كلمات حول كيفية مقاربة الحق والله
اقتباس 1
يتجه بعض الناس إلى الإيمان بالله عندما يرون أن الكلمات التي عبر عنها الله هي الحقُّ فعلًا. ومع ذلك، يكوّنون مفاهيم في قلوبهم عندما يأتون إلى بيت الله ويرون أن الله شخص عادي، وتصبح أقوالهم وأفعالهم غير مقيدة، ويصبحون فسقة، ويتحدثون بلا مسؤوليّة، ويحكمون عليه ويفترون بالطريقة التي يرونها مناسبة. هكذا يُكشف مثل هؤلاء الأشرار. غالبًا ما تقترف هذي المخلوقات معدومة الإنسانية أفعالًا شريرة وتزعج عملَ الكنيسة، ولن يأتيهم أي خير! هم علنًا يقاومون الله ويفترون عليه ويحكمون عليه ويهينونه، وعلنًا يجدِّفون عليه ويعارضونه. سيلقى أولئك الناس عقابًا شديدًا. بعض الناس ينتمون إلى صفوف القادة الكذبة، وبعد فصلهم، يشعرون بالاستياء المستمر تجاه الله. إنهم يغتنمون فرصة الاجتماعات لمواصلة نشر مفاهيمهم والتنفيس عن تذمرهم، حتى أنهم قد يطلقون أي كلمات قاسية أو كلمات تنفِّس عن كراهيتهم. أليس هؤلاء الناس شياطين؟ بعد إخراجهم من بيت الله يشعرون بالندم، مدّعين أنهم تلفّظوا بشيء خطأ في لحظة حماقة. بعض الناس يفشلون في تمييزهم، قائلين: ''إنهم مستحقون جدًّا للشفقة، وهم نادمون في قلبهم. يقولون إنهم مدينون لله ولا يعرفونه، لذا دعونا نسامحهم''. هل يمكن تقديم المغفرة باستخفاف؟ الناس لهم كرامتهم، فما بالك بالله! بعد أن انتهى هؤلاء الناس من التجديف والافتراء، يبدون نادمين للبعض، الذين يسامحونهم ويقولون: لقد تصرّفوا في لحظة حماقة، لكن هل كانت لحظة حماقة؟ لديهم على الدوام نيّة وراء ما يقولون، حتى أنهم يتجرؤون على الحكم على الله. لقد استبدلهم بيت الله، وفقدوا منافع المكانة، ينطقون بالعديد من الشكاوى ويبكون بمرارة وندم بعد ذلك خوفًا من أن يُستبعَدوا. هل هذا يفيد؟ بمجرد أن تنطق كلماتك تصبح كالماء المنسكب على الأرض، ولا يمكنك استرجاعها. هل سيتسامح الله مع الذين يقاومونه ويحكمون عليه ويجدِّفون عليه كما يحلو لهم؟ هل سيتجاهل تلك الأفعال؟ لن تكون لله كرامة إذا فعل ذلك. يقول بعض الناس بعد مقاومتهم: ''يا الله، دمك الثمين افتداني. طلبت منَّا مسامحة الناس سبعين مرة سبع مرَّات، وأنت لا بد أيضًا أن تسامحني!''. يا للوقاحة! بعض الناس ينشرون الأكاذيب عن الله، ثم يصيبهم الخوف بعد افترائهم عليه. ولخوفهم من العقاب يركعون سريعًا ويصلّون، قائلين: ''يا الله! لا تتركني، لا تعاقبني. أعترف، وأتوب، أنا مدين لك، لقد أخطأت''. أخبروني، هل يمكن العفو عن أولئك الناس؟ لا! لم لا؟ ما فعلوه يسيء إلى الروح القدس، وخطيئة التجديف على الروح القدس لن تُغفر أبدًا، لا في هذه الحياة ولا في الحياة الآخرة! يبقى الله صادقًا في كلماته. لديه كرامة وغضب وشخصية بارة. هل تعتقد أن الله مثل الإنسان، سيتغاضى عن تعدِّياته السابقة إذا كان المرء لطيفًا معه قليلًا؟ لا شيء من هذا القبيل! هل ستسير الأمور على ما يرام معك إذا قاومت الله؟ من المفهوم أن تتصرّف تصرّفًا خطأ بدافع الحماقة اللحظية، أو تكشف أحيانًا عن بعضٍ من شخصيتك الفاسدة، لكنك إذا قاومت الله بصورة مباشرة وتمرّدت عليه ووضعت نفسك في موضع معارضة له، وإذا افتريت عليه وجدَّفت عليه ونشرت عنه أكاذيب، فمصيرك الهلاك المحتوم. لم تعد هناك حاجة لمثل هؤلاء الناس إلى الصلاة، بل عليهم فقط انتظار العقاب. لا يمكن مسامحتهم! عندما يحين ذلك الوقت، لا تقل بصفاقة: ''يا الله، أرجوك سامحني!'' فمع الأسف لن تفيدك الطريقة التي تتوسّل بها مهما كانت. بعد أن يفهم الناس بعض الحق، إذا تعدوا بعدها عن قصد، فلا يمكن أن يُغفر لهم. في السابق، قيل إن الله لا يذكر ذنوب الإنسان. تلك هي الصغائر التي لا تشمل مراسيم الله الإدارية ولا تسيء إلى شخصية الله، تلك التي لا تشمل التجديف على الله والافتراء عليه. أما إذا جدَّفت على الله أو الحكم عليه أو الافتراء عليه ولو مرة واحدة، ستكون تلك وصمة عار أبدية لا يمكن محوها. يرغب الناس في التجديف على الله والإساءة له كما يحلو لهم، ثم أن يستغلوه للحصول على البركات. لا شيء في العالم أبخس ثمنًا من هذا! يظن الناس على الدوام أن الله رحيم ولطيف، وأنه خيِّرٌ، وأنه يملك قلبًا واسعًا لا حدود له، وأنه لا يذكر تعدِّيات الناس ويعفو عما سلف من تعدِّيات وأفعال. يعفو الله عما سلف من صغائر، لكنه لن يغفر أبدًا للذين يقاومونه ويجدِّفون عليه في العلن.
على الرغم من أن معظم الناس في الكنيسة يؤمنون حقًا بالله، فليس لديهم قلوب تتقي الله، وهذا يدل على أن معظم الناس ليس لديهم معرفة حقيقية بشخصية الله، لذا من الصعب عليهم أن يتقوا الله ويحيدوا عن الشر. إذا كان الناس لا يتقون الله أو يخافونه في إيمانهم، ويقولون ما يحلو لهم بمجرد أن يمس عمل الله مصالحهم الخاصة، فعندما ينتهون من الكلام، هل ستكون تلك هي النهاية؟ سيتعيَّن عليهم حينها دفع ثمن ما يقولونه، وهذه ليست مسألة بسيطة. عندما يُجدِّف بعض الناس على الله، عندما يحكمون على الله، هل يعرفون في قلوبهم ما يقولونه؟ كل الذين يقولون هذه الأشياء يعرفون في قلوبهم ما يقولون. بصرف النظر عن أولئك الذين تملكتهم الأرواح الشريرة وعقلهم غير طبيعي، يعرف الناس العاديون في قلوبهم ما يقولونه، وإذا أنكروا، فهم يكذبون. عندما يتكلمون، يفكرون: ''أنا أعلم أنك الله. أنا أقول إنك لا تفعل الصواب، فماذا عساك أن تفعل بي؟ ماذا ستفعل عندما أنتهي من الكلام؟'' إنهم يتعمّدون فعل ذلك لكي يزعجوا الآخرين، ولاستمالة الآخرين إلى صفِّهم، ولحثِّ الآخرين على قول أشياء مماثلة، وحثهم على فعل أشياء مماثلة. هم يدركون أن ما يقولونه هو تحدٍ سافر لله، وأنه يتعارض مع الله، وتجديف على الله. وبعد أن فكروا في الأمر أدركوا أن ما فعلوه كان خطأً: ''ما الذي تفوَّهتُ به؟ لقد كانت لحظة تهوّر وأنا نادم حقًا عليها!'' يُثبتُ ندمهم هذا أنَّهم كانوا على علم تام بما فعلوه حينها، ولم يكن ذلك عن جهلٍ منهم. إذا كنت تظن أن تصرّفهم نابع من لحظة جهل وارتباك، وأنهم لم يفهموا الأمر بشكل كامل، فذلك ليس صحيحًا بالكامل. قد لا يفطن الناس للأمر بشكل كامل، لكن إذا كنت تؤمن بالله فعليك أن تمتلك الحد الأدنى من الحس العام. لتؤمن بالله يجب أن تخشاه وتتقيه. لا يمكنك أن تُجدِّف عليه، أو تحكم عليه أو تفتري عليه كما يحلو لك. هل تعرف معنى "الحكم" و"التجديف" و"الافتراء"؟ هل تعرف إذا كنت تحكم على الله فيما تقول؟ بعض الناس يتحدثون عن حقيقة أنهم استضافوا الله، وأنهم كثيرًا ما يرون الله، وأنهم سمعوا شركة الله وجهًا لوجه. يتحدثون عن تلك الأمور مع كل من يقابلونه، وبعد حديث طويل، تكون كلها أمور خارجية؛ إنهم لا يملكون المعرفة الحقيقية على الإطلاق. قد لا يكون لديهم نيات سيئة عندما يقولون تلك الأشياء. قد تكون نواياهم حسنة تجاه الإخوة والأخوات ويودُّون تشجيع الجميع، لكن لماذا ينتقون هذه الأمور ليتحدَّثوا عنها؟ إذا أثاروا هذه المسألة استباقيًّا، فعندئذ يكون لديهم شيء من النية المبيّتة: بالأساس، للتباهي وجعل الناس يتطلعون إليهم. إذا جعلوا الناس واثقين وشجعوا الناس في إيمانهم بالله، فقد يقرؤون لهم المزيد من كلماته، التي هي الحق. لماذا إذن يصرون على الحديث عن مثل تلك الأمور الظاهرية؟ أصل قولهم لهذه الأشياء هو أنهم ببساطة ليس لديهم قلب يتقي الله. إنهم لا يخافون من الله. كيف لهم أن يسيئوا التصرُّف ويتهوروا في الحديث أمام الله؟ لله كرامة! إذا أدرك الناس ذلك، فهل سيواصلون القيام بتلك الأشياء؟ الناس ليس لديهم قلوب تتقي الله. إنهم يتعسّفون في التأوّل على الله وماهيته لخدمة دوافعهم الخاصة، ولتحقيق أهدافهم الشخصية وجعل الآخرين يتطلّعون إليهم. ما هذا ببساطة إلا حكم على الله وتجديف عليه. لا يملك مثل هؤلاء الناس أي اتقاء لله على الإطلاق في قلوبهم. إنهم جميعًا أناس يقاومون الله ويجدِّفون عليه. كلهم أرواح شريرة وشياطين. آمن بعض الناس بالله لبضع سنوات، لكن بعد أن أسرهم التنين العظيم الأحمر أصبحوا يهوذا، حتى أنهم حذوا حذو التنين العظيم الأحمر في التجديف على الله. يبشر بعض الناس بالإنجيل، ويرددون ما يقوله المتدينون في إدانة عمل الله والحكم عليه، وهم يعلمون أن الحديث بهذه الطريقة فيه مقاومة لله وتجديف على الله، لكنهم لا يهتمون. التحدث بهذه الطريقة غير لائق، مهما كانت دوافعك. ألا يمكنك قول شيء آخر فحسب؟ لماذا عليك أن تتحدث بهذه الأمور؟ أليس في ذلك تجديف على الله؟ إذا خرجت تلك الأقوال من فمك، فأنت تجدِّف على الله. لا قداسة في قول تلك الأشياء، سواء كنت تفعل هذا عمدًا أم لا. أنت لا تملك قلبًا يتقي الله. أنت تساير الآخرين وتتلفّظ بكلمات التجديف لترضيهم وتربحهم. كم أنت شرير! أنت في حزب الشيطان! هل يمكن لك أن تتلاعب بالله، وتحكم عليه، وتحدّه، وتجدِّف عليه تعسفيًّـا؟ التصرّف بهذه الطريقة أمر فظيع! إذا قلتَ أمرًا سيئًا وأساء ذلك إلى شخصية الله، فأنت هالك. تلك مسألة مهلكة! يعتقد بعض الناس هذا: ''الناس في الدين يضللهم القساوسة والشيوخ، وقد تفوَّه معظمهم بألفاظ تجدِّف على الله وتحكم على عمله وتدينه. لقد قَبِل بعضُ الأشخاص عمل الله في الأيام الأخيرة وتابوا، فهل سيخلصون حينها؟ إذا نبذهم الله جميعًا، لن يبقى سوى القلة القليلة التي ستخلص، وبالكاد سيخلص أحد''. لا يمكنك أن ترى هذا الأمر بوضوح، أليس كذلك؟ شخصيَّة الله هي البرّ، وهو بارٌّ مع الكل. في أيام نوح، لم ينج على الفلك سوى ثمانية أشخاص، وهلك البقية. هل تجرؤ على القول بأن الله غير بار؟ البشر فاسدون بشدة، فكلهم ينتمون إلى الشيطان، وكلهم يقاومون الله، وكلهم دنيؤون ولا قيمة لهم. إذا لم يتمكنوا من قبول عمل الله، فسيهلكون كما كان الحال دائمًا. قد يفكر بعض الناس قائلين في أنفسهم: ''إن لم يكن ممكنًا لأحدٍ منَّا أن يخلصه الله، ألن يذهب عمل الله سدى؟ يبدو لي أن الله لا يستطيع أن يخلّص البشرية بدون الإنسان. إذا ترك الله الإنسان، فإن تدبير الله سيزول''. أنت مخطئ. سيواصل الله خطة تدبيره بالطريقة ذاتها، حتى بدون الإنسان. يبالغ الناس في تقدير ذواتهم. ليس لدى الناس قلوب تتقي الله، وهم ليسوا أتقياء على الإطلاق أمام الله، ولا يتحلُّون بموقفٍ حسن التصرُّف. لأن الناس يعيشون تحت سيطرة الشيطان وينتمون إلى الشيطان، يمكنهم أن يحكموا على الله ويجدِّفوا عليه في أي وقت وفي أي مكان. هذا شيء فظيع، إنها إساءة لشخصيَّة الله!
اقتباس 6
لقد نطق الخالق في الأيام الأخيرة علنًا بكل هذه الكلمات، وكشف جميع أنواع الأشخاص، وهم جميعًا يواجهون الآن الحق والطريق الحق وأقوال الخالق، كما انكشفت جميع أنواع الآراء ووجهات النظر؛ فبعض الأفكار ووجهات النظر تميل إلى أن تكون محرَّفة، وبعضها فيه بر ذاتي وغطرسة، والبعض الآخر متحفظ وملتزم بالثقافة التقليدية وفاسد، والكثير منها ينطوي على الغباء والجهل، حتى إن هناك بعض الأشخاص الذين يكرهون الحق ويعادونه ويهاجمون مهتاجين كالكلاب المسعورة، ويحكمون كيفما اتفق على الحق وعلى الأمور الإيجابية ويدينونها بتهور؛ فهم يحكمون على أي أمر إيجابي أو تعبير عن الحق ويدينونه بشكل تعسفي، ولا يبذلون أي جهد ليميزوا ما إذا كان صوابًا أم خطأً، أو ما إذا كان يشتمل على الحق، وهؤلاء الأشخاص حيوانات وأبالسة. تتكون لدى البشر وجهات نظر عديدة ومختلفة تكشف وتفضح القبح الشيطاني لضيق أفقهم وعنادهم وتصلبهم وغطرستهم عند مواجهتهم بالحق والطريق الحق. عليكم أن تتعلموا من هذا الأمر كيف تميزون وتوسعون بصيرتكم أثناء سعيكم أيضًا في الوقت نفسه إلى بعض الحق. إذا كُشِفَت هذه الأمور فيمن لا يؤمنون وفيمَن لم يقبلوا عمل الله في الأيام الأخيرة، فهل تُظهرونها أنتم أيضًا؟ في الواقع، أنتم تكشفون عن الشخصيات نفسها التي يكشف عنها غير المؤمنين، وإن كانت أحيانًا الطريقة التي تُظهرونها بها وتعبرون عنها مختلفة. الأمر مشابه لما يحدث عندما يقبل بعض الناس الرب يسوع، إذ يعتقدون حينها أن كل من لا يقبل الرب يسوع في أي مكان في العالم هو أقل شأنًا منهم، ويعتقدون أنهم أعلى شأنًا لأنهم قبلوا خلاص صليب الرب يسوع، وينظرون إلى الجميع بفوقيّة. أيّ نوع من الشخصيات هذه؟ إنهم يفتقرون إلى البصيرة، وضيقو الأفق للغاية، ومتعجرفون جدًّا، وبارُّون في عيني ذاتهم؛ إذ يرون أن الآخرين يكشفون عن شخصيات فاسدة، لكنهم لا يرون أنهم هم أيضًا يكشفون عن الشخصيات الفاسدة نفسها، فهل تُظهرون هذه الأمور يا تُرى؟ بالتأكيد؛ لأن كل شخصيات الإنسان الفاسدة متشابهة تمامًا، فقط بسبب عمل الله وخلاصه واحتياجات عمله أو سبق تعيينه يوجد اختلاف في جواهر طبيعة الأشخاص ومساعيهم ورغباتهم. لا يملك بعض الأشخاص قلبًا أو روحًا، وهم أموات ووحوش لا تفهم الإيمان، وهم الأكثر وضاعةً بين البشر، بل لا يمكن اعتبارهم بشرًا. يملك من يقبلون عمل الله الجديد فهمًا أكبر للحق، كما أن بصيرتهم وفهمهم لله أعظم، ونظرياتهم ووجهات نظرهم أعلى مستوى. وبالضبط، كما يتمتع من يؤمنون بالمسيحية بفهم أعظم لله وبمعرفة أكبر بمخلوقات الخالق وعمله مقارنة بالمؤمنين بيهوه والملتزمين بالناموس، فإن من يقبلون المرحلة الثالثة من العمل يتمتعون بفهم أعظم لله من المؤمنين بالمسيحية ولأن كل مرحلة من مراحل عمل الله أعلى من سابقتها يتلو ذلك بالطبع أن فهم الناس يزداد أكثر فأكثر. لكن إن نظرتَ إلى الأمر بطريقة أخرى، فإنّ الشخصيات الفاسدة التي تكشفون عنها بعد قبولكم هذه المرحلة من العمل هي من حيث الجوهر الشخصيات الفاسدة نفسها التي يكشف عنها المتدينون، إلا أنكم قبلتم بالفعل هذه المرحلة من العمل، واستمعتم إلى عظات كثيرة، وفهمتم العديد من الحقائق، وربحتم فهمًا حقيقيًا لجوهر طبيعتكم، وتغيرتم حقًا في بعض النواحي من خلال قبول الحق وممارسته، وهذا هو الفرق الوحيد؛ ولذلك، عندما تدققون النظر ثانية في السلوكيات التي يُظهرها المتدينون تظنونهم أكثر فسادًا منكم، لكنكم في حقيقة الأمر إن قورنتم بهم فستدركون أن مواقف الناس تجاه الله والحق هي ذاتها؛ إذ إنكم جميعًا تتصرفون وفقًا للمفاهيم والتصوُّرات، وحسب تفضيلاتكم، ولديكم الشخصيات الفاسدة ذاتها، ولن يكون هناك فرق كبير بينكم وبين أولئك الأشخاص لو أنهم قبلوا هذه المرحلة من العمل، واستمعوا إلى هذه العظات، وفهموا هذه الحقائق. ماذا يمكنكم أن تفهموا من هذا الأمر؟ يمكنكم أن تفهموا أن الحق يُغير الناس، وأن هذا الكلام الذي يقوله الله وهذه العظات التي يعظ بها هي خلاص للبشرية جمعاء، وأشياء تحتاجها البشرية جمعاء، ولا يُقصد منها إرضاء أشخاص من مجموعة أو عرق أو فئة أو لون بشرة معين فحسب. لقد أفسد الشيطان جميع البشر، ولديهم شخصيات شيطانية، ولا فرق كبير بينهم من حيث فساد جوهرهم، والاختلاف فقط في ألوان بشرتهم وأعراقهم وبيئاتهم والنظام الاجتماعي الذي نشأوا فيه، أو وجود اختلافات بسيطة في ثقافاتهم التقليدية، وخلفياتهم والتعليم الذي تلقوه، لكن تبقى هذه الأمور مجرد مظاهر خارجية، فجميع البشر أفسدهم شيطان واحد، وجوهر طبيعتهم الفاسدة هو ذاته؛ ولذلك لا يستهدف الكلام الذي يقوله الله وهذا العمل الذي يقوم به مجموعة عرقية أو دولة معينة، بل البشر أجمعين، وحتى إن وُجدت اختلافات في ثقافات وخلفيات الأعراق المختلفة، أو اختلافات في التعليم الذي تلقَّوه، ففي عينيّ الله شخصياتهم الفاسدة هي ذاتها بالضبط. ولذلك، حتى إن نفِّذت مرحلة من مراحل عمل الله في مكان واحد فحسب أولًا، بصفته نموذجًا لنشر عمله إلى أماكن أخرى، فإنها تنطبق على كل البشر، ويمكنها أن تخلصهم جميعًا وتعولهم. يقول البعض: "ليس الأوروبيون وشعوب الدول الأخرى من نسلِ التنين العظيم الأحمر، أليس من غير اللائق أن يقول الله إن البشر جميعًا شديدو الفساد؟" هل هذا كلام صحيح؟ (لا، ليس صحيحًا؛ فالبشر جميعًا يملكون جوهر الطبيعة ذاته الذي أفسده الشيطان). هذا صحيح، "نسل التنين العظيم الأحمر" هو مجرد تسمية لأشخاص ينتمون لأحد الأعراق، ولا يعني أن مَن تطلق عليهم هذه التسمية ومَن لا تطلق عليهم هذه التسمية يملكون جواهر مختلفة، فجواهرهم لا تزال هي نفسها في الواقع، والبشر كلهم واقعون في قبضة الشرير، وقد أفسدهم الشيطان جميعًا، وجواهر طبيعتهم الفاسدة هي ذاتها بالضبط. والآن حين يسمع الصينيون هذا الكلام الذي يتكلم به الله يتمردون ويقاومون؛ فلديهم مفاهيم وتصورات، وهذه هي الأمور الذي يُظهرونها، وكذلك عندما يُكرر هذا الكلام على مسامع أشخاص من أعراق أخرى، فإنهم يُظهرون أيضًا تصورات ومفاهيم وتمردًا وغطرسة وبرًّا ذاتيًّا، بل ومقاومة، فالأمران سِيَّان. والبشر جميعًا أيًّا كان عرقهم وخلفيتهم الثقافية لا يُظهرون سوى سلوك البشر الفاسدين الذي يكشفه الله.
الشخصيات الفاسدة مشتركة بين جميع البشر؛ فكلها متشابهة، وتفوق أوجه التشابه فيما بينها الاختلافات، ولا اختلافات واضحة بينها. وهذه الكلمات التي يقولها الله والحقائق التي يعبِّر عنها لا تُخلص عرقًا واحدًا أو دولة واحدة أو مجموعة واحدة من الناس، فالله يخلص البشر جميعًا. ما الذي يُظهره هذا لكم؟ أهناك أحد في الجنس البشري لم يتعرض لإفساد الشيطان، وينتمي إلى فئة أو طبقة مختلفة من الناس؟ أيوجد أي إنسان لا يخضع لسيادة الله؟ (لا، لا يوجد). ما معنى هذا الكلام الذي أقوله؟ يسود الله على جميع البشر، وقد خلقهم جميعًا إله واحد. لقد خلقهم الله جميعًا أيًّا كانت جماعتهم العرقية، أو نوعهم، أو مهما بلغ مستوى كفاءتهم. يرى الإنسان أن بعض الناس مختلفون عن غيرهم وأعلى شأنًا، لكنهم في نظر الله سواء، البشر كلهم سواء في عيني الله. أين ترون هذا؟ ما الاختلافات في لون البشرة واللغة إلا مجرد مظاهر؛ أمّا شخصيات الناس الفاسدة وجواهر طبيعتهم فهي متشابهة؛ هذه هي حقيقة الأمر. يمكن لكلام الله أن يحقق نتائج عند مواجهته من قبل أي أناس لديهم شخصية شيطانية فاسدة؛ وذلك لأنه يستهدف شخصيات الناس الفاسدة، ويمكنه معالجة جميع شخصيات البشر الفاسدة، مما يظهر أن كلام الله كله هو الحق، وأنه قادر على أن يعول البشر ويطهرهم ويخلصهم، وهذا أمر لا ريب فيه. لقد انتشر الآن بالفعل الكلام الذي يعبر عنه الله في الأيام الأخيرة في كل دول العالم وبين جميع الأعراق، وهذه حقيقة! وماذا كانت ردة فعل الإنسان؟ (كانت هناك كل أنواع ردود الأفعال). وما الذي تشير إليه كل أنواع ردود الأفعال تلك أو تعكسه عن جوهر الإنسان؟ إنها تُظهر أن جوهر طبيعة البشر متشابه، فردود أفعالهم مشابهة لتلك التي أظهرها الفريسيون واليهود عندما جاء الرب يسوع ليعمل؛ فقد كانوا يكرهون الحق، وكانوا مملوئين بالتصوُّرات والمفاهيم عن الله، وإيمانهم به موجود في تصوُّرات ومفاهيم وهمية. البشر ككل لا يعرفون الله، وهم يقاومونه، وأول رد فعل لهم أو ما يكشفون عنه بشكل طبيعي وفقًا لجوهر طبيعتهم عندما يسمعون كلام الله هو المقاومة والعدائية تجاه الله، وهذا شيء مشترك بينهم جميعًا، كما أن كل آرائهم ووجهات نظرهم السلبية عندما يواجَهون بالحقائق التي يعبر الله عنها تكون نابعة من جوهر طبيعة البشر الفاسدين، وهي ممثلة لهذا الجنس البشري؛ فمفاهيمهم وتصوُّراتهم هي نفس المفاهيم والتصوُّرات التي كانت لدى رؤساء الكهنة والكَتَبة والفريسيين عن الله عندما جاء الرب يسوع، ولم تتغير؛ فقد حمل المتدينون الصليب لألفيّ عام، لكنهم ظلوا كما هم، دون أدنى تغيير. هذه هي الأمور التي يُظهرها الناس بشكل طبيعي، والتي تخرج منهم بشكل فطري عندما لا يربحون الحق، وهذا هو موقفهم تجاه الله، إذًا، هل يمكن إصلاح شخصية المرء الفاسدة إذا كان يؤمن بالله لكنه لا يسعى إلى الحق؟ (لا، لا يمكن ذلك)؛ إذْ مهما بلغ طول مدة إيمان الناس فلن يتمكنوا من حل مشكلة شخصيتهم الفاسدة إذا لم يسعَوا إلى الحق. قبل ألفيّ عام، قاوم الفريسيون الرب يسوع بشراسة وأدانوه، وسمَّروه على الصليب، والآن لا يزال القساوسة والشيوخ والآباء والأساقفة في العالم الديني يقاومون الله المتجسد ويدينونه بشراسة، تمامًا كما فعل الفريسيون، وإن خالطهم أحد وشهد بأن الله تجسد فقد يُقبض عليه ويُقتل، وإن حدث أن ذهب الله المتجسد ليعظ في أماكن العبادة الخاصة بكل دين من الأديان الرئيسية فمن المؤكد أنهم سيسمرونه على الصليب أيضًا أو سيسلمونه إلى السلطات، ولن يتساهلوا معه مطلقًا؛ لأن جواهر طبيعة البشر الفاسدين كلها متشابهة. هل يكون لديكم أي رد فعل داخلكم حين تسمعون هذا الكلام؟ ألا تعتقدون أن من آمنوا بالله لسنوات عديدة ولكنهم لم يسعوا إلى الحق بأي شكل من الأشكال مخيفون تمامًا؟ (نوعًا ما). إنه شيء مخيف جدًّا! ألا يحمل المؤمنون بالله الكتاب المقدس والصليب، ويعتمدون على الناموس، ويرتدون ملابس الفريسيين وأرواب القساوسة، ويقاومون الله ويدينونه علنًا في المعابد: أليست هذه جميعًا أشياء يفعلها المؤمنون بالله في وضح النهار؟ أين الأشخاص الذين يدينون الله ويقاومونه؟ ليس على المرء أن يذهب بنظره بعيدًا، فأي امرئ ممن يؤمنون بالله لا يقبل الحق وينفر منه يعدّ مقاومًا لله وضِدًّا للمسيح وفريسيًّا.
إن لم يسعَ الناس إلى الحق وعجزوا عن ربحه، فلن يعرفوا الله أبدًا، وعندما لا يعرف الناس الله، فسيظلون معادين له دائمًا، وسيستحيل عليهم أن يكونوا منسجمين معه. مهما بلغت رغبة قلبك الشخصية في أن يحب الله وفي ألّا يقاومه فلا طائل من ذلك؛ إذ من غير المُجدي أن تمتلك الرغبة فحسب، أو أن ترغب في لجمِ نفسك؛ فهذا أمر لا إرادي تحدده طبيعة الناس؛ ومن ثم فعليك أن تسعى لكي تصبح شخصًا يملك الحق، ويسعى إلى ممارسة الحق، وأن تتخلص من شخصيتك الفاسدة، وتدخل وقائع الحق، وتحقق الانسجام مع الله؛ فهذا هو الطريق الصحيح. وعليكم أن تعرفوا في قلوبكم أن أهم جزء في الإيمان بالله هو السعي إلى الحق، وعند السعي إلى الحق، عليكم أن تفهموا بعض التطبيقات العملية المتعلقة بالجوانب التي عليكم البدء بها، وأن تعرفوا أيضًا ما يجب عليكم فعله والنهج الذي تؤدون فيه واجباتكم، وكيف تتعاملون مع كل نوع من الأشخاص الموجودين في محيطكم، وكيف تتعاملون مع المسائل والأشياء على اختلاف أنواعها، وأي وجهة نظر عليكم أن تتبنوا عند التعامل مع تلك المسائل، وأي نهج يتوافق مع مبادئ الحق. ستكون طريقة ممارستك خاطئة إذا لم تسعَ إلى الحق أو تفهم مبادئ الحق، وإذا اكتفيت فقط باتباع اللوائح وتعريف الأشياء وفقًا لها ووفقًا للمنطق والمفاهيم والتصوُّرات أيضًا، فذلك يثبت أنك خلال سنوات إيمانك بالله اتبعت اللوائح حرفيًّا فحسب، إلا أنك لم تفهم الحق ولا تمتلك واقعًا. من المرهق والمتعب لك اتباع اللوائح والعيش وفقًا للمفاهيم والتصوُّرات، غير أن ذلك كله مضيعة للجهد، ولن يعطيك الله ذرة من الاستحسان، فأنت تستحق أن تكون مرهقًا! إذا كنت تملك الفهم الروحي والاستيعاب الخالص عندما تقرأ كلام الله أو تستمع إلى العظات والشركة، فسيزداد فهمك وربحك كلما اختبرت أكثر، وستكون كل الأشياء التي تفهمها عملية ومتوافقة مع الحق، وعندها ستكون قد ربحت الحق والحياة. لكن إذا لم تربح أو تفهم بعد سنوات إيمانك العديدة بالله إلا الأشياء المتعلقة بالتعاليم واللوائح، والمفاهيم والتصوُّرات، والقواعد واللوائح التي تقيدك، فقد انتهى أمرك تمامًا؛ لأن هذا يثبت أنك لم تربح الحق ولا تملك الحياة، وأنك ما زلت شخصًا سخيفًا ومشوش الذهن مهما بلغ عدد سنوات إيمانك بالله أو عدد الكلمات والتعاليم التي يمكنك الوعظ بها، وهذه حقيقة على الرغم من أنه ليس من اللطيف قول الأمر بهذه الطريقة. الكثير من الناس وعلى الرغم من إيمانهم بالله لسنوات لا يرون أن القوة في بيت الله للحق وللمسيح، وأن الروح القدس يسود على الجميع. لا يتمتع أشخاص كهؤلاء بأي فهم على الإطلاق، وهم كالعميان لا فائدة ترجى منهم. يرى البعض الله يُدين الناسَ ويُوبخهم ويُكَمِّلُ مجموعة من الناس لكنه يستبعدُ كثيرين غيرهم ولذلك يشُكُّون في محبة الله وحتى في بِرِّه. هل يملك مثل هؤلاء القدرة على الاستيعاب؟ هل يفهمون أي شيء؟ لن نظلمهم إذا قلنا إنهم أشخاص سخفاء ولا يملكون أي قدرة على الفهم مطلقًا، ودائمًا ما ينظر السخفاء إلى الأشياء بطريقة غير معقولة؛ إذ لا يمكن إلا لمن يفهمون الحق أن ينظروا إلى الأشياء بشكل دقيق ومتوافق مع الحقائق.
اقتباس 7
بعض من يبشرون بالإنجيل – من ينشرون عمل الله ويشهدون له – يرتكبون خطأ فادحًا؛ فهم يقتطعون كلام الله الذي يُرجّح بشدة أن يتجاوب معه الأشخاص المتدينين وتنشأ لديهم بعض المفاهيم، فيعطون المتلقين المحتملين للإنجيل نسخة مختصرة وموجزة من كلام الله. وحجتهم هي أنهم يفعلون ذلك لمنع الناس من أن تنشأ لديهم مفاهيم وأفكار مغلوطة، لكن هل هذا صحيح؟ إن كل كلام الله هو الحق. فبغض النظر عما إذا كان لدى الناس مفاهيم أم لا وما إذا كانوا يقبلون كلام الله هذا أو يحبونه أم لا، فالحق هو الحق؛ وأولئك الذين يقبلونه يمكن أن يُخلصوا، في حين سيهلك أولئك الذين لا يقبلونه. من يرفض الحق يستحق الموت والهلاك. ما علاقة هذا بمن ينشرون الإنجيل؟ ينبغي على من ينشرون الإنجيل أن يسمحوا للناس بقراءة كلمات الله الأصلية بدلًا من اختصارها خوفًا من أن ينشأ لدى الناس بعض المفاهيم. عندما يتحرى الناس عن الطريق الحق، فإنهم يريدون أن يعرفوا كيف يقول الله كلامه الأصلي، وما هو المضمون الكامن فيه، وما هي أقوال الله الأصلية تمامًا بشأن مسائل معينة. يريد الناس أن يعرفوا: "أنتم تقولون إن الله هو الخالق، فما هو الكلام الذي يتحدث به؟ ما هو أسلوبه في الكلام؟" أنتم تصرون على تغيير ما لا يتوافق من كلام الله مع المفاهيم البشرية، مثلما يحدث عندما يشرح الأشخاص المتدينون الكتاب المقدس ويكون كل ما يقولونه متوافقًا مع المفاهيم البشرية؛ أنتم تصرون على أن تظهروا للناس نسخة من كلام الله تم العبث بها، ولا تسمحون لهم برؤية كلام الله في شكله الأصلي. لماذا كل هذا؟ هل لديكم أنتم أيضًا مفاهيم متعلقة بكلام الله هذا؟ هل تعتقدون – مثلما يعتقد الأشخاص المتدينون – أن كلام الله الذي لا يتوافق مع المفاهيم البشرية ليس هو الحق، وأن الحق يكمن فقط في الكلام الذي يتوافق مع المفاهيم البشرية؟ إذا كان الأمر كذلك، فهذا خطأ بشري. فبغض النظر عن كيفية قول كلام الله وما إذا كان يتوافق مع مفاهيم البشر أم لا، فكلام الله هو الحق. وفقط لأن البشر الفاسدين ليس لديهم الحق ولا يعرفونه، تنشأ لديهم مفاهيم خاصة بهم بشأن كلام الله؛ وهذا هو حمق الإنسان وجهله. أنتم تفشلون في أن تروا بوضوح أن كلام الله هو كلام عملي وملموس للغاية من أجل تحقيق تأثير معين، وأنتم أقل وعيًا بمدى ضعف مستوى قدرات الإنسان، ومدى صعوبة فهم الناس إذا كان كلام الله موجزًا ونظريًا أكثر مما يجب. تذكروا أنه عندما ظهر الرب يسوع ليؤدي عمله، لم يستطع العديد من تلاميذه أن يفهموا كلامه وكان عليهم أن يطلبوا منه ضرب الأمثلة واستخدام المجازات لفهم معنى كلامه. أليس كذلك؟ واليوم، عندما أتحدث بتفصيل وتحديد شديدين، تشكون من الإسهاب الزائد والإطالة. عندما أتكلم بعمق لا تفهمون، لكن عندما أعمم وأُنظّر تأخذون كلامي كتعليم. يصعب التعامل مع البشر بهذه الطريقة. في كلام الله، هناك لغة إلهية ولغة بشرية، هناك إيجاز ودقة في آن واحد، وكانت هناك العديد من الأمثلة التي تكشف عن حالات الناس المختلفة. بعض الكلمات تبدو مفصلة للغاية بالنسبة إلى أولئك الذين يفهمون الحق بالفعل، ولكنها مناسبة تمامًا للمؤمنين الجدد، وسيكون من الصعب تحقيق نتائج بدون هذا المستوى من التفصيل والدقة. الأمر أشبه بتربية الآباء لأطفالهم؛ فعندما يكون الأطفال صغارًا، يحتاج الآباء إلى القيام بالكثير من الأشياء التفصيلية، ولكن يمكنهم التوقف عن القيام بها بمجرد أن يصبح الأطفال عاقلين ويمكنهم رعاية أنفسهم. الناس يفهمون ذلك، لكن لماذا لا يستطيعون فهم مسألة عمل الله؟ يجب على المؤمنين الجدد قراءة الكلمات الأقل عمقًا والتي تدعمها الأمثلة، الكلمات المفصلة والدقيقة نسبيًا. ويجب على الذين آمنوا بالله طيلة سنوات ويفهمون بعض الحقائق قراءة الكلمات الأعمق نسبيًا والتي يمكنهم فهمها. فبغض النظر عن الكيفية التي يتكلم بها الله، فإن المقصود منها هو أن تتيح للناس فهم الحق والتخلص من شخصياتهم الفاسدة والدخول إلى واقع الحق. إن الله يتكلم من أجل تحقيق هذه النتائج. وسواء أكانت كلماته عميقة أو سطحية، وسواء أكان الناس يستطيعون الوصول إليها أم لا، فإن فهم الحق والدخول إلى واقع الحق ليس بالأمر السهل. لا تظن أن كون مستوى قدراتك جيدًا وتمكنك من فهم حقائق عميقة يجعلك تمتلك بالفعل الحقائق السطحية وتمتلك الواقع. هل تلك هي الحال حقًا؟ إن حقيقة كونك شخصًا صادقًا وحدها تكفي عمرًا من الاختبار. فبغض النظر عن مدى سطحية كلام الله، وبغض النظر عن عدد الأمثلة التي يعطيها، فإنك قد لا تدخل إلى الواقع حتى بعد عشر أو ثماني سنوات من الاختبار. لذا، عند التعامل مع كلام الله، من الخطأ النظر إلى عمقه. هذا المنظور خاطئ. من الأفضل للمرء أن يولي اهتمامًا وثيقًا للواقع؛ فأنت لا تمتلك الواقع لمجرد أن لديك القدرة على الفهم ويمكنك فهم الحق. فإذا لم تتمكن من ممارسة الحق، فإن أفضل فهم لديك سيكون عبارة عن مجرد تعاليم فارغة. يجب عليك أن تمارس الحق، يجب أن يكون لديك الخبرة والمعرفة – وبهذه الطريقة وحدها سيكون فهمك عمليًا. إن كل من يشكو من أن كلمات الله مفصلة أو تافهة أكثر مما ينبغي هو إنسان متعجرف وبار في عيني ذاته ولا يملك أي شيء من واقع الحق. هل يستطيع الإنسان أن يدرك الحكمة الكامنة في كلام الله وأفكاره؟ الكثير من الناس متعجرفين وجاهلين للغاية في موقفهم تجاه كلام الله، إذ يتصرفون وكأنهم يمتلكون الكثير من واقع الحق، بينما هم في الواقع لا يمارسون الحق ولا يستطيعون قول أي شهادة حق على الإطلاق. لا يستطيعون إلا أن يتكلموا بكلام نظري فارغ؛ فهم منظرون ومدلسون. فكيف ينبغي لأولئك الذين يسعون بصدق إلى الحق أن يقرأوا كلام الله؟ عليهم أن يطلبوا الحق. وطلب الحق يتضمن ويشتمل على كثير من الأشياء، فهل يمكن الحديث عن طلب الحق بدون تفاصيل؟ هل يمكن تحقيق النتائج بدون التحدث بشكل محدد وشامل؟ هل يستطيع الناس الفهم حقًا بدون استخدام العديد من الأمثلة للدعم؟ يعتقد الكثير من الناس أن بعض كلام الله سطحي للغاية – حسنًا إذن، كم من هذا الكلام السطحي دخلت فيه؟ ما الشهادة الاختبارية التي يمكنك مشاركتها؟ فإذا كنت لم تدخل حتى في ذلك الكلام السطحي، فهل يمكنك فهم الكلام الأعمق؟ هل يمكنك فهمه حقًا؟ لا تحسب نفسك بارعًا، لا تكن متعجرفًا ولا تكن بارًا في عيني ذاتك!
لنعد إلى مسألة العبث بكلام الله. لقد نشر بيت الله النسخة القياسية من "الكلمة يظهر في الجسد"، وغير مسموح لأحد بأن يجري عليها أدنى التعديلات. لا يمكن لأحد أن يغير أي نسخة قياسية من كلام الله، وإذا قام أحد بتغيير كلام الله، فسيُعامَل ذلك على أنه عبث بكلام الله. أولئك الذين يعبثون بكلام الله ليس لديهم أدنى فهم لاشتياق جميع أولئك الذين يتوقون إلى الحق ويتطلعون إلى قراءة كلام الله. هؤلاء الناس يرغبون في قراءة النسخة الدقيقة والقياسية من كلامه، وهو الكلام الأصلي الذي قاله الله: التعبيرات عن المعنى الأصلي الذي أراده الله وعن مقصده. الأشخاص الذين يحبون الحق جميعهم على هذه الشاكلة. إن الناس لا يفهمون مقصد الله الأصلي وغرض القيام بكل هذا العمل وقول كل هذا الكلام والمعنى من ذلك، ولا يفهمون لماذا يتكلم الله بكل هذا التفصيل. الناس لا يفهمون، ورغم ذلك يحللون ويلخصون باستخدام عقولهم، وينتهي بهم الأمر إلى العبث بكلام الله الأصلي الذي لا يتوافق مع المفاهيم البشرية. ونتيجةً لذلك، عندما ينتهي الآخرون من قراءة كلام الله هذا الذي تم العبث به، يكون من الصعب عليهم فهم المعنى الأصلي الذي أراده الله. ألا يؤثر هذا في فهمهم للحق ودخولهم إلى الحياة؟ ما المشكلة في هذا الصدد؟ المشكلة أن أولئك الذين يُغيرون كلام الله يفتقرون إلى قلب يتقي الله. إن أسلوبهم هو أسلوب شخص عديم الإيمان؛ فبمجرد أن يتصرفوا، تكشف شخصيتهم الشيطانية عن نفسها. إن لديهم دائمًا بعض الآراء والأفكار بشأن ما قد فعله الله وما قاله، وهم يريدون دائمًا التعامل مع هذه الأشياء ومعالجتها، لكي تصل مخالبهم الشيطانية السوداء إلى كلام الله وتغيره بأقوالهم. هذه هي طبيعة الشيطان: الغطرسة. عندما يتحدث الله ببعض الكلام الحقيقي، بعض الكلام اليومي القريب من الإنسانية، يتلقى الناس هذا الكلام بازدراء وينظرون إليه باحتقار، ويتعاملون معه بموقف من الازدراء. إنهم يريدون دائمًا استخدام المعرفة البشرية والخيال لإجراء بعض التعديلات وتغيير الأسلوب. أليس هذا مثيرًا للاشمئزاز؟ (إنه كذلك). ينبغي ألا تفعلوا ذلك على الإطلاق. ينبغي أن تتصرفوا بحس بالمسؤولية. كلام الله هو كلام الله، وأيًا كانت الطريقة التي يتكلم بها، فينبغي أن يحتفظ الكلام بشكله الأصلي وألا يتم تغييره. العظات الحية فقط هي التي يمكن إعادة تنظيم كلماتها بقدر ضئيل، ما دام التعديل طفيفًا ولا يغير المعنى الأصلي. يجب عدم تغيير المعنى الأصلي على الإطلاق. إذا لم يكن لديك الحق فلا تقم بالتغيير؛ وأي شخص يقوم بالتغيير سيتعين عليه تحمل مسؤولية ذلك. بيت الله يعين العديد من الأشخاص لتنظيم العظات وعقد الشركة، لكن يجب عليهم تنظيمها وفقًا للمبادئ، ويجب ألا يعبثوا بأي شيء على الإطلاق. ويجب على أولئك الذين ليس لديهم فهم روحي ولا يفهمون الحق ألا يتدخلوا، لكي لا يواجهوا العقاب. وبما أنك أحد أفراد شعب الله المختار، فعليك أن تقرأ كلام الله باجتهاد، وأن تركز على فهم الحق والدخول في الواقع، وألا تشك في كلام الله أو الحق. والأهم من كل شيء ألا تستخدم عقلك ومعرفتك في تمحيص كلام الله. ليس من الجيد أن تنخرط دائمًا في الممارسات الشريرة؛ فبمجرد أن تسيء إلى شخصية الله، سيكون الأمر مزعجًا للغاية بالنسبة لك. إن بعض الناس يفهمون القليل من المعرفة الكتابية؛ فهم يدرسون علم اللاهوت لبضعة أيام ويقرؤون القليل من الكتب، ثم يعتقدون أنهم يفهمون الحق، ويعرفون مادتهم جيدًا، ولديهم القدرة. لكن ما فائدة قدرتك الضئيلة؟ هل تستطيع أن تشهد لله؟ هل تمتلك واقع الحق؟ هل يمكنك أن تجلب الناس إلى حضرة الله؟ إن القدر الضئيل من معرفتك النظرية واطلاعك لا يمثل الحق بأي حال من الأحوال. إن الله في إنسانيته يتكلم ببعض الكلام الذي يُمكن الناس من فهم المعنى؛ بعض الكلام الذي يسهل على البشر فهمه، لكن الناس دائمًا ما يكونون غير مقتنعين، وراغبين في تغيير كلامه. يريدون تغيير كلامه ليتوافق مع مفاهيمهم، وليتناسب مع أذواقهم ورغباتهم، وليكون مريحًا لأسماعهم ويسيرًا على أعينهم وقلوبهم. أي شخصية تلك؟ إنها شخصية متعجرفة. إن القيام بالأفعال بدون اتباع أي من مبادئ الحق والتصرف وفقًا لطرق الشيطان سيؤدي بسهولة إلى عرقلة وإزعاج عمل بيت الله. هذا أمر في غاية الخطورة! فبمجرد أن تسيء إلى شخصية الله، سيكون الأمر مزعجًا للغاية، وستكون عُرضة لخطر الاستبعاد.
يشعر بعض الناس بالنفور عندما يرون أن كلام الله يتحدث عن طريق الممارسة لدخول الحياة بتفصيل كبير. في تلك الحالة، إذا رأوا كل تلك القوانين والمراسيم التشريعات التي سنّها الله في العهد القديم، ألن يشعروا بنفور أكبر؟ وإذا تابعوا بعد ذلك ليقرأوا الكلمات الأكثر تفصيلًا لوصايا الكتاب المقدس الأصلية، ألن تتشكل لديهم بعض المفاهيم؟ إنهم سيفكرون: "هذا الكلام تافه للغاية؛ فما يمكن قوله بوضوح في جملة واحدة يُقال بإسهاب في ثلاث جمل أو أربعة. يجب أن يكون الكلام أكثر إيجازًا ومباشرةً، لكي يتمكن الناس من رؤية كل شيء في لمحة واحدة وفهمه بمجرد الاستماع إلى جملة واحدة. كم كان الأمر ليكون رائعًا لو لم يكن طويلًا مسهبًا، وإنما بسيطًا يسهل فهمه وتسهل ممارسته. أما كان بهذه الطريقة سيشهد لله ويمجده على نحو أكثر فعالية؟" تبدو هذه الفكرة صحيحة، لكن هل تظن أن قراءة كلام الله يجب أن تكون أشبه بقراءة رواية، حيث يكون الأكثر سلاسة هو الأفضل؟ إن كلام الله هو الحق؛ فهو يتطلب التأمل، ويجب على المرء ممارسته واختباره لفهم الحق واكتسابه. فكلما كان كلام الله أقل تماشيًا مع المفاهيم البشرية، كان يحمل المزيد من الحق فيه. وفي الواقع، لا يتماشى أي من جوانب الحق مع المفاهيم البشرية؛ فهي ليست شيئًا رآه الناس أو اختبروه من قبل بل كلمات جديدة. لكن بعد قراءة هذا الكلام واختباره لسنوات عديدة، ستعرف أن كل كلام الله هو الحق. بعض الناس دائمًا ما يكون لديهم مفاهيم بشأن كلام الله. من أين تنبع هذه المشكلة؟ أين يخطئون؟ هذه المشكلة تُظهر أن الناس لا يعرفون عمل الله أو شخصيته. إن كل جملة يتكلم بها عملية وواقعية، باستخدام لغة البشر اليومية دون اللجوء إلى استخدام لغة نظرية أو معرفية. وهذا الأمر هو الأكثر فائدة لفهم الناس للحق. لا يوجد أحد يستطيع أن يدرك هذا الأمر بوضوح؛ فقط عمل الله وكلامه هما الأكثر عملية وواقعية. إن الناس يقرون شفهيًا قائلين: "كلام الله كله صحيح. كلام الله مفيد للناس، لكن الناس لا يفهمون الله. إنه أفضل من يعرف ما هي احتياجات الناس، ويعرف كيف يتكلم بحيث يفهم الناس. طريقته في وعظ الناس وإخبارهم أسهل في القبول. إن الله يعرف البنية الداخلية للناس ويعرف نوع الأفكار والمفاهيم الذي لديهم، ويعرف أفضل منهم ما أكثر ما يحتاجون إليه، في حين ليس لدى الناس أنفسهم أي فكرة عن ذلك". ولكن عندما تنظر إلى كلام الله، ترغب في تبسيطه وتغييره ليتماشى مع مفاهيم البشر وأذواقهم. فهل يمكن أن يظل كلام الله هو الحق عندئذ؟ هل سيظل هذا الكلام كلامه؟ ألن يصبح إذن كلام البشر؟ أليس هذا النوع من التفكير متعجرفًا وبارًا في عين ذاته؟ إن كلام الله هو الحق، بغض النظر عما إذا كان يلائم مفاهيم البشر وتخيلاتهم أم لا. وبغض النظر عن عدد الكلمات التي يتحدث بها وعن مدى تفصيلها، فإن كلام الله لا يُقال سدى. إذا أضاف الله جملة واحدة، فإنه يفعل ذلك لمساعدة الناس على الفهم بشكل أفضل، وهذا أمر مفيد لهم. ولو أنه حذف جملة واحدة، فلن يفهم الناس فهمًا جيدًا، وسيكون من الأسهل على الشيطان استغلال هذا الموقف. إن مستوى قدرات معظم الناس ضعيف، وهم لا يستطيعون فهم كلام الله إلا إذا أسهب الله وتحدث بالتفصيل. الناس كلهم حمقى وبلهاء، لذا لا يجب حذف جملة واحدة من كلام الله؛ فإذا لم يتم التحدث عن أي جانب بشكل شامل، فلن يفهم الناس هذا الجانب – قد تفهم أنت نفسك، لكن شخصًا آخر لن يفهم؛ قد تفهم مجموعة منكم، لكن مجموعة أخرى قد لا تفهم. دائمًا ما سيوجد أولئك الذين لا يفهمون. الله لا يتكلم معك وحدك؛ إنه يتكلم مع كل البشر، مع كل من لديه آذان وقادر على فهم ما يقوله الله. هل منظورك ضيق جدًا؟ إن الناس لا يستطيعون رؤية إلا ما هو أمامهم فحسب، وهم يفكرون: "أنا أفهم هذه الجملة؛ لماذا لا يزال الله بحاجة إلى شرحها بكل هذا التفصيل؟" إذا كان الأمر بسيطًا جدًا، فسيفهمه أصحاب مستوى القدرات الجيد، ولكن أصحاب مستوى القدرات المتوسط لن يتمكنوا من فهمه؛ إذا فصّل الله بعض الجمل القليلة لأصحاب مستوى القدرات المتوسط، فإنك تعترض. هل يعني ذلك أنك شخص يقبل الحق؟ من أين تنبع اعتراضاتك هذه؟ أليست هذه هي الشخصية المتعجرفة للشيطان؟ عندما يفعل الله شيئًا يعارض مفاهيمك ولو قليلًا، عندما يكشف عن القليل من كل ما لديه ومن هو – التقدير، والتفهم، والرعاية، والاهتمام، والعناية الشاملة بالناس – تعتقد أن الله مُسهب، وأنه يتحدث أكثر مما ينبغي، ويضيع الوقت في أمور تافهة، وأنه لا ينبغي أن يفعل ذلك؛ وهذه بالضبط هي كيفية إيمانك بمفاهيمك. هذا هو انطباعك عن الله، ومعرفتك به، والكيفية التي تراه بها. فهل إيمانك بأن "كل ما يفعله الله صحيح، والله أفضل من يفهم الإنسان" أحد التعاليم فحسب؟ بالنسبة إليك، أصبح هذا أحد التعاليم؛ فمعرفتك بالله لا تتطابق مع ما يكشفه، لا يوجد ارتباط بين الأمرين. وعلاوةً على ذلك، ليست تلك هي الطريقة التي تتصرف بها تجاه الله؛ فأنت تعامل كلامه وأعماله وفقًا لمفاهيمك وتصوراتك، وفقًا لشخصيتك المتعجرفة. فهل أنت شخص يقبل الحق؟ أنت لست شخصًا يقبل الحق، ولا أنت شخص لديه قلب يتقي الله. فعندما تواجه كلام الله وأفعاله، تكون قادرًا على الإدانة، والشكوى، والافتراض، والشك، والإنكار، والمقاومة، وتكون لديك خيارات. هل أنت مؤمن حقيقي بالله؟ إذا كنت لا تستطيع الخضوع لعمل الله، فهل يمكنك ربح الحق؟ إذا كانت هذه هي معاملتك لكلام الله، وعمل الله، والحق، وكل ما لديه ومن هو، وكل ما يأتي منه، فهل يمكنك نيل خلاصه؟ إذا لم تستطع ربح الحق، فسوف تُعاقب.
في تعاملك مع كلام الله، لا تحلله ولا تُمحصه، ولا تكن ماكرًا، ولا تشك، ولا تجهد عقلك. تعامل معه كما تتعامل مع الحق؛ هذا هو النهج الأكثر ذكاءً. وأيًا كان ما تفعله، لا تقل لنفسك: "أنا شخص حديث، أنا مثقف وحظيت بتعليم جيد، أعرف قواعد اللغة، ودرست تخصص كذا وكذا، أنا بارع في مهارة أو مهنة معينة، أنا أفهم، أنا أستوعب. الله لا يعرف. على الرغم من أن الله يفهم كل البشر، فإنه ليس لديه أي شيء بخلاف الحق، فهو لا يفهم الأمور المهنية، وليس هناك شيء يبرع فيه، هو يعرف فقط كيفية التعبير عن الحق". هذا صحيح. الله لا يستطيع إلا التعبير عن الحق، ويمكنه أن يدرك جوهر كل شيء لأنه هو الحق. هو مَن له السيادة على مصير البشر، وهو المتحكم في مصيرك. لا أحد يستطيع الهروب من سيادة الله وتدابيره. فما الموقف الذي يجب أن يتبناه الناس تجاه كلام الله؟ يجب أن يكون موقف الناس هو الإنصات، والخضوع، والقبول، والممارسة، بأقصى قدر من الإذعان؛ هذا هو الموقف الذي ينبغي أن يتبناه الناس. وأيًا يكن ما تفعله، فلا تُمحص. لقد تحدثت إليكم بكلام كثير، لكنكم لا تستطيعون أن تقبلوا منه سوى جزء فحسب. أنتم لا تقبلون أي كلام لا يتماشى مع المفاهيم البشرية؛ بل إنكم تقاومونه وتدحضونه في قلوبكم. أنتم تقبلون فقط الكلام الذي يتماشى مع المفاهيم البشرية وترفضون الكلام الذي لا يتوافق معها. فهل يمكنكم ربح الحق بهذه الطريقة؟ هل الكلام الذي لا يتوافق مع المفاهيم البشرية ليس هو الحق فعلًا؟ هل تجرؤ على أن تكون متيقنًا من ذلك؟ إذن يجب أن أسألك، ما مقدار ما تفهم من الحق؟ ما هي الحقائق التي تمتلكها؟ شارك إذن شهادة بكل ما تفهمه من الحقائق، ثم دع الآخرين يقررون ما إذا كانت هي الحق فعلًا أم لا. إذا كنت تستطيع الاعتراف بأنك لا تمتلك الحق، فهذا يعني أن لديك عقل. وإذا كان لديك عقل حقًا، فهل لا تزال تجرؤ على أن تخلص إلى أن الكلام الذي لا يتوافق مع المفاهيم البشرية ليس هو الحق؟ هل لا تزال تجرؤ على المقامرة مع الله؟ بصفتك إنسانًا مخلوقًا، لا تكن متعجرفًا للغاية وبارًا في عين ذاتك، ولا تعلي من قدر نفسك كثيرًا. إنك لا تعرف الحق على الإطلاق؛ لن تكون قادرًا على اختبار جملة واحدة من كلام الله بشكل كامل في حياتك، ولن تكون قادرًا على فهم كلامه أو عيشه في حياتك. إذا كنت قادرًا على فهم جزء منه وتطبيقه، فهذا ليس سيئًا بالفعل. إن البشر فقراء ومثيرون للشفقة للغاية؛ هذه هي حقيقة الأمر. وبما أنهم فقراء ومثيرون للشفقة للغاية، فلماذا هم أيضًا متكبرون وبارون في أعين أنفسهم؟ إن هذا هو ما يجعلهم مثيرين للشفقة وكريهين في آن واحد. إنني أنصح الناس بقراءة كلام الله بطاعة، وبنبذ مفاهيمهم فور ظهورها، ومعاملة كلام الله على أنه الحق وبذل قصارى جهدهم لتأملها، ومن ثم اختبارها؛ وربما حينها سيتمكنون من فهم ما هو الحق. لا تبالي بمدى تفصيل كلام الله وإسهابه. إذا تمكنت من فهمه واختباره، ثم شهدت له، فحينها فقط يمكن اعتبارك إنسانًا مقتدرًا. الأمر يشبه كيفية انتقاء الناس دائمًا لأنواع الطعام التي يأكلونها، حيث يعتقدون أن بعض الطعام لذيذ والبعض الآخر ليس كذلك. وما الذي يترتب على ذلك؟ إن الأطعمة اللذيذة ليست بالضرورة غنية بالعناصر الغذائية، والأطعمة التي لا تحبها لا تحتوي بالضرورة على عناصر غذائية أقل؛ بل إنها قد تحتوي على المزيد من العناصر الغذائية الأفضل. يجد الناس صعوبة في التمييز بين ما هو حق وما هو غير ذلك، وبين ما يأتي من الله وما يأتي من الإنسان. وهم لا يستطيعون تمييز بعض هذه الأمور إلا بعد أن يفهموا الحق؛ وأولئك الذين لا يفهمون الحق لا يستطيعون رؤية حقيقة أي شيء. إذا كنت تعرف أنك تفتقر إلى الإدراك، فينبغي عليك أن تظل متواضعًا ولا تبرز نفسك وأن تطلب الحق أكثر وأكثر. هذا ما يفعله الشخص الذكي. وإذا كنت لا تستطيع رؤية حقيقة أي شيء ولا تزال تتصرف بتكبر أعمى، وتتجرأ على إدانة كل شيء وانتقاد كل من يتحدث أيًا يكن، فأنت بلا عقل على الإطلاق. ألا توافقونني على أن الأمر كذلك؟ مهما يكن ما يفعله المرء، فينغي عليه ألا يكشر عن أنيابه في حضرة الحق. بل يجب عليه أن يحافظ على قلب يتقي الله وأن يطلب الحق في كل شيء؛ ووحده هذا هو الشخص الذكي والحكيم حقًا.
اقتباس 8
ما طبيعة مشكلة التلاعب بكلمات الله؟ إذا غيَّرتَ كلمات الله وتلاعبت بكلامه، فهذا يساوي أشدَّ درجات المعارضة لله والتجديف عليه. إن مَنْ على شاكلة الشيطان هم وحدهم القادرون على فعل مثل هذا العمل الشرير، وهم مماثلون تمامًا لرئيس الملائكة. قال رئيس الملائكة: "يا الله، أنت تستطيع خلق السماوات والأرض وكل الأشياء، وأن تقوم بآيات وعجائب- وأنا ايضًا أستطيع أن أفعل هذا. أنت اعتليتَ العرش، وأنا أيضًا سأفعل ذلك. أنت تتسلط على كل الأمم، وأنا أيضًا. أنت خلقت البشر، وأنا أدبِّرهم!". هذا هو مدى غطرسة رئيس الملائكة؛ لا عقل لديه مطلقًا. إن طبيعة التلاعب بكلمات الله هي نفسها طبيعة رئيس الملائكة، بمعنى أنها مظهر معارضة مباشرة لله والتجديف عليه. إن الأناس الذين يتلاعبون بكلمات الله هم الأشدُّ معارضةً له، وهم يسيئون مباشرةً إلى شخصيته. لا يكره الله أكثر ممن يتلاعبون بكلماته. يمكن القول إن التلاعب بكلمات الله تجديفٌ على الله وعلى الروح القدس، وخطيئةٌ لا تُغْفَر. وبخلاف تلاعب الناس بكلمات الله، ثمة شيء آخر يسيء إلى شخصية الله، وهو عندما يجرؤ الناس بإهمال على إحداث تغييرات في ترتيبات العمل، ثم تمريرها إلى الكنيسة لتضليل مختاري الله، مما يُعَرْقِل ويزعج عمل الكنيسة. هذا أيضًا مظهر للمعارضة المباشرة لله، وشيٌء يسيء إلى شخصية الله. بعض الناس ليس لديهم قلوبٌ تتقي الله على الإطلاق. إنهم يعتقدون أن ترتيبات العمل يكتبها الإنسان، وأنها تأتي من الإنسان، وحيثما لم تتوافق مع مفاهيم هؤلاء الناس، فإنهم يغيّرونها كما يشاؤون. هل تعرفون أيَّ من مراسيم الله الإدارية ينتهكُ هذا الفعل؟ [7. "في عمل وشؤون الكنيسة، إلى جانب طاعة الله، يجب عليك أن تتبع إرشادات الإنسان الذي يستخدمه الروح القدس في كل شيء، إذْ لا تُقبَل حتى أدنى مخالفة. يجب أن تقدم امتثالك المطلق، ولا تحلل ما هو صواب أو خطأ؛ فالصواب والخطأ لا علاقة لهما بك. عليك فقط أن تهتم بالخضوع الكامل" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. المراسيم الإدارية العشرة التي يجب على شعب الله المختار طاعتها في عصر الملكوت)]. إن الأشياء التي تنتهك المراسيم الإدارية هي أشياء تسيء إلى شخصية الله. ألا تستطيعون رؤية ذلك بوضوح؟ بعض الأناس مستهترون للغاية في مواقفهم تجاه ترتيبات عمل الأعلى. إنهم يعتقدون: "الأعلى يضع ترتيبات العمل، ونحن نقوم بالعمل في الكنيسة. بعض الكلمات والأمور يمكن تطبيقها بمرونةٍ، والأمر يرجع إلينا في كيفية فعلها على وجه التحديد. الأعلى يتكلَّم ويضع ترتيبات العمل فقط؛ ونحن من نتولى الفعل العملي. لذا، بعد أن يُسَلِّمَ الأعلى العمل إلينا، يمكننا القيام به كما نشاء. ولا بأس بإنجازه بأي طريقةٍ كانت. لا أحد له الحق في التدخل". إن المبادئ التي يعملون بها هي كما يلي: يستمعون إلى ما يعتقدون أنه صوابٌ ويتجاهلون ما يعتقدون أنه خطأٌ، ويعتبرون أن معتقداتهم هي الحق والمبادئ، ويقاومون كل ما لا يتوافق مع مشيئتهم، ويكونون معادين للغاية تجاهك فيما يتعلق بتلك الأشياء. وحينما لا تتوافق كلمات الأعلى مع مشيئتهم، فإنهم يمضون قُدُمًا ويغيِّرونها، ولا يمررونها إلا في حالة أنها تحظى بموافقتهم. وبدون موافقتهم، لا يسمحون بتمريرها. وبينما تُمرَّر ترتيبات عمل الأعلى كما هي في مناطق أخرى، فإن هؤلاء الناس يمررون نُسَخَهُم المُبَدَّلة من ترتيبات العمل إلى الكنائس المناطة بعهدتهم. مثل هؤلاء الناس يرغبون دائمًا في أن يُنحوا الله جانبًا؛ فهم متلهفون إلى حمل الجميع على الإيمان بهم واتباعهم والخضوع لهم. ففي أذهانهم، ثمة بعض الجوانب التي لا يرقى الله إليهم فيها- يتعين عليهم أن يكونوا هم أنفسهم الله، ويتعين على الآخرين أن يؤمنوا بهم. هذه هي طبيعة المشكلة. إذا فهمتم هذا، فهل ستظلون تبكون حينما يُعْفَوَن من مناصبهم؟ هل ستظلون تشعرون بالأسف لأجلهم؟ هل ستظلون تفكرون: "تصرَّف الأعلى على نحو غير مناسب. إنه يُعامل الناس بظلمٍ. كيف يُعْفي مثل هذا الشخص الجاد في العمل؟". إن أولئك الذين يقولون هذا ليس لديهم تمييزٌ. فمن أجل مَنْ يَعمل هؤلاء بِجِدٍّ؟ أَمِنْ أجل الله؟ أَمِنْ أجل عمل الكنيسة؟ إنهم يعملون بِجِدٍّ من أجل تعزيز مكانتهم؛ يعملون بِجِدٍّ من أجل تأسيس ممالكهم المستقلة. هل يخدمون الله؟ هل يؤدون واجباتهم؟ هل هم مخلصون لله وخاضعون له؟ إنهم خدام للشيطان على نحو خالص، وحينما يعملون، فإن إبليس هو من يسود. إنهم يخرِّبون خطة تدبير الله ويزعجون عمل الله. إنهم فعلًا أضداد المسيح! يقول بعض الناس: "انظروا كَمْ يعملون بِجِدٍّ؛ فكتابة تلك الأشياء كلها وتمريرها إلى الكنائس تحتاج إلى جهدٍ كبيرٍ". إذن دعوني أسألكم: هل الأشياء التي يكتبونها تهذيبية للناس؟ ما الهدف الذي يريدون تحقيقه بالضبط؟ هل لديكَ تمييزٌ لهذه الأمور؟ ماذا ستكون العواقب إذا ضللك هؤلاء الناس؟ هل فكرت في ذلك؟ البعض يشعرون بالشفقة تجاه مثل هؤلاء الأناس، فيقولون: "إنهم يعملون بِجِدٍّ شديدٍ، وليس من السهل كتابة تلك الأشياء كلها، ولذلك ينبغي لبيت الله أن يغفر لهم إن كانت ثمة انحرافات فيما كتبوه أو تحريفات". ما المشكلة في أنهم يقولون هذا؟ أيستطيع المرء حقًا أن يربح استحسان الله بالعمل الجاد وحده؟ لأجل مَنْ يعمل أولئك الناس بِجِدٍّ؟ إذا كانوا لا يعملون بِجِدٍّ لإرضاء الله ولتمجيده، وإنما ليتمكنوا من كسب المكانة، فهل لعملهم أيُّ أهميةٍ أو قيمةٍ مهما عملوا بِجِدٍّ؟ إن هذا النوع من العمل الجاد أنانيٌّ ودنيء، وشريرٌ ووقحٌ! ماذا ستكون العواقب إذا لم يُعْفَ هذا النوع من أضداد المسيح من مناصبهم؟ سيزعج الناس عمل الكنيسة مثلما يشاؤون وسيصبحون معارِضين لله قبل حتى أن يُدركوا ذلك. أليس هذا تعطيلًا وإزعاجًا لعمل الله؟ إذا كانوا يعملون بِجِدٍّ من أجل تحقيق أهدافهم الخاصة، فهل هذا يعطيهم الحقَّ في معارضة الله؟ هل ينبغي لهم حينئذٍ معارضته والتمرد عليه؟ هل ينبغي لهم أن يكونوا متعسِّفين ومتهورين وأن يرفضوا الخضوع لله؟ هل يمكنهم أن يفعلوا ما يريدون فحسب؟ إن أولئك الذين لا يمتلكون الحق، والذين لا يخضعون لله، والذين يريدون التصرَّف بتهورٍ فحسب، معتقدينَ أن كلَّ شيٍء يفعلونه معقولٌ وصوابٌ، أبالسةٌ خالصون وخُدَّامٌ للشيطان يأتون لعرقلة عمل الكنيسة وإزعاجه! إذا لم تكن فحسب غير قادر على تمييز مثل هؤلاء الناس، بل تتعاطف معهم أيضًا وتذرف الدموع لأجلهم وتدافع عنهم، فأنت أيضًا لا فائدة منك، شخصٌ مشوَّشٌ وخفيف العقل. وربما لا تزال تفكِّر: "الأعلى ليس مراعيًا لمشاعرهم. ذلك الشخص عَمِلَ بِجدٍّ شديدٍ لكن الأعلى أعفاه ببساطة شديدة". إذا كنت تقول هذا، فأنت أيضًا خادمٌ للشيطان ومن شاكلة إبليس. ثمة الكثير من الناس الذين يعيشون وفقًا لفلسفاتٍ شيطانية، لا يفضحون القادة الكاذبين وأضداد المسيح أبدًا أو يبلغون عنهم، حتى يأتي يوم يفعل فيه أحد أضداد المسيح شيئًا كارثيًا، فيُدْرِكون أخيرًا أنَّ ما كان يجري حقًا أن ثمة ضد للمسيح كان يُضِلُّ الناس. بعض الأناس لا تزال لديهم مفاهيم بشأن هذا الأمر، إذ يفكرون: "الله قديرٌ، والأعلى بالتأكيد يعرف عدد أضداد المسيح الموجودين في الكنيسة، فهل ثمة داعٍ لأن نبلغ عنهم؟". أليس الناس الذين يقولون هذا من الأنواع السخيفة؟ في الوقت الحالي، يعمل الله في الإنسانية، وقائد الأعلى إنسانٌ، فإذا لم يكن له اتصالٌ مباشرٌ بأمور الكنيسة، فكيف له أن يعلم بهذه الأشياء؟ في مرات كثيرةٍ، حينما كانت ثمة حالات من ظهور أضداد المسيح، لم تُعالَج المشاكل إلا بعد أن أبلغ عنهم بعض الناس وفضحوهم، وأمر الأعلى بإجراء تحقيق. ففي أثناء العمل في الإنسانية الطبيعية وقيادة الناس، لا يكون الله خارقًا للطبيعة إطلاقًا، ويكون عمليًا للغاية، لكنه يُخْضِع الشيطان ويهزمه ويُذِلُّه. إنما بهذه الطريقة وحدها يمكن أن تُعْلَن قدرة الله وحكمته. هذه هي كيفية عمل الله الفعلي: يرتب الله كل هؤلاء الناس وكل هذه الأحداث والأشياء حتى يتعلَّم مُختاروه الدروس، ويكتسبوا التمييز، ويوسِّعوا معارفهم. وبمجرد أن يكتسب مُختاروه التمييز، لن يتمكَّن القادة الكَذَبَة وأضداد المسيح والأناس الأشرار من الإفلات من "ذراع القانون الطويلة". وسيستخدم الله الحقائق ليكشفهم ويمكِّن جميع مُختاريه من أن يروا بوضوحٍ وأن يفهموا. ألم يُكشف في الماضي كثير من الأناس الأشرار وأضداد المسيح ويُسْتَبْعَدوا؟ أليسَ منكم أحدٌ يرى هذا الأمر بوضوحٍ؟ إذن فأنتمٌ مُشَوَّشون للغاية!
رغم أنَّ بعض الأشخاص لا يفهمون بضعة أجزاء من ترتيبات بيت الله، فإنهم يظلون قادرين على الخضوع، قائلين: "إن كلَّ ما يفعله الله صوابٌ وله معنى. إذا لم نفهم ترتيبات العمل تمامًا، فيجب علينا أولًا الخضوع لها. ليس لنا أن نحكم على الله! لا يزال يجب علينا الاستماع إلى ترتيبات العمل، حتى وإن كانت لا تتماشى مع مفاهيمنا، ذلك لأننا بشر، وماذا يستطيع عقل الإنسان أن يرى؟ يجب علينا فقط الخضوع لترتيبات الله؛ فسوف يأتي اليوم الذي نفهمها فيه. حتى إذا بلغنا ذلك اليوم، وكنا لم نزل غير قادرين على فهمها تمامًا، فسيظل علينا الخضوع راضين. نحن أناس، ويجب علينا الخضوع لله. هذا هو ما يجب علينا فعله". لكن بعض الناس مختلفون، وعندما يرون ترتيبات بيت الله، فإنهم يدرسونها أولًا، قائلين: "هذا ما يقوله الله، وهذه هي مطالبه. البند الأول يبدو حسنًا، لكن البند الثاني غير ملائمٍ تمامًا. سأمضي قدمًا وأغيِّره". هل لدى هؤلاء الأشخاص قلوب تتقي الله؟ إذا غيرت ترتيبات العمل مثلما تشاء، فما طبيعة هذه المشكلة؟ أليس هذا عرقلةً وإزعاجًا لعمل بيت الله؟ هل هذه الأشياء التي تمتلكها هي الحق؟ إذا كان لديك الحق فعلًا، فلماذا لا تعبِّر عنه؟ لماذا تبدِّل كلمات الله؟ أيُّ شخصيةٍ تكشف عنها بفعلك هذا؟ إنها شخصيةٌ متغطرسةٌ بارَّةٌ في عينيَّ ذاتها؛ شخصيةٌ لا تطيع أحدًا. إذا جرؤتَ على أن تنتقي وتختار فيما يتعلق بترتيبات الله، فثمة مشكلة جسيمة في عقليتك وشخصيتك. ويجب على مختاري الله أن يكون لديهم تمييز لمثل هؤلاء الناس. أولًا، لا يستطيع مثل هؤلاء الناس عَقْد شركةٍ حول الحق لحلّ المشكلات، ومع ذلك يعتقدون أنهم يفهمون الحق ولن يطيعوا أحدًا. ثانيًا، عندما تكون لديهم مفاهيم عن ترتيبات العمل، فإنهم لا يذكرونها لبيت الله، وإنما ينشرونها حولهم. ثالثًا، عندما تكون لديهم مفاهيم عن الله وعن عمل بيت الله، فإنهم ليسوا فقط لا يعالجونها، بل إنهم أيضًا يحرِّضون مختاري الله على تكوين مفاهيم عنه، وعلى النهوض لمحاربته، ليُجبروه على العمل وفقًا لتمنياتهم ليُخْضِعوه في النهاية. بناءً على هذه السلوكيات الثلاثة، يمكن للمرء أن يتيقَّن من نوع هؤلاء الأشخاص. هل هم أشخاصٌ يطلبون الحقَّ ويخضعون لله؟ بالطبع لا. إنهم لا يطلبون الحق ألبتَّة وهم أيضًا غير راضين عن الله. لديهم مفاهيم عن الله، وهم ينشرون هذه المفاهيم؛ ليحملوا الجميع على تكوين مفاهيم عن الله وعلى النهوض لمحاربته ومعارضته. بناءً على هذا، يمكن وصفهم بأنهم أضداد مسيح حقيقيين مكتملين. كيف يجب التعامل مع مثل هؤلاء الناس؟ هل يجب مساعدتهم على نحو مُحِب؟ لا نفع من هذا؛ لأنهم لا يقبلون الحق. ماذا عن تهذيبهم؟ هذا أيضًا لا نفع منه؛ لأنهم لا يقبلون الحق. إن كان أولئك الذين يؤمنون بالله غير قادرين على قبول الحق، فهذه مشكلةٌ خطيرة وشيٌء فظيع! إذا نظرتَ إلى هذا الأمر باستخفاف وظننتَ أنه ليس بالأمر الجلَل، فسيأتي اليوم الذي تسيءُ فيه إلى الله. ولقد رأيتُ بعض الناس مثل هؤلاء، وعلى الرغم من أنهم لم يُخْرَجُوا بعد، فإن عاقبتهم قد تحددت بالفعل؛ وهي أنهم سَيُسْتَبْعَدون.
إن أولئك الذين يؤمنون بالله يجب أن تكون لديهم، على أقل تقدير، قلوب تتقي الله. وما معنى اتقاء الله؟ يجب على الناس أن يخافوا من اللهَ، ويتعيَّن عليهم أن يفعلوا كلَّ شيٍء بحذرٍ وعناية، تاركين لأنفسهم مجالًا محدودًا للمناورة، لا أن يفعلوا كل ما يريدونه فحسب. فمثلًا، عندما يُعْفِي بيت الله بعض القادة الكَذَبَة من مناصبهم، يقول بعض الأناس: "لستُ متأكدًا بشأن هذا الأمر. لا نعلم بالضبط ما فعلوه، وحتى لو عرفنا، ما استطعنا فهم طبيعة الأشياء التي فعلوها على نحو دقيق. كلُّ شيٍء يفعله الله صوابٌ، ودائمًا ما سيأتي يوم يوضِّح الله فيه الأمور ويسمح لنا بفهم مقصده". إذا كنتَ لا تفهم السبب في قيام بيت الله بالأمور بهذه الطريقة، لكنك لا تزال قادرًا على الخضوع، فأنت شخصٌ تقيٌّ إلى حدٍ ما يمكن أن يُقال عنه إن لديه قلبًا يتقي الله إلى حدٍ ما. إذا كنتَ لا تفهم، لكنك لا تزال تعاند الله وتزعج عمل الكنيسة، فهذا يعني مشكلة. متى ما أعفت الكنيسة بعض القادة الكَذَبَة وطردت بعض أضداد المسيح، دائمًا ما يهب بعضٌ من أتباعهم المتعصبين ويتقدَّمون للدفاع عنهم، فيحكمون على الله علانيةً بسبب هذا، قائلين إنه غير بار وطالبين من الروح القُدُس أن يكشف هذا الأمر. بالنسبة إلى مثل هؤلاء الأناس، فحتى إن كانوا يقدمون خدمةً استثنائيةً عند نشرهم الإنجيلَ وتأدية واجباتهم، فإن أيًا من هذا لا يهم. خيانةٌ واحدةٌ ستُحَدِّدُ مصيرك إلى الأبد. لا بد أن ترى جوهر الخيانة بوضوحٍ؛ لا تظنّ أنها ليست بالأمر الجلل. يمكن القول إنكم جميعًا قد عارضتم الله، وإنكم جميعًا قد تعديتم، لكن طبيعة معارضتكم وتعدياتكم مختلفة. إن طبيعة الأمر الذي تحدثتُ عنه للتوِّ جسيمة للغاية وتشكِّلُ دينونةً علنيةً لله ومعارضةً له. بعض الناس يحبون دائمًا كتابة بعض الأشياء، وبعض الخطابات التي ينشرونها في الكنيسة باستهتارٍ. هل يتماشى هذا مع المبادئ؟ هل الأشياء التي يكتبونها شهادة حقة؟ أهي من اختبارات الحياة؟ هل هي تهذيبية لمختاري الله؟ إن لم تكن كذلك، وكان هؤلاء الأناس لا يزالون ينشرونها باستهتارٍ في الكنيسة، فَهُم أناسٌ مُضَلِّلون، ينشرون البِدَع والمغالطات، ويحرِّفون الحقائق، ويخلطون الصواب بالخطأ، ويتحدثون بالكثير من الهراء المحض. بعض الأناس يرغبون حتى في كتابة كتبهم الخاصة، ثم إرسالها إلى الكنيسة ليصبحوا مشاهير. ألم يتعلَّم الناس درسًا عميقًا من مثال بولس؟ لا تزالُ تريدُ كتابةَ كتابٍ، كتابة "سيرةٍ ذاتيةٍ لأحد المشاهير" وتدوين "تلخيصٍ للحقّ". لا عقل لديكَ على الإطلاق! إن كانت لديكَ القدرة على ذلك، فاكتب عددًا من الشهادات الاختبارية. ألم تُدَنْ وتُعَانِ بما يكفي خلال هذه السنوات القليلة التي آمنتَ فيها بالله؟ أيمكن أن تظل لا ترى هذا الأمر بوضوحٍ؟ ما الذي يفهمه الناس؟ إن الكلمات والتعاليم التي تتحدث بها لا يمكنها حتى علاج مشكلاتك الخاصة، لكنك لا تزال تريد تقديمها إلى الآخرين. ليست لديك معرفةٌ بذاتك مطلقًا! لماذا يطبعُ بيت الله الكتب ويوزِّعها على نحو موَّحد؟ لأن أغلب هذه الكتب مؤَلَّفةٌ من كلمات الله، والباقي مؤَلَّفٌ من الشهادات الاختبارية لمختاري الله. هذه كلها أشياء إيجابيةٌ يحتاج إليها شعب الله المختار، ولذلك فالكتب التي يُصدرها بيت الله بصورةٍ موحدة كلها ضروريةٌ لعمل الكنيسة ولدخول الحياة لشعب الله المُختار. طريقة العمل هذه تنبع من إرشاد الروح القُدُس. جميعكم تُدركون أن الكتب التي يُصدرها بيت الله على نحو موحد هي في غاية الأهمية والضرورة. تُدركون جيدًا المنافع التي يمكنكم اكتسابها من الاستماع إلى المواعظ، ولذلك إذا كان لديكم تمييزٌ للأشياء التي ينشرها القادة الكَذَبَة وأضداد المسيح، فستقدرون حقًا على أن تُمَيِّزوا القادة الكَذَبَة وأضداد المسيح. لكن بِقَامَتِكم الحالية، أنتم تفهمون فقط الكثير من التعاليم عن الإيمان بالله، لكن الحقَّ لا يزال غير واضحٍ لكم. ثمة بعض الأمور المهمة التي لا تزالون لا تفهمونها كليًا، والتي تبدو مبهمةً وغائمةً بالنسبة إليكم، ولهذا فإنكم لا تزالون لا تملكون أيًا من وقائع الحق ولستم تملكون بعد درجة كبيرة جدًا من التمييز. بِغَضِّ النظرِ عن الكيفية التي يتصرف بها أي أحدٍ في الكنيسة أو يتحدث، فأنتم تفتقرون إلى التمييز الواضح لها. بعض الناس يعتقدون أنه مادام المرءُ يتحدث بفصاحةٍ فإنه قادرٌ على أن يشهد لله، وأن أولئك الذين لا يتحدثون بفصاحةٍ لا يمكنهم الحديث عن شهادة اختبارية حتى وإن كانت لديهم. هل هم على صوابٍ في هذا؟ إنهم مخطئون على نحو فادح؛ فالشهادة الاختبارية عمليةٌ مهما كانت طريقة الحديث عنها، وإذا لم تكن لدى المرء شهادةٌ اختبارية، فإن ما يقوله غير عمليٍّ، مهما بلغت جودة حديثه عن التعاليم. لماذا؟ إن حديث شخصٍ ما عن الكلمات والتعاليم لا يمثل أنه يمتلك واقع الحق، وحتى إن حاول ذلك الشخص فهم قدر من الحق، فإن ذلك الفهم يظلُّ سطحيًا ومحدودًا إلى حد كبير، ولن يستطيع الكتابة عن الشهادة الاختبارية على الإطلاق. وإذا كان شخصٌ ما ليس لديه شهادةٌ اختبارية، لكنه يظل يتحدث بوقاحة بكلماتٍ وتعاليم ويعظُ الناس، فإنه قد صار فريسيًا منافقًا. لا يمكنه إلا أن يختلق شهادةً زائفةً لتضليل الناس. وأولئك الذين يفعلون هذا سيلعنهم الله. إن قدرة شخصٍ ما على الشهادة الحقة من عدمها لا تعتمد على فصاحته. انظر كم كان بطرس ممتلكًا للشهادة الاختبارية- لكن كم رسالةً كتبها؟ كم عدد مقالات الشهادة التي كتبها؟ ربما لم يكتب سوى القليل، لكن الله استحسن بطرس بصفته أفضل شخصٍ عرف الله، وبصفته شخصًا أحب الله بصدقٍ. إن كانت لديك حقًا شهادةٌ اختبارية، فستكون قد تغيَّرت بالتأكيد وأصبحت تتصرف على نحو أفضل كثيرًا. لن تعود تفعل تلك الأشياء الحماسية، تلك الأشياء التي كنت تظن أنها صالحة. حينما تُدرك مدى تفاهة الإنسان وفقره وبؤسه، لن تجرؤَ على التصرف اعتباطيًا أو على تأليف كتابٍ أو سيرةٍ ذاتيةٍ. إن كل أولئك الذين يرغبون في تأليف الكتب أو السير الذاتية، أو في تعزيز سمعتهم باسم تقديم شكلٍ ما من المساهمة، هم جميعًا أناسٌ متغطرسون، ومغرورون وطموحون يبالغون في تقدير قدرات أنفسهم، وليست لديهم قلوبٌ تتقي الله، ويرغبون في اتباع مشيئتهم الخاصة في أفعالهم. إن الأشخاص الذين يسعون حقًا إلى الحق جميعهم يركزون على أداء واجباتهم جيدًا، وعلى فهم الحق، وعلى العمل في توافقٍ مع المبادئ. إنهم يعتقدون أن أداء المرء واجباته جيدًا، والتغيير المتعلق بالشخصية، والدخول في وقائع الحق، وامتلاك شهادةٍ اختباريةٍ حقيقيةٍ، أفضلُ من أيِّ شيٍء آخر. أولئك القادرين على السعي بهذه الطريقة هم الأذكى، والأكثر تمتعًا بالعقل.
اقتباس 9
أما نوح وإبراهيم وأيوب، المذكورون في العهد القديم من الكتاب المقدس، فماذا كانت خصائص إنسانيتهم؟ ما خصائص الإنسانية الطبيعية التي كانت لديهم وجعلت الله يجدهم مقبولين؟ (كانوا يمتلكون الضمير والعقل بصفة خاصة). هذا صحيح تمامًا. فقد عاش أيوب حتى هذا العمر المديد دون أن يكلمه الله أو يظهر له شخصيًا على الإطلاق، لكن استطاع أيوب أن يفهم ويشعر بكل ما فعله الله. وفي النهاية، لخّص بعض الكلمات عن معرفته بالله، قائلاً: "يَهْوَه أَعْطَى وَيَهْوَه أَخَذَ، فَلْيَكُنِ اسْمُ يَهْوَه مُبَارَكًا" (أيوب 21:1). ماذا تعني هذه الكلمات؟ تعني أن: "يَهْوَه هو الله، هو الخالق، وهو إلهي، وعندما يتكلم، يجب أن أصغي إلى ما يقول وأن أطيعه حرفًا حرفًا حتى لو فهمت نصف ما يقول". لم يقبَل الله أيوبَ إلا عندما وصلت معرفة أيوب به إلى هذا المستوى. كانت لأيوب اختبارات وإدراكات من هذا القبيل، وأمكنه أيضًا قبول التجارب التي وضعه الله فيها والخضوع لها. وقد تحققت كل هذه الأشياء على أساس أن لديه ضمير الإنسانية الطبيعية وعقلها. بغض النظر عما إذا كان قد رأى الله، وبغض النظر عما فعله الله به، وبغض النظر عما كان الله قد امتحنه أو ظهر له، فقد آمن دائمًا بأن: "يهوه إلهي، ويجب أن ألتزم بتعليمات الله وبما يسرُّ الله، سواء فهمتها أم لا؛ يجب أن أتبع طريقه، وأن أصغي إليه وأن أخضع له". مدوَّن في سفر أيوب أن أولاد أيوب كثيرًا ما كانوا يحظون بمآدب، وأن أيوب لم يشارك فيها أبدًا، بل كان يصلّي ويقدِّم عنهم ذبيحة محرقة. كون أيوب فعل ذلك كثيرًا يثبت أنه عَرِفَ في قلبه من أن الله يمقت انغماس البشر في الأكل والشرب والمرح وحياة الولائم. وفهمَ أيوب في قلبه أن هذا هو الحق، ورغم أنه لم يسمع الله يقول ذلك مباشرة، فقد عَرِفَ في قلبه أن هذا ما رغب فيه الله. وبما أن أيوب كان يعرف ما رغب فيه الله، فقد استطاع أن يصغي إليه ويخضع له، وتمسّك بهذا في جميع الأوقات، ولم يشارك قَط في الأكل أو الشرب أو الولائم. هل فهم أيوب الحق؟ لم يفهمه. كان قادرًا على القيام بذلك لأنه كان يتمتع بضمير الإنسانية الطبيعية وعقلها. إضافةً إلى الضمير والعقل، ما كان أكثر أهمية هو أنه كان لديه إيمان حقيقي بالله. فقد أدرك من أعماق قلبه أن الله هو الخالق، وأن ما يقوله الخالق هو مشيئة الله. بمصطلحات اليوم، إنه الحق، أسمى التعليمات، وهو ما يجب أن يلتزم به الإنسان. بغض النظر عما إذا كان الإنسان يستطيع فهم ما يعنيه الله أم لا، أو مجرد بضع كلمات قالها الله، ينبغي أن يقبله الإنسان ويلتزم به. هذا هو تحديدًا العقل الذي ينبغي أن يمتلكه الإنسان. عندما يمتلك الإنسان هذا العقل، يكون أسهل عليه أن يلتزم بكلمة الله، وأن يطبق كلمته وأن يخضع لكلمته. عند عمل هذا، لن تكون ثمة صعوبات، ولا معاناة، وبالتأكيد لا عوائق من أي نوع. هل فهم أيوب الكثير من الحق هل كان عارفًا بالله؟ هل كان عارفًا بصفات الله وماهيته أو بجوهر شخصيته؟ بالمقارنة مع أناس اليوم، لم يكن يعرفه، ولم يفهم سوى القليل جدًا. ومع ذلك، فما كان يملكه أيوب هو فضيلة ممارسة كل ما فهمه. بعدما يفهم شيء ما، يكون مطيعًا وملتزمًا. كان هذا أكثر جوانب الإنسانية نبلًا، وأكثر ما كان الناس يزدرونه. يتساءل الناس "ألم يُمسك أيوب عن إقامة الولائم فحسب؟ ألم يقدّم محرقات لله بانتظام ليس إلّا؟ بمصطلحات اليوم، ألم يُمسك عن الانغماس في ملذات الجسد؟" هذه ليست سوى مسألة سطحية، لكن عندما تتأمل جوهر شخصية أيوب الفردية وإنسانيته وراء هذه الأفعال، ستفهم أنها ليست مسألة بسيطة، وليس بالسهل تحقيقها. لو أن شخصًا عاديًا أمسك عن المآدب بغرض توفير المال، سيكون هذا سهل تحقيقه. لكن أيوب كان رجلًا ثريًا حينها. أي رجل ثري هذا الذي لا يرغب في الولائم؟ لماذا، إذًا، ودّ أيوب الإمساك عن إقامة الولائم؟ (كان يعلم أن الله يمقتها. كان قادرًا على أن يتقي الله ويحيد عن الشرّ). أجل. باتقاء الله والحيدان عن الشرّ، ما الذي مارسه أيوب تحديدًا؟ كان يعلم أن تلك الأشياء التي يمقتها الله كلها شرّ، لذا التزم بكلمة الله، وما كان ليفعل شيئًا يمقته الله. ما كان أبدًا ليُقدِم على تلك الأفعال، مهما قال الآخرون. هذا هو معنى اتقاء الله والحيدان عن الشرّ. لماذا كان أيوب قادرًا على اتقاء الله والحيدان عن الشرّ؟ ما الذي كان يفكّر فيه في قرارة نفسه؟ كيف كان قادرًا على ألا يفعل تلك الأفعال الشريرة؟ كان لديه قلبًا يتقي الله. ما معنى أن يكون لديك قلبًا يتقي الله؟ يعني أن قلبه كان يخشى الله، وكان يبجِّل الله بصفته عظيمًا، وكان لله مكانًا في قلبه. لم يكن يخاف من أن يراه الله، أو من أن يغضب الله منه. بل، في قلبه كان يبجل الله بصفته العظيم، وكان يرغب في إرضاء الله، وكان يرغب في التمسك بكلام الله. لذا كان قادرًا على أن يتقي الله ويحيد عن الشرّ. في وسع أي شخص الآن أن يقول عبارة "اتقاء الله والحيدان عن الشرّ"، لكنه لا يعرف كيف حقّق أيوب ذلك. في الحقيقة، تعامل أيوب مع "اتقاء الله والحيدان عن الشرّ" على أنها الشيء الأساسي والأهم في الإيمان بالله. لذا، كان قادرًا على التمسّك بتلك الكلمات، وكأنه متمسّكًا بإحدى الوصايا. أنصت لكلمات الله لأن قلبه بجّل الله بصفته عظيمًا. مهما بدت كلمات الله غير مميَّزة في عيني الإنسان، حتى لو كانت كلمات عادية، في قلب أيوب، كانت تلك الكلمات آتية من عند الله الأعلى؛ كانت الكلمات الأعظم والأهم. حتى وإن كانت كلمات يزدريها الناس، طالما أنها كلمات الله، ينبغي للناس أن يراعوها – حتى وإن تعرضوا للسخرية والبهتان. حتى وإن واجهوا المشقة أو تعرّضوا للاضطهاد، يجب أن يتمسّكوا بكلماته حتى النهاية. لا يسعهم التنازل عنها. هذا ما يعنيه اتقاء الله. عليك أن تتمسّك بكل كلمة يوصي الله بها الإنسان. أما الأمور التي يحرّمها الله، أو الأمور التي يمقتها الله، فلا بأس إذا كنت لا تعلمها، لكن إذا كنت تعلمها، فينبغي لك آنذاك أن تكون قادرًا تمامًا على الإمساك عن فعلها. ينبغي أن تكون قادرًا على الالتزام، حتى وإن هجرتك عائلتك، أو سخر منك غير المؤمنين، أو تهكّم أو استهزأ منك المقرّبون. لماذا تحتاج للالتزام؟ ما هي نقطة بدايتك؟ ما هي مبادئك؟ إنها، "يجب أن أتمسك بكلمات الله وأن أتصرّف وفق رغباته. سأكون صارمًا في فعل ما يحبه الله، وحازمًا في ترك ما يمقته الله. إذا لم أكن أعلم مقصد الله، لا بأس، لكن إذا كنت أعلم وأفهم مقصده، فسأكون حينئذ حازمًا في الإنصات إلى كلماته والخضوع لها. لا أحد يقدر على عرقلتي، ولن أتردد حتى لو انتهى العالم". هذا ما يعنيه اتقاء الله والحيدان عن الشرّ.
الشرط المسبق كي يتمكن الناس من الحيدان عن الشرّ هو أن يكون لديهم قلب يتقي الله. كيف يُفطر قلب يتقي الله؟ من خلال تبجيل الله بصفته عظيمًا. ماذا يعني تبجيل الله بصفته عظيمًا؟ هو عندما يعرف المرء أن لله السيادة على كل الأشياء، وقلبه يتقي الله. وبالتالي، يمكنه استخدام كلام الله عند تقييم أي موقف، واستخدام كلام الله كمعيار ومقياس له. هذا ما يعنيه تبجيل الله بصفته عظيمًا. بعبارات بسيطة، تبجيل الله بصفته عظيمًا هو أن يكون الله في قلبك، وأن يتفكَّر قلبك في الله، وألا تنسى نفسك فيما تفعله، وألا تحاول أن تندفع من تلقاء نفسك، بل أن تدع الله يتولى الأمور. تفكّر في كل شيء: "أنا أؤمن بالله وأتّبع الله. أنا مجرد كائن صغير مخلوق اختاره الله. ينبغي أن أصرف عني الآراء والتوصيات والقرارات التي تأتي من مشيئتي، وأن أترك الله يكون سيدي. الله هو ربي، وصخرتي، والنور المضيء الذي يقود طريقي في كل ما أفعل. لا بد أن أتصرّف وفق كلماته ورغباته، وألا أضع نفسي في المقام الأول". هذا هو معنى أن يكون الله في قلبك. عندما تودّ أن تفعل شيئًا، لا تتصرّف باندفاع أو بعجالة. فكّر أولًا فيما تقوله كلمات الله، فيما إذا كان الله سيمقت أفعالك، وفيما إذا كانت أفعالك متوافقة مع مقاصده. في قلبك، اسأل نفسك أولًا، فكّر، تأمل، لا تستعجل. أن تستعجل يعني أن تكون مندفعًا، وأن تكون مدفوعًا بالاستهتار وبإرادة الإنسان. إذا تصرّفت دومًا بعجالة واندفاع، يدل ذلك على أن الله ليس في قلبك. ألا يعتبر ادعائك بأنك تبجل الله بصفته عظيمًا كلمات فارغة؟ أين واقعك؟ ليس لديك واقعًا، ولا يمكنك أن تبجِّل الله لكونه عظيمًا. تتصرّف وكأنك سيد العزبة في كل الأمور، وتفعل ما تشاء في كل مسألة. في هذه الحالة، إذا ادّعيت أن قلبك يتقي الله، أليس هذا هراءً؟ أنت تخدع الناس بتلك الكلمات. إذا كان للمرء قلبًا يتقي الله، فكيف يتجلى ذلك فعليًا؟ عبر تبجيل الله بصفته عظيمًا. إنَّ المظهر الملموس لاحترام الله بصفته عظيمًا هو أن يكون لله مكان في قلبه –مكان الصدارة. سيدع الله يكون سيده ويتبوأ السلطة في قلبه. عندما يحدث شيء ما، يكون في قلبه خضوع لله. لا يستعجل ولا يندفع ولا يتصرف بتهور، بل يكون قادرا على مواجهته بهدوء، وعلى تهدئة نفسه أمام الله طلبًا لمبادئ الحق. سواء كنت تتصرّف وفق كلمة الله أو إرادتك أنت، وسواء كنت تدع إرادتك أو كلمة الله تتولى زمام الأمور، فإن ذلك يعتمد على وجود الله في قلبك. تدّعي أن الله في قلبك، لكن عندما يقع شيء ما، تتصرّف كالأعمى، وتسمح بأن تكون لك الكلمة الأخيرة، وتنحي الله جانبًا. هل هذا مظهَر لقلب فيه الله؟ ثمة بعض الناس قادرين على الصلاة لله عند وقوع شيء ما، ولكن بعد الصلاة، يستمرون في التفكير مليًّا، قائلين: "أعتقد أن هذا ما ينبغي لي فعله. أعتقد أن هذا ما ينبغي لي فعله". أنت تسير وراء إرادتك دومًا، ولا تنصت إلى أي أحد مهما كانت كيفية شركته معك. أليس هذا مظهرًا لغياب اتقاء الله في قلبك؟ لأنك لا تطلب مبادئ الحق ولا تمارس الحق فعندما تقول إنك تبجِّل الله بصفته عظيمًا، وأن لديك قلبًا يتقي الله، فتلك مجرد كلمات فارغة. الذين تخلو قلوبهم من الله، وغير القادرين على تبجيل الله بصفته عظيمًا، هم الذين لا يملكون قلبًا يتقي الله. الناس غير القادرين على طلب الحق عندما يحدث أمر ما، والذين لا يملكون قلبًا يخضع لله، هم جميعًا أناس يفتقرون إلى الضمير والعقل. إذا كان للمرء حقًّا ضمير وعقل، عندما يقع شيء ما، سيقدر بالطبع على طلب الحق. عليه أولًا أن يفكّر: "أنا أؤمن بالله. جئت سعيًا وراء خلاص الله. ولأن لديَّ شخصية فاسدة، أعتبر نفسي دومًا السلطة الوحيدة في كل ما أفعل، وأسير دائمًا عكس مقاصد الله. لا بد أن أتوب. لا يمكنني أن أستمر في التمرّد ضد الله هكذا. لا بد أن أتعلّم كيف أكون خاضعًا لله. لا بد أن أطلب ما تقوله كلمات الله، ومبادئ الحق". هذه هي الأفكار والعزم التي تنبع من عقل الإنسانية الطبيعية. هذه هي المبادئ والموقف التي ينبغي لك أن تتّبعها للقيام بأشياء. عندما تمتلك عقل الإنسانية الطبيعية، تمتلك هذا الموقف. عندما لا تمتلك عقل الإنسانية الطبيعية، فإنك لا تمتلك هذا الموقف. لذا يكون امتلاك عقل الإنسانية الطبيعية حاسمٌ ومهم للغاية. فهو متعلّق مباشرة بفهم الناس للحق وتحقيق الخلاص.