كيفية معرفة طبيعة الإنسان

كيف تعرف طبيعة المرء؟ ما هي الأشياء المكوّنة لطبيعة شخص ما؟ أنت لا تعرف إلّا نقائص الإنسان وعيوبه ونواياه ومفاهيمه وسلبيته وعصيانه، لكنك لا تستطيع اكتشاف الأشياء الموجودة في أعماق طبيعة الإنسان. أنت تعرف الطبقة الخارجية فحسب، دون أن تكون قادرًا على اكتشاف أصلها، وهذا لا يُشكل معرفة بطبيعة الإنسان. يعترف بعض الناس بنقائصهم وسلبياتهم قائلين: "أنا أفهم طبيعتي. انظر، إنني أعترف بغروري. أليست هذه معرفة بطبيعتي؟" صحيح إن الغرور جزء من طبيعة الإنسان، لكن الاعتراف بهذا بالمعنى العقائدي ليس كافيًا. ما معنى أن يعرف المرء طبيعته؟ كيف يمكن معرفتها؟ من أيّ أوجه تُعرف؟ كيف يجب أن يتم تحديدًا تصور طبيعة المرء من خلال الأمور التي يُظهرها؟ أولًا، يمكنك أن ترى طبيعة شخص ما من خلال اهتماماته. مثلًا، يهيم بعض الناس تحديدًا بالأشخاص المشهورين والبارزين إلى درجة العبادة، ويحبّ بعضهم المغنّين ونجوم السينما بصورة خاصة، بينما يُفتن البعض على وجه الخصوص بلعب الألعاب. ومن هذه التفضيلات، يمكننا رؤية طبيعة هؤلاء الأشخاص. وفيما يلي مثال بسيط: قد يؤلّه بعض الناس مغنّيًا ما بالفعل. إلى أي درجة يؤلهونه؟ إلى درجة الهوس بكل حركة وابتسامة وكلمة لهذا المغنّي. إنهم يثبتون نظرهم على هذا المُغنّي، حتى إنّهم يصوّرون كل ما يرتديه ثم يقلّدونه. ما المشكلة التي يُبرزها هذا المستوى من التأليه لشخص ما؟ إنه يُظهر أنّ شخصًا كهذا لا يملك سوى تلك الأمور غير الإيمانية في قلبه، وأنه لا يملك الحق وليست لديه أشياء إيجابية، فضلًا عن أن يكون الله في قلبه. كل الأمور التي يفكّر فيها هذا الشخص ويحبّها ويسعى إليها هي من الشيطان. هذه الأشياء تشغل قلب هذا الشخص، وقلبه يستسلم لتلك الأشياء. هل يمكنكم معرفة جوهره وطبيعته؟ ما المشكلة هنا؟ إن أحبّ المرء شيئًا بتطرف، فقد يصبح ذلك الشيء حياة الشخص ويشغل قلبه، ما يثبت كليًا أنّ الشخص عابد وثن لا يريد الله، بل يحبّ الشيطان. ومن ثمَّ، يمكن استنتاج أنّ طبيعة شخص كهذا طبيعة تحبّ إبليس وتعبده، ولا تحبّ الحق، ولا تريد الله. أليست هذه هي الطريقة الصحيحة للنظر إلى طبيعة أحدهم؟ إن هذا صحيح تمامًا. بهذه الطريقة يجب تحليل طبيعة المرء. على سبيل المثال، بعض الناس يؤلِّهون بولس على وجه الخصوص. إنهم يحبّون الخروج وإلقاء الخُطَب والقيام بالعمل، ويُحبّون حضور الاجتماعات والوعظ؛ ويُحبّون أن يستمع الناس إليهم، وأن يتعبّدوا لهم ويحيطوا بهم. إنَّهم يُحِبّون أن يشغلوا مكانًا في أذهان الآخرين، ويستحسنون تفخيم الآخرين للصورة التي يمثلونها. فلنحلل طبيعتهم من خلال هذه السلوكيات. ما هي طبيعتهم؟ إذا تصرَّفوا حقًا على هذا النحو، فهذا يكفي لإظهار أنهم متكبّرون ومغرورون. إنهم لا يعبدون الله على الإطلاق؛ بل يسعون للحصول على مكانة أعلى، ويرغبون في أن يتسلَّطوا على الآخرين، وأن يمتلكوهم، وأن يشغلوا مكانة في قلوبهم. هذه صورة كلاسيكية للشيطان. ما يميز طبيعتهم هو التكبر والغرور وعدم الرغبة في عبادة الله والرغبة في عبادة الآخرين لهم. يمكن لهذه السلوكيات أن تعطيك صورة واضحة للغاية عن طبيعتهم. مثال ذلك، يحب بعض الناس بالفعل الاستفادة المغرضة على حساب الآخرين، ويسعى هؤلاء الناس إلى تحقيق مصالحهم الخاصة في جميع الأمور. فمهما كان ما يفعلونه ينبغي أن يفيدهم، وإلا فلن يفعلوه. لا يهتمون بأي شيء إلا إذا منحهم بعض المنفعة، وتوجد دائمًا دوافع خفية وراء أفعالهم. إنهم يمدحون أي شخص يفيدهم ويشجعون أي شخص يجاملهم. وحتى عندما يواجه الناس المفضلون لديهم مشكلات، يقولون إن أولئك الناس على صواب، ويحاولون جاهدين الدفاع عنهم والتستر عليهم. ما طبيعة أمثال هؤلاء الناس؟ يمكنك أن ترى طبيعتهم تمامًا بوضوح من هذه السلوكيات. إنهم يسعون جاهدين للاستفادة المغرضة من خلال أفعالهم، وينخرطون باستمرار في سلوك المعاملات في كل موقف، ويمكنك أن تكون على يقين من أن طبيعتهم تتسم بالرغبة في الربح من صميم القلب. إنهم أنانيون في كل شيء يفعلونه. لن ينهضوا باكرًا ما لم يكن ذلك يفيدهم. إنهم أكثر الناس أنانية، كما أنهم نهمون بما لا يُقاس. تتجلى طبيعتهم من خلال حبهم للربح وافتقارهم إلى محبة الحق. بعض الرجال مفتونون بالنساء، ويضيعون الوقت معهن دائمًا أينما ذهبوا. والنساء الجميلات هن المستهدفات بمشاعر أمثال هؤلاء الناس، ويحظين بأعلى تقدير في قلوبهم. وهم على استعداد للتضحية بحياتهم والتضحية بكل شيء من أجل النساء الجميلات؛ فالنساء هن من يملأن قلوبهم. ما طبيعة هؤلاء الرجال؟ طبيعتهم هي حب النساء الجميلات وعبادتهن وحب الشر. إنهم منغمسون في الملذات وذوو طبيعة شريرة وشرهة. لماذا أقول إن هذه هي طبيعتهم؟ تكشف أفعالهم عن طبيعة شرهة. وهذه السلوكيات ليست مجرد تجاوزات عرضية، كما أن أمثال هؤلاء الناس ليسوا أسوأ بقليل من الناس العاديين، بل أصبحوا منهمكين تمامًا بهذه الأشياء التي أصبحت طبيعتهم وجوهرهم. وبالتالي، أصبحت هذه الأشياء مظاهر طبيعتهم. فعناصر طبيعة الشخص تكشف عن نفسها باستمرار. ويمكن لأي شيء يفعله الشخص، بصرف النظر عن ماهيته، أن يكشف عن طبيعة ذلك الشخص. الناس لديهم دوافعهم وأهدافهم الخاصة في كل ما يفعلونه، وسواء كان ذلك في تقديم الضيافة أو الوعظ بالإنجيل أو أي نوع آخر من العمل، يمكنهم الكشف عن أجزاء من طبيعتهم دون أي وعي بذلك؛ لأن طبيعة الشخص هي حياته، والناس مدفوعون بطبائعهم طوال حياتهم. لا تنكشف طبيعة الشخص بين الحين والآخر أو بالمصادفة فقط، بل يمكن أن تمثل جوهر الشخص تمامًا. فكل ما يتدفق من داخل عظام الناس ودمائهم يمثل طبيعتهم وحياتهم. بعض الناس يحبون النساء الجميلات، وآخرون يحبون المال. والبعض يحبون المكانة على نحو خاص. والبعض يُقدِّرون السمعة وصورتهم الشخصية خصيصًا. والبعض يحبون الأوثان أو يعبدونها بشكل خاص. وبعض الناس متكبرون ومغرورون بصورة خاصة، ولا يخضعون لأحد في قلوبهم، ويسعون للحصول على المكانة، ويحبون التميز عن الآخرين والحصول على النفوذ عليهم. توجد مجموعة متنوعة من الطبائع المختلفة. من الممكن أن تختلف بين الناس لكن عناصرها المشتركة هي مقاومة الله وخيانته. وبتلك الطريقة فإنها جميعًا متطابقة.

فيما يخص كيفية معرفة طبيعة شخص ما، لنلقِ نظرة على بعض الأمثلة الأخرى. خذ الأنانية كمثال. يمكن القول بأن الأنانية واحدة من عناصر طبيعة الشخص. كل شخص لديه هذا العنصر بداخله. بعض الناس أنانيون بدرجة مروعة وإلى أقصى الحدود وفي كل شيء، فهم لا يراعون إلا أنفسهم ولا يسعون إلا لتحقيق ربح شخصي، وليس لديهم أدنى اعتبار للآخرين. وتلك الأنانية تمثل طبيعتهم. كل شخص أناني إلى حد ما، ولكن يوجد فرق. عند الارتباط بالآخرين، يمكن لبعض الناس أن ينتبهوا ويهتموا بالآخرين ويمكن أن يعتنوا بالآخرين ويفكروا فيهم في كل ما يفعلونه. ومع ذلك، فإن بعض الناس الآخرين ليسوا هكذا. هؤلاء الناس أنانيون بشكل خاص ودائمًا ما يكونون سخفاء عند استضافة الإخوة والأخوات. إنهم يقدمون لعائلاتهم أفضل طعام بأكبر الحصص بينما يعطون الإخوة والأخوات حصصًا أصغر من الأطعمة الأقل شهية. وعند مجيء أقاربهم، فإنهم يرتبون لهم أن يكونوا مرتاحين للغاية. ومع ذلك، عندما يأتي الإخوة والأخوات، فإنهم يجعلونهم ينامون على الأرضية. يعتقدون أنه من الجيد بما فيه الكفاية أنهم يسمحون للإخوة والأخوات بالمبيت أثناء الزيارات. وعندما يمرض الإخوة والأخوات أو يواجهون صعوبةً أخرى، فإن مثل هذا الشخص لا يأبه بهم مطلقًا ويتصرف كما لو أنه لا يلاحظ ذلك. لا يهتم أمثال هؤلاء الناس بالآخرين أو يشعرون بالقلق تجاههم على أقل تقدير. إنهم لا يهتمون إلا بأنفسهم وأقاربهم. وطبيعتهم الأنانية هذه هي التي تحدد عدم رغبتهم في الاعتناء بالآخرين. فهم يشعرون أن الاعتناء بالآخرين ينطوي على المعاناة من الخسائر كما أنه كثير المتاعب. قد يقول بعض الناس: "الشخص الأناني لا يعرف كيف يكون مراعيًا للآخرين". وذلك غير صحيح. إن كان الأشخاص الأنانيون لا يعرفون كيفية الاعتناء، فلماذا هم صالحون للغاية تجاه أقاربهم ويُظهرون المراعاة التامة لاحتياجاتهم؟ لماذا يعرفون ما يفتقرون إليه هم أنفسهم وما الملائم للارتداء أو الأكل في وقت معين؟ لماذا لا يمكنهم أن يكونوا هكذا للآخرين؟ إنهم في الواقع يفهمون كل شيء، لكنهم أنانيون وحقراء. وهذا تحدده طبيعتهم. أولئك الأنانيون في جميع الأشياء لا يمكنهم معاملة الآخرين بالعدل. ويوجد أيضًا جانب الشر. فقد نصَّ بيت الله على وجوب استبعاد جميع من يرتكبون الزنا باستمرار. ولكن فيما يخص بعض الناس، فقد كان ذلك مجرد انتهاك مؤقت. هل ينبغي التعامل معهم مثل أولئك الذين يرتكبون الزنا باستمرار؟ هذه مسألة مبدأ. أولئك الذين قد يكونون قد ارتكبوا الزنا بين الحين والآخر لا يمكن اعتبارهم أناسًا ذوي طبيعة شريرة. إذا كان شخص ما يتلاعب باستمرار مع الجنس الآخر أينما ذهب وكان صفيقًا ويفتقر إلى الأخلاق فيما يخص العلاقات الإنسانية، فهذا شخص شرير وطبيعته هي طبيعة الشر. سوف يكشف مثل هذا الشخص عن طبيعته بصرف النظر عن الإجراءات التي يتخذها أو العمل الذي يفعله. فطبيعته لا يمكن السيطرة عليها، وقلبه طافح بهذه الأشياء القذرة. إنه يتلاعب مع الجنس الآخر أينما ذهب، وحتى لو توقَّف لبعض الوقت، فإنه يفعل ذلك لأن البيئة لا تسمح بذلك أو لعدم وجود شركاء مناسبين. يمكن ظهور أشياء من طبيعة المرء في أي وقت وفي أي مكان؛ فلا شيء يمكن أن يحد منها. ينجذب بعض الناس على وجه الخصوص إلى الملابس والجمال والغرور؛ وهي أشياء عبثية للغاية. إنهم يُغيِّرون ملابسهم عدة مرَّات في اليوم، وينظرون ليروا من يرتدي ملابس جميلة ومن يبدو أنيقًا. وإن لم يتمكنوا من الحصول على هذه الأشياء، لن يتمكنوا من النوم، وسوف يقترضون المال أو يدفعون أي ثمن للحصول على هذه الأشياء. إذا لم يتمكنوا من الحصول على هذه الأشياء، فقد يفقدون كل اهتمام بالإيمان بالله، ويتوقفون عن الرغبة في حضور الاجتماعات، ويشعرون باليأس من قراءة كلمة الله. فهذه الأشياء هي كل ما يشغل أذهانهم. ولا يمكنهم التفكير في أي شيء آخر. أمثال هؤلاء الناس باطلون على وجه الخصوص، أكثر بكثير من الشخص العادي. فهذا شيء في طبيعتهم وفي كيانهم، فطبيعتهم نفسها باطلة. لا تنكشف الأشياء في طبيعة الإنسان بلحظة ضعف، لكنها بالأحرى مظاهر متسقة. بصرف النظر عما يفعله الناس، فإنهم يحملون عناصر طبيعتهم. وحتى عندما لا تكون واضحة من الخارج، لا تزال توجد شوائب بالداخل. إذا تحدَّث شخص مخادع بصدق، فلا يزال يوجد معنى خفي وراء كلامه. فكلامه لا يزال ملوثًا بالخداع. المخادع يكون مخادعًا مع الجميع وحتى مع أقاربه وأولاده. بصرف النظر عن مدى صراحتك معه، فإنه سيكون مخادعًا معك. هذا هو وجهه الحقيقي، وهذه هي طبيعته بالتحديد. ليس من السهل تغييرها وسوف تظل هكذا دائمًا. أحيانًا ما يقول الشخص الصادق كلمات ملتوية ومخادعة، لكنه عادةً ما يكون صادقًا ويتصرف بجدية نسبية ولا يستغل الآخرين عند التعامل معهم ولا يقصد إغواء الآخرين عند التحدث معهم. يمكنه الانفتاح والمشاركة من القلب مع الآخرين، ويقول الجميع إنه بلا ذنب. عندما يتكلم أحيانًا بكلمات مخادعة، فهذا مجرد شخصيته الفاسدة التي تكشف عن نفسها. هذا لا يُمثِّل طبيعته لأنه ليس شخصًا مخادعًا. ولذلك، عندما يتعلق الأمر بطبيعة الشخص، يجب أن تفهم عناصر تلك الطبيعة وماهية الشخصية الفاسدة. يجب أن تتمكن من التمييز بين الاثنين بوضوح. والآن، عندما يُطلَب من الناس تحليل طبيعتهم، سوف يقول البعض: "أحيانًا أتحدث بقسوة" أو "أنا غير مثقف ولا أعرف كيفية التصرف" أو "أحيانًا توجد شوائب عندما أؤدي واجباتي"، ولكنهم لا يتحدثون عن ماهية طبيعتهم أو ما إذا كانت إنسانيتهم جيدة. فهم يتجنبون دائمًا هذا النوع من الأشياء، ولا يمكنهم أن يعرفوا أنفسهم حقًا. من غير المقبول التستر الدائم والخوف من فقدان ماء الوجه. فما هو في طبيعتك يجب التنقيب عنه. وإذا كان لا يمكن التنقيب عنه، فلا يمكن فهمه. وإذا كان لا يمكن فهمه، فلا يمكن تغييره. يجب أن تكون صارمًا للغاية عندما يتعلق الأمر بمعرفة نفسك. يجب ألا تخدع نفسك، ولا يمكنك التخبط فيما يخص هذا الأمر.

يتضمن فهم طبيعتك في المقام الأول فهم نوعية شخصيتك حقًا. تشير نوعية شخصيتك إلى نوع طبيعتك. مثال ذلك، القول بأن شخصًا ما كذا وكذا يروي الكثير عن طبيعته. فنوع طبيعة الشخص يحدد نوعية شخصيته. وطبيعة الإنسان هي حياته. كيف يمكنك أن ترى طبيعة الشخص؟ يجب أن تتواصل معه بصفة متكررة وتقضي بعض الوقت في مراقبة نوعية شخصيته. يمكن القول بأن طبيعته وجوهره هما كل ما يظهر منهما أكثر ويمثل جوهره وخصائصه. فتلك العناصر من جوهره تُشكِّل طبيعته. عندما يتعلق الأمر برؤية نوع الشخص، فإن هذه الطريقة أدق. مهما كان جوهر الشخص، فإن هذه هي طبيعته. تحدد طبيعة الشخص نوعية شخصيته. مثال ذلك، إذا كان شخص يحب المال على وجه الخصوص، فيمكن تلخيص طبيعته في بضع كلمات: إنه محب للمال. وإذا كانت السمة الأبرز لدى شخص ما هي حب النساء وكان فاسقًا على الدوام، فإن هذا الشخص يحب الشر ولديه طبيعة شريرة. يحب بعض الناس تناول الطعام. إذا أعطيت مثل هذا الشخص بعض الكحول وبعض اللحوم، فسوف يكون طوع أمرك. وهذا يدل على أن هذا الشخص لديه طبيعة شرهة كالخنزير تمامًا. كل إنسان له شخصية فاسدة وخطأ قاتل، والشخصية الفاسدة تسيطر عليه في حياته الواقعية. إنه يعيش وفقًا لهذه الشخصية الفاسدة، وهي تُمثِّل طبيعته. يمكن القول بأن طبيعته هي الجزء الذي يُمثِّل فيه عيبه القاتل – وعيبه القاتل هو طبيعته. يبدو أن بعض الناس يتمتعون بإنسانية مقبولة ولا يُظهرون أي عيوب كبيرة ظاهريًا، لكن ضعفهم الأكبر هو هشاشتهم. ليست لديهم أهداف أو تطلعات في الحياة، إنما يتخبطون في الحياة ويسقطون عند أدنى انتكاسة ويصبحون سلبيين عندما تسوء الأمور. وإذا انتهى بهم الأمر بوجود مفاهيم لديهم لدرجة أنهم لا يعودون يريدون الإيمان، فإن ضعفهم الأكبر هو هشاشتهم؛ فطبيعتهم هشة وهم بلا قيمة ولا يمكن مساعدتهم. وبعض الناس عاطفيون للغاية. إنهم يعيشون بمشاعرهم في كل يوم وفي كل ما يقولونه وبجميع الطرق التي يتصرفون بها تجاه الآخرين. يشعرون بالعاطفة تجاه هذا وذاك، ويقضون أيامهم منغمسين في أدق تفاصيل العاطفة. وفي كل شيء يقابلونه، يعيشون في عالم العاطفة. وعندما يموت أحد أقاربه غير المؤمنين، فإنه سيبكي لمدة ثلاثة أيام. قد يرغب آخرون في دفن الجثة، لكنه لا يسمح بذلك. فلا تزال لديه مشاعر تجاه المتوفى ومشاعره جارفة للغاية. يمكنك القول بأن المشاعر هي العيب القاتل لهذا الشخص. إنه محكوم بمشاعره في جميع الأمور ولا يقدر على ممارسة الحق أو التصرف وفقًا للمبدأ، وغالبًا ما يكون عُرضةً للتمرد على الله. المشاعر هي نقطة ضعفه الرئيسية وعيبه القاتل، ومشاعره قادرة تمامًا على تخريبه وإهلاكه. لا يقدر الأشخاص المفرطون في العاطفة على ممارسة الحق أو طاعة الله. إنهم منشغلون بالجسد وهم حمقى وأذهانهم مشوشة. وذلك النوع من طبيعة الشخص مفرط في العاطفة، وهو يعيش وفقًا لمشاعره. ولذلك، إذا أردت السعي إلى تغيير في شخصيتك، فيجب أن تعرف طبيعتك. "الطبع يغلب التطبُّع". لا تفترض أن الطبيعة يمكن أن تتغير. إذا كانت طبيعة شخص ما رديئة للغاية، فلن يتغير أبدًا ولن يُخلِّصه الله. ماذا يعني التحوُّل في الشخصية؟ إنه يحدث عندما يقبل الشخص الذي يحب الحق دينونة كلامه وتوبيخه ويخضع لجميع أنواع المعاناة والتنقية أثناء اختبار عمل الله. يتطهر مثل هذا الشخص من السموم الشيطانية بداخله ويتحرر تمامًا من شخصياته الفاسدة حتى يتمكن من الخضوع لكلام الله وجميع تنظيماته وترتيباته، ولا يتمرد عليه أو يقاومه مرَّة أخرى. هذا تحوُّل في الشخصية. إذا كانت طبيعة الإنسان رديئة للغاية وإذا كان شخصًا شريرًا، فلن يُخلِّصه الله ولن يعمل الروح القدس في داخله. وهذا يعني أن الأمر أشبه بعلاج الطبيب لمريض. يمكن علاج شخص مصاب بالتهاب، ولكن لا يمكن إنقاذ شخص مصاب بالسرطان. التحول في الشخصية يعني أن الشخص يعرف أخيرًا طبيعته غير المطيعة لله والمعارضة لله نظرًا لأنه يحب الحق ويمكنه قبوله. إنه يفهم أن البشر فاسدون فسادًا مستشريًا ويفهم سخافة الجنس البشري وخداعه وحالة الجنس البشري المعدمة والمثيرة للشفقة، وفي النهاية يفهم طبيعة الجنس البشري وجوهره. وبمعرفة هذا كله، يتمكن من إنكار نفسه والتخلي عنها تمامًا والعيش وفقًا لكلمة الله وممارسة الحق في جميع الأشياء. هذا شخص يعرف الله وشخص تغيَّرت شخصيته.

لقد أفسد الشيطان البشرية جمعاء، وطبيعة الإنسان هي خيانة الله. ولكن من بين جميع البشر الذين أفسدهم الشيطان، هناك البعض ممن يمكنهم الخضوع لعمل الله وقبول الحق. وهؤلاء أناس يمكنهم الحصول على الحق وتحقيق تغيير في الشخصية. بعض الناس لا يطلبون الحق بل يسيرون مع التيار. سوف يطيعون ويفعلون كل ما تطلبه منهم، ويمكنهم التخلي عن الأشياء وبذل أنفسهم، ويمكنهم تحمل أي معاناة. أمثال هؤلاء الناس لديهم قدر ضئيل من الضمير والمنطق، ولديهم رجاء في الخلاص والبقاء على قيد الحياة، لكن شخصيتهم لا يمكن أن تتغير لأنهم لا يطلبون الحق ولا يقتنعون إلا بفهم التعاليم. إنهم لا يقولون أو يفعلون الأشياء التي تخالف الضمير، ويمكنهم أداء واجباتهم بصدق، ويمكنهم قبول إقامة الشركة عن الحق فيما يخص أي مشكلة. ومع ذلك، فإنهم لا يبذلون جهدًا حثيثًا لطلب الحق، وعقولهم مشوشة، ولا يمكنهم أبدًا فهم جوهر الحق. من المستحيل أن تتغير شخصياتهم. إذا كنتَ ترغب في تطهير نفسك من الفساد والخضوع لتغيير شخصيَّتك الحياتية، فينبغي عليك عندئذ أن تحبّ الحقّ وأن تكون قادرًا على قبوله. ما معنى قبول الحقّ؟ يعني قبول الحقّ أنه بصرف النظر عن نوع الشخصيَّة الفاسدة التي لديك أو نوع سموم التنِّين العظيم الأحمر أو سموم الشيطان الموجودة في طبيعتك، عندما يكشف كلام الله هذه الأشياء، ينبغي أن تعترف بها وتخضع، ولا يمكنك أن تختار خيارًا مختلفًا، ويجب أن تعرف نفسك وفقًا لكلام الله. يعني هذا أن تتمكن من قبول كلام الله وقبول الحق. وبصرف النظر عمَّا يقوله الله، وعن صرامة أقواله، وعن الكلام الذي يستخدمه، يمكنك قبوله ما دام ما يقوله هو الحقّ، ويمكنك الاعتراف به ما دام يتوافق مع الواقع. يمكنك الخضوع لكلام الله بغضّ النظر عن مدى عمق فهمك إيّاه، كما أنك تقبل النور الذي يُظهرُه الرُّوح القدس ويقيم له الإخوة والأخوات شركة. عندما يصل طلب مثل هذا الشخص الحقّ إلى نقطةٍ مُعيَّنة، يمكنه الحصول على الحقّ وتحقيق التحوُّل في شخصيَّته. حتى لو كان الناس الذين لا يحبون الحق يملكون قدرًا ضئيلًا من الإنسانية، ويمكنهم فعل بعض الأعمال الصالحة، ويمكنهم التخلي عن أشياء والبذل لأجل الله، فإنهم مرتبكون بشأن الحق ولا يتعاملون معه بجدية. ولذلك، فإن شخصيتهم الحياتية لا تتغير أبدًا. يمكنك أن ترى أن بطرس كانت لديه طبيعة إنسانية مماثلة للتلاميذ الآخرين، لكنه تميَّزَ بسعيه الحثيث إلى الحق. وبغض النظر عما قاله يسوع، فقد تأمله بجدية. سأل يسوع: "يا سِمعان بن يونا، أتحبُّني؟" أجاب بطرس بصدق: "لقد أحببتُ فقط الآب الذي في السماء، ولكنّني لم أحبّ قط الرب الذي على الأرض". وقد فهم في وقت لاحق، وفكر قائلًا لنفسه: "هذا ليس صحيحًا، فالإله الذي على الأرض هو الإله الذي في السماء. أليس هو الإله ذاته في السماء وعلى الأرض؟ إذا كنتُ أحب الله الذي في السماء فقط، فإن محبتي ليست حقيقية. يجب أن أحب الله الذي على الأرض؛ لأنه عندها فقط ستكون محبتي حقيقية". وهكذا، فهم بطرس المعنى الحقيقي لكلمة الله من سؤال يسوع. لكي يحب المرءُ الله، ولكي تكون هذه المحبة حقيقية، يجب عليه أن يحب الله المتجسد الذي على الأرض؛ فمحبة إله غامض وغير مرئي أمر غير واقعيٍّ ولا عمليّ، بينما محبة الإله العملي المرئي هي الحق. من كلمات يسوع، ربِحَ بطرس الحق وفَهْمًا لمشيئة الله. من الواضح أن إيمان بطرس بالله كان مرتكزًا فقط على السعي إلى الحق. وفي النهاية، توصل إلى محبة الإله العملي؛ أي الإله الذي على الأرض. كان بطرس جادًّا بخاصّة في سعيه إلى الحق، وكان في كل مرة نصحهُ فيها يسوع يفكر بجدية في كلماته. ربما تأمل لأشهر أو لسنة أو حتى لسنوات قبل أن يزوده الروح القدس بالاستنارة وأصبح هو يفهم جوهر كلام الله. بهذه الطريقة، دخل بطرس إلى الحق، وفيما فعل ذلك تغيرت شخصيته الحياتية وتجددت. إذا كان الشخص لا يسعى إلى الحق، فلن يفهمه أبدًا. يمكنك أن تتحدث بالحروف والتعاليم عشرة آلاف مرة، لكنها ستظل مجرد حروف وتعاليم. يقول بعض الناس: "المسيح هو الحق والطريق والحياة"، لكن حتى إنْ كررت هذه الكلمات عشرة آلاف مرة، فستظل عديمة الفائدة؛ إذ إنك لا تفهم معناها. لماذا قيل إن المسيح هو الحق والطريق والحياة؟ هل يمكنك التكلم عن المعرفة التي اكتسبتها من خلال الاختبار حول هذه المسألة؟ هل دخلت إلى حقيقة الحق والطريق والحياة؟ لقد نطق الله بكلماته حتى تتمكنوا من اختبارها ومن رِبحِ المعرفة. ولكن لا فائدة من مجرد قول الحروف والتعاليم. لا يمكنك أن تعرف نفسك إلا بعد أن تفهم كلام الله وتدخل فيه. إذا كنت لا تفهم كلام الله، فلا يمكنك أن تعرف نفسك. يمكنك أن تربح التمييز فقط عندما تفهم الحق. وبدون فهم الحق، لا يمكنك التمييز. لا يمكنك أن ترى الأمور بوضوح إلا عندما تفهم الحق. وبدون فهم الحق، لا يمكنك رؤية الأمور بوضوح. ولا يمكنك أن تعرف نفسك إلّا عندما تفهم الحق. بدون فهم الحق، لا يمكنك معرفة نفسك. لا يمكن أن تتغير شخصيتك إلا بعد أن تربح الحق. فبدون الحق، لا يمكن أن تتغير شخصيتك. فقط بعد أن تكسب الحق يمكنك أن تخدم وفقًا لمشيئة الله. بدون ربح الحق، لا يمكنك أن تخدم وفقًا لمشيئة الله. فقط بعد أن تكون قد كسبت الحق يمكنك أن تعبد الله. بدون فهم الحق، حتى وإن عبدته، لن تكون عبادتك أكثر من مجرد أداء لطقوس دينية. فبدون الحق لا يكون شيء مما تفعله حقيقيًا. وبربح الحق يكون كل ما تفعله حقيقيًا. كل هذه الأشياء تتوقف على رِبحِ الحق من كلام الله. سوف يسأل بعض الناس: "ما الذي يعنيه بالضبط ربح الحق من كلام الله؟" هل يوجد حقًا احتياج للسؤال؟ يُعبِّر الله عن الحق كله، وهو بمجمله موجود في كلام الله. لا يوجد حق خارج كلام الله. يعتقد كثيرون من الناس أن القدرة على التكلم بالحروف والتعاليم هي معرفة الحق، وهذا غير معقول. لا يمكنك ربح الحق بمجرد التكلم بالتعاليم. ما فائدة مجرد إقامة الشركة عن المعنى الحرفي لكلام الله؟ أنت بحاجة إلى فهم المعنى في كلام الله ومصدر كلام الله والتأثير الذي يهدف إلى تحقيقه. تحتوي كلمة الله على الحق والحياة والنور والمبادئ والمسارات. وكل كلمة من كلام الله تحتوي على أشياء كثيرة. لا يكفي مجرد قول ما تعنيه صياغتها الحرفية ثم الانتهاء منها. سأقدم لك مثالًا. قال الله: "كونوا صادقين ولا تكونوا مخادعين". ماذا يعني هذا القول؟ يقول بعض الناس: "يتعلق هذا بإخبار الناس بأن يكونوا صادقين وليسوا مخادعين، أليس كذلك؟" إذا سألتهم عما يعنيه هذا القول أيضًا، فسوف يقولون: "يعني أنه ينبغي أن تكون شخصًا صادقًا وألا تكون شخصًا مخادعًا. إنه يعني هذين الأمرين فقط". وعندئذٍ قد تسأل: "ما الذي يعنيه بالضبط أن تكون شخصًا صادقًا؟ أي نوع من الأشخاص يُعتبر شخصًا صادقًا؟ ما سلوكيات الشخص الصادق؟ ما تصرفات الشخص المخادع؟ فيجيبون: "الشخص الصادق هو الذي يتحدث بصدق ولا يخلط كلامه بالكذب ولا يكذب. والشخص المخادع هو الذي يراوغ في كلامه ولا يقول الحق ويكون دائمًا نجسًا في كلامه ويحب قول الأكاذيب". هذا هو كل ما يمكنهم قوله. التفكير البشري بسيط للغاية. هل يمكنك الدخول إلى حقيقة الحق من خلال شرح الأشخاص الصادقين بكل بساطة؟ ماذا تقول كلمة الله عن الصادقين؟ أولًا، أن الأشخاص الصادقين لا يساورهم أي شك في الآخرين، وثانيًا، أن الأشخاص الصادقين يمكنهم قبول الحق. هاتان هما السمتان الرئيسيتان. ماذا يعني الله بهذا؟ لماذا يقول الله هذا؟ يمكنك من كلمة الله أن تفهم المغزى الأعمق لما يعنيه الشخص الصادق، وما يشير إليه، والتعريف الدقيق للشخص الصادق. بمجرد أن تفهم هذا التعريف بدقة، يمكنك عندئذٍ في كلمة الله أن ترى مظاهر الشخص الصادق وماهية الأشخاص المخادعين ومظاهر الشخص المخادع. وإذا أجريت تقييمًا لهذه المظاهر حينها، فسوف تفهم بالضبط ماهية الشخص الصادق وماهية الشخص المخادع، وكذلك كيفية تعامل المخادعين مع كلمة الله ومع الله ومع الآخرين. وبهذه الطريقة سوف تفهم حقًا كلام الله، وسوف تعرف مدى اختلاف مفهوم الناس عن الأشخاص الصادقين والأشخاص المخادعين عما تقوله كلمة الله. عندما تخبرك كلمة الله: "كن شخصًا صادقًا ولا تكن شخصًا مخادعًا"، توجد العديد من التفاصيل هنا. عندما تفهم حقًا معنى الكلمات، سوف تعرف ماهية الشخص الصادق وماهية الشخص المخادع. وعندما تمارس، سوف تعرف كيفية الممارسة بطريقة من المؤكد أنها تُظهِر مظاهر الشخص الصادق، وسوف ترى بوضوح مسار الممارسة ومبادئ الممارسة لتكون شخصًا صادقًا بما يضمن قبول الله لك. إذا فهمت هذه الكلمات حقًا وطبَّقتها، فسوف تتمكن من ربح رضا الله. ومع ذلك، إذا لم تفهم هذه الكلمات، فلن تكون شخصًا صادقًا ولن تربح رضا الله أبدًا. إن التوصل إلى فهم حقيقي لكلام الله ليس أمرًا بسيطًا. لا تفكر بهذه الطريقة: بوسعي تفسير المعنى الحرفي لكلام الله، ويقول الجميع إن تفسيري جيد ويوافقون عليه، وهذا يعني أنني أفهم كلام الله. هذا لا يعادل فهم كلام الله. وإن كنت قد استنرت قليلًا من داخل أقوال الله وأدركت المعنى الحقيقي لكلامه، وإن كان بوسعك التعبير عن المقصود من كلامه والأثر الذي سيحققه في النهاية، فإذا أصبح لديك فهم واضح لكل هذه الأمور، يمكن اعتبار أنك تملك مستوى معينًا من فهم كلام الله؛ لذا ففهم كلام الله ليس بكل تلك البساطة؛ فمجرد قدرتك على الشرح المنمق للمعنى الحرفي لكلام الله لا يعني أنك تفهمه، ومهما كانت قدرتك على تفسير معناه الحرفي، فسيظل تفسيرك مبنيًّا على خيال الإنسان وطريقة الإنسان في التفكير، إنه عديم الجدوى! كيف يمكنك أن تفهم كلام الله؟ مفتاح ذلك هو السعي إلى الحق من داخله. فبهذه الطريقة فقط يمكنك أن تفهم حقًا كلام الله. لا يتكلم أبدًا كلامًا فارغًا؛ إذ تحتوي كل جملة ينطق بها على تفاصيل سيتم بالتأكيد الكشف عنها أكثر في كلامه، وقد يتم التعبير عنها بشكل مختلف. لا يستطيع الإنسان أن يفهم الطرق التي يُعبِّر بها الله عن الحق؛ فأقوال الله عميقة جدًا ولا يمكن فهمها بسهولة من خلال تفكير الإنسان. يستطيع الناس اكتشاف المعنى الكامل تقريبًا لكل جانب من جوانب الحق ما داموا يبذلون جهدًا. يجب ملء التفاصيل المتبقية لهم أثناء اختبارهم اللاحق من خلال استنارة الروح القدس. أحد الأجزاء هو التأمل وفهم كلام الله والبحث عن محتواه المحدد بقراءته. وهناك جزء آخر هو فهم معنى كلام الله باختباره والحصول على الاستنارة من الروح القدس. يمكنك أن تتوصل إلى فهم كلمة الله من خلال التقدم المستمر في هذين الجانبين. فإذا فسرتها على مستوى حرفي أو نصي أو من تفكيرك وتصوراتك، فعندئذ حتى لو شرحته بتنميق وبلاغة، فأنت لا تزال لا تفهم الحق بالفعل، ولا يزال الأمر كله يستند إلى التفكير والتصورات البشرية. فهو غير مكتسب من استنارة الروح القدس. يميل الناس إلى تفسير كلام الله بناءً على مفاهيمهم وتصوراتهم، بل وقد يسيئون تفسير كلام الله خارج سياقه، مما يجعلهم عُرضة لإساءة فهم الله وإدانته، وهذا أمر مزعج. ولذلك، يُربَح الحق أساسًا بفهم كلام الله والاستنارة بالروح القدس. فالقدرة على فهم المعنى الحرفي لكلام الله وشرحه لا يعني أنك ربحت الحق. وإذا كان فهم المعنى الحرفي لكلمة الله يعني أنك فهمت الحق، فلن تحتاج إلا إلى القليل من التعليم والمعرفة، فلماذا إذن تحتاج إلى استنارة الروح القدس؟ هل عمل الله شيء يستطيع العقل البشري أن يستوعبه؟ وبالتالي، فإن فهم الحق لا يعتمد على المفاهيم أو التصورات البشرية. أنت تحتاج إلى استنارة الروح القدس وتنويره وتوجيهه كي تتمتع باختبار ومعرفة حقيقيين. وهذه هي عملية فهم الحق وربحه، وهي أيضًا شرط ضروري.

كيف تفهم طبيعة الإنسان؟ إن أهمّ شيء هو تمييزها من منظور نظرة الإنسان إلى العالم وإلى الحياة وقيمه. فأولئك الذين هم مِن إبليس يعيشون جميعًا لأنفسهم، وتأتي نظرتهم إلى الحياة ومسلَّماتهم بالدرجة الأولى من أقوال الشيطان، مثل: "أنا ومن بعدي الطوفان" "سيفعل الإنسان أي شيء ليصبح ثريًا" وغيرها من هذه المغالطات. وجميع هذا الكلام الذي نطق به ملوك الأبالسة هؤلاء والعظماء والفلاسفة قد أصبح يمثّل حياة الإنسان ذاتها. وتحديدًا، معظم كلام كونفوشيوس الذي يبجِّله الصينيون "كحكيم"، قد غدا يمثل حياة الإنسان. ثمة أيضًا الأمثال الشهيرة في البوذية والطاوية، والمقولات الكلاسيكية المذكورة كثيرًا لشخصيات شهيرة متنوعة. كل هذه هي خلاصات لفلسفات الشيطان وطبيعته. إنّها أيضًا أفضل الإيضاحات والتفسيرات لطبيعة الشيطان. هذه السموم التي غُرست في قلب الإنسان آتية كلها من الشيطان ولا يأتي أيّ منها من الله. تتعارض هذه الكلمات الشيطانية مع كلام الله تعارضًا مباشرًا أيضًا. من الواضح جليًا أنّ وقائع كل الأمور الإيجابية تأتي من الله، وكل الأمور السلبية التي تُسمِّم الإنسان تأتي من الشيطان. وبالتالي، يمكنك تمييز طبيعة الشخص وانتمائه من خلال نظرته إلى الحياة ومن قيمه. يفسد الشيطان الناس من خلال التعليم ونفوذ الحكومات الوطنية والمشاهير والعظماء؛ فقد أصبحت كلماتهم الشيطانية تمثّل حياة الإنسان وطبيعته. "أنا ومن بعدي الطوفان" مقولة شيطانيَّة معروفة غُرست في نفس كل إنسان وأصبح هذا حياة الإنسان. ثَمَّة كلمات أخرى عن فلسفات العيش تشبه تلك العبارة. يستخدم الشيطان الثقافة التقليدية لكل أمة ليُعلِّم الناس ويخدعهم ويفسدهم، فيدفع بالبشرية نحو السقوط في هوة هلاك لا قرار لها تبتلعهم، حتى يفنيهم الله في النهاية لأنهم يخدمون الشيطان ويقاومون الله. خدم بعض الناس كموظفين عموميين في المجتمع لعقود. تخيَّل طرح السؤال الآتي عليهم: "لقد أبليت بلاءً حسنًا في هذا المنصب؛ ما هي الأقوال المأثورة الشهيرة التي تحيا بموجبها؟" قد يقول: "الشيء الوحيد الذي أفهمه هو هذا: "المسؤولون لا يُصعِّبون الأمور على من يقدّمون الهدايا لهم، والذين لا يُطرونهم لا يحقّقون شيئًا". هذه هي الفلسفة الشيطانية التي تقوم عليها مهنتهم. ألا تمثل هذه الكلمات طبيعة مثل هؤلاء الناس؟ لقد أصبحت طبيعته تقضي باستخدام أي وسيلة دونما وازع من ضمير للحصول على منصب؛ فمنصبه الوظيفي ونجاحه المهني هما هدفاه. ما زالت توجد سموم شيطانية كثيرة في حياة الناس وسلوكهم وتصرفاتهم. على سبيل المثال، تمتلئ فلسفاتهم للعيش، وطرقهم في عمل الأشياء، ومسلَّماتهم، بسموم التنين العظيم الأحمر، وتأتي هذه جميعها من الشيطان. وهكذا فإن جميع الأشياء التي تسري داخل عظام الناس ودمهم هي من الشيطان. جميع أولئك المسؤولين، وأولئك الذين يمسكون بزمام السلطة، وأولئك البارعين، لهم طرقهم وأسرارهم لتحقيق النجاح. ألا تمثل مثل هذه الأسرار طبيعتهم تمامًا؟ لقد قاموا بإنجازات كبيرة في العالم، ولا يستطيع أحد أن يرى خفايا المخططات والمكائد الكامنة وراءها. وإن دل هذا على شيء فلا يدل إلا على مدى خبث طبيعتهم وسُمّيّتها. يسري سُمّ الشيطان في دم كل شخص، ويمكن القول إن طبيعة الإنسان فاسِدة وشريرة وعدائية ومعارضة لله، وممتلئة بفلسفات الشيطان وسمومه ومنغمسة فيها. لقد أصبحت في جملتها طبيعة الشيطان وجوهره. هذا هو السبب في أن الناس يقاومون الله ويقفون في مواجهته. يمكن للإنسان معرفة نفسه إذا خضعت طبيعته للتحليل بهذه الطريقة.

عندما تكون لدى الناس معرفة حقيقية بشخصية الله، وعندما يستطيعون معرفة أن شخصية الله حقيقية، وأنها تتصف بالقدسية الحقيقية، وبالبر الحقيقي، وعندما يستطيعون الثناء على قدسية الله وبره من صميم قلوبهم، عندئذ سيعرفون الله حقًّا، وسيكونون قد ربحوا الحق. لا يمكن للناس أن يعيشوا في النور إلّا عندما يعرفون الله. النتيجة المباشرة لمعرفة الله الحقة هي القدرة على المحبة والطاعة الصادقتين لله. إن الذين يعرفون الله حقًا ويفهمون الحق ويربحونه يحظون بتغيير حقيقي يحصل في نظرتهم إلى العالم وإلى الحياة، وبعد ذلك يحصل لديهم تغير حقيقي أيضًا في شخصيتهم الحياتية. عندما يكون لدى الناس أهداف الحياة الصحيحة يستطيعون السعي إلى الحق، ويسلكون بحسب الحق. عندما يخضعون تمامًا إلى الله ويعيشون بحسب كلامه، وعندما يشعرون بالطمأنينة والاستنارة في أعماق قلوبهم، وعندما تتحرر قلوبهم من الظُّلمة، وعندما يستطيعون أن يعيشوا بحرية تامة وبدون قيد في حضرة الله، عندئذٍ فقط يعيشون حياة إنسانية حقيقية، ويصبحون أُناسًا يملكون الحق والإنسانية. بالإضافة إلى ذلك، إن كل الحقائق التي فهمتها واكتسبتها أتت من كلام الله ومن الله نفسه. لن تكون حياتك هي الحياة ذات المعنى المطلق إلا عندما تنال استحسان الله العلي، رب الخليقة، وعندما يقول إنك مخلوق مؤهل يعيش الشبه الإنساني. إن نيل استحسان الله يعني أنك ربحت الحق، وأنك شخص يمتلك الحق والإنسانية. في عالم اليوم الذي يسيطر عليه الشيطان، وعلى مر آلاف السنين من التاريخ تقريبًا، مَن مِن بين البشر جمعاء قد حصلوا على حياة إنسانية حقيقية؟ لا أحد. نظرًا لأن الناس قد أفسدهم الشيطان بشدة، ويعيشون وفقًا لفلسفات الشيطان، وكل شيء يفعلونه يعادي الله، ومصدر كل أقوالهم ونظرياتهم هو فساد الشيطان، ونظرًا لأنهم في كراهية مباشرة لكلام الله، فإنهم بالضبط نوعية الناس الذين يعارضون الله. إذا لم يقبلوا خلاص الله، فسوف يغرقون في الهلاك والدمار، دون أي حياة على الإطلاق. إنهم يسعون وراء الجاه والربح، ويحاولون أن يكونوا أفرادًا عظماء أو مشهورين، ويأملون "أن تبقى أسماؤهم للأجيال القادمة"، وأن يكونوا "مشهورين عبر التاريخ". وهذا هراء وأمر غير مقبول بتاتًا. فكل شخصية عظيمة أو مشهورة هي، في الواقع، على شاكلة الشيطان، وقد سقطت منذ أمد بعيد في المستوى الثامن عشر من الجحيم للعقاب، ولن تتجسد ثانيةً أبدًا. عندما يبجل البشر الفاسدون هؤلاء الناس ويقبلون كلامها الشيطاني ومغالطاتها، يصبح البشر الفاسدون ضحية إبليس الشيطان. يجب على الخليقة أن تعبد الخالق. فهذا أمر تقرره السماء وتعترف به الأرض؛ لأن الله وحده هو الحق. يسيطر الله على السماء والأرض وكل شيء، وله سيادة على الجميع. عدم الإيمان بالله وعدم الخضوع لله هو عدم القدرة على الحصول على الحق. إذا كنت تعيش بحسب كلام الله، فسوف تشعر بالابتهاج والارتياح في أعماق قلبك، وستشعر أيضًا بحلاوة لا تُضاهى. وعندما يحدث هذا، ستكون حقًا قد حصلت على الحياة. بصرف النظر عن مدى عظمة إنجازات علماء العالم، سوف يشعرون بمجرد اقترابهم من الموت أنهم صفر اليدين ولم يربحوا شيئًا. بل وإن أينشتاين ونيوتن المثقفين رفيعي المستوى كانا يشعران بالفراغ. وسبب هذا هو أنه لم يكن لديهما الحق ولم يكن لديهما فهم حقيقي لله. وعلى الرغم من أنهما آمنا بالله، فإنهما لم يؤمنا إلا بوجوده لكنهما لم يسعيا إلى الحق. أرادا الاكتفاء بالاتكال على العلم والبحث لاكتشاف وإثبات وجود إله. ونتيجةً لذلك، أجرى كل منهما بحثًا مدى الحياة دون أن يربح أي شيء على الإطلاق، وعلى الرغم من أنهما آمنا بالله طوال حياتهما، إلا أنهما لم يربحا الحق بتاتًا. لم يسعيا إلا إلى المعرفة العلمية، لكنهما لم يسعيا إلى معرفة الله. لم يربحا الحق ولم يربحا الحياة الحقيقية. إن الطريق الذي تسلكونه اليوم ليس هو الطريق الذي سلكاه. فما تسعون إليه هو معرفة الله، وكيفية الخضوع له، وكيفية عبادته، وكيفية عيش حياة ذات معنى. وهذا كله يختلف تمامًا عما سعيا إليه. على الرغم من أنهما كانا يؤمنان بالله، إلا أنهما لم يربحا الحق. والآن، أخبركم الله المتجسد بكل جانب من جوانب الحق ووهبكم طريق الحق والحياة. وسوف يكون من الحماقة عدم السعي إلى الحق.

والآن، فإن فهمكم للحق غير كافٍ. لا يمكنك إلا التحدث بنظرية فارغة. وما زلت تشعر بالنقص وعدم اليقين بخصوص أي عمل تؤديه. وهذا يدل على أن دخولك إلى الحياة كان سطحيًا للغاية، وأنك لم تربح الحق بعد. عندما تفهم الحق فعلًا وتدخل في حقيقة كلمة الله، سوف تحصل على الطاقة، وهي طاقة لا تنضب تملأ جسمك. في ذلك الوقت، سوف تشعر في الداخل بإشراق أكثر من أي وقت مضى، وسوف يصبح المسار أكثر إشراقًا كلما سلكته. في هذه الأيام، لم يبدأ معظم الأشخاص الذين يؤمنون بالله السير بعد في المسار الصحيح ولم يفهموا الحق، ولذلك لا يزالون يشعرون بالفراغ من الداخل، وأن الحياة معاناة، وأنه ليست لديهم الطاقة لأداء واجباتهم. هكذا حال المؤمنون بالله قبل أن يكون لديهم رؤية في قلوبهم. فالناس لم يربحوا الحق ولا يعرفون الله بعد، ولذلك فإنهم لا يشعرون بعد بكثير من المتعة. لقد عانيتم جميعًا بصفةٍ خاصَّة من الاضطهاد وواجهتم صعوبةً في العودة إلى الوطن. عندما تعانون، تكون لديكم أيضًا أفكار الموت وعدم الرغبة في الحياة. هذه هي نقاط ضعف الجسد. بل أن بعض الناس يقولون لأنفسهم: "الإيمان بالله ينبغي أن يكون ممتعًا. ففي عصر النعمة، منح الروح القدس السلام والفرح للناس. والآن لا يوجد إلا القليل للغاية من السلام والفرح، والمتعة التي كانت موجودة في عصر النعمة غير موجودة. الإيمان بالله اليوم أمر محير للغاية". أنت تعرف فقط أن متعة الجسد أفضل من أي شيء آخر. أنت لا تعرف العمل الذي يفعله الله اليوم. ينبغي أن يسمح الله بمعاناة جسدك من أجل تغيير شخصيَّتك. مع أن جسدك يعاني، فإن لديك كلمة الله وبركته. لا يمكن أن تموت حتَّى إذا كنت تريد ذلك. هل يمكنك أن تقبل على نفسك عدم معرفة الله وعدم ربح الحقّ؟ والآن، فإن الأمر كُلّه أساسًا هو أنَّ الناس لم ينالوا الحق بعد، وليس لديهم حياة. إنهم في خِضَمّ السعي إلى الخلاص، لذلك يجب أن يعانوا القليل في أثناء ذلك. واليوم، يخضع الجميع في العالم للتجارب، وحتى الله يعاني، فهل من الملائم أنَّكم لا تعانون؟ لا يمكن أن يكون هناك إيمان حقيقي من دون التنقية خلال الكوارث الكبرى، ولا يمكن ربح الحق والحياة. لن يجدي عدم وجود تجارب وتنقية. انظر إلى بطرس، فقد خضع في النهاية لسبع سنوات من التجارب (بعد أن كان في الثالثة والخمسين من العمر). لقد اختبر مئات التجارب طوال تلك السنوات السبع. كان عليه أن يمر بواحدة من هذه التجارب كل بضعة أيام، وفقط بعد خضوعه لجميع أنواع التجارب، ربح حياة واختبر تحولًا في شخصيته. عندما تربح الحق فعليًا وتتعرف على الله، ستشعر أنه يجب عليك أن تعيش من أجل الله. إذا كنت لا تعيش من أجل الله، فستندم وستعيش بقية أيامك في أسف مرير وندم شديد. لا يمكن أن تموت بعد. ينبغي أن تسند نفسك وتستمرّ في العيش بثباتٍ. ينبغي أن تحيا حياةً لله. عندما يكون الحقّ داخل الناس، يكون لديهم هذا العزم ولا يرغبون في الموت أبدًا. وعندما يُهدِّدك الموت، ستقول: "يا الله، أنا غير مُستعدٍّ للموت. فما زلت لا أعرفك. ما زلت لم أردَّ محبَّتك. لا يمكن أن أموت قبل أن أكون قد عرفتك جيِّدًا". هل أنتم في هذه المرحلة الآن؟ ليس بعد، أليس كذلك؟ يواجه البعض آلام العائلة، ويواجه البعض آلام الزواج، ويعاني البعض الآخر من الاضطهاد بل وينقصهم مكان للعيش فيه. بصرف النظر عن المكان الذي يذهبون إليه، فإنه منزل شخص آخر وهم يشعرون بالألم في قلوبهم. أليس الألم الذي تشعرون به الآن هو الألم الذي عاناه الله؟ أنتم تتألمون مع الله، والله يرافق البشر في المعاناة. لكم جميعًا دور في ضيقة المسيح وملكوته واحتماله اليوم، وسوف تربحون المجد في النهاية! فهذه المعاناة لها معنى. أليس ذلك هو الواقع؟ لا يمكنك أن تخلو من هذه الإرادة. يجب أن تفهم معنى المعاناة اليوم وسبب معاناتك الشديدة. يجب أن تسعى إلى الحق وتتوصل إلى فهم مشيئة الله، وعندها سوف تكون لديك الإرادة للمعاناة. إذا كنت لا تفهم مشيئة الله ولم تفكر إلا في المعاناة، فكلما فكرت في الأمر زاد الشعور بعدم الارتياح وزاد شعورك بالاكتئاب كما لو أن طريق حياتك يقترب من نهايته. سوف تبدأ في المعاناة من عذاب الموت. إذا بذلت قلبك وكل جهدك في الحق، وتمكنت من فهم الحق، فسوف يشرق قلبك وتختبر المتعة. سوف تجد السلام والفرح في قلبك في الحياة، وعندما يضرب المرض أو يلوح الموت في الأفق، سوف تقول: "لم أنل الحق بعد، ولذلك يجب ألا أموت. يجب أن أبذل نفسي لله جيدًا وأشهد لله خيرًا وأرد محبة الله. ولا تهم كيفية موتي في النهاية لأنني سأكون قد عشت حياةً مُرضية. ومهما حدث، يجب ألا أموت بعد. يجب أن أثابر وأعيش". يجب أن يتضح لك هذا الأمر الآن، ويجب أن تفهم الحق من هذه الأشياء. عندما يملك الناس الحق فإنهم يملكون القوة. عندما يكون لديهم الحق، فإنهم يملكون طاقة لا تنضب تملأ أجسادهم. وعندما يملكون الحق، فإنهم يملكون العزيمة. بدون الحق، يكون الناس في طراوة الخضار الفاسدة؛ وعندما يمتلكون الحق، فإنهم يصبحون في صلابة الفولاذ. مهما كانت مرارة الأشياء، لن تشعر بالمرارة على الإطلاق. ماذا تعتقدون في مقدار معاناتكم الضئيلة؟ ما زال الله المتجسد يعاني! أنتم أناس أفسدهم الشيطان وطبيعتهم هي التمرد على الله. لقد فعلتم دون أن تدروا الكثير من الأشياء التي تمردت على الله وقاومته، وأنتم تستوجبون الدينونة والتوبيخ. مثلما يجب علاج المرضى، هل من الملائم أن يخافوا من المعاناة؟ لديكم شخصيات فاسدة، فهل تعتقدون أنه يمكنكم تغيير شخصيتكم وربح الحياة دون أي ألم على الإطلاق؟ إن معاناتكم ناتجة عن شخصياتكم الفاسدة. إنه أمر مستحق ويجب تحمُّله. إنه ليس أمرًا بريئًا ولا يفرضه الله. فالمعاناة التي تتحملونها حاليًا ليست أكثر من الانشغال والعمل الجاد في واجبكم. في بعض الأحيان تجد أن شخصيتك الفاسدة لم تتغير مطلقًا، ولذا فإنك تخضع لقدر من التنقية. وفي بعض الأحيان لا تفهم كلمة الله أو يكون من المؤلم قراءة الكلمات، وبالتالي فإنك تعاني قليلًا من التنقية في كلمة الله. أو ربما تؤدي عملك الفعلي برداءة وتستمر في ارتكاب الأخطاء في واجبك، فإنك تشعر بالذنب وكراهية الذات لعدم قدرتك على أداء عملك، وهذا يُسبِّب لك بعض المعاناة. ربما ترى الآخرين يحرزون تقدمًا وتشعر أن تقدمك بطيئًا جدًا، وأن الأمر يستغرق وقتًا طويلًا لإحراز تقدم في فهم كلمة الله، وأنه لا يوجد إلا بصيص من النور، وهذه الأمور تُسبِّب لك بعض المعاناة. أحيانًا تشعر بالتهديد من بيئتك المعادية بسبب اعتقالات التنين العظيم الأحمر واضطهاده، ولذلك تشعر دائمًا بالخوف والقلق وتعيش في خوف، وهذا يُسبِّب لك بعض المعاناة. إلى جانب هذه المعاناة، ما المعاناة الأخرى التي اختبرتها؟ أنتم لستم مجبرين على أداء عمل بدني شاق، وليس لديكم رؤساء أو رؤساء عمل يضربونكم ويوبخونكم، ولا أحد يعاملكم كعبيد. أنتم لا تعانون من مثل هذه المصاعب. في الواقع، هذه المصاعب التي تتحملونها ليست في الحقيقة مصاعب. فكِّر في الأمر. أليس هذا هو الحال؟ يجب أن تفهم مغزى التخلي عن عائلتك لبذل نفسك من أجل الله والسبب الذي يجعلك تفعل ذلك. إذا فعلت ذلك للسعي إلى الحق والحياة وفي الوقت نفسه لأداء واجبك ورد محبة الله، فهذا عادل تمامًا. إنه أمر إيجابي قدّرته السماء وأقرّته الأرض، ولن تندم عليه أبدًا. بصرف النظر عما يحدث مع عائلتك، يمكنك التخلي عنها. إذا فهمت هذه الأهمية بوضوح، فلن تندم ولن تكون سلبيًا. إذا كنت لا تنفق نفسك حقًا من أجل الله ولا تجهد نفسك إلا لربح البركات، فهذا لا معنى له. بمجرد النظر في هذا الأمر، تُحل المشكلة ولن توجد حاجة للقلق بشأن عائلتك. فكل شيء في يد الله. والآن، لقد اختبرتم جميعًا بعض التجارب. ربح بعض الناس بعض الحقائق، لكن البعض الآخر قد فهموا للتو بعض التعاليم ولكنهم لم يربحوا أي حقائق. يتمتع البعض بمقدرة جيدة وبالتالي لديهم فهم عميق نسبيًا، والبعض الآخر الذين لديهم مقدرة ضئيلة لديهم فهم ضحل نسبيًا. سواء كان فهمك عميقًا أو سطحيًا، سوف تنطوي معاناتك على المعنى والقيمة ما دمت تفهم بعض الحقائق وتتمكن من الثبات في شهادتك عندما تعاني من خلال التجربة. إذا كنت لا تستطيع تلقي الأشياء من الله، وكنت تتعامل دائمًا مع الأشياء بمفاهيم وتصورات بشرية، فلن تحصل أبدًا على شهادة اختبارية حقيقية بصرف النظر عن مدى معاناتك. ولن تكون لمعاناتك أي قيمة لأنك لم تربح الحق.

ينبغي أن تطلب مشيئة الله في جميع الأشياء، ويجب أن تسعى إلى الحق في جميع الأشياء. مثال ذلك، كيف تسعى إلى الحق في أمور مثل الطعام والملبس والأمور الشخصية في الحياة؟ هل توجد حقائق يجب السعي إليها في هذه الأشياء؟ يقول بعض الناس: "سواء كنت تؤمن بالله أم لا، فإن السعادة تعني التغذية الجيدة والملبس الأنيق. فبدون ذلك، كل شيء يعني البؤس". هل ذلك يتوافق مع الحق؟ يوجد أناس كثيرون ينعمون بحياة الوفرة حيث الطعام الشهي والملبس الأنيق، لكنهم جشعون في ملذات الجسد. لن يقبلوا الحق أو يمارسوه بسهولة، فهيهات أن يتخلوا عن كل شيء لبذل أنفسهم من أجل الله. ذلك النوع من الأشخاص لن يربح رضا الله، وفي النهاية، سوف يقعون جميعًا في الكوارث وسوف يبكون ويصرون على أسنانهم. هل يمكن لذلك النوع من الأشخاص أن يتمتع بأي سعادة جديرة بالذكر؟ ينحدر الكثير من الناس إلى عائلات عُمَّال أو مزارعين وعانوا كثيرًا منذ الطفولة. إذا تمكنوا من فهم الحق، فمن المحتمل أن يقبلوه ويمارسوه، وسوف يتمكنون من تقديم التضحيات وبذل أنفسهم من أجل الله دون خوف من المعاناة. يمكنهم تكريس أنفسهم بالكامل لإرسالية الله، بل ويذهب البعض إلى أبعد من ذلك بتقديم حياتهم نفسها من أجل الله. وذلك النوع من الأشخاص هم موضع تقدير في بيت الله. يركز أناس كثيرون بشدة على ملذات الجسد. هل ستقولون إن الطعام الشهي والملبس الأنيق مهم حقًا؟ بالطبع لا. إذا تمكَّن شخص ما حقًا من معرفة الله وربح الحق، فإن ذلك الشخص يشهد لله ويُرضيه في كل ما يفعله. وبصرف النظر عن مدى رداءة طعام مثل هذا الشخص أو ملبسه، فإنه لا تزال توجد قيمة في حياته، ويمكنه ربح رضا الله. أليس هذا هو الشيء الأهم؟ لا يضمن لك تناول طعام شهي أو ارتداء ملابس أنيقة أن تنعم بالبركة. سوف تظل ملعونًا إذا عصيت الله أو سلكت الطريق الخاطئ، في حين أن الشخص الذي يرتدي ملابس رثة ويأكل أردأ الطعام ولكنه ربح الحق سوف يباركه الله على حد سواء. ولذلك، يجب السعي إلى الحق في كيفية التعامل مع أمور الطعام والملبس، ويجب السعي إلى المزيد من الحق في كيفية التعامل مع أداء واجبك. إن نظرتك إلى إرساليات الله أمرٌ بالغ الأهمية وخطير للغاية! إذا لم تستطع إكمال ما أوكله الله للناس، فأنت لا تصلح للعيش في محضره ويجب معاقبتك. هذا سبق فعيَّنته السماء واعترفت به الأرض، أن البشر ينبغي أن يكملوا ما يوكله الله إليهم. فهذه هي المسؤولية الأسمى للإنسان، وهي مهمٌّة قدر أهميَّة حياته. إذا لم تأخذ إرساليَّات الله على محمل الجدّ، فأنت تخونه بأكثر الطرق جسامة. وبهذا تكون أكثر رثاءً من يهوذا وينبغي أن تُلعَن. ينبغي أن يربح الناس فهمًا شاملًا لكيفيَّة التعامل مع ما يوكله الله إليهم، وعلى الأقلِّ يجب أن يفهموا أن الإرساليات التي يوكلها الله للبشر هي رفعةً لهم وفضلٌ خاصٌّ من الله، وأنها أكثر الأشياء المجيدة. يمكن التخلِّي عن كلِّ شيءٍ آخر. فحتَّى لو تعيَّن على شخص ما التضحية بحياته، فإنه لا يزال ينبغي عليه أن يُؤدِّي إرساليَّة الله. انظر، ألا يوجد حق يجب السعي إليه هنا؟ يرتبط تحقيق التغيير في شخصيتك ارتباطًا وثيقًا بالسعي إلى الحق! إذا كنت تفهم حقيقة سبب عيش الناس وكيفية وجوب النظر إلى الحياة، أفلن تتغير نظرتك إلى الحياة؟ يوجد حتى المزيد من الحق الذي يجب السعي عنه هنا. ما الحق الذي يمكن إيجاده في محبة الله؟ ولماذا يجب أن يحبه البشر؟ ما هي مغزى محبته؟ إذا كان شخص ما لديه فهم واضح لحقيقة محبة الله، وكان بإمكانه أن يحبه في أعماق قلبه وأن يملك القليل من المحبة لله، فعندئذ تكون لديه حياة حقيقية ويكون من بين أكثر الناس المباركين. أولئك الذين يسعون إلى الحق في جميع الأشياء يحققون التقدم الأسرع في الحياة ويمكنهم تحقيق تحوُّل في الشخصية. وأولئك الذين يسعون إلى الحق في جميع الأشياء التي يحبها الله هم بالتحديد من يحبهم الله. إذا اعتمد الشخص على المفاهيم والتعاليم أو أطاع القواعد في جميع الأشياء، فلن يحرز تقدمًا. لن يربح الحق أبدًا، وسوف يُستبعَد عاجلًا أم آجلًا. والله يمقت مثل هذا الشخص أكثر من أي شيء آخر.

ربيع عام 1999

السابق: ما ينبغي معرفته عن تغيير شخصية المرء

التالي: السعي وراء الحق وحده يمكنه إحداث تغيير في شخصيتك

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب