(ج) حول قداسة الله

569. لقد صار الله جسدًا في أكثر الأماكن تخلُّفًا ودنسًا على الإطلاق، وبهذه الطريقة وحدها، يستطيع الله أن يُظهر شخصيته المقدسة والبارَّة بوضوح كامل. ومن خلال ماذا تُظهَرُ شخصيته البارَّة؟ تُظهَرُ عندما يُدينُ خطايا الإنسان، ويُدينُ الشيطان، وعندما يمقُتُ الخطية، ويزدري الأعداء الذين يعارضونه ويتمرَّدون عليه. الكلام الذي أتكلَّمُه اليوم هو من أجل إدانة خطايا الإنسان، وإدانة إثم الإنسان، ولَعنِ عصيان الإنسان. يجب أن يُخضَعَ خداعُ الإنسان، وغدرُهُ، وكلماته، وأفعاله، وكُلُّ ما يتعارض مع إرادة الله للدينونة، وأن يُدانَ عصيانُ الإنسان بصفته خطية. يتمحور كلامه حول مبادئ الدينونة؛ فهو يستخدم دينونة إثم الإنسان، ولَعنِ تمرُّدِ الإنسان، وكشفِ وجوه الإنسان القبيحة لإظهار شخصيته البارَّة. القداسة هي تمثيل لشخصية الله البارَّة، وقداسته هي في الواقع شخصيته البارَّة. شخصياتكم الفاسدة هي سياق كلام اليوم، إذ أستخدمُها لأتكلَّم، وأُدين، وأنفِّذَ عمل الإخضاع. هذا وحده هو العمل الحقيقي، وهذا وحده يجعل قداسة الله تشرق. إذا لم يكن فيكَ أيُّ أثرٍ لشخصية فاسدة، فلَن يُدينَكَ الله، ولن يُريك أيضًا شخصيته البارَّة. لكن بما أنك تملك شخصية فاسدة، فلن يتركك الله، وتظهَرُ قداستُهُ من خلال هذا. لو كان الله يرى أن دنس الإنسان وتمرُّدَه عظيمان للغاية، ولم يتكلَّم أو يُدِنْكَ، ولم يوبخك على إثمك، لأثبَتَ هذا أنه ليس الله، لأنه حينها لن يملك كرهًا للخطية؛ وسيكون دنسًا مثل الإنسان. اليوم، أنا أدينك بسبب دنسك، وأوبخكَ بسبب فسادك وتمرُّدك. أنا لا أتفاخر بقوتي أمامكم، أو أقمعكم عمدًا؛ فأنا أفعلُ هذه الأشياء لأن الدنس قد لوثكم بشدة، أنتم يا من وُلدتم في أرض الدنس هذه. لقد فقدتم ببساطة نزاهتكم وإنسانيتكم وأصبحتم مثل الخنازير المولودة في أقذر أركان العالم، ولهذا السبب تُدانون وأطلق العنان لغضبي عليكم. وبسبب هذه الدينونة بالتحديد، تمكنتم من أن تروا أن الله هو الإله البارُّ، وأن الله هو الإله القُدُّوس؛ أي إنه يُدينكم تحديدًا ويطلق العنان لغضبه عليكم بسبب قداسته وبرِّهِ. ولأنه يستطيع أن يكشف عن شخصيته البارَّة حينَ يرى تمرُّدَ الإنسان، ولأنه يستطيع أن يكشف عن قداسته حين يرى دنس الإنسان، فإن هذا يكفي لِيُظهِرَ أنه هو الله ذاته، وأنه مقدس ونقيّ، ومع ذلك يعيش في أرض الدنس. لو كان شخص يتمرغ في الوحل القذر مع الآخرين، وليس فيه شيءٌ مقدس، وشخصيته غير بارَّة، لما كان مؤهلاً لإدانة خطية الإنسان، ولا لدينونة الإنسان. لو كان الشخص لِيُدينَ شخصًا آخر، ألن يكون الأمر أشبه بأن يصفع المرءُ وجهه؟ كيف يمكن لشخص على قدرٍ متساوٍ من الدنس مع شخصٍ آخر أن يكون مؤهلًا لِيُدينَ من يشبهه؟ وحده الله القدوس ذاته القادر على أن يُدينَ جميع البشر الدنسين. كيف للإنسان أن يُدين خطايا الإنسان؟ كيف للإنسان أن يرى خطايا الإنسان، وكيف للإنسان أن يكون مؤهلًا لِيُدينَ تلك الخطايا؟ لو لَم يكُن الله مؤهلًا لِيُدينَ خطايا الإنسان، فكيف يكون هو الإله البارُّ ذاته؟ عندما تُكشَفُ شخصيات الناس الفاسدة، يتكلم الله لِيُدينَهم، وحينها فقط يرى الناس أنه قدوس. وبما أنه يُدينُ الإنسان ويوبخه على خطاياه، ويكشف خطايا الإنسان طوال الوقت، فلا يمكن لأي شخصٍ أو شيء أن يُفلِتَ من هذه الدينونة، فهو يُدين كُلَّ ما هو دنس، وبهذه الطريقة فقط يمكن القول إن شخصيته بارَّة. لو كان الأمر خلاف ذلك، كيف يمكن أن يقال إنكم شخصيات ضدّ من حيث المسمى والواقع؟

...تظهر قداسة الله من خلال الناس الآتين من أرض الدنس؛ وهو اليوم يستخدم الدنس الذي ظهر في أولئك الناس في أرض الدنس، ويُدين، وبذلك تُكشفُ ماهيته وسط الدينونة. لماذا يُدين؟ هو قادرٌ على النطق بكلام الدينونة لأنه يحتقر الخطية؛ فكيف يمكن أن يغضب إلى هذا الحد لو لم يكن يكرَهُ تمرُّد البشرية؟ لو لم يكن لديه شعور بالاشمئزاز، ولا بالنفور، ولو لم يلتفت إلى تمرُّد الناس، لأثبت ذلك أنه دنس مثل الإنسان. هو قادرٌ على أن يُدين الإنسان ويوبخه لأنه يمقُتُ الدنس، وما يمقُتُه غير موجودٍ فيه. لو كان فيه أيضًا معارضة وتمرُّد، لما احتقر أولئك المقاومين والمتمردين. لو كان عمل الأيام الأخيرة يُنَفَّذُ في إسرائيل، لما كان له أي معنى. لماذا يتمُّ عمل الأيام الأخيرة في الصين، المكان الأكثر ظلمة وتخلُّفًا على الإطلاق؟ ذلك من أجل إظهار قداسة الله وبرِّه. باختصار، كلما كان المكان أكثر ظُلمةً، أمكن إظهار قداسة الله بشكل أوضح. وكُلُّ هذا في الواقع من أجل عمل الله.

من "كيفية تحقيق آثار الخطوة الثانية من عمل الإخضاع" في "الكلمة يظهر في الجسد"

570. لطالما رأيت بوضوح الأفعال المتعددة للأرواح الشريرة. أما الناس الذين تستغلهم الأرواح الشريرة (هؤلاء الذين يحملون نوايا خاطئة، وهؤلاء الذين يشتهون الجسد أو الثروة، وهؤلاء الذين يمجدون أنفسهم، وهؤلاء الذين يفسدون الكنيسة، إلخ.) فلقد كشفت أعماق كل واحد منهم أيضًا. لا تفترضوا أن كل شيء سينتهي بمجرد أن تُطرد الأرواح الشريرة. دعني أخبرك بهذا! من الآن فصاعدًا، سأتخلص من هؤلاء الناس الواحد تلو الآخر، ولن استخدمهم أبدًا! أي أن كل شخص أفسدته الأرواح الشريرة لن يُستخدم من قبلي، وسيُطرح خارجًا! لا تظنوا أنني معدوم المشاعر! اعلموا هذا! أنا الله القدوس، ولن أسكن في هيكل نجس! لا أستخدم سوى الصادقين والحكماء المخلصين بالكامل لي ويمكنهم مراعاة حملي. هذا مرجعه أن هؤلاء الناس سبق وعينتهم. لا يعمل فيهم أي روح شرير على الإطلاق. دعوني أوضح شيئًا واحدًا: من الآن فصاعدًا، هؤلاء الذين يفتقرون إلى عمل الروح القدس، ستعمل فيهم الأرواح الشريرة. دعوني أكرر ذلك: لا أريد شخصًا واحدًا تعمل فيه الأرواح الشريرة. سيُطرحون جميعًا في جهنم مع أجسادهم!

من "الفصل السادس والسبعون" من "أقوال المسيح في البدء" في "الكلمة يظهر في الجسد"

571. الجسد الذي لبسه روح الله هو جسد الله. إنَّ روح الله سامٍ وهو قدير وقدوس وبار. وكذلك فإن جسده أيضًا سامٍ وقدير وقدوس وبار. إن جسدًا مثل هذا لا يمكن أن يفعل إلاّ ما هو بار ومفيد للبشرية، أي ما هو مقدس ومجيد وقدير، وغير قادر على فعل ما ينتهك الحق أو الأخلاق والعدالة، بل ولا حتى ما يخون روح الله. إن روح الله قدوس، وهكذا يكون جسده غير قابل لإفساده من قِبَل الشيطان. فجسده ذو جوهر مختلف عن جسد الإنسان؛ ذلك لأن الإنسان، وليس الله، هو مَنْ أفسده الشيطان، فلا يمكن للشيطان أن يُفسد جسد الله. وهكذا، مع أن الإنسان والمسيح يسكنان في نفس الموضع، فإن الإنسان وحده هو مَنْ يستحوذ عليه الشيطان ويستخدمه ويوقعه في شَرَكه. على النقيض من ذلك، فإن المسيح منيع على فساد الشيطان إلى الأبد؛ لأن الشيطان لن يكون قادرًا أبدًا على الصعود إلى المكان الأعلى، ولن يكون قادرًا على الاقتراب من الله أبدًا. ينبغي عليكم جميعًا اليوم أن تفهموا أن البشرية وحدها - والتي أفسدها الشيطان كما هي الحال - هي التي تخونني، وأن الخيانة لن تكون مطلقًا قضية تشمل المسيح بأي شكل من الأشكال.

من "مُشكلة خطيرة جدًا: الخيانة (2)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

572. ليس لدى الله نفسه أوجه عصيان؛ لأن جوهره صالحٌ. إنه التعبير عن كل الجمال والصلاح، وكذلك كل المحبة. حتى في الجسد، لا يقوم الله بأي شيء يعصي الله الآب. حتى إلى حد التضحية بحياته، سيكون مستعدًا من كل قلبه ولن يُقِدم على أي خيار آخر. ليس لدى الله أوجه بر ذاتي وأنانية، أو غرور وغطرسة؛ وليس لديه اعوجاج. فكل عصيان لله يأتي من الشيطان؛ فالشيطان هو مصدر كل قُبحٍ وشرٍ. السبب في أن الإنسان يتَّسِم بصفاتٍ مشابهة لتلك التي يتَّسِم بها الشيطان هو أن الشيطان قد أفسد الإنسان وحوّله. لكن الشيطان لم يُفسد المسيح، ومن ثمَّ فهو لا يمتلك سوى سمات الله، ولا يمتلك أيًا من سمات الشيطان.

من "جوهر المسيح هو الطاعة لمشيئة الآب السماوي" في "الكلمة يظهر في الجسد"

573. "قداسة الله" تعني أن جوهر الله لا تشوبه شائبةٌ، وأن مَحبَّة الله خالصة، وأن كلّ ما يمنحه الله للإنسان لا أنانية فيه، وسوف تعرفون أن قداسة الله لا تشوبها شائبةٌ ولا عيب فيها. مظاهر جوهر الله هذه ليست مُجرَّد كلماتٍ يستخدمها للتفاخر بهويّته، ولكن الله بدلًا من ذلك يستخدم جوهره للتعامل في صمتٍ وأمانة مع كلّ فردٍ. يعني هذا أن جوهر الله ليس فارغًا أو نظريًّا أو عقائديًّا كما أنه بالتأكيد ليس نوعًا من المعرفة. إنه ليس نوعًا من التعليم للإنسان؛ بل بدلًا من ذلك الإعلان الحقيقيّ لأفعال الله، وهو الجوهر المُعلن لما لدى الله ومن هو الله.

من "الله ذاته، الفريد (و)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

574. ما الذي تشير إليه قداسة الله التي أتحدَّث عنها؟ فكِّر في هذا للحظاتٍ. هل صِدق الله هو قداسته؟ هل إخلاص الله هو قداسته؟ هل إنكار الله ذاته هو قداسته؟ هل تواضع الله هو قداسته؟ هل مَحبَّة الله للإنسان هي قداسته؟ الله يمنح الإنسان الحقّ والحياة مجَّانًا، هل هذه هي قداسته؟ (نعم). كلّ هذا الذي يكشف عنه الله فريد من نوعه ولا يوجد داخل البشريَّة الفاسدة، ولا يمكن رؤيته في البشرية. لا يمكن رؤية أيّ أثرٍ بسيط له خلال عمليَّة إفساد الشيطان للإنسان، ولا في شخصيَّة الشيطان الفاسدة، ولا في جوهر الشيطان أو طبيعته. كلّ ما لدى الله ومن هو الله فريدٌ من نوعه ولا أحد سوى الله ذاته لديه هذا النوع من الجوهر ويمتلكه. ... جوهر القداسة مَحبَّةٌ حقيقيَّة، ولكن الأكثر من هذا أنه جوهر الحقّ والبرّ والنور. لا تكون كلمة "قُدّوس" ملائمةً إلّا عند استخدامها كصفة لله؛ فلا شيء في الخليقة يستحقّ أن يوصف بأنه قُدّوس. ينبغي على الإنسان أن يفهم هذا.

من "الله ذاته، الفريد (و)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

575. عندما جاء الله إلى الأرض لم يكن من العالم ولم يصِر جسدًا ليتمتع بالعالم. فالمكان الذي سيكشف فيه العمل شخصيتَه ويكون أكثر أهمية هو المكان الذي وُلد فيه. سواء كانت أرضًا مقدسة أم قذرة، وبغض النظر عن مكان عمله، فهو قدّوس. إنه من خلق كل شيء في العالم على الرغم من أن الشيطان أفسد كل شيء. ومع ذلك، لا تزال جميع الأشياء تنتمي إليه؛ فهي جميعها في يديه. يأتي إلى أرض قذرة ويعمل فيها من أجل إعلان قداسته؛ إنه يفعل ذلك من أجل عمله فحسب، أي إنه يتحمل إذلالًا كبيرًا للقيام بمثل هذا العمل من أجل تخليص شعب هذه الأرض القذرة. يتم القيام بهذا من أجل تقديم الشهادة، ومن أجل البشرية جمعاء. ما يُظهره هذا النوع من العمل هو برّ الله، وهو أفضل قدرة على إظهار سيادة الله. عظمته ونزاهته تتجليان في تخليص مجموعة من الناس الوضعاء الذين يزدريهم الآخرون. لا تدل ولادته في أرض قذرة على أنه وضيع على الإطلاق؛ فهي ببساطة تتيح لكل الخلق رؤية عظمته ومحبته الحقيقية للبشرية. فكلما فعل ذلك أكثر، كشف عن محبّته الصافية والتي لا تشوبها شائبة للإنسان. الله قدوس وبار. وعلى الرغم من أنه وُلد في أرض قذرة، وأنه يعيش مع هؤلاء الأشخاص المليئين بالقذارة، تمامًا كما عاش يسوع مع الخُطاة في عصر النعمة، ألم يُنفَّذ كل عمله من أجل بقاء البشرية جمعاء؟ أليس كل ذلك حتى تتمكن البشرية من نيل خلاص كبير؟ قبل ألفي سنة عاش مع الخطاة عددًا من السنين. كان ذلك من أجل الفداء. وهو يعيش اليوم مع مجموعة من الناس القذرين والوضعاء، وهذا من أجل الخلاص. أليست كل أعماله من أجلكم، أنتم البشر؟ لو لم يكن من أجل تخليص البشرية، لماذا عاش وتعذّب مع الخطاة لسنوات عديدة بعد ولادته في مِذْوَد؟ وإن لم يكن من أجل تخليص البشرية، فلماذا يتجسّد مرة ثانية، ويولد في هذه الأرض حيث تتجمع الشياطين، ويعيش مع هؤلاء الناس الذين أفسدهم الشيطان بشدة؟ أليس الله مُخلِصًا؟ أي جزء من عمله لم يكن من أجل البشر؟ أي جزء لم يكن من أجل مصيركم؟ الله قدّوس، هذا شيء ثابت! هو ليس ملوثًا بالقذارة، على الرغم من مجيئه إلى أرض قذرة؛ إذ لا يعني هذا كله سوى أن محبة الله للبشر غير أنانية على الإطلاق، وأن المعاناة والإذلال اللذين يتحملهما عظيمان جدًا!

من "أهمية تخليص ذرّية مؤاب" في "الكلمة يظهر في الجسد"

576. أفكارُك، وخواطرُك، وسلوكُك، وكلماتُك، وأفعالُك – أليست جميعها تعبيرات تضعك في مرتبة شخصية الضدّ لِبِرِّ الله وقداستِه؟ أليسَت تعبيراتك هي استعلان للشخصية الفاسدة التي يكشفها كلام الله؟ كُلُّ ما يُكشَف عنه فيك من أفكار وخواطر ودوافع وفساد يُظهر شخصية الله البارَّة وكذلك قداسته. وُلِدَ الله أيضًا في أرض الدنس، ومع ذلك لم يتدنَّس. إنه يعيش في العالم الدنس ذاتهِ الذي تعيشُ فيه، لكنه يمتلك العقل والإدراك، ويمقُتُ الدنس. قد لا تتمكنُ أنت حتى من اكتشاف أي شيءٍ دنس في كلامِكَ وأفعالِك، لكن الله يمكنه ذلك، ويَدلُّكَ عليه. قد سُلِّط الضوءِ الآن على أمورك القديمة تلك – مثل افتقارك للتهذيب والبصيرة والعقل، وطرق عيشك المتخلِّفة – من خلال إعلانات اليوم؛ فالناس لا يعاينون قداسة الله وشخصيته البارَّة إلا عندما يجيء إلى الأرض لِيَعمَل. هو يُدينُكَ ويوبِّخُك، مما يجعلك تكتسب الفهم؛ إذ تظهر طبيعتك الشيطانية في بعض الأحيان، وهو يَدُلُّكَ عليها. إنه يعرف جوهر الإنسان مثلما يعرف ظاهِرَ يده. يعيش وسطكم، ويأكل نفس الطعام الذي تأكله، ويعيش في نفس البيئة – ومع ذلك، فهو يعرف أكثر. يمكنه أن يكشفك ويدرك الجوهر الفاسد للبشرية. لا يزدري شيئًا أكثر من الفلسفات التي يعيش بها الإنسان وخِداعِهِ وغدرِهِ. هو يمقُتُ على نحو خاص تعاملات الناس الجسدية. قد لا يكون على دراية بالفلسفات التي يعيش بها الإنسان، لكن يمكنه أن يرى ويكشف بوضوح الشخصيات الفاسدة التي يُظهرها الناس. إنه يعمل ليتكلَّمَ ويُعلِّمَ الإنسان من خلال هذه الأمور، ويستخدمها لِيُدينَ الناس، ويُظهِرَ شخصيَّتَه البارة والمقدسة. هكذا يُصبح الناس شخصيات ضدّ لعمله. وحده الله المتجسِّد قادرٌ على توضيح شخصيات الإنسان الفاسدة وجميع وجوه الشيطان القبيحة. ومع أنه لا يعاقبك، بل يستخدمك فقط كشخصية ضدّ لقداسته وبره، تشعر بالخزي ولا تجد مكانًا لتختبئ فيه، لأنك دنس للغاية. هو يتكلَّم مُستخدمًا تلك الأمور التي يُكشف عنها في الإنسان، وفقط عندما يُسلَّط الضوء على تلك الأمور، يُدركُ الناسُ مدى قداسة الله. لا يتغاضى عن أدنى نجاسةٍ في الناس، ولا حتى عن الخواطر الدنسة التي في قلوبهم، فهو لا يبرِّر كلمات الناس وأفعالهم إن كانت متعارضة مع إرادته. لا موضعَ في كلامِهِ لدنس البشر أو دنس أي شيء آخر، إذ يجب كشف كُلِّ شيء.

من "كيفية تحقيق آثار الخطوة الثانية من عمل الإخضاع" في "الكلمة يظهر في الجسد"

577. لن ترى الله يحمل وجهات نظرٍ متشابهة حول الأشياء التي يمتلكها الناس، وبالإضافة إلى ذلك، لن تراه يستخدم وجهات نظر البشر أو معرفتهم أو علمهم أو فلسفتهم أو خيال الإنسان للتعامل مع الأشياء. بدلاً من ذلك، فإن كلّ شيءٍ يفعله الله وكلّ شيءٍ يكشفه مرتبطٌ بالحقّ. وهذا يعني أن كلّ كلمةٍ قالها وكلّ فعلٍ عمله يتعلَّق بالحقّ. وهذا الحقّ ليس خيالاً لا أساس له من الصحّة، هذا الحق وهذه الكلماتيُعبّر عنها الله بسبب جوهر الله وحياته. ولأن هذه الكلمات ومضمون كلّ شيءٍ فعله الله هو الحقّ، يمكننا القول إن جوهر الله قُدّوسٌ. وهذا يعني أن كلّ شيءٍ يقوله الله ويفعله يجلب الحيويّة والنور للناس؛ إنه يسمح للناس برؤية الأشياء الإيجابيّة وواقع تلك الأشياء الإيجابيّة، وهي توضح الطريق للبشر بحيث يسمح لهم بالسير في الطريق السليم. تُحدَّد هذه الأشياء بسبب جوهر الله وتُحدَّد بسبب جوهر قداسته.

من "الله ذاته، الفريد (هـ)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

578. عندما تستوعب قداسة الله يمكنك حينها أن تؤمن حقًّا بالله؛ وعندما تستوعب قداسة الله يمكنك حينها أن تُدرِك حقًّا المعنى الحقيقيّ لتعبير "الله ذاته، الفريد". لن تتخيَّل فيما بعد وتفكر في أنه يمكنك اختيار طُرقٍ أخرى سوى هذا الطريق الذي يمكنك اختياره والسير فيه، ولن تكون على استعدادٍ فيما بعد لخيانة كلّ شيءٍ قد رتَّبه الله لك. لأن جوهر الله قدوس، فهذا يعني أنه لا يمكنك السير في طريق النور والبر في الحياة إلا من خلال الله وحده، ولا يمكنك أن تعرف معنى الحياة إلا من خلال الله وحده، ولا تستطيع أن تحيا بحسب الحياة الإنسانية الحقيقية، وتمتلك الحق وتعرفه إلا من خلال الله، ومن خلال الله وحده يمكنك الحصول على الحياة من الحق. الله ذاته وحده من يمكنه أن يساعدك على الحَيدان عن الشر، وأن ينجّيك من أذى الشيطان وسيطرته. لا يستطيع أحد أو شيء سوى الله أن يخلصك من بحر العذاب، فلا تتألم مجددًا، هذا ما يحدده جوهر الله. الله ذاته وحده من يمكنه أن يُخلِّصك بلا أنانية، فالله وحده هو المسؤول في النهاية عن مستقبلك، وعن مصيرك، وعن حياتك، وهو يرتب كل شيء لك. هذا أمر لا يمكن لشيء مخلوق أو غير مخلوق أن يحققه، لأنه لا شيء مخلوق أو غير مخلوق يمتلك جوهرًا مثل جوهر الله هذا، ولا يوجد شخص أو شيء لديه القدرة على أن يُخلِّصك أو يقودك. هذه هي أهميّة جوهر الله بالنسبة إلى الإنسان.

من "الله ذاته، الفريد (و)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

579. لقد أقمت إنسانًا يلتزم بمعايير صارمة طول الوقت. إذا كان ولاؤك يحمل نوايا وشروطًا، إذًا لن أجد فيك أي شيء مِمَّا يُسمى ولاءك، لإنني أكره مَنْ يخدعونني بنواياهم ويبتزّونني بشروط. لا أريد من الإنسان سوى أن يكون مخلصًا لي إخلاًصًا مطلقًا، وأن يفعل كل شيء لأجل كلمة واحدة، وهي الإيمان، وأن يبرهن عليها. إنني أحتقر استخدامكم للكلمات المعسولة لتجعلوني أفرح، لأنني أتعامل معكم دائمًا بإخلاص كامل ولذلك أتمنى منكم أيضًا أن تتعاملوا معي بإيمان حقيقي.

من "هل أنت مؤمن حقيقي بالله؟" في "الكلمة يظهر في الجسد"

580. يجب أن تعرف النوعية التي أرغب فيها من الناس؛ فليس مسموحًا لغير الأنقياء بدخول الملكوت، وليس مسموحًا لغير الأنقياء بتلويث الأرض المقدسة. مع أنك ربما تكون قد قمتَ بالكثير من العمل، وظللت تعمل لسنواتٍ كثيرة، لكنك في النهاية إذا ظللتَ دنسًا بائسًا، فمن غير المقبول بحسب قانون السماء أن ترغب في دخول ملكوتي! منذ تأسيس العالم وحتى اليوم، لم أقدم مطلقًا مدخلاً سهلاً إلى ملكوتي لأولئك الذين يتملقوني؛ فتلك قاعدة سماوية، ولا يستطيع أحد أن يكسرها! يجب أن تَسْعَى نحو الحياة. إن الذين سوف يُكمَّلون اليوم هم أولئك الذين من نفس نوعية بطرس؛ إنهم أولئك الذين ينشدون تغييرات في شخصيتهم، ويرغبون في الشهادة لله والاضطلاع بواجبهم بوصفهم خليقته. لن يُكمَّل إلا أناس كأولئك. إذا كنتَ فقط تتطلع إلى مكافآتٍ، ولا تنشد تغيير شخصية حياتك، فسوف تذهب كل جهودك سُدى، وهذه حقيقة راسخة!

من "النجاح أو الفشل يعتمدان على الطريق الذي يسير الإنسان فيه" في "الكلمة يظهر في الجسد"

581. الله هو ما هو عليه وهو ما لديه. كل ما يعبِّر عنه ويكشفه هو تمثيل لجوهره وهويته. ما هو عليه وما لديه، وكذلك جوهره وهويته، هي أشياء لا يمكن استبدالها بأي إنسان. وتشمل شخصيته حبه للبشرية، وعزاءه للبشرية، وكراهيته للبشرية، بل وأكثر من ذلك، فهمه الشامل للبشرية. غير أن شخصية الإنسان قد تكون متفائلة أو مفعمة بالحياة أو متبلّدة. إنّ شخصية الله تُنسب إلى المُهيمِن على كل الأشياء والكائنات الحيّة، وإلى ربّ كل الخليقة. وتمثل شخصيته الشرف والقوة والنبل والعظمة، والأهم من ذلك كله، السيادة. إن شخصيته رمز للسلطان، ورمز لكل ما هو بار، ورمز لكل ما هو جميل وصالح. أكثر من ذلك، إنها رمز لمَنْ لا يُغلب[أ] ولا يهزمه الظلام ولا أي قوة لعدو، وكذلك رمز لمَنْ لا يُهان من أي مخلوق (ولا يتحمّل الإهانة)[ب]. إن شخصيته رمز للقوة العليا. لا يمكن لأي شخص أو أشخاص أن يعيقوا عمله أو شخصيته ولا ينبغي لهم. لكن شخصية الإنسان ليست أكثر من مجرد رمز للتفوق البسيط للإنسان على البهائم. ليس للإنسان في ذاته أو من ذاته سلطانًا ولا استقلالية ولا قدرة على تجاوز الذات، بل هو في جوهره الشخص الذي ينكمش خوفًا تحت رحمة كل الناس والأحداث والأشياء. يعود فرح الله إلى وجود البر والنور وظهورهما، وذلك بسبب تدمير الظلام والشر. إنه يفرح لأنه أتي بالنور والحياة الطيبة إلى البشرية؛ إن فرحه هو فرح صالح، ورمز لوجود كل ما هو إيجابي، بل وأكثر من ذلك، أنه رمز للابتهاج. يرجع غضب الله إلى وجود الظلم والاضطراب اللذيْن تسببا في أذية البشرية، وبسبب وجود الشر والظلام، وبسبب وجود الأشياء التي تُبعد الحق، وحتى بسبب وجود أشياء تعارض ما هو صالح وجميل. يرمز غضبه إلى أن كل الأشياء السلبية لم تعُد موجودة، بل والأكثر من ذلك، هو رمز لقداسته. إن حزنه بسبب الإنسان، الذي يحمل آمالاً من جهته، ولكنه سقط في الظلام، لأن العمل الذي يجريه على الإنسان لا يرقى لتوقعاته، ولأن البشرية التي يحبها لا يمكن أن تعيش كلها في النور. إنه يشعر بالأسى تجاه البشرية البريئة، وتجاه الإنسان الأمين ولكنه جاهل، وتجاه الإنسان الصالح ولكنه يفتقر إلى الآراء السديدة. حزنه هو رمز لصلاحه ورحمته، ورمز للجمال واللطف. تأتي سعادته بالطبع من هزيمة أعدائه والظفر بحسن نية الإنسان. أكثر من هذا، إنها تنبع من طرد كل قوات العدو وتدميرها، وبسبب حصول البشرية على حياة صالحة وهادئة. إن سعادة الله لا تشبه فرح الإنسان، بل هي الشعور بالحصول على ثمار جيدة، هي حتى شعور أعظم من الفرح. سعادته هي رمز للبشرية المتحررة من المعاناة من الآن فصاعدًا، ورمز للبشرية التي تستشرف الدخول إلى عالم النور. من ناحية أخرى، تنشأ مشاعر الإنسان بسبب مصالحه الشخصية، وليس من أجل البر أو النور أو ما هو جميل، ولا بالطبع من أجل النعمة التي تمنحها السماء. إن مشاعر البشر أنانية وتنتمي إلى عالم الظلام. لا توجد هذه المشاعر لأجل مشيئة الله، ولا توجد لأجل خطته، وهكذا لا يمكن أبدًا التحدث عن الإنسان والله في السياق نفسه. إن الله هو العَليّ إلى الأبد والمُبَجّل دائمًا، بينما الإنسان وضيع دائمًا، ولا قيمة له أبدًا. هذا لأن الله يقدم التضحيات دائمًا ويكرّس نفسه للبشرية؛ إنما الإنسان دائمًا ما يأخذ لنفسه ويسعى لأجل نفسه فقط. يتحمل الله دائمًا آلامًا من أجل بقاء الإنسان، ولكن لا يعطي الإنسان أي شيء أبدًا من أجل النور أو من أجل البر. وحتى لو بذل الإنسان جهدًا لبعض الوقت، فهو ضعيف جدًا بحيث لا يستطيع تحمُّل ضربة واحدة، لأن جهد الإنسان هو دائمًا من أجل ذاته وليس من أجل الآخرين. إن الإنسان دائمًا أناني، بينما الله دائمًا إِيثارِيّ. إن الله هو مصدر كل ما هو عادلٌ وصالحٌ وجميلٌ، في حين أن الإنسان هو الذي يتبع كل القبح والشر ويظهرهما بوضوح. لن يغيِّر الله أبدًا جوهره من البر والجمال، لكن الإنسان قادرٌ تمامًا في أي وقت وفي أي وضع على خيانة البر والانحراف بعيدًا عن الله.

من "من المهم جدًا فهم شخصية الله" في "الكلمة يظهر في الجسد"

582. يمثل عدم تسامح الله مع الإساءة جوهره الشامل، وغضب الله هو تصرفه الشامل، كما أن جلالة الله وعظمته هي جوهره الحصري. يبرهن المبدأ الكامن وراء غضب الله على الهوية والمكانة التي يمتلكهما الله وحده، ولا يحتاج المرء إلى ذكر أنه أيضًا رمزٌ لجوهر الله الفريد نفسه. إن شخصية الله هي حقيقته الجوهرية، ولا تتغير على الإطلاق بمرور الوقت، كما لا تتغير بتغير الأماكن. إن شخصيته المتأصلة هي جوهره الفطري، وبغض النظر عمن يقوم هو بتنفيذ عمله عليه، فإن جوهره وشخصيته البارة لا يتغيران. عندما يُغضب أحدٌ الله، فإن ما يطلقه هو شخصيته المتأصلة؛ حيث لا يتغير في هذا الوقت المبدأ الكامن وراء غضبه، كما لا تتغير هويته ومكانته الفريدتان. وهو لا يغضب بسبب تغير في جوهره أو لأن شخصيته أنتجت عناصر مختلفة، ولكن لأن مخالفة الإنسان له تسيء إلى شخصيته. إن الاستفزاز الصارخ لله من جانب الإنسان يمثل تحدياً قوياً لهوية الله ومكانته. وعندما يتحداه الإنسان، فهو – في نظره – يعارضه ويختبر غضبه. وعندما يعارض الإنسان الله، ويناصبه العداء، وعندما يختبر الإنسان باستمرار غضب الله – وهذا أيضًا عندما تنتشر الخطيئة – يبرز غضب الله ويتجلى بالطبع. لذلك، فإن تعبير الله عن غضبه يرمز إلى حقيقة أن كل قوى الشر سوف تختفي من الوجود، كما يرمز إلى أن جميع القوى المعادية سيتم تدميرها. هذا هو تفرد شخصية الله البارة، وهو تفرد غضب الله. عندما يتم تحدي كرامة الله وقداسته، وعندما يتم إعاقة القوى العادلة ولا يراها الإنسان، يرسل الله غضبه. وبالنظر إلى جوهر الله، فإن كل تلك القوى على الأرض التي تناصب الله العداء وتعارضه وتجادله تعتبر شريرة وفاسدة وغير عادلة، وتأتي من الشيطان وتنتمي إليه. ولأن الله عادل، ومن النور وقدوس منزه عن العيوب، فإن كل الأشياء الشريرة، الفاسدة التي تنتمي إلى الشيطان، سوف تختفي مع إطلاق غضب الله.

من "الله ذاته، الفريد (ب)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

الحواشي:

أ. يرد النص الأصلي "إنه رمز كونه غير قادر على أن".

ب. يرد النص الأصلي "وكذلك رمز لكونه لا يُهان (ولا يتحمل الإهانة)".

السابق: (ب) حول شخصيَّة الله البارَّة

التالي: (د) حول الله كمصدر الحياة لجميع الأشياء

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب