15. بعد الأكاذيب

يقول الله القدير، "عليكم أن تعرفوا أن الله يحب الإنسان الصادق. لدى الله جوهر الأمانة، وهكذا يمكن دائمًا الوثوق بكلمته. فضلاً عن ذلك، فإن أفعاله لا تشوبها شائبة ولا يرقى إليها شك. لهذا، يحب الله أولئك الذين هم صادقون معه صدقًا مطلقًا. يعني الصدق أن تهب قلبك لله، وألا تكذب عليه أبدًا في أي شيء، وأن تنفتح عليه في كل شيء، وألَّا تخفي الحق، وألَّا تقوم أبدًا بتصرّفاتٍ تخدع الذين هم أعلى منك وتضلِّل الذين هم أقل منك، وألَّا تقوم أبدًا بتصرّفاتٍ الهدف منها هو التودُّد إلى الله فحسب. باختصار، حتى تكون صادقًا، ابتعد عن النجاسة في أفعالك وأقوالك وعن خداع الله أو الإنسان" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الإنذارات الثلاثة). قال الرب يسوع أيضًا، "اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ ٱلْأَوْلَادِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ" (متى 18: 3). يمكننا أن نرى من كلمات الله أنه أمين، وأنه يحب الصادق ويحتقر المخادع، وأنه لا يمكن لأحد أن يخلص وأن يدخل الملكوت السماوي إلا الصادقين. لهذا يطالبنا الله مرارًا وتكرارًا بأن نكون صادقين، وأن ننحل من كذبنا ودوافعنا المخادعة. لكن في العالم الحقيقي، كلما مس شيء سمعتي ومركزي، لم يسعني إلا الكذب والخداع. دون دينونة كلمة الله وإعلانها، دون تزكيته وتأديبه، لم أكن لأتوب حقًا، وأبتعد عن الكذب، وأمارس الحق كشخص صادق.

منذ عامين، كنت أؤدي مهام قائدة كنيسة. طلبَت قائدتي في يوم أن أحضَر اجتماعٍ لزملاء العمل. كنت سعيدة للغاية. فكرت كم عملت بجد في الكنيسة مؤخرًا، أعقدُ الاجتماعات والشركة كل يوم، وكان أغلب الإخوة والأخوات منخرطين في واجبهم بفاعلية. وأحرزَتْ بعض المجموعات تقدمًا كبيرًا، لذا ظننت أن هذا الاجتماع سيكون فرصة لظهوري بالتأكيد. يمكنني أن أُري القائدة والزملاء كم كنت قادرة، وأنني كنت أفضل من الآخرين. عندما وصلتُ، رأيتُ الأخت ليو عابسة بقلق، وقالت بتنهد، "كيف تسير أعمال السقاية ودعم الإخوة والأخوات معك؟ نمر بوقت عصيب. لا بد أنني أفتقد واقعية الحقيقة. هناك الكثير من المسائل التي لا يمكنني حلها". ابتسمت وقلت، "يسير عمل السقاية في كنيستنا على أفضل وجه، أفضل كثيرًا مما سبق". دخلتْ القائدة في تلك اللحظة وبدأتْ تسأل عن عمل السقاية في الكنائس. ظننت أنها فرصتي للتألق، لذا كان عليَّ أن أقدم عرضًا جيدًا. الغريب أنها لم تسألنا عن نجاحاتنا في عمل السقاية، لكنها سألت عن المصاعب التي نشأت، وكيف حُلّت من خلال الشركة عن الحق، وأي الصعوبات لم تُحل. شعرت بالذعر. بوجه عام، لم أقم إلا بتنظيم العمل ولم أعرف التفاصيل على الإطلاق، لذا فأنا لم أقم بأي سقاية حقيقية. لم أعرف ماذا أفعل. ماذا أقول عندما تسألني القائدة؟ إذا قلت الحقيقة، فهل تظن أنني لم أقم بعمل تطبيقي؟ لقد كنت أتباهى للتو أمام الأخت ليو، قائلة إن العمل الذي كنت مسؤولة عنه كان يسير على ما يرام. فهل تقول إنني كنت أتباهى بلا شيء، إذا لم أتمكن من الحديث عن التفاصيل؟ ماذا كان بإمكاني أن أفعل؟ شعرت بقلق متزايد. عندها فقط، تحدث الأخ تشو عن بعض المسائل التي واجهوها في عمل السقاية في كنيستهم والفساد الذي كشفه في عمله. ثم شرح كيف التمس الحق لحل هذه الأشياء. شرح هذا بطريقة عملية ومفصلة للغاية، أظهرت لنا طريقًا للتطبيق. شعرت بخزي حقيقي بعد سماع شركته. ومع علمي بأنني لم أقم بأي عمل تطبيقي، خفضت رأسي وتوهّج وجهي. ثم طلبت القائدة مني أن أتكلم. خفق قلبي بشدة. ماذا كان عليَّ أن أقول؟ لم يكن لدي تفاصيل لأشاركها، وسيُظهر الاستعراض العام مجردًا أنني لم أقم بأي عمل تطبيقي. ماذا سيكون رأي الناس فيَّ إذا قلت الحقيقة؟ شعرت أنني لم أستطع أن أكون صريحة. لذا قلت، "إن موقفي يشبه كثيرًا موقف الأخ تشو. لا حاجة لأن أكرر ما قاله." سمِعَتْ القائدة ولم تقل شيئًا، ثم بدأَتْ الاجتماع بقراءة كلمات الله. في الاجتماع، شعرت كما لو كنت قد سرقت شيئًا من شخص. كنت متوترة حقًا، خائفة من اليوم الذي تفحص فيه قائدتي عملي أو تراقبه، وتكتشف أن تطبيقي لم يكن مثل تطبيق الأخ تشو، وتستبعدني من أداء واجبي لعدم القيام بعمل تطبيقي، وللكذب والخداع. ازداد اضطرابي، لكني كنت ما زلت أفتقر إلى الشجاعة اللازمة لقول الحقيقة. قررت في صمت، "عليَّ قطعًا أن أعمل بالطريقة التي يعمل بها الأخ تشو للتعويض عن غشي اليوم".

عندما عدت إلى الكنيسة، قابلت الشمامسة ومرشدي المجموعات على الفور، وأعطيتهم شركة مفصلة وشخصية، وجعلتهم يبدؤون على الفور. ثم ركبت دراجتي إلى منزل الأخت لايو. أخبرتها عن طريق الأخ تشو بالتفصيل، وقلت لها أن تشاركه مع الإخوة والأخوات الآخرين في مهمة السقاية. مرت ثلاثة أيام سريعًا على هذا المنوال وانتظرت بسعادة غامرة حصد ثمرة أتعابي. لدهشتي، أخبروني أنهم واجهوا الكثير من المشاكل في عمل سقايتهم، بعضها لم يتمكنوا من حله، وأن القادمين الجدد انخدعوا بأكاذيب الحزب الشيوعي الصيني والقساوسة الدينيين لعدم سقايتهم في الوقت المناسب، لذا لم يعودوا يجرؤون على القدوم إلى الاجتماعات. كان عقلي يدور. كيف يمكن لهذا أن يحدث؟ أسرعت عائدة إلى منزل الأخت لايو وبمجرد أن رأتني، قالت بقلق، "ما الذي ينبغي علينا فعله الآن فيما يتعلق بمشاكل عمل سقايتنا هذه؟ أنا لا أعرف حقًا." لم أعرف ماذا أقول. لقد أرشدتها بصورة خاصة من خلال شركة وتناولت تفاصيلًا دقيقة في شركتي، لكنها ظلت لا تفهم. تساءلت ماذا كان خطب هؤلاء الناس. لقد شاركت بكل بوضوح، لكنهم لم يفهموا الأمر بعد. ماذا سيكون رأي القائدة فيَّ إذا لم يُنجز عملي بصورة جيدة؟ كلما فكرت في الأمر، شعرت بالمزيد من الإحباط والاكتئاب. تقلبت في الفراش في تلك الليلة، غير قادرة على النوم، شاعرة بأنني بلا طاقة على الإطلاق. أخيرًا وقفت أمام الله في صلاة: "يا الله، لقد عملت في مهمتي بجهد أكبر كثيرًا في تلك الأيام القليلة الماضية، لكنني لم أحقق شيئًا. لا أستطيع أن أشعر بإرشادك، وأحيا في الظلام. يا الله، هل أفعل شيئًا ضد مشيئتك، يثير مقتك وبغضك؟ أرجوك أنرني حتى أتمكن من فهم حالتي".

ثم قرأت هذه الكلمات الكاشفة من الله: "هل أهدافك ومقاصدك التي أبرمتها معي حاضرة في ذهنك؟ هل قيل كلامك وتمت أفعالك في حضرتي؟ أنا أمحّص كل خواطرك وأفكارك. ألا تشعر بالذنب؟ إنك ترتدي واجهة كاذبة كي يراها الآخرون، وبهدوءٍ تصطنع هيئة البر الذاتي. أنت تفعل هذا حمايةً لنفسك. إنك تفعل هذا لتخفي شرَّك، بل وتختلق سُبُلًا لتلقي بهذا الشر على شخصٍ آخر. أي غدر يسكن في قلبك!" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الثالث عشر). "لا تتصرف بطريقة أمام الآخرين وبطريقة أخرى من وراء ظهورهم؛ فأنا أرى بوضوح كل شيء تفعله، ومع أنك قد تخدع الآخرين، لا يمكنك أن تخدعني. فأنا أرى كل شيء بوضوح، ولا يمكنك إخفاء أي شيء؛ فكل شيء في يديّ. لا تظن نفسك ذكيًا للغاية لأنك تجعل حساباتك الصغيرة التافهة تعمل لمصلحتك. وأقول لك: مهما كان عدد الخطط التي يضعها الإنسان، سواء آلاف أو عشرات الآلاف من الخطط، لكنه في النهاية لا يستطيع الإفلات من راحة يدي. تحكم يداي جميع الأشياء والأمور، فكم بالحريّ تحكم شخصًا واحدًا! فلا تحاول أن تتملَّص مني أو تختبئ، ولا تحاول أن تمكر أو تكتم شيئًا. أيمكن أن يكون الأمر أنك لا تستطيع أن ترى أن وجهي المجيد وغضبي ودينونتي قد أُعلنت على رؤوس الأشهاد؟ وسأُدين على الفور ودون رحمة كل أولئك الذين لا يريدونني بإخلاص. لقد وصلت شفقتي إلى نهايتها ولم يعد يوجد المزيد منها. فلا تكونوا منافقين بعد الآن وتوقفوا عن طرقكم الجامحة والطائشة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الرابع والأربعون). ثم تفكرت في نفسي بعد قراءة هذا. لقد كنت أتعجل عقد الاجتماعات والشركة مع الشمامسة وقادة المجموعات، لكن لما كان كل هذا؟ هل كنت أفعل هذا حقًا من أجل عمل الكنيسة، من أجل حياة أخوتي وأخواتي؟ هل كنت أفعل هذا لحل مشاكلهم العملية؟ ثم فكرت كيف كذبت في ذلك الاجتماع. عندما سأَلَتْ القائدة عن عمل السقاية، كنت أعرف جيدًا أنني لم أقم بأي عمل تطبيقي، لكني كنت مخادعة حتى لا أظهر بمظهر الحمقاء، حتى لا يدرك الناس حقيقتي أو يزدرونني. هرعت عائدة لأعالج نقائص عملي فقط حتى لا تكتشف القائدة أنني كذبت. أدركت وقتها أنني عملت بجهد فقط لتستمر كذبتي، لأتستر على حقيقة أنني لم أقم بعمل تطبيقي، ومن أجل الحفاظ على سمعتي ومركزي. فقط استخدمت الطريق الذي شاركه الأخ تشو بدلًا من فهم المصاعب الفعلية التي يواجهها الإخوة والأخوات فهمًا حقيقيًا وحل مسائلهم بتقديم شركة عن الحق. لقد كنت مهملة في أداء واجبي، مضمرة ذلك الدافع الخسيس. كيف يتماشى هذا مع مشيئة الله؟ يرى الله ما في أعماق قلوبنا، لذا كيف لا يكون مشمئزًا من محاولتي خداعه وخيانته وغشه بهذه الطريقة؟ كان الظلام الذي سقطّتُ فيه تزكية الله وتأديبه لي. إدراك هذا الأمر جعلني أشعر ببعض الخوف وفكرت في أن أطبّق الحق وأن أكون صريحة في الاجتماع القادم. لكني شعرت ببعض القلق، متفكرة في الكيفية التي كذبت بها كذبة كبيرة بهذا الشكل. ماذا سيكون رأي الآخرين فيَّ إذا اعترفت بها؟ هل يقولون إنني كنت ماكرة؟

ثم قرأت مقطعًا آخر من كلمات الله. "عندما تقول كذبةً، لا تفقد ماء الوجه مباشرةً، لكنّك تشعر في قلبك بأنّك فقدت مصداقيتك بالكامل، وسيتّهمك ضميرك بأنّك متحايل. في أعماق ذاتك، ستحتقر نفسك، وستفكّر قائلًا لنفسك: "كيف لي أن أعيش بهذه الدناءة؟ هل حقًا من الصعب جدًا قول الحقيقة؟ هل يجب عليّ قول هذه الأكاذيب لمجرد حماية سمعتي؟ لماذا تُرهقني الحياة لهذه الدرجة؟" ليس عليك أن تعيش حياةً مرهقةً، لكنّك لم تختر طريق سهولة وحرية. اخترت طريق الحفاظ على سمعتك وغرورك، فالحياة بالنسبة إليك متعبة جدًا. ما هي السمعة التي تكسبها من الكذب؟ السمعة شيء فارغ، وهي ببساطة لا تساوي أي شيء. إنك تبيع نزاهتك وكرامتك من خلال الكذب، كما أن هذه الأكاذيب تجعلك تفقد كرامتك ولا تتمتع بالنزاهة أمام الله. لا يفرح الله بهذا بل يكرهه، وبالتالي فهل هذا يستحق العناء؟ هل هذا المسار صحيح؟ لا، ليس كذلك، وباتباعك له أنت لا تعيش في النور، وعندما لا تعيش في النور، تشعر بالإرهاق. أنت دائمًا تكذب وتحاول أن تجعل الأكاذيب تبدو معقولة، وتقدح زناد فكرك للتفكير في هراء لتقوله؛ مما يتسبب في معاناة كبيرة لنفسك، حتى تفكر أخيرًا فتقول: "يجب ألا أكذب بعد الآن. سألتزم الصمت وأتحدث قليلًا"، لكنك لا تملك ألا تفعل. لِمَ هذا؟ لا يمكنك التخلي عن أمور كسمعتك واعتبارك، فلا يمكنك المحافظة عليها سوى بالأكاذيب. تشعر بأنّك قادر على استخدام الأكاذيب للتمسك بهذه الأمور، لكنّك غير قادر في الواقع. لم تفشل افتراءاتك بالمحافظة على نزاهتك وكرامتك فحسب، لكنّ الأهم أنّك خسرت فرصةً لممارسة الحق. حتى لو حافظت على سمعتك واعتبارك، فقد خسرت الحق؛ وخسرت فرصةً لممارسته، بالإضافة إلى فرصة لتكون شخصًا صادقًا. هذه أكبر الخسائر" (من "لا يمكنك أن تعيش شبه إنسان حقيقي إلا بكونك شخصًا صادقًا" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). دخلَت كل كلمة من كلمات الله إلى قلبي مباشرة. حافظت على سمعتي بعد أن كذبت كذبتي، لكنني لم أشعر بذرة من السعادة. بدلًا من هذا كنت متوترة، شاعرة باستمرار بالذنب حيال ما فعلت. في بعض الأحيان لم أرغب في النظر في أعين الناس عندما كنت أتحدث، خوفًا من أن يروا خداعي وألا يثقوا بي فيما بعد. حتى أنني جربت كل شيء لأتستر على كذبتي، لأجعلها قابلة للتصديق. كانت هذه طريقة صعبة ومنهكة للحياة، ولم أتمكن من العثور على راحة. لقد كذبت وخدعت، وعشت بطريقة خسيسة ومخجلة. صليت إلى الله لأعترف وأتوب، غير راغبة في التستر على نفسي مرة أخرى وقررت أن أهمل جسدي وأن أتحدث عن الأمر في المرة القادمة التي أرى فيها الإخوة والأخوات.

جاءت القائدة لحضور اجتماع معنا بعد بضعة أيام وشعرت أن الله يمنحني فرصة لتطبيق الحق. صليت، "يا الله، أرغب في كشف كذبتي وخداعي. امنحني من فضلك العزيمة لتطبيق الحق". عندما وصلتُ، عرفتُ أنها جاءت لتختار رفيق عمل من بيننا نحن قادة الكنائس. أثار هذا فيَّ صراع داخلي. من بيننا نحن مرشدي الكنائس، كانت مكانتي وإنجازاتي أفضل نوعًا ما من مكانة وإنجازات الآخرين لذا، ربما يكونوا قد رأوا بالفعل أنني مرشحة مناسبة. لكن إذا قلت الحقيقة وكشفت كذبتي، فهل يقللون من شأني؟ هل يظنون أنني ماكرة للغاية، ولا يختارونني؟ كيف أظهر وجهي مرة أخرى إذا اختاروا شخصًا آخر؟ رأيت أنني لن أتمكن من الحديث عن الأمر. بمجرد أن خفضت رأسي تائهة في الأفكار، طلبت مني القائدة أن أشاركهم كيف تسير أموري في الآونة الأخيرة. موهت الأمر متعثرة في كلماتي. "أنا في حالة جيدة. عندما أواجه المصاعب، أعرف كيف أصلي إلى الله وألتمس الحق لحلها. ..." بعد قول هذا، شعرت أنني فعلت شيئًا مخزيًا وملأني الاضطراب. تصببت عرقًا. جلبت لي القائدة كأسًا من الماء الدافئ، حين رأتني مستمرة في مسح العرق وسألتني بلطف عما إذا كنت مصابة بالبرد. قلت، "لا أدري لماذا، لكنني فقط أشعر بالقلق ولا أستطيع أن أوقف التعرق". في الحقيقة، كنت أعرف جيدًا أن هذا سببه أنني كذبت مرة أخرى ولم أُطبِّق الحق. صليت إلى الله في صمت: "يا الله، لقد كذبت مرة تلو الأخرى، رافضة بعناد أن أُطبِّق الحق. أنا عنيدة للغاية، ومتمردة جدًا. من فضلك أرشدني حتى أُطبِّق الحق وأكون شخصًا صادقًا".

ثم اقترحت الأخت ليو أن نرنم ترنيمة من كلمات الله. "يعني الصدق أن تهب قلبك لله، وألا تكذب عليه أبدًا في أي شيء، وأن تنفتح عليه في كل شيء، وألَّا تخفي الحق، وألَّا تقوم أبدًا بتصرّفاتٍ تخدع الذين هم أعلى منك وتضلِّل الذين هم أقل منك، وألَّا تقوم أبدًا بتصرّفاتٍ الهدف منها هو التودُّد إلى الله فحسب. باختصار، حتى تكون صادقًا، ابتعد عن النجاسة في أفعالك وأقوالك وعن خداع الله أو الإنسان. ... إذا كَثُرت في كلامك الأعذار والمبررات التي لا قيمة لها، فأنا أقول إنك شخص يكره بشدة ممارسة الحق إذا كانت لديك العديد من الأسرار التي تأبى مشاركتها، وإذا كنت غير مستعد بتاتًا للبوح بأسرارك – أي الصعوبات التي تواجهك – أمام الآخرين حتى تبحث عن طريق النور، فأنا أقول إنك شخصٌ لن ينال الخلاص بسهولة ولن يخرج بسهولة من الظلمة. إذا كان البحث عن طريق الحق يرضيك كثيرًا، فأنت إذًا تسكن دائمًا في النور" (من "الرب يبارك الأمناء " في "اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). بينما كنت أرنم هذه الترنيمة، شعرت بالضيق والخجل. لقد صليت قبل الاجتماع لأنني رغبت في أن أتحدث عن كذبي وخداعي، لكن حين علمتُ أن القائدة تختار شخصًا للعمل معها، لم أرغب في البوح بأي شيء. خفت من أن تعرف القائدة والزملاء أنني لم أقم بعمل تطبيقي، وأنني كذبت، وأن يقولوا إنني كنت ماكرة للغاية وألا يختاروني لهذا المنصب. ومن ثم أفقد فرصتي في أن أصبح قائدة. كنت مخادعة جدًا! يرى الله كل شيء. قد أتمكن من غش الآخرين، لكن الله؟ برزت هذه الكلمات حقًا: "إذا كانت لديك العديد من الأسرار التي تأبى مشاركتها، وإذا كنت غير مستعد بتاتًا للبوح بأسرارك – أي الصعوبات التي تواجهك – أمام الآخرين حتى تبحث عن طريق النور، فأنا أقول إنك شخصٌ لن ينال الخلاص بسهولة ولن يخرج بسهولة من الظلمة". شعرت بالمزيد من عدم الارتياح. ألم أكن شخصًا ذو أسرار كثيرة لا أرغب في مشاركتها، تمامًا كما قال الله؟ لقد علمتُ تمامًا أنني لم أعرف تفاصيل عمل السقاية، لكن حين سألتني القائدة عنها، لعبت ألاعيب وكذبت عن علم، وحين عدت إلى الكنيسة لم أصارح الآخرين لأكشف فسادي وعيوب عملي. بدلًا من هذا حاولت أن أتستر على أكاذيبي وأن أجعلها تستمر فيما أبدو وكأني أؤدي مهمتي. كيف كان هذا تأدية لمهمتي؟ لم يكن كل هذا إلا لحماية صيتي ومركزي. كنت أحاول أن أغش الله، وأن أضلل الناس. ومرة أخرى، لكي أربح هذا المنصب الجديد، تراجعت بوقاحة عن عهدي، لأغش الله والناس. كنت أكذب وأخدع مرة تلو الأخرى! ثم تبادرت إلى ذهني هذه الكلمات من الله: "بَلْ لِيَكُنْ كَلَامُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لَا لَا. وَمَا زَادَ عَلَى ذَلِكَ فَهُوَ مِنَ ٱلشِّرِّيرِ" (متى 5: 37). "أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ، وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالًا لِلنَّاسِ مِنَ ٱلْبَدْءِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي ٱلْحَقِّ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ بِٱلْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ، لِأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو ٱلْكَذَّابِ" (يوحنا 8: 44). عرفت تمامًا أن الله يحب الصادقين، لكنني كذبت وتسترت على أكاذيبي مرة تلو الأخرى، محاولة أن أخدع الله وأخوتي وأخواتي. ماذا كان الفرق بيني وبين الشيطان؟ هل كان لديَّ حتى ذرة واحدة من الإنسانية السوية؟ عرفت أن نهايتي ستكون نفس نهاية الشيطان، إذا لم أتب وأتغير. أفزعتني هذه الفكرة، لذا صليت إلى الله واستجمعت الشجاعة لأمزق سمعتي. كشفت عن الكذب والتمويه الذي كنت أفعله، وعن دوافعي الخسيسة الماكرة بالتفصيل، ولم أترك شيئًا. وبعد أن اعترفت بصورة كاملة شعرت كما لو أن حملًا ثقيلًا قد انزاح، وشعرت فجأة بأنني أكثر ارتياحًا بكثير. شعرت بالحرية وراحة القلب.

لم يحتقرني الإخوة والأخوات، بل وقرَأَتْ لي القائدة مقطعًا من كلمات الله. "عندما يقوم الناس بالخداع، ما النوايا التي تنبع منه؟ عن أي نوع من الشخصيات يكشفون؟ لماذا يتمكّنون من التعبير عن هذا النوع من الشخصيات؟ ما هو أساسها؟ يرى الناس مصالحهم الخاصة أكثر أهميةً من أي شيء آخر. فيقومون بالخداع لإفادة أنفسهم، وبذلك، يُكشف عن شخصياتهم المخادعة. كيف يجب حل هذه المشكلة؟ أولًا، عليك التخلي عن مصالحك الخاصة. أصعب الأمور هو جعل الناس يتخلّون عن مصالحهم الخاصة. لا يسعى معظم الناس سوى إلى الربح؛ فمصالح الناس هي حياتهم، وجعلهم يتخلّون عن تلك الأمور يساوي إجبارهم على التنازل عن حياتهم. إذًا، ماذا يجب أن تفعل؟ يجب أن تتعلّم التخلّي والإهمال والمعاناة وتحمُّل ألم التنازل عن المصالح التي تحبّها. عندما تكون قد قاسيت هذا الألم وتخلّيت عن بعض مصالحك، ستشعر بالقليل من الراحة والحرية، وبهذه الطريقة، ستغلب جسدك. لكن إن تمسّكت بمصالحك وفشلت في التخلي عنها قائلًا لنفسك: "لقد كنتُ مخادعًا، لكن ما الضرر من هذا؟ لم يعاقبني الله، فماذا يستطيع أن يفعل الناس بي؟ لن أتخلّى عن أي شيء!" عندما لا تتخلّى عن أي شيء، لا أحد غيرك يتكبّد أي خسائر؛ أنت نفسك من يخسر في النهاية. عندما تدرك شخصيتك الفاسدة، فهذه في الواقع فرصة لك كي تدخل وتتقدّم وتتغيّر؛ هذه فرصة لك كي تَمثل أمام الله وتقبل تفحّصه ودينونته وتوبيخه. بالإضافة إلى هذا، هذه فرصة لك كي تنال الخلاص. إن تنازلت عن السعي إلى الحق، فهذا بمثابة التنازل عن فرصة نيل الخلاص وقبول الدينونة والتوبيخ. ... إن اختار الناس ممارسة الحق، فحتى لو خسروا مصالحهم الخاصة، فهم يكسبون خلاص الله والحياة الأبدية. هؤلاء أذكى الناس. إن استفاد الناس على حساب الحق، فما يخسرونه هو الحياة وخلاص الله؛ هؤلاء أحمق الناس. أمّا بالنسبة إلى ما سيختاره الشخص في النهاية – المصالح الشخصية أو الحق – فهذه مسألة تكشف عن الشخص أكثر من أي شيء آخر. من يحبّون الحق سيختارونه؛ سيختارون الخضوع لله واتّباعه. يفضّلون التخلي عن مصالحهم الخاصة. ومهما كان عليهم أن يعانوا، فهُم مصممون على التمسك بالشهادة لإرضاء الله. هذا هو الطريق الجوهري لممارسة الحق ودخول واقع الحق" (من "تسجيلات لأحاديث المسيح"). أضاء سماع هذه الكلمات قلبي. تأملت كيف كذبت وخدعت مرة تلو الأخرى بصورة أساسية بسبب اهتمامي بالسمعة والمنصب أكثر مما ينبغي، وبسبب امتلاكي طبيعة مخادعة. لقد علمني الشيطان ولقنني منذ حداثتي، وتشربت بالكثير من سمومه مثل "اللهم نفسي، وليبحث كل مرء عن مصلحته فقط" و"كما تعيش الشجرة للحائها، يعيش المرء لكرامته" و"الكذبة ستصبح هي الحق إذا تكررت عشرة آلاف مرة" و"لا يمكن للإنسان أن يحقق شيئًا دون أن يتفوَّه بالأكاذيب" و"فكر قبل أن تتحدَّث، ثم تحدَّث بتحفظٍ" وغيرها. هذه الفلسفات الشيطانية صارت قوانيني للبقاء. عشت وفقًا لها، وصرت أكثر أنانية وخداعًا وزيفًا. لم أفكر إلا في مصلحتي الخاصة ولم يسعني إلا أن أكذب وأخدع تحقيقًا لهذا الهدف. بالرغم من أنني شعرت بالذنب ولمت نفسي بعد الكذب ورغبت في التوبة إلى الله ومصارحة الآخرين، خوفي من أن أشعر بالعار وأن أصير أضحوكة جعلني أتستر على نفسي وأتخذ واجهة مزيفة. لم أرغب في المصارحة وكشف دوافعي الماكرة وسلوكي المخادع. افتقرت تحديدًا إلى الشجاعة لأن أُنحِّي وجهي وأن أكون صادقة، ظنًا مني أنه في اللحظة التي أقول فيها الحقيقة، سيراني الناس على حقيقتي، ولن يحترموني فيما بعد. فضَّلتُ المعاناة في الظلام والألم على تطبيق الحق والصدق. رأيت كم كنت فاسدة للغاية بفعل الشيطان! دون أن يفضحني الله بهذه الطريقة، ودون دينونة كلماته وإعلانها، لم أكن لأرى كم كانت طبيعتي ماكرة، ولم أكن لأتحمس لتطبيق الحق وكشف نفسي الحقيقية. فهمت حينها أن دينونة الله وتوبيخه كانت حمايته لي وخلاصه لي، وشعرت بأهمية السعي وراء الحق وتطبيق الصدق.

ومنذ ذلك الحين، قررت أن أطبِّق قول الحق وأن أكون شخصًا صادقًا. بعد فترة، وجدت أن قائدة انضمت إلينا في الاجتماعات تكون متكبرة وبارة في عيني نفسها أحيانًا. ولا تقبل اقتراحات الآخرين بسهولة. أردت أن أذكر الأمر لها بضع مرات، لكنني فكرت حينها، "ستكون الأمور على ما يرام إذا قَبِلَتْ كلامي، لكن إن لم تقبله، فماذا سيكون رأيها فيَّ؟" قررت أن أنتظر وأرى. سألتني ذات يوم، "يا أختي، نعرف بعضنا بعضًا منذ فترة. أرجو أن تخبريني، إذا كنت ترين أي مشاكل فيَّ. سيكون هذا مفيدًا لي". نظرت لها وكنت على وشك أن أقول، "لم ألحظ أي شيء. أنتِ رائعة". لكنني أدركت أن هذا سيكون خداعًا، لذا صليت إلى الله واستعددت لقبول تمحيصه. لم أستطع مواصلة الكذب والخداع، اللذان يثيران مقت الله. لذا صارحتها وأخبرتها عن مشكلتها. سَمِعَتْ، ثم أومأَتْ سريعًا وقالت، "شكرًا لله! لم أكن لأدرك هذا لو لم تخبريني. أحتاج حقًا إلى أن أتأمل في نفسي وأن أفهم ذلك". كنت سعيدة للغاية عندما رأيت أنها تمكنَتْ من تقبل الأمر. شعرت بإحساس لا يصدق من السلام والتحرر واختبرت حقًا كم هو رائع أن أُطبِّق الحق وأن أكون شخصًا صادقًا!

السابق: 14. متعة أن تكون صادقًا

التالي: 16. خلف الصمت

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

55. التحرر من قيود العبودية

يقول الله القدير، "الآن حان الوقت الذي أضع فيه نهاية كل شخص، وليس نهاية المرحلة التي بدأت فيها عمل الإنسان. أنا أكتب في سجلي، واحدًا تلو...

27. تقويم دوافعي في واجبي

انتخبتُ قائدة للكنيسة في يونيو الماضي. في ذلك الوقت، شعرت بسعادة غامرة وشعرت أن الإخوة والأخوات لا بد أنهم يظنون بي حسنًا، وأن تصويت الكثير...

54. معركة روحية

يقول الله القدير، "أخفى الناس الكثير من الدوافع الخاطئة من وقت إيمانهم بالله حتى يومنا هذا. عندما لا تمارس الحق تشعر أن جميع دوافعك صحيحة،...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب