ماذا يعني السعي إلى الحق (16) الجزء الأول

كنا بصفة أساسية نعقد الشركة عن جوهر الأقوال المختلفة فيما يتعلق بالسلوك الأخلاقي ونشرِّحها، ونشرِّح أيضًا ما للأقوال المختلفة من تأثير على الناس. غالبًا ما تمثل هذه الأقوال المختلفة بخصوص السلوك الأخلاقي درجات مختلفة مما للثقافة الصينية التقليدية من تأثيرات في الناس، وهي تأثيرات مستمرة حتى يومنا هذا. أيٌ من الأقوال المتعلقة بالسلوك الأخلاقي قد أقمنا الشركة عنه في اجتماعنا الماضي وكشفناه؟ (في المرة الماضية، كان القول الذي أقام الله الشركة عنه وكشفه هو: "كلمة النبيل سنده"). عندما نقيم الشركة عن أقوال بخصوص السلوك الأخلاقي، فإننا نتناول مسألة البيئة العامة: بصرف النظر عن تغيُّر العصور أو تغيُّر بيئتنا الاجتماعية أو تغيُّر الوضع السياسي في أي بلد، فإنَّ ما يوجد في الثقافة الصينية التقليدية من فساد يولِّده الشيطان في البشر وفي خواطرهم وفي السلوك الأخلاقي وفي أعماق قلوبهم عبر مختلف الهرطقات والمغالطات، يزداد وضوحًا باطراد. فالتأثير الذي سبَّبه ضرر الثقافة الصينية التقليدية في البشر لم يتضاءل بسبب تغيُّر العصور وتغيُّر البيئة التي نحيا فيها، ولا يزال الكثير من الناس يرددون مختلف الأقوال المستمدة من الثقافة التقليدية ويروجون لها، مبجِّلين إياها بوصفها دراسات صينية تقليدية ونصوصًا مقدسة. من الجلي أنَّ الشيطان قد غرس مختلف الأقوال المتعلقة بالسلوك الأخلاقي عميقًا في قلوب الناس وأفسدهم إلى أقصى حد. لماذا يُفسد الشيطان الناس؟ ما هدفه النهائي من إفساد الناس؟ أهو موجَّه إلى البشر أم إلى الله؟ (موجّه إلى الله). هذا أمر لا بد أن تفهموه لتعرفوا جوهر الشيطان، ولتعرفوا السبب الأساسي والطريقة التي يتبعها الشيطان في إفساد البشر. كيف يُفسد الشيطان أفكار الناس؟ لماذا يُكِنُّ الناس في أعماق قلوبهم أشياءَ معارِضة لله؟ لماذا يكِنُّ الناس هذه الأشياء التي تعارض الحق؟ كيف أصبح الناس على هذه الحال؟ إنَّ البشرية من خلق الله؛ فلماذا يقاوم البشر الله في كل منعطف ويتمردون عليه مثلما يفعل الشيطان؟ ما السبب الجذري؟ هل يمكن الإجابة عن هذه الأسئلة بما ناقشناه من قبل؟ (أجل). تذكروا ما أقمنا الشركة عنه في المرة الماضية وفكروا فيه. (أولًا، أقام الله الشركة عن ظروفنا الحالية. فرغم أننا نأكل كلمات الله ونشربها، ليس لدينا أي تمييز فيما يتعلق بالهرطقات والمغالطات والأفكار والآراء التي يغرسها الشيطان فينا، ومن الممكن أن نصبح الناطقين باسم الشيطان، وخدامه في أي وقت وفي أي مكان. إضافةً إلى ذلك، أقام الله الشركة عن السبب في استخدام الشيطان لهذه الهرطقات والمغالطات لكي يضل الناس ويفسدهم. صحيحٌ أنَّ الشيطان يفسد الناس ويؤذيهم، لكن هدفه الحقيقي يرمي إلى الله. إنه يرغب في هدم خطة تدبير الله وتحطيمها؛ ذلك لأن خطة تدبير الله تهدف إلى تخليص مجموعة من الناس وتكميلهم كي يصبح لهم قلب واحد وفكر واحد مع الله، ويحاول الشيطان عرقلة هؤلاء الناس وإعاقتهم عن أن يتبعوا الله وعن أن يكمِّلهم الله ويربحهم. والله عارفٌ تمامًا بخطط الشيطان الماكرة لكنه لا يوقفه، إنما يستخدمه كأداة للخدمة وشخصية الضد؛ لأنَّ حكمة الله تتأسس على خطط الشيطان الماكرة، وهو يقوم بعمل التطهير والخلاص في هؤلاء الناس الذين أفسدهم الشيطان. يكشف الله مختلف أقوال الثقافة التقليدية ويشرِّحها ليمكننا من أن نرى بوضوح أنَّ الشيطان يستخدم هذه المغالطات والهرطقات ليضل الناس ويفسدهم. والله يفعل هذا لكي نتعلم التمييز ولا يقتصر فهمنا لسلبية هذه الهرطقات على جانب التعاليم، بل ليمكننا أن نفهم بوضوح ما يكمن في هذه الأقوال من خطط الشيطان الماكرة. وحالما نفهمها بوضوح، يمكننا مقارنة أنفسنا بها، ونتفكَّر في أنفسنا في ضوء كلمات الله، ونفحص الخواطر والأفكار الشيطانية الموجودة لدينا، وخطط الشيطان الماكرة التي تكمن في مقاصد أفعالنا، والشخصيات الشيطانية التي نكشف عنها. وهذا هو المقصود بأن نعرف أنفسنا حقًا، وليس أن نظل فقط على مستوى الفهم المتعلق بالتعاليم والتمييز البسيط). إحدى الطرق التي يفسد بها الشيطان الناس هي إفساد خواطرهم وقلوبهم؛ إذ يبث في قلوب الناس وعقولهم جميع أنواع الخواطر الشيطانية والأفكار والهرطقات والمغالطات، ومن بينها مختلف الأقوال المتعلقة بالسلوك الأخلاقي، التي تمثل الأشياء الأكثر جوهرية في الثقافة الصينية التقليدية: إنها أمثلة كلاسيكية على الثقافة الصينية التقليدية. إنَّ خواطر هذه الثقافة التقليدية وآرائها إنما تمثل أساسًا خواطر الشيطان وجوهره، وهي تمثل الأشياء التي توجد في طبيعة الشيطان وتتحدى الله. ما هي النتيجة النهائية لاستخدام الشيطان لهذه الأشياء لإفساد الناس؟ (إنها تجعل الناس مناهضين لله). النتيجة أنَّ الناس يغدون مناهضين لله. وماذا يصبحون؟ (يصبحون ناطقين باسم الشيطان وأذنابًا له. يصبحون شياطين أحياء). يصبح الناس ناطقين باسم الشيطان وتجسيدًا له، وتغدو البشرية الفاسدة تمثيلًا للشيطان. إنَّ المقاصد والأغراض والخواطر والأفكار التي تحملها الكلمات التي تتحدث بها البشرية الفاسدة والشخصيات الفاسدة هي تلك التي يعبر عنها الشيطان ويكشف عنها. وهذا يؤكد تأكيدًا تامًا على أنَّ قواعد البشرية للعيش إضافةً إلى خواطر البشر وآرائهم المختلفة التي يَسلكون وفقًا لها ويتفاعلون مع الآخرين، كلها تنحدر من الشيطان وكلها تمثل جوهر طبيعته؛ إنها تؤكد تأكيدًا تامًا على أنَّ البشرية الفاسدة الموجودة على قيد الحياة هي تجسيد الشيطان ونسل الشيطان وأنها أيضًا من نوعه؛ إنها تؤكد تأكيدًا تامًا على أنَّ البشرية الفاسدة الموجودة على قيد الحياة، شيطان حي وإبليس حي، وأنَّ البشرية التي أصبحت تجسيدًا للشيطان هي ممثل الشيطان. وسواء كانت البشرية نسل الشيطان أو تجسيدًا له، فهي من نوعه على أي حال؛ والله يرى أنَّ بشرية على هذه الشاكلة هي بشرية تنكر الله وتخونه؛ إنها عدو الله والقوة المعارضة له. إنَّ بشرية على هذه الشاكلة لم تعد عقولها صفحة بيضاء، لم تعد كما كانت في البداية حين خلقها الله، بشرية جاهلة. إنَّ البشرية تعيش تحت تأثير الشيطان وتمتلئ بالشخصيات الشيطانية الفاسدة، فما الذي تحتاج إليه البشرية التي تعيش في هذه الحالة والظروف؟ إنها تحتاج إلى خلاص الله. والآن هو الوقت الذي يستخدم فيه الله الكلمات ليخلِّص الناس. في أي سياق يخلِّص الله الناس؟ إنه ذلك السياق الذي بلغ فيه إفساد الشيطان للبشرية أعمق المستويات وأشدها خطورة؛ وهو السياق الذي تحوَّل فيه الناس كليًا إلى تجسيد للشيطان وناطقين باسمه، وصاروا أعداءً لله ومعارضين له. في هذا السياق، بدأ الله عمله ليخلِّص البشرية. هذا هو الوضع الحقيقي بخصوص إفساد الشيطان للبشرية، وهو السياق الفعلي لتعبير الله عن الحق وتأدية عمل الدينونة لتخليص الإنسان في الأيام الأخيرة. ما فوائد معرفة هذه الوقائع؟ إنها تمكِّن الناس من معرفة جوهرهم، ومعرفة جوهر الشيطان، ومعرفة وسائل إفساد الشيطان للناس، ومعرفة شرِّ الشيطان؛ إضافةً إلى ذلك، فإنها تمكِّن الناس من معرفة المغزى من خطة تدبير الله، ومعرفة قدرة الله وسلطانه وحكمته وقوَّته التي يكشف عنها في عمله ليخلِّص البشرية. على الناس إدراك ماهية جوهر الشيطان وشرِّه وجوهر طبيعة البشرية الفاسدة، ومن المهم أيضًا، إضافةً إلى ذلك، أن يعرفوا عمل الله وشخصيته وجوهره. إنَّ معرفة جوهر الله تنطوي بصفة أساسية على معرفة قدرة الله وسلطانه وحكمته وقوَّته؛ فهي غالبًا ما تتضمن معرفة هذه الجوانب من جوهره.

من منظور سياق عمل الله لتخليص البشرية، فإنَّ هذه البشرية التي يأمل الله أن يخلِّصها ليست بشرية هو خلقها فحسب، وإنما هي أيضًا بشرية يفسدها الشيطان منذ عدة آلاف من السنين. إنَّ أعماق قلب الإنسان ليست صفحة بيضاء، وليست كذلك خواطره ولا شخصياته، بل طالما أفسدها الشيطان فسادًا بلغ الأعماق. أولئك الذين يخلِّصهم الله هم كائنات مخلوقة أفسدهم الشيطان فسادًا عميقًا وكذلك أغواهم وتحكَّم فيهم وتلاعب بهم وداس عليهم. بالنسبة إلى الناس، فإنَّ التخلص مما يوجد في هذه البشرية المخلوقة من أشياء الشيطان والشخصيات الشيطانية أمر في غاية الصعوبة، أو حتى محال. معنى هذا أنه بالنسبة إلى الناس، فإنَّ تغيير خواطرهم وآرائهم وتطهير أعماق قلوبهم من الأشياء الشيطانية وتغيير شخصياتهم الفاسدة، كلها مهام محال أن تتحقق؛ وينطبق على هذه الحالة المثل القائل: "الطبع يغلب التطبُّع". على الرغم من ذلك، فإنَّه في هذا السياق تحديدًا ومع هذه البشرية المخلوقة، يرغب الله في القيام بعمل تخليص البشرية. لا يعرِض الله في عمله أي إشارات أو عجائب، ولا يُظهِر شخصه الفعلي صراحة، ناهيك عن أن يؤدي أي عمل قد يبدو للناس ذي سلطان وقوة. معنى هذا أنه في الأيام الأخيرة، خلال الوقت الذي يقوم فيه الله المتجسد بتخليص الإنسان، لا يبدي الله أي إشارات وعجائب، فلا يؤدي أي عمل يتجاوز حدود العملية أو الواقع، ولا يقوم بأي أفعال تفوق طبيعة البشر. لا يقوم الله بأي أعمال خارقة للطبيعة، بل يستخدم كلماته ليزود الناس بالحياة وليكشف الناس ويطهرهم من فسادهم. ولأنه لا يستخدم سوى الكلمات للقيام بهذا العمل، فإنَّ هذه المهمة تبدو للإنسان مستحيلة بدرجة أكبر، بل إنها تبدو لمعظم الناس ضربًا من الهزل. يعتقد الناس أنَّ استخدام الله لأقوال – أقوال نُطِقَت بطرق مختلفة ومن وجهات نظر مختلفة وبشأن أمور مختلفة – من أجل أن يعولهم ويمكِّنهم من نيل الخلاص، يعني أنه يقوم بمهمة مستحيلة. والشيطان تحديدًا أقل اقتناعًا بأنَّ ذلك شيء يقدِر الله عليه تمامًا، وأنه يمتلك القوة والسلطان والحكمة لإنجاز هذا العمل. من الواضح أنَّ تحدُّث الله بأقواله وقيامه بعمله لتخليص الإنسان، مهمة مستحيلة في عيون البشر المخلوقين. على الرغم من ذلك، وبصرف النظر عما سيجري في المستقبل، ففي الوقت الحالي، قد تحقق بالفعل ما تحدث الله به من كلماته: "الله يعني ما يقوله، وما يقوله سيُفعَل وما يفعله سيدوم إلى الأبد" وذلك في أولئك الذين يتبعونه؛ أي إنَّ معظم الناس اختبروا بادرة من هذا بالفعل. وبناءً على الطريقة التي يعمل بها الله، وبناءً على قيام الله بعمل تخليص الإنسان من خلال إعالته بالكلمات وتغذيته بالكلمات وتأنيبه بالكلمات، وكذلك تحذيره وحثه بالكلمات وغيرها من الطرق، من الواضح أنَّ كلمات الله لا تحمل المعنى البسيط الذي يمكن فهمه بالمفاهيم البشرية فحسب. بصرف النظر عن القول الجوهري إنَّ كلمات الله هي الحق، ما يكون الناس أقدر على رؤيته – وما هو جليٌ في الواقع – أنَّ كلمات الله تَحمِل الحياة وأنها هي الحياة، وأنها يمكن أن تعول الأحياء من البشرية الفاسدة وتعول البشرية الفاسدة بكل شيء تحتاج إليه للحياة. فيما يتعلق بالقوة والسلطان، يمكن لكلمات الله تغيير ظروف حياة البشرية، وتغيير خواطر البشرية وآرائها، وتغيير قلب الإنسان الذي أفسده الشيطان حتى الأعماق، بل يمكنها أيضًا تغيير المسار والاتجاه الذي اتخذته البشرية للحياة، وكذلك تغيير منظورها بشأن الحياة والقيم. ما دمتَ قادرًا على قبول كلمات الله والخضوع لها؛ ويمكننا القول أيضًا إنك ما دمتَ تحب كلمات الله وتسعى إليها، فمهما كان مستوى قدراتك أو هدف مسعاك أو شدة تصميمك على السعي أو مقدار إيمانك، فإنه يمكن لكلمات الله حتمًا أن تغيرك، وأن تمكِّن منظورك بشأن الحياة وقيمك من أن تتغير، وكذلك خواطرك وآراءك بشأن الناس والأشياء؛ وفي نهاية المطاف، فإنها قد تمكِّن شخصيتك الحياتية من أن تتغير. على الرغم من أنَّ معظم الناس ضعفاء في مستوى قدراتهم، وليس لديهم تصميم على السعي إلى الحق ولا هم حتى مستعدين للسعي إليه؛ ما داموا قد سمعوا كلمات الله، فإنه يتشكل لديهم في اللاوعي إلى حدٍ ما، بعض الآراء والرؤى الصحيحة من تعاليم الله بشأن الشيطان والعالم والبشرية، وذلك بصرف النظر عن ظروفهم. يتشكل لديهم في اللاوعي، بدرجات متفاوتة، توق وظمأ بشأن أمور إيجابية وبشأن مبادئ الحق والاتجاه الصحيح في الحياة والأهداف التي يتطلب الله من الناس أن تكون لديهم. هذه الظواهر التي تحدث في الناس وفيما بينهم، سواء كانت هي ما يرغب فيه الناس أم لا، وسواء تتوافق مع مفاهيم الناس أم لا، وسواء كانت تفي بمتطلبات الله ومعاييره أم لا، وما إلى ذلك؛ فكل هذه التأثيرات في الناس وكل هذه الظواهر تثبت أنَّ الأمر لا يقتصر على أنَّ كلمات الله تعول حياة الناس وتوفر لهم ما يحتاجون إليه فحسب، بل الأهم أنها تثبت أنَّ لا يمكن لأي قوة أن تغير كلمات الله. لماذا أقول هذا. لأنَ كلمات الله لها سلطان، ولا يمكن تجاوزها بأي نظرية دنيوية أو فلسفة أو معرفة أو حجة أو فكرة أو رأي؛ هذا هو المعنى العملي لأنَّ كلمات الله لها سلطان، وهذا يظهر بوضوح في جميع مَن يتبعون الله. لكلمات الله سلطان ويمكنها تغيير قلوب الناس وخواطرهم. الأهم من ذلك أنها تستطيع أن تطهر الشخصيات الفاسدة التي غرسها الشيطان في أعماق قلوب الناس وأن تبددها؛ هذه هي قوة كلمات الله. ثمة شيء آخر بالطبع، وهو أنه ينبغي للناس أن يعرفوا حكمة الله. إنَّ حكمة الله تتدفق في كل جزء صغير من عمله. ليس ذلك في ثنايا الكلمات التي يتحدث بها الله وبين سطورها فحسب، بل في الطريقة التي يتحدث بها الله أيضًا، وفي الأشياء التي يقولها، والمواقف التي يتخذها في أقواله، وحتى في نبرة حديثه؛ يمكن رؤية حكمة الله في كل شيء. ما الجوانب التي تظهر فيها حكمة الله؟ أحد هذه الجوانب أنه يمكن رؤية حكمة الله في كل كلمة يتحدث بها، وثمة جانب آخر هو أنه يمكن ظهور حكمة الله في الطرق المتشعبة التي يتحدث بها، ومن الجوانب الأخرى أنه يمكن رؤية حكمة الله في الطرق المختلفة التي يعمل بها في الناس، ويمكن رؤيتها أيضًا في هؤلاء الذين يتبعون الله، وهو يقودهم. لذا، يمكننا بالطبع القول إنَّ حكمة الله تتدفق في كلماته وفي عمله أيضًا. وإضافةً إلى ظهور حكمة الله في كلماته، يمكن للناس أيضًا أن يستوعبوها استيعابًا عميقًا من خلال البيئات المختلفة وأوضاع المسائل المختلفة التي يقابلونها. إنَّ كلمات الله تسمح للناس بتلقي الإعالة المناسبة في أي وقت وفي أي مكان. يمكن لله أن يساعدك في أي وقت ومكان، وأن يدعمك ويعولك في أي وقت ومكان، وأن يمكِّنك من أن تضع خلفك حالتك السلبية في أي وقت ومكان، وأن يجعلك قويًا لا ضعيفًا بعد ذلك. في أي وقت ومكان، يمكن لله أن يغير أفكارك والطريقة التي تفكر بها، وأن يمكِّنك من التخلي عن الأشياء التي تعتقد أنها صحيحة والأشياء التي هي من الشيطان، وأن تخلع عنك شخصياتك الشيطانية وتتوب إلى الله، وأن تتصرف وتمارس بما يتفق مع متطلبات الله وكلماته. هذا جانب واحد. علاوةً على ذلك، يعمل الله بطرق كثيرة مختلفة في جميع مَن يتبعونه ومن يحبون الحق وكلمات الله. ففي بعض الأحيان، يمنح النعمة، وفي أحيان أخرى يمنح الكشف والنور. وبالطبع سيؤنب الله الناس في بعض الأحيان ويؤدبهم لكي يحملهم على إصلاح طرقهم وعلى الشعور بلوم الذات في أعماق قلوبهم، وعلى أن يشعروا حقًا بأنهم مدينون لله وبالندم، ولكي يحملهم على أن يتوبوا؛ ومن ثمَّ يهجرون الشر الذي يفعلونه ولا يعودون يتمردون على الله أو يتصرفون مثلما يحلو لهم أو يتبعوا الشيطان، وإنما يمارسون وفق الطريق الذي اختاره الله لهم. إنَّ عمل الله يتحقق في الإنسان؛ أو على وجه أكثر تحديدًا، يتحقق عمل الروح القدس في الإنسان، والروح القدس يعمل في غالبية الناس بطرق مختلفة. وبصرف النظر عن الطريقة التي يعمل الروح القدس بها، يمكن للجميع بالطبع أن يختبروا الطرق المختلفة التي يعمل الروح القدس بها بدرجة أو بأخرى. يمكننا أن نرى من هذا أنَّ عمل الروح القدس وعمل الله، سواء أُنجِزا بطرق متعددة أو بطريقة واحدة، يمكن لكليهما تمكين الناس من استيعاب أنَّ عمل الله معونة للإنسان، وأنه ما يحتاج إليه الإنسان في جميع الأوقات والأماكن. إنه ليس مقيدًا بمكان ولا موقع جغرافي ولا زمان، ولا هو يلقي بحياة الناس العادية إلى الفوضى أو يربك خواطر الناس، ناهيك عن أن يحطم قاعدة وضعها الله للبشرية. إنما يعمل الروح القدس بهدوء فحسب على كل شخص من الأشخاص، مستخدمًا الكلمات لكي يخطرهم بوضوح ويعلمهم وينيرهم ويرشدهم، بينما يستخدم أيضًا طرقًا مختلفة للعمل على كل منهم، ممكِّنًا إياهم من أن يأتوا طبيعيًا ودون معرفة منهم، لكي يعيشوا تحت إعالة كلمات الله. وبعد عمل الله وعمل الروح القدس، تتغير شخصيات الناس بالطبع وتتحول خواطرهم دون أن يعوا هم ذلك، ويزداد إيمانهم بالله تدريجيًا. وفي جميع هذه التأثيرات التي تتحقق في الناس، لا بد من القول إنها تتحقق بقوة كلمات الله وحكمة عمله. وبالنسبة إلى أولئك الذين يتبعون الله الآن، فإنَّ الله يستخدم كلماته ليعمل فيهم ويقودهم ويعولهم، ولكلٍ منهم الحق والفرصة في الاستمتاع بهذه الأشياء. وإذا زاد عدد مَن يتبعون الله الآن بمقدار عشرة أضعاف أو عشرين أو حتى مائة ضعف، فإنه سيظل قادرًا على رعايتهم بالدرجة نفسها، وسيظل قادرًا على إكمال عمله. أما التأثيرات التي تحققت، فلا يمكن أبدًا تغييرها، وهذه هي حكمة الله.

يعبّر كلام الله عن جميع جوانب الحق ويوفّر ما تحتاج إليه البشرية جمعاء. يستخدم الله على الناس جميع أنواع أساليب العمل المختلفة من وجهات نظر مختلفة في أوقات مختلفة وبيئات مختلفة، لإرشادهم دون أن يدركوا ذلك ولتحقيق نتائج مختلفة على كل شخص. حتى لو كنت تفكر الآن: "أنا لا أفهم عن عمل الله كثيرًا وما زلت ضعيفًا جدًا الآن. لا يزال إيماني بالله ضئيلًا ولم تزدد معرفتي بالله كذلك. موقفي الحالي تجاه أداء واجبي يبدو فاترًا مثلما كان من قبل، وأشعر أنني لم أتقدم كثيرًا جدًا"، فثمة شيء واحد مؤكد: مهما كنت ضعيفًا، ومهما كان شعورك بمدى بعدك عن تلبية متطلبات الله، فإن كلام الله وعمله قد استحوذا بالفعل على قلبك. حتى إذا لم تكن شديد الاهتمام بالسعي إلى الحق، وحتى إذا كنت لا تدرك بعد الأهمية القصوى لنيل الخلاص، فإن حق كلام الله ومحتوى الكلام الذي ينطق به الله يعطيك الرجاء، ولديك في أعماق قلبك توقعات فيما يتعلق بعمل الله والحقائق التي يريد الله تحقيقها. بغض النظر عن مدى عظمة إيمانك الآن أو حجم قامتك، فلديك رجاء بالتأكيد. ما الذي يبينه هذا؟ كلام الله هو ما تحتاج إليه البشرية، وهو يوفّر ما تحتاج إليه البشرية، وقد استحوذ بالفعل على قلبك، وقد وصلت في أعماق قلبك إلى درجة ما من قبول كلام الله دون أن تعي ذلك. هذه الحقائق موجهة بالطبع نحو أولئك الذين لا يهتمون كثيرًا بالحق، والذين لديهم فهم غامض وغير واضح نسبيًا لعمل الله وخلاصه. أما أولئك الذين يؤمنون حقًا بالله ويمكنهم السعي إلى الحق، فليست هذه هي النتيجة الوحيدة التي تتحقق، بل يمكنهم أيضًا التوصل إلى معرفة الله والشهادة له. من خلال هذه الحقائق والمؤشرات يمكننا أن نرى أن أقوال الله وعمله كليهما مشبعان بقوة الله وسلطانه وحكمته. هذا يؤكد شيئًا آخر أيضًا: لقد خلق الله البشر، وعلى الرغم من أنهم يستطيعون الاستغناء عن ضوء الشمس وعن الماء وعن الهواء، فإنهم لا يستطيعون الاستغناء عن الله، ولا يمكنهم الاستغناء عن كلام الله، ولا يمكنهم الاستغناء عن إعالة الله لهم. إنَّ إرشاد الله وإعالته ورعايته وجميع الحقائق التي يعبر عنها الله، هي وحدها ما يمكن أن يعطي البشرية الرجاء والنور، وكذلك الأهداف والتوجيه لبقائها على قيد الحياة؛ وهذه أشياء رآها الناس. من خلال كشف الوضع الحقيقي لإفساد الشيطان للبشرية من حيث السلوك الأخلاقي وتشريحه، يجب أن يكون الناس قادرين على رؤية نوع السياق الذي يعمل فيه الله لتخليص الناس. إلى جانب إدراك الوضع الحقيقي للسياق الذي يعمل فيه الله، يجب على الناس أن يفهموا – بدرجة أكبر – مدى صعوبة عمل الله في تخليص البشرية، ومن خلال فهم مدى صعوبة ذلك، ينبغي أن يصبحوا عارفين بقوة الله وسلطانه وحكمته. لم يسرع الله لأن يخلِّص البشرية عندما بدأ الشيطان في إفسادها لأول مرة. لم يهرع لخلاص البشرية قبل أربعة آلاف سنة، أو قبل ستة آلاف سنة. إنما فعل الأشياء مثلما كان ينبغي القيام بها: من خلال إغواء الحية للبشرية وإفساد الشيطان لها، أصبحت غارقة في الخطية، ودُمرت الأرض بالطوفان. عندئذ استخدم الله الناموس لقيادة البشرية تدريجيًا، ومع تزايد عمق إفساد الشيطان للإنسان تدريجيًا، قام الله بعمل فداء البشرية بأن أخذ على عاتقه شبه الجسد الخاطئ ومن خلال صلبه. الآن، في الأيام الأخيرة، في الوقت الذي بلغ فيه إفساد الشيطان للبشرية إلى درجة أن أتلفها على نحو رهيب وأصبح الناس ممثلين للشيطان كليًا، يعبر الله بشكل رسمي وصريح عن كلامه للبشرية، ويعبر عما في قلبه، وآرائه ومواقفه فيما يتعلق بجميع أنواع الناس والأحداث والأشياء، وعن جميع الحقائق التي تحتاج إليها البشرية. في إطار مثل هذه الخلفية، يبدأ الله رسميًا في تزويد البشرية بما تحتاج إليه؛ إنه لا يزود البشرية بكل الحقائق في وضع تكون فيه البشرية جاهلة تمامًا. إنه تحديدًا عندما يكون الشيطان قد أفسد البشرية بعمق وعندما يظن الناس أن خلاصهم مستحيل، يأتي الله، وينطق بكلامه، ويؤدي عمله، ويمشي بين البشر ويعبر عن الكلام الذي يرغب في التعبير عنه، بينما لا يستخدم إلا التزويد بالكلام لإنجاز الحقائق التي يرغب في إنجازها. لا أحد قادر نسبيًا من بين البشرية المخلوقة يجرؤ على التصدي لتحدي القيام بهذا العمل، إذ يعتقد الناس أنه عمل صعب إلى حد كبير؛ عمل يستحيل إنجازه. على الرغم من ذلك، ففي هذا السياق بالتحديد، يطلق الله هذا العمل المتمثل في خطة تدبيره البالغة ستة آلاف عام، وهو عمل يستخدم الكلام لإنجاز كل الأشياء. هذه مهمة ضخمة، عمل غير مسبوق، بل إنه عمل يصنع عصرًا جديدًا، وعمل طويل الأمد. مهما كان مقدار ما يقوله شخص ما أو ماذا يقول أو جوهر كلامه، فلا أحد قادر على إنجاز ما يهدف كلامه إلى تحقيقه. كلام الله فقط هو الذي يمكن أن يُتمَّم، وكلامه فقط هو الذي يمكن أن يُنجَز وفقًا لما يطلبه الله ووفقًا لخطط فكره؛ وهذا أيضًا سلطان الله. ألا ينبغي للناس أن يفهموا هذه الأشياء؟ (بلى، ينبغي لهم ذلك). إذن، ما أهمية فهم هذه الأمور؟ من سيتكلم؟ (أحد الجوانب أنه يمكن للناس أن يفهموا إلى حد ما حكمة عمل الله وأن يفهموا أن عمل الله لا يتم على أولئك الجهلة الذين لم يفسدهم الشيطان. إنما يستخدم الله الشيطان في خدمته ويؤدي عمل الخلاص على أولئك الذين أفسدهم الشيطان بشدة. يظن الناس أن هذا العمل صعب للغاية، لكن كلام الله له بالفعل تأثير على الناس. علاوةً على ذلك، فعادة ما نتقيد في معظم الأحيان في سياق اختباراتنا، بشخصياتنا الفاسدة ولا يسعنا إلا أن نكشف عن فساد، ونصبح غير قادرين على ممارسة الحق، وأحيانًا يمكن أن نصبح سلبيين جدًا لدرجة أننا نفقد إيماننا. رغم ذلك، بعد أن نسمع شركة الله، يصبح لدينا إيمان بكلام الله ونفهم أن شخصياتنا الفاسدة يمكن أن تتغير ما دمنا نحب الحق ونقبله وأن شخصياتنا الفاسدة ليست ثابتة. إذا كان الشخص لا يحب الحق أو يقبله في جوهره، فلن يتمكن من تغيير شخصياته الفاسدة). ما تقوله مناسب ودقيق تمامًا.

يمكن لكلام الله أن ينجز كل الأشياء ويغير كل الأشياء. في الوقت نفسه، ينبغي أن يكون الناس قادرين على رؤية أن كلام الله له تأثير آخر عليهم: كل الأشياء تزول، لكن كلام الله وحده الذي لا يزول أبدًا، وسيعيش كلام الله إلى الأبد مثل الله نفسه. ماذا نرى من هذا؟ (نرى سلطان الله). نرى سلطان الله، وحكمة الله، ونرى القوة الظاهرة في كلامه. سيعيش كلام الله إلى الأبد، مثلما سيعيش هو، لأنه يمثل حياته وجوهره وشخصيته. بمَ يخبرك هذا؟ يخبرك بأن كلام الله مهم جدًا للبشرية. مهما يكن ما تحصل عليه، فهو ليس كنزًا حقيقيًا. سواء حصلت على سبيكة ذهبية أو جوهرة نادرة وثمينة من جواهر العالم، فليست هذه بالكنوز الحقيقية. حتى لو حصلت على إكسير الحياة، فإنه لا يستحق قرشًا. حتى لو نجحت في ممارسة تنمية الذات وتمكنت من الطيران إلى السماء، فلن تعيش بالضرورة إلى الأبد، وذلك لأنك كائن مخلوق، والله قدَّر كل شيء، ولا أحد يستطيع الهروب من سيادة الله. كل الأشياء تزول، لكن كلام الله وحده الذي لا يزول أبدًا، وسيعيش كلام الله إلى الأبد مثل الله نفسه. ما فائدة معرفة هذا الكلام؟ إذا كنت لا تسعى إلى الحق وليس لديك محبة للحق أو لإنصاف الله وبره، فربما لا تكون مهتمًا بهذا الكلام أو بهذه الحقيقة. لكن إذا كنت تحب إنصاف الله وبره، وتحب الحق، وتحب الأشياء الإيجابية، فستهتم بهذه الكلمات اهتمامًا عميقًا؛ ومن ثم ستحفر هذه الحقيقة وهذه الكلمات في أعماق قلبك. ما هي هذه الكلمات؟ كل الأشياء تزول، لكن كلام الله وحده الذي لا يزول أبدًا، وسيعيش كلام الله إلى الأبد مثل الله نفسه. يجب أن تحفظوا هذه الكلمات في قلوبكم وتتدبرونها في أوقات فراغكم. هذه الكلمات مهمة جدًا. أخبروني، ماذا تربحون منها؟ (يا الله، أنا أفهم شيئًا. يقول كلام الله: "كل الأشياء تزول، لكن كلام الله وحده الذي لا يزول أبدًا". في بعض الأحيان تتغير الأمور في العالم الخارجي، وعندما نواجه مثل هذه الظروف، ستتغير حالتنا وسيتغير أيضًا تصميمنا على اتباع الله. يصبح من الصعب علينا تجنب الشعور بالسلبية والضعف، لكن عندما نفكر في كلام الله هذا والوعود التي قطعها الله لنا في البداية، وأن الله قال إنه يريد أن يربح مجموعة من الناس يكونون قلبًا وعقلًا واحدًا معه، تغمر القوة والإيمان قلوبنا. لا نعود متأثرين بالظروف في العالم الخارجي، ويكون لدينا إيمان باتباع الله وأداء واجباتنا). هذه الكلمات تعطيكم مسارًا للممارسة؛ فما نوع مسار الممارسة الذي تعطيكم إياه؟ ليس الهدف هو السعي إلى أي شيء في العالم المادي أو الاعتزاز به؛ هذه الأشياء فارغة. كل الأشياء مثل الشهرة، والربح، والمنصب، والمتعة المادية التي أمام عينيك، وجمال النساء، وهوية الرجال ومكانتهم هي أمور مؤقتة، تضيع في غمضة عين، ولا جدوى من الاعتزاز بهذه الأشياء. ماذا أعني بالقول إنه لا جدوى منها؟ أعني أن هذه الأشياء لا يمكنها أن تلبي سوى الاحتياجات اللحظية، وميول جسدك ورغباته، أو مزاجك وعواطفك، وما إلى ذلك، لكنها لا يمكن أن تلبي احتياجاتك الروحية. عندما تشعر روحك بالجوع والعطش والفراغ، لا شيء في العالم المادي يمكن أن يلبي احتياجاتك الروحية أو يملأ ما في أعماق قلبك من فراغ، ولهذا فإن السعي إلى هذه الأشياء لا طائل من ورائه. ما الذي يمكنه أن يرضيك إذن ويملأ الفراغ الكامن في أعماق قلبك؟ عندما تقرأ كلام الله وتفهم الحق، تُثرى أعماق قلبك وتتمتع بالسلام والسعادة، ويشعر قلبك بالرضا والراحة. إذا تابعت السعي بهذه الطريقة، فعندما يصبح كلام الله حياتك، لا أحد يستطيع أن يأخذ حياتك منك ولا يمكن لأحد أن يدمرها. بماذا ستشعر عندما لا يقدر أحد على أن يأخذ حياتك منك أو يدمرها؟ لن تعود تشعر بالفراغ، ولن تعود تشعر بالضياع أو الخوف أو عدم الارتياح بينما تعيش في هذا العالم، لأن كلام الله سيكون في داخلك، يرشدك ويعولك، مما يتيح لك العيش بهدف وتوجيه. ستعيش كل يوم بمعنى وقيمة. هذا ما يشعر به الناس فعلًا. فكيف تتحقق هذه النتيجة الإيجابية التي يشعر بها الناس فعلًا؟ (إنها تتحقق في الناس بكلام الله عندما يمارسون كلامه). هذا صحيح؛ حالما يقبل الناس كلام الله بوصفه حياتهم، تتحقق هذه النتيجة فيهم؛ فتتغير حياتهم، وتتغير طريقة معيشتهم، وتختلف وجهات نظرهم حول الناس والأشياء، وتختلف الطريقة التي يرون بها الناس والأشياء، ومن ثمَّ فإن سعيهم يختلف. لا يعودون يسعون إلى تلك المتع الجسدية والمكافآت المادية، أو الشهرة، أو الربح، أو المنصب. إن السعي إلى الأشياء التي يميل إليها جسد المرء لا يمكن أن يولِّد لديه إلا شعورًا متزايدًا بالملل والفراغ وعدم الارتياح والألم. لكن حالما يشغل كلام الله قلب المرء، يصبح الحق حياته من داخله، ويتغير جوهره وحياته الداخليين، وبالتالي يشعر شعورًا مختلفًا. مشاعره وميوله وعواطفه المختلفة وأهدافه في الحياة وتوجهه في السعي وقواعد العيش التي يتبناها؛ كل ذلك يصبح مختلفًا تمامًا. يتغير سعيه؛ فيستطيع السعي إلى الحق وطلب معرفة الله، ويصبح قادرًا على العيش وفقًا للطريقة التي يتطلب منه الله أن يعيش بها. الناس الذين يحققون هذا لا يواجهون التداعي والموت والدمار، بل يحصلون على حياة حقيقية، حياة ليست عرضة للتداعي. ماذا أعني عندما أقول إنها ليست عرضة للتداعي؟ أعني أن هذه الحياة داخل هؤلاء الناس لن تختفي، ولن تسقط، ولن تتلاشى، ولن تتدهور، ولن يواجهوا الدمار مثلما واجهوه من قبل. وبهذه الطريقة، ألا تتغير حالة وجودهم الراهنة واحتمالات بقائهم على قيد الحياة؟ من الواضح أن احتمالات بقائهم على قيد الحياة تخضع لتغيير. ما هو السبب في أن الحياة البشرية تتلاشى وتذبل وتتداعى وتنتهي وتُدمر؟ يحدث ذلك لأن الناس لا يأخذون كلام الله باعتباره حياتهم، وسواء عاش الشخص مائة عام، أو مائتين، أو ثلاثمائة، أو ألف، فإنَّ القواعد التي يحيا بها ونظرته للحياة ومعنى حياته، لن تتغير. فما الذي يعيش لأجله فعلًا هؤلاء الناس الذين يعيشون بهذه الطريقة؟ إنهم يعيشون كليًا لغرض إشباع أجسادهم. وما الذي يسعى إليه جسد الإنسان؟ أشياء مثل الثروة والشهرة والربح والمتع المادية، وهذه هي تحديدًا الأشياء التي تتعارض في نظر الله مع الحق، والتي يزدريها الله. ولهذا يوجد حد زمني لسماح الله للناس بالسعي إلى هذه الأشياء والاستمتاع بها. إنَّ حياة الإنسان الواحدة يمكن أن تستمر ستين عامًا أو سبعين أو ثمانين أو تسعين، ثم تنتهي، وثمة جولة جديدة من الميلاد الجديد عند كل نهاية، وهذا ما يحدث في دورة حياة الإنسان. لو لم يحدد الله هذا الحد الزمني مسبقًا، ألن يسأم الناس العيش بعد البقاء على قيد الحياة لفترة طويلة؟ عندما يكون الناس في العشرينات من العمر، يشعرون كل يوم أن الأشياء جديدة وجميلة وسعيدة؛ وعندما يصلون إلى الأربعينات من العمر، يشعرون أن تناول ثلاث وجبات في اليوم والنوم ليلًا طريقة مملة للعيش؛ وعندما يصلون إلى الستينات من العمر، يشعرون وكأنهم يفهمون كل شيء، وأنهم قد نعموا ببعض البركات، وعانوا من بعض المشقة، وأنه لم يعد هناك ما يثير الاهتمام. يشرعون في عملهم كل يوم عندما تشرق الشمس ويستريحون عندما تغرب الشمس، وينتهي اليوم في لمح البصر. تبدأ كل وظائفهم الجسدية في التدهور، وذلك مختلف تمامًا عما كانوا عليه عندما كانوا في العشرينات من العمر، وهذا عندما تقترب نهايتهم. عندما تقترب نهاية شخص ما، فهذا لا يعني أن روحه ستنتهي، بل يعني أن جسده ستحل نهايته قريبًا. عادةً يموت الناس عندما يصلون إلى الستينات من العمر أو السبعينات أو الثمانينات، وقد يصل البعض ممن تطول أعمارهم إلى أن يتجاوزوا مائة عام على الأكثر. يرد في أحد الأقوال المأثورة: "يختار أن يشنق نفسه مَن عاش حياةً طويلة جدًا، فقد سَئِمَ الحياة". عندما يعيش شخص ما لفترة طويلة، يسأم الحياة، ولا يعود راغبًا في العيش، وتصبح الحياة بلا معنى بالنسبة إليه. لماذا يشعر أن الحياة لا معنى لها؟ ثمة وضع حقيقي هنا، وهو أن الناس يعيشون في أجسادهم ويأكلون ثلاث وجبات في اليوم ويقومون بأعمالهم اليومية، كل يوم تمامًا كسابقه، يفعلون الأشياء نفسها، ويعيشون الحياة نفسها، وعندما يصلون إلى نقطة معينة، يصبح الناس عارفين هذه الأشياء معرفةً تامة. يشعرون أنهم رأوا كل ما ينبغي لهم رؤيته، وتذوقوا كل ما ينبغي لهم تذوقه، واختبروا كل ما ينبغي لهم اختباره. إنهم يشعرون أنَّ هذه هي الحياة فحسب، وأنه ليس لديهم ما يأملون فيه، ولا شيء يتطلعون إليه، وأن حياتهم فارغة وسرعان ما سيلقون نهايتهم. أليس هذا هو الحال؟ (إنه كذلك). هذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور.

لقد تحدثنا للتو عن الكلمات: "كل الأشياء تزول، لكن كلام الله وحده الذي لا يزول أبدًا، وسيعيش كلام الله إلى الأبد مثل الله نفسه". هذه الكلمات تخبر الناس حقيقة أن كلام الله مهم جدًا للبشرية، كما أنها تخبر الناس بأهدافهم واتجاههم في الممارسة، وأنه لا يمكن لأي سعي وراء أي شيء أن يكون بديلًا عن ربح الإنسان ولو سطر واحد من كلام الله. هذا لأن كل الأشياء لا بد أن تزول، وكل الأشياء لا بد أن تتلاشى وتذبل وتضعف بمرور الوقت، وكلام الله وحده لن يزول أبدًا. لذلك، إذا ربحت كلام الله ودخلت واقع كلام الله، بمعنى أنك فهمت الحق ودخلت واقع الحق، فستصبح لديك قيمة بسبب كلام الله والحق، وسيصبح جوهرك مختلفًا عما كان عليه من قبل. يقول البعض: "وما أهمية أن يصبح جوهري مختلفًا؟" لست أقصد الاختلاف بمعناه العادي، بل سيصبح مختلفًا بشكل هائل، لأنك ستتمكن من أن تجعل كلام الله حياتك؛ وتمامًا مثل كلام الله، فإنك لن تزول وسيصبح لك حياة أبدية تمامًا مثل الله، وسيكون لديك أبدية بعدها ومستقبل وغاية. والآن، من خلال النظر إلى ما سيحدث في المستقبل، هل كلام الله ليس مهمًا للإنسان؟ (بلى، إنه مهم). إنه مهم للغاية! كيف ينبغي لك السعي حالما تفهم أن كلام الله مهم؟ ما الذي يجب أن تسعى إليه وله قيمة ومعنى؟ هل يجب عليك السعي إلى بذل المزيد من الجهد، والمعاناة بدرجة أكبر، ودفع ثمن أكبر، والانشغال بأداء واجبك بدرجة أكبر؟ أم يجب عليك دراسة المهارات المهنية أكثر، وأن تسلِّح نفسك بمزيد من التعاليم وتعظ أكثر؟ (لا شيء من هذه الأشياء). إذن ما هو أنفع ما تسعى إليه؟ أنتم جميعًا تعرفون الإجابة، إنها واضحة تمام الوضوح بالنسبة إليكم: إن نيل كلام الله هو السعي الأكثر قيمة ومعنى. "كل الأشياء تزول، لكن كلام الله وحده الذي لا يزول أبدًا، وسيعيش كلام الله إلى الأبد مثل الله نفسه". تذكر هذا الكلام في قلبك ويجب ألا تنساه أو تتجاهله في أي وقت. عندما تشعر بالسلبية والضعف، وعندما تشعر بأنه لا أمل لك، وعندما تعترض المحن طريقك، وعندما تُستبدَل في واجبك، وعندما تهذَّب، عندما تعاني من العقبات والإخفاقات، وعندما توبخ وتُدان؛ أو على العكس من ذلك عندما تكون في قمة نجاحك، وعندما يجلك الناس ويمتدحونك أينما ذهبت، وما إلى ذلك؛ في أي وقت وفي أي موقف، يجب عليك دائمًا التفكير في هذا الكلام وأن تسمح له بجلبك أمام الله وطلب إعالة كلام الله لك في هذه اللحظة بالذات، والسماح لكلام الله بالمساعدة في تحريرك من محنك، وحل صعوباتك، وعلاج الارتباك الكامن في أعماق قلبك، وبأن يعيدك عن المسار الخطأ الذي تسلكه ويعالج تعدياتك وعنادك وتمردك وما إلى ذلك، وأن تسمح لكلام الله بحل كل مشكلة تواجهها. هذا الكلام مفيد لكم للغاية! عندما تنسى ما هي مسؤولياتك وواجباتك، وعندما تنسى المبادئ التي يجب أن تحافظ عليها، وعندما تنسى الموقف والمنظور الذين يجب أن تتخذهما وتنسى هويتك ومكانتك، فكر في هذا الكلام. سيجلبك هذا الكلام أمام الله، وسيجلبك إلى كلام الله، وسيجعلك تفهم ما هو مقصد الله في هذه اللحظة بالذات، وسيحملك على اتخاذ وجهة النظر الصحيحة والرأي والمنظور الصحيحين للنظر إلى نفسك وإلى الآخرين، وكذلك الأحداث والبيئات التي تقابلها. بهذه الطريقة، وبتوجيه من الله، وإعالة كلام الله واستنارته ومعونته، لا يمكن لأي مشكلة أن تعيقك ولا أن تعرقل سعيك إلى الحق وتوقف خطواتك نحو الأمام. أليس هذا هو طريق الممارسة؟ (إنه كذلك). الدرس الذي يجب أن تتعلموه الآن هو عدم التذمر والشكوى والالتزام بالقواعد، وعدم البحث عن الطرق البشرية عند مواجهة المشكلات، بل أن تأتي أمام الله وتسعى إلى الحق، وتطلب مساعدة الله، وتسمح لكلام الله بإعالتك وحل كل صعوبة لديك؛ هذا هو الدرس الذي يجب أن تتعلموه. عند هذه النقطة سننهي شركتنا حول موضوع فهم إطلاق الله لأهم عمل في خطة تدبيره على خلفية إفساد الشيطان العميق للبشرية؛ ففي النهاية، الأمر كله يعود إلى كلام الله. أيًا كانت الطريقة التي نعقد بها الشركة، آمل في النهاية أن يتمكن الناس من الدخول في واقع حق كلام الله وألا يكتفوا فقط بمعرفة كيفية الوعظ بالكلام والتعاليم، أو دراسة النظرية اللاهوتية أو الانخراط في المراسم الدينية كل يوم. إن الدخول إلى حق كلام الله هو الدرس الأكثر إلحاحًا لدخول الحياة الذي يجب أن يتعلمه الناس.

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.