استعادة الحياة الصحيحة للإنسان وأخذه إلى غاية رائعة

يفهم الإنسان القليل من عمل اليوم وعمل المستقبل، لكنه لا يفهم الغاية التي ستؤول إليها البشرية. يجب على الإنسان كمخلوق أداء الواجب المطلوب من مخلوق: وهو أنه ينبغي عليه كإنسان أن يتبع الله في كل ما يفعل، وينبغي عليكم المضي قدمًا في أي طريق أطلب منكم أن تسيروا فيه. ليس لديك القدرة على تدبّر الأمور بنفسك، وليس لك سيادة على نفسك؛ فيجب أن تترك كل شيء لترتيب الله، فهو يمسك بكل شيء في يديه. إذا كان عمل الله يقدم للإنسان نهاية، وغاية رائعة، قبل الأوان، وإذا استخدم الله هذا لجذب الإنسان وحثه على أن يتبعه – أي إذا أبرم صفقة مع الإنسان – فإن هذا لن يكون إخضاعًا، ولن يكون عملاً في حياة الإنسان. لو استخدم الله نهاية الإنسان للسيطرة عليه وكسب قلبه، فإن هذه ليست الطريقة التي يُكمِّل بها الإنسان، ولن يكون قادرًا بها على اقتناء الإنسان، ولكن بدلاً من ذلك سيكون قد استخدم الغاية للسيطرة عليه. لا يهتم الإنسان بشيء أكثر من النهاية المستقبلية، والغاية النهائية، وما إذا وُجد شيء جيد يرتجي حدوثه. إذا مُنح الإنسان رجاءً جميلاً أثناء عمل الإخضاع، وإذا مُنح، قبل إخضاعه، الغاية المناسبة ليسعَ إليها، فلن يقتصر الأمر على عدم تحقيق تأثير عمل إخضاع الإنسان فحسب، ولكن سينعكس ذلك على تأثير العمل أيضًا. وهذا يعني أن عمل الإخضاع يحقق أثره بإبعاد مصير الإنسان وتطلعاته، وتوبيخ شخصية الإنسان المتمردة ودينونتها. لا يتحقق ذلك من خلال إبرام صفقة مع الإنسان، أي من خلال منح الإنسان بركات ونعمة، ولكن بالأحرى من خلال الكشف عن إخلاص الإنسان بتجريده من "حريته" والقضاء على تطلعاته. هذا هو جوهر عمل الإخضاع. إذا أُعطي الإنسان رجاءً جميلاً في البداية، وأُجري عمل التوبيخ والدينونة بعد ذلك، فإن الإنسان سيقبل هذا التوبيخ وتلك الدينونة على أساس أنه كان يحظى بتطلعات، وفي النهاية، لا تتحقق الطاعة غير المشروطة للخالق وعبادته من كل مخلوقاته؛ ولن توجد سوى طاعة عمياء وجاهلة، وإلا فسيطلب الإنسان مطالب دون تبصُّر من الله، ويكون من المستحيل إخضاع قلب الإنسان إخضاعًا تامًا. ومن ثمَّ، يكون من المستحيل على عمل الإخضاع هذا اقتناء الإنسان، أو، بالإضافة إلى هذا، الشهادة لله. لن تكون هذه المخلوقات قادرة على أداء واجبها، وفقط ستعقد صفقات مع الله؛ ولكن لن يكون هذا عمل إخضاع، بل عمل رحمة وبركة. إن أكبر مشكلة تواجه الإنسان هي أنه لا يفكر في شيء سوى مصيره وتطلعاته ويعبد هذه الأشياء. يسعى الإنسان إلى الله من أجل مصيره وتطلعاته؛ ولا يعبد الله بسبب محبته له. وهكذا، في عمل إخضاع الإنسان، يجب التعامل مع أنانية الإنسان وجشعه والأشياء التي أشدّ ما تعيق عبادته لله وهكذا تُباد. وبذلك، ستتحقق آثار إخضاع الإنسان. ونتيجة لذلك، فإنه في المراحل الأولى من إخضاع الإنسان يكون من الضروري تطهير طموحاته الجامحة وأوجه ضعفه القاتلة، ومن خلال ذلك، تظهر محبة الإنسان لله، وتتغير معرفته بحياته، ونظرته إلى الله، ومعنى وجوده. بهذه الطريقة، تتطهر محبة الإنسان لله، وهذا يعني أن قلب الإنسان قد أُخضع. لكن في موقف الله تجاه كل المخلوقات، فإنه لا يُخضعها بغرض الإخضاع فحسب؛ بل بالأحرى يخضعها أيضًا من أجل اقتناء الإنسان، ومن أجل مجده، ومن أجل استعادة الصورة الأصلية الأولى للإنسان. لو كان هدفه الإخضاع من أجل الإخضاع، فستضيع أهمية عمل الإخضاع. وهذا يعني أنه إذا تخلى الله عن الإنسان بعد إخضاعه، ولم يكترث بحياة الإنسان أو مماته، فهذا ليس تدبير البشرية، ولا يكون الهدف من إخضاع الإنسان هو خلاصه. إن ربح الإنسان فقط بعد إخضاعه ووصوله النهائي إلى غاية رائعة هو صميم كل عمل الخلاص، ولا يمكن إلا لهذا أن يحقق هدف خلاص الإنسان. بعبارة أخرى، فإن وصول الإنسان إلى الغاية الجميلة ودخوله إلى الراحة وحدهما هما التطلعان اللذان ينبغي أن يمتلكهما جميع المخلوقات، والعمل الذي ينبغي أن يعمله الخالق. إذا كان الإنسان هو مَنْ سيقوم بهذا العمل، فإنه سيكون محدودًا جدًا: فقد يأخذ الإنسان إلى نقطة معينة، ولكنه لن يتمكن من الإتيان بالإنسان إلى الغاية الأبدية. لا يستطيع الإنسان أن يقرّر مصير الإنسان، كما لا يمكنه ضمان تطلعات الإنسان وغايته المستقبلية. إن العمل الذي يعمله الله مختلف. منذ أن خلق الله الإنسان وهو يقوده؛ وبما أنه يُخلِّص الإنسان، فإنه سيخلِّصه خلاصًا تامًا، وسيقتنيه اقتناءً تامًا؛ وبما أنه يقود الإنسان، فإنه سيأتي به إلى الغاية المناسبة؛ ولأنه خلق الإنسان ويدبِّر أمره، فإنه يتحمل مسؤولية مصير الإنسان وتطلعاته. هذا هو العمل الذي عمله الخالق. ومع أن عمل الإخضاع يتحقق من خلال تطهير الإنسان من تطلعاته، فيجب أن يؤتى بالإنسان في النهاية إلى الغاية المناسبة التي أعدها له الله. ولأن الإنسان هو بالتحديد فلاحة الله، فإنه يحظى بغاية، ومصيره مضمون. إن الغاية المناسبة المُشار إليها هنا ليست آمال الإنسان وتطلعاته التي تطهّرت في الأوقات الماضية؛ فالاثنان مختلفان. تلك الأمور التي يرتجيها الإنسان ويسعى إليها هي اشتياقات ناجمة عن سعيه وراء رغبات الجسد المبالغ فيها، وليس للغاية التي يستحقها الإنسان. ومع هذا، فإن ما أعده الله للإنسان هو البركات والوعود التي يستحقها الإنسان بمجرد أن يصير نقيًا، والتي أعدها الله للإنسان بعد خلق العالم، والتي لا يلوثها اختيارات الإنسان أو تصوراته أو خيالاته أو جسده. هذه الغاية ليست مُعَدة لشخص معين، بل هي موضع راحة جميع البشر. ومن ثمَّ، فهذه الغاية هي الغاية الأنسب للبشرية.

ينوي الخالق تنظيم جميع كائنات الخليقة. يجب ألا تتجاهل أو تعصي أي شيء يفعله، ولا يجب أن تكون متمردًا عليه. وعندما يحقق العمل الذي يعمله سيحقق أهدافه في النهاية، فإنه بهذا يتمجَّد. لماذا لا يُقال اليوم إنك نسل موآب، أو ذرية التنين الأحمر العظيم؟ لماذا لا يوجد حديث عن أشخاص مختارين، ولا حديث إلا عن كائنات مخلوقة؟ كائن مخلوق – كان هذا هو العنوان الأصلي للإنسان، وهذه هي هويته الفطرية. ولا تختلف الأسماء إلا بسبب اختلاف العصور وفترات العمل؛ في الواقع، الإنسان مخلوق عادي. يجب أن تؤدي جميع المخلوقات، سواء أكانت الأكثر فسادًا أم الأكثر قداسة، واجبها ككائنات مخلوقة. عندما ينفّذ الله عمل الإخضاع، فإنه لا يسيطر عليك باستخدام تطلعاتك أو مصيرك أو غايتك، فلا توجد في الواقع حاجة للعمل بهذه الطريقة؛ فالهدف من عمل الإخضاع هو دفع الإنسان ليقوم بواجبه ككائن مخلوق، وأن يعبد الخالق؛ بعدها فقط يمكنه أن يدخل الغاية الرائعة. إن يديّ الله تتحكمان في مصير الإنسان. فلا يمكنك التحكم في نفسك: ومع أن الإنسان يهرع وينشغل دائمًا من أجل نفسه، إلا أنه يبقى غير قادر على السيطرة على نفسه. إذا كنت تستطيع معرفة تطلعاتك الخاصة، وإن كان بإمكانك التحكم في مصيرك، فهل كنت ستبقى كائنًا مخلوقًا؟ باختصار، وبغض النظر عن الكيفية التي يعمل بها الله، فإن كل عمله هو من أجل الإنسان. على سبيل المثال، خذ السماء والأرض وكل الأشياء التي خلقها الله لخدمة الإنسان: القمر والشمس والنجوم التي صنعها للإنسان، والحيوانات والنباتات، والربيع والصيف والخريف والشتاء، وغيرها – جميعها مخلوقة من أجل وجود الإنسان. وهكذا، وبغض النظر عن الكيفية التي يوبِّخ الله بها الإنسان ويدينه، فإن هذا جميعه من أجل خلاص الإنسان. ومع أنه يجرّد الإنسان من آماله الجسدية، فإن هذا من أجل تطهير الإنسان، ويحدث تطهير الإنسان لعله يبقى. إن غاية الإنسان في يديّ الخالق، فكيف يمكن للإنسان أن يتحكم في نفسه؟

سوف يُؤتى بالإنسان إلى عالم جميل حالما يكتمل عمل الإخضاع. ستكون هذه الحياة بالطبع على الأرض، لكنها لن تكون مشابهة بأي صورة من الصور لحياة الإنسان اليوم. إنها الحياة التي ستعيشها البشرية بعد أن تُخضَع بأسرها، وستكون بداية جديدة للإنسان على الأرض، وهكذا عندما تحيا البشرية مثل هذه الحياة، فسيكون هذا دليلاً على أن البشرية قد دخلت عالمًا جديدًا وجميلاً. ستكون بداية حياة الإنسان والله معًا على الأرض. يجب أن تكون المقدمة المنطقية لهذه الحياة الجميلة هي أن الإنسان سيخضع أمام الخالق بعد تطهيره وإخضاعه. وهكذا، فإن عمل الإخضاع هو المرحلة الأخيرة من عمل الله قبل أن يدخل الإنسان الغاية الرائعة. مثل هذه الحياة هي حياة الإنسان المستقبلية على الأرض، إنها أجمل حياة على الأرض، نوعية من الحياة يشتاق إليها الإنسان، نوعية لم يتمتع بها الإنسان من قبل في تاريخ العالم. إنها المُحصّلة النهائية بعد ستة آلاف سنة من عمل التدبير؛ وهي أهم ما يتوق إليه البشر، وهي أيضًا وعد الله للإنسان. لكن هذا الوعد لا يمكن أن يتحقق على الفور: فالإنسان لن يدخل إلى الغاية المستقبلية إلا بعد اكتمال عمل الأيام الأخيرة وإخضاعه إخضاعًا تامًا، أي بمجرد هزيمة الشيطان هزيمة ساحقة. بعدما يتنقَّى الإنسان، سيتخلَّص من طبيعته الآثمة، لأن الله سيكون قد هزم الشيطان، مما يعني أنه لن يوجد أي تعدٍ من قوى معادية، ولا قوى معادية يمكنها مهاجمة جسد الإنسان على الإطلاق. وهكذا سيكون الإنسان حرًا ومقدسًا – وسيكون قد دخل الأبدية. لن يكون الإنسان حرًا حيثما ذهب، إلا إذا أُمسكت قوى الظلام المعادية في القيود، وهكذا سيكون الإنسان بلا تمرد أو معارضة. لا بد من تقييد الشيطان بالعبودية، وستكون كل أمور الإنسان على ما يرام، ويرجع وجود الوضع الراهن إلى أن الشيطان ما زال يثير المشاكل في كل مكان على وجه الأرض، ولأن عمل تدبير الله بأكمله لم يصل بعد إلى نهايته. بمجرد هزيمة الشيطان، سيتحرر الإنسان بالكامل؛ وعندما يربح الإنسان الله ويخرج من تحت مُلك الشيطان، سوف يعاين شمس البر. سوف تُستعاد الحياة التي يستحقها الإنسان العادي؛ سوف يُستعاد كل ما يجب أن يمتلكه الإنسان العادي، مثل القدرة على تمييز الخير من الشر، وفهم كيفية تناول الطعام وتغطية نفسه، والقدرة على العيش بطريقة طبيعية. لو لم تكن حواء قد استجابت لإغواء الحية، لكان ينبغي على الإنسان أن يتمتع بمثل هذه النوعية من الحياة الطبيعية بعد أن خُلق في البداية. كان ينبغي عليه أن يأكل ويلبس ويعيش الحياة الإنسانية العادية على الأرض. ومع ذلك، بعد أن أصبح الإنسان فاسدًا، أصبحت هذه الحياة وهمًا يستحيل تحقيقه، وحتى اليوم لا يجرؤ الإنسان على تخيل مثل هذه الأمور. في الواقع، هذه الحياة الجميلة التي يشتاق إليها الإنسان هي ضرورة: إذا كان الإنسان بدون غاية من هذا القبيل، فإن حياته الفاسدة على الأرض لن تتوقف أبدًا، وإذا لم توجد حياة جميلة مثل هذه، فلن توجد نهاية لمصير الشيطان أو نهاية للعصر الذي يتسلَّط فيه الشيطان على الأرض. يجب أن يصل الإنسان إلى عالم لا يمكن لقوى الظلام أن تصل إليه، وعندما يفعل ذلك، سيثبت ذلك أن الشيطان قد هُزم. بهذه الطريقة، عندما لا يوجد أي إزعاج من الشيطان، سيضبط الله البشرية بنفسه، وسوف يقود حياة الإنسان بأسرها ويضبطها؛ وحينها فقط سيكون الشيطان قد هُزم بحق. حياة الإنسان اليوم في أغلبها حياة دنس؛ لا تزال حياة معاناة وضيق. لا يمكن أن تُسمى هذه هزيمة للشيطان؛ فلم يهرب الإنسان بعد من بحر الضيق، ولم يهرب بعد من مشقة حياة الإنسان أو تأثير الشيطان، ولا يزال لا يمتلك إلا معرفة ضئيلة عن الله. لقد تسبب الشيطان في كل مشقة الإنسان؛ فالشيطان هو الذي جلب معاناة إلى حياة الإنسان، ولن يستطيع الإنسان الهروب هروبًا كليًا من بحر الضيق إلا بعد أن يُقيد الشيطان في العبودية. ومع ذلك، يتحقق تقييد الشيطان من خلال إخضاع قلب الإنسان واقتنائه، بالفوز بالإنسان في المعركة مع الشيطان.

إن سعي الإنسان اليوم ليصبح غالبًا وكاملاً هما الأمران اللذان يسعى إليهما قبل أن يعيش الحياة الإنسانية العادية على الأرض، وهما الهدفان اللذان يسعى إليهما الإنسان قبل تقييد الشيطان في العبودية. من حيث المضمون، يعني سعي الإنسان ليصبح غالبًا وكاملاً، أو لاستخدامه استخدامًا عظيمًا، الهروب من تأثير الشيطان، بمعنى أن سعي الإنسان هو أن يصبح غالبًا، لكن المُحصِّلة النهائية ستكون هروبه من تأثير الشيطان. ولا يمكن للإنسان أن يحيا الحياة الإنسانية العادية على الأرض، أي حياة عبادة الله، إلا بالهروب من تأثير الشيطان. إن سعي الإنسان اليوم ليصبح غالبًا وكاملاً هما الأمران المطلوبان قبل أن يحظى بالحياة الإنسانية العادية على الأرض. السعي لهذين الأمرين هو في المقام الأول من أجل التطهير وممارسة الحق، ومن أجل عبادة الخالق. إذا امتلك الإنسان الحياة الإنسانية العادية على الأرض، أي حياة بدون مشقة أو ضيق، فلن ينشغل الإنسان بالسعي لأن يصبح غالبًا. "أن يصبح غالبًا" و"أن يصير كاملاً" هما الهدفان اللذان يعطيهما الله للإنسان، ومن خلال السعي وراء هذين الهدفين، فإنه يدفع الإنسان ليمارس الحق ويحيا حياة ذات معنى. والهدف هو تكميل الإنسان واقتناؤه، والسعي إلى أن يصبح غالبًا وكاملاً هو مجرد وسيلة. إذا دخل الإنسان في المستقبل إلى الغاية الرائعة، فلن توجد أية إشارة إلى أن يصبح غالبًا وينال الكمال؛ لن توجد سوى كائنات مخلوقة تؤدي واجباتها. واليوم، يُجبر الإنسان على السعي إلى هذه الأمور ببساطة من أجل تحديد نطاق للإنسان، بحيث يمكن أن يكون سعي الإنسان هادفًا وعمليًا بدرجة أكبر. وإلا عاش الإنسان وسط شرود يكتنفه الغموض، وسعى لدخول الحياة الأبدية، وإن كان الأمر كذلك، فهل سيكون الإنسان أكثر رعبًا؟ ألا يكون السعي بهذه الطريقة من دون أهداف أو مبادئ خداعًا ذاتيًا؟ أخيرًا، من الطبيعي أن يكون هذا السعي بلا ثمر؛ وفي النهاية، سيظل الإنسان يحيا تحت مُلك الشيطان، ولن يكون قادرًا على تحرير نفسه منه. لماذا يُخضع نفسه لمثل هذا السعي الذي بلا هدف؟ عندما يدخل الإنسان إلى الغاية الأبدية، فسيعبد الخالق، ولأن الإنسان قد نال الخلاص ودخل إلى الأبدية، فإنه لن يسعى لأي أهداف، بل ولن يحتاج إلى القلق لكونه محاصرًا من الشيطان. في هذا الوقت، سيعرف الإنسان موضعه، وسيؤدي واجبه، وحتى لو لم يجتز التوبيخ والدينونة، فسوف يؤدي كل شخص واجبه. في ذلك الوقت، سيكون الإنسان مخلوقًا من ناحية الهوية والحالة. لن يوجد تمييز بين مَنْ هو أعلى ومَنْ هو أدنى؛ بل سيؤدي كل شخص ببساطة وظيفة مختلفة. وهكذا، سيظل الإنسان يحيا في غاية منظمة ومناسبة للجنس البشري؛ وسيؤدي الإنسان واجبه من أجل عبادة الخالق، وستكون هذه البشرية هي التي ستصير البشرية في حالتها الأبدية. في ذلك الوقت، سيكون الإنسان قد نال حياة مستنيرة بالله، حياة في ظل رعاية الله وحمايته، حياة في معية الله. ستعيش البشرية حياة طبيعية على الأرض، وسيدخل جميع الناس إلى الطريق الصحيح. ستكون خطة التدبير التي دامت ستة آلاف سنة قد هزمت الشيطان تمامًا، مما يعني أن الله سيكون قد استرد الصورة الأصلية للإنسان عند خلقه، ومن ثمَّ فإن الهدف الأصلي لله سيكون قد تحقق. قبل أن يُفسد الشيطان البشرية، عاشت البشرية في البداية حياة طبيعية على الأرض. وعندما أفسد الشيطان الإنسان فيما بعد، فقد الإنسان هذه الحياة الطبيعية، وهكذا بدأ عمل تدبير الله، وبدأت المعركة مع الشيطان لاستعادة الحياة الطبيعية للإنسان. عندما ينتهي عمل تدبير الله الذي امتد لستة آلاف سنة، فحينها فقط ستبدأ حياة البشرية بأسرها رسميًا على الأرض، وحينها فقط سيحظى الإنسان بحياة رائعة، وسيستعيد الله غرضه من خلق الإنسان في البدء، وسيسترد أيضًا الصورة الأصلية للإنسان. وهكذا، عندما يحظى الإنسان بالحياة الطبيعية للبشر على الأرض، لن يسعى إلى أن يصبح غالبًا أو أن يصير كاملاً، لأنه سيكون مقدسًا. إن "الغالبين" و"نيل الكمال" اللذين يتحدث عنهما الناس هما الهدفان الممنوحان للإنسان ليسعَى إليهما خلال المعركة بين الله والشيطان، ووجودهما ليس إلا بسبب أن الإنسان قد فسد. إن هزيمة الشيطان تتحقق من خلال منحك هدفًا، ودفعك إلى السعي إلى هذا الهدف. فمطالبتك بأن تكون غالبًا أو أن تكون كاملاً أو أن تُستخدم يتطلب منك أن تقدّم شهادة حتى تخزي الشيطان. سيعيش الإنسان في النهاية الحياة الإنسانية العادية على الأرض، وسيكون الإنسان مقدسًا؛ وعندما يحدث هذا، هل سيظل الناس يسعون إلى أن يصيروا غالبين؟ أليسوا جميعًا كائناتٍ من الخليقة؟ عند الحديث عن كونك غالبًا ومكَمَّلًا فهذا الكلام موجه للشيطان، وضد دنس الإنسان. ألا تتعلق كلمة "غالب" بتحقيق الانتصار على الشيطان والقوى المعادية؟ عندما تقول إنك قد أصبحت كاملاً، فما الذي تكمَّل فيك؟ أليس الأمر هو أنك قد تجردت من الشخصيات الشيطانية الفاسدة حتى تتمكن من تحقيق المحبة الأسمى لله؟ تُقال مثل هذه الأشياء فيما يتعلق بالأمور الدنسة داخل الإنسان، وفيما يتعلق بالشيطان، وتُقال عن أمور تتعلق بالله.

إذا كنت لا تسعى الآن إلى أن تصبح غالبًا أو كاملاً، ففي المستقبل، عندما تعيش البشرية حياة طبيعية على الأرض، لن توجد فرصة لمثل هذا السعي. في ذلك الوقت، ستظهر نهاية كل نوع من الأشخاص. وستتضح في ذلك الوقت نوعيتك التي أنت عليها، وسيكون من المستحيل أن ترغب في أن تكون غالبًا أو كاملاً. وبسبب تمرد الإنسان فقط فإنه سيُعاقب بعد أن يكون قد كُشف. في ذلك الوقت، لن يكون لسعي الإنسان مكانة أعلى من الآخرين، لأن البعض سيكونون غالبين، والبعض الآخر كاملين، أو أن يكون البعض أبكار الله والآخرين أولاد الله. ولن يسعوا إلى هذه الأشياء. فجميعهم سيكونون مخلوقات الله، وسوف يعيشون على الأرض، حيث يعيشون جميعًا في معية الله على الأرض. الآن هو وقت المعركة بين الله والشيطان، إنه وقت لم تنته فيه هذه المعركة بعد، وهو وقت لم يُقتن فيه الإنسان بعد اقتناءً كاملاً؛ فهي فترة انتقالية. وهكذا، يتعيّن على الإنسان أن يسعى إلى أن يصبح إما غالبًا أو واحدًا من شعب الله. فيوجد اليوم فرق في المكانة، لكن عندما يحين الوقت لن توجد مثل هذه الفروق: ستكون حالة جميع أولئك الذين أصبحوا منتصرين هي الحالة نفسها، سيكونون جميعًا أعضاء مؤهلين من البشر وسيعيشون متساوون على الأرض، أي إنهم سيكونون جميعًا كائنات مخلوقة مؤهلة، وسيُمنح الشيء نفسه للجميع. ولأن أزمنة عمل الله مختلفة، وأهداف عمله مختلفة، فإن أُنجز هذا العمل فيكم، فستكونون مؤهلين لأن تصيروا كاملين وغالبين؛ ولكن إن أُنجز في الخارج، فسيكون الناس هناك هم المؤهلون ليصبحوا أول جماعة من الناس الذين يجتازون الإخضاع، وأول جماعة من الناس الذين يحظون بالكمال. واليوم، لا يتم هذا العمل في الخارج، لذا فالناس في البلدان الأخرى غير مؤهلين ليكونوا كاملين وغالبين، ومن المستحيل لهم أن يصبحوا الجماعة الأولى. ولأن هدف عمل الله مختلف، فإن زمن عمله مختلف، ونطاقه مختلف، توجد الجماعة الأولى، أي جماعة الغالبين، وكذلك ستوجد الجماعة الثانية التي ستنال الكمال. وبمجرد أن توجد الجماعة الأولى التي ستحظى بالكمال، سيوجد نموذج وعينة، وهكذا في المستقبل ستوجد جماعة ثانية وثالثة من أولئك الذين يناولون الكمال، ولكن في الأبدية سوف يكونون جميعهم متشابهين، ولن توجد تصنيفات بحسب الحالة. ببساطة، سيكونون قد نالوا الكمال في أوقات مختلفة، ولن يوجد اختلاف في الحالة. عندما يحين الوقت الذي يصير فيه الجميع كاملين، ويكون العمل في الكون بأسره قد انتهى، فلن يوجد أي تمييز في الحالة، وسيكون الجميع متساوين. واليوم، يتم هذا العمل بينكم حتى تصيروا أنتم الغالبين. لو تم ذلك في بريطانيا، لكانت الجماعة الأولى في بريطانيا، بالطريقة نفسها التي ستكونون بها أنتم الجماعة الأولى. وما الأمر سوى أنكم بوركتم بصفة خاصة بالنعمة بالطريقة التي يتم بها تنفيذ العمل فيكم اليوم، وما لم يتم هذا العمل فيكم، فستكونون الجماعة الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو الخامسة. هذا فقط بسبب الاختلاف في ترتيب العمل؛ لا يشير تعبير الجماعة الأولى والجماعة الثانية إلى أن المرء يحظى بمكانة أعلى أو أدنى من الآخر، بل يشير ببساطة إلى الترتيب الذي يحظى فيه هؤلاء الأشخاص بالكمال. اليوم تُقال هذه الكلمات لكم، ولكن لماذا لم تُبلغوا بها في وقت سابق؟ لأنه بدون وجود عملية محددة، يميل الناس إلى التطرف. على سبيل المثال، قال يسوع في زمنه: "مثلما رحلت، أعود أيضًا". واليوم، يُفتن الكثيرون بهذه الكلمات، ولا يريدون إلا أن يرتدوا الثياب البيض وينتظروا اختطافهم إلى السماء. وهكذا، توجد العديد من الكلمات التي لا يمكن أن تُقال قبل الأوان؛ وإذا قيلت قبل الأوان فسوف يميل الإنسان إلى التطرف. إن قامة الإنسان ضئيلة جدًا، وهو غير قادر على إدراك حقيقة هذه الكلمات.

عندما يصل الإنسان إلى حياة الإنسان الحقيقية على الأرض، وتتقيد قوى الشيطان بأكملها في عبودية، فسيعيش الإنسان بسهولة على الأرض. لن تكون الأمور معقدة كما هي اليوم: العلاقات الإنسانية والعلاقات الاجتماعية والعلاقات الأسرية المعقدة – جميعها تجلب إزعاجًا كبيرًا وألمًا جمًّا! فحياة الإنسان هنا بائسة جدًا! بمجرد أن يجتاز الإنسان الإخضاع، سيتغيَّر قلبه وعقله: سيكون له قلب يتقي الله ويحبه. حالما يجتاز الإخضاع جميع مَنْ في الكون من أولئك الذين يسعون إلى محبة الله، أي بمجرد هزيمة الشيطان، وبمجرد تقييد الشيطان في عبودية، أي كل قوى الظلام، فلن يكون في حياة الإنسان على الأرض اضطراب، وسيكون قادرًا على العيش بحرية على الأرض. إذا كانت حياة الإنسان خالية من العلاقات الجسدية ومن تعقيدات الجسد، فسيكون الأمر أسهل بكثير. إن علاقات الإنسان بالجسد معقدة للغاية، ومعنى أن يكون لدى الإنسان مثل هذه الأمور فهذا دليل على أنه لم يتحرر بعد من تأثير الشيطان. إذا كانت لديك العلاقة نفسها مع كل من إخوتك وأخواتك، وكانت لديك العلاقة نفسها أيضًا مع كلٍّ من أفراد عائلتك، فلن تكون لديك أي مخاوف، ولن تقلق بشأن أي شخص. لا شيء يمكن أن يكون أفضل، وبهذه الطريقة يُعفى الإنسان من نصف معاناته. عندما يعيش الإنسان حياة إنسانية طبيعية على الأرض، فسوف يكون مشابهًا لملاك؛ ومع كونه سيبقى في الجسد، إلا إنه سيكون مشابهًا للملائكة. هذا هو الوعد الأخير، الوعد الأخير الذي أُعطي للإنسان. يجتاز الإنسان اليوم التوبيخ والدينونة، فهل تعتقد أن اختبار الإنسان لمثل هذه الأمور لا معنى له؟ هل يمكن إتمام عمل التوبيخ والدينونة بلا سبب؟ قيل سابقًا إن توبيخ الإنسان ودينونته يعنيان طرحه في الهاوية، وهو ما يعني التخلي عن مصيره وتطلعاته. هذا من أجل شيء واحد: تطهير الإنسان. لا يُطرح الإنسان في الهاوية عمدًا، وبعدها يتبرأ الله منه. بل من أجل التعامل مع التمرد الذي بداخل الإنسان، بحيث يمكن في النهاية تطهير ما في داخل الإنسان فينال معرفة حقيقية بالله، ويكون مثل شخص مقدس. إذا تم ذلك، فسيكون كل شيء قد أُنجز. في الواقع، عندما يتم التعامل مع تلك الأشياء المقصود التعامل معها داخل الإنسان، ويشهد الإنسان شهادة مدويّة، سيُهزم الشيطان أيضًا، ومع أنه قد يوجد القليل من تلك الأشياء التي هي في الأصل داخل الإنسان والتي لم تتطهر تطهيرًا تامًا، فبمجرد هزيمة الشيطان، فإنه لن يتسبب في حدوث مشكلات فيما بعد، وفي ذلك الوقت سيتطهر الإنسان تطهيرًا تامًا. لم يختبر الإنسان مثل هذه الحياة قط، لكن عندما يُهزم الشيطان، كل شيء سوف يستقر، وسوف تُحل كل تلك الأمور التافهة داخل الإنسان؛ وبمجرد حل تلك المشكلة الرئيسية، ستنتهي كل المشكلات الأخرى. خلال هذا التجسد لله على الأرض، عندما يقوم شخصيًا بعمله بين البشر، فكل العمل الذي يقوم به هو يكون من أجل هزيمة الشيطان، وسوف يهزم الشيطان من خلال إخضاع الإنسان وبتكميلكم. وحينما تشهدون شهادةً مدويّة، سيكون هذا أيضًا علامة على هزيمة الشيطان، إذ يُخضَع الإنسان أولاً ثم يتكمَّل في نهاية الأمر من أجل هزيمة الشيطان. ومع ذلك، فمن الناحية الجوهرية، ومع هزيمة الشيطان، يكون هذا هو أيضًا خلاص البشرية بأسرها من بحر الضيقة المقفر هذا. وبغض النظر عمَّا إذا كان هذا العمل يُنفّذ في جميع أنحاء الكون أو في الصين، فإن ذلك كله يهدف إلى هزيمة الشيطان وتحقيق خلاص البشرية بأسرها حتى يتمكن الإنسان من الدخول إلى مكان الراحة. إن الله المُتجسِّد، هذا الجسد العادي، هو بالضبط من أجل هزيمة الشيطان. إن عمل الله في الجسد يُستخدم للإتيان بالخلاص لكل أولئك الذين تحت السماء الذين يحبون الله، ولأجل إخضاع البشرية كلها، وأيضًا من أجل هزيمة الشيطان. إن جوهر كل عمل تدبير الله لا ينفصل عن هزيمة الشيطان لتحقيق خلاص البشرية بأسرها. فلماذا يوجد دائمًا في كثير من هذا العمل حديث عن تقديمكم الشهادة؟ ولمنْ توجه هذه الشهادة؟ أليست موجهة إلى الشيطان؟ تؤدى هذه الشهادة إلى الله، وهي شهادة على أن عمل الله قد حقق تأثيره. إن تقديم الشهادة مرتبط بعمل هزيمة الشيطان؛ فإذا لم توجد معركة مع الشيطان، فلن يُطلب من الإنسان أن يقدم شهادة. وبسبب أنه لا بُدّ من هزيمة الشيطان، وفي الوقت نفسه تحقيق خلاص الإنسان، يطلب الله أن يقدم الإنسان شهادة أمام الشيطان، فيستخدمها لخلاص الإنسان ومحاربة الشيطان. ونتيجة لذلك، فإن الإنسان هو هدف الخلاص وأداة في هزيمة الشيطان، وهكذا يكون الإنسان في صميم عمل تدبير الله بأكمله، والشيطان هو مجرد هدف الدمار، إذ هو العدو. قد تشعر أنك لم تفعل شيئًا، ولكن بسبب التغييرات التي حدثت في شخصيتك، فقد قدمت شهادة، وهذه الشهادة موجهة إلى الشيطان، لا الإنسان. لا يصلح الإنسان للتمتع بهذه الشهادة. فكيف يمكنه أن يفهم العمل الذي يقوم به الله؟ إن هدف معركة الله هو الشيطان؛ في حين أن الإنسان هو وحده هدف الخلاص. يمتلك الإنسان شخصية شيطانية فاسدة، وغير قادر على فهم هذا العمل؛ وهذا بسبب إفساد الشيطان، وليس متأصلاً داخل الإنسان، بل يوجهه الشيطان. واليوم، عمل الله الرئيسي هو هزيمة الشيطان، أي إخضاع الإنسان إخضاعًا كاملاً، حتى يمكن للإنسان تقديم شهادة نهائية عن الله أمام الشيطان. بهذه الطريقة، سوف تُنجز جميع الأشياء. في كثير من الحالات، يبدو لعينك المجردة أن شيئًا لم يتحقق، ولكن في الواقع، قد اكتمل العمل بالفعل. يتطلب الإنسان أن تكون كل أعمال الإنجاز مرئية، ولكن قد أكملت عملي دون أن يكون مرئيًا لك، لأن الشيطان قد استسلم، مما يعني أنه قد هُزِم تمامًا، وأن جميع حكمة الله وقوته وسلطانه قد غلبت الشيطان. هذه هي الشهادة التي يجب أن تقدمها، ومع عدم وجود تعبير واضح عنها في الإنسان، ومع أنها غير مرئية للعين المجردة، فقد هُزِم الشيطان بالفعل. كل هذا العمل موجه ضد الشيطان، ويُنفذ بسبب المعركة مع الشيطان. وهكذا، توجد العديد من الأشياء التي لا يراها الإنسان ناجحة، ولكنها اكتملت بنجاح في نظر الله منذ زمن بعيد. هذه واحدة من الحقائق الكامنة وراء كل عمل الله.

ما أن يُهزم الشيطان، أي بمجرد أن يُخضَع الإنسان إخضاعًا كاملاً، عندئذٍ يُدرك الإنسان أن كل هذا العمل هو من أجل الخلاص، وأن وسائل هذا الخلاص هي الإمساك بالناس من يد الشيطان. تنقسم الستة آلاف سنة من عمل تدبير الله إلى ثلاث مراحل: عصر الناموس وعصر النعمة وعصر الملكوت. هذه المراحل الثلاث من العمل هي كلها من أجل خلاص البشرية، أي أنها من أجل خلاص البشرية التي أفسدها الشيطان بشدةٍ. مع ذلك، فهي أيضًا في الوقت نفسه من أجل أن يخوض الله معركة مع الشيطان. وهكذا، كما ينقسم عمل الخلاص إلى ثلاث مراحل، تنقسم المعركة مع الشيطان أيضًا إلى ثلاث مراحل، ويُنفذ هذين الجانبين من عمل الله في وقت واحد. إن المعركة مع الشيطان هي في الواقع من أجل خلاص البشرية، ولأن عمل خلاص البشرية ليس شيئًا يمكن إنجازه بنجاح في مرحلة واحدة، تنقسم المعركة مع الشيطان أيضًا إلى مراحل وفترات، وتُشن الحرب على الشيطان وفقًا لاحتياجات الإنسان ومدى إفساد الشيطان له. ربما يعتقد الإنسان في خياله أن الله سيحمل السلاح في هذه المعركة ضد الشيطان، بنفس الطريقة التي قد يحارب بها جيشان بعضهما بعضًا. هذا ما يمكن لعقل الإنسان أن يتخيله؛ إنها فكرة غامضة وغير واقعية إلى حد بعيد، ولكن هذا ما يعتقده الإنسان. ولأنني أقول هنا إن وسائل خلاص الإنسان هي من خلال المعركة مع الشيطان، يتخيل الإنسان أن هذه هي الطريقة التي تجري بها المعركة. توجد ثلاث مراحل في عمل خلاص الإنسان، أي إن المعركة مع الشيطان قد انقسمت إلى ثلاث مراحل من أجل هزيمة الشيطان هزيمة مرة وإلى الأبد. ومع ذلك، فإن الحقيقة الكامنة وراء كل عمل المعركة مع الشيطان هي أن آثارها تتحقق من خلال عدة خطوات من العمل: منح النعمة للإنسان، والصيرورة ذبيحة خطية عن الإنسان، وغفران خطايا الإنسان، وإخضاع الإنسان، وتكميل الإنسان. في واقع الأمر، فإن المعركة مع الشيطان ليست حمل سلاح ضد الشيطان، ولكن خلاص الإنسان، والعمل على حياة الإنسان، وتغيير شخصية الإنسان حتى يقدم شهادة لله. هكذا يُهزم الشيطان. يُهزم الشيطان من خلال تغيير شخصية الإنسان الفاسدة. وحينما تتحقق هزيمة الشيطان، أي عندما يتحقق خلاص الإنسان تمامًا، عندئذٍ سيصبح الشيطان المُذَلّ مقيدًا تمامًا، وبهذه الطريقة، سيكون قد نال الإنسان خلاصًا تامًا. وهكذا، فإن جوهر خلاص الإنسان هو الحرب مع الشيطان، وهذه الحرب مع الشيطان تنعكس في المقام الأول على خلاص الإنسان. مرحلة الأيام الأخيرة، التي سيُخضع فيها الإنسان، هي المرحلة الأخيرة في المعركة مع الشيطان، وهي أيضًا مرحلة عمل الخلاص الكامل للإنسان من مُلك الشيطان. المعنى الكامن وراء إخضاع الإنسان يكمن في عودة تجسيد الشيطان، أي الإنسان الذي أفسده الشيطان، إلى الخالق بعد إخضاعه، والذي من خلاله سيتخلى عن الشيطان ويعود إلى الله عودةً تامةً. وبهذه الطريقة، سوف يخلُص الإنسان تمامًا. وهكذا، فإن عمل الإخضاع هو آخر عمل في المعركة ضد الشيطان، والمرحلة الأخيرة في تدبير الله من أجل هزيمة الشيطان. بدون هذا العمل، سيكون الخلاص الكامل للإنسان مستحيلاً في نهاية الأمر، وستكون هزيمة الشيطان المطلقة مستحيلة أيضًا، ولن تتمكن البشرية أبدًا من دخول الغاية الرائعة، أو التحرر من تأثير الشيطان. ومن ثمَّ، لا يمكن إنهاء عمل خلاص الإنسان قبل انتهاء المعركة مع الشيطان، لأن جوهر عمل تدبير الله هو من أجل خلاص البشرية. كان الإنسان الأول محفوظًا في يد الله، ولكن بسبب إغواء الشيطان وإفساده، صار الإنسان أسيرًا للشيطان وسقط في يد الشرير. وهكذا، أصبح الشيطان هدفًا للهزيمة في عمل تدبير الله. ولأن الشيطان استولى على الإنسان، ولأن الإنسان هو رأس المال الذي يستخدمه في تنفيذ كل التدبير، فيُشترط لخلاص الإنسان أن يُنتزع من يديّ الشيطان، وهذا يعني أنه يجب استعادة الإنسان بعد أن بات أسيرًا للشيطان. لذا يجب أن يُهزَم الشيطان بإحداث تغييرات في الشخصية العتيقة للإنسان، التي يستعيد من خلالها عقل الإنسان الأصلي بهذه الطريقة، يمكن استعادة الإنسان الذي أُسر من يديّ الشيطان. إذا تحرَّر الإنسان من تأثير الشيطان وعبوديته، فعندها سوف يُخزى الشيطان، ويُسترد الإنسان في نهاية الأمر، ويُهزم الشيطان. ولأن الإنسان قد تحرَّر من التأثير المُظلم للشيطان، فسيصبح الإنسان هو المكسب من هذه المعركة بجملتها، وسيوضع الشيطان موضع العقاب حالما تنتهي هذه المعركة، وبعدها سيكون قد اكتمل العمل الكامل لخلاص البشرية.

لا يضمر الله حقدًا تجاه كائنات الخليقة؛ فهو لا يرغب إلا في هزيمة الشيطان. كل عمله – سواء أكان توبيخًا أم دينونةً – موجه إلى الشيطان. إنه يُنفَّذ من أجل خلاص البشرية، وجميعه من أجل هزيمة الشيطان، وله هدف واحد: الدخول في معركة ضد الشيطان حتى النهاية! لن يستريح الله أبدًا حتى ينتصر على الشيطان! ولن يستريح إلا عندما يهزم الشيطان. ولأن كل العمل الذي يقوم به الله موجّه إلى الشيطان، ولأن أولئك الذين أفسدهم الشيطان هم جميعًا تحت سيطرة مُلك الشيطان وجميعهم يعيشون تحت مُلك الشيطان، فبدون أن يخوض الله معركة ضد الشيطان ويحررهم منه، لم يكن للشيطان أن يرخي قبضته عن هؤلاء الناس، ولم يكن ممكنًا أن يُربحوا. ولو لم يُربحوا، لأثبت ذلك أن الشيطان لم يُهزم، ولم يُغلب. وهكذا، في خطة تدبير الله التي امتدت لستة آلاف سنة، قام الله بعمل الناموس أثناء المرحلة الأولى، وبعمل عصر النعمة، أي عمل الصلب، أثناء المرحلة الثانية، وبعمل إخضاع البشرية أثناء المرحلة الثالثة. وكل هذا العمل موجَّه بحسب الدرجة التي أفسد بها الشيطان البشرية، وكله من أجل هزيمة الشيطان، وكل مرحلة من هذه المراحل تهدف إلى هزيمة الشيطان. إن جوهر عمل تدبير الله الممتد لستة آلاف سنة هو المعركة ضد التنين الأحمر العظيم، وعمل تدبير البشرية هو أيضًا عمل هزيمة الشيطان، عمل خوض معركة مع الشيطان. لقد قاتل الله لمدة ستة آلاف سنة، وهكذا قد عمل لمدة ستة آلاف سنة ليأتي بالإنسان في النهاية إلى العالم الجديد. عندما يُهزم الشيطان، سيتحرر الإنسان تحررًا كاملاً. أليس هذا هو اتجاه عمل الله اليوم؟ هذا هو بالضبط اتجاه عمل اليوم: العتق والتحرير الكاملان للإنسان، بحيث لا يخضع لأي قواعد، ولا يُحد بأية رُبط أو قيود. يُعمل كل هذا العمل وفقًا لقامتكم واحتياجاتكم، وهذا يعني أن تتزودوا بكل ما يمكنكم إنجازه. إنها ليست حالة "قيادة بطة نحو موضع هبوطها" بفرض أيّ شيء عليكم، بل الأحرى أن يتحقق تنفيذ كل هذا العمل وفقًا لاحتياجاتكم الفعلية. تُنفَّذ كل مرحلة من مراحل العمل مع الاحتياجات الفعلية للإنسان ومتطلباته؛ وتهدف كل مرحلة من مراحل العمل إلى هزيمة الشيطان. في الواقع، لم توجد في البداية حواجز بين الخالق ومخلوقاته جميع هذه الحواجز هي بسبب الشيطان. بات الإنسان عاجزًا عن رؤية أي شيء أو لمسه بسبب الطريقة التي أزعجه بها الشيطان وأفسده. فالإنسان هو الضحية، هو مَنْ خُدع. لكن بمجرد هزيمة الشيطان، ستعاين الكائنات المخلوقة الخالق، وسيرعى الخالق المخلوقات وسيقودها شخصيًا. هذه هي فقط الحياة التي يجب أن يعيشها الإنسان على الأرض. وهكذا، عمل الله هو في الأساس من أجل هزيمة الشيطان، وبمجرد هزيمة الشيطان، ستُحل كل الأمور. لقد رأيتَ اليوم أنه ليس بالأمر البسيط أن يأتي الله بين البشر. فلم يأتِ لقضاء الأيام في البحث عن خطأ فيكم، أو ليقول هذا وذاك، أو لمجرد السماح لكم برؤية صورته، وكيف يتكلم ويعيش. لم يَصرْ الله جسدًا لمجرد السماح لكم بالنظر إليه، أو ليفتح عيونكم، أو ليسمح لكم بسماع الأسرار التي تكلم عنها والختوم السبعة التي فتحها. بل بالأحرى صار جسدًا لهزيمة الشيطان. لقد جاء شخصيًا بين البشر في الجسد لخلاص الإنسان، ولخوض معركة مع الشيطان، وهذه هي أهمية تجسده. لو لم يكن من أجل هزيمة الشيطان، فعندئذٍ لم يكن ليقوم بهذا العمل شخصيًا. لقد جاء الله إلى الأرض ليعمل عمله بين البشر، وليظهر نفسه شخصيًا للإنسان وليسمح للإنسان بأن يراه. هل هذا أمر هيّن؟ إنه ليس حقًا بالأمر البسيط! ليس كما يتخيل الإنسان أن الله قد جاء حتى ينظره الإنسان، وحتى يفهم الإنسان أن الله حقيقي وليس غامضًا أو أجوفًا، وأن الله عالٍ، ولكنه متواضع أيضًا. هل من الممكن أن يكون الأمر بهذه السهولة؟ لأن الشيطان هو مَنْ أفسد جسد الإنسان تمامًا، ولأن قصد الله من الخلاص هو الإنسان، فلا بد أن يتخذ الله جسدًا ليخوض معركة مع الشيطان، وليرعى الإنسان رعايةً شخصية. وهذا وحده نافع لعمله. لقد وُجد الجسدان المتجسدان لله من أجل هزيمة الشيطان، ومن أجل خلاص الإنسان على نحو أفضل. ذلك لأن مَنْ يخوض المعركة مع الشيطان لا يمكن أن يكون إلا الله، سواء أكان روح الله أم جسد الله المُتجسِّد. باختصار، لا يمكن أن يكون الملائكة هم مَنْ يخوضون المعركة مع الشيطان، فضلًا عن أن يكون الإنسان، الذي أفسده الشيطان؛ فالملائكة عاجزون عن شن هذه المعركة، والإنسان أكثر عجزًا. على هذا النحو، إذا أراد الله أن يعمل في حياة الإنسان، وإذا أراد أن يأتي شخصيًا إلى الأرض لتخليص الإنسان، فيجب أن يصير هو نفسه جسدًا، أي يجب عليه أن يتخذ لنفسه جسدًا، وبهويته المتأصلة والعمل الذي يجب عليه القيام به، يأتي بين البشر ويخلِّص الإنسان بنفسه. إذا لم يكن الأمر كذلك، ولو كان روح الله أو الإنسان هو الذي قام بهذا العمل، فلم تكن لتحقق هذه المعركة أي نتيجة، ولما انتهت أبدًا. لم يكن الإنسان ليحظى بفرصة الخلاص إلا عندما يصير الله جسدًا ليذهب بنفسه إلى الحرب ضد الشيطان بين البشر. وعندها فقط يُخزى الشيطان، ويغادر دون أية فرص لاستغلالها أو أية خطط لتنفيذها. إن العمل الذي عمله الله المتجسد لا يمكن تحقيقه بواسطة روح الله، بل ويكون حتى مستحيلًا لأي إنسان جسدي أن يقوم به نيابة عن الله، لأن العمل الذي يقوم به هو من أجل حياة الإنسان، ومن أجل تغيير شخصية الإنسان الفاسدة. لو شارك الإنسان في هذه المعركة، لهرب في حالة من الفوضى، ولعجز ببساطة عن تغيير شخصيته الفاسدة. سيكون غير قادر على تخليص الإنسان من الصليب، أو على إخضاع جميع البشر المتمرّدين، ولكنه لن يكون قادرًا إلّا على القيام بالقليل من العمل القديم الذي لا يتجاوز المبادئ، أو القيام بعمل غير مرتبط بهزيمة الشيطان. إذًا فلِمَ التعب؟ ما أهمية العمل الذي لا يمكن أن يقتني البشرية، ولا حتى أن يهزم الشيطان؟ وبهذا، فإن المعركة مع الشيطان لا يمكن أن يقوم بها إلا الله نفسه، وسيكون ببساطة من المستحيل على الإنسان أن يقوم بها. فواجب الإنسان هو الطاعة والاتّباع، لأن الإنسان غير قادر على القيام بعمل مماثل لخلق السماوات والأرض، ولا يمكنه تنفيذ عمل محاربة الشيطان. لا يمكن للإنسان أن يُرضي الخالق إلا تحت قيادة الله نفسه، الذي يهزم الشيطان. هذا هو الشيء الوحيد الذي يمكن للإنسان القيام به. وهكذا، في كل مرة تبدأ معركة جديدة، أي في كل مرة يبدأ فيها عمل العصر الجديد، يعمل الله نفسه هذا العمل شخصيًا، وفيه يقود العصر بأكمله، ويفتح طريقًا جديدًا أمام البشرية بأسرها. إن فجر كل عصر جديد هو بداية جديدة في المعركة مع الشيطان، يدخل الإنسان من خلالها إلى عالم أكثر جِدةً وجمالاً، وإلى عصر جديد يقوده الله بنفسه. إن الإنسان هو سيد كل الأشياء، لكن أولئك الذين اُقتنوا سيصبحون ثمار كل المعارك مع الشيطان. الشيطان هو الذي أفسد كل الأشياء، وهو المهزوم في نهاية كل المعارك، وهو أيضًا الذي سيُعاقب بعد هذه المعارك. من بين الله والإنسان والشيطان، سيكون الشيطان هو الوحيد الذي سوف يُمقت ويُرفض. في هذه الأثناء، يصبح أولئك الذين اقتناهم الشيطان ولكنهم لم يعودوا إلى الله هم مَنْ سينالون العقاب من أجل الشيطان. من بين هؤلاء الثلاثة، يجب أن تعبد كل الأشياء الله وحده. في هذه الأثناء، يصبح أولئك الذين أفسدهم الشيطان ولكنهم عادوا إلى الله والذين يتبعون طريق الله هم مَنْ سيحصلون على وعد الله ويحكمون على الأشرار من أجل الله. سيكون الله بالتأكيد منتصرًا وسيُهزم الشيطان بالتأكيد، لكن بين البشر يوجد أولئك الذين سيفوزون وأولئك الذين سيخسرون. أولئك الذين سيفوزون سوف ينتمون إلى الغالبين، أما أولئك الذين سيخسرون فسوف ينتمون إلى الخاسرين. هذا تصنيف لكل فرد حسب نوعه، وهذه هي النتيجة النهائية لكل عمل الله، بل إنها أيضًا هدف كل عمل الله، ولن تتغير أبدًا. يركز جوهر العمل الأساسي لخطة تدبير الله على خلاص الإنسان، وأن يصير الله جسدًا في المقام الأول من أجل هذا الجوهر، ومن أجل هذا العمل، ومن أجل هزيمة الشيطان. كانت المرة الأولى التي صار فيها الله جسدًا أيضًا من أجل هزيمة الشيطان: صار هو شخصيًا جسدًا، وسُمِّر شخصيًا على الصليب، لكي يكمّل عمل المعركة الأولى، التي كانت عمل فداء البشرية. وبالمثل، فإن هذه المرحلة من العمل نفذها الله شخصيًا، حيث صار جسدًا للقيام بعمله بين البشر، وللتحدث شخصيًا بكلمته وللسماح للإنسان برؤيته. بطبيعة الحال، من المحتم أن يقوم ببعض الأعمال الأخرى على طول الطريق، ولكن السبب الرئيسي في قيامه بعمله شخصيًا هو من أجل هزيمة الشيطان، وإخضاع البشرية بأسرها، واقتناء هؤلاء الناس. ولهذا، فإن عمل تجسد الله هو في الحقيقة ليس بالأمر البسيط. إذا كان هدفه فقط إظهار أن الله متواضع ومحتجب، وأن الله حقيقي، وإذا كان فقط من أجل القيام بهذا العمل، فلن توجد حاجة ليصير جسدًا. حتى لو لم يَصرْ الله جسدًا، لكان في استطاعته أن يظهر تواضعه واحتجابه، وعظمته وقداسته، للإنسان مباشرة، لكن مثل هذه الأشياء ليس لها علاقة بعمل تدبير البشرية. إنها غير قادرة على خلاص الإنسان أو تكميله، ولا حتى على هزيمة الشيطان. إذا كانت هزيمة الشيطان لا تنطوي إلا على قيام الروح بمعركة ضد أحد الأرواح، فإن هذا العمل سيكون له قيمة عملية أقل. لن يكون قادرًا على اقتناء الإنسان وسيدمر مصير الإنسان وتطلعاته. على هذا النحو، لعمل الله اليوم أهمية عميقة. إنه لا يعني فقط أن يراه الإنسان، أو حتى أن تنفتح عينيّ الإنسان، أو من أجل توفير القليل من الإحساس الذي يستجيب للتأثير والتشجيع؛ فعمل مثل هذا ليس له أهمية. إذا لم يكن بإمكانك التحدث سوى عن هذا النوع من المعرفة، فهذا يثبت أنك لا تعرف الأهمية الحقيقية لتجسُّد الله.

إن عمل خطة تدبير الله الكاملة ينفّذه الله نفسه شخصيًا. المرحلة الأولى، أي خلْق العالم، نفّذها الله شخصيًا. نفذها بنفسه، ولو لم يفعل، لما كان هناك من يقدر على خلق البشرية. وكانت المرحلة الثانية هي فداء البشرية كلها، وقد نفّذها أيضًا الله المُتجسّد شخصيًا؛ أما المرحلة الثالثة فهي غنيّة عن الذكر: توجد حاجة أكبر لإنهاء عمل الله بواسطة الله نفسه. إن كل عمل فداء البشرية وإخضاعها واقتنائها وتكميلها قد نفذه الله نفسه شخصيًا. إذا لم يقم شخصيًا بهذا العمل، فلا يمكن لهويته أن يمثلها الإنسان، ولا لعمله أن يقوم به الإنسان. إنه يقود الإنسان شخصيًا ويعمل بين البشر شخصيًا من أجل هزيمة الشيطان، ومن أجل اقتناء البشر، ومن أجل منح الإنسان حياة طبيعية على الأرض؛ ومن أجل خطة تدبيره الكاملة، ومن أجل كل عمله، يجب عليه القيام بهذا العمل شخصيًا. إذا كان الإنسان لا يؤمن إلا أن الله قد جاء لعل الإنسان يراه، ولكي يجعل الإنسان سعيدًا، فمثل هذه المعتقدات لا قيمة ولا أهمية لها. ففهم الإنسان سطحي للغاية! وعن طريق تنفيذ الله لهذا العمل بنفسه يستطيع الله القيام بهذا العمل كاملاً وتامًا. فالإنسان غير قادر على فعل ذلك نيابة عن الله. وبما أنه لا يملك هوية الله أو جوهره، فهو غير قادر على القيام بعمل الله، وحتى إن فعل الإنسان هذا العمل، فلن يكون له أي تأثير. كانت المرة الأولى التي صار فيها الله جسدًا هي من أجل الفداء، أي فداء البشرية كلها من الخطية، ولمنح الإنسان إمكانية التطهير وغفران خطاياه. كما أن عمل الإخضاع قام به الله شخصيًا بين البشر. إذا كان الله خلال هذه المرحلة ينطق بالنبوة فحسب، فمن ثمّ يمكن إيجاد نبي أو شخص موهوب لاتخاذ مكانه. ولو كان الأمر مجرد نطق النبوات، لأمكن للإنسان أن يتخذ مكان الله. ومع ذلك، إذا حاول الإنسان أن يقوم شخصيًا بعمل الله نفسه وحاول أن يعمل في حياة الإنسان، لكان من المستحيل عليه القيام بهذا العمل. يجب أن يقوم الله نفسه شخصيًا بهذا: يجب أن يصير الله شخصيًا جسدًا للقيام بهذا العمل. في عصر الكلمة، إذا كان الأمر مجرد نطق النبوات، فعندئذٍ يمكن إيجاد إشعياء أو إيليا النبي للقيام بهذا العمل، ولن توجد حاجة لله أن يفعل ذلك بنفسه. لأن العمل الذي تم في هذه المرحلة لا يقتصر على نطق النبوات، ولأنه من الأهمية بمكان أن يُستخدم عمل الكلمات لإخضاع الإنسان وهزيمة الشيطان، فلا يمكن أن يقوم الإنسان بهذا العمل، بل يجب أن يقوم به الله نفسه شخصيًا. عملَ يهوه في عصر الناموس جزءًا من عمله، وبعد ذلك تكلم ببعض الكلمات وعمل بعض العمل من خلال الأنبياء. ذلك لأن الإنسان لا يمكن أن يحل محل يهوه في عمله، وقد تمكّن العرافون من أن يتنبأوا بالأمور ويفسروا بعض الأحلام نيابة عنه. لم يكن العمل الذي تم في البداية هو العمل على تغيير شخصية الإنسان تغييرًا مباشرًا، ولم يكن له علاقة بخطية الإنسان، ولم يكن مطلوبًا من الإنسان سوى أن يلتزم بالناموس. فلم يصر يهوه جسدًا ويُظهر نفسه للإنسان، بل تحدث مباشرة إلى موسى وغيره، وجعلهم يتحدثون ويعملون نيابة عنه، وجعلهم يعملون مباشرةً بين البشر. كانت المرحلة الأولى من عمل الله هي قيادة الإنسان. كانت بداية المعركة ضد الشيطان، لكن هذه المعركة لم تبدأ رسميًا بعد. لقد بدأت الحرب الرسمية ضد الشيطان مع أول تجسُّد لله، واستمرت حتى اليوم. كانت أول معركة من هذه الحرب عندما كان الله المُتجسِّد مُسمَّرًا على الصليب. هزم صلب الله المُتجسِّد إبليس، وكانت أول مرحلة ناجحة في الحرب. عندما بدأ الله المتجسِّد في العمل مباشرة على حياة الإنسان، كان ذلك هو البداية الرسمية لعمل استعادة الإنسان، ولأن هذا كان عمل تغيير شخصية الإنسان القديمة، فقد كان عمل خوض معركة مع الشيطان. كانت مرحلة العمل التي قام بها يهوه في البداية مجرد قيادة حياة الإنسان على الأرض. لقد كانت بداية عمل الله، ومع أنها لم تتضمن أي معركة، أو أي عمل كبير، إلا أنها أرست الأساس لعمل المعركة الآتية. لاحقًا، تضمنت المرحلة الثانية من العمل خلال عصر النعمة تغييرًا في شخصية الإنسان القديمة، مما يعني أن الله نفسه قد صنع حياة الإنسان. كان يجب أن يقوم الله بهذا شخصيًا: لقد تطلب الأمر أن يصير الله شخصيًا جسدًا. لو لم يَصرْ جسدًا، لم يكن لأحد أن يحل محله في هذه المرحلة من العمل، لأنها تمثل عمل محاربة الشيطان مباشرةً. لو قام الإنسان بهذا العمل نيابة عن الله، فلم يكن من الممكن عندما يقف الإنسان أمام الشيطان أن يخضع الشيطان، ولكان من المستحيل أن يُهزم. كان عليه أن يكون الله المُتجسِّد الذي جاء لإلحاق الهزيمة به، لأن جوهر الله المُتجسِّد لا يزال الله، وما زال هو حياة الإنسان، وما زال هو الخالق. مهما حدث، لن تتغير هويته وجوهره. وهكذا، اتخذ جسدًا وقام بعمل إخضاع الشيطان إخضاعًا كاملاً. وأثناء مرحلة العمل في الأيام الأخيرة، لو كان للإنسان أن يقوم بهذا العمل وأُجبر على نطق الكلمات مباشرة، فعندئذٍ لن يتمكن من التحدث بها، ولو كان الأمر مجرد نطق نبوة، فعندئذٍ لا يمكن لهذه النبوة إخضاع الإنسان. باتخاذ الله جسدًا، فإنه يأتي لهزيمة الشيطان ويدفعه للاستسلام الكامل. عندما يهزم الشيطان هزيمة تامة، ويُخضع الإنسان بالتمام، ويقتني الإنسان تمامًا، ستكتمل هذه المرحلة من العمل، ويتحقق النجاح. في تدبير الله، لا يستطيع الإنسان اتخاذ مكان الله. إن عمل قيادة العصر وإطلاق عمل جديد يحتاج على وجه الخصوص إلى أن يتممه الله نفسه شخصيًا. إن إعطاء الوحي للإنسان وتزويده بالنبوءة يمكن أن يقوم به الإنسان، ولكن إن كان هذا العمل يجب أن يقوم به الله شخصيًا، وهو عمل المعركة بين الله نفسه والشيطان، فإن هذا العمل لا يمكن أن يقوم به الإنسان. خلال المرحلة الأولى من العمل، حينما لم توجد معركة مع الشيطان، قاد يهوه شخصيًا شعب إسرائيل مستخدمًا النبوءة التي نطق بها الأنبياء. بعد ذلك، كانت المرحلة الثانية من العمل هي المعركة مع الشيطان، وصار الله نفسه جسدًا، وجاء في الجسد للقيام بهذا العمل. أي شيء يتضمن معركة ضد الشيطان ينطوي أيضًا على تجسُّد الله، وهو ما يعني أن هذه المعركة لا يمكن للإنسان أن يخوضها. لو كان للإنسان أن يخوض المعركة، فلن يكون قادرًا على هزيمة الشيطان. كيف يمكن أن تكون لديه القوة لمحاربته في حين لا يزال خاضعًا لمُلكه؟ يقف الإنسان في الوسط: إن مِلْت نحو الشيطان، فأنت تنتمي إلى الشيطان، ولكن إذا أرضيت الله، فإنك تنتمي إلى الله. لو حاول الإنسان وحلَّ محل الله في عمل هذه المعركة، فهل كان سيقدر على ذلك؟ وإن فعل ذلك، ألم يكن قد هلك منذ وقت طويل؟ ألم يكن قد دخل إلى العالم السفلي منذ فترة طويلة؟ لذلك، لا يستطيع الإنسان أن يحل محل الله في عمله، أي أن الإنسان لا يمتلك جوهر الله، وإذا خُضْت معركة مع الشيطان، فلن تكون قادرًا على هزيمته. لا يمكن للإنسان سوى القيام ببعض العمل؛ فيمكنه كسب بعض الناس، لكنه لا يستطيع أن يحلّ محل الله في عمل الله نفسه. كيف يمكن للإنسان أن يخوض معركة مع الشيطان؟ يمكن للشيطان أن يأسرك حتى قبل أن تبدأ. عندما يخوض الله وحده معركة مع الشيطان، وعلى هذا الأساس يتبع الإنسان الله ويطيعه، يستطيع الإنسان أن يقتنيه الله ويهرب من قيود الشيطان. إن الأمر الذي يمكن أن يحققه الإنسان بحكمته وقدراته محدود للغاية؛ فهو غير قادر على جعل الإنسان كاملاً، وغير قادر على قيادته، بل ولا حتى على هزيمة الشيطان. لا يمكن لذكاء الإنسان وحكمته أن يحبطا مخططات الشيطان، فكيف يمكن للإنسان أن يحاربه؟

كل أولئك الذين يرغبون في أن يكونوا كاملين لديهم الفرصة ليكونوا كاملين، لذلك على الجميع أن يهدأوا: في المستقبل سوف تدخلون جميعًا إلى الغاية. ولكن إذا كنت غير راغب في أن تكون كاملاً، وغير راغب في الدخول إلى العالم الرائع، فهذه مشكلتك أنت. جميع أولئك الذين يرغبون في أن يكونوا كاملين ومُخْلصين لله، وكل الذين يطيعون، وكل أولئك الذين يؤدون مهامهم بأمانة – كل هؤلاء الناس يمكنهم أن يصيروا كاملين. اليوم، كل الذين لا يؤدون واجبهم بإخلاص، وكل أولئك من غير المخلصين لله، وكل الذين لا يخضعون لله، لا سيما أولئك الذين نالوا الاستنارة والإضاءة من الروح القدس، ولكن لا يطبقونهما – كل هؤلاء الناس لا يقدرون على أن يكونوا كاملين. جميع أولئك الذين هم على استعداد أن يكونوا مخلصين لله ويطيعونه يمكن أن يصيروا كاملين، حتى لو كان لديهم بعض الشيء من الجهل. يمكن جعل كل أولئك الراغبين كاملين. فلا داعي للقلق بشأن هذا. ما دمت على استعداد للسعي في هذا الاتجاه، يمكنك أن تصير كاملاً. أنا لست راغبًا في التخلي عن أي من هؤلاء الذي بينكم أو استبعادهم، ولكن إذا لم يحاول الإنسان أن يعمل جيدًا، فأنت وحدك الذي تدمر نفسك؛ ولست أنا مَنْ يستبعدك، ولكن أنت نفسك. إذا كنت لا تسعى بنفسك إلى القيام بعمل جيد – إن كنت كسولاً، أو لا تقوم بواجبك، أو كنت غير مخلص، أو لا تسعى إلى الحق، وتفعل دائمًا ما تشاء، وإن كنت تتصرف بطياشة وتقاتل من أجل شهرتك وثروتك، وبلا ضمير في تعاملاتك مع الجنس الآخر، فستتحمل عبء خطاياك، ولا تستحق شفقة من أحد. إن قصدي لكم أن تكونوا كاملين، وأن تنالوا الإخضاع على أقل تقدير، حتى يمكن إكمال هذه المرحلة من العمل بنجاح. إن رغبة الله هي أن يكون كل إنسان كاملاً، وأن يربحه في النهاية، وأن يطهّره تمامًا، وأن يصبح الشخص الذي يحبّه الله. لا يهم ما إذا كنت أقول إنك متخلف أو من ذوي المقدرة الضعيفة – هذه كلها حقيقة. قولي هذا لا يثبت أنني أعتزم التخلي عنك، وأنني فقدت الأمل فيكم، ولا حتى أنني غير راغب في خلاصكم. لقد جئتُ اليوم لأعمل عمل خلاصكم، وهذا يعني أن العمل الذي أقوم به هو استمرار لعمل الخلاص. كل شخص أمامه الفرصة ليصبح كاملاً: في النهاية ستتمكن من تحقيق هذه النتيجة، ولن يتم التخلي عن أحد منكم بشرط أن تكون مستعدًا، وبشرط أن تسعى. إذا كنت من ذوي المقدرة الضعيفة، فسوف تتوافق متطلباتي منك مع مقدرتك الضعيفة. إذا كنت من ذوي المقدرة الرفيع، فسوف تتوافق متطلباتي منك مع مقدرتك الرفيعة. إذا كنت جاهلاً وأميًّا، فسوف تتوافق متطلّباتي منك مع أميتك؛ وإذا كنت متعلمًا، فسوف تتوافق متطلباتي منك مع كونك ملمًّا بالقراءة والكتابة؛ وإذا كنت مسنًا، فسوف تتوافق متطلباتي منك مع عمرك؛ وإذا كنت قادرًا على تقديم واجب الضيافة، فسوف تتوافق متطلباتي منك مع هذه المقدرة؛ وإذا قلت إنه لا يمكنك تقديم واجب الضيافة، ولا يمكن أن تؤدي سوى مهمة معينة، سواء أكانت نشر الإنجيل، أو الاعتناء بالكنيسة، أو حضور الشؤون العامة الأخرى، فسوف يكون تكميلي لك متوافقًا مع الدور الذي تؤديه. ما يجب عليك إنجازه هو أن تكون مُخْلْصًا، ومطيعًا حتى النهاية، وساعيًا لتحقيق المحبة الأسمى تجاه الله. هذا ما عليك تحقيقه. ولا توجد ممارسات أفضل من هذه الأشياء الثلاثة. في نهاية الأمر، المطلوب من الإنسان هو أن يحقق هذه الأشياء الثلاثة، وإذا تمكن من تحقيقها، فسوف ينال الكمال. ولكن، الأهم من كل ذلك، يجب عليك أن تسعى حقًا، ويجب أن تستمر في التقدم بفعالية إلى الأمام دومًا، وألا تكون سلبيًا في هذا الجانب. لقد قلت إن كل شخص أمامه الفرصة لينال الكمال، وقادر على أن يصير كاملاً، وهذا أمر يبقى حقيقيًا، ولكنك لا تحاول أن تكون أفضل في سعيك، وإن لم تحقق هذه المعايير الثلاثة، ففي النهاية لا بد من استبعادك. أريد من الجميع أن يلحقوا بالركب، وأريد منهم أن يحظوا بعمل الروح القدس واستنارته، وأن يكونوا قادرين على الطاعة حتى النهاية، لأن هذا هو الواجب الذي يجب على كل واحد منكم أن يؤديه. حينما تؤدون جميعًا واجباتكم، فستنالون جميعكم الكمال، وستقدمون شهادة مدويّة. كل أولئك الذين يحملون الشهادة هم أولئك الذين انتصروا على الشيطان ونالوا وعد الله، وهم الذين سيبقون ليعيشوا في الغاية الرائعة.

السابق: جوهر المسيح هو الطاعة لمشيئة الآب السماوي

التالي: الله والإنسان سيدخلان الراحة معًا

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب