45. العيش أمام الله

يقول الله القدير، "للدخول إلى الحقيقة، يجب على المرء توجيه كل شيء نحو الحياة الحقيقية. إذا لم يستطع الناس في إيمانهم بالله أن يعرفوا أنفسهم من خلال دخول الحياة الحقيقية، وأن يعيشوا طبيعة بشرية في الحياة الحقيقية، فسوف يصبحون فاشلين. أولئك الذين لا يطيعون الله هم جميع الناس الذين لا يستطيعون الدخول إلى الحياة الحقيقية. إنهم جميع الناس الذين يتحدثون عن الإنسانية لكنهم يعيشون بحسب طبيعة الشياطين. إنهم جميعًا أناس يتحدثون عن الحق، لكنهم يعيشون عقائد بدلًا من ذلك. أولئك الذين لا يمكنهم أن يعيشوا بحسب الحق في الحياة الحقيقية هم أولئك الذين يؤمنون بالله لكنهم ممقوتون ومرفوضون منه. عليك أن تمارس دخولك إلى الحياة الحقيقية، وتعرف عيوبك وعصيانك وجهلك، وتعرف إنسانيتك غير الطبيعية ونقائصك. بهذه الطريقة سيتم دمج معرفتك في وضعك الفعلي وصعوباتك. هذا النوع فقط من المعرفة حقيقي ويمكن أن يسمح لك حقًا بإدراك حقيقة حالتك وتحقيق التغيير في شخصيتك" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. مناقشة حياة الكنيسة والحياة الحقيقية). "في السعي إلى دخول الحياة، على المرء أن يتفحّص كلامه وأعماله ومعتقداته وأفكاره الخاصة في كل مسألة يواجهها في الحياة اليومية. على المرء أن يستوعب حالاته الخاصة، ثم أن يقارنها بالحق، ويسعى إلى الحق، ويدخل واقع الحق الذي يفهمه. وأثناء عملية دخول واقع الحق، يجب أن يستوعب المرء حالاته الخاصة، ويَمثُلَ غالبًا أمام الله ليصلّي له ويتوسّل إليه. على المرء أيضًا أن يقوم غالبًا بشركات مع إخوة وأخوات آخرين بقلب منفتح، ويبحث عن الطريق لدخول واقع الحق، ويسعى إلى مبادئ الحق. وفي النهاية، سيتوصّل المرء إلى معرفة الطباع التي يكشفها في حياته اليومية، وما إن كان الله يستمتع بها أم لا، وما إن كان الطريق الذي يمارسه المرء دقيقًا أم لا، وما إن كان المرء قد تحقّق من الحالات الموجودة في داخله عبر تفحّص الذات بالمقارنة مع كلام الله، وما إن تمّ التحقق من هذه الحالات بدقة أم لا، وما إن كانت تنسجم مع كلام الله أم لا، وما إن كان المرء قد أحرز حقًا إنجازًا أم لا وربح فعلًا الدخول فيما يتعلّق بتلك الحالات التي لا تنسجم مع كلام الله. عندما تعيش غالبًا في هذه الحالات والأوضاع، فستتوصّل تدريجيًا إلى فهم أساسي لبعض الحقائق ولحالاتك الفعلية" (من "تسجيلات لأحاديث المسيح"). يُرينا كلام الله الطريق إلى دخول الحياة، أي فحص كل أفكارنا وتصرفاتنا في كل ما يحدث في الحياة الواقعية، ثم إخضاعها لإعلانات كلام الله، والتأمل فيها ومعرفة شخصياتنا الفاسدة والسعي إلى الحق لإصلاحها. هذه هي الطريقة الوحيدة إلى معرفة أنفسنا بحق والدخول إلى واقع كلام الله.

شارك الأخ تشين واحدة من خبراته في اجتماع منذ ستة أشهر. وعندما انتهى، فكرت قائلة إنه قد ظل عنيدًا في أداء واجبه وخالف المبادئ، ولذا خضع للتهذيب والتعامل معه. وها هو قد مارس بعض ضبط النفس دون اختلاق الأعذار، وبدا أنه يخضع. لكن فيما يتعلق بالسبب وراء عناده في أداء عمله، والشخصيات الفاسدة التي كانت تسيطر عليه أو السبب الرئيسي نجد أنه لم يكن يتفكَّر في تلك الأمور أو يحاول فهمها، ولم يسع إلى الحق لإصلاحها. كانت طاعته مجرد التزام بالقواعد، ولم تكن خضوعًا حقيقيًا. كنت أتساءل قائلة: "هل عليَّ أن أخبره بنقطة الضعف هذه؟" لكنني فكرت قائلة: "قَبِل الأخ تشين الإيمان قبلي، وهو يتمتع بفهم وخبرة أكثر مني. إن اقترحت عليه اقتراحًا، فهل سأكون كطفل يتحدث عن أمور الكبار؟ وهل سأبدو بذلك متغطرسة؟ الأفضل ألا أتلكم". بعدما انتهى من تقديم شركته، طلب منا أن نخبره بأي نقاط ضعف لاحظناها. أردت أن أشير إلى مشكلته، لكنني لم أستطع حينها. وفكرت: "إنه أكبر مني بكثير. إن قلت إنه لا يخضع بحق وإنه يتبع القواعد وحسب، سيُفقده ذلك الكثير من الاحترام، وأكون قد وضعته في موقف محرج. وإذا لم يقبل ذلك وقال إنني متغطرسة جدًا وبلا خبرة، فسأتعرض لإحراج شديد. إنني لا أعرفه جيدًا، ولا يستحق الأمر أن أترك لديه انطباعًا سيئًا عني". ترددت لفترة طويلة، وبعدها قلت له: "إنك تتمتع بخبرة وافرة وببعض الفهم العملي".

لكنني شعرت بعدم ارتياح بعدما قلت ذلك. كنت أرى مشاكله بوضوح، لكنني لم أتجرأ على الإفصاح عنها. بل قلت كلامًا لطيفًا تعارض مع ضميري. لم يتسم كلامي بالإخلاص أو الصدق. فكرت بعدها في اجتماعاتنا في تلك الفترة عندما كان الجميع يقدم شركة. كان من المفترض أن نعرف أنفسنا ونتفكَّر فيها كل يوم حتى نرى كم من أكاذيب نطقنا بها وحقائق جمَّلناها، وكم من أمور قلناها مدفوعين بمآرب شخصية، وكم من أشياء قلناها أو فعلناها وتعارضت مع الحق. أدركت حينها أن ما فعلته كان الكذب على الأخ تشين. كنت أعلم أن الله يحضنا مرارًا وتكرارًا لنكون صادقين، وأن نتحدث بصراحة ونسمي الأشياء بأسمائها. لكنني لم أستطع ممارسة هذا المطلب الأساسي. وعندها شعرت بانزعاج، وسرعان ما لجأت إلى الله بالصلاة طالبة منه أن يرشدني إلى معرفة نفسي. بعدها قرأت كلام الله القائل: "أنتم كلكم ذوو مستوى تعليم رفيع. تحرصون كلكم على الكلام برقيّ وتواضع، وعلى طريقة كلامكم أيضًا: أنتم لبقون وتعلّمتم ألا تؤذوا احترام الآخرين الذاتي وكرامتهم. في كلامكم وأفعالكم، تتركون المجال للناس بحرية المناورة. تفعلون كل ما تقوون عليه لجعل الناس مرتاحين. لا تفضحون ندوبهم أو عيوبهم، وتحاولون ألا تجرحوهم أو تحرجوهم. هذا هو المبدأ الذي يتصرّف على أساسه معظم الناس. فأي نوع من المبادئ هذا؟ إنّه متآمر ومخادع وماكر وغدّار. يختبئ خلف وجوه الناس المبتسمة الكثير من الأشياء الخبيثة والغدّارة والبغيضة. مثلًا، عند التفاعل مع الآخرين، حالما يرى بعض الناس أنّ الشخص الآخر يتمتّع ببعض المكانة، سيبدؤون الكلام بطريقة معسولة ولطيفة ومتملقة كي يُشعروا الشخص الآخر بالارتياح. لكن هل هذا في الواقع ما يفكّرون فيه حقًا؟ بالتأكيد يضمرون نوايا ودوافع خفيةً. في قلوب هؤلاء الناس ظلمة وهم بغيضون جدًا. طريقة تصرف هؤلاء الناس في الحياة مقززة وكريهة" (من "ستَّة مُؤشِّرات للتقدُّم في الحياة" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). كشف كلام الله الحالة التي كنت فيها بالضبط. لم أكن صادقة في كلامي بأي صورة، بل كنت مراوغة للغاية. تحدثت بطريقة ملتوية حتى لا أؤذي الناس، وكان كلامي دائمًا لطيفًا. بدا في الظاهر وكأنني أفكر في الآخرين، لكن كانت دوافعي الحقيقية هي جعل الآخرين يتحدثون عني حديثًا جيدًا، وحماية هيبتي ومكانتي. من الاستماع إلى خبرات الأخ تشين، كنت أعلم جيدًا أنه يلتزم بالقواعد للغاية، وكنت أعرف أن هذا لم يكن مفيدًا له في دخول الحياة. لكني اعتقدت أن ذِكْر ذلك سيحرجه ويكوِّن عنده انطباعًا سيئًا عني، لذلك التزمت الصمت. حتى عندما طلب مني الإدلاء باقتراحات، بقيت غير صريحة. بل وأطريت عليه وخدعته. كنت خبيثةً ومخادعةً جدًا. طلب منا الأخ تشين أن نشير إلى أخطائه إذ أراد أن يصلح عيوبه وأوجه القصور لديه، ولكنني لم أفشل في مسؤوليتي فحسب، بل مدحته لخداعه وتضليله لمصلحة نفسي. عندها فقط أدركت أني بدوت لطيفة ولبقة، ولم أسيء إلى أحد، ولكنني لم أمارس الحق عندما واجهت أمرًا كهذا. لم يدل هذا على أنني إنسانة صالحة على الإطلاق، بل كنت مخادعة ومضللة. كنت أعتقد أنني شابة بلا خبرة لأنني لم أكن أعرف طرق العالم. ولم أرَ أنني في الواقع ماكرة للغاية إلا عندما كُشفت الحقائق، وبدأت أكره نفسي، ولم أرد أن أستمر في مكري وعدم أمانتي بعد الآن. فصليت إلى الله راغبة في التوبة، وفي قول الحق، وفي أن أكون أمينة كما يريدني.

خططت لكتابة المشاكل التي اكتشفتها في الأخ تشين وإرسالها إليه، ولكن عندما بدأت أكتب ترددت مرة أخرى. كنت قلقة من صياغة الكلام بأسلوب لا يليق، ومن أنه قد لا يقبل ذلك برضى، ومن اعتقاده أنني أضخِّم الأمور الصغيرة. وبما أنني لم أذكر الأمر في حينها، فهل إذا ذكرته الآن سيعتقد أنني أثير ضجة بلا داعي؟ فكرت: "ربما ينبغي لي أن أصمت هذه المرة على أن أتكلم في المرة القادمة". لكن أشعرتني هذه الفكرة بالضيق مرة أخرى. فالله لم يرتب هذا الموقف لمجرد مساعدتي على الفهم وحسب، بل كان يأمل أن أقبل كلامه وأضعه موضع التطبيق. إذا استسلمت وفوَّت الفرصة، ألن يكون ذلك خداعًا لله؟ صليت إلى الله مرة أخرى قائلة: "لا أريد أن أقلق بشأن غرور الأخ تشين بعد الآن، أو النظر في ما قد يظنه الآخرون عني. أرجوك يا الله، أرشدني إلى ممارسة الحق". بعدها فكرت في اختبار الأخ تشين وفحصته في ظل كلام الله. دونت الأمور التي لاحظتها وبعضًا مما قد فهمته وأرسلتها إلى الأخ تشين. شعرت براحة أكبر عندما مارست بهذه الطريقة. ثم تلقيت ردًا من الأخ تشين في اليوم التالي. قال إنه تأثر للغاية عندما قرأ رسالتي، وأن رسالتي له عن أخطائه نابعة من محبة الله. أدرك أنه لم يكن يركز على طلب الحق عند ظهور المشكلات، وأنه صار مشوشًا عندما تعرض للتهذيب والتعامل معه. كتب أنه على استعداد لتصحيح الأخطاء في الطريقة التي تعامل بها مع الأمور. عندما انتهيت من قراءة رده، تأثرت للغاية. شعرت أنني لم أكن بحاجة إلى القلق كثيرًا بشأن تعاملاتي مع الإخوة والأخوات. كان يجب أن يكون لدي الدافع الصحيح وراء الإشارة إلى مشكلة ما، وبعدها سيكونون على استعداد لقبول كلامي. كانت كل مخاوفي مجرد خيال، وكنت تحت سيطرة شخصيتي الفاسدة. كما فهمت أيضًا أن العلاقات في الكنيسة لا تعتمد على فلسفات الحياة أو الخدع الماكرة، لكنها مبنية على ممارسة كلام الله والصدق المتبادل.

لكنني كنت قد فسدت بشدة بسبب الشيطان وتجذَّرت فيَّ شخصيتي الفاسدة حتى إنني كنت أجد صعوبة في ممارسة الحق عندما يهدد أمر ما هيبتي ومصالحي.

اكتشفتُ لاحقًا أن أختًا شابة كانت تقرأ روايات على الإنترنت كثيرًا. بدأت أشعر بقلق في قلبي وفكرت: "معظم هذه الروايات الموجودة على الإنترنت مجرد قصص من صنع الإنسان. وإذا امتلأ عقلها بها، فلن ترغب في قراءة كلام الله أو أداء واجبها. وعندها ستفقد عمل الروح القدس، وستكون تلك خسارة كبيرة في حياتها. لا بُد لي من مناقشة هذه المسألة معها". ولكنني ترددت بمجرد أن كنت على وشك الحديث عن الأمر، وقلت: "هل ستغضب وتظن أنني أتدخل فيما لا يعنيني؟ إذا لم تقبل ما أقول، فسيكون من الصعب مقابلة بعضنا بعضًا كل يوم. ربما يجب أن أبلغ قائدة الكنيسة بذلك وأتيح لها فرصة أن يتحدث معها عن هذا الأمر". لكني كنت أعلم أن هذا التفكير خاطئ، لأنني شعرت بمسؤولية الحديث معها حول ذلك لأنني كنت مَن اكتشف الأمر. لا يجب أن ألقي بتلك المسؤولية على شخص آخر. فكرت في مناقشة الأمر معها عدة مرات بعد ذلك، لكن لم أتمكن في كل مرة من البوح بما في صدري، ولم أكن أعرف من أين أبدأ. استمر هذا الوضع يومًا بعد يوم حتى سألتني قائدة الكنيسة عن حالة هذه الأخت ذات يوم. عندها فقط أخبرت القائدة عن الأمر. واندهشت عندما قالت لي القائدة إنها منشغلة بشيء آخر وطلبت مني الحديث مع الأخت عن الأمر. أدركت أن الله كان يرتب لي هذا الموقف لمعرفة ما إذا كان بإمكاني التخلي عن جسدي وممارسة الحق. فكرت كيف كنت أشعر بعدم الارتياح لفترة من الوقت. كنت أشعر بالارتباك بسبب عدم التحدث مع تلك الأخت خاصة عندما كنت أقابلها. لم أظهر لها حبًا أو أتحمل المسؤولية، وكان ضميري يتعذب. كنت أعرف جيدًا مخاطر التورط في قراءة الروايات على الإنترنت. يستخدم الشيطان الشرير هذه الاتجاهات الشريرة لخداع الناس وإفسادهم، وللسيطرة على أفكارهم ودفعهم إلى تجنب الله، فيصيرون أكثر انحطاطًا وإحباطًا، حتى يلتهمهم في النهاية. لم أفكر ولو للحظة في كيف يمكن أن تتدمر حياة تلك الأخت، أو في كيف يمكن أن يتسبب تشتتها عن أداء واجباتها في ضرر كبير لعمل الكنيسة. كنت أخشى أن أثير الأمر وأسيء إليها، وكنت كمن يسير على قشر بيض للحفاظ على علاقتنا. لقد كنت أنانية وخسيسة جدًا.

ثم قرأت كلام الله هذا: "يظن كثيرون أن من السهل فعلاً أن يكونوا أشخاصًا صالحين، فلا يتطلَّب الأمر سوى أن يقللوا من الكلام ويكثروا من العمل، وأن يتمتعوا بقلبٍ طيب، وألاّ يضمروا أي نية سيئة. إنهم يعتقدون أن هذا من شأنه أن يضمن لهم الرخاء حيثمت ذهبوا، وأن الناس سيحبونهم، وأن كونهم ذلك النوع من الأشخاص هو أمر جيد بما فيه الكفاية. إنهم يمضون إلى حد أنهم لا يريدون أن يسعوا إلى الحق، وهم راضون بأن يكونوا أشخاصًا طيبين فحسب، ويعتقدون أن قضية السعي إلى الحق وخدمة الله أمر معقد للغاية؛ إذ يتطلب فهم حقائق كثيرة، حسب رأيهم، ومَنْ ذا الذي يستطيع أن يحقق ذلك؟ يريدون فقط أن يسلكوا سبيلاً أيسر – أي أن يكونوا أشخاصًا صالحين وأن يؤدوا واجباتهم، ويظنون أن ذلك كافٍ. هل هذا الموقف مقبول؟ هل أن تكون شخصًا صالحًا بسيط حقًا إلى هذه الدرجة؟ ستجدون في المجتمع كثيرًا من الأشخاص الصالحين يتكلَّمون بطريقةٍ مهيبة جدًا، ومع أنهم يبدون من ظاهرهم أنهم لم يعملوا أي شر جسيم، فهم مخادعون ومراوغون في أعماقهم، وهم قادرون بطريقة خاصة على معرفة من أين تؤكل الكتف، وهم متملّقون ودنيويون في طلاقة لسانهم. وفي رأيي أن مثل هذا "الشخص الصالح" هو شخص زائف ومنافق، ومثل هذا الشخص ليس سوى متظاهر بالصلاح. كل أولئك الذين يلزمون موقفًا وسطيًا هم الأكثر شرًا. فهم يحاولون ألّا يسيئوا إلى أي شخص، بل هم أشخاص يُرضون الناس، ويتماشون مع الأشياء، ولا يستطيع أحد أن يدرك حقيقتهم. شخص كهذا هو شيطان حي!" (من "لا يمكنك التخلُّص من رباطات الشخصيَّة الفاسدة إلَّا من خلال وضع الحقّ موضع التنفيذ" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). اخترق كلام الله قلبي مباشرة، إذ رأيت أنني إنسانة "مهادنة" تتخذ دائمًا الطريق الوسط، ولا تسيء أبدًا إلى أي شخص، ولا تشير أبدًا إلى مشاكل أي شخص آخر، بالضبط كما كشف كلام الله. كنت إذا قلت أي شيء في الماضي، كان علي أن أفكر فيمن كنت أتحدث معه وفي الوضع. لم أتمكن قط من خدش أي صداقة أو السماح لأي شخص أن يجد خطأً فيَّ. رأيت أن هذه الأخت لديها مشكلة وأردت أن أخبرها عنها، ولكن ما إن اعتقدت أنها قد تسيء إليها، تجنبت الأمر مرارًا وتكرارًا، بل وألقيت بالمسؤولية على قائدة الكنيسة. أدركت أنني أفكر فقط في نفسي، وأنني أدفع الآخرين إلى القيام بمهام مثيرة للجدل، وأنني لم أرد أن تتضرر مصالحي بأي شكل من الأشكال. هكذا كنت أتصرف مع إخوتي وأخواتي. في بعض الأحيان عندما كنت أرى شخصًا ما في حالة سيئة أو يُظهر فسادًا، كنت أتجاهل الأمر، دون أن أذكره أو أتحدث مع الشخص عنه. بدا ظاهريًا أن علاقاتي جيدة مع الجميع، وأنني أراعي مشاعر الآخرين جيدًا. لكن كان كل ذلك زيفًا، مجرد مظاهر كاذبة. لقد أخفيت كلماتي الحقيقية الصادقة، ولبست قناعًا. كنت منافقة! كنت أخدع إخوتي وأخواتي بشدة، ومع ذلك أردتهم أن يحتفظوا بفكرة جيدة عني. كنت وقحة جدًا! رأيت أنني لست سوى إنسانة مخادعة وزائفة تتملق الجميع.

ثم قرأت المزيد من كلام الله القائل: "في الماضي، قبل أن يصبح كلام الله حياة الناس، كانت طبيعة الشيطان هي التي تولّت القيادة وسادت في داخلهم. ما هي الأمور المحددة التي انطوت عليها تلك الطبيعة؟ على سبيل المثال، لمَاذا أنت أناني؟ لمَاذا عليك حماية منصبك؟ لمَاذا لديك مثل هذه العواطف القوية جدًّا؟ لمَاذا تستمتع بتلك الأمور الآثمة؟ لمَاذا تحبّ تلك الشرور؟ علام يستند غرامك بهذه الأمور؟ من أين تأتي هذه الأمور؟ لماذا تسعد كثيرًا بقبولها؟ الآن فهمتم جميعًا أنّ هذا يعود بالدرجة الأولى إلى سمّ الشيطان الموجود داخلكم. يمكن للكلمات أن تعبّر خير تعبير عن ماهية سمّ الشيطان. على سبيل المثال، إذا سألت بعض الأشرار لمَاذا تصرفوا بشيء ما، فسوف يُجيبون: لأن "اللهم نفسي، وكُلٌ يبحث عن مصلحته". إن هذه الجملة الواحدة تعبّر عن أصل المشكلة. فلقد أصبح منطق الشيطان حياة الناس. قد يفعلون أمورًا لهذا الغرض أو ذاك، لكنهم لا يفعلونها إلاّ من أجل أنفسهم. ويعتقد الجميع أنه بما أن كل إنسان تعنيه نفسه، فينبغي للناس أن يعيشوا لأجل أنفسهم ويفعلوا ما يقدرون عليه لضمان منصب جيد، من أجل خاطر المأكل والملبس الراقي. "اللهم نفسي، وكُلٌ يبحث عن مصلحته" – هذه هي حياة الإنسان وفلسفته، وهي تمثّل طبيعته أيضًا. إن كلمات الشيطان هذه هي بالضبط سُمُّ الشيطان، وعندما يعتمده الإنسان يصبح من طبيعته. وتنكشف طبيعة الشيطان من خلال هذا التصريح، فهو يمثّلها تمامًا. ويصبح هذا السُمّ حياة الإنسان وأساس وجوده. ولطالما ساد هذا السمُّ على البشرية الفاسدة منذ آلاف السنين" (من "كيف تسلك طريق بطرس؟" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). منحتني هذه الكلمات بعض الفهم عن السبب الجذري لكوني متملقة، وهو في الأساس أن فلسفات الشيطان وسمومه كانت مزروعة في داخلي. لقد تسمَّمت بفلسفات مثل: "اللهم نفسي، وكُلٌ يبحث عن مصلحته" و"التزام الصمت تجاه أخطاء الأصدقاء الصالحين يجعل الصداقة طويلة وجيدة"، و"تحدَّث بكلمات جيدة توافق مشاعر الآخرين وتفكيرهم، ذلك لأن كَونَك صريحًا يضايق الآخرين" لم أفكر إلا في هيبتي ومكانتي. أردت أن يمدح الآخرون كل ما كنت أفعله وأصبحت أنانية وخبيثة ومخادعة جدًا. دائمًا ما كانت أمي وأبي يطلبان مني منذ أن كنت صغيرة أن استمع أكثر مما أتحدث، وأن خير الكلام أقله. أخبراني ألا أكون واضحة جدًا مع الآخرين لأنهم لن يرغبوا في ذلك. كنت أعيش وفقًا لهذه الفلسفات الشيطانية ونادرًا ما تعاملت بانفتاح وصدق مع الآخرين. حتى مع صديقتي المفضلة نادرًا ما كنت منفتحة معها لأشير إلى أخطائها، خشية إزعاجها وتشويه صورتي أمامها. بدلًا من ذلك، فضلت أن أوافق على ما تشعر به وتملقتها، ولكن كل ذلك كان كذبًا وخداعًا. أدركت أن العيش وفقًا لهذه الفلسفات الشيطانية في الحياة يمكن أن يجعلني زائفة وماكرة وأنانية ودنيئة للغاية. كنت لا أفكر سوى في مصالحي الشخصية، ولم أفكر في الآخرين على الإطلاق. لم أكن صادقة مع الناس ولم أكنّ لهم حبًا. لم أستطع مساعدة أو إفادة أي شخص بأي شكل من الأشكال على الإطلاق، وببساطة لم أكن أستحق أن يقترب مني أحد. رأيت أن هذه الفلسفات الشيطانية كانت سخيفة حقًا، وأنه يجب ألا تكون أبدًا مبادئ للسلوك. رأيت أن العيش وفقًا لهذه الفلسفات الشيطانية في الحياة يمكن أن يجعلنا أكثر فسادًا وافتقارًا للإنسانية. فكرت كيف أنه في كل مرة لاحظت فيها مشكلة ولم أقل أي شيء عنها شعرت بالذنب لاحقًا، وكأن حجرًا جاثمًا على قلبي لم أستطع التخلص منه. شعرت وكأنني أعرف الحق لكنني لم أستطع ممارسته. لقد كنت جبانة، دون أي كرامة أو نزاهة. ما زلت لا أستطيع في عمري هذا أن أكون إنسانة مهذبة، ولم أعرف مبادئ التعاملات الإنسانية، بل سعيت إلى اتباع طرق العالم التي علمنا إياها الشيطان ونشرها. لقد كرهت نفسي حقًا في تلك اللحظة، ولم أعد أرغب في العيش بهذه الفلسفات الشيطانية بعد الآن. أردت فقط أن أتصرف وأسلك بما يتماشى مع كلام الله.

بعدها قرأت كلام الله هذا: "ما هي الممارسة الأهم لدى الشخص الصادق؟ أن يكون قلبك مفتوحًا لله. ماذا أعني بكلمة "مفتوح"؟ هذا يعني إعطاء الله نظرةً واضحةً وضوح الشمس حول كل ما تفكّر فيه ونواياك وما الذي يسيطر عليك. إن كان ما تقوله موجودًا في قلبك، من دون أدنى فرق وبدون أي إخفاء، وبدون جانب داكن، وبدون أن يضطرّ الآخرون إلى أن يحزروا أو أن يغوصوا أكثر عبر طرح أسئلة، وبدون أن تحتاج إلى اللف والدوران، بل مجرد قول ما تفكّر فيه، بدون أي نية أخرى، فهذا يعني أنّ قلبك مفتوح. أحيانًا، قد يؤذي وضوحك الآخرين ويغضبهم. لكن هل سيقول أحد: "أنت تتكلّم بطريقة صادقة جدًا وقد آذيتني فعلًا، فلا أستطيع قبول صدقك"؟ كلا، لا أحد سيقول هذا. حتى لو آذيت الناس في بعض الأحيان، إن استطعت فتح قلبك لهم والاعتذار منهم، والإقرار بأنّك تكلّمت من دون حكمة وتجاهلت نقاط ضعفهم، فسيرون أنّك لا تشعر بالضغينة، وأنّك شخص صادق، وأنّك ببساطة لا تنتبه كثيرًا إلى طريقة كلامك وأنّك واضح جدًا ليس إلا، فلن يحقد أحد عليك بسبب هذا. ... الجزء الأهم في أن تكون شخصًا صادقًا هو أن يكون قلبك مفتوحًا لله. بعد ذلك، يمكنك تعلّم أن تفتح قلبك للآخرين، وتتكلّم بصدق وحقّ، وتقول ما في قلبك، وتكون شخصًا ذا كرامة ونزاهة وشخصية، وألا تتكلّم بشكل منمّق أو كاذب أو تستعمل كلامًا لتخفي نفسك أو تخدع الآخرين" (من "لا يمكنك أن تعيش شبه إنسان حقيقي إلا بكونك شخصًا صادقًا" في "تسجيلات لأحاديث المسيح"). عندما تأملت كلام الله، تأثرت بشكل لا يصدق، وشعرت أن الله قد أخذني بيدي ليعلمني كيف أسلك كإنسان. أن أكون أمينة، وأتكلم وأتصرف بأمانة، وأفتح قلبي بالكامل لله، وأنفتح على الإخوة والأخوات، وألا أتبع طريقة معينة أو أحيك الحيل – العيش بهذه الطريقة ليس متعبًا. ناقشت أمر تلك الأخت معها في وقت لاحق وتحدثت معها عن مخاطر التورط في قراءة الروايات على الإنترنت. في البداية، بدت غير سعيدة للغاية، وكان الأمر محرجًا بعض الشيء. ولكن من خلال الانفتاح عليها والشركة معها، أدركت أنها في حالة خطرة. قالت إنها لن تقرأ الروايات على الإنترنت بعد الآن وستركز على واجبها. عندما سمعتها تقول هذا استطعت أن أتنفس الصعداء أخيرًا، لكنني وبخت نفسي أيضًا إذ أنني لو كنت قد تحدثت معها بسرعة، فلربما انصلح حالها عاجلًا. وفقط لأنني أردت دائمًا أن أكون مهادنة استسلمت لنفسي ولم أمارس الحق، واستمرت الأمور على المنوال نفسه. كونك شخص متملق هو أمر ضار حقًا. بعد ذلك، عندما كنت أرى مشكلة في واجبات الإخوة والأخوات، كنت أقلق بشأن الإساءة إليهم، ولكن بالصلاة إلى الله، وممارسة الحق بوعي، وكوني إنسانة أمينة، كنت دائمًا قادرة على الإشارة إلى المشكلة بصدق فيما بعد. وبإرشاد كلام الله استطعت أن أتعلم كيف أتصرف وأتفاعل مع الإخوة والأخوات. لقد أدركت كم أن كلام الله ثمين. إنه مبادئ لسلوكنا وأفعالنا. سواء في واجبنا أو سلوكنا، نحن بحاجة دائمًا إلى كلام الله لإرشادنا. طالما أننا نطلب الحق عندما تنشأ مشكلة، فسوف يكون لدينا طريق نتبعه.

بالعودة إلى الوراء، كنت أتفق نظريًا على أنني إنسانة متملقة ومخادعة، لكنني لم أقارن نفسي قط بكلام الله بجدية لفحص شخصيتي الفاسدة وتشريحها. ونادرًا ما بحثت عن طريق للممارسة أو المبادئ من كلام الله، لذلك لم تتغير شخصيتي الأنانية والمخادعة على الإطلاق. مع أنني اختبرت بعض الأمور التافهة في الحياة، عندما أركز على فحص نفسي وطلب الحق في كلام الله، أجني بعض الثمار وأتوصل إلى بعض الفهم. أشعر أيضًا بسلام داخلي حقيقي وأكتسب القليل من الطريق إلى دخول الحياة. إن الوصول إلى هذا الفهم وجني هذه الثمار يعود إلى إرشاد كلام الله.

السابق: 44. أرى حقيقة نفسي أخيرًا

التالي: 46. هل يمكن لمن يرضي الناس أن يفوز بامتداح الله؟

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

9. نوع مختلف من الحب

بقلم تشنغشين – البرازيللقد أتاحت لي فرصة حدثت بالمصادفة في عام 2011 أن أذهب من الصين إلى البرازيل. بعد وصولي مباشرةً، كنت غارقًا في تجارب...

3. الكشف عن سر الدينونة

بقلم إنوي – ماليزيااسمي إينوي، وعمري ستة وأربعون عامًا. أعيش في ماليزيا، وأنا مؤمنة بالرب منذ سبعة وعشرين عامًا. في شهر تشرين الأول/أكتوبر...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب