84. العثور على الطريق الحق هو السر

ذات مرة، خلال إحدى المحادثات، سمعت قائدًا في الكنيسة يقول: "تتمتع الأخت غاو بإمكانيات جيدة، وتفهم الأمور على حقيقتها، وتتشارك في الحق بشكل عملي. إنني أخطط لتدريبها على أداء أعمال الكنيسة". وبعد سماع كلمات القائد، لم يسع قلبي سوى أن ينفطر في الماضي، كنت أنا والأخت غاو نؤدي الخدمة العامة، لكنها الآن أصبحت قائدة، بينما كنتُ لا أزال أؤدي الخدمة العامة. لماذا أشعر بالنقص الشديد؟ طوال الصباح، أصابني الإحباط وشرد ذهني وأنا أقوم بواجبي. لاحقًا، نُقلت الأخت غاو بعيدًا، وسألني القائد عما إذا كنت أرغب في تولي الوظيفة السابقة للأخت غاو، وفي الوقت نفسه، أصبح مشرفة على الخدمة العامة. في ذلك الوقت، انتابني شيء من الحزن. فرغم أنني سأحصل على لقب مشرفة، فإن الأمر لايزال يرتبط بالخدمة العامة. فمهما اجتهدت في العمل، لن يعلم أحد، وهذا على خلاف أن يكون المرء قائدًا، وشخصًا تتعهده الكنيسة بالتنمية ويتطلّع إليه الإخوة والأخوات جميعًا، ويدعمونه. لقد شعرت بأن الخدمة العامة عمل أقل شأنًا، لذلك لم أرغب في قبوله. قلت لنفسي: "لو توليت هذا الواجب، فما الذي سيظنه بي إخوتي وأخواتي؟ هل سيعتقدون أنني أؤمن بالله لسنوات عديدة دون أن أسعى وراء الحق أو أحرز تقدمًا، وأن هذا هو السبب في أنني أؤدي الخدمة العامة دائمًا؟ سيكون هذا محرجًا للغاية". لكن، عندما راجعت الأمر مرة أخرى، أدركت أن هذا الواجب أتى إليَّ بإذن من الله. وحتى لو كان لا يتفق مع رغباتي، فيجب أن أخضع وألا أتصرف من منطلق تفضيلاتي الشخصية، لذلك أجبت مكرهة على قائدي بأنني مستعدة لقبول هذا الواجب.

وبعد وهلة، سمعت القائد يقول: "يمتلك الأخ وانغ إمكانيات جيدة، ومع القليل من الجهد في دخول الحياة، يمكن تنميته". بعد أن سمعت هذا، ازددت ضيقًا. لقد أشرفت على عمل الأخ وانغ، وحتى هو أصبح شخصًا يرغب القائد في تنميته، إذن، لمَ لا يذكر أحد اسمي؟ لقد أشرفت على عمله، لكني لم أترقى، بل علقت في مكاني وحسب. كيف يراني الآخرون إذن؟ هل أنا بهذا السوء؟ إنني أمتلك القدرة على إدارة العمل، واكتشاف المشكلات وحلها. وأحيانًا، عندما يناقش القائد بعض الأمور، أستطيع إبداء الرأي وتقديم الاقتراحات. فلماذا لا يستطيع القائد رؤية نقاط قوتي؟ كانت ستغمرني السعادة لو ذكر القائد اسمي وقال إنني مناسبة للترقي؛ لكن يجب عليَّ الإشراف على الخدمة العامة. وسوف يثبت هذا أنني لست بذلك السوء، وسوف يمنحني شعورًا بالارتياح. في تلك الأيام، عندما كنت أفكر في الأمر، كنت أشعر بضيق شديد. وأشعر بالخمول التام، ولا أرغب في التحدث إلى إخوتي وأخواتي، ولا أستطيع تحمُّل عبء في مهام واجبي. وعندما يبلغني الآخرون بمشكلات، فإنني لا أفكر فيها مليًا مثلما اعتدت في السابق.

ذات مرة، أرسل إليَّ مشرفي خطابًا يطلب مني فيه القيام ببعض الأعمال، لكني لم أنتبه إلى محتويات الخطاب، فأثر هذا على عملي. ذات يوم، طلب مني القائد أن أوصل شيئًا إلى اجتماع مجموعة الأخت غاو. وعندما سمعت هذا، ترددتُ في الذهاب خشية ما ستظنه بي الأخت غاو. لقد أدينا المهمة نفسها من قبل، لكنها الآن، تَرَقَّت، بينما لا أزال أؤدي الخدمة العامة هل ستستهين بي وتعتقد أنني عديمة الفائدة؟ لكني خشيت أن يؤثر عدم ذهابي على العمل، لذلك تقبلت الأمر على مضض. وعندما وصلتُ إلى هناك، ولأمنع الأخت غاو من التعرّف عليَّ ثنيت ظهري ودفنت رأسي في هاتفي مدة تزيد عن النصف ساعة. خلال هذه الفترة، حدثني بعض الأخوة والأخوات، لكني لم أجرؤ على رفع رأسي خشية أن تتعرف عليَّ الأخت غاو. في تلك اللحظة، شعرت بأنني عديمة الجدوى. وخالجني ضيق شديد أثار رغبتي في البكاء. لم يسعني إلا الهروب إلى غرفة أخرى، ونظرت إلى سماء الليل، وبكيت في صمت. لقد آمنت بالله لسنوات عديدة، لكني شعرتُ أن قائدي لا يقدرني حق قدري. فبينما يترقى الأخرون ويصبحون قادة، كنتُ عالقة في أداء الخدمة العامة. ما المغزى من العيش على هذا النحو؟ أصابني الفزع عندما وجدت نفسي أفكر بهذه الطريقة. كيف تراودني مثل هذه الأفكار؟ في تلك اللحظة تذكرت بصعوبةٍ بعضًا من كلام الله: "وهكذا فإن المكانة والهيبة هما حياة أضداد المسيح. ... يمكنك وضعهم في غابة بدائية في أعماق الجبال، ومع ذلك لن ينحوا جانبًا سعيهم وراء المكانة والهيبة" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الثالث)]. يصف كلام الله حالتي، لذا عثرت على هذه الفقرة وقرأتها. يقول الله القدير، "وهكذا فإن المكانة والهيبة هما حياة أضداد المسيح. بغض النظر عن الطريقة التي يعيشون بها، وبغض النظر عن البيئة التي يعيشون فيها، وبغض النظر عن العمل الذي يقومون به، وبغض النظر عمَّا يسعون لتحقيقه، وما هي أهدافهم، وما هو اتجاه حياتهم، كل ذلك يدور حول كونهم يتمتعون بسمعة طيبة ومكانة عالية. وهذا الهدف لا يتغير، ولا يمكنهم أبدًا تنحية مثل هذه الأشياء جانبًا. هذا هو الوجه الحقيقي لأضداد المسيح وجوهرهم. يمكنك وضعهم في غابة بدائية في أعماق الجبال، ومع ذلك لن ينحوا جانبًا سعيهم وراء المكانة والهيبة. يمكنك وضعهم ضمن أي مجموعة من الناس، ويظل كل ما يمكنهم التفكير فيه هو المكانة والهيبة. ومع أن أضداد المسيح يؤمنون أيضًا بالله، فإنهم يرون أن السعي وراء المكانة والهيبة مساوٍ للإيمان بالله، ويعطونه نفس القيمة. وهذا يعني أنهم بينما يسيرون في طريق الإيمان بالله، يسعون أيضًا إلى مكانتهم وهيبتهم. يمكن القول إن أضداد المسيح يؤمنون في قلوبهم بأن الإيمان بالله والسعي إلى الحق هو السعي وراء المكانة والهيبة؛ والسعي وراء المكانة والهيبة هو أيضًا السعي إلى الحق، واكتساب المكانة والهيبة هو اكتساب الحق والحياة. سيشعرون بالإحباط الشديد إذا شعروا أنه ليس لديهم هيبة أو مكانة، وأن لا أحد يعجب بهم، أو يبجلهم، أو يتبعهم، وعندها يظنون أنه لا فائدة من الإيمان بالله ولا قيمة له، ويتساءلون في قرارة أنفسهم: "هل مثل هذا الإيمان بالله فشلٌ؟ أليس هذا ميؤوسًا منه؟" إنهم غالبًا ما يتفكَّرون في مثل هذه الأمور في قلوبهم، ويتفكَّرون في كيفية ترسيخ مكان لأنفسهم في بيت الله، وكيف يمكن أن يكون لهم سمعة رفيعة في الكنيسة، بحيث يستمع الناس إليهم عندما يتحدثون، ويساندونهم عندما يتصرفون ويتبعونهم أينما ذهبوا؛ وحتى يكون لهم صوت في الكنيسة، وسمعة طيبة، بحيث يتمتعون بالمزايا، ويتمتعون بمكانة. إنهم يركزون بالفعل على مثل هذه الأمور. هذا هو ما يسعى إليه هؤلاء الناس" [الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الثالث)]. فمن كلام الله تعلمت أن أعداء المسيح يفكرون أولًا بالهيبة والمكانة في كل ما يفعلونه، ولا يتخلون أبدًا عن السعي وراء الشهرة والمكانة، فالمكانة، بالنسبة إليهم، لا تقل أهمية عن حياتهم. تأملت نفسي: "لماذا لا أريد قطّ القيام بالخدمة العامة؟ ولماذا أهتم كثيرًا بأن أكون قائدة؟" وأدركت أن السبب الرئيسي يعود إلى اعتقادي بأن القادة يتمتعون بمكانة عالية. فلا يقتصر الأمر على أن الأخوة والأخوات يعجبون بهم ويحبذون آراءهم، بل يشمل قادة المستوى الأعلى الذين يقدرونهم كثيرًا، ويشمل أيضًا الكنيسة التي تركز على تنميتهم. شعرت أنه من الجيد أن أكون قائدة، وأظهر نفسي، وأحظى باستحسان الجميع، واعتقدت أن للنجاح طريقًا واحدًا فقط: أن أصبح قائدة. وشعرت أيضًا أن الخدمة العامة تعني القيام بأعمال سطحية، وأن الذين لا يسعون وراء الحق يقومون بمثل هذه الواجبات، وأن الآخرين ينظرون إليهم باستهانة. وبسبب هذه الأفكار الخاطئة، كنت عندما أرى الجميع يترقَّون ما عداي أشعر بالألم الشديد، وأرغب في أن يذكر القائد اسمي. لكن عندما همّ القائد بترقية الآخرين بدلًا مني، ازددت بؤسًا، وأصبحت لا أريد رؤية أي شخص، ولم تعد بي أية رغبة في تنفيذ واجبي. كان التفكير في الهيبة والمكانة كل يوم عذابًا رهيبًا، حتى شعرت بأن الحياة لا تستحق أن أعيشها. ألا يعني السعي وراء الهيبة والمكانة على هذا النحو أنني أسير في الطريق ذاته الذي يسلكه عدو المسيح؟ عندما أدركت هذا، انتابني الخوف، سرعان ما صليت إلى الله لأتوب: "إلهي، إن رغبتي في الهيبة والمكانة عارمة. لا أريد العيش في هذه الحالة من العصيان. إلهي أرجوك أرشدني إلى تخليص نفسي من أغلال الشهرة والمكانة".

ذات يوم، بينما كنت أقرأ كلام الله، تغيرت وجهة نظري قليلًا. يقول الله القدير، "هل تريدون دائمًا أن تبسطوا أجنحتكم وتُحلِّقوا، وهل ترغبون دائمًا في الطيران بمفردكم وفي أن تكونوا نسورًا بدلًا من أن تكونوا طيورًا صغيرة؟ أيّ شخصية هذه؟ هل هذا هو مبدأ السلوك البشري؟ يجب أن يستند سعيكم وراء السلوك البشري إلى كلام الله؛ فكلام الله وحده هو الحق. لقد أفسدكم الشيطان بشدة، ودائمًا ما تعتبرون أن الثقافة التقليدية – أي كلام الشيطان – هي الحق وهدف سعيكم، مما يجعل من السهل عليكم أن تسلكوا الطريق الخطأ، وأن تسلكوا طريق مقاومة الله. تتعارض أفكار البشر الفاسدين ووجهات نظرهم والأشياء التي يناضلون من أجلها مع مشيئة الله ومع الحق ومع نواميس حكم الله على كل شيء، وتنظيمه لكل شيء، وسيطرته على مصير البشرية. ولذلك، مهما كان هذا النوع من السعي ملائمًا ومعقولًا وفقًا للمعتقدات والمفاهيم البشرية، فإنه ليس أشياء إيجابية من منظور الله ولا يتوافق مع مشيئته. ولا شيء يسير على ما يرام بتاتًا بالنسبة إليك؛ لأنك تتعارض مع حقيقة حكم الله على مصير البشرية، وتريد أن تسير بمفردك وتتخلص من حكم الله وسيطرته دون أن تكون مطيعًا. أليس هذا هو الحال؟ لماذا لا تسير الأمور بسلاسة بالنسبة إليك؟ (نريد التخلص من حكم الله). ما الذي يثير هذه الرغبة عند الناس، ولماذا يريدون دائمًا التحكم في مصيرهم، والتخطيط لمستقبلهم، والتحكم في آفاقهم واتجاههم وأهداف حياتهم؟ من أين تأتي نقطة البداية هذه؟ (من شخصية شيطانية فاسدة). إذًا بمَ يستفيد الناس من الشخصية الشيطانية الفاسدة؟ (معارضة الله). ما الذي ينتج عن معارضة الناس لله؟ (الألم). الألم؟ إنّه الدمار! لا يعادل الألم نصف هذا الدمار. ما تراه مباشرةً أمام عينيك هو الألم والسلبية والضعف، وهو المقاومة والتظلمات – ما ستكون حصيلة هذه الأمور؟ الزوال! ليست هذه مسألةً بسيطةً ولا لعبةً. الناس الذين لا يملكون قلبًا يتقي الله لا يمكنهم رؤية هذا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن معالجة الشخصية الفاسدة إلّا بقبول الحقّ). كانت حالتي مثلما كشف كلام الله. أردت أن أكون نسرًا وليس عصفورًا، واعتقدت أن الخدمة العامة تجعلني عصفورًا، شخص لا يستحق التدريب، وينظر إليه الآخرون باستهانة. وبالنسبة إليَّ، كان القادة مثل النسور. كانوا يمتلكون الإمكانات، ويتمتعون بالتقدير، ويتطلَّع إليهم الآخرون بإعجاب. كنت أعيش وأنا أعتقد أن "الإنسان يكافح للصعود؛ والماء يتدفق للنزول"، "كما تعيش الشجرة للحائها، يعيش المرء لكرامته"، و"يجب على الناس السعي لتحقيق الكرامة" ومثل تلك الأفكار من السموم الشيطانية. كنت أعتقد أنه يجب على الناس أن يصعدوا إلى أعلى وأعلى لكي يعيشوا حياة هانئة، وأنه كلما ارتفعت مكانتك كان هذا أفضل، وإلا عشت حياة عقيمة. وفي ظل سيطرة هذه الأفكار الخاطئة، لم أستطع أداء واجبي بطريقة بسيطة وعملية. وكنت أسعى دائمًا لأكون قائدة لكي يتطلَّع إليَّ الناس ويحترمونني. وعندما رأيت الإخوة والأخوات يُختارون كقادة، شعرت بالبؤس، وعجزت عن تقبل الأمر، وقاومته. قلت لنفسي: "لست أسوأ من أي شخص آخر. فلماذا يصبح الآخرون قادة، وأنا عالقة في الخدمة العامة؟" وبدأت أشكو من الله وظننتُ أن الأشخاص الذين يؤدون الخدمة العامة لا يسعون وراء الحق، لذلك عشت في سلبية وبدأت أتخبط في واجبي وأتقاعس فيه؛ مما أثر على عملي. أين ولائي وطاعتي لله؟ كان طموحي عظيمًا جدًا. كنتُ أعلم أن إمكانيات كل شخص والواجبات التي يؤديها جميعها قد حددها الله مسبقًا ومنها العمل الذي أقوم به حاليًا، لذلك يجب عليَّ أن أقبل وأطيع. ودائمًا ما كنت أشعر بأنه لا أحد يقدرني حق قدري على أداء الخدمة العامة، وشعرت بالبؤس لكن كان هذا يرجع إلى أفكاري الخاطئة بشأن السعي وعجزي عن طاعة أوامر الله. لم أستطع طاعة أوامر الله وترتيباته، ولجئت إلى السلبية والشكوى. في الحقيقة، كنت أعارض الله، وأقاومه، وأتمرد عليه. ولو استمر الأمر على هذا النحو، لانتهى بي الأمر إلى الجحيم.

بعد ذلك، قرأت فقرتين من كلام الله: "إذا كان لدى الناس شعور بالواجب تجاه عمل الكنيسة، ويرغبون في المشاركة فيه، فهذا أمر جيد. ولكن ينبغي أن يتأملوا فيما إذا كانوا يفهمون الحق، وما إذا كان يمكنهم عقد شركة عن الحق لحل المشكلات، وما إذا كان يمكنهم الخضوع لعمل الله حقًا، وما إذا كان يمكنهم تنفيذ عمل الكنيسة بشكل صحيح وفقًا لترتيبات العمل. إذا استوفوا هذه المعايير، فيمكنهم تقديم أنفسهم ليكونوا قادة أو عاملين. وما أعنيه بقولي هذا هو أنه على الأقل ينبغي أن يملك الناس وعيًا بالذات. انظر أولًا إلى ما إذا كان يمكنك التمييز بين أنواع مختلفة من الناس، وما إذا كنت تفهم الحق ويمكنك أداء الأشياء وفقًا للمبدأ. إذا كنت تستوفي هذه المتطلبات، فأنت ملائم لتكون قائدًا أو عاملًا. وإذا لم تتمكن من تقييم نفسك، فيمكنك أن تطلب هذا من الناس حولك الذين هم على دراية بك أو من المقربين. إذا قالوا جميعًا إن مقدرتك غير كافية لتكون قائدًا، وإنك تحسن صنعًا بمجرد أن تتمكن من إكمال عملك، فلا تُضيِّع أي وقت في محاولة معرفة نفسك. عندما تكون مقدرتك ضئيلة، فلا تقضِ وقتك كله راغبًا في أن تكون قائدًا – بل افعل ما يمكنك فحسب، وأدِّ واجبك بشكل صحيح بينما تكون واقفًا بثبات، بحيث يمكنك أن تنعم براحة البال. فهذا أيضًا جيد. وإذا استطعت أن تكون قائدًا، أي إن كنت تملك حقًا مثل هذه المقدرة والكفاءة، وتملك مهارات العمل، ولديك شعور بالواجب، فأنت على وجه التحديد ذلك الشخص الذي يفتقر إليه بيت الله، ومن المؤكد أنك ستحظى بالتطوير والترقية؛ ولكن يوجد توقيت الله في جميع الأشياء. فهذه الرغبة – أي الرغبة في الترقية – ليست طموحًا، ولكن ينبغي أن تكون لديك المقدرة وأن تستوفي المعايير لتكون قائدًا. إذا كانت مقدرتك ضئيلة ولكنك ما زلت تقضي وقتك كله راغبًا في أن تصبح قائدًا، أو أن تؤدي بعض المهام المهمة، أو أن تكون مسؤولًا عن العمل الكلي، أو أن تفعل شيئًا يسمح لك بتمييز نفسك، فإنني أخبرك بأن هذا هو الطموح، ويجب أن تكون حذرًا منه؛ لأنه يمكن أن يجلب كارثة. الناس لديهم حوافز ذاتية ومستعدون للسعي إلى الحق، وهذه ليست مشكلة؛ فبعض الناس يستوفون معايير أن يكونوا قادة، والبعض الآخر لا يستوفونها. من جهة أولئك الذين يستوفون المعايير، ليس السعي لأن يكونوا قادة بالأمر السيئ بالنسبة إليهم؛ أما من لا تنطبق عليهم هذه المعايير فيجب أن يلتزموا بواجبهم. من الأفضل لهم أن يؤدوا الواجب المطلوب منهم أداءً صحيحًا وعلى أساس المبدأ ووفقًا لمتطلبات بيت الله. فهذا أفضل وأكثر أمانًا وأكثر واقعية لهم" (الكلمة، ج. 5. مسؤوليات القادة والعاملين). "ينبغي أن ينعم الناس بالفهم والموقف الصحيحين تجاه التطوير والترقية. ينبغي عليهم في هذه الأمور أن يطلبوا الحق وألا يتبعوا إرادتهم وألا تكون لديهم رغبات طموحة. إذا كنت تشعر أنك من ذوي المقدرة الجيدة، لكن بيت الله لم يُرقِّك بتاتًا، وليست لديه أي خطط لترقيتك، فلا تشعر بالإحباط أو تبدأ في الشكوى، بل ركز فحسب على طلب الحق والسعي لأن تكون أفضل. عندما تتمتع بقدر من القامة وتتمكن من أداء عمل حقيقي، سوف يختارك مختارو الله بطبيعة الحال لتكون قائدًا. وإذا شعرت أن مقدرتك ضئيلة، وأنك لا تملك أي فرصة للتطوير أو الترقية، وأنه من المستحيل أن تتحقق طموحاتك، أليس هذا شيئًا جيدًا؟ فهذا سوف يحميك! عندما تكون مقدرتك ضئيلة وتقابل مجموعة من الحمقى العميان الذين يختارونك لتكون قائدهم، ألا تكون في مرمى نيران الانتقاد؟ لا يمكنك أداء أي عمل، وعيناك عمياوان وقلبك أعمى. كل شيء تعمله يكون تعطيلًا، وكل حركة تكون ارتكابًا للشر. سوف يكون من الأفضل لك أداء عمل واجبك جيدًا؛ فعلى الأقل لن تحرج نفسك، وهذا أفضل من أن تكون قائدًا كاذبًا وهدفًا للنميمة. ينبغي عليك كإنسان أن يكون لديك مقياس لنفسك، وينبغي أن يكون لديك القدر اليسير من الوعي بالذات. ففي هذه الحالة، سوف تتمكن من تجنب السير في الطريق الخطأ وارتكاب أخطاء جسيمة" (الكلمة، ج. 5. مسؤوليات القادة والعاملين). بعد قراءة كلام الله، انتابتني مشاعر مختلطة. فدائمًا ما كنت أشعر بأنني أفضل من جميع الإخوة والأخوات المحيطين بي، وأردت أن أكون قائدة، لكن هل كنت مناسبة حقًا لأصبح قائدة؟ هل أمتلك الإمكانيات المطلوبة لأصبح قائدة؟ يجب أن يسعى القادة وراء الحق، ويمتلكوا القدرة على العمل، ويتحلوا بالصفات الإنسانية الحسنة. فليس بإمكان أي شخص أن يصبح قائدًا. فإذا كنت لا تمتلك المؤهلات المناسبة لتصبح قائدًا ولا تستطيع أداء عمل حقيقي، وحتى لو أصبحت قائدًا، فلن تستمر في منصبك طويلًا، ويتبين أن بعض الأشخاص ما هم إلا قادة زائفين. ولقد خدمت بالفعل كقائدة في الكنيسة من قبل، لكن كانت إمكانياتي متواضعة وقدرتي على العمل ضعيفة، ولم أستطع أداء عمل حقيقي، ولم أستطع حل مشكلات الآخرين والصعوبات التي يواجهونها، وهو ما أضر بالدخول إلى حياتهم وأضر بأعمال الكنيسة، لذلك، صُرفت من الخدمة في النهاية. وفيما يتعلق بإمكانياتي وقدرتي على العمل، لم أكن مؤهلة بالفعل لأصبح قائدة. وفي المقابل، كنت بارعة في الخدمة العامة، وأستطيع أداء عمل حقيقي في ذلك المجال، ولم يكن العمل مرهقًا. فالكنيسة ترتب الأعمال بناءً على إمكانيات الشخص وجوانب قوته. ويتيح هذا للناس أداء وظائفهم بشكل طبيعي ويعود بالفائدة على أعمال الكنيسة. لكني لم أكن أعرف حجم قدراتي. كان من الواضح أنني أفتقر إلى الإمكانيات والمؤهلات اللازمة لأصبح قائدة، ورغم ذلك، ظللت أشعر بأنني موهوبة وأنني أفضل من الآخرين، وأردت دائمًا أن أترقى. وعندما رأيت القائد يرقي الجميع باستثنائي، قدمت شكاوى بأن القائد لا يوليني الاهتمام اللازم، وتخبطت في أداء واجبي وأصبحت عدائية وسلبية تجاه الله. كنت مغرورة للغاية، ولا أتحلى بأي قدر من العقل وعندما أدركت هذا، شعرت بالذنب الشديد، واستطعت التعامل مع واجبي الحالي بشكل صحيح، وأصبحت مستعدة لأن أثبت في مكاني، وأؤدي واجبي بشكل لائق وبطريقة سلسة وعملية.

لاحقًا، سمعت ترنيمة من كلام الله: "أنا مجرد كائن مخلوق صغير جدًا". "يا الله! سواء أكانت لي مكانة أم لا، أنا الآن أفهم نفسي. إذا كانت مكانتي رفيعة فهذا بسبب تزكيتك، وإذا كانت وضيعة فهذا بسبب ترتيبك. فالكلّ في يديك. لا أملك خياراتٍ وليست لدي شكاوى. أنت أمرت بأن أُولدَ في هذا البلد وبين هؤلاء الناس، وكل ما عليَّ فعله هو أن أكون فقط مطيعةً تحت سلطانك بالتمام لأنْ لا شيء يخرج عن أمرك. لا أهتمّ بالمكانة، فأنا لست سوى مخلوق. إذا ما طرحتني في الهاوية السحيقة وبحيرة النار والكبريت، فأنا لست سوى مخلوق. أنا مخلوقٌ إذا ما استخدمتني، ومخلوقٌ إذا ما كمّلتني. وإذا لم تكمّلني سأبقى أحبك لأني لست إلا مخلوقًا. لست إلا مخلوقًا صغيرًا، أحد البشر المخلوقين الذين خلقهم رب الخليقة. أنت من خلقتني، وقد وضعتني مرّة أخرى في يديك لأكون تحت رحمتك. أنا مستعدةٌ أن أكون لك أداتك وشخصية الضد لك، فكل شيء محكومٌ بأمرك ولا أحد يستطيع تغييرَهُ. كل الأشياء والأحداث هي في يديك" (اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة). عندما تأملت التراتيل، ملأ النور قلبي. فمكانتي، سواءً كانت مرموقة أم متدنية، قد حددها الله سلفًا، وسواءً أكنت أتمتع بالمكانة أم لا، فإنني مخلوقة. كنتُ مخلوقة لو حصلت على مكانة مرموقة، وسأظل مخلوقة لو حصلت على مكانة متدنية. لن يتغير جوهري أبدًا. رتبت لي الكنيسة القيام بالخدمة العامة، لذلك يجب أن أثبت مكاني، وأستفيد من جوانب قوتي على النحو الأمثل، وأبذل قصارى جهدي في أداء الخدمة العامة. هذا واجبي كمخلوقة. ومع وضع هذا في الاعتبار، شعرت بالتحرر، وصليت إلى الله في صمت: "إلهي! لا أريد أن أكون سلبية، ولا أريد مخالفتك من أجل واجبي. وبغض النظر عن مكانتي، لا أريد سوى أن أؤدي واجبي كمخلوقة بإخلاص على النحو الذي يرضيك عني". وبعد ذلك، لم أعد أقاوم الظروف التي دبرها الله لي. وتفكّرتُ في كيفية القيام بواجبي الحالي بشكل جيد، وقمت بعملي بطريقة واقعية. وعندما تصرفت بهذا الشكل، شعرت بأمان شديد.

لاحقًا، تفكّرتُ وأدركت أن هناك سببًا آخر وراء كرهي للخدمة العامة، وهو أنني أنظر إليها نظرة سخيفة وحمقاء. كنت أعتقد أن الأشخاص الذين يؤدون الخدمة العامة لا يسعون وراء الحق، وأنهم أقل شأنًا ولا أمل في خلاصهم، وأن الأشخاص الذين ترقوا إلى أدوار مهمة هم فقط مَن يسعون وراء الحق، ويحظون بفرصة الخلاص. قرأت فقرتين من كلام الله تتناولان وجهة النظر الخاطئة هذه. يقول الله القدير، "ثمّةَ ذكرٌ دائم في بيت الله لإرسالية الله وأداء المرء واجبه كما ينبغي. كيف يأتي الواجب إلى الوجود؟ من وجهة النظر العامة، يأتي الواجب إلى الوجود نتيجة عمل تدبير الله لمنح الخلاص للبشر. ومن وجهة نظر محددة، فيما يتكشف عمل تدبير الله بين البشر، يظهر عمل متنوع يتطلَّب من الناس التعاون والإتمام. وقد أدَّى هذا لظهور مسؤوليَّاتٍ ومهام يتعيَّن على الناس إتمامها، وهذه المسؤوليَّات والمهام هي الواجبات التي ينعم الله بها على البشر. إن المهام المختلفة التي تتطلب تعاون الناس، في بيت الله، هي الواجبات التي يتعين عليهم أداؤها. فهل توجد إذن اختلافات بين الواجبات من حيث الأفضل والأسوأ، والراقي والمتدني، أو الكبير والصغير؟ مثل هذه الاختلافات غير موجودة. فما دام أمرٌ ما متعلقًا بعمل تدبير الله، وهو من متطلبات عمل بيت الله، ويستدعيه نشر إنجيل الله، فهو إذن واجب الشخص. هذا منشأ الواجب وتعريفه. ... وبغض النظر عن ماهية واجبك، فهو مهمة كلفك الله بها. قد يُطلب منك أحيانًا العناية بشيء مهم أو حفظه، وقد يكون هذا الشيء أمرًا تافهًا نسبيًا يمكن القول إنه مسؤوليتك، غير أنه مهمة أوكلها الله إليك، وأنت تلقيتها منه. فقد قبلتها من يدَي الله، وهذا واجبك" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. ما هو الأداء المناسب للواجب؟). "ليس الأمر أن يصبح الإنسان شخصًا يملك حقائق الحق بمجرد أن يبدأ في أداء واجبه. إن أداء المرء لواجبه ليس أكثر من طريقة واحدة وقناة واحدة يجب عليه اتباعها. يستخدم الناس في أداء واجباتهم طلب الحق لاختبار عمل الله، وفهم الحق وقبوله تدريجيًا، ثم ممارسته. ثم يصلون إلى حالة يطرحون فيها عنهم شخصيتهم الشيطانية، ويتخلصون فيها من قيود شخصية الشيطان الفاسدة وسيطرتها عليهم، ومن ثمَّ يصبحون أشخاصًا لديهم واقع الحق وأشخاصًا يتمتعون بأنسانية طبيعية. لن يسهم أداؤك لواجبك وأعمالك في تنوير الناس وإرضاء الله إلا إذا كانت لديك إنسانية طبيعية، ولا يمكن أن يكون الناس مخلوقات مقبولة لدى الله إلّا إذا أثنى الله على أدائهم لواجبهم" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. ينبغي للمرء أن يتعلم من الناس والأمور والأشياء القريبة منه لكي يكسب الحق). لقد غيَّر كلام الله وجهة نظري الخاطئة نحو واجبي. وتعلمت أن الواجبات تنشأ عن عمل تدبير الله لخلاص الناس، ولا فرق بين عظيم وبسيط أو كبير وصغير. وبصرف النظر عن ماهية الواجب، فإنه يظل التزامًا ومسؤولية يتحملها الناس، ويجب على الناس بذل قصارى جهدهم لأدائه. وإذا أردنا أن يسير عمل الكنيسة بسلاسة، فإن هذا يتطلب تعاون الأشخاص الذين يقومون بكل واجب. فكل الواجبات ضرورية ولا غنى عنها. إن عمل القادة مهم، لكن الخدمة العامة لا تقل أهمية عنه. وإذا فُقدت أية حلقة، يتأثر عمل الكنيسة. والواجب شيء إيجابي، فإنه الطريق الذي يسعى الناس من خلاله وراء الحق وتحقيق الخلاص. إنه أعظم شيء يمكن أن يفعله أي مخلوق. القيام بواجبي شرف. لكنني لم أعرف كيف أعتز به وأعرب عن امتناني له، بل حاولت تقسيم الواجبات إلى مراتب عالية ومتدنية، وافترضت أن الخدمة العامة أقل شأنًا، وعديمة الفائدة، ومخجلة. ألم أظهر الازدراء لواجبي؟ بصرف النظر عن ماهية واجبك، يجب أن تسعى وراء الحق، وتتخلص من شخصياتك الفاسدة، وتصبح مخلوقًا مؤهلًا. هذا هو السبيل الوحيد ليخلصك الله. لا يتعلق الأمر بأنك ستمتلك الحقيقة وتحصل على الخلاص، إذا أصبحت قائدًا. وحتى لو كنت قائدًا لعدة سنوات، فلن يرضى عنك الله إذا كنت لا تسعى وراء الحق. تأمل أعداء المسيح والقادة الزائفين الذين يكشفهم الله. فالكنيسة تدربهم على واجب مهم، لكنهم لا يسعون وراء الحق في واجبهم. إنهم يسعون وراء الهيبة والمكانة، وينخرطون في مشروعاتهم الشخصية، ويعادون الله، وفي النهاية يُسْتَبعدون. إن الله بارٌّ، والله يقرر حَصَائِل الناس ليس اعتمادًا على ما إذا كانت أدوارهم مهمة أو مكانتهم مرموقة أم لا. فالمهم هو ما إذا كانت طباعهم الحياتية تتغير أم لا، وما إذا كانوا يربحون الحق أم لا. إذا كنت تؤمن بالله لسنوات عديدة، ولكنك لا تسعى وراء الحق، وطباعك الحياتية لا تتغير، ستُكشف وتُسْتَبْعدُ في النهاية، مهما كان الواجب الذي تؤديه. إن الله بارّ ولا يحابي بعض الناس على بعض. وهذا يذكرني بكلام الله: "النجاح أو الفشل يعتمدان على الطريق الذي يسير الإنسان فيه" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. النجاح أو الفشل يعتمدان على الطريق الذي يسير الإنسان فيه). يعتمد نجاحك على الإيمان بالله في المسار الذي تسلكه. والسعي وراء الحق وأداء الواجب كمخلوق بطريقة سلسة وعملية هو الشيء الأهم. إن تجربتي خلال هذا الوقت أظهرت لي بوضوح أكبر طبيعة السعي وراء الهيبة والمكانة. إنّ السعي وراء الشهرة والمكانة ليس الطريق القويم، بل يقاوم طريق الله. ولا شيء أهم من السعي وراء الحق. علاوة على ذلك، أعطتني هذه التجربة أيضًا بعض الإدراك الذاتي والنظرة الصحيحة لنفسي، ولم يعد طموحي قويًا بشأن السعي لأن أصبح قائدًا. وعندما أسمع عن اختيار بعض الإخوة والأخوات بعينهم كقادة، لا يزال هذا يؤثر عليَّ عاطفيًّا في بعض الأحيان، إلا أنني من خلال الصلاة والتخلي عن أهوائي الشخصية، لم أعد أشعر بأني مقيدة وأستطيع أن أتعاون مع إخوتي وأخواتي في أداء واجبي بشكل طبيعي. الحمد لله!

السابق: 83. الدروس المستفادة من أحد الإخفاقات

التالي: 86. لا تدع العاطفة تطغى على عقلك

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

38. خَلُصتُ بطريقة مختلفة

بقلم هوانغ لين – الصيناعتدت أن أكون مؤمنةً عاديةً في المسيحية الكاريزمية، ومنذ أن بدأ إيماني بالرب لم يفتني اجتماعًا، خاصة أنه كان زمن...

36. عودة الابن الضال

بقلم روث – الولايات المتحدة الأمريكيةوُلدت في بلدة صغيرة في جنوب الصين، لعائلة من المؤمنين يعود تاريخها إلى جيل جدة أبي. كانت قصص الكتاب...

39. رحبت بعودة الرب

بقلم تشوانيانغ – الولايات المتحدةتركني شتاء 2010 في الولايات المتحدة أشعر بالبرد الشديد. كان الأسوأ من برودة الرياح والثلوج القارسة، أن...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب