13. مفهوم العالم الديني: "يجب أن يتوافق عمل الله مع الكتاب المقدس؛ وإذا لم يكن هناك أساس كتابي، فهو طريق زائف"
يعتقد العالم الديني أن عمل الله يجب أن يتوافق مع الكتاب المقدَّس. إذا لم يكن هناك أساس كتابي، فلن يقبلوه. مهما كان عدد الحقائق التي عبّر عنها الله القدير، فإنهم لن يعترفوا بأنها ظهور الله أو عمله.
كلمات الله من الكتاب المقدَّس
"فَتِّشُوا ٱلْكُتُبَ لِأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ ٱلَّتِي تَشْهَدُ لِي. وَلَا تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ لِتَكُونَ لَكُمْ حَيَاةٌ" (يوحنا 5: 39-40).
"إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لِأَقُولَ لَكُمْ، وَلَكِنْ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا ٱلْآنَ. وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ ٱلْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْحَقِّ" (يوحنا 16: 12-13).
"مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ ٱلرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ" (رؤيا 7:2).
"هَؤُلَاءِ هُمُ ٱلَّذِينَ يَتْبَعُونَ ٱلْخَرُوفَ حَيْثُمَا ذَهَبَ" (رؤيا 14: 4).
كلمات الله القدير في الأيام الأخيرة
لسنوات طويلة، ظلَّت الوسائل التقليدية للإيمان (الخاصة بالمسيحية، وهي واحدة من الديانات الرئيسية الثلاث في العالم) لدى الناس تتمثل في قراءة الكتاب المقدس؛ فالابتعاد عن الكتاب المقدس ليس من الإيمان بالرب، لكنه بدعة، بل وهرطقة، وحتى عندما يقرأ الناس كتبًا أخرى، لا بُدَّ أن يكون تفسير الكتاب المقدس هو الأساس الذي تقوم عليه تلك الكتب. وهذا يعني أنك إذا قلتَ إنك تؤمن بالرب، فلا بُدَّ أن تقرأ الكتاب المقدس، ويجب ألا تقدِّس أي كتاب – دون الكتاب المقدس – لا يشتمل على الكتاب المقدس؛ حيث إنك إذا فعلتَ ذلك تخون الله. منذ أن وُجِدَ الكتاب المقدس، ظل إيمان الناس بالرب متمثلاً في الإيمان بالكتاب المقدس، وأصبح من الأفضل أن تقول إن الناس تؤمن بالكتاب المقدس بدلاً من أن تقول إن الناس تؤمن بالرب؛ وبدلاً من أن نقول إنهم بدأوا يقرأون الكتاب المقدس، أصبح من الأفضل أن نقول إنهم أصبحوا يؤمنون بالكتاب المقدس؛ وبدلاً من أن نقول إنهم عادوا إلى الرب، أصبح من الأفضل أن نقول إنهم عادوا إلى الكتاب المقدس. وبهذه الطريقة، أصبح الناس يعبدون الكتاب المقدس كما لو كان هو الله، أو كما لو كان هو واهب الحياة لهم، وفقدانه يمثل لهم فقدان الحياة. ينظر الناس إلى الكتاب المقدس بنفس سمو الله، بل إن هناك مَنْ يراه أكثر سموًا من الله. إذا كان الناس يفتقرون إلى عمل الروح القدس، ولا يستطيعون الشعور بالله، فحتى لو استطاعوا الاستمرار في الحياة، إلا أنهم بمجرد أن يفقدوا الكتاب المقدس أو يفقدوا الإصحاحات أو الآيات الشهيرة من الكتاب المقدس، فسوف يصير الأمر كما لو أنهم فقدوا حياتهم. وهكذا، ما إن يؤمن الناس بالرب حتى يبدأوا في قراءة الكتاب المقدس ويحفظونه عن ظهر قلب، وكلما زاد مقدار ما يحفظه الناس من الكتاب المقدس، زاد ذلك تأكيدًا على حبهم للرب وعِظَم إيمانهم. أولئك الذين قرأوا الكتاب المقدس ويمكنهم أن يخبروا الآخرين به هُم إخوة وأخوات أفاضل. لطالما كان إيمان الناس بالرب وإخلاصهم له طوال هذه السنوات يُقاس بمدى فهمهم للكتاب المقدس. الغالبية لا يفهمون لماذا يجب أن يؤمنوا بالله ولا كيفية الإيمان به، ولا يفعلون أكثر من مجرد البحث عشوائيًا عن مفاتيح لفك ألغاز إصحاحات الكتاب المقدس. لكن لم يسع الناس مطلقًا في طريق عمل الروح القدس، ولم يفعلوا شيئًا إلا دراسة الكتاب المقدس وتحليله بصورة بائسة، ولم يعثر أحد على أي عمل جديد للروح القدس خارج الكتاب المقدس، بل أنه لا يستطيع أحد أن يبرح دفتي الكتاب المقدس، بل لم يجرؤ أحد على ذلك. ظل الناس طوال هذه السنوات يدرسون الكتاب المقدس وتوصَّلوا إلى تفسيرات كثيرة وبذلوا مجهوداتٍ كبيرة بل واختلفوا في الرأي كثيرًا حوله ودخلوا في سجالٍ لا ينتهي بشأنه حتى أصبح لدينا اليوم أكثر من ألفي طائفة مختلفة، كلها تريد أن تجد تفسيرات خاصة للكتاب المقدس أو أن تكشف عن ألغاز أكثر عمقًا فيه. إنهم يريدون سبر أغواره ليعثروا في داخله على خلفية عمل يهوه في إسرائيل أو خلفية عمل يسوع في اليهودية، أو على مزيدٍ من الأسرار التي لا يعرفها أحدٌ غيرهم. يعتمد منهج الناس في التعامل مع الكتاب المقدس على الولع والإيمان، لكن دون أن يتمكن أحد من استيضاح المادة أو التفاصيل الداخلية للكتاب المقدس بصورة كاملة؛ ولذلك، ما زال الناس إلى اليوم لديهم شعور لا يوصف بالانجذاب السحري تجاه الكتاب المقدس، بل والأكثر من ذلك أنهم مولعون ومؤمنون به. بات اليوم كل واحد يرغب في اكتشاف النبوات المتعلقة بعمل الأيام الأخيرة في الكتاب المقدس، واكتشاف العمل الذي يتمه الله في تلك الأيام والعلامات المذكورة للأيام الأخيرة. بهذه الطريقة تصبح عبادتهم للكتاب المقدس أكثر حرارة، وكلما اقتربت الأيام الأخيرة، ازداد إيمانهم الأعمى بنبوات الكتاب المقدس، لا سيما تلك المتعلقة بالأيام الأخيرة. في ظل ذلك الإيمان الأعمى بالكتاب المقدس وتلك الثقة فيه، لم تعد لديهم الرغبة في البحث عن عمل الروح القدس. إنهم يعتقدون – بحسب فهمهم – أن بوسع الكتاب المقدس وحده أن يجلب عمل الروح القدس، وأنه في الكتاب المقدس وحده يمكنهم أن يجدوا خطوات الله، وفيه وحده توجد خفايا عمل الله، وأنه بوسع الكتاب المقدس وحده دون باقي الكتب الأخرى أو الأشخاص الآخرين أن يوضح كل شيء عن الله وعمله الكامل، وبوسعه أن يجلب عمل السماء إلى الأرض، وأن يبدأ العصور وينهيها. في ظل وجود هذه المفاهيم، لم يعد لدى الناس أدنى ميل إلى البحث عن عمل الروح القدس. لذلك، وبغض النظر عن مقدار العون الذي قدمه الكتاب المقدس للناس في الماضي، أصبح اليوم عقبة تعترض عمل الله الأخير؛ فمن دون الكتاب المقدس، يستطيع الناس أن يبحثوا عن خطوات الله في أي مكان آخر، لكنَّ اليوم، أصبحت خطواته محصورة في داخل الكتاب المقدس، وأصبح نشر عمله الأخير يواجه صعوبة مضاعفة ويستلزم كفاحًا كَمَنْ يصعد جبلاً. هذا كله بسبب إصحاحات الكتاب المقدس وآياته المشهورة فضلاً عن نبواته المختلفة. لقد أصبح الكتاب المقدس معبودًا في عقول الناس وأحجية في أدمغتهم، وهم ببساطة غير قادرين على تصديق أن بإمكان الله العملَ خارج الكتاب المقدس، إنهم غير قادرين على التصديق بأنه يمكن للناس أن يجدوا الله خارج الكتاب المقدس، وبالأحرى غير مصدقين أن الله يستطيع أن يخرج خارج نطاق الكتاب المقدس أثناء العمل النهائي وأن يبدأ من جديد. هذا أمر مستبعد لدى الناس؛ فلا يمكنهم أن يصدقوه أو حتى أن يتصوره. لقد أصبح الكتاب المقدس عقبة كبيرة أمام قبول الناس لعمل الله الجديد، وبات يشكّل صعوبة في توسيع الله لنطاق هذا العمل الجديد.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. بخصوص الكتاب المقدس (1)
كان يسوع في زمانه يقود اليهود وكل الذين تبعوه بحسب عمل الروح القدس فيه في ذلك الوقت. لم يتخذ يسوع الكتاب المقدس أساسًا لما قام به، لكنه تكلم بحسب عمله، ولم يلتفت إلى ما قاله الكتاب المقدس أو يبحث في الكتاب المقدس عن طريق يهدي تابعيه. لكنه شرع منذ بداية عمله في نشر طريق التوبة، وهي الكلمة التي لم يرد لها ذكر مطلقًا في نبوات العهد القديم. بل إنه لم يكتف فقط بعدم العمل بحسب الكتاب المقدس، لكنه أنشأ طريقًا جديدًا وصنع عملاً جديدًا. كذلك، فإنه لم يشر إلى الكتاب المقدس في عظاته. لم يستطيع أحد في عصر الناموس أن يقوم بمعجزات شفاء المرضى وإخراج الشياطين التي قام يسوع بها. كما أن عمله وتعاليمه وسلطانه وقوة كلماته فاقت قدرة الإنسان في عصر الناموس؛ فيسوع بكل بساطة قام بعمله الجديد، ومع أن كثيرين استخدموا الكتاب المقدس في إدانته – بل واستخدموا العهد القديم حتى في صلبه – فإن عمله فاق العهد القديم. إن لم يكن كذلك، فلماذا صلبوه على الصليب؟ أليس لأن العهد القديم لم يذكر شيئًا عن تعاليمه وعن قدرته على شفاء المرضى وإخراج الشياطين؟ كان الغرض من عمله أن ينشئ طريقًا جديدًا، لا أن يشن هجومًا مقصودًا ضد الكتاب المقدس أو أن يستغنى عمدًا عن العهد القديم. إنه ببساطة جاء ليتمم خدمته ويقدم العمل الجديد لأولئك الذين يشتاقون إليه ويطلبونه، لكنه لم يجيء ليفسر العهد القديم أو ليؤكد عمله. لم يكن عمله بغرض السماح باستمرار تطور عصر الناموس، إذ أن عمله لم يهتم بما إذا كان الكتاب المقدس يمثل أساسًا يعتمد عليه من عدمه؛ فيسوع جاء فقط ليتمم العمل الذي يجب عليه أن يفعله. لذلك، لم يفسر نبوات العهد القديم أو يعمل بحسب كلمات عصر الناموس الخاصة بالعهد القديم، لكنه تجاهل ما ذكره العهد القديم، ولم يهتم بما إذا كان ذلك متفقًا مع عمله أم لا، ولم يلتفت إلى ما عرفه الآخرون عن عمله أو كيف أنهم أدانوه. لقد استمر فحسب في القيام بالعمل الذي كان عليه أن يقوم به حتى مع استخدام الكثيرين لنبوات أنبياء العهد القديم في إدانته. بدا الأمر للناس وكأن عمله من دون أساس، وأن معظمه متعارض مع أسفار العهد القديم. أليس هذا هو تضليل الإنسان؟ هل نحتاج إلى تطبيق الأنظمة على عمل الله؟ وهل يجب أن تكون وفقًا لنبوات الأنبياء؟ في النهاية، أيهما أعظم: الله أم الكتاب المقدس؟ لماذا يتحتم أن يكون عمل الله وفقًا للكتاب المقدس؟ أمن الممكن ألا يكون لله الحق في تجاوز الكتاب المقدس؟ ألا يستطيع الله أن يبتعد عن الكتاب المقدس ويعمل عملًا آخر؟ لماذا لم يحفظ يسوع وتلاميذه السبت؟ لو أنه كان ليعمل في ضوء السبت وبحسب وصايا العهد القديم، فلماذا لم يحفظ يسوع السبت بعد مجيئه، لكنه بدلًا من ذلك غسلَ أرجلًا وغطى الرأس وكسر خبزًا وشرب خمرًا؟ أليس هذا كله غير موجود في وصايا العهد القديم؟ لو كان يسوع يُكرِّم العهد القديم، فلماذا خالف هذه الأنظمة؟ يجب أن تعرف أيهما جاء أولًا، الله أم الكتاب المقدس! ألا يستطيع رب السبت أن يكون رب الكتاب المقدس أيضًا؟
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. بخصوص الكتاب المقدس (1)
جميع اليهود آنذاك قرؤوا من العهد القديم وعرفوا من نبوة إشعياء أن طفلاً ذكرًا سيولد في مذود. لماذا إذًا، مع هذه المعرفة، اضطهدوا يسوع؟ أليس هذا بسبب طبيعتهم العاصية وجهلهم بعمل الروح القدس؟ وقتها آمن الفريسيون بأن عمل يسوع لم يكن يشبه ما عرفوه عن الطفل الذكر المُتَنَبأ عنه؛ إنسان اليوم يرفض الله لأن عمل الله المُتجسِّد لا يتماشى مع الكتاب المقدس. أليس جوهر عصيانهم ضد الله هو نفسه؟ هل يمكنك أن تقبل كل عمل الروح القدس بدون سؤال؟ إن كان هو عمل الروح القدس، فهو التيار الصحيح. يجب عليك أن تقبله دون أدنى شك، بدلاً من انتقاء واختيار ما يُقبل. إن اقتنيت المزيد من البصيرة من نحو الله وتوخيتَ بعض الحذر تجاهه، أليس هذا إذًا تصرفًا غير مبرَّر؟ ما ينبغي عليك فعله هو قبول أي عمل طالما أنه من الروح القدس، دون الحاجة إلى دليل إضافي من الكتاب المقدس، لأنك تؤمن بالله لتتبع الله، وليس لتتحرى عنه. لا ينبغي أن تبحث عن دليل إضافي عني ليُظهر لك أني أنا إلهك. بل ينبغي عليك أن تميز إن كنت ذا منفعة لك أم لا؛ هذا هو المفتاح. حتى لو اكتشفت دليلاً لا يقبل الجدل داخل الكتاب المقدس، فهو لا يقدر أن يجلبك أمامي بالكامل. أنت شخص يحيا منحصرًا في حدود الكتاب المقدس وليس أمامي؛ لا يمكن للكتاب المقدس أن يساعدك على معرفتي ولا يعمِّق محبتك لي. مع أن الكتاب المقدس قد تنبأ عن ميلاد طفل ذكر، لم يمكن لأحد أن يستوعب الشخص الذي ستتحقق فيه النبوة، لأن الإنسان لم يعرف عمل الله، وهذا هو ما جعل الفريسيين يقفون ضد يسوع. يعرف البعض أن عملي في صالح الإنسان، ومع ذلك يستمرون في الإيمان بأن يسوع وأنا كيانان منفصلان كليًّا وغير متوافقين بصورة مشتركة. آنذاك، قال يسوع فقط لتلاميذه سلسلة من العظات في عصر النعمة، مثل كيفية السلوك، وكيفية الاجتماع وكيفية الطلبات في الصلاة، وكيفية التعامل مع آخرين، وخلافه. العمل الذي قام بتنفيذه كان عمل عصر النعمة، وشرح فقط كيف يجب أن يطبقه التلاميذ ومن تبعوه. قام فقط بعمل عصر النعمة ولم يقم بأي عمل من أعمال الأيام الأخيرة. حين سن يهوه شريعة العهد القديم في عصر الناموس، لماذا لم يقم إذًا بعمل عصر النعمة؟ لماذا لم يوضح مسبقًا عمل عصر النعمة؟ ألم يكن بذلك سيساعد في قبول الناس له؟ هو فقط تنبأ بأن طفلًا ذكرًا سيولد وسيتولى السلطة، لكنه لم يُنفَّذ مسبقًا عمل عصر النعمة. إن عمل الله في كل عصر له حدود واضحة؛ إنه يقوم فقط بعمل العصر الحالي ولا ينفذ أبدًا المرحلة القادمة من العمل مسبقًا. فقط بهذه الطريقة يمكن أن يأتي عمله التمثيلي لكل عصر في الطليعة. تكلم يسوع فقط عن علامات الأيام الأخيرة، وكيف تتحلَّى بالصبر وكيف تخلُص وكيف تتوب وتعترف، وأيضًا كيف تحمل الصليب وتتحمل المعاناة؛ لكنه لم يتكلم أبدًا عن كيفية دخول الإنسان في الأيام الأخيرة أو كيفية سعيه إلى تحقيق مقاصد الله. وعليه، أليس من المغالطة أن تبحث داخل الكتاب المقدس عن عمل الله في الأيام الأخيرة؟ ما الذي يمكنك تمييزه من مجرد مسك الكتاب المقدس بيديك؟ سواء أكان مفسرًا للكتاب المقدس أم كارزًا، مَنْ يمكنه معرفة عمل اليوم مسبقًا؟
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كيف يمكن للإنسان الذي حصر الله في مفاهيمه أن ينال إعلانات الله؟
إذا كنت ترغب في أن ترى عمل عصر الناموس وأن ترى كيف اتبع بنو إسرائيل طريق يهوه، فلا بُدَّ أن تقرأ العهد القديم. أما إذا أردت أن تفهم عمل عصر النعمة، فلا بُدَّ أن تقرأ العهد الجديد. لكن كيف ترى عمل الأيام الأخيرة؟ لا بد أن تقبل قيادة الله اليوم وأن تدخل إلى عمل اليوم لأن هذا هو العمل الجديد الذي لم يسبق أن سجله أحدٌ من قبل في الكتاب المقدس. اليوم صار الله جسدًا واختار مختارين آخرين في الصين. إن الله يعمل في هؤلاء الناس، وهو يواصل عمله على الأرض، ويواصل ما عمله في عصر النعمة. إن عمل اليوم هو طريق لم يسلكه الإنسان من قبل ولم يره أحدٌ من قبل. إنه عمل لم يُعمَل من قبل؛ فهو أحدث أعمال الله على الأرض، لذلك فإن العمل الذي لم يحدث من قبل ليس تاريخًا، لأن الآن هو الآن، ولم يصبح ماضيًا بعد. لا يعرف الناس أن الله قد عمل على الأرض وخارج إسرائيل عملًا أعظم وأحدث، وأنه قد خرج بالفعل خارج نطاق إسرائيل وخارج نبوات الأنبياء. إنهم لا يعرفون أنه عملٌ جديد وعجيب خارج النبوات، وأنه عملٌ أحدث خارج إسرائيل، وأنه عملٌ لا يستطيع الناس أن يدركوه ولا أن يتخيلوه. كيف يمكن للكتاب المقدس أن يشتمل على سجلات صريحة عن هذا العمل؟ مَنْ عساه استطاع أن يسجل كل صغيرة من عمل اليوم دونما حذفٍ قبل أن يحدث؟ مَنْ بوسعه أن يسجل هذا العمل الأكثر عظمة وحكمة الذي يتحدى التقليد في الكتاب القديم البالي؟ إن عمل اليوم ليس تاريخًا، ولهذا، إذا أردتَ أن تسلك طريق اليوم الجديد، فلا بد أن تهجر الكتاب المقدس وأن تتجاوز كتب النبوة أو التاريخ في الكتاب المقدس. حينئذٍ فقط سوف تتمكن من السير في الطريق الجديد بصورة سليمة، وستتمكن من دخول الحالة الجديدة وإدراك العمل الجديد. ... بمقدور الأقوال الحديثة أن تكفيك، وهو ما يُثبِت أن هذا هو العمل الجديد؛ فليس بوسع السجلات القديمة أن تشبعك أو تلبي احتياجاتك الحالية، وهو ما يُثبِت أنها مجرد تاريخ وليست عمل الوقت الراهن. الطريق الأسمى هو العمل الأحدث، ويظل الماضي – بغض النظر عن سمو طريقه – مجرد تاريخ مضى ينظر الناس إليه، ويظل يمثل الطريق القديم مهما كانت قيمته كمرجع. يظل الطريق القديم تاريخًا رغم أنه مُسجَّل في "الكتاب المقدس"، كما يظل الطريق الجديد هو طريق الوقت الراهن حتى ولو لم يكن مسجلاً في "الكتاب المقدس". يستطيع هذا الطريق أن يُخلِّصك وأن يغيرك، ذلك لأنه عمل الروح القدس.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. بخصوص الكتاب المقدس (1)
إن البشر الذين فسدوا يعيشون بجملتهم في فخ الشيطان، جميعهم يعيشون للجسد ولرغبات ذواتهم، ولا يوجد بينهم مَنْ يتوافق معي. هناك مَنْ يقولون إنهم يتوافقون معي، لكنهم جميعًا يعبدون أوثانًا مبهمة؛ ومع أنهم يعترفون بأن اسمي قدوس، فإنهم يسلكون طريقًا معاكسًا لي، وكلمتهم مشحونة كبرياءً وإعجابًا بالنفس، ذلك لأنهم جميعًا – من الأساس – ضدي وغير متوافقين معي. يسعون في كل يوم إلى اقتفاء أثري في الكتاب المقدس ويبحثون عشوائيًا عن فقراتٍ "مناسبة" يقرأونها دون نهاية ويتلونها كنصوصٍ مقدسة، لكنهم لا يعرفون كيف يكونون في توافق معي أو ما يعنيه أن يكونوا في عداوة معي، بل يكتفون بقراءة الكتب المقدسة دون تدبُّر. إنهم يحصرون إلهًا مبهمًا لم يروه من قبل ولا يستطيعون أن يروه داخل حدود الكتاب المقدس، ويخرجونه ليتطلعوا إليه في وقت فراغهم. يعتقدون أن وجودي ينحصر فقط في نطاق الكتاب المقدس. في نظرهم، أنا والكتاب المقدس الشيء نفسه، ومن دون الكتاب المقدس لا وجود لي، كما أنه من دوني لا وجود للكتاب المقدس. إنهم لا ينتبهون إلى وجودي أو أعمالي، لكنهم – بدلاً من ذلك – يوجهون اهتمامًا خاصًا وفائقًا لكل كلمة من كلمات الكتب المقدسة، بل إن كثيرين منهم يعتقدون بأنني يجب ألا أقوم بما أريده إلا إذا كانت الكتب المقدسة قد تنبأت به. إنهم يولون الكتب المقدسة قدرًا مُبَالَغًا فيه من الأهمية لدرجة يمكن معها القول بأنهم يرون الكلمات الحرفية مهمة جدًا إلى الحد الذي يجعلهم يستخدمون آياتٍ من الكتاب المقدس ليقيسوا عليها كل كلمة أقولها، بل ويستخدمونها في إدانتي أيضًا. إنهم لا ينشدون طريق التوافق معي أو طريق التوافق مع الحق، لكن بالأحرى طريق التوافق مع كلمات الكتاب المقدس، ويعتقدون أن أي شيء لا يتوافق مع الكتاب المقدس، دون استثناء، ليس بعملي. أليس أولئك هم الأبناء البررة للفريسيين؟ لقد استخدم الفريسيون اليهود ناموس موسى في إدانة يسوع. لم يطلبوا التوافق مع يسوع ذلك الزمان، بل تعاملوا مع كل بند من بنود الناموس بجدية شديدة، حتى إنهم في النهاية سمَّروا يسوع البريء على الصليب بعد أن اتهموه بعدم اتباع ناموس العهد القديم وبأنه ليس المسيا. ماذا كان كنههم؟ أليس أنهم لم يطلبوا طريق التوافق مع الحق؟ هم لم يهتموا إلا بكل كلمة في الكتب المقدَّسة، في حين أنهم لم يلتفتوا إلى مقاصدي ولا إلى خطوات عملي وأساليبه. لم يكونوا أُناسًا يطلبون الحق، بل أناسًا تشبَّثوا بالكلمات بطريقة جامدة؛ لم يكونوا أناسًا يؤمنون بالله، بل أناسًا يؤمنون بالكتاب المقدس. لقد كانوا – بعبارة أكثر وضوحًا – كلاب حراسة للكتاب المقدس. ومن أجل حماية مصالح الكتاب المقدس، والحفاظ على كرامته وحماية سمعته، تمادوا إلى حد أنهم سمَّروا يسوع الرحيم على الصليب. وهم لم يفعلوا هذا إلا للدفاع عن الكتاب المقدس والحفاظ على مكانة كل كلمة من كلماته في قلوب الناس. لذلك فضَّلوا أن يتنازلوا عن مستقبلهم وعن ذبيحة الخطيّة حتى يحكموا بالموت على يسوع الذي لم يتوافق مع ما تنص عليه الكتب المقدسة. ألم يكونوا بذلك خدمًا كلهم لكل كلمة في الكتب المقدسة؟
وماذا عن الناس اليوم؟ إنهم يفضلون أن يلفظوا من هذا العالم، المسيح الذي جاء ليطلق الحق، حتى يتمكنوا من دخول السماء وتلقي النعمة. إنهم يفضلون أن ينكروا مجيء الحق تمامًا من أجل أن يحموا مصالح الكتاب المقدس، ويفضلون أن يسمِّروا المسيح العائد في الجسد على الصليب مرة أخرى حتى يضمنوا الوجود الأبدي للكتاب المقدس. كيف يحصل الإنسان على خلاصي بينما يكون قلبه حقودًا وطبيعته معادية نحوي إلى هذا الحد؟ أنا أعيش بين الناس، لكن الإنسان لا يعرف بوجودي، وعندما أشرق بنوري عليه، يظل جاهلًا بوجودي، وعندما أطلق عليه غضبي، فإنه ينكر وجودي بدرجة أكبر حتى من ذلك. يطلب الإنسان التوافق مع الكلمات، والتوافق مع الكتاب المقدس، لكنَّ أحدًا لا يأتي أمامي طالبًا طريق التوافق مع الحق. يرفع الإنسان نظره إليَّ في السماء ويكرِّس اهتمامًا خاصًا نحو وجودي في السماء، لكنَّ أحدًا لا يهتم بي في الجسد، لأني أنا الذي أحيا بين الناس، ببساطة، ضئيل جدًا. أولئك الذين لا يطلبون سوى التوافق مع كلمات الكتاب المقدس، ولا يطلبون التوافق إلا مع إله مبهم، هم وضيعون في نظري. ذلك لأن ما يعبدونه هو كلماتٍ ميتة وإله قادر على أن يمنحهم ثروة طائلة؛ ما يعبدونه هو إله يضع نفسه تحت رحمة الإنسان – إله غير موجود. ماذا يمكن إذًا أن يربحه مثل هؤلاء الناس مني؟ الإنسان ببساطة وضيع جدًا لدرجة أن الكلمات لا تصفه. أولئك الذين يقفون ضدي، الذين يطلبون مني طلبات لا تنتهي، الذين ليس لديهم محبة للحق، الذين يتمردون عليَّ – كيف يكونون في توافق معي؟
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. يجب أن تطلب طريق التوافق مع المسيح
أنا اليوم أفحص الكتاب المقدس بدقة بهذه الطريقة وهذا لا يعني أنني أكرهه أو أنكر قيمته كمرجع. أنا أشرح وأوضّح لك الأصول والقيمة المتأصلة للكتاب المقدس لكي أُطلقك من أسر الظُّلمة. وما دام لدى الناس الكثير من الآراء حول الكتاب المقدس، ومعظمها خاطئ؛ فإن قراءة الكتاب المقدس بهذه الطريقة لا تمنعهم فقط من الحصول على ما يجب عليهم الحصول عليه بل، الأكثر أهمية، أنها تعيق العمل الذي أنوي القيام به. إنها تعرقل عمل المستقبل بشدّة، وتقدم فقط العوائق وليس المميزات. لذلك، فإن ما أعلِّمك إياه هو ببساطة جوهر الكتاب المقدس وقصته الحقيقية. لا أطلب منك عدم قراءة الكتاب المقدس، أو أن تتجول مُعلِنًا أنه يخلو تمامًا من القيمة، بل أطلب منك فقط أن يكون لديك المعرفة والرأي الصحيحان عن الكتاب المقدس. لا تكن متحاملًا للغاية! فعلى الرغم من أن الكتاب المقدس كتاب تاريخي كتبه بشر، فهو أيضًا يوثق العديد من المبادئ التي من خلالها خدم الأنبياء والقديسون القدامى اللهَ، وأيضًا خبرات الرسل اللاحقة في خدمة الله، وجميعها قد رآها وعرفها هؤلاء الناس حقًّا، ويمكن أن تكون بمثابة مرجع لأناس هذا العصر في السعي وراء الطريق الحق. وبالتالي فمن خلال قراءة الكتاب المقدس يستطيع الناس اكتساب العديد من طرق الحياة التي لا يمكن إيجادها في كتب أخرى. هذه الطرق هي طرق حياة عمل الروح القدس الذي اختبره الأنبياء والرسل في العصور الماضية، والعديد من الكلمات ثمينة ويمكن أن توفر ما يحتاجه الناس. لذلك، يحب الناس جميعًا أن يقرؤوا الكتاب المقدس. ولأن هناك الكثير من الخبايا في الكتاب المقدس، تختلف آراء الناس فيه عن آرائهم في كتابات الشخصيات الروحية العظيمة. الكتاب المقدس هو سجل ومجموعة من خبرات ومعارف أناس خدموا يهوه ويسوع في العصرين القديم والجديد، ولذلك استطاعت الأجيال اللاحقة أن تحصل منه على الكثير من الاستنارة والإضاءة وطرق الممارسة. السبب في كون الكتاب المقدس أعلى من كتابات أية شخصية روحية عظيمة هو أن كتاباتهم (أي الشخصيات) مُستقاة من الكتاب المقدس، وكافة خبراتهم آتية من الكتاب المقدس، وجميعهم يشرحون الكتاب المقدس. وعليه، فمع أن الناس يمكنهم اكتساب استفادة من كتب أية شخصية روحية عظيمة، فإنهم لا يزالون يعبدون الكتاب المقدس؛ لأنه يبدو لهم ساميًا وعميقًا! وعلى الرغم من أن الكتاب المقدس يجمع بعض أسفار كلمات الحياة معًا، مثل الرسائل البولسية والبطرسية، ومع إمكانية حصول الناس على مساعدة وعون من هذه الأسفار، فإن هذه الأسفار قد فات أوانها، ولا تزال تنتمي لعصر قديم، ومهما كانت جودتها؛ فهي مناسبة لفترة واحدة فحسب، وليست أبدية؛ ذلك أن عمل الله يتطور دائمًا، ولا يمكن أن يقف ببساطة عند زمن بولس وبطرس أو يظل دائمًا في عصر النعمة الذي صُلب فيه يسوع. وعليه، فإن هذه الأسفار مناسبة لعصر النعمة فقط، وليس لعصر الملكوت في الأيام الأخيرة. بإمكانها فقط تقديم شيء لمؤمني عصر النعمة وليس قديسي عصر الملكوت، وبغض النظر عن مدى جودتها، فهي لا تزال عتيقة. وينطبق الشيء نفسه ينطبق على عمل يهوه في الخلق أو عمله في إسرائيل: لا يهم مدى عظمة هذا العمل، فهو مع ذلك قد أصبح عتيقًا، وقد مضى زمنه. عمل الله أيضًا مشابه: هو عمل عظيم، ولكن سيأتي وقت ينتهي فيه؛ لا يمكن أن يظل دائمًا ضمن عمل الخليقة ولا عمل الصلب. مهما يكنْ عمل الصلب مقنعًا، ومهما تكنْ فاعليته في دحر الشيطان، فالعمل، في المقام الأول، لا يزال عملاً، والعصور، في المقام الأول، لا تزال عصورًا؛ لا يمكن أن يبقى العمل دائمًا على الأساس نفسه، ولا يمكن ألا تتغير الأزمنة أبدًا، لأنه كانت هناك الخليقة، ويجب أن تكون هناك الأيام الأخيرة. هذا أمر حتمي! لذلك، فإن كلمات الحياة اليوم في العهد الجديد – رسائل الرسل والأناجيل الأربعة – أصبحت أسفارًا تاريخية، وتقاويم قديمة، فكيف ستأخذ التقاويمُ القديمة الناسَ إلى العصر الجديد؟ لا يهم مدى قدرة هذه التقاويم على مدِّ الناس بالحياة، ولا يهم قدرتها على قيادة الناس للصليب، أليست عتيقة الطراز؟ ألا تخلو من القيمة؟ لذلك أقول إنك يجب ألّا تؤمن بصورة عمياء بهذه التقاويم. فهي قديمة للغاية، ولا يمكنها إدخالك في العمل الجديد، ولا يمكن أن تكون إلا عبئًا عليك. ليس الأمر فقط أنها لن تُدخلَك في العمل الجديد، بل ستدخل بك في الكنائس الدينية القديمة، وإن كان ذلك هو الحال، ألستَ تتراجع في إيمانك بالله؟
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. بخصوص الكتاب المقدس (4)
ترانيم ذات صلة
الله قام بعمل أعظم وأحدث بين الأمم في الأيام الأخيرة
يا الله، قلبي ينتَمِي إليكَ بالفع
كل مَنْ يستخدمون الكتاب المقدس لإدانة الله هم فريسيون