كيفية السعي إلى الحق (20) الجزء الرابع

ما هو المبدأ الثاني في موضوع تخلي المرء عن الحياة المهنية؟ الاكتفاء بالطعام والملابس. من أجل البقاء في المجتمع، ينخرط الناس في أنواع مختلفة من العمل أو الوظائف للحفاظ على سبل عيشهم، وضمان حصولهم على مصدر لوجباتهم اليومية ونفقات المعيشة وتأمينها. ومن ثمَّ، سواء كان الناس ينتمون إلى الطبقات الدنيا أو إلى طبقة أعلى قليلًا، فإنهم يحافظون على سبل عيشهم من خلال مهن مختلفة. ونظرًا لأن غايتهم هي الحفاظ على مصدر الرزق، فالأمر واضح جدًا: الحصول على مكان للإقامة، وتناول ثلاث وجبات في اليوم، والقدرة على شراء اللحوم في بعض الأحيان إذا كانوا يرغبون في تناول اللحوم، والذهاب إلى العمل بانتظام، والحصول على دخل، وعدم التجول بملابس بالية أو عدم القدرة على الحصول على تغذية كافية؛ هذا جيد بما فيه الكفاية. إنها الضروريات الأساسية للناس في الحياة. وعندما يحقق المرء هذه الضروريات الأساسية، ألا يكون من السهل نسبيًا عليه نيل الطعام والدفء؟ أليس هذا في نطاق قدرته؟ (بلى). لذلك، إذا كانت طبيعة مهنة المرء هي فقط من أجل الطعام والدفء؛ أي من أجل معاشه، فأيًا كانت المهنة التي يشارك فيها، فإنها ستتوافق عمومًا مع معايير الإنسانية ما دامت مهنة قانونية. لماذا أقول إنها تتماشى مع معايير الإنسانية؟ لأن دافعك ومقصدك وغرضك وراء الانخراط في هذه المهنة، كلها أمور لا علاقة لها بأي مسألة أو فكرة أخرى غير الحفاظ على سبل العيش، كلها لا تهدف إلا إلى وجود ما يكفي من الطعام، ووجود ما يكفي من الملابس اللازمة للشعور بالدفء، والقدرة على إعالة أسرتك. أليس كذلك؟ (بلى). هذه هي الضروريات الأساسية. وحالما تتوفر هذه الضروريات الأساسية، يمكن للناس أن يستمتعوا بمستوى أساسي من جودة الحياة. عندما يمكنهم تحقيق ذلك، يمكنهم الحفاظ على وجود طبيعي. أليس كافيًا للشخص أن يكون قادرًا على الحفاظ على وجود طبيعي؟ أليس هذا ما ينبغي للناس تحقيقه في نطاق الإنسانية؟ (بلى). أنت مسؤول عن حياتك، أنت تحملها على كتفيك، وهذا مظهر ضروري من مظاهر الإنسانية الطبيعية. يكفيك أن تحقق ذلك؛ وهو ما يناسبك. لكن إذا لم تكن راضيًا، ففي حين أن الشخص الطبيعي قد يأكل اللحوم مرة في الأسبوع أو مرتين، فإنك تصر على تناولها كل يوم، وعلى أن يفيض من طعامك شيء. على سبيل المثال، إذا كنت تستهلك نصف رطل أو رطلًا من اللحوم يوميًا، بينما أنت لا تحتاج سوى إلى ربع رطل للحفاظ على صحة بدنية سليمة، فقد تؤدي هذه التغذية الزائدة إلى المرض. ما الذي يسبب أمراض مثل الكبد الدهني، وضغط الدم المرتفع، وزيادة الكوليسترول في الدم؟ (الإفراط في تناول اللحوم). ما مشكلة الإفراط في تناول اللحوم؟ أليس ذلك بسبب عدم سيطرة المرء على نظامه الغذائي؟ أليس ذلك بسبب الشراهة؟ (بلى). من أين تأتي هذه الشراهة؟ أليس ذلك لأن شهية المرء مفرطة؟ هل الشهية المفرطة والشراهة تتماشيان مع ضروريات الإنسانية الطبيعية؟ (لا). إنها تتجاوز ضروريات الإنسانية الطبيعية. إذا كنت ترغب دائمًا في تجاوز ضروريات الإنسانية الطبيعية، فهذا يعني أنك ستُضطر إلى العمل أكثر، وكسب المزيد من المال، والعمل أكثر من الناس العاديين بعدة مرات. سواء من خلال العمل الإضافي أو العمل بوظائف متعددة، فإنك ستحتاج إلى توليد المزيد من الدخل لتحمل تكلفة أكل اللحوم ثلاث مرات في اليوم وكلما رغبت فيه. ألا يتجاوز هذا نطاق الإنسانية الطبيعية؟ هل من الجيد أن تتجاوز نطاق الإنسانية الطبيعية؟ (لا). لماذا هو ليس جيدًا؟ (من جهة ما، تصبح أجساد الناس عرضة للمرض؛ ومن جهة أخرى، يتعين على الناس استثمار المزيد من الوقت والطاقة والتكلفة في عملهم، من أجل إشباع رغباتهم وشهواتهم؛ وهذا يلتهم الوقت والطاقة اللذين كان يمكنهم استخدامهما للسعي إلى الحق والقيام بواجباتهم، مما يؤثر على مسيرتهم في طريق الإيمان بالله والسعي إلى الحق). يجب على الناس أن يكتفوا بالحصول على الضروريات الأساسية، وعدم الشعور بالجوع أو البرودة، والحصول على الطعام والدفء اللازمين للإنسانية الطبيعية. يجب عليك كسب ما يكفي من المال للوفاء بمتطلبات الجسم الطبيعية للتغذية. هذا يكفي، وهذا هو نوع الحياة التي يجب أن يحياها الأشخاص ذوو الإنسانية الطبيعية. إذا كنت دائمًا ما تشتهي ملذات الجسد، وتلبي رغباتك الجسدية دون مراعاة لصحتك البدنية، ودونما اعتبار لطريق الحق؛ وإذا كنت ترغب دائمًا في تناول الطعام الجيد، والاستمتاع بالأشياء الجيدة، وأن تكون لديك بيئة معيشية جيدة ومستوى حسن من جودة الحياة، وأن تأكل الطعام الفاخر النادر، وترتدي الملابس ذات العلامات التجارية والمجوهرات المصنوعة من الذهب والفضة، وأن تعيش في القصور، وتقود السيارات الفارهة، إذا كنت ترغب دائمًا في السعي إلى هذا، فما نوع المهنة التي تحتاج إلى أن تعمل بها؟ إذا كنت تعمل بوظيفة عادية فقط لتلبية احتياجاتك الأساسية وتوفير الطعام والدفء، فهل يمكنها تلبية كل هذه الرغبات؟ (لا يمكنها ذلك). بالتأكيد لا. على سبيل المثال، إذا كنت ترغب في ممارسة الأعمال التجارية، وكان يمكن لعمل تجاري صغير يقتصر على كشك واحد أن يوفر لك ما يكفي لإطعام الأسرة بأكملها وتدفئتها، فقد يكون لديك أقل ممن هم أعلى منك، لكنك بالتأكيد تمتلك أكثر ممن هم أدنى منك. يمكنك أن تأكل اللحوم في بعض الأحيان، ويمكن لجميع أفراد أسرتك ارتداء ملابس لائقة. وسيمكنك استخدام الوقت المتبقي في الإيمان بالله، وحضور الاجتماعات، والقيام بواجباتك، وستظل لديك طاقة للسعي إلى الحق. هذا جيد بما فيه الكفاية؛ لأنه استنادًا إلى وجود الأمان في حياتك، ستتمكن، في أثناء انخراطك في هذه المهنة، من إفراد الوقت والطاقة للسعي إلى الإيمان بالله والحق. هذا يتوافق مع مقاصد الله. لكن إذا كنت لا تكتفي أبدًا، فستفكر دائمًا: "ثمة إمكانات كامنة في هذا العمل. يمكنني كسب هذا القدر من المال شهريًا بكشك واحد فقط يمكنه أن يوفر لأسرتي الغذاء والدفء، وإذا كان لدي كشكان فيمكنني مضاعفة مكاسبي. لن تحصل أسرتي على الطعام والدفء فحسب، بل سيمكننا أيضًا ادخار القليل من المال. يمكننا أن نأكل ما نريد وأن نسافر أيضًا ونشتري بعض السلع الفاخرة. يمكننا أن نأكل ونستمتع بأشياء لا يستطيع معظم الناس الاستمتاع بها. سيكون ذلك رائعًا جدًا. فلأُضِف كشكًا آخر!" بعد إضافة كشك آخر، تصبح أكثر ثراءً وتتذوق المزايا وتفكر: "يبدو أن هذا السوق كبير جدًا. يمكنني إضافة كشك آخر، وتوسيع عملي، وجلب سلع مختلفة لتوسيعه أكثر. لن يمكنني توفير المال فحسب، بل سيمكنني أيضًا شراء سيارة والانتقال إلى منزل أكبر. سيمكن لأسرتي بأكملها السفر محليًا ودوليًا!" وكلما فكرتَ في الأمر، ازداد جاذبية. عند هذه النقطة، تعزم على إضافة كشك آخر. ينمو عملك التجاري أكثر وأكثر، وتكسب المزيد والمزيد من المال، ويزداد استمتاعك، لكن ذهابك إلى الاجتماعات يقل باطراد، من اجتماعات أسبوعية إلى نصف شهرية أو شهرية، وفي نهاية المطاف لا تحضر إلا اجتماعًا واحدًا كل ستة أشهر. أنت تفكر بينك وبين نفسك: "لقد نما عملي وكسبت الكثير من المال وأنا أدعم عمل بيت الله وأعطي تقدمة كبيرة". أصبحت لديك سيارة مكشوفة، وصارت زوجتك وأطفالك مزينون بالمجوهرات الذهبية والماسية، ويرتدون ملابسهم من علامات تجارية شهيرة من الرأس إلى أخمص القدمين، وقد سافرتم أيضًا إلى الخارج. وسوف تفكر: "كم هو رائع أن أمتلك المال! لو كنت أعرف أن كسب المال سيكون بهذه السهولة، فلماذا لم أبدأ في وقت سابق؟ كم إنَّ امتلاك المال رائع حقًا! إنَّ الشخص الثري يقضي أيامه في راحة وسهولة! عندما أتناول طعامًا شهيًا، أتلذذ بمذاق لا مثيل له. عندما أرتدي الملابس من تصميم العلامات التجارية الشهيرة، أشعر بالبهجة، وأينما ذهبت، ينظر إليّ الآخرون بحسد وغيرة. لقد ربحت احترام الناس وإعجابهم، وأشعر أنني مختلف وأنَّ عودي قد اشتد بعض الشيء". لقد أشبعت رغبات جسدك، وأرضيت غرورك. لكن الغبار على غلاف كلام الله يزداد سمكًا، وأنت لم تقرأه منذ وقت طويل، وأصبحت صلاتك إلى الله أقصر. انتقلت الاجتماعات إلى مكان مختلف، وأنت لست متأكدًا حتى من مكان إقامتها الحالي. إنك حتى لم تعد تثبت وجودك في الكنيسة من حين لآخر. أخبرني، هل هذا يمثل اقترابًا من الخلاص أم ابتعادًا عنه؟ (ابتعادًا عنه). مستوى جودة حياتك يتحسن، وجسمك يتغذى جيدًا، وأصبحت أكثر حرصًا. في الماضي، لم تكن تذهب حتى لإجراء فحص طبي مرة كل ثماني سنوات أو عشرة، لكن الآن وقد أصبحت ثريًا، تذهب لإجراء فحص طبي كل ستة أشهر لمعرفة ما إذا كنت تعاني من ارتفاع ضغط الدم أو ارتفاع نسبة السكر في الدم أو ارتفاع الكوليسترول. أنت تقول: "على المرء أن يعتني بجسده؛ ومثلما قيل في المثل: "إذا كان ثمة شيء مهم أن تفعله، فهو ألا تمرض. وإذا كان ثمة شيء مهم ألا تفعله، فهو ألا تكن فقيرًا". لقد تغيرت أفكارك ووجهات نظرك، أليس كذلك؟ الآن بعد أن أصبحت غنيًا ولم تعد شخصًا عاديًا، تشعر أنك ذو قيمة، وأن هويتك مشرفة، وأنت تعتز بجسدك أكثر. لقد تغير موقفك تجاه الحياة أيضًا. لم تكن تهتم من قبل بالفحوصات الطبية، وكنت تفكر: "لا داعي لأن نقلق نحن الفقراء بشأن ذلك. لماذا يجب أن أجري الفحص الطبي؟ إذا كنت مريضًا بمرض خطير، فلا يمكنني تحمل تكاليف العلاج على أي حال. سأبقى وأتحمله فحسب، وإذا لم أستطع، أعتقد أن هذا الجسد سيمضي إلى الموت. ليس ذلك بالأمر المهم". لكن الوضع مختلف الآن. فأنت تقول: "لا ينبغي أن يعيش الناس مرضى؛ من سينفق الأموال التي كسبوها إذا هم مرضوا؟ لن يكونوا قادرين على الاستمتاع بالحياة. الحياة قصيرة!". اختلف الأمر، أليس كذلك؟ لقد تغيرت مواقفك تجاه المال، وتجاه حياة الجسد، وتجاه المتعة. وبالمثل، فإنَّ مواقفك تجاه الإيمان بالله والسعي إلى الحق ونيل الخلاص، أصبحت غير مبالية بشكل متزايد.

حالما يشرع الشخص في طريق عدم الاكتفاء بالطعام والملابس، فإنه سيسعى إلى مستوى أعلى من جودة الحياة والتمتع بأشياء أفضل. هذه إشارة خطر ووقوع في الغواية؛ سيؤدي ذلك إلى متاعب، وهو نذير شؤم. فور أن يستمتع شخص ما بالثروة ويختبر مذاقها، يبدأ في القلق من أنه في يوم من الأيام سيخسر أمواله ويصبح فقيرًا. ونتيجة لذلك، فإنه يعتز اعتزازًا كبيرًا بأيام امتلاك المال في الوقت الحالي ويُعلي من مكانة الثراء ووضعه. كثيرًا ما تسمعون غير المؤمنين يقولون: "الانتقال من المر إلى الحلو سهل، والانتقال من الحلو إلى المر ليس كذلك". هذا يعني أنه عندما لا يكون لديك أي شيء، فأنت لا تمانع في أن يُطلب منك التخلي؛ يمكنك التخلي في لحظة، لأنه لا يوجد شيء يستحق التمسك به. هذه الممتلكات النقدية والمادية لا تصبح عقبات بالنسبة إليك، ومن السهل عليك أن تتخلى عنها. لكن حالما تمتلك هذه الأشياء، يصبح من الصعب عليك التخلي عنها؛ يصبح أصعب من الصعود إلى السماء. إذا كنت فقيرًا، فعندما يحين الوقت لمغادرة منزلك والقيام بواجباتك يمكنك الانطلاق في السير على الفور. لكن إذا كنت من الأثرياء، فإنَّ عقلك يمتلئ بالأفكار؛ وتقول: "بيتي يساوي مليوني يوان، سيارتي تساوي خمسمائة ألف يوان؛ ثم هناك الأصول الثابتة والمدخرات المصرفية والأسهم والصناديق والاستثمارات وأشياء أخرى مما يبلغ مجموعه عشرة ملايين يوان تقريبًا. فكيف سآخذ كل هذا معي إذا غادرت؟" ليس من السهل عليك التخلي عن هذه الممتلكات المادية. أنت تفكر: "إن تخليت عن هذه الأشياء وتركت هذا البيت وأسرتي الحالية، هل سيحظى المكان الذي سأسكن به مستقبلًا بظروف مماثلة؟ هل سأكون قادرًا على تحمل العيش في كوخ من الطين أو منزل من التبن؟ هل يمكنني تحمل رائحة حظيرة ماشية؟ الآن، يمكنني أن أستحم بماء ساخن كل يوم. هل يمكنني تحمل مكان لا يمكنني فيه حتى الاستحمام بماء ساخن مرة في السنة؟" تكثر أفكارك ولا يمكنك تحملها. عندما يكون لديك المال، تغرف من النقود لشراء الأشياء، وتشتري كل ما تريد دون تردد، وتكون كريمًا للغاية، ولا يعوقك المال أبدًا. لكن إذا كنت ستتخلى عن كل هذا، فستشعر بالحرج في كل مرة تمد فيها يدك إلى محفظتك، وتتساءل عما سيحدث إذا لم يكن بها مال. إذا رغبت في تناول وعاء من المعكرونة الساخنة، فسيتعين عليك حساب أي المطاعم أرخص وعدد الوجبات التي سيظل بإمكانك تناولها بالمال المتبقي. ستضطر إلى الالتزام بميزانية صارمة، وأن تعيش حياة شخص فقير. هل يمكن أن تتحمل ذلك؟ في السابق، كنت إذا غسلت قطعة من الملابس مرتين ففقدت شكلها، وكان ارتداؤها سيُشعِرك بالحرج، كنت تتخلص منها وتشتري واحدة جديدة. الآن، تغسل القميص نفسه وترتديه مرارًا وتكرارًا، حتى إذا تمزقت الياقة؛ إذ لا يمكنك تحمل التخلص منه، بل تخيطها وتواصل ارتدائه. هل يمكن أن تتحمل ذلك؟ أينما ذهبت، سيرى الناس أنك فقير، ولن يرغبوا في التعامل معك. عندما تذهب للتسوق وتسأل عن السعر، لن ينتبه إليك أحد. فهل يمكن أن تتحمل ذلك؟ إنه ليس بالشعور السهل، أليس كذلك؟ لكن إذا لم تكن لديك هذه الممتلكات النقدية والمادية، لما احتجت إلى التخلي عنها وإلى مواجهة هذا التحدي. كان سيصبح من الأسهل عليك كثيرًا التخلي عن كل شيء والسعي إلى الحق. ولهذا أخبر الله الناس منذ زمن بعيد أنهم يجب أن يكتفوا بالطعام والملابس. أيًا كانت المهنة التي تنخرط فيها، فلا تتعامل معها على أنها حياة مهنية، ولا تعتبرها نقطة انطلاق أو وسيلة للارتقاء إلى الصدارة أو تجميع الثروة وعيش حياة مريحة. مهما كان عملك أو المهنة التي تنخرط فيها، فيكفي أن تراها وسيلة للحفاظ على رزقك فحسب. إذا كان بإمكانها الحفاظ على رزقك، فيجب أن تعرف متى تتوقف ولا تعود تسعى وراء الثروات. إذا كان كسب ألفي يوان شهريًا كافيًا لتغطية وجباتك اليومية الثلاث والضروريات الأساسية للحياة، فيجب عليك التوقف عند هذا الحد وألا تحاول توسيع نطاق وظيفتك. إذا كان لديك أي ضروريات خاصة، فيمكنك أن تأخذ مناوبات عمل إضافية بدوام جزئي أو وظيفة مؤقتة لتغطية النفقات؛ وهذا مقبول. مطلب الله من الناس هو: أيًا كانت المهنة التي تنخرط فيها، بغض النظر عما إذا كانت تنطوي على معرفة أو أي مهارات تقنية، أو إذا كانت تتطلب أي عمل بدني، فهي كافية ما دامت معقولة وقانونية وفي حدود قدراتك، ويمكن أن تحافظ على معاشك. لا تحوّل المهنة التي تنخرط فيها إلى نقطة انطلاق لتحقيق مثلك العليا ورغباتك من أجل إرضاء حياتك في الجسد، ومن ثم تترك نفسك تقع في الغواية أو في ورطة، أو تسير في طريق اللاعودة. إذا كان كسب ألفي يوان شهريًا كافيًا للحفاظ على حياتك الشخصية أو حياة أسرتك، فيجب عليك الاحتفاظ بهذه الوظيفة واستخدام الوقت المتبقي لممارسة الإيمان بالله، وحضور الاجتماعات، والقيام بواجباتك، والسعي إلى الحق. هذه هي مهمتك، وهي قيمة حياة المؤمن ومعناها. أي مهنة تنخرط فيها هي فقط للحفاظ على الحياة الجسدية للإنسانية الطبيعية. لن يطلب الله منك أن ترتقي إلى الصدارة في مهنتك، أو تصبح متميزًا فيها، أو تصنع لنفسك فيها اسمًا. إذا كانت مهنتك تتصل بالبحث العلمي، فستتطلب جزءًا كبيرًا من طاقتك، لكن مبدأ الممارسة يظل دون تغيير: اكتف بالطعام والملابس. إذا وفرت لك مهنتك فرصًا للترقية ودخلا كبيرا على أساس قدراتك، وكان هذا الدخل يتجاوز نطاق الاكتفاء بالطعام والملابس، فما الذي ينبغي أن تختار فعله؟ (أرفض العرض). المبدأ الذي يجب أن تطيعه هو ما حث الله عليه: الاكتفاء بالطعام والملابس. أيًا كانت المهنة التي تنخرط فيها، إذا تجاوزت نطاق الاكتفاء بالطعام والملابس، فمن المؤكد أنك ستستثمر الطاقة أو الوقت أو التكاليف خارج نطاق الضروريات الأساسية لكسب ذلك الدخل الإضافي. على سبيل المثال، قد تكون حاليًا موظفًا مبتدئًا يكسب ما يكفي للحفاظ على احتياجاته الأساسية، ولكن نظرًا لأدائك الجيد في الوظيفة، يرغب رؤساؤك في ترقيتك إلى منصب إداري أو لتصبح مسؤولًا تنفيذيًا كبيرًا براتب أعلى عدة مرات. هل ستكسب هذا الدخل هباءً؟ عندما يزيد دخلك، يزداد أيضًا مقدار العمل الذي تستثمره نظير ذلك. أليس استثمار الجهد يستلزم الطاقة والوقت؟ وهذا يعادل القول بأن المال الذي تكسبه، إنما تحصل عليه عن طريق مبادلته بجزء كبير من طاقتك ووقتك. إنك تحتاج إلى استثمار المزيد من وقتك وطاقتك لكي تكسب المزيد من المال. عندما تكسب المزيد من المال، يُشغل جزء كبير من وقتك وطاقتك، وفي الوقت ذاته، يتناقص الوقت الذي تخصصه لإيمانك بالله، وحضور الاجتماعات، والقيام بالواجبات، والسعي إلى الحق تناقصًا متناسبًا مع هذا المقدار. هذه حقيقة واضحة. عندما تكرّس طاقتك ووقتك لزيادة الثروة، تخسر مكافآت إيمانك بالله. لن يعاملك الله باستحسان، ولن يخبرك بيته بما فاتك لمجرد أنك قد ترقيت وصار جزء كبير من وقتك وطاقتك مشغول الآن، مما يؤدي إلى عدم امتلاكك الوقت للقيام بواجباتك أو حضور الاجتماعات في بيت الله. هل هذا هو نوع الشيء الذي يحدث؟ (لا). لن يخبرك بيت الله بما فاتك ولن يعاملك معاملة خاصة، ولن يعاملك الله باستحسان بسبب هذا. باختصار، إذا كنت ترغب في الحصول على مكافآت على إيمانك بالله، وإذا كنت تريد نيل الحق، فهذا يعتمد على جهودك الخاصة لتأمين الوقت والطاقة. هذه مسألة اختيار. الله لا يمنعك من الحفاظ على حياة طبيعية. دخلك كافٍ لتأمين الغذاء والدفء، والحفاظ على بقاء جسدك على قيد الحياة وقيامك بالأنشطة الحياتية؛ هذا يكفي لدعم استمرار وجودك. لكنك لست مكتفيًا؛ وتريد دائمًا كسب المزيد؛ ومن ثمَّ سيسحب هذا المبلغ من المال طاقتك ووقتك. لأي شيء يُسحبان؟ لتحسين جودة حياتك الجسدية. بينما تحسّن نوعية حياتك الجسدية، يقل ربحك من جراء الإيمان بالله، ويضيع الوقت الذي تخصصه للقيام بالواجبات، فقد أصبح مشغولًا. ماذا يشغله؟ إنه مشغول بالسعي وراء حياة جسدية جيدة، من خلال الاستمتاع الجسدي. هل الأمر يستحق؟ (لا). إذا كنت تجيد وزن الإيجابيات والسلبيات، فأنت تعرف أن الأمر لا يستحق. أنت تربح المتعة في حياتك الجسدية، وتأكل طعامًا أفضل وتملأ بطنك؛ وترتدي ملابس جيدة؛ أنيقة ومريحة. تشتري عددًا أكبر من أعمال المصممين والسلع الفاخرة، ولكن عملك مرهِق وأكثر تطلبًا ويبتلع وقتك وطاقتك. ليس لديك وقت، بصفتك مؤمنًا، تخصصه لحضور الاجتماعات أو الاستماع إلى العظات؛ وليس لديك الوقت للتأمل في الحق وكلام الله. ثمة قدر كبير من الحق لا تفهمه بعد ولا يمكنك إدراكه، لكنك تفتقر إلى الوقت والطاقة للتأمل فيه والسعي وراءه. تتحسن حياتك الجسدية، لكن حياتك الروحية عاجزة عن النمو وتواجه تراجعًا. هل هذا ربح أم خسارة؟ (خسارة). هذه الخسارة كبيرة جدًا! عليك أن تزن الإيجابيات والسلبيات! إذا كنت شخصًا ذكيًا يحب الحق بصدق، فيجب أن تزن كلا الجانبين وترى ما الشيء الأكثر قيمة ومعنى لك لتربحه. إذا جاءت ترقية، وكانت لديك الفرصة لكسب المزيد من المال وتوفير حياة جسدية أفضل لنفسك، فماذا ينبغي أن تختار؟ إذا كنت على استعداد للسعي إلى الحق ولديك العزم على السعي إلى الحق، فينبغي لك التخلي عن مثل هذه الفرص. على سبيل المثال، لنفترض أن شخصًا ما في شركتك يقول: "إنك تقوم بهذا العمل منذ عشر سنوات بأكملها. ومعظم الأشخاص في الشركة يحصلون على زيادة في رواتبهم ويتلقون ترقيات في غضون فترة تتراوح من ثلاث سنوات إلى خمس، لكن راتبك هو نفسه كما كان من قبل. لماذا لا تؤدي أداءً أفضل؟ لماذا لا تحسن أدائك؟ انظر إلى فلانة، إنها تعمل هنا منذ ثلاث سنوات، وهي الآن تقود سيارة مكشوفة وتعيش في منزل أكبر: لقد انتقلتْ من مسكن صغير إلى مسكن رحيب. عندما جاءت، كانت مجرد طالبة فقيرة؛ والآن هي سيدة ثرية، ترتدي ملابس كبار مصممي الأزياء من الرأس إلى أخمص القدمين، وتقيم في فنادق فاخرة، وتعيش في قصر، وتقود سيارة فارهة". ألن تبدأ في الشعور بالغيرة عندما ترى مدى الرفاهية التي تعيش فيها؟ ألن تشعر بالسوء؟ هل يمكنك تحمل مثل هذه الغواية؟ هل ستظل متمسكًا بنيتك الأصلية؟ هل ستتمسك بالمبادئ؟ إذا كنت تحب الحق صدقًا، وترغب في السعي إلى الحق، وتؤمن أن ربح شيء ما في الحق هو أهم شيء، وأكثر الأشياء قيمة في حياتك، وأنك قد اخترت الشيء الأهم والأكثر قيمة في حياتك، فلن تندم على ذلك، ولن تتأثر بأشياء مثل الترقيات. ستكون مثابرًا وستقول: "أنا مكتف بالطعام والملابس؛ مهما كانت المهنة التي أتخذها، فهي من أجل الطعام والدفء، وللسماح لجسدي بالاستمرار في الحياة، لا للمتعة الجسدية، ولا لتحقيق التميز بالطبع. أنا لا أسعى إلى الترقيات أو الرواتب الكبيرة؛ بل سأستغل حياتي المحدودة لأسعى إلى الحق". إذا كنت تمتلك هذا التصميم فلن تتذبذب، ولن تدب الغيرة في قلبك. وعندما ترى الآخرين ينالون ترقيات، أو يتلقون العلاوات، أو يرتدون المجوهرات من الذهب والفضة ويرتدون الملابس ذات العلامات التجارية الشهيرة، ويتمتعون بجودة حياة أفضل منك، ويتفوقون عليك في الأناقة، فإنك لن تحسدهم. أليس كذلك؟ (بلى). على الرغم من ذلك، إذا كنت لا تحب الحق ولا تسعى إليه، فلن تكون قادرًا على كبح جماح نفسك، ولن تستمر مثابرتك طويلًا. في مثل هذه المناسبة وفي مثل هذه البيئة، إذا كان الناس يفتقرون إلى كون الحق حياتهم، وإذا كانوا يفتقرون إلى قدر من العزم، وإذا كانوا يفتقرون إلى البصيرة الحقيقية، فسوف يتذبذبون كثيرًا روحة وجيئة وسيشعرون بالضعف. وبعد المثابرة لفترة من الوقت، سيصيبهم الاكتئاب، ويفكرون: "متى ستنتهي هذه الأيام؟ كم من الوقت سأبقى خادمًا في الشركة إن لم يأت يوم الله؟ ثمة آخرون يكسبون أكثر مني. لماذا أنا لا أقدر إلا على توفير ما هو أساسي من الغذاء والدفء؟ الله لا يقول لي أن أكسب المزيد من المال". من يمنعك من كسب المزيد من المال؟ إذا كانت لديك القدرة، فيمكنك كسب المزيد. إذا اخترت كسب المزيد من المال، وأن تحيا حياة الثراء، وأن تستمتع بالمعيشة المترفة، فلا بأس بذلك؛ لا أحد يمنعك، لكن يجب أن تتحمل مسؤولية اختياراتك. في النهاية، إذا لم تنل الحق، وإذا لم تصبح كلمات الله حياة في داخلك، فأنت وحدك من سيندم على ذلك. يجب أن تكون مسؤولًا عن أفعالك وخياراتك. لا أحد يستطيع دفع الثمن أو تحمل المسؤولية نيابةً عنك. بما أنك اخترت الإيمان بالله، والسير في طريق الخلاص، والسعي إلى الحق، فلا تندم على ذلك. بما أن هذا هو ما اخترته، فلا يجب أن تراه لائحة أو وصية يجب اتباعها، بل يجب عوضًا عن ذلك أن تفهم أن مثابرتك وخياراتك لها معنى وقيمة. في النهاية، ما تربحه هو الحق والحياة، وليس مجرد لائحة. إذا كانت مثابرتك وخياراتك تشعرك بقدر كبير من الحرج أو عدم الراحة أو عدم القدرة على مواجهة الأشخاص من حولك، فلا تستمر في المثابرة. لماذا تصعّب الأمور على نفسك؟ اسع إلى كل ما تتمناه في قلبك، وكل ما تريده، لا أحد يمنعك. في الوقت الحالي، تقديمنا مثل هذه الشركة لا يمنحك سوى مبدأ. إنَّ كل مهنة في العالم ينخرط فيها الناس ترتبط بالشهرة والربح والاستمتاع الجسدي. وليس السبب الذي يجعل الناس يكسبون المزيد من المال هو تحقيق رقم معين، بل لتحسين استمتاعهم الجسدي من خلال كسب هذا المال، ولكي يصبحوا أثرياء معروفين للعامة. بهذه الطريقة، سيكون لديهم الشهرة والربح والمكانة، وكلها تتجاوز نطاق الضروريات الأساسية. أي ثمن يدفعه الناس هو مقابل الاستمتاع الجسدي، لا شيء من ذلك له معنى؛ فكل ذلك خواء، كالحلم. إنهم لا يربحون في النهاية سوى خواء محض. اليوم قد تتناول في وجبتك الزلابية وتجدها شهية، لكن بعد التأمل المتأني، ترى أنك لم تربح شيئًا. إذا أكلتها كل يوم، فقد تسأم منها وتكف عن تناولها وتأكل بدلًا منها شيئًا آخر، مثل كعك الذرة أو الأرز أو فطائر المقلاة. إذا كيَّفت نفسك على هذا، فسيصبح جسدك أكثر صحة. أما إذا لم تتناول سوى الأطعمة الغنية كل يوم، فربما يفقد جسمك صحته، أليس كذلك؟

هل المسار الصحيح هو أن تكون مكتفيًا بالطعام والملابس؟ (هذا صحيح). لماذا هو صحيح؟ هل قيمة حياة الشخص في الطعام والملابس؟ (لا). إذا لم تكن قيمة حياة الشخص في الطعام والملابس ولا في المتعة الجسدية، فإن المهنة التي يمارسها الشخص يجب أن تفي فقط بالحاجة إلى الطعام والملابس، ولا ينبغي أن تتجاوز هذا النطاق. ما هو الغرض من وراء وجود الطعام والملابس؟ لضمان قدرة الجسم على البقاء على قيد الحياة بشكل طبيعي. وما الغرض من البقاء على قيد الحياة؟ ليس الغرض هو المتعة الجسدية، ولا الاستمتاع بمسار الحياة، ولا هو بالتأكيد الاستمتاع بكل الأشياء التي يختبرها البشر في الحياة. كل هذه الأمور غير مهمة. فما هو الشيء الأهم؟ ما هو الشيء الأكثر قيمة الذي يتعين على الشخص القيام به؟ (يجب على المرء أن يسير في طريق الإيمان بالله والسعي إلى الحق، ثم يؤدي واجباته الخاصة). أيًا كانت نوعيتك من الأشخاص، فأنت كائن مخلوق. وينبغي للكائنات المخلوقة أن تفعل ما تكون معنية بفعله؛ وهذا ما له قيمة. فما الذي له قيمة مما تفعله الكائنات المخلوقة؟ كل كائن مخلوق لديه مهمة يعهد بها الخالق إليه، وهي مهمة من المُفترض أن يحققها. لقد حدد الله مصير حياة كل شخص. ومهما يكن مصير حياة الشخص، فذلك ما يجب عليه فعله. إذا أحسنت القيام بذلك، فسيعطيك الله إجابة مرضية عندما تقف أمامه أخيرًا لإعطاء حساب. سيقول إنك عشت حياتك بطريقة مثمرة وذات قيمة، وأنك حولت كلام الله إلى حياتك، وأنك كائن مخلوق مؤهل. لكن إذا كان محور حياتك هو العيش من أجل الغذاء والملابس والمتعة والسعادة والكفاح من أجل ذلك والاستثمار في سبيله، فعندما تقف أخيرًا أمام الله، سيسألك: "ما مقدار ما أوفيت من مهمة هذه الحياة وإرساليتها اللتين أوكلتهما إليك؟" ستجمع كل شيء وتجد أن طاقة هذه الحياة ووقتها قد أُنفقتا على الغذاء والملابس والترفيه. يبدو أنك لم تفعل الكثير بإيمانك بالله، ولم تؤد واجبك، ولم تثابر حتى النهاية، ولم تنفذ ولائك. وبخصوص السعي إلى الحق، صحيحٌ أنه كان لديك قدر من الاستعداد للسعي إليه، لكنك لم تدفع ثمنًا كبيرًا، ولم تربح أي شيء. في الامتحان النهائي، لم يصبح كلام الله حياتك، وأنت لا تزال الشيطان القديم نفسه. إن أساليبك في النظر إلى الأشياء والتصرف تستند جميعها إلى المفاهيم والتصورات البشرية، وشخصية الشيطان الفاسدة. أنت لا تزال معارضًا لله تمامًا، وغير متوافق معه. في تلك الحالة، ستُعَد عديم الفائدة، ولن يريدك الله بعد ذلك. من هذه المرحلة فصاعدًا، لن تعود كائن الله المخلوق. وكم إنَّ ذلك مؤسف! لذلك، أيًا كانت المهنة التي تنخرط فيها، فهي مرتبة ومقدرة من الله ما دامت قانونية. لكن هذا لا يعني أن الله يدعمك أو يشجعك على كسب المزيد من المال أو الارتقاء إلى مكانة بارزة في الحياة المهنية التي اخترتها. الله لا يستحسن هذا، ولم يطلبه منك قط. علاوةً على ذلك، فإنَّ الله لن يستخدم أبدًا المهنة التي تنخرط فيها لدفعك نحو العالم، أو لتسليمك إلى الشيطان، أو للسماح لك بالسعي وراء الشهرة والربح بإصرار. عوضًا عن ذلك، يسمح الله لك من خلال المهنة التي تنخرط فيها، بتلبية احتياجاتك من الطعام والتدفئة؛ وهذا كل شيء. ثم إنَّ الله أخبرك في كلامه ببعض الأشياء مثل: ما واجبك، وما مهمتك، وما يجب أن تسعى إليه، وما يجب أن تعيش بحسبه في حياتك. هذه هي القيم التي يجب أن تعيشها والمسار الذي يجب أن تسلكه على مدار حياتك. بعد أن تكلم الله وبعد أن فهمت ما قاله، ماذا يجب أن تفعل؟ إذا كان العمل ثلاثة أيام في الأسبوع كافيًا لتلبية احتياجاتك من الطعام والتدفئة، لكنك لا تزال تختار العمل في الأيام الأخرى، فأنت لا تستطيع أداء واجبك. عندما يتطلب الواجب تعاونك، فأنت تقول: "أنا في العمل، أنا في وظيفتي"، وعندما يحاول شخص ما الاتصال بك، فإنك تدعي دائمًا أنه ليس لديك وقت. متى يتوفر لديك الوقت؟ فقط بعد الساعة 8 مساءً، عندما تكون مرهقًا ومتعبًا ومستنزفًا، تكون لديك عزيمة لكن دون قوة. أنت تعمل ستة أيام في الأسبوع، وكلما حاول شخص ما الاتصال بك عن طريق الهاتف، فإنك تدعي دائمًا أنه ليس لديك وقت. فقط في أيام الآحاد يكون لديك الوقت، وحتى في ذلك الحين تحتاج إلى قضاء بعض الوقت مع أسرتك وأطفالك، والقيام بالأعمال المنزلية، واستعادة طاقتك والاسترخاء لفترة من الوقت، بل إنَّ بعض الناس يذهبون في إجازة، ويقضون وقتًا في الأنشطة الترفيهية، وينطلقون في إنفاق المال وشراء الأشياء. وبعض الأشخاص يوطِّدون علاقاتهم مع الزملاء، ويتواصلون مع القادة والمسؤولين الأعلى. أي نوع من الإيمان هذا؟ هذا شخص عديم الإيمان تمامًا، فما الجدوى من الانخراط في الإجراءات الشكلية؟ لا تقل إنك تؤمن بالله؛ فليس لك أدنى صلة بالمؤمنين بالله. أنت لا تنتمي إلى الكنيسة؛ إنما أنت محض صديق لها على أكثر تقدير. يحتاج بيت الله إلى شخص ما للتعامل مع الشؤون الخارجية، وقد توافق على المساعدة، لكن الأمر فقط أنك لا ترفض. ما إذا كان يمكنك شغل منصبك، أو متى يمكنك ذلك هو أمر غير معلوم. وبعد وصولك إلى منصبك، ليس من المؤكد ما إذا كان بإمكانك منحه كل وقتك وإخلاصك وقوتك بالكامل؛ هذه كلها أمور غير معلومة. من يدري متى قد تنشغل جدًا بالعمل، أو تذهب في رحلة عمل، وتختفي دون أثر لمدة أسبوعين أو شهر؛ ولا يمكن لأحد الوصول إليك. لم يعد هذا إيمانًا حقيقيًا، بل مجرد إجراء شكلي. عندما يتعلق الأمر بمثل هؤلاء الأشخاص، يجب أن تؤخذ منهم كتب كلام الله، ويجب بعد ذلك إخراجهم وإخبارهم: "إذا كنت لا تستطيع التخلي عن العمل، وليس لديك وقت للاجتماعات، ولا تستطيع القيام بواجبك، فلن يجبرك بيت الله. فلنفترق هنا. عندما تتمكن من الاكتفاء بمجرد وجود الطعام والملابس، والتخلي عن مطالبك لحياة عالية الجودة، وعندما تتمكن من تخصيص المزيد من الوقت للقيام بواجبك، فسنقبلك رسميًا في الحظيرة ونعدك عضوًا في الكنيسة. وإذا كنت غير قادر على تحقيق ذلك، ولا تقوم إلا بالحضور والمساعدة وبناء علاقات ضعيفة مع الإخوة والأخوات في أوقات فراغك، فهذا لا يُعَد أداءً لواجبك بوصفك كائنًا مخلوقًا، ولا يُعَد بالطبع إيمانًا رسميًا بالله". ماذا نسمي مثل هؤلاء الناس؟ (أصدقاء الكنيسة). أصدقاء الكنيسة، أصدقاء طيبون للكنيسة. "لأَنَّ مَنْ لَيْسَ عَلَيْنَا فَهُوَ مَعَنَا" (مرقس 9: 40). ومن ثم، يُشار إلى هذه الأنواع من الناس باسم أصدقاء الكنيسة. إنَّ وصف شخص ما بأنه صديق للكنيسة يشير إلى أنه لا يزال في مرحلة المراقبة، ولا يعد مؤمنًا رسميًا بالله بعد، ولم يُحتسَب ضمن أعضاء الكنيسة، ولا يُعتبَر بعد شخصًا يقوم بواجب؛ هو على أكثر تقدير شخص لا يزال يتعين مراقبته، لأنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان بإمكانه القيام بواجبه. على الرغم من ذلك، يتعين على بعض الأشخاص العمل عدة أيام في الأسبوع لكسب رزقهم وإعالة أطفالهم نظرًا لبعض القيود التي تفرضها عليهم البيئة أو الظروف الأسرية. وهؤلاء لن نطلب منهم أي مطالب قطعية. إذا كان بإمكانهم القيام بواجباتهم في وقتهم المتبقي، فسوف يعتبرون أعضاء في بيت الله، وسيُعَدون ممَن يؤمنون رسميًا بالله، لأنهم قد استوفوا بالفعل الشرط الأساسي المتمثل في الاكتفاء بالطعام والملابس. لديهم صعوبات موضوعية، وإذا منعتهم من العمل، فلن يكون لدى أسرهم بأكملها وسيلة إعالة، وسيعانون من البرد والجوع. إذا لم تدعهم يعملون، فمن سيعول أسرهم؟ هل ستعولهم أنت؟ ولهذا، ليس من المبرَّر أن يطالبهم قادة الكنيسة أو المشرفين أو أي شخص لديه علاقة بهم بالتخلي عن وظائفهم وعدم القلق بشأن أسرهم. لا ينبغي القيام بهذا، إذ سيكون بمثابة طلب المستحيل من الناس؛ لأنهم يجب أن يُعطوا سبيلًا للعيش. الناس لا يعيشون في فراغ، وهم ليسوا آلات. إنهم بحاجة إلى البقاء على قيد الحياة، وإلى الحفاظ على معاشهم. كما ناقشنا من قبل، إذا كان لديك أطفال وأسرة، فيجب أن تتحمل مسؤولية إعالة أسرتك بصفتك عماد الأسرة أو أحد أفرادها. ومبدأ الوفاء بهذه المسؤولية هو ضمان الغذاء والتدفئة؛ ذلك هو المبدأ. هذه هي ظروف بعض الأشخاص، ولا يمكنهم فعل أي شيء حيال ذلك. بعد أداء مسؤولياتهم تجاه أسرهم، يعدِّلون جدولهم الزمني للقيام بواجبهم. هذا مسموح به وهو أمر يبيحه بيت الله؛ إذ لا يمكنك طلب المستحيل من الناس. هل هذا مبدأ؟ (نعم). لا مبرر لأحد في مطالبة أولئك الذين آمنوا بالله مؤخرًا ولم يثبتوا جذورهم بعد بأن يتركوا وظائفهم، أو يتخلوا عن أسرهم أو يتطلقوا، أو يهملوا أطفالهم، أو يرفضوا آبائهم. لا شيء من هذه الأمور ضروري. ما يتطلب كلام الله من الناس اتباعه هو مبادئ الحق، وهذه المبادئ تتضمن أوضاعًا وظروفًا مختلفة. بناء على هذه الأوضاع والظروف المختلفة، يجب وضع المتطلبات والتدابير وفقًا لمبادئ الحق؛ هذه وحدها هي الطريقة الدقيقة. لذلك، في مسائل الحياة المهنية، من الأهمية بمكان أن تكون مكتفيًا بالطعام والملابس. إذا كنت لا تستطيع رؤية هذه النقطة بوضوح، فقد تفقد واجبك وتعرّض فرصك في الخلاص للخطر.

الأيام الأخيرة أيضًا وقت خاص. فمن جهة، شؤون الكنيسة مزدحمة ومعقدة؛ ومن جهة أخرى، في مواجهة هذه اللحظة التي يتوسع فيها إنجيل ملكوت الله، ثمة حاجة إلى أن يكرّس المزيد من الناس وقتهم وطاقتهم، وأن يساهموا بمجهوداتهم ويؤدوا واجباتهم من أجل تلبية احتياجات مختلف المشاريع داخل بيت الله. لذلك، أيًا كانت مهنتك، إذا كنت قادرًا – بعيدًا عن تلبية احتياجاتك المعيشية الأساسية – على تكريس وقتك وطاقتك لإتمام واجبك في بيت الله، والتعاون في مشاريع مختلفة، إذن في نظر الله، هذا ليس مرغوبًا فيه فحسب، بل إنه ذو قيمة كبيرة للغاية أيضًا. إنه يستحق أن يذكره الله، ويستحق بالطبع أن يستثمر الناس فيه وينفقوا فيه كثيرًا أيضًا. ذلك لأنه على الرغم من أنك ضحيت بمتع الجسد، فإن ما تربحه هو حياة كلام الله التي لا تقدر بثمن، حياة أبدية، كنز لا يقدر بثمن ولا يمكن تبديله بأي شيء في العالم؛ لا بالمال ولا بأي شيء آخر. وهذا الكنز الذي لا يقدر بثمن؛ الشيء الذي تربحه من خلال استثمار الوقت والطاقة، من خلال جهودك ومساعيك الخاصة: هذا صنيع خاص وشيء كنت محظوظًا بأن تتلقاه، أليس كذلك؟ أن يصبح كلام الله والحق حياة المرء: هذا كنز لا يقدر بثمن ينبغي للناس أن يقدموا كل شيء في مقابله. لذلك، بناء على سماح مهنتك لك بالحصول على الطعام والملابس، إذا كنت قادرًا على دفع الثمن واستثمار الوقت والطاقة في السعي إلى الحق – إذا اخترت هذا المسار – فهذا شيء جيد يستحق الاحتفاء به. لا يجب أن تشعر بالإحباط أو الارتباك حيال ذلك؛ بل يجب أن تكون على يقين من أنك اتخذت القرار الصحيح. ربما فاتتك فرص الترقيات وزيادة الرواتب والدخل الأعلى، والمزيد من التمتع بالحياة في الجسد، أو ربما فاتتك حياة الثراء، لكنك اغتنمت الفرصة للخلاص. حقيقة أنك قد فقدت تلك الأشياء أو تخليت عنها، يعني أن اختيارك جلب لك الحيوية والرجاء في الخلاص. أنت لم تفقد أي شيء. على العكس من ذلك، إذا بذلت – بعد الحصول على الطعام والملابس – مزيدًا من الوقت والطاقة، وربحت المزيد من المال، وحصلت على المزيد من الملذات المادية، وشبع جسدك، لكنك عند القيام بذلك، كنت قد دمرت الرجاء في خلاصك، فهذا بالتأكيد ليس شيئًا جيدًا لك. يجب أن تكون مستاءً وقلقًا حيال ذلك؛ يجب أن تعدّل عملك أو موقفك من الحياة والمطالب المتعلقة بجودة الحياة الجسدية؛ يجب أن تتخلى عن رغبات معينة للحياة في الجسد، وكذلك ما يتعلق بها من خطط وأجندات لا تتوافق مع الواقع. يجب أن تصلي إلى الله، وتأتي إلى محضره، وتعزم على إتمام واجبك، وتنغمس بعقلك وجسدك في المهام المختلفة في بيت الله، وتسعى جاهدًا حتى تكون في المستقبل – في اليوم الذي ينتهي فيه عمل الله، عندما يفحص عمل جميع مختلف أنواع الناس، ويقيس قامات كل هذه الأنواع المختلفة من الناس – أن تكون جزءًا منهم. عندما يُنجز عمل الله العظيم، وعندما ينتشر إنجيل ملكوت الله في جميع أنحاء الكون، وعندما يتكشف هذا المشهد البهيج، ستجد هناك كدك، واستثمارك، وتضحيتك. عندما ينال الله المجد، وعندما يتوسع عمله في جميع أنحاء الكون، وعندما يحتفل الجميع بالإنجاز الناجح لعمل الله العظيم، وعند الكشف عن لحظة الفرح تلك، ستكون أنت من له صلة بهذا الفرح. ستكون شريكًا في هذا الفرح، وليس الشخص الذي سوف يبكي ويصر على أسنانه، لن تكون الشخص الذي يقرع صدره ويضرب ظهره في حين أن الجميع يصرخون ويقفزون من الفرح، ولن تكون من يتلقى عقابًا شديدًا وسيزدريه الله ويستبعده تمامًا. وأفضل من ذلك بالطبع أنه عندما يُنجز عمل الله العظيم، ستمتلك كلام الله حياةً لك. ستكون شخصًا قد نال الخلاص، لم يعد يتمرد على الله، ولم يعد ينتهك المبادئ، بل شخصًا متوافقًا مع الله. في الوقت نفسه، ستفرح أيضًا بكل ما تخليت عنه في البداية: الراتب المرتفع، والملذات الجسدية، والمعاملة المادية الجيدة، والبيئة المعيشية الأرقى، وعما يقدمه القادة من التقدير والترقية والإعلاء. لن تكون نادمًا على أنك لم تتخل عن تلك الفرص للترقية، أو تلك الفرص لزيادة راتبك وتكوين ثروة، أو تلك الفرص للانغماس في أسلوب حياة مترّف. باختصار، تتلخص متطلبات المهنة التي ينخرط فيها المرء ومعاييرها، والتي هي أيضًا مبادئ الممارسة التي يجب عليه الالتزام بها، في هذا القول: "اكتف بالطعام والملابس". ما يجب على الناس التمسك به هو السعي إلى الحق لنيل الحياة. لا ينبغي لهم التخلي عن الحق والمسار الصحيح من أجل تلبية رغباتهم ومتعهم الجسدية. وهذا هو المبدأ الثاني الذي يجب على الناس التمسك به فيما يتعلق بالحياة المهنية.

فيما يتعلق بموضوع التخلي عن مهنة المرء، ناقشنا اليوم مبدأين. هل فهمتم هذين المبدأين؟ (نعم). مع وضوح المبادئ، فإن الخطوة التالية هي تقييم كيفية الممارسة بناء عليها. في النهاية، أولئك الذين يستطيعون التمسك بهذه المبادئ هم الذين يتبعون طريق الله، بينما أولئك الذين لا يستطيعون التمسك بالمبادئ ينحرفون عن طريق الله. الأمر بهذه البساطة. إذا كنت تستطيع التمسك بالمبادئ، فستنال الحق؛ وإذا لم تتمسك بالمبادئ، فستفقد الحق. إن نيل الحق يوفر الرجاء في الخلاص؛ وسيؤدي الإخفاق في نيل الحق إلى فقدان الرجاء في الخلاص؛ هذه هي تحديدًا حقيقة الأمر. حسنًا، دعونا نختتم الشركة لهذا اليوم عند هذه النقطة. إلى اللقاء!

10 يونيو 2023

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.