40. مُكبَّلة
في عام 2004، قبلت عمل الله القدير في الأيام الأخيرة، وسرعان ما أُبلغ عني لنشري الإنجيل. في ذلك اليوم كنت أعمل في المستشفى، وأخبرني زميلي أن مدير المستشفى كان يبحث عني. ذهبت إلى مكتب المدير ورأيت ضابطي شرطة طويلين يرتديان الزي الرسمي يقفان هناك. قالا لي: "أبلغ أحدهم أنك تؤمنين بالبرق الشرقي وتنشرين الإنجيل. البرق الشرقي هدف وطني رئيسي للعقاب، والمؤمنون به هم جميعًا مجرمون سياسيون سيُحكم عليهم بالسجن!". كما هدداني قائلين إنني إن واصلت إيماني بالله، فبإمكانهما حرماني من وظيفتي في أي وقت أرادوه، وقد لا أتقاضى أجرًا حتى وإن ذهبت إلى العمل. وحتى عمل زوجي، وأهلية ابني للالتحاق بالجامعة، أو الانضمام للجيش، أو سفره إلى الخارج سيعاني. وقالا إنني قد يُزج بي في السجن إن حدث وضبطاني وأنا أعظ بالإنجيل في أي وقت. فقلقت من هذا، وقلت لنفسي: "لن تترك الشرطة هذا إن لم أتخلَّ عن إيماني. إن فقدت وظيفتي وعانى عمل زوجي، فكيف سندبر الأمور؟ ومَن ذا الذي قد يهتم بابني الصغير إن اعتُقلت وسُجنت؟ يا لي من أم بائسة إن عانت آماله المستقبلية بسبب إيماني". كلما فكرت في الأمر، أصبحت أكثر بؤسًا. دعوت الله أن يحفظ قلبي. في تلك اللحظة، تأملت مقطعًا من كلمة الله. "منذ اللحظة التي تدخل فيها هذا العالم صارخًا بالبكاء، فإنك تبدأ في أداء واجبك. تؤدي دورك وتبدأ رحلة حياتك لأجل خطة الله ولأجل ترتيباته. أيًا كانت خلفيتك وأيًا كانت الرحلة التي تنتظرك، فلا يمكن لأحد أن يفلت من تنظيمات وترتيبات السماء، ولا أحد يتحكَّم في مصيره؛ لأن مَنْ يحكم كل شيء هو وحده القادر على مثل هذا العمل" (الكلمة، ج 1، من "الله مصدر حياة الإنسان" في "الكلمة يظهر في الجسد"). تأملت في كلمة الله، وعندئذ فهمت: القضاء والقدر كله يأتي تحت حكم من الله. وأي شيء قد يحدث لأسرتنا كان بيد الله، ولم يكن لأي أحد أن يتخذ قرارًا بشأنه. فالله هو الخالق ومن الطبيعي والصائب للناس أن يؤمنوا بالله ويعبدوه. ولكن حينئذ كانت الشرطة تستخدم عملي وعمل زوجي ومستقبل ابني، لتهديدي وإجباري على التخلي عن الطريق الحق وخيانة الله. يا له من أمر حقير بكل معنى الكلمة! في التو واللحظة، صممت على أنه مهما تحولت حياتي في المستقبل، لن أتنازل للشيطان أبدًا. واستمر ضابطا الشرطة في مطالبتي بالإبلاغ عن إخوتي وأخواتي، لكنني تجاهلت هذا، وفي النهاية ذهبا بعيدًا.
بعد ذلك، كانا كثيرًا ما يمران بالمستشفى ليسألا عما إذا كنت لا أزال أؤمن بالله وأنشر الإنجيل. في بعض الأحيان كنت أضطر للتوقف في منتصف عملية جراحية مهما كانت ملحة. وكان الأمر قد بدأ يثير غضبي. فكرت: إنني لم أفعل أي شيء سيئ، أنا فقط كنت أؤمن بالله وأتبع الطريق الحق، فلماذا كان ضابطا الشرطة يضايقاني ويمنعاني من أداء عملي بسلام؟" أحدثت الحقيقة بأنني كنت تحت الاستجواب المستمر صخبًا في أنحاء المستشفى. فقد رآني الزملاء شخصية خطيرة. وكان البعض يغتابونني، وسأل البعض مباشرةً: "ماذا تفعلين في إيمانك بالله؟ لماذا يحقق معك ضباط الشرطة دائمًا؟ إن إيمانك أوصل الشرطة إلى بابنا تمامًا. إنه أمر خطير حقًّا". كما تغير موقف المدير تجاهي. كان دائمًا ما يحترمني بشدة، لكن بعد تلك الحادثة، في كل مرة يراني، كان يسأل: "إنك لا تخرجين للوعظ، أليس كذلك؟". وطلب مني أيضًا أن أبقي هاتفي مفتوحًا على مدار الساعة، حتى يتمكنوا دائمًا من الوصول إليَّ. وذات مرة، قال لي المدير: "لقد أتت الشرطة إلى هنا عدة مرات بسبب إيمانك بالله. يجب أن تتوقفي عن الإيمان. إنك دائمًا ما تقومين بعملك على خير وجه، ولدى الجميع رأي جيد عنك. لا تدعي إيمانك يدمر مستقبلك. فالأمر لا يستحق كل هذا العناء. وسيمثل الأمر مشكلة ضخمة لي أنا أيضًا، بصفتي مديرك، إن اعتُقلتِ أو حدث ما هو أسوأ من ذلك". شعرت بالبؤس والإحباط طوال تلك الفترة، في ظل المراقبة المستمرة من قِبل مديري وتلقي نظرات الحذر من زملائي. صليت لله من أجل الإيمان والقوة، وسألته مساعدتي على الصمود بقوة في ظل هذه الظروف. عندئذ، قرأت مقطعًا من كلمة الله: "إنَّ التنين العظيم الأحمر يضطهِدُ اللهَ وهو عدوّه، ولذلك يتعرّضُ المؤمنون بالله في هذه الأرض إلى الإذلال والاضطهاد... ولأنه يتم في أرضٍ تُعارضه، فإن عمل الله كله يواجه عقبات هائلة، كما أن تحقيق الكثير من كلماته يستغرق وقتًا، ومن ثمَّ تتم تنقية الناس كنتيجة لكلمات الله، وهذا أيضًا أحد جوانب المعاناة. إنه لأمرٌ شاقٌ للغاية أنْ يقوم الله بتنفيذ عمله في أرض التنين العظيم الأحمر، لكنه يُتَمِّمَ من خلال هذه المعاناة مرحلةً واحدةً من عمله ليُظهِرَ حكمته وأعماله العجيبة، وينتهزُ هذه الفرصة ليُكَمِّلَ هذه الجماعة من الناس" (الكلمة، ج 1، من "هل عملُ الله بالبساطة التي يتصورها الإنسان؟" في "الكلمة يظهر في الجسد"). من كلمة الله، فهمت مشيئته. فالصين محكومة بالحزب الشيوعي، وهي أكثر مكان يلقى فيه الله مقاومةً حادة. وأهل الإيمان، في الصين، سيتعرضون للاضطهاد والإذلال حتمًا، لكن الله يستخدم اضطهاد الحزب الشيوعي كوسيلة لتكميل إيماننا، وبالتالي خلق جماعة من الغالبين. فهكذا تسير حكمة الله. ولأنني آمنت وسلكت الطريق القويم، كنت أتعرض للمضايقة والمراقبة من قبل الشرطة بالإضافة للذل والنقد من الزملاء والأصدقاء. وراء كل هذا، كان هناك هدف. لم أشعر بالسوء الشديد بمجرد أن فهمت هذا. وعدت نفسي بأنه مهما حاول الحزب الشيوعي اضطهادى وعرقلتي، سأتبع الله حتى النهاية.
كان زوجي مسافرًا في رحلة عمل في ذلك الوقت، ولم أخبره بشأن الشرطة لأنني لم أرد أن أُقلقه. عاد من سفرياته في يناير 2005، وأحس بالخطر عندما علم بما حدث. وبتجهم شديد، أخبرني بأنه اكتشف أن المؤمنين بالله القدير كانوا مجرمين سياسيين يمكن اعتقالهم وسجنهم في أي وقت، وقد يُضربون حتى الموت في الاحتجاز. وقال إن مستقبل ابننا ووظائف أقاربنا سوف تعاني، وطلب مني التوقف عن الإيمان بالله القدير. فقلت لنفسي: "إيمان زوجي بالرب هو إيمان بالاسم فقط. إنه لا يفهم أي شيء حقًّا، ومن الطبيعي أن يكون لديه هذه المخاوف. إن الحزب الشيوعي يضطهدنا كثيرًا نحن المؤمنين، بل ويطارد أفراد عائلتنا. مَن مِنا لا يخاف؟". فكرت أيضًا كيف كان بعيدًا في العمل طوال الوقت، وهو ما يعني أنه لم يكن لديَّ فرصة لأشهد له على عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. لقد كنا بحاجة لهذه الفرصة لإجراء حوار لائق، ومن ثم أشارك معه الكثير، لكنه لم يستمع على الإطلاق. بل إنه ببساطة رفض الاستماع تمامًا، قائلًا إن الحياة كانت تسير على ما يرام، وينبغي فقط أن نستمتع بنعمة الرب يسوع. ليست هناك حاجة إلى قبول عمل الدينونة. كان يخشى التورط في الأمر إن اعتُقلت، لذلك بدأ يحاول منعي من الإيمان بالله. بعد ذلك، بدأ يراقبني عن كثب. إن كنت لا أعود إلى المنزل في الوقت المحدد، كان يتصل بي ليسألني أين كنت ويحثني على العودة إلى المنزل، وتوقف عن الخروج لرؤية أصدقائه في المساء، وهو ما كان على غير عادته. بل كان يمكث في المنزل ليراقبني. وعندما كان الوقت يحين بالنسبة لي لحضور اجتماع، كان يجد أشياء أخرى لأفعلها له. لقد حاول في الأساس بكل الوسائل منعي من الإيمان بالله أو أداء واجباتي. في البداية، شعرت بالتقيد الشديد، لكن لاحقًا، تذكرت مقطعًا من كلمة الله: "ينبغي أن تمتلك شجاعتي في داخلك، وينبغي أن تكون لديك مبادئ عندما يتعلق الأمر بمواجهة أقرباء غير مؤمنين. لكن لأجلي، يجب ألا ترضخ لأيٍّ من قوى الظلمة. اعتمد على حكمتي في سلوك الطريق القويم، ولا تسمح لمؤامرات الشيطان بالسيطرة" (من "الفصل العاشر" من "أقوال المسيح في البدء" في "الكلمة يظهر في الجسد"). عندما تأملت كلمة الله، فهمت أنه من الواضح أن زوجي يحاول إعاقة إيماني بالله، لكن خلف الكواليس كان الشيطان يستغل الأشياء ويربكها، ويستخدم الحيل، ليدفعني لخيانة الله وإنكاره. لم أستطع الاستسلام للشيطان. ولاحقًا، وجدت أعذارًا لأتجنب مراقبة زوجي، وذهبت إلى الاجتماعات وأوفيت بواجباتي في الخفاء. كنت أبحث أيضًا عن فرص للتحدث مع زوجي، على أمل ألا يخاف من اضطهاد الحزب الشيوعي وأن يسعى لفحص عمل الله القدير. لكن زوجي أوجد لنفسه أعذارًا دائمًا، قائلًا إنه سيؤمن عندما يبدأ القساوسة والراهبات بالإيمان. كما طلب مني عدم الذهاب إلى الاجتماعات أو نشر الإنجيل، حتى لا يتم اعتقالي وإرسالي للسجن. رأيت أن زوجي لم يكن مهتمًّا على الإطلاق بالحق أو باستقبال مجيء الرب، لذلك توقفت عن التحدث معه عنه. قلت لنفسي: "مهما حدث، يجب أن أؤمن بالله وأؤدي واجبي. لا يمكن أن أتقيد به".
بعد مهرجان الربيع في ذلك العام، مكث زوجي بالمنزل ليراقبني بدلًا من العودة للسفر إلى العمل. ذات يوم، خرَّ على ركبتيه وعيناه تنهمران بالدموع وتوسل إليَّ: "إنك دائمًا ما تخرجين إلى الاجتماعات وتعظين بالإنجيل. كيف سنعيش في المستقبل إن اعتُقلتِ وسُجنتِ؟ ماذا سيحدث لهذه الأسرة، وماذا سيحدث لابننا؟ يجب أن تفكري في أسرتنا، ومستقبل ابننا. وللأمانة، ففي كل تلك السنوات معًا لم أر زوجي يبكي قط. كان مريعًا أن أراه يبكي وهو يجثو على ركبتيه هكذا، ويتوسل إليَّ، وبدأت في البكاء أيضًا. قلت لأواسيه: "كل شيء بيد الله. وسواء تم اعتقالي، وما سيحدث لابننا في المستقبل، فكل هذا قدَّره الله. وأقدارنا أن نتَّكل على الله وأن نعيش الاختبار. لا يجب أن نقلق بشأن هذه الأشياء". هز زوجي رأسه، وعيناه مغرورقتان بالدموع وقال: "لقد ضبطتك الشرطة متلبسة بالفعل. سيُقبض عليك إن عاجلاً أم آجلاً إن استمررتِ في الإيمان هكذا، وعندئذ سيُدمر كل شيء". برؤية زوجي في مثل هذا الكرب، شعرت بالحزن بمرارة. فكل هذا كان بسبب الحزب الشيوعي! نحن نؤمن بالله وننشر الإنجيل حتى يقبل الناس خلاص الله في الأيام الأخيرة وينجون من الكارثة. وهذا يخلِّص الناس، ولا يفوقه شيء عدلاً، لكن الحزب الشيوعي يحاول بشكل محموم إعاقتنا وإزعاجنا. إنهم ليسوا سوى شياطين وأرواح شريرة معارضة لله! تقول كلمات الله: "الآباء الأقدمون؟ القادة الأحباء؟ كلّهم يعارضون الله! ترك تطفّلهم كل شيء تحت السماء في حالة من الظلمة والفوضى! الحرية الدينية؟ حقوق المواطنين المشروعة ومصالحهم؟ كلها حيلٌ للتستّر على الخطية! ... لماذا تضع مثل هذه العقبة المنيعة أمام عمل الله؟ لماذا تستخدم مختلف الحيل لخداع شعب الله؟ أين هي الحرية الحقيقية والحقوق والمصالح المشروعة؟ أين العدل؟ أين الراحة؟ أين المودّة؟ لماذا تستخدم حيلًا مختلفة لتخدع شعب الله؟" (من "العمل والدخول (8)" في "الكلمة يظهر في الجسد"). ظاهريًّا، يروج الحزب الشيوعي للحرية الدينية، لكنهم في الواقع يقمعون ويعتقلون المؤمنين، ويستخدمون وظائف الناس وأسرهم لإجبارهم على إنكار الله وإهماله. يا له من أمر حقير بكل معنى الكلمة! لولا اضطهاد الحزب الشيوعي، لما وصلت الأمور إلى هذا بيني وبين زوجي، ولما خاف زوجي هكذا. حيثما تصل اليد الشريرة للحزب الشيوعي، فإنها تجلب كارثة. كان زوجي خائفًا، وأراد أن يحمي عمله وأسرتنا، ولذلك السبب أراد مسايرة الحزب الشيوعي بدفعي للتخلي عن إيماني. ولكنني لم أكن لأفعل كما قال. كان عليَّ أن أحصِّن إيماني بالله.
بعد ذلك، قرأ زوجي الكثير من افتراءات الحزب الشيوعي ضد كنيسة الله القدير على الإنترنت، وببساطة مكث بالمنزل لمراقبتي بدلًا من الذهاب في رحلات عمله. كما سأل المحيطين بي لمعرفة مَن جعلني إيماني على صلة به وبمَن كنت أتصل. حتى أنه ذهب إلى شركة الاتصالات ليطبع سجل مكالماتي لمدة ستة أشهر، ثم سألني عن الأرقام واحدًا تلو الآخر. ولمراقبتي، كان يرافقني من وإلى العمل كل يوم. وكان يتبعني أينما ذهبت، ولم يكن ليدعني أغادر المنزل بمفردي. لم يكن لديَّ أي حرية على الإطلاق – فكان الأمر وكأنني مكبَّلة. لم أستطع أن أعيش حياة الكنيسة ولم أستطع أداء واجبي، الأمر الذي جعلني مستاءة حقًّا، ومن ثم فقد استغللت استرخاء زوجي للخروج خلسة والوعظ بالإنجيل. ذات مرة، قال بغضب: "إن استمررتِ في الخروج والوعظ، فحتى مع مراقبتي الدقيقة طوال الوقت، فعندئذ لن يكون هناك شيء يمكنني فعله حقًّا. إن الحزب الشيوعي هو الذي يحكم الآن، ولن يسمح لك بالاستمرار في إيمانك. وإن استمررتِ بهذا الشكل، فسوف تُعتقلين إن عاجلاً أم آجلاً، وستتحطم هذه الأسرة. لذا، لنتطلق. يمكنك أن تؤمني بما شئت بمجرد طلاقنا، بلا أي تأثيرات سلبية على ابننا أو أي شخص آخر". لم أستطع تصديق الأمر عندما سمعت أنه أراد الطلاق. فكل ما كنت أفعله هو الإيمان بالله. كيف وصل الأمر إلى هذا؟ هل ضاعت كل سنواتنا معًا سدى؟ جعلتني فكرة تحطم أسرتي التي كانت في خير حال بسبب الحزب الشيوعي مؤلمة بشكل مروع. وكان هذا شيئًا لم يمكنني تحمل قبوله. صليت لله: "إلهي، أرجوك امنحني الإيمان والقوة، حتى أتمكن من الصمود في هذه الظروف القاسية". وبعد أن صليت، تذكرت هذا المقطع من كلمة الله: "الإيمان العظيم والمحبة العظيمة مطلوبان منا في هذه المرحلة من العمل. قد نتعثر من أقل إهمال لأن هذه المرحلة من العمل مختلفة عن جميع المراحل السابقة. ما يُكمّله الله هو إيمان البشرية – والمرء لا يمكن أن يراه أو يلمسه. ما يفعله الله هو تحويل الكلمات إلى إيمان ومحبة وحياة. يجب على الناس الوصول إلى النقطة التي يتحملون فيها مئات التنقيات، ويمتلكون إيمانًا أعظم من إيمان أيوب. وعليهم تحمل معاناة هائلة وكل صنوف العذاب دون التخلي عن الله في أي وقت. عندما يطيعون حتى الموت، ويكون لديهم إيمان عظيم بالله، فستكتمل هذه المرحلة من عمل الله" (من "الطريق... (8)" في "الكلمة يظهر في الجسد"). تأملت في كلمة الله، وعندئذ فهمت أنه في عمله في الأيام الأخيرة، يستخدم الله كلامه ومختلف التجارب والتنقيات لتكميل إيمان الناس ومحبتهم. تأملت في إغواءات الشيطان لأيوب. إذ فقد بين عشية وضحاها أولاده وثروته، ثم غطت الدمامل الرهيبة جسده. في خضم هذه البلايا الجسيمة، لم يشتك أيوب الله أبدًا، بل استمر في تسبيح اسم الله. وطوال جميع تجاربه، صمد في شهادته لله. عندئذ تأملت في نفسي. كانت أسرتي تنهار بسبب اضطهاد الحزب الشيوعي، وكنت أشتكي بالفعل. رأيت أنني كنت ذات قامة صغيرة حقًّا، ولم يكن لديَّ شهادة على الإطلاق. شعرت بالندم الشديد، لذلك صليت لله، واعدة إياه بأنه حتى لو طلقني زوجي، فلن أتخلى عن الحق من أجل الجسد والأسرة.
بعدها ببضعة أيام، اعتذر لي زوجي بشكل غير متوقع وقال إنه كان مخطئًا. قال إنه ما كان يجب أن يذكر الطلاق، وإنه فعل ذلك فقط بسبب إجبار الحزب الشيوعي القاسي. بعدها بفترة، قال فجأة: "إن لم أستطع إقناعك، فسأنضم إليكِ في الإيمان بالله القدير". ذُهلت من هذا التغير المفاجئ التام في سلوكه لكنني شعرت بأنني يجب أن أفكر فيه مليًّا، لذلك قرأ كلانا كلمة الله معًا في المنزل. وبعدها بأسبوع، طلب مني أن آخذه إلى اجتماع. شعرت بأن سلوكه كان غريبًا بعض الشيء، لذا لم أوافق. واندهشت بشدة عندما انقلب عليَّ وقال: "إن لم تأخذيني إلى اجتماع، فلن أؤمن". وقال أيضًا إنه فعل ذلك لإقناعي بتغيير رأيي. عندها فقط أدركت أن زوجي كان يتظاهر بأنه يؤمن بالله القدير، وكان هدفه هو العثور على مكان عقد اجتماعاتنا حتى يتمكن من مراقبتي والتحكم فيَّ بشكل أفضل. لم أتوقع منه أن يفعل شيئًا بتلك السخافة. ومنذ تلك اللحظة فصاعدًا، دخلنا نحن الاثنان في حرب باردة. ذات يوم، كنت أقرأ كلمة الله في المنزل، عندما قرع زوجي الباب بشدة وهو يصرخ قائلًا: "لا يمكن أن نستمر على هذا النحو". عندما فتحت الباب، اقتحم المكان كالمجنون، وأقبض مسكته برقبتي وصاح: "لماذا تضطرين للإيمان بالله القدير؟ أهو أهم بالنسبة لك من أسرتنا وابننا حقًّا؟". وكانت قبضته شديدة فاختنقت بشدة لدرجة أننها آلمتني ولم أستطع التنفس، لذلك دعوت الله بقوة ليخلِّصني. قاومت، فتركني. كنت منزعجة مما حدث بطريقة سيئة جدًّا، وحزنت بشدة. لاحقًا، قرأت مقطعًا من كلمة الله. "لماذا يحب زوج زوجته؟ لماذا تحب زوجة زوجها؟ لماذا يكون الأطفال مطيعين لوالديهم؟ لماذا يكون الوالدان مولعين بأطفالهما؟ ما أنواع النيَّات التي يكنَّها الناس حقًا؟ أليس غرضهم هو من أجل إرضاء خططهم ورغباتهم الأنانية؟" (من "الله والإنسان سيدخلان الراحة معًا" في "الكلمة يظهر في الجسد"). عندما تأملت في كلمة الله، سألت نفسي عما إن كان زوجي يحبني حقًّا. فكرت في كل سنوات زواجنا. من الواضح أن زوجي كان يعرف أكثر من أي شخص آخر التضحيات التي قدمتها لأسرتنا، وكان يعلم أنني كنت أؤمن بالرب منذ طفولتي وكنت أتطلع إلى مجيء الرب. ولكن عندما رحبت بالرب، لم يدعمني. في الحقيقة، لقد ناصر الحزب الشيوعي ضدي، مهددًا إياي بالطلاق بل حتى محاولًا خنقي. كل هذا لحماية مصالحه الشخصية. ولم يكن هناك حتى ولو قدر ضئيل جدًّا من الاحترام الذي يجب أن يربط بين الزوج والزوجة. كيف يمكن أن يسمى هذا حبًّا؟ فكرت أيضًا كيف، على الرغم من أن زوجي آمن بالرب يسوع، أنه فعل ذلك فقط لنيل النعمة. لم يكن يتطلع إلى مجيء الرب على الإطلاق. كان خائفًا جدًّا من أن يعتقله الحزب الشيوعي والنظام الشيطاني، لدرجة أنه لم يقبل عمل الله في الأيام الأخيرة عندما جاء ليعبر عن الحق ويفعل عمل الخلاص. وساير الحزب الشيوعي في محاولة إجباري على الابتعاد عن إيماني. رأيت أن زوجي لم يكن مؤمنًا حقيقيًّا بالله على الإطلاق. كان ضعيف الإيمان. تقول كلمات الله: "لا ينسجم المؤمنون وغير المؤمنين، بل بالأحرى يعارضون بعضهم بعضًا" (من "الله والإنسان سيدخلان الراحة معًا" في "الكلمة يظهر في الجسد"). لم نكن أنا وزوجي نسير على نفس المسار على الإطلاق، لذا لم أتمكن من السماح له بتقييدي. نتيجة لذلك، هددني زوجي بالطلاق عدة مرات عندما رأى أنني لن أتخلى عن إيماني. لم أستطع تحمل فكرة خسارة أسرتي حقًّا، لذا صليت لله كل يوم، سائلة إياه أن يرشدني.
ذات يوم، رأيت مقطعًا من كلمة الله. "وبصفتكم أشخاصًا عاديين تسعون وراء محبة الله، فإن دخولكم إلى الملكوت لتصبحوا من شعب الله هو مستقبلكم الحقيقي، وحياة بالغة القيمة والأهمية. لا أحد مبارك أكثر منكم. لماذا أقول هذا؟ لأن أولئك الذين لا يؤمنون بالله يعيشون من أجل الجسد، ويعيشون من أجل الشيطان، لكنكم تعيشون اليوم من أجل الله، وتعيشون لإتمام مشيئة الله. لهذا السبب أقول إن حياتكم بالغة الأهمية. هذه المجموعة فقط من الناس، الذين اختارهم الله، قادرة على عيش حياة بالغة الأهمية: ولا أحد آخر على الأرض قادر على عيش حياة لها هذه القيمة والمعنى" (من "تعرّف على أحدث عمل لله واتبع خطاه" في "الكلمة يظهر في الجسد"). لقد اعتدت الاعتقاد بأن الحصول على أسرة سعيدة، ووجود علاقة حب مع زوجي وتلبية احتياجاتي المادية، كان هو تعريف السعادة، وأن العيش بهذه الطريقة كان ذا مغزى. لكن الآن رأيت بوضوح أن ما يسمى بالحب الزوجي هو حب هش. فكما يقولون: إن الزوج والزوجة يشبهان طائرين في بستان؛ عندما تقع مصيبة يطير كل منهما في اتجاهه الخاص. في الماضي، عندما كنت أعمل بجد من أجل أسرتي وزوجي، اهتم بي بشدة، ولكن الآن بعد أن اعتنقت الإيمان، شعر بأن اضطهاد الحزب الشيوعي للمؤمنين كان تهديدًا لمصالحه الخاصة، لذلك لجأ لاضطهادي، وطلب الطلاق. بصراحة، إن "حبنا" كزوج وزوجة، كان مجرد شخصين يستغل أحدهما الآخر. أين السعادة في حياة كهذه؟ تأملت كيف كان يراقبني على مدار الأشهر السابقة، وكيف منعني من الذهاب إلى الاجتماعات وأداء واجباتي. لم أستطع مقابلة إخوتي وأخواتي للشركة معهم عن الحق، ولم يكن قلبي مطمئنًا عندما كنت أقرأ كلمة الله في المنزل، وكان عليَّ أن أفكر في طرق للتعامل مع زوجي عندما كنت أخرج للوعظ بالإنجيل. لم أكن أتمتع بأي حرية في الإيمان البتة، كما لو كنت مكبلة بحبل غير مرئي ينتزع الحياة مني نزعًا. ولو استمر هذا، لعانت حياتي، ولفقدت أيضًا فرصة ربح الحق وتلقي خلاص الله. لم يكن الأمر يستحق ذلك. كان هذا عندما أدركت، بشكل أكثر وضوحًا، أن الحياة الأسرية مع الحب الزوجي، لم تكن سعادة حقيقية. لم أستطع أن أعيش حياة ذات معنى إلا بالسعي للحق والقيام بواجبات الكائن المخلوق. تذكرت أيضًا كلام الرب يسوع: "مَنْ أَحَبَّ أَبًا أَوْ أُمًّا أَكْثَرَ مِنِّي فَلَا يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ أَحَبَّ ٱبْنًا أَوِ ٱبْنَةً أَكْثَرَ مِنِّي فَلَا يَسْتَحِقُّنِي، وَمَنْ لَا يَأْخُذُ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعُنِي فَلَا يَسْتَحِقُّنِي" (متى 10: 37-38). تأملت في العديد من القديسين عبر العصور، وكيف، لإتمام إرسالية الله، أهملوا منازلهم وسبل عيشهم وعبروا المحيطات ليعظوا بالإنجيل ويشهدوا لله، متحملين المعاناة، بل ومضحين بحياتهم. ونالت شهادتهم رضا الله. والآن كان الله كريمًا معي، وأحضرني أمامه لألقى خلاصه في الأيام الأخيرة. كانت هذه فرصة لن تتكرر. إن لم أتمكن من أداء واجباتي بشكل لائق بسبب قيود زوجي، فعندئذ سأكون بائسة حقيرة متحجرة القلب أمام الله! بإدراك ذلك، أقسمت يمينًا إنني سأفعل كما فعل القديسون القدماء، مهملة كل شيء، ومتبعة الله، ومؤدية واجبات الكائن المخلوق. فهذه هي الطريقة التي قد أعيش بها حياة ذات مغزى.
ذات مساء، أتيت للمنزل من اجتماع، وتجمدت عندما فتحت الباب. فقد كان المكان مكتظًّا بالناس. فكان هناك زملاء لي، بالإضافة لأصدقاء زوجي وأقاربه، وبمجرد أن رأوني، بدأوا جميعًا في الكلام على الفور، محاولين إقناعي بالتخلي عن إيماني. قال البعض إنهم رأوا بالأخبار أن الكثر من المؤمنين بالله القدير كانوا يُعتقلون مؤخرًا على يد الحزب الشيوعي، وحُكم على بعضهم بالسجن 10 سنوات على الأقل. وقال آخرون إن الأمر لم يكن فقط مجرد اعتقال أو زج في السجن، بل إن العديد من المؤمنين بالله القدير أصيبوا بالشلل أو قُتلوا في الاحتجاز، وتورطت أسرهم في الأمر أيضًا. كما كرر البعض مغالطات وشائعات الحزب الشيوعي الافترائية على الكنيسة، قائلين إن المؤمنين بالله يتخلون عن أسرهم. سماع كل هذا أغضبني بشدة. قلت لنفسي: "لولا اضطهاد الحزب الشيوعي، لما عارضتني أسرتي وهاجمتني بهذه الطريقة. الحزب الشيوعي يحرف الحقائق وينشر الشائعات حتى ينضم إليه الأشخاص الذين لا يعرفون الحق في معارضة الله. إنهم سُيدانون معه من قبل الله، وفي النهاية سيُدمرون معه. إنه شر محض! دحضت ما قالوه، مخبرة إياهم: "لا تتحدثون بالهراء إن كنتم لا تفهمون معنى امتلاك الإيمان. لماذا أصر على الإيمان بالله رغم هذه المخاطر؟ هذا لأن المخلِّص قد جاء وعبر عن الكثير من الحقائق لخلاص البشرية من تأثير الشيطان وتحريرنا من الكارثة. هذه فرصة لن تتكرر! ولكن الحزب الشيوعي لا يسمح بالإيمان بالله. إنه يضطهد ويقمع بشكل محموم الأشخاص الذين يؤمنون بالله، ويعتقل ويسجن الكثير جدًّا منهم. لذا فإن الكثير من الناس لا يستطيعون العودة إلى ديارهم، والكثير منهم يصابون بالشلل ويضُربون حتى الموت، وينهار العديد من الأسر المسيحية. أليس ذلك كله فعل الحزب الشيوعي؟ من الواضح أن الحزب الشيوعي يضطهد المؤمنين ويدمر الأسر المسيحية، لكنهم يقلبون الأمور ويقولون إن المؤمنين بالله يتخلون عن عائلاتهم. أليس هذا عكسًا للحق؟ إنكم لا تكرهون الحزب الشيوعي الصيني، بل تريدون إيقافي عن الإيمان بالله. ألا تستطيعون قول الصواب من الخطأ؟ لقد كان طريق الإيمان هو خياري الشخصي. حتى لو دخلت السجن، فأنا مصممة على اتباع الله القدير". رأوا أنهم لم يستطيعوا إقناعي، وفي النهاية غادروا جميعًا. قال زوجي بصرامة: "يبدو أنه لا يمكن لأحد أن يغير رأيك، فلنتطلق إذن. إنك تؤمنين بالله القدير، وهو ما يعني أن الدولة ستهاجمك وتعتقلك. عندما يحدث ذلك، ستفقدين وظيفتك، وأسرتنا وربما حتى حياتك. لكن بقيتنا يريدون البقاء أحياء، لذا فإن الطلاق هو الطريق الوحيد. إن الحزب الشيوعي يدفع الناس الى مآزق مستحيلة". تألم قلبي من هذا، لكنني علمت على وجه اليقين أن وقت الاختيار قد حان. فاخترت أن أؤمن بالله وأتبعه وأسعى للحق والحياة، بينما اختار زوجي مسايرة الحزب الشيوعي، من أجل وظيفته ومستقبله. لذا كان علينا أن يمضي كلٍ في طريقه. في ذلك الوقت، صليت لله: "إلهي، مهما حدث، سأتبعك حتى النهاية". في صباح اليوم التالي، توجهت أنا وزوجي إلى مكتب الأحوال المدنية لتنفيذ إجراءات الطلاق، وأنهينا اثنتي عشرة سنة من الحياة الزوجية. ومنذ ذلك الحين، وأنا أستطيع الذهاب إلى الاجتماعات وأداء واجباتي بشكل طبيعي، وأشعر بسكينة شديدة. أعتقد أن أداء واجبات الكائن المخلوق هو الطريقة الوحيدة لعيش حياة ذات مغزى.