(ز) حول كيفيَّة أداء واجب المرء بشكل مناسب
404. كأعضاء في الجنس البشري وكمسيحيين أتقياء، تقع علينا المسؤولية والالتزام لتقديم أذهاننا وأجسادنا لتتميم إرسالية الله، إذ أن كياننا كله قد جاء من الله ويوجد بفضل سيادته. إن كانت أذهاننا وأجسادنا غير مكرّسة لإرسالية الله وقضية البشر العادلة، فلن تكون أنفسنا جديرة بأولئك الذين استشهدوا لأجل إرساليته، وبالأكثر غير مستحقّة لله الذي وهبنا كل شيء.
من "الله هو من يوجِّه مصير البشرية" في "الكلمة يظهر في الجسد"
405. إن كيفيَّة تعاملك مع الله أمرٌ خطير للغاية! إذا لم تستطع إكمال ما أوكله الله لك، فأنت لا تصلح للعيش في محضره ويجب معاقبتك. فقانون السماء ومبدأ الأرض للبشر هو إكمال ما يوكله الله إليهم؛ فهذا أعلى مسؤوليَّاتهم وهو مهمٌّ قدر أهميَّة حياتهم. إذا لم تأخذ إرساليَّة الله على محمل الجدّ، فأنت تخون الله بأكثر الطرق إيلامًا؛ وهذا أكثر رثاءً من يهوذا ويجعلك مستوجبًا للعنة. ينبغي أن يكتسب الناس فهمًا شاملاً لكيفيَّة النظر إلى ما يوكله الله إليهم، وعلى الأقلّ ينبغي أن يفهموا أن الله يرسل البشر: وهذا تكريم وفضلٌ خاصّ من الله، وهو أكثر الأشياء المجيدة. يمكن التخلِّي عن كلّ شيءٍ آخر، فحتَّى لو اضطرّ المرء للتضحية بحياته لا يزال ينبغي عليه أن يُؤدِّي إرساليَّة الله.
من "كيفية معرفة طبيعة الإنسان" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"
406. لا توجد علاقة بين واجب الإنسان وما إذا كان مباركًا أو ملعونًا. على الإنسان أن يؤدي واجبه. إنه واجبه الملزم ويجب ألا يعتمد على التعويض أو الظروف أو الأسباب. عندها فقط يكون عاملاً بواجبه. يتمتع الإنسان المبارَك بالخير عندما يُكمَّل بعد الدينونة. يتلقى الإنسان الملعون العقاب عندما تبقى شخصيته من دون تغيير بعد التوبيخ والدينونة، بمعنى أنه لن يُكَمَّل. يجب على الإنسان ككائن مخلوق أن يقوم بواجبه، وأن يفعل ما يجب عليه فعله، وأن يفعل ما يستطيع فعله، بغض النظر عما إذا كان سيُلعَن أو سيُبَارَك. هذا هو الشرط الأساسي للإنسان الذي يبحث عن الله. يجب ألا تقوم بواجبك لتتبارك فحسب، وعليك ألا ترفض إتمامه خوفًا من أن تُلعَن. اسمحوا لي أن أقول لكم هذا الأمر: إذا كان الإنسان قادرًا على إتمام واجبه، فهذا يعني أنه يقوم بما عليه القيامُ به. وإذا كان الإنسان غير قادر على القيام بواجبه، فهذا يُظهِرُ عصيانه. ودائمًا من خلال عملية إتمام واجبه يتغيّر الإنسان تدريجيًا، ومن خلال هذه العملية يُظهِرُ إخلاصه. وهكذا، كلما تمكنتَ من القيام بواجبك، حصلتَ على مزيد من الحقائق، ويصبح تعبيرك كذلك أكثر واقعية. أما أولئك الذين يتقاعسون عن القيام بواجبهم ولا يبحثون عن الحق فسيُبادون في النهاية، لأن هؤلاء الناس لا يقومون بواجبهم في ممارسة الحق، ولا يمارسونه في إتمام واجبهم. هؤلاء الناس هم الذين يبقون على حالهم وسوف يُلعَنون. فما يظهرونه ليس نجسًا فحسب، إنما الشرّ هو ما يعبّرون عنه.
من "وجه الاختلاف بين خدمة الله المتجسّد وواجب الإنسان" في "الكلمة يظهر في الجسد"
408. عندما يقبل شخص ما ائتمنه الله عليه، فالله معيار للحكم فيما إذا كانت تصرفات هذا الشخص صالحة أم سيئة، وما إذا كان الشخص قد أطاع أم لا، وإن كان قد أرضى مشيئة الله، وما إذا كان ما يقوم به لائقًا. ما يهتم الله به هو قلب الشخص، وليست أعماله الظاهرة. القضية ليست أنه يتعين على الله أن يبارك شخصًا طالما أن يفعل ذلك بغض النظر عن الطريقة التي يفعل الأمر بها. هذا هو سوء فهم الناس عن الله. لا ينظر الله فقط لنتيجة الأمور النهائية، بل يركز على قلب الشخص وموقفه أثناء تطور الأمور، وينظر ما إذا كانت توجد طاعة واحترام ورغبة في إرضاء الله في قلبه.
من "عمل الله، وشخصيّة الله، والله ذاته (أ)" في "الكلمة يظهر في الجسد"
409. مهما كان الواجب الذي تؤديه، عليك السعي دائمًا إلى فهم مشيئة الله، وإلى أن تفهم ما هي متطلباته الخاصة بواجبك، وعندئذ فقط يمكنك أن تتعامل مع الأمور بحسب المبادئ. عند قيامك بواجباتك، لا يمكنك بالتأكيد أن تتبع تفضيلاتك الشخصية، من خلال عمل كل ما تريد القيام به، وما يمكن أن يسعدك ويريحك فعله، أو فعل أي شيء قد يجعلك تبدو بصورة جيدة. فإذا فرضت تفضيلاتك الشخصية على الله عنوة، أو مارستها كما لو كانت الحق، والتزمت بها كما لو كانت مبادئ الحق، فليس ذلك تأدية لواجبك، ولن يتذكر الله تأديتك لواجبك بهذا الأسلوب. بعض الأشخاص لا يفهمون الحق، وهم لا يعرفون ماذا تعني تأدية واجباتهم جيدًا. هم يشعرون بأنهم ما داموا قد بذلوا جهدًا كبيرًا، وأهملوا أجسادهم وعانوا، فلا بُدَّ أن يكون أداؤهم لواجباتهم بالمستوى المطلوب – لكن لماذا الله غير راضٍ دائمًا إذًا؟ ما الخطأ الذي ارتكبه أولئك الأشخاص؟ يكمن خطؤهم في عدم البحث عن متطلبات الله، والعمل بدلاً من ذلك وفقًا لأفكارهم الشخصية؛ فقد اعتبروا أن رغباتهم وتفضيلاتهم ودوافعهم الأنانية هي الحق وتعاملوا معها كما لو أنها ما أحبه الله، وكما لو أنها هي معاييره ومتطلباته. لقد رأوا الأشياء التي اعتقدوا أنها صحيحة وجيدة وجميلة على أنها هي الحق، وهذا خطأ. والواقع أنه على الرغم من أن الناس قد يرون أن أمرًا ما صحيح، وأنه ينسجم مع الحق، فإن ذلك لا يعني بالضرورة أنه يتفق مع مشيئة الله. كلما زاد اعتقاد الناس بأن شيئًا ما صحيح، تعيّن عليهم أن يكونوا أشدَّ حذرًا، وأن يزيدوا من سعيهم للحق ليرَوْا ما إذا كان تفكيرهم يلبي متطلبات الله. وإذا حدث أنْ تعارض مع متطلبات الله ومع كلامه، فأنت مخطئ باعتقادك أنه صواب؛ فما هو إلّا تفكير بشري، ولن يكون بالضرورة متفقًا مع الحقّ، بغض النظر عن مدى صحته حسب تفكيرك. يجب أن يكون تحديدك لما هو صوابٌ وخطأٌ مبنيًا على كلام الله فحسب، ومهما كنت تفكر بأن شيئًا ما صحيح فينبغي أن تنبذه مالم يكن له أساس في كلام الله. ما هو الواجب؟ إنه إرسالية يكلف الله الناس بها. كيف يجب عليك إذًا أداء واجبك؟ يكون ذلك بأن تتصرَّف وفقًا لمتطلبات الله ومعاييره، وباتخاذ مبادئ الحق أساسًا لسلوكك بدلاً من رغبات الإنسان الشخصية. بهذه الطريقة، يرقى أداؤك لواجباتك إلى المستوى المطلوب.
من "لا يمكن للمرء أداء واجبه بشكل جيد إلّا من خلال السعي لمبادئ الحق" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"
410. بغضّ النظر عن المشكلة التي يمكن أن تواجه بعض الناس عند أداء واجباتهم، فإنهم لا يطلبون الحقّ، بل يتصرَّفون دائمًا وفقًا لأفكارهم ومفاهيمهم وتصوُّراتهم ورغباتهم. إنهم يُرضون دائمًا رغباتهم الأنانيَّة، وتتحكم طباعهم الفاسدة دائمًا بتصرُّفاتهم. وعلى الرغم من أنهم قد يتمّون الواجبات الموكلة إليهم، فإنهم لا يربحون أيّ حقٍّ. ما الذي يعتمد عليه مثل هؤلاء الأشخاص إذًا عند أداء واجباتهم؟ إنهم لا يعتمدون على الحقّ ولا على الله. فالمقدار الضئيل من الحقّ الذي يفهمونه في الواقع لم يشغل مكان السيادة في قلوبهم. إنهم يعتمدون على مواهبهم وقدراتهم، وعلى أي معرفة اكتسبوها وعلى مواهبهم، وكذلك على قوَّة إرادتهم أو نواياهم الحسنة لأداء هذه الواجبات. هذا نوع مختلف من الطبائع، أليس كذلك؟ ومع أنك قد تعتمد أحيانًا على سجيتك وخيالك ومفاهيمك ومعرفتك وتعلُّمك في أداء واجبك، فإنه لا تبرز مشكلاتٌ مرتبطة بالمبدأ في بعض الأشياء التي تعملها. يبدو الأمر من الناحية الظاهريَّة كما لو أنك لم تسلك الطريق الخاطئ، ولكن يوجد شيءٌ لا يمكن تجاهله: خلال عمليَّة أداء واجبك، إذا كانت مفاهيمك وتصوُّراتك ورغباتك الشخصيَّة لا تتغيَّر أبدًا ولا يحلّ الحقّ محلَّها أبدًا، وإذا كانت تصرُّفاتك وأفعالك لا تتوافق أبدًا مع مبادئ الحقّ، فماذا ستكون العاقبة النهائيَّة؟ سوف تصبح عامل خدمةٍ. هذا بالضبط ما يرد في الكتاب المُقدَّس: "كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِٱسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِٱسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِٱسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! ٱذْهَبُوا عَنِّي يافَاعِلِي ٱلْإِثْمِ!" لماذا يخاطب الله أولئك الأشخاص الذين يبذلون الجهد والذين يقدمون الخدمة قائلًا: "هناك نقطة واحدة يمكننا أن نكون متأكدين منها، وهي أنه بغض النظر عن الواجبات أو العمل الذي يقوم به أولئك الأشخاص، فإن دوافعهم ومحفزاتهم ونواياهم وأفكارهم تنبع بالكامل من رغباتهم الأنانية، وتستند كليًا إلى أفكارهم ومصالحهم الشخصية، كما أن اعتباراتهم وخططهم تتمحور بالكامل حول سمعتهم ووضعهم وغرورهم وآفاقهم المستقبلية. إنّهم في أعماقهم لا يمتلكون أي حق، ولا يتصرفون وفقًا لمبادئ الحق. وبالتالي، ما هو الشيء المهم الذي يجب أن تسعوا إليه الآن؟ (يجب أن نسعى إلى الحق وأن نؤدي واجباتنا وفقًا لمشيئة الله ومتطلباته). ما الذي يجب عليكم فعله تحديدًا عند أداء واجباتكم وفقًا لمتطلبات الله؟ عند القيام بشيء ما، يجب عليك أن تتعلم كيف تميز ما إذا كانت نواياك وأفكارك تتوافق مع الحق أم لا، وتميز كذلك ما إذا موجهة نحو تحقيق رغباتك الأنانية أم نحو تحقيق مصالح بيت الله. إذا كانت نواياك وأفكارك تتوافق مع الحق، فيمكنك تأدية واجبك وفقًا لتفكيرك، لكن، إذا لم تكن متفقة مع الحق، فيجب عليك الالتفاف عائدًا بسرعة والتخلي عن ذلك الطريق. ذلك الطريق ليس صحيحًا، ولا يمكنك الممارسة على هذا النحو، وإذا واصلت السير في هذا الطريق، فسوف ينتهي بك الأمر بارتكاب الشر.
من "كيفيَّة اختبار المرء كلام الله في واجباته" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"
411. عند قيامك بواجبك، يجب أن تفحص نفسك دائمًا لترى ما إذا كنت تقوم بالأشياء وفقًا للمبادئ، وما إذا كان أداؤك لواجبك بالمستوى المطلوب، سواء كنت تقوم بذلك بطريقة روتينية أم لا، وسواء حاولت أن تتهرب من مسؤولياتك أم لا، وما إذا كانت هناك أي مشاكل في سلوكك وطريقة تفكيرك. بمجرد أن تفرغ من تأملك في نفسك وتتضح لك هذه الأمور، سيصبح أداؤك لواجبك أسهل. وبغض النظر عما تواجهه أثناء أداء واجبك من سلبية وضعف، أو أن تكون في حالة مزاجية سيئة بعد التعامل معك - يجب أن تتعامل مع الأمر بشكل صحيح، ويجب عليك أيضًا السعي إلى الحق وفهم مشيئة الله. ومن خلال القيام بهذه الأشياء، سيكون لديك طريق للممارسة. إذا كنت ترغب في القيام بعمل جيد في أداء واجبك، فيجب ألا تتأثر بمزاجك. بغض النظر عن مدى شعورك بالسلبية أو الضعف، يجب أن تمارس الحق في كل ما تفعله، بصرامة مطلقة، وتلتزم بالمبادئ. إذا فعلت هذا، فلن تنال استحسان الآخرين فحسب، بل سيرضى عنك الله أيضًا. على هذا النحو، ستكون شخصًا مسؤولًا ويتحمل عبئًا، وسوف تكون شخصًا جيدًا حقًا يؤدي بالفعل واجباته وفقًا للمعايير ويعيش بشكل كامل في صورة شخص حقيقي. يتطهر مثل هؤلاء الأشخاص، ويحققون تحولًا حقيقيًا عند قيامهم بواجباتهم، ويمكن القول إنهم صادقون في نظر الله. يمكن فقط للأشخاص الصادقين المثابرة على ممارسة الحق والنجاح في التصرف بحسب المبادئ، ويمكنهم أداء واجباتهم وفقًا للمعايير. يقوم الأشخاص الذين يتصرفون وفقًا للمبادئ بواجباتهم بدقة عندما يكونون في مزاج جيد؛ ولا يعملون بطريقة روتينية، فهم ليسوا متعجرفين ولا يتفاخرون بجعل الآخرين يقدرونهم. عندما يكونون في حالة مزاجية سيئة، فإنهم يُتِمّون مهامهم اليومية بنفس القدر من الجدية والمسؤولية، وحتى إذا واجهوا شيئًا يضر بأداء واجباتهم، أو يفرض عليهم القليل من الضغط أو يتسبب في عرقلة أثناء قيامهم بواجباتهم، فهم لا يزالون قادرين على تهدئة قلوبهم أمام الله والصلاة، قائلين: "بغض النظر عن حجم المشكلة التي أواجهها - حتى لو سقطت السماء – ما دام الله قد سمح لي بمواصلة الحياة، فأنا عازم على بذل قصارى جهدي لأداء واجبي. كل يوم يسمح الله لي بأن أحياه هو يوم سأعمل فيه بجد لأداء واجبي حتى أكون مستحقًا لهذا الواجب الذي منحني الله إياه، وكذلك هذا النفَس الذي وضعه في جسدي. بغض النظر عن مدى الصعوبة التي قد أواجهها، سأنحي كل شيء جانبًا، لأن أداء واجبي له أهمية قصوى!" أولئك الذين لا يتأثرون بأي شخص أو حدث أو شيء أو بيئة، والذين لا يتحكم فيهم أي مزاج أو موقف خارجي، والذين يضعون واجباتهم والإرساليات التي أوكلها الله إليهم أولًا وقبل كل شيء – هؤلاء هم الأشخاص المخلصون لله والخاضعون له بصدق. مثل هؤلاء الناس قد حققوا دخول الحياة ودخلوا إلى واقع الحق. هذا هو أحد أكثر التعبيرات عملية وأصالة عن حياة الحق.
من "يجب أن يبدأ دخول الحياة باختبار تأدية واجبك" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"
412. مهما طلبه الله منك، فإنك تحتاج إلى أن تقدم له نفسك كلها. أرجو أن تكون قادرًا على إظهار ولائك لله أمامه في النهاية، وما دمتَ تستطيع رؤية ابتسامة الرضى من الله من على عرشه، وحتى لو حان وقت موتك، ينبغي أن تكون قادرًا على الضحك والابتسام حينما تغلق عينيك. يجب أن تؤدي واجبك الأخير من أجل الله أثناء حياتك على الأرض. في الماضي، صُلب بطرس ورأسه لأسفل من أجل الله، لكن ينبغي عليك إرضاء الله في النهاية، وبذل كل طاقتك من أجله. ما الذي يمكن أن يفعله المخلوق نيابة عن الله؟ لذلك ينبغي أن تسلّم أمرك لله عاجلاً وليس آجلاً، ليصرّفك كيف يشاء. فما دام الله سعيداً وراضياً، دعه يفعل ما يشاء بك. أي حق يملكه البشر لينطقوا بكلمات الشكوى؟
من "الفصل الحادي والأربعون" في "تفسيرات أسرار كلام الله إلى الكون بأسره" في "الكلمة يظهر في الجسد"
413. اليوم، المطلوب منكم تحقيقه ليس متطلبات إضافية، بل واجب الإنسان، وهو ما ينبغي على كل الناس القيام به. إن كنتم غير قادرين حتى على أداء واجبكم، أو على أدائه بصورة جيدة، أفلا تجلبون المتاعب لأنفسكم؟ ألا تعجلون بالموت؟ كيف ما زلتم تتوقعون مستقبلاً وتطلعات؟ عمل الله هو من أجل البشرية، وتعاون الإنسان هو من أجل تدبير الله. بعد أن يقوم الله بكل ما ينبغي أن يقوم به، يُطلَب من الإنسان ألا يكون محدودًا في ممارسته، وأن يتعاون مع الله. في عمل الله، لا ينبغي على الإنسان بذل أي جهد، بل يجب أن يقدم ولاءه ولا ينخرط في تصورات عديدة، أو يجلس منتظرًا الموت. يمكن أن يضحي الله بنفسه من أجل الإنسان، فلماذا لا يمكن أن يقدم الإنسان ولاءه لله؟ لله قلب واحد وعقل واحد تجاه الإنسان، فلماذا لا يمكن للإنسان أن يقدم القليل من التعاون؟ يعمل الله من أجل البشر، فلماذا لا يستطيع الإنسان أن يؤدي بعضًا من واجبه من أجل تدبير الله؟ لقد وصل عمل الله لهذا المدى، وأنتم ما زلتم مشاهدين لا فاعلين، تسمعون ولا تتحركون. أليس مثل هؤلاء الناس كائنات للهلاك؟ كرس الله نفسه كلها من أجل الإنسان، فلماذا اليوم الإنسان عاجز عن أداء واجبه بجد؟ بالنسبة لله، عمله هو أولويته، وعمل تدبيره ذو أهمية قصوى. بالنسبة للإنسان ممارسة كلمات الله واستيفاء متطلباته هي أولويته. هذا ما ينبغي عليكم جميعًا أن تفهموه.
من "عمل الله وممارسة الإنسان" في "الكلمة يظهر في الجسد"
414. إن تأدية الإنسان لواجبه هي في الواقع إنجاز كل ما هو متأصل فيه، أي لكل ما هو ممكن للإنسان. وحينها يكون قد أتمَّ واجبه. تتقلّص عيوب الإنسان أثناء خدمته تدريجيًا من خلال الخبرة المتواصلة وعملية اختباره للدينونة، وهذه العيوب لا تعيق واجبه أو تؤثر فيه. أولئك الذين يتوقفون عن الخدمة أو يتنحّون ويتراجعون خوفًا من القصور الذي قد يكون موجودًا في الخدمة هم الأكثر جُبنًا بين كل الناس. إذا لم يستطع الإنسان أن يعبّر عمّا يجب التعبير عنه أثناء الخدمة أو أن يحقق ما يمكنه أساسًا تحقيقه، وبدلاً من ذلك يخادع ويتهاون، فقد خسر الوظيفة التي على المخلوق أن يتحلى بها. يُعد هذا النوع من الناس عاديًا وتافهًا وعديم النفع. كيف يمكن لشخص كهذا أن يُكَرَّم بلقب مخلوق؟ أليسوا كيانات من الفساد تسطع في الخارج ولكنها فاسدة من الداخل؟ إذا كان الإنسان يدعو نفسه الله، وهو غير قادر على التعبير عن كينونة اللاهوت، والقيام بعمل الله نفسه، أو تمثيل الله، فهو حتمًا ليس بالله، لأنه لا يملك جوهر الله، وما يمكن لله تحقيقه بحسب طبيعته غير موجود في هذا الإنسان. إذا فقد الإنسان ما يمكن أن يحققه بطبيعته، فلا يمكن اعتباره إنسانًا بعد، ولا يستحق أن يُوجَد ككائنٍ مخلوق ولا أن يأتي أمام الله ويخدمه. وهو بالأكثر غير مستحق الحصول على نعمة الله أو حراسته وحمايته أو جعله كاملاً. الكثيرون ممَنْ فقد اللهُ ثقته بهم يستمرون في فقدان نعمته. فهم لا يكتفون بعدم احتقار آثامهم فحسب، بل يُروّجون بوقاحة فكرة أن طريق الله غير صحيح، كما ينكر أولئك العُصاة حتى وجود الله. كيف يمكن لمثل هذا الإنسان وهو في مثل هذا العصيان أن يحظى بامتياز التمتّع بنعمة الله؟ إن الناس الذين فشلوا في القيام بواجبهم ما زالوا متمرّدين جدًا ضد الله ويدينون بالكثير له، ومع ذلك يلقون باللوم عليه قائلين إنه مخطئ. كيف يمكن لهذا الإنسان أن يكون جديرًا بأن يُكَمَّل؟ ألا يسبق هذا الأمرُ إقصاءه ومعاقبته؟ الإنسان الذي لا يقوم بواجبه أمام الله مذنب بالفعل بأبشع الجرائم، حتى أن الموت يُعد عقوبة غير كافية لها، ومع ذلك لدى الإنسان الوقاحة ليجادل الله ويشبِّه نفسه به. ما الفائدة من تكميل إنسان كهذا؟ إذا فشل الإنسان في أداء واجبه، يجب أن يشعر بالذنب والمديونية. يجب عليه أن يحتقر ضعفه وعدم جدواه، وعصيانه وفساده، وإضافة إلى ذلك، يجب أن يبذل حياته ودمه من أجل الله. عندها فقط يكون مخلوقًا يُحِبّ الله فعلاً. وفقط هذا الصنف من البشر يستحق أن يُكَمِّلَه الله ويتمتع بوعده وبركاته. وماذا عن الغالبية منكم؟ كيف تعاملون الله الذي يحيا بينكم؟ كيف تراكم قمتم بواجبكم أمامه؟ هل قمتم بكل ما قد طالبكم به، حتى وإن كان على حساب حياتكم الشخصية؟ ما الذي ضحيتم به؟ ألم تحصلوا على الكثير مني؟ هل تستطيعون التمييز؟ ما مدى إخلاصكم لي؟ كيف تراكم خدمتموني؟ وماذا عن كل ما قد منحتكم إياه وما قمت به لأجلكم؟ هل عملتم بموجبها جميعًا؟ هل حكمتم جميعكم فيها وقارنتموها بقلة الضمير الذي فيكم؟ مَنْ الذي يستحق أقوالكم وأفعالكم؟ هل يمكن أن تستحق تضحيتكم الصغيرة هذه كل ما قد منحتكم إياه؟ ليس لديَّ خيار آخر وقد كرّست نفسي لكم بالكلية، ومع ذلك أنتم فاترو الهمة وتُكِنّون نوايا شرّيرة نحوي. هذا هو مقدار واجبكم، وظيفتكم الوحيدة. أليس كذلك؟ ألا تعرفون أنكم لم تتمّموا على الإطلاق واجب المخلوق؟ كيف يمكن اعتباركم كائنات مخلوقة؟ ألا تعرفون جليًا ما تُعَبِّرون عنه وتحيوه؟ لقد أخفقتم في القيام بواجبكم، ومع ذلك تسعون إلى الحصول على سماحة الله ونعمته الجزيلة. لم تُهيَّأ نعمةٌ كهذه لأشخاص مثلكم لا قيمة لهم أو أساس، إنما لمن لا يطلبون شيئًا ويضحّون بكل سرور. لا يستحق الأشخاص العاديون والتافهون الذين هم على منوالكم التمتّع بنعمة السماء على الإطلاق. يجب فقط أن ترافقَ أيامَكم المشقةُ والعقابُ اللامتناهي! إذا لم تستطيعوا أن تكونوا مخلصين لي، فستكون المعاناة مصيركم. وإذا لم تستطيعوا أن تكونوا مسؤولين عن كلامي وعملي، فسيكون العقاب من نصيبكم. لا علاقة لكم بأية نعمة وبركاتٍ وحياة رائعة في الملكوت. هذه هي النهاية التي تستحقونها وعاقبة أعمالكم!
من "وجه الاختلاف بين خدمة الله المتجسّد وواجب الإنسان" في "الكلمة يظهر في الجسد"