتشار إنجيل ملكوت الله؟ تسمع خراف الله صوته، وأولئك الذين سيربحهم الله سيربحهم عاجلًا أم آجلًا. هذا أمرٌ لا يمكن لأحدٍ نقضه. مثل العبارة المذكورة في سفر الأمثال التي تقول: "قَلْبُ ٱلْمَلِكِ فِي يَدِ يَهْوَه كَجَدَاوِلِ مِيَاهٍ، حَيْثُمَا شَاءَ يُمِيلُهُ" (أمثال 21: 1). هذا هو الحال بالأكثر مع هؤلاء الناس غير المهمِّين، أليس كذلك؟ عند الله خططه وترتيباته فيما يخص متى سيقوم بأيِّ عمل. بعض الناس يحكمون على الدوام بإنَّه يستحيل على الله أن يقوم بهذا أو ذاك، ولكن أفكار كهذه ما هي إلَّا محض تصورات الناس. مهما كان مدى الضرر الذي يقوم به الناس وقدر المتاعب التي يثيرها الشيطان، لن ينتج عنها شيئًا، ولن يستطيعوا إيقاف عمل الله. عمل الروح القدس يُحدِّد كلَّ شيء، والناس عاجزون عن تحقيق أيِّ شيء دون عمل الروح القدس. ما نوع العقل الذي ينبغي للناس التحلِّي به بخصوص هذا الشأن؟ عندما يُدرك الشخصُ أنَّ الروح القدس ليس يعمل، فعليه أن يتخلَّى عن مفاهيمه ويحذر من مغبة فعلِ أيِّ شيء بلا تروي. الخيار الحكيم هو أن يطلب مقاصد الله وينتظر توقيت الله. دائمًا ما يعتمد بعض الناس على مفاهيمهم وتصوراتهم البشرية ويسبقون الله، وتكون النتيجة أنَّ الروح القدس لا يعمل وتبوء جهودهم بالفشل. ولكن على الناس أن يقوموا بما هو واجب عليهم، وعليهم أن يؤدُّوا واجبهم. لا يمكنك الانتظار بسلبية خوفًا من القيام بأمرٍ خطأ، وبالتأكيد لا يمكنك أن تقول: "لم يفعلها الله بعد، ولم يقل الله بعد ما يريدني أن أفعل، لذا لن أفعل شيئًا الآن". ألا يُعدُّ ذلك فشلًا في القيام بواجبك؟ عليك التفكير بذلك مليًا، لأنَّها ليست مسألة بسيطة، وخطأ واحد في التفكير قد يضرُّ بمستقبلك أو يدمِّرك.
في خطة تدبير الله ، أيًّا كان العمل الذي يقوم به الله فإنَّه يتم في الوقت المحدد، وفي التوقيت الصحيح، بدقَّة، وبالتأكيد ليس بحسب تخيلات الناس الذين يقولون: ""هذا لن ينجح، ذاك لن ينجح، لن يُفضي بك ذلك إلى شيء "! الله قدير ولا شيء يصعب على الله. منذ عصر الناموس إلى عصر النعمة إلى عصر الملكوت، كل خطوة من عمل الله قد تمَّت عكس مفاهيم الناس الذين يظنون أنَّ كل ذلك مستحيل. ومع ذلك، في النهاية ينجح كلُّ شيء، ويُخزى الشيطان تمامًا ويفشل، ويُغطِّي الناس أفواههم. ماذا يستطيع الناس أن يفعلوا؟ لا يمكنهم حتى أن يمارسوا الحق، ولكن يمكنهم أن يظلوا متكبِّرين ومغرورين ويظنون أنَّهم قادرين على فعل أيِّ شيء، وقلوبهم ملآنة برغباتٍ مفرطة، ولا يُقدِّمون شهادة حقيقية على الإطلاق. بل أن هناك أشخاصٌ يُفكرون: "يوم الله قريب، لن نضطر لأن نُعاني بعد، ستكون لنا حياة جيدة، والنهاية اقتربت". اسمحوا لي أن أقول لكم إن مثل هؤلاء الناس غير جادين ومستخفُّون، وفي النهاية سيُعاقبون ولن يربحوا شيئًا! هل من الممكن أن يساعد الإيمان بالله، بغرض رؤية يوم الله والنجاة من الكارثة الكبرى، المرء في أن يربح الحقَّ والحياة؟ أيُّ شخصٍ يؤمن بالله لينجو من الكارثة ولكي يرى يوم الله سوف يهلك. وأمَّا الذين يؤمنون لكي يسعوا إلى الحقَّ، وليخلصوا بواسطة تغيير الشخصية سوف ينجون. هؤلاء هم المؤمنون الحقيقيُّون بالله. أولئك المؤمنون المشوّشون لن يربحوا شيئًا في النهاية، وسيعملون بلا طائل، وسيُعاقبون بشدَّة أقوى. جميع الناس لديهم نقصٌ شديدٌ في البصيرة. المؤمنون بالله الذين لا ينجِزون واجباتهم ويفكرون على الدوام بالأمور الشريرة هم فاعلو شر، هم عديمو الإيمان ولن يضرُّوا إلَّا أنفسهم. أليس كلًّا من المؤمنين وغير المؤمنين بين يدي الله؟ من يمكنه الهرب من بين يدي الله؟ لا أحد يمكنه الهرب! أولئك الذين يهربون يجب أن يعودوا في النهاية إلى الله ويُعاقبون. هذا جليٌّ، فلمَ لا يستطيع الناس رؤية ذلك بوضوح؟
بعض الناس لا يتمتَّعون بأدنى معرفة عن قدرة الله، رغمَ إيمانهم بالله القدير. هم مشوشون على الدوام حيال هذا السؤال: "ما دام الله قديرًا، وله سلطان، وقادرًا على أن يتسيد على كل الأشياء، فلمَ رغم ذلك خلقَ الشيطان، وسمح له بأن يفسِد الجنس البشريَّ لستَّة آلاف سنة ويضع العالم في حالة من الفوضى؟ لمَ لا يُدمِّر اللهُ الشيطانَ؟ ألن يتمتَّع الناس بحياة جيدة إن أُقصي الشيطان؟" هذا هو أسلوب تفكير أغلب الناس. هل تستطيعون الآن شرحَ هذه المسألة؟ يتضمَّنُ هذا الحقَّ بشأن الرؤى. كثيرون فكَّروا بهذا السؤال، وأمَّا الآن لأنَّ لديكم نوعًا من الأساس، فلن تشكُّوا بالله بسببه. ولكن، ينبغي حلُّ التشويش حيال ذلك. ثمَّة بعض الأشخاص الذين يسألون: "لماذا سمح الله لرئيس الملائكة بأن يخونه؟ هل من الممكن أن يكون الله غير عارفٍ أنَّه بمقدور رئيس الملائكة أن يخونه؟ هل فشلَ الله في أن يتحكم به، هل سمح له، أو هل كان لدى الله هدفًا وراء ذلك؟" من الطبيعي للناس أن تطرح هذا السؤال، وينبغي لهم معرفةُ أنَّ هذا السؤال يشمل خطَّة تدبير الله بأكملها. لقد أعدَّ الله لوجود رئيس ملائكة، وخيانة رئيس الملائكة هذا لله كانت بسماحٍ من الله وبترتيب منه- فهي بالتأكيد ضمن إطار خطة تدبير الله. لقد سمح الله بأن يُفسِدَ رئيس الملائكة الجنسَ البشريَّ الذي خلقه، ذلك بعد أن خانه. لا يعني ذلك أنَّ الله فشل في السيطرة على الشيطان، فأغرت الحيَّة الجنسَ البشريَّ وأفسدَهُ الشيطانُ، بل كان الله هو من سمح للشيطان بفعلَ ذلك. فقط بعدما أعطى الله الإذنَ منه ليحدث ذلك، بدأ اللهُ خطَّة تدبيره وعمله ليُخلِّص الجنس البشريَّ. هل بمقدور الإنسان أن يسبرَ كنه السرِّ هنا؟ بمجرد أن أفسدَ الشيطانُ الجنسَ البشريَّ، بدأ الله عمله في تدبير الجنس البشريِّ. أوَّلًا، قام بعمل عَصرِ الناموس في إسرائيل، وبعد مرور ألفي سنة، قام بعمل الصلب في عصر النعمة، وافتُديَ الجنس البشريُّ بأكمله. في عصر الأيَّام الأخيرة، تجسَّدَ ليُخضع ويُخلِّص مجموعة من الناس في الأيام الأخيرة. ما نوع هؤلاء الناس الذين ولدوا في الأيام الأخيرة؟ هم أولئك الذين مرُّوا بآلاف السنين من إفساد الشيطان، ومن كانوا فاسدين حتَّى النخاع لدرجة أنَّهم فقدوا الشبه بالإنسان. بعد أن اختبروا الدينونة والتوبيخ وكشف كلمات الله لهم، بعد أن أُخضعوا، نالوا الحقَّ من داخل كلمات الله واقتنعوا بصدق بالله، وبلغوا فهمًا عن الله، ويمكنهم أن يخضعوا لله تمامًا ويرضوا مقاصده. في النهاية، مجموعة البشر الذين رُبِحوا بواسطة خطة تدبير الله سيكونون كذلك. هل تظنون أنَّ أولئك الذين لم يفسدهم الشيطان سيرضون مقاصد الله، أم سيكونون أولئك الذين أفسدهم الشيطان ولكنَّهم خلصوا في النهاية؟ الناس الذين يُربحون عبر مسيرة خطَّة التدبير بأكملها هم مجموعة يمكنها فهم مقاصد الله، وينالون الحقَّ من الله، ويملكون نوع الحياة وشبه الإنسان الذي يطلبه الله. في بداية خلقَ اللهُ للبشرَ، كان لديهم فحسب شبه الإنسان وحياة الإنسان، ولكنهم لم يملكوا الحق الذي يطلبه الله من الإنسان وعجزوا عن عيش الشبه الذي لطالما رغب الله للإنسان أن يمتلكه. مجموعة الناس التي ستُربح في النهاية هم أولئك الذين سيبقون حتى النهاية، وهم أولئك الذي يربحهم الله، والذين يُسرُّ بهم، والذين يرضونه. عبرَ آلاف السنوات الكثيرة من مسيرة عمل التدبير، هؤلاء الناس الذين خلَّصهم أخيرًا قد ربحوا الأكثر، والحقَّ الذي ربحه هؤلاء الناس كان بالتحديد السقاية والغذاء اللذين أعطاهما الله لهم في أثناء حربه مع الشيطان. الناس في هذه المجموعة أفضل من أولئك الذين خلقهم الله في البداية، بالرغم من أنَّهم فسدوا، ولكن ذلك كان محتَّمًا، وهو أمرٌ يقع ضمن إطار خطة تدبير الله. يكشف هذا بالكامل عن قدرته وحكمته، وأيضًا حقيقة أنَّ كلَّ شيء أعدَّه الله وخطَّط له وحقَّقه هو الأعظم شأنًا على الإطلاق. إذا سُئلتَ فيما بعد مرَّة أخرى: "إن كان الله قديرًا، كيف استطاع رئيس الملائكة رغمَ ذاك أن يخونه؟ ثم أسقطه الله إلى الأرض حيث سمح له أن يُفسد الجنس البشريَّ. ما أهمِّيَّة ذلك؟" يمكنك أن تجيب: "هذا الأمرُ يأتي ضمن قضاء الله وهو الأهم. لا يمكن للإنسان أن يسبر أغواره بالكامل، ولكن من المستوى الذي يستطيع الإنسان أن يدركه ويصل إليه، يمكن رؤية أنَّ ما فعله الله هو عظيم الأهمِّيَّة. بالتأكيد هذا لا يعني أنَّ لدى الله زلَّة مؤقَّتة، أو أنَّه يفقد السيطرة وليس لديه طريقة ليدير الأمور، ثمَّ يحوِّل خدع الشيطان نحوه ويقول: 'رئيس الملائكة قد اشترك في الخيانة على أية حال لذا سأجاري ذلك وأخلِّص الجنس البشريَّ بعد أن أفسدهم جميعهم' ليس هذا هو الوضع بالتأكيد". ينبغي للناس أن يعرفوا على الأقل أنَّ هذا الأمر يقع ضمن إطار خطة تدبير الله. أيُّ خطَّة؟ في المرحلة الأولى، كان هناك رئيس ملائكة، وفي المرحلة الثانية، خانَ رئيس الملائكة، وفي المرحلة الثالثة، بعد خيانة رئيس الملائكة، جاء إلى وسط الجنس البشري ليُفسِدهم، ثمَّ بدأ الله عمله في تدبير الجنس البشريِّ. عندما يؤمن الناس بالله عليهم أن يفهموا رؤية خطة تدبير الله. بعضهم لا يفهم على الإطلاق هذا الجانب من الحقِّ، شاعرين على الدوام أنَّ هناك متناقضات عديدة لم تُحل. بدون وجود فهم لديهم يشعرون بعدم اليقين، وإن كانوا غير متيقنين، لن تكون لديهم طاقة للاستمرار. بدون الحق يصعب تحقيق أيِّ تقدُّمٍ، لذا يكون الأمر صعبًا جدًّا على أولئك الذين لا يطلبون الحقَّ عندما يواجهون أمرًا ما. هل ساعدتك هذه الشركة على الفهم؟ لم تكن لدى الله خطة تدبيرليخلِّص الجنس البشريَّ سوى بعد خيانة رئيس الملائكة. متى بدأ رئيس الملائكة خيانته؟ كانت هناك بالتأكيد بعض الأمور التي كشفت خيانته، وكانت خيانة رئيس الملائكة تسير بعملية معينة، وبالتأكيد لا يمكن أن تكون بالبساطة التي يُبديها النص. هي مثل خيانة يهوذا ليسوع- كانت هناك عملية. هو لم يخن يسوع بعد أن تبعه لمدة وجيزة. يهوذا لم يُحب الحقَّ، وكان يشتهي المال ويسرق دائمًا. لقد أسلمه الله للشيطان، وزرع الشيطان فيه أفكارًا، ثمَّ بدأ يخون يسوع. لقد أصبح يهوذا فاسدًا تدريجيًّا وضمن بعض الظروف المحدَّدة، وعندما حان الوقت، خان يسوع. يوجد نمطٌ اعتياديٌ في فساد الناس، وهو ليس بتلك البساطة التي يتصورها الناس. يمكن للناس حاليًا أن يفهموا الأمور في خطَّة تدبير الله إلى هذا الحدِّ، ولكنَّهم سيستطيعون استيعاب أهمِّيَّتها بشكل أعمقَ عندما ينمون في القامة.
اقتباس 21
سواءٌ أكان الله يعمل عمله من خلال تجسُّده أم من خلال روحه، فإنَّ ذلك كله يجري حسب خطة تدبيره. لا يجري ذلك وفقًا لأي طرق علنية أو خفيَّة، ولا فقًا لاحتياجات الإنسان، إنما يجري بالكامل حسب خطة تدبيره. ليس الأمر كما لو أنَّ عمل الأيام الأخيرة يمكن عمله بأي طريقة يريدها الله، بل تُنفَّذ هذه المرحلة على أساس المرحلتين السابقتين من عمل الله. إنَّ عمل عصر النعمة – وهو المرحلة الثانية من عمل الله – مكَّن البشريَّة من أنْ تُفدى، وقد حَدَثَ ذلك من خلال التجسُّد. ليس من المستحيل على الروح تأدية المرحلة الحالية من عمل الله، فهو قادر على ذلك، لكن الأنسب هو تأدية هذه المرحلة من خلال التجسُّد، فمن شأن هذا تخليص الناس بصورة أكثر فعالية. فعلى الرغم من كل شيء، أقوال التجسُّد أفضل من أقوال الروح القدس المباشرة في إخضاع الناس، وهي أفضل في تسهيل معرفة الناس بالله. ذلك أنه لا يُمكن للروح أنْ يكون دائمًا مع الناس عندما يعمل، وليس من الممكن للروح أن يعيش مباشرةً ويتحدث مع الناس وجهًا لوجه كما يفعل التجسُّد الآن، وثمة أوقات لا يمكن فيها للروح كشف ما بداخل الناس مثلما يمكن للتجسُّد ذلك. في هذه المرحلة، يتمثَّل عمل التجسُّد بصفة أساسية في إخضاع الناس، ثم تكميلهم بعد إخضاعهم لكي تتسنى لهم معرفة الله ويكونوا قادرين على عبادته. هذا هو عمل إنهاء العصر. لو أنَّ هذه المرحلة لم تكن تتعلق بإخضاع الناس، بل بإعلامهم بوجود إله بالفعل فحسب، لكان ممكنًا للروح تأديتها. ربما تظنون أنَّه إذا نفَّذ الروح هذه المرحلة، فكان سيمكنه أنْ يحل محل الجسد، ويقوم بعمل الجسد نفسه، وذلك لأن الله قدير، ومن ثمَّ يمكن تحقيق النتائج نفسها، سواءٌ أكان ذلك من خلال عمل الجسد أو عمل الروح. لكنكم ستكونون على خطأ. يَعمل الله حسب تدبيره ووفق خطته وخطواته لخلاص الإنسان. ليس الأمر، كما تتصوَّر، أنَّ الروح قدير، والجسد قدير، والله نفسه قدير، لذلك يمكنه عمل كل ما يشاء. إنما يَعمل الله وفقًا لخطة تدبيره، وكل مرحلة من مراحل عمله تتضمن خطوات معينة. يجري التخطيط أيضًا لكيفية تنفيذ هذه المرحلة والتفاصيل التي ينبغي أن تشملها. تمت المرحلة الأولى من عمل الله في إسرائيل، وتجري هذه المرحلة الأخيرة في بلد التنين العظيم الأحمر، الصين. يقول بعض الناس: «ألا يستطيع الله أن يعمل هذه المرحلة في بلد آخر؟» حسب خطة تدبير هذه المرحلة، فإنها لا بد أن تجري في الصين. إنَّ شعب الصين متخلف، وحياته منحلة، وتغيب عنه حقوق الإنسان والحريات. إنها دولة يتولى السلطة فيها الشيطان والأبالسة. إنَّ الغرض من الظهور والعمل في الصين هو خلاص الأشخاص الذين يعيشون في أحلك جزء من العالم، والذين أفسدهم الشيطان بشدة. هذه هي الطريقة الوحيدة لهزيمة الشيطان حقًا، ونوال المجد بالكامل. لو أنَّ الله ظهرَ وعمل في بلد آخر، لما كان الأمر بهذه الأهمية. كل مرحلة من مراحل عمل الله ضرورية، ويؤديها الله بالطريقة التي لا بد أنْ تؤدى بها. بعض الأشياء يمكن تحقيقها من خلال عمل الجسد، وبعض الأشياء يمكن تحقيقها من خلال عمل الروح. ويختار الله العمل من خلال الجسد أو من خلال الروح، وفقًا للطريقة التي ستحقِّق أفضل النتائج. ليس الأمر، مثلما اقترحتم، أنَّ أي طريقة للعمل ستكون جيدة، وأنَّ الله يستطيع القيام بالعمل من خلال اتخاذ هيئة بشريَّة دونما تخطيط، وأنَّه بوسع الروح القدس أيضًا القيام بذلك دون مقابلة أي أشخاص وجهًا لوجه، وأنَّه بوسع كلتا الطريقتين تحقيق نتائج معينة. يجب ألا تسيئوا فهم هذا: الله قدير، لكن لديه أيضًا جانب عملي، ولا يستطيع الناس رؤية ذلك. فالناس يرون الله بوصفه خارقًا جدًّا للطبيعة، ولا يمكنهم سبر غوره، لذلك تتشكل لديهم عنه جميع أنواع المفاهيم والأفكار غير الواقعية. أناس قليلون جدًّا هم مَن يرون أنَّ كلام الله وعمله هما الحق، وأنهما عمليان، وأنهما أكثر الأشياء واقعية، وأنَّ بوسع الإنسان أنْ يلمسها ويراها. إذا كان الناس يتمتعون حقًا بمستوى القدرات والقدرة على الاستيعاب، فينبغي لهم بعد اختبار سنوات عدة من عمل الله، أنْ يكونوا قادرين على رؤية أنَّ كل الكلمات التي يعبِّر عنها الله هي وقائع الحق، وأنَّ ثمة حقائق ومبادئ في كل العمل والأشياء التي يعملها، وأنَّ لكل ما يفعله أهمية كبيرة. كل ما يفعله الله له معنى، وهو ضروري، ويمكنه تحقيق أفضل النتائج. لكل ذلك غرض محدد، وكذلك خطة وأهمية محدَّدة. أتظن أنَّ عمل الله يجري بناءً على كلمات منطوقة بلا تفكير؟ لدى الله جانب قدير، لكن لديه أيضًا جانب عملي. إنَّ معرفتكم بالله أحادية الجانب. ثمة أخطاء في فهمكم للجانب القدير لله، ناهيكم عن فهمكم لجانبه العملي، حيث أخطاؤكم أكبر بكثير.
في المراحل الثلاث لعمل الله، تُنفَّذ المرحلة الأولى بالروح، بينما تُنفَّذ المرحلتان الأخيرتان بالتجسُّد، وكل مرحلة من مراحل عمله ضرورية للغاية. خذ الصَلب، على سبيل المثال، لو أنَّ الروح هو الذي صُلِب على الصليب، لما كان لذلك أي معنى؛ إذ لا يمكن للناس رؤية الروح أو لمسه، ولا يمكن للروح الشعور بأي شيء أو تجرُّع الألم. وبالتالي، كان هذا الصَلب سيصبح بلا أي معنى. المرحلة التي تجري في الأيام الأخيرة هي مرحلة إخضاع الناس، وهو العمل الذي يمكن أن يعمله الجسد، ولا يمكن للروح أنْ يحلَّ محل التجسُّد عندما يتعلَّق الأمر بهذا العمل، وكذلك فإنَّ العمل الذي يقوم به الروح لا يُمكن أنْ يجريه الجسد. عندما يختار الله الجسد أو الروح للقيام بأي مرحلة من مراحل عمله، فهذا اختيار ضروري للغاية، وكل ذلك يجري لتحقيق أفضل النتائج وتحقيق أهداف خطة تدبيره. لله جانب قدير وجانب عملي؛ وهو يعمل بطريقة عملية في كل مرحلة من مراحل عمله. يتصوَّر الناس أنَّ الله لا يتكلَّم ولا يفكِّر، وأنه يفعل أيًا ما يريد فعله، لكن هذا ليس صحيحًا بالضبط. لدى الله الحكمة، ولديه كل ما هو كنهه، وهذا هو جوهره. وعندما يعمل الله، فلا بد أن يكشِف ويعبِّر عن شخصيته وجوهره وحكمته وكل ما لديه ومَن هو، ليتمكن الناس مِن فهم هذه الأمور ومعرفتها وبلوغها. إنَّه لا يعمل بناءً على أساسات واهية، ناهيك عن أن يعمل بناءً على تصورات الناس، فهو يتصرَّف حسب احتياجات العمل ووفقًا للنتائج التي يجب تحقيقها. إنه يتحدث بطريقة عملية، ويعمل ويعاني يومًا تلو آخر، وعندما يعاني يشعر بالألم. ليس الأمر كما لو أنَّ الروح حاضر في الوقت الذي يعمل فيه التجسُّد ويتكلَّم، وأنَّ الروح يمضي حينما لا يعمل التجسُّد ويتكلم. لو كان الأمر كذلك، لما عانى، ولما كان هذا تجسُّدًا. لا يمكن للناس رؤية الجانب العملي لله، ولهذا فهم لا يعرفون الله جيدًا، وفهمهم له هو مجرد فهم سطحي. يقول الناس إن الله عملي وطبيعي، أو أنَّ الله قدير وكلي القدرة؛ كل هذه الكلمات هي كلمات تعلموها من الآخرين، إذ ليست لديهم معرفة حقيقية أو اختبار حقيقي. عندما يتعلق الأمر بالتجسُّد، لماذا يوجد مثل هذا التركيز على جوهر التجسُّد؟ لماذا ليس الروح؟ لأنَّ التركيز على عمل الجسد، وعمل الروح هو العون والمساعدة، وهذا يحقق نتائج عمل الجسد. يُمكن للناس معرفة القليل عن الله في كل مرحلة من هذه المراحل، لكنهم لا يقدرون الارتقاء إلى مستوى أعلى في معرفته أو بلوغ معرفته عندما يريدون معرفة المزيد عنه؛ عندما يقول الله القليل، يفهم الناس القليل، لكن معرفتهم به تظل غير واضحة تمامًا، ولا يمكنهم فهم الجزء الأساسي منها بسهولة. إذا كنتم تظنون أنَّ بوسع الروح عمل كلَّ ما يمكن للجسد عمله، وأنَّ بوسع الروح أنْ يحل محل الجسد، فلن تعرفوا أبدًا أهمية الجسد، ولا عمل الجسد، ولا ماهية التجسُّد.
اقتباس 22
محتويات كتاب "الكلمة يظهر في الجسد" غنية بشكل خاص، وتتضمن جوانب مختلفة من الحق، وكذلك بعض التعبيرات التنبؤية، التي تتنبأ بحالة العصور القادمة. في الواقع، النبوات عامة جدًا، حيث إن الغالبية العظمى من الكلمات الموجودة في هذا الكتاب تناقش الدخول في الحياة، وتكشف طبيعة الإنسان، وتتحدث عن كيفية معرفة الله وشخصيته. أما فيما يتعلق بالعصر القادم، وعدد العصور التي ستأتي، وما هي الظروف التي سيدخل فيها البشر، أليس صحيحًا أنه لا يوجد مخطط محدد، أو مرجع محدد، أو حتى عصر محدد في هذا الكتاب؟ هذا يعني أنه لا داعي لأن يشغل الناس أنفسهم بالعصور القادمة، فذلك الوقت لم يأتِ بعد، وهو ما يزال بعيدًا جدًا. حتى لو كنت سأتحدث إليكم عن هذه الأمور، فلن تفهموا، وبالإضافة إلى ذلك، لا يحتاج الناس إلى فهم هذه الأمور الآن. تلك الأمور ليست لها علاقة كبيرة بتغيير الشخصية الحياتية للناس. كل ما تحتاجون إلى فهمه هو تلك الكلمات التي تكشف طبيعة الإنسان. هذا كافٍ. في الماضي، كانت هناك بعض النبوءات، مثل عصر المُلك الألفي، ودخول الله والإنسان معًا إلى الراحة، وكذلك بعض النبوءات المتعلقة بعصر الكلمة. كلمات النبوءة كلها تتعلق بالأوقات القادمة قريبًا؛ وتلك التي لم تُذكر فهي أشياء بعيدة جدًا. أنتم لا تحتاجون إلى دراسة تلك الأمور البعيدة جدًا؛ ما لا يجب أن تعرفوه لن يُقال لكم؛ وما يجب أن تعرفوه هو الحق الكامل الذي يأتي من الله – مثل شخصية الله المُعبر عنها تجاه الإنسان، وما لدى الله ومن هو الله، وهو ما يُكشف عنه من خلال كلماته، وكشف طبيعة الإنسان من خلال الدينونة والتوبيخ، وكذلك الاتجاه في الحياة الذي يمنحه الله للناس، لأن عمل الله في تخليص الناس يتضمن في صميمه هذه الأمور.
الغرض من قول الله لهذه الأشياء عند القيام بعمل تدبير البشرية هو أساسًا إخضاع الناس وتخليصهم، وتغيير شخصية الناس. حاليًا، عصر الكلمة عصر واقعي، هو عصر الحق الذي يُخضِع الإنسان ويخلصه؛ سيكون هناك المزيد من الكلمات لاحقًا – هناك الكثير مما لم يُقل بعد. يعتقد بعض الناس أن هذه الكلمات الحالية هي تعبير الله الكامل – هذا تفسير خاطئ جدًا، لأن عمل عصر الكلمة قد بدأ للتو في الصين، ولكن ستكون هناك كلمات أكثر بعد أن يظهر الله علنًا ويعمل في المستقبل. كيف سيكون عصر الملكوت، وما هي الغاية التي ستدخل إليها البشرية، وماذا سيحدث بعد دخول تلك الغاية، وكيف ستكون حياة البشرية حينذاك، وإلى أي مستوى يمكن أن تصل الغريزة البشرية، وما هو نوع القيادة وما هي الإمدادات التي ستكون مطلوبة، إلخ، كل هذا مشمول في عمل عصر الكلمة. شمولية الله ليست فقط كما تتخيلها في "الكلمة يظهر في الجسد". هل يمكن أن يكون تعبير الله عن شخصيته، وعمل الله، بهذا القدر من البساطة الذي تتخيلهما عليه؟ شمولية الله، وحضوره في كل مكان، وقدرته المطلقة، وسُمُوُّه ليست كلمات فارغة – إذا قلت إن كتاب "الكلمة يظهر في الجسد" يمثل كل شيء عن الله، وأن هذه الكلمات تنهي كل تدبير الله، فإنك قد رأيت الله من منظورٍ ضيق جدًا؛ أليس هذا تحديدًا لله مرة أخرى؟ يجب أن تعرف أن هذه الكلمات هي جزء صغير جدًا من الله الشامل. جميع الدوائر الدينية قد حددت الله بالكتاب المقدس. واليوم، ألا تحددونه أنتم أيضًا؟ ألا تعلمون أن تحديد الله هو تقليل من شأن الله؟ أي إنَّ هذا إدانة لله وتجديفًا عليه؟ حاليًا، يعتقد معظم الناس: "ما قاله الله خلال الأيام الأخيرة كله موجود في "الكلمة يظهر في الجسد"، وليس ثمة كلمات أخرى من الله؛ ذلك كل ما قاله الله"، أليس كذلك؟ إنه التفكير بهذه الطريقة خطأ كبير! ليست الكلمات الموجودة في "الكلمة يظهر في الجسد" سوى الكلمات الافتتاحية لعمل الله في الأيام الأخيرة، جزء من كلمات هذا العمل، هذه الكلمات تتعلق أساسًا بحقائق الرؤى. لاحقًا ستكون هناك أيضًا كلمات تُقال بشأن التفاصيل الكثيرة للممارسة. ولهذا، فإنَّ إصدار "الكلمة يظهر في الجسد" للعامة لا يعني أن عمل الله قد وصل إلى نهاية مرحلة، ناهيك عن أن يعني أن عمل دينونة الله في الأيام الأخيرة قد وصل إلى نهاية حاسمة. لا يزال الله لديه العديد من الكلمات ليعبر عنها، وحتى عندما تكون هذه الكلمات قد قيلت، لا يمكن القول بأن كل عمل تدبير الله قد انتهى. عندما ينتهي عمل الكون كله، يمكن القول فقط إن خطة التدبير التي دامت ستة آلاف سنة قد انتهت؛ ولكن في ذلك الوقت، هل سيكون لا يزال هناك أشخاص موجودون في هذا الكون؟ ما دامت الحياة موجودة، وما دامت البشرية موجودة، فلا يزال ضروريًا أن يستمر تدبير الله. وحينما تكتمل خطة التدبير التي دامت ستة آلاف سنة، ما دامت البشرية والحياة وهذا الكون موجودين، فسيديرهم الله جميعًا، لكن لن يُطلق عليه بعد ذلك خطة التدبير التي دامت ستة آلاف سنة. الآن يُشار إليها بتدبير الله. ربما يُطلق عليها اسم مختلف في المستقبل؛ ستكون تلك حياة أخرى للبشرية والله؛ ولا يمكن القول إن الله سيظل يستخدم كلمات اليوم لقيادة الناس، لأن هذه الكلمات مناسبة فقط لهذه الفترة الزمنية. لذلك، لا تحددوا عمل الله في أي وقت. يقول البعض، "الله يقدم للناس هذه الكلمات فقط، ولا شيء آخر؛ الله لا يمكنه أن يقول سوى هذه الكلمات." هذا أيضًا تحديد لله ضمن نطاق معين. هذا مثل استخدام الكلمات التي قيلت في عصر يسوع في عصر الملكوت الحالي – هل سيكون ذلك مناسبًا؟ بعض الكلمات ستنطبق، وبعضها يحتاج إلى إلغاء، لذلك لا يمكنك القول إن كلمات الله لا يمكن أبدًا إلغاؤها. هل يحدد الناس الأمور بسهولة؟ في بعض المجالات، هم يحددون الله. ربما يومًا ما ستقرؤون "الكلمة يظهر في الجسد" تمامًا كما يقرأ الناس الكتاب المقدس اليوم، دون مجاراة خطوات الله. الآن هو الوقت المناسب لقراءة "الكلمة يظهر في الجسد"؛ لا يمكن التنبؤ بعدد السنوات التي ستصبح فيها قراءته مثل النظر إلى تقويم قديم، لأن شيئًا جديدًا سيحل محل القديم في ذلك الوقت. احتياجات الناس تُنتج وتتطور وفقًا لعمل الله. في ذلك الوقت، ستكون طبيعة البشر، والغرائز والصفات التي ينبغي أن تكون لدى الناس قد تغيرت إلى حد ما؛ بعد أن يتغير هذا العالم، ستكون احتياجات البشرية مختلفة. يسأل البعض: "هل سيتحدث الله لاحقًا؟" البعض سيصل إلى الاستنتاج بأن "الله لن يستطيع التحدث، لأنه عندما ينتهي عمل عصر الكلمة، لا يمكن قول أي شيء آخر، وأي كلمات أخرى ستكون زائفة." أليس هذا خطأ أيضًا؟ من السهل على البشر أن يرتكبوا خطأ تحديد الله بدقة، فالناس يعمدون إلى التشبث بالماضي وتحديد الله، وبرغم أنه من الواضح أنهم لا يعرفونه، فإنهم يحددون عمله بشكل سافر. للناس هذه الطبيعة المتكبرة! إنهم دائمًا يتمنون أن يتمسكوا بمفاهيم الماضي القديمة والاحتفاظ بما كان في الأيام الخوالي في قلوبهم؛ إذ يستخدمونه كرأس مال لهم، وهم المتغطرسون المغرورون، الذين يتصورون أنهم يفهمون كل شيء، ولديهم الوقاحة لتحديد عمل الله. ألا يدينون الله بما يفعلونه؟ بالإضافة لهذا، لا يولي الناس اعتبارًا لعمل الله الجديد، وهذا يبين أنه من الصعب عليهم أن يقبلوا أشياء جديدة، ورغم ذلك يستمرون في تحديد الله بشكل أعمى. لفرط تكبر الناس يجافيهم المنطق ولا يستمعون لأحد، ولا حتى يقبلون كلام الله. تلك هي طبيعة البشر: منتهى التكبر والبر الذاتي، دون أدنى قدر من الخضوع. هكذا كان الفريسيون عندما أدانوا يسوع. لقد فكروا: "حتى وإن كنت على حق، لن أتبعك، فيهوه الله هو وحده الإله الحقيقي". اليوم هناك أيضًا من يقولون: "هل هو المسيح؟ لن أتبعه حتى لو كان بالفعل المسيح!" هل لمثل هؤلاء الناس وجود؟ هناك الكثير من المتدينين من أمثال هؤلاء. يبين هذا أن طبيعة الإنسان فاسدة للغاية، وأن الناس بعيدون كل البعد عن الخلاص.
من بين القديسين عبر العصور، كان موسى وبطرس فقط هما اللذيْن عرفا الله حقًا، وقد استحسنهما الله؛ ومع ذلك، هل استطاعا سبر غور الله؟ ما أدركاه محدود أيضًا. لم يجرؤا هما نفسهما على القول بأنهما يعرفان الله. الذين يعرفون الله حقًا لا يحددونه، لأنهم يدركون أن الله لا يمكن حسابه ولا قياسه. الذين لا يعرفون الله هم الذين يميلون إلى تحديده وتحديد ما لديه ومن هو. هم مليئون بالخيال عن الله، وسرعان ما ينتجون مفاهيم حول كل شيء قد فعله الله. لذلك، الذين يعتقدون أنهم يعرفون الله هم الأكثر مقاومة لله، وهم الناس الذين في أخطر الحالات.
اقتباس 23
أخبرني، أهو الحق أنَّ الله يحب الإنسان ولديه رحمة من أجله؟ (إنه الحق). أهو الحق إذن أنَّ الله لا يحب الإنسان، بل حتى يلعنه ويدينه؟ (هذا أيضًا حق). كلتا الجملتين في الواقع حق وكلتاهما صحيحة تمامًا. لكنه ليس أمرًا بسيطًا القول: "إنه الحق أيضًا أنَّ الله لا يحب الإنسان"، ومن الصعب على الناس التحدث بمثل تلك الكلمات؛ إذ لا يقدر المرء على قولها ما لم تكن لديه معرفة بشخصية الله. عندما ترى أنَّ الله قد فعل شيئًا مُحبًا، فإنك تقول: "الله يحب الإنسان حقًا. ذلك هو الحق؛ هذا فعل الله"، لكن عندما ترى الله قد فعل أمرًا لا يتفق مع مفاهيم الإنسان، كالغضب من الفريسيين المنافقين أو من أضداد المسيح، ولعنهم، فإنك تفكر: "الله لا يحب الإنسان؛ إنه يكره الإنسان". بعد ذلك يكون لديك مفاهيم عن الله، وتنكره. أي من هذين السيناريوين إذن هو الحق؟ ثمة أولئك الذين لا يستطيعون تفسير هذا بشكل واضح. أمِن الأفضل، في قلوب الناس، أنَّ الله يحب الإنسان أم أنه لا يحب الإنسان؟ الناس جميعًا بلا ريب يعجبهم أن يحب الله الإنسان، وهم يقولون إنَّ محبة الله للإنسان هي الحق. لكنهم لا يعجبهم أنَّ الله لا يحب الإنسان، لذا يقولون إنَّ عدم محبة الله للإنسان ليست الحق، وينكرون القول: "إنه الحق أيضًا أنَّ الله لا يحب الإنسان". ما هو إذن الأساس الذي يستند إليه الإنسان في تحديد ما إذا كان ما يفعله الله هو الحق أم لا؟ هذا الأساس يعتمد بشكل كامل على مفاهيم الإنسان وتصوراته. ينبغي على الله أن يفعل الأشياء كيفما يعجب الإنسان أن يفعل الله الأشياء، وليس ما يفعله الله بالحق ما لم يتوافق مع مفاهيم الإنسان وتصوراته؛ إذا لم يعجب الإنسان ما يفعله الله، فإنَّ ما يفعله الله ليس هو الحق. هل أولئك الذين يحددون الحق بهذه الطريقة لديهم معرفة بالحق؟ (لا، ليس لديهم معرفة بالحق). ما عواقب تعريف الله دومًا وفقًا لمفاهيم الإنسان؟ هل سيؤدي هذا إلى الخضوع لله، أم إلى مقاومة الله؟ بالتأكيد لن يؤدي إلى الخضوع لله، بل إلى مقاومته فقط. إذن هل أولئك الذين يعاملون الله دومًا وفقًا لمفاهيمهم وتصوراتهم أناس يخضعون لله؟ أم هم أناس يقاومون الله؟ (هم أناس يقاومون الله). هذه النقطة يمكن الاستيقان منها، ومن الصواب تمييزها بهذه الطريقة. يعتقد الناس أنَّ محبة الله للإنسان لا بد أن تكون على شاكلة راعٍ يلاطف حملًا، مانحًا إياهم الدفء والتنعم، وأنَّ تلك المحبة ينبغي أن تلبي احتياجاتهم العاطفية والجسدية، كي يشعر الناس بأنَّ هذه هي محبة الله، أولا يعتقدون ذلك؟ (بلى يعتقدون ذلك، لكن دينونة الله وتوبيخه وتهذيبه أكثر فائدةً لحياة الناس في واقع الأمر). هذا لا يزال حب الله للإنسان! بعد كل الحديث، لا تزالون تشعرون أنَّ محبة الله للإنسان هي الحق، وأن عدم محبته للإنسان ليست الحق، أليس كذلك؟ (إنه الحق أيضًا أنَّ الله لا يحب الإنسان). إذن كيف لا يحب الله الإنسان؟ ما هذا الأمر بشأن عدم الحب؟ كلنا نعلم أنَّ الله يحب الإنسان: شخصيته البارة ودينونته وتوبيخه وتأنيبه وتأديبه، كل ذلك يقع في نطاق الحب. لذا، إذا كان الله لا يحب الإنسان، فلماذا سيكون ذلك؟ (بسبب شخصيته البارة). هل الدينونة والتوبيخ ضمن تلك الشخصية البارة (نعم هما كذلك). إذا كانت الدينونة والتوبيخ ضمن تلك الشخصية البارة، فهل تكون شخصية الله البارة تجاه الإنسان محبة أم عدم محبة؟ (إنها محبة). لقد فهمتم أنَّ حب الله للإنسان هو شخصيته البارة، لكن هل عدم محبة الإنسان جزء من تلك الشخصية؟ (إنه جزء منها). كيف يمكن لله أن لا يحب الإنسان ويظل رغم ذلك ذو شخصية بارة؟ دعوني أسألكم سؤالًا آخر: هل تعتقدون أنه من الممكن ألا يحب الله الإنسان؟ هل يمكن أن يوجد مثل ذلك المثال؟ (عندما يرتكب الإنسان كل أنواع أفعال الشر ويكسر قلب الله، لا يحب الله الإنسان). ما تتحدث عنه مشروط ويستند إلى شروط مسبقة، بينما ما أسأل عنه ليس مشروطًا مسبقًا. محبة الله للإنسان هو الحق بالتأكيد، والجميع يفهمون هذا، لكن الناس لديهم شكوك فيما إذا كانت عدم محبة الله للإنسان هي الحق. إذا تجاوزت هذه المسألة، فستتجاوز معظم الأشياء التي يفعلها الله، ولن تطور مفاهيم. فيما يتعلق بالله، ما بعض مظاهر عدم محبته للإنسان؟ (لسنا واعين بهذا الجانب بعد). أنتم لم تشعروا به ولم تختبروه. ما هي الكلمات المعروفة لنا حتى الآن التي يمكنها شرح عدم محبة الله للإنسان؟ البغض والنفور والكراهية والاشمئزاز؛ وأيضًا النبذ والازدراء. هذه بشكل أساسي هي الكلمات. الجميع يفهمون تلك الكلمات، فهل يمكن أن تُعادَل بعدم المحبة؟ (يمكن ذلك). إنها متأصلة في مظهر عدم حب الله للإنسان، فهل تعتقدون أنها الحق؟ (نعم، إنها الحق). في رأيكم، عدم محبة الله للإنسان تتطلب فرضية: الله يفعل أشياء غير مُحبة للإنسان في سياق محبة الإنسان- ذلك هو الحق. افترضوا أنَّ هذه الفرضية ليس بها عنصر للحب أو أساس، ثم يفعل الله أشياء غير مُحبة للإنسان، مع إظهار عدم محبة الإنسان. لن تكونوا قادرين على التأكد مما إذا كانت عدم محبة الله للإنسان هي الحق، ولن تكونوا قادرين على فهم تلك الأشياء بالكامل. هنا يمكن صُلب المسألة، ولما كان الأمر كذلك، فينبغي أن نعقد شركة عنه.
هل تعتقدون أنَّ الله، بصفته الخالق لكل الكائنات المخلوقة، خلق هذه البشرية، ولما أن فعل ذلك، فعليه أن يعتني بالناس، مدبِّرًا ما يأكلون ويشربون ومديرًا لحيواتهم بأكملها ومصائرهم؟ (لا، ليس عليه ذلك). بمعنى آخر، هل من ضمن سلطة الله أن يعتني بك إذا أراد ذلك وأن يلقي بك في الحشود أو في بيئة معينة إذا لم يكن يرغب في العناية بك، تاركًا إياك إما للغرق أو السباحة؟ (نعم، هو كذلك). بما أنَّ ذلك ضمن سلطة الله، أليس الحق أنَّ الله لا يهتم بالإنسان؟ (بلى، هو كذلك). هذا مُجارٍ للحق. كيف يمكن أن يُقال أنَّ ذلك هو الحق؟ (الله هو الخالق لكل المخلوقات). من حيث هوية الله ومكانته، ومن حيث بالفرق بين الله والإنسان، فإن الله سيعتني بك إذا أراد ذلك، وإذا لم يُرِد العناية بك، فلن يفعل ذلك؛ أي إنه من المناسب أن يعتني الله بك إذا أراد ذلك، وإذا لم يُرِد، فهذا معقول. علامَ يتوقف ذلك؟ يتوقف ذلك على ما إذا كان الله يشاء أم لا، وهذا هو الحق. ثمّة أولئك الذين يقولون: "لا، بما أنك خلقتني، فلا بد أن تعتني بما آكل وأشرب- لا بد أن تعتني بي لبقية حياتي". هل هذا موافق للحق. هذا غير معقول ولا يتسق مع الحق. إذا قال الله: "بعد أن خلقتك، فإنني ألقيك جانبًا ولن أعتني بك بعد الآن"، فإن هذه هي سلطة الخالق. لأن الله يستطيع أن يخلقك، فإنه لديه السلطة على أن يلقيك جانبًا، سواءً إلى مكان جيد أو إلى مكان سيء. تلك سلطة الله. ما هو الأساس لسلطة الله؟ إنه هوية الله ومكانته، لذا بوسعه أن يعتني بك أو لا، وفي كلتا الحالتين، إنه الحق. لماذا أقول إنه الحق؟ إليكم ما ينبغي للناس فهمه. وحالما تفهمه، ستعرف مَن أنت، ومَن هو الله الذي تؤمن به، وما الاختلافات بينك أنت والله. لنعد إلى الجانب المتعلق بعدم محبة الله للإنسان. هل يتعين على الله أن يحب الإنسان؟ (لا، لا يتعين عليه). بما أنه لا يتعين عليه، فهل هو الحق أنَّ الله لا يحب الإنسان؟ (إنه الحق). ألا يجعل ذلك الأشياء أكثر وضوحًا؟ الآن، لنتحدث عن هذا: بما أنَّ البشرية قد أفسدها الشيطان ولديها شخصية فاسدة شيطانية، إذا لم يُخلّص الله البشرية ويجلبها إليه، فما العلاقة بين الإنسان والله إذن؟ (ليس ثمّة علاقة). هذا غير صحيح؛ توجد علاقة بالفعل. فما نوع العلاقة إذن؟ إنها علاقة عدوانية. أنت معادٍ لله، وجوهرك الطبيعي معادٍ لجوهر الله. هل من المعقول إذن ألا يحبك الله؟ هل من المعقول أن يبغضك الله، أن يكرهك، أن يكون مشمئزًا منك؟ (نعم، هذا معقول). لمَ هو معقول؟ (لأنه لا يوجد فينا ما يستحق محبة الله، وشخصياتنا فاسدة للغاية). الله هو الخالق، وأنت كائن مخلوق، لكنك ككائن مخلوق لم تتبع الله ولم تستمع إلى كلامه؛ بل اتبّعت الشيطان وأصبحت نقيض الله وعدوًا له. الله يحبك لأنه لديه جوهر الرحمة: هو يشفق عليك، وهو يُخلّصك. الله لديه هذا الجوهر. الله لديه رحمة واكتراث بالبشرية التي خلقها. حبه لك هو كشف لجوهره، وهو أحد جوانب الحق. على الجانب الآخر، البشرية لا تستحق حب الله. البشرية متعجرفة، وتبغض الأشياء الإيجابية، وشرّيرة، وضارية، وهي كارهة لله ومقاومةً له. لذا، بالنظر إلى جوهر الله – قداسته وبرّه وأمانته، وفوق ذلك سلطانه – كيف يمكنه أن يحب مثل تلك البشرية؟ هل يمكن أن ينسجم الله مع بشرية مثل هذه؟ هل يمكنه أن يحبها؟ (لا يمكنه). بما أنه لا يمكنه، فماذا سيُظهِر الله عندما يتواصل الله مع الناس ويريد أن يُخلّصهم؟ حالما يتواصل الله مع الناس، فإنه يُظهِر الاشمئزاز والبغض والكراهية، وهو يزدري أولئك الذين يرتكبون الشر العظيم؛ هذه ليست محبةً. إذن أهو الحق أنَّ الله لا يحب الإنسان؟ (نعم، إنه كذلك). إنه الحق أنَّ الله لا يحب الإنسان. هل صحيح أنَّ الله لا يحب أولئك الذين يقاومونه؟ (نعم، صحيح). هذا منصف ومعقول وهو محدَّد بشخصية الله البارة، لذا أيضًا هنا، إنه الحق أنَّ الله لا يحب الإنسان. ما الذي يُحدد أنَّ هذا الحق؟ جوهر الله هو ما يُحدد ذلك.
إذن، عند وضع كل هذا في الاعتبار: هل الله يحب الإنسان؟ (نعم يحبه). واقع الأمر أنه، وفقًا لجوهر الإنسان ومظهره، ليس الإنسان جديرًا بحب الله، لكن لا يزال بوسع الله أن يحب الإنسان كثيرًا. في رأيكم، هل الله هو الحق؟ هل جوهره قدوس؟ (نعم). من الناحية الأخرى، بما أن الإنسان مثير للاشمئزاز وفساده عميق جدًا، أمن الممكن لله أن يحب الإنسان دون شيء من الكراهية؟ إذا لم يكن ثمّة القليل من الكراهية، أو القليل من النفور أو الاشمئزاز، فإن هذا لا يكون متماشيًا مع جوهر الله. الله يكره هذه البشرية ويبغضها ويشمئز منها ويضيق بها ذرعًا، لكنه لا يزال قادرًا على تخليص الناس، وهذه هي محبة الله الحقة- جوهر الله! عدم محبة الله للإنسان تعود إلى جوهره، وأنه لا يزال قادرًا على أن يحب الإنسان يعود أيضًا إلى جوهره. إذن، الآن وقد صار هذا واضحًا؛ أيهما الحق: أن الله يحب الإنسان؟ أم أنه لا يحب الإنسان؟ (كلاهما الحق). الآن، سُويَ الأمر. إذن، هل يستطيع الإنسان فعل هذا؟ لا يمكن لأي إنسان فعل هذا؛ ليس ثمّة شخص واحد بوسعه فعل ذلك، ولا حتى الناس لأطفالهم. إذا كان طفلك يغضبك دومًا ويكسر قلبك، فإنك ستغضب في بداية الأمر، لكن قلبك سيصبح مشمئزًا منه بمرور الوقت؛ وبمجرد أن يكون قد أثار اشمئزازك منه لفترة كافية، ستستسلم كليًا، وستقطع علاقاتك معه وفي نهاية المطاف. ما محبة الإنسان؟ تأتي محبة الإنسان من العواطف وعلاقات الدم التي هي للجسد، لذا ليس لها علاقة بالحق؛ إنها المحبة التي تنشأ من احتياجات جسد الإنسان وعواطفه. ما أساس هذه المحبة؟ إنها مبنية على العواطف وعلاقات الدم والمصالح، وليس بها ذرّة من الحق. ما السبب إذن في عدم محبة الإنسان؟ بعد أن يكون قد كره شخصًا حطّم قلبه وأبغضه وصار مشمئزًا منه، لا يعود يحب؛ لا يعود بوسعه أن يحب. إلى أي مدى تعتقدون أن هذه البشرية قد كسرت قلب الله؟ (إلى حد لا يمكن وصفه). نعم، لا يمكن وصفه. إذن، هل الله لا يزال يحب الإنسان؟ أنت لا تعلم ما إذا كان الله يحب الإنسان، لكن حتى الآن، لا يزال الله يخلّصك ودائمًا يعمل ويتكلم ليقودك ويعولك. إنه لن يتخلى عنك حتى آخر لحظة، عندما يتمّ العمل. أليست هذه محبة؟ (بلى). هل لدى البشرية مثل هذه المحبة؟ (لا ليس لديها). عندما تختفي احتياجات الناس العاطفية، وعندما ينقطع ما لديهم من علاقات الدم، ولا يكون ثمّة رابط مصلحة بينهم، فإنهم لا يعودون يحبون، تختفي محبتهم، وحينئذٍ يختارون التخلي، يختارون عدم مواصلة "الاستثمار". لقد تخلوا تمامًا. ما هو التعبير الأساسي عن الحب؟ إنه القيام بالأشياء العملية وتحقيق النتائج، وإذا لم تُفعَل هذه الأشياء المتعلقة بالحب، فإنه ليس ثمّة حب. يقول بعض الناس إن الله يكره الإنسان، لكن هذا ليس صحيحًا بالكلية. الله يكرهك، ولكن هل قلَّ حديثه إليك بأي درجة؟ هل قلَّ ما يزودك به من الحق بأي درجة؟ هل قلَّ عمله فيك بأي درجة؟ (لا لم يحدث هذا). لذا، بقولك إن الله يكرهك، فإنك لا تمتلك ضميرًا؛ كلماتك عديمة الضمير. ليس خطأً أن الله يكرهك، لكنه لا يزال يحبك، وقد عمل كثيرًا فيك. إنها حقيقة أن الله يكرهك، لكن لماذا؟ إذا خضعت لله في كل جانب وأصبحت مثل أيوب، فهل سيظل الله يكرهك؟ لن يظل يكرهك؛ سيكون لديه محبة لك فحسب. كيف تتجلى محبة الله؟ إنها ليس على شاكلة محبة الإنسان، التي هي مثل لفّ شخص بخيط من القطن إفراطًا في حمايته. الله لا يحب الناس بتلك الطريقة: إنه يسمح لك بأن تحظى بالحياة الطبيعية للبشرية المخلوقة؛ إنه يسمح لك بأن تكون على دراية بكيفية العيش، وكيفية البقاء، وكيفية عبادته؛ وكيفية أن تكون سيدًا بين جميع الأشياء وأن تعيش حياةً ذات معنى، وألا تفعل أشياء عديمة المعنى أو تتبع الشيطان. أليس معنى محبة الله دائم وواسع المدى؟ إنه واسع المدى جدًا، وللتأثيرات اللاحقة لقيام الله بفعل هذه الأشياء أهمية هائلة وقيمة بعيدة المدى للبشرية جمعاء. هذا شيء لا يمكن لأي إنسان أن يفعله: إنه شيء ذو قيمة لا تقدر بثمن، ولا يمكن للإنسان مقايضته بالمال أو بأي من الأشياء المادية. مثلما ترى، الناس في الوقت الحاضر يفهمون بعض الحقائق، ويعرفون كيف يعبدون الله، ولكن هل كانوا يعلمون أيًا من هذا قبل 20 أو 30 عامًا مضت (لم يكونوا يعلمون). لم يكونوا يعلمون كيف جاء الكتاب المقدس إلى الوجود؛ لم يكونوا يعلمون ما خطة تدبير الله؛ لم يكونوا يعلمون كيفية عبادة الله والعيش ككائنات مخلوقة مؤهلة: لم يكونوا يعلمون أيًا من هذه الأشياء. لذا إذا قفزتم للأمام عشرين عامًا من الآن، أفلن تكون البشرية حينئذٍ أفضل كثيرًا مما أنتم عليه الآن؟ (ستكون كذلك). كيف سيحدث هذا؟ سيحدث بسبب خلاص الله للإنسان وحبه اللامحدود له. إنما بسبب أنَّ الله لديه مثل هذا الصبر والتسامح والرحمة للإنسان، ربح الإنسان الكثير جدًا من الأشياء. لولا محبة الله الكبيرة، ما اكتسب الإنسان شيئًا.
هل تعتقدون أن الله يحب الإنسان؟ (نعم، يحبه). إذن، هل يكره الله الإنسان؟ (نعم، يكرهه). بأي طريقة؟ في قلبه، يشمئز الله من الإنسان بالفعل ويبغض جوهر طبيعة الإنسان. إنه يشمئز من كل شخص، فكيف بوسعه أن يظل يعمل في الإنسان؟ لأن لديه محبة، ويريد تخليص هؤلاء الناس. ألا يكره الناس عندما يخلّصهم؟ بلى، يكرههم؛ الكره والمحبة موجودان معًا في الوقت ذاته. إنه يكره ويبغض ويشمئز، لكنه في الوقت نفسه يعمل من أجل خلاص الإنسان. من تعتقدون أن بوسعه فعل ذلك؟ ما من إنسان يمكنه فعل ذلك. عندما يرى الناس شخصًا يشمئزون منه ويبغضونه، فإنهم لا يرغبون في النظر إليه، وحتى كلمة واحدة معه تكون مهمة ثقيلة، أو كما يقول غير المؤمنين: "إذا لم تكن ثمّة أرضية مشتركة، فإن الكلمة الواحدة مضيعة للأنفاس". كم عدد الكلمات التي تكلمها الله للإنسان؟ كثيرة جدًا. هل يمكنك القول بأن الله لا يحب الإنسان؟ أو أنه لا يكره الإنسان؟ (لا يمكننا). الكراهية حقيقة، وكذلك المحبة. بفرض أنك تقول: "الله يكرهنا؛ دعنا لا نقترب منه. دعنا لا نترك الله يخلّصنا، كي لا نزعجه على الدوام". هل هذا مناسب؟ (ليس مناسبًا). أنت لست مراعيًا لقلب الله، وأنت لا تفهمه، ولا تعرفه. بدلًا من ذلك، فإنك بقول هذا تتمرّد ضد الله وتكسر قلبه. يجب عليك أن تفهم لماذا يكره الله الإنسان وكيف يحب الإنسان. ثمة أسباب لمحبة الله وكراهيته؛ ولكل منها له خلفيته ومبادئه. إذا قلت: "بما أن الله يُخلّصني، فلا بد أن يحبني؛ لا يمكنه أن يكرهني". هل هذا طلب غير معقول؟ (إنه كذلك). حتى إذا كان الله يكرهك، فإنه لا يتأخر عن تخليصك ولا يزال يمنحك الفرصة للتوبة. ليس لهذا تأثير على أكلك كلمات الله وشربك إياها أو على أدائك واجبك، وأنت مستمر في الاستمتاع بنعمة الله، فلماذا لا تزال تجادل؟ كراهية الله لك هي كما يجب أن تكون؛ إنها مُحدَّدة بجوهر الله، وهو لم يتأخر في تخليصك. ألا ينبغي للناس أن يكون لديهم بعض المعرفة بهذا الأمر؟ (ينبغي لهم ذلك). ما الذي ينبغي أن يعرفوه؟ يجب أن يعرفوا شخصية الله البارة وقداسته. كيف يجب أن يمضي المرء في معرفتها؟ بمَ يُسمى الأمر عندما يكره الله هذه البشرية كثيرًا لكنه لا يزال قادرًا على تخليصها؟ الرحمة الجمّة. هذا هو ما في شخصية الله البارة. وحده الله يمكنه فعل هذا؛ الشيطان لن يفعل هذا. رغم أنه لا يكرهك، فإنه يدوس عليك. إذا كرهك، فإنه سيعذبك طوال اليوم، حتى إنه سيحرمك من التناسخ بشكل دائم ويتركك تهبط إلى الدائرة الثامنة عشرة من الجحيم. أوليس هذا ما يفعله الشيطان؟ (بلى). ولكن هل يعامل الله الناس بهذه الطريقة؟ بالطبع لا. الله يمنح الناس فرصةً كافيةً للتوبة. لذلك لا تخف من أن الله يكرهك؛ فكراهيته لك محددة بجوهره. لا تتولى عن الله لأنه يكرهك، وتفكر: "أنا لا أستحق أن يُخلّصني الله، لذا ليس على الله تخليصي؛ فليُجنَّب الله أي قلق"، ثم تتخلى عن الله. هذا سيجعل الله يمقتك بدرجة أكبر كثيرًا، ﻷنك خنته وأهنته وسمحت للشيطان أن يسخر منك. هل تعتقدون أن هذا هو الحال؟ (في بعض الأحيان عندما أختبر الإعفاء أو أعاني من بعض الانتكاسات والفشل، أشعر أنني قد كسرت قلب الله، وأنه لن يعود يُخلّصني؛ يكون قلبي في حالة تجنّب لله). كسرك لقلب الله ليس شيئًا وقتيًا؛ لقد كسرت قلب الله منذ وقت طويل، وأكثر من مرّة! لكن التخلي عن نفسك فعليًا يعادل أن تدع الله يتخلى عنك كليًا ولا يخلصك، وعندئذ سيكون قلب الله مكسورًا حقًا. الله لن يحكم على الناس بالموت أو يقوم باستنتاجات عنهم بسبب سلوكهم لحظيًا أو على مدار فترة من الزمن؛ لن يفعل ذلك. كيف يجب عليك إذن أن تعرف شخصية الله؟ كيف يمكن إصلاح مفاهيم الإنسان وتصوراته الخاطئة؟ أنت لا تعرف ما يفكر فيه الله بشأن العديد من الأشياء أو كيفية مطابقتها مع شخصيته البارة وجوهره القدوس. أنت لا تفهم، لكن يوجد أمر واحد عليك أن تتذكره: مهما يكن ما يفعله الله، فلا بد للإنسان أن يخضع؛ الإنسان كائن مخلوق، مصنوع من الطين، وعليه أن يخضع لله. هذا هو واجب الإنسان والتزامه ومسؤوليته. هذا هو الموقف الذي يجب على الناس اتخاذه. حالما يتّخذ الناس هذا الموقف، كيف يتوجب عليهم معاملة الله والأشياء التي يفعلها الله؟ عليك ألا تدين مطلقًا، لئلا تسيء إلي شخصية الله. إذا كانت لديك مفاهيم، فأصلحها، لكن لا تدن الله أو الأشياء التي يفعلها. حالما تدينها، تكون قد انتهيت: فهذا يكافئ أن تقف على الجانب المقابل لله، دون فرصة لتلقي الخلاص. قد تقول: "أنا لا أقف على الجانب المقابل لله الآن، لكن عندي سوء فهم عن الله"، أو: "في قلبي شك ضئيل عن الله؛ صغير إيماني ولدي نقاط ضعف وسلبيات". هذه كلها أشياء يمكن التعامل معها؛ يمكن إصلاحها بطلب الحق، لكن لا تدن الله. إذا قلت: "ما فعله الله ليس صوابًا. إنه لا يتماشى مع الحق، لذا لديّ سبب للشك والتساؤل والاتهام. سأنشر هذا في كل مكان وأوحِّد الناس للتشكيك فيه"، فإن هذا سيكون مشكلةً. موقف الله تجاهك سيتغير، وإذا أدنت الله، فإنك ستكون قد انتهيت تمامًا؛ ثمة طرق كثيرة جدًا يمكن لله أن يقتص بها منك. لذا على الناس عدم معارضة الله عمدًا. إذا فعلت شئيًا لمقاومته دون قصد فإن هذا لن يمثل مشكلةً كبيرةً، لأنه لن يكون عمدًا أو عن قصد، وسيعطيك الله فرصةً للتوبة. إذا أدنت شيء ما عمدًا رغم معرفتك أنه من فعل الله، وحرّضت الجميع على التمرد كواحد، فستكون هذه مشكلةً. وماذا ستكون النتيجة؟ ستنتهي مثل الرؤساء المائتين والخمسين الذين قاوموا موسى. مع معرفتك أن هذا من الله، ما تزال تثير جلبة مع الله، الله لا يتجادل معك: إنما السلطان سلطانه؛ هو يجعل الأرض تنشقّ وتبتلعك مباشرةً، وهذا كل شيء. لن يراك أو يستمع إلى مبرراتك؛ هذه هي شخصية الله. ما شخصية الله التي تظهر في هذا الوقت؟ إنها الغضب! لذا لا ينبغي للناس بأي حال من الأحوال أن يثيروا جلبة ضد الله أو أن يستفزوا غضبه؛ إذا أساء أي شخص إلى الله، فإن النتيجة ستكون الهلاك.
اقتباس 26
ثمة أنواع مختلفة من الناس، يختلفون باختلاف الروح الذي لديهم؛ فبعض الناس لديهم أرواح بشرية، وهُم مَن سبق أن عينهم الله واختارهم. والبعض ليس لديهم أرواح بشرية؛ فهم شياطين شقّوا طريقهم بالخداع. وأولئك الذين لم يُعيّنْهم الله مسبقًا ويخترهم لن يكون خلاصهم ممكنًا حتى ولو أمكنهم التسلل إلى داخل بيت الله، وسينكشفون في نهاية المطاف ويُستبعدون. ما إذا كان بإمكان الناس قبول عمل الله، ونوع الطريق الذي يسلكونه بعد قبولهم إيّاه، وما إذا كان بإمكانهم أن يتغيروا، كل هذا يتوقف على الروح والطبيعة بداخلهم. بعض الناس لا يسعهم إلا أن يضلوا؛ إذ تحدد أرواحهم أن يكونوا أُناسًا على هذه الشاكلة، ولا يُمكنهم أن يتغيروا. فالروح القدس لا يعمل في بعض الناس؛ لأنهم لا يسلكون الطريق الصحيح، ولكن، إن تمكنوا من تغيير مسارهم، فيمكن للروح القدس حينئذٍ أن يعمل. أما إذا لم يُغيروا مسارهم، فسينتهي كل شيء بالنسبة إليهم. وكل أنواع المواقف موجودة، ولكن الله بار في معاملته لكل شخص. كيف يعرف الناس شخصيَّة الله البارَّة ويفهمونها؟ ينال الأبرار بركات الله ويلعن الله الأشرار؛ هذا هو برّ الله. إن الله يكافئ الخير ويعاقب الشرّ، ويجازي كلّ إنسانٍ حسب أعماله. هذا صحيحٌ، ولكن توجد حاليًّا بعض الأحداث التي لا تتفق مع مفاهيم الإنسان؛ وهي أن ثمّةَ بعض ممَن يؤمنون بالله ويعبدونه يُقتَلون أو تصيبهم لعناته، أو بعض ممَن لم يباركْهم الله قط أو يُلقِ لهم بالًا؛ وهو يتجاهلهم بصرف النظر عن مقدار عبادتهم له. يوجد بعض الناس الأشرار الذين لا يباركهم الله ولا يعاقبهم، ومع ذلك فهم أغنياء ولديهم نسلٌ وفير وكلّ شيءٍ عندهم يسير على ما يرام؛ إنهم ناجحون في كلّ شيءٍ. هل هذا برّ الله؟ يقول بعض الناس: "نحن نعبد الله، ومع ذلك لم نحصل على بركات منه، بينما يعيش الأشرار الذين لا يعبدونه، بل يقاومونه، حياة أفضل وأكثر رغدًا منا؛ فالله ليس بارًّا!" ماذا يُظهِر لكم هذا؟ أعطيتكم مثالين للتوّ. أيّ مثالٍ يدلّ على برّ الله؟ يقول بعض الناس: "كلاهما مظهران لبرّ الله!" لماذا يقولون هذا؟ تُوجد مبادئ لأعمال الله؛ كل ما في الأمر أن الناس لا يمكنهم رؤيتها بوضوح، وبما أنهم لا يرونها بوضوح، فهم لا يستطيعون القول إن الله غير بار. لا يستطيع الإنسان رؤية سوى ما على السطح؛ إذ لا يمكنه رؤية حقيقة الأشياء على ما هي عليه. ولذلك فإن ما يفعله الله يتصف بالبر، مهما يكن انسجامه قليلًا مع مفاهيم الإنسان وتصوراته. ثمّةَ أناسٌ كثيرون يتذمرون باستمرار من أن الله ليس بارًّا؛ وذلك لأنهم لا يفهمون الوضع على حقيقته. ومن السهل عليهم ارتكاب أخطاء عندما ينظرون إلى الأمور دومًا في ضوء مفاهيمهم وتصوراتهم. توجد معرفة الناس بين أفكارهم ووجهات نظرهم، أو ضمن أفكارهم عن التعاملات، أو ضمن منظور كلٍّ منهم عن الخير والشر، أو الصواب والخطأ أو عن المنطق. عندما يرى المرء الأشياء من وجهات نظر كهذه يسهل عليه إساءة فهم الله، وتتولد لديه المفاهيم، وسوف يقاومه ذلك المرء ويتذمر منه. كان ثمة رجلٌ فقيرٌ لا يعرف إلا عبادة الله، ولكن الله تجاهله فحسب ولم يُباركه. قد تُفكرون قائلين: "حتى وإن لم يُباركه الله في هذه الحياة، فبالتأكيد سيُباركه في الأبدية ويُجازيه أكثر بعشرة آلاف ضِعف. ألا يجعل هذا اللهَ بارًا؟ فالرجل الغني يتمتع بمئات الأضعاف من البركات في حياته، وفي الأبدية يُلاقي دمارًا، أليس هذا أيضًا برَّ الله؟" كيف ينبغي للمرء أن يفهم بِرَّ الله؟ خذوا فَهم عمل الله كمثال: لو أنَّ الله أنهى عمله بعدما أكمل عمله في عصر النعمة، ولم يَقُمْ بعمل الدينونة في الأيام الأخيرة، ولم يُخلِّص الجنس البشري خلاصًا كاملًا؛ بحيث يؤدي ذلك إلى فناء البشر تمامًا، هل كان سيُنظر إليه على أن لديه محبة وبِرًّا؟ لو أنَّ الله ألقى أولئك الذين يعبدونه في بحيرة النار والكبريت، بينما سمح لأولئك الذين لا يعبدونه ولا يعرفون حتى أنه موجود بالبقاء أحياء، ماذا يُفترَض أن يُستنتَج من هذا؟ حينما يتحدث الناس في سياق التعليم، عادةً ما يقولون دائمًا إن الله بار، لكنهم إن واجهوا هذا النوع من المواقف، فقد لا يُمكنهم التمييز كما ينبغي، وربما حتى يتذمرون من الله ويحكمون عليه بأنه ليس بارًا.
يجب فَهم محبة الله وبِرّه فهمًا غير منقوص، ويجب شرحهما وفهمهما بحسب كلام الله والحق. أضف إلى ذلك أنه يجب على المرء أيضًا أن يخوض اختبارًا حقيقيًّا وينال من الله استنارة لكي يعرف محبة الله وبِرّه معرفةً حقة. ولا ينبغي أن يكون تقييم المرء لمحبة الله وبِرّه بحسب مفاهيم المرء وتصوراته. فبحسب تصورات الإنسان، يُجازى الصالح ويُعاقب الشرير؛ إذ يُجازى الصالحون بالخير، ويُجازى الأشرار بالشر، وأولئك الذين لا يصنعون شرًّا ينبغي أن يجازوا جميعًا بالخير وينالوا البركات. وسيظهر أنه في جميع الحالات التي يكون فيها الناس غير أشرار، ينبغي مجازاتهم بالخير؛ وهذا فحسب هو بِرّ الله. أليس هذا مفهوم الناس؟ لكن ماذا إن لم يُجازوا بالخير؟ هل ستقول حينها إن الله ليس بارًا؟ على سبيل المثال، في زمن نوح، قال الله لنوح: "نِهَايَةُ كُلِّ بَشَرٍ قَدْ أَتَتْ أَمَامِي، لِأَنَّ ٱلْأَرْضَ ٱمْتَلَأَتْ ظُلْمًا مِنْهُمْ. فَهَا أَنَا مُهْلِكُهُمْ مَعَ ٱلْأَرْضِ" (التكوين 6: 13). وبعد ذلك أمر نوحًا أن يصنع الفُلْك. وبعدما قبل نوح إرسالية الله وبنى الفُلك، انهمرت أمطار غزيرة على الأرض لمدة أربعين يومًا وليلة، وغمر الطوفان العالم كله، وأهلك الله جميع البشر في ذلك العصر، فيما عدا نوحًا وأفراد عائلته السبعة. ماذا تستنتج من هذا؟ هل ستقول إن الله غير مُحِب؟ بالنسبة إلى الإنسان، مهما يكن مدى فساد الجنس البشري، ما دام الله يُبيد الجنس البشري، فهذا يعني أنه غير مُحِب؛ هل هم على صواب في تصديقهم ذلك؟ أليس هذا الاعتقاد سخيفًا؟ لم يُحب الله الذين أهلكهم، لكن هل يمكنك أن تقول بصدق إنه لم يُحب أولئك الذين نجوا ونالوا خلاصه؟ أحب بطرس الله إلى أقصى درجة، وأحب الله بطرس؛ هل يُمكنك حقًّا القول إن الله غير مُحِب؟ يُحب الله الذين يُحبونه بصدق ويكره مُقاوميه والراغبين عن التوبة ويلعنهم. فالله يمتلك المحبة والكراهية على السواء، وهذه هي الحقيقة. ولا ينبغي أن يُصنِّف الناس الله أو يحكمون عليه بحسب مفاهيمهم وتصوراتهم؛ لأن مفاهيم الجنس البشري وتصوراته، التي هي الطريقة التي يرون من خلالها الأشياء، لا تنطوي على الحق بالمرّة. يجب أن يُعرَف الله بحسب مواقفه تجاه الإنسان، وبحسب شخصيته وجوهره. ويجب على المرء ألّا يُحاول مطلقًا تعريف جوهر الله بحسب ما يبدو عليه ظاهر تلك الأمور التي يعملها أو يتعامل معها. لقد أفسد الشيطان الجنس البشري بشِدة؛ فهم لا يعرفون جوهر طبيعة الناس الفاسدين، فضلًا عن ماهية الناس الفاسدين أمام الله، ولا الطريقة التي ينبغي أن يُعامَلوا بها وفقًا لشخصية الله البارة. انظر في حالة أيوب؛ لقد كان رجلًا بارًّا، وباركه الله. كان هذا بِرّ الله. وقد عقد الشيطان رهانًا مع يهوه: "هَلْ مَجَّانًا يَتَّقِي أَيُّوبُ ٱللهَ؟ أَلَيْسَ أَنَّكَ سَيَّجْتَ حَوْلَهُ وَحَوْلَ بَيْتِهِ وَحَوْلَ كُلِّ مَا لَهُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ؟ بَارَكْتَ أَعْمَالَ يَدَيْهِ فَٱنْتَشَرَتْ مَوَاشِيهِ فِي ٱلْأَرْضِ. وَلَكِنِ ٱبْسِطْ يَدَكَ ٱلْآنَ وَمَسَّ كُلَّ مَا لَهُ، فَإِنَّهُ فِي وَجْهِكَ يُجَدِّفُ عَلَيْكَ" (أيوب 1: 9-11). فقال يهوه، "هُوَذَا كُلُّ مَا لَهُ فِي يَدِكَ، وَإِنَّمَا إِلَيهِ لَا تَمُدَّ يَدَكَ" (أيوب 1: 12). لذا مضى الشيطان إلى أيُّوب، وهاجمه وأغواه، وواجه أيُّوب التجارب، إذ جُرِّد من كلّ شيء؛ٍ حيث فقد أولاده وممتلكاته، وغطّت الدمامل جسمه كله. هل كانت تجارب أيُّوب تتضمَّن في ثناياها شخصيَّة الله البارَّة؟ لا يمكنك تحديد هذا بوضوحٍ، أليس كذلك؟ فحتى إذا كنت شخصًا بارَّا، فإنه يحقّ لله إخضاعك للتجارب والسماح لك بالشهادة له. شخصيَّة الله بارَّة؛ وهو يعامل الجميع بمساواة. ليس الأمر أن الأبرار ليسوا بحاجةٍ إذن إلى التعرض للتجارب حتى وإن كانوا يستطيعون تحملها، أو أنه ينبغي حمايتهم؛ فليست هذه هي الحال. يحقّ لله أن يُخضع الناس الأبرار للتجارب، وهذا هو الإعلان عن شخصيَّته البارَّة. وأخيرًا، بعدما انتهى أيُّوب من الخضوع للتجارب والشهادة ليهوه، باركه يهوه أكثر حتَّى من ذي قبل، بل وحتى أفضل من ذي قبل، ومنحه ضعف البركات. بالإضافة إلى ذلك، ظهر له يهوه وتكلَّم معه من العاصفة، ورآه أيُّوب كما لو كان وجهًا لوجهٍ. كانت هذه بركةً منحها له الله. كان هذا برّ الله. ماذا لو حدث - عندما انتهى أيُّوب من التعرض للتجارب ورأى يهوه كيف أن أيُّوب شهد له في محضر الشيطان وأخزى الشيطان - أن التفت عنه يهوه وانصرف، متجاهلًا إيَّاه، ولم ينل أيُّوب البركات بعد ذلك – هل كان هذا سينطوي على برّ الله؟ بصرف النظر عمَّا إذا كان أيُّوب قد بورك بعد التجارب أم لا، أو ما إذا كان يهوه قد ظهر له أم لا، فإن هذا كلّه يتضمَّن مشيئة الله الصالحة. فالظهور لأيُّوب كان من شأنه أن يكون برّ الله، وعدم الظهور له كان من شأنه أيضًا أن يكون برّ الله. فعلى أيّ أساسٍ تطالب الله أيُّها الكائن المخلوق؟ ليس الناس أهلًا لتقديم مطالب إلى الله. ولا يوجد شيءٌ أبعد عن العقلانية من تقديم مطالب إلى الله. سوف يفعل الله ما يجب أن يفعله، وشخصيَّته بارَّة. لا يعني البرّ بأيّ حالٍ من الأحوال الإنصاف أو المعقولية؛ فهو ليس مساواة، أو مسألة تخصيص ما تستحقّه وفقًا لمقدار العمل الذي أنجزته، أو الدفع لك مقابل أيّ عملٍ أدَّيته، أو منحك ما تستحقّه وفقًا لأيّ جهدٍ تبذله. فهذا ليس هو البرّ، بل هو مجرد الإنصاف والمعقولية. قلة قليلة من الناس قادرون على معرفة شخصية الله البارة. افترض أن الله أقصى أيُّوب بعد أن شهد له: فهل سيكون هذا بارًّا؟ الواقع أنه كذلك. لماذا يُسمَّى هذا برًّا؟ كيف ينظر الناس إلى البر؟ إن توافق شيءٌ مع مفاهيم الناس، فمن السهل جدًّا عليهم أن يقولوا إن الله بارٌّ؛ أما إن كانوا لا يرون أن ذلك الشيء يتوافق مع مفاهيمهم – إذا كان شيئًا لا يمكنهم فهمه – فسوف يكون من الصعب عليهم القول إن الله بارٌّ. لو كان الله قد أهلك أيُّوب في ذلك الوقت، لما قال الناس إنه بارٌّ. ومع ذلك، سواء كان الناس فاسدين في الواقع أم لا، وسواء كانوا شديدي الفساد أم لا، هل يتعيَّن على الله أن يُبرِّر نفسه عندما يُهلِكهم؟ هل يتعيَّن عليه أن يشرح للناس على أيّ أساسٍ يفعل ذلك؟ هل يتعين على الله أن يخبر الناس بالقواعد التي قدّرها؟ لا حاجة إلى ذلك. فالله يرى أن الشخص الفاسد والذي لديه قابلية لمعارضة الله، لا قيمة له، وكيفما تعامل الله معهم سيكون لائقًا، وكلّها ترتيبات الله. إذا كنت مثيرًا للاستياء في نظر الله، وإذا قال إنك لن تفيده بعد شهادتك وبالتالي أهلكك، فهل سيكون هذا أيضًا برَّه؟ نعم. قد تعجز عن إدراك هذا من الحقائق في الوقت الحالي، ولكن ينبغي أن تفهم في التعليم. ماذا تريدون أن تقولوا – هل إهلاك الله للشيطان تعبيرٌ عن برِّه؟ (أجل). ماذا لو سمح للشيطان بالبقاء؟ لا تجرؤون على القول، أليس كذلك؟ فجوهر الله هو البرّ. وعلى الرغم من أنه ليس من السهل فهم ما يفعله، إلَّا أن كلّ ما يفعله بارٌّ؛ وكلّ ما في الأمر هو أن الناس لا يفهمون. عندما ترك الله بطرس للشيطان، كيف تجاوب بطرس؟ "البشريَّة غير قادرةٍ على سبر غور ما تفعله، ولكن كلّ ما تفعله ينطوي على مشيئتك الصالحة؛ فالبر موجود فيه كله. فكيف لا أنطق بالتسبيح لحكمتك وأفعالك؟" يجب أن ترى الآن أن سبب عدم تدمير الله للشيطان وقت خلاصه للإنسان هو أنه يمكن أن يتضح للبشر كيف أفسدهم الشيطان، والدرجة التي أفسدهم بها، وكيف ينقّيهم الله ويخلّصهم. وفي نهاية المطاف، عندما يكون الناس قد فهموا الحق، ورأوا بوضوح وجه الشيطان البغيض، وعاينوا الخطيئة البشعة المتمثلة في إفساد الشيطان إياهم، سوف يدمر الله الشيطان، مظهرًا لهم برّه، والوقت الذي يدمر الله فيه الشيطان يمتلئ بشخصية الله وحكمته. إن كلّ ما يفعله الله بارٌّ. وعلى الرغم من أن البشر قد لا يستطيعون إدراك بر الله، فيجب عليهم عدم إصدار أحكامٍ كما يشاؤون. إذا بدا للبشر شيءٌ مما يفعله الله على أنه غير معقول، أو إذا كانت لديهم أيّ مفاهيم عنه، وقادهم ذلك إلى القول إنه ليس بارًّا، فهم أبعد ما يكونون عن العقلانية. أنت ترى أن بطرس وجد بعض الأشياء غير مفهومةٍ، لكنه كان مُتأكِّدًا من أن حكمة الله كانت حاضرة وأن مشيئته الصالحة كانت في تلك الأشياء. لا يستطيع البشر سبر غور كلّ شيءٍ، إذ توجد الكثير من الأشياء التي لا يمكنهم استيعابها. وبالتالي فإن معرفة شخصية الله ليست بالأمر الهيّن. على الرغم من وجود عدد كبير جدًّا من الناس الذين يؤمنون بالله في العالم الدّينيّ، قليلون مَن يملكون القدرة على معرفة شخصيته. عندما حاول بعض الناس نشر الإنجيل بين أناس متدينين، وجعلوهم يقرؤون كلام الله، فإنَّ هؤلاء الناس لم يسعوا ويتحققوا فحسب، بل أحرقوا كتب كلام الله وعوقبوا. وآخرون صدّقوا الشائعات، وجدّفوا على الله وعوقبوا. ثمّةَ أمثلة كثيرة، بل أمثلة لا حصر لها من هذا النوع تحدث بالفعل. فبعض المؤمنين الجُدد متكبرون، ومتغطرسون، فهم لا يقبلون هذا عندما يسمعون به؛ إذ تتشكل لديهم مفاهيم. يرى الله أنك أحمق وجاهل فيتجاهلك، لكن سيأتي يوم يجعلك تفهم فيه. إذا كنت قد اتبعت الله على مدار سنين عديدة، ولا تزال تتصرف على هذا النحو، متشبثًا بمفاهيمك، أيًا كان عددها، ولا يقتصر الأمر على أنك لا تطلب الحق لحل المشكلات، بل تنشر مفاهيمك في كل مكان، وتستهزئ ببيت الله وتسخر منه، فستلاقي جزاءك. في بعض الحالات، قد يغفر الله لك؛ لأنك كنت أحمق وجاهلًا فحسب، أمّا إذا كانت لديك معرفة أفضل، ومع ذلك تتصرَّف بتلك الطريقة عن عمد، ولا تستمع، بغض النظر عن مقدار ما تتلقاه من نُصح، فلا بد حينئذٍ أن يعاقبك الله. أنت لا تعرف سوى أن الله لديه جانب متسامح، ولكن لا تنسَ أن لديه أيضًا جانبًا منزهًا عن الإهانة، ألا وهو شخصيته البارَّة.
اقتباس 27
«التجديف والافتراء على الله خطية لن تُغفر في هذا العصر أو في العصر الآتي، ولن يتجسد مرتكبو هذه الخطية مجددا أبدًا». وهذا يعني أن شخصية الله لا تتسامح مع الإساءة إليها من قبل الإنسان. يقينًا وبما لا يدع مجالاً للشك لن يُغفر التجديف والافتراء على الله لا في هذا العصر ولا في العصر الآتي. إن التجديف على الله، سواء كان مقصودًا أم لا، أمر يسيء إلى شخصية الله، وسيُدان حتمًا التلفظ بكلمات تجديفية على الله، مهما كان السبب، بيد أن بعض الناس يتلفظون بكلمات مدانة وتجديفية في مواقف لا يفهمون فيها ذلك، أو ضللهم فيها آخرون وسيطروا عليهم وقمعوهم. وبعد أن يتلفظوا بهذه الكلمات، يشعرون بعدم الارتياح، وبأنهم موضع اتهام، وينتابهم الندم الشديد. وبعدئذ يُعدّون ما يكفي من الأعمال الصالحة بينما يكتسبون المعرفة ويتغيرون بذلك، ومن ثم فلا يعود الله يذكر ذنوبهم السابقة. لا بد أن تعرفوا كلام الله حق المعرفة، وألّا تطبقوه اعتباطًا بحسب مفاهيمكم وتصوراتكم. لا بد لكم أن تفهموا مَن المُستهدف بكلامه وفي أي سياق ينطق به. عليكم ألّا تطبقوا كلام الله اعتباطًّا أو تحددوه كيفما اتفق؛ فالناس الذين لا يعرفون كيف يختبرون لا يتأملون في أنفسهم بشأن أي شيء، ولا يقارنون أنفسهم بكلام الله، في حين يميل الذين كانت لديهم بعض الاختبارات والفطنة إلى الإفراط في الحساسية، ويقارنون أنفسهم بكلام الله بشكل تعسّفيّ عندما يقرؤون لعناته أو مقته واستبعاده للناس. هؤلاء الناس لا يفهمون كلام الله، ويسيئون فهمه دائمًا. بعض الناس لم يقرأوا كلام الله الراهن أو يتحرَّوا عمله الراهن، فضلًا عن أن يكتسبوا استنارة الروح القدس. تكلموا في الحكم على الله، ثم نشر امرؤٌ الإنجيل بينهم وقبِلوه. ويندمون بعدئذ على ما فعلوه ويريدون أن يتوبوا، وسوف نرى آنئذٍ كيف ستكون سلوكياتهم ومظاهرهم في قادم الأيام. إذا كان سلوكهم سيئًا للغاية بعد أن بدأوا في الإيمان، وزادوا الطين بلة بالتفكير قائلين: «حسنًا، لقد تلفظت من قبل بكلمات تنطوي على التجديف والافتراء والحكم على الله، وإذا كان الله يدين هذا النوع من الناس، فإن مساعيّ لا تجدي في شيء»، فقد انتهى أمرهم تمامًا. لقد استسلموا لليأس وحفروا قبورهم بأيديهم.
لقد أذنب معظم الناس ودنّسوا أنفسهم بطرق معينة. فعلى سبيل المثال، قاوم بعض الناس الله وقالوا أشياء تجديفية؛ ورفض بعض الناس إرسالية الله ولم يؤدوا واجبهم، وازدراهم الله. وقد خان بعض الناس الله عندما واجهتهم الغوايات، وبعضهم خانوه بتوقيعهم على «الرسائل الثلاثة» عندما كانوا رهن الاعتقال، والبعض سرق التقدمات، والبعض الآخر بدد التقدمات، والبعض الآخر أربك حياة الكنيسة مرارًا وألحق الأذى بشعب الله المختار، وشكّل البعض الآخر عصاباتٍ وعاملوا الآخرين بخشونة، محدثين فوضى في الكنيسة، وكثيرًا ما نشر البعض المفاهيم والموت، مُلحِقين الأذى بالإخوة والأخوات، وتعاطى البعض الزنا والإباحية، وكان لهم تأثير فظيع. يكفي القول إن لكل شخص تعدّياته وأدناسه، إلّا أن بعض الناس قادرون على قبول الحق والتوبة، بينما لا يمكن لآخرين فعل ذلك، ويتمنون الموت قبل أن يتوبوا؛ وبالتالي ينبغي معاملة الناس بحسب جوهر طبيعتهم وسلوكهم الثابت. إن الذين يستطيعون التوبة هم الذين يؤمنون بالله حقًا؛ أما فيما يتعلق بغير الصادقين في توبتهم، فإن الذين ينبغي إخراجهم وطردهم سوف يُخرَجون ويُطردون. بعض الناس أشرار وبعضهم جهلاء، وبعضهم أغبياء، وبعضهم وحوش. كل شخص مختلف عن الآخر. فبعض الأشرار تتلبسهم أرواح شريرة، في حين أن البعض الآخر أذناب الشيطان وأبالسة. بعضهم خبثاء بوجه خاص بطبيعتهم، في حين أن البعض مخادعون على وجه الخصوص والبعض جَشِعون بدرجة خاصة عندما يتعلق الأمر بالمال، والبعض الآخر يلتذّ بالإباحية الجنسية. يختلف سلوك كل شخص عن الآخر؛ ومن ثم ينبغي النظر إلى الأشخاص جميعًا في شموليتهم بحسب طبائعهم وسلوكياتهم الثابتة. واستنادًا إلى غرائز جسد الإنسان الفاني، فإن لدى كل إنسان أيًّا كان إرادة حرة؛ حيث يمكنه التفكير في الأشياء وفق مفاهيم الإنسان، ولا يمتلك المقدرة على اختراق العالم الروحي مباشرة أو أي طريقة لمعرفة حقيقته. على سبيل المثال، عندما تؤمن بالله الحقّ، وتريد قبول هذه المرحلة من عمله الجديد، ولكن لم يأت أحد ليبشرك بالإنجيل، وعمل الروح القدس وحده ينيرك ويرشدك إلى مكان ما، فأنت إذن محدود جدًا فيما تعرفه. مستحيل أن تعرف العمل الذي يقوم به الله الآن وما الذي سينجزه في المستقبل. ليس باستطاعة الناس إدراك الله؛ ليست لديهم المقدرة على فعل ذلك، ولا يمتلكون المقدرة على استيعاب العالم الروحي بشكل مباشر أو فهم عمل الله كليًّا، فضلًا عن خدمته طواعية مثل ملاك. ما لم يُخضِع الله الناس ويخلصهم ويصلحهم أولاً من خلال كلامه أو يسقهم ويزودهم بالحقائق التي يعبر عنها، فلن يقدر الناس على قبول العمل الجديد أو اكتساب الحق والحياة، أو التوصل لمعرفة الله. إذا لم يقم الله بهذا العمل، فلن يحظَوا بهذه الأشياء في داخلهم؛ هذا ما تقرره فطرتهم. وبالتالي فإن بعض الناس يقاومون أو يتمردون، فيتعرضون لغضب الله وبُغضه، لكن الله يُعامل كل حالة بطريقة مختلفة، ويتعامل مع كل منها على حدة وفق فطرة الإنسان، وأيّ عمل يقوم به الله يكون صائبًا؛ فهو يعرف ما يفعله وكيف يفعله، وحتمًا لن يجعل الناس يفعلون أي شيء لا يقدرون على فعله بفطرتهم. يستند تعامل الله مع كل شخص إلى الأوضاع القائمة في أحوال هذا الشخص وخلفيته في حينه، كما في تصرفاته وسلوكه وجوهر طبيعته. لن يظلم الله أحدًا أبدًا. هذا أحد جوانب بِرِّ الله. على سبيل المثال، أغوت الحية حواء لتأكل من ثمر شجرة معرفة الخير والشر، لكن يهوه لم يؤنبها بقوله: «لقد نهيتك عن الأكل منها، فلماذا فعلت ذلك على أي حال؟ كان ينبغي لك أن تتحلّيْ بالتمييز؛ كان ينبغي لك أن تعلمي أن الحية تكلمت فقط لإغوائك». لم يؤنب يهوه حواء هكذا. ما دام البشر خليقة الله، فإنه يعرف فِطَرَهم، وما تقدر هذه الفِطَر على فعله، وإلى أي مدى يستطيع الناس التحكم في أنفسهم، وإلى أي حد يمكنهم التمادي. يعلم الله كل هذا بوضوح تام. إن تعامل الله مع شخص ما ليس بالبساطة التي يتصورها الناس. عندما يكون موقفه تجاه شخص ما موقف تقزز أو اشمئزاز، أو عندما يتعلق الأمر بما يقوله هذا الشخص في سياق معين، يكون لديه فهم جيد لحالاته؛ ذلك أن الله يفحص قلب الإنسان وجوهره بدقة. يفكر الناس دائمًا قائلين: «ليس لله غير ألوهيته. وهو بار ولا يتقبل أي إساءة من الإنسان، ولا يراعي صعوبات الإنسان أو يضع نفسه مكان الناس. إذا قاوم امرؤٌ الله، فسوف يعاقبه». ليست هكذا تسير الأمور على الإطلاق. إذا كانت هذه طريقة فهم المرء لبره وعمله ومعاملته للناس، فإنه يرتكب خطأً فادحاً. إن قرار الله بشأن عاقبة كل شخص لا يستند إلى مفاهيم الإنسان وتصوراته، بل إلى شخصية الله البارة. وسيجازي كل امرئ بحسب أعماله. الله بار، وعاجلاً أم آجلاً، سوف يحرص على أن يقتنع الناس اقتناعًا تامًّا.