كلمات حول كيفية معالجة الشخصيات الفاسدة

اقتباس 50

إنَّ شخصيات الإنسان الفاسدة – مثل الغطرسة، والبِر الذاتي، والعناد – نوع من الأمراض المستعصية؛ فهي كورم خبيث ينمو داخل الجسد البشري، ولا يمكن علاجه بدون قدر من المعاناة. وعلى خلاف الأمراض المؤقتة التي تزول في غضون بضعة أيام، فإنَّ هذا المرض العنيد ليس بالضيق الخفيف؛ ولا بد من استخدام نهج قاهر لمواجهته. على الرغم من ذلك، ثمة حقيقة عليكم إدراكها؛ وهي أنه ما من مشكلة لا يمكن حلها. فمع طلبكم الحق، ونموكم في الحياة، وتعمق فهمكم للحق واختباركم له، ستتضاءل شخصياتكم الفاسدة تدريجيًا وعلى نحو متزايد. إلى أي مدى ينبغي أن تتضاءل النزعات الفاسدة قبل أن يمكن اعتبارها مطهرة؟ عندما لا تعودُ مقيدًّا بهذه النزعات وتصبح قادرًّا على تمييزها وهجرها. وصحيحٌ أنَّ هذه النزعات قد تظهر في بعض الأحيان، لكنك لا تزال قادرًا على القيام بواجبك وممارسة الحق كالمعتاد وتظل مسؤولًا ويقظ الضمير، ولست مقيدًّا بها. حينئذٍّ لا تعود هذه النزعات الفاسدة تمثل مشكلة لك، وتكون قد تغلبت عليها بالفعل وسموت فوقها. هذا هو المقصود بأن تحقق النمو في الحياة: ألَّا تعود – في الظروف المعتادة – مقيدًا بشخصياتك الفاسدة أو خاضعًا لها. إنَّ بعض الناس، مهما كشفوا عن شخصيات فاسدة، لا يطلبون الحق لعلاجها. ونتيجةً لهذا تظل شخصياتهم الفاسدة كما هي، حتى بعد سنوات عديدة من إيمانهم بالله. إنهم يفكرون في أنفسهم: "كلما فعلتُ شيئًا، كشفتُ عن شخصياتي الفاسدة، وإذا امتنعتُ عن فعل أي شيء، فلن أكشف عنها. ألا يكون ذلك علاجًّا للمشكلة؟" أليس ذلك امتناع عن الطعام خشية الاختناق به؟ ماذا ستكون النتيجة؟ إنَّ هذا لا يؤدي إلَّا إلى الموت جوعًا. إذا كشف المرء عن شخصياته الفاسدة ولم يعالجها، فكأنه لم يقبل الحق ثم أُردي ميتًا. وماذا ستكون العواقب إنْ آمنت بالله ولم تطلب الحق؟ ستكون كمَن يحفر قبره بيديه. فالنزعات الفاسدة هي عدو إيمانك بالله؛ إذ تعرقل ممارستك للحق، واختبارك لعمل الله، وخضوعك له. وسينتج عن هذا أنك لن تنال خلاص الله في النهاية. ألا تكون إذن كمَن يحفر قبره بيديه؟ إنَّ النزعات الشيطانية تعرقلك عن قبول الحق وممارستك إياه؛ ولهذا لا يمكنك تجاهلها، ولا بد لك من مواجهتها. سوف تتحكم فيك هذه النزعات إن لم تتغلب عليها، لكنك إن فعلت فلن تعود مقيدًّا بها وستصبح حرًّا. ستنبثق النزعات الشيطانية في قلبك في بعض الأحيان وتظهر لك، مولِّدة فيك أفكارًا وخواطر خاطئة، وتبعث فيك التفكير الشرير، فتشعرك بأنك متعجرف أو عليٌّ ومتشامخ، ورغم تدفق هذه الأفكار، لن تعود يداك وقدماك مكبلةً بها عند التصرف، وكذلك لن يعود قلبك خاضعًا لها. وستقول في نفسك: "نيتي أن أراعي مصالح بيت الله، وأن أفعل الأشياء لأرضي الله، وأن أستوفي واجبي وعبادتي بصفتي كائنًا مخلوقًا. وصحيحٌ أنَّ هذا النوع من النزعات يتجلى لدي أحيانًا، لكن تأثيره عليَّ قد انعدم تمامًّا". وهذا يكفي؛ فهذا النوع من النزعات الفاسدة سيُعالَج فعليًا في وقت ما. هل تغيُّر النزعات لدى الإنسان غامض وغير ملموس؟ كلا، إنه ليس كذلك، وهذه هي حقيقته، يقول بعض الأشخاص "على الرغم من أنني أفهم شيئًا من الحق، لم تزل لدي خواطر وأفكار فاسدة في بعض الأحيان، ولم أزل أكشف في نفسي عن نزعات فاسدة؛ فماذا أفعل"؟ إذا كنت شخصًا يطلب الحق فعلًّا، فينبغي لك أن تصلي إلى الله متى وجدت لديك هذه الخواطر والأفكار الخاطئة، أو بدت عليك نزعات فاسدة، وأن تطلب الحق لعلاجها. هذا هو أبسط مبادئ الممارسة؛ وأنت لن تنساه، أليس كذلك؟ إضافةً إلى ذلك، ينبغي لك أيضًا معرفة أنه حين تتبادر إلى ذِهنك أيّة خواطر وأفكار خاطئة عليك رفضها؛ حتى لا تُكبلك وتُخضِعك لها، ناهيك عن اتباعها بالطبع. وما دمت تفهم شيئًا من الحق، فسيسهل عليك تحقيق ذلك. وإذا تجلت في نفسك نزعات فاسدة، فلا بد أن تجتهد في طلب الحق من أجل علاجها. ولا يمكنك أن تقول: "يا الله، لقد كشفت مجددًا عن نزعة فاسدة فأدِّبني، أتوسل إليك! أنا لا أستطيع التحكم في نزعاتي الفاسدة". إذا كنت تصلي هكذا، فذلك يدل على أنك لست بالشخص الذي يطلب الحق، بل شخص سلبي ومتقاعس وقد يئست من نفسك؛ الأولى بك إذن أن تحضِّر كفنك وترتيبات جنازتك. أخبرني، أي شخص يُصلي هكذا؟ لا يُصلي إلى الله هكذا إلا شخص بطَّال، لكنَّ شخصًا يحب الحق لن يتفوه أبدًا بمثل هذه الكلمات. إذا كنت شخصًا يحب الحق، فعليك اختيار طريق طلب الحق، وعليك أيضًا أن تعرف كيفية ممارسة طلب الحق معرفةً تامة؛ إذ ستكون شخصًا بطَّالًا بحق إن لم تعرف كيف تمارس طلب الحق عندما تحل بك هذه المشكلات العادية للغاية. إنَّ علاج النزعات الفاسدة مسعىً يستمر طوال الحياة، لا شيئًا يمكن تحقيقه في بضع سنوات. فلماذا تصدق خيالات بشأن الوصول إلى الحق وبشأن الحياة؟ أليس ذلك حمقًا وجهالة؟

في عملية السعي لتغيير نرعة حياتية، نجد أنَّ قيود النزعات الفاسدة هي ما يمثل الصعوبة الأكبر لأي شخص. فعندما يكشف الناس عن بوادر نزعة فاسدة، أو يكشفون عنها مرةً تلو الأخرى، ويشعرون أنهم لا يستطيعون التحكم فيها، يدينون أنفسهم ويقررون أنهم فسدوا بالفعل ولا يمكن أن يتغيروا. لكنَّ هذا لَبس وسوء فهم يوجد لدى معظم الناس. والآن أدرك بعضٌ ممَن يطلبون الحق أنه إذا كانت النزعات الفاسدة موجودة داخل شخص ما، فيمكن لهذه النزعات أن تنبثق مرارًّا مما يؤثر في أدائه لواجبه وتعوق ممارسته الحق، وأنه إذ لم يتمكن هذا الشخص من تأمل ذاته لعلاج مشكلة نزعاته الفاسدة، فلن يتمكن من أداء واجبه كما ينبغي. ولهذا، ينبغي لمَن يؤدون واجباتهم دائمًا بسلبية وتقاعس ولامبالاة، أن يتأملوا ذواتهم بجدية ويكتشفوا السبب الأساسي لمشكلتهم من أجل علاجها. غير أنَّ بعض الناس يفهمون الأمور فهمًا مُشوهًا؛ فتراهم يفكرون في أنفسهم: "جميع مَن يكشفون عن نزعات فاسدة أثناء قيامهم بواجباتهم، ينبغي لهم التوقف لعلاجها تمامًا قبل أن يواصلوا القيام بواجباتهم". أذلك رأي سديد يمكن تحقيقه؟ كلا، بل هو تصور بشري فحسب، ولا يمكن تحقيقه إطلاقًا. حقيقة الأمر أنَّ معظم الأشخاص – أيًّا كانت النزعات الفاسدة التي يكشفون عنها في أثناء القيام بواجباتهم – يمكنهم تقليل عدد تجليات الفساد ما داموا يطلبون الحق لعلاج هذه النزعات، ومن ثمَّ تأدية واجباتهم كما ينبغي في نهاية المطاف. هذه هي عملية اختبار عمل الله. فور أن تكشف عن نزعة فاسدة، عليك أن تطلب الحق لعلاجها، ومن ثمَّ تمييز نزعتك الشيطانية وتحليلها. وهذه هي عملية محاربة نزعتك الشيطانية، وهي ضرورية لخبرتك في الحياة. ففي أثناء اختبارك لعمل الله وتغيير نزعتك تستخدم الحقائق التي تفهمها في التغلب على نزعتك الشيطانية، و في نهاية المطاف إلى الانتصار على الشيطان، ومن ثمَّ تحقيق تغيير النزعة. إنَّ عملية تغيير نزعة المرء تتمثل في طلب الحق وقبوله من أجل استئصال المفاهيم والتصورات البشرية، وكلمات العقيدة وعباراتها، وكذلك فلسفات العيش ومختلف البدع والمغالطات التي تأتي من الشيطان، لكي يحل الحق وكلمة الله تدريجيًا محل هذه الأشياء. هذه هي عملية اكتساب الحق وتغيير نزعة المرء. وإذا كنت ترغب في معرفة مدى تغيُّر نزعتك، فعليك أن تكون واضحًا بشأن عدد الحقائق التي تفهمها، وعدد الحقائق التي تمارسها، وعدد الحقائق التي تستطيع تطبيقها. عليك أن ترى بوضوح كم من نزعاتك الفاسدة قد حلَّت محلها الحقائق التي فهمتها واكتسبتها، وأن تدرك مدى إمكانية تحكم هذه الحقائق في النزعات الفاسدة بداخلك؛ أي تدرك إلى أي مدى يمكن لهذه الحقائق إرشاد أفكارك ونواياك وحياتك اليومية وممارستك. عليك أن ترى بوضوح ما إذا كانت نزعاتك الفاسدة هي ما يكون له اليد العليا عندما تحل بك الأمور، أم أنَّ الحقائق التي اكتسبتها هي ما يسود ويرشدك. وذلك هو المعيار الذي تُقاس به قامتك ودخولك إلى الحياة.

اقتباس 51

ماذا يحدث عندما يلجأ شخص ما إلى اختلاق الأعذار حين يواجه التوبيخ والتهذيب؟ يتسم هذا النوع من الشخصيات بالغطرسة المفرطة، والاعتداد بالبر الذاتي، والعناد، فالأشخاص المتغطرسون والعنيدون يجدون صعوبة في قبول الحق، إذ لا يمكنهم قبوله عندما يسمعون شيئًا لا يتماشى مع وجهات نظرهم وآرائهم وأفكارهم. لا يهمُّهم إن كان ما يقوله الآخرون صوابًا أم خطأ، ولا يهمهم مَن قاله، ولا السياق الذي قيل فيه، ولا ما إن كان يتعلق بمسؤولياتهم وواجباتهم، لأنهم لا يهتمون بهذه الأشياء؛ فالأمر المُلِّح بالنسبة لهم هو إرضاء مشاعرهم أولاً. أليس هذا معنى أن يكون الشخص عنيدًا؟ ما الخسائر التي يجلبها العناد للناس في نهاية المطاف؟ يكون من الصعب عليهم ربح الحق. يرجع عدم قبول الحق إلى شخصية الإنسان الفاسدة، والنتيجة النهائية أنهم لا يستطيعون نيل الحق بسهولة. كل ما يظهر بشكل طبيعي من جوهر طبيعة الإنسان هو مخالف للحق ولا علاقة له به؛ لا شيء من ذلك على الإطلاق يتماشى مع الحق أو يقترب منه. لذلك، يجب على المرء أن يقبل الحق ويمارسه لتحقيق الخلاص. لن يتمكن المرء من تحقيق الخلاص إذا كانلا يستطيع قبول الحق ويريد دائمًا التصرف وفقًا لتفضيلاته الخاصة. إذا كنت تريد أن تتبع الله وتؤدي واجبك جيدًا، فيجب عليك أولاً تجنب الاندفاع عندما لا تسير الأمور كما يحلو لك. هدِّئْ مِنْ رَوْعِك أولاً وكن هادئًا أمام الله، ثم صلِّ إليه في قلبك واطلب منه. لا تكن عنيدًا؛ كن خاضعًا أولًا، بمثل هذه العقلية فقط يمكنك تقديم حلول أفضل لما يواجهك من مشاكل. إذا كنت قادرًا على المثابرة في العيش أمام الله، وكنت قادرًا على الصلاة إليه والطلب منه بغض النظر عما يصيبك، ومواجهة ذلك بعقلية الخضوع، فلن يهم عندئذٍ عدد مرات إظهار شخصيتك الفاسدة، أو الذنوب التي ارتكبتها سابقًا – فكل هذه الأمور يمكن حلها ما دمت تطلب الحق. مهما كانت التجارب التي تواجهك، ستكون قادرًا على الصمود. ما دامت لديك العقلية الصحيحة، وأنت قادر على قبول الحق والخضوع لله وفقًا لمتطلباته، فأنت قادر تمامًا على ممارسة الحق. رغم أنك قد تكون متمردًا ومقاومًا في بعض الأحيان، وتبدي أحيانًا تبريراتٍ دفاعية ولا تقدر على الخضوع، إذا كنت تستطيع الصلاة إلى الله وتغيير حالة التمرد لديك، فسيمكنك قبول الحق. بعد القيام بذلك، تأمل في سبب ظهور مثل هذا التمرد والمقاومة فيك. ابحث عن السبب، ثم اطلب الحق لمعالجته، وعندئذٍ يمكن تطهير هذا الجانب من شخصيتك الفاسدة. بعد التعافي عدة مرات من هذه العثرات والسقطات، وإلى أن تتمكن من ممارسة الحق، ستتخلَّص من شخصيتك الفاسدة تدريجيًا، وعندئذٍ، سوف يسود الحق بداخلك ويصير حياتك، ولن تكون هناك عقبات أخرى أمام ممارستك للحق. ستصبح قادرًا على الخضوع حقًا لله، وسوف تحيا بحسب واقع الحق. وخلال هذه الفترة، ستواجه اختبارا عمليًا وستتعرّض لممارسة الحق والخضوع لله. وعندما يُصيبك شيء ما لاحقًا، ستعرف كيف تمارس بطريقة خاضعة لله وما نوع السلوك الذي يعتبر تمردًا على الله. عندما تتضّح هذه الأمور في قلبك، هل ستظل غير قادر على إقامة شركة حول واقع الحق؟ إذا طُلب منك مشاركة شهاداتك الاختبارية، فلن تشعر بأن هذه مشكلة لأنك ستكون قد اختبرت أشياء كثيرة وعرفت مبادئ الممارسة. سيكون حديثك حقيقيًا كيفما تحدثت، وعمليًا مهما قُلت. وإذا طُلب منك مناقشة الكلمات والتعاليم، فلن تكون على استعداد لذلك، بل ستنفر منه في صميم قلبك. ألن تكون بذلك قد دخلت إلى واقع الحق؟ يمكن للأشخاص الذين يسعون إلى الحق أن يربحوا اختباره بعد جهد بضع سنوات فحسب، ثم يدخلون بعد ذلك إلى واقع الحق. أما أولئك الذين لا يسعون إلى الحق، فلن يكون من السهل عليهم الدخول إلى واقع الحق، وإن أرادوا ذلك. يرجع هذا إلى أنَّ الذين لا يحبون الحق فيهم كثير من التمرد، فكلما احتاجوا إلى ممارسة الحق في مسألة ما، تجدهم دائمًا يختلقون لأنفسهم الأعذار والمشكلات، كي يكون من الصعب جدًا عليهم ممارسة الحق. على الرغم من أنهم قد يُصّلون ويطلبون، ويكونون على استعداد لممارسة الحق، فعندما يصيبهم شيء ما، وعندما تواجههم الصعوبات، يظهر تشوّشهم وتظهر شخصيتهم المتمردة، مما يعكّر صفو عقولهم تمامًا. ما أخطر شخصيتهم المتمردة! إذا كان الجزء الأصغر من قلوبهم هو المشوش، والجزء الأكبر منه هو الذي يريد الخضوع لله، فإن ممارسة الحق ستصبح أقل صعوبة بالنسبة لهم. ربما يمكنهم الصلاة لفترة من الوقت، أو ربما يقوم شخص ما بإقامة شركة معهم حول الحق؛ وطالما فهموا ذلك في تلك اللحظة، سيكون من السهل عليهم البدء في ممارسته. أما إذا كانت نسبة التشوّش لديهم كبيرة لدرجة أنه يشغل الجزء الأكبر من قلوبهم، بحيث يكون التمرد أساسيًا والخضوع ثانويًا، فلن يكون من السهل عليهم ممارسة الحق، لأن قامتهم صغيرة جدًا. أما أولئك الذين لا يحبون الحق على الإطلاق فهم متمردون بشكل كبير أو متمردون كلّيًا، ومشوّشون تمامًا، لذلك لن يتمكنوا أبدًا من ممارسة الحق بسبب تشوشهم هذا؛ ومن ثمَّ لن تكون هناك أي فائدة تُرجى من وراء ما يُنفق عليهم من طاقة مهما بلغ قدرها. إنَّ الأشخاص الذين يحبون الحق لديهم دافع قوي نحو الحق؛ فإذا كان هذا الحق يحتل الجزء الأكبر من دوافعهم أو يشكل الغالبية العظمى منها، وكانوا يعقدون شركة حول الحق بوضوح فيما بينهم، فسيكونون بالتأكيد قادرين على ممارسته. إنَّ محبة الحق ليست مسألة بسيطة؛ إذ إن الشخص لا يصبح محبًّا للحق لمجرد أنه يمتلك رغبة واهية في ذلك. إنما يجب أن يبلغ الشخص نقطة ما حيث يمكنه فور أن يفهم كلمة الله، أن يجاهد ويتحمل المشقة ويدفع الثمن لممارسة الحق؛ ذلك هو الشخص الذي يحب الحق. إنَّ الشخص الذي يحب الحق يستطيع الاستمرار في سعيه، مهما بلغ عدد الشخصيات الفاسدة التي أظهرها أو عدد الذنوب التي ارتكبها. ومهما أصابه، فيمكنه أن يصلّي إلى الله، وأن يطلب الحق، وأن يقبل الحق. وبعد عامين من مثل هذا الاختبار أو ثلاثة، يمكن لجهوده أن تؤتي ثمارها، ومن ثمَّ لا تعوقه الصعوبات العادية. وإذا واجه صعوبات كبيرة، فحتى إذا فشل في اجتيازها، فسيكون هذا أمر طبيعي، لأن قامته صغيرة جدًا. ومادام قادرًا على ممارسة الحق في الظروف العادية، فسيبقى الأمل موجودًا. عندما يعرف الله ويكون لديه قلب يتقي الله، فسيصبح من السهل عليه التغلّب على التحديات وإن كانت كبيرة؛ ولن يمثل أي تحدٍّ مشكلة بالنسبة له. ما دام الناس يقرأون المزيد من كلمات الله ويقيمون شركة حول الحق بشكل أكبر، وإذا كانوا يستطيعون الصلاة إلى الله بغض النظر عن الصعوبات التي تصيبهم، ويعتمدون على عمل الروح القدس لحل المشكلات، فسيكون من السهل عليهم فهم الحق وممارسته، وسوف يبدؤون في التخلص من شخصيتهم الفاسدة تدريجيًا. ومع كل ممارسة للحق، فإنهم يتخلصون من القليل من شخصيتهم الفاسدة؛ وكلما زادت ممارستهم للحق زاد مقدار ما يتخلصون منه من شخصيتهم الفاسدة. هذا قانون طبيعي. إذا رأى الناس أنهم يُظهرون شخصية فاسدة فهل سينجحون في علاجها إن حاولوا فعل ذلك بالاعتماد على ضبط النفس والتحمّل؟ لن يكون الأمر سهلًا. لو أنهم كانوا سيتمكنون من حل المشكلة بهذه الطريقة، لما كانت هناك حاجة لأن يقوم الله بعمل الدينونة والتوبيخ. لكي يعالج المرء شخصيته الفاسدة، فلا بد له من الاعتماد على الصلاة إلى الله والاتكال عليه، وعلى طلب الحق ومعرفة الذات من خلال التأمل الذاتي، والاعتماد على عمل الروح القدس؛ هو ما يمكن أن يعالجها تدريجيًا. إذا لم يتعاون الناس، ولم يعرفوا كيفية التفكُّر في أنفسهم، ولم يستطيعوا قبول الحق، ولم يدركوا شخصيتهم الفاسدة، وكانوا يفتقرون إلى التوبة، ولا يكرهون الجسد والشيطان، فلن يستطيعوا التخلص من شخصيتهم الفاسدة. حينئذٍ إنما يكون عمل الروح القدس رائعًا للغاية؛ ما دام الناس متعطشين إلى الحق ويسعون إلى تغيير شخصيتهم، فسوف ينيرهم الله ويرشدهم. وبدون أن يدرك الناس ذلك، سيفهمون الحق في الوقت نفسه وسيكونون قادرين على معرفة أنفسهم، وعندئذِ، سيبدؤون في محبة الحق والتوق إليه. سيكونون قادرين على كراهية طبيعة الشيطان وشخصية الشيطان من صميم قلوبهم، مما يسهِّل عليهم التمرد على الجسد، ويشعرهم أنَّ ممارسة الحق صارت أيسر كثيرًا. عند تلك المرحلة، ستتغير شخصيتهم الفاسدة شيئًا فشيئًا، ولن يصبح لديهم أي تمرد ضد الله؛ سيكونون قادرين على الخضوع له تمامًا، دون أن يقيدهم أي شخص أو حدث أو شيء؛ وهذا تحول كامل في شخصيتهم الحياتية.

اقتباس 52

بعض الناس لا يسعون للحق أبدًا أثناء أداء واجباتهم. إنهم لا يفعلون إلا ما يحلو لهم، ويتصرفون بعناد وفقًا لتصوراتهم الخاصة، وهم دائمًا متعسفون ومتهورون؛ هم ببساطة لا يسيرون في طريق ممارسة الحق. ماذا يعني أن تكون "متعسفًا ومتهورًا"؟ يعني أن تتصرف بأي طريقة تراها مناسبة، عندما تواجه مشكلة، دون أي عملية تفكير أو بحث. فلا شيء يقوله أي شخص آخر يمكن أن يلمس قلبك أو يغير رأيك. ولا يمكنك حتى قبول الحق عند مشاركته معك، إذ تتمسك بآرائك الخاصة، ولا تنصت عندما يقول الناس الآخرون أي شيء صحيح؛ حيث تؤمن بأنك على حق، وتتشبث بأفكارك الخاصة. حتى إن كان تفكيرك صحيحًا، فيجب أن تأخذ آراء الآخرين بعين الاعتبار أيضًا. وإذا لم تفعل ذلك على الإطلاق، ألا يعني هذا أنك معتدّ للغاية ببرّك الذاتيّ؟ ليس من السهل على الناس الذين يتصفون بالبر الذاتي والعصيان الشديدين أن يقبلوا الحق. إذا فعلت شيئًا خاطئًا وانتقدك الآخرون قائلين: "أنت لا تفعل ذلك وفقًا للحق!" فتجيبهم قائلًا: "حتى إن لم أكن كذلك، فهذه رغم ذلك هي الطريقة التي سأفعله بها"، ثم تجد سببًا لتجعلهم يعتقدون أن هذا صحيح. وإذا وبخوك قائلين: "تصرفك على هذا النحو معطِّل، وسوف يضر بعمل الكنيسة"، فلا تكتفي بعدم الاستماع إليهم، بل وتستمر في تقديم الأعذار قائلًا: "أعتقد أن هذه هي الطريقة الصحيحة، ولذلك فهذه هي الطريقة التي سأفعل بها الأمر". أي شخصية هذه؟ (الكبرياء). إنها الكبرياء. فالطبيعة المتكبرة تجعلك عنيدًا. وإذا كانت لديك طبيعة متكبرة، فسوف تتصرف بشكل تعسفي ومتهور دون مبالاة بما يقوله أي شخص. إذًا، كيف تجد حلًّا لتعسفك وتهورك؟ هب، على سبيل المثال، أن شيئًا ما أصابك وكانت لديك أفكارك الخاصة وخططك. قبل تحديد ما يجب عليك فعله، عليك أن تطلب الحق ويجب عليك على الأقل إقامة شركة مع الجميع حول ما تفكر به وتؤمن به بشأن ذلك الأمر. يجب أن تطلب من الجميع إخبارك بما إذا كانت أفكارك وخططك صحيحة وتتماشى مع الحق أم لا، مطالبًا إياهم بأن يفحصوا الأمر نيابةً عنك. هذه أفضل طريقة لعلاج التعسف والتسرّع. أولًا، يمكنك أن تسلّط الضوء على آرائك وتسعى إلى الحق؛ فهذه هي أولى خطوات الممارسة من أجل علاج التعسف والتهور. تأتي الخطوة الثانية عندما يعبّر آخرون عن آرائهم المعارضة؛ فكيف يمكنك أن تمارس لتحول دون تعسفك وتهورك؟ أولًا، يجب أن تتمتّع بسلوك متواضع، وتضعَ جانبًا ما تعتقد أنّه صحيح، وتسمح للجميع بالشركة. وحتّى إن كنت تعتقد أنّ طريقك صحيح، فيجب ألّا تستمرّ بالإصرار عليه. ذلك نوع من التحسن؛ فهو يُظهر سلوكًا ينمُّ عن سعي إلى الحق، وإنكار لذاتك، وإرضاء مقاصد الله. عندما تتمتّع بهذا السلوك، بينما لا تتقيّد بآرائك، ينبغي أن تصلي، وتطلب الحق من الله، ثم تبحث عن أساس في كلام الله. حدِّد كيفية التصرف على أساس كلام الله. هذه هي الممارسة الأنسب والأدق. عندما تسعى إلى الحق وتطرح مشكلة على الجميع لكي يعقدوا شركة عنها ويبحثوا عن حل لها معًا، ذلك هو الوقت الذي يزِّود فيه الروح القدس بالاستنارة. يزود الله الناس بالاستنارة وفقًا للمبادئ؛ حيث يقيِّم سلوكهم. فإذا تمسكت برأيك في عناد، بغض النظر عما إن كان رأيك صوابًا أو مخطئًا، فسيخفي الله وجهه عنك ويتجاهلك، وسيجعلك تصل إلى طريق مسدود، ويفضحك ويكشف حالك القبيح. لكن من ناحية أخرى، إذا كان سلوكك صحيحًا، ولم تكن مُصِرًّا على اتباع طريقتك الخاصة ولا مُعتدًّا بنفسك، أو متعسفًا ومتهورًا، وكان سلوكك قائمًا على السعي إلى الحق وقبوله، فإن أقمت شركة حول هذا مع الجميع، فإن الروح القدس سيبدأ في أن يعمل بينكم، وربما يقودك إلى الفهم من خلال كلمات شخص ما. أحيانًا، عندما ينيرك الروح القدس، فإنه يقودك لفهم جوهر الأمر ببضع كلمات أو عبارات، أو بمنحك فكرة ما. وتدرك في تلك اللحظة أن كل ما كنت تتشبث به هو خطأ، وفي نفس اللحظة، تفهم الطريقة الأنسب للتصرُّف. بعد أن وصلت إلى مثل هذا المستوى، ألم تنجح في تجنب فعل الشر وتحمُّل عواقب الخطأ في الوقت نفسه؟ أليست هذه حماية الله؟ (بلى). كيف يتحقَّق مثل هذا الأمر؟ لا يتحقق هذا إلّا عندما يكون لك قلب يخشى الله، وعندما تسعى إلى الحق بقلب خاضع. وبمجرد أن تتلقى الاستنارة من الروح القدس، وتحدد مبادئ الممارسة، فستنسجم ممارستك مع الحق، وستكون قادرًا على إرضاء مقاصد الله. ما الأساس الحاسم الذي تعتمد عليه قدرتك على ممارسة الحق بهذه الطريقة؟ في المقام الأول، يعتمد الأمر على تحليك بالمقاصد الحسنة وتبني الموقف الصحيح؛ وهذا أمر بالغ الأهمية. عندما يعمل الروح القدس، فإنه يمحّص نوايا الناس ومواقفهم، ويقرر ما إذا كان سينيرهم أو يقودهم بناءً على هذه العوامل. إذا كان الناس قادرين على فهم عمل الله ورؤية هذا الأمر بوضوح، فسيعرفون كيف يصلُّون إلى الله ويطلبون الحق. هل يمكنكم رؤية هذا بوضوح؟ كثيرًا ما يرغب الناس في تجنب فعل الشر، ويريدون ممارسة الحق والتصرف وفقًا للمبادئ. لكن هذا يعتمد على موقف الناس تجاه الحق وما إذا كان لديهم قلب يتقي الله ويخضع له. إذا كان بإمكانك التخلي عن نواياك الشخصية ولديك عقلية الخضوع لله والصلاة إلى الله والطلب منه بإخلاص، فلن يستغرق الأمر وقتًا طويلاً حتى تحصل على استنارة الله. سيستخدم الله بعض الأساليب ليجعلك تفهم مبادئ الحق وأين تكمن النقاط الرئيسية للحق، وسوف ينيرك الله عندما تصلي إليه وتطلب منه، ما دمت تمتلك العقلية الصحيحة وكنت صادقًا. الأمر الوحيد المقلِق هو ألا يطلب الناس الحق بصدق، وأن يكتفوا فقط بأداء الإجراءات الشكلية حتى يراها الآخرون؛ ففي تلك الحالة، لن يتمكنوا من الحصول على استنارة الله. إذا كان موقفك هو الإصرار العنيد، وإنكار الحقّ، ورفض اقتراحات أيِّ شخصٍ آخر، وعدم طلب الحقّ، وعدم الثقة إلا بنفسك، وعدم فعل إلا ما تريد – إذا كان هذا هو موقفك بصرف النظر عمَّا يفعله الله أو يطلبه – فما ردّ فعل الله إذًا؟ الله لا يكترث بك ويضعك على الهامش. ألست عنيدًا؟ ألست مُتكبِّرًا؟ ألا تعتقد دائمًا بأنك على صوابٍ؟ إذا كنت خاليًا من الخضوع، ولم تسعَ قطّ، وكان قلبك مغلقًا تمامًا ومقاومًا لله، فإن الله لا يكترث بك. لماذا لا يكترث الله بك؟ لأنه إذا كان قلبك مغلقًا على الله، فهل يمكنك قبول استنارة الله؟ هل تشعر عندما يُوبِّخك الله؟ وعندما يكون الناس عنيدين، وعندما تنبثق طبيعتهم الشيطانيَّة والبهيمية، فإنهم لا يشعرون بأي شيءٍ يفعله الله ويكون هذا كلّه بلا جدوى؛ وهكذا فإن الله لا يعمل عملًا عديم الفائدة. إذا كان لديك هذا النوع من الموقف العدائيّ العنيد، فإن كلّ ما يفعله الله هو أن يبقى مخفيًّا عنك، فالله لن يعمل أشياء لا لزوم لها. وعندما تكون معاديًا عنيدًا وبمثل هذا الانغلاق، فلن يفعل الله أبدًا أي شيءٍ فيك بالإجبار أو يفرض عليك أي شيءٍ، ولن يستمرّ أبدًا في محاولة التأثير عليك وتنويرك مرارًا وتكرارًا – فالله لا يعمل بهذه الطريقة. لماذا لا يعمل الله بهذه الطريقة؟ السبب الرئيسيّ هو أن الله رأى نوعًا مُعيَّنًا من الشخصيَّة فيك، وهي شخصيَّة بهيميَّة نافرة من الحقّ ولا تتأثر بالعقل. وهل تعتقد أن الناس يمكن أن يسيطروا على حيوانٍ بريّ عندما تنبثق بهيميَّته؟ هل الصياح والصراخ فيه ينفع؟ وهل يفيد استخدام المنطق معه أو توفير الراحة له؟ هل يجرؤ الناس على الاقتراب منه؟ توجد طريقةٌ جيِّدة لوصف هذا: أنه منغلقٌ على المنطق. عندما تنشط بهيميّتك الناس ولا تتأثر بالعقل، ماذا يفعل الله؟ لا يكترث الله بك. ما الذي يجب أن يقوله الله لك أكثر من ذلك عندما تكون منغلقًا على المنطق؟ لا جدوى من قول المزيد. وعندما لا يكترث الله بك، هل تنال البركة أم أنك تعاني؟ هل تربح بعض المنافع أم أنك تعاني من خسارةٍ؟ سوف تعاني بلا شكٍّ من خسارة. ومن تسبَّب في هذا؟ (لقد تسبَّبنا في ذلك). لقد تسبَّبت أنت فيه. لم يجبرك أحدٌ على التصرُّف هكذا، ومع ذلك ما زلت تشعر بالضيق. ألم تجلب هذا على نفسك؟ الله لا يكترث بك، ولا يمكنك أن تشعر بالله، وتوجد ظلمةٌ في قلبك، وحياتك متضررة؛ قد جلبت هذا على نفسك وأنت تستحقّه!

إذا كان الناس متعنتون للغاية ويصرون على أفكارهم الخاصة دون طلب الحق عند مواجهة مسألة ما، فهذا أمر خطير للغاية، لأن الله سيزدري هؤلاء الناس وينحيهم جانبًا. ماذا ستكون نتيجة ذلك؟ يمكن القول بالتأكيد إنهم سيواجهون خطر الاستبعاد. على الرغم من ذلك، يمكن لأولئك الذين يطلبون الحق أن ينالوا استنارة الروح القدس وإرشاده، ونتيجة لذلك، سيربحون بركة الله. وهكذا، يمكن أن يؤدي الموقفين المختلفين المتمثلين في طلب الحق أو عدم طلبه إلى وجود حالتين مختلفتين ونتيجتين مختلفتين؛ فما نوع النتيجة التي تفضلها؟ (أُفضِّل نيل استنارة الله). إذا كان الناس يرغبون في أن ينيرهم الله ويرشدهم، وأن ينالوا نعمته، فما نوع التوجُّه الذي يجب أن يتبنوه؟ يجب أن يتبنوا دائمًا موقف السعي والخضوع أمام الله. سواء كنتَ تؤدي واجبك، أو تتفاعل مع الآخرين، أو تتعامل مع مشكلة معينة تواجهك، فعليك أن تتبنى موقف السعي والخضوع. بمثل هذا النوع من المواقف يمكن القول إن لديك قلبًا يتقي الله. إنَّ قدرتك على السعي إلى الحق والخضوع له. هذا هو سبيل اتقاء الله والحيد عن الشر. إن كان يُعوِزُك اتباع موقف السعي والخضوع، وكنتَ بدلًا من ذلك عدائيًا بعناد، وتتعلق بنفسك، رافضًا الحق ونافرًا منه، فمن الطبيعي إذن أنك ستقترف قدرًا كبيرًا من الشرور. لن يكون بإمكانك تجنب ذلك! إذا لم يطلب الناس الحق أبدًا لعلاج هذا الأمر، فستكون النتيجة النهائية أنه مهما بلغ مقدار اختباراتهم، ومهما بلغ عدد الحالات التي يجدون أنفسهم فيها، وبغض النظر عن عدد الدروس التي وضعها الله لهم، فإنهم لا يزالون لم يفهموا الحق، وسيظلون في النهاية غير قادرين على الدخول إلى واقع الحق. إذا لم يمتلك الناس واقع الحق، فلن يكونوا قادرين على اتباع طريق الله، وإذا لم يتمكنوا أبدًا من اتباع طريق الله، فهم ليسوا أشخاصًا يتقون الله ويحيدون عن الشر. يستمر الناس في الحديث مرارًا وتكرارًا عن رغبتهم في أداء واجباتهم واتباع الله. هل تسير الأمور بتلك البساطة؟ بالطبع لا. لأن هذه الأمور مهمة للغاية في حياة الناس! ليس من السهل إتقانُ المرء أداء واجبه إرضاءً لله، وتحقيقُ تقوى الله والحيدان عن الشر. لكنني سأخبركم بأحد مبادئ الممارسة: إذا كنت تتخذ موقف السعي والخضوع عندما يحدث لك شيء، فهذا سيحميك. وليس الهدف النهائي أن تحصل على الحماية، بل إفهامك الحق وقدرتك على الدخول في واقع الحق، والظفر بخلاص الله لك؛ هذا هو الهدف النهائي. إن كان لديك هذا الموقف في كل ما تختبره فلن تعود تشعر أن أداء واجبك، وإرضاء مقاصد الله، هي كلمات وشعارات جوفاء، ولن يعود الأمر يبدو مرهقًا جدًّا. بدلًا من ذلك، لن تشعر إلّا وقد أصبحت تفهم بضع حقائق تمام الفهم، وإذا حاولت أن تختبر بهذه الطريقة، فمن المؤكد أنك ستجني الجوائز. لا يهم من أنت، أو كم عمرك، أو درجة تعليمك، أو عدد الأعوام التي آمنت فيها بالله، أو ما الواجب الذي تؤديه. فما دمت تظهر موقف الطلب والخضوع، وما دمت تختبر بهذه الطريقة، فمن المؤكد في النهاية أنك سوف تفهم الحق وتدخل إلى واقع الحق. غير أنه إذا لم يكن موقفك هو موقف الطلب والخضوع في كل ما يحدث لك، فلن تتمكن من فهم الحق، ولن تتمكن من الدخول إلى واقع الحق. إنَّ أولئك الذين لا يفهمون الحق أبدًا ولا يمكنهم أبدًا الدخول إلى واقع الحق، يفكرونكما يلي: "ما الحق وما التعاليم؟ ما هو واقع الحق وما معنى عدم الحصول على واقع الحق؟ لماذا لا أفهم ذلك؟" غالبًا ما يستمعون إلى العظات ويقيمون الشركة حول الحق، ويستيقظون مبكرًا ويذهبون إلى الفراش متأخرًا لأنهم كانوا يقرأون كلام الله، ويستمعون أكثر، ويتعلمون أكثر، ويكتبون أكثر. إنهم يدونون الأشياء التنويرية التي يسمعونها في دفاتر ملاحظاتهم، ويملؤون بذلك دفاتر بأكملها. لقد بذلوا الكثير من الجهد، لكنهم لسوء الحظ، لا يفهمون الحق أبدًا. ونتيجة لذلك، يشعرون بأن الحق عميق جدًا. وبعد الاستماع لعدة سنوات، يفهمون بعض التعاليم، لكن لماذا لا يستطيعون البدء في ممارستها؟ ولماذا يصيبهم الارتباك عند مواجهة الأمور؟ إنهم ينظرون إلى فهم الحق والدخول إلى واقع الحق بوصفهما أمرين مجردين للغاية، ويشعرون أن نيلهما أمر صعب للغاية. لكنهم في الواقع أساءوا الفهم، لأن الإيمان بالله وفهم الحق لا يتمثلان في التلاعب بالألفاظ، ولا القدرة على التحدث عن بعض الكلمات والتعاليم، وهذا كل شيء؛ ليس الأمر على هذا النحو. إن أكثر ما يؤكد عليه الإيمان بالله هو ممارسة الحق والقدرة على فهم المبادئ في ممارسة الحق. فقط من خلال فهم ما هي ممارسة الحق، وما هو التعامل مع الأمور وفقًا المبادئ، يمكن القول إن المرء قد فهم الحق ودخل إلى الواقع؛ ذلك أنَّ القدرة على ممارسة الحق والدخول إلى الواقع هي الأمر الأهم على الإطلاق.

السابق: كلمات حول معرفة المرء لنفسه

التالي: كلمات حول كيفية اختبار الإخفاقات والسقطات والتجارب والتنقية

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب