ما ينبغي معرفته عن تغيير شخصية المرء
على مدار سنوات اختبار عمل الله والاستماع إلى العظات، كان هناك بعض الأشخاص الذين لديهم بعض الفهم لأنفسهم، ويكونون قادرين على التحدث عن بعض الاختبارات الحقيقية، والشركة عن أوضاعهم الحقيقية، ودخولهم الشخصي، وتقدمهم الشخصي، ونواقصهم، وكيف يخططون للدخول. لكن هناك بعض الأشخاص الذين لا يفهمون أنفسهم ولا يمكنهم التحدث عن أي اختبارات حقيقية. إنهم لا يقدرون إلا على التحدُّث عن الأمور الخارجية مثل كلمات العقيدة، والعمل الظاهري، والمواقف الحالية، والتقدُّم في نشر الإنجيل، ولكن لا شيء عن الدخول الملموس في الحياة أو التجارب الشخصية. هذا يدل على أنهم ما زالوا لم يسيروا على المسار الصحيح لدخول الحياة. ليس التحوّل في شخصية المرء تغييرًا في السلوك، وليس تظاهرًا بتغيير خارجي، أو تحوّلًا موقّتًا مدفوعًا بالحماسة بصرف النظر عن مدى صلاح هذه التغييرات، فإنها لا يمكن أن تحلّ محلّ التغييرات في الشخصيَّة الحياتيَّة؛ لأن هذه التغييرات الخارجيَّة يمكن تحقيقها من خلال جهود المرء الشخصية، أمَّا التغييرات في الشخصيَّة الحياتيَّة فلا يمكن تحقيقها بالجهد البشريّ وحده. فاختبار دينونة الله وتوبيخه وتجاربه وتنقيته مطلوبٌ لتحقيق هذا، بالإضافة إلى كمال الرُّوح القُدُس. وعلى الرغم من أن المؤمنين بالله يُظهرون قدرًا من السلوك الصالح، فإنه لا يوجد واحد منهم يطيع الله حقًّا، أو يحبّ الله حقًّا، أو يمكنه أن ينفذ مشيئة الله. لِمَ هذا؟ لأن هذا يتطلَّب تغييرًا في الشخصيَّة الحياتيَّة، ومُجرَّد التغيير في السلوك هو أبعد ما يكون عن أن يكون كافيًا. فالتغيير في الشخصيَّة يعني أنك تعرف الحقّ وتختبره، وأن الحقّ أصبح حياتك ويمكنه أن يقودك ويسود حياتك وكيانك بجملته. هذا تغييرٌ في شخصيَّتك الحياتيَّة. ووحدهم الناس الذين يملكون الحقّ باعتباره الحياة هم أولئك الذين تغيَّرت شخصيَّاتهم. في الماضي، ربَّما كانت توجد بعض الحقائق التي لم تستطع ممارستها عندما فهمتها، ولكن يمكنك الآن ممارسة أيّ جانبٍ تفهمه من الحقّ دون عقبات أو صعوبة. عندما تمارس الحقّ تشعر بأنك مملوء سلامًا وسعادة، أمّا إذا لم تتمكَّن من ممارسة الحقّ، فإنك تشعر بالألم ويضطرب ضميرك. يمكنك ممارسة الحقّ في كلّ شيءٍ، والعيش وفقًا لكلام الله، ويكون لديك أساس للعيش. وهذا يعني أن شخصيَّتك قد تغيَّرت. يمكنك الآن بسهولةٍ التخلِّي عن مفاهيمك وتصوُّراتك، وتفضيلاتك ومساعيك الجسديَّة، وتلك الأشياء التي لم يكن بإمكانك التخلِّي عنها من قبل؛ فتشعر أن كلام الله صالح حقًّا، وأن ممارسة الحقّ هي أفضل شيء تعمله. وهذا يعني أن شخصيَّتك قد تغيَّرت. يبدو التغير في الشخصيَّة بسيطًا للغاية، لكنه في الواقع عمليَّة تنطوي على الكثير من الاختبار. يحتاج الناس خلال هذه الفترة إلى تحمُّل العديد من المصاعب، ويحتاجون إلى إخضاع أبدانهم والتخلِّي عن جسدهم، كما يحتاجون أيضًا إلى تحمُّل الدينونة والتوبيخ والتهذيب والتعامل معهم والتجارب والتنقية، كما يحتاجون أيضًا إلى اختبار الكثير من الإخفاقات والسقطات والصراعات الداخليَّة والعذابات في قلوبهم. فبعد هذه التجارب وحدها يتمكَّن الناس من فهم طبيعتهم، ولكن بعض الفهم لا ينتج تغييرًا كاملًا على الفور؛ فيكون عليهم أن يمرّوا بفترةٍ طويلة من الاختبار قبل أن يتمكَّنوا أخيرًا من تخليص أنفسهم من شخصيَّاتهم الفاسدة شيئًا فشيئًا. ولهذا السبب يستغرق تغيير شخصيَّة المرء مدى الحياة. مثال ذلك، إذا أظهرت فسادًا في أمرٍ ما، فهل يمكنك ممارسة الحقّ فورًا بمُجرَّد إدراكك لهذا؟ لا يمكنك ذلك. في هذه المرحلة من الفهم، فإنَّ الآخرين يُهذّبونك ويتعاملون معك، ثم تجبرك بيئتك وتدفعك إلى التصرُّف وفقًا لمبادئ الحق. أحيانًا لا تزال غير متقبل لفعل ذلك وتقول لنفسك: "هل ينبغي أن أفعل ذلك هكذا؟ لماذا لا يمكنني أن أفعله كما أريد؟ لماذا يُطلب مني دائمًا ممارسة الحقّ؟ لا أريد أن أفعل هذا، فقد سئمت منه!" يتطلَّب اختبار عمل الله الخضوع للعمليَّة التالية: من ممانعة ممارسة الحقّ إلى ممارسة الحقّ عن طيب خاطر؛ ومن السلبيَّة والضعف إلى القوَّة واستطاعة التخلِّي عن الجسد. عندما يصل الناس إلى نقطةٍ مُعيَّنة من الاختبار ثم يخضعون لبعض التجارب والتنقية ويصلون في النهاية إلى فهم مشيئة الله وبعض الحقائق، فسيكونون سعداء نوعًا ما وراغبين في فعل الأشياء وفقًا لمبادئ الحق. يتردَّد الناس في البداية في ممارسة الحق. خذ كمثال وفاء المرء بواجباته بتفانٍ: لديك بعض الإدراك للوفاء بواجباتك وتكريسك لله، كما أن لديك بعض الفهم للحق، ولكن متى ستستطيع أن تكون مُكرَّسًا بالكامل لله؟ متى ستكون قادرًا على الوفاء بواجباتك بالاسم وبالفعل؟ سيتطلب هذا عملية. وخلال هذه العملية، قد تعاني من متاعب كثيرة. قد يتعامل بعض الناس معك وقد ينتقدك بعضهم الآخر. وستكون أعين الجميع عليك، وتمحِّصك، وحينها فقط ستبدأ تدرك بأنك على خطأ وبأنك من لم يكن أداؤه جيدًا، وبأنَ افتقارك إلى الإخلاص في تنفيذك لواجباتك هو أمر غير مقبول، وبأنك لا يجب أن تكون مهملًا وغير مبالٍ! سيهبك الروح القدس الاستنارة من داخلك ويوبّخك عندما ترتكب خطًا ما. وخلال هذه العملية، ستصل إلى فهم بعض الأمور عن نفسك وستعرف أنَّ لديك مظاهر دنس كثيرة، وأنَّك تُبطِنُ دوافع شخصية كثيرة للغاية وكذلك رغبات جامِحة عديدة جدًا في الوفاء بواجباتك. وبمجرد أن تكون قد فهمت جوهر هذه الأمور، يمكنك أن تمثُل أمام الله في الصلاة وأن تتوب توبةً صادقة، يمكن تطهيرك من تلك الأشياء الفاسدة. إذا سعيت إلى الحق كثيرًا بتلك الطريقة لحل مشاكلك العملية، فسوف تدخل تدريجيًا في مسارِ الإيمان الصحيح؛ وسوف تبدأ في الحصول على اختباراتٍ حقيقيَّة في الحياة، وتبدأ شخصيَّتك الفاسدة بالتطهر تدريجيًّا. وكلَّما طُهّرَت شخصيتك الفاسدة، ستتحول شخصيتك الحياتية بصورةٍ أكبر.
على الرغم من أن العديد من الناس يُؤدُّون واجباتهم الآن، فمن حيث الجوهر، كم عدد الناس الذين يتخبَّطون في واجباتهم؟ كم عدد الناس الذين يمكنهم قبول الحقّ وأداء واجباتهم وفقًا لمبادئ الحقّ؟ كم عدد الناس الذين يُؤدُّون واجباتهم وفقًا لمُتطلَّبات الله بعد أن تغيَّرت شخصيَّاتهم؟ من خلال الفحص الأعمق لهذه الأشياء، سوف تتمكَّن من معرفة ما إذا كنت حقًّا على مستوى أداء واجبك، وسوف تتمكَّن أيضًا بوضوحٍ من رؤية ما إذا كانت شخصيَّتك قد تغيَّرت. إن تحقيق التغيير في شخصية المرء ليس بالأمر البسيط، لا يعني ذلك مجرد إجراء بعض التغييرات في السلوك، أو اكتساب بعض المعرفة عن الحق، أو القدرة على التحدث قليلًا عن اختبار المرء مع كل جانب من جوانب الحق، أو الحصول على بعض التغييرات، أو أن يصبح مطيعًا قليلًا بعد التأديب. هذه الأشياء لا تشكِّل تغييرًا في شخصية المرء الحياتية. لماذا أقول هذا؟ على الرغم من أنك ربما قد تغيرت بعض الشيء، إلا أنك ما زلت لا تمارس الحق بشكل حقيقي. ربما لأنك موجود مؤقتًا في بيئة مناسبة، ويسمح الوضع بذلك، أو أن ظروفك الحالية قد أرغمتك، فأنت تتصرف بهذه الطريقة. بالإضافة إلى ذلك، يمكنك أن تمارس الحقّ عندما تكون في حالةٍ مزاجيَّة جيِّدة، وعندما تكون حالتك طبيعيَّة، وعندما يعمل الرُّوح القُدُس فيك. ولكن افترض أنك في خضمّ تجربةٍ، وعندما تعاني مثل أيُّوب وسط تجاربك، أو أنك تواجه تجربة الموت. عندما يحدث هذا، هل ستظلّ مع ذلك قادرًا على ممارسة الحقّ والثبات في الشهادة؟ هل يمكنك أن تقول شيئًا مثلما قال بطرس: "حتى لو كنت سأموت بعد معرفتي بك، كم سأكون مسرورًا وسعيدًا بذلك؟" ما الذي كان يُقدِّره بطرس؟ كان بطرس يُقدِّر الطاعة، وكان يعتبر معرفة الله الشيء الأهمّ؛ ولذلك كان قادرًا على الطاعة حتَّى الموت. لا يحدث التحوُّل في الشخصيَّة بين عشيَّةٍ وضحاها؛ إذ يستغرق تحقيقه حياة كاملة من الاختبار. ذلك أن فهم الحقّ أسهل قليلًا، ولكن القدرة على ممارسة الحقّ في مختلف المواقف أمرٌ صعب. لماذا يواجه الناس دائمًا صعوبة في ممارسة الحقّ؟ في الواقع، جميع هذه الصعوبات مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالشخصيَّات الفاسدة للناس، وجميعها عوائق تأتي من الشخصيَّات الفاسدة. ولذلك، لا بدّ أن تعاني كثيرًا وتكون قادرًا على دفع ثمن لممارسة الحقّ. فإذا لم تكن لديك طباع فاسدة، فلن تضطرّ إلى المعاناة ودفع الثمن لممارسة الحقّ. أليست هذه حقيقة واضحة؟ أحيانًا قد يبدو من الخارج كما لو أنك تمارس الحقّ، ولكن طبيعة أفعالك في الواقع لا تُظهِر أنك تفعل ذلك. في اتباع الله، أناس كثيرون قادرون على التخلي عن عائلاتهم ووظائفهم وأداء واجباتهم، ولذلك يعتقدون أنهم يمارسون الحق. ومع ذلك، فإنهم لا يقدمون أبدًا شهادة اختبارية. ما الذي يحدث هنا بالضبط؟ لقياسهم بمفاهيم الناس، يبدو أنهم يمارسون الحق، لكن الله لا يعترف بما يفعلونه على أنه ممارسة للحقّ. إذا كانت الأمور التي تفعلها مغشوشة ومدفوعة بدوافع شخصيَّة، فأنت عرضة للانحراف عن المبادئ، ولا يمكن القول إنك تمارس الحقّ، وما هذا إلّا نوع من السلوك. وبالتدقيق، من المحتمل أن يدين الله هذا النوع من السلوك، لن يمدحه أو يحتفي به. للاستمرار في تحليل هذا إلى جوهره وجذوره، فأنت شخص يفعل الشر، وسلوكياتك الخارجية تشكل معارضة لله. يبدو من الخارج أنك لا تقاطع أيّ شيءٍ أو تزعجه وأنك لم تتسبَّب في أيَّة أضرارٍ حقيقيَّة. يبدو أن الأمر منطقيٌّ ومعقول، ولكن من الداخل، هناك ملوثات ومقاصد بشرية، وجوهرها عمل الشرّ ومقاومة الله. ولذلك، يجب عليك تحديد ما إذا كان يوجد تغييرٌ في شخصيَّتك وما إذا كنت تمارس الحقّ من خلال استخدام كلام الله والنظر في الدوافع الكامنة وراء أفعالك. لا يَعتمَد الأمر على ما إذا كانت أفعالك تتفق مع التصورات البشرية والأفكار البشرية، أو ما إذا كانت تتفق مع ذوقك، أمور كهذه غير ذات أهمية. ولكنه بدلًا من ذلك يعتمد على قول الله إذا ما كنت تتَّفق مع مشيئته أم لا، وإذا ما كانت أفعالك تملك واقع الحقّ أم لا، وإذا ما كانت تفي بمتطلِّباته ومعاييره أم لا. لا يوجد شيءٌ دقيق سوى قياس نفسك على مقياس متطلِّبات الله. إن التحول في الشخصية ووضع الحق موضع التنفيذ ليسا بالبساطة والسهولة التي يتصورها الناس. هل تفهمون هذا الآن؟ هل لديكم أي خبرة في هذا؟ عندما يتعلق الأمر بجوهر مشكلة، فقد لا تفهمونه. كان دخولكم سطحيًا للغاية. أنتم تهرولون طوال اليوم، من الفجر حتى الغسق، وتستيقظون باكرًا وتذهبون للنوم في وقت متأخر، ومع ذلك لم تحققوا التحول في شخصيتكم الحياتية، ولا يمكنكم أن تفهموا هذا التحول في الشخصية. هذا يعني أن دخولكم ضحل للغاية، أليس كذلك؟ بغض النظر عن مدة إيمانك بالله، فلعلك لا تلمس جوهر التحول في الشخصية وعمق الأشياء المتعلقة به. هل يمكن القول إن شخصيتك قد تغيرت؟ كيف تعرف ما إذا كان الله يثني عليك أم لا؟ على الأقل، ستشعر بثبات استثنائي فيما يتعلق بكل ما تفعله، وستشعر بالروح القدس يرشدك وينيرك ويعمل فيك بينما تؤدي واجباتك، وتقوم بأي عمل في بيت الله، أو بصورة عامة. سيتوافق سلوكك مع كلام الله تمام التوافق، وبمجرد أن تكتسب درجة معينة من الخبرة، ستشعر أن طريقة تصرفك في الماضي كانت مناسبة نسبيًا. لكنك إذا شعرت -بعد اكتساب الخبرة لفترة من الوقت- أن بعض الأشياء التي فعلتها في الماضي لم تكن مناسبة، وكنت غير راضٍ عنها، وتشعر أنها لم تكن تتفق مع الحق، فهذا يثبت أن كل ما فعلته قد فعلته لمقاومة الله. إنه دليل على أن خدمتك كانت مليئة بالتمرد والمقاومة والتصرفات البشرية، وأنك فشلت تمامًا في تحقيق تغييرات في الشخصية. مع هذه الشركة، هل تتضح لكم الآن الكيفية التي يجب أن تفهموا بها التغيير في الشخصية؟ ربما لا تناقشون عادةً تغيير شخصياتكم ونادرًا ما تناقشون الخبرات الشخصية. وفي أحسن الأحوال، تقدم شركة: "كنت سلبيًا منذ بعض الوقت. ثم صليت إلى الله، وأرشدني إلى حقيقة أن المؤمنين يجب أن يُمتحنوا. فكرت في هذا لفترة من الوقت، واعتقدت أن هذا ما عليه الأمر. أيضًا، هناك جوانب لا أكون فيها غير مخلص أثناء أداء واجبي، لذا قبلتها للتو. بعد فترة، عاد دافعي، ولم أعد سلبيًا بعد الآن". بعد الشركة يقول آخرون أيضًا: "حالتنا إلى حد بعيد هي نفسها، وكذلك شخصيتنا الفاسدة". إذا كنت دائمًا ما تشارك عن هذه الأشياء، فستكون هذه مشكلةـ؛ إذ لن تفهم جوهر الأشياء أو تراها بوضوح. مهما كان عدد سنوات إيمانك، لن تكون شخصيتك الحياتية قادرة على التغيير.
يشير التحوُّل في الشخصية بصورة رئيسية إلى تحوُّلٍ في طبيعة المرء. لا يمكن النظر إلى الأمور في طبيعة الشخص من التصرفات الظاهرية؛ إذ إنها ترتبط مباشرةً بقيمة وأهمية وجوده، بنظرته إلى الحياة وقِيَمِه، التي تشمل الأمورِ الكامنةِ في أعماق نفسه وجوهره. إن لم يستطع الشخص قبول الحق فلن يحدث له أي تحوُّل في هذه الجوانب. ولا يمكن القول بأن شخصية المرء قد تغيَّرَت إلَّا من خلال اختبار عمل الله، والدخول كليةً في الحق، وتغيير قيمه ووجهات نظره حول الوجود والحياة، وجعل وجهات نظره عن الأشياء تتوافق مع كلمة الله، وقدرته على الخضوع الكامل لله والتكريس له. في الوقت الحاضر قد يبدو أنَّك تبذل بعض الجهد، أو أنك مرن في مواجهة المشقة بينما تؤدي واجبك، أو قد تتمكَّن من تنفيذ ترتيبات العمل المرسلة من الأعلى، أو قد يكون باستطاعتك الذهاب إلى أي مكان يُطلب منك الذهاب إليه. ظاهريًا، قد يبدو الأمر كما لو كنتَ مطيعًا إلى حد ما، ولكن عندما يحدث شيء لا يتماشى مع مفاهيمك، فإن تمردك يأتي في المقدمة. على سبيل المثال، أنت لا تخضع للتهذيب والتعامل معك، وتكون أقل خضوعًا عند وقوع الكارثة؛ حتى أنك تجد داخلك أنك تلوم الله داخلك. لذلك فإن القليل من الطاعة والتغيير الخارجي هو مجرد تغيير بسيط في السلوك. هناك القليل من التغيير، ولكنه لا يكفي ليُشكّل تحوّلًا في شخصيتك. قد تكون قادرًا على الركض في مسارات كثيرة، وتلاقي مصاعب كثيرة، وتتحمَّل ذُلًا كبيرًا؛ قد تشعر أنَّك قريب جدًا من الله، وقد يعمل الروح القدس عملًا ما في داخلك. لكنْ، عندما يطلب الله منك أن تفعل شيئًا لا يتوافق مع أفكارك، فلعلك مع ذلك لا تخضع، بل تبحث عن الأعذار، وتتمرَّد على الله وتقاومه، حتى في المناسبات العصيبة، تشكك فيه وتقاومه. ستكون هذه مشكلة خطيرة! سيبيّن هذا أن لديك طبيعةً مقاومةً لله، وأنك لا تفهم الحق حقًّا، وأن شخصيتك الحياتية لم تتغير على الإطلاق. بعد إعفائهم أو طردهم، يظل بعض الناس يجدون في داخلهم أن يدينوا الله ويقولوا إن الله ليس بارًا. بل إنهم يجادلون الله ويقاومونه، وينشرون أفكارهم عن الله وعدم الرضا عن الله أينما حلوا. أناس مثل هؤلاء هم الشياطين الذين يقاومون الله. الأشخاص الذين لديهم طبائع شيطانية لن يتغيروا أبدًا ويجب التخلي عنهم. وحدهم أولئك الذين يستطيعون البحث عن الحق وقبوله في كل موقف، والخضوع لعمل الله، لديهم رجاء في ربح الحق وتحقيق تغيير في الشخصية. في اختباراتك، يجب أن تتعلم التمييز بين الحالات التي تبدو ظاهريًا طبيعية. قد تنشج وتبكي أثناء الصلاة، أو تشعر أن قلبك يحب الله كثيرًا، وهو قريب جدًا من الله، ومع ذلك فهذه الحالات ليست سوى عمل الروح القدس، ولا تدل على أنك شخص يحب الله. إذا كنت لا تزال تحب الله وتطيعه حتى حينما لا يعمل الروح القدس، وحينما يقوم الله بأشياء لا تتوافق مع مفاهيمك، حينئذ فقط تكون شخصًا يحب الله حقًا. حينئذ فقط تكون شخصًا تغيرت شخصيته الحياتية. وحده هذا شخص لديه حقائق الحق.
من أين تبدأ تحويل شخصيتك؟ يبدأ التحوّل من فهمك لطبيعتك. هذا هو الجانب الرئيسي. كيف تفهم إذًا طبيعتك؟ من خلال تمييز شخصيتك الفاسدة. بمجرد تمييز هذه الشخصيات الفاسدة بوضوح، ستفهم طبيعتك وجوهرك. هناك من يسأل: "كيف أفهم شخصيتي الفاسدة؟" بالطبع، يجب أن تفهمها بحسب كلام الله وتميزها بحسب الحق. كيف تطبق هذا إذًا؟ بمقارنة الشخصية الفاسدة التي تظهرها مع الكلمات التي أعلنها الله. مهما كان المقدار الذي يمكنك أن تتطابق معه، هو مقدار ما يجب أن تميزه. إذا تمكنت من المطابقة كثيرًا وتمييز الكثير، فستتمكن من فهم شخصيتك الفاسدة. هل أولئك منكم (الذين آمنوا لفترة طويلة ومارستم بهذه الطريقة لسنوات عدة الآن لديكم فهم لطبيعتكم؟ ربما أبعد ما يكون عن ذلك! يجب أن تتبع مقارنتك مسارًا؛ لا يمكن للمرء أن يقول أشياء على أساس لا شيء. يجب أن تقرأ المزيد من كلام الله حول كيفية كشفه لجوهر الإنسان الفاسد. عليك البحث عن كل هذه الكلمات، ثم قراءتها كثيرًا والتأمل في نفسك كثيرًا، ومقارنة حالتك بالكلمات. بمجرد أن تتطابق شخصيتك الفاسدة تمامًا، وتشعر أن كلام الله يكشف حالتك تمامًا، وبدقة كبيرة، وأنه ليس خاطئًا بأي شكل من الأشكال، ألن تقتنع بذلك؟ يقول بعض الناس: "من خلال فهم طبيعتك، يمكنك تغييرها". من السهل على أي شخص أن يقول هذا. لكن كيف تفهمها؟ لا بد أن يكون هناك مسار. إذا كان هناك مسار، فستعرف كيف تختبر. من دون مسار، فأنت فقط تنادي بشعار: "علينا جميعًا أن نفهم طبيعتنا. إن طبيعتنا ليست صالحة وهي من إبليس. عندما نفهم جوهرنا وطبيعتنا، يمكننا عندئذٍ تغيير شخصياتنا". بعد أن تنتهي من المناداة، لم يُفعَل أي شيء، ولا أحد لديه أي فهم. هذا هو الحديث بالعقائد بلا مسار. هل العمل على هذا النحو لا يخلق مشكلات؟ ماذا ستكون نتيجة العمل بهذه الطريقة؟ عادة ما ننادي جميعًا بشعار "علينا أن نفهم طبيعتنا! علينا جميعًا أن نحب الله! علينا جميعًا الخضوع لله! علينا جميعًا أن نسجد أمام الله! علينا جميعًا أن نعبد الله! من لا يحب الله فهو مرفوض!" إن الحديث عن هذه العقائد لا فائدة منه ولا يحل المشاكل. كيف تفهم الطبيعة البشرية؟ فهم طبيعتك يعني في الواقع تحليل الأمور بعمق داخل نفسك - الأمور في حياتك وجميع منطق وفلسفات الشيطان التي كنت تعيش بموجبها - أي حياة الشيطان التي كنت تعيش من خلالها. لا يمكنك فهم طبيعتك إلّا من خلال الكشف عن الأمور في قرارة نفسك. وكيف يمكن الكشف عن هذه الأمور؟ لا يمكن الكشف عنها وتحليلها من خلال أمر أو أمرين فحسب. في مرّات عدة، بعد أن تكون قد فرغتَ من فعل شيء ما، لا تتوصل إلى أي فهم. وقد يستغرق الأمر معك ثلاث أو خمس سنوات قبل أن تستطيع اكتساب حتى القليل من الإدراك أو الفهم. لذا، في العديد من المواقف، يتعين عليك أن تتأمل في نفسك وتتعرف عليها. عليك أن تتعمق وتشرِّح نفسك، بحسب كلام الله، لكي ترى أي نتائج. وحينما يزداد عمق فهمك للحق شيئًا فشيئًا، فستتعرف تدريجيًا على طبيعتك وجوهرك من خلال التأمل الذاتي ومعرفة الذات.
ولكي تعرف طبيعتك، يجب أن تربح فهمها عبر بعض الأمور. أولًا، يجب أن تتحلّى بفهم واضح لما تحبّه. هذا لا يعني ما تحبّ أكله أو ارتدائه أو شربه؛ بل بالأحرى يعني أنواع الأمور التي تستمتع بها، والأمور التي تشتهيها، والأمور التي تعبدها، والأمور التي تسعى إليها، والأمور التي تعيرها انتباهًا في قلبك، وأنواع الأشخاص الذين تستمتع بالتواصل معهم، وأنواع الأشخاص الذين تُعجَب بهم أو تؤلّههم في قلبك. مثلًا، يحبّ معظم الناس الأشخاص ذوي الشأن الرفيع، والأشخاص الذين يتمتّعون بحديث وتصرف راقيين أو يحبّون الذين يتكلّمون بإطراء فصيح، أو أولئك الذين يتظاهرون. المذكورون أعلاه هم الأشخاص الذين يحبّون التفاعل معهم. أمّا الأمور التي يستمتع بها الناس، فهذه تشمل الاستعداد لفعل بعض الأمور السهلة، والاستمتاع بفعل أمور يعتبرها الآخرون صالحةً وتجعل الناس يمدحون ويُثنون. في طبيعة الناس، ثمة خاصية مشتركة للأمور التي يحبّونها. أي أنّهم يحبّون أشخاصًا وأحداثًا وأمورًا يحسدهم الآخرون بسبب المظاهر الخارجية، ويحبّون أشخاصًا وأحداثًا وأشياءَ تبدو جميلة جدًّا فاخرة، كما يحبّون أشخاصًا وأحداثًا وأمورًا تجعل الآخرين يعبدونهم. هذه الأمور التي يهواها الناس رائعة وساحرة ومذهلة وعظيمة. يعبد الناس كلهم هذه الأمور. يمكن أن نرى أنّ الناس لا يملكون أيّ جزء من الحق، ولا يشبهون البشر الحقيقيين. ما من أهمية ولو دنيا لعبادة هذه الأمور، ومع هذا، فالناس ما زالوا يحبّونها. تبدو هذه الأشياء التي يحبّها الناس جيِّدة بشكلٍ خاصّ لأولئك الذين لا يؤمنون بالله، وجميعها أشياء يرغب الناس على وجه الخصوص في السعي إليها. لإعطاء مثال بسيط: هناك جماعات بين غير المؤمنين. إنهم يطاردون الممثلين أو المطربين، ويحصلون على توقيعاتهم ويتركون رسائل، أو يصافحونهم ويعانقونهم. هل هذه الأشياء موجودة في قلوب المؤمنين؟ هل تغني بين الحين والآخر أغاني المشاهير الذين تعبدهم؟ أو هل تقلدهم من حين لآخر وتلبس أنماطهم التي تتوق إليها؟ أنت تجعل هؤلاء المشاهير والأناس المعروفين موضع عبادتك ونماذج عبادتك. هذه هي الأشياء الشائعة التي يحبها الناس. أليس المؤمنون حقًا لا يعبدون هذه الأشياء التي يعبدها غير المؤمنين؟ في أعماقهم، لا يزال لدى غالبية الناس القلب ليعبدوهم. أنت تؤمن بالله، ويبدو أنك لم تعد تسعى وراء هذه الأشياء بوضوح. ومع ذلك، في قلبك، ما زلت تحسد هذه الأشياء، وما زلت مغرمًا بهذه الأشياء. في بعض الأحيان تفكر: "لا أزال أرغب في الاستماع إلى موسيقاهم، ولا أزال أرغب في مشاهدة المسلسلات التلفزيونية التي يمثلون فيها. كيف يعيشون؟ أين هم الآن؟ إذا كان بإمكاني رؤيتهم ومصافحتهم فسيكون ذلك رائعًا، وحتى لو مت، فسيظل الأمر يستحق ذلك". بصرف النظر عمن يعبدون، فإن الناس جميعًا يحبون هذه الأشياء. ربما لا تتاح لك الفرصة أو أنك لست في الظروف المناسبة للتواصل مع هؤلاء الأشخاص أو الأشياء أو المواد، لكن هذه الأشياء في قلبك. والأشياء التي يسعى الناس إليها ويتوقون إليها تنتمي إلى النزعات الدنيويَّة، وهذه الأشياء من إبليس والشياطين، وهي مكروهة من الله وتخلو من أيّ حقٍّ. تسمح الأشياء التي يميل الناس للاشتياق إليها لطبيعتهم وجوهرهم أن تنكشف. يمكن رؤية تفضيلات الناس في طريقة لبسهم: فبعض الناس على استعدادٍ لارتداء ملابس ملفتة للانتباه أو مُلوَّنة أو غريبة. إنهم على استعداد لارتداء إكسسوارات لم يرتَدِها أحد من قبل، ويحبّون الأشياء التي يمكنها جذب الجنس الآخر. يُبيِّن ارتداؤهم هذه الملابس والإكسسوارات تفضيلهم لهذه الأشياء في حياتهم وفي أعماق قلوبهم. فالأشياء التي يتعلقون بها ليست محترمة أو لائقة. إنها ليست أشياء يُفترَض بالشخص العاديّ أن يسعى إليها. فحبّهم لها ينطوي على الإثم. ونظرتهم هي بالضبط نفس نظرة الناس الدنيويّين. لا يمكن للمرء أن يرى أيّ جزءٍ من هذا يتوافق مع الحقّ. وبالتالي، ما تحبّه وما تركّز عليه وما تعبده وما تشتهيه وما تفكّر فيه في قلبك كل يوم كلها أمور تمثّل طبيعتك. يكفي ميلك لهذه الأشياء الدنيوية ليثبت أنّ طبيعتك تهوى الإثم، وأنّها شريرة وغير قابلة للشفاء في المواقف الجدية. يجب أن تشرِّح طبيعتك بهذه الطريقة: تفحّصْ ما تهواه وما أهملته في حياتك. قد تتصرّف بطيبة مع أحد لفترة من الوقت، لكنّ هذا لا يثبت أنّك تهوى هذا الشخص. ما تهواه فعلًا هو تحديدًا ما يوجد في طبيعتك؛ حتى لو كانت عظامك مكسّرةً، فمع هذا ستستمتع به ولن تستطيع إهماله أبدًا. فلا يسهل تغيير هذا. خذ البحث عن شريك على سبيل المثال، فالناس يبحثون عن أناسٍ من نفس نوعهم. إذا وقعت امرأة بالفعل في حب شخص ما، فلن يتمكن أحد من إيقافها؛ إذ حتى لو كُسرت ساقاها، فإنها مع ذلك سترغب في أن تكون معه، وسترغب بالزواج منه حتى لو كان ذلك يعني أن تموت. كيف يُعقَل هذا؟ السبب هو أنه لا أحد يستطيع تغيير ما لدى الناس في أعماق أنفسهم وقلوبهم. حتى إن مات شخص ما، فإن نفسه ستظل تحب الأشياء نفسها. هذه هي أمور الطبيعة البشرية، وهي تمثِّل جوهر الشخص. تنطوي الأشياء التي يُولعُ الناس بها على بعض الإثم. فالبعض واضح في ولعهِ بهذه الأشياء، بينما البعض الآخر ليس كذلك. البعض يحبها بشدة بينما لا يحبها البعض الآخر. بعض الناس يمتلكون القدرة على ضبط النفس، بينما لا يستطيع آخرون السيطرة على أنفسهم. وبعض الناس عرضة للانغماس في الظلمة والأشياء الشريرة، مما يُثبت أنهم لا يمتلكون الحياة. بعض الناس يمكنهم غلبة إغواء الجسد ولا ينشغلون ولا يتقيدون بهذه الأشياء، مما يثبت أنهم يملكون بعض القامة، وأن شخصياتهم قد تغيرت قليلًا. يفهم بعض الناس بعض الحقائق، ويشعرون أن لديهم حياة وأنهم يحبون الله، لكن في الحقيقة، الوقت ما زال مبكرًا؛ فالقيام بتغيير في شخصية المرء للتغيير ليس بالأمر البسيط. هل من السهل فهم طبيعة المرء وجوهره؟ حتَّى إنْ كان شخصٌ ما يفهم قليلًا، فينبغي أن يمرّ بالعديد من التقلُّبات والانعطافات لتحقيق ذلك الفهم، وحتَّى مع القليل من الفهم، فإن التغيير ليس سهلًا. هذه هي جميع الصعوبات التي يواجهها الناس، ولا يستطيع الناس معرفة أنفسهم دون وجود إرادة لطلب الحقّ. إذا كان الحق يُرشدك من الداخل، وإذا كان قد ترسخ في داخلك، وإذا كان كلام الله يُرشدك في حياتك، وتفضيلاتك، واختباراتك ووجودك، بغض النظر عن مدى تغير الناس أو الأمور أو الأشياء من حولِك، وبغض النظر عما إذا كان العالم مقلوبًا رأسًا على عقب، فإنك في هذه المرحلة ستكون قد تغيرتَ حقًا. حاليًا ما يسمى تحولًا في الناس ما هو سوى عبارة عن تعاون بسيط، وأن تكون قادرًا على قبول التهذيب، والتعامل على مضضٍ، والمبادرة إلى أداء واجباتهم، وامتلاك لبعض الحماس والإيمان، لكن هذا لا يمكن اعتباره تحولًا في الشخصية، ولا يُثبت أن لدى الناس حياة. هذا مجرد تفضيلات وميول لدى الناس لا أكثر.
للوصول إلى فهم للطبائع، من الضروري كذلك كشف عدة جوانب في غاية الأهمية تتعلق بطبائع الناس، بالإضافة إلى الكشف عن الأمور التي يتعلق بها الناس بحكم طبائعهم. على سبيل المثال، وجهات نظر الناس بشأن الأشياء، وأساليب الناس وأهدافهم في الحياة، وقيم حياة الناس ونظرتهم للحياة، وكذلك وجهات نظرهم بشأن جميع الأمور المتعلقة بالحق. هذه هي كل الأشياء في أعماق نفوس الناس والتي لها علاقة مباشرة بتحوّل الشخصية. ما هي إذًا نظرة البشرية الفاسدة إلى الحياة؟ يمكن القول إنها كما يلي: "أنا ومن بعدي الطوفان". يعيش جميع الناس لأنفسهم، وبصراحة، إنهم يعيشون لأجل الجسد، وما يعيشون إلا ليتناولوا الطعام بأفواههم. كيف يختلف وجودهم عن وجود الحيوانات؟ ليس ثمة أيُّ قيمة في عيش حياة كهذه، فضلًا عن أن يكون لها معنى. تتعلق نظرة المرء إلى الحياة بما تعتمد عليه لكي تعيش في العالم، وما تعيش من أجله، وطريقة معيشتك؛ وهذه كلها أشياء تتعلق بجوهر الطبيعة البشرية. من خلال تحليل طبائع الناس، سترى أن الناس جميعًا يقاومون الله. إنهم جميعًا شياطين، ولا يوجد شخص صالح حقًا. لا يمكنك أن تعرف حقًا فساد الإنسان وجوهره، وأن تفهم ما ينتمي إليه الناس فعليًا، وما ينقصهم حقًا، وما ينبغي أن يتزودوا به، وكيف ينبغي عليهم أن يعيشوا بحسب الشبه الإنساني، إلّا من خلال تشريح طبائع الناس. ليس تحليل طبيعة الشخص بصدق بالأمر السهل، ولا يمكن فعله بدون اختبار كلام الله أو المرور باختبارات حقيقية.
ربيع 1999