معنى السعي إلى الحق (6)
هل تتذكرون أي محتوى أقمنا عنه الشركة في اجتماعنا الأخير؟ (أقام الله الشركة أولًا عن الاختلافات بين ما يراه الناس سلوكيات جيدة مقارنةً بعيش الإنسانية الطبيعية كما يطلب الله، ثم أقام الله الشركة عن السلوك الأخلاقي للإنسان في الثقافة التقليدية ولخَّص واحدًا وعشرين ادعاءً عن السلوك الأخلاقي للإنسان). لقد أقمتُ الشركة عن موضوعين في اجتماعنا الأخير. قدَّمتُ أولًا قدرًا من الشركة الإضافية عن موضوع السلوك الجيد، ثم قدَّمتُ قدرًا من الشركة التمهيدية البسيطة عن شخصية الإنسان وسلوكه وفضيلته من دون الخوض في تفاصيل كثيرة. ولقد سبق لنا أن أقمنا الشركة في مرَّات عديدة عن موضوع معنى السعي إلى الحق، وقد أنهيتُ شركتي عن جميع السلوكيات الجيدة التي تتعلق بالسعي إلى الحق والتي كانت بحاجة إلى كشفها وتحليلها. كما أقمتُ قدرًا من الشركة في المرَّة الأخيرة أيضًا عن بعض الموضوعات الأساسية المتعلقة بالسلوك الأخلاقي للإنسان. على الرغم من عدم تقديم إعلان أو تحليل مفصل لهذه التعبيرات عن السلوك الأخلاقي، فقد أدرجنا بضعة أمثلة، واحد وعشرين مثالًا على وجه الدقة، للادعاءات المختلفة عن السلوك الأخلاقي للإنسان. هذه الأمثلة البالغ عددها واحد وعشرون مثالًا هي في الأساس التعبيرات المتنوعة التي تغرسها الثقافة الصينية التقليدية في الناس، والتي تهيمن عليها أفكار الإحسان والبر واللياقة والحكمة والثقة. مثال ذلك، ذكرنا أقوالًا متنوعة عن السلوك الأخلاقي للإنسان والتي تتعلق بالولاء والبر واللياقة والثقة، وكذلك كيفية تصرُّف الرجال والنساء والمسؤولين والأطفال، وما إلى ذلك. بصرف النظر عما إذا كان الواحد وعشرون قولًا هذه شاملة أم شمولية، فإنها على أي حال تستطيع تمثيل جوهر المطالب المتنوعة التي تطرحها الثقافة الصينية التقليدية فيما يتعلق بالسلوك الأخلاقي للإنسان من منظور أيديولوجي وموضوعي على حد سواء. بعد أن أدرجنا هذه الأمثلة، هل فكرتم فيها وأقمتم الشركة عنها؟ (لقد أقمنا الشركة عن قدر منها خلال اجتماعاتنا ووجدنا أنه من السهل الخلط بين بعض هذه التعبيرات والحق. مثال ذلك، "الإعدام لا يفعل شيئًا إلا دحرجة الرؤوس. كن لينًا قدر الإمكان"، و"سوف أُضحي بحياتي من أجل صديق"، و"ابذل قصارى جهدك للتعامل جيدًا مع كل ما أوكله إليك الآخرون" من بين أمثلة أخرى. من بين الأقوال الأخرى: "يجب رد فضل تقديم قطرة ماء بينبوع فائض"، و"كلمة النبيل سنده"، و"إذا ضربت الآخرين، فلا تضربهم على وجوههم. وإذا واجهت الآخرين، فلا تناقش عيوبهم"، و"كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين"، و"عندما تشرب ماء البئر، لا تنسى من حفره"، وغيرها. عند الفحص الدقيق، سوف ترى أن معظم الناس يؤسسون تصرُّفهم وتقييماتهم للسلوك الأخلاقي لأنفسهم وللآخرين بشكل أساسي على هذه التعبيرات عن السلوك الأخلاقي. توجد هذه الأشياء في قلب كل شخص إلى حد ما. أحد الأسباب الرئيسية لهذا هو البيئة المجتمعية التي يعيش فيها الناس والتعليم الذي يتلقونه من حكوماتهم، ويرجع أحد الأسباب الأخرى إلى التنشئة التي يتلقونها من عائلاتهم والتقاليد التي يجري توارثها عن أسلافهم. تُعلِّم بعض العائلات أطفالها عدم الاحتفاظ بالمال الذي يجدونه، بينما تُعلِّم عائلات أخرى أطفالها وجوب أن يكونوا وطنيين وأن "كل شخص يتقاسم المسؤولية عن مصير بلده" لأن كل عائلة تعتمد على بلدها. وبعض العائلات تُعلِّم أطفالها "ينبغي على المرء ألا تفسده أبدًا الثروة أو يُغيِّره الفقر أو يحنيه الإكراه"، وأنهم ينبغي ألا ينسوا جذورهم أبدًا. ويستخدم بعض الوالدين تعبيرات واضحة لتعليم السلوك الأخلاقي لأطفالهم، بينما لا يستطيع آخرون التعبير عن أفكارهم عن السلوك الأخلاقي بوضوح، لكنهم يكونون مثالًا لأبنائهم ويُعلِّمون بطريقة القدوة، ويؤثرون على الجيل القادم ويثقفونه من خلال أقوالهم وأفعالهم. قد تشمل هذه الكلمات والأفعال: "يجب رد فضل تقديم قطرة ماء بينبوع فائض"، و"استمد المتعة من مساعدة الآخرين"، و"سدد اللطف بكل امتنان"، بالإضافة إلى المزيد من العبارات الرنانة مثل "فلتنمو مثل الزنبق من الطين بلا شائبة"، وما إلى ذلك. تندرج موضوعات تعليم الوالدين لأطفالهم وجوهره عمومًا ضمن نطاق السلوك الأخلاقي الذي تتطلبه الثقافة الصينية التقليدية. فأول ما يقوله المعلمون للطلاب عند وصولهم إلى المدرسة هو أن يكونوا لطفاء مع الآخرين، وأن يستمدوا المتعة من مساعدة الآخرين، وألا يحتفظوا بالمال الذي يجدونه، وأن يكرموا معلميهم ويوقروا تعاليمهم. عندما يتعلم الطلاب عن النثر الصيني القديم أو السير الذاتية للأبطال من العصور القديمة، فإنهم يتعلمون: "سوف أُضحي بحياتي من أجل صديق"، و"الخادم المخلص لا يخدم ملكين، والمرأة الصالحة لا تتزوج بزوجين"، و"اخضع للمهمة وابذل قصارى جهدك حتى يوم احتضارك"، و"كل شخص يتقاسم المسؤولية عن مصير بلده"، و"ينبغي ألا يأخذ أحد المفقودات التي يجدها في الشارع"، وغير ذلك. جميع هذه الأشياء مستمدة من الثقافة التقليدية. كما أن الأمم تدافع عن هذه الأفكار وتنشرها. في الواقع، يروج التعليم الوطني إلى حد ما للأشياء نفسها مثل التعليم العائلي، فجميعها تدور حول هذه الأفكار من الثقافة التقليدية. تتغلغل الأفكار المستمدة من الثقافة التقليدية بشكل أساسي في جميع المتطلبات المتعلقة بشخصية الإنسان والفضيلة والتصرف وما إلى ذلك. فمن ناحية، تطلب من الناس إظهار آداب السلوك والأخلاق ظاهريًا، وأن يتصرف الناس ويظهروا بطريقة يوافق عليها الآخرون، وأن يُبدي الناس سلوكيات وأفعالًا جيدة ليراها الآخرون مع إخفاء الجوانب المظلمة في أعماق قلوبهم. ومن ناحية أخرى، فإنهم يرفعون المواقف والسلوكيات والأفعال التي تتعلق بكيفية تصرُّف المرء وتعامله مع الناس وتعامله مع الأمور، وكيفية تعامل المرء مع أصدقائه وعائلته، وكيفية تعامل المرء مع مختلف أنواع الناس والأشياء إلى مستوى السلوك الأخلاقي، وبالتالي يحصلون على الثناء والاحترام من الآخرين. تدور المطالب التي تفرضها الثقافة التقليدية على الناس أساسًا حول هذه الأشياء. سواء كانت الأفكار التي يدافع عنها الناس على نطاق مجتمعي أكبر أو الخواطر عن السلوك الأخلاقي التي يروج لها الناس ويدعمونها داخل العائلات على نطاق أصغر، والمتطلبات التي تُقدَّم إلى الناس فيما يتعلق بسلوكهم، فإن هذه تندرج جميعها ضمن هذا النطاق بشكل أساسي. ولذلك، فيما بين الناس، سواء كانت الثقافة الصينية التقليدية أو الثقافات التقليدية للبلدان الأخرى بما في ذلك الثقافات الغربية، فإن هذه الأفكار عن السلوك الأخلاقي تتكون جميعها من أشياء يمكن للناس تحقيقها والتفكير فيها. إنها أشياء يمكن للناس عملها على أساس ضميرهم وعقلهم. على أقل تقدير، يوجد بعض الناس الذين يمكنهم أداء قدر من السلوك الأخلاقي المطلوب منهم. تقتصر هذه المطالب فقط على نطاق الشخصية الأخلاقية للناس وطبعهم وتفضيلاتهم. وإذا كنت لا تصدقني، فأنا أشجعك على إلقاء نظرة فاحصة لمعرفة أي من هذه المطالب المتعلقة بالسلوك الأخلاقي للناس يناقش شخصياتهم الفاسدة. أي منها يناقش حقيقة أن الناس يسأمون الحق ويكرهونه ويقاومون الله من أعماقهم؟ أي من هذه المطالب له علاقة بالحق؟ أي من هذه المطالب يمكن أن يرقى إلى مستوى الحق؟ (لا أحد منها). بصرف النظر عن الكيفية التي ينظر بها المرء إلى هذه المطالب، لا يمكن لأي منها أن يرقى إلى مستوى الحق. لا علاقة لأي منها بالحق، ولا أحد منها له أدنى علاقة به. وإلى الآن، أولئك الذين آمنوا بالله لفترة طويلة ولديهم قدر من الاختبار ويفهمون قدرًا من الحق سوف يكون لديهم قدر ضئيل من الفهم الحقيقي لهذا الأمر، لكن معظم الناس لا يزالون يفهمون التعاليم فقط ويتفقون مع هذه الفكرة نظريًا بينما لا يمكنهم الوصول إلى مستوى الفهم الحقيقي للحق. لمَ هذا؟ لأن معظم الناس لا يفهمون أن جوانب الثقافة التقليدية هذه لا تتوافق مع الحق ولا ترتبط بالحق إلا من خلال مقارنة هذه القواعد من الثقافة التقليدية بكلام الله ومطالبه. قد يعترفون تمامًا بأن هذه الأشياء لا علاقة لها بالحق شفهيًا، لكن ما يطمحون إليه في أعماق قلوبهم ويوافقون عليه ويفضلونه ويقبلونه بسهولة هو في الأساس هذه الأفكار التي خرجت من الثقافة التقليدية للإنسانية، وبعضها أشياء تدعو بلادهم إليه وتروج له. يعتبرها الناس أشياء إيجابية أو يعاملونها على أنها الحق. أليست تلك هي الحالة؟ (بلى). لقد ترسخت جوانب الثقافة التقليدية هذه في قلب الإنسان كما ترى، ولا يمكن استئصالها واجتثاثها في غضون فترة زمنية قصيرة.
في حين أن ما أدرجناه من واحد وعشرين مطلبًا عن السلوك الأخلاقي للإنسان هي مجرد جزء واحد من الثقافة الصينية التقليدية إلى حد ما، فإنها يمكن أن تمثل جميع المتطلبات التي طرحتها الثقافة الصينية التقليدية فيما يتعلق بالسلوك الأخلاقي للإنسان. فكل واحد من هذه الادعاءات البالغ عددها واحد وعشرون ادعاءً يعتبره الإنسان شيئًا إيجابيًا ونبيلًا وصحيحًا، كما يعتقد الناس أن هذه الادعاءات تُمكِّنهم من العيش بكرامة، وأنها نوع من السلوك الأخلاقي الجدير بالإعجاب والتقدير. سنضع جانبًا في الوقت الحالي أقوالًا سطحية نسبيًا مثل "عدم الاحتفاظ بالمال الذي تجده" أو "استمد المتعة من مساعدة الآخرين"، وبدلًا من ذلك سنتحدث عن السلوك الأخلاقي الذي يحظى بتقدير كبير لدى الإنسان بشكل خاص ويعتقد أنه نبيل. مثال ذلك هو القول: "ينبغي على المرء ألا تفسده أبدًا الثروة أو يُغيِّره الفقر أو يحنيه الإكراه". الطريقة الأبسط لتلخيص معنى هذا التعبير هي أن المرء ينبغي ألا ينسى جذوره. إذا كان الشخص يمتلك هذا السلوك الأخلاقي، فسوف يعتقد الجميع أنه يتمتع بشخصية نبيلة وأنه حقًا "ينمو مثل الزنبق من الطين بلا شائبة". والناس يُقدِّرون هذا كثيرًا. وحقيقة أن الناس يُقدِّرون هذا كثيرًا تعني أنهم يقبلون حقًا هذا النوع من التعبيرات ويوافقون عليه. وبالطبع، فهم أيضًا معجبون جدًا بأولئك الذين يمكنهم تنفيذ هذا السلوك الأخلاقي. يوجد أناس كثيرون يؤمنون بالله، لكنهم ما زالوا يوافقون حقًا على هذه الأشياء التي تروج لها الثقافة التقليدية، وهم على استعداد لممارسة تلك السلوكيات الجيدة. هؤلاء الناس لا يفهمون الحق: إنهم يعتقدون أن الإيمان بالله يعني أن تكون شخصًا جيدًا، وأن تساعد الآخرين، وأن تستمد المتعة من مساعدة الآخرين، وألا تخدع الآخرين أو تؤذيهم أبدًا، وألا تسعى إلى الدنيويات، وألا تكون جشعًا للثروة أو المتعة. إنهم يوافقون جميعًا في قلوبهم على أن التعبير "ينبغي على المرء ألا تفسده أبدًا الثروة أو يُغيِّره الفقر أو يحنيه الإكراه" تعبير صحيح. سوف يقول البعض: "إذا كان الشخص قبل الإيمان بالله يلتزم فعلًا بسلوك أخلاقي مثل "ينبغي على المرء ألا تفسده أبدًا الثروة أو يُغيِّره الفقر أو يحنيه الإكراه"، وإذا كان شخصًا عظيمًا ولطيفًا لا ينسى جذوره، فإنه بعد أن ينضم إلى الإيمان سوف يتمكن بسرعة من التمتع بفرح الله. من السهل على مثل هؤلاء الناس أن يدخلوا ملكوت الله، ويمكنهم ربح بركاته". عندما يُقيِّم أناس كثيرون أشخاصًا آخرين ويرونهم، فإنهم لا يرون جوهرهم بناءً على كلام الله والحق بل يُقيِّمونهم ويرونهم وفقًا لمطالب الثقافة التقليدية حول السلوك الأخلاقي للناس. من هذا المنظور، أليس من المحتمل أن الناس الذين لا يفهمون الحق سوف يظنون بالخطأ أن الأشياء التي يعتقد الإنسان أنها جيدة وصحيحة هي الحق؟ أليس من المحتمل أن ينظروا إلى الناس الذين يعتقد الإنسان أنهم جيدون باعتبارهم أولئك الذين يرى الله أنهم جيدون؟ يريد الناس دائمًا أن يفرضوا أفكارهم الخاصة على الله. وبفعل هذا، ألا يرتكبون خطًأ يرتبط بالمبدأ؟ ألا يُغضِب هذا شخصية الله؟ (بلى). هذه مشكلة خطيرة للغاية. إذا كان الناس يمتلكون العقل حقًا، فعليهم أن يسعوا إلى الحق في الأمور التي لا يستطيعون فهمها، ويجب أن يفهموا مشيئة الله، وينبغي ألا يتفوهوا بكلام الهراء بإهمال. في معايير الله ومبادئه لتقييم الإنسان، هل يوجد سطر نصه: "أولئك الذين لا ينسون جذورهم أناس جيدون ويتمتعون بصفات الشخص الجيد"؟ هل قال الله أي شيء مثل ذلك؟ (لا). في المطالب المحددة التي قدَّمها الله للإنسان، هل قال يومًا: "إذا كنتَ فقيرًا، فيجب ألا تسرق. وإذا كنتَ غنيًا، فيجب ألا تكون منحلًا جنسيًا. وعندما تتعرض للترهيب أو التهديد، يجب ألا تخضع أبدًا"؟ هل يحتوي كلام الله على مثل هذه المطالب؟ (لا). إنه لا يحتوي عليها في الواقع. من الواضح تمامًا أن التعبير "ينبغي على المرء ألا تفسده أبدًا الثروة أو يُغيِّره الفقر أو يحنيه الإكراه" من قول الإنسان. إنه لا يتوافق مع متطلبات الله من الإنسان، ولا يتوافق مع الحق، وهو في الأساس ليس الحق. لم يطلب الله قط ألا تنسى المخلوقات جذورها. ماذا يعني ألا تنسى جذورك؟ سأعطيك مثالًا: إذا كان أسلافك مزارعين، فيجب أن تحافظ على ذكراهم دائمًا. وإذا كان أسلافك يعملون في حرفة ما، فيجب عليك الحفاظ على ممارسة تلك الحرفة ونقلها من جيل إلى جيل. وحتى بعد أن تبدأ في الإيمان بالله، لا يمكنك أن تنسى هذه الأشياء. لا يمكنك أن تنسى التعاليم أو الحِرَف أو أي شيء جرى توارثه من أسلافك. إذا كان أسلافك متسولين، فيجب عليك الاحتفاظ بالعصي التي استخدموها لضرب الكلاب. وإذا تعيَّن على الأسلاف البقاء على قيد الحياة بأكل القش والنباتات البرية، فيجب على الأحفاد أيضًا محاولة أكل القش والنباتات البرية، أي تذكُّر أحزان الماضي لتذوق أفراح الحاضر، بما معناه عدم نسيان المرء جذوره. يجب أن تدعم ما فعله أسلافك مهما كان. لا يمكنك أن تنسى أسلافك لمجرد أنك متعلم وتتمتع بالمكانة. الشعب الصيني هو الأكثر تدقيقًا بشأن هذه الأشياء. يبدو في قلوبهم أن أولئك الذين لا ينسون جذورهم هم وحدهم الذين يملكون الضمير والعقل، وأن أمثال هؤلاء الناس وحدهم يمكنهم التصرف باستقامة والعيش بكرامة. هل هذا الرأي صحيح؟ هل يوجد أي شيء كهذا في كلام الله؟ (لا). لم يقل الله شيئًا كهذا قط. يمكننا أن نرى من هذا المثال أنه على الرغم من أن الإنسان قد يُقدِّر عالم الفضيلة تقديرًا كبيرًا ويطمح إليه، وعلى الرغم من أنه قد يبدو شيئًا إيجابيًا ويمكن أن ينظم السلوك الأخلاقي للإنسان ويمنع الناس من السير في طريق الشر والانحراف، وعلى الرغم من تداوله بين الناس وقبول جميع الناس له كشيء إيجابي، سوف ترى إذا قارنته بكلام الله والحق أن هذه المزاعم والخواطر من الثقافة التقليدية سخيفة تمامًا. سوف ترى أنها ليست جديرة بالذِكر ببساطة، بل وأنها ليست لديها أدنى علاقة بالحق وأبعد ما تكون عن مطالب الله ومشيئته. في دفاع الناس عن هذه الأفكار والآراء، وطرح مختلف التعبيرات فيما يتعلق بالسلوك الأخلاقي للإنسان، فإنهم يستخدمون أشياء معينة تتجاوز نطاق تفكير الإنسان لإظهار أصالتها وإبداعها والتفاخر بعظمتها وصحتها وجعل الناس يتعبدون لها. يفكر جميع الناس بالطريقة نفسها في الأساس، سواء كان ذلك في الشرق أو الغرب. فأفكار المطالب التي يدافع عنها الناس ويطرحونها فيما يتعلق بالسلوك الأخلاقي للإنسان وأسسها، والأهداف التي يرغبون في تحقيقها من خلالها، جميعها في الأساس متشابهة. على الرغم من أن الناس من الغرب ليست لديهم الأفكار ووجهات النظر المحددة مثل: "قابل الشر بالخير"، و"يجب رد فضل تقديم قطرة ماء بينبوع فائض"، التي يُشدِّد عليها الناس من الشرق، وعلى الرغم من أنه ليست لديهم أقوال صريحة مثل أقوال الثقافة الصينية التقليدية، فإن ثقافتهم التقليدية لا تمتلئ إلا بهذه الأفكار. على الرغم من أن الأشياء التي أقمنا عنها الشركة وتحدَّثنا عنها تنتمي إلى الثقافة الصينية التقليدية، فإن هذه الادعاءات والمطالب عن السلوك الأخلاقي تمثل إلى حد ما وفي جوهرها الأفكار السائدة للبشرية الفاسدة جمعاء.
لقد أقمنا الشركة اليوم في المقام الأول عن نوع التأثير السلبي الذي تمارسه الثقافة التقليدية على الناس من خلال ادعاءاتها ومطالبها المتعلقة بالسلوك الأخلاقي للإنسان. بعد فهم هذا، فإن الشيء التالي الأهم الذي يجب أن يفهمه الناس هو في الواقع متطلبات الله، رب الخليقة، من السلوك الأخلاقي للبشرية، وما قاله تحديدًا، والمطالب التي طرحها. هذا هو ما يجب أن تفهمه البشرية. لقد رأينا الآن بوضوح أن الثقافة التقليدية لا تُقدِّم أدنى شهادة لما يطلبه الله من الإنسان أو للكلام الذي قاله، وأن الناس لم يسعوا إلى الحق فيما يتعلق بهذا الموضوع. وهكذا، كانت الثقافة التقليدية هي ما تعلَّمه الناس أولًا، وقد سيطرت على الناس ودخلت إلى قلوبهم ورسمت مسار عيش البشرية لآلاف الأعوام. هذه هي الطريقة الرئيسية التي أفسد بها الشيطان البشرية. بعد إدراك هذه الحقيقة بوضوح، فإن الشيء الأهم الذي يجب أن يفهمه الناس الآن هو مطالب رب الخليقة من البشر المخلوقين فيما يخص إنسانيتهم وأخلاقهم، أي المعايير الموجودة فيما يتعلق بهذا الجانب من الحق. وفي الوقت نفسه، يجب أن يفهم الناس أيًا مما يلي هو الحق: المطالب التي تطرحها الثقافة التقليدية أم ما يطلبه الله من البشرية. يجب أن يفهموا أي منها يمكنه تطهير الناس وخلاصهم وإرشادهم إلى الطريق الصحيح في الحياة، وأي منها مغالطة يمكن أن تضلل الناس وتؤذيهم وتضعهم على الطريق الخطأ في حياة الخطية. بمجرد أن يتمتع الناس بهذا التمييز، يمكنهم أن يدركوا أن مطالب رب الخليقة من البشرية قدّرتها السماء وأقرّتها الأرض، وأنها مبادئ الحق التي ينبغي على الناس ممارستها. أما فيما يخص الادعاءات المتعلقة بالسلوك الأخلاقي ومعايير القياس من الثقافة التقليدية التي تؤثر على سعي الناس إلى الحق، ونظرتهم إلى الناس والأشياء، وتصرُّفهم وأعمالهم، إذا استطاع الناس تمييزها قليلًا ومعرفتها على حقيقتها وإدراك أنها سخيفة من حيث الجوهر ونبذوها من قلوبهم، فمن الممكن علاج بعض الالتباسات أو المشكلات لدى الناس بشأن السلوك الأخلاقي. ألن يؤدي علاج هذه الأشياء إلى تقليل عدد لا بأس به من العوائق والصعوبات التي يواجهها الناس على طريق السعي إلى الحق؟ (بلى). عندما لا يفهم الناس الحق، من المحتمل أن يظنوا بالخطأ أن الأفكار المعترف بها عمومًا عن السلوك الأخلاقي هي الحق، وأن يسعوا إليها ويلتزموا بها كما لو كانت هي الحق. وهذا يؤثر تأثيرًا كبيرًا في قدرة الناس على فهم الحق وممارسته، بالإضافة إلى النتائج التي يحققونها أثناء السعي إلى الحق لتحقيق التحول في الشخصية. هذا شيء لا يرغب أحد منكم في رؤيته، وهو بالطبع شيء لا يريد الله أن يراه أيضًا. ولذلك، فيما يتعلق بهذه التعبيرات والأفكار ووجهات النظر التي يُفترض أنها إيجابية عن السلوك الأخلاقي التي يؤيدها الإنسان، يجب على الناس أولًا أن يعرفوها ويميزوها بوضوح على أساس كلام الله والحق، وأن يفحصوا جوهرها، وبالتالي يُشكِّلوا تقييمًا وموقفًا دقيقين لهذه الأشياء في أعماق قلوبهم، وبعد ذلك يمكنهم إخراجها شيئًا فشيئًا والتخلص منها والتخلي عنها. وفي المستقبل، في كل مرَّة يرى الناس تلك التعبيرات التي يُفترض أنها إيجابية تتعارض مع الحق، ينبغي أن يختاروا الحق أولًا وليس التعبيرات التي يُفترض أنها إيجابية ضمن مفاهيم الإنسان لأن هذه التعبيرات التي يُفترض أنها إيجابية هي مجرد آراء الإنسان ولا تتفق في الواقع مع الحق. بصرف النظر عن الجانب الذي نتحدث عنه، فإن هدفنا الرئيسي من إقامة الشركة عن هذه الموضوعات اليوم هو تذليل مختلف العقبات التي تنشأ في عملية السعي إلى الحق، وخصوصًا الشكوك التي تظهر في أذهان الناس فيما يخص كلام الله ومعايير الحق. فهذه الشكوك تعني أنه عندما تقبل الحق وتمارسه، فإنه لا يمكنك معرفة أي الأشياء هي الأقوال عن السلوك الأخلاقي الذي تدافع عنه الإنسانية، وأيها هي متطلبات الله من البشرية، وأيها هي المبادئ والمعايير الحقيقية. لا تتضح هذه الأشياء للناس. لمَ هذا؟ (لأنهم لا يفهمون الحق). من ناحية، لأنهم لا يفهمون الحق. ومن ناحية أخرى، لأنهم يفتقرون إلى تمييز الادعاءات عن السلوك الأخلاقي التي قدمتها الثقافة التقليدية للإنسانية ولا يزالون عاجزين عن رؤية جوهر هذه الادعاءات على حقيقتها. وفي النهاية، سوف تقرر في حالة ذهنية مشوشة أن تلك الأشياء التي تعلَّمتها أولًا وترسخت في ذهنك أشياء صحيحة. سوف تقرر أن تلك الأشياء التي يقر الجميع عمومًا بأنها صائبة أشياء صحيحة. وبعد ذلك، سوف تختار هذه الأشياء التي تحبها ويمكنك تحقيقها وتتوافق مع ذوقك ومفاهيمك. سوف تقترب إلى هذه الأشياء وتتمسك وتلتزم بها كما لو كانت هي الحق. ونتيجةً لذلك، فإن سلوك الناس وتصرُّفهم، بالإضافة إلى ما يسعون إليه ويختارونه ويتمسكون به، سوف يكون عديم الصلة تمامًا بالحق، فهذا كله سوف ينتمي إلى السلوكيات والمظاهر البشرية للأخلاق التي تندرج خارج نطاق الحق. يتعامل الناس مع جوانب الثقافة التقليدية هذه ويتمسكون بها كما لو كانت هي الحق، بينما يتغافلون عن الحقائق حول مطالب الله فيما يتعلق بسلوك الإنسان ويتجاهلونها. بصرف النظر عن عدد السلوكيات التي يعتبرها الإنسان جيدة والتي يمتلكها الشخص، فإنها لن تنال أبدًا رضا الله. هذه هي حالة الناس الذين يُضيِّعون قدرًا كبيرًا من الجهد على أشياء خارج نطاق الحق. بالإضافة إلى ذلك، يكون الناس قد ضلوا بالفعل من خلال التعامل مع هذه الأشياء المستمدة من الإنسان والتي لا تتوافق مع الحق على أنها الحق. لقد تعلَّم الناس جوانب الثقافة التقليدية هذه أولًا، وبالتالي فإنهم يخضعون لهيمنتها. فهذه الأشياء تؤدي إلى ظهور جميع أنواع الآراء الخادعة في سياقها، وتُسبِّب صعوبات واضطرابات جسيمة للناس عندما يحاولون فهم الحق وممارسته. يعتقد جميع الناس أنهم إذا امتلكوا سلوكيات فاضلة، فسوف يقبلهم الله وسوف يكونون مؤهلين لتلقي بركاته ووعده، ولكن هل يمكنهم قبول دينونة الله وتوبيخه عندما يضمرون هذا الرأي وهذه العقلية؟ ما مدى العقبة التي تُشكِّلها مثل هذه العقلية أمام تطهير الناس وخلاصهم؟ ألن تتسبب هذه التصورات والمفاهيم في أن يسيء الناس فهم الله ويتمردوا عليه ويقاومونه؟ ألن تكون هذه هي العواقب؟ (بلى). لقد عبَّرتُ بشكل أو بآخر عن أهمية إقامة الشركة عن هذا الموضوع، وهذه هي الفكرة العامة.
سوف نشرح فيما يلي مختلف أقوال الثقافة الصينية التقليدية عن السلوك الأخلاقي واحدًا تلو الآخر ونحللها، ثم نتوصل إلى استنتاج بشأنها. وبتلك الطريقة، سوف يكون لدى الجميع تأكيد وجواب أساسيان فيما يتعلق بها، وسوف يكون لدى الجميع على أقل تقدير فهم ورأي دقيقان نسبيًا لهذه الأقوال. لنبدأ بالقول الأول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده". ما التفسير الدقيق لهذا المثل؟ (إذا وجدتَ شيئًا، فيجب ألا تأخذه وتزعم أنك تملكه. إنه يشير إلى نوع من الأخلاق الجيدة والعادات الاجتماعية). هل من السهل تحقيق هذا؟ (من السهل نسبيًا). من السهل على معظم الناس تحقيقه. إذا وجدتَ شيئًا، فبصرف النظر عن ماهيته يجب ألا تحتفظ به لنفسك لأنه يخص شخصًا آخر. أنت لستَ جديرًا بأن تملكه وعليك إعادته إلى مالكه الشرعي. إذا لم تتمكن من إيجاد مالكه الشرعي، فينبغي أن تتنازل عنه للسلطات، وعلى أي حال يجب ألا تأخذه لنفسك. يجري هذا كله بروح عدم اشتهاء ممتلكات الآخرين وعدم استغلال الآخرين. إنه مطلب مفروض على السلوك الأخلاقي للإنسان. ما الهدف من وضع مثل هذا المطلب على السلوك الأخلاقي للناس؟ عندما يمتلك الناس هذا النوع من السلوك الأخلاقي، فإنه يكون له تأثير جيد وإيجابي على الشعور العام الاجتماعي. والهدف من تأصيل مثل هذه الأفكار في أذهان الناس هو منعهم من استغلال الآخرين، وبالتالي الحفاظ على سلوكهم الأخلاقي الجيد. إذا امتلك كل شخص هذا النوع من السلوك الأخلاقي الجيد، فسوف يتحسن الشعور العام الاجتماعي، وسوف يصل إلى المستوى الذي فيه ينبغي ألا يأخذ أحد المفقودات التي يجدها في الشارع، ولا يحتاج أحد إلى إغلاق أبوابه ليلًا. وفي ظل هذا النوع من الشعور العام الاجتماعي، سوف يتحسن النظام العام ويمكن للناس العيش بسلام أكثر. سوف يوجد عدد أقل من السرقات وعمليات السطو والشجار وجرائم الانتقام. وسوف يشعر الناس الذين يعيشون في هذا النوع من المجتمع بالأمان وبمزيد من الرفاهية بشكل عام. "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" مطلب مطروح بخصوص السلوك الأخلاقي للناس داخل البيئات المجتمعية والمعيشية. والهدف من هذا المطلب حماية الشعور العام الاجتماعي والبيئة المعيشية للناس. هل هذا سهل التحقيق؟ بصرف النظر عما إذا كان بإمكان الناس تحقيقه أم لا، فإن أولئك الذين طرحوا هذه الفكرة والمطلب من السلوك الأخلاقي للإنسان كانوا يهدفون إلى تحقيق البيئة المجتمعية والمعيشية المثالية التي يتوق إليها الناس. "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" لا علاقة له بمعايير تصرُّف الإنسان، فهو مجرد مطلب مفروض على السلوك الأخلاقي للناس عندما يجدون شيئًا. ولا علاقة له بجوهر الإنسان. لقد طرحت البشرية هذا المطلب بشأن السلوك الأخلاقي للإنسان منذ آلاف الأعوام. وبالطبع، عندما يلتزم الناس بهذا المطلب، قد تشهد إحدى الدول أو أحد المجتمعات فترة تقل فيها الجريمة، بل وقد يصل هذا إلى المستوى الذي لا يحتاج فيه الناس إلى إغلاق أبوابهم ليلًا، حيث ينبغي ألا يأخذ أحد المفقودات التي يجدها في الشارع، وحيث غالبية الناس لا تحتفظ بالمال الذي تجده. في هذه الأوقات، سوف يسود الاستقرار والتناغم النسبيان في الشعور العام الاجتماعي والنظام العام والبيئة المعيشية، ولكن لا يمكن الحفاظ على هذا الشعور العام والبيئة المجتمعية إلا مؤقتًا أو لمدة أو فترة معينة. وذلك يعني أنه لا يمكن للناس تحقيق هذا النوع من السلوك الأخلاقي أو التمسك به إلا في بيئات مجتمعية معينة. بمجرد أن تتغير بيئتهم المعيشية، وينهار الشعور العام الاجتماعي القديم، من المحتمل أن تتغير الأخلاق مثل "عدم الاحتفاظ بالمال الذي تجده"، جنبًا إلى جنب مع التحولات في البيئة المجتمعية والشعور العام الاجتماعي والاتجاهات الاجتماعية. انظر في كيفية خداع التنين العظيم الأحمر للناس بعد وصوله إلى السلطة من خلال الترويج لجميع أنواع الأقوال لضمان الاستقرار المجتمعي. كانت توجد في الثمانينيات أغنية مشهورة تقول كلماتها: "على جانب الطريق، التقطتُ سنتًا من الأرض. سلَّمته إلى ضابط شرطة. أخذ الضابط السنت وأشاد بما فعلته. فقلتُ بسعادة: "أراك لاحقًا يا سيدي!"" حتى الأمر التافه المتمثل في تسليم سنت واحد كان من الواضح أنه يستحق الذِكر والغناء، فقد كان سلوكًا أخلاقيًا واجتماعيًا "نبيلًا"! هل كان كذلك في الواقع؟ يستطيع الناس تسليم سنت واحد يجدونه لضابط شرطة، ولكن هل سيسلِّمون مائة يوان أو ألف يوان؟ من الصعب قول هذا. إذا وجد الشخص بعض الأشياء الذهبية أو الفضية أو الثمينة أو أي شيء أكثر قيمة، فلن يستطيع التحكم في طمعه، وسوف يُطلَق العنان للوحش الكامن بداخله، وسوف يتمكن من جرح الناس وإيذائهم والتلفيق للآخرين وإيقاعهم في الفخ. سوف يتمكن من سرقة أموال الآخر بهمة بل وقتله. في ذلك الوقت، ماذا سيتبقى من الثقافة التقليدية الجميلة والأخلاق التقليدية للإنسان؟ أين سيكون حينها المعيار الأخلاقي المتمثل في "لا تحتفظ بالمال الذي تجده"؟ ماذا يكشف لنا هذا؟ بصرف النظر عما إذا كان الناس يمتلكون هذه الروح وهذا السلوك الأخلاقي، فإن هذا المطلب والقول مجرد شيء يتصوره الناس ويرغبون فيه ويتمنون إنجازه وتحقيقه. يمكن للناس الذين يمتلكون قدرًا معينًا من الضمير والعقل ممارسة عدم الاحتفاظ بالمال الذي يجدونه في سياقات اجتماعية محددة وضمن بيئات مناسبة، ولكن هذا مجرد سلوك جيد عابر ولا يمكن أن يصبح معيار تصرُّفهم أو حياتهم. بمجرد أن تتغير البيئة المجتمعية والسياق الذي يعيش فيه أولئك الناس، سوف يكون هذا المبدأ وهذا السلوك الأخلاقي المثالي وفقًا لمفاهيم الإنسان بعيدًا كل البعد عن الناس. لن يتمكن من إشباع رغباتهم وطموحاتهم، وسوف يكون بالطبع أقل قدرة على الحد من أعمالهم الشريرة. إنه مجرد سلوك جيد عابر وسمة أخلاقية نبيلة نسبيًا وفقًا لمُثُل الإنسان العليا. عندما يتعارض هذا النوع من الأخلاق مع الواقع والمصلحة الذاتية، وعندما يتعارض مع المُثُل العليا للناس، فإنه لا يستطيع تقييد سلوك الناس أو توجيه سلوكهم وخواطرهم. وفي النهاية، سوف يقرر الناس معارضته، وسوف يخرقون هذا المفهوم التقليدي للأخلاق ويختارون مصالحهم الخاصة. ولذلك، عندما يتعلق الأمر بمبدأ "عدم الاحتفاظ بالمال الذي تجده"، يمكن للناس تسليم سنت واحد يجدونه إلى الشرطة. ولكن إذا وجدوا ألف يوان أو عشرة آلاف يوان أو قطعة نقدية ذهبية، فهل سيعطونها إلى ضابط شرطة؟ لن يتمكنوا من ذلك. عندما تتجاوز فائدة أخذ ذلك المال نطاق ما يمكن أن تحققه أخلاق الإنسان، لن يتمكن من تسليمه إلى الشرطة. لن يتمكن من إدراك مغزى القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده". ولذلك، هل يُمثِّل "عدم الاحتفاظ بالمال الذي تجده" جوهر إنسانية الشخص؟ لا يمكن أن يُمثِّل جوهر إنسانيته على الإطلاق. من الواضح تمامًا أن هذا المطلب بشأن السلوك الأخلاقي للإنسان لا يمكن استخدامه كأساس لتقييم ما إذا كان الشخص يمتلك الإنسانية، ولا يمكن أن يكون معيارًا لتصرُّف الإنسان.
هل سيكون النظر أولًا فيما إذا كان الشخص يحتفظ بالمال الذي يجده طريقة دقيقة لتقييم أخلاقه وشخصيته؟ (لا). لمَ لا؟ (الناس عاجزون عن الالتزام حقًا بذلك المطلب. إذا وجدوا مبلغًا صغيرًا من المال أو شيئًا ذا قيمة قليلة، فسوف يتمكنون من تسليمه، ولكن إذا كان شيئًا ذا قيمة، فسوف تضعف احتمالية أن يفعلوا ذلك. وإذا كان شيئًا ثمينًا للغاية، فسوف يكون من غير المرجح أن يسلموه، بل وقد يحتفظون به مهما تكلف الأمر). أنت تعني أن القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" لا يمكن أن يكون معيارًا لتقييم إنسانية الناس لأن الناس غير قادرين على تحقيقه. ولذلك، إذا استطاع الناس الالتزام بهذا المطلب، فهل سيُعتبر معيارًا لتقييم إنسانيتهم؟ (لا). لماذا لن يُعتبر معيارًا لتقييم إنسانية الناس حتى لو استطاعوا الالتزام به؟ (لأن قدرة الشخص أو عدم قدرته على الالتزام بالقول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" لا تعكس حقًا جودة إنسانيته. ولا علاقة لها بمدى جودة أو سوء إنسانيته، وهي ليست معيارًا لتقييم إنسانية الناس). هذه طريقة لفهم المسألة. توجد علاقة ضئيلة بين الشخص الذي لا يحتفظ بالمال الذي يجده وجودة إنسانيته. ولذلك، إذا صادفتم شخصًا يمكنه حقًا عدم الاحتفاظ بالمال الذي يجده، فكيف سترونه؟ هل يمكنك اعتباره شخصًا صادقًا يمتلك الإنسانية ويخضع لله؟ هل يمكنك تصنيف عدم احتفاظ المرء بالمال الذي يجده كمعيار لامتلاك الإنسانية؟ ينبغي أن نقيم الشركة عن هذه المسألة. من سيتحدث عنها؟ (قدرة الشخص على عدم الاحتفاظ بالمال الذي يجده لا علاقة لها بتحديد جوهر إنسانية ذلك الشخص، إذ يجري تقييم جوهره وفقًا للحق). ماذا أيضًا؟ (يستطيع بعض الناس عدم الاحتفاظ بالمال الذي يجدونه، حتى لو كان مبلغًا كبيرًا من المال، أو يصنعون العديد من الأعمال الصالحة الأخرى، ولكن لديهم أهدافهم ونواياهم الخاصة. إنهم يريدون الحصول على المكافأة نظير أعمالهم الجديرة بالثناء وربح سمعة طيبة، ولذلك لا يمكن لسلوكياتهم الخارجية الجيدة تحديد جودة إنسانيتهم). هل يوجد أي شيء آخر؟ (لنفترض أن شخصًا يستطيع عدم الاحتفاظ بالمال الذي يجده، لكنه يتعامل مع الحق بموقف مقاوم، أي بموقف السأم من الحق. إذا قيَّمناه بناءً على كلام الله، فإنه لا يمتلك الإنسانية. ولذلك، من غير الدقيق استخدام هذا المعيار للحكم على ما إذا كان الشخص يمتلك الإنسانية أم لا). لقد أدرك البعض منكم بالفعل أن استخدام القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" لتقييم ما إذا كان الشخص يمتلك الإنسانية أمر خاطئ، فأنتم لا توافقون على استخدامه كمعيار لتقييم ما إذا كان الشخص لديه الإنسانية. ووجهة النظر هذه صحيحة. بصرف النظر عما إذا كان الشخص يمكنه عدم الاحتفاظ بالمال الذي يجده، فإن هذا لا علاقة له بمبادئ تصرُّفه والمسار الذي يختاره. لماذا أقول هذا؟ أولًا، عندما لا يحتفظ الشخص بالمال الذي يجده، فإن هذا يمثل سلوكًا مؤقتًا فقط. من الصعب تحديد ما إذا كان قد فعل ذلك لأن الشيء الذي وجده كان عديم القيمة، أو لأن آخرين كانوا يشاهدونه فأراد ربح ثنائهم وتقديرهم. وحتى لو كان فعله خالصًا، فإنه مجرد نوع من السلوك الجيد وليست له صلة كبيرة بسعيه وتصرُّفه. على أكثر تقدير، يمكن القول فقط إن هذا الشخص يتمتع بقدر ضئيل من السلوك الجيد والشخصية النبيلة. على الرغم من أن هذا السلوك لا يمكن تسميته شيئًا سلبيًا، فإنه لا يمكن تصنيفه على أنه شيء إيجابي أيضًا، وبالتأكيد لا يمكن تعريف الشخص على أنه إيجابي لمجرد أنه لا يحتفظ بالمال الذي يجده. وسبب هذا هو أنه لا علاقة له بالحق ولا علاقة له بمتطلبات الله من الإنسان. يقول بعض الناس: "كيف لا يكون شيئًا إيجابيًا؟ كيف لا يمكن اعتبار مثل هذا السلوك النبيل إيجابيًا؟ إذا كان أحد الأشخاص غير أخلاقي ويفتقر إلى الإنسانية، فهل سيتمكن من عدم الاحتفاظ بالمال الذي يجده؟" تلك ليست بالضرورة طريقة دقيقة للوصف. لا يستطيع إبليس إلا فعل القليل جدًا من الأشياء الجيدة، فهل تقول إنه ليس إبليس؟ بعض ملوك الشياطين يعملون واحدًا أو اثنين من الأعمال الجيدة لإشهار أنفسهم وترسيخ مكانتهم في التاريخ، فهل تسميهم أناسًا جيدين؟ لا يمكنك تحديد ما إذا كان الشخص يمتلك الإنسانية أم لا أو ما إذا كانت شخصيته جيدة أو سيئة إلا على أساس شيء واحد جيد أو سيئ فعلوه. لدقة التقييم، ينبغي أن تسنده إلى سلوكه العام، وما إذا كانت لديه الأفكار والآراء الصحيحة أم لا. إذا استطاع الشخص إعادة شيء ذي قيمة كبيرة وجده إلى مالكه الشرعي، فإن هذا لا يُظهر إلا أنه ليس جشعًا ولا يطمع في ممتلكات الآخرين. إنه يمتلك هذا الجانب من السلوك الأخلاقي الجيد، ولكن هل لهذا علاقة بسلوكه وموقفه تجاه الأشياء الإيجابية؟ (لا). من المحتمل أن بعض الناس لن يوافقوا على هذا، وسوف يعتبروا هذا التأكيد غير موضوعي وغير دقيق إلى حد ما. ومع ذلك، بالنظر إلى هذا من منظور مختلف، إذا فقد الشخص شيئًا مفيدًا، ألن يشعر بالقلق الشديد إزائه؟ ولذلك، بالنسبة إلى الشخص الذي يجد الشيء، بصرف النظر عما يجده، فإنه ليس ملكه ولذلك ينبغي ألا يحتفظ به. بصرف النظر عما إذا كان شيئًا ماديًا أو مالًا، وبصرف النظر عما إذا كان ذا قيمة أو عديم القيمة، فإنه لا يخصه. أليس من واجبه إعادة الشيء إلى مالكه الشرعي؟ أليس هذا ما يجب أن يفعله الناس؟ ما قيمة الترويج لهذا؟ أليس هذا تهويلًا من الأمر؟ أليس من المبالغة التعامل مع القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" باعتباره صفة أخلاقية نبيلة والارتقاء به إلى عالم روحي سام؟ هل هذا السلوك الجيد الوحيد يستحق الذِكر في وسط الأخيار؟ توجد الكثير من السلوكيات الأفضل والأسمى من هذا، ولذلك فإن القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" لا يستحق الذِكر. ومع ذلك، إذا كنت تريد الترويج بقوة لهذا السلوك الجيد ونشره بين المتسولين واللصوص، فسوف يكون ذلك مناسبًا وقد يكون مفيدًا بعض الشيء. إذا روجت إحدى الدول بقوة للقول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده"، فهذا يدل على أن الناس هناك بالفعل أشرار للغاية، وأن الدولة يسيطر عليها السارقون واللصوص وعاجزة عن الاحتراس منهم. ولذلك، فإن الملاذ الوحيد لها هو الترويج لهذا النوع من السلوك ونشره لحل المشكلة. في الواقع، كان هذا السلوك دائمًا من واجبات الناس. مثال ذلك، إذا وجد الشخص خمسين يوانًا في الشارع وأعادها بسهولة إلى مالكها الشرعي، أليس ذلك تافهًا ولا يستحق الذِكر؟ هل يحتاج حقًا إلى الثناء؟ هل من الضروري التهويل من الأمر، والإشادة بهذا الشخص، بل والثناء عليه بفضل سلوكه الأخلاقي النبيل والمشرف لمجرد أنه أعاد المال لمن فقده؟ أليست إعادة المال المفقود إلى صاحبه الشرعي هي مجرد الأمر العادي والطبيعي الذي يجب فعله؟ أليس هذا شيئًا يجب على الشخص الذي يمتلك عقلًا عاديًا أن يفعله؟ فحتى الطفل الصغير الذي لا يفهم الأخلاق الاجتماعية سوف يمكنه فعل ذلك، فهل من الضروري حقًا التهويل من الأمر؟ هل يستحق هذا السلوك حقًا الارتقاء إلى مستوى أخلاق الإنسان؟ في رأيي، لا يمكن رفعه إلى هذا المستوى ولا يستحق الثناء. إنه مجرد سلوك جيد عابر وليست له علاقة بكونك شخصًا جيدًا حقًا على المستوى الأساسي. عدم الاحتفاظ بالمال الذي تجده أمر تافه للغاية. إنه شيء ينبغي على أي شخص عادي وأي شخص لديه هيئة بشرية أو يتحدث بلغة بشرية أن يتمكن من فعله. هذا شيء يمكن أن يفعله الناس إذا حاولوا بجد، فهم لا يحتاجون إلى مُربٍ أو مفكر ليُعلِّمهم فعل ذلك. فالطفل البالغ من العمر ثلاثة أعوام يمكنه فعل هذا، ومع ذلك، تعامل المفكرون والمربون معه على أنه مطلب حاسم لسلوك الإنسان الأخلاقي، وبفعلهم ذلك بالغوا في تقدير الأمر. على الرغم من أن القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" هو تعبير يُقيِّم السلوك الأخلاقي للإنسان، فإنه في الأساس لا يرقى إلى مستوى قياس ما إذا كان الشخص يمتلك الإنسانية أو الأخلاق النبيلة. ولذلك، من غير الدقيق وغير الملائم استخدام القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" لتقييم جودة إنسانية أحد الأشخاص.
"لا تحتفظ بالمال الذي تجده" هو أكثر مطالب الثقافة التقليدية سطحية عن السلوك الأخلاقي. على الرغم من أن جميع المجتمعات البشرية قد روجت لمثل هذه الفكرة وعلَّمتها، حتى لو استطاع الناس ممارسة القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" أو امتلاك هذا النوع من السلوك الأخلاقي الجيد لفترة زمنية، فإن ذلك لا يُغيِّر حقيقة أن شخصيات الناس الفاسدة تسيطر باستمرار على خواطرهم وسلوكياتهم بينما تسيطر أيضًا على تصرُّفهم ومساعيهم وتتحكم بها، وذلك نظرًا لأن الناس لديهم شخصيات فاسدة ونظرًا لانتشار الاتجاهات الشريرة للبشرية. لا تؤثر الأمثلة العابرة للسلوك الأخلاقي الجيد على سعي الشخص، ولا يمكنها بالتأكيد تغيير مداهنة الشخص للاتجاهات الشريرة وإعجابه بها واتباعه لها. أليست هذه هي الحالة؟ (بلى). ولذلك، فإن الأغنية التي كان الناس ينشدونها في الماضي: "على جانب الطريق، التقطتُ سنتًا من الأرض" لم تعد الآن أكثر من أغنية حضانة. لقد أصبحت ذكرى. لا يستطيع الناس حتى الالتزام بالسلوك الأساسي الجيد المتمثل في عدم الاحتفاظ بالمال الذي تجده. يرغب الناس في تغيير مساعي البشرية وشخصياتها الفاسدة من خلال ترويج السلوك الأخلاقي الجيد، ويحاولون وقف تدهور البشرية والانحطاط اليومي للمجتمع، لكنهم فشلوا في النهاية في تحقيق هذه الأهداف. لا يمكن أن يوجد المبدأ الأخلاقي "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" إلا في العالم المثالي للإنسان. يتعامل الناس مع هذا المبدأ الأخلاقي على أنه نوع من المُثُل العليا وتطلُّع إلى عالم أفضل. هذا المبدأ الأخلاقي موجود في العالم الروحي للإنسان. إنه رجاء ينتظره الإنسان من عالم المستقبل، لكنه لا يتوافق مع واقع الحياة البشرية ومع الإنسانية الفعلية للناس. إنه يتعارض مع مبادئ تصرُّف الإنسان والمسارات التي يسلكها الناس، بالإضافة إلى ما يسعون إليه وما يجب عليهم امتلاكه وتحقيقه. إنه يتعارض مع مظاهر الإنسانية الطبيعية وتدفقاتها، ومع مبادئ العلاقات الشخصية والتعامل مع الأمور. وبالتالي، فإن هذا المعيار للحكم على السلوك الأخلاقي للبشرية كان باطلًا على الدوام من العصور القديمة إلى يومنا هذا. فهذه الفكرة ووجهة النظر المتمثلة في "لا تحتفظ بالمال الذي تجده"، والتي يروج لها الإنسان، عديمة المغزى على وجه الخصوص ويتجاهلها معظم الناس لأنها لا تستطيع تغيير اتجاه تصرُّفهم أو مساعيهم، ولا تستطيع بالتأكيد تغيير فسوق الناس أو أنانيتهم أو مصلحتهم الذاتية أو ميلهم المتزايد إلى الاندفاع نحو الشر. أصبح هذا المطلب الأكثر سطحية والمتمثل في "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" مزحة ساخرة مسلية. والآن، لا يريد حتى الأطفال ترديد أغنية "على جانب الطريق، التقطتُ سنتًا من الأرض"، فهي عديمة المغزى على الإطلاق. أصبحت هذه الأغنية مثيرة للسخرية تمامًا في عالم مليء بالسياسيين الفاسدين. فالواقع الذي يدركه الناس جيدًا هو أن الشخص قد يُسلِّم سنتًا ضائعًا للشرطة، ولكن إذا وجد مليون يوان أو عشرة ملايين يوان، فسوف ينتقل ذلك المبلغ إلى جيبه مباشرةً. يمكننا أن نرى من هذه الظاهرة أن محاولات الناس للترويج لهذا المطلب عن السلوك الأخلاقي للبشر قد فشلت. وهذا يعني أن الناس لا يمكنهم حتى ممارسة السلوكيات الجيدة الأساسية. ماذا يعني عجزك عن ممارسة حتى السلوكيات الجيدة الأساسية؟ يعني أن الناس لا يمكنهم ممارسة حتى الأشياء الأساسية التي يجب عليهم عملها مثل عدم الاحتفاظ بشيء يجدونه إذا كان يخص شخصًا آخر. بالإضافة إلى ذلك، عندما يرتكب الناس شيئًا خاطئًا، لن يقولوا كلمة واحدة صادقة عنه بل يفضلون الموت على الاعتراف بخطئهم. لا يمكنهم حتى الالتزام بشيء أساسي مثل عدم الكذب، ولذلك فإنهم بالتأكيد غير مستعدين للحديث عن الأخلاق. إنهم لا يرغبون حتى في امتلاك الضمير والعقل، فكيف يتحدثون عن الأخلاق؟ يُجهِد المسؤولون وذوو السلطة عقولهم بالتفكير في طرق للضغط على الآخرين وكسب المزيد من الأرباح منهم والاستيلاء على الأشياء التي ليست لهم. والقانون نفسه لا يستطيع أن يردعهم. لمَ هذا؟ كيف وصل الإنسان إلى هذه الدرجة؟ يرجع هذا كله إلى شخصيات الناس الشيطانية الفاسدة، وسيطرة طبيعتهم الشيطانية وهيمنتها عليهم مما يؤدي إلى ظهور جميع أنواع السلوكيات الخادعة والضارة. هؤلاء المراؤون يفعلون الكثير من الأشياء الخسيسة والوقحة تحت ستار "خدمة الناس". ألم يفقدوا كل حس بالخزي؟ في الوقت الحاضر، يوجد الكثير جدًا من المرائين. ففي عالم يتفشى فيه الأشرار ويُقمَع الأخيار، يعجز تعليم "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" ببساطة عن تقييد الشخصيات الفاسدة للناس، ولا يمكنه تغيير طبيعتهم وجوهرهم أو المسار الذي يسلكونه.
هل فهمتم الأشياء التي قلتها في إقامة هذه الشركة عن موضوع "لا تحتفظ بالمال الذي تجده"؟ ما المعنى الذي يحمله القول للبشر الفاسدين؟ وكيف ينبغي أن يفهم المرء هذا المبدأ الأخلاقي؟ ("لا تحتفظ بالمال الذي تجده" ليست له علاقة بتصرُّف الناس أو المسار الذي يسلكونه. لا يمكنه تغيير المسار الذي يسلكه الإنسان). ذلك صحيح، فليس من المناسب للناس تقييم إنسانية الشخص استنادًا إلى القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده". لا يمكن استخدام هذا القول لقياس إنسانية الشخص، كما أنه من الخطأ استخدامه لقياس أخلاقه. فهو مجرد سلوك عابر للإنسان. وببساطة، لا يمكن استخدامه لتقييم جوهر الشخص. أما الناس الذين اقترحوا مقولة السلوك الأخلاقي "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" – هؤلاء من يُسمّون بالمفكرين والمربين – فهم مبالغون في المثالية. إنهم لا يفهمون إنسانية الإنسان أو جوهره، ولا يدركون الدرجة التي أصبح فيها الإنسان فاسقًا وفاسدًا. وعلى هذا النحو، فإن هذا القول عن السلوك الأخلاقي الذي طرحوه أحمق للغاية وغير عملي ببساطة ولا يتناسب مع ظروف الإنسان الحقيقية. هذا القول عن السلوك الأخلاقي ليست له حتى أدنى علاقة بجوهر الإنسان، أو بمختلف الشخصيات الفاسدة التي تتدفق من الناس، أو بالمفاهيم والآراء والسلوكيات التي قد تصدر عن الناس بينما تهيمن عليهم الشخصيات الفاسدة. هذه نقطة. ونقطة أخرى هي أن عدم احتفاظ المرء بالمال الذي يجده هو مجرد شيء يجب على الشخص العادي فعله. مثال ذلك، لقد أنجبك والداك وربياك، ولكن عندما كنتَ لا تزال جاهلًا وغير ناضج، كان كل ما عليك فعله هو طلب الطعام والملابس من والديك. ومع ذلك، بمجرد أن نضجتَ وفهمتَ الأمور فهمًا أفضل، عرفتَ بطبيعة الحال أن تحب والديك كثيرًا، وأن تتجنب إثارة قلقهما أو إغضابهما، وأن تحاول عدم الإكثار من عملهما أو معاناتهما، وأن تعمل كل ما في وسعك لوحدك. لقد فهمتَ هذه الأشياء بطبيعة الحال ولم تكن بحاجة إلى أي شخص ليُعلِّمك إياها. أنت شخص تتمتع بالضمير والعقل، ولذلك يمكنك عمل هذه الأشياء ويجب عليك ذلك، ولا شيء من هذا يستحق حتى الذِكر. من خلال رفع القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" إلى مستوى الشخصية الأخلاقية النبيلة، يبالغ الناس في الأمر ويتمادون إلى حد ما. فهذا السلوك ينبغي عدم تعريفه بتلك الطريقة، أليس ذلك هو الحال؟ (بلى). ما الذي يمكن تعلُّمه من هذا؟ إن فعل ما يجب على المرء عمله ويستطيع عمله في نطاق الإنسانية الطبيعية مؤشر على أن الشخص لديه إنسانية طبيعية. وهذا يعني أنه إذا كان الشخص يتمتع بالعقل الطبيعي، فيمكنه فعل تلك الأشياء التي يفكر فيها الناس ذوو الإنسانية الطبيعية ويدركون أنه يجب فعلها. أليست هذه ظاهرة طبيعية جدًا؟ إذا كنتَ تفعل شيئًا يستطيع أي شخص لديه إنسانية طبيعية أن يفعله، فهل يمكن حقًا تسميته سلوكًا أخلاقيًا جيدًا؟ هل من الضروري تشجيعه؟ (لا). هل يُعتبر هذا حقًا إنسانية نبيلة؟ هل يُعتبر امتلاكًا للإنسانية؟ (لا). إن إظهار مثل هذه السلوكيات لا يرفع المرء إلى مستوى امتلاك الإنسانية. إذا قلتَ إن الشخص لديه إنسانية، فهذا يعني أن المنظور والموقف اللذين ينظر من خلالهما إلى المشكلات إيجابي ونشط نسبيًا، وكذلك طرقه وأساليبه في التعامل مع المشكلات. ما مؤشر الإيجابية والنشاط؟ سوف يتمتع ذلك الشخص بالضمير والخجل. كما أن حس البر مؤشر آخر للإيجابية والنشاط. قد تكون لدى هذا الشخص بعض العادات السيئة مثل النوم والاستيقاظ في وقت متأخر، أو أن يصعب إرضاؤه في تناول الطعام، أو يُفضِّل الأطعمة ذات النكهة القوية، ولكن بصرف النظر عن هذه العادات السيئة سوف تكون لديه بعض الصفات الجيدة. سوف تكون لديه مبادئ وحدود عندما يتعلق الأمر بتصرُّفه وأفعاله، وسوف يتمتع بحس الخجل والبر، وسوف تكون لديه سمات إيجابية أكثر وسمات سلبية أقل. إذا استطاع قبول الحق وممارسته، فسوف يكون ذلك أفضل وسوف يسهل عليه الانطلاق في طريق السعي إلى الحق. وعلى العكس من ذلك، إذا كان الشخص يحب الشر، ويسعى إلى الشهرة والربح والمكانة، ويهيم بالمال، ويحب عيش حياة الرفاهية، ويستمتع بتمضية وقته بحثًا عن المتعة، فسوف يكون المنظور الذي ينظر من خلاله إلى الناس والأشياء ووجهة نظره عن الحياة ونظام القيم سلبيًا وقاتمًا بأكمله، وسوف يفتقر إلى حس الخجل والبر. مثل هذا الشخص لن يمتلك الإنسانية، وبالتأكيد لن يسهل عليه قبول الحق أو نيل خلاص الله. هذا مبدأ بسيط لتقييم الناس. إن تقييم السلوك الأخلاقي للشخص ليس معيارًا يمكن من خلاله قياس ما إذا كان يمتلك الإنسانية أم لا. لتقييم ما إذا كان الشخص جيدًا أم سيئًا، يجب أن تحكم عليه بناءً على إنسانيته وليس سلوكه الأخلاقي. فالسلوك الأخلاقي يميل إلى أن يكون سطحيًا ويتأثر بالشعور العام الاجتماعي للفرد وخلفيته وبيئته. تتغير بعض الطرق والمظاهر باستمرار، ولذلك من الصعب تحديد جودة إنسانية الشخص بناءً على سلوكه الأخلاقي فقط. مثال ذلك، قد يكون الشخص مراعيًا تمامًا للأخلاق الاجتماعية ويتبع القواعد أينما ذهب. قد يُبدي التقييد في كل ما يفعله ويلتزم بالقوانين الحكومية ويمتنع عن إثارة ضجة في الأماكن العامة أو التعدي على مصالح الآخرين. قد يكون أيضًا محترمًا ومفيدًا ويهتم بالصغار وكبار السن. هل حقيقة أن هذا الشخص يتمتع بالعديد من الصفات الجيدة تعني أنه يعيش الإنسانية الطبيعية وأنه شخص جيد؟ (لا). قد يمارس الشخص مقولة "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" جيدًا، وقد يلتزم باستمرار بهذا المبدأ الأخلاقي التي تروج له البشرية وتدافع عنه، ولكن ما مستوى إنسانيته؟ إن حقيقة ممارسته لمقولة عدم الاحتفاظ بالمال الذي يجده لا تدل إطلاقًا على إنسانيته. لا يمكن استخدام هذا السلوك الأخلاقي لتقييم ما إذا كانت إنسانيته جيدة أم سيئة. والآن، كيف ينبغي قياس إنسانيته؟ يجب أن تجرده من قناع هذا السلوك الأخلاقي وأن تستبعد السلوكيات والسلوك الأخلاقي الذي يعتبره الإنسان جيدًا، وذلك هو الحد الأدنى الذي يمكن لأي شخص يتمتع بالإنسانية الطبيعية تحقيقه. وبعد ذلك، انظر إلى أهم مظاهره مثل مبادئ تصرُّفه، والخطوط التي لن يتجاوزها في تصرُّفه، وكذلك موقفه من الحق والله. هذه هي الطريقة الوحيدة لرؤية جوهر إنسانيته وطبيعته الداخلية. فالنظر إلى الناس هكذا طريقة موضوعية ودقيقة نسبيًا. سوف نكتفي بذلك القدر عن مناقشتنا للمبدأ الأخلاقي "لا تحتفظ بالمال الذي تجده". هل فهمتم جميعًا هذه الشركة؟ (نعم). أشعر غالبًا بالقلق من أنكم لم تفهموا حقًا ما قلته ومن أنكم لا تفهمون إلا القليل من التعاليم بشأنه لكنكم ما زلتم لا تفهمون الأجزاء المتعلقة بجوهره. ولذلك، فإن كل ما يمكنني فعله هو الاستفاضة قليلًا عن الفكرة. لن يهدأ لي بال إلا عندما أشعر أنكم قد فهمتم. وكيف لي معرفة أنكم قد فهمتم؟ عندما أرى نظرة الفرح ترتسم على وجوهكم، ربما تكونون قد فهمتم ما أقوله. إذا استطعتُ تحقيق ذلك، فإن التحدث بقليل من الاستفاضة عن هذا الموضوع أمر جدير بالاهتمام.
لقد أكملتُ بشكل أو بآخر إقامة شركتي عن مقولة "لا تحتفظ بالمال الذي تجده". على الرغم من أنني لم أخبرك مباشرةً بكيفية تعارض هذا المبدأ الأخلاقي مع الحق أو سبب عدم تمكُّنه من الارتقاء إلى مستوى الحق أو مطالب الله من سلوك الناس وتصرُّفهم الأخلاقي، ألم أناقش جميع هذه الأشياء؟ (بلى). هل يروج بيت الله لمبادئ أخلاقية مثل "لا تحتفظ بالمال الذي تجده"؟ (لا). كيف يرى بيت الله هذا القول إذًا؟ يمكنكم مشاركة فهمكم. ("لا تحتفظ بالمال الذي تجده" مجرد شيء يجب أن يلتزم به أي شخص لديه إنسانية طبيعية ويفعله، ولذلك فإنه لا يحتاج إلى ترويج. كما أن القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" مجرد مظهر من مظاهر أخلاق الإنسان، ولا يرتبط بمبادئ تصرُّف الناس أو بنظرتهم عن مساعيهم أو بالمسارات التي يسلكونها أو بجودة إنسانيتهم). هل السلوك الأخلاقي علامة على الإنسانية؟ (إنه ليس علامة على الإنسانية. فبعض جوانب السلوك الأخلاقي مجرد أشياء يجب أن يمتلكها الأشخاص ذوو الإنسانية الطبيعية). عندما يتحدث بيت الله عن البشرية وتمييز الناس، فإنه يفعل ذلك في السياق الرئيسي للسعي إلى الحق. وعمومًا، لن يُقيِّم بيت الله موقف السلوك الأخلاقي للشخص. فعلى أقل تقدير، لن يُقيِّم بيت الله ما إذا كان الشخص يمكنه الالتزام بالقول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده". لن يفحص بيت الله هذا. لكنه سوف يفحص جودة إنسانية ذلك الشخص، وما إذا كان يحب الأشياء الإيجابية والحق، وموقفه تجاه الحق والله. يجب ألا يحتفظ الشخص بالمال الذي يجده وهو يعيش في المجتمع العلماني، ولكن إذا لم يحمِ مصالح بيت الله على الإطلاق بعد إيمانه، وإذا استطاع السرقة أو التبديد أو حتى بيع التقدمات عندما يُمنح الفرصة لإدارتها، وإذا استطاع فعل جميع أنواع الأشياء السيئة، فمن يكون؟ (شخص شرير). إنه لا يتخذ موقفًا لحماية مصالح بيت الله عندما تطرأ مشكلات. ألا يوجد مثل هؤلاء الناس؟ (بلى). ولذلك، هل سيكون من المناسب استخدام القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" لتقييم إنسانيتهم؟ لن يكون مناسبًا. يقول بعض الناس: "لقد كان شخصًا جيدًا. كان يتمتع بشخصية أخلاقية نبيلة ويستحسنه الجميع. فلماذا تغيَّر بعد مجيئه إلى بيت الله؟" هل تغيَّر حقًا؟ إنه لم يتغير في الواقع. لقد امتلك قدرًا ضئيلًا من السلوك الأخلاقي والسلوك الجيد، ولكن بصرف النظر عن ذلك، كان هذا دائمًا هو جوهر إنسانيته، وذلك لم يتغير على الإطلاق. فأينما ذهب تصرَّف دائمًا هكذا. وكل ما في الأمر هو أن الناس سبق لهم تقييمه باستخدام معيار السلوك الأخلاقي بدلًا من استخدام الحق للحكم على إنسانيته. يعتقد الناس أنه خضع لتغيير ما، لكنه في الواقع لم يخضع لأي تغيير. يقول البعض: "إنه لم يكن هكذا من قبل". لم يكن هكذا من قبل لأنه لم يواجه هذه المواقف من قبل ولم يجد نفسه في مثل هذه البيئة من قبل. بالإضافة إلى ذلك، لم يفهم الناس الحق ولم يتمكنوا من تمييزه. ما العاقبة النهائية لنظرة الناس إلى الآخرين وحكمهم عليهم بناءً على سلوك جيد واحد بدلًا من جوهر إنسانيتهم؟ سوف يعجز الناس عن النظر إلى الآخرين بوضوح، وليس هذا فحسب، بل وسوف يصيبهم السلوك الأخلاقي الجيد للآخرين بالغشاوة والتضليل. عندما لا يتمكن الناس من النظر إلى الآخرين بوضوح، سوف يثقون بالناس الخطأ ويعززونهم ويكلفونهم، وسوف يتعرضون للتضليل والخداع من الآخرين. يرتكب بعض القادة والعاملين هذا الخطأ كثيرًا عند اختيار الأشخاص وتكليفهم. إنهم ينخدعون بالناس الذين يمتلكون ظاهريًا بعض السلوكيات الجيدة والسلوك الأخلاقي الجيد، ويرتبون لهم تولي عمل مهم أو الاحتفاظ ببعض الأشياء المهمة. ونتيجةً لذلك، يحدث خطأ ويتسبب في تكبُّد بيت الله بعض الخسائر. لماذا حدث خطأ؟ لأن القادة والعاملين لم يتمكنوا من كشف طبيعة هؤلاء الناس وجوهرهم على حقيقتهما. لماذا لم يتمكنوا من رؤية طبيعتهم وجوهرهم؟ لأن هؤلاء القادة والعاملين لا يفهمون الحق ولا يستطيعون تقييم الناس وتمييزهم. لا يمكنهم رؤية طبيعة الناس وجوهرهم على حقيقتهما، ولا يعرفون موقف الناس تجاه الله والحق ومصالح بيت الله. لمَ ذلك؟ لأن هؤلاء القادة والعاملين ينظرون إلى الناس والأشياء من المنظور الخاطئ. إنهم لا ينظرون إلى الناس إلا بناءً على المفاهيم والتصورات البشرية، ولا ينظرون إلى جوهرهم وفقًا لكلام الله ومبادئ الحق، لكنهم ينظرون إلى الناس بناءً على سلوكهم الأخلاقي وسلوكياتهم ومظاهرهم الخارجية. ونظرًا لأن آرائهم عن الناس تفتقر إلى المبادئ، فقد وثقوا في الأشخاص الخطأ وكلفوا الأشخاص الخطأ، وبالتالي تعرَّضوا للخداع والغش والاستغلال من أولئك الناس، وفي النهاية تضررت مصالح بيت الله. هذه هي عواقب عدم القدرة على إدراك الناس أو رؤيتهم على حقيقتهم. ولذلك، عندما يريد الشخص السعي إلى الحق، فإن الدرس الأول الذي يجب أن يتعلمه هو كيفية تمييز الناس والنظر إليهم. يستغرق تعلُّم هذا الدرس وقتًا طويلًا، وهو أحد الدروس الأكثر جوهرية التي يجب أن يتعلمها الناس. إذا أردت أن ترى شخصًا بوضوح وتتعلم تمييزه، فيجب عليك أولًا فهم المعايير التي يستخدمها الله لتقييم الناس، والخواطر والآراء المشوهة التي تتحكم في طريقة نظرة الناس إلى الآخرين وتقييمهم وتسيطر عليها، وما إذا كانت تتعارض مع المعايير التي يستخدمها الله لتقييم الناس وكيفية تعارضها. هل تستند طرق تقييمك للناس ومعاييره إلى مطالب الله؟ هل تستند إلى كلام الله؟ هل لها أساس في الحق؟ إذا لم يكن الأمر كذلك، فأنت تعتمد كليًا على خبراتك وتصوراتك لتقييم الآخرين. أو حتى إذا تماديتَ بإسناد تقييماتك على الأخلاق الاجتماعية التي يجري الترويج لها داخل المجتمع، أو على ما تلاحظه بعينيك، فإن الشخص الذي تحاول تمييزه سيظل مبهمًا لك. لن تتمكن من رؤيته على حقيقته. إذا وثقتَ به وكلفته بواجبات، فسوف تواجه مستوى معينًا من المخاطرة، ولا محالة من وجود احتمال أن يتسبب هذا في إلحاق الضرر بتقدمات الله وعمل الكنيسة ودخول مختاري الله إلى الحياة. إن تمييز الناس هو الدرس الأول الذي يجب أن تتعلمه إذا أردت السعي إلى الحق. وهو بالطبع أحد الجوانب الأساسية للحق التي يجب أن يمتلكها الناس. لا ينفصل تعلُّم تمييز الناس عن موضوع شركة اليوم. يجب أن تتمكن من التمييز بين السلوك والأخلاق الجيدة للإنسان وبين الأشياء التي يجب أن يمتلكها الشخص ذو الإنسانية الطبيعية. فالقدرة على التمييز بين هذين الشيئين أمر مهم للغاية. عندئذٍ فقط سوف تتمكن من التعرف إلى جوهر الشخص وإدراكه بدقة، وفي النهاية تحديد من يتمتع بالإنسانية ومن لا يتمتع بها. ما الذي يجب أن يتجهز المرء به أولًا لتمييز هذه الأشياء؟ يجب على المرء أن يفهم كلام الله وكذلك هذا الجانب من الحق، وأن يصل إلى النقطة التي ينظر فيها إلى الناس وفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا له. أليس هذا هو مبدأ الحق الذي يجب على المرء أن يمارسه ويملكه أثناء السعي إلى الحق؟ (بلى). ولذلك، من الضروري لنا إقامة الشركة عن هذه الموضوعات.
لقد أقمتُ الشركة للتو عن القول الأول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده"، ومن الواضح أنه سلوك أخلاقي بشري. إنه سمة أخلاقية وسلوك عابر يترك انطباعًا جيدًا لدى الناس، لكنه للأسف لا يمكن أن يكون معيارًا لتقييم ما إذا كان الشخص يمتلك الإنسانية أم لا. والقول الثاني "استمد المتعة من مساعدة الآخرين" هو نفسه. بناءً على صياغة التعبير، يتضح أن هذا أيضًا شيء يحبه الناس ويعتبرونه سلوكًا جيدًا. يحظى أولئك الذين يُظهرون هذا السلوك الجيد بتقدير كبير كأناس يتمتعون بسلوك أخلاقي جيد وشخصية نبيلة. وباختصار، يُنظَر إليهم على أنهم أناس يستمدون المتعة من مساعدة الآخرين ويتمتعون بشخصية أخلاقية ممتازة. والقول "استمد المتعة من مساعدة الآخرين" لديه بعض أوجه التشابه مع القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده". فهو أيضًا سلوك جيد ينشأ لدى الناس في أجواء اجتماعية معينة. المعنى الحرفي للقول "استمد المتعة من مساعدة الآخرين" هو الابتهاج بمساندة الآخرين. إنه لا يعني أنه من واجب المرء مساعدة الناس، فهو لا يقول "أنت مسؤول عن مساعدة الآخرين" بل "استمد المتعة من مساعدة الآخرين". يمكننا أن نرى من هذا ما يحفز الناس على مساعدة الآخرين. إنهم لا يفعلون ذلك من أجل الآخرين بل بالأحرى من أجل أنفسهم. فالناس يعتصرهم القلق والألم، ولذلك يبحثون عن الآخرين الذين يحتاجون إلى المساعدة ويقدمون لهم الصدقة والمساعدة، ويمدون لهم يد العون، ويفعلون جميع الأشياء الجيدة التي يمكنهم عملها لجعل أنفسهم يشعرون بالسعادة والسرور والارتياح والفرح، ولإضفاء المعنى على أيامهم حتى لا يشعروا بالفراغ والغم. إنهم يُحسِّنون سلوكهم الأخلاقي لتحقيق هدفهم المتمثل في تطهير مجال قلوبهم وعقولهم والارتقاء به. أي نوع من السلوك هذا؟ إذا نظرتَ إلى الناس الذين يستمدون المتعة من مساعدة الآخرين من منظور هذا الشرح، فإنهم ليسوا أناسًا جيدين. على أقل تقدير، ليسوا مدفوعين بأخلاقهم أو ضميرهم أو إنسانيتهم لفعل ما يجب عليهم فعله، أو للوفاء بمسؤولياتهم الاجتماعية والعائلية. لكنهم في المقابل يساعدون الناس ليحصلوا على السعادة والتعزية الروحية والراحة العاطفية وليعيشوا سعداء. ما الذي ينبغي استنتاجه من هذا النوع من السلوك الأخلاقي؟ إذا نظرتَ إلى طبيعته، فهو أسوأ حتى من القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده". على الأقل، لا ينطوي القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" على جانب أناني. ماذا عن القول "استمد المتعة من مساعدة الآخرين" إذًا؟ تشير كلمة "المتعة" إلى أن هذا السلوك ينطوي على جوانب الأنانية والنوايا الوضيعة. إنه لا يتعلق بمساعدة الناس لمصلحة الناس أو كهبة تخلو من الأنانية، بل لهدف الابتهاج الشخصي. وهذا ببساطة لا يستحق التشجيع. مثال ذلك، لنفترض أنك رأيت شخصًا مسنًا يسقط على طريق رئيسي وقلتَ في قرارة نفسك: "لقد كنتُ أشعر بالإحباط حاليًا. وسقوط هذا الشخص المسن فرصة عظيمة. سوف أستمد المتعة من مساعدة الآخرين!" فتذهب وتساعد المسن للنهوض وعندما يقف على قدميه يشيد بك قائلًا: "أنت شخص جيد حقًا يا فتى. أتمنى أن تكون آمنًا سعيدًا وتطول أيام حياتك!" يغمرك بهذه الكلمات اللطيفة، وبعد سماعها تتبدد جميع مخاوفك وتشعر بالسعادة. تعتقد أنه من الجيد مساعدة الناس، وتعزم على السير في الشوارع في أوقات فراغك ومساعدة أي شخص يسقط للنهوض على قدميه. يُظهِر الناس بعض السلوكيات الجيدة تحت تأثير هذا النوع من التفكير، وقد صنَّف المجتمع البشري هذا على أنه التقليد الرفيع لاستمداد المتعة من مساعدة الآخرين، وكنوع من الشخصية الأخلاقية النبيلة التي تمرر هذا التقليد العظيم. أما السياق الفرعي لاستمداد المتعة من مساعدة الآخرين فهو أن أولئك الذين يقدمون المساعدة يعتبرون أنفسهم عادةً في قمة الأخلاق. إنهم يشكلون أنفسهم على أنهم محسنون عظماء، وكلما ازداد مديح الناس لهم ازدادت رغبتهم في تقديم المساعدة والصدقات وعمل المزيد للآخرين. فهذا يُرضي رغبتهم في أن يكونوا أبطالًا ومُخلِّصين للبشرية، بالإضافة إلى رغبتهم في استمداد نوع من الإشباع من احتياج الآخرين لهم. ألا يريد جميع البشر الشعور باحتياج الآخرين إليهم؟ عندما يشعر الناس باحتياج الآخرين إليهم، فإنهم يعتقدون أنهم مفيدون على وجه الخصوص وأن حياتهم لها معنى. أليس هذا مجرد نوع من لفت الانتباه؟ لفت الانتباه هو الشيء الوحيد الذي يجلب المتعة للناس، فهو أسلوب حياتهم. في الواقع، بصرف النظر عن منظور نظرتنا إلى مسألة استمداد المتعة من مساعدة الآخرين، فإنه ليس معيارًا لتقييم أخلاق الإنسان. في أحيان كثيرة، لا يتطلب فعل استمداد المتعة من مساعدة الآخرين إلا أدنى جهد. إذا كنتَ على استعداد لفعل ذلك، فإنك تكون قد أوفيت بمسؤوليتك الاجتماعية. وإذا لم ترغب في فعله، فلن يُحمِّلك أحد المسؤولية ولن تصبح موضع إدانة عامة. عندما يتعلق الأمر بالسلوكيات الجيدة التي يشيد بها الإنسان، يمكن للمرء أن يختار ممارستها أو الامتناع عن فعل ذلك، فأي الأمرين مقبول. لا توجد حاجة لتقييد الناس بهذا القول أو لتعليمهم كيفية استمداد المتعة من مساعدة الآخرين، لأنه في حد ذاته مجرد سلوك جيد عابر. بصرف النظر عما إذا كان الشخص مدفوعًا برغبة في الوفاء بمسؤوليته الاجتماعية أو إذا مارس هذا السلوك الجيد من منطلق حس الفضيلة المدنية، ماذا ستكون الآخرة النهائية؟ سوف يُرضي رغبته فحسب في أن يكون شخصًا جيدًا وفي تجسيد روح لي فينغ Lei Feng في هذه الحالة الوحيدة. سوف يستمد قدرًا من المتعة والتعزية من فعل ذلك، وبالتالي يرفع مجال تفكيره إلى مستوى أعلى. وذلك هو كل شيء. هذا هو جوهر ما يفعله. ماذا كان فهمكم إذًا للقول "استمد المتعة من مساعدة الآخرين" قبل إقامة هذه الشركة؟ (لم أدرك من قبل النوايا الأنانية والدنيئة فيما وراء ذلك). تصوَّر أنك ملزم بفعل شيء ما، وهي مسؤولية يجب ألا تتهرب منها وشيء في غاية الصعوبة، ويجب عليك تحمُّل القليل من المعاناة والتخلي عن بعض الأشياء ودفع الثمن لتحقيق ذلك، لكنك تستطيع الوفاء بهذه المسؤولية على أي حال. لن تشعر بمنتهى السعادة أثناء فعل ذلك، وبعد دفع ثمن والوفاء بهذه المسؤولية، لن تجلب لك نتائج عملك أي متعة أو تعزية، ولكن نظرًا لأنها كانت مسؤوليتك وواجبك، فقد فعلتها على أي حال. عند مقارنة هذا باستمداد المتعة من مساعدة الآخرين، ما الذي يُظهِر المزيد من الإنسانية؟ (الناس الذين يوفون بمسؤولياتهم وواجباتهم يتمتعون بمزيد من الإنسانية). لا يتعلق استمداد المتعة من مساعدة الآخرين بالوفاء بمسؤولية، فهو مجرد مطلب يتعلق بالسلوك الأخلاقي للناس والمسؤوليات الاجتماعية ولا يوجد إلا في سياقات اجتماعية معينة. إنه ينبع من الرأي العام أو الأخلاق الاجتماعية أو حتى قوانين الدولة، ويعمل على تقييم ما إذا كان الشخص يتمتع بالأخلاق وجودة إنسانيته. وهذا يعني أن القول "استمد المتعة من مساعدة الآخرين" هو مجرد قول يحد من سلوك الناس، وقد طرحه المجتمع البشري لرفع مجال تفكير الإنسان. يُستخدم مثل هذا القول لجعل الناس يمارسون بضعة سلوكيات جيدة، ومعايير تقييم تلك السلوكيات الجيدة هي الأخلاق الاجتماعية أو الرأي العام أو حتى القانون. مثال ذلك، إذا رأيتَ شخصًا يحتاج إلى مساعدة في مكان عام وكنتَ أول من يجب عليه الذهاب لمساعدته لكنك لم تفعل ذلك، فماذا سيكون رأي الآخرين عنك؟ سوف يوبخونك على قلة الأخلاق. أليس ذلك ما نعنيه بالرأي العام؟ (بلى). ما هي الأخلاق الاجتماعية إذًا؟ إنها أشياء وعادات إيجابية وتفاؤلية يروج لها المجتمع ويشجعها. وبطبيعة الحال، تتضمن الكثير من المتطلبات المحددة مثل دعم الضعفاء ومد يد العون عندما يواجه الآخرون الصعاب وعدم البقاء مكتوفي الأيدي. من المفترض أن يمارس الناس هذا النوع من السلوك الأخلاقي، وذلك هو ما يعنيه امتلاك الأخلاق الاجتماعية. إذا رأيتَ شخصًا يعاني فتغاضيت عن الأمر وتجاهلت الشخص ولم تفعل شيئًا، فأنت تفتقر إلى الأخلاق الاجتماعية. ما المطالب التي يفرضها القانون إذًا على السلوك الأخلاقي للإنسان؟ الصين حالة خاصة في هذا الصدد: فالقانون الصيني لا يحتوي على أي أحكام صريحة تتعلق بالمسؤوليات الاجتماعية والأخلاق الاجتماعية. يتعلم الناس قدرًا ضئيلًا عن هذه الأشياء من خلال التنشئة العائلية والتعليم المدرسي وما يسمعونه ويلاحظونه من المجتمع. وعلى النقيض من ذلك، هذه الأشياء منصوص عليها في القانون في الدول الغربية. مثال ذلك، إذا رأيتَ أن شخصًا سقط على الطريق، فعليك على أقل تقدير التوجه إليه وسؤاله: "هل أنت بخير؟ هل تحتاج إلى المساعدة؟" إذا أجاب ذلك الشخص: "أنا بخير، شكرًا لك"، فأنت لستَ بحاجة إلى مساعدته وغير مطالب بإتمام هذه المسؤولية. وإذا قال: "أحتاج إلى مساعدة من فضلك،" فعليك مساعدته. إذا لم تساعده، فسوف تكون مسؤولًا مسؤولية قانونية. هذا مطلب خاص طرحته بعض الدول فيما يخص السلوك الأخلاقي للناس، فهي تُلزم الناس بهذا المطلب من خلال حكم صريح في قوانينها. تقتصر هذه المطالب المفروضة على السلوك الأخلاقي للناس من الرأي العام والأخلاق الاجتماعية وحتى القانون على سلوك الناس فقط، وهذه المعايير السلوكية الأساسية هي المعايير التي يجري من خلالها تقييم السلوك الأخلاقي للشخص. يبدو ظاهريًا أن هذه المعايير الأخلاقية تُقيِّم سلوك الناس، أي ما إذا كان الناس قد أوفوا بمسؤولياتهم الاجتماعية أم لا، لكنها في جوهرها تُقيِّم الجودة الداخلية للناس. سواء كان الرأي العام أو الأخلاق الاجتماعية أو القانون، فإن هذه الأشياء لا تقيس إلا ما يفعله الناس ولا تطالب إلا به، وهذه المقاييس والمطالب تقتصر على سلوك الناس. إنها تحكم على جودة الشخص وسلوكه الأخلاقي بناءً على سلوك ذلك الشخص، وذلك هو نطاق تقييمها. تلك هي طبيعة التعبير: "استمد المتعة من مساعدة الآخرين". عندما يتعلق الأمر باستمداد المتعة من مساعدة الآخرين، تفرض الدول الغربية مطالب على الناس من خلال أحكام القانون، بينما في الصين تُستخدم الثقافة التقليدية لتثقيف الناس وإلزامهم بهذه الأفكار. على الرغم من وجود هذا الاختلاف بين الشرق والغرب، فإنهما متماثلان في الطبيعة، فكلاهما يستخدم الأقوال لتقييد سلوك الناس وأخلاقهم وضبطهما. ومع ذلك، سواء كانت قوانين الدول الغربية أو الثقافة التقليدية في الشرق، فهذه جميعها مطالب ولوائح مطلوبة من سلوك الإنسان وسلوكه الأخلاقي، وهذه المعايير لا تنظم إلا سلوك الناس وتصرُّفهم الأخلاقي. ولكن هل يستهدف أي منها إنسانية الإنسان؟ هل يمكن استخدام اللوائح التي لا تنص إلا على السلوكيات التي يجب على الشخص ممارستها كمعايير لتقييم إنسانيته؟ (لا). إذا نظرنا إلى القول "استمد المتعة من مساعدة الآخرين"، فإن بعض الأشرار يمكنهم استمداد المتعة من مساعدة الآخرين، لكنهم مدفوعون بنواياهم وأهدافهم. عندما يفعل الشياطين بعض الأعمال الجيدة الضئيلة، فعلى الأرجح تكون لديهم نواياهم وأهدافهم الخاصة لفعل ذلك. هل تعتقدون أن كل من يستمد المتعة من مساعدة الآخرين محب بار للحق؟ فكِّر في أولئك الذين يُفترض أنهم يستمدون المتعة من مساعدة الآخرين في الصين، مثل تلك الشخصيات الشهمة، أو الناس الذين يسرقون الأغنياء ويعطون الفقراء، أو أولئك الذين يساعدون كثيرًا الفئات الضعيفة وذوي الإعاقة، وما إلى ذلك. هل يتمتع جميعهم بالإنسانية؟ هل يحب جميعهم الأشياء الإيجابية ويتمتعون بحس البر؟ (لا). إنهم على أكثر تقدير مجرد أناس يتمتعون بشخصية أفضل نسبيًا. نظرًا لأنهم محكومون بروح استمداد المتعة من مساعدة الآخرين هذا، فإنهم يؤدون العديد من الأعمال الجيدة التي تجلب لهم المتعة والتعزية وتجعلهم يستمتعون تمامًا بالشعور بالسعادة، لكن ممارسة مثل هذه السلوكيات لا تعني أن لديهم إنسانية لأن إيمانهم وما يسعون إليه على المستوى الروحي أمور غير واضحة ومتغيرات مجهولة. هل يمكن اعتبارهم إذًا أناسًا يتمتعون بالإنسانية والضمير بناءً على هذا السلوك الأخلاقي الجيد؟ (لا). بعض المنظمات مثل المؤسسات ووكالات الرعاية الاجتماعية التي يُفترض أنها تستمد المتعة من مساعدة الآخرين، والتي تساعد الفئات الضعيفة وذوي الإعاقة، تفي على أكثر تقدير بقدر ضئيل من مسؤوليتها الاجتماعية. إنها تفعل هذه الأشياء لتحسين صورتها في نظر الجمهور وزيادة ظهورها وإرضاء عقلية استمداد المتعة من مساعدة الآخرين. وهذا لا يرقى مطلقًا إلى مستوى الدلالة على أنها "تمتلك الإنسانية". بالإضافة إلى ذلك، هل الناس الذين تستمد هذه المنظمات المتعة من مساعدتهم بحاجة إلى المساعدة حقًا؟ هل استمداد المتعة من مساعدة الآخرين أمر بار في حد ذاته؟ ليس بالضرورة. إذا فحصتَ جميع الأحداث الرئيسية والثانوية المختلفة التي تحدث في المجتمع بأسره لفترة طويلة بما يكفي، فسوف ترى أن بعضها هي مجرد أناس يستمدون المتعة من مساعدة الآخرين، بينما في كثير من الحالات الأخرى تتوارى المزيد من الأسرار التي لا حصر لها والجوانب المظلمة للمجتمع في الحالات التي يستمد فيها الناس المتعة من مساعدة الآخرين. على أي حال، توجد مقاصد وأهداف من وراء استمداد المتعة من مساعدة الآخرين، سواء كان ذلك في أن يصبح المرء مشهورًا ويبرز عن البقية، أو أن يلتزم بالأخلاق الاجتماعية ولا يخالف القانون، أو أن يربح تقديرًا أكثر إيجابية من المجتمع بالإجمال. بصرف النظر عن كيفية نظر المرء إلى ذلك، فإن استمداد المتعة من مساعدة الآخرين هو مجرد أحد السلوكيات الخارجية للإنسان، وهو على أكثر تقدير يرقى إلى نوع من السلوك الأخلاقي الجيد، ولا علاقة له على الإطلاق بالإنسانية الطبيعية التي يطلبها الله. قد يكون أولئك الذين يمكنهم استمداد المتعة من مساعدة الآخرين أناسًا عاديين بلا أي مطامع حقيقية، أو قد يكونون شخصيات رئيسية في المجتمع، أو يمكن أن يكونوا أناسًا طيبين نسبيًا، لكنهم قد يكونون خبثاء في القلب أيضًا. يمكن أن يكونوا أي نوع من الأشخاص، ويمكن للجميع ممارسة هذا السلوك في لحظة عابرة. ولذلك، فإن التعبير عن السلوك الأخلاقي "استمد المتعة من مساعدة الآخرين" لا يتأهل بالتأكيد كمعيار لتقييم إنسانية الناس.
في الواقع، لا يمثل هذا القول عن السلوك الأخلاقي "استمد المتعة من مساعدة الآخرين" جوهر إنسانية الناس، وليست له علاقة واضحة بطبيعة الناس وجوهرهم. ولذلك، من غير المناسب استخدامه لتقييم جودة إنسانية الشخص. ما الطريقة المناسبة إذًا لتقييم إنسانية الشخص؟ على أقل تقدير، ينبغي على الشخص الذي لديه إنسانية ألا يقرر ما إذا كان سيساعد شخصًا أو يفي بمسؤولياته بناءً على ما إذا كان فعل ذلك سيجعله يشعر بالسعادة أم لا، بل ينبغي أن يستند قراره إلى ضميره وعقله، وينبغي ألا يفكر فيما يجب أن يكسبه، أو العواقب التي سوف تحدث عليه من مساعدة ذلك الشخص، أو تأثير ذلك عليه في المستقبل. ينبغي ألا يفكر في أي من هذه الأشياء، وينبغي عليه الوفاء بمسؤولياته ومساعدة الآخرين ومنع الآخرين من التعرض للمعاناة. ينبغي أن يساعد الناس بنقاوة بلا أي أهداف أنانية، وهذا ما سوف يفعله الشخص الذي يمتلك الإنسانية حقًا. إذا كان هدف الشخص من مساعدة الآخرين هو إرضاء نفسه أو تكوين سمعة طيبة لنفسه، فإن هذا ينطوي على سمة أنانية ووضيعة. فأولئك الذين يمتلكون الضمير والعقل حقًا لن يتصرفوا بهذه الطريقة. والناس الذين يتمتعون بالحب الحقيقي للآخرين لا يتصرفون فقط لتلبية رغبتهم في الشعور بطريقة معينة، بل يفعلون ذلك للوفاء بمسؤولياتهم وعمل كل ما في وسعهم لمساعدة الآخرين. إنهم لا يساعدون الناس للحصول على مكافأة، وليست لديهم أي نوايا أو دوافع أخرى. على الرغم من أنه قد يكون من الصعب التصرف بهذه الطريقة، وعلى الرغم من أنهم قد يتعرضون للإدانة من الآخرين أو قد يواجهون القليل من الخطر، فإنهم يدركون أن هذا واجب يجب على الناس إتمامه، وأنه مسؤولية الناس، وأنهم إذا لم يتصرفوا بهذه الطريقة فلن يكونوا قد استوفوا ما يدينون به للآخرين ولله ولن يفارقهم الندم مدى الحياة. وعلى هذا النحو، فإنهم يتقدمون بلا تردد، ويبذلون قصارى جهدهم، ويطيعون مشيئة السماء، ويفون بمسؤوليتهم. بصرف النظر عن طريقة إدانة الآخرين لهم، أو ما إذا كان الآخرون يُبدون لهم الامتنان والتقدير أم لا، فإنهم ما داموا يستطيعون مساعدة ذلك الشخص في عمل كل ما يحتاج إليه، وأمكنهم فعل ذلك من أعماق قلوبهم، فإنهم سوف يشعرون بالرضا. يتمتع أولئك الذين يمكنهم التصرف بهذه الطريقة بالضمير والعقل، ولديهم مظاهر الإنسانية وليس مجرد نوع من السلوك يقتصر على نطاق الشخصية الأخلاقية والسلوك الأخلاقي. إن استمداد المتعة من مساعدة الآخرين مجرد سلوك، وأحيانًا يكون مجرد سلوك ينشأ في سياقات محددة معينة. يستند قرار الشخص بالانخراط في هذا النوع من السلوك العابر إلى مزاجه وعواطفه وبيئته الاجتماعية، بالإضافة إلى السياق المباشر والفوائد أو العيوب التي قد تأتي من التصرف بتلك الطريقة. أولئك الذين يتمتعون بالإنسانية لا يأخذون هذه الأشياء في الاعتبار عندما يساعدون الناس، فهم يتخذون قرارهم بناءً على معيار حكم أكثر إيجابية وأكثر تناغمًا مع ضمير الإنسانية الطبيعية وعقلها. بل ويمكنهم أحيانًا المثابرة في مساعدة الناس عندما يتعارض فعل ذلك مع معايير الأخلاق ويتناقض معها. لا يمكن للمعايير والأفكار ووجهات النظر عن الأخلاق إلا تقييد السلوكيات العابرة للناس. وسوف يتغير ما إذا كانت هذه السلوكيات جيدة أم سيئة حسب مزاج الشخص وعواطفه وما بداخله من خير وشر ونواياه الحسنة أو السيئة العابرة. وبطبيعة الحال، سوف يكون للشعور العام الاجتماعي والبيئة تأثير أيضًا على ذلك. توجد العديد من الشوائب في هذه السلوكيات، فجميعها سلوكيات سطحية ولا يمكن للناس باستخدامها أن يحكموا على ما إذا كان الشخص لديه الإنسانية أم لا. وعلى النقيض من ذلك، من الأدق والأكثر عملية الحكم على ما إذا كان الشخص يتمتع بالإنسانية أم لا بناءً على جوهر إنسانيته، وما يسعى إليه، ونظرته إلى الحياة ونظام قيمه، والمسار الذي يسلكه، وأساس تصرُّفه وأفعاله. أخبرني، أيهما يتفق مع الحق: أسس تقييم الإنسانية أم أسس تقييم السلوك الأخلاقي؟ هل هي معايير تقييم السلوك الأخلاقي التي تتوافق مع الحق أم معايير تقييم ما إذا كان الشخص لديه الإنسانية؟ أي من هذه المعايير يتوافق مع الحق؟ معايير تقييم ما إذا كان الشخص يمتلك الإنسانية هي التي تتوافق مع الحق في الواقع. هذا يقين لا ريب فيه. فالسبب في أن الأشياء المستخدمة لتقييم السلوك الأخلاقي للناس لا يمكن أن تكون معايير هو أنها متقلبة. إنها تمتلئ بالعديد من الشوائب مثل تعاملات الناس واهتماماتهم وأفضلياتهم ومساعيهم وعواطفهم وأفكارهم الشريرة وشخصياتهم الفاسدة وما إلى ذلك. توجد الكثير جدًا من الأخطاء والشوائب فيها، وهي ليست مباشرة. ولذلك، لا يمكن أن تكون معايير للحكم على الناس. إنها مليئة بجميع أنواع الأشياء التي يغرسها الشيطان في الإنسان والحالات الإضافية التي تنشأ بسبب شخصية الإنسان الشيطانية الفاسدة، وعلى هذا النحو فإنها ليست الحق. باختصار، بصرف النظر عما إذا كان الناس يعتبرون معايير السلوك الأخلاقي هذه سهلة أو يصعب تلبيتها، أو ما إذا كان الناس يعتبرون أنها ذات قيمة عالية أو منخفضة أو متوسطة، فإن جميعها على أي حال مجرد أقوال تقيد سلوك الناس وتضبطه. إنها لا ترتقي إلا إلى مستوى الجودة الأخلاقية للإنسان وليست لديها أدنى علاقة بمطلب الله باستخدام الحق للحكم على إنسانية الشخص. وهي لا تتضمن حتى أبسط المعايير التي يجب أن يمتلكها أولئك الذين لديهم إنسانية ويستوفوها. إنها لا ترقى إلى جميع تلك الأشياء. عند النظر إلى الآخرين، لا يركز الناس إلا على تقييم مظاهر سلوكهم الأخلاقي. إنهم ينظرون إلى الآخرين ويُقيِّمونهم تمامًا وفقًا لمتطلبات الثقافة التقليدية. أما الله فلا ينظر إلى الناس بناءً على مظاهر سلوكهم الأخلاقي فحسب، بل يركز على جوهر إنسانيتهم. ما الذي يتضمنه جوهر إنسانية الشخص؟ إنه يتضمن تفضيلاته، وآرائه عن الأشياء، ونظرته إلى الحياة، ونظام قيمه، وما يسعى إليه، وما إذا كان يتمتع بحس البر، وما إذا كان يحب الحق والأشياء الإيجابية، وقدرته على قبول الحق والخضوع له، والطريق الذي اختاره، وما إلى ذلك. من الدقة الحكم على جوهر إنسانية الشخص وفقًا لهذه الأشياء. أختتم بهذا بشكل أو بآخر إقامة شركتي عن استمداد المتعة من مساعدة الآخرين. من خلال إقامة هذه الشركة عن هذين المطلبين المتعلقين بالسلوك الأخلاقي، هل لديك الآن فهم للمبادئ الأساسية للتمييز فيما يخص كيفية تقييم السلوك الأخلاقي، بالإضافة إلى الفرق بين معايير الله لتقييم الناس والسلوك الأخلاقي الذي يتحدث عنه الإنسان؟ (نعم).
لقد أقمتُ شركة للتو عن اثنين من المطالب التي تفرضها الثقافة التقليدية على السلوك الأخلاقي للإنسان، وهما "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" و"استمد المتعة من مساعدة الآخرين". ما الذي تعلمتموه من شركتي عن هاتين المقولتين؟ (تعلمتُ أن السلوك الأخلاقي للناس لا علاقة له بجوهر إنسانيتهم. فالناس الذين يُظهرون هذه الأنواع من السلوك الأخلاقي يمتلكون على أكثر تقدير بعض السلوكيات والمظاهر الجيدة من حيث جودة أخلاقهم. ومع ذلك، لا يعني هذا أن لديهم إنسانية أو أنهم يعيشون وفقًا لشبه الإنسان. ربحتُ فهمًا أوضح نوعًا ما لهذه المسألة). الناس الذين يُظهرون سلوكًا أخلاقيًا جيدًا ليست لديهم إنسانية بالضرورة، ويمكن للجميع إدراك هذا، وهذه بالفعل هي الطريقة التي تسير بها الأمور. يتبع الناس جميعًا اتجاهات المجتمع الشريرة، وفقدوا جميعًا ضميرهم وعقلهم تدريجيًا، أما القلة منهم فيمكنهم العيش وفقًا لشبه الإنسان. هل كل شخص سلَّم الشرطة في إحدى المرَّات سنتًا واحدًا وجده على الرصيف تبيَّن أنه شخص جيد؟ ليس بالضرورة. ما الآخرة التي يلاقيها في وقت لاحق أولئك الذين جرت الإشادة بهم كأبطال؟ يعرف جميع الناس في قلوبهم إجابات هذه الأسئلة. ماذا حدث لنماذج الكمال أولئك من أصحاب الأخلاق الاجتماعية وفاعلي الخير العظماء الذين كانوا يستمدون المتعة في أحيان كثيرة من مساعدة الآخرين، وكانوا يتزينون بالزهور الحمراء، وكان يشيد بهم الإنسان؟ لقد تبيَّن أن معظمهم ليسوا أشخاصًا جيدين. لقد فعلوا عن قصد بعض الأعمال الجيدة ليصبحوا مشهورين. أما معظم سلوكهم وحياتهم وشخصياتهم الفعلية فهي في الواقع ليست جيدة على الإطلاق، فالشيء الوحيد الذي يجيدونه حقًا هو الإطراء والتملق. عندما يخلعون زهورهم الحمراء وذلك المظهر الخادع السطحي لكونهم نماذج الكمال من أصحاب الأخلاق الاجتماعية، فإنهم لا يعرفون حتى كيفية التصرف أو إدارة حياتهم. ما المشكلة هنا؟ ألم يقعوا في فخ "نموذج الكمال الأخلاقي" الذي أضفاه عليهم المجتمع؟ إنهم لا يعرفون حقًا ما هم عليه، فقد تلقّوا الإطراء المفرط لدرجة أنهم بدأوا يفكرون في مدى عظمة أنفسهم ولم يعد بإمكانهم أن يكونوا أناسًا عاديين. وفي النهاية، لا يعرفون حتى كيفية العيش، ويصبح وجودهم اليومي في حالة فوضى عارمة، بل وينتهي الأمر ببعضهم إلى تعاطي الكحول والاكتئاب وقتل أنفسهم. يوجد بالتأكيد أناس يندرجون تحت هذه الفئة. إنهم يطاردون دائمًا شعورًا ما، ويتمنون أن يكونوا أبطالًا ونماذج أو أن يصبحوا مشهورين أو أن يتربعوا على قمة التميز الأخلاقي. لا يمكنهم أبدًا العودة إلى العالم الواقعي، فالضروريات اليومية للحياة الواقعية مصدر دائم للقلق والمعاناة بالنسبة إليهم. إنهم لا يعرفون كيفية التخلص من هذا الألم أو اختيار المسار الصحيح في الحياة. وبحثًا عن التشويق، يلجأ البعض إلى المخدرات بينما يختار البعض الآخر الانتحار هربًا من مشاعر الفراغ. وغالبًا ما ينتهي الأمر ببعض أولئك الذين لا يقتلون أنفسهم بالموت من الاكتئاب. ألا توجد أمثلة كثيرة على هذا؟ (بلى). هذا هو نوع الضرر الذي تُلحقه الثقافة التقليدية بالناس. لا يقتصر الأمر على أنها لا تسمح للناس بربح فهم دقيق للإنسانية أو إرشادهم إلى المسار الذي يجب عليهم اتباعه، فهذا ليس كل شيء، بل تؤدي بهم في الواقع إلى الضلال وتوجههم إلى عالم من الوهم والتخيل. وهذا يضر بالناس، وهي تفعل ذلك بطريقة عميقة للغاية. قد يقول البعض: "ذلك ليس صحيحًا في جميع الحالات! نحن على ما يرام، أليس كذلك؟" أليست حقيقة أنكم على ما يرام الآن هي نتيجة حماية الله فحسب؟ فقط من أجل اختيار الله لكم وتمتعكم بحمايته، كنتم محظوظين بما يكفي لقبول عمله ويمكنكم قراءة كلامه وحضور الاجتماعات وتبادل إقامة الشركة وأداء واجبكم هنا. لا يمكنكم عيش حياة الإنسانية الطبيعية وامتلاك العقل الطبيعي للتعامل مع جميع جوانب حياتكم اليومية إلا بفضل حمايته. ومع ذلك، لا يمكن إنكار أنه في أعماق عقولكم لا تزال توجد أفكار ووجهات نظر مثل "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" و"استمد المتعة من مساعدة الآخرين". وفي الوقت نفسه، ما زلتم مأسورين بهذه المعايير الأيديولوجية والأخلاقية التي تأتي من البشرية. لماذا أقول إنكم مأسورون بهذه الأشياء؟ لأن المسار الذي تختارونه في الحياة، ومبادئ واتجاه أفعالكم وتصرُّفكم، والمبادئ والطرق والمعايير التي تنظرون من خلالها إلى الناس والأشياء، وما إلى ذلك، لا تزال جميعها خاضعة لتأثير هذه المعايير الأيديولوجية والأخلاقية أو حتى لأغلالها وسيطرتها بدرجات متفاوتة. بيد أن كلام الله والحق لم يصبحا بعد أساس ومعايير وجهات نظركم عن الناس والأشياء وتصرُّفكم وأفعالكم. اعتبارًا من الآن، لم تختاروا إلا الاتجاه الصحيح في الحياة ولديكم الإرادة والطموح والرجاء للانطلاق في طريق السعي إلى الحق. ومع ذلك، فإن معظمكم في الواقع لم ينطلق بتاتًا في هذا الطريق، أي أنكم لم تنطلقوا في الطريق الصحيح الذي أعده الله للإنسان. سوف يقول البعض: "إذا كنا لم ننطلق في الطريق الصحيح، فلماذا لا نزال قادرين على أداء واجباتنا؟" هذه هي نتيجة اختيار الإنسان وتعاونه وضميره وإرادته، فأنت تتعاون في الوقت الحالي مع مطالب الله وتبذل قصارى جهدك للتحسن، ولكن مجرد أنك تحاول التحسن لا يعني أنك قد انطلقت بالفعل على طريق السعي إلى الحق. وأحد أسباب هذا هو أنكم ما زلتم متأثرين بالأفكار التي غرستها الثقافة التقليدية فيكم. مثال ذلك، قد يكون لديكم فهم جيد لجوهر التعبيرين "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" و"استمد المتعة من مساعدة الآخرين" بعد سماعي أقيم شركة عنهما وأكشفهما، ولكن قد تُغيِّرون رأيكم في غضون أيام قليلة. قد يتبادر إلى ذهنكم: "ما الخطأ في القول "لا تحتفظ بالمال الذي تجده"؟ فأنا أحب الناس الذين لا يحتفظون بالمال الذي يجدونه. إنهم على الأقل ليسوا جشعين. وما الخطأ في القول "استمد المتعة من مساعدة الآخرين"؟ على أقل تقدير، عندما تكون في احتياج، يمكنك الاتكال على شخص يمد لك يد المساعدة. هذا شيء جيد ويحتاج إليه الجميع! بالإضافة إلى ذلك، بصرف النظر عن نظرتك إليه، فإن إيجاد الناس متعة في مساعدة الآخرين هو ببساطة شيء جيد وإيجابي. إنه واجبنا الضروري وينبغي عدم انتقاده!" كما ترى، بعد أيام قليلة من إيقاظك، سوف يكون نوم ليلة واحدة كافيًا لتغييرك. سوف يعيدك إلى ما كنتَ عليه من قبل ويعيدك ثانيةً إلى سجن الثقافة التقليدية. أي أن هذه الأشياء الموجودة في أعماق عقلك تؤثر على خواطرك وآرائك من وقت لآخر، كما تؤثر على المسارات التي تختارها. وبينما تؤثر عليك، فإنها لا محالة تعيقك أيضًا باستمرار وتمنعك من تحقيق رغبتك في الانطلاق في المسار الصحيح في الحياة والانطلاق في طريق السعي إلى الحق واتخاذ الطريق في الحياة الذي يكون فيه كلام الله هو أساسك والحق معيارك. حتى لو كنتَ على استعداد تام للسير في هذا الطريق، وحتى لو اشتقتَ لفعل ذلك، وشعرتَ بالضيق بسبب ذلك، وقضيتَ أيامك في التفكير والتخطيط واتخاذ قرارات والصلاة من أجله، لن تسير الأمور كما تشاء. وسبب هذا هو أن جوانب الثقافة التقليدية هذه متجذرة بعمق في أعماق قلبك. قد يقول البعض: "ذلك ليس صحيحًا! أنت تقول إن الثقافة التقليدية متجذرة بعمق في قلوب الناس، لكنني لا أعتقد بصحة هذا. أنا في العشرينات من عمري ولستُ في السبعينات أو الثمانينات، فكيف يمكن أن تكون هذه الأشياء قد تجذرت بالفعل في قلبي؟" لماذا أقول إن هذه الأفكار متجذرة بعمق في قلبك؟ فكِّر في الأمر: من وقت ذكرياتك الأولى، ألم تطمح دائمًا في أن تكون شخصًا نبيلًا، حتى لو لم يغرس والداك مثل هذه الأفكار فيك؟ مثال ذلك، يحب معظم الناس مشاهدة الأفلام وقراءة الروايات عن الأبطال ويتعاطفون بشدة مع الضحايا في هذه القصص، بينما يحتقرون الأوغاد والشخصيات قاسية القلب التي تؤذي الآخرين. عندما تنشأ في خلفية من هذا النوع، فإنك تقبل بلا وعي الأشياء التي اتفق عليها المجتمع العام بصفة جماعية. لماذا قبلتَ تلك الأشياء إذًا؟ لأن الناس لا يولدون وهم يمتلكون الحق وليست لديهم قدرة فطرية على تمييز الأشياء. أنت لا تمتلك هذه الغريزة، والغريزة التي يمتلكها البشر هي ميل متأصل إلى محبة بعض الأشياء الجيدة والإيجابية والنشطة. هذه الأشياء النشطة والإيجابية تجعلك تطمح إلى أن تعمل ما هو أفضل، وتصبح شخصًا صالحًا وبطوليًا وعظيمًا. تبدأ هذه الأشياء تتشكل تدريجيًا في قلبك عندما تتعامل مع أقوال تنبع من الرأي العام والأخلاق الاجتماعية. بمجرد أن تتسلل إليك التعبيرات التي تأتي من أخلاق الثقافة التقليدية وتدخل عالمك الداخلي، فإنها تتجذر في قلبك وتبدأ تهيمن على حياتك. وعندما يحدث هذا، فإنك لا تميز هذه الأشياء أو تقاومها أو ترفضها، بل تشعر شعورًا عميقًا بحاجتك إليها. وخطوتك الأولى هي إرضاء هذه الأقوال. لمَ ذلك؟ نظرًا لأن هذه الأقوال مناسبة تمامًا لأذواق الناس ومفاهيمهم، فإنها تتوافق مع احتياجات العوالم الروحية للناس. ونتيجةً لذلك، فأنت تقبل هذه التعبيرات على أنها مسألة طبيعية ومن دون أي احتراس منها على الإطلاق. وبالتدريج، من خلال نشأتك العائلية وتعليمك المدرسي وإلزام المجتمع وتلقينه، بالإضافة إلى تصوراتك الخاصة، ينتهي بك الأمر إلى اقتناعك التام بأن هذه الأقوال أشياء إيجابية. وبمرور الوقت، بينما تتقدم في العمر تدريجيًا، تسعى جاهدًا لاتباع هذه الأقوال في جميع أنواع السياقات والمواقف واتباع هذه الأشياء التي يُفضِّلها البشر بالفطرة ويعتقدون أنها جيدة. إنها تتشكل بازدياد وتترسخ بالأكثر في داخلك. وفي الوقت نفسه، تهيمن هذه الأشياء على نظرتك إلى الحياة والأهداف التي تسعى إليها وتصبح المعايير التي تحكم من خلالها على الناس والأشياء. بمجرد أن تتشكل أقوال الثقافة التقليدية هذه داخل الناس، تتوفر جميع الظروف الأساسية التي تقودهم إلى مقاومة الله والحق. يبدو الأمر كما لو أن الناس يجدون أسبابهم الخاصة وأساسهم الخاص لفعل ذلك. وهكذا، عندما يكشف الله شخصيات الناس الفاسدة وجوهرهم الفاسد ويمطرهم بالتوبيخ والدينونة، فإن الناس يشكلون جميع أنواع المفاهيم عنه. يفكرون في قرارة أنفسهم: "يقول الناس غالبًا: "إذا ضربت الآخرين، فلا تضربهم على وجوههم. وإذا واجهت الآخرين، فلا تناقش عيوبهم"، و"الإعدام لا يفعل شيئًا إلا دحرجة الرؤوس. كن لينًا قدر الإمكان"، فكيف يمكن أن يتكلم الله هكذا؟ هل كان ذلك حقًا هو الله؟ لن يتكلم الله بتلك الطريقة، إذ لا بد أن يتبع أرقى مستوى ويتحدث إلى الناس بنغمة لطيفة مثل نغمة بوذا الذي يُخلِّص جميع البشر من المعاناة، أو نغمة التعاطف مع الآخرين. ذلك هو ما يشبهه الله، أي شخصية رحيمة وجليلة بشكل يفوق الوصف". تستمر هذه السلسلة من الأفكار ووجهات النظر والمفاهيم تتدفق من قلبك بمقدار يتزايد باستمرار، وفي النهاية لا يمكنك التحمُّل أكثر من ذلك وتفعل شيئًا للتمرد ضد الله ومقاومته رغمًا عن نفسك. وبهذه الطريقة، تدمرك مفاهيمك وتصوراتك. يمكننا أن نرى من هذا أنه بصرف النظر عن عمرك، ما دمتَ قد تلقيت تعليم الثقافة التقليدية وتمتلك القدرة العقلية لشخص بالغ، فإن قلبك سوف يمتلئ بجوانب أخلاق الثقافة التقليدية هذه، وسوف تتجذر في داخلك تدريجيًا. لقد سيطرت عليك بالفعل، وقد عشتَ بالفعل وفقًا لهذه الأشياء لأعوام عديدة. شغلت جوانب أخلاق الثقافة التقليدية هذه حياتك وطبيعتك لفترة طويلة. مثال ذلك، من سن الخامسة أو السادسة، تعلَّمتَ استمداد المتعة من مساعدة الآخرين وعدم الاحتفاظ بالمال الذي تجده. لقد أثَّرت هذه الأشياء عليك وفرضت طريقة تصرُّفك تمامًا. والآن، بما أنك شخص في منتصف العمر، فقد عشتَ بالفعل وفقًا لهذه الأشياء لأعوام عديدة، وهذا يعني أنك بعيد كل البعد عن المعايير التي يتطلبها الله من الإنسان. منذ أن قبلتَ هذه الأقوال عن السلوك الأخلاقي التي تروج لها الثقافة التقليدية، فقد ضللتَ عن مطالب الله أكثر فأكثر. لقد اتسعت الهوة بين معاييرك عن الإنسانية ومعايير الإنسانية التي يطلبها الله أكبر وأكبر. ونتيجةً لذلك، ضللتَ أكثر فأكثر عن الله. أليست هذه هي الحالة؟ خصصوا الوقت للتفكير في هذه الكلمات.
دعونا نقيم الشركة الآن عن القول التالي فيما يخص السلوك الأخلاقي "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين" – ماذا يعني هذا القول؟ يعني أنه ينبغي عليك أن تطالب نفسك بمطالب صارمة وتتساهل مع الآخرين، حتى يتمكنوا من رؤية مدى كرمك وشهامتك. لماذا ينبغي أن يفعل الناس هذا إذًا؟ وما المراد أن يحققه؟ هل هو ممكن؟ وهل هو تعبير طبيعي حقًّا عن إنسانية الناس؟ يجب أن تقدم تنازلات هائلة لفعل هذا! يجب أن تتحرر من الرغبات والمطالب، وأن تطالب نفسك بالشعور بقدر أقل من الفرح، وأن تعاني أكثر قليلًا، وأن تدفع ثمنًا أكبر، وأن تعمل أكثر حتى لا يضطر الآخرون إلى إرهاق أنفسهم. وإذا كان الآخرون يتذمرون أو يشتكون أو يؤدون أداءً سيئًا، فيجب ألا تطلب منهم الكثير – فالكثير كالقليل لا بأس به. يعتقد الناس أن هذه علامة على الأخلاق النبيلة – ولكن لماذا تبدو زائفة لي؟ أليست زائفة؟ (بلى). في ظل الظروف العادية، يكون التعبير الطبيعي عن الطبيعة البشرية للشخص العادي بأن يكون متساهلًا مع نفسه وصارمًا مع الآخرين. تلك حقيقة. يمكن للناس إدراك مشكلات أي شخص آخر – إذ سيقول أحدهم: "هذا الشخص مغرور! وذاك الشخص سيئ! وهذا أناني! وذاك مهمل وغير مبالٍ في أداء واجبه! هذا الشخص كسول جدًّا! بينما يقول لنفسه: "إذا كنت كسولًا بعض الشيء، فلا بأس بذلك. فمقدرتي جيدة. وعلى الرغم من أنني كسول، فإنني أؤدي عملًا أفضل من الآخرين!" إنه ينتقد عمل الآخرين ويحب تصيُّد الأخطاء، لكنه متساهل ومتوافق مع نفسه قدر الإمكان. أليس هذا تعبيرًا طبيعيًّا عن طبيعته البشرية؟ (إنه كذلك). إن كان من المتوقع أن يلتزم الناس بفكرة أن يكونوا "صارمين مع أنفسهم ومتساهلين مع الآخرين"، فما المعاناة التي يجب أن يضعوا أنفسهم فيها؟ هل يمكنهم تحمُّلها حقًّا؟ كم عدد الناس الذين يمكنهم عمل ذلك؟ (لا أحد). ولِمَ ذلك؟ (الناس أنانيون بطبيعتهم. إنهم يتصرفون وفقًا لمبدأ "يبحث كل إنسان عن مصلحته قائلًا اللهم نفسي"). في الواقع، الإنسان أناني بطبعه ومخلوق أناني، وهو ملتزم بشدة بتلك الفلسفة الشيطانية: "يبحث كل إنسان عن مصلحته قائلًا اللهم نفسي". يعتقد الناس أنه سيكون كارثيًّا ومنافيًا للطبيعة بالنسبة إليهم ألا يكونوا أنانيين ويهتموا بأنفسهم عندما تحل بهم الأمور. هذا هو اعتقاد الناس وطريقة تصرفهم. إن كان من المتوقع من الناس ألا يكونوا أنانيين، وأن يطالبوا أنفسهم بمطالب صارمة، وأن يخسروا عن طيب خاطر بدلًا من استغلال الآخرين، فهل ذلك توقع واقعي؟ إن كان من المتوقع أن يقول الناس بسعادة عندما يستغلهم شخص ما: "أنت تستغل، ولكنني لا أثير ضجة حول ذلك. أنا شخص متسامح، ولن أشتمك أو أحاول الانتقام منك، وإن لم تكن قد استغللتني بما يكفي بعد، فلا تتردد في مواصلة ذلك" – فهل ذلك توقع واقعي؟ كم عدد الناس الذين يمكنهم عمل ذلك؟ هل هذه هي الطريقة التي يتصرف بها البشر الفاسدون عادةً؟ من الواضح أن حدوث هذا أمر شاذ. لِمَ ذلك؟ لأن الأشخاص ذوي الشخصيات الفاسدة، ولا سيما الأنانيين والأدنياء، يصارعون من أجل مصالحهم الخاصة، والتفكير في الآخرين لن يجعلهم على الإطلاق يشعرون بالرضا. ولذلك، فإن هذه الظاهرة عند حدوثها تعدّ حالة شاذة. "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين": من الواضح أن هذا الزعم عن السلوك الأخلاقي مجرد مطلب لا يتوافق مع الحقائق أو الإنسانية، وهو مطلب يفرضه الأخلاقيون الاجتماعيون الذين لا يفهمون الإنسانية على الإنسان. إنه مثل إخبار الفأر بعدم الحفر أو القط بعدم اصطياد الفئران. هل من الصواب تقديم مثل هذا المطلب؟ (لا، فهو ينافي قوانين الإنسانية). من الواضح أن هذا المطلب لا يتوافق مع الواقع، ومطلب عقيم للغاية. هل أولئك الذين يفرضون هذا المطلب يمكنهم الالتزام به بأنفسهم؟ (لا). إنهم يتوقعون من الآخرين أن يلتزموا بمطلب لا يمكنهم تلبيته بأنفسهم، فما المشكلة هنا؟ أليس هذا استهتارًا نوعًا ما؟ على أقل تقدير، يمكن القول إنهم مستهترون ويتكلمون كلامًا فارغًا. والآن، لغرض التفصيل، ما طبيعة هذه المشكلة؟ (الرياء). صحيح، فهذا مثال على الرياء. من الواضح أنهم لا يستطيعون الالتزام بهذا المطلب بأنفسهم، ومع ذلك لا يزالون يزعمون أنهم متساهلون للغاية وواسعو الصدر ويتمتعون بقيمة أخلاقية عالية. أليس هذا مجرد رياء؟ بصرف النظر عن طريقة نظرتك للأمر، هذا قول فارغ يحمل زيفًا معينًا، ولذلك سوف نصنفه على أنه قول مراءٍ. إنه مشابه لنوع الأقوال التي كان يروج لها الفريسيون. يوجد دافع خفي وراءه وهو بوضوح أن يتباهى المرء ويصف نفسه بأنه شخص ذو سلوك أخلاقي نبيل وأن يثني عليه الآخرون باعتباره مثالًا ونموذجًا للسلوك الأخلاقي النبيل. إذًا، أي نوع من الناس يمكنهم أن يكونوا صارمين مع أنفسهم ومتساهلين مع الآخرين؟ هل يستطيع المعلمون والأطباء الالتزام بهذا القول؟ هل كان بإمكان المشاهير والعظماء والحكماء المزعومون مثل كونفوشيوس ومنسيوس ولاوتسي الالتزام بهذا القول؟ (لا). باختصار، بصرف النظر عن مدى سخافة هذا القول الذي طرحه الإنسان، أو ما إذا كان هذا المطلب مقبولًا أم لا، فهو في النهاية مجرد مطلب مفروض على الشخصية الأخلاقية للناس وسلوكهم الأخلاقي. على أقل تقدير، لا يكون الناس على استعداد للالتزام بهذا المطلب وليس من السهل عليهم ممارسته لأنه يتعارض مع المعايير التي يمكن لإنسانية الإنسان الطبيعية تحقيقها. ولكنه لا يزال على أي حال معيارًا ومطلبًا بشأن السلوك الأخلاقي للإنسان تروج لهما الثقافة التقليدية. على الرغم من أن القول "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين" عبارة فارغة لا يمكن إلا للقلة الالتزام بها، فإنه مماثل للقولين "لا تحتفظ بالمال الذي تجده" و"استمد المتعة من مساعدة الآخرين" بصرف النظر عن الدوافع أو النوايا التي يضمرها الناس الذين يمارسونه أو ما إذا كان أي شخص يمكنه ممارسته من الأساس. على أي حال، بناءً على حقيقة أن الناس الذين يروجون لهذا المطلب يضعون أنفسهم على قمة الأخلاق، ألا يجعلهم هذا متكبرين وأبرارًا في أعين ذواتهم ولديهم عقل غير طبيعي إلى حد ما؟ إذا سألتهم عما إذا كان بإمكانهم الالتزام بالقول "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين"، فسوف يقولون: "بالطبع!" ومع ذلك، عندما يُضطرون بالفعل للالتزام به، لن يتمكنوا من ذلك. لماذا لن يتمكنوا من الالتزام به؟ لأن لديهم شخصية شيطانية متكبرة. اطلب منهم الالتزام بهذا المبدأ الأخلاقي عندما يتنافس الآخرون معهم على المكانة والسلطة والهيبة والمكسب، وانظر فيما إذا كان بإمكانهم فعل ذلك. لن يتمكنوا ببساطة من فعل ذلك، بل وسوف يعادونك. إذا سألتهم: "لماذا لا تزال تروج لهذا القول بينما لا يمكنك حتى الالتزام به بنفسك؟ لماذا لا زلت تطالب الآخرين بالالتزام به؟ أليس هذا رياءً منك؟"، فهل سيقبل الأمر؟ إذا كشفتهم، فلن يقبلوا الأمر. وبصرف النظر عن كيفية كشفك لهم، لن يقبلوا الأمر أو يعترفوا بالخطأ. وهذا يدل على أنهم ليسوا أناسًا جيدين. إن حقيقة أنهم يتصنعون نبرة أخلاقية عالية على الرغم من عدم قدرتهم على الامتثال لمطالبهم الخاصة لا تُظهِر إلا أنهم يُسمّون عن جدارة محتالين كبارًا ومتصنعين مرائين.
"كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين"، كما هو الحال مع القولين "لا تحتفظ بالمال الذي تجده"، و"استمد المتعة من مساعدة الآخرين"، هو أحد تلك المطالب التي تفرضها الثقافة التقليدية بخصوص السلوك الأخلاقي للناس. وفوق ذلك، بصرف النظر عما إذا كان بإمكان شخص ما بلوغ مثل هذا السلوك الأخلاقي أو ممارسته، فإنه لا يزال غير المعيار أو القاعدة لقياس إنسانيته. قد تتمكن حقًّا من أن تكون صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين وأن تلتزم بمعايير عالية بشكل خاص. قد تكون طاهرًا بالفعل وقد تفكر بالآخرين دائمًا وتكون مراعيًا لهم من دون أن تكون أنانيًّا ومن دون أن تسعى وراء اهتماماتك الخاصة. قد تبدو شهمًا وغير أناني على وجه الخصوص، ولديك حس قوي بالمسؤولية الاجتماعية والأخلاق الاجتماعية. قد تظهر شخصيتك وسماتك النبيلة أمام المقربين منك وأولئك الذين تقابلهم وتتفاعل معهم. قد لا يمنح سلوكك الآخرين أبدًا أي سبب للومك أو انتقادك، مما يؤدي بدلًا من ذلك إلى الثناء المفرط بل والإعجاب. قد يعتبرك الناس شخصًا صارمًا حقًّا مع نفسه ومتساهلًا مع الآخرين، لكن هذه ما هي إلا سلوكيات خارجية. هل الأفكار والرغبات العميقة في قلبك متوافقة مع هذه السلوكيات الخارجية ومع هذه الأفعال التي تعيش وفقًا لها ظاهريًّا؟ الإجابة لا، ليست كذلك. والسبب في قدرتك على التصرف بهذه الطريقة هو أن هناك دافعًا وراء ذلك. ما هو ذلك الدافع بالضبط؟ هل يمكنك تحمُّل أن يصبح ذلك الدافع حقيقة واقعة؟ بالتأكيد لا. وهذا يثبت أن هذا الدافع شيء لا يُذكر، وشيء قاتم وشرير. والآن، لماذا هذا الدافع مريع وشرير؟ لأن إنسانية الناس محكومة ومدفوعة بشخصياتهم الفاسدة. فجميع خواطر الإنسانية، بصرف النظر عما إذا كان الناس يصيغونها في كلمات أو تتدفق منهم، تخضع لهيمنة شخصياتهم الفاسدة وسيطرتها وتحكُّمها بلا ريب. ونتيجةً لذلك، فإن دوافع الناس ونواياهم جميعها خبيثة وشريرة. بصرف النظر عما إذا كان الناس يمكنهم أن يكونوا صارمين مع أنفسهم ومتساهلين مع الآخرين، أو ما إذا كانوا يُعبِّرون ظاهريًا عن هذا المبدأ الأخلاقي بشكل مثالي أم لا، من المحتم ألا يكون لهذا المبدأ الأخلاقي أي سيطرة أو تأثير على إنسانيتهم. ما الذي يتحكم إذًا في إنسانية الناس؟ شخصياتهم الفاسدة وجوهر إنسانيتهم الذي يختبئ فيما وراء المبدأ الأخلاقي "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين"، فتلك هي طبيعتهم الحقيقية. إن طبيعة الشخص الحقيقية هي جوهر إنسانيته. ومما يتكون جوهر إنسانيته؟ إنه يتكون أساسًا من تفضيلاته وما يسعى إليه ونظرته للحياة ونظام قيمه، بالإضافة إلى موقفه تجاه الحق والله وما إلى ذلك. فهذه الأشياء هي وحدها التي تمثل حقًا جوهر إنسانية الناس. يمكن القول على وجه اليقين إن معظم الناس الذين يطالبون أنفسهم بتحقيق المبدأ الأخلاقي المتمثل في "الصرامة مع أنفسهم والتساهل مع الآخرين" مهووسون بالمكانة. إنهم مدفوعون بشخصياتهم الفاسدة، ولا يهمهم إلا السعي وراء الهيبة بين الناس والشهرة الاجتماعية والمكانة في نظر الآخرين. جميع هذه الأشياء مرتبطة برغبتهم في الحصول على المكانة، ويتم السعي وراءها تحت غطاء سلوكهم الأخلاقي الجيد. وكيف تتحقق مساعيهم هذه؟ إنها تأتي وتُقاد بالكامل من شخصياتهم الفاسدة. ولذلك، بصرف النظر عما إذا كان شخص ما يحقق المبدأ الأخلاقي المتمثل في "الصرامة مع نفسه والتساهل مع الآخرين" أم لا، وما إذا كان يفعل ذلك إلى حد الكمال أم لا، فإن هذا لا يمكنه أن يغير جوهر إنسانيته على الإطلاق. وهذا يعني ضمنيًّا أنه لا يمكنه بأي شكل من الأشكال تغيير نظرته للحياة أو نظام قيمه أو توجيه مواقفه ووجهات نظره حول جميع أنواع الناس والأحداث والأشياء. أليس هذا هو الحال؟ (إنه كذلك). كلما تمكَّن شخص من أن يكون أكثر صرامة مع نفسه وتساهلًا مع الآخرين، كان أفضل في التظاهر وإخفاء نفسه وخداع الآخرين بالسلوك الجيد والكلمات المعسولة، وزاد خداعه وشره بطبيعة الحال. وكلما زاد اتصافه بصفات هذا النوع من الأشخاص، ازداد حبه للمكانة والسلطة وسعيه وراءهما. ومهما كان سلوكه الأخلاقي الخارجي عظيمًا ومجيدًا وصحيحًا، ومهما كان ذلك ممتعًا للنظر بالنسبة للناس، قد ينكشف السعي غير المعلن الكامن في أعماق قلبه، بالإضافة إلى طبيعته وجوهره، بل وحتى طموحاته في أي وقت. ولذلك، مهما كان سلوكه الأخلاقي جيدًا، فإنه لا يمكن أن يخفي الجوهر الأساسي لإنسانيته أو طموحاته ورغباته. ولا يمكنه أن يخفي طبيعته وجوهره البشعين اللذين لا يحبان الأشياء الإيجابية، ويشعران بالسأم من الحق ويكرهانه. فيما تظهر هذه الحقائق، فإن القول "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين" يتعدى كونه مجرد قول عبثي – فهو يكشف أولئك الطموحين الذين يحاولون استخدام مثل هذه الأقوال والسلوكيات للتغطية على طموحاتهم ورغباتهم المريعة. يمكنكم مقارنة هذا ببعض أضداد المسيح والأشرار في الكنيسة. يمكنهم تحمُّل المعاناة ودفع ثمن أثناء أداء واجباتهم لترسيخ مكانتهم وسلطتهم داخل الكنيسة وربح سمعة أفضل بين الأعضاء الآخرين، بل وقد يتخلون عن عملهم وعائلاتهم ويبيعون كل شيء لديهم لبذل أنفسهم لله. وفي بعض الحالات، تتجاوز الأثمان التي يدفعونها والمعاناة التي يتعرضون لها في بذل أنفسهم لله ما يمكن للشخص العادي أن يتحمله. يمكنهم تجسيد روح إنكار الذات الشديد للحفاظ على مكانتهم. ومع ذلك، بصرف النظر عن مقدار معاناتهم أو الأثمان التي يدفعونها، لا أحد منهم يصون شهادة الله أو مصالح بيت الله أو يمارس وفقًا لكلام الله. فالهدف الذي يسعون إليه يتمثل فقط في الوصول إلى المكانة والسلطة ومكافآت الله. ولا شيء يفعلونه له أدنى علاقة بالحق. بصرف النظر عن مدى صرامتهم مع أنفسهم وتساهلهم مع الآخرين، ماذا ستكون آخرتهم النهائية؟ ماذا سيكون رأي الله عنهم؟ هل سيحدد آخرتهم بناءً على السلوكيات الخارجية الجيدة التي يعيشونها؟ بالتأكيد لا. ينظر الناس إلى الآخرين ويحكمون عليهم بناءً على هذه السلوكيات والمظاهر، ونظرًا لأنهم لا يمكنهم رؤية جوهر الآخرين، ينتهي الأمر بهم بانخداعهم بالآخرين. ومع ذلك، فإن الله لا ينخدع بالإنسان أبدًا. إنه لن يمدح السلوك الأخلاقي للناس ويتذكره مطلقًا نظرًا لأنهم استطاعوا أن يكونوا صارمين مع أنفسهم ومتساهلين مع الآخرين. وبدلًا من ذلك، سوف يدينهم بسبب أطماعهم والطرق التي سلكوها في السعي إلى المكانة. ولذلك، فإن أولئك الذين يسعون إلى الحق ينبغي أن يكون لديهم تمييز لهذا المعيار لتقييم الناس. ينبغي أن ينكروا تمامًا هذا المعيار العبثي ويتخلوا عنه، وأن يميزوا الناس وفقًا لكلام الله ومبادئ الحق. ينبغي أن ينظروا بشكل أساسي إلى ما إذا كان الشخص يحب الأشياء الإيجابية، وما إذا كان بإمكانه قبول الحق، وما إذا كان بإمكانه الخضوع لسيادة الله وترتيباته، بالإضافة إلى المسار الذي يختاره ويسلكه، ويصنفوا أي نوع من الأشخاص هو، وأي نوع من الإنسانية لديه، بناءً على هذه الأشياء. من السهل للغاية أن تظهر الانحرافات والأخطاء عندما يحكم الناس على الآخرين بناءً على معيار "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين". إذا ميَّزتَ شخصًا ونظرتَ إليه بشكل خاطئ بناءً على مبادئ وأقوال مأخوذة من الإنسان، فإنك تنتهك الحق وتقاوم الله في ذلك الأمر. لمَ هذا؟ السبب هو أن أساس آرائك عن الناس سوف يكون خاطئًا وغير متوافق مع كلام الله والحق، بل وقد يتعارض ويتناقض معهما. لا يُقيِّم الله إنسانية الناس بناءً على التعبير عن السلوك الأخلاقي "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين"، ولذلك إذا كنت لا تزال تصر على الحكم على أخلاق الناس وتحديد نوع الشخص وفقًا لهذا المعيار، فقد انتهكتَ مبادئ الحق تمامًا، ومن المؤكد أن ترتكب أخطاء وتتسبب في بعض الأخطاء والانحرافات. أليست هذه هي الحالة؟ (بلى). بمجرد أن يفهم الناس هذه الأشياء، سوف يكون لديهم على أدنى تقدير مستوى معين من الفهم للأساس والمبادئ والمعايير التي ينظر الله من خلالها إلى الناس والأشياء، وسوف يكون لديك على أدنى تقدير فهم وتقدير لتعامل الله مع هذه الأمور. ماذا عن الأمر من وجهة نظرك إذًا؟ ينبغي أن تعرف على الأقل الأساس الصحيح للنظر إلى الشخص ومعيار النظر إلى الناس الذي يتوافق مع الحق والوقائع الفعلية، وهذا لن يؤدي مطلقًا إلى أي أخطاء أو انحرافات. إذا اتضحت لك هذه الأمور حقًا، فسوف تتمكن من تمييز جوانب الثقافة التقليدية هذه، بالإضافة إلى مختلف تعبيرات الإنسان ونظرياته وطرقه في النظر إلى الناس الآخرين، وسوف تتمكن تمامًا من التخلي عن جوانب الثقافة التقليدية هذه وجميع الأقوال والآراء المختلفة المستمدة من الإنسان. وبهذه الطريقة، سوف تنظر إلى الناس وتميزهم بناءً على مبادئ الحق، وسوف تكون نوعًا ما متوافقًا مع الله، ولن تتمرد عليه أو تقاومه أو تعارضه. عندما تصل إلى التوافق مع الله تدريجيًا، سوف تتكون لديك نظرة ثاقبة واضحة بشكل متزايد عن جوهر الناس والأشياء، وسوف تجد تأكيدًا على هذا في كلام الله. سوف ترى أن مختلف تعبيرات الله التي تكشف البشرية وتوصيفاته وتعريفاته للبشرية جميعها صحيحة، وأنها جميعها الحق. وبالطبع، عندما تجد تأكيدًا على هذا، سوف تربح المزيد والمزيد من الإيمان والمعرفة بالله وكلامه، وسوف يزداد يقينك بشكل متزايد من أن كلام الله هو الحق والواقع الذي يجب على الإنسان أن يعيشه. أليس هذا هو ما تتكون منه عملية قبول الحق والوصول إليه؟ (بلى). هذه هي عملية قبول الحق والوصول إليه.
يهدف السعي إلى الحق إلى قبول الحق باعتباره حياة المرء. عندما يستطيع الناس قبول الحق، تبدأ إنسانيتهم وحياتهم الداخليتان في التحول تدريجيًا، وفي النهاية يكون هذا التحول هو مكافأتهم. لقد كنتَ في الماضي تنظر إلى الناس والأشياء وفقًا للثقافة التقليدية، لكنكَ أدركت الآن أن هذا كان خطأ، ولن تعود تنظر إلى الأشياء من ذلك المنظور أو تنظر إلى أي شخص بناءً على ما تمليه الثقافة التقليدية. على أي أساس سترى الآن الناس والأشياء إذًا؟ إذا كنت لا تعرف، فهذا يثبت أنك ما زلت لم تقبل الحق. إذا كنت تعرف بالفعل مبادئ الحقائق التي ينبغي أن تنظر إلى الناس والأشياء وفقًا لها، وإذا استطعت أن تحدد بدقة ووضوح الأساس والمسار والمعايير والمبادئ، وإذا استطعت أيضًا التمييز والتعامل مع الناس وفقًا لمبادئ الحق هذه، فقد بدأ الحق بالفعل في التأثير بداخلك، فهو يرشد أفكارك ويهيمن على المنظور الذي تنظر من خلاله إلى الناس والأشياء. وهذا يثبت أن الحق قد ترسخ بالفعل فيك وأصبح حياتك. كيف سيساعدك إذًا تأثير الحق عليك في النهاية؟ ألن يؤثر الحق على كيفية تصرُّفك، والمسار الذي تختاره، واتجاهك في الحياة؟ (بلى). إذا استطاع الحق التأثير في كيفية تصرُّفك والمسار الذي تسلكه، ألن يؤثر حينها في علاقتك مع الله؟ (بلى). ما النتيجة التي ستأتي من تأثير الحق في علاقتك مع الله؟ هل ستصبح أقرب أم أبعد؟ (سوف أصبح أقرب إلى الله). من المؤكد أنك ستصبح أقرب إليه. وعندما تصبح أقرب إلى الله، هل ستكون أكثر استعدادًا لاتباعه والسجود أمامه، أم ستؤمن على مضض بوجوده بينما تعوقك الشكوك وحالات سوء الفهم؟ (سوف أكون على استعداد لاتباع الله والسجود أمامه). ذلك أمر مؤكد. والآن، كيف ستحقق هذا الاستعداد؟ سوف تجد تأكيدًا لكلام الله في حياتك الحقيقية. سوف يبدأ الحق يؤثر فيك، وسوف تجد تأكيدًا لذلك. في عملية الكشف عن جميع الأشياء، سوف يتأكد المصدر الخفي لجميع هذه الأشياء بداخلك، وسوف تجده متسقًا تمامًا مع كلام الله. سوف تتحقق من أن كلام الله كله هو الحق، وسوف يزيد هذا من إيمانك بالله. كلما زاد إيمانك بالله، أصبحت علاقتك به طبيعية، وأصبحتَ أكثر استعدادًا للتصرف ككائن مخلوق وعلى استعداد لاعتبار الله سيدًا لك، وسوف يزداد عدد الجوانب التي لديك في الخضوع لله. ما رأيك في هذا التحسن في علاقتك؟ إنه رائع، أليس كذلك؟ هذه هي نتيجة مسار النمو الجيد والإيجابي. إذًا، ماذا ستكون عواقب مسار النمو السيئ والخبيث؟ (سوف يصبح إيمانك بوجود الله ضعيفًا بشكل متزايد، وسوف تكون لديك حالات سوء فهم وشكوك عن الله). سوف تكون هذه هي العواقب على أقل تقدير. لن تتلقى تأكيدًا في أي أمور، ولن يقتصر الأمر على أنك لن تصل إلى الحق في إيمانك، بل سوف تتشكل لديك أيضًا جميع أنواع المفاهيم. سوف تسيء فهم الله وتلومه وتحترس منه، وسوف تنكره في النهاية. إذا أنكرت الله في قلبك، فهل ستظل قادرًا على اتباعه؟ (لا). لن ترغب في اتباعه فيما بعد. ماذا سيحدث بعد ذلك؟ سوف تفقد الاهتمام بما يفعله الله ويقوله. فعندما يقول الله: "نهاية البشرية قد اقتربت"، سوف تجيب: "لا أرى شيئًا!" لن تصدقه. وعندما يقول الله: "سوف تربح غاية صالحة بعد السعي إلى الحق"، سوف تجيب: "أين هذه الغاية الصالحة التي تتكلم عنها؟ إني لا أراها!" لن تكون مهتمًا. وعندما يقول الله: "يجب أن تتصرف ككائن حقيقي مخلوق"، سوف تجيب: "هل توجد أي فائدة من التصرف ككائن حقيقي مخلوق؟ كم عدد البركات التي يمكنني الحصول عليها من ذلك؟ هل يمكنني حقًا أن أحصل على البركات من فعل ذلك؟ وهل له علاقة بالحصول على البركات؟" وعندما يقول الله: "يجب أن تقبل سيادة الله وتخضع لها!"، سوف تجيب: "أي سيادة؟ لماذا لا يمكنني الشعور بسيادة الله؟ إذا كان الله يملك السيادة حقًا، فلماذا سمح لي بالعيش فقيرًا؟ لماذا سمح لي بالمرض؟ إذا كان الله يملك السيادة، فلماذا تكون الأشياء دائمًا صعبة للغاية بالنسبة لي؟" سوف يمتلئ قلبك بالشكاوى، ولن تصدق أي شيء يقوله الله. وسوف يثبت هذا عدم إيمانك بالله. ولهذا السبب، أثناء مواجهة مختلف المشكلات، فإن كل ما ستفعله هو الشكوى بلا أدنى درجة من الطاعة. وهكذا ستصل إلى هذه الآخرة الخبيثة. يقول بعض الناس: "بما أن الله يملك السيادة، فإنه يجب أن يساعدني على التعافي من مرضي فورًا. يجب أن يساعدني لتحقيق جميع أمنياتي. لماذا تمتلئ حياتي الآن بالمصاعب والمعاناة؟" لقد فقدوا إيمانهم بالله، بل وفقدوا أدنى أثر للإيمان الضئيل الذي كان لديهم ذات يوم، فقد اختفى تمامًا. هذه هي العاقبة الخبيثة والنتيجة الشريرة لهذا كله. هل تريدون الوصول إلى هذه النقطة؟ (لا). كيف يمكنك تجنب الانحدار إلى هذا المستوى؟ يجب أن تبذل جهدًا عندما يتعلق الأمر بالحق، ويكمن سر هذا كله ومساره في الحق وفي كلام الله. إذا بذلتَ جهدًا عندما يتعلق الأمر بكلام الله والحق، سوف تبدأ من دون قصد في رؤية المسار الذي علَّمك الله إياه وأرشدك إليه بشكل أوضح، وسوف ترى جوهر الناس والأحداث والأشياء التي ينظمها الله. ومن خلال كل خطوة من هذا الاختبار، سوف تكتشف تدريجيًا مبادئ وأساس النظر إلى الناس والأشياء والتصرُّف والعمل في سياق كلام الله. من خلال قبول الحق وفهمه، سوف تجد مبادئ الممارسة ومساراتها فيما تقابله من الناس والأحداث والأشياء. إذا مارستَ وفقًا لهذه المسارات، فسوف يدخل إليك كلام الله ويصبح حياتك، وسوف تبدأ تلقائيًا في العيش وفقًا لسيادة الله وتنظيماته. عندما تعيش وفقًا لسيادة الله وتنظيماته، سوف تتعلم لا شعوريًا كيفية النظر إلى الناس والأشياء وفقًا لكلام الله، وسوف تنظر إلى الأشياء من الموقف والمنظور والنظرة المناسبين. سوف تكون آخرة آرائك عن الأشياء متوافقة مع كلام الله والحق، وسوف تسمح لك بالاقتراب إلى الله والتعطش للحق أكثر من أي وقت مضى. ومع ذلك، إذا كنت لا تسعى إلى الحق أو تبذل جهدًا فيما يتعلق بالحق، وإذا لم يكن لديك اهتمام بالحق، فمن الصعب تحديد النقطة التي ستصل إليها في النهاية. ففي نهاية المطاف، أسوأ نتيجة ممكنة هي عندما لا يستطيع الناس رؤية أعمال الله أو الشعور بسيادته مهما حاولوا الإيمان به، أي عندما لا يدركون قدرة الله المطلقة وحكمته مهما كان عدد الأشياء التي يختبرونها. في مثل هذه الحالات، لن يعترف الناس إلا بأن الكلام الذي يُعبِّر عنه الله هو الحق، لكنهم لن يروا أي رجاء في خلاصهم، وبالطبع لن يروا أن شخصية الله بارة ومقدسة، وسوف يشعرون دائمًا أن إيمانهم بالله خافت. يوضح هذا أنهم لم يصلوا إلى الحق أو خلاص الله، وأنهم لم يربحوا شيئًا بتاتًا بعد إيمانهم بالله لأعوام. أختتم بهذا إقامة شركتي عن القول الثالث "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين".
ما التعبير الرابع عن السلوك الأخلاقي؟ (قابل الشر بالخير). هل يضمر الناس نوايا معينة عندما يقابلون الشر بالخير؟ ألا يتراجعون خطوة إلى الوراء لتسهيل الأمور على أنفسهم؟ أليست هذه طريقة تصالحية في التعامل مع الأشياء؟ لا يريد الناس التورط في دوامة لا تنتهي أبدًا من الانتقام، بل يرغبون في تهدئة الأمور حتى يتمكنوا من العيش بسلام أكثر نوعًا ما. فحياة الشخص ليست طويلة على وجه الخصوص، وسواء عاش حتى بلغ من العمر مائة عام أو عدة مئات من الأعوام، فإنه يجد أن حياته قصيرة. وطوال اليوم، ينشغل بخواطر الانتقام والذبح، وتفيض عوالمه الداخلية بالاضطراب، ويعيش حياة تعيسة. ولذلك، فإنه يحاول إيجاد طريقة لعيش حياة أسعد وأكثر بهجة وأن يعامل نفسه معاملة صحيحة، وهذا هو معنى مقابلة الشر بالخير. من الحتمي أن يُغضِب الناس بعضهم البعض وأن يكون بعضهم ضحايا لمكائد البعض خلال حياتهم، فهم دائمًا مُبتلون بمشاعر انتقامية ومريرة ويعيشون حياة في منتهى الرداءة. ولذلك، يروج الأخلاقيون لهذا المبدأ الأخلاقي للعالم من أجل الشعور العام الاجتماعي والاستقرار والوحدة الاجتماعيين بحيث يكون ذلك هو دافعهم. إنهم يحذرون الناس من مقابلة الشر بالشر، ومن الامتناع عن الكراهية والذبح، ويحثون الناس بدلًا من ذلك على تعلُّم مقابلة الشر بالخير. يقولون إنه حتى لو كان شخص ما قد آذاك في الماضي، فينبغي ألا تنتقم منه بل أن تساعده وتنسى آثامه السابقة وتتعامل معه بشكل طبيعي وتصلحه ببطء، وبذلك تنزع فتيل العداء بينكما وتصل إلى علاقة متناغمة. ألن يؤدي هذا إلى تناغم في المجتمع عمومًا؟ يقولون إنه بصرف النظر عمن أغضبك، سواء كان أحد أفراد العائلة أو أحد الأصدقاء أو الجيران أو زملاء العمل، يجب عليك مقابلة شره بالخير والامتناع عن إضمار الضغائن. يزعمون أنه إذا استطاع الجميع فعل هذا، فسوف يكون الأمر أشبه بما يقوله الناس: "إذا منح الجميع القليل من الحب، فسوف يصبح العالم مكانًا رائعًا". أليست هذه الادعاءات مبنية على تصورات؟ مكان رائع؟ محض خيال! انظر إلى من يدير هذا العالم ومن يفسد البشرية. ما التغيير الذي يمكن أن يحققه بالفعل التعبير المتعلق بالسلوك الأخلاقي "قابل الشر بالخير"؟ لا يمكن أن يغير أي شيء. فهذا التعبير، مثل التعبيرات الأخرى، يفرض مطالب معينة على الجودة الأخلاقية للناس، أو يفرض عليهم بعض اللوائح. إنه يقتضي امتناعهم عن اللجوء إلى الكراهية والذبح عند مواجهة الكراهية والذبح من الآخرين، ومعاملة من يؤذونهم بهدوء واتزان، واستخدام سلوكهم الأخلاقي لنزع فتيل العداوة والذبح، وتقليل مقدار إراقة الدماء. هذا القول عن السلوك الأخلاقي مؤثر بالطبع على الناس إلى حد ما، فمن الممكن أن يهدئ العداوة والاستياء ويقلل جرائم القتل بدافع الانتقام إلى حد ما، ويمكن أن تكون له درجة معينة من التأثير الإيجابي على الشعور العام الاجتماعي والنظام العام والتناغم الاجتماعي، ولكن ما الشروط المسبقة لهذا القول ليكون له هذا التأثير؟ توجد شروط مسبقة مهمة من حيث البيئة الاجتماعية. أحدها هو العقل والحكم الطبيعيان اللذان يمتلكهما الناس. يعتقد الناس: "هل هذا الشخص الذي أريد الانتقام منه أقوى أم أضعف مني؟ إذا انتقمتُ منه، فهل سأتمكن من تحقيق هدفي؟ إذا انتقمتُ منه وقتلته، فهل سأوقِّع بذلك أمر إعدامي؟" إنهم يحسبون العواقب أولًا. وبعد التفكير مليًا في الأشياء، يدرك معظم الناس: "إنه يحظى بعلاقات جيدة، ويتمتع بقدر كبير من التأثير الاجتماعي، وهو شرير وقاس، ولذلك لا يمكنني السعي للانتقام منه على الرغم من أنه قد آذاني. يجب أن أبتلع الإهانة بصمت. ولكن إذا سنحت لي فرصة الانتقام منه في هذه الحياة، فسوف أنتهزها". هذا ما يقوله القولان الشائعان "من لا يسعى إلى الانتقام ليس رجلًا" و"لا يفوت الأوان أبدًا على رجل نبيل ليأخذ بثأره". لا يزال الناس يضمرون هذه الأنواع من فلسفات العيش. من ناحية، يتمسك الناس بفلسفة العيش المتمثلة في مقابلة الشر بالخير لأنها مرتبطة ارتباطًا مباشرًا بالبيئة الاجتماعية والفساد العميق للإنسان، وقد نشأت بسبب مفاهيم الناس وأحكام عقلهم. عندما يواجه معظم الناس مثل هذه المواقف، لا يمكنهم إلا ابتلاع الإهانات بصمت وممارسة مقابلة الشر بالخير ظاهريًا مع تنحية كراهيتهم وثأرهم جانبًا. والسبب الآخر الذي يجعل الناس يتمسكون بفلسفة العيش هذه هو أنه في بعض الحالات يوجد اختلال توازن كبير في القوة بين الطرفين المعنيين، ولذلك لا يجرؤ الطرف المظلوم على الانتقام ويضطر إلى مقابلة الشر بالخير لأنه لا يوجد شيء آخر يمكنه فعله. إذا أراد الانتقام، فقد يُعرِّض حياة عائلته بأكملها للخطر، وعواقب ذلك فوق حدود التصور. يجد الناس في مثل هذه الحالات أنه من الأفضل مواصلة العيش بابتلاع الإهانة. ومع ذلك، هل تغلبوا على استيائهم بفعل ذلك؟ هل يستطيع أحد أن ينسى ضغينة؟ (لا). لا يستطيع أحد أن ينسى ضغينة، وخصوصًا في حالات الضغائن الخطيرة للغاية مثلما يكون شخص قد قتل أحد أقربائك وخرب عائلتك وجلب العار إلى سمعتك مما تسبب في نشوء عداوة شديدة تجاهه. هذا جزء من الإنسانية، وهو شيء لا تستطيع الإنسانية التغلب عليه. تظهر مشاعر الكراهية لدى الناس غريزيًا في مثل هذه المواقف، وهذا أمر طبيعي تمامًا. بصرف النظر عما إذا كانت ناتجة عن التهور أو الغريزة أو الضمير، فإنها استجابة طبيعية على أي حال. فحتى الكلاب تقترب إلى الناس الذين يعاملونها جيدًا ويطعمونها أو يساعدونها بانتظام وتبدأ في الوثوق بهم، بينما تحتقر أولئك الذين يؤذونها ويسيئون معاملتها. وهذا ليس كل شيء، بل إنها تحتقر الناس الذين يظهرون أو يبدون مؤذين لها. وكما ترى، حتى الكلاب تمتلك هذه الغريزة، فما أدراك بالناس! بالنظر إلى أن الناس لديهم عقول أكثر تعقيدًا من الحيوانات، من الطبيعي تمامًا أن يشعروا بالعداء عندما يواجهون القتل بدافع الانتقام أو المعاملة الظالمة. ومع ذلك، ولأسباب عديدة ولظروف معينة، غالبًا ما يُجبَر الناس على تقديم تنازلات وابتلاع الإهانات والتغاضي عن الأشياء مؤقتًا. لكن هذا لا يعني أنهم يرغبون في مقابلة الشر بالخير أو أنهم يستطيعون ذلك. يستند ما قلته للتو إلى منظور الإنسانية وردود الفعل الغريزية للإنسان. إذا نظرنا إلى هذا الآن من منظور الحقائق الموضوعية عن المجتمع، إذا كان الشخص لم يقابل الشر بالخير بل انتقم وارتكب القتل، فماذا ستكون العواقب؟ سوف يتحمل المسؤولية القانونية وقد يُحتجز ويُحكم عليه بالسجن وربما تصدر بحقه عقوبة الإعدام. يمكننا أن نستنتج بناءً على ذلك أنه سواء كان ذلك من منظور الإنسانية أو القوة التقييدية للمجتمع والقانون، عندما يواجه الناس المعاملة الظالمة والقتل الانتقامي، لا يستطيع أحد إبعاد الكراهية من عقله أو من أعماق قلبه. فحتى عند وقوع الناس ضحية لأضرار طفيفة مثل التعرض للهجوم اللفظي أو السخرية أو التهكم، فإنهم لا يزالون عاجزين عن مقابلة الشر بالخير. هل القدرة على مقابلة الشر بالخير مظهر طبيعي للإنسانية؟ (لا). ولذلك، عندما يتعرض شخص للتنمر أو الأذى، ما الذي تحتاجه وتتطلبه إنسانيته على أقل تقدير؟ هل سيقول أي شخص ببهجة وسعادة: "تفضَّل وتنمَّر عليَّ! أنت قوي وشرير، ويمكنك أن تتنمر عليَّ كيفما شئت، وسوف أقابل شرك بالخير. سوف تشعر تمامًا بشخصيتي النبيلة وأخلاقي، وبالتأكيد لن أنتقم منك ولن أكوِّن أي آراء عنك. لن أغضب منك وسأعتبر الأمر كله مزحة. بصرف النظر عن مدى إهانة كلامك لشخصيتي أو إيذائه لكبريائي أو إضراره بمصالحي، فإن كل شيء على ما يرام وينبغي ألا تتردد في قول ما تريد". هل يوجد أمثال هؤلاء الناس؟ (لا). بالتأكيد لا يستطيع أحد حقًا تنحية ضغائنه جانبًا. إنه يكون على ما يرام بالفعل إذا استطاع الاستمرار لفترة من دون قتل عدوه بالانتقام. ولذلك، لا يستطيع أحد حقًا مقابلة الشر بالخير، وحتى إذا مارس الناس هذا السلوك الأخلاقي، فسوف يكون ذلك بسبب إجبارهم على التصرف بتلك الطريقة بسبب قيود ظروف معينة في ذلك الوقت أو لأن الموقف بمجمله كان مختلقًا وخياليًا في الواقع. في الظروف العادية، عندما يقع الناس فريسة للاضطهاد أو الإيذاء الجسيمين، سوف تتكون لديهم ضغينة وسوف يسعون إلى الانتقام. والظرف الوحيد الذي قد لا يكون فيه الشخص على دراية بكراهية الآخر له ولا يستجيب لتلك الكراهية هو ما إذا كانت تلك الكراهية جسيمة للغاية ويكون قد عانى صدمة خطيرة بحيث ينتهى به الأمر إلى فقدان ذاكرته أو عقله. لكن أي شخص يتمتع بالإنسانية والعقل الطبيعيين لا يريد أن يُعامل بالإهانات والتمييز والاستهزاء والسخرية والتهكم والهزء والأذى وما إلى ذلك، ولا يريد أن يتمادى أي شخص إلى حد المساس بشخصيته وكرامته وانتهاكهما. لن يسعد أي شخص بأن يرد بنفاق على أولئك الذين أساءوا إليه سابقًا أو أضروا به بانتهاج سلوك أخلاقي، فلا أحد يمكنه فعل ذلك. وهكذا، فإن هذا الادعاء المتعلق بالسلوك الأخلاقي المتمثل في مقابلة الشر بالخير يبدو واهنًا وهزيلًا وفارغًا وعديم المعنى للغاية للبشرية الفاسدة.
إذا نظرنا إلى هذا من منظور ضمير الإنسانية الطبيعية وعقلها، بصرف النظر عن مدى فساد الشخص وعما إذا كان شريرًا أو يتمتع بإنسانية جيدة نسبيًا، فإنه يأمل أن يعامله الآخرون جيدًا وبمستوى أساسي من الاحترام. إذا بدأ شخص في إطرائك وتملقك بلا سبب، فهل سيجعلك هذا سعيدًا؟ هل ستحب ذلك؟ (لا). لماذا لن تحب ذلك؟ هل ستشعر أنك كنت تنخدع؟ قد تعتقد في قرارة نفسك: "هل أبدو كطفل في الثالثة من عمره في نظرك؟ كيف لا أفهم سبب شعورك بالحاجة لقول هذا الكلام لي؟ هل أنا جيد كما تقول؟ هل فعلتُ أيًا من تلك الأشياء؟ لماذا كل هذا الإطراء الأحمق؟ كيف لا تشعر بالاشمئزاز من نفسك؟" لا يحب الناس سماع كلام الإطراء ويعتبرونه نوعًا من الإهانة. وبخلاف أساس الاحترام، كيف يتمنى الناس أن يعاملهم الآخرون؟ (بالصدق). سوف يكون من المستحيل مطالبة الناس بمعاملة الآخرين بصدق. فإذا امتنعوا عن التنمر على الآخرين، فذلك جيد بالفعل. ومطالبة الناس بعدم التنمر بعضهم على بعض هو مطلب موضوعي بالمقارنة. يأمل الناس أن يحترمهم الآخرون وألا يتنمروا عليهم، والأهم من ذلك، أن يعاملوهم بإنصاف. إنهم يأملون ألا يضايقهم الآخرون عندما يكونون ضعفاء وألا ينبذونهم عندما تنكشف أخطاؤهم وألا يتملقونهم ويداهنونهم باستمرار. يجد الناس أن هذه الأنواع من السلوكيات مقرفة، ولا يرغبون إلا في تلقى معاملة منصفة. أليس ذلك هو الحال؟ معاملة الآخرين بإنصاف مثال إيجابي نسبيًا في عالم الإنسان وفي عالم تفكير الإنسان. لماذا أقول ذلك؟ فكِّر في الأمر: لماذا يحب جميع الناس باو تشينغ Bao Zheng؟ يحب الناس مشاهدة رسوم باو تشينغ وهو يُصدر قرارات في قضايا على الرغم من أن هذه القضايا خيالية وملفقة تمامًا. لماذا لا يزال الناس يستمتعون بها؟ لماذا لا يزالون على استعداد لمشاهدتها؟ لأنهم في عالمهم المثالي وعالم تفكيرهم وفي أعماق قلوبهم يرغبون جميعًا في عالم إيجابي وأفضل قليلًا. إنهم يتمنون أن يعيش الإنسان في بيئة اجتماعية عادلة ومنصفة نسبيًا وفي عالم يُضمن فيه هذا للجميع. فبتلك الطريقة، عندما تضايقك قوى الشر، سوف يوجد على الأقل مكان تأخذ فيه العدالة مجراها ويمكنك تقديم شكوى بشأن مظالمك ويحق لك الشكوى، وفي النهاية تنكشف المظالم التي عانيتها. في هذا المجتمع والبشرية، سوف يوجد مجال يمكنك فيه تبرئة اسمك وحماية نفسك من معاناة أي إذلال أو تحمُّل أي مظالم. أليس هذا هو المجتمع المثالي للإنسان؟ أليس هذا هو ما يتوق إليه كل شخص؟ (بلى). هذا حلم كل شخص. يأمل الناس في أن يُعاملوا معاملة عادلة ولا يرغبون في تلقي أي معاملة ظالمة أو غياب مجال للشكوى إذا عوملوا ظلمًا، فهم يجدون ذلك محزنًا للغاية. يمكن القول إن المعيار والمطلب المفروضين على السلوك الأخلاقي للإنسان المتمثل في "مقابلة الشر بالخير" بعيد كل البعد عن حقيقة فساد البشرية في الحياة الواقعية. وهكذا، فإن هذا المطلب المفروض على السلوك الأخلاقي للإنسان لا يقترب من إرادة الإنسان وبعيد كل البعد عن الحقيقة الموضوعية والحياة الواقعية. إنه تعبير يقترحه المثاليون الذين يفتقرون إلى فهم العوالم الداخلية للناس المحرومين الذين تعرضوا للظلم والإذلال. وهؤلاء المثاليون ليس لديهم أي حس بمدى تعرُّض هؤلاء الناس للظلم وإهانة كرامتهم وشخصياتهم أو حتى إلى أي مدى تتعرض سلامتهم الشخصية للتهديد. إنهم لا يفهمون هذه الحقائق، ومع ذلك ما زالوا يطالبون هؤلاء الضحايا بالتصالح مع مهاجميهم والامتناع عن الانتقام منهم قائلين كلامًا مثل "لقد وُلدتَ لتُساء معاملتك وعليك أن تقبل قدرك. وُلدتَ في أدنى طبقة اجتماعية وأنت على شاكلة العبيد. وُلدتَ ليحكمك الآخرون. ينبغي ألا تنتقم من أولئك الذين آذوك بل أن تقابل الشر بالخير. ينبغي أن تؤدي دورك لصالح الشعور العام الاجتماعي والتناغم المجتمعي، وأن تساهم في المجتمع بإظهار طاقتك الإيجابية وأفضل سلوك أخلاقي لديك". من الواضح أن هذا كله يقال لتبرير استغلال الطبقات العليا والطبقات الحاكمة في المجتمع للطبقات الدنيا، ولمنحها هذه الرفاهية، وتهدئة قلوب المحرومين وعواطفهم بالنيابة عنهم. أليس هذا هو الهدف من قول مثل هذا الكلام؟ (بلى). إذا كانت الأنظمة القانونية والاجتماعية في كل دولة وأنظمة ولوائح كل عِرق وعشيرة عادلة ومطبقة بصرامة، فهل لا يزال من الضروري الترويج لهذا القول غير الموضوعي الذي يتعارض مع قوانين الإنسانية؟ لن يكون من الضروري. من الواضح أن القول "قابل الشر بالخير" قد جرى الترويج له على أنه وسيلة ورفاهية للطبقات الحاكمة وأولئك الأشرار الذين يمتلكون السلطة والقوة لاستغلال المحرومين والدوس عليهم. وفي الوقت نفسه، يضع هؤلاء المفكرون والمربون المزعومون أنفسهم على قمة التفوق الأخلاقي ويروجون لهذا القول بحجة المطالبة بأن يمارس كل فرد السلوك الأخلاقي الجيد، وذلك لاسترضاء المحرومين ومنعهم من السعي للانتقام أو معاداتهم للأثرياء والنخب والطبقة الحاكمة. ألا يتسبب هذا في مزيد من التناقضات داخل المجتمع؟ كلما قمعت الناس، ثبت أن المجتمع ظالم. إذا كان المجتمع عادلًا ومنصفًا بالفعل، فهل لا يزال من الضروري الحكم على السلوك الأخلاقي للناس وفرض مطالب عليه باستخدام هذا القول؟ من الواضح أن هذا يرجع إلى حقيقة غياب العدل في المجتمع أو بين البشر. إذا كان من الممكن معاقبة الأشرار بموجب القانون، أو إذا كان أصحاب المال والنفوذ مسؤولين أيضًا أمام القانون، فإن القول "قابل الشر بالخير" سوف يكون باطلًا ولن يكون موجودًا. كم عدد الناس العاديين الذين سيتمكنون من إيذاء مسؤول؟ كم عدد الفقراء الذين سوف يمكنهم إلحاق الضرر بالأغنياء؟ سوف يكون من الصعب عليهم فعل ذلك. وهكذا، فإن القول "قابل الشر بالخير" موجه بوضوح إلى عامة الناس والفقراء والطبقات الدنيا، فهو قول غير أخلاقي وظالم. مثال ذلك، إذا طلبت من مسؤول حكومي أن يقابل الشر بالخير، فسوف يقول لك: "أي شر يجب أن أقابله بالخير؟ من يجرؤ على العبث معي؟ من يجرؤ على إغضابي؟ من يجرؤ على رفض كلامي؟ سوف أقتل كل من يرفض كلامي، وسوف أبيد عائلته كلها وكل فرد من أقاربه!" انظر، لا يوجد شر يمكن أن يقابله المسؤولون بالخير، ولذلك فإن القول "قابل الشر بالخير" لا وجود له من الأساس. إذا قلتَ له: "يجب أن تمارس هذا المبدأ الأخلاقي المتمثل في مقابلة الشر بالخير، وأن تمتلك هذا المبدأ الأخلاقي"، فسوف يجيب: "بالتأكيد، يمكنني فعل ذلك". هذه كذبة خادعة بمعنى الكلمة. على أي حال، "قابل الشر بالخير" هو في الأساس مجرد قول يروج له الأخلاقيون الاجتماعيون كوسيلة لاسترضاء الطبقات الدنيا، وهو بالإضافة إلى ذلك قول يجري الترويج له لاستعباد الطبقات الدنيا. يجري الترويج له لاستقرار سلطان الطبقة الحاكمة والتودد إليها وإدامة استعباد الطبقات الدنيا لئلا تشكو حتى لو استُعبدت لأجيال. يمكننا أن نرى من هذا أنه في هذا النوع من المجتمع يتضح أن القوانين والأنظمة ظالمة. فهذا النوع من المجتمع لا يحكمه الحق ولا يسوده الحق أو العدل أو البر. بل يحكمه شر الإنسان ونفوذه بصرف النظر عمن يعملون كمسؤولين. إذا كان عامة الناس يعملون كمسؤولين، فسوف يكون الوضع هو نفسه. هذا هو جوهر هذا النظام الاجتماعي. والقول "قابل الشر بالخير" يكشف هذه الحقيقة. من الواضح أن هذه العبارة لها سمة سياسية معينة، فهي مطلب مفروض على السلوك الأخلاقي للإنسان لتقوية هيمنة الطبقات الحاكمة واستعباد الطبقات الدنيا.
لا يقتصر الأمر على أن مطالبة الناس بأن يقابلوا الشر بالخير لا تتوافق مع الاحتياجات أو المطالب الطبيعية للإنسان، أو شخصية الإنسانية وكرامتها، لكنها بطبيعة الحال ليست معيارًا مناسبًا لتقييم جودة إنسانية الشخص. فهذا المطلب بعيد كل البعد عن الإنسانية الفعلية. لا يقتصر الأمر على أنه غير قابل للتحقيق، ولكن كان ينبغي عدم الترويج له في المقام الأول. إنه مجرد قول واستراتيجية تستخدمهما الطبقة الحاكمة لتعزيز حكمها وسيطرتها على الجماهير. وبطبيعة الحال، لم يروج الله لمثل هذا القول مطلقًا سواء في عصر الناموس أو عصر النعمة أو عصر الملكوت الحالي، ولم يستخدم الله قط مثل هذا الأسلوب أو القول أو المطلب كأساس لتقييم جودة إنسانية الناس. والسبب في هذا هو أنه بصرف النظر عما إذا كان الشخص مهذبًا أو فاسقًا، ومهما كان سلوكه الأخلاقي جيدًا أو سيئًا، فإن الله لن يرى إلا جوهره، وهذه الأقوال عن السلوك الأخلاقي لا توجد في نطاق اختصاص الله. وبهذا، فإن القول عن السلوك الأخلاقي "قابل الشر بالخير" قول باطل في بيت الله ولا يستحق التحليل. بصرف النظر عما إذا كنتم تقابلون الشر بالخير أو تقابلون الشر بالانتقام، كيف ينبغي على المؤمنين بالله أن يفكروا في مسألة "مقابلة الشر"؟ بأي موقف ومن أي وجهة نظر ينبغي أن ينظروا إلى هذا الأمر ويتعاملوا معه؟ إذا ارتكب الشخص فعلًا شريرًا في الكنيسة، فإن بيت الله له مراسيم ومبادئ إدارية خاصة به للتعامل مع ذلك الشخص ولا توجد حاجة لأي شخص للانتقام من الضحية أو للدفاع عنها ضد الظلم. لا توجد حاجة لذلك في بيت الله، وسوف تتعامل الكنيسة معاملة طبيعية مع المشكلة وفقًا للمبادئ. هذه حقيقة يمكن أن يلاحظها الناس ويلاقونها. ولمزيد من الوضوح والدقة، فإن الكنيسة لديها مبادئ للتعامل مع الناس وبيت الله لديه مراسيم إدارية. ماذا عن الله إذًا؟ فيما يخص الله، فإن كل من يفعل الشر سوف يُعاقب على هذا النحو، والله سوف يقرر زمان العقاب وكيفيته. لا تنفصل مبادئ الله الخاصة بالعقاب تمامًا عن شخصيته وجوهره. فالله يتمتع بشخصية بارة فوق الإهانة، وله الجلالة والغضب، وسوف يعاقب كل من يرتكبون الشر وفقًا لذلك. هذا أسمى بكثير من قوانين الإنسان، فهو يفوق الإنسانية وجميع القوانين العلمانية. إنها ليست عادلة ومعقولة وتتوافق مع رغبات الإنسانية فقط، لكنها أيضًا لا تتطلب الاستحسان والتأكيد من الجميع. إنها لا تتطلب منك الحكم على الأمور من قمة السيادة الأخلاقية. عندما يفعل الله هذه الأشياء، تكون لديه مبادؤه الخاصة وتوقيته. والأمر متروك لله للتصرف كما يشاء، وينبغي أن يمتنع الناس عن التدخل لأنه لا علاقة لهم بهذا. ماذا يطلب الله من الناس في مسألة "مقابلة الشر"؟ ألا يتصرفوا أو ينتقموا من الآخرين بدافع التهور. ماذا ينبغي أن تفعل إذا أغضبك أحد أو ضايقك أو رغب حتى في إيذائك؟ هل توجد مبادئ للتعامل مع مثل هذه الأشياء؟ (نعم). توجد حلول ومبادئ لهذه الأشياء ويوجد أساس في كلام الله والحق. بصرف النظر عن أي شيء آخر، فإن القول عن السلوك الأخلاقي "قابل الشر بالخير" ليس أيضًا معيارًا يمكن من خلاله الحكم على نوعية إنسانية الناس. على أكثر تقدير، إذا استطاع الشخص مقابلة الشر بالخير، فيمكن القول إنه متسامح وبسيط وحسن النية وشهم نسبيًا، وإنه ليس حقيرًا، وإنه يمتلك سلوكًا أخلاقيًا مقبولًا. ومع ذلك، هل يمكن تقييم جودة إنسانية هذا الشخص والحكم عليها على أساس هذا القول؟ لا على الإطلاق. يجب على المرء أيضًا أن يأخذ في الاعتبار ما يسعى إليه والطريق الذي يسلكه وموقفه تجاه الحق والأشياء الإيجابية وما إلى ذلك. تلك هي الطريقة الوحيدة للحكم الدقيق على ما إذا كانت لديه الإنسانية أم لا.
أختتم بهذا إقامة شركتنا لهذا اليوم.
26 مارس/آذار 2022