55. التحرر من قيود العبودية

يقول الله القدير، "الآن حان الوقت الذي أضع فيه نهاية كل شخص، وليس نهاية المرحلة التي بدأت فيها عمل الإنسان. أنا أكتب في سجلي، واحدًا تلو الآخر، كلمات كل شخص وأفعاله، فضلاً عن طريقتهم في اتباعي، وشخصياتهم المتأصلة وأدائهم النهائي. بهذه الطريقة، لا تفلت من يدي أي طريقة من طرق الإنسان وستكون كلها وفق الطريقة التي حدَّدتها" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أَعْدِدْ ما يكفي من الأعمال الصالحة من أجل غايتك). "يتم تحديد نهاية كل شخص وفقًا للجوهر الناتج عن سلوكه، ودائمًا ما يتم تحديده بشكل مناسب. لا يمكن لأحد تحمل خطايا شخص آخر؛ وهكذا أيضًا، لا يمكن لأحد أن يتلقى العقاب بدلاً من آخر. هذا أمر مطلق. لا تعني رعاية أحد الوالدين لأطفاله بشغف أنه يستطيع القيام بأعمال صالحة بدلاً من أطفاله، ولا تعني العاطفة المطيعة لطفل تجاه والديه أنه يمكنه القيام بأعمال صالحة بدلاً من والديه. هذا هو المعنى الحقيقي وراء الكلمات: "حِينَئِذٍ يَكُونُ ٱثْنَانِ فِي ٱلْحَقْلِ، يُؤْخَذُ ٱلْوَاحِدُ وَيُتْرَكُ ٱلْآخَرُ. اِثْنَتَانِ تَطْحَنَانِ عَلَى ٱلرَّحَى، تُؤْخَذُ ٱلْوَاحِدَةُ وَتُتْرَكُ ٱلْأُخْرَى." لا يمكن لأحد أن يأخذ أطفاله الأشرار إلى الراحة على أساس حُبّه العميق لأطفاله، ولا يمكن لأحد أن يأخذ زوجته (أو زوجه) إلى الراحة بسبب سلوكه المستقيم. هذه قاعدة إدارية؛ لا يمكن أن يكون هناك استثناء لأي أحد. فاعلو البر هم فاعلو البر، والأشرار هم الأشرار. سوف يكون بوسع فاعلي البر البقاء، وسيتم هلاك الأشرار. القديسون هم قديسون؛ إنهم ليسوا دنسين. الدنسون هم دنسون، ولا يوجد بهم جزء واحد مقدس. سيهلك جميع الناس الأشرار، وسيبقى كل الناس الصالحين، حتى لو كان أطفال أحد فاعلي الشر يؤدون أعمال صالحة، وحتى لو كان والدا شخص صالح يرتكبان أفعالاً شريرة. ليس هناك علاقة بين زوج مؤمن وزوجة غير مؤمنة، وليس هناك علاقة بين أطفال مؤمنين ووالدين غير مؤمنين. هما نوعان غير منسجمين. قبل دخول الراحة، يكون لدى المرء أقارب جسديين، ولكن ما إن يدخل المرء الراحة، فلن يعود لدى المرء أي أقارب جسديين يتحدث عنهم" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الله والإنسان سيدخلان الراحة معًا). يخبرنا كلام الله إن عمله في الأيام الأخيرة هو تصنيف الناس بحسب نوعهم. هو يقرر مآل كل شخص وغايته بناء على سلوكه، وطبيعته، وجوهره. إنه شيء لا يمكن لأحد تغييره، وتحدده شخصية الله البارَّة. يطلب الله منا أن نعامل الآخرين بما يتماشى مع كلامه ومبادئ الحق. لا يمكننا حماية أي شخص أو تفضيله بناء على العواطف، ولا حتى أحباءنا. سيكون ذلك مناقضًا للحق وإثمًا بحق شخصية الله.

ذات مرة، قبل حوالي ثلاث سنوات، في نهاية أحد الاجتماعات، قال لي قائد: "والدك يخلق دائمًا صراعًا بين الإخوة والأخوات، مما يعرقل حياة الكنيسة. لقد قمنا بالشركة معه، وشرحنا الأمر، وحذرناه، لكنه لم يتُب. وقد أفاد الإخوة والأخوات بأنه فعل الشيء نفسه في واجبه سابقًا في أماكن أخرى. سنجمع الحقائق حول أفعاله الشريرة". صُدِمتُ حين سمعت هذا وتساءلت: "هل الأمر حقًّا بذلك السوء"؟ لكنني فكرت كيف أنه في الاجتماعات كان أبي مُعرقلًا بالفعل لحياة الكنيسة ولم يكن يقبل الحق. في الاجتماعات لم يكن يقوم بالشركة حول كلام الله، بل يتحدث دائمًا عن أمور لا علاقة لها بالحق، مما يثير الناس فلا يستطيعون التفكير في كلام الله بهدوء. ذكرت له هذا لكنه لم يُصغِ أبدًا. كانت لديه أعذار كثيرة ليقولها لي. أخبرت قائد الكنيسة عن الوضع، والذي قام بعد ذلك بالشركة مع أبي، وساعده عدة مرات، وشرح له جوهر سلوكه وعواقبه. لكن أبي لم يقبل ذلك. استمر في اختلاق الأعذار والمجادلة. لم يتُب أبدًا. لا بد أن الأمر قد ساء؛ فقد بدأ الإخوة والأخوات بالإخبار عنه. تذكرتُ أنه كان هناك شخصان كانا يُعتبران شريرين في الكنيسة وطُردا لأنهما لم يمارسا الحق، بل كانا دائمًا يعرقلان حياة الكنيسة ولم يتوبا. إذا كان أبي كذلك، أفلن يُطرد أيضًا؟ لو حدث ذلك فعلًا، فسيكون طريق إيمانه في نهايته. هل ستبقى لديه فرصة الخلاص؟ ازددت رعبًا وأنا أفكر في الأمر، وشعرت بقلق شديد.

تقلَّبتُ كثيرًا في تلك الليلة، ولم أستطع النوم وأنا أفكر فيما قاله الآخرون عن أبي. كنت أعرف أنهم يحاولون حماية حياة الكنيسة من العراقيل، بدافع الاهتمام بدخول الإخوة والأخوات إلى الحياة، وكان هذا متماشيًا مع مشيئة الله. عرفت بسلوك أبي وتساءلت عما إذا كان عليَّ إخبار القائد عنه. فكرت في مدى محبة أبي لي عندما كنت صغيرة. عندما كنا نتقاتل أنا وأخي، كان يحميني سواء كنتُ مخطئة أم لا، عندما يكون الجو باردًا ولا يوجد سرير دافئ في مدرستي، كان يقود دراجته لأكثر من 60 ميلًا ليحضر لي لحافًا. كثيرًا ما كانت أمي تبتعد عن المنزل للقيام بواجباتها، لذا عادةً ما كان أبي يطبخ لي ويعتني بي. لم أستطع وقف دموعي وأنا أفكر في الأمر. فكرت قائلة: "والدي هو من ربَّاني. إذا كشفت أمره واكتشف ذلك، أفلن يقول إنني بلا ضمير، وبلا قلب؟ كيف يمكنني مواجهته في المنزل بعد ذلك؟" بدأت الكتابة عن سلوك أبي بتردد، لكنني لم أستطع الاستمرار. كنت أفكر قائلة: "ماذا لو كتبت كلَّ ما أعرفه وطُرِد؟ انسي الأمر. لا يجب أن أكتب هذا". كنت أرغب في نوم جيد وعميق لأهرب من الواقع، لكن لم يغمض لي جفن. شعرت بأنني غير مرتاحة ومذنبة. بالفعل لم يكُن سلوكه رائعًا مؤخرًا، وكنت أعرف القليل عن أفعاله الماضية. إذا أبقيت الأمر سرًّا، ألا أخفي الحقيقة؟ كان صراعًا داخليًّا حقيقيًّا بالنسبة لي. مثلت أمام الله وصليت. صليت قائلة: "فأنتم جميعًا تقولون إنكم تراعون عبء الله وسوف تدافعون عن شهادة الكنيسة. ولكنْ مَنْ منكم راعى عبء الله حقًا؟ سَل نفسك: هل أنت ممن يُظهرون مراعاةً لعبء الله؟ هل بوسعك أن تمارس البِرّ من أجله؟ هل بوسعك أن تقف وتتكلَّم بالنيابة عني؟ هل بوسعك أن تمارس الحق بثباتٍ؟ هل لديك من الشجاعة ما يكفي لتحارب كل أفعال الشيطان؟ هل تستطيع أن تنحّي مشاعرك جانبًا وتفضح الشيطان من أجل حقيقتي؟ هل بوسعك أن تسمح لمقاصدي بأن تتحقق فيك؟ هل قدمتَ لي قلبك في أحرج اللحظات؟ هل أنت شخص يفعل مشيئتي؟ سل نفسك هذه الأسئلة وفكِّر فيها كثيرًا" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الثالث عشر). "هي أنهم يعيشون جميعًا وفقًا للمشاعر، ولذا لا يتجنب الله شعورًا واحدًا منها، ويكشف عن الأسرار الخفية في قلوب البشرية بأسرها. لماذا يصعب على الناس فصل أنفسهم عن المشاعر؟ هل هي أعلى من معايير الضمير؟ هل يمكن أن يتمّم الضمير إرادة الله؟ هل يمكن للمشاعر أن تُعينَ الناس أثناء الشدائد؟ في نظر الله، المشاعر هي عدوه – ألم يُذكر ذلك صراحةً في كلام الله؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تفسيرات أسرار "كلام الله إلى الكون بأسره"، الفصل الثامن والعشرون). لم تكن لدي إجابات لتلك الأسئلة الواردة في كلمات الله. كنت أعرف جيِّدًا أن أبي لم يسعَ إلى الحق، وعرقل الاجتماعات وأكْلَ الآخرين وشُربَهم لكلام الله. لم يُصغِ إلى شركة أحد، وكان متحاملًا على الآخرين، ويحكم على الناس من وراء ظهورهم، ويزرع الخلاف. لكن بسبب القيود العاطفية، لم ألتفت إلى عرقلة ذلك لإخوتي وأخواتي عن دخول الحياة. لم أُرد أن أكون صريحة مع القائد كي أحميه وأدافع عنه. لم أكن أمارس الحق أو أراعي مشيئة الله. فكرت في الشريرَين اللذَين طردتهما الكنيسة مسبقًا. رؤيتهما يرفضان ممارسة الحق ويعطلان حياة الكنيسة ملأتني بالغضب، فكشفتُ أمرهما بعدل وشدة. فلماذا لم أتمكن من أن أكون صادقة حين جاء الوقت للكتابة عن سلوك أبي؟ رأيت أنني لم أكن نزيهة، وأنني أفتقر إلى حس العدل. لم أكن أمارس الحق أو أدعم عمل الكنيسة في هذه اللحظة الحرجة. بدلًا من ذلك كنت أحمي أبي بدافع العاطفة، وأخفي شروره، وأخالف مبادئ الحق. ألم أكن بذلك واقفةً إلى جانب الشيطان وعدوةً لله؟ حين أدركت هذا، صليت وتُبتُ إلى الله. "لا أريد أن أتصرف بناءً على مشاعري بعد الآن. أريد أن أكون صادقةً بشأن أبي".

بعد صلاتي، فكرت في بعض مظاهر شره وأدرجتها في قائمة الواحدة تلو الأخرى. بينما كان يخدم كشماس الإنجيل، أصبح متحاملًا على زميله في العمل، الأخ تشانغ. كان يحكم عليه ويظلمه أمام الإخوة والأخوات الآخرين، تاركًا الأخ تشانغ في حالة من التوتر والسلبية. هذَّب القائد أبي وتعامل معه، لكنه لم يُصغِ. عندما أشار الإخوة والأخوات إلى مشاكله، لم يتقبَّل أيًّا منها. كان يصب تركيزه دائمًا على إخفاقات الآخرين ويستغل نقاط ضعفهم وكان يقول دائمًا: "كنت مؤمنًا طوال هذه السنوات. وأفهم كل شيء!" حين رآني منهمكة في تأدية واجبي بنشاط، حثني على البحث عن المال والأمور الدنيوية، ودائمًا ما قال أشياء سلبية لتثبيط حماسي تجاه واجباتي. ذات مرة بعد أن تعرض لحادث سيارة، ذهب الأخ لِن من الكنيسة للاطمئنان عليه والشركة معه عن الحق، قائلًا له إن عليه التفكير وتعلم الدرس، لكنه لم يقبل أيًّا من ذلك. شوَّهَ الحقائق، ونشر شائعة مفادها أن الأخ لِن جاء ليسخر منه. جعل ذلك الإخوة والأخوات يتحاملون على الأخ لِن. التفكير في كل هذا صدمني فعلًا وأشعرني بالغضب. تساءلت: "أهذا هو أبي حقًّا؟ أليس شخصًا شريرًا؟" كنت أظن دائمًا أنه كان يقوم بواجبه المتعلق بعمل الإنجيل طوال سنوات خدمته، وأنه يمكن أن يعاني ويدفع الثمن. كنت مخدوعة بمظهره الخارجي، معتقدة أنه مؤمن حقيقي. لم أحاول أبدًا أن أميز سلوكه. كنت غبية جدًّا وعمياء. شعرت حينها بتأنيب ذاتي لأنني كنت محكومةً بالعواطف، وأقوم بتدليله وحمايته. ثم قرأت هذا في كلمات الله التالية: "وأولئك الذين يبثون كلامهم المسموم والخبيث في الكنيسة، وينشرون الشائعات، ويثيرون الخلافات، ويصنعون التحزبات بين الإخوة والأخوات كان يجب طردهم من الكنيسة. ولكن لأن عصرنا الآن هو عصر مختلف من عمل الله، فأولئك الأشخاص مقيدون، لأنهم يواجهون إقصاءً مؤكدًا. كل مَن أفسدهم الشيطان لديهم شخصيات فاسدة. البعض يملكون شخصيات فاسدة فحسب، لكن هناك آخرون ليسوا مثلهم، أي أنهم لا يملكون شخصيات شيطانية فاسدة فحسب، بل إن طبيعتهم أيضًا خبيثة إلى أقصى درجة؛ إذْ لا تكشف كلماتهم وأفعالهم عن شخصياتهم الشيطانية الفاسدة فحسب، بل هم فوق ذلك يمثلون الشيطان الحقيقي. سلوكهم يُعطل عمل الله ويُعيقه، ويُعيقُ دخول الإخوة والأخوات إلى الحياة، ويُدمِّرُ حياة الكنيسة الطبيعية. عاجلًا أم آجلًا يجب أن تُكشَفَ تلك الذئاب المرتدية ثياب الخراف، ويجب على المرء أن يتبنى موقفًا قاسيًا قائمًا على الرفض تجاه خدام الشيطان هؤلاء. فقط من خلال هذا يمكن للمرء أن يقف في جانب الله، والذين يخفقون في فعل ذلك يتمرغون في الوحل مع الشيطان" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تحذير لمن لا يمارسون الحق). بمقارنة سلوك والدي مع كلمات الله، رأيت أنه لم يُظهر شخصية فاسدة عادية، بل طبيعة شريرة. كان يبدو متحمِّسًا ظاهريًّا، ويمكنه أن يعاني لتأدية واجبه، وأن يواصل نشر الإنجيل في وجه اضطهاد الحزب الشيوعي الصيني، لكنه لم يستطع قبول الحق، حتى إنه كان يكره الحق. كشفَت أفعاله عن طبيعته الماكرة والشريرة. كان في جوهره رجلًا شريرًا من الشيطان ويجب طرده. مع أنني ابنته، لم أستطع اتباع مشاعري. كان عليَّ الوقوف إلى جانب الله في إيماني، وكشف الشيطان ونبذه. فكرت في الإخوة والأخوات الذين لا يملكون أي تمييز بشأنه في المجموعة التي أديرها. كان عليَّ الشركة معهم وكشف شرِّ أبي حتى لا ينخدعوا به بعد ذلك. لكنني شعرت بالقلق وقلت: "لقد اهتدى بعضهم إلى الإيمان بفضلِهِ وهم على علاقة جيدة معه. إذا كشفتُه، أفلن يقولوا إنني بلا ضمير أو قلب؟ وإذا طُرِدَ وخسر فرصته في الخلاص، فسيكون ذلك مؤلمًا جدًّا بالنسبة له". كان هذا التفكير مزعجًا، وفقدت رغبتي في مشاركة تلك الشركة. استلقيت على السرير ولم أَنَم تلك الليلة وأنا أفكر في أنني إذا لم أكشف شرَّ أبي وخُدِعَ الإخوة والأخوات ووقفوا إلى جانبه، فسيكونون حينها مشاركين في شره. إذا رأيتهم مُضلَّلين ولم أقم بالشركة معهم، أفلن أؤذيهم؟ شعرت ببعض اللوم الذاتي عند هذه الفكرة، لذلك صليت إلى الله قائلة: "يا إلهي، تنتابني الكثير من المخاوف الآن. أرجوك امنحني الإيمان والقوة، أرشدني وقُدني إلى ممارسة الحق والكشف عن هذا الشخص الشرير".

بعد أن صليت، قرأت المقطع التالي من كلام الله: "ما هو المبدأ الوارد في كلام الله فيما يتعلق بالكيفية التي ينبغي للناس أن يتعاملوا بها فيما بينهم؟ أحبّ ما يحبّه الله، وامقت ما يمقته الله. وهذا يعني أن الذين يحبّهم الله ويتبعون الحقّ بالفعل ويفعلون مشيئته هم بالذات الأشخاص الذين يجب أن تحبهم. أما الذين لا يفعلون مشيئة الله ويكرهونه ويعصونه والذين يحتقرهم الله، فعلينا أيضًا أن نحتقرهم ونرفضهم. هذا ما تتطلَّبه كلمة الله. ... خلال عصر النعمة، قال الرب يسوع، "مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتي؟... لِأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي". كان هذا القول موجودًا بالفعل في عصر النعمة، والآن أصبح كلام الله أكثر ملاءمةً: "أحبّ ما يحبّه الله وامقت ما يمقته الله". هذا الكلام مباشرٌ وبليغ، لكن الناس غالبًا ما يكونون غير قادرين على فهم معناه الحقيقيّ. فإذا لعن الله شخصًا ما، وكان هذا الشخص يبدو جيِّدًا جدًّا من خلال جميع المظاهر الخارجيَّة، أو كان أحد والديك أو أقربائك، فقد تجد نفسك غير قادرٍ على كراهية ذلك الشخص، وقد يوجد حتَّى قدرٌ كبير من الألفة والعلاقة الوثيقة بينكما. عندما تسمع مثل هذا الكلام من الله تنزعج وتكون غير قادرٍ على تقسية قلبك تجاه مثل هذا الشخص أو التخلّي عنه. والسبب في ذلك وجود فكرةٍ تقليديَّة تلزمك. فأنت تعتقد أنك إذا فعلت هذا فسوف تجلب على نفسك غضب السماء وسوف تعاقبك السماء وسوف يلفظك المجتمع أيضًا وتدان في محكمة الرأي العام. بالإضافة إلى ذلك، فإن المشكلة الأكثر واقعيَّةٍ هي أن ذلك سيكون عبئًا على ضميرك. وهذا الضمير ينبع ممَّا علَّمك إيَّاه والداك منذ الطفولة أو من تأثير الثقافة الاجتماعيَّة وعدواها، حيث زرع كلاهما مثل هذا الجذر وطريقة التفكير بداخلك حتَّى أصبح لا يمكنك أن تطبّق كلمة الله وتحبّ ما يحبّه وتمقت ما يمقته. لكنك تعرف في قرارة نفسك أنك يجب أن تمقتهما وترفضهما، لأن حياتك نبعت من الله ولم يمنحها لك والداك. يجب على المرء أن يعبد الله ويرجع إليه. فعلى الرغم من أنك تقول وتعتقد ذلك على حد سواء، لا يمكنك أن تُغيِّر موقفك، وببساطة لا يمكنك تطبيق ذلك. هل تعرفون ما يحدث هنا؟ لقد قيَّدتك هذه الأشياء تقييدًا مُحكمًا وشديدًا. فالشيطان يستخدم هذه الأشياء لتقييد أفكارك وعقلك وقلبك حتَّى لا تقبل كلام الله. وقد غمرتك مثل هذه الأشياء بالتمام لدرجة أنه لا مكان لديك لكلام الله. بالإضافة إلى ذلك، إذا حاولت تطبيق كلامه فإن مثل هذه الأشياء سيكون لها تأثيرٌ في داخلك وسوف تجعلك تتعارض مع كلامه ومُتطَّلباته، وهذا ما يجعلك غير قادرٍ على تخليص نفسك من هذه العُقد وغير قادرٍ على التحرُّر من هذه العبوديَّة" (من "لا يمكنك أن تعرف نفسك إلّا من خلال إدراك وجهات نظرك المُضلَّلة" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). فهمت حينها أن المبدأ الذي يطلب منا الله أن نتبعه في التعامل مع الآخرين هو أن نحب ما يُحب ونمقت ما يمقته. مَن يحبون الحق ويمكنهم تنفيذ مشيئة الله هم مَن علينا التعامل معهم بمحبة، بينما الأشرار الذين يكرهون الحق ويقاومون الله هم الذين يجب أن نكرههم. هذه الممارسة فقط تتماشى مع مشيئة الله. لكنني كنت دائمًا مقيدة بالعواطف حين يتعلق الأمر بأبي. كنت أحميه وأتستَّرُ عليه. لم أستطع أن أحب ما يحبه الله وأمقت ما يمقته الله. ذلك لأن مفاهيم الشيطان القديمة مثل "الدم أكثر كثافة من الماء" و"الانسان ليس جمادًا، فكيف يكون بلا مشاعر؟" كانت تسيطر على قلبي. لم أتمكن من تمييز الخير من الشرِّ، معتقدة أن كَشْفَ سلوك والدي الشرير سيكون فعلًا شائنًا وبلا ضمير. خشيتُ أن أتعرض للانتقاد والإدانة من قبل الآخرين. لحماية علاقة أسرية جسدية، فشلت في التمسك بالحق وكشف شخص شرير غافلة عن عمل بيت الله ودخول إخوتي وأخواتي إلى الحياة. هذا ما كان يفتقر حقًّا إلى الضمير والإنسانية. رأيت أن هذه المفاهيم الشيطانية القديمة تمنعني من ممارسة الحق، وتجعلني أقف إلى جانب الشيطان وأقاوم الله رغمًا عني. في الواقع، لم يقل الله أبدًا إن علينا التعامل بضمير مع الشياطين والأشرار، كما أنه لم يقل إن رفض الأحباء المنتمين إلى الشيطان أمر غير أخلاقي. في عصر الناموس، مات أبناء أيوب غير المؤمنين في كارثة، لكن أيوب لم يتكلم عن أبنائه أو يشكو إلى الله عنهم بدافع العاطفة. بل على العكس، سبَّح اسم الله. في عصر النعمة، والدا بطرس قمعاه ووقفا في طريق إيمانه، لذلك نبذهما وترك المنزل، متخليًا عن كل شيء ليتبع الله، وبهذا ربح ثناء الله. بالتفكير في تجارب أيوب وبطرس، اكتسبتُ بعض الفهم حول مطلب الله القائل أحب ما يحبه الله، وامقت ما يمقته الله.

ثم قرأت المزيد من كلام الله: "مَنْ هو الشيطان، ومَنْ هم الشياطين، ومَنْ هم أعداء الله إن لم يكونوا المقاومين الذين لا يؤمنون بالله؟ أليسوا هم هؤلاء الناس الذين يعصون الله؟ أليسوا هم هؤلاء الأشخاص الذين يدعون لفظيًا أنهم يؤمنون ولكنهم يفتقرون للحقيقة؟ أليسوا هم هؤلاء الناس الذين يسعون لنوال البركات إلا أنهم لا يقدرون على الشهادة لله؟ ما زلت تخالط أولئك الشياطين اليوم وتعاملهم بضمير ومحبة؛ ولكن في هذه الحالة ألست تعامل الشيطان بنوايا حسنة؟ ألا ترتبط من خلال ذلك بالشياطين؟ إن كان الناس في هذه الأيام لا يزالون غير قادرين على التمييز بين الخير والشر، ويستمرون في ممارسة المحبة والرحمة دون أي نية لطلب مشيئة الله أو القدرة بأي حال من الأحوال على جعل مقاصد الله مقاصد لهم، فإن نهايتهم ستكون أكثر بؤسًا. ... إن كنت تنسجم مع هؤلاء الذين أكرههم وأختلف معهم، ولا تزال تحمل الحب أو المشاعر الشخصية نحوهم، أفلا تكون عاصيًا؟ ألست تقاوم الله عن قصد؟ هل شخص مثل هذا يمتلك الحق؟ إذا تعامل الناس بضمير مع الأعداء، وشعروا بالمحبة للشياطين وبالشفقة على الشيطان، أفلا يعطلون عمل الله عن عمدٍ؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الله والإنسان سيدخلان الراحة معًا). جعلتني قراءة هذه الكلمات أشعر بالضيق الشديد والذنب. كنت أعلم أن والدي يكره الحق وأنه كان دائمًا معرقلًا لحياة الكنيسة، وأن طبيعته وجوهره شريران، ولكنني ظللت أُكنُّ له الشعور والمحبة، حتى إنني كنت أتستر عليه وأحميه. ألم يكن هذا بالضبط ما قصده الله بقوله "تعامل الشيطان بنوايا حسنة" و"ترتبط من خلال ذلك بالشياطين"؟ ألم أكن أعارض الله وأعرقل عمل الكنيسة بوقاحة؟ في بيت الله، يحكم الحق والبِرّ. كل قوى الشيطان الشريرة، بما في ذلك جميع الأشرار والمسحاء الكذبة، لا يمكن أن يبقوا. يجب أن يكشفهم الله ويقضي عليهم، ويطهر الكنيسة منهم. هذا تحدده شخصية الله البارَّة. لكنني كنت أتستر على شخص شرير، محاولةً السماح له بالبقاء في بيت الله. ألم أكن متهاونة مع عراقيل شخص شرير لحياة الكنيسة؟ ألم أكن أساعد عدوًّا شريرًا وأعارض الله؟ الاستمرار على هذا النحو يعني أن يعاقبني الله إلى جانب الرجل الشرير. أخافني هذا الإدراك قليلًا. رأيت أن شخصية الله البارَّة لا تتحمل أي إثم وأن التستر على فاعل شر بدافع المشاعر الشخصية أمر خطير للغاية! لم أعد أستطيع التكلم أو التصرف بناءً على مشاعري. على الرغم من أنه كان أبي، كان عليَّ أن أمارس الحق، وأحب ما يحبه الله، وأمقت ما يمقته الله، وأدعم مصالح بيت الله.

بعد ذلك ذهبت إلى اجتماع مع مجموعتي وكشفت الحقيقة الكاملة لسلوك والدي وأفعاله الشريرة. بدأ الإخوة والأخوات الذين ضلَّلَهم يميزون جوهره. أصدرت الكنيسة لاحقًا إشعارًا بطرد أبي. عدت إلى المنزل، وقرأته له، وتحدثتُ عن سلوكه الشرير. صُدِمتُ حين قال بازدراء، "لقد عرفت منذ فترة أنني سأُطرد. لقد آمنت بالله طوال هذه السنوات فقط لنيل النِّعَم، لولا ذلك، لتوقفتُ عن الإيمان منذ زمن طويل". حين رأيت أنه لا ينوي التوبة، عرفت بوضوح شديد في قلبي أن طبيعته الشريرة قد كُشِفَت بالكامل. بعد أن طُرِدَ أبي، لم يكن هناك أشرار يعرقلون الأمور في الكنيسة. أصبح بإمكان جميع الإخوة والأخوات في الاجتماعات قراءة كلام الله والشركة عن الحق دون عرقلة. قاموا بواجباتهم كما يجب، وأثمرت حياة الكنيسة. رأيت أن الحق والبِرَّ يحكمان في بيت الله، وعندما نمارس الحق حسب كلام الله، نشهد إرشاده وبركاته. فيما يتعلق بأبي، حررت نفسي تدريجيًّا من مشاعري الشخصية وأصبحت قادرةً في النهاية على ممارسة القليل من الحق ودعم عمل الكنيسة. وقد تحقق هذا كله من خلال دينونة كلام الله وتوبيخه!

السابق: 54. معركة روحية

التالي: 56. كيفية حل الأنانية

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

35. أيام البحث عن الشهرة والمكاسب

"إذا أراد الإنسان أن يتطهر في حياته ويحقق تغييرات في شخصيته، وإذا أراد أن يحيا حياة ذات معنى، وأن يفي بواجبه كمخلوق، فيجب عليه أن يقبل...

45. العيش أمام الله

يقول الله القدير، "للدخول إلى الحقيقة، يجب على المرء توجيه كل شيء نحو الحياة الحقيقية. إذا لم يستطع الناس في إيمانهم بالله أن يعرفوا أنفسهم...

69. العودة إلى الطريق الصحيح

يقول الله القدير، "خدمة الله ليست بالمهمة اليسيرة. إن أولئك الذين لا تزال شخصيتهم الفاسدة كما هي دون تغيير لا يمكنهم أن يخدموا الله أبدًا....

2. في خضم تجربة الموت

يقول الله القدير، "لقد جاء الله للعمل على الأرض ليخلِّص البشرية الفاسدة، لا زيف في هذا؛ إن لم يكن الأمر هكذا لما أتى بكل تأكيد ليقوم بعمله...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب