الفروق بين النطق بكلمات وعبارات التعليم وحقيقة الحق

اقتباس 65

بعض القادة والعاملين لا يستطيعون رؤية المشكلات العملية التي توجد في الكنيسة. فعندما يكونون مثلًا في أحد التجمعات، يشعرون أنهم لا يملكون شيئًا جديرًا بالاهتمام يقولونه، فلا يسعهم سوى إجبار أنفسهم على التفوه ببعض الكلمات والتعاليم. وهم يعرفون جيدًا أن ما يقولونه مجرد تعاليم، لكنهم يقولونه على أية حال. وفي النهاية، حتى هم أنفسهم يشعرون أنَّ كلماتهم مبتذلة، وكذلك لا يجد إخوتهم وأخواتهم أنها تترك فيهم أي تأثير تنويري. إذا كنت لا تدرك هذه المشكلة، وتستمر بعناد في قول مثل هذه الأشياء، فهذا إذن معناه أنَّ الروح القدس لا يعمل، ومن ثمَّ لا يحصل الناس على أي فائدة. إذا كنت لم تختبر الحق، لكنك لا تزال راغبًا في التحدث عنه، فلن تنجح في النفاذ إلى الحق مهما قُلت؛ وكل شيء آخر تقوله سيكون محض كلمات وتعاليم. قد تظن أنها كلمات مستنيرة إلى حد ما لكنها مجرد تعاليم؛ وليست واقع الحق. ولن يستوعب المستمع أي شيء حقيقي منها مهما حاول جاهدًا. ربما يشعر وهو يستمع إليك أنَّ كلامك صحيح إلى حد بعيد، لكنه سينساه تمامًا بعد ذلك. إذا لم تتحدث عن حالاتك الفعلية، فلن تتمكن من الوصول إلى قلوب الناس، ولن يتذكر الناس ما سمعوه منك؛ لأنه لا يقدم أيَّ قيمة بنَّاءة. عندما تواجه موقفًا كهذا، يجب أن تدرك أنَّ ما تقوله غير عملي؛ ولن ينتفع أي شخص إذا واصلت الحديث بهذه الطريقة، بل ستكون في وضع أكثر حرجًا إذا طرح شخص ما سؤالاً لا تستطيع الإجابة عنه. يجب إذن أن تتوقف في الحال، وأن تسمح لأناس آخرين بالشركة؛ وسيكون هذا هو الخيار الحكيم. عندما تكون في اجتماع ما ولديك معرفة بقضية معينة، فيمكنك تقديم معلومات عمليّة عنها. قد تكون هذه المعلومات سطحية إلى حد ما، لكن الجميع سيفهمونها. أما إذا كنت ترغب دائمًا في التحدث بأسلوب متعمق لتثير إعجاب الناس، ولا يبدو رغم ذلك أنك تنجح أبدًا في تحقيق هدفك، فعليك التوقف. كل شيء ستقوله بعدها سيكون تعاليم فارغة؛ وعليك أن تدع شخصًا آخر يتحدث بدلاً من مواصلة الشركة. إذا شعرت أنَّ ما تفهمه يقع في نطاق التعاليم وأنَّ قوله لن يكون بنّاءً، فهذا معناه أنَّ الروح القدس لن يعمل عندما تتحدث في هذه الحالة. وإذا أجبرت نفسك على الحديث، فقد ينتهي بك المطاف بقول سخافات وانحرافات، وربما تضلل الناس. أغلب الناس لديهم أسس ضعيفة ومقدرة متواضعة لا تُمكّنهم من استيعاب أمور عميقة في وقت قصير أو تذكّرها بسهولة، لكنهم على العكس من ذلك يستوعبون الأمور العبثية والمتعلقة بالقوانين والتعاليم بسرعة؛ هذا شر منهم، أليس كذلك؟ لهذا يجب أن تلتزم بالمبادئ عندما تعقد شركة عن الحق، وأن تكتفي بالتحدث بما تفهمه. ثمة غرور في قلوب الناس، وفي بعض الأحيان عندما يغلب عليهم غرورهم، يُصرّون على التحدث، حتى وهم يعلمون أن ما يقولونه تعاليم. فهم يفكرون في أنفسهم: »ربما لا يتمكن إخوتي وأخواتي من التمييز. سأتجاهل هذا كله من أجل سمعتي. المهم الآن هو الحفاظ على المظاهر». أليست هذه محاولة لخداع الناس؟ هذه خيانة لله! إذا كان هذا الشخص يتحلى بعقل سليم، فسيشعر بالندم وبأنه يجب أن يتوقف عن الكلام. سيشعر بضرورة تغيير الموضوع وعقد الشركة حول موضوع اختبره، أو ربما سيعقد الشركة حول فهمه للحق ومعرفته به. مهما كان مقدار ما يفهمه المرء، فهذا هو ما ينبغي له التفوه به. وثمة حدود للأمور العملية التي يمكن للشخص قولها، بغض النظر عن مقدار حديثه. فبدون اختبار، تظل تخيلاتك وأفكارك مجرد نظرية؛ نتاج تصورات بشرية ليس إلّا. ذلك أنَّ الكلمات التي هي الحق تستلزم اختبارًا أصيلًا لكي يمكن فهمها، ولا أحد يستطيع أن يستوعب جوهر الحق كاملاً دون اختبار، ناهيك عنتقديم شرح كامل لحالة اختبار الحق. يجب أن تختبر الحق بشكل أو آخر ليكون لديك شيء عملي تقوله؛ ومحالٌ أن يحدث هذا دون اختبار. وحتى إذا مررت باختبار، فإنه يظل رغم ذلك اختبارًا محدودًا. يمكنك التحدث عن حالات معينة محدودة، لكنك لا تستطيع تقديم أي شيء عما سواها. ولهذا؛ يجب أن تدور الشركة في اجتماع ما حول موضوع واحد أو موضوعين على الدوام. ستكون قد ربحت الكثير إذا تمكنت من شرحهما بوضوح في أثناء الشركة. لا تنجرف وراء محاولة قول أشياء أكثر أو أعظم؛ فلن يفهم أحد شيئًا بهذه الطريقة، ولن ينتفع أحد. أهم ما يميز الاجتماعات هو تناوب المتحدثين، وما دام المحتوى عمليًّا، فسينتفع الناس منه. تخلّص من فكرة أن شخصًا واحدًا سيتمكن وحده من عقد شركة حول الحق كله بوضوح؛ فهذا مستحيل. قد تظن أحيانًا أنك تتواصل بأسلوب عملي جدًا، لكن إخوتك وأخواتك لا يزالون لا يفهمونك حقًا. يرجع ذلك إلى أن حالتك تخصك، وليست حالات إخوتك وأخواتك مشابهة لحالتك تمامًا بالضرورة. علاوةً على ذلك، ربما تكون قد اختبرت هذا الموضوع إلى حد ما، على عكس إخوتك وأخواتك، مما يشعرهم بأنَّ ما تتحدث عنه لا ينطبق عليهم. ماذا يتعين عليك أن تفعل عندما تواجه مثل هذا الموقف؟ عليك أن تطرح عليهم بعض الأسئلة لتقترب من فهم أحوالهم. اسألهم عما سيفعلونه عندما يواجهون هذا الموضوع، وعن الكيفية التي ينبغي لهم الممارسة بها بما يتماشى مع الحق. من خلال عقد الشركة بهذا الأسلوب لبعض الوقت، سينفتح لك طريق المضي قدمًا. وبهذه الطريقة يمكنك قيادة الناس إلى موضوع النقاش المناسب، وستحقق النتائج إذا واصلت الشركة.

اقتباس 67

ما معنى واقع الحق؟ وما الذي يشير إليه؟ إنه يشير إلى ممارسة الحق. عندما يفهم الناس الحق ويستطيعون تطبيقه، سيصير الحق واقعهم، وسيصبح حياتهم. عندما يعيش الناس وفقًا للحق، فإنهم يمتلكون واقع الحق. لا يحظى الناس بواقع الحق إذا تحدثوا فقط بالكلمات والتعاليم وكانوا لا يستطيعون تطبيق الحق. عندما يتحدث الناس بالكلمات والتعاليم قد يبدو وكأنهم يفهمون الحق، لكنهم لا يستطيعون ممارسته نهائيًا، فهذا يثبت أنهم لا يملكون واقع الحق. إذًا، كيف ينبغي للناس أن يدخلوا واقع الحق؟ لا بد لهم من تطبيق كلام الله في حياتهم الفعلية، ومن خلال عملية اختبار كلام الله وممارسته، سيكتسبون معرفة الحق - ليس من منظور حسي فحسب، بل بخبرة فعلية ومعرفة حقيقية - وسيكونون قادرين على التصرف وفقًا للمبادئ. وهذا يعني أنهم قد دخلوا واقع الحق. إذًا، ما الحقائق التي اختبرتموها واكتسبتم معرفة حقيقية بها؟ هل شعرتم بأن الحق أصبح حياتكم؟ عندما تأخذ فقرة من كلام الله، بصرف النظر عن جانب الحق الذي تتناوله هذه الكلمات، تستطيع أن تقارن نفسك بها وهي تتوافق على أكمل وجه مع حالاتك وتشعر بالتأثر الشديد وكأن كلام الله قد لامس صميم قلبك، وتشعر بأن كلام الله هو عين الصواب، وأنك تقبله كليًا؛ ولست بهذا تربح معرفة بحالاتك الخاصة فحسب، بل تعرف كيف تمارس وفقًا لمقاصد الله. ومن خلال أكل كلمات الله وشربها بهذه الطريقة، تربح المنافع، وتصبح مستنيرًا ومضاءً، وتربح الإمداد، وتتغير حالاتك. تعتقد أن كلام الله عظيم، وتشعر بالسعادة والرضا، إذ تشعر أنك اكتسبت معرفة بكلام الله، وأنك تفهم ما تعنيه هذه الفقرة من كلماته، وأنك تعرف كيف تختبر كلام الله وتطبقه. هل تنتابكم هذه المشاعر في الكثير من الأحيان؟ (نعم)، إذًا، حالما شعرتم بها، هل شعرتم بأنكم قد ربحتم الحق من هذه الفقرة من كلام الله؟ (لا). نظرًا لأنكم لم تشعروا بذلك، فإن ذلك يعني أن هذا الشعور كان مجرد استجابة حسية وإثارة مؤقتة للقلب. إن ربح بعض المكافأة وقدر من الدخول لا يمثل فهم الحق ودخول واقع الحق. ليس ذلك إلا اختبارًا أوليًا، وفهمًا للمعنى الحرفي للحق فحسب. والانتقال من فهم الحق إلى دخول واقع الحق عملية معقدة تستغرق قدرًا كبيرًا من الوقت. في الانتقال من فهم الكلمات والتعاليم إلى فهم الحق بصدق يتطلب الأمر أكثر من مجرد اختبار واحد، أو اثنين أو مجموعة من الاختبارات، من أجل تحقيق نتائج. قد تربح مكافأة صغيرة من اختبار واحد، لكنَّ جني المكافأة الحقيقية وتحقيق النتيجة المتمثلة في فهم الحق يستلزم العديد من الاختبارات. الأمر مثل التأمل في مشكلة ما؛ التأمل لمرة واحدة يجلب بصيصًا من الضوء، لكنَّ التأمل لمرات عديدة سيسفر عن مكافآت كبرى ويمكِّنك من رؤية الأمر بوضوح. إذا قضيت بضع سنوات في التأمل في المشكلة، فستفهمها فهمًا كاملًا. لذا، إذا كنت تريد اكتساب المعرفة بكلام الله وفهم الحق، فالأمر ليس ببساطة أن تخوض العديد من الاختبارات فحسب. هل خضعتم لهذه الأنواع من الاختبارات بأنفسكم؟ لقد خضع الجميع لها عدة مرات على الأرجح. عندما يختبر الناس كلام الله لأول مرة، يرون بصيصًا من الضوء، لكن معرفتهم لا تزال سطحية. الأمر يشبه فهم الناس للتعاليم، لكنَّ معرفتهم تكتسب شعورًا عمليًا على نحو أكبر ولا يمكن تفسيرها بوضوح في جملة أو جملتين. شركتهم تجعل الآخرين يشعرون أن معرفتهم أكثر عملية من الكلمات والتعاليم. وإذا أصبحت خبراتهم أكثر عمقًا وأصبحوا قادرين على التحدث عن بعض التفاصيل، فإن معرفتهم ستبدو عملية بدرجة أكبر. إذا استمر الناس في خوض الاختبارات بعد ذلك لفترة من الزمن واستطاعوا التحدث عن كلام الله بمعرفة حقيقية، فإن معرفتهم سترتقي من المستوى الإدراكي إلى العقلاني. هذا هو الفهم الصادق للحق. عندما يواصل الناس اختبار كلمات الله بدرجة أكبر وتطبيقها، سيكونون قادرين على فهم مبادئ الحق، ومعرفة كيفية ممارسة الحق. هذا هو معنى الدخول في واقع الحق. حينئذ، عندما يقدم الناس شهادة اختبارية، فإن من يستمعون سيشعرون أنها عملية وسوف يثنون عليها بشدة. عندما يصل المرء إلى هذا المستوى، يصبح كلام الله واقع حياته، وهذا النوع من الناس وحده مَن يستحق أن يُقال عليه إنه ربح الحق. هذه هي العملية المبسَّطة لاختبار كلام الله وربح الحق، وهو أمر لا يمكن تحقيقه بدون عدة سنوات على الأقل من بذل الجهد، بل أكثر حتى من عشر سنوات. عندما يبدأ المرء في اختبار كلام الله وممارسته، فإنه يتخيل أن الأمر سيكون بسيطًا إلى حد ما، لكن عندما يصيبه خطب ما، فإنه لا يعرف كيفية مواجهته أو التعامل معه وعندئذٍ تظهر جميع أنواع الصعوبات. ستخلق مفاهيمه وتصوراته عوائق، وستخلق شخصياته الفاسدة اضطرابات، وعندما يواجه انتكاسات وإخفاقات، فإنه لن يعود يعرف كيفية الاختبار. الناس ذوو الشخصيات الفاسدة يتصفون بالهشاشة على نحو خاص ويصبحون سلبيين بسهولة، وعندما تتم مهاجمتهم وتشويه سمعتهم والحكم عليهم، فمن السهل أن ينهاروا وأن يكونوا غير قادرين على النهوض. إذا كان من الممكن حل هذه المشكلات من خلال طلب الحق، وإذا كان المرء يستطيع الاعتماد على الله للصمود، فإنه يستطيع الشروع في السير على طريق السعي إلى الحق. إن لم يكن المرء مهتمًا بالحق ولا يعتبره أمرًا ثمينًا ينبغي اختباره وربحه، فإنه يفتقر إلى القوة في ممارسته للحق وسينهار ويصبح عاجزًا أمام أولى المصاعب. هذا النوع من الناس يتصف بالجبن ويصعب عليه ربح الحق. إن كلام الله هو الحق، وحياة جديدة وهبها للناس. ما الغرض من قبول الحق؟ إنه ربح الحق والحياة، وأن يختبر المرء الحق وكأنه حياته الخاصة. قبل أن يصبح الحق حياة المرء، يكون الغرض من قبول الحق هو علاج الشخصيات الفاسدة بالأساس. ما الشخصيات الفاسدة التي يمكن لهذا أن يعالجها؟ يعالج في المقام الأول أمورًا مثل التمرُّد والمفاهيم والتصورات والتكبُّر والغرور والأنانية والخِسة والاعوجاج والخداع واللامبالاة وعدم تحمل المسؤولية والافتقار إلى الضمير والعقل. وما النتيجة النهائية التي يمكن التوصل إليها من هذا؟ أنَّ المرء يستطيع أن يكون أمينًا ويخضع لله، وأن يبجله بصفته عظيمًا، ويعبده، ويكون مخلصًا له ويحبه بصدق، وأنه سيظل خاضعًا له حتى الموت. هذا النوع من الأشخاص يعيش تمامًا مثل الإنسان الحقيقي، وقد صار شخصًا يمتلك الحق والإنسانية. ذلك هو العالم الأرقى الذي يستطيع المرء بلوغه في سعيه إلى الحق.

إذًا، كيف يستطيع الناس أكل كلام الله وشربه واختباره لعلاج شخصياتهم الفاسدة؟ ليس هذا أمرًا بسيطًا. إن الشخصيات الفاسدة مشكلة قائمة بالفعل، وكثيرًا ما تظهر بشكل طبيعي في حياة الناس الفعلية. بصرف النظر عما يصيب الناس، وعما يفعلون، فإن شخصياتهم الفاسدة سوف تظهر دائمًا. على سبيل المثال، أيًا كان ما يقوله الناس أو يفعلونه، فإنهم في أغلب الأحيان تكون لديهم مقاصد وأهداف معينة. إن الذين يرون بعين البصيرة يشعرون إن كانت الطريقة التي يتحدث بها الناس ويتصرفون حق أم كذب، ويشعرون كذلك بالأمور المخفية في كلامهم وأفعالهم والشراك الكامنة فيها. إذًا، هل تظهر هذه الأمور بشكل طبيعي؟ هل يستطيع الناس إبقاءها مخفية؟ حتى لو لم يقل الناس أو لم يفعلوا أي شيء، فعندما يصيبهم خطب ما، فإنه لا يزال لديهم رد فعل. تظهر هذه الأمور أولًا في تعبيراتهم، ثم بشكل أكبر في أقوالهم وأفعالهم. إن مَن يرون بعين البصيرة يستطيعون ملاحظة ذلك دائمًا؛ ووحدهم الجاهلون والحمقى لا يستطيعون ملاحظته. قد يُقال إنه من الطبيعي أن يكشف الناس عن فسادهم، وإن هذه مشكلة حقيقية يعاني منها الجميع. ما الغرض من أن يُعبِّر الله بالكثير من الحقائق في عمله خلال الأيام الأخيرة؟ يُعبِّر الله بهذه الحقائق لعلاج شخصيات الناس الفاسدة والأسباب الجذرية لخطاياهم، ولتخليص الناس من فساد الشيطان، ولمساعدتهم على نيل الخلاص والانفصال عن تأثير الشيطان، وهو يتكلم خصوصًا ليمنح الناس الطريق والحق والحياة. إذا كان الناس يؤمنون بالله لكنهم لا يقبلون الحق، فلا يمكن تطهيرهم من شخصياتهم الفاسدة، ومن ثمَّ لا يمكنهم نيل الخلاص. لذا، فإنَّ أولئك الذين يؤمنون بالله بصدق سيبذلون جهدًا لممارسة كلام الله واختباره، وسيتأملون في أنفسهم ويحاولون معرفة أنفسهم عندما تظهر شخصياتهم الفاسدة، وسيطلبون الحق في كلام الله لعلاج هذه الشخصية الفاسدة. الذين يحبون الحق يركزون على التأمل في النفس ومحاولة معرفة أنفسهم من خلال قراءتهم كلام الله، وهم يشعرون أن كلامه مثل مرآة تكشف عن فسادهم وقبحهم. بهذه الطريقة، ومن خلال كلام الله، يتوصلون إلى تقبُّل دينونة الله وتوبيخه، وتدريجيًا يعالجون شخصياتهم الفاسدة. عندما يرون أن شخصياتهم الفاسدة تظهر بدرجة أقل، عندما يخضعون لله بصدق، سيشعرون أن ممارسة الحق أصبحت أكثر سهولة، ولا يواجهون صعوبات بعد ذلك. في هذا الوقت، سيرون تغييرًا صادقًا في أنفسهم، وسينمو في قلوبهم ثناء صادق لله: "لقد أنقذني الله القدير من عبودية شخصيتي الفاسدة وقيودها، وخلصني من تأثير الشيطان". هذه هي النتيجة التي تتحقق من خلال اختبار دينونة كلام الله وتوبيخه. إذا لم يستطع الناس اختبار دينونة كلام الله وتوبيخه، فلن يمكن تطهيرهم من شخصياتهم الفاسدة أو الانفصال عن تأثير الشيطان. كثير من الناس لا يحبون الحق، ورغم أنهم يقرؤون كلام الله ويستمعون إلى العظات، فإنهم لا يتحدثون بعد ذلك إلا بالكلمات والتعاليم، ونتيجة لذلك لا يعالجون أيًا من شخصياتهم الفاسدة على الرغم من إيمانهم بالله لسنوات عديدة. لا يزال هؤلاء الناس هم الشياطين والأبالسة أنفسهم، وهو ما كانوا عليه دائمًا. لقد ظنوا أنهم ما داموا ينشرون كلام الله، فإنهم سيعالجون شخصياتهم الفاسدة؛ وما داموا يتلون القليل من كلام الله ويعقدون شركة مع الآخرين عن كلامه، فإنهم سيعالجون شخصياتهم الفاسدة؛ وما داموا يستطيعون التحدث بكثير من الكلمات والتعاليم، فإنهم سيتمكنون من علاج شخصياتهم الفاسدة؛ وما داموا يستطيعون فهم التعاليم وتعلُّم ضبط النفس، فإنهم سيعالجون شخصياتهم الفاسدة. ونتيجة لذلك، فبعد الإيمان بالله لسنوات عديدة، لا يطرأ أي تغيير على الإطلاق في شخصياتهم الفاسدة، ولا يستطيعون التحدث عن الشهادة الاختبارية، ولهذا يكونون في صدمة وذهول؛ فهم بعد سنوات عديدة من الإيمان بالله خالو الوفاض ولم يكتسبوا أي قدر من الحق، إذ عاشوا كل هذه السنوات دون جدوى وأضاعوا الوقت سدى. الآن يوجد الكثير من القادة والعاملين الكاذبين ممَن هم على هذه الحال، يركزون على القيام بالعمل وإلقاء المواعظ فقط بدلًا من بذل الجهد في ممارسة كلام الله واختباره. فهل هم على طريق السعي إلى الحق؟ بالطبع لا.

ما الواقع الأهم بالنسبة إلى المؤمنين بالله؟ إنه ممارسة الحق. وما الجزء الأكثر أهمية في ممارسة الحق؟ أليس هو أنه لا بد للمرء أولًا أن يكون لديه فهم للمبادئ؟ ما هي المبادئ إذًا؟ هي الجانب العملي للحق، والمعيار الذي يضمن النتائج. هكذا هي المبادئ بكل بساطة. عندما تؤخذ بالمعنى الحرفي، تعتقد أن كل جملة من كلام الله هي الحق، لكنك لا تعرف كيفية ممارسة الحق، وهذا لأنك لا تفهم مبادئ الحق. تعتقد أن كلام الله صحيح تمامًا، وأنه الحق، لكنك لا تعرف ما الجانب العملي للحق، أو الحالات التي يستهدفها، وما المبادئ الموجودة فيه، وما الطريق إلى الممارسة – أنت لا تستطيع استيعاب هذا أو فهمه. هذا يثبت أنك تفهم التعاليم فقط وليس الحق. إذا كان بإمكانك أن تشعر بصدق أنك تفهم التعاليم فقط، فماذا ينبغي لك أن تفعل؟ يجب عليك طلب الحق. أولًا، عليك أن تستشعر الجانب العملي للحق على نحو دقيق، وأن ترى أي جوانب الواقع هي الأكثر وضوحًا، والكيفية التي ينبغي لك الممارسة بها لدخول هذا الواقع. ومن خلال الطلب والتقصي على هذا النحو، ستجد الطريق. حالما تتمسك بالمبادئ بثبات وتعيش هذا الواقع، ستكون قد ربحت الحق، وهو الإنجاز الذي يأتي نتيجة السعي إلى الحق. إذا كنت تستطيع فهم مبادئ الكثير من الحقائق وتطبيق بعضها، فإنَّ لديك واقع الحق، وستكون قد ربحت الحياة. بغض النظر عن جانب الحق الذي تطلبه، فبمجرد أن تفهم أين يكمن واقع الحق في كلام الله، وما متطلباته، وبمجرد أن تفهم بصدق، وتستطيع دفع الثمن وتطبيق كلام الله، عندئذٍ تكون قد ربحت هذا الحق. بينما تربح هذا الحق، يتم علاج شخصيتك الفاسدة شيئًا فشيئًا، وسيجد هذا الحق طريقه بداخلك. إذا كنت تستطيع تطبيق واقع الحق، وأن تؤدي واجبك وتقوم بكل عمل، وتتصرف وفقًا لمبادئ ممارسة هذا الحق، ألا يعني هذا أنك قد تغيَّرت؟ أي نوع من الناس أصبحت؟ لقد أصبحت إنسانًا يملك واقع الحق. هل الشخص الذي يملك واقع الحق هو شخص أفعاله قائمة على المبادئ؟ هل الشخص الذي تكون أفعاله قائمة على المبادئ قد ربح الحق؟ هل الشخص الذي ربح الحق يعيش الإنسانية الطبيعية؟ هل مَن يعيش الإنسانية الطبيعية يمتلك الحق والإنسانية؟ إن الناس الذين يمتلكون الحق والإنسانية يتوافقون مع مقاصد الله، والناس الذين يتوافقون مع مقاصد الله هم نوع الناس الذي يريد أن يربحه الله. هذا هو اختبار الإيمان بالله وأن يربحك الله، وهذه أيضًا هي عملية ربح الحق من خلال البدء بأكل كلام الله وشربه، وهي كذلك عملية نيل الخلاص. هذا الطريق هو طريق السعي إلى الحق، وطريق مَن يكمله الله.

اقتباس 69

أما بالنسبة للكلمات "بَدْءُ ٱلْحِكْمَةِ مَخَافَةُ يَهْوَه"، فكيف تمارسونها وتختبرونها عادةً؟ (بالخضوع لجميع كلام الله وعمله). تلك عبارة عامة، أو تعليم. إنها تبدو صحيحة، لكنها فارغة نوعًا ما. فماذا ستفعل إذا واجهت شيئًا يتعارض مع مفاهيمك، ولا تستطيع الخضوع؟ يُعد هذا تحديًا واقعيًا. فعندما يحدث ذلك، كيف يمكن لهذه الكلمات أن تحقق نتائج وتؤثر عليك، بأن تقيد سلوكك، وتغير مبادئ أفعالك واتجاه تلك الأفعال؟ على سبيل المثال، افترض أنك تعاني من ألم في المعدة وقال لك أحدهم: "تناول المسكنات سيوقف الألم". أنت تعلم أن عبارته تلك صحيحة، ولكن كيف تتقبلها وتطبقها عمليًا؟ هل ستأخذ المسكنات عندما تؤلمك معدتك؟ ومتى ستأخذها؟ هل ستأخذها قبل الوجبات أم بعدها؟ كم مرة في اليوم ستأخذها؟ كم عدد الأقراص التي ستأخذها في المرة الواحدة لوقف الألم، وكم يومًا ينبغي أن تأخذها لتتحقق النتائج؟ هل تعرف هذه التفاصيل؟ لا يمكنك فهم هذه التفاصيل إلا من خلال تطبيق عبارة "تناول المسكنات سيوقف الألم" في الحياة الواقعية. إذا لم تطبّق هذه العبارة، فأيًا تكن طريقة إقرارك بها أو تقبلك لها أو اتفاقك معها، فستبقى مجرد عبارة من عبارات التعاليم بالنسبة لك. ولكن إذا طبّقت هذه العبارة في حياتك الواقعية، وعالجت مرضك، واستفدت منها، فلن تكون مجرد عبارة فارغة عند قولها، بل عبارة عملية. وعندما يواجه شخص آخر وضعًا مشابهًا، ستكون قادرًا على استخدام خبرتك العملية لمساعدته. لقد ذكرنا للتو أن "بَدْءُ ٱلْحِكْمَةِ مَخَافَةُ يَهْوَه". عبارة "مَخَافَةُ يَهْوَه" هي شيء يجب على الناس ممارسته، و"بَدْءُ ٱلْحِكْمَةِ" هي النتيجة التي يحققونها من خلال ممارسة مخافة يهوه. أي أنه فقط عندما تكون قد مارست عبارة "مَخَافَةُ يَهْوَه" وطبقتها في حياتك الواقعية، وساعدتك هذه العبارة، واستفدت منها، ستتمكن حينها من ربح النتيجة وهي الحكمة. دعونا نتحدث أولاً عن كيفية ممارسة عبارة "مَخَافَةُ يَهْوَه". هذه العبارة تتعلق بجميع المشكلات التي يواجهها الناس في حياتهم الواقعية، مثل أفكارهم وخواطرهم وأحوالهم، والصعوبات التي يواجهونها، ومفاهيمهم وتصوراتهم، ومفاهيمهم المغلوطة عن الله، وشكوكهم وتخميناتهم بشأنه، وكذلك اللامبالاة، والخداع، والبر الذاتي، وتطبيق القانون بأنفسهم، وهي الأشياء التي يظهرها الناس غالبًا أثناء أداء واجباتهم، وما إلى ذلك. إذًا، كيف يمكنك تطبيق عبارة "مَخَافَةُ يَهْوَه" بحيث يمكنك تغيير مبادئ أفعالك وسلوكك؟ إذا مررت بكل تفاصيل هذه العبارة واختبرتها وعرفتها، فستكون هي الحق بالنسبة إليك. وإذا لم تمر أبدًا بهذه التفاصيل، ولم تعرف سوى العبارة وسمعت بها فقط، فستظل دائمًا مجرد تعليم بالنسبة لك. ستكون عبارة في كتاب، مجرد كلمات، وليست حقًا. لماذا أقول ذلك؟ لأن هذه العبارة لم تغيّر أبدًا أيًا من نواياك، أو أفكارك، أو آراءك. لم تغيّر أبدًا المبادئ التي تتعامل بها مع العالم وطريقة سلوكك. لم تغيّر الموقف الذي تتبناه عند قيامك بالأشياء أو عند أداء واجبك، ولم تغيّر حالتك. إنك لم تستفد منها بأي شكل. أنتم تعرفون كل هذه الأقوال الشهيرة ويمكنكم قولها، لكنكم تفهمونها فقط فهمًا سطحيًا، ولا تملكون أي خبرة عملية بها. كيف يختلف هذا عن الفريسيين المرائين؟ إن كل أولئك القساوسة والشيوخ في العالم الديني يركزون على تلاوة وشرح الفصول والمقاطع الشهيرة من الكتاب المقدس. ومن يتلو أكثر يكون هو الأكثر روحانية، والأكثر فوزًا بالتقدير من الجميع، والأكثر هيبة والأعلى مكانة. وفي حياتهم الواقعية، هم يرون العالم، والبشرية، وكل أصناف الناس بالطريقة نفسها التي ينظر بها الأشخاص الدنيويون، ولم تتغير وجهات نظرهم على الإطلاق. وهذا يثبت شيئًا: أن تلك الأقسام من الكتاب المقدس التي يتلونها لم تصبح هي حياتهم بأي حال من الأحوال، إنها بوضوح مجرد نظريات وتعاليم دينية بالنسبة لهم ولم تغير حياتهم. فإذا كان الطريق الذي تسلكونه هو نفس طريق الأشخاص المتدينين، فإنكم إذًا تؤمنون بالمسيحية وليس بالله، ولا تختبرون عمل الله. بعض الناس الذين آمنوا بالله لفترة قصيرة يُعجبون بالمؤمنين الذين آمنوا بالله لفترة طويلة والذين يمكنهم التحدث عن الكثير من التعاليم الروحية. فعندما يرون هؤلاء المؤمنين لفترات طويلة يجلسون ويتحدثون لمدة ساعتين أو ثلاث ساعات متواصلة دون مشكلة، يبدأون بالتعلم منهم. يتعلمون المصطلحات والتعبيرات الروحية، ويتعلمون أساليب هؤلاء المؤمنين في الكلام والسلوك، ثم يحفظون بعض كلام الله التقليدي المألوف. ويستمرون في هذا إلى أن يظنوا في يوم من الأيام أنهم وصلوا إلى شيء. وعندما يحين وقت الاجتماع، يبدأون في التحدث بلا توقف عن أفكار رنانة، ولكن إذا أنصت إليهم باهتمام، ستجد أن كل ما يقولونه هو مجرد هراء، حديث فارغ، وكلمات وتعاليم. من الواضح أنهم مخادعون متدينون خدعوا أنفسهم والآخرين. وياله من أمر مأساوي! لا تسلكوا هذا الطريق؛ فبمجرد أن تسلكوه، ستهلكون تمامًا، وسيكون من الصعب الرجوع بعد ذلك، حتى لو أردتم الرجوع! إذا تعاملت مع تلك الكلمات والتعاليم كما لو كانت كنوزًا وحياة، وبدأت في التباهي بها أينما ذهبت، فبالإضافة إلى شخصياتك الفاسدة الشيطانية، ستمتلك بعض النظريات الروحية وبعض الأشياء المرائية. وهذا ليس أمرًا خاطئًا فحسب، بل هو مقزز تمامًا. إنه أمر شائن ومخزي، ومثير للاشمئزاز، ومن المروع النظر إليه. إننا نشير الآن إلى المذاهب التي يؤمن بها أتباع الرب يسوع على أنها المسيحية، ونصنفهم كدين ومجموعة دينية. ذلك لأن هؤلاء الناس يؤمنون بالله لكنهم لا يقبلون الحق، ولا يمارسون كلام الله أو يختبرونه، وبدلًا من ذلك فإنهم يتمسكون بالطقوس والشكليات الدينية، دون تغيير شخصياتهم الحياتية على الإطلاق. إنهم ليسوا أشخاصًا يسعون إلى الحق، ولا يطلبون الحق، أو الطريق، أو الحياة التي تأتي من الله، وإنما هم يسعون وراء المعرفة الكتابية ويقلدون الفريسيين المرائين ويعادون الله. ونتيجة لذلك، فإن هذه المجموعة من الناس تُصنف على أنها المسيحية. هؤلاء الناس الذين يؤمنون بالرب جميعهم أتباع للدين. إنهم لا ينتمون إلى كنيسة الله وليسوا خرافه. فمن أين جاء مصطلح "المسيحية"؟ جاء من حقيقة أن أتباعه يتظاهرون بأنهم مؤمنون بالمسيح، يتظاهرون بأنهم روحيون، ويتظاهرون بأنهم يتبعون الله، بينما هم ينكرون جميع الحقائق التي عبّر عنها المسيح، وينكرون عمل الروح القدس، وينكرون جميع الأشياء الإيجابية التي تأتي من الله. إنهم يُسلحون أنفسهم ويُغلفونها ويخفونها بالأشياء التي قالها الله في الماضي. يستخدمون هذه الأشياء كرأس مال لهم، ويستخدمونها عند كل منعطف في حياتهم لكي يتمكنوا من شق طريقهم بالخداع للحصول على لقمة العيش. وتحت غطاء الإيمان بالله، يخدعون الناس في كل فرصة، ويتنافسون مع الآخرين على مدى قدرتهم على تفسير الكتاب المقدس وعلى معرفتهم الكتابية، ويتعاملون مع هذه الأمور على أنها مجد ورأس مال. إنهم حتى يريدون نيل بركات الله ومكافآته من خلال الخداع. هذا هو طريق أضداد المسيح الذي يسلكونه والذي ينكر ويدين الله المتجسد، وتحديدًا بسبب هذا الطريق الذي تسلكه هذه المجموعة صُنِفت في نهاية المطاف على أنها المسيحية وعلى أنها دين. دعونا نلقي نظرة الآن على مصطلح "المسيحية" – هل هذا اسم جيد أم سيء؟ يمكننا بالتأكيد أن نقول إنه ليس اسمًا جيدًا. إنه علامة عار، وليس شيئًا يدعو للفخر أو المجد.

ما هو الشيء الرئيسي الذي يجب أن تفهمه عندما تسعى للدخول في الحياة؟ ينبغي أن تعرف ما هي متطلبات الله من الناس، وكيف ينبغي للناس أن يختبروا عمله، في كل الكلام الذي تكلم به الله؛ أيًا كان الموضوع الذي هم فيه. يجب أن تقارن سلوكك وطرق تعاملك مع الأمور، وأفكارك وآراءك، والحالات والمظاهر المختلفة التي تمتلكها عندما تصادفك الأمور في حياتك، بكلام الله الذي يكشفك ويدينك. والأهم من كل شيء أنه ينبغي عليك أن تتأمل في ذاتك وتفهم نفسك، وتطلب الحق لتحديد مبادئ الممارسة. يجب أن تجد طريق الممارسة من خلال هذا، وتتعلم كيف ترضي مقاصد الله أثناء قيامك بواجبك، وأن يكون مسلكك بالكامل وفقًا لمتطلباته، وأن تكون شخصًا صادقًا، وشخصًا يمارس الحق. لا تقم بأشياء مثل خداع الناس بالحديث عن الكلام والعقائد والنظريات الدينية. لا تتظاهر بأنك شخص روحي، ولا تكن مرائيًا. ينبغي عليك التركيز على ممارسة الحق وقبوله، وعلى استخدام كلام الله لمقارنة أحوالك وفحصها، ومن ثم تغيير وجهات النظر والمواقف الخاطئة التي تتعامل بها مع جميع أنواع المواقف. وفي نهاية المطاف، عليك أن تمتلك قلبًا يتقي الله في كل موقف، وألا تتصرف بعد ذلك بتسرع أو تتبع أفكارك الخاصة، أو تفعل الأشياء وفقًا لرغباتك، أو تعيش في إطار شخصياتك الفاسدة. وبدلًا من ذلك، يجب أن تكون كل أفعالك وكلماتك معتمدة على كلام الله وعلى الحق. وبهذه الطريقة، ستمتلك بالتدريج قلبًا يتقي الله. إن القلب الذي يتقي الله ينشأ أثناء سعي المرء إلى الحق؛ وهو لا يأتي من ضبط النفس. إن كل ما يؤدي إليه ضبط النفس هو نوع من السلوك؛ إنه نوع من القيود السطحية. إن المرء يمتلك قلبًا يتقي الله بحق من خلال القبول المستمر لدينونة كلام الله وتوبيخه وقبول التهذيب أثناء اختبار عمله. عندما يرى الناس الوجه الحقيقي لفسادهم، سيدركون كم أن الحق غال وثمين، وسيكونون قادرين على السعي نحو الحق. ستقل تجليات شخصياتهم الفاسدة أكثر فأكثر، وسيكونون قادرين على العيش أمام الله بشكل طبيعي، يأكلون ويشربون كلمات الله كل يوم، ويقومون بواجباتهم ككائنات مخلوقة. ينشأ القلب الذي يتقي الله والقلب الذي يخضع لله من خلال هذه العملية. إن كل من يطلب الحق باستمرار لحل المشاكل أثناء قيامه بواجباته هو من أصحاب القلوب التي تتقي الله. وكل من نال التأديب ومر بالكثير من التهذيب يعرف ما تعنيه تقوى الله. وعندما ينكشف فسادهم، لا يشعرون فقط بالخوف والرهبة في قلوبهم، بل يمكنهم أن يشعروا أيضًا بغضب الله وجلاله. وفي هذه الحالة، ينشأ الخوف على نحو طبيعي من قلوبهم. هل لديكم جميعًا الآن أي فهم اختباري لهذه الأمور؟ (قليلًا.) يجب أن يتعمق هذا تدريجيًا. لا تكتفوا بالقليل فحسب من الفهم الاختباري. أنتم الآن في بيئة مناسبة، فأنتم تستمعون إلى الكثير من العظات، وتحضرون العديد من الاجتماعات، وتقرأون الكثير من كلام الله، ولديكم ببيئة تؤدون فيها واجبكم وجميع أنواع الظروف الأخرى. أنت تعتقد أنك تتقي الله، لذا فقد زاد إيمانك، لكن إذا تم وضعك في بيئة مختلفة، هل ستكون قادرًا على الحفاظ على حالتك الحالية؟ هل يمكن للحقائق التي صرت تفهمها الآن أن تغير منظورك للأمور أو نظرتك للحياة والقيم؟ إذا لم تستطع الحقائق التي تفهمها تحقيق هذه الأمور، فهذا يعني أنك لا تفهم الحق حقًا. عندما يصبح كلام الله هو الحقائق التي تفهمها وحياتك، فعندئذ ستحقق الدخول إلى الحياة، وستدخل إلى واقع الحق. هذا يعني أن ممارسة الحق ستصبح شيئًا تفعله من تلقاء نفسك، وستشعر أنه ينبغي عليك القيام بمثل هذه الأمور بشكل طبيعي. سيكون القيام بالأمور وفقًا للحق شيئًا طبيعيًا بالنسبة لك؛ سيصبح ذلك أمرًا منتظمًا، مثل كشف طبيعي. يعني هذا أن كلام الله قد أصبح حياتك. إذا كنت دائمًا ما تسلك الطريق الخطأ عندما تواجه شيئًا، وكنت تحتاج دائمًا إلى التأمل في ذاتك وإلى مساعدة الآخرين ودعمهم لك لكي تسلك الطريق الصحيح، فهذا لا يقترب حتى من المطلوب، وليس لديك أي قامة على الإطلاق. وإذا لم يكن ثمة أحد يساعدك ويدعمك، فلا أحد يعلم إلى أي مدى ستسقط بمجرد أن تتغير بيئتك المحيطة تغيرًا كبيرًا. قد تصل إلى إنكار الله وخيانته في ليلة واحدة، أو قد تترك الله وتعود إلى أحضان الشيطان بين عشية وضحاها. وبعبارة أخرى، قبل أن تملك الحق، وقبل أن يصبح الحق هو حياتك، فأنت لا تزال في خطر! إن امتلاكك القليل من الإيمان، والاستعداد لبذل نفسك، وامتلاكك بعض العزيمة أو الأماني الطيبة في الوقت الحالي لا يثبت أن لديك الحياة. هذه الأشياء مجرد ظواهر سطحية؛ هذا مجرد تفكير قائم على التمني. قبل أن تتحسن علاقتك بالله، يجب أن تسلح نفسك بالحق. يجب أن تكون قادرًا على اختبار عمل الله وبعض التجارب والتنقية. وعندما ينشأ إيمان حقيقي بالله بداخلك، ستكون لديك صلاة حقيقية وشركة حقيقية معه. ستكون قادرًا على أن تخبر الله بما في قلبك، وعندما تواجه شيئًا ما، ستشعر أنك تعتمد عليه وحده وأن لا أحد آخر يمكن أن تعتمد عليه. في هذه المرحلة ستكون علاقتك بالله طبيعية. عندما يكون لديك إيمان حقيقي بالله، أيًا يكن الموضع الذي يضعك فيه، وحتى إن لم تتمكن من حضور اجتماع لعدة سنوات، فإن إيمانك بالله سيبقى دون تغيير على الإطلاق، تمامًا مثل إيمان أيوب. حتى وأنت لا تحضر الاجتماعات، ولا يوجد أحد ليلقي عليك العظات، سيكون طريق الله وكلام الله في قلبك. لن تترك الله، وستكون على دراية بكيفية إرشاده لك كل يوم. لن تنكر الله عندما تواجه تجاربه، بل إنك ستشاهد أعماله في تجاربه تلك. وفي ذلك الوقت، ستكون قادرًا على الاستقلال بنفسك. أنتم لم تصلوا إلى هذا بعد، فلا تزال لديكم العديد من المفاهيم والتصورات والانحرافات. لا تزال هناك بعض الأشياء المتخفية في أفعالكم وأداء واجبكم. هناك الكثير من إرادتكم الخاصة. إنكم لا تزالون في فترة من التظاهر، لا تزالون تكافحون لتكونوا أشخاصًا روحانيين، لتلقوا التعاليم الروحية، ولتجهزوا أنفسكم أكثر بالمزيد من العبارات والمصطلحات والنظريات الروحية. لا تزالون تسعون لتكونوا فريسيين مرائين وأشخاصًا روحانيين مزيفين. لا تزالون تسعون للسير في مثل هذا من الطريق ولا تزالون تتبعون هذا المسار الخاطئ. هذا بعيد جدًا عن شخص يتقي الله حقًا ويبتعد عن الشر! لذا، يجب عليكم أن تبذلوا قصارى جهدكم في السعي وراء الحق واختبار المزيد من الدينونة، والتوبيخ، والتجارب، والتنقية. وعندئذ فقط يمكن التخلص تمامًا من كل هذه الأوهام، والأقنعة، والعقليات الشاذة غير الطبيعية. وعندما يتم تطهير كل أشكال الفساد هذه، ستصبح العلاقة بينكم وبين الله طبيعية.

السابق: كلمات حول كيفية اختبار الإخفاقات والسقطات والتجارب والتنقية

التالي: كلمات حول خدمة الله

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب