50. ماذا يكمن وراء "الصورة الجيدة"
في ديسمبر2019، كنت أعمل شماسة إنجيل في الكنيسة. بعد فترة، وجدت أنه عندما كان القادة يلاحظون مسائل تتعلق بكيفية أداء الإخوة والأخوات لواجباتهم، كانوا يشيرون إليها بطريقة مباشرة، وأحيانًا بأسلوب فظ حقًّا. اعتبرت أنهم كانوا على حقّ في تسليط الضوء على تلك الأمور، لكن نهجهم كان مُخجلًا وقد يؤدي إلى الإساءة إلى الآخرين بسهولة. لم أُرِد أن أكون مثلهم. ذلك أن مثل هذه الأمور ينبغي أن تُقال بمزيد من اللباقة، لترك انطباع جيد لدى الآخرين. بهذه الطريقة سيمكنني كسب دعم الجميع، وسيكون من الأسهل عليَّ القيام بعملي. بعدئذٍ في الانتخابات المقبلة، ستزداد فرص اختياري كقائدة. من هذا المنطلق، كنت شديدة الحرص فيما يتعلق بكيفية التفاعل مع الإخوة والأخوات. حاولت أن أكون لبقة حقًّا وألا أجرح مشاعر أحد، وبالتالي كان كل شيء أكثر استساغة.
في وقت ما، لاحظت أن الأخت تشانغ تقوم بانتقاء المهمات السهلة وتتجنب أي أمر صعب، وأنها تتراجع فحسب عندما يتعين عليها أن تشارك الإنجيل مع شخص لديه الكثير من المفاهيم أو يسيء التصرف. وفوق ذلك لم تكن تجهّز نفسها بالحقائق المناسبة لمعالجة مفاهيمهم. رأيت أن موقفها تجاه واجبها لم يكن صحيحًا، وأنه كان يستحيل عليها القيام بواجبها جيدًا إذا استمرت هكذا. كنت على وشك ذكر ذلك والتشارك بشأنه، ولكن بينما كنت على وشك إرسال رسالة إليها، تبادر إلى ذهني أنها، ورغم انكفائها في مواجهة الصعوبات، استطاعت بشكل عام تحقيق تقدّم في واجبها. فلو أشرت إلى مشكلتها، قد تقول إنني متطلِّبة كثيرًا، وقد يؤدي ذلك إلى أن تنقلب ضدي. وعندها ما الذي سأفعله إذا امتنعتْ عن اتّباع ترتيبات العمل التي سأقوم بها في المستقبل؟ إن لم أقدّم أداء جيّدًا في واجبي، ألن يقول القادة إنني لست مقتدرة للقيام بعملي؟ فحتى لا أسيئ إليها، لم أنبس ببنت شفة عن مشكلتها، بل اكتفيت برسالة مشجِّعة أرسلتها إليها: "بعض الأشخاص الذين نتشارك معهم الإنجيل لديهم الكثير من المفاهيم، لكنهم مؤمنون حقيقيون. علينا أن نتمتع بالمحبة والصبر، وأن نصلّي وأن نتكّل على الله أكثر. كلما واجهنا المزيد من الصعوبات، كلما أمكن تكميل إيماننا أكثر. حتمًا، لا يمكننا الانكفاء". وافقتني الرأي في ذلك الوقت، لكن دون أن يكون لديها أي فهم لمشكلتها، واستمرت في تجنب القيام بأي أمر صعب. ولم تتغير على الإطلاق. لكنني لم أكن على دراية بالمشكلة في ذلك الوقت، وظننت أنني كنت أقوم بعمل رائع. وفي كل مرة كنت أواجه أمرًا مماثلًا، كنت أتعامل معه بهذه الطريقة. لم أكن أتعامل مع الآخرين أبدًا أو أكشف فسادهم أو عيوبهم، وبالتالي كان جميع الإخوة والأخوات سعداء بالعمل معي، وكانوا يطلبون رؤيتي للحديث عن حالاتهم. وقد جعلني ذلك أكثر ثقة في النهج الذي أتّبعه، وظننت أن الإخوة والأخوات كانوا ينظرون إليّ باحترام، وأن الجميع كانوا يدعمونني حقًّا.
وفي وقت لاحق، لاحظت أن الأخت شيا متعجرفة جدًا ولديها بِرٌّ ذاتيّ. كذلك كانت عنيدة ولم تعمل بانسجام مع الآخرين، وقد أثّر ذلك سلبًا على عملنا الإنجيلي. فكرت كيف أن الأخت شيا متعجرفة حقًّا ولا تقبل اقتراحات الآخرين، ما أثر آنئذ على واجبها. اعتبرت أنه ينبغي عليَّ إثارة الموضوع معها بحيث يمكنها أن تصلح الأمور. لكنني تساءلت آنئذ، أنني لو أثرت المسألة ولم تقبل الأمر، بل تجهمت، فما الذي سأفعله عندها؟ في أحد الاجتماعات، سمعتها تدلي بتقييم إيجابيّ جدًا عنّي، فكنت قلقة من أنني إذا أثرت استياءها، قد تُدمّر الصورة الجيدة التي لديها عني. وإذا تغيّر انطباعها عنّي، قد يؤثر ذلك على فرصي في أن أصبح قائدة. بعد التفكير مليًّا في الأمر، خلصت إلى الامتناع عن ذِكر فساد الأخت شيا وعيوبها. بدلًا من ذلك قلت: "أفهم عدم حصولك على نتائج جيدة في واجبك أو عدم الخوض في الصعوبات، لكن ينبغي عليك التفكّر بنفسك والتوصّل لمعرفة السبب. كما ينبغي علينا العمل بانسجام مع الإخوة والأخوات". لقد تجنّبت الخوض في المسألة الأساسية، مكتفية بإعطائها بعض كلمات النصح والتشجيع. بعد عدة أيام، كان أحد القادة يتابع معي عملنا، وأشرت في الحديث إلى أن الأخت شيا كانت متعجرفة وليها برُّ ذاتيّ، وأنها لم تكن تعمل جيدًا مع الآخرين. وعندما رأتني الأخت شيا بعدئذ قالت "عندما سألك القائد عن عملنا منذ بضعة أيام، كنت أمرّ من هناك وصادف أن سمعتك تقولين إنني متعجرفة وولدي برٌّ ذاتي، وأنني لا أعمل بانسجام مع الآخرين. أنت تدركين جيدًا أن لديّ مشكلة خطيرة، ولكنك لم تقولي لي أي شيء عنها. كنت تجاملين فحسب. لاحظت في الماضي أنك لا تفقدين أعصابك أو توبِّخين الآخرين أبدًا، بل تطيّبين خاطرهم دائمًا بدلاً من ذلك. اعتقدت أنك إنسانة صالحة حقًا. الآن أدرك أنك 'محنّكة' حقًا، وأن لديك أساليبك. بعبارة صريحة، أنت مرائية". بعد أن واجهتني بهذه الطريقة المباشرة، شعرت للحظة أن لون وجهي تحوّل إلى الأحمر القاني. كذلك انطبعت كلمتا "مرائية" و "أساليب" في دماغي. كنت مستاءة حقًا وتوجّهت إلى الله بالصلاة، طالبة منه أن يرشدني لفهم شخصيتي الفاسدة.
في خلواتي التعبدية في اليوم التالي، شاهدت مقطع فيديو عن تلاوة لكلمات الله، يقول الله القدير، "غالبًا ما يكون الخداع واضحًا من الناحية الظاهريَّة. فعندما يُقال عن شخصٍ ما بأنه خبيثٌ وماكر للغاية بالكلام، فهذا هو الخداع. وما هي السمة الرئيسيَّة للشرّ؟ يحدث الشرّ عندما يكون ما يقوله الناس مُطربًا بشكلٍ خاصّ للأذن، وعندما يبدو كلّ شيءٍ على ما يرام ولا عيب فيه وجيِّدًا بصرف النظر عن الطريقة التي تنظر بها إليه، لكن أفعالهم شرِّيرةٌ بشكلٍ خاصّ وماكرة للغاية ولا يمكن تمييزها بسهولةٍ. غالبًا ما يستخدم الناس لتحقيق أهدافهم السريَّة بعض الكلمات الصحيحة والعبارات اللطيفة وبعض التعاليم والحُجج والطرق المُعيَّنة التي تتوافق مع مشاعر الناس لخداعهم؛ فهم يتظاهرون بالسير في طريقٍ ما لكنهم في الواقع يسيرون في طريقٍ آخر. وهذا شرٌّ. يعتقد الناس عادةً أن هذا خداعٌ. لديهم معرفةٌ أقلّ بالشرّ ويُشرِّحونه بدرجةٍ أقلّ أيضًا. في الواقع، يصعب تحديد الشرّ أكثر من الخداع لأنه أكثر اختفاءً ولأن الأساليب والطرق المستخدمة أكثر "مهارةً". عندما تكون الشخصيَّة بداخل شخصٍ ما مخادعة، فعادةً ما يستغرق الأمر يومين أو ثلاثة أيَّامٍ فقط قبل أن يرى الآخرون أنه مخادعٌ أو أن أفعاله وأنواع الأشياء التي يقولها تكشف عن شخصيَّةٍ مخادعة. ولكن عندما يقال عن شخصٍ ما بأنه شرِّيرٌ، فهذا ليس شيئًا يمكن تمييزه في يومٍ أو يومين. لأنه إذا لم يحدث شيءٌ مُهمّ أو مُحدَّد على المدى القصير، فسوف تجد صعوبةً أثناء الاستماع إلى كلماته وحدها في معرفته على حقيقته. إنه يقول الشيء الصحيح ويفعل الشيء الصحيح ويمكنه أن يتحدَّث عن تعليمٍ تلو الآخر. وبعد يومين أو ثلاثة أيَّامٍ مع مثل هذا الشخص، تعتقد أنه شخصٌ صالح وقادر على التخلِّي عن الأشياء وبذل نفسه وأنه يفهم الأمور الروحيَّة وله قلبٌ يحبّ الله ويتصرَّف بضميرٍ وإحساس. ولكن بعد ذلك تبدأ في تكليفه بالمهام وسرعان ما تدرك أنه ليس صادقًا وأنه أمكر من المخادعين – أي أنه شرِّيرٌ. إنه غالبًا ما يختار الكلمات الصحيحة، أي الكلمات التي تتناسب مع الحقّ وتتوافق مع مشاعر الناس ومع الإنسانيَّة، كلمات تبدو لطيفة وكلمات مخادعة، للتحدُّث مع الناس لتأسيس نفسه من ناحيةٍ ومن ناحيةٍ أخرى لخداع الآخرين ولمنحهم المكانة والحظوة بين الناس، وهذا كلّه يفتن بسهولةٍ أولئك الجهلة الذين لديهم فهمٌ ضحل للحقّ ولا يفهمون الأمور الروحيَّة ويفتقرون إلى أساسٍ في إيمانهم بالله. هذا ما يفعله الناس أصحاب الشخصيَّة الشرِّيرة" (من "يربكون الناس ويستميلونهم ويُهدِّدونهم ويتحكَّمون بهم" في "كشف أضداد المسيح"). من خلال مقارنة سلوكي الشخصي بكلمات الله، أدركت أن شخصيتي الشريرة هي التي تقود أفعالي. عندما كنت أرى مشاكل في واجبات الإخوة والأخوات، التي كانت تؤثر على عملهم، لم أكن أكشفها أو أثير الحديث عنها، وذلك ليقولوا جميعًا إنني إنسانة لطيفة، ويتكلمون بالحسنى عني. رأيت بوضوح أن الأخت تشانغ لم تكن تتخذ الموقف الصحيح في واجبها، وأنها لا تقوم سوى بما هو سهل وتتجنب أي أمر صعب. ورأيت أيضًا أن الأخت شيا كانت متعجرفة ولديها برٌّ ذاتي، وأن ذلك كان يؤثر سلبًا على عمل الإنجيل في الكنيسة. كان ينبغي عليّ إثارة هذه الأمور معهما، والتشارك معهما لمساعدتهما. لكنني كنت قلقة بشأن نظرتهما إليَّ، ومن أنهما قد تتوقفان عن دعمي في عملي، ومن ثم فإن القادة سيسيئون الظن بي إذا تأثر أدائي سلبًا. لذلك اكتفيت بقول بعض العبارات اللطيفة والمخادعة لتشجيعهما. بهذه الطريقة كان باستطاعتي حماية علاقاتي معهما والحفاظ على الصورة التي لديهما عني، ومواصلة كسب إعجابهما بعملي، وبذلك أكون قد اصطدت عصفورين بحجر واحد. كنت ماكرة ومتواطئة جدًا، وكنت أحاول ذرّ الرماد في عيون الآخرين. لقد خدعتهما، وجعلتهما تعتقدان أنني كنت عطوفة ومتفهّمة حقًا، وكانتا حقًا تنظران إليّ بتبجيل وتؤلّهانني. عندها فقط رأيت أن لديَّ شخصية ماكرة وشريرة. ولولا مواجهة الأخت شيا لي، وإعلانات كلمات الله، لكنت ما زلت دون أي فهم لشخصيتي الشريرة، ودون أية فكرة عن درجة خطورة المشكلة. رأيت كم أن أفعالي كانت شريرة وحقيرة، وأنها كانت مقززة لله وكريهة للآخرين!
وقرأت هذا في كلمات الله بعد ذلك: "بعض قادة الكنيسة لا يُوبِّخون الإخوة أو الأخوات الذين يرون أنهم يُؤدِّون واجبهم بلا مبالاة وبطريقةٍ روتينيَّة، رغم أنه يجب عليهم توبيخهم. عندما يرون شيئًا من الواضح أنه يضرّ بمصالح بيت الله يغضّون الطرف ولا يجرون أيَّة استفساراتٍ لئلا يتسبَّبوا في أدنى إساءةٍ للآخرين. غرضهم الحقيقيّ وهدفهم ليس إظهار المراعاة لنقاط ضعف الآخرين – فهم يعرفون جيِّدًا ما يقصدونه: "إذا واصلتُ هذا ولم أتسبَّب في الإساءة لأيّ شخصٍ، فسوف يعتقدون أنني قائدٌ جيِّد. سوف يُكوِّنون رأيًا جيِّدًا عني. سوف يُفضِّلونني ويحبّونني". بصرف النظر عن مقدار الضرر الذي يلحق بمصالح بيت الله، وبصرف النظر عن مدى إعاقة شعب الله المختار عن دخول حياتهم، أو مدى اضطراب حياتهم الكنسيَّة، فإن أمثال هؤلاء الناس يصرّون على فلسفتهم الشيطانيَّة بعدم التسبُّب في أيَّة إساءةٍ. لا يوجد شعورٌ بتوبيخ الذات في قلوبهم مطلقًا؛ فعلى الأكثر، قد يشيرون إشارةً عابرة إلى بعض المسائل بصفةٍ عرضيَّة ثم ينتهون منها. إنهم لا يقدمون شركة حول الحقّ، ولا يشيرون إلى جوهر مشكلات الآخرين، ولا يزالون أقلّ تشريحًا لحالات الناس. إنهم لا يقودون الناس للدخول في واقع الحقّ، ولا يُبلِغون أبدًا مشيئة الله أو الأخطاء التي يرتكبها الناس غالبًا أو أنواع الشخصيَّة الفاسدة التي يكشف عنها الناس. إنهم لا يحلّون هذه المشكلات العمليَّة. وبدلًا من ذلك، دائمًا ما يتساهلون في نقاط ضعف الآخرين وسلبيَّاتهم وحتَّى إهمالهم ولامبالاتهم. يتغاضون باستمرارٍ عن أفعال هؤلاء الناس وسلوكيَّاتهم دون تصنيف ماهيَّتها، ونظرًا لأنهم يفعلون ذلك بالتحديد، يُفكِّر معظم الناس قائلين: "إن قائدنا أشبه بالأمّ بالنسبة إلينا، فلديه فهمٌ لضعفنا أكثر حتَّى من فهم الله. قد تكون قامتنا أصغر من أن ترقى لمستوى مُتطلَّبات الله، ولكن يكفي أن نرقى لمستوى مُتطلَّبات قائدنا. إنه قائدٌ جيِّد لنا. ..." إذا كان الناس يضمرون مثل هذه الخواطر وكان لديهم هذا النوع من العلاقة مع قائدهم ومثل هذا الانطباع عنه وتكوَّنت في قلوبهم مشاعر التبعيَّة والإعجاب والاحترام والتوقير تجاه قائدهم، فكيف يكون شعور القائد إذًا؟ إذا شعر القائد في هذا الصدد بقدرٍ من لوم الذات وعدم الارتياح وشعر بأنه مدينٌ لله، فعليه إذًا عدم التركيز على مكانته أو صورته في قلوب الآخرين. يجب أن يشهد لله ويمجده حتَّى يكون لله مكانًا في قلوب الناس وحتَّى يتَّقي الناس الله على أنه العظيم. فحينها فقط يكون قلبه في سلامٍ حقيقيّ، ومن يفعل ذلك هو من يطلب الحقّ. ومع ذلك، ليس هذا هو الهدف من أفعال أضداد المسيح، فهم يستخدمون بدلًا من ذلك هذه الأساليب والطرق لإغراء الناس بالابتعاد عن الطريق الصحيح وترك الحقّ ويتمادون إلى حدّ مسايرة أداء الناس المهمل والروتينيّ وغير المسؤول لواجباتهم بقصد شغل مكانٍ مُعيَّن في قلوب الناس وكسب حسن نيَّتهم. أليست هذه محاولةٌ لكسب الناس؟ أليس هذا شيئًا شرِّيرًا مكروهًا؟ إنه مقيتٌ!" (من "كشف أضداد المسيح"). عندما رأيت ما كشفته كلمات الله، أدركت أن التصرف استنادًا إلى شخصيتي الشريرة كان يهدف في الأساس إلى خداع الآخرين واستمالتهم، في محاولة لامتلاكهم والتحكُّم بهم. وكان ذلك مناقضًا لله ويتفق تمامًا مع أسلوب تصرف ضد المسيح! ولم يسعني سوى أن أشعر بالخوف من هذه الفكرة. من أجل حماية المكانة التي كنت أتبوّأها في قلوب الآخرين وفرصي في أن أُنتخب قائدة، عندما كنت أرى مشاكل في واجبات الإخوة والأخوات، لم أكن أشير إليها أبدًا بشكل مباشر أو أتشارك في الحقّ لحلها. بدلًا من ذلك، كنت أقول بعض العبارات التي تبدو لطيفة حتى يحبني الآخرون، ويرونني كإنسانة متفهّمة ومُحبة. ودون أن أدرك ذلك، كنت أجمع الأتباع وفي الخلاصة، ليس فقط أن الأشخاص الذين خدعتهم لم يتمكنوا من رؤية مشاكلهم وتصحيحها، لكن تأذّى دخولهم إلى الحياة، حتى أنهم كانوا ينظرون إليّ بتبجيل ويؤلّهونني. كان هذا تصرّفًا شريرًا وحقيرًا للغاية مني! إن استهتاري التام بحياة الإخوة والأخوات، ومجاملتهم بينما كانوا يؤدّون واجباتهم استنادًا إلى شخصياتهم الفاسدة، ترك أثرًا سلبيًّا على عملنا. كنت أتصرف تمامًا كأحد أتباع الشيطان، وأعطّل عمل بيت الله وأقوّضه. عند هذا الإدراك، بدأت أكره فسادي من أعماق قلبي. جئت إلى أمام الله لأصلي وأتوب، وقلت: "يا الله، إن كلماتك جعلتني أرى مدى خطورة شخصيتي الشريرة، وأنني كنت أسير في طريق ضد المسيح. أريد أن أتوب وأهمل دوافعي الشخصية، وأتوقف عن التصرف بموجب شخصيتي الشريرة".
فكّرت في كلمات الله هذه بعد صلاتي: "وَأَوْصَى يَهْوَه اللهُ آدَمَ قَائِلًا: مِنْ جَمِيعِ شَجَرِ ٱلْجَنَّةِ تَأْكُلُ أَكْلًا، وَأَمَّا شَجَرَةُ مَعْرِفَةِ ٱلْخَيْرِ وَٱلشَّرِّ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهَا لِأَنَّكَ يَوْمَ تَأْكُلُ مِنْهَا مَوْتًا تَمُوتُ". ... هل تستطيع أن ترى أيّ جانبٍ من شخصيّة الله في هذه الكلمات الوجيزة التي تكلّم بها؟ هل كلمات الله هذه صادقةٌ؟ هل يوجد أيّ خداعٍ؟ هل يوجد أيّ كذبٍ؟ هل يوجد أي ترهيب؟ (كلا). أخبر الله الإنسان بصدقٍ وأمانةٍ وإخلاصٍ بما يمكنه أن يأكل منه وبما لا يمكن أن يأكل منه. تكلم الله بوضوحٍ وبساطةٍ. هل يوجد أيّ معنىٍ مخفيّ في هذه الكلمات؟ هل هذه الكلمات واضحةٌ؟ هل توجد أيّة حاجةٍ للتخمين؟ (كلا). لا توجد حاجةٌ للتخمين. فمعناها واضحٌ على الفور، وعند قراءتها يشعر بوضوح معناها تمامًا. أي أن ما يريد الله أن يقوله وما يريد أن يُعبِّر عنه يأتي من قلبه. الأمور التي يُعبِّر عنها الله طاهرةٌ وصريحةٌ وواضحةٌ. لا توجد دوافع سرّيّة ولا أيّة معانٍ خفيّة. إنه يتحدّث إلى الإنسان مباشرةً ويخبره بما يمكنه أن يأكل منه وبما لا يمكنه أن يأكل منه" [الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (4)]. لقد قرأت هذا وشعرت حقًا بمدى أصالة وجود الله معنا. عندما أوصى الله آدم، كان شديد الوضوح بشأن ما يمكن وما لا يمكن أكله حتى يعرف الإنسان بوضوح ما يجب أن يفعله. لم يكن هناك أيّ شيء محيِّر أو مضلِّل في كلمات الله، ولم يكن هناك أي تحايل أو خداع. لم يُرد الله سوى تحقيق الأفضل للجنس البشري. وكان يفكر فينا بصدق. لقد تحدَّث بصراحة مطلقة مع الإنسان. رأيت أن جوهر الله صادق وقدُّوس وخيّر ورائع. إنه حقًا يستحق ثقتنا وإعجابنا. لكن بالنسبة لي، لم أكن صادقة مع الإخوة والأخوات على الإطلاق. كل ما قلته وفعلته كان ملوّثًا بدوافعي الشخصية. كنت مترعة بالأكاذيب والخداع. كنت أخدع الناس وأستغلهم فحسب، ما يؤدي إلى الإضرار بالإخوة والأخوات في نهاية المطاف. كان ذلك تصرفًا شريرًا جدًا مني! أحسست بالذنب بشكل لا يصدَّق، وبأنني ملأى بالندم على طريقة التفكير هذه. بعد ذلك ذهبت أبحث عن الأخت شيا والأخت تشانغ وفاتحتهما بشأن شخصيتي الفاسدة. كذلك أخبرتهما عن المشاكل التي رأيتها في واجباتهما. لم تسيئا الظن بي على الإطلاق، بل قالتا إن إشارتي إلى مشاكلهما بوضوح شديد ستساعدهما على أخذها على محمل الجد، وأنهما بخلاف ذلك ما كانتا لتُدركا مدى خطورة مشاكلهما. أبلغتاني أيضًا بألا أتردد في إخبارهما من جديد إذا لاحظت مشاكل في المستقبل. رأيت بعض التغييرات فيهما بعد ذلك، وشرَعتا في أداء واجباتهما بشكل أفضل. جعلني ذلك سعيدة حقًّا.
في صلواتي بعد ذلك، كنت أركِّز على إيجاد حلول لشخصيتي الفاسدة في كلمات الله. شاهدت مقاطع فيديو عن تلاوات لبعض مقاطع من كلمات الله التي أود أن نشاهدها الآن. يقول الله القدير، "سواء كنت تُؤدِّي واجباتك الآن أو تتابع المراحل الأوَّليَّة من تغيير الشخصيَّة – بصرف النظر عن الشخصيات الفاسدة التي تكشف عنها – ينبغي أن تبحث عن الحقّ لحلّها. ... إذا كنت تحاول مثلًا إخفاء نفسك دائمًا وراء كلماتٍ معسولة، إذا كنت ترغب دائمًا في مكانٍ في قلوب الآخرين وترغب في أن تجعل الآخرين ينظرون إليك باحترامٍ، إذا كانت لديك هذه المقاصد، فإن ذلك يعني إذًا أن شخصيَّتك تتحكَّم بك. هل يجب أن تتكلَّم بهذه الكلمات المعسولة؟ (لا). إذا كنت لا تتكلَّم بها، فهل تكتمها في داخلك وحسب؟ إذا وجدت صياغةً أكثر مهارةً، أي صياغة مختلفة لا يستطيع الأشخاص الآخرون من خلالها اكتشاف مقاصدك، فإن هذه لا تزال مشكلة في شخصيَّتك. أيَّة شخصيَّةٍ؟ شخصيَّة الشرّ. هل الشخصيات الفاسدة يسهل علاجها؟ ينطوي هذا على جوهر طبيعة المرء. فالناس لديهم هذا الجوهر، أي هذا الجذر، وينبغي اقتلاعه شيئًا فشيئًا. ينبغي اقتلاعه من كلّ حالةٍ ومن المقاصد وراء كلّ كلمةٍ تقولها. ينبغي تشريحه وفهمه من الكلمات التي تتحدَّثها. عندما يصبح مثل هذا الإدراك أوضح وتصبح روحك أكثر فطنةً، يمكنك عندئذٍ تحقيق التغيير" (من "لا يمكنك السعي إلى الحق إلّا عندما تعرف نفسك" في "تسجيلات لأحاديث مسيح الأيام الأخيرة")." كل ما تفعله، كل سلوك، وكل نيّة، وكل ردّ فعل يجب أن يُحضر أمام الله. حتى حياتك الروحية اليومية – صلواتك، وقربك من الله، وكيفية أكلك وشربك لكلمة الله، وشركتك مع إخوتك وأخواتك، وحياتك داخل الكنيسة، وخدمتك في الشراكة – يمكن إحضارها أمام الله ليمحّصها. هذه الممارسة هي التي ستساعدك على النمو في الحياة. إن عملية قبول تمحيص الله هي عملية تطهير. كلما قبلت تمحيص الله أكثر، تطهّرت أكثر، وزادت موافقتك لمشيئة الله، حتى لا تقع في الفسق، وحتى يعيش قلبك في حضرته. وكلما قبلت تمحيصه أكثر، ازداد خزي الشيطان وقدرتك على أن تنبذ الجسد. لذلك، فإن قبول تمحيص الله هو طريق للممارسة يجب أن يتبعه الناس. مهما كنت تفعل، حتى أثناء تناجيك مع إخوتك وأخواتك، يمكنك أن تُحضر أفعالك أمام الله وتطلب تمحيصه ويكون هدفك أن تطيع الله نفسه، وهذا سيجعل ممارستك أكثر صحة واستقامة. لا يمكنك أن تكون شخصًا يعيش في حضرة الله إلا إذا جلبت كل ما تفعله أمام الله وقبلت تمحيصه" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. يكمِّل الله أولئك الذين هم بحسب قلبه). بينما كنت أتفكّر في كلمات الله، اتّضح أنني يتعيّن عليّ في مواجهة مشكلة ما، أن أدقّق في أفكاري الخاصة، وأتفكّر في الدوافع وراء كلامي وأفعالي، وأجلب كلامي وأفعالي إلى أمام الله وأقبل تمحيصه، وأحلل نفسي وأعرفها عندما أجدني أكشف عن شخصية شريرة، وأصلي وأهمل نفسي دون تأخير. عندها سأكون أقل عرضة لأن أتصرف بناءً على شخصيتي الشريرة، وسيتطهّر ذلك الجانب من فسادي تدريجيًّا.
فيما بعد، لاحظتُ وجود أخت تبدو ضعيفة ولم تكن على استعداد لتحمل أي مشقة. كانت تعمد إلى الانكفاء كلما واجهت مشاكل في عمل الإنجيل. خطر لي أنها لم تكن تتحمل المسؤولية في واجبها، واحتجت أن أتشارك معها على الفور لإصلاح الأمور. لكن مشكلتي برزت من جديد. اعتقدت أنني إذا أشرت إلى مشكلتها، فقد تعتقد أنني قاسية للغاية، وقد تصبح مقاوِمة وتكرهني. تساءلت عن كيفية إيجاد صيغة لمقاربة المسألة، بحيث تكون مقبولة بالنسبة لها ولا تجعلها متحيزة ضدي. عند هذه الفكرة، أدركت أنني أسعى لحماية مكانتي وصورتي بين الإخوة والأخوات من جديد. قلت هذه الصلاة لله في قلبي: "يا إلهي، أنا على استعداد لقبول تمحيصك وإهمال دوافعي الشخصية. أريد أن أتشارك في الحقّ لأساعد أختي وأقوم بواجبي". بعد ذلك، تشاركت مع هذه الأخت لتشريح مشكلتها واكتسبتْ بعض الوعي الذاتي. لقد اكتسبتْ الكثير من السلام الداخلي بعد تطبيق ذلك. الآن أتمتع ببعض التمييز بشأن شخصيتي الشريرة، وعندما أواجه مشكلة، فإنني أبحث عن الحقّ بوعي وأهمل دوافعي الأنانية. أنا قادرة على التصرُّف استنادًا إلى كلمات الله. لقد تمكنت من أن أتغيّر إلى حد ما ويعود الفضل في ذلك كله إلى دينونة كلمات الله. أنا ممتنة جدًا لخلاص الله!