كيفية السعي إلى الحق (21)

لقد كان موضوع الشركة خلال هذه الفترة واسعًا إلى حد كبير. ما مقدار ما تستطيعون تذكره؟ وما مقدار ما تستطيعون استيعابه؟ (بعد أن انتهى الله من تقديم الشركة، يمكننا أن نتذكر بعضًا منها بدرجة قليلة؛ وثمة أجزاء أخرى يمكن أن تترك لدينا انطباعًا بسيطًا بسبب مرورنا بظروف مماثلة في الوقت الحالي؛ وثمة أجزاء غيرها لا نستطيع أن نتذكر منها الكثير لأننا لم نختبر مثل هذه المواقف من قبل قط). عندما تواجه ظروفًا ما، هل يكون لديك أي انطباع عن الأشياء التي قُدمت حولها شركة؟ (قليلًا. عندما أواجه ظروفًا مماثلة، يمكنني أن أتذكر هذا الجانب من الحق الذي قدم الله شركة حوله، أو أتذكر جملة أو اثنتين من كلامه مما يتماشى مع الموقف، وبعد ذلك أبحث عن كلام الله هذا لآكله وأشربه، وأشعر أن لدي بعض التوجيه). هل استوعبت المبادئ؟ (في هذا الصدد، لا يزال ينقصني الكثير. ما زلت لا أستطيع فهم المبادئ تمامًا؛ كل ما يمكنني هو أن أربط بين كلام الله وبين نفسي، وأن أحوز القليل من الفهم). هل تعرف إلام يشير فهم الحق وامتلاك القدرة على استيعاب الحق بصفة أساسية؟ عندما يفتقر شخص ما إلى القدرة على استيعاب الحق، أليس غالبًا ما يُقال إن "هذا الشخص لا يفهم الحق" أو "لم يفهم هذا الجانب من مبادئ الحق"؟ ألستم كثيرًا ما تقولون شيئًا من هذا القبيل؟ (بلى). إلام إذن يشير القول إن شخصًا ما يفهم الحق ولديه القدرة على استيعابه؟ هل يشير إلى فهم التعليم فيما يتعلق بالحق؟ (لا. تفسيري هو أنه بعد الاستماع إلى شركة الله، إذا كانت لدى هذا الشخص القدرة على استيعاب الحق، فإنه يتمكن من الربط بين الحق وبين نفسه واكتساب المعرفة عنه، والتوصل إلى مبادئ ممارسة الحق). إن فهم الحق وامتلاك القدرة على استيعابه يشيران في المقام الأول إلى قدرة الشخص على فهم مبادئ الحق. عندما تُقدم شركة حول حق معين، فمهما كانت التفاصيل المحددة والمحتوى، ومهما كان عدد الأمثلة المذكورة، أو عدد المسائل أو الحالات التي تُناقش، فثمة مبدأ من مبادئ الحق يكمن في هذا كله. إذا كان بوسعك فهم مبدأ الحق هذا واستيعابه، فأنت إذن لديك القدرة على استيعاب الحق. إلام يشير امتلاك القدرة على استيعاب الحق؟ إنه يعني القدرة على فهم مبادئ الحق، والقدرة على رؤية الناس والأشياء والتصرف والفعل بناءً على مبادئ الحق عند مواجهة الأمور. هذا هو ما يسمى بالقدرة على استيعاب الحق. إنَّ بعض الناس مهما كانت كيفية تقديم شركة حول الحق معهم، ومهما كان عدد الأمثلة المقدمة وعدد الحالات التي تُناقش ومدى درجة التحديد التي بلغتها المناقشة، يظلون لا يعرفون ماهية الحق الذي يُناقش، ولا يكونون قادرين على رؤية الناس والأشياء والتصرف والفعل بناءً على مبادئ الحق؛ أي إنهم لا يستطيعون الربط بينه وبين أنفسهم أو تطبيقه. على الرغم من أنهم يستطيعون التحدث عن بعض الكلام والتعاليم لعدة ساعات، ومناقشتها بوضوح ومنطقية، فمن المؤسف أنهم غير قادرين على تطبيق كلام الله، وأنهم لا يستطيعون تطبيق مبادئ الحق لمعالجة المشكلات أو التعامل معها. ليس هذا ما يمثل فهم مبادئ الحق أو امتلاك القدرة على استيعاب الحق. مهما بلغ عدد التعاليم التي يتحدثون عنها، فهي عديمة الفائدة. مبادئ الحق هي معايير الممارسة المحددة لكل مسألة وكل فئة من الأشياء المتعلقة بالحق. بما أنها معايير ممارسة محددة، فهي بالتأكيد مقاصد الله. إنها المعايير التي يطلبها الله منك في أمور محددة، وهي طريق الممارسة المحدد الذي يجب أن تسلكه. هذه هي مبادئ الحق. إنها ليست مقاصد الله فحسب، بل هي أيضًا المعايير التي يطلبها الله من الناس. افترض أنك قد فهمت مبادئ الحق، فعندئذ ستكون لديك القدرة على استيعاب الحق. وإذا كانت لديك القدرة على استيعاب الحق، فسوف تمارس – عندما تواجه أمور – بناءً على مبادئ الحق. ستكون قادرًا على المضي قدمًا بما يتماشى مع مقاصد الله، وستتمكن من تلبية متطلبات الله. على العكس من ذلك، إذا كنت لا تفهم مبادئ الحق؛ أي إذا كنت تفتقر إلى القدرة على استيعاب الحق، فلن يكون أي شيء تفعله مبنيًا على مبادئ الحق أو على كلام الله. إنَّ أفعالك تفتقر إلى أساس ومعايير، أي إنه ليس لديك معايير محددة؛ ولهذا لا يمكنك تلبية متطلبات الله. لتقييم ما إذا كان شخص ما قادرًا على القيام بعمل حقيقي، انظر إلى ما إذا كانت لديه القدرة على استيعاب الحق أم لا. إذا كان يمتلكها، فهو يستطيع حل المشكلات الحقيقية؛ وإذا لم يكن يمتلكها، فكل ما يمكنه التحدث به من تعاليم هو عديم الفائدة مهما بلغ مقداره. إن الشخص الذي يحب مناقشة الكلام والتعاليم لكنه لا يعالج مشكلات حقيقية هو فريسي حق لا غش فيه. مهما كان عدد المقاطع الكثيرة التي يمكنك حفظها من كلام الله، فلا فائدة منها، فقد كان الفريسيون يستطيعون تلاوة الكتب المقدسة بطلاقة، وكانوا يذهبون بعد ذلك إلى زوايا الشوارع للصلاة؛ كل ما كانوا يفعلونه كان من أجل أن يراهم الناس، وليتباهوا بأنفسهم، وليس لمعالجة مشكلات حقيقية. يركز مثل هؤلاء الأشخاص على جمع كل ما هو مقبول وعميق وباطني وممتدح من الجميع من أنواع المعرفة الروحية والتعاليم والكلمات والشعارات، وينادون بها في كل مكان. وهم يظهرون حتى بعض السلوك الجيد ظاهريًا، مضللين بذلك الناس لكي يُعجبوا بهم ويبجلونهم أشد التبجيل، لكن عندما يتعلق الأمر بمشكلات حقيقية، فهم بخلاف التمسك بالقوانين واقتباس بعض الكلام والتعاليم، لا يستطيعون علاج أي مشكلات حقيقية. وبخصوص حالات الناس الداخلية أو جوهرهم، وكيفية التعامل مع هذه الأمور ومعالجتها، فإنهم يعجزون عن استيعاب أي شيء أو فهم أي حق؛ إذ لا يمكنهم سوى التحدث بخواء عن بعض الكلمات والتعاليم. هذا هو التعريف الدقيق للفريسي. السبب الذي يجعل الفريسيون لا يناقشون سوى الكلام والتعاليم، دون أن يتمكنوا من معالجة أي مشكلات حقيقية، هو أنهم لا يفهمون الحق، ولا يمكنهم استيعاب جوهر المشكلة من البداية إلى النهاية. لهذا؛ عندما يحين وقت معالجة المشكلات، يلجؤون إلى التحدث بأكاذيب وترويج وجهات نظر سخيفة. إنهم غير قادرين على إدراك حقيقة أي شخص أو جوهر أي مسألة؛ ومن ثم، فهم غير قادرين على حل أي مشكلات. إنهم يفتقرون إلى أدنى درجات القدرة على الاستيعاب. مهما سمعوا من عظات أو ناقشوا من تعاليم، فهم لا يفهمون ما مبادئ الحق أو ما مقاصد الله. على الرغم من كونهم فقراء ومثيرين للشفقة، يظلون يعتقدون أنهم يفهمون الحق ويفتخرون بأنفسهم بوصفهم أشخاصًا روحانيين. أليس هذا مثيرًا للشفقة؟ (إنه كذلك). إنه مثير للشفقة والغثيان. إنهم يستطيعون مناقشة الكثير من الكلام والتعاليم، وحتى اتباع قواعد معينة، لكنهم لا يستطيعون علاج أي مشكلات ملموسة. كل ما سيفعلونه أنهم سيلجؤون إلى محاكاة الطريقة التي قد يتحدث بها الآخرون، قائلين: "لقد حدث شيء ما هنا. انظروا كيف تطورت هذه المسألة بصورة معقدة وغريبة وغير عادية. هذا الشخص لا ضمير لديه ولا عقل، وإنسانيته سيئة وليس لديه وعي بالذات؛ كلما حدث له شيء تصرف بتهور". تسأله: "بالنظر إلى هذا السلوك، كيف ستتصرف مع هذا الشخص أو تتعامل معه؟ بناءً على أي مبادئ ستتصرف معه؟ ما جوهر سلوكه؟ هل هذا النوع من الأشخاص هو ضد المسيح، أو يتبع طريق ضد المسيح؟ هل هو قائد كاذب، أم أن إنسانيته سيئة فحسب، أو أنَّ أساس إيمانه ضحل؟" لكنه يقول: "هذا مما تصعب معرفته". إنه لا يعرف كيف يعالج هذه المشكلة، وعندما يواجه مسائل مختلفة، فإنه لا ينظر سوى إلى الظواهر والظروف السطحية. عندما يتعلق الأمر على وجه التحديد بسلوكيات فردية معينة ومظاهر وكلام وأفعال، يمكنه فقط وصفها أو تعدادها، أو قد يتخذ بعض القرارات البسيطة والأولية، لكنه لا يستطيع استيعاب جوهر المشكلة. إنه لا يعرف كيفية التصرف مع هؤلاء الأشخاص أو التعامل معهم؛ ولا يعرف كيفية تقديم شركة حول الحق لكي يجعلهم يتأملون ويعرفون أنفسهم ويربطون بين أنفسهم وبين كلام الله؛ وهو لا يعرف كيفية مساعدتهم في دخولهم إلى الحياة ولا الكيفية المناسبة لتعيين هؤلاء الأشخاص فيما يتعلق بالإدارة والموظفين. هو لا يقدر إلا على التحدث عن السلوكيات والظروف المختلفة لهذه الفئة من الناس أو تلك. عندما تسأله: "هل تصرفت مع هؤلاء الناس؟" يجيبك: "ليس بعد، ما زلت أراقبهم". هذه هي العاقبة. ألا يشير هذا إلى نقص في القدرة على حل المشكلات؟ (بلى). ألا يشير النقص في القدرة على حل المشكلات إلى عدم القدرة على استيعاب الحق؟ (بلى). وبدون القدرة على استيعاب الحق، ألا يكون هؤلاء الناس غير قادرين على فهم مبادئ الحق؟ ليس السبب في أنهم لا يفهمون مبادئ الحق عدم سماعهم ما يكفي من العظات، بل لأنهم يفتقرون إلى القدرة على استيعاب الحق، فهم لا يمتلكون مستوى القدرات ذاك. لماذا إذن يمكنهم عادةً الحديث والخطابة ببلاغة؟ لأنهم سمعوا الكثير واختبروا الكثير، وحفظوا كل هذه التعاليم في ذاكرتهم، فهم بطبيعة الحال قادرون على مناقشة بعض الكلام والتعاليم؛ خاصة أولئك الذين خدموا لعدة سنوات بوصفهم قادة أو عمالًا: لقد شحذوا قدراتهم من خلال الممارسة المنتظمة، ويمكنهم مناقشة مختلف الكلام والتعاليم والتحدث عنها، وهم يتحدثون بسلاسة شديدة، كما لو كانوا يقدمون الخطب والمقالات. لكن هذا لا يعني أن لديهم قامة أو واقع، ولا يعني أنهم يفهمون مبادئ الحق. يجب أن تجيدوا التمييز ويجب ألا يضللكم أمثال هؤلاء الأشخاص. إنكم عندما ترون شخصًا يستطيع التحدث خلال التجمعات باستمرار على مدار يوم أو يومين دون تكرار نفسه تعجبون به إلى درجة الانبهار، ألا يظهر هذا نقصًا في التمييز؟ ألا يبين ذلك أنك لا تفهم الحق؟ (بلى). هذا يدل على أنك لا تفهم الحق. إذا فهمت الحق، فستتمكن من تمييز ما إذا كان أي من محتوى خطابهم يتضمن مبادئ ممارسة محددة لمعالجة حالات أو مشكلات معينة. هب أنك تستمع بعناية وتجد أنه لا توجد جملة واحدة تتناول حالات الناس الفعلية أو مشكلاتهم، وأن ما يقولونه هو مجرد مجموعة من الشعارات، ومجموعة من الكلمات، ومجموعة من التعاليم الخالية من المبادئ، والحلول المحددة، والمسارات الملموسة للممارسة، وحتى لو تحدثوا لمدة يومين أو ثلاثة أيام، فكل ما يقولونه تعاليم جوفاء. وهب أنه يبدو مفيدًا ومثمرًا في وقت سماعك له، لكنك عند التأمل فيه تفكر: "كيف يمكنني علاج هذه المشكلة؟ لم يبدُ الآن أنهم كانوا يتناولونها"، وعندما تسألهم مرة أخرى، فإنهم لا يفعلون سوى التحدث بمجموعة من التعاليم التي لا تزال تتركك لا تعرف كيفية المضي قدمًا. أليسوا بهذا يخدعوك ويغشونك؟ (بلى). على الرغم من أنك لم تزل لا تعرف كيفية المضي قدمًا، تظل معجبًا بهم وتنظر إليهم بإجلال؛ هذا معناه أنك تتعرض للخداع والغش. ألستم كثيرًا ما تتعرضون للخداع بهذه الطريقة؟ (بلى). إذن، بوصفكم قادةً وعمالًا، ألستم كثيرًا ما تخدعون الآخرين بهذه الطريقة؟ (بلى). الآن هل لديكم فهم أكثر قليلًا لما يعنيه امتلاك القدرة على استيعاب الحق وفهم ما هي مبادئ الحق؟ (أنا أفهمها أكثر قليلًا). ما هي مبادئ الحق؟ (مبادئ الحق هي معايير معينة للممارسة عند مواجهة الأمور فعليًا؛ فهي تتضمن مقاصد الله إضافةً إلى معايير ومسارات معينة تجب ممارستها. إذا فهم المرء مبادئ الحق، فستكون لديه القدرة على استيعاب الحق). إن امتلاك القدرة على استيعاب الحق يسمح للمرء بفهم مبادئ الحق؛ هذه هي العلاقة بين الاثنين. ليس الأمر أنه عندما تفهم مبادئ الحق، أن تكون لديك القدرة على استيعاب الحق، لكن عندما تكون لديك القدرة على استيعاب الحق، يمكنك فهم مبادئ الحق. ألا يسير الأمر بهذا الشكل؟ (بلى). فهل يمتلك معظمكم القدرة على استيعاب الحق؟ هل يمكنكم فهم مبادئ الحق الواردة في كل موضوع أقدم شركة حوله في كل مرة؟ إذا كنت تستطيع فهمها، فأنت تمتلك القدرة على استيعاب الحق، ولديك فهم روحاني. وإذا كنت بعد الاستماع لا تتذكر إلا أشياء معينة أو سلوكيات معينة أو طرق للقيام بالأشياء تشمل أشخاصًا معينين أو فئات معينة من الأشخاص مما تناولناه بالمناقشة خلال الشركة، لكنك لا تفهم حقًا ما هي مبادئ الحق التي تُقدَّم الشركة حولها هنا؛ وإذا كنت – عندما تواجه الأمور – لا تعرف كيف تربط بينها وبين الحقائق المحددة التي قُدِمَت الشركة عنها، أو كيف تتصرف بناءً على مبادئ الحق، فأنت لا تملك فهمًا روحانيًا. عدم وجود فهم روحاني يعني الافتقار إلى القدرة على استيعاب الحق. إنك لا تفهم مبادئ الحق مهما سمعت من عظات، وعندما تنشأ الأمور تشعر بالارتباك؛ إذ لا يمكنك سوى رؤية الظروف السطحية والمظاهر وما شابهها فحسب. لا يمكنك رؤية جوهر المشكلة، ولا يمكنك إيجاد مسارات الممارسة أو الطريقة لمعالجة المشكلات. وهذا يدل على عدم فهم المبادئ الحقيقية وعدم القدرة على استيعاب الحق؛ ومثل هؤلاء الناس لا يتمتعون بفهم روحاني. خذوا وقتكم للتفكير في هذه المشكلات والتعمق فيها، وسوف تتوصلون إلى استنتاجات. إذا كنت لا تفكر أبدًا في هذه المشكلات، إذا كان رأسك مشوشًا، فليس لديك فهم حقيقي.

لنستمر في تقديم شركة حول المحتوى الذي كنا نقدم عنه الشركة باستمرار خلال هذا الوقت. في الاجتماع السابق، ناقشنا الجزء الرابع من تخلي الناس عن مساعيهم ومثلهم العليا ورغباتهم، وهو المحتوى المحدد المتمثل في جزء "الحياة المهنية". فيما يتعلق بالمحتوى المحدد الذي يتضمنه جزء" الحياة المهنية"، والفهم الصحيح الذي يجب أن يكون لدى الناس حول الحياة المهنية، أو المسارات المحددة للممارسة ومعايير الممارسة التي يتطلبها الله من الناس فيما يتعلق بالحياة المهنية، أدرجنا أربع نقاط. ما هي النقاط الأربع؟ (1. عدم المشاركة في الأعمال الخيرية؛ 2. الاكتفاء بالطعام والملابس؛ 3. الابتعاد عن مختلف القوى الاجتماعية؛ 4. الابتعاد عن السياسة). لقد ناقشنا نقطتين من هذه النقاط الأربع. النقطة الأولى هي عدم الانخراط في الأعمال الخيرية، والثانية هي الاكتفاء بالطعام والملابس. أليست الصياغة المحددة لكل نقطة من هذه النقاط الأربع تشكل المبادئ الملموسة لممارسة التخلي عن الحياة المهنية؟ (بلى). هذه المبادئ الأربعة المحددة للممارسة تشكل المعايير التي يتطلبها الله من البشرية فيما يتعلق بالتخلي عن الحياة المهنية. بطبيعة الحال، فإن المعايير التي يطلبها الله من البشرية هي مبادئ الحق المتمثلة في التخلي عن الحياة المهنية، وهي المسارات المحددة للممارسة عندما يواجه الناس هذه الأمور؛ معنى هذا أنك من خلال القيام بما يتعين عليك القيام به في هذا النطاق، تحقق متطلبات الله، لكن إذا تجاوزت هذا النطاق، فإنك تتعارض مع المبادئ، ومع الحق، ومع متطلبات الله. بخصوص موضوع الحياة المهنية، قدمنا شركة حول مبدأين من مبادئ الممارسة: الأول هو عدم الانخراط في الأعمال الخيرية، والثاني هو الاكتفاء بالطعام والملابس. فيما يتعلق بالنقطة الأولى المتمثلة في عدم الانخراط في الأعمال الخيرية، قدمنا بعض الأمثلة المحددة وناقشنا بعض المواقف الخاصة. ما المشكلات التي يتضمنها هذا الموضوع بصفة أساسية؟ إنها تتعلق بما يجب على الناس فعله عند اختيار مهنة أو فيما يتعلق بالحياة المهنية. على أقل تقدير، النقطة الأولى هي عدم الانخراط في الأمور المتعلقة بالأعمال الخيرية؛ يكفي أن يشارك المرء في المهن المتعلقة بحياته الخاصة أو مصدر رزقه. إذا كنت تعمل موظفًا في مؤسسة خيرية، وأنت تعمل فقط لأنك تقدمت بطلب للحصول على وظيفة، فليس هذا نفسه هو الانخراط في الأعمال الخيرية، بل إنه وضع خاص. يمكنك أن تتوظف بها وتحصل على أجر، لكنك مجرد عامل، لست أكثر من موظف يتلقى راتبًا. أما فيما يتعلق بما تقوم به المنظمة الخيرية، سواء كانت مؤسسات، أو رعاية اجتماعية، أو تبني أطفال أو حيوانات يتيمة، أو مساعدة الناس في المناطق المنكوبة أو الفقيرة، أو قبول اللاجئين، وما إلى ذلك، فإن هذه المساعي الرئيسية لا علاقة لها بك. لست بالشخص الرئيسي المسؤول، ويجب عليك ألا تساهم بوقتك وطاقتك في هذه القضية الخيرية. هذه مسألة مختلفة تمامًا. أنت لا تقوم بعمل الخير، بل أنت موظف في مؤسسة خيرية. أليستا مسألتين مختلفتين بطبيعتيهما؟ (بلى). طبيعة كل منهما مختلفة عن الأخرى، وهذا الوضع الخاص لم ينتهك المبدأ. بصرف النظر عن هذا، سواء كانت مؤسسة خيرية صغيرة أو كبيرة، وبغض النظر عن مجال العمل الخيري، فلا علاقة لك بها. إنه ليس شيئًا يطلب منك الله أن تفعله. أنت لا تخالف الحق من خلال عدم القيام به، وحتى إن قمت به، فإن الله لا يذكره. بما أنك تهدف إلى السعي إلى الحق والخلاص، فلا يجب أن تستثمر طاقتك ووقتك في أمور لا علاقة لها بالخلاص أو السعي إلى الحق أو الخضوع لله، لأن عمل الخير ليس له قيمة أو معنى. لماذا القيام بهذا ليس له قيمة أو معنى؟ أيًا كان من تنقذه أو تساعده، فهذا لا يمكنه تغيير أي شيء. إنه لا يمكنه أن يغير مصير أي شخص أو يحل المشكلات الخاصة بمصيره، كما أنَّ مساعدتك للناس في بعض الأحيان لا تنقذهم حقًا. وبالتالي، فإنَّ هذه المساعي في النهاية غير مجدية وخالية من أي قيمة أو معنى. على سبيل المثال، يتبنى بعض الناس الذئاب: يبدؤون بواحد أو اثنين، وفي نهاية المطاف يربون المئات أو الآلاف. يعتبرون هذا حياتهم المهنية، ويستثمرون كل مدخراتهم، ويشركون أسرهم بأكملها، ويكرسون كل طاقتهم في السنوات اللاحقة. كل طاقتهم وحياتهم تدور حول هذا الشيء الوحيد، والنتيجة النهائية أنهم أهدروا وقتًا وسنوات طويلة في هذا الشأن، على الرغم من نجاحهم في إنقاذ الذئاب وحمايتها؛ فليس لديهم المزيد من الوقت والطاقة للسعي إلى الحق والقيام بواجباتهم. ولهذا، مقارنةً بالقيام بالواجبات وتلقي الخلاص، فإن أي تعهد – وإن استحسنه العديد من الناس وامتدحه المجتمع – ليس بنفس أهمية سعي الناس إلى الخلاص والحق وقيامهم بواجباتهم. إنه ليس بالقدر ذاته من المعنى أو القيمة التي يقدمها السعي إلى هذه الأشياء. ثمة مسألة أخرى مهمة: إذا اختارك الله، وكنت أحد شعبه المختار، فلن يعهد إليك أبدًا بممارسة مهنة في مجال العمل الخيري قد يستحسنها العالم أو المجتمع. لن يعهد الله إليك أبدًا بمثل هذه الأمور للقيام بها. إذا كنت واحدًا من شعب الله المختار، فما هو أعظم ما يتمناه الله لك؟ أن تقوم بواجبك بوصفك كائنًا مخلوقًا، وأن تكون قادرًا على السعي إلى الحق والعودة أمام الله، وأن تكون قادرًا على تلقي الخلاص والبقاء. هذا هو أكثر ما يرضي مقاصد الله، وأفضل ما يرضي مقاصده، وليس القيام بأفعال يعتبرها الناس في هذا العالم أو المجتمع مهمة أو ذات معنى أو براقة. إذا كنت مختارًا من الله، فما يعهد به إليك هو الواجب الذي يتعين عليك القيام به، وهو يتعلق حصرًا بعمل الله وعمل الكنيسة. أي شيء يتجاوز عمل الكنيسة وتدبير الله ليس شأنك. مهما كان ما تفعل، حتى لو كنت تعتقد أنه أمر جيد، وكنت على استعداد للقيام به، فإنه لا يحمل قيمة، ولا يستحق الذكر، والله لا يذكره. سواء أصبح إرثًا خالدًا، أو شيئًا يتذكره الناس إلى الأبد، أو يحظى بثناء الناس المعاصرين، فهذا كله غير مهم. أيًا كان عدد الأشخاص الذين يحتفون به، فإن هذا لا يعني أن ما تفعله يثني عليه الله أو يذكره. هذا لا يعني أن ما تفعله له معنى أو قيمة. إنَّ آراء هذا العالم وهذا المجتمع وما يصدر عنهما من تقييمات، لا تمثل تقييم الله لكم. ولهذا، عندما يتعلق الأمر بالحياة المهنية، يجب ألا تضيع وقتك المحدود وطاقتك الثمينة في مساعي لا معنى لها. وعوضًا عن ذلك، ركز طاقتك ووقتك على واجبك الذي أعطاك إياه الله، وعلى مسائل السعي إلى الحق والخلاص؛ هذا ما يحمل حقًا قيمة ومعنى. إن العيش بهذه الطريقة سيجعل حياتك ذات قيمة وذات معنى. بعض الناس يتبنون آلاف الكلاب، ويتركز كل يوم من أيامهم على رعاية هذه الكلاب التي تبنوها والعيش من أجلها؛ فلا يتبقى لديهم من الوقت إلا ما يكفي بالكاد لتناول الطعام والنوم، ناهيك عن غسل ملابسهم أو التحدث إلى الناس. إنَّ المهام التي يقومون بها تتجاوز نطاق قدراتهم؛ فهم يعيشون حياة مرهقة يرثى لها. أليست هذه حماقة؟ (بلى). أنت لست منقذًا، فلا تحاول أن تصبح كذلك. أي فكرة عن الرغبة في إنقاذ العالم أو تغيير العالم أو استخدام قوتك لتغيير الوضع الحالي أو هذا العالم هي فكرة حمقاء. ومثل هذه المحاولات بالطبع أكثر حماقة، ولن تضعك العواقب النهائية إلا في حالة مريعة، وتجعلك منهكًا، وتعطيك بؤسًا لا يوصف، وتجعلك لا تعرف ما إذا كان يجب عليك الضحك أم البكاء. إنَّ الناس لا يمتلكون مثل هذا القدر الكبير من الطاقة، ولا قدراتهم وإمكاناتهم كبيرة بما يكفي لتغيير أي شيء. يجب تقديم ما تملكه من طاقة ووقت ضئيلين في أداء واجبك ككائن مخلوق وإنفاقهما في ذلك. والأهم من ذلك بالطبع، أنه يجب إنفاقهما وتكريسهما للسعي إلى الحق لنيل الخلاص والخضوع لله. وبخلاف هذه الأشياء، فإن أي مساعي أخرى لا معنى لها. فالحياة المهنية شيء يجب القيام به بصفته جزءًا من الحياة المادية للشخص. إنها لا تعتبر ذات معنى؛ بل هي ضرورية فقط للحياة المادية والبقاء على قيد الحياة. من أجل العيش والبقاء على قيد الحياة، يجب عليك الانخراط في مهنة؛ هذه المهنة هي محض وظيفة تسمح لك بإعالة نفسك. سواء كانت هذه المهنة في الطبقات الدنيا من المجتمع أم الطبقات العليا، فهي محض وسيلة للحفاظ على مصدر رزق؛ ومدى نبلها وأهميتها مسألتان ليستا ذات صلة. علاوةً على ذلك، بغض النظر عن أهميتها، فإن مطلب الله من البشرية هو هذا: إذا كنت ترغب في السعي إلى الحق والسير في طريق الخلاص، فإن معيار اختيار المهنة للحفاظ على مصدر رزق هو الاكتفاء بالطعام والملابس. لا تستهلك مقدارًا كبيرًا من الطاقة والوقت في الركض وشغل نفسك بالطعام والملبس والمأوى والتنقل، إذ يكفي تحقيق الضروريات الأساسية فحسب. عندما تكون معدتك ممتلئة وجسمك دافئ ومغطى؛ عندما تحقق هذه الشروط الأساسية للبقاء على قيد الحياة، يجب عليك القيام بواجبك ككائن مخلوق، وتقديم طاقتك الثمينة ووقتك لواجبك، لما أوكله الله لك، وأن تقدم قلبك. والنقطة الأهم على الإطلاق هي أنه في أثناء القيام بواجبك، يجب عليك أيضًا بذل الجهد في الحق، والسعي إلى الحق والسير في طريق السعي إلى الحق؛ لا تكتفي بأن تنجرف فحسب. هذا هو المبدأ. الله لا يطلب منك بذل كل قوتك لمجرد البقاء على قيد الحياة وأن تظل حيًا. إنه لا يحتاج منك إلى أن تعيش حياة مبهرة وتمجده من خلالها، ولا يطلب منك إنجاز أي أعمال عظيمة في هذا العالم، أو إجراء أي معجزات، أو المساهمة بأي شيء للبشرية، أو تقديم المساعدة لأي عدد من الناس، أو حل مشكلات التوظيف لأي عدد من الناس. ليس من الضروري أن تكون لك مهنة عظيمة، وأن تصبح مشهورًا في جميع أنحاء العالم، ثم تستخدم هذه الأشياء لتمجيد اسم الله، معلنًا للعالم، "أنا مسيحي، وأؤمن بالله القدير". الله يأمل فقط أن تكون شخصًا عاديًا وفردًا عاديًا في هذا العالم. لست بحاجة إلى إجراء أي معجزات، ولست بحاجة إلى التفوق في مختلف المهن أو المجالات أو أن تصبح شخصًا مشهورًا أو شخصية عظيمة. لست بحاجة إلى أن تكون شخصًا يحظى بإعجاب الناس أو احترامهم، ولا تحتاج إلى تحقيق أي نجاحات أو جوائز في مختلف المجالات. وليس ثمة حاجة بالتأكيد لأن تقدم أي مساهمات في مختلف المهن من أجل تمجيد الله. إن مطلب الله منك هو ببساطة أن تعيش حياتك بشكل جيد، وأن تحصل على الضروريات الأساسية، وألا تجوع، وأن ترتدي ملابس تدفئك في الشتاء وأخرى تناسبك في الصيف. ما دامت حياتك طبيعية ولديك القدرة على البقاء، فهذا يكفي؛ هذا هو مطلب الله منك. مهما كان ما تمتلكه من المواهب أو الملكات أو القدرات الخاصة، فإن الله لا يرغب في أن تستخدمها لتحقيق النجاح الدنيوي، بل يريد منك عوضًا عن ذلك أن تستخدم أي مواهب أو قدرات لديك في القيام بواجبك وبما يعهد به إليك، وفي السعي إلى الحق، ونيل الخلاص في نهاية المطاف. هذا هو الشيء الأهم، والله لا يتطلب أي شيء أكثر من ذلك. إذا كنت تحيا حياةً جيدة، فلن يقول الله إنك تمجده. وإذا كانت حياتك عادية وكنت تنتمي للطبقة الدنيا من المجتمع، فهذه ليست بإهانة لله. إذا كانت عائلتك فقيرة نسبيًا، لكنك تلبي معيار الله في الاكتفاء بالطعام والملابس، فليست هذه بإهانة له كذلك. بينما تعيش وتظل حيًا، فإن الهدف من سعيك هو أن تكون مكتفيًا بالطعام والملابس، وأن يكون لديك الضروريات الأساسية وأن تعيش بشكل طبيعي، وأن تكون قادرًا على الحصول على وجباتك اليومية، وتغطية نفقاتك اليومية؛ هذا يكفي. عندما تكون راضيًا، فإن الله يرضى أيضًا؛ هذا ما يطلبه الله من الناس. الله لا يطلب منك أن تكون شخصًا غنيًا أو مشهورًا أو راقيًا، كما أنه لا يسمح لك أن تكون متسولًا. المتسولون لا يقومون بأي عمل؛ فهم يتسولون طوال اليوم للحصول على الطعام، ويبدون مثيرين للشفقة، ويأكلون بقايا طعام الناس، ويرتدون ملابس ممزقة، ويرتدون ملابس بها رقع أو حتى يلفون حول أنفسهم كيسًا من الخيش؛ هم يعيشون حياة متدنية الجودة للغاية. الله لا يطلب منك أن تعيش كالمتسولين. الله لا يطلب منك أن تمجِّده في الأمور المتعلقة بالحياة المادية، ولا هو يعرّف مواقف معينة على أنها إهانة له. لن يحكم الله على الشخص بناءً على ما إذا كانت حياته المادية صعبة أم أنه يعيش في وفرة. إنما يقيمك الله بناء على كيفية ممارستك وما إذا كنت تلبي متطلبات الله فيما يتعلق بالسعي إلى الحق والمبادئ التي يطلبها الله منك. هل فهمتم هذين المبدأين للممارسة المتعلقة بالحياة المهنية واستوعبتموهما؟ المبدأ الأول هو عدم الانخراط في الأعمال الخيرية، والمبدأ الثاني هو الاكتفاء بالطعام والملابس؛ كلا المبدأين يسهل فهمهما.

ثمة أفراد في الكنيسة لا يزالون يعتقدون اعتقادًا راسخًا أن القيام بالعمل الخيري أمر جيد. إنهم يفكرون: "يجب علينا مد يد العون أينما كانت هناك حاجة. بالنسبة إليّ شخصيًا، فقد تبرعت بالملابس وبعض المال، بل إنني أذهب إلى المناطق المنكوبة وأتطوع". كيف تقيّمون هذه المسألة؟ هل يجب إيقافها أو التدخل فيها؟ (لا ينبغي التدخل فيها). هناك أيضًا من يقولون: "عندما أرى شخصًا يتسول، وخاصة الأطفال الجياع، أشعر بالشفقة تجاههم". سرعان ما يستقدمون هؤلاء الأشخاص إلى منازلهم، ويعدون لهم بعض الطعام الجيد، ثم يصرفونهم ببعض الملابس والأشياء الجميلة، بل إنهم يذهبون لزيارتهم في بعض الأحيان. إنهم على استعداد لأداء أعمال الرحمة هذه والتصرف بهذه الطريقة، معتقدين أن هذه الطريقة في التصرف تدعم العدالة، وأنه من خلال القيام بذلك، سيذكرهم الله ويصبحون ألطف الأشخاص في العالم. فيما يتعلق بمثل هؤلاء الأشخاص، هل تتوقف الكنيسة أو تتدخل معهم؟ (إنها لا تتدخل). نحن نشارك معهم المواعظ التي يجب مشاركتها، ونشرح لهم مقاصد الله ومبادئ الحق. إذا استمروا – بعد الفهم ومعرفة كل شيء – في الإصرار على القيام بالأشياء بطريقتهم الخاصة، والتصرف وفقًا لإرادتهم، فإننا لا نتدخل. يجب على كل فرد أن يتحمل المسؤولية عن كلامه وأفعاله، والناس أنفسهم مسؤولون عن النتيجة النهائية وعن كيفية وصف الله لهم. أما الآخرون فليس عليهم تحمل هذه المسؤولية، ولا دفع الثمن. إذا قابلنا أشخاصًا مثل هؤلاء ممن يفهمون كل شيء لكنهم ما زالوا يصرون على القيام بعمل الخير، فلن نصحح أفكارهم ووجهات نظرهم، ولن نتدخل، ولن ندينهم بالتأكيد. لا يزال هناك بعض الأشخاص الذين يسعون بعد الإيمان بالله وراء أشياء دنيوية أو ثروات أو مناصب في الحكومة أو مهن. هل نتدخل معهم؟ (لا نتدخل). قدموا لهم شركة حول الحقائق ذات الصلة حتى يفهموا، وبعد الانتهاء من الشركة، يمكنهم الاختيار لأنفسهم. الأمر متروك لهم ليقرروا المسار الذي يجب عليهم اتباعه. ما يختارونه، وما يرغبون في فعله والكيفية التي يفعلونه بها، نحن لا نتدخل في هذه الأمور. مسؤوليتنا هي الشركة معهم حول مقاصد الله ومبادئ الحق. إذا فهموا واستوعبوا، فيمكنك أن تسألهم: "ماذا ينبغي أن تكون خطوتك التالية إذن؟ متى تبدأ في نشر الإنجيل؟" سوف يقولون: " مهلًا، لدي شحنة من البضائع يجب أن أجلبها، لدي بعض الأعمال ومشروع يجب أن أتولاه، وهو شيء يمكنني جني الكثير من المال منه فور اكتماله. فلنناقش نشر الإنجيل في وقت لاحق". فتقول: "كم من الوقت يجب أن أنتظر؟" فيجيبونك: "ربما سنتين أو ثلاث سنوات". حسنًا، وداعًا إذن. لا داعي لأن تتعب نفسك مع هؤلاء الناس بعد ذلك. هذه هي الطريقة التي يمكن تناول الأمر بها، أليس هذا سهلًا؟ (إنه سهل). هذا ما يسمى بمعرفة الطريق الحق وتعمد ارتكاب الخطية على أي حال. مثل هؤلاء الناس لن يكون لديهم تقدمة خطية. الله لا يتوقف أو يتدخل مع مثل هؤلاء الأشخاص؛ حتى في تلك اللحظة، لا يقيّمهم بأي شكل من الأشكال. إنه يترك لهم حرية الاختيار. أنتم أيضًا بحاجة إلى تعلم هذا المبدأ. بغض النظر عن مدى ما يمكنهم فهمه، فإن مسؤوليتنا باختصار هي نقل مقاصد الله إليهم بوضوح. ما يختارونه بعد ذلك، وما يجب أن تكون عليه خطواتهم التالية، هو شأنهم الخاص وحريتهم. لا ينبغي لأحد أن يتدخل، وليست هناك حاجة لشرح الإيجابيات والسلبيات للضغط عليهم. هل هذا نهج مناسب؟ (إنه مناسب). إذا كان مناسبًا، فيجب تنفيذه إذن على هذا النحو. لا تعارض المبادئ ولا تجبرهم ضد إرادتهم. هذان هما أول مبدأين للتخلي عن حياة المرء المهنية؛ وهما مبدآن من السهل نسبيًا فهمهما واستيعابهما.

فيما يتعلق بموضوع التخلي عن الحياة المهنية، ما المبدأ الثالث الذي يطلب الله من الناس ممارسته؟ الابتعاد عن مختلف القوى الاجتماعية. هذا المبدأ أصعب قليلًا في فهمه، أليس كذلك؟ (بلى). صحيحٌ أن فهمه قد يكون صعبًا بعض الشيء، لكنه أيضًا أحد المبادئ. إنه مبدأ يجب على الناس الالتزام به بأمانة لكي يتمكنوا من البقاء في هذا المجتمع. إنه أيضًا موقف ونهج وطريقة للبقاء يجب أن يمتلكها الناس للبقاء في هذا المجتمع؛ وبالطبع يمكن القول بدقة إنه نوع من الحكمة للبقاء في المجتمع. قد يبدو ظاهريًا أنَّ الابتعاد عن مختلف القوى الاجتماعية مشكلة بعيدة عن كل فرد، لكن واقع الأمر أنَّ مختلف القوى الاجتماعية هذه تحيط خفيةً بالجميع. إنها قوى غير ملموسة؛ كيانات غير ملموسة موجودة حول الجميع. عندما تختار مهنة، فإنها تكون محاطة بالقوة الكبيرة لتلك المهنة أيًا كانت الطبقة الاجتماعية التي تنتمي إليها. سواء عملت بمهنة راقية أو متدنية، فثمة مجموعات من الناس ذات الصلة داخل نطاق تلك المهنة. إذا كانت لدى هذه المجموعات داخل المجتمع سنوات معينة من الخبرة، أو مؤهلات معينة، أو أسس اجتماعية معينة، فإنها ستشكل بلا شك قوة غير ملموسة. على سبيل المثال، قد لا تُعتبر مهنة التدريس مهنة راقية، لكنها ليست مهنة متدنية كذلك؛ إنها أرقى نسبيًا من مهن مثل الزراعة أو أنواع مختلفة من العمل اليدوي، لكنها إلى حد ما أدنى شأنًا من المهن الراقية حقًا في المجتمع. داخل هذا المهنة، بخلاف العمل البسيط الذي تقوم به، يوجد العديد من الأشخاص الآخرين الذين يمتلئ بهم المجال. لذا؛ ففي هذا المجال، يتميز الناس على أساس أقدميتهم وعمق خبرتهم. تشكّل المستويات العليا من هذه المهنة طبقة تتحكم في أشياء مثل الموظفين والاتجاهات والسياسات واللوائح والقواعد؛ إنها تشكل قوة مناظرة داخل المهنة. على سبيل المثال، مَن في مهنة التدريس هو القائد والزعيم الأعلى الذي يقود المهنة ويسيطر عليها، والذي يتحكم بمعاشك وراتبك؟ في بعض البلدان، قد يكون هناك اتحاد للمعلمين؛ في الصين، تتمثل القيادة في الإدارة التعليمية ووزارة التعليم. تمثل هذه المؤسسات مجال القوى المناظر لمهنة التدريس في المجتمع. ينطبق الأمر نفسه على المزارعين؛ من هو رئيسهم المباشر؟ قد يكون قائد فريق، أو عمدة قرية، أو رئيس بلدة، والآن توجد أيضًا جمعيات للإدارة الزراعية تؤسَّس. أليس هذا مجال القوى المناظر لهذه المهنة؟ (بلى). قد يقال إن هذه المجالات المختلفة للقوى تؤثر في أفكارك وكلامك وأفعالك، بل تؤثر حتى في إيمانك والمسار الذي تسلكه في الحياة، وتتحكم في ذلك كله. إنها لا تتحكم في معاشك فحسب، بل في كل شيء يتعلق بك. ولا سيما في بلد التنين العظيم الأحمر، دائمًا ما يعقد غير المؤمنين ندوات أيديولوجية، ويبلغون عن أفكارهم، ويتحققون مما إذا كانت هناك أي مشكلات في أفكارهم، وما إذا كانت تتضمن أي عناصر مناهضة للحزب أو مناهضة للدولة أو معادية للإنسان. أيًا كانت المهنة التي تنخرط فيها، سواء كانت مهنة تقليدية بدرجة أكبر أم حديثة بدرجة أكبر، فستكون هناك قوى مناظرة مختلفة موجودة في المجال المهني من حولك. يتمثل بعض هذه القوى في رؤسائك المباشرين؛ أولئك المسؤولين مباشرة عن إصدار راتبك ونفقات معيشتك. وقد يكون البعض الآخر قوى غير ملموسة. على سبيل المثال، هب أنك موظف غير بارز في مكان العمل؛ ستكون هناك مختلف القوى التي تلعب دورًا في مجالك المهني؛ البعض يتودد إلى المدير ويدور دائمًا في فلكه، وهذا أحد أنواع القوى. وهناك أيضًا مجموعة القوة التي تبقى قريبة من الرئيس التنفيذي وتكرس نفسها للتعامل مع الأمور لصالحه. وربما توجد مجموعة أخرى قريبة من مدير قسم التسويق. كل مختلف القوى هذه موجودة. ما غرض هذه القوى؟ كيف تأتي هذه القوى إلى حيز الوجود؟ يحدث ذلك بأن يأخذ كل فرد ما يريد، ومن خلال الانحياز لمن هم في السلطة وتملقهم لكي يحقق الشخص أغراضه الخاصة ويتمكن من البقاء، مما يؤدي بعد ذلك إلى تشكيل مختلف القوى. تدعو بعض القوى إلى نهج ما، بينما تدعو قوى أخرى إلى نهج مختلف. قد تميل بعض القوى إلى القيام بالأشياء وفقًا للقواعد واتباع معايير مكان العمل، بينما قد تتصرف بعض القوى الأخرى بحقارة، على نحو يتجاهل القانون والأخلاقيات المهنية على حد سواء. كيف ينبغي لك أن تختار إن كنت تعيش في بيئة تمتزج فيها مختلف القوى هذه؟ كيف ينبغي لك البقاء؟ هل يجب أن تقترب من تنظيم الحزب، أم تقترب من مدير أو مدير تنفيذي؟ هل يجب أن تتودد إلى مدير أو رئيس قسم، أم يجب أن تؤيد رئيس المكتب أو مدير المصنع؟ (لا أحد منهم). على الرغم من ذلك، غالبًا ما يتخلى الناس عن كرامتهم ومبادئ سلوكهم، وخاصة حدودهم لكيفية التصرف، وذلك كله من أجل البقاء. داخل المشهد المعقد لهذه القوى، فإنَّ الناس سيختارون – على نحوٍ غير واعٍ – الانحياز إلى جانب ما واتباع التيار، وتأييد مختلف القوى. إنهم يبحثون عن قوة تقبلهم وتحميهم، أو يبحثون عن قوة قد يكون من الأسهل عليهم قبولها؛ قوة يمكنهم السيطرة عليها، ومن ثمَّ يقتربون من هذه القوة أو حتى يندمجون فيها. أليست هذه غريزة بشرية؟ (إنها كذلك). أليست نوعًا من المهارات أو الأساليب للبقاء؟ (بلى). سواء كان ذلك غريزة متأصلة أم مهارة يستخدمها الناس للتكيف مع هذا المجتمع ومع مختلف المجموعات، فهل هو مبدأ من مبادئ الممارسة ينبغي للمرء أن يمتلكه ليسلك بحسبه؟ (لا). قد يقول بعض الناس: "على الرغم من أنك تقول الآن إنه ليس كذلك، عندما تجد نفسك حقًا في هذا الموقف، ستختار في الحياة الواقعية أن تنحاز إلى جانب ما وستلجأ إلى أي قوة تفيدك وتسمح لك بالبقاء. وربما حتى تشعر في أعماقك أنه يجب على الناس الاعتماد على هذه القوى للعيش، وأنهم لا يستطيعون العيش بشكل مستقل، لأن العيش بشكل مستقل يجعلهم عرضة للتنمر. لا يمكنك دائمًا أن تبقى مستقلًا ومنعزلًا؛ بل يجب أن تتعلم الاستسلام والبقاء على مقربة من مختلف القوى. يجب أن تكون قوي الملاحظة متملقًا للناس، وأن تتظاهر بما ليس فيك حسبما يتطلب الموقف. يجب أن تتبع التيار، وأن تجيد الإطراء، وقياس الاتجاهات، وأن يكون لديك حدس قوي. إنك بحاجة إلى معرفة ما يحبه قادتك وما يكرهونه، ومعرفة أمزجتهم وشخصياتهم، وخلفياتهم العائلية، ونوع الأشياء التي يحبون سماعها، وأعمارهم، وأعياد ميلادهم، وعلاماتهم التجارية المفضلة من البذل والأحذية والحقائب الجلدية، ومطاعمهم المفضلة، وأنواع السيارات وأجهزة الكمبيوتر والهاتف، وأنواع البرامج التي يحبون تثبيتها على أجهزة الكمبيوتر، وأنواع الترفيه التي يستمتعون بها في أوقات فراغهم، والأشخاص الذين يفضلون التواصل معهم، والموضوعات التي يناقشونها". لكي تتمكن من البقاء، ستقترب منهم تلقائيًا ودون وعي، ستندمج معهم، وتصبح ملائمًا على نحو مفرط وتفعل أشياء لا ترغب في القيام بها، وتقول أشياء لا ترغب في قولها من أجل إرضاء قادتك وزملائك، ولكي تمكن نفسك من المناورة بمهارة كبيرة ومن ثمَّ تتحكم في كل شيء في مكان عملك، وتؤمِّن حياتك وبقاءك. مهما كانت أفعالك تنتهك الأخلاق وحدود السلوك الذاتي، أو حتى إذا كانت تعني التخلي عن كرامتك، فأنت لا تهتم. لكن هذه اللامبالاة تحديدًا هي التي تمثل بداية انحدارك، وهي علامة على أنك تجاوزت إمكانية مساعدتك. لذلك، ظاهريًا، لا يمكن للمرء أن يوبخ الأشخاص الذين ليس لديهم خيار سوى الاقتراب من مختلف القوى الاجتماعية من أجل حياتهم وبقائهم. على الرغم من ذلك، فإن السلوكيات التي يظهرها الناس، والخيارات التي يتخذونها، والمسارات التي يختارون اتخاذها، تشوه إنسانيتهم وشخصيتهم. في الوقت نفسه، عندما يقترب الناس من مختلف القوى أو يندمجون فيها، يتعلمون باستمرار استخدام مختلف المخططات والاستراتيجيات لإسعاد هذه القوى وإرضائها، لتحسين حياتهم وجعل ظروف بقائهم أكثر ملاءمة. كلما فعلوا ذلك، زاد احتياجهم من الطاقة والوقت للحفاظ على هذه الحالة الحالية وهذه العلاقات. لذلك، في غضون وقتك وأيامك المحددين، فإن كل كلمة تقولها لا تفتقر إلى المعنى فحسب، بل هي متعفنة تمامًا، وينطبق الأمر نفسه على كل عمل تقوم به وكل يوم تعيشه. ماذا يعني أنها صارت متعفنة؟ يعني أن كل يوم يجعلك أكثر انحلالًا، لدرجة أنك لا تعود تشبه الإنسان ولا الأشباح. على هذه الخلفية، أنت تفتقر إلى قلب هادئ لتأتي أمام الله، وتفتقر أيضًا بالطبع إلى متسع من الوقت للقيام بواجبك. لا يمكنك إطلاقًا أن تستثمر كل جسدك وعقلك في القيام بواجبك، وفي الوقت نفسه لا يمكنك إطلاقًا أن تستثمر جسدك وعقلك في السعي إلى الحق. ولهذا، فإن مستقبلك في نيل الخلاص قاتم، وآمالك فيه ضعيفة. نظرًا لأنك استثمرت في مختلف القوى الاجتماعية، واخترت الاقتراب منها، واخترت الاندماج معها وقبولها، فإن عواقب هذا الاختيار هي أنه يجب عليك تكريس جسدك وعقلك بالكامل للحفاظ على هذا الوضع الحالي، ممضيًا أيامك على هذا النحو. تشعر بالإرهاق الجسدي والعقلي، كما لو كنت تقضي كل يوم في مفرمة اللحم؛ على الرغم من ذلك، فبسبب اختياراتك، يجب أن تستمر هكذا يومًا بعد يوم. في تلك البيئة المعقدة لمختلف القوى، عندما تصبح مندمجًا معهم، فإنَّ كل كلمة يقولونها، والاتجاهات المتضمنة فيها، وكذلك الأمور القادمة، وسلوكيات كل فرد وأفكاره الدفينة، وخاصة ما يفكر فيه رؤساؤك المباشرون، الذين هم أعلى مستويات هذه القوى؛ كل هذه الأشياء هي ما يجب عليك تقييمه وجمع المعلومات عنه في الوقت المناسب دون توانٍ. لا يمكنك التكاسل في هذا أو إهماله. إذا كنت ترغب في أن تحظى بمعرفة تامة لما يفكرون فيه، والإجراءات التي يتخذونها في الخفاء، والخطط والنوايا التي لديهم، وحتى ما يخططون له ويحسبونه لكل فرد وكذلك ما يقررونه لهم والمواقف التي لديهم تجاههم، فيجب أن يكون لديك في أعماق قلبك فهمًا لتلك الظروف. إذا كنت تريد أن تفهمهم بعمق، فيجب عليك تكريس كل طاقتك لدراسة هذه الأشياء وإتقانها. يجب عليك تناول العشاء معهم، ومحادثتهم، والاتصال بهم هاتفيًا، والتفاعل معهم أكثر في العمل، وحتى الاقتراب منهم خلال العطلات ومراقبة تحركاتهم. كنتيجة لذلك، بغض النظر عما تكون عليه أيامك، سواء أكانت مليئة بالفرح أم بالألم، هل ستكون قادرًا على إيجاد الوقت لتهدئة نفسك بما فيه الكفاية للوفاء بواجبك بكل جسدك وعقلك حتى وإن كنت مخلصًا في القيام بواجبك والسعي إلى الحق؟ (لن نكون قادرين على ذلك). في هذا النوع من الظروف، لن يكون إيمانك بالله وأداء واجبك أكثر من نوع من الهواية التي تمارسها في أوقات فراغك. أيًا كانت متطلباتك في إيمانك بالله ورغبتك، فإنَّ الإيمان بالله والقيام بواجبك – في وضعك الحالي – هما على الأرجح آخر عنصرين في قائمة رغباتك. وبخصوص السعي إلى الحق ونيل الخلاص، فقد لا تجرؤ على التفكير فيهما، أو قد لا تكون قادرًا حتى على التفكير فيهما؛ أليس هذا صحيحًا؟ (بلى). لذلك، بالنسبة إلى أي منكم، أيًا كانت بيئة العمل التي تجد نفسك فيها، إذا كنت ترغب في الاقتراب من مختلف القوى أو الاندماج معها، أو إذا كنت قد اقتربت منها بالفعل واندمجت معها، مهما كانت أسبابك أو أعذارك، فلا يمكن أن تكون النتيجة النهائية سوى أن أملك في الخلاص يتبخر في الهواء. والخسارة الأكثر مباشرة التي تنتج عن هذا هو أنك لن تجد وقتًا لقراءة كلام الله أو القيام بواجبك إلا نادرًا جدًا. ومن المستحيل عليك بالطبع أن تحافظ على قلب هادئ أمام الله أو أن تصلي بصدق إلى الله؛ لن تتمكن حتى من تحقيق هذا الحد الأدنى. نظرًا لأن البيئة التي تجد نفسك فيها معقدة للغاية بالأشخاص والأحداث، فحالما تصبح مندمجًا في مختلف القوى، يكون الأمر شبيهًا بالنزول في مستنقع؛ ليس من السهل عليك أن تسحب نفسك مرةً أخرى إلى خارجه فور أن تخطو فيه. ماذا يعني أنه ليس من السهل سحب نفسك؟ يعني أنه بمجرد دخولك إلى مجال مختلف القوى، ستجد نفسك غير قادر على الهروب من مختلف الأمور المتشابكة في هذه القوى، وجميع أنواع النزاعات التي تنشأ عنها. ستجد نفسك متشابكًا باستمرار مع مختلف الأشخاص والأحداث، ولن تتمكن من تجنبهم حتى لو حاولت، لأنك أصبحت واحدًا منهم بالفعل. لذا، فإن كل حدث يقع في نطاق هذه القوى متصل بك وسيشركك فيه، ما لم ينشأ موقف معين؛ وهو أن تظل غير مبال هنا بالمزايا والعيوب وكذلك النزاعات، وتراقب كل شيء من منظور متفرج فحسب. في تلك الحالة، من الممكن أن تبتعد عن هذه النزاعات المختلفة أو أي مصائب محتملة. ومع ذلك، بمجرد أن تندمج مع هذه القوى، بمجرد أن تقترب منها، بمجرد أن تشارك من صميم قلبك في كل حدث يقع بينهم، فإنك ستصبح محاصرًا بلا شك. لن تتمكن من أن تظل مراقبًا؛ لن يمكنك إلا أن تكون مشاركًا. وكمشارك، ستسقط ضحية لمجال هذه القوى.

بعض الناس يقولون: "مهما كان مجال المهنة أو المجموعة التي توجد فيها، فإن تحكم الآخرين بك ليس بالأمر المهم. الأمر الحيوي هو ما إذا كان بإمكانك البقاء أم لا. إذا لم تدعم منظمات أو تدعم مختلف القوى، ولم يكن لك من يدعمك في المجتمع أو داخل مجموعات مختلفة، فلن تكون قادرًا على تدبير شؤونك". هل هكذا حقًا تسير الأمور؟ (الأمر ليس كذلك). في مختلف الفئات الاجتماعية، يكون الغرض من وراء تودد الناس إلى مختلف القوى هو "العثور على الظل تحت شجرة كبيرة"؛ أي إيجاد القوى التي من شأنها دعمهم. هذا هو مطلب الناس الأساسي. وبخلاف ذلك، يرغب الناس في الاستفادة من هذه القوى للارتقاء في الرتب، ولتحقيق هدفهم الخاص المتمثل في طلب المزايا أو السلطة. إذا كنت – في مجالك المهني – تتكسب رزقك فحسب وتكتفي بالحصول على الطعام والملابس، فأنت لا تحتاج إلى الاقتراب من أي قوى. إذا اقتربت منها بالفعل، فهذا يعني أن ذلك ليس لكسب العيش فحسب وتلبية الاحتياجات الأساسية من الغذاء والملابس، بل إنَّ لديك مقاصد أخرى بالتأكيد، إما من أجل الشهرة أو من أجل الربح. هل هناك أي شخص يقول: "إلى جانب كسب العيش، أريد أيضًا أن أثبت نفسي"؟ هل هذا ضروري؟ (ليس ضروريًا). بمجرد أن تكسب أموالك، وتقدر على تأمين ثلاث وجبات يوميًا، وأن تكون لديك ملابس لارتدائها، فهذا يكفي؛ ما فائدة أن تسعى جاهدًا للكبرياء؟ لمن تسعى جاهدًا؟ ألأجل بلدك أم أسلافك أم والديك أم من أجل نفسك؟ أخبرنى، هل الأهم أن نسعى جاهدين إلى الكبرياء أم أن نكتفي بالطعام والملابس؟ (الاكتفاء بالطعام والملابس أهم). السعي إلى الكبرياء هو شخصية مليئة بالتهور؛ أيًا كان ما تفعله فهو من أجل هذا الكبرياء. إنه مفهوم مجرد وفارغ. الشيء الأكثر عملية هو كسب المال حتى تتمكن من الحفاظ على معاشك. يجب أن تفكر في الأمر على هذا النحو: "أيًا كان الوضع، وأيًا كان مَن يقف إلى جانب مَن، أو مَن يقترب من أي مستوى لقائد أو مسؤول، فلا شيء من هذا يهم. أيًا كان مَن يحصل على ترقية أو تُخفَّض رتبته أو يحصل على علاوة أو يستخدم أي وسيلة ليصبح مسؤولًا رفيع المستوى، كل هذا غير ذي صلة. أنا فقط أعمل من أجل توفير الطعام. مهما كان ما يسعى إليه أي منكم فلا علاقة له بي. إنني على أي حال، أعمل ثماني ساعات في اليوم، وأتقاضى ما أستحقه، وما دمت قادرًا على إعالة نفسي وأسرتي، فأنا راضٍ. هذا كل ما في الأمر؛ وهذا هو كل ما أطلبه". افعل ما هو مطلوب منك في وظيفتك وافعله جيدًا، واحصل على راتبك وأي مكافآت بضمير مستريح، وهذا يكفي. هل هذا الموقف تجاه البقاء وتجاه مهنة المرء صحيح؟ (نعم). كيف يكون صحيحًا؟ (لأن المرء يعيش بموقف يتوافق مع ما يطلبه الله. أولًا، هذا يعني ألا يقوم المرء بعمله بطريقة لامبالية، وأن يكون قادرًا على القيام بعمل المهنة جيدًا. ثانيًا، هذا يعني عدم الاحتماء في أي قوى أو التزلف إليها؛ فالحفاظ على احتياجات الحياة الطبيعية يكفي. هذا يتماشى مع كلام الله). بالطبع هذا يتماشى مع كلام الله. هل يتطلب الله هذا منك من أجل حمايتك؟ (نعم). حمايتك من ماذا؟ (من أن يؤذينا الشيطان؛ وإلا ستصبح الحياة مؤلمة للغاية حالما نتورط في مثل هذه النزاعات، وعلاوة على ذلك، لن يتبقى لدينا الكثير من الوقت للإيمان بالله والقيام بواجباتنا). هذا أحد الجوانب. ما هو الجانب الآخر في المقام الأول؟ عندما تتورط مع مختلف القوى، فالنتيجة النهائية أنك ستُدمر أنت نفسك. الأمر حقًا لا يستحق هذا! أولًا، لن تكون قادرًا على حماية نفسك. ثانيًا، لن تدعم العدالة وتعززها. ثالثًا، سوف تتواطأ مع مختلف القوى، مضاعفًا خطاياك. لذلك، فإن الاقتراب من هذه القوى ليس له أي فوائد على الإطلاق. حتى لو حصلت على زيادة أو ترقية عن طريق التودد إلى مختلف القوى، كم عدد الأكاذيب التي سيكون عليك الانضمام إليهم في إخبارها؟ كم عدد الأفعال السيئة التي سيكون عليك القيام بها خفيةً؟ كم من الناس سيكون عليك معاقبتهم وراء الأبواب المغلقة؟ في هذا المجتمع، لماذا يحتاج جميع أنواع الناس والمجالات المختلفة إلى امتلاك هذه القوى؟ ذلك لأن هذا المجتمع يفتقر إلى الإنصاف والعدالة. لا يمكن للناس حماية أنفسهم إلا من خلال الاعتماد على مختلف القوى لاتخاذ إجراءات، ولا يمكنهم تأمين مكانهم إلا من خلال الاعتماد على هذه القوى في الكلام والتصرف. هل ثمة عدالة هنا؟ (لا). لا توجد عدالة في هذا؛ فكل شيء يقوم على هذه القوى. مَن لديه قوة أكبر يكون له القول الفصل، أما الذين ليس لديهم قوة أو لديهم قوة أقل، فلا رأي لهم. حتى وضع القوانين يعمل على النحو التالي: إذا كانت لديك قوة كبيرة، فيمكن تشريع القوانين التي تضعها وإنفاذها. إذا لم يكن لديك الكثير من القوة، فإنَّ أيًا من القوانين واللوائح التي تقترحها لن يرى النور، ولن تُضمَّن في التشريعات الوطنية. هذا صحيح في أي مجموعة من الناس: إذا كانت لديك قوة كبيرة، يمكنك القتال من أجل مصالحك الخاصة وتعظيمها؛ وإذا لم تكن لديك قوة، فقد تُجرَّد من مصالحك أو قد تؤخذ عنوة منك. الغرض من تشكيل مختلف القوى هو السيطرة على الأوضاع باستخدام تلك القوى نفسها، وحتى أن تجُبَّ الرأي العام والقانون والأخلاقيات الإنسانية. يمكن لهذه القوى تجاوز القانون والأخلاق والإنسانية؛ يمكنها تجاوز كل شيء. كلما كانت قوة الفرد أكبر، زاد نفوذه، وزادت فرصته في القيام بما يحلو له، وفرض الأمور. هل هذا إنصاف؟ (لا). ليس ثمة إنصاف. السلطة والقوة تمثلان هويتهم وتشير إلى حصة المزايا التي يمكنهم الحصول عليها. إذا كنت في مجموعة اجتماعية وكل ما تريده هو الحفاظ على معاشك والحصول على الطعام والملابس، ولم تكن تسعى إلى مكانة أو سمعة أو إلى إرضاء رغباتك الخاصة، فسيبدو من غير الضروري بتاتًا بالنسبة إليك أن تقترب من مختلف القوى. إذا كنت تريد أن تكرس كل وقتك لأداء واجباتك، وإذا كنت ترغب في السير في طريق السعي إلى الحق ونيل الخلاص في نهاية المطاف، لكنك ترغب أيضًا في التودد إلى مختلف القوى، فإن هذين الأمرين يناقض أحدهما الآخر. لا يمكن أن يكمل أحدهما الآخر لأنهما متعارضان تمامًا، فهما غير متوافقين مثل الماء والزيت. لن يكون للاقتراب من مختلف القوى أي تأثير على مساعدة إيمانك بالله أو سعيك إلى الحق. لن يساعدك في تحديد وجه الشيطان البشع بدرجة أكبر من الوضوح، ولن يمنح قرارك قوة أكبر أو يسمح لك أن تؤمن بالله دون أن يرفضك العالم وتضطهدك الحكومة. بعض الناس يعيشون في قرية صغيرة لكن لديهم في قلوبهم همم كبيرة. إنهم يفكرون: "لقد ولدت في الريف. أنا مزارع. على الرغم من أنني أتعرض لسوء المعاملة، لكن لا يزال بإمكاني تدبير شؤوني بزراعة بعض الحبوب والخضروات وتربية بعض الدجاج والماشية والأغنام. إذا كنت أؤمن بالله وأسعى إلى الحق، فهذه الظروف جيدة جدًا؛ فلدي الظروف الأساسية التي أحتاج إليها للبقاء. لكن لماذا أشعر دائمًا أن ثمة ما ينقصني في العيش والبقاء في هذا المجتمع وبين هؤلاء الناس؟" ماذا ينقصهم؟ ليس لديهم دعم قوي. انظر إلى ما يفعله الأشخاص الذين يختارون منزلًا: هم دائمًا يفضلون منزلًا يكون خلفه جبل كبير. إنهم يعتبرون هذا الجبل دعمهم؛ والعيش هناك يشعرهم بالأمان. وإذا كان خلف المنزل جرف ما، فلن يشعروا بالأمان في العيش هناك، كما لو كانوا سيسقطون إلى أسفل الجرف في أي لحظة. وينطبق هذا أيضًا على الذين يعيشون في قرية؛ إذا لم يؤسس الواحد منهم علاقة مع شخص لديه سمعة ومكانة، وزاره بين الحين والآخر ليكسب دعمه، فسيشعر دائمًا خلال معيشته في تلك القرية بالانعزال إلى حدٍ ما، وسيكون دائمًا في خطر تحكم الآخرون به وعدم القدرة على توفير احتياجاته الأساسية. لهذا السبب يرغبون دائمًا في التودد إلى عمدة القرية. هل هذه فكرة طيبة؟ (لا). وخصوصًا عندما يتعلق الأمر بالإيمان بالله، في بعض البلدان حيث يواجهون اضطهاد الحكومة، يقول بعض الناس: "إذا وعظنا عمدة القرية بالإنجيل ولم يؤمن، ولكن آمنت أمه أو جدته أو زوجته أو ابنته، ألن يكون ذلك اقترابًا من العمدة؟ إذا كان لأخ من كنيستنا أو أخت منصب بارز في القرية أو على قرابة بعمدة القرية، ألن يكون للكنيسة أساس ثابت هناك؟ ألن تكون لها مكانة؟ ألن يتمكن إخوتنا وأخواتنا الذين يؤمنون بالله من تناول الطعام والزراعة في القرية دون مواجهة مشكلة؟ ليس هذا فقط، ولكن عندما يأتي التنين العظيم الأحمر أو إدارة عمل الجبهة المتحدة للتحقيق، سيكون هناك من يدعمنا. سيكون ذلك رائعا!" تريد دائمًا أن تكون قريبًا من منظمة أو مجموعة من القوى لتضمن ألا تجد نفسك في أي ظروف خطيرة، للتأكد من أنك تستطيع أن تؤمن بالله بأمان وألا تتعرض للاضطهاد؛ كم هذا عظيم! في الوقت نفسه، الاختلاط بالأشخاص المؤثرين يشعرك أنك شخص له تأثير، أليس كذلك؟ إنها فكرة رائعة، لكن هل يرغب عمدة القرية حتى في اقترابك منه؟ هل يمكنك استغلال عمدة القرية؟ هل سيسمح لك عمدة القرية باستغلاله؟ أنت – أيها الشخص العادي – ترغب في التقرب من المنظمة أو عمدة القرية، وتظن ببساطة أن الوعظ بالإنجيل سيقوم بالمهمة؟ ألا تحتاج إلى تقديم بعض الهدايا اللائقة أو إنجاز بعض المهام البارزة للتقرب من عمدة القرية؟ ما الخبرة التي تتمتعون بها؟ هل التقرب من عمدة القرية سهل؟ حتى الاقتراب من كلبه الأليف سيكون صعبًا! ولن ينجح تقديم هدية إلى عمدة القرية مباشرةً؛ بل ستحتاج إلى الاقتراب من زوجته أو أمه أو عمته أو جدته، بدءًا بالأهداف الأسهل نسبيًا. لماذا تقترب من جدة عمدة القرية؟ لأن لعمدة القرية علاقة أوثق معها، لذلك تبدأ بها، ومن خلال جدته، كبيرة الأسرة التي يمكن أن تزكيك عنده، تتقرب تدريجيًا من عمدة القرية. هذا ما يُسمى "النهج غير المباشر،" أليس كذلك؟ إن قدمت هدية مباشرةً لعمدة القرية، فربما يسأل: "من أنت؟" وستجيب: "أنا فلان من عائلة لي في الجزء الشرقي من القرية". "ومَن تكون عائلة لي؟ لماذا لا أعرفهم؟" هل سيكون التقرب منه سهلًا إذا لم يستطع حتى أن يتعرف عليك؟ (لا، لن يكون كذلك). وإذا منحته هدية، أي نوع من الهدايا سيلفت انتباهه؟ سبائك الذهب، وقطع الذهب؛ هل لديك أي منها؟ خيار البحر؛ هل يرغب حتى في هذا؟ سيرى ما إذا كان خيار البحر الخاص بك مستوردًا أم محليًا؛ فهو نفسه لديه الكثير من هذه الأشياء. تتقشف وتقتصد في نفقاتك على مدار الأيام من أجل شرائه، لكنك لا تجرؤ على أكله أنت نفسك، ولا حتى لمسه. تعطيه له، ولا ينظر حتى إليه. تعطيه حزامًا، فيقول: "هذا مصنوع محليًا، أليس كذلك؟" فتقول: إنه مصنوع من جلد البقر". فيقول: "ومن يرتدي الآن أحزمة من جلد البقر؟ لا أحد يرتديها. الناس يرتدون أحزمة من الجلد الأصلي تحمل شعارات العلامات التجارية الأوروبية أو تلك المرصعة بالماس. هل لديك من تلك؟" فتقول: "ما شكلها؟ أنا لم أرها من قبل". فيقول لك: "إذا كنت لم ترها من قبل، فلا تتعب نفسك بالمجيء إلى هنا. هل تحاول أن تعطي هذا الحزام إلى متسول؟" هل يمكنك أن تنال الحظوة عند مثل هذا الشخص؟ أنت تعتقد أن لديك خطة بسيطة ذكية، وأنك عملت حسابًا لكل شيء، لكنه ببساطة يزدري هداياك. إنه يزدري هداياك، وتصر رغم ذلك على التودد إليه. هل هذا ملائم؟ حتى لو كان يقدر هداياك، هل من الملائم أن تتودد إليه؟ (هذا غير ملائم). ستكون على استعداد للقيام بمثل هذه الأشياء المهينة لمجرد الحصول على شيء تأكله، أو للحصول على داعم قوي في القرية. ألا تجد هذا مخجلًا؟ (بلى). ملاحقة جدة العمدة، وملاحقة زوجته وأخت زوجته، واستخدام أساليب متهورة من جميع الأنواع، وتقديم الهدايا ومحاولة التقرب. يقول لك آخرون: "تقديمك لهذه الهدايا لا طائل منه؛ العمدة يضع عينه عليك أنت نفسك". هل ستظل تحاول التقرب منه؟ ما من هدية تقدمها ستكون مناسبة. لن يلقي العمدة نظرة ثانية على أي من هداياك، لأنه يراها كلها لا تليق به. والأسوأ من ذلك كله، أن عليك أن تُضمّن نفسك في الصفقة. هل ستظل تحاول التقرب منه؟ (لا). هل ستظل تبحث عن داعم من هذا النوع؟ إلى أي نوع من الشخصيات ينتمي عمدة القرية؟ هل هو شخص يسمح لك بالتقرب منه حيثما اتفق؟ (لا). حتى إذا نجحت في إقامة علاقة معه وتقربت منه، فماذا بعد؟ هل يمكنه التحكم في مصيرك، أو مساعدتك في نيل الخلاص؟ وعندما يحين الوقت لمواجهة الاضطهاد الحقيقي ومواقف معينة، عندما يسمح الله بهذه المواقف وينظمها، هل يمكنك تجنب مواجهتها؟ هل لعمدة القرية القول الفصل في هذا؟ (لا). في المخطط الكبير للأشياء الذي ينظمه الله، لا توجد أي قوة لها القول الفصل، ناهيك عن عمدة القرية؛ لا توجد قوة تستحق حتى الذكر في هذا الصدد. لذلك، بخصوص وجودك في هذا العالم، سواء كنت في قرية أو مقاطعة أو مدينة أو أي بلد، وحتى وصولًا إلى أي مجال تشارك فيه في أي بلد، لا يمكن لمختلف القوى الموجودة جميعها أن تكون لها السيادة على مصيرك ولا يمكنها تغييره. ما من قوة واحدة تتسلط على مصيرك، ناهيك عن أن تتسيد عليه، وما من قوة واحدة تحدد قدرك. على العكس من ذلك، بمجرد اندماجك في مختلف القوى الموجودة في المجتمع، فحينذاك تأتي البلية إليك وتبدأ مصيبتك. كلما اقتربت منها، زاد الخطر الذي تتعرض له؛ وكلما زاد اندماجك معها، أصبح انتشال نفسك منها أصعب. ليس الأمر أنَّ مختلف القوى هذه لا تجلب لك أي فوائد فحسب، بل هي تدمرك وتدوسك مرارًا وتكرارًا، وتشوِّه روحك وعقلك وتجعلك تفقد سلامك، فلا تعود تؤمن بوجود الإنصاف والعدالة في هذا العالم. ستدمر أجمل رغباتك في السعي إلى الحق والخلاص. لذا، بغض النظر عن طبقتك الاجتماعية أو بيئتك أو جماعتك أو المجال الذي تجد نفسك فيه، فإن طلب قوة للاعتماد عليها ولتكون بمثابة مظلتك الواقية من أجل البقاء في هذا المجتمع، هما فكرة ورأي مغلوطين ومتطرفين. إذا كنت تحاول البقاء فحسب، فيجب عليك الابتعاد جدًا عن هذه القوى. حتى إذا كانت هذه القوى لا تفعل سوى أنها تدافع عن حقوق الإنسان المشروعة الخاصة بك، فهذا ليس سببًا أو عذرًا لك للانخراط معها. بغض النظر عن وضع بقاء مختلف القوى هذه في المجتمع وما أهداف تقدمها أو اتجاه أفعالها، فباختصار، لا ينبغي لك بوصفك شخصًا يؤمن بالله ويسعى إلى الحق، أن تصبح واحدًا منها، ولا أن تصبح مدافعًا داخل مختلف القوى هذه. عوضًا عن ذلك، ينبغي أن تنأى بنفسك عنها، وتبتعد عنها، وتتجنب النزاعات المختلفة التي تشبك بينها معًا، وتتجنب مختلف قواعد اللعبة التي تضعها، وكذلك تتجنب الأشياء الضارة والكلام الضار الذي تطلب من المرء أن يفعله ويقوله في نطاق مهنة المرء أو في نطاق هذه القوى. لا ينبغي أن تصبح واحدًا من هذه القوى، ولا ينبغي بالتأكيد أن تصبح شريكًا لها. هذا هو مطلب الله منك في مختلف المجالات والمهن التي توجد فيها قوى مختلفة: الابتعاد عنها وعدم الاقتراب منها، وألا تصبح البيدق الذي تضحي به، وألا تصبح هدفًا لاستغلالها، وألا تصبح خادمًا لها أو ناطقًا بلسانها.

في هذا المجتمع بالطبع، توجد – بخلاف المشرفين المباشرين للمرء في مختلف المجالات والمهن، وبخلاف المنظمات المدنية – بعض الفئات الاجتماعية غير المشروعة التي يجب على الناس تجنبها؛ لا تتورط مع هؤلاء الأشخاص أو تتعامل معهم بأي شكل من الأشكال. منهم، على سبيل المثال، أولئك الذين يمارسون الربا. بعض الناس لا يمتلكون رأس المال لأعمالهم التجارية، ولا يستطيعون الحصول على قرض عادي، لكن ثمة طريقة يتيسر لهم من خلالها الحصول على رأس المال، وهي الإقراض الربوي. لا ينطوي الإقراض الربوي على أسعار فائدة مرتفعة فحسب، بل ينطوي أيضًا على مخاطر كبيرة. ومن أجل كسب الكثير من المال وتجنب إفلاس أعمالهم، يلجأ بعض الناس أخيرًا إلى هذه الخطوة: الإقراض الربوي. هل أولئك الذين يمارسون الربا من شخصيات المجتمع التي تلتزم بالقانون؟ (لا، هم ليسوا كذلك). إنهم منظمة اجتماعية غير قانونية، ويجب تجنبهم في جميع الأوقات. أيًا كان الوضع الذي يجلبك إليه بقاؤك أو الحالة الراهنة، يجب ألا تفكر في هذا الطريق، بل ابق بعيدًا عنه وتجنبه. أيًا كانت المشكلات التي تنشأ في حياتك وسبل عيشك، فلا تفكر في هذه المجموعات من الأساس أو تفكر في اتخاذ هذا المسار. أليست هذه المجموعة من الناس شبيهة بتنظيم الحزب؟ إنَّ ما يسمى بالمجتمع الملتزم بالقانون وما يُسمى بعالم الجريمة توجد بينهما أوجه شبه محددة. لا تتصور أنها يمكن أن توفر لمعيشتك مخرجًا أو نقطة تحول؛ ليس هذا إلا تمنٍ. حالما تختار اتخاذ هذه الخطوة، وحالما تذهب في هذا الطريق، سيكون لديك حياة أسوأ في المستقبل. وبالطبع، يوجد نوع آخر مما يُسمى بالتنظيمات الاجتماعية لا نريد تسميته، وهو نوع يجب ألا تقترب منه أبدًا لا سيما عندما تواجه بعض المشكلات الخاصة والشائكة، أو عندما تواجه بيئات خاصة، أو عندما تجد نفسك في ظروف خطيرة على نحوٍ خاص. لا تفكر في استخدام وسائل متطرفة لحماية نفسك، والخروج من الخطر، والهروب من الصعوبات. في مثل هذه الحالات، خير لك أن تكون محاصرًا من هؤلاء الأنواع من الأشخاص على أن ترتبط بهم بأي شكل من الأشكال أو تتورط معهم. لمَ قد تفعل هذا؟ أهذا ما يسمى بامتلاك النزاهة؟ أهذا هو نوع النزاهة التي يجب أن يتمتع به المسيحيون؟ (ليس هذا نوع النزاهة الذي يجب أن يتمتع به المسيحيون). ما هو إذن؟ (ليس من الصواب الاقتراب منهم). لماذا هو غير صواب؟ (الاقتراب منهم سيؤدي إلى حياة أسوأ في المستقبل، وخطر أكبر في المستقبل). أذلك من أجل الهروب من الخطر المستقبلي فحسب؟ فلماذا لا تنجو من الخطر المباشر أولًا؟ لماذا لا يمكنك الاقتراب من هذه القوى؟ في الكتاب المقدس، كيف ردَّ الرب يسوع على الشيطان عندما جُرِّب؟ (حينئذ قال له يسوع: "اذْهَبْ يَا شَيْطَانُ! لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: لِلرَّبِّ إِلهِكَ تَسْجُدُ وَإِيَّاهُ وَحْدَهُ تَعْبُدُ" (متى 4: 10).) وحده الله هو مَن يجب أن يعبده الناس، وهو الوحيد الذي يجب أن يخدمه الناس. وفي الوقت نفسه، فإنَّ الذي يجب أن يعيش الناس من أجله هو الله وحده. إذا سمح الله بأخذ حياتك، فماذا ينبغي لك أن تفعل؟ (الخضوع). يجب أن تخضع لله وتسبحه. يجب تمجيد اسم الله، ويجب على الناس الخضوع لله دون طلب حيواتهم الخاصة، لكن إذا أراد الله لك الحياة، فمن عساه يأخذ حياتك منك؟ لا أحد يستطيع أن يأخذها منك. لذلك، أيًا كانت الظروف أو الأخطار التي تواجهها، حتى في مواجهة الموت، إذا كانت هناك قوة يمكنها أن تنجيك من الموت، فإن هذه القوة ليست بالملائمة، بل هي من الشيطان. ماذا ينبغي لك أن تقول؟ "اذهب بعيدًا أيها الشيطان! أفضّل الموت على أن تكون لي أي علاقة بك! أليست هذه مسألة مبدأ؟ (إنها كذلك). "محالٌ أن أعيش بسبب قواك، ولن أموت لأن الله قد تركني. كل شيء بيدي الله. لا يمكنني أبدًا الاعتماد على أي قوة وتقديم تنازلات من أجل الاستمرار في العيش". هذا هو المبدأ الذي يجب على الناس الحفاظ عليه. إذا وجدت نفسك في مأزق، وقال لك شخص ما إن ثمة قوة في المجتمع يمكنها أن تنقذك، إن كان من الممكن لهذه القوة أن تنجح في إنقاذك، لكنها ستجلب العار عليك، وعلى المسيحيين، وعلى الكنيسة، وعلى بيت الله، وإذا كانت ستشوه سمعة بيت الله، فكيف سيكون ردك؟ هل تقبل أم ترفض؟ (أرفض). يجب أن ترفض. من حيث المبدأ، نحن لا نعتمد على أي قوى للبقاء. لذلك، أيًا كانت الظروف أو المواقف المحفوفة بالمخاطر التي نواجهها، فإن الشيء الأساسي، بخلاف الخضوع لتنظيمات الله وترتيباته، هو أنه لا ينبغي لنا حتى أن تساورنا فكرة استخدام مختلف الوسائل المتطرفة للهروب من المآزق الخطيرة. فور أن يكون الناس قد تمموا المسؤوليات وقدموا الجهد الذي ينبغي لهم تقديمه، يجب ترك البقية لترتيب الله. إذا قال شخص ما إن َّثمة منظمة اجتماعية غير قانونية قادرة على إنقاذك، فهل ستوافق على ذلك؟ (لن أوافق). لماذا لن توافق؟ ألا تريد أن تعيش؟ ألا تريد الخروج من مأزقك بسرعة؟ حتى عند محاولة الخروج من مأزقك والبقاء على قيد الحياة، يجب أن يكون لديك مبادئ للتصرف الذاتي. عليك أن تعرف ما يجب عليك فعله وما لا يجب عليك فعله. يجب أن تكون واضحًا في قلبك وألا تفقد مبادئك.

فيما يتعلق بمسألة الابتعاد عن مختلف القوى الاجتماعية، وبخلاف القوى المختلفة التي يواجهها الناس في حيواتهم، توجد أيضًا مختلف القوى التي تظهر بشكل متكرر في المجتمع: يجب على المرء الابتعاد عن هذه أيضًا. تجنب أن يكون لك أي اتصال أو تفاعل معها، سواء في الحياة أو في العمل. تعامل مع حياتك وعملك؛ وفي الوقت نفسه، لا تخف من المظهر المنيع لهذه القوى. بينما ترفضها في قلبك وتنأى بنفسك عنها، مارس الحكمة في التعامل مع علاقتك بها وحافظ على مسافة بينك وبينها. هذا ما ينبغي لك القيام به. ليكن واضحًا في قلبك أنك لا تقوم بهذه الوظيفة إلا من أجل تناول وجبتك المقبلة، ومن أجل سبل عيشك. غرضك بسيط، وهو أن يكون لديك طعام وملابس، لا أن تحاربها من أجل أي نتيجة معينة. حتى لو قالوا لك أشياء أو تحدثوا إليك بقسوة؛ وحتى لو كنت في بلد تتعرض فيه المعتقدات الدينية للاضطهاد، وحيث تتعرض المسيحية للاضطهاد، ويهزأ بعض الناس من معتقداتك، أو يدلون بملاحظات ساخرة، أو ينشرون شائعات حولها، فلا يمكنك إلا أن تتحمل. احمِ نفسك، وحافظ على هدوئك أمام الله، صل له كثيرًا، وتعال إلى محضره بانتظام، ولا تدع الضخامة الظاهرية لهذه القوى أو ضراوتها تخيفك. وبخلاف ممارسة التمييز تجاهها في أعماق قلبك، يجب عليك أيضًا البقاء بعيدًا عنها. احترس لكلامك، وكن حذرًا كيف تخطو، وحافظ على التعايش السلمي واستخدم الحكمة في تعاملاتك معها. أليست هذه مبادئ الممارسة التي يجب عليك اتباعها؟ (بلى). بالطبع، سواء كنت تريد الابتعاد عنها، أو رفضها، أو حتى كنت تزدريها في قلبك، يجب أن تكون حكيمًا بشأن مظهرك الخارجي. يجب ألا تدع هذه القوى تشعر بذلك أو تراه. ليكن واضحًا في قلبك أنك تعمل فقط لكسب لقمة العيش، والعيش بينها هو الملاذ الأخير. أولًا، حاول الابتعاد عنها؛ عندما تشارك هذه القوى بشكل جماعي في أي سلوك غير قانوني، يجب عليك الابتعاد عنها وتجنبها، وألا تشارك في جرائمها. في الوقت نفسه، احمِ نفسك، ولا تسمح لنفسك أن تقع في الموقف المحرج المتمثل في أن تتعرض للهجوم أو تُلصَق بك التهم إلى جانبها. هل من السهل تحقيق هذا؟ قد يجد بعض الأشخاص الصغار والساذجين صعوبة عندما يدخلون هذه البيئة الاجتماعية المعقدة لأول مرة؛ أو ربما يفتقر بعض الأفراد إلى مستوى القدرات أو القدرة على التكيف، ويكونوا غير ماهرين جدًا في التعامل مع العلاقات الشخصية، مما يضيف بعض الصعوبة إلى الأمر. لكن على أي حال، ثمة أمر واحد واضح: يكفيك أن تستخدم قدراتك الشخصية لإنهاء عمل المهمة التي بين يديك. لا تسئ إلى أي شخص؛ لا تكن صارمًا جدًا تجاه أي شخص يفتقر إلى الإيمان والحدود الأخلاقية والضمير والعقل. لا تعظه عن المثل العليا أو تحدثه عن أمور مثل الإيمان بالله وكيفية التصرف، أو الضمير والطبيعة البشرية بسبب كلمة واحدة أو حدث واحد. هذا غير ضروري؛ وفّر نصيحتك الجيدة لأولئك الذين يفهمون. لا تستخدم حتى الكلام البشري مع أولئك الذين ليسوا أفضل من الوحوش، ناهيك عن التحدث عن الأشياء التي تنطوي على الحق. هذا تصرف أحمق. إذا كانوا قوة جبارة، فيجب أن تحافظ تجاههم ظاهريًا على سلوك ودود ومتناغم في طريقة تعاملك معهم، بينما تنأى بنفسك عنهم وترفضهم في قلبك. اسع جاهدًا لتحقيق نتيجة حفظ سبل معيشتك بالطعام والملابس؛ وذلك يكفي. في مثل هذه البيئة المعيشية المعقدة حيث تتشابك قوى مختلفة، لا يحتاج الله منك إلى أن تشارك في أي شيء لإثبات أنك شخص يتبع الله، أو يسعى إلى الحق، أو أنه شخص صالح وصادق. إنما يريد منك أن تكون بسيطًا كالحمام وحكيمًا كالحيات، وأن تأتي أمام الله في كل لحظة لكي تهدأ نفسك أمامه وتصلي، وأن تدع الله يحميك، وأن تحقق الهدف المتمثل في حماية نفسك. ما العاقبة المحددة التي يجب عليك تحقيقها؟ يجب أن تكون تجنب التعرض للخداع من قبل الأشرار، وتجنب أن تقع في شَرَك قوى مختلفة، وألا تصبح لهم بمثابة كيس ملاكمة يسددون إليه الضربات، أو بيدقًا يضحون به، أو كبش فداء، أو محورًا لنكاتهم. عندما يكتشفون أنك تؤمن بالله، سيسخرون منك قائلين: "انظروا، إنه مؤمن متدين"، أو "انظروا إلى ذلك الشخص المتدين، إلهه كذا وكذا؛ إنه يصلي إلى إلهه مرة أخرى، ويقول إن المال الذي يكسبه عطية من الله". لذلك، لا تنخرط معهم في مناقشات متعلقة بالإيمان. لا تمنحهم أي قوة عليك. أنت لا تحتاج إلى استثمار أي قدر من طاقتك في إقامة علاقات اجتماعية معهم، أو الحفاظ على علاقة معهم، أو حملهم على قول كم أنك صالح وكم أنك شخص جيد، أو لكسب استحسانهم. أنت لا تحتاج إلى هذه الأشياء. اهتم بالعمل الرسمي بطريقة تتبع المبادئ؛ أنت موظف عادي، مجرد عضو آخر في المجال. الله لا يطلب منك نشر كلماته فيما بينهم، ولا أن تقدم شركة عن الحق معهم، بل يطلب منك أن تنأى بنفسك عنهم، وأن تحمي نفسك، وألا تُحبَس في مستنقعهم أو في أي إغراءات، وبوجه خاص ألا تتورط في مختلف النزاعات، أو الفوضى التي هي من صنعهم، أو في مكائدهم وفخاخهم، أو في مواقف معقدة. يجب أن تكون واعيًا في جميع الأوقات بهدفك في هذه المهنة: لا يتعلق الأمر بالتقدم، أو الارتقاء إلى القمة، أو أن تصبح شخصًا ثريًا، أو إظهار قيمتك للمجتمع. لا يتعلق الأمر بفعل أي شيء لإبهار قادتك أو رؤسائك. هدفك هو أن تكسب خبزك اليومي، وأن تكسب معاشك، وأن تكون قادرًا على البقاء في هذا العالم وهذا المجتمع، ومن ثم أن يكون لديك الوقت والظروف لأداء واجبك، والسعي إلى الحق، ونيل الخلاص. ولهذا، فأنت لا تحتاج – في أي مكان عمل – إلى السعي للحصول على فرص للترقي، أو تعليم إضافي، أو الدراسة في الخارج، أو إشادة رؤسائك، أو حتى التفات القادة الأعلى. أنت لا تحتاج إلى أي من ذلك. إذا كنت تحاول البقاء وأن تحفظ معاشك، فيمكنك أن تُسقِط من حياتك هذه الأمور. أنت تحتاج فقط لحماية نفسك في نطاق مهنتك؛ ذلك يكفي. الله لا يطلب منك أن تفعل الكثير. المبدأ الذي يجب أن تراعيه هو أن تنأى بنفسك عن مختلف القوى، وأن تتجنب وضع نفسك في مفرمة اللحم أو تدمير نفسك في بيئة بسيطة نسبيًا حيث يمكنك الحفاظ على معاشك. هذا فعل أحمق. من الواضح أنك قادر على الحفاظ على معاشك من خلال أبسط أساليب العمل، ومع ذلك فأنت غالبًا ما تكون على استعداد للانضمام إلى النزاعات، أو تجربة أمور لا علاقة لها بمهنتك ومعاشك أو حتى المشاركة فيها، ونتيجة ذلك أنه يتسبب في تورطك في مختلف الشؤون الإنسانية المعقدة، وفي التشابكات المعقدة والصراعات بين مختلف القوى الاجتماعية. لذلك لا يمكنك أن تلوم الله على ترتيب ظروفك، بل لا تلم سوى نفسك، لأن سقوطك نتيجة أعمالك. كثيرًا ما تقول إنك مشغول جدًا في العمل ومرهق، وإنك لا تجد الوقت للاجتماعات وأداء واجبك. بغض النظر عن الأسباب، إذا وجدت نفسك في مثل هذه الظروف، فسيستبعدك بيت الله قريبًا. سيختفي أملك في الخلاص. ذلك هو المسار الذي سلكته أنت بنفسك، والمسار الذي اخترته، وهذه هي العاقبة التي ستحصل عليها في النهاية. إذا كنت تمارس في بيئتك وفقا للمبادئ التي يقدم الله عنها شركة، وتحمي نفسك جيدًا، ويمكنك أن تأتي أمام الله بقلب هادئ، فحتى مع الموازنة بين العمل وأداء واجبك، ستظل لديك فرصة للخلاص. لكن الشرط المسبق لذلك هو أنه يجب عليك أن تنأى بنفسك عن مختلف القوى في المجتمع، وأن تهدئ قلبك، وفي الوقت نفسه يجب أن تكون قادرًا – في نطاق قدراتك ووسائلك المحدودة – على أداء واجبك والسير في طريق السعي إلى الحق. بهذه الطريقة، مهما تكن صعوبة بيئتك الأسرية، أو مدى محدودية مواردك الفردية، فستتقدم في نهاية المطاف خطوة بخطوة على طول طريق السعي إلى الحق في ظل حفظ الله وبركته وإرشاده. عندئذ سيقوى أملك في الخلاص. وربما تنال الخلاص في النهاية بسبب سعيك الشخصي وجهودك ودفع الثمن. على الرغم من ذلك، قد يستسلم البعض في منتصف الطريق. إنهم يرون أن هذه الحياة رتيبة للغاية، وأنهم أصبحوا معزولين من قبل العالم، وأن حياتهم انفرادية ووحيدة، ويشعرون أنه ليس لديهم ما يفعلونه إذا لم يكونوا منخرطين في مختلف النزاعات، وأنهم غير قادرين على العثور على قيمتهم الخاصة أو رؤية قيمتهم ومستقبلهم. ولهذا ينبذون المبادئ التي طلبها الله منهم، مفضِّلين ألا يكونوا وحيدين أو صامتين، بل أن يندمجوا مع مختلف القوى في المجتمع. إنهم يتجادلون حول كل تفصيلة صغيرة، وينضمون إلى المعارك والاشتباكات ويتشاجرون معهم ويقاتلونهم. إنهم يقعون في نزاعات مختلفة، ويشعرون أن حياتهم أصبحت ممتلئة وسعيدة وذات قيمة؛ وهم لم يعودوا وحيدين. ما الذي اختاره هؤلاء الناس؟ لقد اختاروا طريق إهمال واجباتهم وعدم السعي إلى الحق. هذه هي النهاية: عند الوصول إلى هذه النقطة من الطريق، لا يعود هناك أي أمل في الخلاص. أليس ذلك هو الحال؟ إنَّ عددًا غير قليل من الناس، حتى بعد سماع هذه الكلمات، يكون لديهم شعور جيد بشأنها ولا يجدون صعوبة كبيرة في وضعها موضع التنفيذ. ورغم ذلك، فبعد أن يكونوا قد مارسوها لفترة من الوقت، يفكرون: "أليس العيش بهذه الطريقة مرهقًا للغاية؟ غالبًا ما يراني الناس غير تقليدي؛ أنا ليس لدي أصدقاء، ولا رفاق. إنني أشعر بوحدة وانعزال قويين للغاية، وأشعر أن حياتي اليومية مملة. أشعر أنها ليست حياة جيدة حقًا أو سعيدة". وهم بعد ذلك يعودون مرة أخرى إلى حياتهم السابقة، وهؤلاء الناس يُستبعدون. يختفي أملهم في الخلاص. لا يمكنهم تحمل الوحدة، ولا تحمل مشقة السخرية والعزلة بسبب العيش وفقًا لمتطلبات الله في وسط هذه المجموعة من الناس. وبدلًا من ذلك، يستمتعون بالعيش بين مختلف القوى التي تقاتل بعضها بعضًا، ويندمجون في قوى مختلفة، وينغمسون فيها، ويتشاجرون معها، ويكافحون ضدها. يمكن القول إن هؤلاء الناس لا ينتمون إلى مختاري الله. حتى إذا كان ينتابهم شعور جيد بعد سماع هذه العظات، فهم لا يزالوا يختارون الاندماج في مختلف القوى الاجتماعية بدلًا من إبعاد أنفسهم عنها. وغني عن القول إن هؤلاء الناس ليسوا بالتأكيد أولئك المقصودين بالخلاص. على الرغم من ذلك، إذا اخترت طريق إبعاد نفسك عن مختلف القوى في المجتمع، وأديت واجبك بوصفك كائنًا مخلوقًا طبقًا لشرط الحفاظ على سبل عيشك، فبناء على هذا الاختيار، لديك – على أقل تقدير – أمل في الخلاص. أنت تمتلك الشروط الأساسية؛ ومن ثمَّ، فإن هذا الأمل في الخلاص موجود.

كان ثمة شخص في الكنيسة تعرّف بطريقة ما على شخص أبيض كان والده عضوًا في البرلمان. الواقع أنَّ عضوية البرلمان ليست بالمنصب الرائع جدًا، لكن هذا الرجل شعر أنه نال شرفًا كبيرًا بمعرفته ابن عضو في البرلمان في الخارج. كان يعتقد أنه شخص ذو مكانة. في وقت لاحق، أخذ ابن عضو البرلمان هذا في جولة، وراح يعرفه على من يراه قائلًا: "هذا ابن عضو البرلمان". فسألت: "ابن عضو البرلمان؟ لأي مستوى من أعضاء البرلمان ينتمي والده؟ ماذا يمكنه أن يفعل لك؟" فأجاب: "والده عضو في البرلمان!" فقلت له: "هل كون والده عضو في البرلمان له أي صلة بك؟ أنت لست عضوًا في البرلمان، فبأي شيء تتباهي؟ كان هذا الرجل سعيدًا جدًا بنفسه. ولمجرد أنه عقد صلة مع ابن عضو البرلمان، راح يتصرف بغرور أينما ذهب، وتجاهل الوجوه المألوفة عندما كان يراها في الشارع. سأله الناس: "لماذا لا تلقي علينا التحية؟ فأجاب: "أنا أمشي مع ابن عضو البرلمان!" أيمكنك أن تصدق مدى غروره؟ أهذا شخص عديم الإيمان أم لا؟ (إنه كذلك). ما العاقبة النهائية لمثل هؤلاء الناس في بيت الله؟ (سيُستبعدون). يجب إخراج هذا الشخص من الكنيسة، لأنه عديم الإيمان وانتهازي. أيًا كان مَن لديه رتبة وقوة، فإنه يربط نفسه بذلك الشخص. وإذا رأى أن هناك قوة في بيت الله، فإنه يربط نفسه بها. نتيجة لذلك، بعد البقاء في بيت الله لفترة من الوقت، يدرك أنه لا توجد طريقة لكسب المال هنا، لذلك يجد وظيفة في توصيل الوجبات السريعة. لكن تلك الوظيفة لا تجعله يشعر بالقدر الكافي من الكرامة، وبعد ذلك يتملق ابن عضو البرلمان، معتقدًا أنه يتمتع الآن بمكانة ولا يحتاج إلى توصيل الوجبات السريعة بعد الآن. خبرنى، أليست هذه حماقة؟ أليس في الكنيسة جزء من الناس مثل هذا؟ (بلى). يشعر بعض الناس بالفخر لمجرد أنهم يعرفون شخصًا ذا رتبة أو قوة. يعتقدون أن لهم قيمة وأنهم يختلفون عن البقية. بعض الناس لديهم منصب رسمي صغير يصاحبه قدر قليل من القوة، لكنهم يعتقدون أنهم يختلفون عن الآخرين في الكنيسة ويجب أن يكون لهم القول الفصل. أليس هؤلاء الناس عديمي الإيمان؟ (بلى). ثم هناك من يفتقرون إلى التأثير الحقيقي، لكنهم يتفاخرون طوال الوقت قائلين: "أنا أعرف الرئيس!" أو "أعرف صديق ابن عم سكرتير الرئيس!" هم – كما ترى – يشكِّلون مثل هذه الارتباطات المعقدة وتظل لديهم الجرأة لقول مثل هذه الأشياء. لماذا هم عديمو الإحساس إلى هذه الدرجة؟ قصتهم ملتوية للغاية لدرجة ألا يعرف أحد عمن يتحدثون حقًا، والآخرون غير مهتمين إطلاقًا بسماعهم، لأنهم لا يهتمون بهذه الأمور. وحدهم هؤلاء الأفراد مَن يعتبرون مثل هذه الأمور الأكثر أهمية والأكثر تميزًا والأكثر إثارة للإعجاب. غالبًا ما يقول بعض الناس إنهم على معرفة بوزراء أو مديرين أو مسؤولين كبار، حتى إن البعض يذهب إلى حد أنهم يزعمون: " أعرف أشخاصًا من كلا الجانبين: المجتمع الملتزم بالقانون وعالم الجريمة؛ أمشي في كلا المسارين بسهولة كما لو كنت على أرض مستوية." وقد يقول آخرون: "أعرف أخت زوجة رئيس المقاطعة." وهناك من يؤكدون: "أعرف صديقة والدة العمدة من الكنيسة." يستخدمون هذه الأشياء كحقوق للتفاخر. ما فائدة معرفة هؤلاء الناس؟ هل يمكنهم أن يساعدوك في تحقيق أي شيء؟ حتى لو كنت عمدة أو مديرًا أو حاكم مقاطعة، أو كنتِ أم الحاكم أو كنتَ أبوه، هل مكانتك لها أي صلة في الكنيسة؟ (لا صلة لها). أليس العُمد والحكام وأمثالهم جزءًا من الجنس البشري؟ هل يمكن أن يصبحوا أعظم من الله؟ أليست حقيقة أن عديمي الإيمان هؤلاء يقدِّرون مثل هذه القوى مثيرة للاشمئزاز؟ (إنها مثيرة للاشمئزاز). يزعم بعض الناس حتى أنهم يعرفون قائد الشرطة، ويقول آخرون: "كنت في السابق ضابط شرطة بالمجتمع المحلي ورئيسًا لقسم الشرطة المحلي"، بينما يقول آخرون: "كنت في السابق مدير مكتب في أحد الأحياء وكنت أرتدي شارة الذراع الحمراء". كيف تشعرون عندما تسمعونهم يتحدثون عن هذه القوى المزعومة؟ إنَّ بعضًا من عديمي الإيمان، أولئك الذين لا يسعون إلى الحق وهم مؤمنين بالاسم فقط، أغبياء لدرجة أنهم لا يعرفون ما إذا كان ما يقوله هؤلاء الناس صحيحًا أم لا، لذلك يعتبرونه حقيقة ويقدرونهم تقديرًا كبيرًا. ولكن بالنسبة إلى أولئك الذين يسعون إلى الحق، ماذا يعتقدون في قلوبهم عندما يسمعون هذه الأشياء؟ ما تقييمهم لهؤلاء الناس؟ يمكنهم من الوهلة الأولى أن يعرفوا أنهم من عديمي الإيمان، وأن كل ما يتحدثون عنه هو مختلف القوى والأمور الدنيوية، وأنهم جاؤوا إلى بيت الله للتباهي بهذه الأشياء. لا تتحدث حتى عن حقيقة أنهم يعرفون الأقارب البعيدين لبعض المسؤولين أو المشاهير؛ حتى لو كانوا هم أنفسهم كذلك، فإنهم في بيت الله لا يساوون شيئًا، وألقابهم ومناصبهم لا تساوي شيئًا، فما الذي يتباهون به؟ هل يملكون الحق؟ هل يقومون بواجبهم وفقًا للمبادئ؟ إنهم لا شيء، ومع ذلك لديهم الجرأة للتباهي! أليست هذه وقاحة؟ أليس هذا مثيرًا للغثيان؟ (إنه كذلك). إلى أي درجة هو مثير للغثيان؟ حتى امتلاك جهات اتصال على كلا جانبي القانون شيء يتفاخرون به؛ فهل مَن يتفاخرون بهذا أغبياء؟ أليسوا حمقى؟ (بلى). إنهم لا يخافون حتى من إيقاع أنفسهم في ورطة. إقامة علاقات مع كلا الجانبين من القانون: أليس مثل هذا الشخص بلطجيًا؟ البلطجية والمحتالون ليس لهم قيمة في بيت الله؛ بل هم ينتمون إلى عديمي الإيمان وينبغي طردهم! ورغم ذلك، يظلون يستخدمون هذا بوصفه من حقوق التفاخر. أليست هذه بلادة عقل؟ هل هذا شيء نفخر به؟ وهم حتى يتباهون بذلك! بعض الناس يرتدون سلاسل ذهبية كبيرة على معاصمهم، وعندما يكونون في حالة سكر، يتباهون بها أمام الناس، قائلين: "كان أسلافي غزاة مقابر، وقد توارثت عائلتي مهاراتهم في هذا على مدار أجيال. انظر إلى هذه السلسلة الكبيرة على معصمي، لقد وجدتها في قبر كبير في وقت متأخر ذات ليلة في تاريخ كذا وكذا وأخذتها لنفسي. ما رأيك في ذلك؟ مثير للإعجاب، أليس كذلك؟" بعض الناس يسمعون هذا ويبلغون عنهم، فيُعتقلون دون أن يدركوا حتى أي قانون انتهكوا. يسألهم الناس: "هل تنتمي السلسلة الذهبية بمعصمك إلى هذا العصر؟ إنها قطعة أثرية!" إنهم يجرّمون أنفسهم بغباء. لا تتباهى على نحو أعمى بأشياء لم تحدث قط؛ كن حذرًا لئلا تجتذب الشرطة إليك وتقع في ورطة. من السهل أن يوقعك التفاخر بالأشياء في ورطة؛ إذا لعبت بالنار، فمن المحتمل أن تحترق، وسينتهي بك الأمر إلى تدمير نفسك؛ وتلك فعلتك. إنك لا تعرف حتى ماذا تقول، ولا تفهم أي شيء؛ أليست هذه بلادة عقل؟ (بلى). إذا كنت تتباهى بقدرتك على أكل عشرين كعكة في جلسة واحدة، فلا بأس بهذا؛ إنها ليست مسألة مخالفة مبدأ. فعلى أكثر تقدير، سيعتقد الناس أنك أحمق ولن يأخذوك على محمل الجد، لكنه ليس أمرًا مخالفًا للقانون. مبدأ الابتعاد عن مختلف القوى الاجتماعية يتعلق جوهريًا بالحاجة إلى الحكمة في كل ركن من أركان المجتمع وفي أي مجموعة تجد نفسك فيها. إنه مثل ما قاله الله في عصر النعمة: "فكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ" (متى 10: 16). احمِ نفسك جيدًا؛ ما دمت تستطيع الحفاظ على سبل معيشتك، فهذا يكفي. لا تحاول الاستفادة من القوى الاجتماعية لتأسيس وضع لنفسك في المجتمع لكي تصبح جزءًا منه ولتربح اعترافهم بك وقبولهم لك، ولا يكن لديك أوهام بشأن ذلك. هذه أفكار حمقاء وخواطر منحطة. يجب تصحيح وجهات نظر البشر. مهما كانت البيئة الاجتماعية التي يجدون أنفسهم فيها أو المجتمع، إذا اتبعوا طريق الله، فسيؤدي ذلك إلى رفض المجتمع أو البشرية لهم. لكن ما دام الله يمنحك أنفاسك، فلن تُترك دون وسيلة للبقاء. يجب أن يكون لديك ذلك النوع من الثقة. إنَّ حيوات الناس لا تعتمد على مختلف القوى لضمان سلامتهم أو سبل معيشتهم أو مستقبلهم أو كل ما يمتلكونه. إنها تعتمد على كلمة واحدة من الله، وعلى أمره وإرشاده وحمايته؛ هذه الثقة أمر لا بد منه بالنسبة إليك. ولهذا، فللبقاء في المجتمع، يجب أن تكون وسيلتك الأساسية هي اختيار مهنة للحفاظ على سبل معيشتك، وليس الاعتماد على أي نوع من القوة. الاعتماد على مهنة لإعالة نفسك: هذا المبدأ هو أن الناس، بإرشاد من الله وأمره، يستمتعون بكل ما أعطاهم الله إياه، بما في ذلك الممتلكات المادية والمال؛ وليس الاعتماد على الصدقات أو التوزيع من مختلف القوى الاجتماعية لاستيفاء سبل معيشتهم الفردية. الأشياء المادية والأموال التي تعتمد عليها في كل يوم تبقى فيه على قيد الحياة، مثل النفس الذي تأخذه، كلها تأتي من الله، وهي معطاة منه، ولا يمكن لأحد أن يسلبك ما أعطاك الله إياه. الأشياء المادية – أي شيء خارجي لجسمك – مثل أنفاسك، لا تُمنح لك من خلال تصدق أي شخص آخر، ولا يمكن بالطبع أن يأخذها منك أي أحد. إن كان الله قد أعطاك إياها، فلا يمكن لأحد أن يأخذها منك. يمكننا أن نرى هذه الحقائق في اختبارات أيوب، وينبغي أن تكون لديك هذه الثقة. مع هذه الثقة الحقيقية، سيكون لديك الأساس التأسيسي والدافع للحفاظ على مبدأ الابتعاد عن مختلف القوى الاجتماعية. وعلى هذا الأساس، يمكن إذن لجسدك وعقلك أن يهدئا أمام الله، ويمكنك أن تأتي أمامه وتقدم جسدك وعقلك وروحك، وتتمِّم واجبك، وتسعى إلى الحق، وتحصل على النتيجة الجميلة المتمثلة في الخلاص. يجب أن تمتلك هذه المعرفة وتفهم هذه الحقائق. لذلك، في حين أن عبارة "ابتعد عن مختلف القوى الاجتماعية" قد تبدو سهلة، يجب عند مواجهة الأمور أن تزن قراراتك بناء على مبادئ مختلفة ومواقف حقيقية. باختصار، ليس الهدف النهائي هو الابتعاد بنفسك والانفصال عنها فحسب، بل استخدام طريقة ومسار الممارسة لمبدأ الابتعاد عن مختلف القوى الاجتماعية لتحقيق الهدوء أمام الله، وتقديم جسدك وعقلك له، ولتأتي أمام الله، وتشرع في طريق السعي إلى الحق، وفي النهاية بلوغ الأمل في الخلاص وتحقيق رغباتك. وبناءً على هذا، فلتحقيق هذا الخلاص النهائي، يجب عليك اتباع مبدأ الابتعاد عن مختلف القوى الاجتماعية. هذا مسار ضروري، أحد المسارات الحاسمة لبلوغ الخلاص. أليس الأمر كذلك؟ (بلى). لقد قُدمت بوضوح شركة حول مبدأ الابتعاد عن مختلف القوى الاجتماعية. هل هناك أي شيء بشأن هذا المبدأ لا يزال غير واضح بالنسبة إليكم؟ عندما يتعلق الأمر بمواقف خاصة معينة، هل تعرفون كيفية التعامل معها؟ إذا كان الانضمام إلى قوة معينة مجرد إجراء شكلي أو ضرورة لمهنة معينة، فهل يتعارض هذا مع مبدأ الابتعاد عن مختلف القوى الاجتماعية؟ إذا كان مجرد ضرورة أو إجراء شكلي في مهنتك، فهذا مقبول. القوى التي نتحدث عنها لا علاقة لها بهذا: بالمنظمات أو المجموعات السطحية؛ نحن هنا نناقش القوى. ما الذي تشير إليه "القوى"؟ تشير إلى السلطات، وقوة المجموعات، والقوة التي تعمل بها هذه الأشياء أو حتى تعيث فسادًا في المجتمع، أليس كذلك؟ (بلى). إذا كنتم قد فهمتم مبدأ الممارسة هذا، فلننتقل إلى تقديم شركة حول المبدأ التالي.

المبدأ الرابع هو الابتعاد عن السياسة. السياسة موضوع حساس. قبل ثلاثين عامًا، كانت مناقشة كذا وكذا من قادة بعينهم أو سياسات أو شؤون سياسية حالية، حتى داخل الكنيسة، تثير انتقاد عدد من الناس. كان الكثيرون يجدون مبررًا للمغادرة فور أن تُذكر السياسة، ولم تكن لديهم الجرأة على مناقشة مثل هذه الموضوعات، قائلين: "إن ذكر السياسة يعني أنك ضد الحزب والأمة، وأنك معادٍ للثورة وسوف يُقبَض عليك. لولا خاطر الإخوة والأخوات، لأبلغت عنك". في ذلك الوقت كان الناس حساسين بشكل خاص فيما يتعلق بالسياسة. هل لا يزال الأمر الآن كذلك؟ إذا نوقشت السياسة داخل الكنيسة أو عُريَّت، أو إذا كُشِف التنين العظيم الأحمر والشيطان، أو إذا طُرِحَت موضوعات تبدو سياسية، فهل لا يزال معظم الناس يتبنون هذا الموقف؟ ألم يحدث بعض التغيير؟ (بلى). في اجتماعات ماضية، عندما كنا نتحدث عن أشياء مثل أي إبليس كان يعارض الله أو يضطهد المسيحيين، كان بعض الناس يسعلون، كما لو كان هناك شيء عالق في حلقهم، وكانوا يخرجون لتصفية الحلق. وبعد فترة، يستمعون قليلًا ويقولون لأنفسهم: "أوه، لقد توقف الكلام المضاد للثورة"، ثم يعودون. لكن عندما كانوا يعودون ويرون أنك ما زلت تناقش الأمر، كانوا يبدؤون في السعال مرة أخرى ويغادرون. كنت أتساءل، لماذا يستمرون في السعال؟ كنا نتناقش حول كيفية تمييز الشيطان، وكشف جوهره ووجهه الخسيس. هل هذا نقاش سياسي؟ (لا). بعض الحمقى، أولئك الذين يسمون بالروحانيين، وهم يفتقرون إلى الفهم الروحي، قاوموا هذه الموضوعات بشدة، إذ لم يستطيعوا التفريق بين الحق والانخراط السياسي الفعلي أو فهم ما يعنيه الحزب الشيوعي بـ "المعادين للثورة". لقد كانوا جهلاء غسل الحزب الشيوعي أدمغتهم، ويخشون من أن يُعتبروا هم أنفسهم أيضًا معادين للثورة؛ لم يجرؤوا على مناقشة موضوع فضح التنين العظيم الأحمر أو ذكره. هل يُعد فضح التنين العظيم الأحمر مشاركة في السياسة؟ هل التمرد على التنين العظيم الأحمر معادٍ للثورة؟ (لا، ليس كذلك). الآن أنتم تجرؤون على قول إنه ليس كذلك، لكن هل تجرؤون على قول الشيء نفسه في بر الصين الرئيسي؟ هل أولئك الذين يتبعون الله مجرمون سياسيون يتصرفون ضد الحزب والدولة؟ (لا). لماذا تقول لا؟ ما المجرم السياسي؟ هل شاركت في السياسة؟ (لم نفعل). إذا كنت لم تشارك في السياسة، فكيف أصبحت مجرمًا سياسيًا؟ (هذا هو المسمى الذي يستخدمه التنين العظيم الأحمر). إذا شاركت في السطو، فأنت لص. إذا شاركت في القتل، فأنت قاتل. إذا شاركت في السرقة، فأنت سارق. على أي أساس تثبت هذه التهم؟ عندما تنخرط في هذه الأنشطة الإجرامية تُثبت التهمة، وتصبح أنت مرتكب ذلك السلوك الإجرامي. لكن إذا كنت لم تشارك في هذه الأنشطة الإجرامية، فهذه الجريمة وهذه التهمة لا علاقة لهما بك. إذا كنت لا تتبع الشيطان أو الحزب، وإذا كنت تعارض الحزب الشيوعي، وتعارض التنين العظيم الأحمر، وتكره التنين العظيم الأحمر، وإذا كنت تتبع الله، فهل أنت تشارك في السياسة؟ (لا). إن أدانوك إذن بوصفك معاديًا للثورة أو مجرمًا سياسيًا، فهل تثبت هذه التهمة؟ (لا، لا تثبت). لا تثبت؛ فهذا سخيف. الأمر أشبه بمزارع ليس لديه مهنة، فهو يزرع قطعة أرض ويحصد المحاصيل ويذهب إلى السوق لبيعها. ثم يراه شخص ما يحمل شارة حمراء على أكمامه ويقول له: "هل لديك تصريح عمل؟ هل لديك شهادة صحية؟" فيقول المزارع: "من أين أحصل على تصريح عمل؟ ليست لدي مهنة، ولست موظفًا، فلماذا أحتاج إلى تصريح عمل؟" ليس للمزارع وظيفة أو مهنة، ومع ذلك يُطلب منه تصريح عمل لمجرد بيع شيء ما؛ أليس ذلك سخيفًا؟ عندما تؤمن بالله وتتبعه، يتهمك التنين العظيم الأحمر بالانخراط في السياسة. أي مادة من مواد الدستور الوطني ساعدت في صياغتها؟ أي حركة سياسية ساعدت في التخطيط لها؟ في أي من مستويات المسؤولين الحكوميين أنت؟ هل شاركت في الانشقاق الداخلي على أي مستوى من مستويات الحكومة؟ في أي اجتماعات للمؤتمر الوطني أو مؤتمرات الولايات شاركت؟ (لا شيء منها). أنت لا تملك حتى إمكانية الوصول إلى المعلومات، ناهيك عن المشاركة في السياسة، لكنك أُدنت في النهاية بوصفك مجرمًا سياسيًا؛ أليست هذه تهمة ملفقة؟ قل لي، أليس هذا البلد سخيفاً؟ (بلى، إنه كذلك). لا يزال بعض الناس أغبياء. إنهم يعتقدون، "كلا، إن إدانة المرء بوصفه مجرمًا سياسيًا أو معاديًا للثورة عار كبير على المؤمنين بالله!" أليس هذا غباءً؟ يوجد حتى بعض الأشخاص الذين أدينوا بوصفهم معادين للثورة أو مجرمين سياسيين لإيمانهم بالله وحُكم عليهم بالسجن لمدة 15 عامًا أو 20 عامًا، ويشعرون بعد إطلاق سراحهم أن هذا أمر مخزٍ. إنهم يعتقدون أنهم لا يستطيعون إظهار وجوههم لأي شخص، بما في ذلك زملاء الدراسة والأصدقاء والعائلة. خاصةً عندما يشير الناس إليهم بأصابع الاتهام ويتهامسون من وراء ظهورهم، يشعرون أنهم فعلوا شيئًا مخزيًا. أليست هذه حماقة؟ (بلى). هذا العصر يرفضكم، والتنين العظيم الأحمر يضطهدكم؛ فهل هما عادلان؟ إذا نهضت البشرية جمعاء لاضطهادكم، فهل هذا يعني أن الحق لم يعد الحق؟ الحق هو الحق دائمًا، مهما كان عدد الناس الذين ينهضون لمعارضته. يبقى جوهر الحق دون تغيير، تمامًا كما يبقى الجوهر الشرير للشيطان دون تغيير. حتى لو لم يعترف أحد بالحق أو يقبله، فإنه يظل هو الحق، وهذه الحقيقة لن تتغير أبدًا. إذا نهضت البشرية كلها ضد الله ورفضت قبول كلامه، فسيظهر ذلك أن البشرية لا تزال شريرة. لا يمكن لقوة الشيطان الشريرة أن تصبح برًا لمجرد وجود العديد من الناس أو قوى عظيمة وراءها. الكذبة التي تتكرر عشرة آلاف مرة تصبح حقيقة؛ تلك مغالطة الشيطان ومنطق الشيطان، لا الحق. إذا اختبر المؤمنون الرفض من العالم كله، والاضطهاد والتشهير من التنين العظيم الأحمر، فهل يجب أن يشعروا بالخجل؟ (لا). يجب ألا يشعروا بالخجل. عندما تعاني الاضطهاد من أجل البر، فهذا يثبت أن هذا العالم شرير حقًا، ويؤكد كلام الله: العالم كله تحت سلطان الشرير. عندما تُضطهد من أجل البر، مهما كان مسارك سليمًا وأفعالك عادلة، فلن يقف أحد ويصفق لك. بدلًا من ذلك، فإن أي صفقات قذرة يقوم بها الناس في هذا العالم، تصبح أمورًا إيجابية عندما تقدم للعامة، ما داموا يغلفونها ويروجون لها. هؤلاء الناس هم الأشرار؛ فأعمالهم كلها حيل قذرة.

دعونا نستمر في الشركة حول مسألة الابتعاد عن السياسة. ما هي السياسة؟ إنكم تحتاجون إلى أن تعرفوا ما هي السياسة قبل أن تفهموا كيف تنأون بأنفسكم عنها. ما السياسة؟ إنها في أبسط مستوياتها الأساسية تنطوي على الرغبة في تولي منصب ما والحصول على مهنة كمسؤول. هذا هو أحد مجالات السياسة. السياسة تعني شغل منصب وأن تكون لديك حياة مهنية بوصفك مسؤولًا. بدءًا من المسؤولين ذوي الرتب العالية إلى المسؤولين ذوي الرتب المنخفضة، ومن رؤساء الأقسام الصغيرة ورؤساء القطاعات في المصالح الحكومية إلى أمناء الفروع الحزبية وأمناء اللجان الحزبية وإلى المديرين ورؤساء المكاتب والوزراء والرؤساء على مختلف المستويات؛ كل هؤلاء يندرجون تحت فئة السياسة. إلام تشير السياسة؟ الطريقة الأكثر وضوحًا للتعبير عنها هي أنها القوة والسلطة، فهي رمز لنوع من السلطة في المجتمع. هذا هو أحد أوجه السياسة. ما الذي يندرج أيضًا تحت السياسة؟ (يا الله، ألا تتعلق السياسة أيضًا بالصراع من أجل الاستيلاء على السلطة السياسية للدولة أو تأسيسها أو توطيدها؟) صراعات الموظفين وصراعات السلطة كلها تنتمي إلى السياسة. ماذا يوجد غير ذلك؟ المخططات والاستراتيجيات والأساليب المستخدمة في هذه الصراعات، وكذلك مختلف الانتخابات والحملات الانتخابية وجهود الدعاية المتعلقة بالسياسة والسلطة؛ هذا كله يندرج تحت السياسة. هذا هو الفهم الأكثر وضوحًا للسياسة الذي يمكن أن يكون لدينا. التقرب من التنظيم والحزب، والسعي إلى التقدم؛ أليست هذه هي السياسة بالنسبة إلى الناس العاديين؟ يسمون هذا "شخص صغير يمكنه رؤية الصورة الكبيرة". فهم – كما ترون – يتمتعون بمنظور واسع على الرغم من أن منصبهم متواضع. ولهذا يتقربون من التنظيم والحزب، ويسعون إلى التقدم. إنهم يبدأون بالانضمام إلى رابطة الشباب الشيوعية، ثم إلى الحزب الشيوعي. وتدريجًا، يقتربون أكثر إلى الحزب، ويستمعون إلى تعليمات الحزب، ويتبعون سياساته الإرشادية وتوجهاته. إنهم يلتزمون بصرامة بالتوجيهات التي يشير بها الحزب، وينفذونها ويجسدون صفات عضو الحزب بشكل كامل. إنهم يتحدثون ويتصرفون باسم الحزب، ويحافظون على مصالح الحزب وحكمه ومكانته وصورته في أذهان الناس. إنهم يحمون كل شيء من أجل الحزب. أليس هذا كله جزء من السياسة؟ (بلى). أنت تحمي التنظيم، والتنظيم هو الحزب. بغض النظر عن أي حزب سياسي أو أي تنظيم شكله الحزب، فبمجرد أن تبدأ في المشاركة، فإنك تشارك في السياسة. هل شارك أي منكم؟ (لا). يمكنك إذن أن تطمئن؛ فأنت لست مجرمًا سياسيًا، ولا تملك المؤهلات لأن تطلق على نفسك مجرمًا سياسيًا. فعلى أقل تقدير، سيتعين على المجرم السياسي أن يذهب إلى الخارج ويؤسس تنظيمًا أو مجموعة لحقوق الإنسان، وينخرط في أنشطة حقوقية مختلفة، ويعارض سياسات الحكومة الحالية وحكمها، وكذلك مختلف الإجراءات التي تتخذها الحكومة. إضافة إلى ذلك، سيحتاج إلى وضع لوائح وأنظمة وقواعد ودستورًا، إلى جانب بنود مختلفة لا بد لأعضاء التنظيم من الالتزام بها. ويجب أن يكون التنظيم منظمًا ومنضبطًا، مع وجود قادة في الأعلى وأعضاء عاملين في الأسفل، مما يشكل هيكلًا تنظيميًا كاملًا ومنظمًا من الأعلى إلى الأسفل. عندئذٍ فقط يمكن تسمية ذلك جماعة سياسية، ووحدها الأنشطة التي تُجرى داخل تلك الجماعة السياسية هي التي يمكن أن تُعَد مشاركة في السياسة. هل شارك أي منكم في هذا؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فهل لديكم أي نية للمشاركة، أو هل تخططون للانضمام إلى حزب سياسي أو على الأقل شغل منصب مشرِّع مثلًا أو مستشار؟ هل هناك أي شخص ينطبق عليه هذا الوصف؟ إذا كانت لديك مثل هذه الخطط، فهذا يعني أنك منخرط بالفعل في السياسة؛ حتى وإن كنت لم تشارك حتى الآن، فلديك بالفعل النية للقيام بذلك. ولكن إذا لم تكن لديك مثل هذه النية، فهذا جيد جداً. هل تُعتبر مشاركة المرء في التصويت في الانتخابات بوصفه مواطنًا مشاركة في السياسة؟ إذا كان نظام بلد ما قائمًا على الحرية والديمقراطية، وللمواطنين الحق في التصويت، فهل الإدلاء بالصوت للمرشح فلان يعد مشاركة في السياسة؟ (لا، لا يعد كذلك)، لا يعد كذلك، فهذه هي سياسة ونظام ذلك البلد، حيث يحق للناس التصويت. هذا لا يعتبر مشاركة في السياسة. أنت تعبّر فقط عن تفضيلك الشخصي باختيار شخص معين، لكنك لا تنخرط في صراعه السياسي على السلطة. ما من أنشطة سياسية لها أي علاقة بك. أنت ببساطة تدلي بصوتك لصالح فلان بصفتك مواطنًا في ذلك البلد. هذا الفعل هو مجرد ممارسة مباشرة لحقوق المواطنة الخاصة بك لا شكلاً من أشكال النشاط أو السلوك السياسي.

أما فيما يتعلق بماهية السياسة، فقد قُدمت شركة حول هذا الموضوع بشكل أو بآخر، لذا يجب أن تكون كيفية الابتعاد عن السياسة واضحة تمامًا. كيف تبتعد عن السياسة؟ لنتحدث أولًا عن كيفية الابتعاد عن السياسة، ثم سنناقش بعد ذلك لماذا يجب عليك القيام بذلك. لقد ناقشنا للتو ماهية السياسة. ما السياسة؟ إنها، أولًا وقبل كل شيء، المشاركة في صراعات السلطة؛ هذا يعادل المشاركة في السياسة. نحن جميعًا أناس عاديون، لذا دعونا لا نتحدث عن أشخاص مثل الرؤساء أو رؤساء الأحزاب أو أولئك الذين يشغلون مناصب في مجموعات سياسية وطنية رفيعة المستوى، بل دعونا نتحدث عوضًا عن ذلك عن شيء يمكن أن يكون للناس العاديين ارتباط به، مثل أمين فرع الحزب في إحدى الهيئات الحكومية. هل أمين فرع الحزب شخصية سياسية؟ إن شغل منصب حزبي في هيئة حكومية يجعل من المرء شخصية سياسية بارزة. إذن، كيف تبتعد عن السياسة؟ ماذا يعني الابتعاد؟ (عدم الانخراط مع هذه الشخصيات السياسية). عدم الانخراط معهم؟ لكنك لا تستطيع فعليًا أن تتجنبهم في مكان عملك. إذا تجنبتهم، فقد يأتون ويغلطونك، قائلين: "لماذا لا تتحدث معي؟ لماذا تختبئ مني؟ هل أنت لا تحبني أنا أمين فرع الحزب؟ إذا كان لديك أي آراء عني، أفلا يعني ذلك أن ثمة مشكلة في طريقة تفكيرك؟ لنتحدث". سيرغب في تناول "الشاي" معك. هل هذا الشاي ممتع؟ هل تجرؤ على الحضور؟ على سبيل المثال، يقترب منك أمين فرع الحزب ويسألك: "مرحبًا يا شياو تشانغ، منذ متى وأنت تعمل هنا؟ فتقول: "عدد لا بأس به من السنوات، حوالي خمس سنوات". وبعد ذلك سيجيب: "تبدو زميلًا لطيفًا. هل انضممت إلى الحزب؟" فكيف ستجيب؟ ما هي الإجابة المناسبة لكي تنأى بنفسك عن السياسة؟ (فقط أقول: "لا تنطبق عليَّ المعايير التي تؤهلني لأن أصبح عضوًا في الحزب في الوقت الحالي"). ذلك رد حكيم. هل هذه العبارة صحيحة؟ (لا). إنها في الواقع مجرد طريقة لإبعاده. أنت تفكر: "أيها الثعلب الماكر، أيها الشيطان العجوز، فيم يهمك ما إذا انضممت إلى الحزب أم لا؟ أنت تريدني أن أنضم إلى الحزب. حسنًا، ما أهمية الحزب على أي حال؟" هذا ما تفكر فيه، لكنك لا تستطيع قول ذلك للشيطان العجوز. عوضًا عن ذلك، عليك أن تجعل سلوكك الخارجي يبدو مهذبًا، فتقول: يا عضو الحزب القديم، أنت لا تفهم الصعوبات التي نواجهها نحن الشباب. لدينا خبرة محدودة ولم نرَ نتائج في عملنا بعد، لذلك لسنا مؤهلين للانضمام إلى الحزب. الحزب مقدس ولا يمكننا الانضمام إليه دون سبب وجيه. لقد كنت أفكر في فكرة الانضمام إلى الحزب...". أجبه ببضع كلمات فحسب. هل تريد في قلبك الانضمام إلى الحزب؟ (لا). حتى إذا عرضوا عليك شروطًا تفضيلية وكنت ستحصل بعد انضمامك على ترقية أو منصب رسمي، فأنت غير مهتم، أليس كذلك؟ إن الشروط الأساسية لتولي منصب وأن تكون لديك حياة مهنية بوصفك مسؤولًا هي أنه يجب عليك أولًا الانضمام إلى التنظيم أو الانضمام إلى الحزب أو التقرب منه. يجب عليك التقرب من الحزب قبل أن تتمكن من شغل منصب أو من الترقي. إنَّ الخطوة الأولى لكي تبتعد عن السياسة، هي أن تنأى بنفسك عن الأحزاب السياسية. قد يسأل بعض الناس: "هل هذا يعني الابتعاد عن الحزب الشيوعي فقط؟" لا، هذا يعني الابتعاد عن جميع أنواع الأحزاب. ماذا يمثل الحزب؟ إنه يمثل قوة سياسية. المجموعة التي تتخذ من البيان السياسي للحزب وبرنامجه وأهدافه بغيةً لها تسمى حزبًا. وبغض النظر عن بغية الحزب وبرنامجه، فإن هدفه الوحيد هو تشكيل قوة، واستخدام قوته وقدرته للتصارع على المزيد من القوة والسلطة في الساحة السياسية والمشهد السياسي. هذا هو الغرض من وجود أي حزب سياسي. ليس الغرض من وجود أي حزب هو منفعة الناس، بل القوة والسلطة. وبعبارة أخرى، الغرض هو الاستحواذ على السلطة وامتلاك قوة خاصة بهم. أليس هذا هو الحال؟ (بلى). لذلك، فإن الخطوة الأولى للابتعاد عن السياسة هي عدم الانضمام رسميًا إلى أي حزب سياسي. قد يسأل بعض الناس: "ماذا لو كنت بالفعل عضوًا في حزب كذا؟ هذا صعب بعض الشيء. إذا كنت راغبًا في ترك الحزب، فسيكون ذلك هو الأفضل، وأن تقطع علاقتك به رسميًا. إذا كنت غير راغب في الاستقالة من الحزب أو إذا كان شاق عليك أن تستقيل، فعليك التفكير فيما يجب عليك فعله بنفسك. على أي حال، سواء كان ذلك رسميًا أو معنويًا، يجب أن تبتعد عن أول مشكلة رئيسية تتعلق بالسياسة، وهي الابتعاد عن الأحزاب. حالما تبتعد عن الأحزاب، ستصبح فردًا مستقلًا. لن تجرفك أي قوة سياسية، ولن تعمل لصالح أي قوة سياسية. إن عدم الانضمام إلى أي حزب هو المسار الأساسي المحدد الذي يجب ممارسته من أجل الابتعاد عن السياسة. إضافةً إلى ذلك، عندما يتعلق الأمر بأي قوة سياسية، مثل أمين فرع الحزب، أو مدير أو مسؤول شؤون الموظفين في مكتب حكومي، فإن مبدأ التعامل معهم هو أن تحافظ على مسافة بينك وبينهم. على سبيل المثال، إذا قال لك أمين فرع الحزب: "شياو تشانغ، هل لديك وقت؟ دعنا نتناول العشاء معًا بعد العمل. ستبدأ عطلة نهاية الأسبوع غدًا، دعنا نذهب للعب كرة السلة معًا"، يمكنك أن تقول: "أوه، تصادف أن طفلي مريض. لقد أصيب بالحمى بالأمس، ولم يكن لدي وقت لعرضه على الطبيب بسبب العمل. يجب أن آخذه إلى المستشفى غدًا". في مناسبة أخرى، يقول الأمين: "شياو تشانغ، لقد مر وقت طويل منذ أن تكلمنا. دعنا نتحدث حديثًا حميمًا صادقًا، ما رأيك؟" ما بغيته؟ إنه يريد تهيئتك خليفةً له. إذا لم تكن قد اكتشفت بعد ما يسعى إليه حقًا، فعليك أن تفكر في ذلك. إذا كنت قد اكتشفت ذلك، فعليك أن تسرع بالتملص منه قائلاً: "أوه، بالأمس قالت أمي إنها ليست على ما يرام وتريد مني أن آخذها إلى المستشفى. أليست هذه مصادفة غير موفقة؟" تبعده عنك مرارًا وتكرارًا، وعندما يرى الأمين ذلك، سيفكر: "كلما دعوته حدث شيء ما، كلما اقتربت منه وقع ظرف ما، إنه لا يعرف كيف يقدر المعروف، سأبحث عن شخص آخر!" يمكنه أن يبحث عن أي شخص يريد، لكنك لن تقترب منه مهما حدث. عادةً ما تكون ودودًا جدًا معه، لكن عندما يريد أن يهيّئك أو يرقيك، فإنك تجد الأعذار لتجنبه، وتفقد حماسك حتى لا يستطيع أن يعرف ما تفكر فيه. في الواقع، أنت تعرف في صميم قلبك بمنتهى الوضوح: "لن أقترب منك أيها الشيطان! فأنا لدي الله في قلبي، والله يقول لي أن أبتعد عن السياسة. أنت شخص سياسي، وسأبقى بعيدًا عنك. أنت تريد ترقيتي إلى منصب رسمي واستخدام مواهبي لأكون في خدمتك، لكنني لن أعطيك فرصة! حتى وإن كنت أكنس الأرض فحسب في هذا المكتب الحكومي وأخرج القمامة، فلن أصبح مسؤولاً! أنا فقط أكسب ما يكفي من المال لإعالة نفسي، ولن أخدمكم!" لكن في الواقع، عليك عوضًا عن ذلك أن تقول: "أنتم أيها القادة تحملون الأمة في قلوبكم، وتتولون شؤونًا لا حصر لها، وتخدمون الشعب، وتهتمون بعامة الناس! أما نحن – عامة الناس – فوعينا قليل، ولا نهتم إلا ببطوننا؛ فنحن لسنا على نفس المستوى، ولا يمكننا أن نفعل ما تفعلونه أنتم أيها القادة". تتصرف دائمًا بغباء أمامه، بحيث لا يستطيع أن يكتشف ما تفكر فيه. وحتى إذا كانت لديك مواهب، فإنك لا تظهرها. فقط في اللحظات الحرجة، تُظهرها قليلاً، فيرى أنك موهوب حقًا. عادةً ما ترتكب بعض الأخطاء الصغيرة التي تجعله يعتقد أنك لست بارعًا جدًا، لكنه لا يستطيع الاستغناء عنك في العمل. وهذا ما يسمى بالحكمة. أنت تتلاعب بالشيطان، وتستخدمه في تقديم الخدمة، وتكسب ماله، لكنك لا تقترب منه، وتحتقره في قلبك، أليس هذا صحيحًا؟ هذا هو معنى عدم الاقتراب. هل يمكنك فعل ذلك؟ (نعم). في الظهيرة، يقود القائد سيارته الصغيرة ويبحث في كل مكان عن مطعم معروف ليأكل فيه. يناديك قائلًا: "شياو تشانغ، دعنا نخرج ونأكل شيئًا ما؛ ماذا تريد أن تأكل اليوم؟ تقول: "لم أتناول معكرونة بصلصة الفاصوليا المقلية منذ عدة أيام، ولم أتناول الكعك المطهو على البخار منذ فترة طويلة؛ هذا ما أريد أن آكله. أنا ذاهب إلى المنزل لتناول الغداء، هل تريد بعضًا منه؟ تجيبه هكذا، وعندما يسمع هذا سيقول: "أكل ماذا؟ هذا طعام خنازير، الناس لا يأكلون هذه الأشياء!" إنه لا يريد أن يأكل أي شيء تقوله له، ويفكر في قرارة نفسه: "هذا الرجل ينطبق عليه ما يقولون: من يولد أحمق لا يمكن علاجه. من يأكل الكعك المطهو على البخار والمعكرونة بصلصة الفاصوليا المقلية هذه الأيام؟ المسؤولون يأكلون أفضل من ذلك بكثير!" هؤلاء المسؤولون يذهبون إلى المطاعم وينفقون الأموال العامة، ويتمتعون بمجد وأبهة كونهم مسؤولين، ولا يأكلون إلا الوجبات الفخمة، فالوجبة الواحدة تتكلف أكثر من ألف يوان. يأكلون أمخاخ القرود وجلد القنفذ. هؤلاء الأشرار والشياطين يأكلون أي شيء، لا يوجد شيء لا يستطيعون أكله أو شربه. ما الذي تفكر فيه في قلبك؟ "لن أشارك في خطاياكم، وسأبقى بعيدًا عنكم، يا ذرية الشياطين، أيها البؤساء يا من تأكلون لحم البشر وتشربون دم البشر! أفضّل أن أعود وآكل المعكرونة بصلصة الفاصوليا المقلية والكعك المطهو على البخار على أن أستمتع بنمط حياتكم الباذخ. حتى وإن اضطررت إلى تناول حصص غذائية رديئة، فلن أقترب منكم؛ لن أتورط في شروركم أو أشارك في خطاياكم. أكل اللحم البشري وشرب الدم البشري هو ما تفعله الشياطين، وليس البشر. ماذا ستكون العاقبة النهائية؟ ستذهبون بالتأكيد إلى الجحيم وتواجهون العقاب! أنا أقدم تنازلات وأقوم بتفاهمات وأكسب رزقي تحت سلطتكم، لكن هدفي هو الحفاظ على معيشتي واتباع الله والقيام بواجبي. أنا لا أحاول أن أحصل على ترقية أو أنخرط في السياسة، أنا أمقتكم من أعماق قلبي!" لذا، مهما أقنعك القائد بالتمتع بوجبة كبيرة، فلا تذهب. خلال عطلة نهاية الأسبوع، إذا دعاك إلى غناء الكاريوكي، أو أن تكون محاطًا بنساء جميلات، أو أن تشرب نبيذًا فاخرًا؛ إذا دعاك إلى مقهى للاسترخاء أو للترفيه، أو لمشاهدة عرض للمتنكرين بالأدوار النسائية والمتنكرات بالأدوار الذكورية، فهل ستذهب أم لا؟ إذا أردت الاقتراب من التنظيم أو من الحزب، فعليك الذهاب إلى هذه الأماكن. لكنك في هذه اللحظة تقول: "أنا أمارس كلام الله، وأبتعد عن السياسة، ولن أشارك في أي من هذا، ولن أشارك في خطاياهم". في اليوم التالي، عندما يجتمعون معًا، يتحدثون عن مدى جمال الآنسة فلانة، وكيف أنها حسناء الحفلة، وعن مدى موهبتها في الغناء، ومدى لذة نبيذ عصر معين في فرنسا، وعن أماكن الترفيه، وعن أماكن الاستحمام في الينابيع الساخنة.... إنهم يتحدثون عن هذه الأشياء؛ فهل تحسدهم؟ هل تشعر بالغيرة؟ عليك أن تضع سماعات الأذن، وتسد أذنيك؛ لا تستمع إلى هؤلاء الشياطين الذين يتحدثون بكلام شيطاني، ابتعد عنهم، حافظ على هدوء قلبك، لا تشارك في خطايا الخطاة، ابتعد عن حيواتهم القذرة، ولا تنشغل بشرهم. غرضك هو الابتعاد عن السياسة. أولئك الذين يطلبون التقدم، ويريدون التقرب من التنظيم، ويرغبون في الترقية: غرضهم من العيش هكذا هو في الواقع المشاركة في السياسة، والدخول في السياسة مباشرةً، وذلك بغية الحصول على منصب في الأوساط السياسية وعيش حياة لا تليق بإنسان ولا بشيطان؛ لكنك عكسهم تمامًا. يجب عليك الابتعاد عن مثل هذه الحياة القذرة. الغرض من الابتعاد عن هذا النوع من الحياة هو ألا ترغب وألا تهتم بأي مستقبل سياسي. إن مستقبلك هو السعي إلى الحق ونيل الخلاص. لذلك يجب أن يكون واضحًا في قلبك أن كل ما تفعله الآن له معنى وقيمة؛ فهو من أجل السعي إلى الحق، ومن أجل نيل الخلاص. إنها ليست تضحية لا معنى لها، ولست تتصرف بطريقة غير نمطية. وعلاوةً على ذلك، فأنت لست وحدك. لذا، فإن الغرض النهائي من الابتعاد عن هذه الحيوات الخاطية هو في الواقع أن تنفصل عن هؤلاء الناس، وأن تنأى بنفسك عما يسمونه بالسياسة. هذا هو المبدأ الثاني المتمثل في الابتعاد عن السياسة؛ لا تقترب منها.

إن عدم الاقتراب من السياسيين هو الحد الأدنى الذي يجب القيام به، إضافة إلى عدم المشاركة. على سبيل المثال، إذا كانت هناك فرصة للترقية إلى رئيس قسم أو مدير أو رئيس مكتب، فإن الجميع يكونون متلهفين لإظهار أنفسهم وتحسين أدائهم وتقديم الهدايا للقادة واستخدام نفوذهم واستكشاف السبل وتجربة كل الوسائل للسماح للقادة والرؤساء برؤية مواهبهم وقدراتهم وقيمتهم، وحتى قيمتهم من حيث استغلالهم. إنهم يفضلون أن يكونوا مجاملين، ويفضلون تملق القادة والرؤساء وفعل كل ما يطلبونه منهم، حتى وإن كانوا لا يريدون فعله. بعض الناس يعطون المال، وبعضهم يقدمون حتى أجسادهم للمشاركة في الصراعات السياسية. في هذه الصراعات، بعض الناس يكوِّنون علاقات مع القادة، والبعض يمنحون القادة الكثير من المال والهدايا، والبعض الآخر يقدمون أجسادهم للقادة، والهدف النهائي من ذلك هو الترقي أو تلقي إرشاد هؤلاء القادة واتخاذ مسار السياسة. وبوصفك مؤمنًا بالله، يجب عليك الابتعاد عن هذه الممارسات إذا كنت تعرف أنها تتضمن المشاركة في السياسة. أولًا، لا تقدم الهدايا أو تكوِّن العلاقات من أجل تطلعاتك السياسية أو الحصول على منصب رسمي. أيضًا، لا تكن نشِطًا في كشف نقاط قوتك للقادة، وبالطبع لا تتخذ أي تدابير مغالىً فيها للتنافس من أجل لفت أنظارهم. دع الآخرين يتنافسون بدونك. وفي كل مرة يرشحك رئيسك، قل: "لن أتقدم لهذا، فأنا لست مؤهلًا". ليس عليك سوى أن تقول إنك غير مؤهل وتدع الآخرين يتقدمون؛ فهناك الكثير من الأشخاص الذين سيتقدمون للمنافسة. عندما يقول الرئيس: "شياو تشانغ، إنه دورك هذه المرة"، قل: "أنا لست مؤهلًا بعد أيها الرئيس، أرجو المعذرة. أنا لا أملك المقدرة. دع شياو لي يتقدم أولًا، وإذا كان شياو لي لا يملك المقدرة، فدع شياو وانغ يتقدم. دعهما يفعلان ذلك". سيقول الرئيس: "هل أنت غبي؟ إن أخذا الوظيفة، فلن تحصل على أي من المزايا: لن تحصل على منزل أو أي مكافآت أو زيادات في الراتب". فتقول: "إذا لم أحصل على أي شيء، فليكن. لدي ما يكفي من الطعام ولدي ما يكفيني من المال لأنفقه، لذا كن مطمئنًا يا سيدي. إذا كنت لا تزال غير مطمئن، فما عليك سوى إعطائي المزيد من المكافآت في نهاية العام". لا تشارك في صراعهم. من يريد المنافسة فليفعل. لا تلجأ إلى أي وسيلة، أو تستخدم أي طاقة، أو تدفع أي ثمن. لا تنفق فلسًا واحدًا أو تقول كلمة أو تفعل أي شيء إضافي أو تبذل جهدًا زائدًا للترقي. استمر في عدم المشاركة حتى إذا كانت تتوافر لديك الشروط والصلات والقاعدة المناسبة من الناس. وهذا ما يسمى بالتخلي حقًا وبالابتعاد حقًا. ينظر إليك هؤلاء الناس الدنيويون بشفقة مستمرة ويظلون يقولون: "أنت غبي وعقليتك بسيطة!" لكنك تقول: "قولوا ما تشاءون عني؛ لن أشارك رغم ذلك". فيسألك الناس: " لماذا لن تشارك؟" فتقول: "أنا أكسب ما يكفي من المال لإنفاقه. أنا لست مؤهلًا. أنتم جميعًا أفضل مني، لذلك شاركوا أنتم". هل أنت قادر على الامتناع عن المشاركة؟ (نعم). بالطبع، إذا كانت لديك الفرصة للترقية إلى نائب رئيس قسم أو نائب مدير، فيمكنك أن ترفضها، ولكن إذا عُرضت عليك مناصب مثل مدير مكتب أو رئيس قطاع، فهل يمكنك أن تفعل الشيء نفسه؟ قد لا يكون الأمر سهلًا: فكلما ارتفع المنصب، زادت الغواية، وكلما زادت سلطته، زاد الإغراء، لأنه عندما يكون لديك المزيد من السلطة تتلقى معاملة أفضل ويصبح كلامك أكثر تأثيرًا ويزيد استمتاعك المادي. فمثلما ترى، يمتلك كل من العمدة والحاكم والرئيس مقرات إقامة رسمية خاصة بهم. تغطي الدولة جميع نفقاتهم، سواء في الخارج أو في المنزل. لذلك، كلما تفاعلت أكثر مع الطبقات العليا، زاد إغواؤهم لك، وكلما زادت فرصك في التفاعل معهم، زادت صعوبة التخلي عن هذه الفرص. فمن أجل تجنب الإغواء، تعمل على مستوى القاعدة الشعبية، ولا تضع حتى قدمًا واحدة في دوائر الطبقة العليا. أنت تمتنع عن الدخول في هذه الدوائر تمامًا. وهذا ما يسمى بالابتعاد. لا شيء مما تقوله أو تفعله له علاقة بالسياسة؛ بل كله يتعلق بالابتعاد عن هذه الأشياء. أيًا كان من ينجح في أن يُنتخب مسؤولًا رفيع المستوى في كل سباق معين، وأيًا كان من يصل إلى سلطة هائلة، فأنت لا تحسده، ولا تتألم ولا تندم، لأنك، في تجربة أخرى، أو في الظرف الذي رتبه الله، قد مارست مبدأ الابتعاد عن السياسة الذي يطلبه الله. لقد استوفيت مطلب الله، وأنت منتصر في مواجهة الشيطان، وغالب في مواجهة الله، والله يستحسنك. يقول البعض: "إذا استحسنني الله، فهل سيجعل راتبي يزيد قليلاً؟" لا، استحسان الله لك وتقديره لك كغالب يعني أنك اقتربت خطوة من الخلاص، وأن الله ينظر إليك بمزيد ومزيد من الرضا؛ وهذا شرف عظيم. هل من السهل الامتناع عن المشاركة في الشؤون السياسية؟ دع من يستمتع بالمنافسة يتنافس. من يحب أن يصرِّح عن رأيه بشأن مثل هذه الشؤون فليفعل ذلك. من أحب أن يشغل نفسه بها فليشغل نفسه بها. على أي حال، أنت لا تهتم بهذه الأشياء ولا تزعج نفسك بها، لأنك لا تسعى إلى التقدم وليست لديك أهداف لحياة مهنية رسمية. هذا هو المبدأ الثالث للابتعاد عن السياسة: عدم المشاركة.

المبدأ الرابع من مبادئ الابتعاد عن السياسة هو عدم الانحياز إلى طرف. "الانحياز إلى طرف" هو نوع من المصطلحات التي يستخدمها أهل السياسة، وهي ظاهرة شائعة في عالم السياسة، أن تنحاز إلى طرف. عندما تشارك في السياسة، يجب أن توضح موقفك؛ أي ما إذا كنت تقف مع الحزب (أ) أم الحزب (ب). وبمجرد انخراطك في السياسة، عليك أن تنحاز إلى طرف. إذا لم تنخرط فيها، فلن تحتاج إلى الانحياز إلى طرف، أو يمكنك القول إنك لا تنحاز إلى طرف. إذا بقيت على الحياد ولم تلتفت إلى نزاعاتهم أو إلى سبب اقتتال الطرفين، فأنت لا تنحاز إلى طرف. سواء أكنت تدعم الحزب (أ) أو الحزب (ب)، فلا توجد نتيجة أو إجابة منك. أنت تقول: "أنا لا أنحاز إلى أي من الجانبين، أنا أمتنع. علاقتي طيبة مع كل من (أ) و(ب)، لكنني لا أتقرب من أي منهما. أنا لا أشارك في أي من معاركهما". يحار هؤلاء الناس: هل أنت مع الحزب (أ) أم الحزب (ب) في نهاية الأمر؟ إنهم يحاولون دائمًا كسبك في صفهم، لكن لا أحد يستطيع ذلك. والنتيجة النهائية هي أنهم يفهمون أنك لا تنحاز إلى طرف. وأخيرًا، يقول لك رئيسك المباشر: "أيها المراوغ، لماذا لم تساندني في مثل هذه اللحظة الحرجة؟ فتقول: "أيها الرئيس، أنا لا أجرؤ على التطلع إلى مثل هذا الشرف، فأنا لا أمتلك نفس العمق الفكري، ولا أنا كفء للغاية في وظيفتي، وأخشى أن أخيّب ظنك. أيها الرئيس، أرجوك أن تعفني من ذلك، أنا مجرد شخص تافه ينحني لالتقاط قرش؛ أنا مجرد شخص عادي، لا أجرؤ على الانحياز إلى طرف. أرجو أن تتساهل معي وتسمح لي بعدم المشاركة؛ سأدعمك بالتأكيد في المرة القادمة". في الواقع، أنت تصرفه عنك فحسب. أنت لم تسيء إليه، ولا يمكنه فعل أي شيء حيال ذلك. بإمكانه أن يتشاجر ويتجادل كيفما يشاء؛ الأمر لا علاقة له بك، فأنت دخيل. لماذا أقول إنك دخيل؟ أنت لا تسعى إلى مهنة رسمية، أو منصب رسمي، أو الصعود إلى مكانة مرموقة، أو جلب المجد لأسلافك، أو دخول السياسة. أنت لا تسعى إلى مستقبل سياسي؛ فهدفك هو الابتعاد عن الحياة المهنية الرسمية وعن هذه الشخصيات السياسية. ولهذا، تختار عمدًا ألا تنحاز إلى طرف، وألا تختار الحزب (أ) أو الحزب (ب)، ومسألة مَن ينحاز إلى أي الأطراف أمر لا علاقة له بك. كلما حاول شخص ما إقناعك، تستجيب إلى الأمر بالضحك وتتظاهر بالحماقة قائلاً: "لا أعرف مَن المحِق، كلكم أصدقائي الطيبون، سأكون سعيدًا أيًا كان من يفوز". يقولون: "أنت شخص مراوغ بحق". فتقول: "لست مراوغًا، أنا غبي فحسب؛ وأنتم الخبراء!" تتظاهر معهم بأنك مشوَّش. هل من المقبول عدم الانحياز إلى طرف؟ لا تكن ساذجًا، لا تساير أولئك الذين يحاولون استغلالك. أيًا كان مستوى السياسة، فإن الماء دائمًا موحل ولا يمكنك رؤية القاع. إنها ليست مثل الينبوع الصافي حيث يمكنك رؤية القاع؛ إنها مياه موحلة؛ مستنقع. إذا عاملك قائد ما معاملة حسنة، فإنك تتقرب منه وتنحاز إليه، لكنك لا تدري ما إن كان ذلك سيجلب لك خيرًا أم شرًا. لا يمكنك معرفة ما سيكون عليه مستقبله؛ ما إذا كان سينتهي به المطاف مقيدًا بالسلاسل أم سيصل إلى الشهرة. هؤلاء الناس جميعهم تماسيح في مستنقع، ثمة تماسيح كبيرة وأخرى صغيرة. وبوصفك شخصًا عديم الأهمية، فلن تكون قادرًا على معرفة ما إذا كانت كل كلمة يقولونها صحيحة أم خاطئة، ومن الذين يعاملهم جيدًا ومن لا يعاملهم جيدًا، وما الغرض من أفعاله اليومية؛ إنك ببساطة لا تستطيع معرفة ذلك. ولهذا، إذا كنت تريد حماية نفسك، فإن المبدأ الأكثر وضوحًا وأهمية هو عدم الانحياز إلى طرف. إن أحسنوا معاملتك، فكن متحمسًا معهم، وإن لم يفعلوا، فكن متحمسًا معهم أيضًا، لكن لا تنحاز إلى طرفهم فحسب. عندما يطرأ أمر ما، اضحك وتظاهر بالارتباك؛ وعندما يسألونك عن أي شيء، قل لهم إنك لا تعرف أو إنك لست متأكدًا أو إنك لم تره من قبل. هل تستطيع الرد بهذه الطريقة؟ (نعم، الآن أستطيع). هل من المناسب تطبيق هذه المبادئ في الكنيسة؟ (ليس من المناسب). هذه الحيل مناسبة فقط للأماكن التي يقيم فيها الشياطين، وليس لاستخدامها وسط الإخوة والأخوات. هذه هي الحكمة. في الأماكن التي تسكن فيها الشياطين، يجب أن تكون حكيمًا كالحيات؛ لا يمكنك أن تكون أحمق، بل يجب أن تكون حكيمًا. أيًا كان من يسحبك نحوه، فلا تذهب وتقف في صفه. وأيًا كان من يخلق معك صراعًا أو لا يحبك، فلا تعارضه وتقف ضده. اجعلهم يعتقدون أنك لست ضدهم. هذه الأشياء تشكّل الحكمة. لا تتنافس مع أي قوى سياسية، ولا تقترب من أي منها، ولا تتواطأ مع أي منها أو تظهر حسن النية لأي منها. هذه هي الحكمة، وهذا هو عدم الانحياز إلى طرف. أليس كذلك؟ (بلى). هل تعلمت كيفية القيام بذلك؟ (نعم). في الأوقات الحرجة، يجب أن تتظاهر بالصمم والبكم وبالجنون والحماقة، وأن تدعهم يرونك كجاهل أحمق. إذا أخبروك بأن تفعل شيئًا، فافعله، وتقبل نصيحتهم دون استجواب، ودعهم يرون مدى طاعتك. إلى أي مدى تكون مطيعًا؟ مثلما يكون الشخص المتذلل، تستمع دائمًا ولا تتحدث أبدًا في غير دورك ولا تستفسر عن أخبار الرئيس ولا عن معلومات تتعلق بفلان أو علان؛ كن مطيعًا بشكل خاص. لكن يجب ألا تكشف لهم أفكارك الحقيقية أبدًا؛ فبمجرد أن تكشف لهم أفكارك الحقيقية ونواياك، سيعاقبونك ويلقنونك درسًا. إذا لم تكن في صفهم، فلا يمكنك السماح لهم بمعرفة ذلك؛ حتى إذا كنت ترفضهم فلا يمكنك السماح لهم بمعرفة ذلك. لماذا يجب أن تفعل هذا؟ لأنك في نظرهم، إذا لم تكن صديقهم، فأنت خصمهم. وحالما تصبح خصمًا في أعينهم، فستكون أنت الشخص الذي يهدفون إلى معاقبته: سيتعاملون معك على أنك المسمار في أعينهم، والشوكة في خاصرتهم، وسيُضطرون إلى معاقبتك. لذلك، يجب عليك استخدام الحكمة والتظاهر بأنك أحمق. لا تُظهر قدراتك؛ إذا كنت تعبر عن أفكارك أو وجهات نظرك أو مواقفك أو توجهاتك تجاه أي شيء فأنت أحمق. مفهوم؟ (مفهوم). في مواجهة الشياطين والأبالسة، خاصةً عندما تقترب من مجموعة في عالم السياسة، عليك أن تكون حذرًا بدرجة أكبر، وأن تحمي نفسك؛ لا تظن نفسك ماهرًا أو تتذاكى، ولا تتباهى ولا تحاول إثبات جدارتك، بل عليك أن تكون بسيطًا لا تلفت الأنظار. إذا كنت تريد أن تضمن بقاءك في مثل هذه البيئة المعقدة، وتريد أيضًا أن تؤمن بالله، والقيام بواجبك، والسعي إلى الحق، ونيل الخلاص، فأول ما يجب عليك فعله هو حماية نفسك. إحدى طرق حماية نفسك هي ألا تستفز أي قوى سياسية وألا تصبح هدفًا لهجماتها أو عقابها؛ هكذا يمكنك أن تكون آمنا بدرجة أكبر بعض الشيء. إذا كنت دائمًا ترفض الاستماع إليهم أو طاعتهم أو التقرب منهم، فسوف يكرهونك ويريدون معاقبتك. ومن ناحية أخرى، إذا رأوا أنك تتمتع بالموهبة والقدرة على العمل، وإذا رأوا أنك مربح لهم، وأنك إذا توليت العمل بدلاً منهم، فلن تكشف أسرارهم أو تضر بسمعتهم في المستقبل، فسيرغبون في أن يكونوا مرشدين لك. أهو شيء جيد أن يرشدوك؟ (لا). إذا كانت عينهم عليك ويريدون إرشادك، فأخبرني، أليس هذا مثل أن تكون ممسوسًا بروح شريرة؟ (بلى). إذا كانت أعينهم عليك، فأنت في ورطة. لذا، قبل أن يضعوك نصب أعينهم، لا يمكنك أن تدعهم يُعجبون بك؛ عليك أن تتظاهر بالحماقة، كما لو كنت لا تستطيع القيام بأي شيء على نحو جيد للغاية. قم بعمل مقبول في معظم الأشياء. على الرغم من أنهم قد يكونون غير راضين عن ذلك، فلن يمكنهم أن يجدوا ما يعيبونك عليه أو يجدوا أسبابًا للتخلص منك. هذا يكفي، وهو يحقق التأثير المرغوب. إذا كنت تقوم بالأمور على أكمل وجه، وإذا كان كل شيء يتم بسلاسة وكانوا راضين عنك على نحو خاص ويقدرونك بشكل كبير، فهذا ليس جيدًا. فمن ناحية، سيرونك تهديدًا لمسارهم السياسي، ومن ناحية أخرى، قد يرغبون في إرشادك، وكلاهما ليس في صالحك. لذا، لكي تثبت نفسك في هذا المجتمع، يوجد – إلى جانب تجنب مختلف القوى والابتعاد عنها – شيء أكثر أهمية حتى من ذلك، وهو التعامل بكفاءة مع العلاقات والشؤون المتعلقة بمختلف القوى أو رئيسك المباشر. على سبيل المثال، إذا كنت تتباهى أكثر من اللازم، أو إذا كنت تريد إثبات نفسك أكثر من اللازم، أو إذا كنت تفعل أشياء دون حكمة، فقد تقع في مأزق حيث لا يمكنك إبعاد أي شيء عنك أو تُضطر إلى فعل ما لا تريد فعله. ما الذي يمكن عمله حيال هذا؟ لذلك، فإنَّ هذه المسألة من الصعب التعامل معها. عليك أن تكثر من الصلاة إلى الله، وأن تكون في هدوء أمامه، وأن تدع الله يرشدك، ويعطيك الحكمة، ويمنحك الكلمات التي تقولها، ويرشدك فيما يجب أن تفعله، ويعينك على معرفة كيفية التعامل مع الموقف، حتى تستطيع أن تحمي نفسك، ولكي يحفظك الله في مثل هذه الدوائر المعقدة. فقط عندما تنال حفظ الله لك وتكون قادرًا على حماية نفسك، يمكن أن تكون لديك الشروط الأساسية للسكون أمام الله، وأن تأكل كلام الله وتشربه وتتأمل فيه وتسعى إلى الحق. هل تفهم هذه الأشياء؟ (نعم، أفهم). هذا هو مبدأ عدم الانحياز إلى طرف.

ثمة مبدأ آخر للابتعاد عن السياسة، وهو عدم إعلان المرء عن موقفه. فسواء كان الأمر يتضمن وجهات النظر السياسية أو المواقف أو الاتجاهات، أو نوايا القادة وأغراضهم وتعبيراتهم وأفكارهم، أو ما إذا كانوا على صواب أم خطأ، يجب ألا تعلن عن موقفك. عندما يسألك مديرك: "هل توافق على ما قلته للتو؟" ما موقفك؟ تقول: "ماذا قلت؟ أذناي لا تعملان بشكل جيد، لم أسمعك". يغضب المدير بعد سماع ذلك ويتوقف عن التحدث إليك، فتفكر في قلبك: "رائع، لم أكن أريد أن أقول أي شيء على أي حال!" يجب عليك أن تتظاهر بأنك أصم وأخرس، ولا ينبغي لك أن تعلن عن موقفك دائمًا أو تظهر مدى ذكائك قائلاً: "أيها الرئيس، لدي بعض الآراء، لدي بعض الأفكار". إذا كنت دائمًا ما ترفع يدك وتتخذ موقفًا، فتلك حماقة فحسب. لا يجب أن تتحدث عندما يكون لديك آراء تتعلق بالمدير، وعندما يكون لديك آراء حول هذا الزميل في العمل أو ذاك، أو عندما ترى مديرك يفعل شيئًا خاطئًا؛ لا تصدر صوتًا. والآن، ماذا لو سألك القائد عن هذه الأشياء، ماذا تقول؟ "لقد قمت بعمل رائع في هذا الأمر؛ إنك على مستوى آخر غير مستوانا نحن العمال الصغار. أنت مراعٍ لغيرك حقًا!" يجب أن تمتدحه وتتحدث إليه بنبرات الإطراء التي تجعله يشعر بالانتشاء، وعندما ترى أنك قد حققت مرادك، توقف عن مدحه، لأنك كدت أن تُصيب نفسك بالغثيان. بغض النظر عما يقوله رئيسك في العمل من سياسات أو آراء أو عمل للتنفيذ من أعلى، أو موقفه تجاه أي شيء، تصطنع الغباء وتقول بضع جمل غامضة. وعندما يسمعك رئيسك في العمل سيقول: "دائمًا ما كان هذا الشخص مشوشًا، لذا من الطبيعي أن يكون مشوشًا في هذا الأمر أيضًا". حسناً، لقد نجحت في تدبر أمرك بادعاءات كاذبة. لا ينبغي لك أبدًا أن تعلن عن موقفك أيًا كان ما يقوله رئيسك. إذا كنت تتناول وجبة طعام مع الرئيس وكان يريدك أن تحدد موقفك من أمر ما، فقل له: "لقد أكلت كمية كبيرة من الأرز، إن نسبة السكر في دمي مرتفعة وأشعر بشيء من الدوار في رأسي، لذا لم أسمع بوضوح ما قلته للتو. فهل يمكننا مناقشة الأمر في المرة القادمة أيها الرئيس؟" كن غامضًا معه فحسب. إذا أرسل المدير شخصًا ما لمعرفة آرائك فيه أو في لجنة الحزب أو السياسات الوطنية، فهل يجب عليك التعبير عن أي آراء؟ (لا). يجب أن يكون موقفك العلني هو أنه ليس لديك آراء، لكن ماذا عن موقفك الحقيقي؟ حتى إذا كانت لديك آراء، فلا تخبره بها: هذا يسمى بخداع شبح. هناك مقولة مجازية مفادها: "وضع زهور بلاستيكية على قبر شخص ما خداع للأشباح"، أليس هذا صحيحًا؟ عندما تواجه مشكلات كبرى تخص الصواب والخطأ، على الرغم من أن لديك مواقف ووجهات نظر، لا ينبغي أن تعبر عنها. لماذا؟ لأن هذه الأمور لا علاقة لها بالإيمان بالله، ولا علاقة لها بالحق، وكلها أمور من عالم الأبالسة، ولا علاقة لنا نحن المؤمنين بها. لا يهم ما هي مواقفنا، المهم أن هذه الأمور لا علاقة لنا بها، ورغم أنه قد يكون لنا موقف، فهو في حقيقته فهمًا وتمييزًا لجوهرها؛ موقفنا ومبدأنا في الممارسة هو الابتعاد عنها ورفضها ورفض تأثيرها وسيطرتها. وبخصوص مواقف الناس الآخرين فلا علاقة لنا بها؛ فهذا شأن عالم الأبالسة ولا علاقة له بالمؤمنين بالله. هذه الأمور لا تتضمن السعي إلى الحق، ولا الخلاص، فضلًا عن أي موقف من الله تجاهك؛ لذا، فإنك لا تحتاج إلى أن يكون لك أي موقف، ولا تحتاج إلى التعبير عن أي موقف. يمكنك ببساطة أن تضحك وتقول: "أيها الرئيس، تفكيري ضحل، وذهني مشوّش؛ لقد درست السياسة لفترة طويلة، لكنني لم أختبر قط أي ثورة سياسية في أفكاري، ولهذا ما أزال بوصفي شخصًا عاديًا غير قادر على فهم السياسات العليا أو فهم ما تعنيه. أطلب عفوك". هذه إجابة كافية. هل هذا خداع للشبح؟ (نعم). أو يمكنك أيضًا أن تقول: "عينا الرئيس لامعتان، وعيون الناس ترى بوضوح، لكنني الوحيد الذي في عينيه نظرة حائرة: أنا غير قادر على رؤية أي شيء أو فهمه! أنا لست عضوًا في الحزب، لذا لا أملك روح الحزب. لا أستطيع فهم هذه الأشياء. تحدث إلينا أيها الرئيس، فلك الأفضلية علينا. كل ما تقوله، سنستمع إليه وننفذه. هذا جيد لي بما فيه الكفاية". أليس هذا بسيطاً؟ هل يحقق مبدأ عدم إعلان المرء عن موقفه؟ (نعم، يحقق ذلك). هذا الأداء الظاهري وعدم توضيح موقفك يسمحان لك بحماية نفسك. هل يعرف الرئيس ما الذي تقصده به؟ إنه لا يعلم. إنه يعتقد أنك مجرد أحمق، ويفكر: "هذا الشخص لا يسعى للتقدم. معظم الناس كانوا لينالوا بالفعل مع مثل هذه الظروف المواتية ترقية إلى منصب أعلى، وربما حتى منصب عمدة. يمكن لهذا الزميل أن يكون محافظًا في مقاطعة، لكنه لا يريد أن يترقى، ويواصل التظاهر بالغباء ولا يقترب من التنظيم؛ إنه نموذج للشخص الأحمق!" ماذا ستفكر في قلبك؟ "أنا أحمق في عينيك. لكن في نظر الله، أنا حمامة بسيطة. أنا أكثر قيمة منك. أيها الإبليس العجوز، أنت تشغل منصبًا رسميًا وتشارك في القليل من السياسة، وتظن أن هذا يجعلك أعلى مكانة مني. أنت لا تزيد في نظري عن جرادة صغيرة!" هل يمكنكم قول ذلك؟ (لا، لا يمكننا). لا يمكنك قول ذلك. انتبه لأن الجدران لها آذان؛ يمكنك التحدث إلى كلب في المنزل والاكتفاء بهذا. قليلون جدًا هم الأشخاص الذين يمكنك الوثوق بهم في هذا العالم أو الاطمئنان إليهم؛ لذا، عندما تواجه مشكلات أساسية تتعلق بالمبادئ، سواء في الأوساط السياسية أو في أي مجموعة اجتماعية، يجب أن تتعلم ألا تعلن عن موقفك، وبخاصة عندما يتضمن الأمر السياسة أو السلطة أو الانحياز إلى طرف. يجب عليك بالتأكيد ألا تجعل موقفك واضحًا. إذا فعلتَ، فسيكون الأمر كأنك وضعت نفسك فوق اللهب لكي تُشوى. كيف يكون شعورك إن وضِعت فوق اللهب لتُشوى؟ إذا أردت أن تعرف، فلتتخذ موقفًا وتنتظر. أليس هذا هو الحال؟ (بلى). هل من الممكن ألا تعلن عن موقفك؟ يعتمد ذلك على ما تسعى إليه في قلبك. إذا كنت تسعى بصدق إلى مهنة رسمية، إذا كنت تريد أن تصبح مسؤولاً، فلن تتخذ موقفاً فحسب، بل ستعبر أيضاً عن موقفك بوضوح، وستفعل ذلك أمام رئيسك، وستصعد إلى الأعلى؛ إذا كان الأمر كذلك، فسينتهي بك الأمر إلى أن تكون مصدر خيبة أمل كبيرة. أنت لا تبتعد عن السياسة، بل تشارك فيها. إذا كنت تشارك في السياسة، فامض واخرج. لا تمكث في بيت الله. أنت عديم الإيمان، وتنتمي إلى العالم وإلى الأبالسة، وليس إلى بيت الله؛ لست من شعب الله المختار. صحيح أنك تمكث في بيت الله، لكنك تسللت إليه لأنك أردت شيئًا لتأكله، ولتتلقى البركة؛ مثل هذا الشخص غير مرحب به هنا. لكن، على العكس من ذلك، إذا كنت تتمتع بمؤهلات شخصية ممتازة ولديك فرص كثيرة لتصبح مسؤولاً وتبدأ حياة مهنية، ومع ذلك يمكنك أن تتجنب الاقتراب والمشاركة والانحياز إلى طرف واتخاذ موقف، فأنت قادر على تحقيق الابتعاد عن السياسة. هل تتذكر هذه المبادئ؟ هل هي قابلة للتنفيذ؟ (نعم، إنها كذلك). مثلما ترى، كل من في الأوساط السياسية الذين يرغبون دائمًا في استعراض أنفسهم والتميز، وكذلك أولئك الذين يرغبون في التعبير عن وجهات نظرهم ومواقفهم، ولديهم رغبة قوية للغاية في التعبير عن أنفسهم؛ كلهم ليس لهم سوى هدف واحد: إنهم يريدون أن يتبوؤوا منصبًا رسميًا. بعبارة لطيفة، هم يريدون المشاركة في السياسة؛ لكنهم في الواقع يريدون فقط أن يشغلوا منصبًا رسميًا، وأن يتمتعوا بالسلطة، وأن ينعموا بحياة جيدة من خلال منصبهم. إنهم يريدون استخدام مناصبهم لتحقيق أهداف شخصية مختلفة وزيادة هيبتهم. أليس هذا هو الحال؟ (بلى، هو كذلك). بعض الناس ليس لديهم مستوى قدرات جيد للغاية؛ إنهم معيبون. ورغم ذلك، فهم لا يزالون يرغبون في أن يصبحوا مسؤولين ويشاركوا في السياسة. ونتيجة لذلك، فإنهم يعتمدون على جهودهم ويتسلقون إلى أعلى بأي ثمن؛ فهم يتملقون رؤساءهم، ويتصرفون كأتباع شخصيين للمسؤولين الحكوميين. وفي النهاية، يحققون هدفهم في المشاركة في السياسة ويحققون حلمهم في الحصول على منصب رسمي.

فيما يتعلق بالابتعاد عن السياسة، قدمنا شركة حول خمسة مبادئ. المبدأ الأول هو عدم الانضمام إلى أي حزب. مثلما ترى، ينتمي جميع حكام الدول إلى حزب سياسي، فضلًا عن قادة الدول الاستبدادية، الذين ينتمون أيضًا إلى حزب سياسي. لذلك فإن المبدأ الأول للابتعاد عن السياسة هو عدم الانضمام إلى أي حزب. ألم أقل ذلك للتو؟ (بلى). إذن، ما المبدأ الثاني؟ (عدم الاقتراب منهم). لا تقتربوا منهم أو من الأوساط السياسية. ما المبدأ الثالث؟ (عدم المشاركة). هذا صحيح، عدم المشاركة في أي من أنشطتهم أو حركاتهم أو نقاشاتهم الأيديولوجية، أي عدم الانخراط معهم. ما المبدأ الرابع؟ (عدم الانحياز إلى أي طرف) لا تنحز إلى أي طرف، دعهم يتجادلون حول من على صواب ومن على خطأ، باختصار، لا تنحز إلى أي طرف. ما المبدأ الخامس؟ (عدم إعلان المرء عن موقفه). عدم إعلان المرء عن موقفه. يقول أحدهم: "ألست مصدر إزعاج فحسب إذا لم تعلن عن موقفك؟ فتقول: "ليس لديّ رأي، أنا مجرد شخص عادي، لم أحظ بقدر كبير من التعليم، وطريقتي في التفكير ليست بالعظيمة؛ فأي رأي يمكن أن يكون لديّ؟ أنا مجرد مواطن عادي، دعني وشأني". لا يكون لديك رأي في أي وقت من الأوقات. عندما يُطلب منك أن تتخذ موقفًا، تتظاهر بأنك تغط في نومك، بأنك نائم، وعندما يرى الناس أنك غير مهتم بالتقدم، لن يطلبوا منك أن تدلي برأيك، وهذا أمر مناسب تمامًا، أليس كذلك؟ كم عدد هذه المبادئ إجمالاً؟ (خمسة). إذا اتبعت هذه المبادئ الخمسة، يمكنك الابتعاد عن السياسة وعدم التأثر بأي قوى سياسية أو الخضوع لسطوتها وسيطرتها عليك. إذا طبقت هذه المبادئ الخمسة فستتمكن من الابتعاد عن السياسة، سواء كنت تتعامل مع الأوساط السياسية في القمة أو في القاع. ينطبق هذا الموضوع على الحياة المهنية للفرد؛ وحتى لو لم تكن لديك مهنة، فستظل هذه المبادئ كما هي بالطبع، دون تغيير. حتى إذا كنت عاطلاً عن العمل، فلا يزال عليك ممارسة هذه المبادئ للابتعاد عن السياسة، فالمبادئ لا تتغير. إذن، لماذا يجب عليك الابتعاد عن السياسة؟ ما السياسة؟ إنها صراع، لعبة قوة. السياسة هي مؤامرة واستراتيجية. ما السياسة أيضًا؟ السياسة هي أيضًا تلك الحركات أو الأنشطة التي تثيرها مختلف القوى. كما ترى، أنتم لا تستطيعون حتى أن تشرحوا ما السياسة؛ ورغم ذلك، فإنَّ التنين العظيم الأحمر يتهم الناس في الكنيسة بالتورط في السياسة. أليس هذا سخيفًا؟ أليس من السهل أن يتصيدوا الأخطاء عندما يريدون ذلك؟ (بلى). من الجلي أن هذا اتهام باطل. إنَّ بعض الحمقى مشوشي الذهن بعد أن يستمعوا إلى الكلمات الشيطانية للتنين العظيم الأحمر، يقعون تحت قيوده ولا يجرؤون على تطبيق التمييز عليه أو على الشيطان. إنهم يختبئون في ركن كلما طُرح موضوع تمييز التنين العظيم الأحمر أو الشيطان، ولا يجرؤون على فتح أفواههم؛ إنما يتنحنحون فقط أو يتظاهرون بالارتباك. لماذا يتظاهرون؟ ليسوا بحاجة إلى التظاهر: إنهم لا يفهمون حتى ما هي السياسة، فكيف يمكنهم المشاركة في السياسة؟ هل يمكن لشخص مشوش الذهن مثلهم أن يشارك في السياسة؟ لذلك، بالنسبة إلى معظم الناس العاديين، فإن الابتعاد عن السياسة أمر يمكن تحقيقه في الواقع. لقد أكدنا للتو على نقطة واحدة بالأساس، وهي عدم القيام بأي شيء أحمق، وتجنب الانخراط في السياسة دون معرفة، أو الانجراف إلى السياسة دون علم، وأن تصبح في النهاية كبش فداء أو ضحية دون أن تفهم ما حدث. لذا، فإن سبب تقديمنا شركة حول هذه المبادئ هو، من ناحية ما، أن نعلمك أن ذكاءك لا يكفي ببساطة لفهم الجوهر الحقيقي للسياسة؛ ومن ناحية أخرى، إذا مارست هذه المبادئ، فستتمكن من حماية نفسك بشكل أفضل وستتجنب أن تُستغَل في أي موقف، أو في المواقف التي تكون فيها غير عالم أو جاهل. بمجرد الالتزام بهذه المبادئ، يمكنك ضمان سلامتك النسبية في أي مجموعة. ليست هذه المبادئ إذن هي تميمة حمايتك فحسب، بل هي أيضًا المبادئ التي يحثك الله على اتباعها في مجال السياسة. وباتباع هذه المبادئ، يمكنك التمتع بالمنافع التي يجلبها لك الحق، ويمكن القول أيضًا إنك في حفظ الله. يمكنك اختيار ممارسة هذه المبادئ الخمسة إذا شعرت أن حفظ الله مبهم وفارغ، ولا يمكنك رؤيته أو الشعور به. وبهذه الطريقة، يمكنك أن تختبر حفظ الله حقًا، وهو نوع من الحفظ أكثر واقعية. لا يقتصر الأمر على استخدام كلام الله لحماية نفسك فحسب، بل أيضًا حماية نفسك من خلال ممارسة كلام الله والالتزام بمبادئ الحق التي كشفها الله لك. على أي حال، يتحقق الهدف النهائي وتتمكن، من خلال الابتعاد عن السياسة، من أن تحفظ نفسك آمنًا من جماعات الشر، وأن تتجنب مختلف الفتن والأزمات، ومن ثم تهدئ نفسك وعقلك أمام الله في حالة من الهدوء والسلام والأمان، حتى تتمكن من السعي إلى الحق. أما إذا كنت أحمق ولا تعرف كيف تتبع المبادئ التي علّمك الله إياها، وتحاول أن تبرز وتستعرض نفسك بشكل عشوائي، وغالبًا ما تتصرف بدون حكمة وتتورط في مختلف النزاعات والصراعات النابعة من السياسة والجماعات، وكنت غالبًا ما تقع في مختلف الفخاخ والتجارب، وكانت هذه الأمور تجتاح حياتك اليومية وتربكها، وكنت تقضي كل وقتك في معالجة هذه الصراعات التي تنطوي على نزاعات واضطرابات والتعامل معها، فيمكن القول إن قلبك لن يأتي أمام الله أبدًا، ولن تهدأ حقًا أمامه أبدًا. إذا كنت لا تستطيع تحقيق هذا القدر اليسير، فلا أمل لك في إدراك كلام الله، والتعمق في الحق أو فهمه، وممارسة الحق، والشروع في طريق السعي إلى الحق لكي تُخلَّص. إذا وقعت في براثن هذه الأشياء، فهذا بمثابة الوقوع في براثن الشيطان. ستبتلع هذه الأشياء آخرتك النهائية إذا لم تكن لديك المبادئ للتعامل مع هذه الأمور. ستتورط حياتك اليومية وقلبك وحياتك في هذه النزاعات والصراعات. كل ما ستفكر فيه هو كيفية التخلص من هذه الأشياء، وكيفية قتال هؤلاء الناس والجدال معهم، وكيفية إثبات براءتك والمطالبة بالعدالة. ونتيجةً لذلك، كلما زاد تورطك في هذه الأمور، زادت رغبتك في إثبات براءتك بسرعة والمطالبة بالعدالة والحصول على تفسير، وزاد اضطراب قلبك وتعقيده. وكلما كانت بيئتك الخارجية أكثر تعقيدًا، زاد تعقيد كيانك الداخلي؛ وكلما كانت بيئتك الخارجية أكثر فوضوية، زادت فوضوية كيانك الداخلي. بهذه الطريقة، سينتهي أمرك بالكامل، وسيتحكم بك الشيطان ويأسرك. إذا كنت لا تزال ترغب في السعي إلى الحق وأن تُخلَّص، فسيكون ذلك مستحيلًا! ستكون عديم القيمة تمامًا، وغير قابل للخلاص. بحلول ذلك الوقت، ستقول: "أنا نادم على كل شيء. ليس الوسط السياسي للشيطان سوى مستنقع! لو كنت أعرف، لاستمعت إلى كلام الله". لقد أخبرتك منذ وقت طويل، لكنك لم تصدقني. لقد أصررت على الحصول على تفسير منهم، وعلى كلمة منصفة وكلمة مديح وتقدير من أفواههم. لقد رفضت الالتزام بالمبادئ والمعايير التي أخبرك الله بها، لذلك أنت تستحق أن يسحبوك معهم حتى تموت. ففي النهاية، سيُدمَّر الشيطان، وستُدمَّر أنت معه، وتصبح ذبيحته الجنائزية. أنت تستحق ذلك! من جعلك تتبع الشيطان؟ من جعلك تطلب تفسيرًا من الشيطان؟ من جعلك بهذه الحماقة؟ أعطاك الله الحكمة، لكنك لم تطبقها. أعطاك المبادئ، لكنك لم تلتزم بها. أصررت على السير في طريقك الخاص ومحاربة هؤلاء الناس بعقلك ومواهبك وملكاتك. هل يمكنك هزيمة الشيطان؟ وعلاوةً على ذلك، فإن محاربة الشيطان ليست ما ائتمنك الله عليه. ما ائتمنك الله عليه هو اتباع طريقه لا محاربة الشيطان؛ فمحاربتك له لا قيمة لها. لا يذكر الله هذا. حتى لو هزمته، فلن تنال الخلاص. هل تفهمون الآن؟ لذلك، في مجال السياسة وأوساطها، لا بد أن تتذكروا هذه المبادئ التي يجب على الناس اتباعها. أولئك الذين يؤدون واجبهم حاليًا بدوام كامل ربما يجدون أن هذه الكلمات غير واقعية وبعيدة نسبيًا عنكم، لكنها على أقل تقدير تسمح لك بمعرفة ماهية السياسة، والكيفية التي يجب أن تتعامل بها مع السياسة، والكيفية التي يجب أن ترى بها من يعيشون في الأوساط السياسية أو يسعون إلى تطلعات سياسية، والكيفية التي يمكن أن تساعدهم بها في حل مشكلاتهم إذا كانوا مؤمنين بالله. هذه هي الأشياء الأساسية للغاية التي يجب أن تعرفوها. وحالما تفهم هذه المبادئ وتقبلها تمامًا، ستتمكن من مساعدتهم، وعندما تقابل مثل هؤلاء الناس، ستتمكن من التعامل مع مشكلاتهم وحلها باستخدام المبادئ المقابلة لها. حسنًا، دعونا نتوقف هنا في شركتنا فيما يتعلق بموضوع الابتعاد عن السياسة. إلى اللقاء!

18 يونيو 2023

السابق: كيفية السعي إلى الحق (20)

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب