30. كانت السماء صافية ومشمسة على نحو خاص في ذلك اليوم

بقلم تيان يانغ – الصين

كنت مؤمنة في الكنيسة ثلاثية الذات في الصين، وعندما بدأت المشاركة في الاجتماعات لأول مرة، كثيرًا ما كان القساوسة يقولون لنا: "أيها الإخوة والأخوات، مكتوب في الكتاب المقدس: "لِأَنَّ ٱلْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ، وَٱلْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلَاصِ" (روما 10: 10). لقد تبرَّرنا بإيماننا، وبما أننا نؤمن بيسوع، فقد خَلُصنا. لو كنَّا نؤمن بأي شيء آخر، لما خَلُصنا...". احتفظت بهذه الكلمات التي يقولها القس دائمًا في ذهني، وكانت تحفزني على المضي قدمًا بينما أنخرط بحماس في سعيي وفي حضوري للاجتماعات بفعالية، منتظرة أن يأتي الرب ويأخذني إلى ملكوت السماوات. وقعت لاحقًا سلسلة من الأعمال غير القانونية في الكنيسة، ونتيجة لذلك بدأت أشعر بالضجر من الاجتماعات هناك. لم يقتصر الأمر على انقسام القساوسة فيما بينهم، إذ يحاول كل منهم تثبيت أقدامه فوق الجميع وتأسيس إقطاعياته الخاصة، بل أيضًا يتقيّد القساوسة في عظاتهم بالخط الذي ترسمه إدارة عمل الجبهة المتحدة (UFWD). فلم تكن إدارة عمل الجبهة المتحدة تسمح للقساوسة بالوعظ من سفر الرؤيا خشية أن "يحرض على الاضطراب بين الناس"، ولهذا، لم يعظ القساوسة من سفر الرؤيا. كان القساوسة يحثون في كثير من الأحيان على دفع تبرعات، قائلين إنه كلما تبرع الشخص بأموال أكثر، تلقَّى المزيد من البركات من الله. عندما رأيت الكنيسة على هذه الحال، شعرت بحيرة: كيف وصلت الكنيسة إلى هذه الحال؟ ألم يكن القساوسة مؤمنين بالرب؟ لماذا لا يتبعون كلمة الرب؟ لماذا لا يتَّقون الرب أدنى اتقاء؟ لم أعد أرغب من ذلك الوقت فصاعدًا في الذهاب إلى اجتماعات الكنيسة ثلاثية الذات لأنني شعرت أنهم لم يكونوا مؤمنين بالله إيمانًا حقيقيًا، وأنهم كانوا رعاة كذبة تظاهروا بالإيمان بالله من أجل الحصول على الأموال التي كان يربحها الإخوة والأخوات بشق الأنفس.

غادرت في أواخر عام 1995 الكنيسة دون تردُّد وانضممت إلى إحدى الكنائس المنزلية (كنيسة سولا فيدي). ظننت في البداية أن عظاتهم لم تكن خاضعة لقيود الحكومة الوطنية، لا سيما أنهم كانوا يدمجون سفر الرؤيا في عظاتهم ويناقشون أمورًا مثل الأيام الأخيرة وعودة الرب، وغيرها. لذلك شعرت أن عظاتهم كانت أفضل بكثير من رعاة الكنيسة ثلاثية الذات، وكان حضور الاجتماعات هنا يمنحني متعة أكبر مقارنة باجتماعات الكنيسة ثلاثية الذات – لقد كنت سعيدةً جدًا. لكن بعد فترة من الزمن، اكتشفت أنه هنا أيضًا بين زملاء العمل، انخرط البعض في نزاعات بسبب الغيرة، وانخرط البعض الآخر في إحداث انشقاقات. لم يكن أي من الإخوة والأخوات يحيون بحسب متطلبات الرب، ولم يُظهروا المحبة كما أظهروها من قبل. عندما رأيت أن هذه الكنيسة لم تكن مختلفة عن الكنيسة ثلاثية الذات، شعرت بخيبة أمل كبيرة، لكنني لم أعلم أيضًا أين يمكنني إيجاد كنيسة يعمل فيها الروح القدس. وبسبب عدم وجود خيار أفضل، كل ما أمكنني فعله هو البقاء داخل كنيسة سولا فيدي، ولذا داومت على حضور اجتماعاتهم. كان جميع القساوسة والمبشرين يقولون "ما إن تَخْلُص، تبقى مُخلَّصًا دائمًا" و"ما دمت تتحمَّل حتى النهاية، وتجتهد وتعمل من أجل الرب، وتحفظ طريق الرب، يمكنك عندها دخول ملكوت السماوات". لذلك فكَّرت في نفسي آنذاك قائلة: "بغض النظر عما يحدث للآخرين، ما دمت أثابر في إيماني بالرب يسوع، ولا أتخلَّى عن طريق الرب، فعندما يعود الرب سأحظى بفرصة الاختطاف إلى ملكوت السماوات".

في طرفة عين في أواخر عام 1997، وصل إلينا بالفعل إنجيل ملكوت الله، وأحدث ضجة في كنيستنا. قال لنا القائد "لي": "ظهرت في الوقت الحاضر مجموعة تعمل على نشر البرق الشرقي، وتسرق هذه المجموعة الخراف الجيدة من مختلف الطوائف، قائلين إن الرب يسوع قد عاد بالفعل وأنه يتمِّم مرحلة جديدة من العمل. لقد سُمِّر الرب يسوع على الصليب من أجلنا، ودفع بالفعل حياته ثمنًا من أجل فدائنا. لقد نلنا الخلاص بالفعل، وكل ما نحتاج إليه هو الصمود حتى النهاية، وعندما يعود الرب سوف نُختطف بالتأكيد إلى ملكوت السماوات. لذلك يجب علينا أن نكون حذرين، ولا يجب علينا مطلقًا قبول هؤلاء الأشخاص الذين يتبعون البرق الشرقي. مَنْ يقبلهم يُطرد من الكنيسة! يجب أيضًا أن تحرصوا على عدم الاستماع إلى ما يقولونه، وأن تحرصوا على عدم قراءة كتبهم...". بدا أن زملاء العمل من جميع المستويات يتحدثون عن هذه الأمور في كل اجتماع تقريبًا. بعدما سمع الإخوة والأخوات ما كانوا يقولونه، بدؤوا عن غير قصد في مقاومة البرق الشرقي والاحتراس منه. وبدأتُ أنا أبدي حذرًا واحتراسًا أكبر، لأنني كنت أخشى أن يستميلني البرق الشرقي ويبعدني عن كنيستي، وهكذا أفقد فرصتي في دخول ملكوت السماوت.

لكن مع بداية العام الجديد في 1998، تقابلت في أحد الأيام على نحو غير متوقع مع أخت من كنيسة الله القدير، وكان من حسن حظي أن أستمع إلى طريق البرق الشرقي لأول مرة. في ذلك اليوم، اتصلت بي أختي الكبرى ودعتني لزيارة منزلها، كما دعت الأخت "هو" من قريتها للحضور أيضًا. عندما رأتني الأخت "هو" ابتسمت وقالت: "حسنًا أنكِ قد جئتِ. فإحدى قريباتي البعيدات المؤمنات بالرب تزورني. لماذا لا نلتقي جميعًا معًا؟" فوافقت بسرور. وبعد مدة وجيزة، عادت الأخت "هو" مع قريبتها. عندما رأتنا هذه الأخت، رحَّبت بنا بحماس. ومع أنني لم أقابلها من قبل، شعرت بالقرب منها. قالت: "يوجد هجر للكنيسة واسع النطاق في هذه الأيام، إذ ليس لدى الوعَّاظ أي شيء جديد أو حديث يعظون عنه. في كل اجتماع، عندما لا يعظون عن كيفية مقاومة البرق الشرقي، فكل ما يحدث هو مجرد الاستماع إلى الأشرطة وترنُّم الترانيم. هذا هو كل ما يحدث في الاجتماعات. ينخرط زملاء العمل في نزاعات بسبب الغيرة، ويتواطؤون ويتآمرون، ويتسمون جميعًا بالبر الذاتي، ولا يستمع أحد إلى غيره. الإخوة والأخوات سلبيون وضعفاء، وقد فقدوا إيمانهم ومحبتهم. وترك الكثيرون الرب وعادوا إلى العالم لجني المال". شعرت في أعماق نفسي بالشيء نفسه، وأومأت برأسي للأخت وأنا أقول: "هذا ما يبدو عليه الحال في كنيستي أيضًا. كان لدينا في السابق ما بين 20 إلى 30 شخصًا في كل اجتماع من اجتماعاتنا الشهرية، ولكن الآن يوجد عدد قليل من المسنين، وحتى الوعاظ انغمسوا في العالم لجني المال. لا يوجد أي استمتاع بالاجتماعات". فهزَّت الأخت رأسها وقالت: "لم يعد هذا الوضع موجودًا في كنائس بعينها الآن، ولكنه ظاهرة شائعة في جميع أنحاء العالم الديني. هذا يدل على أن عمل الروح القدس لم يعد موجودًا في الكنيسة، ولهذا فإن أعمالًا غير قانونية تُرتكب طوال الوقت – وهي علامة على عودة الرب. إن هذا مثل نهاية عصر الناموس، عندما صار الهيكل مكانًا يبيع فيه الناس الماشية ويتبادلون الأموال. حدث ذلك لأن الله كان قد أوقف بالفعل قيامه بعمله في الهيكل، وتجسَّد بدلًا من ذلك في شخص الرب يسوع لتتميم مرحلة جديدة من العمل خارج الهيكل". استمعت باهتمام، وكنت أومئ برأسي من وقت لآخر. استمرت الأخت في حديثها قائلة: "أيتها الأخت، مكتوب في لوقا 17: 24-26: "لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ ٱلْبَرْقَ ٱلَّذِي يَبْرُقُ مِنْ نَاحِيَةٍ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ يُضِيءُ إِلَى نَاحِيَةٍ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ، كَذَلِكَ يَكُونُ أَيْضًا ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ فِي يَوْمِهِ. وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَوَّلًا أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا وَيُرْفَضَ مِنْ هَذَا ٱلْجِيلِ. وَكَمَا كَانَ فِي أَيَّامِ نُوحٍ كَذَلِكَ يَكُونُ أَيْضًا فِي أَيَّامِ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ". فكيف تفسرين هذه الأسطر من الكتاب المقدس؟" فكَّرت بجدية بشأن هذه الأسطر لبرهة من الوقت، ثم ضحكت بارتباك وقلت: " أيتها الأخت، ألا تتحدث هذه الأسطر من الكتاب المقدس عن مجيء الرب؟" فردت الأخت قائلة: "تناقش هذه الأسطر من الكتاب المقدس مجيء الرب. لكنها لا تتحدث عن مجيء الرب يسوع مرة أخرى في تلك الأيام القديمة. بل تشير بالأحرى إلى عودة الرب في الأيام الأخيرة لأن الرب يتنبأ هنا بوضوح عمَّا سيحدث عندما يعود في الأيام الأخيرة. أيتها الأخت، إيمان المؤمنين في الكنيسة الآن بات باردًا، وهم سلبيون وضعفاء. هذا لأن الله صار جسدًا مرة أخرى ليتمِّم مرحلة جديدة من العمل. لقد استمر عمل الله قدمًا، وكل مَنْ لا يتبع عمل الله الجديد سيخسر عمل الروح القدس". ما إن سمعت الأخت تقول إن الرب يسوع قد عاد بالفعل، خمَّنت على الفور أنها تنتمي إلى البرق الشرقي، وشعرت بالإحباط على الفور. اختفت الابتسامة من على وجهي ما إن ورد إلى ذهني كلام قادتي الذين أغلقوا الكنيسة: "أن تؤمن بيسوع يعني أن تنال الخلاص، وما إن تَخلُص، تبقى مُخلَّصا دائمًا... لا تقبلوا أولئك الذين من البرق الشرقي...". عندما فكرت في هذه الكلمات التي قالها قادتي، أردت أن أسرع عائدة إلى المنزل. لكن عندما وردت هذه الفكرة إلى ذهني، أنارني الرب بتذكيري ببيت من إحدى الترانيم يقول: "يسوع هو ملجأنا، عندما تواجه مشاكل اختبئ فيه، فعندما تكون أنت والرب معًا، ما الذي تخشاه؟" فكَّرت حينها قائلة: "انتهى الأمر! إن كان الرب بجانبي، فماذا أخشى؟ الأشياء التي أخافها لا تأتي من الله، بل تأتي من الشيطان". عندها قالت الأخت: "إذا كان لدى أي منكما أي أسئلة، فلتتقدَّم وتشاركها. ستكون كلمة الله قادرة على حل جميع المشاكل والصعوبات التي نواجهها". عندما سمعت الأخت تقول هذا، فكَّرت في نفسي قائلة: "ربما لا تستطيعين الإجابة على أسئلتي! عليَّ الآن أن أعرف بالضبط ما الذي يبشِّر به البرق الشرقي حقًا، وكيف أمكنه سرقة الكثير من الخراف الجيدة".

عندما فكَّرت في هذا، قررت أن أشارك في الحديث مباشرة، وأخذت زمام المبادرة قائلة: "يقول قادتنا دائمًا إن الرب يسوع قد سُمِّر على الصليب من أجلنا، وأنه دفع بالفعل حياته ثمنًا من أجل فدائنا، ومن ثمَّ فقد خَلُصنا الفعل. مكتوب في الكتاب المقدس: "لِأَنَّ ٱلْقَلْبَ يُؤْمَنُ بِهِ لِلْبِرِّ، وَٱلْفَمَ يُعْتَرَفُ بِهِ لِلْخَلَاص" (روما 10: 10). بما إننا قد خَلُصنا مرة، فإننا نبقى مُخلَّصين إلى الأبد، وما دمنا نحتمل حتى النهاية، فإننا سنُختطف بالتأكيد إلى ملكوت السماوات عندما يعود الرب. هذا هو الوعد الذي قطعه معنا الرب. لذلك لا نحتاج إلى قبول أي عمل جديد يعمله الله".

ابتسمت الأخت وقالت لي: "يعتقد الكثير من المؤمنين أن الرب يسوع سُمِّر على الصليب من أجلنا، وأنه ما دام قد دفع حياته ثمنًا ليخلِّصنا، فقد خَلُصنا. كما يعتقد الناس أن نيل الخلاص مرة معناه الحصول على خلاص أبدي، وأن كل ما نحتاج إلى فعله هو أن نصبر حتى النهاية، ومن ثمَّ عندما يعود الرب، فإننا سنُخطتف بكل تأكيد إلى ملكوت السماوات، ولسنا بحاجة إلى قبول أي عمل جديد يعمله الله. ولكن هل طريقة التفكير هذه صحيحة حقًا؟ هل تتوافق حقا مع مشيئة الرب؟ في الواقع، إن هذه الفكرة القائلة "أن تَخلُص مرة معناه أن تكون مُخلَّصًا إلى الأبد، وعندما يعود الرب فسوف نُختطف إلى ملكوت السماوات" هي مجرد مفهوم وتصور من جانب الإنسان، ولا تتفق ببساطة مع ما قاله الرب. لم يقل الرب يسوع مطلقًا من قبل أن أولئك الذين خَلُصوا بسبب إيمانهم سيدخلون ملكوت السماوات، بل قال: "بَلِ ٱلَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ" (متى 7: 21). أن تخلُص وأن تفعل مشيئة الآب الذي في السماء ليسا الشيء نفسه. عندما نتحدَّث عن خلاص الإنسان بسبب إيمانه، فإن هذا الخلاص يشير إلى غفران خطاياك. وهذا يعني أنه إذا كان من المفترض أن يُحكم على إنسان بالموت بحسب الناموس، لكن جاء هذا الإنسان بعد ذلك أمام الرب وتاب وقبل خلاص الرب، فإن الرب يغفر له خطاياه، ويطرح ذلك الإنسان عنه إدانة الناموس، ولا يعود يخضع لحكم الموت بحسب الناموس. هذا هو المعنى الحقيقي لنيل الخلاص. لكن نيل الخلاص لا يعني أن الإنسان قد تحرَّر وتطهَّر من الخطيّة. لقد اختبرنا كل هذا اختبارًا عميقًا. مع أننا ظللنا نؤمن بالرب لسنوات عديدة، وكثيرًا ما نعترف بخطايانا للرب ونتوب عنها، ونتمتع أيضًا بفرح وسلام غفران خطايانا، ما زلنا في كثير من الأحيان نرتكب الخطايا دون إرادتنا، بل ونتقيَّد بخطايانا. هذه حقيقة. على سبيل المثال، ما زالت شخصياتنا الفاسدة، بما فيها من غطرسة وخداع وأنانية وطمع وشر وغيرها، قائمة؛ ما زلنا نستمتع بالسعي وراء توجهات العالم، ونسعى إلى الثروة والشهرة ومُتع الجسد، ونشتهي ملذات خاطئة. ومن أجل حماية مصالحنا الشخصية، نستطيع أيضًا أن نكذب ونخدع الآخرين مرارًا وتكرارًا. لذلك لا يعني نيل الخلاص أن الإنسان قد حقَّق الخلاص الكامل. هذه حقيقة. مكتوب في الكتاب المقدس: "فَتَكُونُونَ قِدِّيسِينَ لِأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ" (اللاويين 11: 45). الله قدوس، فهل يسمح لأولئك الذين يخطئون ويقاومون الله كثيرًا بأن يدخلوا ملكوت السماوات؟ إذا كنت تعتقد أن أولئك الذين خَلُصلوا بإيمانهم قد يدخلون ملكوت السماوات، فلماذا يقول الرب يسوع أيضًا الكلمات التالية؟ "لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ. بَلِ ٱلَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ. كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِٱسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِٱسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِٱسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! ٱذْهَبُوا عَنِّي يافَاعِلِي ٱلْإِثْمِ" (متى 7: 21-23). لماذا يُقال إنه عندما يعود الرب سيميِّز الخراف عن الجداء، ويفصل الزوان عن الحنطة؟ لذلك لا يمكن الدفاع أبدًا عن القول بأن أولئك الذين خَلُصوا بإيمانهم قد يدخلون ملكوت السماوات. إنها تتعارض تمامًا مع كلمات الرب يسوع، بل وتتحدَّى كلامه. وعليه، إذا لم نقبل كلمة الرب ونؤمن بها، بل نتشبَّث بالأخطاء التي ينشرها القساوسة والشيوخ، ونتكل على مفاهيمنا وتصوراتنا حول الإيمان بالله، فلن نقدر على تحقيق مطالب الرب، ولن نكون قادرين أبدًا على أن نُختطف إلى ملكوت السماوات".

فكرت مليًّا في كلمات الأخت وشعرت أن ما قالته كان له معنى كبير، لذلك جلست هناك أستمع بهدوء. استرسلت الأخت قائلة: "لقد كشفت كلمة الله القدير بالفعل عن سر نيل الخلاص وتحقيق الخلاص الكامل، لذلك دعونا نلقي نظرة على كلمة الله القدير ونرى ما قاله عن هذا الأمر. يقول الله القدير: "في ذلك الوقت، كان عمل يسوع هو فداء كل البشر، غُفِرَت خطايا كل مَنْ آمن به؛ فطالما آمنتَ به، فإنه سيفديك. إذا آمنتَ به، لن تعود خاطئًا بعد ذلك، بل تتحرر من خطاياك. كان هذا هو المقصود بأن تخْلُص وتتبرر بالإيمان. لكن ظل بين المؤمنين مَنْ عصى الله وقاومه، ومَنْ يجب أن يُنزَع ببطء. لا يعني الخلاص أن الإنسان قد أصبح مملوكًا ليسوع بأكمله، لكنه يعني أن الإنسان لم يعد مملوكًا للخطية، وأن خطاياه قد غُفِرَت: إذا آمنت، لن تصبح مملوكًا بعد للخطية" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. رؤية عمل الله (2)]. "قبل أن يُفتدى الإنسان، كان العديد من سموم الشيطان قد زُرِعَت بالفعل في داخله. وبعد آلاف السنوات من إفساد الشيطان، صارت هناك طبيعة داخل الإنسان تقاوم الله. لذلك، عندما افتُدي الإنسان، لم يكن الأمر أكثر من مجرد فداء، حيث اُشتري الإنسان بثمن نفيس، ولكن الطبيعة السامة بداخله لم تُمحَ. لذلك يجب على الإنسان الذي تلوث كثيرًا أن يخضع للتغيير قبل أن يكون مستحقًّا أن يخدم الله. من خلال عمل الدينونة والتوبيخ هذا، سيعرف الإنسان الجوهر الفاسد والدنس الموجود بداخله معرفًة كاملة، وسيكون قادرًا على التغير تمامًا والتطهُّر. بهذه الطريقة فقط يمكن للإنسان أن يستحق العودة أمام عرش الله. ... لأن الإنسان قد افتُدي وغُفِرَت له خطاياه، فكأنما الله لا يذكر تعدياته ولا يعامله بحسب تعدياته. لكن عندما يعيش الإنسان بحسب الجسد، ولا يكون قد تحرر من خطاياه، فإنه لا محال يواصل ارتكاب الخطية، مُظهرًا فساد الطبيعة الشيطانية بلا توقف. هذه هي الحياة التي يحياها الإنسان، دورة لا تنتهي من الخطية والغفران. غالبية الناس تخطئ نهارًا، وتعترف بخطئها مساءً. وبذلك، حتى إن كانت ذبيحة الخطية ذات مفعول أبدي للإنسان، فإنها لن تستطيع أن تخلِّص الإنسان من الخطية. لم يكتمل إلا نصف عمل الخلاص، لأن شخصية الإنسان ما زالت فاسدة. ... الذي هو أعمق من الخطية، وقد زرعه الشيطان، وتأصل داخل الإنسان. ليس من السهل على الإنسان أن يفطن إلى خطاياه؛ فهو لا يستطيع أن يدرك طبيعته المتأصلة في داخله. لا يتحقق مثل هذا التأثير إلا من خلال الدينونة بالكلمة. وبهذا وحده يستطيع الإنسان أن يتغير تدريجيًا من تلك النقطة فصاعدًا" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. سر التجسُّد (4)]. "أنتَ تعرف فقط أن يسوع سينزل في الأيام الأخيرة، ولكن كيف سينزل؟ خاطئ مثلك، نال الفداء للتو، ولم يغيره الله أو يكمِّله. هل يمكنه أن يكون بحسب قلب الله؟ إنك ترى، كإنسان محصور في ذاتك العتيقة، أن يسوع خلّصك حقًا، وأنك لا تُحسب خاطئًا بسبب خلاص الله، ولكن هذا لا يثبت أنك لست خاطئًا أو نجسًا. كيف يمكنك أن تكون مقدسًا إن لم تتغير؟ أنت في داخلك نجسٌ وأنانيٌّ ووضيع، وما زلت ترغب في النزول مع يسوع – أنّى لك أن تحظى بهذا الحظ الوفير! لقد فقدتَ خطوةً في إيمانك بالله: أنت مجرد شخصٍ نال الفداء ولكنك لم تتغير. لكي تكون بحسب قلب الله، يجب على الله أن يقوم شخصيًا بعمل تغييرك وتطهيرك؛ إن لم تنل سوى الفداء، ستكون عاجزًا عن الوصول للقداسة. وبهذه الطريقة لن تكون مؤهلاً لتتشارك في بركات الله الصالحة، لأنك فقدت خطوةً من عمل الله في تدبير البشر، وهي خطوة أساسية للتغيير والتكميل. ولذلك أنت، كخاطئ فُديت فحسب، عاجز عن ميراث إرث الله مباشرةً" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. بخصوص الألقاب والهوية).

ثمَّ استمرت الأخت في شركتها قائلة: "يمكننا أن نرى من كلمة الله القدير أن كل مرحلة من مراحل العمل يتممها الله بحسب احتياجات الجنس البشري الفاسد. في نهاية عصر الناموس، أصبح الإنسان أكثر فسادًا شيئًا فشيئًا على يد الشيطان وكان يرتكب المزيد من الخطايا، مخالفًا نواميس يهوه، وكان في خطر التعرض للرجم حتى الموت وإحراقه بنيران السماء. ولأن الله يحب البشر، فقد تجسَّد هو نفسه ليصير في شبه جسد الخطيَّة، وسُمِّر على الصليب ليفدي الإنسان من الخطيَّة. لذلك، ما دمنا نؤمن بالرب يسوع، فإننا سننال الخلاص، ولن يتذكَّر الرب خطايانا. يمكننا أن نأتي مباشرة أمام الله ونصلِّي إليه، ونتمتع بفيض النعمة التي يمنحها. لكن مع أننا قد نلنا الفداء، فإن هذا لا يثبت أننا بلا خطيَّة. نحن، الجنس البشري، قد أفسدنا الشيطان لآلاف السنين، وقد تعمَّق سُمّ الشيطان في أعماقنا – لقد صار حياتنا وأصبح طبيعتنا. إننا محكومون بطبائعنا الشيطانية، التي منها الغرور والعجرفة والخداع والإعوجاج والأنانية والازدراء والجشع والشر. ما زلنا نستطيع الكذب كثيرًا، والمشاركة في الخداع والإثم ومقاومة الله. هذا هو أصل حياتنا في دورة ارتكاب الخطايا باستمرار ومن ثمَّ الاعتراف بها. لذلك، وبحسب احتياجات الجنس البشري الفاسد وخطة تدبير الله لخلاص البشرية، فقد أتى الله لتتميم مرحلة من مراحل العمل في الأيام الأخيرة فيها يدين الإنسان ويوبِّخه من أجل تطهيرنا وتغيير شخصياتنا الفاسدة، و في النهاية، سيقود الله أولئك الذين حققوا الخلاص الكامل والذين تكمَّلوا إلى ملكوته. إن كنَّا لا نزال نتشبَّث بمفهوم "ما إن تخلُص مرة، تبقى مخلَّصًا دائمًا"، ونرفض قبول عمل دينونة الله في الأيام الأخيرة، فلن نتطهَّر من سُمّ الشيطان الذي في دمائنا مطلقًا، ولن نتمكَّن أبدًا من تحقيق خلاص الله الكامل، وسيكون أمر دخولنا ملكوت السماوات أمرًا غير وارد. هذه عواقب خطيرة جدًا. لذا، الآن، في هذه الأيام الأخيرة، لن يتطهَّر الإنسان تمامًا، ولن يحقِّق خلاص الله الكامل، ولن يذهب إلى غاية جيدة، إلا بترك عصر النعمة خلف ظهره وقبول عمل الله القدير في الأيام الأخيرة".

بينما كنت استمع إلى ما تقدِّمه الأخت من شركة، فكَّرت في نفسي قائلة: "نعم، إن كلام الله القدير عملي للغاية. ألم أكن أحيا خلال هذه السنوات القليلة الماضية باستمرار حياة أرتكب فيها خطايا أثناء النهار ثم أعترف بها ليلًا؟ لقد غُفرت خطايانا فقط بسبب إيماننا بالرب، لكن طبيعتنا الخاطئة ما زالت قائمة فينا. ما زال بإمكاننا أن نخطيء ونقاوم الله. الرب قدوس، فكيف يمكن لأولئك الذين كثيرًا ما يخطئون ويقاومونه أن يُختطفوا إلى ملكوت السماوات؟ لقد كشف كلام الله القدير عن هذه القضايا التي أثقلت ذهني لسنوات عديدة. فكلام الله القدير يشتمل فعلًا على حقائق يجب علينا البحث عنها. أيمكن أن يكون الله القدير هو حقًا الرب العائد؟ إنني حقًا بحاجة إلى التحقق من الأمر بطريقة صحيحة".

بدأت أُسقط تدريجيًا احتراسي من الأخت، لكن بينما كنت أفكِّر في التحقق من الأمور التي ناقشناها، طرق أحدهم الباب فجأة بقوة وعجلة. هرعت الأخت "هو" إلى فتح الباب، فدخل قس كنيستني مندفعًا إلى الغرفة. نظر إليَّ، ثم إلى الأخت التي كانت تنشر إنجيل ملكوت الله القدير، ثم قال لي بنبرة اندهاش وغضب: "ماذا تفعلين هنا؟ ألم أخبركِ ألا تذهبي وتستمعي إلى عظات الغرباء؟ فكيف أمكنك المجيء إلى هنا للاستماع إليهم؟ اذهبي إلى المنزل على الفور، ولا تستمعي إليهم مرة أخرى. إذا كنتِ مخدوعة، فقد فات الأوان على ندمكِ!" بعد أن انتهى القس من توبيخي، التفت إلى تهديد الأخت قائلًا: "وأنتم يا مَن تنشرون البرق الشرقي، أنتم لا تفعلون شيئًا سوى المجيء إلى كنيستنا وسرقة قطيعنا! غادروا على الفور! إن لم تذهبوا، فلن أبقى مهذبًا كثيرًا!" عندما رأيت القس يعامل الأخت بهذه الطريقة شعرت بالإشمئزاز، لذلك قلت له: "أيها القس، هذه الأخت قالت بعض الأمور الجيدة حقًا، وما قالته يتفق مع الكتاب المقدس. أشعر أنه من الممكن حقًا أن يكون الله القدير هو الرب العائد. لماذا لا تصغي إليها، وبعد ذلك يمكننا أن نقرر. إضافة إلى ذلك، ألا يقول الكتاب المقدس: "لَا تَنْسُوا إِضَافَةَ ٱلْغُرَبَاءِ، لِأَنْ بِهَا أَضَافَ أُنَاسٌ مَلَائِكَةً وَهُمْ لَا يَدْرُونَ" (عبرانيين 13: 2). نحن الذين نؤمن بالرب يجب أن نظهر بعض الشفقة، ولا يمكننا معاملة الناس بهذه الطريقة. ألا يُعد طرد هذه الأخت بهذه الطريقة مخالفًا لتعاليم الرب؟" عندها صرخ القس في وجهي قائلًا: "ماذا تفهمين؟ نحن الذين نؤمن بيسوع قد خلُصنا بالفعل، ولا نحتاج إلى الخلاص مرة أخرى! لقد أتوا إلى هنا لسرقة قطيعنا، ولذا يجب ألا نقبلهم". في هذا الوقت ابتسمت الأخت التي كانت تنشر الإنجيل وقالت: "نحن جميعًا بانتظار عودة الرب، فلِمَ لا نجلس ونتحدَّث؟ إذا فاتتنا فرصة عودة الرب، فإننا سنندم عليها كثيرًا...". وبدون أن ينتظر القس حتى تنتهي الأخت من حديثها، بدأ في دفعها إلى الخارج قائلًا: "يكفي ما سمعناه منكِ! مهما كان حُسن أسلوب حديثك، ما زلت لا أريد الاستماع إليكِ. غادري على الفور!" وهكذا، استمر القس في دفعها وشدّها ولعنها حتى يطردها من المنزل. بعد أن غادرت الأخت، نظر القس إلى الخلف وهددني قائلًا: "أسرعي وعودي إلى المنزل. من الآن فصاعدًا لم يعد مسموحًا لكِ الاتصال بأشخاص من البرق الشرقي. إذا فعلتِ ذلك، فستُطردين من الكنيسة، وإذا حدث ذلك فلن تتاح لكِ أبدًا فرصة الحصول على مدح الله ودخول ملكوت السماوات". ولأنني كنت قد استمعت بالفعل إلى الشركة التي قدَّمتها الأخت، فهمت أن عمل الرب يسوع كان عمل الفداء، ولكن لم يكن عمل تطهير الإنسان، وأنه فقط عندما يعود الرب ليعمل عمل دينونته في الأيام الأخيرة، سوف يُطهِّر الإنسان ويُخلِّصه تمامًا. دون قبول عمل دينونة الله في الأيام الأخيرة، لن تتغير شخصية الإنسان الفاسدة، ولن يكون قادرًا على تحقيق خلاص الله ودخول ملكوت السماوات. لذلك لم يؤثر فيَّ كلام القس تأثيرًا كبيرًا، ولهذا جاريته وأومأت برأسي مُظهِرة اتفاق مصطنع معه، ثم عدت إلى منزلي.

بعد عودتي إلى المنزل، ظللت أفكِّر في الشركة التي قدمتها الأخت، وقلت في نفسي: "ما كانت تقوله تلك الأخت يتوافق مع الكتاب المقدس. لقد كان إيماني بعبارة "ما إن تَخلُص مرةً، تبقى مُخلَّصًا دائمًا" إيمانًا بلا أساس قوي. عدت بذاكرتي إلى كل السنوات التي كنت أؤمن فيها بالرب وأدركت أنني كنت أعيش دائمًا في حالة أرتكب فيها خطايا ثم اعترف بها، لكنني لم أستطع قط حل هذه المشكلة، وقد مررت شخصيًا بالكثير من المعاناة. شعرت أنه إذا واصلت الإيمان بهذا، فلن أتمكَّن في النهاية من الحصول على مدح الله. أصبحت بعد الاستماع إلى شركة الأخت أكثر ثقة بأنه إذا أراد الأشخاص الذين يؤمنون بالرب تحقيق الخلاص الكامل ودخول ملكوت السموات، فعليهم حقًا قبول العمل الذي يعمله الرب يسوع العائد لدينونة الإنسان وتطهيره. لذلك تساءلت: ما هو حقًا عمل دينونة الله القدير في الأيام الأخيرة؟ وكيف يطهِّر الله القدير الإنسان ويغيِّره؟ وبينما كنت أفكِّر في هذه الأمور، تصفَّحت الكتاب المقدس حتى رأيت فقرة يقول فيها الرب يسوع: "إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لِأَقُولَ لَكُمْ، وَلَكِنْ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا ٱلْآنَ. وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ ٱلْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْحَقِّ، لِأَنَّهُ لَا يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ" (يوحنا 16: 12-13). كما قرأت أيضًا في الكتاب المقدس: "لِأَنَّهُ ٱلْوَقْتُ لِٱبْتِدَاءِ ٱلْقَضَاءِ مِنْ بَيْتِ ٱللهِ" (1 بطرس 4: 17). "مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ ٱلرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ" (رؤيا 2: 7). عندما قرأت هذا، شعرت وكأنني قد استيقظت أخيرًا من حُلم: كما يتضح، فقد تنبأ الرب يسوع منذ زمن بعيد أنه في الأيام الأخيرة سوف يعبِّر الله عن المزيد من الحق ويتمِّم مرحلة جديدة من العمل. ألا يكون هذا هو الله القدير قادمًا لتتميم عمل دينونة الإنسان وتطهيره؟ فكَّرت قائلة: "أجل، إذا لم يأتِ القس ولم يتسبَّب في مثل هذا الاضطراب اليوم، لكنت قد استطعت مواصلة الاستماع بجدية عن طريق الله القدير. كنت دائمًا أستمع من قبل إلى ما قاله القساوسة والشيوخ، ولم أسع قط إلى البحث عن عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. لقد فعلت فقط كل ما قاله القساوسة والشيوخ، لكنني أدركت اليوم أنه ليس للرب مكان في قلبي. أمَّا من جهة تحقُّقي من أمر عودة الرب، فلم أطلب مشيئة الرب، بل استمعت بدلًا من ذلك إلى كلام القساوسة والشيوخ. كم كنت حمقاء! أولئك الذين يؤمنون بالرب يجب أن يعظِّموه، وعلينا أن نبحث بنشاط عن خطى الله فيما يتعلق بعودة الرب، لأنه بهذه الطريقة فقط سنتوافق مع مشيئة الله. لقد رأيت اليوم أن تصرفات القس لا تتوافق مع مشيئة الرب، ولم يعد بإمكاني الإنصات إلى ما يقولونه دون فحص، لكن يجب أن أطلب طريق الله القدير وأتحقَّق منه."

في صباح اليوم التالي، كان أول ما قررت أن أفعله هو الذهاب إلى منزل الأخت "هو" والبحث عن الأخت التي كانت تنشر إنجيل الله القدير حتى نتمكَّن من استكمال الشركة. اندهشت جدًا إذ قبل أن أخطو خارج الباب وجدت أن الأخت "هو" أحضرت الأخت إلى منزلي. كان هذا حقًا بإرشاد الرب. سألتني باهتمام أولًا عمَّا إذا كنت قد تعرَّضت إلى أي إساءة من القس في اليوم السابق أم لا، فأجبت بأن هذا لم يحدث قطعًا وقلت لها: "بعد ما قدمتيه من شركة بالأمس، عدت إلى المنزل وفكَّرت جيدًا في كل شيء، وأدركت أنه لا يمكن تطهيرنا حقًا بمجرد إيماننا بالرب يسوع. لا تزال طبيعتنا الفاسدة موجودة، وفي ظل وجودها لن نكون قادرين على تحقيق خلاص الله الكامل. إضافة إلى ذلك، لقد قرأت أيضًا مقطعًا من الإنجيل يتنبأ حقًا عن أن الرب سيعود ليتمِّم عمل دينونته في الأيام الأخيرة. الشيء الذي أتمنى معرفته بشدة الآن هو كل ما يتعلق بعمل الدينونة الذي على الله القدير حقًا تتميمه في الأيام الأخيرة، وكيف سيؤدي عمل الله القدير إلى تطهير الإنسان وتغييره؟"

قالت الأخت بسرور: "الشكر لله! هذا السؤال الذي طرحتِه حقًا هو سؤال بالغ الأهمية، لأنه يتعلق بالموضوع الهام المتمثل فيما إذا كان إيماننا بالله سيمكِّننا من الوصول إلى الخلاص الكامل ودخول ملكوت السماوات أم لا. دعونا ننظر أولًا إلى ما تقوله كلمة الله القدير: "حين يصير الله جسدًا هذه المرة، فسيعبّر عمله عن شخصيته من خلال التوبيخ والدينونة في المقام الأول. وباستخدامه هذا الأساس سيأتي بالمزيد من الحق للإنسان ويُظهر له المزيد من طرق الممارسة، وهكذا يحقق هدفه من إخضاع الإنسان وتخليصه من شخصيته الفاسدة. هذا هو ما يكمن وراء عمل الله في عصر الملكوت" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تمهيد). "حين تُذكر كلمة "دينونة" من المحتمل أنكم تفكرون في الكلمات التي قالها يهوه لكافة الأماكن، وكلمات التوبيخ التي قالها يسوع للفريسيين. وعلى الرّغم من حِدَّتِها، لم تكن هذه الكلمات هي دينونة من الله على الإنسان، إنما كانت فقط كلمات قالها الله في بيئات متنوّعة، أي في سياقات مختلفة؛ هذه الكلمات ليست مثل الكلمات التي سيتفوّه بها المسيح وهو يدين الإنسان في الأيام الأخيرة. ففي الأيام الأخيرة، سيستخدم المسيح مجموعة من الحقائق المتنوعة لتعليم الإنسان، كاشفًا جوهره ومُمحّصًا كلماته وأعماله. تضم هذه الكلمات حقائق متنوعة، مثل واجب الإنسان، وكيف يجب عليه طاعة الله، وكيف يكون مُخلصًا لله، وكيف يجب أن يحيا بحسب الطبيعة البشرية، وأيضًا حكمة الله وشخصيته، وما إلى ذلك. هذه الكلمات جميعها موجَّهة إلى جوهر الإنسان وشخصيته الفاسدة؛ وبالأخص تلك الكلمات التي تكشف كيفية ازدراء الإنسان لله تعبّر عن كيفية تجسيد الإنسان للشيطان وكونه قوة معادية لله. في قيام الله بعمل الدينونة، لا يكتفي بتوضيح طبيعة الإنسان من خلال بضع كلمات وحسب، إنما يكشفها ويتعامل معها ويهذّبها على المدى البعيد. ولا يمكن الاستعاضة عن طرق الكشف والتعامل والتهذيب هذه بكلمات عادية، بل بالحق الذي لا يمتلكه الإنسان على الإطلاق. تُعد الوسائل من هذا النوع دون سواها دينونة، ومن خلال دينونة مثل هذه، وحدها يمكن إخضاع الإنسان واقناعه اقتناعًا كاملاً بالخضوع لله؛ لا بل ويمكنه اكتساب معرفة حقيقية عن الله. يؤدي عمل الدينونة إلى تعرُّف الإنسان على الوجه الحقيقي لله وعلى حقيقة تمرّده أيضًا. يسمح عمل الدينونة للإنسان باكتساب فهمٍ أعمق لمشيئة الله وهدف عمله والأسرار التي يصعب على الإنسان فهمها. كما يسمح للإنسان بمعرفة وإدراك جوهره الفاسد وجذور فساده، إلى جانب اكتشاف قبحه. هذه هي آثار عمل الدينونة، لأن جوهر هذا العمل هو فعليًا إظهار حق الله وطريقه وحياته لكل المؤمنين به، وهذا هو عمل الدينونة الذي يقوم به الله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. المسيح يعمل عمل الدينونة بالحق).

بعد قراءة كلمة الله، قدَّمت الأخت شركة قائلة: "من خلال كلمة الله، نفهم أنه أثناء عمل الدينونة في الأيام الأخيرة يستخدم الله القدير جوانب كثيرة من الحق لكشف الإنسان وتحليله، ويستخدم الله كلامه للكشف عن جوهر الإنسان الفاسد والحق المتعلق بفساد الإنسان، ولدينونة طبيعة الإنسان الشيطانية التي تقاوم الله وتخونه، ولتطهير كل صور الفساد الموجودة فينا. تشمل أمثلة هذا الفساد الامتلاء بالمفاهيم والتصورات عن عمل الله، واتخاذ مفاهيمنا باعتبارها الحق لقياس عمل الله، والحكم على الله وإدانته ومقاومته كما يحلو لنا. مثال آخر هو أنه رغم إيماننا بالله، فإننا في الحقيقة لا نختلف عن غير المؤمنين؛ فإننا جميعًا نسعى إلى تحقيق الشهرة والثروة وعلى استعداد لدفع أي ثمن مقابل ذلك، ولكن لا يعيش شخص واحد منا لإرضاء الله. كما أن نظرتنا إلى أشياء كثيرة تتعارض أيضًا مع الله، مثل إيماننا بأنه ما دمنا نؤمن بالرب، فسوف ننال الخلاص، وأننا سنُختطف إلى ملكوت السماوات عندما يأتي الرب، في حين يقول الله في الواقع إن الإنسان لن يكون قادرًا على دخول ملكوت السماوات إلا باتِّباع مشيئة الله. هذه مجرد أمثلة قليلة على الفساد الذي نضمره في داخلنا. من خلال دينونة الله وتوبيخه، سوف تتطهَّر هذه الشخصيات الفاسدة، ووجهات النظر الخاطئة وطرق التفكير هذه، وستتطهَّر وتتغيَّر بديهيات حياة الشيطان، وسنصير مطيعين حقًا لله. في الوقت نفسه، نتوصَّل أيضًا من خلال دينونة الله وتوبيخه إلى إدراك أن شخصية الله البارة لا تتهاون مع أي إساءة من الإنسان، ونتعرف على نوع الشخص الذي يحبه الله، والنوع الذي يحتقره الله، ونفهم مقاصد الله في خلاص الإنسان، ونتعلَّم اتقاء الله، ونتعرف على كيفية السعي وراء الحق ونؤدي واجباتنا بطريقة صحيحة حتى ننال مدح الله. من خلال اختبار كلام الله وممارسته، نتوصل إلى فهم العديد من الحقائق. على سبيل المثال، نتعرف على معنى الإيمان بالله، ومعنى تحقيق الخلاص حقًا، ومعنى طاعة الله ومحبته، ومعنى اتِّباع مشيئة الله، وما إلى ذلك. سوف تتغيَّر شخصياتنا الفاسدة بدرجات متفاوتة، كما ستتغيَّر وجهات نظرنا وقيمنا. هذا هو عمل الدينونة والتوبيخ الذي يتمِّمه الله فينا، ويمكنكِ أيضًا أن تقولي إنه خلاص محبة الله. لذلك، لا يمكننا أن نربح الحق إلا من خلال قبول الدينونة أمام كرسي مسيح الأيام الأخيرة – الله القدير، وعندها فقط يمكننا أن ننفصل عن الخطيَّة ونتطهَّر ونصل إلى الخلاص الكامل. أيتها الأخت، هل تستطيعين فهم هذه الشركة؟"

من خلال قراءة كلام الله ومن خلال المشاركات التي قدمتها الأخت، فهمت عمل الله ومشيئته. أومأت برأسي، شاعرة بتأثر عميق في داخلي، وقلت: "الشكر لله! من خلال الاستماع إلى كلمة الله القدير، فهمت أن الله في الأيام الأخيرة يستخدم الحق الذي في كلمته لتتميم عمل دينونة الإنسان وتطهيره. كانت مساعيي الماضية غامضة وغير واقعية. أما الآن فأنا أفهم أنه فقط من خلال قبول عمل دينونة الله وتوبيخه في الأيام الأخيرة سيكون الإنسان قادرًا على نيل التطهير من الله وتحقيق الخلاص الكامل ودخول ملكوت السماوات. الله القدير هو الرب يسوع العائد. إنني على استعداد لقبول عمل الله القدير في الأيام الأخيرة وقبول دينونة كلام الله وتوبيخه حتى تتغيَّر شخصيتي الفاسدة في يوم من الأيام". عندما سمعتني الأخت أقول هذا، ابتسمت بسعادة وشكرت الله كثيرًا.

لقد حرَّرني كلام الله القدير من المفاهيم التي كنت أضمرها في ذهني، وأظهر لي طريق التخلُّص من شخصيتي الفاسدة ونيل التطهير. شعرت أن توجهي وهدفي في السعي إلى الخلاص الكامل أصبحا واضحين الآن، وشعرت روحي بالبهجة والثبات والتحرُّر. عندما نظرت إلى الخارج من النافذة، لاحظت كيف كانت السماء صافية ومشمسة على نحو خاص في ذلك اليوم. فخررت على ركبتيَّ على الأرض وصلَّيت إلى الله قائلة: "يا الله، أقدِّم لك شكري. إنها لنعمة أن أكون محظوظة بما فيه الكفاية للترحيب بعودتك ومعاينة ظهورك في حياتي! لكنني عمياء وجاهلة، لأنني صدقت الشائعات التي يروجها القساوسة والشيوخ، وتشبَّثت بمفاهيمي وتصوراتي، وكدت أفقد خلاصي الأبدي. يا الله، أنا جاهلة وأفتقد للحس! لكنني على استعداد للتوبة، وأنا أقدِّر هذه الفرصة النادرة للغاية للوصول إلى الخلاص الكامل. أنا أيضًا على استعداد لإحضار المزيد من الإخوة والأخوات إلى محضرك حتى يتمكَّنوا من نيل خلاصك. آمين!"

السابق: 29. يصير الضوء دافئًا عندما يجتاز النفق

التالي: 31. عُشبة صغيرة نمت بين العُلِّيق

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب