لماذا لا تريد أن تكون شخصية الضد؟

أولئك الذين يُخضِعُهم الله هم شخصيات الضد، وفقط بعد أن يُكمَّلَ الناس يصبحون نماذج وعيّنات لعملِ الأيام الأخيرة. وقبل أن يُكمَّلوا هم ليسوا إلا شخصيات الضد، وكذلك أدواتٍ ووسائل للخدمة. أما أولئك الذين أخضعهم الله بصورة كاملة فهم بلورةٌ لخطةِ تدبيرِه، كما أنهم نماذجُ وعيّنات. قد تكون هذه الألقاب التي أطلقتها على أُناس كهؤلاء غير مهمة، لكنها تروي الكثيرٍ مِن القصص الممتعة. سيجادل قليلو الإيمان بينكم دائمًا فيما يخص لقبًا غير مهمٍّ إلى أن يخجلوا، وفي بعض الأحيان تتأثر العلاقات كنتيجة لذلك. ومع أنكم تعتقدون وتؤمنون أن هذا مجرّد لقبٍ صغير، إلا أنه ليس بلقبٍ صغيرٍ، إنما أمرٌ مهمٌّ يخصّ مصيركم. كثيرًا ما سيعاني الحمقى من خسارة كبيرة تخصّ أمرًا صغيرًا كهذا، فالحرص على القليل سيجعلكم تخسرون الكثير. ستهربون ولن ترجعوا أبدًا بسببِ لقبٍ صغيرٍ. هذا لأنكم لا تولون الحياة أهمية وتعطون ما تلقَّبون به الكثير من القيمة. ففي حياتكم الروحية، وحتى العملية، كثيرًا ما ستقومون بتأليف العديد من القصص الملتوية والغريبة بسبب مفهومكم عن المكانة. ولربما لن تعترفوا بهذا، إلا أنني سأخبركم بأن هؤلاء الأشخاص موجودون بالفعل في حياتكم العملية. وما الأمر إلا أنكم لم تنكشفوا واحدًا تلو الآخر، فمثل هذه الأمور قد حدثت في حياة كل منكم. وإن كنت لا تصدّق ذلك فما عليك إلا إلقاء نظرة على القصة القصيرة أدناه من حياة أخت (أو أخ). ومن المحتمل أن يكون هذا الشخص هو في الواقع أنت، أو ربما شخصًا تعرفه في حياتك. وإذا لم أكن مخطئًا، فهذه القصة القصيرة هي تجربة مررتَ بها، ولم يُفقَد في وصفها شيءٌ أو تُترك أيَّ خاطرة أو فكرة دون أن تدوّنها القصة بالتّمام. وإن كنت غير مصدّقٍ لهذا، اقرأها أولًا.

دُوِّنَت هنا هذه الخبرة المتواضعة لـ"سيّدةٍ روحيّةٍ".

شعرَت بالقلق عندما رأت أن كثيرًا مما كان يقوم به إخوتها وأخواتها في الكنيسة لا يتوافق مع مشيئة الله، وابتدأت توبّخهم قائلة: "أيها الدّنيئون! ليس لديكم حتى ضمير! لماذا تقومون بأشياء بلا ضمير؟ لِمَ لا تسعون إلى الحق، بل تفعلون ما تشاؤون؟ ... ما أقوله لكم تكرهه نفسي أيضًا. أرى الله يفقد صبره وأشعر بالنار تستعر داخلي. أنا حقًا على استعداد لتنفيذ العمل الذي أوكله الله لي تنفيذًا كاملاً وأريدكم أن تنهضوا بواسطة خدمتي. لكنَّ مقدرتي في الوقت الحالي ضعيفة جدًا. لقد صرف الله علينا الكثير من الوقت، ونطق لأجلنا بكلماتٍ كثيرة، ولكننا ما زلنا كما نحن. أشعر دائمًا في قلبي أني مديونة لله كثيرًا..." (بكت ولم تقدر على الاستمرار في الحديث). ثم بدأت تصلّي قائلة: "يا الله! أتوسّل إليك أن تهبني قوّة وبالأكثر تقودني أكثر من أي وقت مضى ليعمل روحُك فيّ. أنا مستعدّة للعمل معك. وأنا مستعدّة الآن أنْ أسلّمَك كلَّ نفسي طالما ستتمجّد أنت في النهاية، حتى وإن عنى ذلك أن أضَحِّي بحياتي لأجلك. نريد أن نرفع لك تسبيحاتٍ عظيمة كي يتمكن الإخوة والأخوات من أن يرنموا ويرقصوا بابتهاج ليسبّحوا اسمك القدّوس، ويمجّدوك، ويعلنوا عنك، ويثبتوا أن عملك صحيح، ويمنحوك كُلَّ الاهتمام بسبب الأعباء التي تحملتها..." صلّت هكذا بإلحاحٍ، وثقّلَها الروحُ القدس حقًا بهذا الأمر. فخلال هذا الوقت كانت مُثَقَّلة جدًا، وقضت اليوم كله في القراءة والكتابة والاستماع. كانت منهمكة بطريقة لم تعهدها قبلاً، متمتّعةً بحالةٍ روحية ممتازة وكانت في قلبها نشطة ومُثقّلة على الدوام. لكنها كانت تضعف من وقت لآخر وتشعر أنها أمام طريق مسدود، غير أنها تستعيد حالتها الطبيعية في وقت يسير. وبعد فترة مشابهة لتلك، أصبح تقدّمها سريعًا. استطاعت أن تكتسب بعض الفهم من الكثير من كلمات الله وتعلّمت الترانيم أيضًا على نحو سريع. وبصورة عامة تمتّعت بحالة روحية ممتازة. انتابها القلق عندما عرفت أنَّ الكثيرَ مما يحدث في الكنيسة لا يتماشى مع مشيئة الله، ووبخت إخوتها وأخواتها قائلة: "أهكذا يكون التكريس لواجبنا؟ لماذا لا تستطيعون حتى دفع ثمنٍ زهيدٍ كهذا؟ إن كنتم لا تريدون فعل هذا فأنا من سيفعله...".

كانت تشعر بأن إيمانها يتقوّى كلما عمل الروح القدس ليخفّف من أعبائها. كانت تواجه أحيانًا بعض الصعوبات وتصير سلبية، لكنها استطاعت التغلب عليها. أي أنها عندما كانت تختبر عمل الروح القدس لم تستطع تجنّب بعض الصعوبات بعينها أو قليلًا من الضعف، حتى عندما كانت أحوالها تسير على ما يرام، فهذه أمورٌ لا مفرّ منها، غير أنها استطاعت الخروج من هذه الحالات في وقت يسير. وإذ كانت تمرّ بفترات ضعفٍ، كانت كلما تصلّي تشعر حقًا بأن قامتها ليست كافية، لكنها كانت مستعدّة للتعاون مع الله. مهما كان ما يفعله الله، كانت على استعداد لإرضاء مشيئته، ولطاعة كل ترتيباته. كان هناك بعض الناس ممن تحيّزوا ضدها بأفكارهم، لكنها استطاعت أن تنأى بنفسها بعيدًا وتبادر بالدخول في شركة معهم. هكذا تكون حالات الناس حين يقوم الروح القدس بعمله الطبيعي. ولكن بعد فترة من الزمن، بدأ عمل الله يتغيّر، ودخل الناس كلهم في مرحلة أخرى من العمل كان لله فيها متطلبات مختلفة. ولهذا قال الله كلامًا جديدًا يطلب متطلبات جديدة من الناس: "...أنا لا أكنّ إلا البغض لكم، لا البركات. لم أفكر في مباركتكم أبدًا أو جعلكم كاملين لأنكم متمرّدون للغاية. لأنكم مُلتوون وخادعون وعاجزون وأدنياء، لم تلحظكم عيناي أبدًا وكنتم خارج قلبي. نيّتي في عملي هي أن أدينكم. أنتم دائمًا في متناول يدي ولم تكونوا بعيدين عن توبيخي. استمرّيتُ بإدانتكم ولعنكم. ولأنكم لم تفهموني، حلّ غضبي عليكم دائمًا. مع أنني عملت دائمًا بينكم، عليكم أن تعرفوا موقفي تجاهكم، ألا وهو الاشمئزاز، لا موقف أو رأي آخر لي. أريدكم أن تعملوا كشخصيات ضد لحكمتي وقوّتي العظيمة فحسب. لستم إلا شخصيات ضد لأن بِرّي يظهر في عصيانكم. أريدكم أن تكونوا شخصيات الضد لعملي، لتكونوا زوائد لعملي...". وما أن وقعت عيناها على الكلِمات "زوائد"، و"شخصيات الضد" ابتدأت تفكّر: "كيف يمكنني أن أتبع في ضوء هاتين الكلمتين؟ ما زلتُ شخصية ضد حتى بعد أن دفعتُ ثمنًا كهذا. أليس من يملك شخصية الضد مجرّد عامل خدمة؟ قيل لنا في الماضي إننا لن نكون عاملي خدمة، إنما شعبًا لله، إنما ألسنا ما نزال هنا اليوم للقيام بدور عاملي الخدمة؟ ألا يفتقر عاملو الخدمة إلى الحياة؟ لن يَمتدح اللهُ ألمي مهما بلغ مقدار الألم الذي أتحمله. وإن توقّفت عن أن أكون شخصية الضد، ألن ينتهي الأمرُ هنا؟ ..." وكلما أكثرتْ التفكيرَ بهذا، شعرتْ بالاكتئاب أكثر. فجاءت إلى الكنيسة ورأت أحوال إخوتها وأخواتها فشعرت بالسوء أكثر. قالت لهم: "لستم على ما يرام! وأنا لست على ما يرام! ينتابني شعورٌ سلبي. أُوه! ماذا يمكن فعله؟ لا يريدنا الله بعد. إذا استمررنا في هذا النوع من العمل، فلا سبيل لأن يجعلنا الله سلبيين. لا أعرف مَكمَنَ خطئي ولا أريد حتى أن أصلي. أنا لست على ما يرام الآن، ولا أستطيع حقًا أن أستجمع دافعي الداخلي. صلّيت مرارًا وفشلت، ولست مستعدّة للمُضي قُدُمًا. إني أرى الأمر على هذه الصورة: يقول الله إننا شخصيات الضد، أوليس من يملكون "شخصيات الضد" عاملي خدمة فحسب؟ يقول الله إننا شخصيات ضد، ولسنا بأبنائه ولا حتى بشعبه. لسنا بأبنائه، لا بل أقلّ بكثير من أبنائه البكر. لسنا بشيء، مجرد شخصيات ضد. هل يمكننا بعد هذا التوصيف لنا أن نحصل على نتيجة إيجابية؟ ليس لشخصيات الضد رجاء لأنهم لا حياةَ لهم. إن كنا أبناؤه وشعبه، كان سيكون لنا رجاءٌ وكان يمكن أن نصبح كاملين. هل يمكن لأصحاب شخصيات الضد أن يمتلكوا حياة الله فيهم؟ هل يمكن لله أن يضع حياة في هؤلاء الذين يعملون خدمة له؟ الذين يحبهم الله يحصلون على حياته، والذين يحصلون على حياته هم وحدهم أبناؤه وشعبه. ومع أنني سلبية وضعيفة، رجائي ألا تكونوا جمعيكم سلبيين. فأنا أعلم أنَّ التراجعَ والسلبيةَ بهذا الشكل لا يمكنهما إرضاءُ مشيئة الله، ولكني لا أقبل أن أكون شخصية الضد. أنا خائفة من أن أكون شخصية الضد. فعلى أي حال، لا أملك سوى هذا القدر من الطاقة ولا أستطيع الاستمرار الآن. آملُ ألا يفعل أيُّ أحد منكم كما فعلت، إنما أن تحصلوا على بعض الإلهام مني. أشعر أنني قد أموت أيضًا! ولكني سأترككم مع بعض الكلمات الأخيرة قبل موتي، ورجائي هو أن يكون باستطاعتكم أن تعملوا كشخصيات الضد حتى النهاية، لعلَّ الله في النهاية يمتدح شخصيات الضد..." وحالما سمع الإخوة والأخوات هذا تساءلوا: كيف يمكنها أن تشعر بكل هذه السلبية؟ ألم تكن على ما يرام في اليومين الماضيين؟ لماذا أصبحتْ باردة فجأة؟ لماذا لا تتصرّف بطريقة طبيعية؟ فقالت: "لا تقولوا بأني لست طبيعية. في الواقع، أنا صريحة فيما أشعر به في قلبي. أعرف أني لم أُرضِ مشيئة الله، أوليس هذا لأني لا أقبل بأن أتصرف كشخصية ضد له؟ لم أفعل أي شيءٍ سيء. ربّما يأتي يومٌ يغيّرُ الله فيه لقب شخصيات الضد إلى لقب مخلوقاته التي يستخدمها بطرقٍ مهمّة. أليس هناك من أملٍ في هذا؟ رجائي ألا تكونوا سلبيين أو مغمومين لتقدروا على الاستمرار باتباع الله وتبذلوا قصارى جهدكم لتخدموا كشخصيات ضد. على كل حال، لا يمكنني أن أستمرّ قُدُمًا. لا تدعوا تصرفاتي تقيدكم". سمع أشخاص آخرون ذلك وقالوا: سنستمر في اتباعنا لله حتى لو توقفتِ أنت عن اتباعه لأنه لم يسبق وأن عاملنا بظلم أبدًا. ولن نتقيّد بسلبيتكِ.

بعد اجتيازها هذه التجربة لفترة من الوقت كانت لا تزال تشعر بالسلبية لكونها شخصية ضد. فقلتُ لها: "أنتِ لا تفهمين عملي ولا تفهمين الحق الخفي في كلماتي، أو جوهرها، أو النتائج المرجوّة منها. لا تعرفين حكمة عملي وأهدافه. ولا حتى تدركين مشيئتي. كل ما تعرفينه هو أن تتراجعي لأنك شخصية ضد، تشغلين نفسك كثيرًا بالمكانة! أنت غبية! لقد قلت الكثير لكِ في الماضي، وأخبرتكِ أني سأكمِّلُكِ، هل نسيتِ؟ حتى قبل الحديث عن شخصيات الضد، ألم أتحدث معكِ عن أني سأجعلك كاملة؟". "انتظرْ، سأفكّر في الأمر! نعم، هذا صحيح! قبل الحديث عن شخصيات الضد قلت تلك الأمور!". "عندما تكلّمتُ عن تكميلِكِ، ألم أقل إن الناس سيُكَمَّلون بعد أن يخضعوا؟". "نعم!". "ألم تكن كلماتي صادقة؟ ألم تُقَلْ بحسن نيّة؟". "نعم! أنت إلهٌ لم يقلْ أبدًا إلا الصدق ولا أحد يجرؤُ على إنكار هذا. لكنك تتكلّم بطرقٍ عديدة". "ألا تتغيّر طرُقُ حديثي وفقًا لخطوات العمل؟ ألا يُقال ما أقوله ويُنفذُ بناء على احتياجاتِك؟". "أنتَ تعمل وفقًا لاحتياجات الناس وتسدّ عوزهم. هذا صحيح!". "ثمّ ألم يكن ما قُلتُه لكِ نافعًا؟ ألم تكن توبيخاتي لأجل مصلحتك؟". "ما زلتَ تقولُ إنها كانت لأجل مصلحتي! لقد وبّختني حتى الموت تقريبًا، ولا أريد العيش أكثر. تقول اليوم أمرًا، وغدًا تقولُ أمرًا آخرَ. أعلمُ أن تكميلك لي هو من أجل مصلحتي، لكنك لم تجعلني كاملةً بعد، إنما تجعلني شخصية ضد وما زلت توبخني. ألا تبغضني؟ لا أحد يجرؤ على تصديق كلماتك، والآن فقط رأيت جليًّا أن توبيخك هو لتبدّد البغض الذي في قلبك، وليس لخلاصي. أخفيت الحقيقة عني قبلًا، قلت إنك ستكمّلني وأن التوبيخ كان لجعلي كاملةً. لذلك أطعت توبيخك دائمًا، ولم أتخيّل أن أُلقَّب اليوم بشخصية الضد. ألم يكن من الأفضل يا الله أن تجعلني أي شيء آخر؟ أكان عليك أن تجعلني ألعب دورَ شخصية الضد؟ حتى إنني سأقبل أن أكون حارسةَ بوابة في الملكوت. فقد كنت أسعى هنا وهناك وأبذل نفسي ولكنّ يديّ فارغتان في نهاية المطاف. أنا مفلسة تمامًا، ولكنك ما زلتَ تقول لي وتريدني أن أتصرف كشخصية ضدٍّ لك. كيف يمكنني حتى إظهار وجهي؟". "عمَّ كنتِ تتكلّمين؟ لقد قمتُ بالكثير من عمل الدينونة في الماضي، وأنتِ لا تفهمينه؟ هل لديك فهم حقيقي لنفسك؟ أليس لقب "شخصية الضدّ" هو أيضًا دينونة الكلمات؟ هل تعتقدين أن حديثي عن شخصيات الضد هو أسلوب، طريقة لدينونتك؟ إذن فكيف ستتبعينني؟" "لم أخطط بعدُ كيف أتّبعك. أريد أن أعرف أولًا: هل أنا شخصية ضدٍّ أم لا؟ أيمكن لشخصيات الضد أن تنال الكمال؟ أيمكن تغيير لقب "شخصية الضد"؟ أيمكنني أن أقدِّم شهادةً مدوية بكوني شخصية ضد، وبعد ذلك أصيرُ شخصًا كاملًا، أي نموذجًا لمحبة الله ومحبوبةً منه؟ أيمكنني أن أصبح كاملةً؟ أخبرني بالحقيقة!". "ألا تعلمين أن الأمور في تطوّر وتغيّر مستمر؟ وطالما كنتِ على استعداد الآن أن تقبلي بأن تكوني مطيعة في دورك كشخصية ضد، سيكون بمقدورك أن تتغيّري. سواء كنتِ شخصية ضد أم لا، هذا لا علاقة له بمصيركِ، الأمر الأساسي هو أن تكوني أو لا تكوني شخصًا يختبر تغييرًا في شخصية حياته". "أيمكنك أن تخبرني إن كنت تستطيع أن تجعلني كاملةً أم لا؟". "إنني أضمنُ أن أجعلكِ كاملةً طالما أنك اتبعتني وأطعتني حتى النهاية". "وما نوع الألم الذي عليّ اختباره؟". "عليك اختبار الشدائد إلى جانب دينونة الكلام وتوبيخه، وتحديدًا توبيخ الكلام، وهذا نفس التوبيخ الذي تختبرينه كشخصية ضد!". "نفس التوبيخ كشخصية ضد أيضًا؟ ولكن إنْ كان هناك أملٌ أن أكون قادرةً على أن أصبح كاملةً بتحمّلي الشدائد فأنا موافقة. وإن كان هذا مجرّد بصيص أمل فهذا أفضل لي من أن أكون شخصية ضد. لقب "شخصية الضد" يبدو سيئًا جدًا. لست على استعداد بأن أكون شخصية ضد". "أين مكمن الخطأ في أن تكوني شخصية ضد؟ أليست شخصيات الضد جيدة إلى حد ما؟ ألا تستحقّ شخصيات الضد التمتع بالبركات؟ إذا ما قلتُ إن شخصيات الضد يمكنها التمتع بالبركات، فسيكون بمقدرتكِ التمتع بالبركات. ألا تتغيّر ألقاب الناس بسبب عملي؟ أيزعجكِ كثيرًا لقبٌ كهذا؟ أن تكوني شخصية ضد هكذا لهوَ أمرٌ مُستحق. هل أنتِ على استعداد أن تتبعيني أم لا؟". "هل يمكِنُكَ إذن تكميلي أم لا؟ هل تسمح لي بأن أتمتع ببركاتك؟". "هل أنتِ مستعدة أن تتبعيني حتى النهاية أم لا؟ هل أنت مستعدة أن تضحي بنفسك؟". "دعني أفكر بالأمر أكثر. يمكن لشخصية الضد أن تتمتع ببركاتك ويمكنها أن تصبح كاملة. وبعد أن أصبح كاملة ستجعلني من أحبائك وسأفهم إرادتك كلها، وسيكون لي ما هو لك. سأتمتّع بما تتمتّع به، وسأعرف ما تعرفه. ... يمكنني أن أتمتّع بالبركات بعد تحمّلي الشدائد وجعلي كاملة. لكن ما هي البركات التي سأتمتّع بها فعلًا؟". "لا تشغلي بالكِ بشأن أيٍّ من البركات ستتمتّعين بها إذ لن تقدري على تخيّلها حتى لو أخبرتك عنها. فبعد أن تكوني شخصية ضد صالحة سوف أخضعكِ، لتصبحي شخصية ضد ناجحة. وهذا نموذج وعيّنة للذين أُخضعوا، ولكن بالطبع يمكنك أن تكوني كذلك فقط بعد أن تُخضَعي". "عن أي نموذج وعيّنة تتحدّث؟". "عن نموذجِ وعيّنةِ لكلِّ الأمم، أي الذين لم يُخضعوا بعد". "وكم عددهم؟". "كثيرون. ليس فقط أربعة أو خمسة آلاف منكم، فكل الذين يقبلون هذا الاسم في العالم أجمع عليهم أن يُخضعوا". "إذًا ليست فقط خمس أو عشر مدن!". "لا تقلقي بشأن ذلك الآن، لا تشغلي بالك كثيرًا. فكّري فقط كيف عليكِ أن تدخلي في الوقت الراهن! وأنا أضمن لك بأن تصبحي كاملة". "إلى أي درجة سأصبح كاملة؟ وأي بركاتٍ سأتمتّع بها؟". "ما الذي يقلقكِ؟ أنا أضمن أنك ستصبحين كاملة، أنسيتِ أني جديرٌ بالثقة؟". "صحيحٌ أنك جديرٌ بالثقة، لكن بعض طرقك في الحديث تتغيّر دائمًا. تقول اليوم إنك تضمن لي كمالي، وغدًا قد تقول إنه أمرٌ غير مؤكد. وتقول لبعض الناس "أنا أضمنُ أنه لا يمكن لِمن على شاكلتكم أن يصير كاملًا". لا أفهم سياق كلماتك. وببساطة لا أجرؤ على تصديقها". "هل يمكنك أن تضحي بنفسك أم لا؟". "أضحي بماذا؟". "أن تضحي بمستقبلك وآمالك". "من السهل التضحية بهذه الأشياء! أكثر ما يعنيني هو لقب "شخصية الضد"، فأنا حقاً لا أريده. إذا قمتَ بنزع لقب "شخصية الضد" عني سأتقبّل أي شيءٍ منك، وسأقدر على فعل أي شيء. أليست هذه أمورًا لا قيمة لها؟ أيمكنك أن تأخذ مني تلك التسمية؟". "أليس من السهل جدًا القيام بذلك؟ إذا كنت قادرًا على أن أعطيكِ ذلك اللقب يمكنني أيضًا أن آخذه منك. لكن لم يحن الوقت بعد لفعل هذا، إذ عليكِ أن تُكمِّلي خبرتك في هذه المرحلة من العمل، وحينها فقط يمكنك الحصول على لقبٍ جديد. أي شخصٍ يشابهكِ يحتاجُ لأن يكون شخصية ضد. كلّما كنت خائفة أكثر من لقب "شخصية الضد"، لقّبتك به أكثر. يجب على شخصٍ مثلكِ أن يُعامَل ويؤدّب بصرامة. فكلّما كان الشخص أكثر تمرُّدًا، كان عامل خدمةٍ بالأكثر، ولن يكسب في آخر المطاف شيئًا". "بما أنني أسعى باجتهاد كبير، لماذا لا يمكنني أن أطرح عني تسمية "شخصية الضد"؟ لقد تبعناك كل هذه السنين وعانينا كثيرًا. فعلنا من أجلك الكثير، وواجهنا الريح والمطر، ونقارب نهاية شبابنا، ولم نتزوّج أو نكوّن عائلة، ومن فعل هذا منا خرج أيضًا معنا. تخلّيتُ عن فرصة التحاقي بالجامعة حالما سمعت أنك قد أتيت وأنا منهمكة في دراستي الثانوية. وأنت تقول إننا شخصيات ضد بعد أن تكبّدنا خسائر كهذه! نقوم بكل هذا وينتهي بنا المطاف باعتبارنا مجرد "شخصيات ضد" لك! كيف سيجعل هذا زملاء الصف ورفاقي السابقين يفكّرون بي؟ كيف لا أخجل إن جاوبتهم عندما يرونني ويسألونني عن منصبي وعن مكانتي؟ لقد دفعتُ في البداية أي ثمنٍ كان لأني آمنت بك، فسخر مني الآخرون قائلين إنني حمقاء. غير أني استمرّيت باتباعك تائقة إلى أن يأتي اليوم الذي أُرشِدُ فيه كل أولئك الذين لم يؤمنوا. ولكن بدلًا من ذلك تقول اليوم إني شخصية ضد. كنت سأكون أفضل حالًا لو أعطيتني أدنى الألقاب أو سمحت لي أن أكون من بني الملكوت. حتى وإن لم أملك المقدرة كي أكون تلميذتك أو صديقتك الحميمة يكفيني أن أكون أحد تابعيك! لقد تبعناك كل هذه السنين مضحين بعائلاتنا، وكان من الصعب أن نستمرّ بالسعي إلى يومنا هذا، ولكننا لم نحصل إلا على لقب "شخصيات الضد"! لقد تخليتُ عن كل شيء لأجلك، تخليت عن كل الثروات الدنيوية. عرّفني أحدهم قبلًا على شريك حياة محتمل. كان وسيمًا بالفعل وأنيق المظهر. كان ابن مسؤول حكومي رفيع المستوى. كنت حينها مُعجَبَة به. ولكن حالما عرفتُ أن الله ظهر ويتمم عمله، وأنك كنت ستقودنا إلى الملكوت وتكمِّلنا، وأنك طلبت منا أن نتحلى بالعزيمة وألا نضيع الوقت وأن نترك كل شيء خلفنا، حالما سمعت هذا عرفت أنني أفتقر بالتمام للعزيمة! بعدها تحليت بالعزيمة ورفضتُ الأمر. أرسلَ الشريك المحتَمَل هدايا لعائلتي عدة مرات، ولم أعرها أي اهتمام. ألا ترى أني كنت حينها منزعجة؟ فشلت في الحصول على هذه الفرصة الجيدة. كيف لا أحزن؟ كنت حزينة لعدة أيام لدرجة أنني لم أستطع النوم ليلًا، ولكني أخيرًا تخليت عن هذه الفرصة. كان الروح القدس يؤثّر فيّ كلّما صليتُ، وقد قال لي: "هل أنتِ مستعدة أن تضحي بكل شيء لأجلي؟ هل أنتِ مستعدة أن تبذلي نفسكِ لأجلي؟" كلما فكرت في كلماتك تلك أجهش بالبكاء. تأثرت وبكيت حزينة مرّات كثيرة لا أقدر على عدّها. وبعد عام سمعت أن الرجل قد تزوّج. ولا حاجة للقول بأني كُنتُ بائسة، غير أني تخليت عن هذا الأمر لأجلك، فضلًا عن أنني لا آكل ولا ألبس جيدًا. ضحّيت بذلك الزواج، ضحيت بهذا كله، لذا لا ينبغي أن تطلب مني أن أكون شخصية ضد. لقد ضحّيت بزواجي لكي أقدّم نفسي لك، وكان هذا أهم حدث في حياتي! فحياة الإنسان تتجلى في الحصول على شريك جيد وتكوين عائلة سعيدة. تخلّيت عن الأفضل، والآن أنا وحيدة ويداي فارغتان. أين سترسلني؟ لقد عانيتُ الألم منذ أن بدأت في اتباعك. لم أنعم بحياة جيدة. ضحّيت بعائلتي ومهنتي وكل ملذّات الجسد. هل ما زال كل هذا الثمن الذي دفعناه جميعًا غير كافٍ لنتمتّع ببركاتك؟ وما حصلنا عليه هو لقب "شخصية الضد". لقد تجاوزت الحدود يا الله. انظر لحالنا، ليس لدينا ما نعتمد عليه في هذا العالم. لقد تخلى بعضنا عن أطفاله، والبعض الآخر تخلوا عن أعمالهم وشركاء حياتهم(أ) وما إلى ذلك. تخلّينا عن كل ملذّات الجسد. ماذا علينا أن نأمل أيضًا؟ كيف يمكننا أن نبقى على قيد الحياة في هذا العالم؟ ألا يستحق هذا الثمن الذي دفعناه أي مكافأة؟ ألا ترى ذلك على الإطلاق؟ وَضعُنا متدنٍّ ولا مقدرة لنا. نقبل بهذا، ولكن متى ترانا لم نصغِ إلى ما تريد أن نفعله؟ والآن أنت تتركنا بلا رحمة ومكافأتنا أن تدعونا "شخصيات الضد"؟ هل هذا هو كل ما جلبته لنا تضحيتنا؟ إذا سألني الناس في نهاية المطاف عما حصلت عليه من إيماني بالله، أيمكنني أن أقول لقب "شخصية الضد" أمامهم؟ كيف يمكنني أن أفتح فمي لأقول إنني شخصية ضد؟ لا أقدر أن أحدّث والديّ بالأمر ولا حتى من كان يومًا شريكي المحتمل. دفعت ثمنًا باهظًا كهذا، وما أحصل عليه في المقابل هو لقب "شخصية الضد"! آه! أشعر بالحزن الشديد!" (ضربت على ساقيها وأجهشت بالبكاء). "لو قلتُ لكِ الآن إنني لن أعطيك لقب "شخصية الضد" وسأجعلك من شعبي وأرسلك لتبشّري بالإنجيل، وإذا ما منحتك منصبًا لتعملي، فهل ستقدرين على إنجاز عملك؟ ما الذي اكتسبتِهِ من اتباعك لهذا العمل خطوةً فخطوة؟ وها أنت تروين لي قصّتك، ألا تخجلين من هذا؟ تقولين إنك دفعت ثمنًا دون الحصول على مقابل. ألم أخبرك ما هي شروطي لأقتني شخصًا ما؟ ولمن أقوم بالعمل؟ هل تعرفين؟ إنك تجددين شكايا قديمة! هل يمكن أن تعتبري إنسانًا بعد الآن؟ ألم تكن كل معاناة هي من اختيارك الحر؟ ألم تكن معاناتك لتحصلي على البركات؟ هل استوفيتِ شروطي؟ فكل ما تبتغينه هو أن تحصلي على البركات. ألا تخجلين من هذا؟ متى ألزمتك بشروطي؟ إذا كنت مستعدةً أن تتبعيني فعليك أن تطيعيني في كل شيء. لا تتحدثي عن شروطٍ. في نهاية الأمر، قد أخبرتك مسبقًا أن هذا الطريقَ طريقٌ للألم محفوفٌ باحتمالات قاتمة مع قليلٍ من السعادة. أنسيتِ؟ لقد قلت هذا مرّات عديدة. إن كنتِ على استعداد أن تعاني فاتبعيني، وإن لم تكوني كذلك فتوقفي. أنا لا أجبرك فأنت حرّةٌ في المجيء أو الذهاب! ومع ذلك، فهذه هي طريقتي في العمل، ولا يمكنني أن أُؤَجِّلَ عملي بأكمله بسبب عصيانك أنتِ. قد لا تريدين أن تطيعي، لكن غيرك يريد. كلّكم يائسون! لا تخافون شيئًا! تناقشونني في شروطكم، أتريدون الاستمرار بالحياة أم لا؟ أنتم تخطّطون لأنفسكم وتتدافعون للشهرة والفائدة. أليس عملي لأجلكم جميعًا؟ هل أنتم عميان؟ كان يمكن لهذه الكلمات أن تُغتَفَر قبل أن أتجسّد لأنكم لم تقدروا أن تروني، ولكني الآن متجسّدٌ وأعمل بينكم وما زلتم لا ترون؟ ما الذي لا تستطيعون فهمه؟ تقولون إنكم قد عانيتم الخسارة، غير أني لأجل هذا تجسّدتُ وأنجزتُ الكثيرَ أيها اليائسون لأخلّصكم، وحتى الآن مازلتم تشتكون – ألن تقولي إنني تألمت؟ أليس ما فعلته هو لأجلكم؟ هذا اللقب الذي أعطيه للناس يعتمد على قامتهم الحالية. إذا ما دعوتك "شخصية الضد" فأنتِ شخصية ضد في الحال. وبالمثل، إذا دعوتك "واحدة من أفراد شعب الله" فأنت واحدة من شعب الله في الحال. مهما أدعوكِ فأنتِ كذلك. أليس كل شيء كما أقول؟ أيغضبكِ كلامي هذا؟ حسنًا، أستميحكِ عذرًا! إذا لم تطيعي الآن فستُلعَنين في الآخرة، أستسعدين حينها؟ أنتِ لا تعيرين طريق الحياة اهتمامًا إنما تركّزين فقط على مكانتكِ ولقبكِ، فما هو شكل حياتك؟ لا أنكر أنكِ قد دفعتِ ثمنًا باهظًا، ولكن انظري إلى قامتكِ وممارستكِ، فحتى الآن ما زلتِ تناقشين الشروط. هل هذه هي القامة التي نلتِها مقابل عزمك؟ أيُّ نزاهة ما زلتِ تتحلّين بها؟ أي ضميرٍ لديكِ؟ هل أنا من اقترف خطأً؟ هل كانت متطلباتي منكِ مُجحِفة؟ أيًا منها؟ أردتكِ أن تتصرّفي كشخصية ضد لبضعة أيام ولا تريدين فعل هذا. أيّ عزيمة هذه؟ أنتم جميعًا ضعيفو الإرادة وجبناء! معاقبةُ أناس مثلكِ هو بالطبع أمرٌ واردٌ!" وحالما قلتُ هذا، لم تتفوه بأيِّ كلمة.

اختباركم لعملٍ كهذا يعطيكم فهمًا لخطوات عمل الله وطرقِه في تغيير الناس. وهذه هي الطريقة الوحيدة لتحققوا نتائجَ في التغيير. لديكم في سعيكم الكثير من المفاهيم الفردية والآمال والخطط المستقبلية. أما العمل الحالي فهو من أجل التعامل مع رغبتكم في المكانة المرموقة وكذلك رغباتكم الجامحة. كلُّ المفاهيم والآمال والرغبة في المكانة الرفيعة هي صورٌ معروفة لشخصية الشيطان. وسببُ وجود هذه الأشياء في قلوب الناس هو تمامًا لأن سم الشيطان ينخر أفكارهم دائمًا وهم دائمًا عاجزون عن التخلص من إغراءاته. يعيش الناس وسط الخطية ولا يعتقدون أنها كذلك، ولا يزالون يعتقدون قائلين: "إننا نؤمن بالله، فعليه أن يغدق علينا البركات وأن يرتّب أمورنا بما يليق. نحن نؤمن بالله، ولذلك يجب أن نكون أسمى مقامًا من الآخرين، ويجب أن يكون لنا منصب ومستقبل أفضل من أي شخص آخر. ولأننا نؤمن بالله عليه أن يهبنا بركات غير محدودة، وإلا فلا يمكننا أن ندعو هذا الأمر إيمانًا بالله". لسنوات عديدة، كانت أفكار الناس التي اعتمدوا عليها لبقائهم على قيد الحياة تتلف قلوبهم لدرجة أنهم أصبحوا خونة وجبناء ووضعاء. لا يفتقرون لقوة الإرادة والعزم فحسب، إنما أصبحوا أيضًا جشعين ومتغطرسين وعنيدين. هم يفتقرون تمامًا لأي عزمٍ يتجاوز الذات، بل وليست لديهم أيَّ شجاعة للتخلّص من قيود هذه التأثيرات المظلمة. أفكار الناس وحياتهم فاسدة، ووجهات نظرهم فيما يخصّ الإيمان بالله لا تزال قبيحة بقدر لا يطاق، وحتى عندما يتحدثون عن وجهات نظرهم فيما يخص الإيمان بالله لا يمكن بكل بساطة احتمال الاستماع إليها. الناس جميعًا جبناء وغير أكْفَاء ووضعاء وكذلك ضعفاء. لا يشعرون بالاشمئزاز من قوى الظلام، ولا يشعرون بالحب للنور والحق؛ إنما بدلاً من ذلك يبذلون قصارى جهدهم للابتعاد عنهما. أليست أفكاركم الحالية ووجهات نظركم على هذا المنوال؟ ولسان حالكم يقول: "بما أنني مؤمنةٌ بالله فعلى الله أن يُغدِقَ عَليَّ البركات وأن يَضمَنَ ألا تنحدر مكانتي وأن تبقى أسمى من مكانة غير المؤمنين". لم تحتفظوا بمنظورٍ كهذا لسنة أو سنتين، إنما آمنتم به لسنين عديدة. إن طريقة تفكيركم في التعامل متطورة للغاية. ومع أنكم قد وصلتم إلى هذه المرحلة اليوم فإنكم لم تتركوا بعدُ أمرَ المكانة، إنما تكافحون باستمرار للاستفسار عنها، وترصُّدها بصورة يومية، مسكونين بخوفٍ عميقٍ من أنكم ستخسرون مكانتكم يومًا ما وسيُبادُ اسمُكم. لم يتخلَّ الناس أبدًا عن رغبتهم في حياة أسهل. إذًا، وأنا أدينكم بهذه الطريقة اليوم، فأي مستوى من الفهم ستتمتعون به في نهاية المطاف؟ ستقولون إنه على الرغم من أن مكانتكم ليست برفيعةٍ لكنكم تمتّعتم بتزكية الله لكم. لم تكن لكم مكانة لأنكم وُلِدتم وضعاء، وقد مُنِحتم مكانة بسبب تزكية الله لكم، أي أن ذلك شيء وهبه الله لكم. أنتم اليوم قادرون شخصيًا على أن تحصلوا على تدريب الله وتوبيخه ودينونته، وبالأكثر أن تُزكَّوا منه. أنتم قادرون على أن تستقبلوا التطهير والتهذيب منه. هذه هي محبة الله العظيمة. لم يُطهِّر أو يهذب اللهُ أي أحد على مرّ العصور، ولم تجعل كلمتُه أي إنسان كاملًا. الله يتحدث معكم الآن وجهًا لوجه ويطهّركم مظهرًا عصيانكم الداخلي وفي هذا حقًا تكمن تزكيته. ماذا يمكن للناس فعله؟ فيما إذا كانوا أولاد داود أم أحفاد موآب، باختصار، الناس كائنات مخلوقة تفتقد لما تتباهى به. ولأنكم مخلوقات الله عليكم تأدية واجب المخلوق، ولا توجد متطلبات أخرى منكم. وسوف تصلّون قائلين: "يا الله! سواء أكانت لي مكانة أم لا، أنا الآن أفهم نفسي. إذا كانت مكانتي رفيعة فهذا بسبب تزكيتك، وإذا كانت وضيعة فهذا بسبب ترتيبك. فالكلّ في يديك. لا أملك خياراتٍ وليست لدي شكاوى. أنت أمرت بأن أُولدَ في هذا البلد وبين هؤلاء الناس، وكل ما عليَّ فعله هو أن أكون فقط مطيعةً تحت سلطانك بالتمام لأنْ لا شيء يخرج عن أمرك. لا أهتمّ بالمكانة، فأنا لست سوى مخلوق. إذا ما طرحتني في الهاوية السحيقة وبحيرة النار والكبريت، فأنا لست سوى مخلوق. أنا مخلوقٌ إذا ما استخدمتني، ومخلوقٌ إذا ما كمّلتني. وإذا لم تكمّلني سأبقى أحبك لأني لست إلا مخلوقًا. لست إلا مخلوقًا صغيرًا، أحد البشر المخلوقين الذين خلقهم رب الخليقة. أنت من خلقتني، وقد وضعتني مرّة أخرى في يديك لأكون تحت رحمتك. أنا مستعدةٌ أن أكون لك أداتك وشخصية الضد لك، فكل شيء محكومٌ بأمرك ولا أحد يستطيع تغييرَهُ. كل الأشياء والأحداث هي في يديك". عندما يحين ذلك الوقت، لن تهتمّي بأمر المكانة إنما ستنفضينها عنك. عندها فقط ستكون لديك القدرة على السعي بثقة وجرأة، وعندها فقط سيكون قلبك حرًا من أي قيد. بمجرّد أن يُنتَشَل الناس من هذا الأمر، لن يَعتريهم القلقُ فيما بعد. ما الذي يُقلِقُ غالبيتُكم الآن؟ أنتم مقيّدون بأمر المكانة دائمًا وتبحثون على الدوام عن تطلعاتكم الشخصية. تمسكون أحد كتب كلام الله وتقلّبون صفحاته وتأملون أن تقرأوا ما قد قيل فيها عن غاية البشرية وتريدون أن تعرفوا ما هي تطلعاتكم وماذا ستكون غايتكم. "كيف لا يمكن أن تكون هناك تطلعات؟ هل يمكن أن يكون الله قد أخذ تلك التطلعات؟ الله لا يقول إلا أنني شخصية ضد، ما هي تطلعاتي إذًا؟" من الصعب عليكم أن تضعوا تطلعاتكم وغاياتكم جانبًا. أنتم الآن أتباع، وتتحلّون ببعض الفهم لهذه المرحلة من العمل. ولكنكم لم تتخلوا بعد عن رغبتكم في المكانة. تسعون جيدًا إذا كانت مكانتكم رفيعة، ولكن إن كانت وضيعة، فلا تسعون أبدًا. تفتكرون دائمًا في بركات اعتلاء المكانة الرفيعة. لماذا لا يستطيع أغلبية الناس الخروج من الشعور بالسلبية؟ أليست تطلعاتكم المظلمة هي السبب في ذلك؟ حالما يفصح الله عن أقواله تسرعون لتعرفوا ماهية مكانتكم وهويّتكم. تضعون المكانة والهويّة في المقام الأوّل وأمر الرؤية في المقام الثاني، وفي المقام الثالث ضرورة تحقيق الدخول، وإرادة الله الحالية في المقام الرابع. تنظرون أولًا لتروا فيما إذا كان لقب الله لكم كشخصيات ضد قد تغيّر أم لا. تقرؤون كثيرًا، وعندما تجدون أن لقب "شخصية الضد" قد أزيل عنكم تشعرون بالفرح وتشكرون الله باستمرار وتمجّدون قوته العظيمة. ولكن حالما تلمحون أنكم ما زلتم شخصيات ضد تستاؤون وعلى الفور يتبدد أي دافع في قلبكم. كلما سعيت بهذه الطريقة، بالشّح جنيت. وكلما عظمت رغبة الشخص في الوصول لأعلى مكانة، كان التعامل معه أكثر جديّة ووجبَ خضوعه لمزيد من التنقية. ذلك النوع من الأشخاص لا قيمة له كثيرًا! يجب التعامل معهم ودينونتهم بطريقة مناسبة ليتخلّوا عن رغبتهم تمامًا. إنْ استمرّيتم بالسّعي هكذا حتى النهاية فلن تجنوا شيئًا. الذين لا يطلبون الحياة لا يمكن تغييرهم. والذين لا يعطشون إلى الحق لا يحظون به. أنت لا تهتمّ بطلب التغيير الشخصي والدخول، إنما تهتمّ دائمًا بتلك الرغبات الجامحة والأمور التي تقيّد محبتك لله وتمنعك عن الاقتراب منه. هل يمكن لهذه الأمور أن تغيّرك؟ هل يمكنها أن تُدخِلَك الملكوت؟ إنْ لم يكن البحث عن الحق هو الهدف من سعيك، يمكنك اغتنام هذه الفرصة أيضًا والعودة إلى العيش في العالم. إضاعة وقتك بهذه الطريقة لا تستحق العناء حقًا، لماذا تعذّب نفسك؟ ألا يمكنك الاستمتاع بأمورٍ كثيرة في العالم الجميل؟ المال والنساء الجميلات والمكانة والغرور والعائلة والأطفال وهلمّ جرا، أليست منتجات العالم هذه كلها أفضل ما يمكن أن تستمتع به؟ ما الفائدة من تجوالك هنا باحثًا عن مكان يمكنك أن تكون فيه سعيدًا؟ ليس لابن الإنسان مكانٌ يُسنِدُ فيه رأسه، فكيف يكون لك مكانٌ للراحة؟ كيف يمكنه أن يخلق لك مكانًا جميلًا يمنحك الراحة؟ هل هذا ممكنٌ؟ بغض النظر عن دينونتي، يمكنك اليوم أن تتلقى فقط تعاليم عن الحق. لا يمكنك اكتساب الراحة مني ولا الحصول على العيش الرغيد الذي تتوق إليه ليل نهار. لن أغدق عليك ثروات العالم. إذا ما سعيت بصدق أنا على استعداد أن أهبك طريق الحياة كلها لتحيا ثانية كالسمك الذي تمت إعادته إلى البحر. وإذا لم تسعَ بصدقٍ، فسأستردّها جميعًا. لستُ على استعداد للتفوّه بكلماتي لأولئك الباحثين بنهم عن الراحة، المشابهين للخنازير والكلاب!

الحواشي:

(أ) يرد في النص الأصلي: "زوجات".

السابق: الحقيقة الكامنة وراء عمل الإخضاع (1)

التالي: كيفية تحقيق آثار الخطوة الثانية من عمل الإخضاع

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب