كيفية السعي إلى الحق (9)

آخر مرة اجتمعنا فيها، قدمنا شركة حول الجزء الثاني مما يلزم التخلي عنه في سياق "كيفية السعي إلى الحق"؛ وهو تخلي الناس عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم. وقد أدرجنا في هذا الموضوع أربعة أمور إجمالاً: أولاً- الاهتمامات والهوايات، وثانيًا- الزواج، وثالثًا- العائلة، ورابعًا- الحياة المهنية. في المرة الماضية، قدمنا شركة حول الاهتمامات والهوايات. أحد عناصر تخلي الناس عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم هو مساعي الناس ومُثُلهم ورغباتهم التي تنشأ نتيجة للاهتمامات والهوايات. بعد الاستماع إلى شركتي، هل لدى الجميع موقف ومنظور صحيحين تجاه الاهتمامات والهوايات؟ (نعم). إن الهدف من شركتنا هو التخلي عن المساعي والمُثُل والرغبات التي تنشأ نتيجة للاهتمامات والهوايات، لكن للتخلي عن هذه الأشياء، يجب أن تفهم أولاً ما هي الاهتمامات والهوايات، ثم تفهم كيف يجب أن تتعامل معها، وكيف تتخلى عن هذه الأشياء التي تنشأ نتيجةً لها. لا يهم ما إذا كنا نقدم شركة حول الإيجابي أم السلبي. الهدف باختصار، هو تمكين الناس من استيعاب ماهية الاهتمامات والهوايات، ومن ثم التعامل معها وتطبيقها بشكل صحيح، وإعطائها المساحة أو القيمة المناسبة لوجودها، وفي الوقت نفسه، تمكين الناس من التخلي عن المساعي والرغبات والمثل غير الصحيحة وغير الملائمة التي لا ينبغي أن تكون لديهم، والتي تؤثر في إيمانهم بالله والقيام بواجبهم. يمكن القول إن المساعي والمُثُل والرغبات التي تنشأ من اهتماماتك وهواياتك ستؤثر في حياتك وبقائك ونظرتك إلى البقاء، وبالطبع سيكون لها تأثير أكبر على الطريق الذي تسلكه، وعلى واجبك ومهمتك في هذه الحياة. لذا، من منظور سلبي، فإن المساعي والمُثُل والرغبات التي تجلبها الاهتمامات والهوايات للناس ليست هي الأهداف التي يسعون إليها، ولا هي الاتجاه الذي يسعون إليه، وهي بالتأكيد ليست النظرة إلى الحياة والقيم التي يجب أن يرسخوها في هذه الحياة. من خلال تقديم شركة حول ماهية الاهتمامات والهوايات، أخبر الناس كيف يعرفونها بشكل صحيح ويتعاملون معها، ومن ثم أجعلهم يعرفون ما إذا كانت مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم صحيحة أم لا من منظور تأثير الاهتمامات والهوايات. وهذا يعني أنني أستخدم كلا الجانبين الإيجابي والسلبي لأتيح للناس أن يروا بوضوح كيفية التعامل مع الاهتمامات والهوايات بشكل صحيح. فمن ناحية، إذا كان لدى شخص ما معرفة صحيحة وفهم دقيق للاهتمامات والهوايات، وكان قادرًا على التعامل معها بدقة، فإنه أيضًا يتخلى حقًا عن المثل والرغبات التي تنشأ عن الاهتمامات والهوايات. حالما يكون لديك فهم صحيح للاهتمامات والهوايات، ستكون الأساليب والطرق التي تتعامل بها معها صحيحة وفي توافق نسبيًا مع المبادئ ومع متطلبات الله من الإنسان. بهذه الطريقة، ستُمكَّن من التخلي عن المساعي والمُثُل والرغبات التي تنشأ عن الاهتمامات والهوايات بطريقة إيجابية. إضافةً إلى ذلك، تتيح لك هذه الشركة أيضًا أن ترى بوضوح مختلف التأثيرات الضارة التي تجلبها المساعي والمُثُل والرغبات التي تنشأ عن الاهتمامات والهوايات، أو التأثير المضاد السلبي الذي ينتج عنها، مما يتيح لك بعد ذلك التخلي عن هذه المساعي والمُثُل والرغبات غير الملائمة بشكل فعال. بعد شركتنا حول كل هذا، أليس هناك البعض ممن سيقولون: "لدى كل مختلف أنواع الناس في هذا العالم اهتمامات وهوايات مختلفة، وتؤدي اهتماماتهم وهواياتهم الفردية إلى مساعٍ ومُثُل ورغبات مختلفة. لنفترض أننا سلكنا بحسب طريقتنا الحالية في التفكير، ولم يكن الناس قد سعوا وراء مُثُلهم ورغباتهم، هل كان هذا العالم سيتطور؟ كيف كان سيمكن لمجالات مثل التكنولوجيا والثقافة والتعليم في البشرية، والتي تمس بقاء البشرية وحياتها، أن تتطور رغم ذلك؟ هل كان البشر سيظلون قادرين على الاستمتاع بنمط حياتهم الحالي؟ هل كان العالم سيتطور إلى هذه الحالة الحالية؟ ألم يكن العالم ليصبح مثل مجتمع بدائي؟" هل كنا سنحظى بنمط الحياة البشرية الحديثة الحالية؟ هل هذه مشكلة؟ من المحتمل أنه أيًا كان الموضوع الذي نقدم حوله شركة، فإنكم جميعًا تقبلونه من منظور "كلام الله هو الحق، ويجب علينا قبوله والخضوع له"، لذلك في معظم الأحيان، لا يكون لديكم آراء مختلفة تدحضون بها الكلام الذي أقوله لكم في الشركة. لكن ذلك ليس الشيء نفسه كعدم وجود أي أحد – أو عدم وجود طرف ثالث – من شأنه أن يطرح مثل هذه الشكوك، أليس كذلك؟ إذا كان هناك فعلًا مَن طرح مثل هذا السؤال، فكيف ستجيبون؟ (أشعر أن المنظور الذي يعبر عنه هذا السؤال خاطئ، لأن اهتمامات الناس وهواياتهم لا تتحكم في تطور التكنولوجيا، ولا تتحكم في تقدم العصور. إن كل تطور التكنولوجيا وتقدم العصور تحت سيادة الله. لا يمكنك القول إنَّ شخصًا ما لديه اهتمام أو هواية يمكنه دفع تطور العالم إلى الأمام، وأن بإمكانه تغيير العالم). أنت تتحدث على المستوى العياني. هل توجد أي طرق مختلفة للنظر إلى الأمر؟ يعتمد ذلك على ما إذا كنت تفهم الحق فعلًا أم لا. هل تعتقدون أن غير المؤمنين سيطرحون مثل هذا السؤال بعد سماع كلمات الشركة هذه؟ (على الأرجح). وإذا طرحوا هذا السؤال، فكيف يمكنك الإجابة في توافق مع الحقائق الموضوعية ومع الحق؟ إذا لم تتمكن من الإجابة، فسيقولون إنك قد ضُلِّلت. عدم قدرتك على الإجابة يثبت حقيقة واحدة على الأقل، وهي أنك لا تفهم هذا الجانب من الحق. ألستم غير قادرين على الإجابة؟ (نحن غير قادرين). إذن فلنتحدث عن هذه المسألة.

يقول بعض الناس: "إذا لم يسعَ البشر وراء مُثُلهم، فهل كان العالم سيتطور إلى حالته الحالية؟" الجواب هو "نعم". أليس ذلك بسيطًا؟ (إنه كذلك). ما التفسير الأبسط والأكثر صراحة لهذه الـ"نعم"؟ إنه سواء كان البشر يسعون وراء مُثُلهم أم لا، فليس لذلك أي تأثير على العالم، لأن تطور العالم حتى الوقت الحاضر لم تدفعه إلى الأمام وتقوده مُثُل البشر، بل إن الخالق هو الذي قاد البشرية إلى الحاضر، إلى يومنا هذا. وبدون مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم كان البشر سيصلون إلى اليوم على أية حال، لكن لولا قيادة الخالق وسيادته ما وصلوا إلى اليوم. هل مثل هذا التفسير مناسب؟ (نعم). ما المناسب فيه؟ هل يجيب عن السؤال؟ هل يفسر جوهر السؤال؟ إنه لا يفسره؛ بل هو فقط يجيب عن السؤال نظريًا، فيما يمكن تسميته بمصطلحات الرؤيا. لكن ثمة تفسير أكثر تفصيلاً وجوهري لم يُعَّبر عنه. ما ذلك التفسير المفصّل؟ لنتحدث أولاً ببساطة. إن الناس في البشرية جمعاء يتبعون نوعهم، فلكل نوع من الأشخاص مهمته الخاصة. مهمة المؤمنين بالله هي أن يشهدوا لسيادة الخالق، وأن يشهدوا لأعماله، وأن يكملوا ما ائتمنهم عليه، وأن يقوموا بواجبهم جيدًا، وأن يُخلَّصوا في النهاية. هذه هي مهمتهم. وللتحدث بمزيد من التفصيل، مهمتهم هي أن ينشروا كلمة الله وعمله، وأن يتخلصوا من شخصيتهم الفاسدة ويُخلَّصوا من خلال قبول قيادته واختبار عمله. هذا النوع من الناس يختاره الله. إنه هذا النوع من الأشخاص الذي يتعاون مع العمل الذي يقوم به الله في عمل تدبير الله. مهمة هذا النوع من الأشخاص هي القيام بواجبهم جيدًا وإكمال ما ائتمنهم الله عليه. يمكن القول إن مثل هؤلاء الناس مجموعة فريدة من بين جميع البشر. هذه المجموعة الفريدة من الناس تحمل مهمة فريدة في عمل تدبير الله، في خطة تدبيره التي تبلغ ستة آلاف سنة؛ فلديهم واجب فريد ومسؤولية فريدة. لذلك عندما أقول أن تتخلوا عن المساعي والمُثُل والرغبات التي تنشأ عن الاهتمامات والهوايات، فأنا أطلب من هؤلاء الناس – وبهم أعني أنتم جميعًا – أن يتخلوا عن المساعي والمُثُل والرغبات الشخصية، لأن مهمتكم وواجبكم ومسؤوليتكم هي في بيت الله وفي الكنيسة، وليس في هذا العالم؛ أي إنكم جميعًا لا علاقة لكم بتطور هذا العالم وتقدمه أو بأي من اتجاهاته. يمكن القول أيضًا إن الله لم ينعم عليكم بأي مهمة تتعلق بتطور هذا العالم وتقدمه. هذا تعيين الله. ما المهمة التي أنعم الله بها على أولئك الذين اختارهم والذين سيخلصهم؟ إنّها أن يقوموا بواجبهم جيدًا في بيت الله، وأن يُخلَّصوا. أحد الأشياء التي يطلبها الله من الناس لكي يُخلَّصوا هي السعي إلى الحق، وإحدى الطرق التي يطلب من الناس أن يسعوا بها إلى الحق هي التخلي عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم. إذن هذه الكلمات والمتطلبات ليست موجهة إلى كل البشر، بل هي موجهة إليكم أنتم، وإلى كل واحد من شعب الله المختار قد انتقاه، وإلى كل من يريد أن يُخلَّص، وهي موجهة بالطبع إلى كل مَن هو قادر على القيام بواجبه في عمل تدبير الله لخلاص البشرية. ما هو الدور الذي يمكنكم أن تلعبوه في عمل خطة تدبير الله؟ أنتم الذين سيخلّصهم الله. إذن عندما يتعلق الأمر بالذين سيخلصهم الله، ماذا يتضمن هذا "الخلاص"؟ إنه يتضمن قبول كلام الله، وتوبيخه ودينونته، وتعيينه، وسيادته وترتيباته، والخضوع لكل كلامه، واتباع طريقه، وفي نهاية المطاف عبادته والحيد عن الشر؛ ومن خلال فعل ذلك ستُخلَّص وتدخل إلى العصر التالي. هذا هو الدور الذي تلعبونه بين جميع البشر، وهذه هي المهمة الفريدة التي أنعم الله بها عليكم من بين جميع الناس. وبالحديث من منظوركم، فهذا بالطبع نوع خاص من المسؤولية والواجب يقع على عاتقكم من بين جميع البشر. هذا هو تناول هذه المسألة من منظور أولئك الذين انتقاهم الله من شعب الله المختار. ثانياً، من بين جميع البشر، أعطى الله هذه المجموعة الفريدة من الناس مهمة فريدة. إنه لا يحتاج لأن يكون لديهم أي التزام أو مسؤولية تجاه تطور العالم أو تقدمه أو أي شيء آخر له علاقة بالعالم. وإلى جانب هذه المجموعة الفريدة من الناس، فقد منح الله مهامًا مختلفة لبقية الناس الذين لم يخترهم من جميع الأنواع، بغض النظر عن جوهر طبيعتهم. في الفترات الزمنية المختلفة للبشرية، وفي البيئات الاجتماعية المختلفة، وبين مختلف الأعراق، تجعلهم مهامهم المختلفة يلعبون جميع أنواع الأدوار، مالئين جميع مناحي الحياة. وبسبب مختلف الأدوار التي عيّن الله لهم تأديتها، فإن لكل منهم اهتماماته وهواياته الخاصة. وفي ظل الشروط المسبقة لتلك الاهتمامات والهوايات، تنشأ فيهم جميع أنواع المساعي والمُثُل والرغبات. ولأن لهم كل أنواع المساعي والمثل والرغبات، في عصور مختلفة وفي بيئات اجتماعية مختلفة، ينتج العالم جميع أنواع الأشياء الجديدة والصناعات الجديدة- مثل التكنولوجيا والطب والأعمال والاقتصاد والتعليم، أو الصناعات الخفيفة كالنسيج والحرف اليدوية، وكذلك الطيران والصناعات البحرية وما إلى ذلك. ومن ثمَّ، فإن الشخصيات الرائدة والأفراد المتميزين والمتحمسين الفريدين الذين يظهرون في كل مجال نتيجةً لمختلف مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم لهم مهامهم الخاصة في أوقات مختلفة وفي ظل بيئات اجتماعية مختلفة. وفي الوقت نفسه، هم أيضًا يتممون مهمتهم باستمرار في بيئتهم الاجتماعية الخاصة. وبهذه الطريقة، ففي مختلف الفترات الزمنية للبشرية والبيئات الاجتماعية، يتطور المجتمع ويتقدم باستمرار نتيجةً لتحقق مساعي هؤلاء الأفراد الفريدين ومُثُلهم ورغباتهم. وبالطبع، فإن هذا يجلب للبشرية باستمرار نوعيات مختلفة من الحياة المادية. على سبيل المثال، لم تكن توجد كهرباء قبل بضع مئات من السنين، لهذا كان الناس يستخدمون المصابيح الزيتية. في هذه الظروف الفريدة، جاء شخص فريد واخترع الكهرباء، وبدأت البشرية في استخدام الكهرباء للإضاءة. وكمثال آخر، ففي بيئة اجتماعية معينة، ظهر شخص آخر فريد رأى أن الكتابة على شرائح الخيزران كانت متعبة للغاية، وتمنى أن يأتي يوم فيه يستطيع المرء الكتابة على سطح رقيق ومستوٍ يكون مريحًا وسهل القراءة على حدٍ سواء. بدأ بعد ذلك في البحث في تقنيات صناعة الورق، ومن خلال بحثه المستمر واستكشافه وتجاربه اخترع الورق في نهاية المطاف. ثم كان هناك أيضًا اختراع المحرك البخاري؛ في فترة زمنية فريدة، جاء شخص فريد اعتقد أن العمل باليد كان مرهقًا للغاية ومهدرًا جدًا للطاقة البشرية وغير فعال للغاية. لو أنه كانت هناك آلة أو طريقة أخرى يمكن أن تحل محل العمل البشري، لوفر الناس الكثير من الوقت ولتمكنوا من القيام بأشياء أخرى. وهكذا، مع البحث والاستكشاف، اختُرِع المحرك البخاري، ثم اختُرعت واحدة تلو الأخرى جميع أنواع الأشياء الميكانيكية التي استخدمت مبادئ الحركة الخاصة بالمحرك البخاري. أليس ذلك صحيحاً؟ (إنه كذلك). وهكذا، في أوقات مختلفة، فإن التحقق والتثبت المستمرين لمساعي ومُثُل ورغبات شخص واحد فريد أو مجموعة فريدة من الناس تؤديان تدريجياً وباستمرار إلى التقدم والتطور في كل من الصناعات الخفيفة والثقيلة، مما يؤدي إلى تحسين نوعية الحياة وظروف معيشة البشرية جمعاء بشكل مستمر. فالصناعات الخفيفة، مثل المنسوجات والحرف اليدوية، تتطور الآن إلى مستويات متزايدة من الجودة والدقة والإتقان، ويزداد استمتاع البشرية بها. والصناعات الثقيلة، مثل جميع أنواع وسائل النقل، كالسيارات والقطارات والبواخر والطائرات، تجلب إلى حياة الناس سهولة كبيرة، جاعلةً تنقل الناس سهلاً ومريحًا. هذه هي العملية الحقيقية والمظهر التفصيلي لتطور البشرية. باختصار، سواء كانت صناعة خفيفة أو صناعة ثقيلة – أيًا كان الجانب – فإن كل شيء يبدأ ويُنتَج عن طريق اهتمامات وهوايات شخص واحد فريد أو مجموعة من الأشخاص الفريدين. وبسبب اهتماماتهم وهواياتهم الفريدة، فإن لديهم مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم الخاصة. وفي الوقت نفسه، وبسبب مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم الفريدة، في مختلف العصور الزمنية للبشرية وفي البيئات الاجتماعية التي يعيشون فيها، فإن المجالات المختلفة بينهم تؤدي إلى ظهور أشياء أكثر تقدمًا من جميع الأنواع، وأشياء مواتية بدرجة أكبر، وأشياء أكثر نفعًا لرفع جودة الحياة بين جميع البشر. وهذا يجلب السهولة للبشرية ويرفع من جودة حياتهم. لن نتحدث عن كل هذا، بل سنلقي نظرة على أصول هؤلاء الأفراد الفريدين. من أين يأتي هؤلاء الأفراد الفريدون في الفترات الزمنية المختلفة؟ أليسوا معينين من الله؟ (إنهم كذلك) هذه النقطة مؤكدة بلا أدنى شك، ولا يمكن لأحد أن ينكرها. وبما أنهم معينون من الله، فإن مهامهم مرتبطة أيضًا بتعيين الله. ماذا تعني عبارة "مرتبطة بتعيين الله"؟ إنها تعني أن الله قد أنعم على هؤلاء الأفراد الفريدين بمهام فريدة، مما جعلهم يخرجون في أوقات معينة، ويفعلون ما يريدون في أوقات معينة، ومن ثم يحفزون البشرية في أوقات مختلفة من خلال الأشياء الفريدة التي يقوم بها أولئك الأفراد. وبسبب هؤلاء الأفراد الفريدين، يخضع العالم باستمرار لتغييرات وتجديدات دقيقة. هذه هي الطريقة التي تتطور بها البشرية.

ما الفرق بين أولئك الذين لديهم هذه الاهتمامات والهوايات الفريدة وبين الشعب المختار الذي انتقاه الله؟ الفرق هو أنه على الرغم من أن الله قد عيّن لهؤلاء الأشخاص مهمة فريدة، فهم ليسوا من عيّنهم للخلاص، لذلك فإن متطلباته منهم هي فقط أن يقوموا بشيء فريد في عصرهم الفريد وزمنهم الفريد. يكملون مهمتهم، ثم يرحلون في وقتهم الفريد. وفي أثناء حياتهم على الأرض، لا يقوم الله بعمل الخلاص عليهم. هم فقط لديهم مهمة لتطور هذا المجتمع والبشرية وتقدمهما، أو لتغيير ظروف المعيشة للبشرية في فترات مختلفة. لا علاقة لهم على الإطلاق بعمل خلاص البشرية في خطة تدبير الله، لذلك مهما كان نوع المهمة التي يكملونها، ومهما كانت مساهماتهم للبشرية عظيمة، أو مدى عمق تأثيرهم على البشرية، فلا علاقة لهم بعمل الله لخلاص البشرية. إنهم ينتمون إلى العالم واتجاهاته وتطوره وكل من مجالاته وصناعاته؛ لا علاقة لهم بعمل الله لخلاص البشر، فلا علاقة لهم بكل كلمة يتكلم بها، أو كل كلمة يقدمها للبشر، أو الحق والحياة اللذان يعبر عنهما، أو مختلف المتطلبات التي هي لديه من البشر. ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أن أقوال الله للبشرية جمعاء، وإلى الكون بأسره، وصولاً إلى المتطلبات المحددة والمبادئ التي يتحدث عنها، ليست موجهة إلى جميع الناس، ناهيك بالطبع عن أن تكون موجهة إلى هؤلاء الناس الفريدين الذين لهم دور مهم في تطور المجتمع البشري. كلام الله – الحق والطريق والحياة – ليس موجهًا سوى للشعب المختار الذي انتقاه. تُفسَّر هذه المسألة بسهولة: كلام الله موجه إلى مَن يختاره أيًا كان، ومن يريد تخليصه أيًا كان، ومن يريد له أن يُخلَّص أيًا كان. إذا كان الله لم يختر شخصًا ما، وإذا كان لا يخطط لخلاصه، فإن كلمات الحياة هذه لا تُقال له؛ ليس له نصيب فيها. هل تفهمون؟ (نعم). هؤلاء الأفراد الفريدون لديهم اهتمامات وهوايات فريدة، لذلك لديهم مساعٍ ومُثُل ورغبات مختلفة وأسمى من تلك التي لدى الناس العاديين. ولأن لهم هذه المساعي والمثل والرغبات الفريدة، ولأن لهم اهتمامات وهوايات مختلفة أو فريدة، فإنهم يلعبون دورًا مهمًا في مسار تطور المجتمع البشري، وبالطبع، يكملون مهامهم المهمة في عصور مختلفة. وبغض النظر عما إذا كانوا سيكملون مهامهم في نهاية المطاف بمستوى مقبول أم لا، فهم الوحيدون الذين لهم علاقة بالمساعي والمثل والرغبات التي تنشأ بسبب هذه الاهتمامات والهوايات. ولأن هؤلاء الناس لديهم مهام فريدة، يجب أن يحققوا مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم في أوقات معينة وفي ظل ظروف اجتماعية معينة. هذه هي المهمة التي ينعم الله بها عليهم، والمهمة التي يضيفها إليهم، هذه هي مسؤوليتهم، وهذه هي الطريقة التي يجب أن يتصرفوا بها. ومهما بلغ مقدار الضغط الذي تتحمله أجسادهم أو قلوبهم أو عوالمهم العقلية، ومهما كان الثمن الذي يدفعونه في سبيل سعيهم إلى تحقيق مُثُلهم ورغباتهم عظيمًا، فإنهم جميعًا سيكملون المهمة التي يجب عليهم أن يكملوها – أو لا بد لهم من ذلك – لأن هذا هو تعيين الله. لا يمكن لأحد أن يهرب من تعيين الله، ولا يمكن لأحد أن يهرب من سيادته وترتيباته. لذا، لا علاقة لهم على الإطلاق بما نتحدث عنه فيما يتعلق بالتخلي عن مساعي الناس ومُثُلهم ورغباتهم. ماذا يعني أنه لا علاقة لأحدهما بالآخر؟ يعني أن هذه الكلمات عن التخلي عن مساعي الناس ومُثُلهم ورغباتهم ليست موجهة إليهم. بغض النظر عن الحقبة الزمنية، وبغض النظر عن الظروف الاجتماعية، وبغض النظر عن النقطة التي يتطور إليها البشر، فإن هذه الكلمات من الله لا علاقة لها بهم. هذه الكلمات ليست موجهة إليهم، لذا فإنَّ هذه الكلمات ليست مطلبًا منهم. يجب عليهم أن يكملوا المهمة التي يجب أن يقوموا بها طبقًا لتعيين الله وسيادته وترتيباته. يجب عليهم أن يقوموا بما يتعين عليهم في مختلف الأزمنة وفي ظل الظروف الاجتماعية المختلفة للبشرية الشريرة والفاسدة، وأن يتمموا التزاماتهم، وأن يكملوا المهمة التي يتعين عليهم إكمالها. فهل هم يلعبون دور مؤدي الخدمة أم شخصية الضد؟ لا بأس بأي منهما؛ فباختصار، هم ليسوا من اختارهم الله، ولا هم الذين يريد أن يخلصهم- هذا كل ما في الأمر. إذن، مهما تخلى المؤمنون عن المساعي والمثل والرغبات، فإن ذلك لن يؤخر تطور العالم أو تطور البشرية، وبالطبع لن يؤخر تطور مختلف المجالات والصناعات في مختلف العصور الزمنية والظروف الاجتماعية المختلفة للعالم. أليس هذا هو الحال؟ (إنه كذلك). ما السبب؟ السبب أنَّ تطور البشرية وصناعات المجتمع لا علاقة له بالمؤمنين ولا بالناس الذين اختارهم الله، فلا داعي لأن تقلق: "إذا فعلنا مثلما تقول وتخلينا عن المساعي والمثل والرغبات، فهل سيستمر هذا المجتمع والبشرية في التطور؟" لماذا من شأنك أن تقلق؟ لا داعي لذلك. لدى الله خطط وترتيبات؛ أنت تفهم ذلك، أليس كذلك؟ (بلى). قلقك لا لزوم له، وسببه أنك لا ترى الأشياء بوضوح، وأنك لا تفهم الحق.

ما المساعي والمُثُل والرغبات التي يجب أن تكون لدى المؤمن بالله؟ يجب عليك القيام بواجبك جيدًا، بمستوى مقبول، وأن تكمل ما ائتمنك الله عليه، وأن تسعى إلى الحق وتمارسه في عملية القيام بواجبك، وأن تحقق الدخول إلى واقع الحق، وأن ترى الناس والأشياء وتتصرف وتفعل بالكامل وفقًا لكلام الله، وأن يكون الحق معيارًا لك. هذه هي المساعي والمُثُل والرغبات التي يجب أن تكون لديك. المساعي والمُثُل والرغبات الدنيوية التي تنشأ من الاهتمامات والهوايات هي الأشياء التي يجب عليك التخلي عنها. لماذا تحتاج إلى التخلي عنها؟ أنت مختلف عن الناس خارج الكنيسة؛ لقد اختارك الله، وقد اخترت السعي إلى الحق، واتخذت قرارًا باتباع مسار السعي إلى الحق، لذا فإنَّ أهدافك واتجاهاتك في الحياة يجب أن تختبر تغييرًا، ويجب أن تتخلى تمامًا عن المساعي والمُثُل والرغبات التي تنشأ من الاهتمامات والهوايات. لماذا عليك التخلي عنها؟ لأن هذا ليس بالطريق الذي يجب أن تسير فيه- ذلك طريق غير المؤمنين، أولئك الذين لا يؤمنون بالله. إذا سعيت إلى سير هذا الطريق، فلست واحدًا من أولئك الذين اختارهم الله. إذا سعيت إلى المُثُل والرغبات التي يسعى إليها غير المؤمنين، فأنت لا تستطيع السعي إلى الحق، ولا تستطيع نيل الخلاص. وبعبارة أكثر تحديدًا، إن كنت لا تستطيع التخلي عن مساعيك ومُثلك ورغباتك؛ وعلاوةً على ذلك ترغب في تحقيقها، فأنت غير قادر على الخضوع لعمل الله أو أن تتقي الله وتحيد عن الشر، ولا يمكن أبدًا أن تُخلَّص. ماذا يعني هذا؟ إن عدم مقدرتك على التخلي عن مساعيك ومُثلك ورغباتك، ورغبتك في تحقيقها علاوةً على ذلك، يعادل نبذ سعيك إلى الحق، ونبذ الخلاص وعدم الرغبة في الخضوع لسيادة الله وترتيباته. أليس هذا هو الحال؟ (إنه كذلك). إذن في النهاية، الأمر كما قلت: إذا كنت تريد أن تسعى إلى الحق، فعليك أولاً أن تتخلى عن المساعي والمُثُل والرغبات التي تنشأ من الاهتمامات والهوايات. يجب أن تتخلى عنها، لأن السعي وراء المُثُل والرغبات الدنيوية لا علاقة له بأولئك الذين يسعون إلى الحق والخلاص؛ ليس ذلك بالطريق الذي يجب أن تسيره، وليس بالهدف يجب أن تؤسسه في حياتك ولا الاتجاه الذي يجب أن يكون لديك فيها. إذا كنت كثيرًا ما تخطط له وتحسب له في قلبك، وتُجهد عقلك للتأمل والتفكير فيه، فعليك أن تتركه في أقرب وقت ممكن. لا يمكن أن تكون لديك قدم في كلا المعسكرين بأن تريد السعي إلى الحق ونيل الخلاص بينما تريد أيضًا السعي إلى الدنيا وتحقيق مُثلك ورغباتك الخاصة. بهذه الطريقة، لن يقتصر الأمر على أنك لن تكون قادرًا على نيل أي منهما أو تحقيقه، بل إنه سيؤثر في خلاصك علاوةً على ذلك- وهو الأهم على الإطلاق. في نهاية المطاف، ستفوتك فرصة عمل الله لخلاص البشرية، وتضيّع أفضل فرصة لخلاص الله للبشرية، وتخسر فرصة أن تُخلَّص. في النهاية، ستقع في كارثة، وستقرع صدرك وتدب بقدميك، وسيكون أوان الندم قد فات؛ سيكون هذا هو مصيرك المؤسف. إذا كنت ذكيًا، واتخذت قرارك بالفعل بالسعي إلى الحق، فعليك أن تتخلى عن المُثُل والرغبات التي كانت لديك ذات يوم أو التي لا تزال تسعى إليها. الناس السخفاء والحمقى وغير الحكماء والمشوشون الذهن- هؤلاء الناس يريدون أن يسعوا إلى الحق وأن يُخلَّصوا، لكنهم لا يريدون التخلي عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم الدنيوية. إنهم يريدون الحصول على كلا الأمرين. إنهم يظنون أن التصرف بهذه الطريقة هو اغتنام للفرصة، وأنه تصرف ذكي، بينما هو في الحقيقة أغبى تصرف على الإطلاق. الناس الأذكياء سيتخلون تمامًا عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم الدنيوية ويختارون السعي إلى الحق والخلاص. مهما تكن الدرجة التي يتطور إليها العالم، ومهما تكن حالة الأمور أو تطور المجالات والصناعات المختلفة، فلا علاقة لأي شيء من ذلك بك. دع أولئك الذين ينتمون إلى العالم، أولئك الأبالسة الذين يعيشون على الأرض، يفعلون ما يجب عليهم فعله. هذا الذي سنقوم به هو إتمام الواجب الذي يجب علينا القيام به من جهة، والتمتع بثمار عملهم من جهة أخرى. كم هو رائع! على سبيل المثال، أجهزة الكمبيوتر وبرامجه التي يخترعونها مفيدة جدًا لك في القيام بواجبك وعملك. أنت تأخذها وتستخدمها، وتجعلها في خدمتك؛ تجعلها تساعدك بينما تتمم واجبك، وتجعلها تساعدك في إكمال عملك بشكل أفضل، وتزيد من الكفاءة التي تقوم بها بواجبك، وتحسن نتائجه، بينما توفر مزيدًا من الوقت. كم هذا رائع! لست بحاجة إلى أن تجهد عقلك في البحث عن: "كيف اختُرِع هذا البرنامج؟ مَن مصدره؟" كيف يجب أن أبذل الجهد في هذا البرنامج، أو في هذا المجال التقني؟ إجهاد عقلك على هذا النحو لا فائدة منه. أفكارك وطاقتك غير مخصصة لهذا الأمر. أنت لست بحاجة إلى المساهمة بطاقتك أو خلايا دماغك في هذا الأمر. دع هؤلاء الناس الدنيويين الذين يتعين عليهم فعل ذلك يساهمون؛ وبعد مساهماتهم نأخذ الشيء ونستخدمه. كم هذا رائع! كل شيء جاهز الصنع. رتب الله كل شيء مسبقًا، لكيلا تحتاج إلى السعي إليه، وفي هذه الأمور، لا تحتاج إلى القلق أو بذل الجهد. في هذه الأمور، أنت لا تحتاج إلى أن تأخذ أي شيء على عاتقك، ولا أن تقلق أو تشغل نفسك بأي شيء. كل ما تحتاج إلى عمله هو أن تحسن القيام بواجبك، وأن تسعى إلى الحق، وأن تحقق فهمًا للحق، وأن تدخل إلى واقع الحق. أليس هذا هو أكثر طرق الحياة صوابًا؟ (إنه كذلك).

هل تفهمون الآن مسألة السعي وراء المُثُل والرغبات؟ يقول البعض: "لو لم يسعَ الناس وراء مُثُلهم العليا، هل كان العالم سيستمر في التطور إلى الأمام؟" أنا أقول إنه كان ليظل كذلك. هل تفهمون هذه الإجابة؟ هل تفهمون؟ (نعم). إذن هل ترون أيضًا بشكل واضح جوهر المشكلة التي نتحدث عنها؟ أليس هذا هو الواقع؟ (إنه كذلك). عندما يتعلق الأمر بالكلمة الأخيرة - أي تطور العالم وتقدمه وشؤونه - فليتعامل معه الشياطين الذين ينتمون إلى العالم، أو ما يسمى بـ"البشر" الذين ينتمون إلى العالم. لا علاقة لهذا الأمر بأولئك الذين يؤمنون بالله. ما هي مهمة أولئك الذين يؤمنون بالله ومسؤوليتهم؟ (أن يقوموا بواجبهم بشكل جيد، وأن يسعوا إلى الحق، وأن ينالوا الخلاص). هذا صحيح. هذا محدد وعملي للغاية. أليس هذا الأمر بسيطاً؟ (إنه كذلك). أولئك الذين يؤمنون بالله لا يحتاجون سوى إلى السعي إلى الحق واتباع طريقه، وسوف يخلصون في النهاية. هذه هي مهمتك، وهي أعظم توقعات الله ورجاءه لكم. يرتب الله الأمور المتبقية، لذلك لا داعي للتوتر أو القلق. عندما يحين الوقت، ستتمتعون بكل ما يتعين عليكم التمتع به، وتأكلون كل ما يتعين عليكم أكله، وتستخدمون كل ما يتعين عليكم استخدامه. كل شيء سيتجاوز خيالك وتوقعاتك، وسيكون وفيرًا. لن يتركك الله تفتقر، ولن تكون معوزًا. هناك عدد في الكتاب المقدس يقول إن حمل الرب خفيف. ماذا يقول الأصل؟ ("لِأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيف" (متى 11: 30). أليس هذا هو المعنى؟ (إنه كذلك). إن مطالبتك بالتخلي عن مساعيك ومُثلك ورغباتك ليس المقصود منه أن يجعلك شخصًا متوسط المستوى، ولا أن يجعلك كسولاً، ولا بلا مساعٍ، ولا أن يجعلك جثة متحركة أو شخصًا بلا روح؛ بل المقصود منه تغيير الاتجاه والأهداف الخاطئة لمساعيك. من المفترض أن تتخلى عن المساعي والمُثُل والرغبات التي لا يجب أن تكون لديك، وأن تؤسس المساعي والمُثُل والرغبات الصحيحة. بهذه الطريقة وحدها يمكنك السير على الطريق الصحيح للحياة. هل حُلت هذه المشكلة؟ إذا لم يسع الناس وراء مُثُلهم العليا، فهل سيستمر العالم في التطور؟ الجواب هو "نعم". لماذا؟ (لأن الله قد عيّن مهمة لأولئك الذين ينتمون إلى العالم؛ لأنهم سيقومون بهذا العمل). هذا صحيح، لأن الله له تعيينه وترتيبه، لذلك لا داعي للقلق. فالعالم سيتطور، ولا يحتاج إلى أن يأخذ المؤمنون بالله على عاتقهم هذه المهمة، ليقوموا بهذه المسؤولية والالتزام. لقد رتَّب الله الأمور. لا تحتاجون إلى القلق بشأن من يرتبه الله. يكفيك أن تسعى إلى الحق وتتبع طريق الله وتنال الخلاص. هل أنت بحاجة إلى القلق بشأن أي شيء آخر؟ (لا). لا. لذا، فإن تخلي الناس عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم هو الطريق الذي يجب أن تمارسه. لا داعي لأن تقلق بشأن ما سيحدث للعالم أو للبشرية بعد أن تتخلى عن مُثلك ورغباتك. هذا ليس شيئًا يجب أن تقلق بشأنه. لا علاقة لك به. الله قد رتب الأمور. الأمر بهذه البساطة. هل تفهم؟ (نعم). من خلال الشركة بهذه الطريقة، ألم أحل المشكلة من جذورها؟ (نعم). إذا سألكم شخص ما مرة أخرى، كيف ستنظرون إلى هذه المشكلة وتشرحونها؟ إذا سألكم شخص لا يؤمن بالله قائلًا: "أنتم تتحدثون دائمًا عن عدم السعي وراء المُثُل، والتخلي عن المُثُل والرغبات. لو كان على الجميع أن يمارسوا وفقًا لكم، هل كان العالم سيظل موجودًا؟ هل ستستمر البشرية في التطور؟" عندها يمكنك أن تجيب بقولك: "لكل امرئ ما يصبو إليه؛ ولا يمكن إجباره". هذه مقولة شائعة في العالم. ينبغي أن تقول: "إن الله يطلب من الناس أن يتخلوا عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم؛ هذه هي الحقيقة. إذا كنت على استعداد لقبول ذلك، فيمكنك التخلي عن هذه الأشياء، وإذا كنت غير راغب في قبول هذا، فيمكنك أيضًا أن تختر عدم التخلي عنها. لن يجبر الله أحدًا. إن التخلي عن مساعيك ومُثلك ورغباتك هو أمر طوعي من جانبك، وهو حقك، كما أن عدم التخلي عنها هو أمر طوعي وهو حقك أيضًا. لكل فرد مهمته الخاصة. من بين جميع البشر، لكل شخص مهمته الخاصة، ودوره الخاص الذي يجب أن يلعبه. اختيارات الناس مختلفة، لذا فإن الطرق التي يسلكونها مختلفة. أنت تختار السعي وراء العالم، وتحقيق مُثُلك ورغباتك في العالم، وتجسيد قيمك، بينما أختار أنا أن أتخلى عن مساعيّ ومُثُلي ورغباتي لأتبع الله، وأستمع إلى كلامه، وأتبع طريقه، وأرضيه. سأكون قادرًا في النهاية على نيل الخلاص. أنت لا تسلك هذا الطريق، وأنت حر في ذلك. لا أحد يستطيع أن يجبرك". ما رأيك في هذا الجواب؟ (إنه جيد). إذا كنت تستطيع قبول فكرة "تخلي الناس عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم"، فإن هذا الكلام موجه إليك. إذا كنت لا تستطيع قبولها، فليس هناك ما يشير إلى أنه يجب عليك الاستماع إلى هذه الكلمات وقبولها. يمكنك أن تختر عدم الإصغاء؛ ويمكنك أن تختر أن تتنازل عن عمل تدبير الله لخلاص البشر، وأن تنبذ فرصتك في الخلاص. هذا حقك. يمكنك أيضًا ألا تتخلى عن مساعيك ومُثلك ورغباتك، وأن تخرج إلى العالم وتحققها بكل ثقة وجرأة. لن يجبرك أحد، ولن يدينك أحد. هذا حقك. اختيارك هو أيضًا مهمتك، ومهمتك هي الدور الذي قد عيّنك الله لتلعبه بين الناس. هذا كل ما في الأمر. هذا هو الوضع الحقيقي للحقائق. أيًا كان نوع الطريق الذي ستختاره، فهذا هو نوع الطريق الذي ستسلكه، وأيًا كان نوع الطريق الذي ستسلكه، فهذا هو الدور الذي ستلعبه بين الناس. الأمر بهذه البساطة. هذا هو الوضع الحقيقي للحقائق. إذن، لا تزال الكلمات التي ذكرتها من قبل: " لكل امرئ ما يصبو إليه؛ ولا يمكن إجباره". لكن من أين يأتي هذا التطلع؟ مصدره إنه شيء معيّن من الله. إذا لم تختر قبول الحق والقيام بواجبك بشكل جيد، فهذا يعني أن الله لم يخترك، وليس لديك فرصة للخلاص. لأقولها بصراحة، أنت لا تملك هذه البركة؛ فالله لم يعينها لك. إن لم تكن أنت مهتمًا بالإيمان بالله أو السعي إلى الحق - إن لم تسع إلى هذا الجانب - فأنت تفتقر إلى هذه البركة. أولئك الذين عُيّن لهم أن يدخلوا إلى بيت الله هم على استعداد للقيام بواجبهم هناك. كل ما يقوله الله يستمعون إليه؛ فإذا أرادهم أن يتخلوا عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم يفعلون ذلك، وإذا لم يستطيعوا التخلي عنها، فإنهم يجهدون عقولهم في التفكير في كيفية القيام بذلك. يرغب مثل هذا الشخص في السعي إلى الخلاص. وهذا هو أعمق احتياج ومطلب لنفسه، وهو ما عيّنه الله له، لذلك لديه هذه النعمة التي هي من حسن حظه. فالدور الذي قدّره الله لك هو الدور الذي يجب أن تقوم به. هذا هو المصدر. أولئك الذين لم ينعم الله عليهم يسعون إلى الدنيا، بينما أولئك الذين أنعم الله عليهم يسعون إلى الحق - أليست هذه حقيقة؟ (بلى). لذا إذا سألكم أحدهم مرة أخرى، هل ستتمكنون من الإجابة؟ (نعم). ما هي أبسط إجابة؟ (لكل امرئ ما يصبو إليه؛ ولا يمكن إجباره). لكل امرئ ما يصبو إليه؛ ولا يمكن إجباره. إن مطالبتك بالتخلي عن مساعيك ومُثلك ورغباتك هو فقط لإعطائك طريقًا للممارسة. يمكنك اختيار التخلي عنها، ويمكنك اختيار عدم التخلي عنها. لكل امرئ ما يصبو إليه؛ ولا يمكن إجباره. إذا قبلت، فهذه الكلمات موجهة لك، وإن لم تقبل، فإن هذه الكلمات ليست موجهة لك، ولا علاقة لك بالتخلي عن المساعي والمُثُل والرغبات؛ فأنت حر. هل حُلت هذه المشكلة؟ (نعم). حُلت، لذا لن يستمر أحد في الإفراط في الحديث عن هذه المسألة، أليس كذلك؟ (صحيح).

هناك مسألة أخرى عندما يتعلق الأمر بتخلي الناس عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم. يقول البعض: "أنت تتحدث الآن عن تخلي الناس عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم - هل هذا لأن الوقت قد اقترب والأيام الأخيرة قد حانت، ولأن الكوارث جاءت، ولأن يوم الله قد حان، تطلب من الناس أن يتخلوا عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم؟" هل هذا هو الحال؟ (لا) الجواب بالنفي: لا! إذن دعونا نتحدث عن السبب المحدد. بما إن الإجابة بالنفي، فهناك بالتأكيد بعض المشكلات التفصيلية هنا التي تحتاج إلى أن نقدم حولها شركة ونفهمها. لنتحدث عن هذا: قبل ألفي عام، أو حتى بضع مئات من السنين، كانت البيئة الاجتماعية بأكملها مختلفة عن اليوم؛ كان الوضع بالنسبة إلى البشرية جمعاء مختلفًا عن اليوم. كانت بيئة حياتهم منتظمة للغاية، ولم يكن العالم شريرًا كما هو الآن، ولم يكن المجتمع البشري فوضويًا كما هو الآن، ولم تكن هناك كوارث. هل كان الناس ما زالوا بحاجة إلى التخلي عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم؟ (نعم). لماذا؟ اذكر سببًا، وتحدث بحسب معرفتك الخاصة. (الآن بعد أن أفسد الشيطان البشر، أصبح لديهم شخصية الشيطان الفاسدة، لذلك عندما يسعون وراء مُثُلهم ورغباتهم، فإن كل ذلك يكون في سعيهم وراء الشهرة والربح والمكانة. ولأنهم يسعون وراء الشهرة والربح، فإنهم يتصارعون ويتقاتلون فيما بينهم، ويتقاتلون من أجل الحياة والموت، والنتيجة هي أن الشيطان يفسدهم بصورة أكثر عمقًا، ويفقدون مظهر الإنسانية بشكل متزايد، ويبتعدون أكثر فأكثر عن الله. وهكذا يمكن للمرء أن يرى أن طريق السعي وراء المُثُل والرغبات خاطئ. إذن الله لا يطلب من الناس أن يتركوا مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم لأن يوم الله قريب؛ بل يجب ألا يسعى الناس وراء هذه الأشياء في المقام الأول. يجب أن يسعوا بشكل صحيح، وفقًا لكلام الله). هل تعتقدون أن تخلي الناس عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم هو مبدأ من مبادئ الممارسة؟ (نعم). هل تخلي الناس عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم هو الحق؟ هل هو مطلبٌ الله من الإنسان؟ (نعم). إنّه حقٌّ، ومطلبٌ الله من الإنسان. إذن هل هذا هو الطريق الذي يجب أن يتبعه الناس؟ (نعم). بما أنّه الحقّ، وهو مطلبٌ محدَّد لله من الإنسان، والطريق الذي يتعين على الناس اتّباعه، فهل يختلف باختلاف الزمن والخلفية؟ (لا). لمَ لا؟ لأن الحق ومتطلبات الله وطريق الله لا تتغير بتغير الزمان أو المكان أو البيئة. مهما كان الزمان، ومهما كان المكان، ومهما كانت المساحة، فإن الحق هو الحق دائمًا، والمعيار الذي يطلبه الله من الإنسان لا يتغير، وكذلك المعيار الذي يطلبه من أتباعه. لذا، بالنسبة إلى أتباع الله، مهما كان الزمان أو المكان أو السياق، فإن طريق الله الذي يجب أن يتبعوه لا يتغير. لذا، فإن مطالبة الناس بالتخلي عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم في عصرنا هذا ليس مطلبًا مطروحًا على الإنسان لمجرد أن الوقت قريب، أو لأن الأيام الأخيرة قد حانت، ولا لأن الأيام قليلة والكوارث عظيمة، ولا خشية الإنسان من الوقوع في كارثة هو الذي يجعل هناك مثل هذا المطلب الملحّ من الإنسان، والذي يتطلب منه الانخراط في مسارات عمل شديدة أو جذرية من أجل تحقيق أسرع دخول إلى واقع الحق. ليس هذا هو السبب. ما هو السبب إذن؟ بغض النظر عن الزمن، سواء قبل بضع مئات أو بضعة آلاف من السنين - حتى في الوقت الحاضر - لم تتغير متطلبات الله من الإنسان في هذا الصدد. كل ما في الأمر أنه قبل بضعة آلاف من السنين، وحتى في أي وقت قبل اليوم، لم يكن الله قد نشر هذه الكلمات للبشرية علنًا بالتفصيل، لكن متطلباته من الإنسان لم تتغير أبدًا في أي وقت من الأوقات. بدءًا من الوقت الذي احتفظ فيه البشر بسجلات لأول مرة، لم تكن متطلبات الله منهم أبدًا أن يجتهدوا في السعي وراء العالم، أو أن يحققوا مُثُلهم ورغباتهم في العالم. كانت متطلباته الوحيدة منهم هي أن يستمعوا إلى كلامه، وأن يتبعوا طريقه، وألا ينغمسوا في المستنقع مع العالم، وألا يسعوا وراء العالم. دعوا أهل العالم يتعاملون مع أمور العالم؛ دعوهم يكملوا هذه الأمور. لا علاقة لهم بأولئك الذين يؤمنون بالله ويتبعونه. الشيء الوحيد الذي يحتاج المؤمنون بالله إلى عمله هو اتباع سبيل الله واتباع الله. إن اتباع سبيل الله هو أمر واجب على المؤمنين بالله وأتباعه. لا يختلف هذا الأمر باختلاف الزمان أو المكان أو الخلفية. لن يتغير هذا المطلب حتى في المستقبل، عندما تخلص البشرية وتدخل في العصر التالي. الاستماع إلى كلام الله واتباع طريقه هو الموقف والممارسة المحددة التي يجب أن يتحلى بها تجاهه من يتبع الله. فقط من خلال الاستماع إلى كلام الله واتباع طريقه يمكن للناس أن ينجحوا في اتقاء الله والحيدان عن الشر. لذا، فإن مطالبة الله للناس بالتخلي عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم لا تنشأ بسبب الزمن، ولا بسبب بيئات أو خلفيات فريدة، بل طالما كان الإنسان موجودًا، حتى لو لم يعطه الله الكلمات بوضوح، فقد طلب منه دائمًا هذا المعيار والمبدأ. هذا المطلب من الله لا يتغير مهما كان عدد الأشخاص الذين يستطيعون تحقيقه، أو عدد الأشخاص القادرين على ممارسة كلامه، أو حجم ما يستطيعون فهمه من كلامه. انظر في الكتاب المقدس، حيث توجد سجلات لأولئك الأشخاص الفريدين الذين اختارهم الله في أوقات فريدة - نوح وإبراهيم وإسحاق وأيوب وغيرهم. إن متطلبات الله منهم، والطريقة التي اتبعوها، وأهداف حياتهم واتجاههم، وكذلك الأهداف التي سعوا إليها ومسارات العمل المحددة التي سلكوها من أجل الحياة والنجاة، كلها تجسد متطلبات الله من الإنسان. ما هي متطلبات الله من الإنسان؟ من ضمنها أن يتخلى الناس عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم، أليس كذلك؟ (صحيح). سواء من حيث الروح أو من حيث الشكل، يجب أن يتجنبوا البشر الصاخبين غير المنضبطين الأشرار، وأن يتجنبوا اتجاهاتهم الصاخبة غير المنضبطة الشريرة. كانت هناك في السابق كلمة لم تكن مناسبة تمامًا، وهي كلمة "مقدس". في الواقع، معنى هذه الكلمة هو أن أطلب منك التخلي عن مساعيك ومثلك ورغباتك - لمنعك من أن تصبح غير مؤمن، أو من أن تفعل ما يفعله غير المؤمنين، أو من أن تسعى إلى مساعي غير المؤمنين، بل أجعلك تسعى إلى ما ينبغي أن يسعى إليه المؤمن. هَذَا هو مَعْنَاهُا. فَإِذَا قَالَ بَعْضُ النَّاسِ "هل لأن الوقت قد اقترب، والأيام الأخيرة قد حانت، والكوارث قد حلت، فإن الله يطلب من الناس أن يتخلوا عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم، فكيف ينبغي أن تجيب على هذا السؤال؟ ينبغي أن تكون الإجابة أن كل متطلبات الله من الإنسان هي الحق وهي الطريق الذي يجب أن يتبعه الناس. إنها لا تتغير بتغير الزمان أو المكان أو البيئة أو الموقع الجغرافي أو الخلفية الاجتماعية. إن كلام الله هو الحق، الحق الذي لم يتغير منذ الأزل، والذي لا يتغير على مدى الدهر كله، لذا فإن كل مطلب من مطالب الله من الإنسان وكل مبدأ من مبادئ الممارسة التي يضعها له يعود إلى ما بعد خلقه للبشرية عندما لم يكن لديهم سجلات زمنية بعد. إنها تعيش مع الله. بعبارة أخرى، منذ اللحظة التي وُجد فيها البشر، كانت البشرية قادرة على فهم متطلبات الله منهم. وأيا كان المجال الذي تتطرق إليه المتطلبات، فهي كلها أزلية ولن تتغير. بشكل عام، متطلبات الله من الإنسان هي سماع كلامه واتباع طريقه. هل تفهمون؟ (نعم). إن متطلبات الله لا علاقة لها بتاتًا بتطور العالم، أو بالخلفيات الاجتماعية للبشرية، أو بالزمان أو المكان، أو بالبيئة الجغرافية والمساحات التي يعيش فيه الناس. بعد الاستماع إلى كلام الله، يصبح من الصواب للناس أن يحفظوه ويمارسوه. ليس لله متطلبات أخرى من الناس. عندما يسمعون كلامه ويفهمونه، يكفيهم أن يمارسوه ويحفظوه؛ وبذلك يكونون قد حققوا معيار أن يكونوا كائنًا مخلوقًا مقبولاً في عينيه. هل تفهمون؟(نعم). لذا، بغض النظر عن الوقت أو البيئة الاجتماعية أو الخلفية أو الموقع الجغرافي، ما عليك فعله هو الاستماع إلى كلام الله، وفهم ما يقوله وما هي متطلباته منك، ثم الشيء التالي الذي يجب أن تفعله هو الاستماع والخضوع والممارسة. لا تشغل نفسك بأشياء مثل "هل الكوارث في العالم الخارجي هائلة الآن؟ هل العالم فوضوي؟ هل من الخطر الخروج إلى العالم؟ هل يمكن أن أصاب بالطاعون؟ هل يمكن أن أموت؟ هل سأقع في الكوارث؟ هل ثمة إغراءات في الخارج؟" التفكير في مثل هذه الأمور لا فائدة منه، ولا علاقة لك بها. عليك أن تشغل نفسك فحسب بالسعي إلى الحق واتباع طريق الله، وليس ببيئة العالم الخارجي. مهما كانت بيئة العالم الخارجي، فأنت كائن مخلوق، والله هو الخالق. لن تتغير العلاقة بين الخالق والكائنات المخلوقة، ولن تتغير هويتك، ولن يتغير جوهر الله. ستكون دائمًا الشخص الذي يتعين عليه أن يتبع طريق الله، وأن يستمع إلى كلامه ويخضع له. سيظل الله دائمًا هو الذي يحكمك، ويرتب مصيرك، ويقودك في الحياة. علاقتك به لن تتغير، وهويته لن تتغير، وهويتك لن تتغير. لهذا كله، وبغض النظر عن الوقت، فإن مسؤوليتك والتزامك وواجبك الأسمى هي الاستماع إلى كلام الله والخضوع له وممارسته. هذا لن يكون خطأً أبدًا، وهو المعيار الأعلى. هل حُلت هذه المشكلة؟ (نعم). حُلت. هل تحدثت بوضوح؟ هل تحدثت بشكل صائب أكثر منكم؟ (نعم). بأي طريقة أنا على صواب؟ (لقد كنا نتحدث فقط عن الخطوط العريضة، لكن الله قد فصَّل هذه المسألة تمامًا، وقدم شركة أيضا حول أن كلام الله هو الحق، والطرق التي يجب على الناس الالتزام بموجبها، وأن على الناس أن يستمعوا إلى كلام الله ويتبعوا طريقه. لقد قال الله هذا كله بوضوح). ما أقوله هو جانب من جوانب الحق. عبارة "جانب من جوانب الحق" هي نظرية، فما الذي يدعم هذه النظرية؟ إنها هذه الحقائق والمضامين المحددة التي سبق الحديث عنها. ثمة أدلة على كل هذه الحقائق؛ ليست منها واحدة ملفقة، وليست منها واحدة متخيلة. إنها جميعًا حقائق، أو هي جوهر الظواهر الخارجية للحقائق وحقيقتها. إذا كان بإمكانك أن تفهمها وتعيها، فهذا يثبت أنك تفهم الحق. والسبب في أنكم لا تستطيعون الجهر بها هو أنكم لم تفهموا بعد هذا الجانب من الحق، ولا تفهمون الجوهر والواقع الكامن وراء هذه الظواهر، لذا فإنكم تتحدثون قليلًا فقط عن مشاعركم ومعرفتكم، وهو أمر بعيد كل البعد عن الحق. أليس هذا هو الحال؟ (هو كذلك). حُلت هذه المشكلة، لذا دعونا نترك الأمر عند هذا الحد. فيما يتعلق بموضوع التخلي عن المساعي والمُثُل والرغبات التي تنشأ نتيجة للاهتمامات والهوايات، فهل كان من الضروري إدراج هذا السؤال كنقطة إضافية؟ (نعم). كان ذلك ضروريًا. كل سؤال يمس بعض الحق، أي أنه يمس حقيقة بعض الحقائق وجوهرها، ووراء الحقيقة والجوهر دائماً ترتيبات الله وخططه وأفكاره ورغباته. وماذا أيضًا؟ بعض من أساليب الله المحددة، بالإضافة إلى أسس أفعاله وأهدافها وخلفياتها. هذه هي الحقيقة.

بعد الانتهاء من الشركة حول موضوع التخلي عن المساعي والمُثُل والرغبات التي تنشأ من الاهتمامات والهوايات، يجب أن نقدم شركة حول الموضوع التالي. ما هو الموضوع التالي؟ هو إنه ينبغي للناس أن يتخلوا عن مساعيهم ومُثُلهم ورغباتهم التي تنشأ من الزواج. من الواضح أن هذا الموضوع يتطرق إلى جميع المشكلات المختلفة المرتبطة بالزواج. أليس هذا الموضوع أكبر قليلاً من الاهتمامات والهوايات؟ لكن لا تخافوا من حجمه. سنقوم بتفصيله شيئًا فشيئًا، ونفهم هذا الموضوع ببطء ونخترقه من خلال الشركة. إن الخط الذي سنسلكه في شركتنا حول هذا الموضوع هو تشريح مشكلة الزواج من منظور وجوانب جوهر المشكلات هنا، سواء كانت إيجابية أو سلبية، ومفاهيم الناس المتنوعة للزواج، سواء كانت صحيحة أو خاطئة، والأخطاء التي يرتكبونها في الزواج، وكذلك الأفكار ووجهات النظر المختلفة الخاطئة التي تنشأ عن هذه المشكلة، وفي النهاية تمكين الناس من التخلي عما ينشأ عن الزواج من مساعٍ ومُثُل ورغبات. إن أفضل وأسهل ممارسة لتحقيق "التخلي" هي هذه: أولاً، يجب عليك أن ترى بوضوح جوهر المشكلات، وأن ترى حقيقتها، سواء كانت إيجابية أو سلبية. ثم يجب أن تكون قادرًا على التعامل مع المشكلات بشكل صحيح وعقلاني. هذا هو الجانب النشط من الأمور. في الجانب السلبي من الأمور، يجب أن تكون قادرًا على فهم ورؤية حقيقة الأفكار ووجهات النظر والمواقف الخاطئة التي تجلبها لك المشكلات، أو التأثيرات المختلفة الضارة والسلبية التي تنتجها في إنسانيتك، ومن ثم تكون قادرًا من خلال هذه الجوانب على تركها. بعبارة أخرى، يجب أن تكون قادرًا على فهم هذه المشكلات ورؤيتها على حقيقتها، دون أن تكون مقيدًا أو محكومًا بالأفكار الخاطئة التي تنتجها هذه المشكلات، ودون أن تسمح لها بالسيطرة على حياتك وقيادتك إلى مسارات معوجة، أو قيادتك إلى اتخاذ خيارات خاطئة. وباختصار، سواء كنا نقدم شركة حول الإيجابيات أو السلبيات، فإن الهدف النهائي هو تمكين الناس من التعامل مع مشكلة الزواج بعقلانية، وعدم استخدام أفكار وآراء خاطئة لفهمها والتعامل معها، وعدم اتخاذ مواقف خاطئة تجاهها. هذا هو الفهم الصحيح لممارسة "التخلي". حسنًا، دعونا نستمر في الشركة حول المساعي والمُثُل والرغبات التي تنشأ عن الزواج. أولاً، دعونا ننظر في تعريف الزواج، ما هو مفهومه. الغالبية منكم لم يدخلوا في الزواج، أليس كذلك؟ أرى أن الغالبية منكم بالغون. ماذا يعني أن تكونوا بالغين؟ يعني أن تكونوا قد بلغتم أو تجاوزتم سن الزواج. سواء كنتم في هذا العمر أو تجاوزتموه، فإن كل شخص لديه بعض الآراء والتعريفات والمفاهيم البورجوازية نسبيًا عن الزواج، سواء كانت صحيحة أو غير صحيحة. لذا دعونا أولاً نستكشف ما هو الزواج في الواقع. أولاً، بتعبيرك الخاص: ما هو الزواج في الواقع؟ إذا أردنا أن نتكلم عن المؤهلين للحديث عن ماهية الزواج، فلعلهم أولئك الذين تزوجوا من قبل. لذا دعونا نبدأ أولاً بأولئك الذين سبق لهم الزواج، وعندما ينتهون من الكلام، يمكننا الانتقال إلى البالغين غير المتزوجين. يمكنكم التحدث عن آرائكم في الزواج، وسنستمع إلى فهمكم للزواج وتعريفكم له. قل ما لديك لتقوله، سواء كان من الجيد الاستماع إليه أم لا - شكاوى حول الزواج أو توقعات من الزواج، لا بأس بذلك. (كل شخص لديه توقعات قبل الزواج، فبعض الناس يتزوجون ليعيشوا حياة الثراء، بينما يسعى البعض إلى الزواج السعيد، ويبحثون عن أمير على حصان أبيض، ويتخيلون أنهم سيعيشون حياة سعيدة. وهناك أيضًا بعض الأشخاص الذين يريدون استخدام الزواج لتحقيق بعض أغراضهم الخاصة). إذن من وجهة نظرك، ما هو الزواج في الواقع؟ هل هو معاملة تجارية؟ هل هو لعبة؟ ما هو؟ بعض الحالات التي ذكرتموها تتعلق بالعيش الرغد، وهو نوع من المعاملات التجارية. ماذا غير ذلك؟ (أشعر أن الزواج بالنسبة إلي هو مجرد شيء أتوق إليه، شيء أشتاق إليه). من يريد التحدث أيضًا؟ ما هي المعرفة التي لدى المتزوجين حول الزواج؟ خاصة المتزوجين منذ عشر سنوات أو عشرين سنة - ما هي مشاعركم حول الزواج؟ ألستم في العادة مليئين بالتأملات حول الزواج؟ من ناحية، لديكم خبرة من زواجكم، ومن ناحية أخرى رأيتم زيجات من حولكم، وفي نفس الوقت تأملتم في زيجات الآخرين التي شاهدتموها في الكتب والأدب والأفلام. إذن من هذه الجوانب، ما هو الزواج برأيك؟ كيف تعرّفه؟ ما الذي تفهمه عنه؟ كيف تعرّف الزواج؟ المتزوجون والمتزوجات الذين مضى على زواجهم بضع سنوات - خاصة أولئك الذين قاموا بتربية الأطفال - ما رأيكم في الزواج؟ تحدثوا. (يمكنني قول القليل. شاهدت الكثير من البرامج التلفزيونية منذ صغري. كنت أتوق دائمًا إلى حياة زوجية سعيدة، ولكن بعد الزواج، أدركت أنه ليس كما تخيلته. بعد الزواج، كان أول ما كان عليَّ فعله هو العمل الجاد من أجل أسرتي، وكان ذلك متعبًا للغاية. من ناحية أخرى، وبسبب عدم التوافق بين طباعي وطباع زوجي، وبين الأشياء التي كنا نتوق إليها ونسعى إليها - خاصةً الاختلاف بين الطريقين اللذين يسلكهما كل منا - كانت هناك اختلافات كثيرة في الحياة، لدرجة أننا كنا نتشاجر. كانت الحياة صعبة. في هذه المرحلة، شعرت أن نوع الحياة الزوجية التي كنت أتوق إليها عندما كنت طفلة لم تكن واقعية فعليًا. لقد كانت مجرد رغبة ممتعة، لكن الحياة الواقعية ليست كذلك. هذه هي أفكاري حول الزواج). إذن فهمك للزواج هو أنه مرير، هل هذا صحيح؟ (نعم). إذن كل ذكرياتك وما تستجمعينه حوله به مرارة وتعب وألم ولا تطيقين تذكره؛ وشعرت بالانزعاج، لذلك بعد ذلك، لم يكن لديك توقعات أفضل للزواج. تعتقدين أن الزواج لا يتوافق مع رغباتك، وأنه ليس جيدًا أو رومانسيًا. أنت تفهمين الزواج على أنه مأساة - هل هذا ما تقصدينه؟ (نعم). في زواجك، سواء في الأشياء التي كنت قادرة على القيام بها أو في الأشياء التي لم تكوني راغبة في القيام بها، كنت متعبة وتشعرين بالمرارة بشكل خاص بشأن كل شيء، هل هذا صحيح؟ (نعم). الزواج مرير، وهذا هو أحد أنواع المشاعر، وهو شعور يمكن للناس أن يرتبطوا به أو يستشعرونه بأنفسهم. بغض النظر عن الشكل، ربما يكون هناك أكثر من بضعة تصريحات مختلفة حول الزواج والأسرة في العالم في الوقت الحالي. هناك ما لا يحصى في الأفلام والكتب، وهناك خبراء زواج وخبراء علاقات في المجتمع يقومون بتحليل جميع أنواع الزيجات وتشريحها، والذين يتعاملون مع التناقضات التي تظهر في تلك الزيجات ويحلونها، من أجل التوسط فيها. في نهاية المطاف، قام المجتمع بتعميم بعض الأقوال حول الزواج. أي من هذه الأقوال الشائعة حول الزواج تتفقون معها أو تتعاطفون معها؟ (يا إلهي، كثيرًا ما يقول الناس في المجتمع إن الزواج يشبه دخول القبر. أشعر أنه بعد الزواج وتكوين أسرة وإنجاب الأطفال، يتحمل الناس مسؤوليات، وعليهم أن يعملوا بلا نهاية لإعالة أسرهم، وأضف إلى ذلك التنافر الذي يأتي من معيشة شخصين معًا، وكافة أنواع المشكلات والصعوبات التي تنشأ عنها). ما هي العبارة على وجه التحديد؟ "الزواج قبر". هل هناك بعض الأقوال المشهورة والشعبية في الصين؟ هل عبارة "الزواج قبر" لا تحظى بشعبية كبيرة؟ (بل هي كذلك). ماذا أيضًا؟ "الزواج مدينة تحت الحصار، من في الخارج يريدون الدخول إليها، ومن في الداخل يريدون الخروج منها". ماذا أيضًا؟ "الزواج بلا حب أمر غير أخلاقي". يعتقدون أن الزواج دليل الحب، وأن الزواج بلا حب أمر غير أخلاقي. إنهم يستخدمون الحب الرومانسي لقياس مستوى الأخلاق. هل هذه هي تعريفات الزواج الموجودة لدى المتزوجين ومفاهيمه؟ (نعم). باختصار، المتزوجون يشعرون بمرارة شديدة.: عبارة "الزواج قبر" هي خير ما يصفها. هل الأمر بهذه البساطة؟ لقد انتهى المتزوجون من التحدث، لذا يمكننا الآن الاستماع إلى ما يقوله العزاب وغير المتزوجين. من يريد التحدث عن فهمه للزواج؟ حتى لو كان الأمر طفوليًا، أو خيالًا أو توقعات بعيدة كل البعد عن الواقع، فلا بأس. (يا إلهي، أشعر أن الزواج هو شخصان يعيشان كشريكين، حياة مليئة بالضروريات اليومية). هل تزوجت من قبل؟ هل لديك أي تجربة شخصية؟ (لا). الضروريات اليومية، العيش كشريكين – هل هذا ما تعتقده حقًا؟ هذا عملي؟ (في مُثُلي العليا، الزواج ليس هكذا، ولكن هذا ما رأيته في زواج والديّ). زواج والديك هو مثل هذا، لكن زواجك المثالي ليس كذلك. ما هو فهمك وسعيك عندما يتعلق الأمر بالزواج؟ (عندما كنت صغيرًا، كان فهمي هو العثور على شخص أُعجب به، ثم العيش معه بسعادة ورومانسية). أردت أن تعيش معه، وتمسك بيده وتكبران معًا، هل هذا صحيح؟ (نعم). هذا هو فهمك المحدد للزواج، والذي يشملك أنت نفسك؛ ولكنك لا تجده عند النظر إلى الآخرين. ما تراه في زيجات الآخرين هو مجرد مظهرهم السطحي، ولأنك لم تجربه بنفسك بعد، فإنك لا تعرف هل ما تراه هو الواقع الحقيقي أم مجرد المظهر السطحي للحقائق؛ فالشيء الذي تعتقد أنه حقيقي سيظل إلى الأبد في أفكارك ووجهات نظرك. أحد أجزاء فهم الشباب للزواج هو العيش بشكل رومانسي مع أحبائهم، والإمساك بأيديهم والتقدم في السن معًا، وعيش هذه الحياة معًا. هل لديكم جميعًا أي فهم آخر للزواج؟ (لا).

يقول البعض: "الزواج هو العثور على شخص يحبك. لا يهم سواء كان رومانسيًا أم لا، ولست بحاجة إلى أن تحبه كثيرًا. على أقل تقدير، يجب أن يحبك، وأن تكون في قلبه، وأن يتشارك معك في المساعي والمُثل والشخصية والاهتمامات والهوايات، حتى تجدا نفسيكما متوافقين وتعيشان معًا". ويقول آخرون: "ابحث عن شخص تعيش معه وتحبه ويحبك. هذا وحده هو السعادة". وثمة آخرون فهمهم للزواج هو: "يجب عليك أن تجدي شخصًا قويًا اقتصاديًا، حتى لا تقلقي بشأن الملبس والمأكل في آخر حياتك، ولكي تتمتعي بوفرة في حياتك المادية، ولا تعانين الفقر. بغض النظر عن سنه أو شكله، وبغض النظر عن شخصيته، وبغض النظر عن ذوقه، لا بأس به طالما لديه المال. طالما أنه يستطيع منحك المال لإنفاقه ويستطيع إشباع احتياجاتك المادية، فهو مقبول. العيش مع هذا النوع من الأشخاص يجلب السعادة، وستكونين مستريحة جسديًا. هذا هو الزواج". هذه بعض المتطلبات والتعريفات التي يعطيها الناس للزواج. يفهم غالبية الناس الزواج على أنه العثور على الحبيب، أو فتى الأحلام، أو فارس الأحلام، والعيش معه وأن يجد كل منهما الآخر متوافقًا معه. على سبيل المثال، يتخيل بعض الناس أن فتى أحلامهم هو نجم أو أحد المشاهير، أو شخص يتمتع بالمال والشهرة والثروة. ويظنون أن وحده العيش مع مثل هذا الشخص هو زواج موثوق وممتع، زواج مثالي، وأن مثل هذه الحياة وحدها هي الحياة السعيدة. يتخيل بعض الناس أن نصفهم الآخر هو شخص ذو مكانة، ويتخيل البعض الآخر أن نصفهم الثاني شخص جميل ووسيم، في حين أن البعض يتخيلون أن نصفهم الآخر هو شخص ينتمي لعائلة قوية وثرية وذات نفوذ، أي شخص غني. بعض الناس يتخيلون نصفهم الآخر شخصًا طموحًا وقويًا في عمل ما، ويتخيل البعض نصفهم الآخر موهوبًا بشكل فريد. يتخيل بعض الناس أن نصفهم الآخر لديه بعض الخصائص المميزة في الشخصية. كل هذه وغيرها هي متطلبات الناس من الزواج، وبالطبع هي تصورات ومفاهيم ووجهات نظر لديهم عن الزواج. وباختصار، فالذين سبق لهم الزواج من قبل يقولون إن الزواج قبر، وإن الدخول في الزواج كدخول القبر، أو في كارثة، والذين لم يتزوجوا يتصورون أن الزواج أمرٌ ممتع ورومانسي بشكل خاص، وهم مليئون بالاشتياق والتوقعات. ولكن سواء أولئك الذين تزوجوا أو الذين لم يتزوجوا، لا يستطيع أحد أن يتحدث بوضوح عن فهمه أو إدراكه للزواج، أو ما هو التعريف والمفهوم الحقيقي للزواج، أليس كذلك؟ (لا). يقول أولئك الذين اختبروا الزواج: "الزواج قبر، إنه مرير". ويقول البعض من غير المتزوجين: "فهمك للزواج غير صحيح. أنت تقول إن الزواج سيئ، وهذا لأنك أناني للغاية. أنت لم تبذل الكثير في زواجك، وبسبب عيوبك ومشكلاتك المختلفة، حولت زواجك إلى فوضى. لقد دمرت زواجك وقضيت عليه بيديك". هناك أيضًا بعض المتزوجين بالفعل الذين يقولون للعازبين الذين لم يتزوجوا بعد: "أنت طفل جاهل، ماذا تعرف؟ هل تعرف كيف يكون الزواج؟ الزواج لا يخص شخص واحد، ولا يخص شخصين، بل يخص عائلتين، أو حتى عشيرتين. ثمة العديد من المشكلات في هذا الأمر، وهي ليست بسيطة ولا مباشرة. حتى في عالم مكون من شخصين فقط، حيث تكون المسألة متعلقة بشخصين فقط، فالأمر ليس بهذه البساطة. فمهما كان فهمك وتخيلك للزواج ممتعًا، ستطحنه تفاهات الاحتياجات اليومية مع مرور الأيام، حتى يتلاشى لونه ونكهته. أنتِ لستِ متزوجًا، فماذا تعرف؟ أنت لم يسبق لك الزواج، ولم يسبق لك أن أدرت زواجاً، لذا فأنت غير مؤهل لتقييم الزواج أو إبداء ملاحظات نقدية. إنّ فهمك للزواج هو خيال ومحض تمني - لا يستند إلى الواقع!". بغض النظر عمن يتحدث عن هذا الموضوع، هناك منطق موضوعي، ولكن عندما يُقال كل شيء ويتم، فما هو الزواج في الواقع؟ ما هو المنظور الأكثر صحة والأكثر موضوعية لرؤيته؟ أيها أكثر انسجامًا مع الحق؟ كيف ينبغي للمرء أن ينظر إليه؟ سواء تحدثنا عن أولئك الذين اختبروا الزواج من قبل أو أولئك الذين لم يختبروه من قبل، فمن ناحية، فهمهم للزواج مليء بتصوراتهم الخاصة، ومن ناحية أخرى فإن البشرية الفاسدة مليئة بالعواطف فيما يتعلق بالدور الذي تلعبه في الزواج. ولأن البشرية الفاسدة لا تفهم المبادئ التي يجب أن تتمسك بها في مختلف البيئات، ولا تفهم الدور الذي تلعبه في الزواج أو الالتزامات والمسؤوليات التي يجب أن تقوم بها، فإن بعض أقوالهم عن الزواج تكون عاطفية لا محالة، وتنطوي على أنانيتهم الشخصية وعصبيتهم الحادة وما إلى ذلك. وبالطبع، سواء كان الفرد متزوجًا أو غير متزوج، إذا لم يكن ينظر إلى الزواج من منظور الحق، وإذا لم يكن لديه فهم ومعرفة صافية له من الله، فباستثناء خبرته الشخصية العملية للزواج، فإن فهمه للزواج يتأثر بدرجة كبيرة بالمجتمع وبالبشر الأشرار. كما أنه يتأثر أيضًا بالأجواء والاتجاهات والآراء العامة للمجتمع، وكذلك بالأفكار المغلوطة والمتحيزة - وما يمكن أن يطلق عليه بشكل أكثر تحديدًا أنه غير إنساني - التي يقولها الناس في كل مستويات المجتمع وطبقاته عن الزواج. وبسبب هذه الأشياء التي يقولها الآخرون، سيتأثر الناس من جهة بهذه الأفكار ووجهات النظر دون وعي وستتحكم بهم، ومن جهة أخرى سيتقبلون دون وعي هذه المواقف وطرق النظر إلى الزواج، وكذلك طرق التعامل مع الزواج، والمواقف التي يحملها المتزوجون تجاه الحياة. بادئ ذي بدء، ليس لدى الناس فهم إيجابي للزواج، ولا معرفة وإدراك إيجابي ودقيق له. بالإضافة إلى أن المجتمع والبشر الأشرار يغرسون فيهم أفكارًا سلبية ومغلوطة عن الزواج. لذلك، تصبح أفكار الناس ووجهات نظرهم حول الزواج مشوهة، بل وشريرة. وطالما أنك تعيش وتنجو في هذا المجتمع ولديك عيون لترى وآذان لتسمع وأفكار للتأمل في الأسئلة، فإنك ستتقبل بدرجات متفاوتة هذه الأفكار ووجهات النظر الخاطئة، مما يؤدي إلى فهم ومعرفة غير صحيحين للزواج والتحيز ضده. على سبيل المثال، منذ مائة عام مضت، لم يكن الناس يفهمون ما هو الحب الرومانسي، وكان فهمهم للزواج بسيطًا للغاية، فعندما كان الشخص يبلغ سن الزواج، كانت الخاطبة تتولى تعريفه على فتى أو فتاة ويتولى والداه كل شيء، ثم يعقد الشخص قرانه على أحد أفراد الجنس الآخر، ويتزوجان، ويعيشان معًا ويقضيان أيامهما معًا. وهكذا كانا يترافقان خلال هذه الحياة، حتى يصلان إلى النهاية. هكذا كان الزواج البسيط. لقد كان الأمر يتعلق بشخصين - شخصان من عائلتين مختلفتين يعيشان معًا، ويرافق أحدهما الآخر، ويعتني أحدهما بالآخر، ويمضيان العمر معًا. كان الأمر بهذه البساطة. بدأ الناس في مرحلة ما في ذكر ما يسمونه بالحب الرومانسي، وأضيف الحب الرومانسي إلى محتوى الزواج، حتى يومنا هذا. لم يعد هذا المصطلح "الحب الرومانسي" أو معناه وفكرته أمرًا يشعر الناس في أعماق قلوبهم بالحرج منه أو يجدون صعوبة في الحديث عنه، بل إنه موجود بشكل طبيعي جدًا في أفكار الناس، ومن الطبيعي أن يناقشه الناس، لدرجة أنه حتى الأشخاص الذين لم يبلغوا سن الرشد بعد يناقشون ما يسمونه الحب الرومانسي. لذا فإن هذه الأنواع من الأفكار ووجهات النظر والأقوال تشكل تأثيرًا غير ملموس على الجميع، رجالًا ونساءً، كبارًا وصغارًا. هذا التأثير هو السبب في أن فهم الجميع للزواج هو فهم متكلف - أو بعبارة أدق، هو فهم متحيز. لقد بدأ الجميع في اللعب بالحب والتلاعب بالعاطفة. إن ما يسمى بـ"الحب الرومانسي" عند الإنسان ما هو إلا مجرد جمع بين الحب والعاطفة(أ). ما معنى "الحب"؟ الحب هو نوع من المودة. ماذا تعني "العاطفة"؟ إنها تعني الشهوة. فالزواج لم يعد مجرد شخصين يمضيان الأيام معًا كشريكين؛ بل أصبح الزواج لعبة للمودة والشهوة. أليس هذا هو الحال؟ (إنه كذلك). لقد أصبح الناس يفهمون الزواج على أنه جمع بين الشهوة والمودة، فهل يمكن أن يكون زواجهم صالحاً؟ إن الرجال والنساء لا يعيشون بصلاح، ولا يحسنون القيام بمسؤولياتهم، ويمضون أيامهم بطريقة غير واقعية، وكثيرًا ما يتحدثون عن الحب والعاطفة والمودة والشهوة. هل تعتقد أنهم هكذا يستطيعون أن يعيشوا بسلاسة وثبات؟ (لا). أي إنسان يستطيع أن يجتاز هذه المغريات والغوايات؟ لا أحد يستطيع أن يجتاز هذه المغريات والغوايات. يمتلئ الناس في المجتمع بالشهوة والعاطفة تجاه بعضهم بعضًا. هذا ما يسمونه الحب الرومانسي، وهو الطريقة التي يفهم بها الناس المعاصرون الزواج، وهو أعلى تقييم لديهم للزواج، وأعلى الأذواق. لذا، فقد تغيرت حالة الزواج عند الناس المعاصرين إلى درجة لا يمكن التعرف عليها، وهو في فوضى رهيبة وفظيعة. لم يعد الزواج مسألة رجل وامرأة ببساطة، بل أصبح الزواج مسألة تلاعب الناس جميعًا، رجالاً ونساءً، بالعاطفة والشهوة - أي أنه أصبح مسألة فاسدة تمامًا. تحت إغراء الاتجاهات الشريرة، أو من خلال غرس الأفكار الشريرة، أصبح فهم الناس ونظرتهم للزواج مشوهًا وشاذًا وشريرًا. بالإضافة إلى ذلك، فإن الأفلام والبرامج التلفزيونية في المجتمع، وكذلك الأعمال الأدبية والفنية، تطرح باستمرار تفسيرات وتصريحات أكثر شرًا وفجورًا عن الزواج. المخرجون والكتّاب والممثلون جميعهم يشرحون الزواج باعتباره حالة فظيعة. هذا مليء بالشر والشهوة، مما يؤدي إلى أن تصبح الزيجات السليمة في حالة من الفوضى. لذا، منذ أن انتشر الحب الرومانسي، أصبح الطلاق أكثر شيوعًا في المجتمع البشري، وكذلك العلاقات خارج إطار الزواج، وأصبح المزيد من الأطفال مضطرين لتحمل أذى طلاق الوالدين، أو مضطرين للعيش مع أمهات عازبات أو آباء عازبين، وبالتالي يمضون طفولتهم وشبابهم، أو ينشأون في ظل أوضاع زواج غير سليمة لآبائهم. والسبب في كل هذه المآسي الزوجية المختلفة، وهذه الزيجات غير السليمة أو المشوهة، هو أن النظرة إلى الزواج التي ينادي بها المجتمع نظرة متحيزة وشريرة وغير أخلاقية، لدرجة أنها تفتقر إلى الأخلاق والآداب. ولأن البشرية لا تملك فهمًا دقيقًا للأمور الإيجابية أو السليمة، فإن الناس سيقبلون عن غير قصد هذه الأفكار ووجهات النظر التي ينادي بها المجتمع، مهما كانت مشوهة. هذه الأشياء مثل الطاعون الذي ينتشر في جسدك، ويفسد كل فكرة من أفكارك وكل خاطر من خواطرك، ويفسد الأجزاء الصحيحة من إنسانيتك. وسرعان ما يصبح ضميرك وعقلك الإنسانيين الطبيعيين ضبابيين أو غير واضحين أو ضعيفين؛ ثم تأخذ هذه الأفكار ووجهات النظر التي تأتي من الشيطان المشوهة والشريرة والفاقدة للأخلاق والآداب، المكانة العليا والدور المهيمن في أعماق أفكارك وقلبك وفي عالمك العقلي. بعد أن تحتل هذه الأشياء المكانة العليا والدور المهيمن، سرعان ما تصبح نظرتك إلى الأمور مثل الزواج ملتوية ومشوهة وخالية من الأخلاق والمبادئ، لدرجة أنها تصبح شريرة، لكنك أنت نفسك لا تعرف ذلك، وتعتقد أنه أمر سليم تمامًا: "الجميع يفكر بهذه الطريقة، فلماذا لا أفكر بها أنا؟ كل شخص يعتقد أن هذه الطريقة مناسبة، فهل من غير المناسب لي أن أفكر بهذه الطريقة أيضًا؟ لذا إذا لم يخجل أي شخص آخر من الحديث عن الحب الرومانسي، فلا ينبغي لي أنا أيضًا. في المرة الأولى، كنت خجولًا بعض الشيء، ومحرجًا بعض الشيء، وواجهت صعوبة في فتح فمي. بعد الحديث عن الأمر عدة مرات أخرى كنت بخير. الاستماع أكثر والتحدث عنه أكثر جعله موضوعًا عاديًا". صحيح أنك تتحدث وتستمع، وأصبح هذا الأمر موضوعًا عاديًا، لكن الفهم الحقيقي والأصلي للزواج لا يمكن أن يثبت في أعماق أفكارك، لذلك فقدت الضمير والعقل اللذين يجب أن تتحلى بهما كشخص طبيعي. ما هو سبب فقدانه؟ سببه أنك قبلت ما يسمى بنظرة "الحب الرومانسي" للزواج. لقد ابتلعت هذه النظرة المسماة "الحب الرومانسي" للزواج الفهم الأصلي والشعور بالمسؤولية التي تتمتع بها إنسانيتك الطبيعية تجاه الزواج. وسرعان ما تبدأ في ممارسة فهمك الشخصي للحب الرومانسي، وتبحث باستمرار عن الأشخاص الذين تجدهم مناسبين لك، الأشخاص الذين يحبونك أو الذين تحبهم، وتسعي وراء الحب الرومانسي بوسائل عادلة أو غير عادلة، وتتحمل الكثير من الآلام وتتصرف بلا خجل إلى حد إنفاق طاقة العمر كله من أجل الحب الرومانسي - ثم ينتهي أمرك. في عملية السعي وراء الحب الرومانسي، لنفترض أن امرأة وجدت شخصًا أعجبت به وفكرت "نحن واقعان في الحب، فلنتزوج". بعد أن تتزوج، تعيش مع هذا الشخص لفترة، ثم تدرك أن لديه بعض العيوب، فتفكر "إنه لا يحبني، وأنا لا أحبه حقًا. لا نناسب أحدنا الآخر، لذا فإن حبنا الرومانسي كان خطأ. حسنًا، سنتطلق". بعد الطلاق، تحمل طفلاً يبلغ من العمر عامين أو ثلاثة أعوام وتستعد للبحث عن شخص آخر، وتفكر "بما أن زواجي الأخير كان بلا حب، يجب أن أتأكد من أن زواجي القادم يحمل حبًا رومانسيًا حقيقيًا. هذه المرة يجب أن أكون متأكدة من ذلك، لذا يجب أن أقضي بعض الوقت في التدقيق". بعد فترة، تقابل شخصًا آخر صدفة وتقول: "آه، هذا هو فتى أحلامي، الشخص الذي تخيلت أنني سأحبه. إنه يحبني وأنا أحبه. هو لا يطيق البعد عني، وأنا لا أطيق البعد عنه؛ نحن مثل مغناطيسين يجذب أحدهما الآخر، نرغب دائمًا في أن نكون معًا. نحن مغرمان، فلنتزوج". وهكذا تتزوج مرة أخرى. وبعد الزواج، تنجب طفلاً آخر، وبعد عامين أو ثلاثة أعوام، تفكر: "هذا الشخص لديه الكثير من العيوب؛ فهو كسول وشره في الوقت نفسه. إنه يحب التباهي والتفاخر، وكذلك الثرثرة. إنه لا يفي بمسؤولياته، ولا يعطي المال الذي يكسبه للأسرة، ويشرب ويقامر طوال اليوم. ليس هذا هو الشخص الذي أريد أن أحبه. ليس هذا هو الشخص الذي أحبه. ليكن الطلاق!" وتطلق مرة أخرى وهي تحمل طفلين. بعد الطلاق، تبدأ في التفكير: ما هو الحب الرومانسي؟ لا تستطيع أن تحدد. بعض الناس يخفقون في زيجتين أو ثلاث، وماذا يقولون في النهاية؟ "أنا لا أؤمن بالحب الرومانسي، أنا أؤمن بالإنسانية". كما ترى، فهم يتحركون ذهابًا وإيابًا ولا يعرفون ما يجب أن يؤمنوا به. إنهم لا يعرفون ما هو الزواج، ويقبلون أفكارًا ومنظورات خاطئة، ويستخدمون هذه الأفكار والمنظورات كمعايير لهم. إنهم يطبقون شخصيًا هذه الأفكار ووجهات النظر، وفي الوقت نفسه، يضرون الزواج وأنفسهم أيضًا، كما يضرون الآخرين؛ فهم يضرون الجيل القادم وأنفسهم بدرجات مختلفة، جسديًا وروحيًا. كل هذه الأمور هي جزء من سبب شعور الناس بالألم والعجز تجاه الزواج، وسبب عدم شعورهم بمشاعر جيدة تجاه الزواج. لقد قدمت شركة للتو حول وجهات نظر الناس المختلفة وتعريفاتهم للزواج، وكذلك الوضع الذي وصل إليه زواج البشر نتيجة لوجهات النظر الخاطئة التي يحملها الناس المعاصرون بشأن الزواج؛ وباختصار، هل وضع زواج البشر الحديث جيد أم سيئ؟ (سيئ). ليس له أي آفاق، ولا يوجد تفاؤل، وهو مقلوب رأسًا على عقب أكثر من أي وقت مضى. من الشرق إلى الغرب، ومن الجنوب إلى الشمال، فإن زواج البشر في حالة فظيعة ومريعة. يشهد الناس من الجيل الحالي - الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن الأربعين أو الخمسين عامًا - على سوء حظ زواج الجيل السابق والجيل اللاحق، وكذلك آراء هذه الأجيال في الزواج، وتجاربهم الزوجية الفاشلة. وبطبيعة الحال، فإن العديد من الأشخاص دون سن الأربعين هم ضحايا جميع أنواع الزيجات التعيسة؛ فبعضهم أمهات عازبات، والبعض الآخر آباء عازبون، وإن كان بالطبع، نسبيًا، لا يوجد عدد كبير من الآباء العازبين. بعض الأشخاص ينشأون مع أمهم الحقيقية وزوج الأم، والبعض الآخر ينشأ مع الأب الحقيقي وزوجة الأب، والبعض الآخر ينشأ مع أشقاء من أمهات وآباء مختلفين. والبعض الآخر ينشأون مع أبوين مطلقين ويتزوجون مرة أخرى، ولا يريدهم أي من الأبوين، فيصبحون أيتامًا، ويكبرون بعد سنوات قليلة من التخبط في المجتمع؛ ثم يصبحون زوج أم أو زوجة أب، أو يصبحون أمًا أو أبًا أعزبين. هذا هو حال الزواج الحديث. أليست إدارة البشر للزواج إلى هذه الدرجة نتيجة إفساد الشيطان لهم؟ (إنها كذلك). لقد تم تشويه وإفساد هذا الشكل الضروري لبقاء البشرية وتكاثرها بشكل كامل. كيف تظنون أن البشرية تعيش؟ إن النظر إلى حياة كل أسرة أمر مزعج، بل هو أمر فظيع للغاية. دعونا لا نتكلم أكثر من هذا؛ فكلما أكثرنا من الكلام زاد الانزعاج، أليس كذلك؟

بما أننا نتحدث عن موضوع الزواج، علينا أن نرى ما هو التعريف والمفهوم الدقيق والصحيح للزواج، وبما أننا نتحدث عن التعريف والمفهوم الدقيق والصحيح للزواج، فعلينا أن نبحث عن الإجابة في كلام الله، لنعطي للزواج تعريفًا ومفهومًا صحيحًا بناءً على كل ما قاله الله وفعله فيما يتعلق بهذا الأمر، لتوضيح الحالة الحقيقية للزواج، وتوضيح القصد الأصلي وراء خلق الزواج ووجوده. إذا أراد المرء أن يرى تعريف الزواج ومفهومه بوضوح، فعليه أن يبدأ أولاً بالنظر إلى أسلاف البشر. ما هو سبب البدء بالنظر إلى أسلاف البشر؟ لقد تمكنت البشرية من البقاء على قيد الحياة حتى الوقت الحاضر بسبب زواج أسلافهم؛ أي أن السبب الجذري لوجود هذا العدد الكبير من الناس اليوم هو الزواج بين الناس الذين خلقهم الله في البداية. لذا، إذا أراد المرء أن يفهم التعريف والمفهوم الدقيق للزواج، يجب أن يبدأ بالنظر إلى زواج أسلاف البشر. متى بدأ الزواج عند أسلاف البشر؟ لقد بدأ مع خلق الله للإنسان. إنه مدوّن منذ وقت مبكر في سفر التكوين، لذلك يجب أن نفتح الكتاب المقدس ونرى ما تقوله هذه المقاطع. هل غالبية الناس مهتمون بهذا الموضوع؟ قد يعتقد المتزوجون بالفعل أنه لا يوجد شيء أصلاً للحديث عنه، وأن هذا الموضوع شائع جداً، لكن الشباب العازبين يهتمون بهذا الموضوع بشكل خاص، لأنهم يعتقدون أن الزواج غامض، وأن هناك أشياء كثيرة لا يعرفونها عنه. لذا دعونا نبدأ الحديث من الجذور. ليقرأ أحدكم سفر التكوين 2: 18. ("وَقَالَ يَهْوَه ٱلْإِلَهُ: لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ)". بعد ذلك، سفر التكوين 2: 21-24 ("فَأَوْقَعَ يَهْوَه ٱلْإِلَهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلَاعِهِ وَمَلَأَ مَكَانَهَا لَحْمًا. وَبَنَى يَهْوَه ٱلْإِلَهُ ٱلضِّلْعَ ٱلَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ ٱمْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ. فَقَالَ آدَمُ: "هَذِهِ ٱلْآنَ عَظْمٌ مِنْ عِظَامِي وَلَحْمٌ مِنْ لَحْمِي. هَذِهِ تُدْعَى ٱمْرَأَةً لِأَنَّهَا مِنِ ٱمْرِءٍ أُخِذَتْ". لِذَلِكَ يَتْرُكُ ٱلرَّجُلُ أَبَاهُ وَأُمَّهُ وَيَلْتَصِقُ بِٱمْرَأَتِهِ وَيَكُونَانِ جَسَدًا وَاحِدًا".) بعد ذلك، سفر التكوين 3: 16-19 (وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: "تَكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِٱلْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلَادًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ". وَقَالَ لِآدَمَ: "لِأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ ٱمْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ ٱلَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لَا تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ ٱلْأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِٱلتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ ٱلْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لِأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ"). سنتوقف هنا. هناك خمس آيات في الإصحاح الثاني وأربع آيات في الإصحاح الثالث، أي تسع آيات من الكتاب المقدس في المجموع. تسع آيات في سفر التكوين تصف شيئًا واحدًا، وهو كيف جاء زواج جد البشرية الأول. أليس كذلك؟ (هو كذلك). هل تفهمون الآن؟ هل تفهمون المعنى العام بشكل أفضل قليلاً، وهل أنتم قادرون على تذكّره؟ ما هو الشيء الرئيسي الذي يجري الحديث عنه هنا؟ (كيف جاء زواج جد البشر). إذن كيف حدث ذلك بالفعل؟ (أعده الله). هذا صحيح، هذا هو الوضع الحقيقي للأمور. أعده الله للإنسان. لقد خلق الله آدم، ثم خلق له شريكة، زوجة تساعده وترافقه، لتعيش معه. هذا هو أصل الزواج عند جد البشر، وهو أصل الزواج البشري، أليس كذلك؟ (إنه كذلك). نحن نعرف مصدر الزواج البشري: لقد عيّنه الله. لقد أعد الله شريكة لجد البشر، والتي يمكن أن يُطلق عليها أيضًا اسم الزوجة، التي كانت تساعده وترافقه في الحياة. هذا هو أصل الزواج البشري ومصدره. إذن، بعد أن نظرنا إلى أصل الزواج البشري ومصدره، كيف ينبغي أن نفهم الزواج بشكل صحيح؟ هل تقولون إن الزواج مقدس؟ (نعم). هل هو مقدس؟ هل له علاقة بالقداسة؟ لا. لا يمكنكم القول إنه مقدس. الزواج مرتب ومدبّر من قبل الله، وله أصل ومصدر في خليقة الله. لقد خلق الله الإنسان الأول الذي كان بحاجة إلى شريكة تساعده وترافقه، وتعيش معه، فخلق الله له شريكة، ومن ثم جاء الزواج البشري إلى الوجود. هذا كل ما في الأمر. الأمر بهذه البساطة. هذا هو الفهم البدائي للزواج الذي يجب أن يكون لديكم. يأتي الزواج من الله؛ فهو من ترتيب الله وتدبيره. على أقل تقدير، يمكنك القول إنه ليس أمرًا سلبيًا، بل هو أمر إيجابي. كما يمكن القول بدقة أيضًا إن الزواج أمر ملائم، وإنه جزء ملائم في مسار الحياة البشرية وضمن مسيرة وجود الناس. إنه ليس بالأمر الشرير، ولا هو أداة أو وسيلة لإفساد البشرية، بل هو ملائم وإيجابي، لأنه مخلوق ومعيّن من الله، وبالطبع هو الذي رتبه. نشأ الزواج البشري من عملية الخلق التي قام الله بها، وهو شيء رتبه الله وعيّنه هو نفسه، لذلك بالنظر إليه من هذه الزاوية، فإن المنظور الوحيد الذي يجب أن يكون لدى المرء فيما يتعلق بالزواج هو أنه يأتي من الله، وأنه شيء ملائم وإيجابي، وأنه ليس سلبيًا أو شريرًا أو أنانيًا أو مظلمًا. إنه لم يأتِ من الإنسان، ولا من الشيطان، كما أنه لم يتطور بشكل عضوي في الطبيعة، بل خلقه الله بيديه، ورتَّبه بنفسه وعيّنه. هذا أمر مؤكد تمامًا. هذا هو التعريف والمفهوم الأكثر أصالة ودقة للزواج.

والآن بعد أن فهمتم المفهوم الدقيق للزواج وتعريفه الذي يجب أن يكون لدى الناس، دعونا نلقي نظرة: ما هو المعنى وراء ترتيب الله للزواج وتعيينه؟ هذا مذكور في آيات الكتاب المقدس التي قرأناها للتو، أي لماذا لدى البشر زواج، وماذا كانت أفكار الله، وما هي الحالة والظروف التي كانت سائدة في ذلك الوقت، وفي أي نوع من الظروف أعطى الله هذا الزواج للإنسان. قال يهوه الإله الأمر بهذه الطريقة: "لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ". هذه الكلمات تقول أمرين. أولاً: رأى الله أن هذا الإنسان وحيدًا جدًا، بلا شريك، بلا أحد يتحدث معه، أو رفيق يشاركه سعادته وأفكاره، رأى أن حياته ستكون جافة لا طائل من ورائها، ولا فائدة منها، فخطر له خاطر: الرجل الواحد سيشعر بالوحدة قليلاً، لذلك يجب أن أخلق له شريكة. ستكون هذه الشريكة زوجته، التي سترافقه في كل مكان وتساعده في كل شيء؛ ستكون شريكته وزوجته. فالغرض من الشريكة هو أن ترافقه في حياته، وأن تشاركه الرحلة على طريق الحياة. سواء لعشر سنوات أو عشرين أو مائة أو مائتي سنة، ستقف هذه الشريكة إلى جانبه، وسترافقه في كل مكان، وستتحدث معه وتشاركه السعادة والألم وكل عاطفة، وفي الوقت نفسه، ترافقه وتبعده عن الشعور بالوحدة والوحشة. كانت هذه الخواطر والأفكار التي نشأت في ذهن الله هي الظروف التي جاء منها الزواج البشري. في ظل هذه الظروف، فعل الله شيئًا آخر. دعونا ننظر إلى السجل الكتابي: "فَأَوْقَعَ يَهْوَه ٱلْإِلَهُ سُبَاتًا عَلَى آدَمَ فَنَامَ، فَأَخَذَ وَاحِدَةً مِنْ أَضْلَاعِهِ وَمَلَأَ مَكَانَهَا لَحْمًا. وَبَنَى يَهْوَه ٱلْإِلَهُ ٱلضِّلْعَ ٱلَّتِي أَخَذَهَا مِنْ آدَمَ ٱمْرَأَةً وَأَحْضَرَهَا إِلَى آدَمَ". أخذ الله ضلعًا من الرجل، وأخذ طينًا واستخدم الضلع لخلق إنسانًا آخر. جاء هذا الشخص من ضلع الرجل، خُلِقَ من ضلعه. إذا تحدثنا بكلام بسيط، فإن هذا الشخص - شريك آدم خُلِقَ من اللحم والعظم المأخوذ من جسده، ألا يمكن القول إنها مثلما هي شريكته فهي أيضًا جزء من جسده؟ (بلى). بتعبير آخر، هي مشتقة منه. بعد أن خُلقت، ماذا أسماها آدم؟ "امرأة". كان آدم رجلاً وكانت هي امرأة؛ من الواضح أنهما كانا شخصين من جنسين مختلفين. خلق الله أولًا شخصًا بخصائص فسيولوجية ذكرية، ثم أخذ ضلعًا من الذكر وخلق شخصًا بخصائص فسيولوجية أنثوية. وعاش هذان الشخصان معًا كشخص واحد، وهو ما يشكل زواجًا، وهكذا نشأ الزواج. إذن، أيًا كان الأبوان اللذين تربى على يديهما شخص ما، في النهاية، يجب أن يتزوجوا جميعًا ويرتبطوا بنصفهم الآخر بموجب تعيين الله وترتيباته، ويسيرا إلى نهاية الطريق. هذا هو ما عينه الله. من جهة، بالنظر إلى الأمر من الناحية الموضوعية، يحتاج الناس إلى شركاء؛ ومن جهة أخرى، بالنظر إلى الأمر من الناحية الذاتية، بما أن الزواج معيّن من الله، يجب أن يكون الزوج والزوجة كشخص واحد، شخص واحد لا يمكن تقسيمه. هذه حقيقة ذاتية وموضوعية على حد سواء. لذا، على كل شخص أن يترك أسرة مولده، ويتزوج، ويؤسس أسرة مع نصفه الآخر. هذا أمر لا مفر منه. لماذا؟ لأنه أمر معيّن من الله، وهو شيء رتبه الله منذ نشأة الإنسان. ماذا يقول هذا للناس؟ أيًا كان الشخص الذي تتخيل أن يكون نصفك الآخر، سواء كان هو الشخص الذي تحتاجه وترجوه شخصيًا أم لا، وبغض النظر عن خلفيته، فإن الشخص الذي ستتزوجه، والذي ستؤسس معه أسرة وتمضي معه هذه الحياة، هو بالتأكيد الشخص الذي عينه الله لك ورتبه لك بالفعل. أليس هذا هو الحال؟ (بلى). ما هو السبب في ذلك؟ (تعيين الله). السبب هو تعيين الله. إذا نظرنا إلى الأمر في سياق الحيوات السابقة، أو من منظور الله، فالزوج والزوجة اللذان يتزوجان هما في الواقع واحد، لذلك يرتّب الله لك أن تتزوج وتقضي حياتك مع الشخص الذي تكون معه واحدًا. بصراحة، هذه هي الطريقة التي تسير بها الأمور. بغض النظر عمّا إذا كان الشخص الذي تتزوجه هو فتى أحلامك، سواء كان هو فارس أحلامك، سواء كان هو الشخص الذي كنت تنتظره، سواء كنت تحبه أو كان هو يحبك، سواء كنتما متزوجين بشكل طبيعي جدًا بالحظ والصدفة أو في ظروف أخرى، فإن زواجكما هو أمر معيّن من الله. أنتما الشريكان اللذان عينهما الله لأحدكما الآخر، والشخصان اللذان عيّن الله أن يرافق أحدهما الآخر، واللذان عيّن الله أن يقضيا هذه الحياة معًا ويسيرا معًا إلى النهاية وأيديهما متشابكة. أليس هذا هو الحال؟ (إنه كذلك). هل تعتقدون أن هذا الفهم فيه تكلف أو تحريف؟ (لا). ليس فيه تكلف ولا تحريف. يقول بعض الناس "قد تكون مخطئًا في هذا القول. إذا كانت هذه الزيجات معيّنة من الله حقًا، فلماذا تنتهي بعض الزيجات بالطلاق"؟ هذا لأن هؤلاء الناس لديهم مشكلات في إنسانيتهم، وهذه مسألة منفصلة. هذا يتطرق إلى موضوع السعي إلى الحق، الذي سنقدم حوله شركة لاحقًا. أما الآن ونحن نتكلم عن تعريف الزواج وفهمه ومفهومه الدقيق، فالحقيقة أن هذا هو الواقع. يقول بعض الناس: "بما إنك تقول إن الزوج والزوجة واحد، أليس الأمر كما يقول غير المؤمنين: 'فإن كان مقدرًا فهو مقدر، وإن لم يكن مقدراً فهو غير مقدر، وكما يقول الناس من بعض البلدان(ب): 'إن المرء يحتاج إلى مائة سنة من حسن الطالع حتى يكسب فرصة مشاركة شخص ما في رحلة في مركب، وألف سنة من حسن الطالع حتى يشارك أحدهم فراش الزوجية'؟" هل تعتقدون أن للزواج، كما نتحدث عنه الآن، علاقة بهذه الأقوال؟ (لا). ليس ثمة علاقة. لم ينشأ الزواج ويتطور في العالم، بل هو أمر معيّن من الله. عندما يعيّن الله لشخصين أن يصبحا زوجًا وزوجة، ويصبح كل منهما شريكًا للآخر، لا يحتاجان إلى تطوير أنفسهما. ماذا سيطوران؟ النسيج الأخلاقي؟ الإنسانية؟ ليس عليهما أن يطورا نفسيهما. ينتمي هذا الكلام إلى الطريقة البوذية، وهي ليست الحق، ولا علاقة لها بالحق. الزواج البشري مدبَّر ومعيّن من الله. سواء من حيث الشكل أو المعنى، من حيث التعريف أو المفهوم، يجب أن يُفهم الزواج بهذه الطريقة. من خلال الكلمات المدونة في الكتاب المقدس، ومن خلال هذه الشركة، هل لديكم تعريف ومفهوم للزواج دقيق ومطابق للحق؟ (نعم). هذا المفهوم، هذا التعريف، ليس مشوهًا؛ إنه ليس منظورًا يُنظر إليه من خلال نظارات ملونة، ناهيك عن أنه لا يُفهم ويُعرَّف بالعاطفة البشرية، بل له أساس؛ فهو يستند إلى كلام الله وأفعاله، ويستند إلى ترتيباته وتعيينه. بعد أن وصلنا إلى هذه النقطة، هل يدرك الجميع الفهم والتعريف الأساسي للزواج؟ (نعم). الآن بعد أن فهمتموه، لن تعودوا تحملون أي تخيلات غير موضوعية عن الزواج، أو ستقل شكواكم من الزواج، أليس كذلك؟ قد يقول البعض: "الزواج معيّن من الله - لا يوجد شيء للحديث عنه - لكن الزيجات تنهار. ما سبب كل هذا؟" هناك أسباب كثيرة لذلك. إن البشر الفاسدين لديهم شخصيات فاسدة، ولا يستطيعون أن يروا حقيقة جوهر الأمور، ويسعون إلى إرضاء شهواتهم وأهوائهم، إلى درجة الدعوة إلى الشر، لذلك تنهار زيجاتهم. هذا موضوع منفصل لن نقول عنه المزيد.

دعونا نتحدث عن مساعدة أحدنا الآخر ومرافقة أحدنا الآخر في الزواج. "وقَالَ يَهْوَه ٱلْإِلَهُ: لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ". يعلم المتزوجون أن الزواج يجلب للأسرة ولحياة الإنسان فوائد كثيرة لم يكونوا يتخيلونها، فالناس في البداية يشعرون بالوحدة والعزلة عندما يعيشون بمفردهم، فلا يجدون من يثقون به، ولا من يتحدثون إليه، ولا من يؤنس وحدتهم، فتكون الحياة جافة وعاجزة بشكل خاص. وبمجرد أن يتزوجوا، لا يعودون بحاجة إلى المعاناة من هذه الوحدة والعزلة، فلديهم من يثقون به. أحيانًا يبوحان بمآسيهما لشريكهما، وأحيانًا يتشاركان عواطفهما وأفراحهما، أو حتى ينفثان عن غضبهما. في بعض الأحيان، يسكبان ما في قلبيهما لأحدهما الآخر، وتبدو الحياة مبهجة وسعيدة. فبالإضافة إلى كونهما كاتم أسرار أحدهما الآخر، ويؤمن كل منهما بالآخر، فإنهما يشعران بالسعادة في وجود شريك، بالإضافة إلى أنهما لا يشعران بالوحدة، بل يشعران بمزيد من البهجة. وبصرف النظر عن مختلف الأمزجة والمشاعر والأحاسيس والأفكار التي يحتاج الناس إلى التعبير عنها، فعليهم أن يواجهوا العديد من المشكلات العملية في حياتهم اليومية، في عملية المعيشة، مشكلات مثل الضروريات اليومية والملبس والمأكل والمسكن. على سبيل المثال، هب أن شخصين يريدان العيش معًا، ويحتاجان إلى بناء مخزن صغير. على الرجل أن يكون بنَّاءً، يضع الطوب لبناء الجدار، ويمكن للمرأة أن تساعده في ذلك، فتناوله الطوب وتخلط الملاط، أو تمسح عرقه وتمده بالماء. يتحدثان ويضحكان معًا، ويكون لديه مساعد، وهو أمر جيد. وينتهي العمل قبل حتى أن يحل الظلام. إنه مثل ما تصفه الأوبرا الصينية القديمة "الزوجان الجنيان": "أنا أسحب الماء وأنت تروي الحديقة". ماذا أيضًا؟ ("أنتِ تحرث الحقول وأنا أنسج القماش"). هذا صحيح. أحدهما ينسج القماش بينما الآخر يحرث الحقل؛ أحدهما سيدة في الداخل، والآخر سيد في الخارج. العيش بهذه الطريقة جيد جدًا. يمكن للمرء أن يطلق عليه التكامل المتناغم، أو التعايش في وئام. وبهذه الطريقة، تظهر مهارات الذكر في الحياة، والمجالات التي لديه نقص فيها أو التي لا يتقنها، تعوضها الأنثى؛ وحيثما تكون الأنثى ضعيفة، يسامحها الذكر ويساعدها ويعينها، وتظهر نقاط قوتها أيضًا، مما يفيد الذكر في الأسرة. يقوم كل من الزوج والزوجة بواجبه، ويتعلم كل منهما من نقاط قوة الآخر لتعويض نقاط ضعفه، ويعملان معًا للحفاظ على انسجام الأسرة وحياة الأسرة كلها وبقائها. وبالطبع، الأهم من الرفقة هو أن يدعم كل منهما الآخر ويساعده في الحياة، ويمضيا الأيام بشكل جيد، سواء في الفقر أو الغنى. وباختصار، كما قال الله، ليس من الجيد أن يكون الإنسان وحده، لذلك رتب الله الزواج نيابةً عن الإنسان، الرجل يقطع الحطب ويعتني بالفناء، والمرأة تطبخ وتنظف وتصلح وتخدم الأسرة كلها. يقوم كل منهما بعمله بشكل جيد، ويقوم كل منهما بما يحتاج إلى القيام به في الحياة، وتمر أيامهما بسعادة. لقد تطورت حياة البشر تدريجيًا نحو الخارج بشكل عام من هذه النقطة المفردة، وانتشر البشر وتكاثروا حتى يومنا هذا، لذا فالزواج أمر لا غنى عنه للبشرية ككل - لا غنى عنه لتطورهم، ولا غنى عنه لهم كأفراد. إن المعنى الحقيقي للزواج ليس فقط لتكاثر الجنس البشري، ولكن الأهم من ذلك هو أن يرتب الله لكل رجل وامرأة شريكًا يرافقهم في كل أوقات حياتهم، سواء كانت صعبة ومؤلمة، أو سهلة ومفرحة وسعيدة - في أثناء كل ذلك يكون لهم من يثقون به، ويتوحد معهم قلبًا وعقلًا، ويشاركهم في أحزانهم وآلامهم وسعادتهم وفرحهم. هذا هو المعنى الكامن وراء ترتيب الله الزواج للناس، وهو حاجة ذاتية لكل شخص على حدة. عندما خلق الله البشر لم يشأ أن يكونوا وحيدين، لذلك رتَّب لهم الزواج. يضطلع كل من الرجل والمرأة في الزواج بأدوار مختلفة، وأهم شيء هو أن يرافق كل منهما الآخر ويدعمه، وأن يعيشا كل يوم بشكل جيد، ويسيران بشكل جيد في طريق الحياة. فمن ناحية، يمكنهما أن يرافق كل منهما الآخر، ومن ناحية أخرى، يمكنهما أن يدعم كل منهما الآخر - وهذا هو معنى الزواج وضرورة وجوده. وبالطبع، هذا هو أيضًا الفهم والموقف الذي يجب أن يكون لدى الناس تجاه الزواج، وهذه هي المسؤولية والالتزام اللذين يجب أن يقوما بهما تجاه الزواج.

دعونا نعود وننظر إلى تكوين 3: 16. قال الله للمرأة "تكْثِيرًا أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ، بِٱلْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلَادًا. وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ". هذا هو التكليف الذي أعطاه الله للإناث، وهو بالطبع وصية أيضًا، حيث يعيّن الدور الذي ستلعبه المرأة في الزواج والمسؤوليات التي ستتحملها. على المرأة أن تلد، وكان ذلك من ناحية عقابًا لها على إثمها السابق، ومن ناحية أخرى كان ذلك هو المسؤولية والالتزام الذي كان من المفترض أن تقبله في الزواج كامرأة. فهي ستحمل وتلد، وعلاوة على ذلك، ستلد أطفالًا وهي في حزن. وبالتالي، لا ينبغي للمرأة بعد الزواج أن ترفض الإنجاب خوفًا من المعاناة. هذا خطأ. إن إنجاب الأطفال مسؤولية عليك تحملها. لذا، إذا أردتِ أن يكون لكِ من يرافقك، ويعينك في الحياة، فعليكِ أن تأخذي بعين الاعتبار أول مسؤولية والتزام تتحملينهما عند الزواج. إذا كانت هناك امرأة تقول: "أنا لا أريد أن أنجب أطفالاً"، فسيقول الرجل: "أنتِ لا تريدين الإنجاب، إذن أنا لا أريدك". إذا كنتِ لا تريدين المعاناة من ألم الولادة، فلا ينبغي لك أن تتزوجي. لا ينبغي لك الدخول في الزواج، فأنت لست أهلاً له. عندما تتزوجين، أول شيء يجب أن تفعليه كامرأة هو أن تنجبي أطفالاً، وعلاوة على ذلك، أن تعاني. إذا لم تستطيعي القيام بذلك، فلا ينبغي لكِ الزواج. على الرغم من أنه لا يمكن القول بأنك لا تستحقين أن تكوني امرأة، فعلى الأقل فشلتِ في الوفاء بمسؤوليتك كامرأة. إن أول مطلب من المرأة هو الحمل والإنجاب. والمطلب الثاني هو "وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ". كونك النصف الآخر للرجل - كامرأة - فالزواج من رجل يثبت أنك نصفه الآخر، ولكي أتحدث بشكل عقائدي إلى حد ما، فأنت بالتالي جزء منه، لذا يجب أن يكون اشتياق قلبك إليه، أي يجب أن يكون في قلبك. فقط عندما يكون في قلبك يمكنك أن تهتمي به وترافقيه بسرور. عندئذ فقط، حتى عندما يكون زوجك مريضًا، أو عندما يواجه صعوبات ونكسات أو عندما يواجه فشلًا أو تعثرًا أو ضيقًا سواء بين الآخرين أو في حياته، يمكنك أن تقومي بمسؤولياتك والتزاماتك كامرأة، فتعتني به وتهتمي به وتتولين رعايته وتكلميه بالمنطق وتواسيه وتنصحيه وتشجعيه بطريقة أنثوية. هذه هي الرفقة الحقيقية، الرفقة الأفضل. وبهذه الطريقة وحدها سيكون زواجك سعيدًا، وعندها فقط ستتمكنين من الوفاء بمسؤوليتك كامرأة. بالطبع، لم يكلفك والداك بهذه المسؤولية، بل كلفك بها الله. هذه هي المسؤولية والالتزام اللذين يجب أن تقوم بهما المرأة. هكذا يجب أن تكوني كامرأة. هكذا يجب أن تعاملي زوجك وتعتني به؛ هذه هي مسؤوليتك والتزامك. إذا لم تستطع المرأة القيام بذلك، فهي ليست امرأة صالحة، وبالطبع ليست امرأة مقبولة، لأنها فشلت في القيام بالحد الأدنى من متطلبات الله من المرأة: "وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ". هل تفهمين؟ (نعم). بصفتك النصف الآخر للرجل، فأنتِ قادرة على عشق زوجك ورعايته عندما تسير الأمور بيسر وعندما يكون لديه المال والسلطة، وعندما يكون مطيعاً ويعتني بكِ جيداً، وعندما يجعلك سعيدة وراضية في كل شيء. ولكن عندما يواجه صعوبات أو مرضًا أو إحباطًا أو فشلًا أو تثبيطًا أو خيبات أمل، عندما لا تسير الأمور كما يريد لها، عندها تكونين غير قادرة على القيام بالمسؤوليات والالتزامات التي يجب أن تقوم بها المرأة، غير قادرة على مواساته قلبًا لقلب، أو التحدث معه بالمنطق، أو تشجيعه أو دعمه. في هذه الحالة، فأنتِ لستِ امرأة صالحة، لأنكِ لم تفي بمسؤولية المرأة، وأنتِ لستِ شريكة جيدة للرجل. فهل يمكن للمرء أن يقول إن مثل هذه المرأة امرأة سيئة؟ إن كلمة "سيئة" غير واردة، ولكن على أقل تقدير، أنتِ لا تملكين الضمير والعقل اللذين يتطلبهما الله، واللذين يجب أن يتحلى بهما شخص يتمتع بإنسانية طبيعية - أنتِ امرأة بلا إنسانية. أليس كذلك؟ (هو كذلك). لقد انتهينا من الحديث عن المتطلبات المفروضة على المرأة. لقد ذكر الله مسؤولية المرأة تجاه زوجها وهي: "وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ. كلمة "الاشتياق" هذه لا تعني الحب أو المودة؛ بل تعني أنه يجب أن يكون في قلبك. يجب أن يكون عزيزًا عليك؛ يجب أن تعامليه على أنه حبيبك، نصفك الآخر. إنه الشخص الذي يجب أن تعتزي به وترافقيه وتعتني به، الشخص الذي يجب أن تعتني به ويعتني بك حتى نهاية حياتكما. يجب أن تعتني به وتقدريه من كل قلبك. هذه هي مسؤوليتك، وهذا ما يُشار إليه بـ"الاشتياق". بالطبع، عندما يقول الله هنا "وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ"، فإن عبارة "يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ" هذه هي تعليم مُعطى للناس. بصفتك امرأة ذات إنسانية، امرأة مقبولة، يجب أن يكون اشتياقك إلى رجلك. وعلاوة على ذلك، لم يقل الله لكِ أن يكون اشتياقك إلى زوجك وإلى رجال آخرين. ألم يقل الله هذا؟ (لم يقل هذا). يطلب الله من المرأة أن تكون مخلصة لزوجها، وأن يكون الشخص الوحيد في قلبها، والشخص الوحيد الذي يكون له اشتياقها هو زوجها. إنه لا يريدها أن تكون متغيرة فيمن تتوجه نحوه بعواطفها، أو أن تكون فاسقة، أو غير مخلصة لزوجها، أو يكون اشتياقها لشخص آخر عدا زوجها، بل يريدها أن يكون اشتياقها للشخص الذي تزوجته وتقضي معه بقية حياتها. هذا الرجل هو الشخص الذي يجب أن يتوجه إليه اشتياقك الحقيقي، وهو الشخص الذي يجب أن تقضي العمر كله في بذل الجهد الهائل في العناية به والاعتزاز به ورعايته ومرافقته ومساعدته ودعمه. هل تفهمين؟ (نعم). أليس هذا شيء جيد؟ (إنه كذلك). هذا النوع من الأشياء الجميلة موجود بين الطيور والدواجن، وبين بقية المملكة الحيوانية، ولكنه يكاد يكون معدومًا بين البشر - يمكنك أن ترى كم أفسد الشيطان البشرية! لقد قدمنا شركة واضحة حول أهم الالتزامات الأساسية التي يجب على المرأة أن تفي بها في الزواج، وكذلك المبادئ التي يجب أن تعامل زوجها وفقًا لها. بالإضافة إلى ذلك، ثمة شيء آخر هنا، وهو أن الزواج كما عيّنه الله ورتبه هو زواج من زوجة واحدة. أين نجد أساسًا لذلك في الكتاب المقدس؟ انتزع الله ضلعًا واحدًا من جسد الرجل ليخلق امرأة - لم ينتزع ضلعين أو أكثر من الرجل، ليخلق عدة نساء، بل خلق امرأة واحدة فقط. أي أن الله خلق المرأة الوحيدة للرجل الوحيد الذي خلقه. هذا يعني أنه لم يكن هناك سوى شريكة واحدة للرجل. لم يكن للرجل إلا نصفه الآخر، ولم يكن للمرأة إلا نصفها الآخر، علاوة على ذلك، في الوقت نفسه حذر الله المرأة قائلاً: "وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ". من هو رجلك؟ إنه الشخص الذي تتزوجينه، وليس أي شخص آخر. ليس هو حبيبك السري، ولا هو الشخص المشهور الذي تعشقينه، ولا هو أمير أحلامك. إنه زوجك، وليس لديك سوى زوج واحد. هذا هو الزواج الذي عيّنه الله - الزواج من شخص واحد. هل هو مجسّد في كلام الله؟ (نعم). "وَقَالَ الرَّبُّ الإِلهُ: «لَيْسَ جَيِّدًا أَنْ يَكُونَ آدَمُ وَحْدَهُ، فَأَصْنَعَ لَهُ مُعِينًا نَظِيرَهُ". لم يقل الله أنه جعل له الكثير أو القليل من المعين النظير، فهذا لم يكن ضروريًا. كانت واحدة كافية. لم يقل الله كذلك أن تتزوج المرأة عدة أزواج، أو أن يتخذ الرجل عدة زوجات. إن الله لم يجعل للرجل عدة زوجات، ولم يأخذ ضلعاً من عدة رجال ليجعل منه عدة نساء، فزوجة الرجل لا تكون إلا المرأة التي خُلقت من ضلعه. أليست هذه حقيقة؟ (هي كذلك). إذن في التطور المتأخر للبشرية نشأ تعدد الزوجات، وكذلك تعدد الأزواج. هذه الزيجات غير طبيعية، وليست زواجًا على الإطلاق. هذا كله زنا. ويُستثنى من ذلك بعض الظروف الفريدة من نوعها، مثل أن يموت الرجل فتتزوج امرأته من جديد. وهذا أمرٌ عيّنه الله ورتَّبه، وهو مباحٌ. باختصار، لطالما حافظ الزواج على الزوج والزوجة الواحدة. أليس هذا هو الحال؟ (بلى). انظروا إلى عالم الطبيعة. الإوزة البرية أحادية الزواج. إذا قتل الإنسان إحدى الإوزات، فإن الإوزة الأخرى لن "تتزوج مرة أخرى" - ستصبح إوزة وحيدة. يُقال إنه عندما تطير أسراب الإوز، فإن الإوزة التي في المقدمة عادة ما تكون إوزة وحيدة. الأمور صعبة على الإوزة الوحيدة، فعليها أن تقوم بالأشياء التي لا ترغب الأوزات الأخرى في سربها في القيام بها. فعندما تأكل الإوزات الأخرى أو تستريح، عليها أن تكون مسؤولة عن الحفاظ على سلامة بقية السرب. فلا يمكنها النوم ولا الأكل، بل عليها أن تنتبه إلى سلامة محيطها لحماية القطيع. هناك أشياء كثيرة لا يمكنها القيام بها. لا يمكنها إلا أن تكون وحيدة، ولا يمكنها أن تتخذ رفيقاً آخر. لا يمكنها اتخاذ رفيق آخر ما دامت حية. تحافظ الأوزات البرية دائمًا على القواعد التي عينها لها الله، ولا تتغير أبدًا، حتى في الوقت الحاضر، لكن البشر انقلب حالهم. لماذا انقلب حال البشر؟ لأن البشر هم الذين أفسدهم الشيطان، ولأنهم يعيشون في الشر والانحلال، لا يستطيعون البقاء في علاقة زوجية أحادية، ولا يستطيعون الحفاظ على أدوارهم الزوجية أو القيام بالمسؤوليات والالتزامات التي يجب عليهم القيام بها. أليس هذا صحيحًا؟ (إنه كذلك).

دعونا نواصل القراءة. قال الله "وَإِلَى رَجُلِكِ يَكُونُ ٱشْتِيَاقُكِ وَهُوَ يَسُودُ عَلَيْكِ". ماذا تعني كلمة "يسود"؟ أن يحكم بعصا، وأن يجعل المرأة عبدة، هل هذا هو المعنى؟ (لا). ما هو المعنى إذن؟ (أن يرعاها ويكون مسئولاً عنها) فكرة "المسؤولية" هذه أقرب قليلاً. هذه السيادة مرتبطة بمسألة إغواء المرأة للرجل بالخطيئة. لأن المرأة أولاً خالفت كلام الله وأغوتها الحية، ثم قادت الرجل لتغويه الحية كما أغوتها، ليخون الله، فغضب الله منها قليلاً، ولذلك طلب منها أن تمتنع عن أخذ زمام المبادرة، وأن تستشير الرجل في كل ما تفعله، وسيكون الأفضل لها أن تترك الرجل يكون هو السيد. وَهَلْ تُعْطَى الْمَرْأَةُ الفرصة لأَنْ تَكُونَ لها السيادةَ؟ يمكن أن تُعطى لها الفرصة. يمكن للمرأة أن تستشير رجلها، ويمكن أن تكون لها السيادة، ولكن الأفضل لها ألا تتخذ القرارات بمفردها، بل عليها أن تستشير زوجها، رجلها. من الأفضل لها أن تستشير رجلها في الأمور الكبيرة. ليس عليك كامرأة أن ترافقي زوجك فحسب، بل عليك أيضًا أن تساعدي زوجك في القيام بالواجبات المنزلية. والأهم من ذلك هو أن الدور الذي يجب أن يقوم به زوجك في الأسرة وفي زواجك هو دور السيد، لذا يجب أن تستشيري زوجك في كل ما تفعلينه. وبسبب الاختلافات بين الجنسين ليس للمرأة أفضلية على الرجل في أفكارها أو في صبرها أو في وجهات نظرها أو في أي نوع من الأمور الخارجية، بل على العكس من ذلك فإن الرجل له الأفضلية على المرأة. لذا، وبناءً على هذا الاختلاف بين الجنسين، فقد أعطى الله للرجل سلطة فريدة، ففي الأسرة الرجل هو السيد، والمرأة مساعدة. المرأة تحتاج إلى مساعدة زوجها، أو مرافقة زوجها في إدارة الأمور الكبيرة والصغيرة. ولكن عندما قال الله "يسود عليك"، لم يكن يقصد أن الذكور أعلى منزلة من الإناث، أو أن الذكور يجب أن يسيطروا على المجتمع بأكمله. لم يكن الأمر كذلك. عندما قال الله هذا، كان يتحدث فقط فيما يتعلق بالزواج؛ كان يتحدث فقط عن الأسر والأمور المنزلية التافهة التي يتولاها الرجال والنساء. عندما يتعلق الأمر بالأمور المنزلية التافهة، فإن الله لا يطلب من الرجل أن يتحكم في المرأة أو يقهرها في كل شيء، بل على الرجل أن ينهض بأعباء ومسؤوليات أسرته بنشاط، وفي الوقت نفسه عليه أن يهتم بالمرأة الضعيفة نسبياً، وعليه أن يقدم لها التوجيه الصحيح. وكما يمكن للمرء أن يرى من هذه النقطة، فقد تم تكليف الرجل ببعض المسؤوليات الفريدة. فعلى سبيل المثال، يجب على الرجل أن يأخذ زمام المبادرة في تحمل مسؤولية الأمور الكبرى التي تخص الحق والباطل، فلا ينبغي له أن يدفع بالمرأة إلى المعاناة الشديدة، ولا أن يسمح لها بأن تعاني من الإهانة الاجتماعية والتنمر عليها وقهرها. على الرجل أن يأخذ زمام المبادرة في تحمل هذه المسؤولية. وليس معنى قول الله "يسود عليك" أنه يستطيع أن يسوق المرأة بالعصا، أو أن يتحكم بها، أو أن يجعلها عبدة يعاملها كما يشاء. بموجب شروط الزواج وإطاره، الذكر والأنثى متساويان أمام الله؛ كل ما في الأمر أن الرجل هو الزوج، وقد أعطاه الله هذا الحق والمسؤولية. هذه مجرد نوع من المسؤولية، وليست سلطة فريدة، وليست سببًا لمعاملة المرأة كشيء آخر عدا الإنسان. كلاكما متساويان. فالذكر والأنثى كلاهما خلقهما الله، كل ما في الأمر أن هناك مطلبًا فريدًا للذكر، وهو أنه من ناحية يجب أن يتحمل أعباء ومسؤوليات الأسرة، ومن ناحية أخرى عندما تظهر الأمور الكبيرة، يجب على الرجل أن يتقدم بجرأة ويتحمل المسؤوليات والالتزامات التي يجب أن يتحملها في دوره كذكر، في دوره كزوج، لحماية المرأة، وأن يعمل جاهدًا لمنع امرأته من القيام بأشياء لا يجب أن تقوم بها المرأة، أو بتعبير بسيط أن يحميها من مواجهة صعوبات، وأن يمنعها من المعاناة التي لا يجب أن تعاني منها المرأة. فعلى سبيل المثال، من أجل ارتقاء الرجال بمكانتهم، ومن أجل أن يعيشوا حياة رغيدة ويصبحوا أغنياء، ومن أجل الشهرة والربح والمكانة، ولكي يجعلوا الآخرين ينظرون إليهم نظرة تقدير واحترام، يهب بعض الرجال زوجاتهم لرؤسائهم كمحظيات أو عشيقات، فيدفعون بزوجاتهم للبغاء. وبعد أن يبيعوا زوجاتهم، وعندما تتحقق أهدافهم، يتوقفون عن تقدير زوجاتهم، ولا يعودوا يريدونهن. أي نوع من الرجال هذا؟ أليس لمثل هؤلاء الرجال وجود؟ (لهم وجود). أليس هذا الرجل شيطانيًا؟ (إنه كذلك). إن الهدف من التسيد على المرأة هو أن تقوم بمسؤولياتك وتحميها. هذا لأنّه من منظور النوع الفسيولوجي، للذكور ميزة على النساء في مختلف الأفكار ووجهات النظر والمستويات والبصيرة التي يمتلكونها تجاه الأشياء، وهذه حقيقة لا يمكن لأحد أن ينكرها. إذن، بما أن الله قد أعطى المرأة للرجل بقوله: "يسود عليك"، فالمسؤولية التي يجب أن يقوم بها الرجل هي أن يتحمل أعباء الأسرة، أو عندما تحدث أمور خطيرة أن يحمي امرأته ويعتز بها ويعطف عليها ويتفهمها، ولا يدفعها إلى الغواية، بل يتحمل المسؤوليات التي يجب أن يتحملها الزوج والرجل. وبهذه الطريقة، في الأسرة وفي إطار الزواج، ستؤدي المسؤوليات والالتزامات التي يجب عليك أن تؤديها، وستجعل امرأتك تشعر بأنك تستحق أن تؤتمن عليها، وأنك الشخص الذي ستقضي حياتها معه، وأنك جدير بالثقة، وأنك شخص يُعتمد عليه. عندما تعتمد امرأتك عليك، عندما تحتاج إليك، أنت زوجها، في اتخاذ قرار للتعامل مع بعض الأمور الخطيرة، فأنت لا تريد أن تكون نائمًا، أو تشرب، أو تقامر، أو تتجول في الشوارع. هذا كله غير مقبول؛ هذا جبن. أنت لست رجلاً صالحًا؛ فأنت لم تقم بما يجب عليك من مسؤوليات. إذا كنت أنت كرجل تحتاج دائمًا إلى أن تتقدم امرأتك في كل أمر من الأمور الكبرى، وإذا كنت تدفعها - وهي التي لها دور أكثر حساسية من الرجل - إلى مواجهة الصعوبات، وتدفعها إلى حيث الريح الشديدة والأمواج العاتية، وتدفعها إلى دوامة من الأمور المعقدة المتنوعة، فهذا ليس ما يجب لرجل صالح أن يفعله، وليس هذا هو الأسلوب الذي يجب أن يتصرف به الزوج الصالح. ليست مسؤوليتك مجرد أن تجعل امرأتك ترغب فيك، وترافقك وتساعدك على أن تحيا حياة جيدة؛ فليس هذا كل ما في الأمر، بل عليك أنت أيضاً مسؤولية يجب أن تتحملها. لقد قامت بمسؤولياتها تجاهك، فهل قمت بمسؤولياتك تجاهها؟ لا يكفي أن تقدم لها طعاماً طيباً وملابس تدفئها لترتديها وأن تريح قلبها، بل الأهم من ذلك أن تكون أنت قادراً على أن تعينها في مختلف الأمور الكبيرة والخلافات على الصواب والخطأ، وأن تكون قادراً على أن تعينها على التعامل مع كل شيء بدقة وصواب وبشكل ملائم، وأن تبعد عنها الهموم، وأن تمكنها من الحصول على منافع حقيقية منك، وأن تحرص على أن تقوم بما يجب عليك كزوج. هذا هو مصدر سعادة المرأة في الزواج. أليس هذا هو الحال؟ (إنه كذلك). مهما يكن كلامك معسولًا، أو كيف تسحرها، أو كيف ترافقها، إذا لم تستطع امرأتك أن تعتمد عليك أو تثق بك في الأمور الكبيرة، وإذا لم تتحمل المسؤوليات التي يجب عليك تحملها، وتسمح عوضُا عن ذلك للمرأة الرقيقة أن تتقدم وتتحمل الذل أو تتحمل أي ألم، فإن مثل هذه المرأة لن تتمكن من الشعور بالسعادة أو الفرح، ولن ترى فيك أي رجاء. لذا فإن أي امرأة تزوجت مثل هذا الرجل ستشعر بأنها غير محظوظة في زواجها، وأن أيامها وحياتها المستقبلية بلا أمل وبلا نور، لأنها تزوجت رجلاً غير موثوق به، رجلاً لا يقوم بمسؤولياته، جباناً ولا يصلح لشيء، ورعديد، لن تشعر بالسعادة. لذا، على الرجال أن يضطلعوا بمسؤولياتهم. من ناحية، هذا مطلب إنساني، ومن ناحية أخرى - وهذا هو الأهم - عليهم أن يتقبلوه من الله. هذه هي المسؤولية والالتزام الذي أعطاه الله لكل رجل في الزواج. لذا، أقول للمرأة: إذا كنتِ تريدين الزواج والعثور على نصفك الآخر، فعلى أقل تقدير، يجب أن تنظري أولاً إلى الرجل هل يُعتمد عليه أم لا؟ فشكله وطوله وشهادته وما إذا كان ثريًا وما إذا كان يجني الكثير من المال، كلها أشياء ثانوية. والمهم هو معرفة ما إذا كان هذا الشخص يتمتع بالإنسانية والإحساس بالمسؤولية أم لا، وما إذا كان يتحمل المسؤولية بقوة أم لا، وعندما تعتمدين عليه، ما إذا كان سيقع أم سيستطيع أن يرفعك وهل هو موثوق به أم لا. ولنتكلم بدقة، هل يستطيع أن يقوم بمسؤوليات الزوج كما قال الله أم لا، وهل هو من هذا النوع من الأشخاص أم لا، وإن تركنا جانبا مسألة اتباعه لطريق الله، فعلى أقل تقدير، يجب أن يكون شخصًا يتمتع بإنسانية في نظر الله. عندما يعيش شخصان معًا، لا يهم ما إذا كانا غنيين أو فقيرين، أو ما هي نوعية حياتهما، أو ما هو موجود في بيتهما، أو ما إذا كانا متوافقين في الطباع أم لا؛ فعلى أقل تقدير، يجب أن يكون الرجل الذي تتزوجينه على قدر التزاماته ومسؤولياته تجاهك، وأن يكون لديه شعور بالمسؤولية نحوك، وأن تكوني في قلبه. سواء كان مغرماً بكِ أو محباً لكِ، فعلى أقل تقدير يجب أن تكوني في قلبه، ليفي بالمسؤوليات والالتزامات التي يجب عليه الوفاء بها في إطار الزواج. عندها ستكون حياتك بهيجة، وأيامك سعيدة، ولن يكون طريقك في المستقبل ضبابيًا. إذا كان الرجل الذي تتزوجه المرأة لا يُعتمد عليه دائمًا، ويهرب ويختبئ لحظة حدوث أي شيء، ويتفاخر ويتباهى عندما لا تكون ثمة مشكلة، وكأنه يتمتع بمهارة كبيرة ورجولة وفحولة، ولكنه يتحول إلى شخص رخو عندما يحدث أي شيء، هل تعتقد أن هذه المرأة ستنزعج؟ (نعم). هل ستكون سعيدة؟ (لا). المرأة المحترمة الصالحة ستفكر: "أنا دائمًا أعتني به وأعتز به، أنا على استعداد لتحمل أي شيء، وأن أقوم بمسؤولياتي كزوجة، لكنني لا أستطيع أن أرى مستقبلًا مع هذا الرجل". أليس هذا الزواج مؤلمًا؟ ألا يتعلق هذا الألم الذي تشعر به المرأة بالرجل، نصفها الآخر؟ (بلى). هل هذه مسؤولية الرجل؟ (نعم). على الرجل أن يراجع نفسه. لا يمكنه أن يشتكي دائمًا من أن المرأة متذمرة وأنها لحوحة ومحبة للنكد. يجب على كلا الطرفين أن يفكرا معًا فيما إذا كانا يقومان بالتزاماتهما ومسؤولياتهما أم لا، وما إذا كانا يقومان بذلك وفقًا لكلام الله بعد سماعه. وإذا كانا لا يقومان بها، فعليهما أن يعدلا من مسارهما سريعًا ويصححا نفسيهما بسرعة ويتداركا الموقف، فالوقت لم يفت بعد. هل هذه طريقة جيدة للتصرف؟ (نعم).

لنتابع القراءة الآن. هذا أمر آخر من الله لآدم، أول أجداد البشر. قال الله: "لأَنَّكَ سَمِعْتَ لِقَوْلِ ٱمْرَأَتِكَ وَأَكَلْتَ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ ٱلَّتِي أَوْصَيْتُكَ قَائِلًا: لَا تَأْكُلْ مِنْهَا، مَلْعُونَةٌ ٱلْأَرْضُ بِسَبَبِكَ. بِٱلتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ ٱلْحَقْلِ. بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا حَتَّى تَعُودَ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. لِأَنَّكَ تُرَابٌ، وَإِلَى تُرَابٍ تَعُودُ" (تكوين 3: 17-19). هذا المقطع هو بالأساس أمر الله للرجال. وبغض النظر عن الظروف، بما أن الله قد أعطى أمرًا للرجال، فإن أمره هو الالتزامات والمهام التي يجب عليهم الوفاء بها في إطار الزواج وفي الأسرة. لقد أمر الله الرجال بكسب قوت الأسرة بعد الزواج، أي أن عليهم أن يعملوا بجد طوال حياتهم للحفاظ على معيشتهم، لذا يجب عليهم أن يكدحوا؛ وباستخدام اللغة الحديثة، عليهم أن يحصلوا على وظيفة ويعملوا لكسب المال، أو عليهم أن يزرعوا الحبوب في الأرض ويحصدوها للحفاظ على مصدر رزق الأسرة. يحتاج الرجال إلى الكدح والعمل لإعالة الأسرة بأكملها، للحفاظ على مصدر رزقهم. هذا هو أمر الله للأزواج، للرجال؛ هذه مسؤوليتهم. لذا في إطار الزواج، لا يمكن للرجال أن يؤكدوا: "آه، صحتي سيئة!" أو "من الصعب العثور على عمل في مجتمع اليوم، أنا متوتر جدًا!" "لقد دللني والداي أثناء نشأتي، لا يمكنني القيام بأي عمل!" إذا كنت لا تستطيع القيام بأي عمل على الإطلاق، فلماذا تزوجت؟ إذا كنت لا تستطيع إعالة أسرة، وليس لديك القدرة على العمل لتحمّل على عاتقك معيشة أسرة كاملة، فلماذا تزوجت؟ هذا قول غير مسؤول. فمن ناحية، يطلب الله من الرجال أن يعملوا بجد، ومن ناحية أخرى، يطلب منهم أن يكدحوا من أجل الحصول على الطعام من الأرض. بالطبع، هو لا يصر هذه الأيام على أن تحصلوا على الطعام من الأرض، لكن العمل ضرورة. لهذا السبب فإن بنية الرجل سميكة وقوية جدًا، بينما بنية المرأة ضعيفة نسبيًا؛ فهما مختلفان. لقد خلق الله جسدين مختلفين للرجل والمرأة. فالرجل بطبيعته يجب أن يكدح ويعمل للحفاظ على معيشة أسرته، لإعالة الأسرة؛ هذا هو دوره، فهو قوام الأسرة الرئيسي. أما المرأة فلا يأمرها الله بذلك. فهل يمكن للمرأة أن تحصد من حيث لم تزرع، وتنتظر أن تأكل الوجبات الجاهزة دون أن تفعل شيئًا؟ هذا أيضًا ليس صحيحًا. على الرغم من أن الله لم يأمر المرأة بتكسب رزق الأسرة، إلا أنها لا يمكنها أن تجلس مكتوفة الأيدي. لا تظنوا أنه بما أن الله لم يأمر المرأة بالعمل أنه يمكنها أن تتنحى جانبًا في هذا الأمر. ليس هذا هو الحال. يجب على المرأة أيضًا أن تقوم بمسؤولياتها؛ يجب أن تساعد زوجها في تكسب رزق الأسرة. لا تحتاج المرأة إلى أن تكون شريكة فحسب - بل عليها في الوقت نفسه أن تساعد زوجها في الوفاء بمسؤولياته ومهمته في الأسرة. لا يمكنها أن تقف جانبًا وتتفرج وتسخر من زوجها، ولا يمكنها أن تنتظر الطعام الجاهز. يجب أن يكون كلاهما في انسجام. وبهذه الطريقة، سيتم الوفاء بالالتزامات والمسؤوليات التي يجب على الرجل والمرأة الوفاء بها، وستتم على أكمل وجه.

دعونا نواصل القراءة. قال الله: "وَشَوْكًا وَحَسَكًا تُنْبِتُ لَكَ، وَتَأْكُلُ عُشْبَ ٱلْحَقْل". كما ترى، بالإضافة إلى الكدح والتعب الذي أعطاه الله للرجال، هناك أعباء إضافية أيضًا؛ لا يكفي أنك تكدح، بل الحقول أيضًا تنبت أعشابًا ضارة يجب أن تقتلعها. هذا يعني أنه إذا كنت مزارعًا، فلديك عمل إضافي للقيام به بخلاف الزراعة. يجب عليك أيضًا اقتلاع الأعشاب الضارة، ولا يمكنك الجلوس متكاسلًا؛ بل يجب أن تعمل بكد وتعب للحفاظ على مصدر رزق أسرتك، تمامًا كما قال الله: "بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزًا". ماذا تعني هذه العبارة؟ تعني أن ثمة حملًا إضافيًا أُعطي للرجال فوق كدحهم. إلى متى؟ "حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأَرْضِ". إلى أن تلفظ أنفاسك الأخيرة، عندما تنتهي من رحلة الحياة؛ عندئذٍ لن تكون بحاجة إلى التصرف بهذه الطريقة، وستكون قد أتممت مسؤولياتك. هذه هي التعليمات التي أعطاها الله للرجال، وهي وصية الله لهم، وهي أيضًا مسؤولية وعبء ألقاهما على عاتقهم. وسواء رضيت أم لم ترض، فهذا مُقدر من الله، ولا يمكنك الهروب منه. إذن، في كل المجتمع أو البشرية جمعاء، سواء نظر المرء إلى الأمر من وجهة نظر ذاتية أو موضوعية، فإن الرجال يعانون من ضغوط أكبر في بقائهم على الأرض مقارنةً بالنساء، وهو أمر لا مفر من القول بأنه نتيجة لقدر الله وترتيبه. وفي هذا الصدد، ينبغي على الرجال أن يتقبلوا الأمر من الله ويتحملوا ما يجب عليهم من مسؤوليات والتزامات؛ وعلى وجه الخصوص، لا ينبغي لأولئك الذين هم في إطار الزواج ممن لديهم أسر وزوجات أن يحاولوا الهروب أو رفض تحمل مسؤولياتهم بدعوى أن الحياة أصعب أو أمر أو أقسى مما يحتمل. إذا قلت: "لا أريد الاضطلاع بهذه المسؤولية، ولا أريد أن أكد وأتعب"، فيمكنك أن تختار الخروج من الزواج أو رفض الزواج. لذا، قبل أن تتزوج يجب عليك أولًا أن تفكر في الأمر مليًا، أن تفكر وتفهم بوضوح المسؤوليات التي يطلب الله من الرجل المتزوج أن يحملها على عاتقه، وما إذا كنت تستطيع القيام بها أم لا، وما إذا كنت تستطيع القيام بها على نحو جيد أم لا، وما إذا كنت تستطيع القيام بدورك بشكل سليم، وتنفيذ وصايا الله لك، وما إذا كنت تستطيع تحمل أعباء الأسرة التي سيمنحك الله إياها أم لا. إذا كنت تشعر بأنك تفتقر إلى الإيمان للقيام بكل هذا بشكل جيد، أو إذا كنت تفتقر إلى الاستعداد للقيام بذلك – إذا كنت لا ترغب في القيام بذلك – إذا كنت ترفض هذه المسؤولية وهذا الالتزام، وترفض تحمل العبء داخل الأسرة وفي إطار الزواج، فينبغي ألا تتزوج. بالنسبة إلى الذكور والإناث على حد سواء، ينطوي الزواج على مسؤوليات وأعباء؛ إنه ليس أمرًا تافهًا. وعلى الرغم من أن الزواج ليس مقدسًا، حسب فهمي، فإنه أمر جليل على أقل تقدير، وعلى الناس أن يصححوا مواقفهم تجاهه. إن الزواج ليس للعب بالشهوات الجسدية، ولا هو لإشباع الحاجات العاطفية اللحظية للمرء، ولا هو لإشباع فضول المرء. إنه مسؤولية والتزام؛ وبالطبع، هو بشكل أكبر تأكيد وتحقق مما إذا كان الرجل أو المرأة لديهما القدرة والإيمان على تحمل مسؤوليات الزواج أم لا. فإذا كنت لا تعرف ما إذا كنت تملك القدرة على تحمل مسؤوليات والتزامات الزواج أم لا، أو إذا كانت هذه الأعباء غير معروفة لك بتاتًا، أو إذا كنت لا تريد الزواج – أو حتى إذا كانت فكرة الزواج ذاتها تصيبك بالسقم – إذا كنت لا ترغب في تحمل مسؤوليات والتزامات الحياة الأسرية، سواء الأمور التافهة أو الكبيرة، وتريد أن تكون أعزب – "قال الله إنه ليس من الجيد أن تكون وحيدًا، ولكني أعتقد أن الوحدة لطيفة للغاية" – فيمكنك إذن رفض الزواج، أو حتى الخروج من زواجك إذا كنت متزوجًا بالفعل. يختلف هذا من فرد لآخر، ولكل شخص حرية الاختيار. لكن، أيًا كان ما تقول، إذا نظرت إلى ما هو مدون في الكتاب المقدس عن أقوال الله وترتيباته فيما يتعلق بأول زواج بين البشر، سترى أن الزواج ليس لعبة، ولا أمرًا تافهًا، وهو بالطبع ليس قبرًا مثلما يصفه الناس. الزواج مرتب ومُقدر من الله، فقد رتبه الله وقدره منذ بداية خلق الإنسان. لذا هل تلك الأقوال الدنيوية – "الزواج قبر"، "الزواج مدينة تحت الحصار"، "الزواج مأساة"، "الزواج كارثة"، وما إلى ذلك – صائبة؟ (كلا). ليست كذلك. ليس هذا سوى فهم البشرية الفاسدة للزواج بعد تشويهه، وإفساده، ووصمه بالعار. وبعد تشويه الزواج السليم، وإفساده، ووصمه بالعار، ينتقدونه أيضًا، ويتفوهون ببعض المغالطات غير اللائقة، مطلقين بعض الكلمات الشيطانية، ونتيجة لذلك يُضلل أيضًا أولئك الذين يؤمنون بالله، فتكون لديهم أيضًا آراء غير صحيحة وشاذة عن الزواج. هل ضُللتم وأُفسدتم أنتم أيضًا؟ (نعم). إذن من خلال شركتنا، بعد أن أصبح لديكم فهم دقيق وصحيح للزواج، عندما يسألكم أحدهم بعد ذلك: "هل تعرف ما هو الزواج؟" هل ستظل تقول: "الزواج قبر"؟ (كلا). هل هذا القول صحيح؟ (كلا). هل ينبغي أن تقول ذلك؟ (كلا). ولم لا؟ بما أن الزواج مُرتَّبٌ ومُقدر من الله، ينبغي على البشر أن يتعاملوا مع الزواج بشكل صحيح. إذا تصرف الناس بفظاظة وانغمسوا في شهواتهم، وعبثوا بمجون وجلبوا عواقب شريرة، قائلين إن الزواج قبر، فلا يسعني إلا أن أقول إنهم يحفرون قبورهم بأنفسهم ويخلقون المشكلات لأنفسهم، ولا يمكنهم أن يشتكوا. الله لا علاقة له بهذا. أليس هذا هو الحال؟ إن القول بأن الزواج قبر هو تحريف الشيطان وإدانته للزواج ولأمر إيجابي. كلما زادت إيجابية أمر ما، زاد تشويه الشيطان والبشرية الفاسدة له وتحويله إلى شيء شرير. أليس هذا شرًا؟ إذا كان الإنسان يعيش في الخطية، وينخرط في العلاقات الماجنة ومثلثات الحب، لماذا لا يقول الناس ذلك؟ إذا كان الشخص يزني، لماذا لا يقول الناس ذلك؟ الزواج السليم ليس زنا ولا مجونًا، وليس إشباعًا للشهوات الجسدية ولا هو أمر تافه؛ وهو بالتأكيد ليس قبرًا. إنه شيء إيجابي. لقد قدَّر الله الزواج البشري ورتّبه، وأعطى تفويضًا ووصايا بشأنه، وأكثر من ذلك أنه أعطى مسؤوليات والتزامات لكلا الطرفين في الزواج عن طريق الوصايا، وكذلك أقواله حول ماهية الزواج. لا يمكن أن يتكون الزواج إلا من رجل واحد وامرأة واحدة. في الكتاب المقدس، هل خلق الله رجلًا ثم خلق رجلًا آخر ثم زوّجهما؟ كلا، لا يوجد زواج مثليّ بين رجلين أو بين امرأتين. لا يوجد سوى زواج رجل واحد وامرأة واحدة. إن الزواج يتألف من رجل وامرأة، وهما ليسا شريكين فحسب، بل هما أيضًا مساعدان يرافقان أحدهما الآخر، ويعتني أحدهما بالآخر، ويضطلعان بمسؤولياتهما معًا، ويعيشان معًا حياة طيبة ويصاحب كل منهما الآخر بشكل لائق في دروب حياتهما، ويرافق كل منهما الآخر في كل فترة صعبة من فترات الحياة، وفي كل فترة مختلفة وفريدة من نوعها، وبالطبع، يتخطيان أيضًا الأوقات العادية. هذه هي المسؤولية التي يجب أن يأخذها طرفا الزواج على عاتقهما، وهي أيضًا أمانة كلفهما بها الله. ما هي أمانة الله؟ إنها المبادئ التي يجب على الناس أن يحافظوا عليها ويمارسوها. لذا فإن الزواج شيء ذو مغزى لكلّ المتزوجين، إذ أن له تأثير تكميليّ على خبرتك الشخصية ومعرفتك، وكذلك نمو ونضج واكتمال إنسانيتك. وعلى العكس من ذلك، إذا لم تكن متزوجًا وكنت تعيش مع والديك فحسب، أو تعيش وحيدًا طوال حياتك، أو إذا كان زواجك غير طبيعي؛ زواج غير أخلاقي وغير مُقدر من الله، فإن ما ستختبره لن يكون هو خبرة الحياة، والمعرفة، واللقاءات، ولا النمو، والنضج، والكمال الإنساني، وهي الأشياء التي كنت ستفوز بها من زواج سليم. في الزواج، بالإضافة إلى أن الشخصين يختبران الصحبة والدعم المتبادل، فإنهما بالطبع يختبران أيضًا الخلافات، والنزاعات، والتناقضات التي تطرأ في الحياة. وفي الوقت نفسه، يختبران معًا آلام الإنجاب، ويختبران تعليم الأطفال وتربيتهم، وإعالة كبار السن، ومشاهدة الجيل التالي يكبر، ومشاهدة الجيل التالي يتزوج وينجب أطفالًا مثلهم، ويكرر المسار نفسه. بهذه الطريقة، تكون خبرة الناس أو معارفهم أو مواجهاتهم في حياتهم غنية ومتنوعة للغاية، أليس كذلك؟ (هو كذلك). لو كانت لديك مثل هذه الخبرة الحياتية قبل أن تؤمن بالله، وقبل أن تقبل عمل الله، وكلامه، ودينونته، وتوبيخه، وبالإضافة إلى ذلك، لو كان بإمكانك عبادة الله واتباع الله بعد أن آمنت به، لكانت حياتك أكثر وفرة من معظم الناس؛ ولكانت خبرتك وفهمك الشخصي أكبر قليلًا. بالطبع، كل هذا الذي أتحدث عنه يستند إلى فرضية أنه في إطار الزواج الذي قدَّره الله، يجب عليك القيام بمسؤولياتك والتزاماتك بجدية، مسؤوليات والتزامات الرجال والنساء، ومسؤوليات والتزامات الأزواج والزوجات. هذه أمور ينبغي القيام بها. وإذا لم تقم بمسؤولياتك والتزاماتك، سيكون زواجك فوضويًا وسيفشل، وفي النهاية سينهار زواجك. ستختبر زواجًا فاشلًا محطمًا، بالإضافة إلى المتاعب، والتعقيدات، والآلام، والاضطرابات التي سيجلبها الزواج لك. إذا لم يتمكن الطرفان اللذان يدخلان في الزواج معًا من أخذ زمام المبادرة والقيام بمسؤولياتهما والتزاماتهما شخصيًا، فسوف يتجادلان ويعارض أحدهما الآخر. ومع مرور الوقت، سيزداد جدالهما أكثر فأكثر، وستزداد معارضاتهما عمقًا، وستبدأ الشروخ في الظهور في زواجهما؛ وكلما طال أمد وجود الشروخ، لن يتمكنا من إصلاح المرآة المكسورة لزواجهما، وسيتجه هذا الزواج بالتأكيد نحو الانهيار، نحو الدمار؛ فمثل هذا الزواج فاشل بالتأكيد. من وجهة نظرك إذن، الزواج الذي قدَّره الله لا يتفق مع رغباتك، وتعتقد أنه غير مناسب. لماذا تفكر بهذه الطريقة؟ لأنك لا تفعل في إطار الزواج أي شيء وفقًا لمتطلبات الله ووصاياه؛ بل تسعى بأنانية إلى إرضاء متطلباتك الخاصة، وإرضاء رغباتك وتفضيلاتك، وإرضاء خيالك. أنت لا تكبح جماح نفسك ولا تتغير بالنيابة عن شريكك، ولا تتحمل أي ألم؛ وإنما تركز فقط على أعذارك الخاصة، ومكسبك، وتفضيلاتك، ولا تفكر أبدًا في شريك حياتك. ماذا سيحدث في النهاية؟ سينهار زواجك. مصدر هذا الانهيار هو شخصيات الناس الفاسدة. الناس أنانيون للغاية، لذا فحتى الزوج والزوجة، اللذان يجب أن يكونا واحدًا، لا يستطيعان العيش معًا في وئام، ولا يستطيعان التعاطف والتفاهم مع أحدهما الآخر، ومواساة وقبول أحدهما الآخر، أو التغير والتخلي عن الأشياء من أجل أحدهما الآخر. يمكنك أن ترى إلى أي مدى صارت البشرية فاسدة. لا يمكن للزواج أن يكبح جماح سلوك الناس، ولا يمكنه أن يجعل الناس يتخلوا عن رغباتهم الأنانية، لذا لا توجد مبادئ أخلاقية أو ممارسات صالحة تأتي من المجتمع يمكنها أن تجعل الناس أفضل، أو أن تحافظ على ضميرهم وعقلهم. لذلك، عندما يتعلق الأمر بالزواج، يجب على الناس أن يتعرفوا عليه من الطريقة التي قدَّر الله بها الزواج للإنسان للمرة الأولى. بالطبع، يجب عليهم أيضًا أن يفهموا هذا الأمر من الله. إن فهم كل هذا من الله هو أمر نقي، وعندما يكون الناس قادرين على فهم كل هذا، ستكون الزاوية ووجهة النظر التي يرون منها الزواج صحيحة. والسبب في حاجتهم إلى أن تكون زاويتهم ووجهة نظرهم في الزواج صحيحة ليس فقط ليعرفوا مفهوم الزواج وتعريفه الصحيحين، بل لكي يكون للناس طريقة ممارسة سليمة، وصحيحة، ودقيقة، ومناسبة، ومعقولة عندما يواجهون الزواج، فلا يضللهم الشيطان أو الأفكار المختلفة للاتجاهات الشريرة في العالم في طريقة تعاملهم مع الزواج. عندما تختارون الزواج على أساس كلام الله، فعلى النساء منكم أن يرين بوضوح ما إذا كان أزواجهن من النوع القادر على الوفاء بمسؤوليات الرجل والتزاماته حسبما قال الله، وما إذا كان يستحق أن تعهدي إليه بحياتك كلها أم لا. وعلى الرجال منكم أن يروا بوضوح ما إذا كانت المرأة من النوع القادر على أن تنحي مكسبها الخاص جانبًا من أجل الحياة الأسرية وزوجها أم لا، وأن تغيّر من عيوبها ونقائصها أم لا. يجب أن تفكروا في كل هذه الأمور وأكثر. لا تعتمد على خيالك أو على اهتماماتك أو هواياتك الوقتية الزائلة، وبالتأكيد لا تعتمد على أفكار الحب والرومانسية الخاطئة التي يغرسها الشيطان فيك لتختار الزواج اختيارًا أعمى. من خلال هذه الشركة، هل فهم الجميع بوضوح الأفكار ووجهات النظر والزوايا والمواقف التي يجب أن تكون لدى الناس تجاه الزواج، وكذلك الممارسة التي يجب أن يختاروها والمبادئ التي يجب أن يتمسكوا بها فيما يتعلق بالزواج؟ (نعم).

لم نتكلم اليوم بعد عن التخلي عن المساعي، والمُثُل، والرغبات في الزواج، بل أوضحنا فقط تعريف الزواج ومفهومه. ألم أتحدث بوضوح في هذا الموضوع؟ (بلى). لقد تحدثت بوضوح. هل لا يزال لديكم أي شكوى بشأن الزواج؟ (كلا). والشخص الذي كنت متزوجًا منه ذات وقت، الذي تركته، هل لديك أي عداوة له؟ (كلا). هل لا تزال أفهامكم وآراؤكم الشاذة والمتحيزة عن الزواج، أو حتى تخيلاتكم الطفولية التي لا تتماشى مع الحقائق، موجودة؟ (لا). يجب أن تكونوا أكثر واقعية الآن. لكن الزواج ليس مسألة بسيطة تتعلق بالضروريات اليومية. إنه يمسّ حياة الناس ذوي الإنسانية الطبيعية، ويمسّ مسؤوليات الناس والتزاماتهم، وعلاوة على ذلك هناك المعايير والمبادئ الأكثر عملية التي حذّر الله الناس منها، وطلبها منهم، وأوصاهم بها. هذه هي المسؤوليات والالتزامات التي يجب أن يتمها الناس، وهي المسؤوليات والالتزامات التي يجب أن يأخذوها على عاتقهم. هذا هو التعريف الواقعي الملموس للزواج وأهمية الوجود الملموس للزواج، الذي يجب أن يمتلكهما الأشخاص ذوو الإنسانية الطبيعية. حسنًا، إلى هنا ننتهي لهذا اليوم. إلى اللقاء!

7 يناير 2023

الحواشي:

(أ) لا يحتوي النص الأصلي على عبارة "إن ما يسمى بـ"الحب الرومانسي" عند الإنسان ما هو إلا مجرد جمع بين الحب والعاطفة".

(ب) لا يحتوي النص الأصلي على عبارة "كما يقول الناس من بعض البلدان".

السابق: كيفية السعي إلى الحق (7)

التالي: كيفية السعي إلى الحق (10)

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب