كيفية السعي إلى الحق (4)

بعدما آمنتم بالله لهذه السنوات كلها، هل شعرتم بالتغيير المستمر الذي يحدُث في الأشخاص والأشياء من حولكم، وفي وَضعِ العالَم الخارجيِّ؟ هل رأيتم أيَّ تغييرات كبيرة تحدُث في السنوات القلائل الماضية خصوصًا؟ (نعم). لقد رأيتَ هذا. وهل توصلتَ إلى أي خلاصة حياله؟ (إنَّ عمل الله يقترب من نهايته). هذا صواب، إنَّ عمل الله يقترب بالفعل من نهايته، والناس والأحداث والأشياء والبيئات مِن حولك في حالة تغيير مستمر. على سبيل المثال، كان هناك عشرة أشخاص في هذه المجموعة من قَبل، والآن صاروا ثمانية. ماذا حدَثَ للاثنين الآخرين؟ واحدٌ جرى إبعاده والآخر جرى استبداله في واجبه. جميع أنواع الأشخاص في الكنيسة يخضعون للتغيير باستمرار، ويتعرَّضون للكشف باستمرار. في البداية، يبدو بعض الناس في غاية الحماس، لكنهم بعد فترة، يصبحون على حين غرة، ضعفاء وسلبيين للغاية، لدرجة ألا يُمكنهم الاستمرار. الحماس والطاقة النارية والولاء المزعوم الذي كان لديهم في البداية، كل ذلك قد اختفى، واختفى عزمهم على تحمُّل المعاناة، ولا يكون لهم أي اهتمام بالإيمان بالله على الإطلاق، وفجأة يبدو أنهم أناسًا مختلفين كل الاختلاف، ولا أحد يَعرِف السبب. البيئات أيضًا تخضع للتغيير باستمرار. ما التغيرات التي تحدث في بيئات الناس؟ في بعض الأماكن، تكون البيئة معادية والاضطهاد شديد، لذلك لا يمكن للناس الاجتماع معًا أو التواصل مع إخوتهم وأخواتهم؛ وفي بعض الأماكن، تكون البيئة أفضل وأكثر أمانًا إلى حد ما؛ وفي أماكن أخرى، تكون بيئة أداء المرء لواجبه وظروف المعيشة أكثر مواتاةً وسكينةً واستقرارًا نوعًا ما مما كانت عليه مِن ذي قبل، والناس هناك أفضل كثيرًا مِن الذين كانوا هناك مِن ذي قبل؛ جميعهم يبذلون أنفسهم بإخلاص من أجل الله، وثمة المزيد من الناس الذين بوسعهم تحمُّل المعاناة ودَفْع الثمن، وجميع مشروعات العمل تتقدم بسلاسة أكبر، والعَمَل يتقدم بكفاءة أكبر، وتصير النتائج والآثار الظاهرة أكثر تفاؤلًا وإرضاءً. إضافة إلى ذلك، يجري دومًا تحسين الخِطط والأشكال والطرق والأساليب التي تنفَّذ بها مشروعات العمل. باختصار، على الرغم من أنَّ الناس يرون كل أنواع الأشخاص والأحداث والأشياء الخاطئة والسلبية تنشأ باستمرار، فهناك بالطبع أيضًا جميع الأشكال من الأشخاص والأحداث والأشياء الحسنة والصائبة والإيجابية التي تَظهر باستمرار. عندما يحيا الناس في مثل هذه البيئة الاجتماعية، حيث تتبدَّل مختلف الأمور الإيجابية والسلبية وتتغير باستمرار من حولهم، فأولئك الذين يستفيدون في النهاية هم في الواقع مَن يرغبون بشدة في الله، ويسعون إلى الحق، ويتوقون إليه. إنهم أولئك الذين يتوقون إلى النور والعدالة، في حين أنَّ أولئك الذين لا يسعون إلى الحق، والذين يسلِّمون أنفسهم للرذيلة وينفرون من الحق، فإنهم يُكشفون ويستبعَدون ويُهمَلون فيما يتعلَّق بمختلف الأشخاص والأحداث والأشياء والبيئات. ما مقصد الله مِن كل هذه البيئات والأشخاص والأحداث المختلفة التي تنكشف، ومِن البيئات وأشخاص والأحداث الجديدة التي تظهر باستمرار؟ بعدما آمنتم بالله لكل هذه السنوات، هل لديكم فهمٌ لهذا؟ هل تشعرون – على أقل تقدير – أنَّ الله يرتب كل هذا، وأنه دائمًا ما كان يرشد هذه الأشياء؟ (نعم). إنَّ غرض الله وما يعنيه من عمل كل هذا هو تمكين أولئك الذين يتبعونه من تعلُّم الدروس، والنمو في البصيرة والخبرة، وبالتالي الدخول تدريجيًّا إلى واقع الحق. هل حققتم هذا بأنفسكم؟ مهما كان قَدْر انشغال الناس بالعمل، أو مدى كون بيئتهم مواتية أو معادية، فإن هدفهم في إيمانهم بالله هو السعي إلى الحق دون تغيير. ينبغي للناس ألا ينسوا السعي إلى الحق لأنهم مشغولون بالعمل، أو مشغولون بأشياء، أو لأنهم يرمون إلى تجنُّب بيئتهم المعادية، أو ينسون أنَّ هذه المواقف كافة رتَّبها الله، أو ينسون أنَّ قصد الله هو أنْ يتعلموا الدروس في هذه المواقف المختلفة، وأن يتعلَّموا كيفية التمييز بين جميع أنواع الأشخاص والأحداث والأشياء، لفهم الحق، والنمو في البصيرة، ومعرفة الله. ينبغي لكم جميعًا عمل ملخَّص جدّيٍ عما إذا كنتم قد حققتم هذه الأشياء.

كان عمل الكنيسة كثيفًا بصورة مذهلة في السنوات الأخيرة، وكذلك كان النقل وإعادة التعيين، إضافةً إلى أنَّ كشف أعضاء في كل مجموعة واستبعادهم وتطهير الكنيسة منهم كان أمرًا متكررًا نسبيًّا. في أثناء تنفيذ هذا العَمل، كان نقل أعضاء الفرق متكررًا وواسع النطاق على وجه الخصوص. على الرغم من ذلك، مهما كان عدد التنقلات التي تحدُث أو مقدار تغيُّر الأشياء، فإن العزم على السعي إلى الحق لدى أولئك الذين يؤمنون حقًّا بالله ويرغبون الله لا يتغيّر، ورغبتهم في نوال الخلاص لا تتغير، وإيمانهم بالله لا ينحسر. إنهم دائمو التطور في اتجاه جيد وقد استمروا على المثابرة في أداء واجباتهم حتى اليوم. هناك من هم حتى أفضل كثيرًا من هذا، وهم الذين يجدون مكانهم الصحيح ويتعلمون كيفية طلب المبادئ وأداء واجبهم، من خلال إعادة تعيينهم باستمرار. أما أولئك الذين لا يسعون إلى الحق، والذين لا يحبون الأشياء الإيجابية ويَشعرون بالنفور تجاه الحق، فلا يكون أداؤهم جيدًا. بعض الناس يجبرون أنفسهم حاليًا على الاستمرار في أداء واجباتهم، بينما حالتهم الداخلية فوضى كاملة بالفعل، وهم مكتئبون وسلبيون تمامًا. رغم ذلك، فهم لم يتركوا الكنيسة بعد، ويبدون كأنهم يؤمنون بالله وما يزالون يؤدون واجباتهم، لكن قلوبهم في الواقع قد تغيرت، وقد ابتعدوا عن الله ونبذوه. بعض الناس يتزوجون ويعودون إلى بيوتهم ليعيشوا حياتهم قائلين: "لا يمكنني تضييع شبابي. الشباب لا يُعوَّض، ولا يمكنني بالقطع إهدار شبابي! أنا أؤمن في قلبي بوجود إله، لكن لا يمكنني أن أكون بسيط التفكير مثلكم، يا من تضحون بشبابكم من أجل السعي إلى الحق. من المفترض أن أتزوج وأعيش حياتي. الحياة قصيرة؛ فالشباب سنوات قليلة فحسب، والحياة تنتهي في غمضة عين. لا يمكنني إهدار شبابي هنا. يمكنني أن أكون خاليًا من الهموم وأعيش الحياة حتى الثمالة لبضع سنوات قبل أن يمضي شبابي. بعض الناس يستمرون في السعي لتحقيق أحلامهم في الثراء؛ ويستمر البعض في السعي إلى مهنة رسمية وتحقيق حلمهم في أن يصبحوا مسؤولين أو موظفين حكوميين؛ ويسعى البعض إلى الازدهار المتمثل في إنجاب الأطفال، فيتخذون زوجة تنجب لهم أبناءً؛ وبعض الناس يُطاردون بسبب إيمانهم بالله، ويُضطهدون لسنوات حتى يَضعفوا ويَمرضوا، ثم ينبذون واجباتهم ويعودون إلى منازلهم ليعيشوا سنواتهم المتبقية. يختلف وضع كل واحد عن الآخر. بعض الناس يغادرون من تلقاء أنفسهم وتُحذف أسماؤهم، وبعضهم عديمو إيمان يُخرجون، وبعضهم يرتكب كل صنوف الأفعال الشريرة ويُطردون. ماذا يكمن في أعماق هؤلاء الناس جميعًا؟ ما جوهرهم؟ هل رأيتموه بوضوح؟ هل تشعر بتأثر عميق متى تناهت قصص هؤلاء الناس إلى مسامعك؟ قد تفكر: "كيف أمكن أن ينتهي بهم المطاف هكذا؟ كيف أمكن أن يصلوا إلى هذه النهاية؟ لم يكونوا هكذا من قبل، لقد كانوا رائعين، فكيف أمكن أن يتغيروا بهذه السرعة؟". هذه الأشياء لا يمكن إدراكها أو فهمها مهما تأملت فيها. إنك لتتدبر فيها لبعض الوقت وتفكِّر: "هذا الشخص لا يحب الأشياء الإيجابية؛ إنه عديم الإيمان". وبعد مرور بعض الوقت، فإنَّ الأشياء التي يفعلها هؤلاء الناس وأداءهم وسلوكهم وبعض كلماتهم وملاحظاتهم ومساعيهم تتلاشى في عقلك أو في وعي الناس، وبعد ذلك تنسى هذه الأشياء، ورويدًا رويدًا تختفي مشاعرك تجاههم. عندما يَظهر مثل هؤلاء الأشخاص أو الأحداث أو الأشياء ثانيةً، تفكر مجددًا: "أواه، إنه أمر لا يمكن تصوره! كيف يمكنهم ذلك؟ لم يكونوا هكذا من قبل. أنا عاجز عن إدراك ذلك فحسب." إنك تشعر بالأشياء نفسها مرة أخرى ويكون لديك الفهم ذاته. أخبرني، هل من العار أن يُكشف هؤلاء الناس ويُستبعدون؟ (لا) ألا تفتقدون هؤلاء الأشخاص؟ (نعم) ألا تدافعون عن هؤلاء الناس؟ (نعم) لا بد إذًا أنكم قساة للغاية. لماذا أنتم جميعًا غير متعاطفين؟ لقد تركوا الكنيسة. كيف لا تدافع عنهم، ولا تتعاطف معهم ولا تشفق عليهم؟ هل أنت عاجز عن الشفقة فحسب؟ هل أنت عديم الرحمة؟ (لا). أخبرني، أهذه هي الطريقة المناسبة ليتعامل بيت الله مع هؤلاء الناس؟ (نعم). كيف يكون ذلك مناسبًا؟ أخبرني. (لقد آمن هؤلاء الناس بالله لسنوات كثيرة، وسمعوا الكثير من الحق بما يجعل سلوكهم بهذه الطريقة الآن وخيانتهم لله والابتعاد عنه يدل على أنهم عديمي الإيمان لا يستحقون شفقتنا ولا أن نفتقدهم). إذًا، عندما بدأوا يؤمنون بالله، كانوا ممتلئين حماسًا وتخلوا عن منازلهم ووظائفهم، وكثيرًا ما كانوا يقدِّمون التقدمات وتولوا وظائف محفوفة بالمخاطر من أجل بيت الله. مهما كانت نظرتك إليهم، فإنهم جميعًا قد بذلوا أنفسهم بإخلاص من أجل الله، فلماذا قد تغيَّروا الآن؟ هل لأن الله لم يحبهم وكان يستخدمهم منذ البداية؟ (لا). الله يعامل الجميع بإنصاف ومساواة ويمنَح الفرص للجميع. جميعهم قد عاشوا حياة الكنيسة، وأكلوا كلام الله وشربوه، وعاشوا تحت إعالة الله وسقايته ورعايته، فكيف تغيروا كثيرًا؟ لقد كان سلوكه الواحد منهم وقتما بدأ الإيمان بالله للمرة الأولى، وسلوكه عندما غادر الكنيسة، كما لو أنه كان سلوك شخصين مختلفين. فهل جعلهم الله يفقدون الرجاء؟ هل جعلهم بيت الله أو أعمال الله يشعرون بخيبة أمل مريرة؟ هل أذى الله كرامتهم أو فعلت ذلك الكلمات التي ينطق بها أو العمل الذي يقوم به؟ (لا). ما السبب إذًا؟ من بوسعه تفسير هذا؟ (أعتقد أن هؤلاء الناس آمنوا بالله واقعين تحت سيادة رغبتهم في نيل البركات. إنهم لم يؤمنوا فقط إلا لينالوا البركات. وحالما رأوا ألا رجاء لهم في البركات، ابتعدوا عن الله). أليس ثمة بَركة أمامهم مباشرة؟ لم يحن الوقت بعد للتوقف عن أداء واجباتهم، فلماذا هم بمثل هذا التعجل؟ كيف لا يسعهم حتى فهم هذا؟ (يا الله، أعتقد أنه عندما بدأ هؤلاء الناس يؤمنون بالله، اعتمدوا على حماستهم وحسن نيتهم، وكانوا قادرين على عمل بعض الأشياء، ولكن الآن يتعامل بيت الله مع عمله كله بجدية متزايدة. يطالب الناس بعمل أشياء تتوافق مع مبادئ الحق، لكن هؤلاء الناس لا يَقبلون الحق، فهم يكونون في حالة من الفوضى ويفعلون ما يحلو لهم عند أداء واجباتهم، وغالبًا ما يُهذَّبون، لذلك يشعرون على نحو متزايد أنه ليس بوسعهم مواصلة التشوش مثلما يفعلون، إلى أن يغادروا بيت الله أخيرًا، أعتقد أن هذا أحد الأسباب). ليس بوسعهم مواصلة التشوش مثلما يفعلون – هل هذا شيء حقيقي؟ (نعم). ليس بوسعهم مواصلة التشوش مثلما يفعلون؛ هذا يقال عن الأشخاص الذين يتشوشون في الأمور. ثمة بعض الناس الذين يؤمنون بالله ولا يتشوشون في الأمور، وهم جادون للغاية، ويتعاملون مع هذا الأمر جديًّا، فلماذا لم يواصلوا المضي قدمًا؟ (لأن هؤلاء الناس لا يحبون الحق بطبيعتهم. لقد آمنوا بالله لينالوا البركات. إنهم يرون بيت الله يتحدث دائمًا عن الحق، ويشعرون بالنفور والمقاومة تجاه الحق، وعلى نحو متزايد يصبحون أقل استعدادًا لحضور الاجتماعات والاستماع إلى العظات، وهكذا ينكشفون). هذا أحد أنواع الموقف، ويوجد كثير من الناس كهؤلاء. كما أنه يوجد بعض الأشخاص الذين يؤدون واجباتهم دائمًا بصورة غير متقَنة، ولا يؤدون واجباتهم جيدًا أبدًا أو يتحملون مسؤوليته مهما يكن. وليس هذا لأنهم غير قادرين أو أن مستوى قدراتهم لا يرقى إلى مستوى المهمة، إنما الأمر أنهم غير مطيعين ولا يفعلون الأشياء وفقًا لما يتطلبه بيت الله. إنهم دائمًا ما يفعلون الأشياء كما يريدون أن يفعلوها، حتى يتسببوا في النهاية في حدوث تعطيلات واضطرابات لأنهم يتصرفون على نحو فوضوي ويفعلون ما يحلو لهم. إنهم لا يتوبون أيًا كانت طريقة تهذيبهم، ولذلك ينتهي بهم الأمر بالطرد. هؤلاء الأناس الذين يُطردون لديهم شخصية كريهة بشكل مذهل وإنسانية متعجرفة. أينما حلوا، يريدون أن يكون لهم القول الفَصل، ويزردون الجميع، ويتصرفون مثل الطغاة، حتى يُخرجوا في النهاية. بعد أن يجري استبدال بعض الأشخاص واستبعادهم، يشعرون ألا شيء يسير بسلاسة بالنسبة لهم أينما حلوا، وأن أحدًا لم يعد يقدرهم أو يهتم بهم. لم يعد أحد ينظر إليهم بتقدير كبير، ولم يعد من الممكن أن يكون لهم القول الفصل، ولا يمكنهم الحصول على ما يريدون، وليس لديهم رجاء في نيل أي مكانة، ناهيك عن نيل البركات. إنهم يشعرون أنهم صاروا بلا رجاء في أن يظلوا متخبطين في الكنيسة، ولم يعد لديهم أي اهتمام بها، ولذلك اختاروا المغادرة؛ ثمة أناس كثيرون كهؤلاء.

هناك أيضًا بعض الناس الذين سبب مغادرتهم هو نفسه سبب أغلبية الأشخاص الذين يُستبعدون. مهما بلغ طول المدة التي أمضاها هؤلاء الناس في الإيمان بالله، فإن ما يختبرونه ويرونه شخصيًّا في بيت الله هو أنَّ الاجتماعات في بيت الله تدور حول قراءة كلام الله على نحو متواصل والشركة عن الحق، والتحُّدث عن معرفة الذات وممارسة الحق وقبول الدينونة والتوبيخ، وعن قبول التهذيب، وأداء المرء واجبه وفقًا لمبادئ الحق، والتحُّدث عن تغيير الشخصية وتخلُّص المرء من شخصياته الفاسدة. إنَّ المحتوى عن العمل الذي يعمله الله – سواء عُقدتِ الشركة عنه في حياة الكنيسة، أو كان موضوعًا غطَّته العظات والشركة التي قدمها الأعلى – هو كله الحق، وكله كلام الله، وكله إيجابي. لكن هؤلاء الناس لا يقبَلون الحق على الإطلاق. لقد آمنوا في الأصل بالله لينالوا البركات ويستفيدوا. بالنظر إلى جوهر طبيعتهم، لا يقتصر الأمر على أنهم لا يحبون الأشياء الإيجابية أو الحق، بل الأخطر من ذلك أنهم يشعرون بالنفور والعداء الشديدَين تجاه الأشياء الإيجابية والحق. لهذا، كلما زاد بيت الله من عقد الشركة عن الحق، والحديث عن ممارسة الحق، وعن السعي إلى الحق وعمل الأشياء في توافق مع المبادئ، زاد ما يَشعرُ به هؤلاء الناس في داخلهم من عدم الارتياح والنفور، وصاروا أقل استعدادًا للاستماع. أخبروني، ما الذي يحب هؤلاء الناس سماعه؟ أتعرفون؟ (إنهم يحبون سماع موضوعات عن الغايات ونوال البركات، وعن وصول عَمَلِ نَشْرِ الإنجيل إلى مستويات غير مسبوقة). هذه بعض الأشياء التي يودون سماعها. هم أيضًا يحبون ترديد الشعارات والوعظ بالتعاليم والحديث عن اللاهوت والنظرية والأسرار. ومن وقت لآخر، يتحدثون عن موعد انتهاء عمل الله، ومتى ستحل الكوارث الكبرى، وعن غاية البشرية المستقبلية ماذا ستكون، وكيف ستُدمَّر قوى الشر تدريجيًّا عندما تحل الكوارث، وكيف سيُجري الله بعض الآيات والعجائب، وكيف أنَّ قوى بيت الله وحجمه ستتوسع وتنمو باستمرار، وكيف أنهم سيتباهون في خيلاء أيضًا. إضافة إلى ذلك، فالشيء الأهم بالنسبة لهم هو أنه سيترقون باستمرار ويُستخدمون في بيت الله. وهكذا، سيكون بوسعهم التخبط في بيت الله لبعض الوقت، ولكن بينما هم يتخبطون، لن يكون أي من العمل الذي يقوم به الله أو بيت الله كما يريدون، وكل ما يسمعونه أو يرونه هو أمور متعلقة بالحق. ولذلك فإنهم في قلوبهم ينفرون بشدة من حياة الكنيسة؛ إنهم غير مهتمين بها، ويشعرون بالتململ، وعدم القدرة على البقاء، ويشعرون أنها تعذبهم. بعض الناس يجدون عذرًا وسببًا وذريعة ويجدون طريقة لمغادرة الكنيسة قائلين: "سأرتكب عملًا شريرًا، وأنفِّس عن بعض السلبية، وأفعل شيئًا سيئًا. بعد ذلك ستُخرجني الكنيسة وتطردني، لذلك سيكون من المبرَّر تمامًا أن أترك الكنيسة". وهناك أيضًا أولئك الذين يسلِّمون كتب كلام الله ويحزمون أمتعتهم ويرحلون عندما يخرجون تسوية أمر تصاريح دخول الأجانب الخاصة بهم، حتى من دون وداع. هؤلاء الناس يشبهون المشاغبين والعاهرات، ولا يفعلون الأشياء كما يَفعلها الناس العاديون. ما يفكر فيه الأشخاص العاديون والنساء الفاضلات وما يقولونه عندما يكونون بالقرب من أناس آخرين هو الأمور الجادة المتعلقة بكيفية عيش الحياة. كيفية عيش حياة جيدة، وكيف يمكِّن المرء أسرته بأكملها من أن يكون لديهم طعام جيد وملبس حسن ومكان جيد للعيش فيه، وكيفية تربية أطفالهم إلى أن يصيروا بالغين، وكيفية جعل أطفالهم يتبعون السبيل القويم؛ هذه هي الأشياء التي يفكرون فيها. غير أنَّ أولئك المشاغبون والعاهرات لا يفكرون أبدًا في هذه الأشياء. إذا تحدثت معهم عن هذه الأمور المناسبة، فسيغضبون منك ويكرهونك وينأون بأنفسهم عنك. ما الذي يفكرون فيه إذًا؟ هل دائمًا ما يفكرون في الطعام والشراب والاحتفال؟ (نعم). إنهم دائمًا ما يفكرون في الطعام والشراب والاحتفال، وفي الأمور الشهوانية. عندما يتحدثون إلى الناس العاديين عن هذه الأمور، لا يستجيب العاديون؛ لأن العاديين ليسوا مثلهم، ولا تجمعهم لغة مشتركة، وليسوا على الشاكلة نفسها. الأشياء التي يتحدث عنها الناس العاديون ليست في قلوبهم، ولا يمكنهم تحملها، ولا يريدون الاستماع إليها. إنهم يعتقدون أن العيش بهذه الطريقة هو بمثابة ظُلم خطير لأنفسهم وبمثابة العيش مقيَّدين ودون أي حرية. إنهم يظنون أن ارتداء ملابس جميلة دائمًا لإغراء فرد من الجنس الآخر لهو طريقة عيش مثيرة وخالية من الهموم؛ هذه بالنسبة إليهم هي الحياة المثالية! هؤلاء الأناس الذين يتركون الكنيسة يَحسدون حياة غير المؤمنين، وهم حاسدون لمتع الخطية، ويظنون ألا سبيل لعيش حياة مثيرة وسعيدة وألا سبيل للعيش دون خذلان أنفسهم؛ إلا بقضاء أيامهم والعيش مثلما يعيش غير المؤمنين. عديمو الإيمان هؤلاء مثلهم كمثل المشاغبين والعاهرات، بلا إنسانية طبيعية وليسوا أناسًا عاديين. إذا طلبتَ منهم أن يفعلوا شيئًا إيجابيًّا، فإنهم يَرفضون ذلك تمامًا لأنهم، في أعماقهم وفي جوهر طبيعتهم، لا يُحبون الأشياء الإيجابية ويشعرون بالنفور من الحق. ما الأشياء التي يفعلونها؟ ماذا يفعلون في الكنيسة، بين الإخوة والأخوات، وفي أثناء أداء واجباتهم؟ إنهم يؤدون واجباتهم بصورة غير متقَنة، ويتحدثون بنظريات طنانة، ودائمًا ما يرددون الشعارات ولكنهم لا يفعلون أي شيء حقًّا؛ هذا هو سلوكهم الطبيعي. إنهم لا يَبذلون كل ما في وسعهم أبدًا لأداء واجبهم، فهم دائمًا مهملون ولا يعملون إلا شكليًّا، إذ لا يفعلون الأشياء إلا ليراها الآخرون، بينما يتنافسون أيضًا مع الآخرين على الهيبة والربح. يتسبب هؤلاء الأشرار أيضًا في معاناة الآخرين وقمعهم، وحيثما يوجد الأشرار، لا يوجد سلام ولا راحة، بل فوضى فحسب. مع تولي الأشرار المسؤولية، لا يقتصر الأمر على عدم تقدُّم العمل بكفاءة، بل يصير مشلولًا؛ ومع سيطرة الأشرار على الكنيسة، يتعرض الصالحون للتنمر، وتصير الكنيسة فوضوية بصورة غير محتمَلة، ويصبح إيمان شعب الله المختار فاترًا، وسيصبحون سلبيين وضعفاء. يلعب الأشرار دورًا مزعجًا ومدمرًا أينما وُجِدوا. إن المظهر الأكثر وضوحًا للأشرار هو عدم رغبتهم في أداء واجباتهم. وحتى لو أدوها، فإنهم يؤدونها بصورة غير متقَنة ولا يتعاملون معها بجدية أبدًا، كما أنهم يُزعجون الآخرين في أداء واجباتهم. ثمة نقطة أخرى لا بد من توضيحها، وهي أن الأشرار لا يقرؤون كلام الله أبدًا، ولا يصلُّون أبدًا، ولا يعقدون شركة عن الحق مع الآخرين أبدًا، ولم يفتحوا قَط كتب كلام الله الخاصة بهم. بعض الناس يقدمون حججًا خادعة نيابة عن الأشرار، قائلين: "رغم أنهم لم يقرؤوا كلام الله، فإنهم ما يزالون يستمعون إلى العظات". لكن هل يفهمونها؟ إنهم ببساطة لا يستمعون بجدية، ولا يشاهدون أبدًا مقاطع الفيديو والأفلام التي ينتجها بيت الله، ولا يستمعون إلى الترانيم ولا شهادات الاختبار ولا تسجيلات العظات. وفي الاجتماعات، يشعرون بالنعاس، بل هناك من يعبثون في هواتفهم ويشاهدون البرامج الترفيهية، وهناك من يشاهدون الأفلام الإباحية أيضًا. لا شيء مما يفعلونه طوال اليوم له علاقة بالإيمان بالله أو السعي إلى الحق. وبينما يعقد بيت الله شركة عن الحق بمزيد من التفصيل، يصير النفور الذي يشعرون به تجاه الحق والأشياء الإيجابية واضحًا على نحو متزايد. إنهم يشعرون بالتململ، وفي غضون الحد الزمني الذي يمكنهم تحمله، لا تسعهم رؤية الغاية الجيدة والنهاية الجيدة والكوارث العظيمة التي يتوقون إليها، وينتظرون هذه الأمور سدى. إنهم ينتظرون هذه الأمور سدى، ألا تكون قلوبهم في اضطراب؟ (بلى، تكون كذلك). أي نوع من الاضطراب؟ أليسوا يتحسَّبون دائمًا في قلوبهم؟ هم ليسوا مستعدين أبدًا لقبول دينونة الله وتوبيخه، وقبول سيادة الله وترتيباته، والخضوع لترتيبات بيت الله، وبَذل كل ما لديهم في أداء واجباتهم في أي وقت وفي أي مكان. ما عقليتهم؟ إنهم مستعدون، في أي وقت وأي مكان، لحزم أمتعتهم والمغادرة. لطالما كانوا على استعداد للمغادرة في أي وقت، لتوديع الكنيسة والإخوة والأخوات، وقَطْع العلاقات كافة. إنَّ وقت مغادرتهم هو عندما يصلون إلى نهاية المدى الزمني الذي يمكنهم تحمله. أليس كذلك؟ (بلى، الأمر كذلك).

بعض الناس بعدما يُستبدلون أو يُستبعدون، يظلون قادرين – بصرف النظر عن السبب – على المثابرة في أداء واجبهم بأفضل ما في طاقتهم. البعض لا يطلب الحق على الإطلاق، ولذلك يقررون عدم أداء واجبهم بعد ذلك. لقد كانوا يُظهرون بالفعل النفور ونفاد الصبر تجاه واجبهم عندما كانوا يؤدونه، ودائمًا ما يريدون الهروب من حياة الكنيسة وعدم أداء واجبهم. لا يستمتع هؤلاء الناس بعيش حياة الكنيسة، ولا يرغبون في أداء واجبهم لأنهم غير مهتمين بالحق. إنهم لا يتطلعون سوى إلى مجيء يوم الله، ليمكنهم نوال البركات؛ لا يسعهم مواصلة التخبط كما يفعلون، ويَرون أن الكوارث تتعاظم أكثر فأكثر، ويظنون أنهم إن لم يطلبوا ملذات الجسد الآن، فسيخسرون فرصة طلبها. ولذلك يرحلون عن الكنيسة دون أن يلتفتوا خلفهم ولو للحظة، وبلا أي تردد على الإطلاق. من تلك اللحظة فصاعدًا، يختفون في البحر الشاسع من الناس ولا يعود أحد في الكنيسة يسمع بهم، وهكذا يُكشف عديمو الإيمان هؤلاء ويُستبعدون. كلما زاد بيت الله من عقد الشركة عن الحق، ومن طلبه من الناس ممارسة الحق والدخول إلى الواقع، زاد شعورهم بالنفور، ولا يعودوا يرغبون في سماع ذلك على الإطلاق. هم لا يرفضون هذه الأشياء فحسب، بل يقاومونها. إنهم يفهمون الوضع جيدًا: يعرفون أن أناسًا مثلهم ليس لهم مكان في بيت الله، وأنهم لا يبذلون أنفسهم حقًّا من أجل الله في إيمانهم، وأنهم لا يقدمون كل ما لديهم في أداء واجبهم، وأنهم دائمًا ما يتهاونون في واجباتهم، وأنهم يشعرون بالنفور والمقت الشديدين تجاه الحق؛ وهم يعرفون أيضًا أنه سيُستبعدون عاجلًا أم آجلًا، وأن هذه ستكون العاقبة بالقطع. لقد أعدوا خططهم منذ أمد بعيد، مفكرين: "على أي حال، لن ينال شخص مثلي البركات بالتأكيد، لذلك من الأفضل أن أغادر الآن، وأستمتع بالحياة في العالم لبضع سنوات، وأحيا حياة جيدة لبضع سنوات ولا أخذل نفسي". ألا يعدون خططًا كهذه؟ (بلى). مع مثل هذه المقاصد والخطط، هل يمكن للناس أداء واجبهم جيدًا؟ لا، لا يمكنهم ذلك. لذلك، مهما كان عدد السنوات التي آمن فيها هؤلاء الناس بالله، فإنهم لا يشعرون بأي تردد في الرحيل عن الله، أو بيت الله، أو الكنيسة، أو الإخوة والأخوات، أو حياة الكنيسة. إنهم يقولون إنهم سيرحلون ذات يوم، وفي اليوم التالي يرتدون الملابس على طريقة غير المؤمنين، متأنقين في ملبسهم ومستخدمين مساحيق التجميل بكثافة؛ وعلى الفور يصيرون مثل غير المؤمنين تمامًا في ملبسهم وحديثهم وتصرفهم؛ يرتدون ملابس غريبة، ويبدوا لك أنه ثمة انحراف بهم، لكنهم يظلون غير مدركين للكيفية التي يبدون بها لك. فكيف يتغيرون بهذه السرعة؟ (هذا لأنهم أعدوا خططهم منذ أمد بعيد، وهذه طبيعتهم). هذا صحيح. لقد أعدوا خططهم منذ أمد بعيد. فهذه الخطط لم يتوصلوا إليها في الأيام القليلة التي سبقت مغادرتهم فحسب، بل قرروا أنهم سيفعلون ذلك منذ أمد طويلة. لفترة طويلة كانوا يتآمرون ويخططون للكيفية التي سيأكلون بها ويشربون ويحتفلون، وكيف سيتصرفون، وكيف سيعيشون. إنهم لا يحبون عيش حياة الكنيسة، ولا أداء واجبهم، ولا الشركة عن الحق، ناهيك عن الاستماع إلى العظات وحضور الاجتماعات يوميًّا. لقد سئموا حدَّ الموت من هذا النوع من الحياة الكنسية، ولولا نوال البركات ونوال غاية جيدة والهروب من الكوارث الكبرى، لما كان بوسعهم الاستمرار ولو ليوم واحد؛ هذا هو وجههم الحقيقي. إذًا، كيف ينبغي لكم التعامل مع هؤلاء الأشخاص عندما تصادفوهم ثانيةً؟ هل ستتوسلون إليهم بالكلمات الرقيقة الماهرة، أم ستقدمون لهم المزيد من المساندة والمعونة؟ أم ستحزنون لرؤيتهم يذهبون وسوف تستخدمون محبتكم لمحاولة تغييرهم؟ كيف ينبغي لكم التعامل معهم؟ (علينا أنْ نطلب منهم المغادرة فورًا والذهاب إلى عالم غير المؤمنين). صحيح، اطلب منهم الرجوع إلى العالَم ولا تهتم بهم بعد ذلك. قل لهم: "فكِّر مليًّا، كيلا تندم على قرارك فيما بعد". سيقول: "لقد فكرتُ في الأمر مليًّا، ولن أتراجع أو أشعر بالندم مهما كانت الصعوبات التي قد أواجهها مستقبلًا". وتقول أنت: "امضِ إذًا. لا أحد يمنعك. نتمنى لك التوفيق ونرجو أن تحقق مُثُلك وتحقق الأحلام التي ترغبها. ونرجو أيضًا أنه عندما يأتي اليوم الذي ترى فيه أشخاصًا آخرين يَخلُصون، ألا تشعر بالغيرة أو الندم. وداعًا". أليس هذا من المناسب جدًّا قوله لهم؟ (بلى). إذًا، فيما يتعلق بمثل هؤلاء الناس، أحد الجوانب هو أن عليك رؤية جوهر طبيعتهم بوضوح، بينما الجانب الآخر هو أن عليك التعامل معهم بالطريقة المناسبة. إذا كانوا من عديمي الإيمان أو غير مؤمنين، لكنهم على استعداد للعمل ويمكنهم الطاعة والخضوع، فلا تزعجهم ولا تُخرجهم حتى لو لم يسعوا إلى الحق. وبدلًا من ذلك، اسمح لهم بمواصلة العمل، وساعدهم إذا كان بوسعك مساعدتهم. إذا لم تكن لديهم الرغبة حتى في العمل، وبدأوا في التهاون وارتكاب أفعال شريرة، فقد فعلنا كل ما هو مطلوب. إذا أرادوا الرحيل، فليرحلوا، ولا تفتقدهم عند رحيلهم. لقد وصلوا إلى المرحلة التي يجب أن يرحلوا فيها، وهؤلاء الناس لا يستحقون شفقتك، لأنهم عديمو إيمان. الأمر الأكثر إثارة للشفقة هو أن بعض الأشخاص حمقى بصورة مذهلة، ودائمًا ما يكون لديهم مشاعر شخصية تجاه أولئك الذين يُطردون، ويفتقدونهم دائمًا، ويتحدثون نيابة عنهم، ويدافعون عنهم، وهم حتى يبكون ويصلون ويتوسلون من أجلهم. ما رأيكم فيما يفعله هؤلاء الناس؟ (إنها حماقة كبيرة). كيف تكون هذه حماقة؟ (أولئك الذين يرحلون عديمو إيمان، ولا يَقبلون الحق، وهم ببساطة لا يستحقون الصلاة من أجلهم ولا يستحقون الافتقاد. وحدهم أولئك الذين يمنحهم الله الفرص والذين لديهم رجاء في الخلاص هم الذين يستحقون دموع الآخرين وصلواتهم. إذا صلى شخص ما من أجل عديم إيمان أو إبليس، فهو في غاية الحماقة والجهل). أحد الجوانب هو أنهم لا يؤمنون حقًّا بوجود إله؛ فهم عديمو إيمان؛ وجانب آخر هو أن طبيعة هؤلاء الأشخاص طبيعة غير مؤمنين. ما المعنى الضمني هنا؟ إنهم ليسوا بشرًا على الإطلاق، إنما جوهر طبيعتهم هو جوهر إبليس، وجوهر الشيطان، وأن هؤلاء الناس يعارضون الله. هكذا هي الأمور فيما يتعلق بطبيعتهم وجوهرها. ولكن ثمة جانب آخر، وهو أنَّ الله يختار الناس، وليس الشياطين. أخبرني إذًا، هل هؤلاء الأبالسة هم شعب الله المختار، وهل اختارهم الله؟ (لا). إنهم ليسوا شعب الله المختار، إذًا إذا كان لديك دائمًا تشابكات عاطفية مع هؤلاء الأشخاص وتشعر بالحزن لرؤيتهم يرحلون، ألا يجعلك هذا أحمق؟ ألا يجعلك هذا معارضًا لله؟ إذا لم تكن لديك مشاعر عميقة تجاه الإخوة والأخوات الحقيقيين ورغم ذلك تُكنُّ مشاعر عميقة تجاه هؤلاء الأبالسة، فمن أنت؟ أنت، على أقل تقدير، مشوَّش الذهن ولا ترى الناس وفق كلام الله، ولا تتصرف بعد وفقًا لوجهة النظر الصحيحة، ولا تتعامل مع الأمور حسب مبدأ. أنت شخص مشوَّش الذهن. إذا كانت لديك مشاعر تجاه أحد هؤلاء الشياطين، فسوف تفكر: "أواه، لكنه شخص جيد جدًّا ولدينا علاقة جيدة جدًّا! إننا ننسجم معًا جيدًا وهو يساعدني كثيرًا! عندما أكون ضعيفًا، يمنحني تعزية كبيرة، وعندما أفعل أشياء خاطئة، يكون متسامحًا وصبورًا معي. إنه محب جدًّا"! لقد كان هكذا معك وحدك، فما أنت؟ ألست مجرَّد إنسان فاسد عادي آخر؟ وكيف يتعامل ذلك الإنسان مع الحق، وكيف يتعامل مع الله، وكيف يتعامل مع الواجب الذي يأتمنه عليه بيت الله؟ لماذا لا ترى الأمور من هذه المنظورات؟ هل من الدقيق أن ترى الأشياء من منظور اهتماماتك الشخصية، من خلال عينيك ومشاعرك الجسدية؟ (كلا) من الواضح أنه ليس كذلك! وبما أنها ليست طريقة دقيقة لرؤية الأشياء، فعليك أن تتركها وتغيِّر المنظور ووجهة النظر اللذين ترى بهما هذا الشخص. عليك بالسعي إلى التعامل مع هذا الشخص متخذًا كلام الله أساسًا لك؛ وهذا هو الموقف الذي يتعين على شعب الله المختار تبنيه والموقف الذي عليهم اتخاذه. لا تكن أحمق! هل تعتقد أنك شخص طيب لأنك تشعر بالشفقة على الآخرين؟ أنت أحمق بصورة مذهلة، وليس لك أي مبادئ على الإطلاق. أنت لا تعامل الناس وفق كلام الله؛ أنت تقف في صف الشيطان وتتعاطف مع الشيطان والأبالسة. تعاطفك ليس موجهًا إلى شعب الله المختار أو إلى أولئك الذين يريد الله أن يخلِّصهم، وليس موجهًا إلى الإخوة والأخوات الحقيقيين.

هؤلاء الأشخاص عديمي الإيمان لا يرغبون أبدًا في أداء واجبهم، ويؤدونه دائمًا كما يحلو لهم. مهما كانت الطريقة التي تعقدون بها شركة عن الحق، فإنهم لا يقبلونه، وحتى لو فهموا القليل من الحق، فإنهم لا يطبقونه. ثمة مظهر رئيسي آخر يظهرونه؛ ما هو؟ إنهم دائمًا ما يؤدون واجبهم بتهاون، هم دائمًا متهاونون وبعناد يرفضون التوبة. إنهم منتبهون للغاية لشؤونهم الخاصة وجديون وصارمون فيها، ولا يجرؤون على إهمالها إطلاقًا. لقد فكروا بعناية في طعامهم وملبسهم، ومكانتهم، وسمعتهم، واحترامهم لأنفسهم، ومتعهم الجسدية، وأمراضهم، ومستقبلهم، وآفاقهم، وتقاعدهم، وحتى الأمور المتعلقة بموتهم؛ لقد غطوا كلَّ هذه الأوجه. غير أنهم فيما يتعلَّق بأمور أداء واجبهم، غافلون تمامًا، فضلًا عن أنهم لا يسعون إلى الحق. بعض الناس يشعرون بالنعاس ويغفون متى ما حضروا اجتماعًا، وهم حتى يشعرون بالنفور عندما يَسمعون صوتي. إنهم يشعرون بعدم الارتياح الشديد، ويشعرون بالاضطراب، ويتمطون ويتثاءبون، ويفركون آذانهم ووجوههم، ويتصرفون مثل الحيوانات. يقول بعض الناس: "تستمر العظات طويلًا في الاجتماعات، وبعض الناس لا يمكنهم الجلوس ساكنين كل هذه المدة". في الواقع، أحيانًا ما يبدؤون في التململ مع أنَّ الاجتماع يكون قد بدأ للتو، ويشعرون بالنفور بينما يستمعون. ولهذا السبب فإنهم لا يستمعون أبدًا إلى العظات أو يقرؤون كلام الله. إنهم يشعرون بالنفور فور سماعهم شخصًا يعقد شركة عن الحق، وهم يشعرون بالنفور والضجر والتعب من رؤية الناس يستمعون باهتمام شديد. ما جوهر طبيعة هؤلاء الناس؟ إنهم يضعون أقنعة بشرية؛ فيبدون من الخارج بشرًا، لكن إذا نزعت أقنعتهم فإذا بهم أبالسة وليسوا بشرًا. يريد الله أن يخلِّص كثيرين، وأن يخلِّص من لهم طبيعة بشرية؛ فهو لا يريد خلاص الأبالسة. الله لا يخلِّص الأبالسة! عليك أن تتذكر هذا دائمًا وألا تنساه! ويجب عليك ألا تخالط أحدًا ممن يرتدون أقنعة البشر بينما طبيعتهم وجوهرهم من إبليس. إذا لم تكن قد قطعت علاقاتك كلها مع مثل هذا الشخص، وكنت تحاول إرضاءه وإطراءه، فسوف تصبح أضحوكة الشيطان، وسيبغضك الله ويقول: "أيها الأحمق الأعمى، لا يمكنك فهم أي شخص!". الله لا يخلِّص الأبالسة، أتفهم؟ (نعم). الله لا يخلِّص الأبالسة، ولا يختار الأبالسة. لا يمكن للأبالسة أبدًا أن يحبوا الحق، ولا أن يسعوا إلى الحق، ناهيك عن الخضوع لله – لا يمكنهم أبدًا الخضوع لله. إنهم يؤمنون بالله ليس لأنهم يحبون برَّه وعدله، وليس من أجل السعي لنيل الخلاص. إنهم يعبِّرون عن النفور والازدراء لاتقاء أيوب الله وحيدانه عن الشر، ويشعرون في قلوبهم بالنفور والمقاومة الهائلين تجاه مسألة السعي إلى الحق. إذا كنتم لا تصدقونني، فما عليكم سوى النظر إلى من حولكم، ممَن أُبعدوا وكُشفوا، ورؤية ما يكمن في أعماقهم، وما يتحدثون عنه عندما لا يكون ثمة مَن يستمع، وما يهتمون به، وما موقفهم تجاه حياتهم وبقائهم، والأشخاص والأحداث والأشياء من حولهم، إضافة إلى ما يقولونه والآراء التي يعبِّرون عنها. من كل هذه التعبيرات والتدفقات، يمكنك أن ترى ماهيتهم بوضوح، وأن ترى السبب في أنهم قادرون على المغادرة، والسبب في أن بيت الله يريد تطهير المكان منهم. أليس هذا درسًا يستحق التعلُّم؟ (بلى). وما الذي تعلمته؟ ما الذي فهمته؟ (لقد تعلمنا كيف نكون مميزين، وفهمنا أن هؤلاء الناس في أعماقهم لا يحبون الحق ويشعرون بالنفور تجاه الحق. إنهم يتخبطون فحسب في بيت الله، وعاجلًا أم آجلًا سيُخرجون) إذا كنت ترى الأمور بهذه الطريقة، فهذا يدل على أنك تعلَّمت الدرس.

هل تستطيع رؤية كيف يشعر الأبالسة والشيطان في العالم الروحي بالنفور تجاه الحق ويكرهون الحق؟ هل تستطيع رؤية كيف يزدري الأبالسة والشياطين الله ويسبُّون الله؟ هل تستطيع رؤية أي كلمات وأقوال وأساليب يستخدمها الأبالسة والشياطين لمهاجمة الله؟ هل تستطيع رؤية ما يسمح الله للأبالسة والشياطين بفعله، وكيف يفعلوه، وما هو موقفهم؟ (لا). لا تستطيع رؤية هذه الأمور؟ لذا فإن أيًا ما يقوله الله هو مجرّد تخيّل أو صورة في قلبك؛ إنه ليس الحقيقة. لأنك لم ترَ هذه الأمور بنفسك، كل ما يُمكِنك فعله هو الاعتماد على خيالك أو تصوّر مثل تلك اللوحة أو تصوّر بعض أنواع الأعمال. مع ذلك، عندما تواجِه أولئك الأبالسة والشياطين الأحياء الذين يرتَدُون جلود البشر، ستحتكّ فعليًا مع حديث وأفعال الأبالسة والشياطين، إضافةً إلى الحقائق والأدلّة على إدانتهم وهجومهم وتحدّيهم وتجديفهم لله؛ سترى بوضوح تام شخصيتهم التي تنفر من الحق وتكره الحق. أولئك الأبالسة والشياطين الذين يرتَدُون جلود البشر يُهاجمون الله بنفس الطريقة التي يُهاجم بها الأبالسة والشياطين في العالم الروحي الله؛ هم نفس الشيء تمامًا، فقط الأبالسة والشياطين الذين يرتَدُون جلود البشر اتّخذوا هيئةً مختلفةً لمهاجمة الله؛ ولكن جوهرهم يبقى كما هو. هم يرتَدُون جلود البشر ويتحوّلون إلى بشر لكنهم لا يزالون يأتون لإدانة الله ومهاجمته وتحدّيه وتجديفه. والطريقة التي يُدين بها أولئك الأبالسة والشياطين في الجسد وعديمي الإيمان اللهَ ويُهاجموه ويتحدّوه، وكيف يهدمون عمله ويزعجون عمل الكنيسة هي نفس الطريقة التي يقوم بها الأبالسة والشياطين في العالم الروحي بكل هذه الأمور. لذا، عندما ترى كيف يتحدى الأبالسة والشياطين في العالم اللهَ، فإنك ترى كيف يتحدى الأبالسة والشياطين في العالم الروحي اللهَ؛ ليس ثمّة فرق على الإطلاق. هم يأتون من نفس المصدر ولديهم نفس جوهر الطبيعة، ولهذا السبب يفعلون نفس الأمور. بِغضّ النظر عن الهيئة التي يتّخذونها، جميعهم يفعلون نفس الأمور. أولئك الأبالسة والشياطين يرتَدُون جلود البشر، لذا فهم يتحَدّون اللهَ ويُهاجموه، ويُبدون نفورًا شديدًا ومقاومةً تجاه الحق، بسبب طبيعتهم، وﻷنهم غير قادرين على تمالك أنفسهم. لماذا أقول إنهم غير قادرين على تمالك أنفسهم؟ هم يظهرون مثل البشر، ويعيشون مع البشر الآخرين، ويأكلون ثلاث وجبات مُشبعات يوميًا، ويدرسون التعليم والمعرفة البشرية، ولديهم نفس المهارات الحياتية وطُرُق العيش التي لدى البشر الآخرين؛ لكن روحهم الداخلية مع ذلك ليس مثل تلك التي للبشر الآخرين، ولا جوهرهم. لذا فإن الجوهر والجذر والمصدر وراء الآراء التي يحملونها والأمور التي هم قادرين على القيام بها هو ما يُحدّد ماهيّة أولئك الأشخاص. إذا هاجموا الله وجدّفوا ضدّه، فإنهم أبالسة، وليسوا بشرًا. في جلود البشر، مهما كانت الأشياء التي يقولونها حسنةً أو صحيحةً، فإن جوهر طبيعتهم هو جوهر طبيعة الأبالسة. يُمكِن للأبالسة أن يقولوا أشياء تبدو جيّدةً لتضليل الناس، لكنه لا يقبلون الحق على الإطلاق، ولا يُطبّقونه؛ هذا هو الحال حتمًا. انظر إلى أولئك الأشخاص الأشرار وأضداد المسيح وأولئك الذين يتَحدّون اللهَ ويخونونه؛ أليسوا هذا النوع من الأشخاص؟ كلّهم قادرين على قول أشياء تبدو جيّدةً، لكنهم غير قادرين على فعل أي شيء عملي. يُمكِنهم إظهار بعض الاحترام وقول أشياء حسنة لأولئك الأشخاص الذين يتمتّعون بالمكانة والسلطة، وخاصةً رؤسائهم المباشرين، لكن عندما يأتون أمام الله، لا يُظهِرون حتى الحد الأدنى من الاحترام لله المُتجسّد. إذا طلبتَ منهم أن يتعاملوا مع أمرٍ ما لله، فإنهم لا يرغبون حقًا في ذلك، وحتى إذا فعلوه، فإنهم يقومون به بطريقة غير مُتقنة. لماذا هم قادرون على معاملة الله بهذه الطريقة؟ هل الحق هو الذي خذلهم؟ هل الله خذلهم؟ هل تفاعل الله معهم من قبل؟ الإجابة على هذه الأسئلة هي لا، والله لم يُقابلهم مُطلقًا. إذن لماذا يُكنّ أولئك الناس هذا النوع من المواقف تجاه الله وتجاه الحق؟ ثمّة سبب واحد، وهو أن جوهر طبيعتهم يُعارض الله بالفطرة. لهذا لا يُمكِنهم إلا أن يسخروا من الله ويُجدّفوا ضدّه ويزدرونه ويدينوه ويهاجموه في قلوبهم، بل يفعلون لك بلا ضمير تمامًا؛ وهذا مُقرَّر في جوهر طبيعتهم. يفعلون هذه الأمور دون أي جهد، وتنساب الكلمات من أفواههم دون اعتبار أو تفكير، هذه الأمور تتدفّق بشكل طبيعي فقط. يُمكِنهم إظهار الاحترام للأشخاص الآخرين، للأشخاص ذوي المكانة وللأشخاص العاديين، لكنهم يزدرون الله والحق تمامًا. ماذا يكونون؟ (أبالسة). هذا صحيح، إنهم أبالسة وليسوا بشرًا، بِغضّ النظر عن أعمارهم. يقول البعض: "ربّما هم صغار فقط ولا يفهمون الأمور". قد تعتقد أنهم صغار وأنهم لا يفهمون الأمور، ولكن عندما يذهبون إلى العالم والمجتمع، ويُقابلون أشخاصًا أكبر سنًا، فإنهم يُخاطبونهم دائمًا بشكل لائق. فقط عندما يُقابلون الله لا يُخاطبونه، وبدلاً من ذلك يقولون، "اسمع"، أو "يا من هُناك"، أو "أنت" مُجرّدةً. هم لا يُخاطبون الله. هم يعرفون كيف يحترمون كبار السن ويعتنون بصغار السن في المجتمع، وهم مُتحضّرون ومهذّبون. رغم ذلك، عندما يأتون أمام الله، لا يستطيعون القيام بهذه الأمور ولا يفهمون كيف يُجلّونه. إذن، ماذا يكونون؟ (أبالسة). إنهم أبالسة، أبالسة نموذجيون! هم قادرون على إظهار الاحترام والتهذيب للأشخاص ذوي المقام الرفيع في المجتمع، ولذوي المكانة أولئك، وللذين يُقدّرونهم، وحتى لأولئك الذين يُمكِنهم استجلاب بعض المنفعة منهم؛ فقط عندما يأتون أمام الله، لا يُظهِرون أي احترام أو كياسة على الإطلاق، بل يُقاومونه على الفور، ويزدرونه علانيةً، ويُعاملونه بموقف استخفاف. ماذا يكونون؟ إنهم أبالسة، أبالسة نموذجيون! أولئك الأشخاص عديمي الإيمان الذين يتسلّلون إلى بيت الله ثُمّ يُخرَجون ويُبعَدون، كلّهم من هذا النوع من الأشخاص، مائة بالمائة. هم يُقاومون الله ويُعاملونه بازدراء بهذه الطريقة، وعندما يتعلّق الأمر بالواجب الذي يَطلب الله من الناس أداءه، فإنهم حتى لا يهتمّون به. أيًا كانت مكانتهم في المجتمع، أو مقدار تعليمهم، أو أعمارهم أو أجناسهم، فإن جوهر طبيعتهم هو نفسه. عندما يكونون في العالم ويُقابلون مسؤولاً يطلب منهم فعل شيء ما، فإنهم لا يُمكِنهم سوى المسارعة إلى التذلّل والتملّق. هم سُعداء ومستعدّون أن يكونوا عبيد المسؤول وسيحاولون أن يتملّقوه بأفضل طريقة يُمكِنهم التفكير فيها. وإذا نالوا مصافحةً أو عناقًا من أحد المشاهير أو من رئيس، فإنهم يُحسّون بالتشريف، وربّما لن يغسلوا أيديهم أو يُغيّروا ملابسهم مجددًا طوال حياتهم. هم يشعرون أن أولئك المشاهير والأشخاص العظام أعلى وأعظم من الله، ولهذا هم في قلوبهم قادرون على ازدراء الله. مهما قال الله أو مهما عمِل الله، فإن هؤلاء الأشخاص لا يعتبرون ذلك يستحقّ الذكر. ليس فقط أنهم لا يعتبرونه يستحقّ الذكر، بل إنهم أيضًا يريدون باستمرار العمل على كلام الله وتغييره، وإضافة معانيهم الخاصة إليه، وجعله يتوافق تمامًا مع ما يعتقدونه؛ كل هؤلاء هم أشخاص يُعانون مشكلات في جوهر طبيعتهم. أخبرني، هل من الملائم السماح لهؤلاء الأشخاص الذين هم من الأبالسة، أو هؤلاء الأشخاص الذين لديهم جوهر طبيعة الأبالسة، أن يبقوا في بيت الله؟ (لا، ليس من الملائم). لا، ليس من الملائم. إنهم ليسوا مثل شعب الله المختار؛ شعب الله المختار ينتمي إلى الله، بينما أولئك الأشخاص ينتمون إلى الأبالسة والشيطان.

ما نوع الأشخاص الذين يجب أن يجتمعوا معًا ليتمّ تسميتهم كنيسةً. ما نوع الأشخاص المرغوبين في بيت الله، وما نوع الأشخاص الذين ينتمي إليهم بيت الله؟ أخبرني. (أشخاص يؤمنون بالله حقًا ويسعون إلى الحق). هذا تشدّد بعض الشيء. من موقعي هذا، الحد الأدنى والمعيار الأدنى أنهم يجب أن يكونوا أشخاصًا مستعدين للعمل. قد لا يكون لديهم حب للحق ولكن هذا لا يعني أنهم يشعرون بالنفور تجاه الحق، هم يقومون بما يَطلُب بيت الله منهم القيام به دون نقاش، وهم مطيعون وقادرون على الخضوع. عندما يتعلّق الأمر بشروط السعي إلى الحق، قد يرى بعض الناس أنفسهم دون مستوى القدرات، هم لا يستمتعون بالقيام بذلك وليسوا مهتمّين إلى هذه الدرجة. قد يعتقدون أنه من المقبول أن يستمعوا إلى عظة بين الحين والآخر، وأحيانًا عندما يستمعون إلى عظة، يستغرقون في النوم، وعندما يستيقظون يندهشون: "ما الذي كنت أستمع إليه للتوّ؟ لقد نسيتُ. من الأفضل أن أعود إلى العمل. يكفيني أن أقوم بعملي". هم ليسوا غير منضبطين أو مُعرقِلين، وهم يعملون بجدّ في أي عمل يُسنَد إليهم. لديهم سيماء حقيقي من الإخلاص، وهم مثل خيول الخدمة العجوزة التي يأمرها صاحبها فقط أن تعمل، وسواءً كان العمل هو تدوير رحى طاحونة، أو جرّ محراث، أو العمل في الحقول، أو سحب عربة، فإن لديهم دائمًا سيماء حقيقي من الإخلاص وبإمكانهم إكمال المهام دون التسبب في أي مشكلة. ما الذي يُفكّرون فيه؟ "لقد قيل لي أنني عامل، لذا سأعمل. أنا لا أستحقّ شيئًا، أنا نكِرة. بالعمل من أجل الله، يرفعني الله، وأنا لا أشعر أنني مظلوم على الإطلاق". كما ترى، هذا هو الموقف الذي يتّخذونه. لذا، أشخاص مثل هؤلاء يجب أن يبقوا في بيت الله. رغم أن لديهم بعض العيوب والنقائص والعادات السيئة، أو قد يكونون دون مستوى القدرات، أو حمقى، إلا أنني أستطيع التسامح مع جميع هؤلاء الأشخاص وشملهم؛ إنها ليست مشكلةً، وأنا أمنح الفرص لهؤلاء الأشخاص. أي فرص؟ هل أمنحهم فرصة العمل أم نيل الخلاص؟ كلتاهما بالطبع. ككائنات مخلوقة، هم على استعداد للعمل من أجل الله، وللعمل في بيت الله، ومن حقّهم فعل ذلك. أيضًا، مع هذه الرغبة لديهم، يجب أن يُمنَحوا الفرصة لنيل الخلاص. مع ذلك يقول البعض: "لكنهم لا يطلبون نيل الخلاص!". إذا كانوا لا يطلبون نيل الخلاص، فهذا شأنهم، لكن على الأقل يُمكِن منح هؤلاء الأشخاص امتياز خاص وإعطائهم الفرصة لنيل الخلاص، ولديهم الفرصة أن يُخلَّصوا. ماذا أعني بـ "لديهم الفرصة"؟ أعني أن قدراتهم دون المستوى، وهم حمقى بعض الشيء، ولا يُمكِنهم تولي عمل كبير جدًا أو هام في أداء واجباتهم، بل فقط يؤدَّون واجبًا عاديًا، وهم لا يلعبون دورًا شديد الأهمية في بيت الله، ولا يتولّون أي أعمال هامة بينما يُوسِّع الله عمله، ولا يُقدِّمون مساهمات عظيمة؛ ومع ذلك، لأن لديهم هذه الرغبة في أن يكونوا على استعداد للعمل من أجل الله، يتمّ منحهم امتيازًا خاصًا ويُعطَوا فرصةً أن يُخلَّصوا؛ هذا هو الامتياز الخاص الذي مُنِحوه. الله يُعطي الكثير من الفرص لكل شخص. هل يعامل الله الناس بشكل عادل؟ (نعم). ﻷنه بغض النظر عن مدى ضعفهم، ومدى انخفاض مستوى قدراتهم، ومدى حمقهم، فإنهم أعضاء في الجنس البشري العادي والفاسد؛ هم شخصيًا فقط لا يسعَون إلى الحق بنشاط، لكنهم لا يزالون جيّدين كأشخاص. في نهاية المطاف، سواءً كانوا قادرين على كسب الحق أو نيل الخلاص، فيما يتعلّق بالله، فهو يُسبِغ عليهم العطف ويمنحهم امتيازًا خاصًا، لأن هؤلاء الأشخاص مصنوعون من قالب مختلف تمامًا عن أولئك عديمي الإيمان والأبالسة الذين يقاومون الله، ولديهم جوهر مختلف. أولئك الناس أبالسة وأعداء لله، بينما هؤلاء الناس، رغم طلبهم للعمل فقط واكتفائهم بالعمل، إلا أنهم ليس لديهم مقاومة لله في قلوبهم. هم لن يهاجموا الله مطلقًا بنشاط، أو يدينوا الله، أو يُجدّفوا ضدّ الله، ويُضمِرون موقفًا إيجابيًا وسليمًا تجاه الله، وهو أنهم على استعداد للعمل من أجل الله، سواءً كانوا قادرين على نيل الخلاص أم لا. ثُمّ هناك البعض الذين هم أفضل قليلاً من ذلك، والذين هم قادرون أثناء وقت عملهم على تطبيق بعض الحقائق بقدر استطاعتهم، والذين هم يطلبون بعض مبادئ الحق بنشاط وإيجابية، والذين يجتهدون في عدم مخالفة المبادئ. هذه هي الرغبة والموقف الذي يتّخذونه، وبالتالي يُسبِغ الله عليهم العطف. الله لا يعاملهم بشكل غير مُنصف، هو فقط لا يتخلّى عنهم، ودائمًا ما يمنحهم الفرص. بحلول الوقت الذي ينتهي فيه عمل الله، إذا كانوا قد حقّقوا الخضوع لله وتمكّنوا من الفرار من تأثير الشيطان، فإن الله سيقودهم إلى الملكوت؛ هذا هو المصير الذي ينبغي أن يؤولوا إليه. يريد الله أن يُخلّص هؤلاء الأشخاص وهو لن يتخلّى عنهم؛ أما كيف سيفعل الله هذا ويُتمِّم هذه الكلمات، فيومًا ما ستعرف. ما هو موقف الله تجاه الأبالسة والشياطين؟ (الله يشعر بالنفور تجاههم). موقفه أنه يشعر بالنفور تجاههم. غنيّ عن القول أن الله يشعر بالنفور تجاههم. يستخدم الله الأبالسة والشياطين لتقديم الخدمة في الزمان والمكان المناسبَين، وفي الموقف المناسب، ومع الأشياء المناسبة، وبمجرّد أن ينتهوا من تقديم الخدمة، يُطرَدون دون أي اعتبار. يُكشَف جوهر طبيعتهم الذي لا يسعى إلى الحق وينفر من الحق باستمرار في كل أنواع المواقف. لا يُسبِغ الله عليهم العطف، ﻷن الله يزدريهم تمامًا ويشمئز منهم للغاية. هؤلاء الأشخاص الحمقى ذوي مستوى القدرات المتواضع، وبعضهم حتى قد يكونون مشوّشي الذهن، يكونون على استعداد للعمل من أجل الله رغم ذلك، ويُضمِرون موقف وعزم "الرغبة في العمل من أجل الله وعدم الندم مُطلَقًا على ذلك". لذا في الحياة اليومية، سيصفح الله عن حماقتهم ويتحمّل ضعفهم، وكذلك يحميهم ويعتني بهم. ماذا أعني عندما أقول أن الله سيحميهم ويعتني بهم؟ أعني أن الله سيُنيرهم فيما يتعلّق بالمعاني الحرفية للبضعة من الحقائق التي يَقدِرون على استيعابها ويسمح لهم بفهم الحقائق التي يَقدِرون على استيعابها؛ الله معهم، ويُسبِغ عليهم السلام والفرح، وعندما يواجهون الغواية، سيُرتِّب الله بيئات مناسبة لهم لحمايتهم منها. ما هي الغوايات الرئيسية؟ ثمّة العديد من الغوايات: الزواج والعلاقات غير اللائقة بين الذكور والإناث والمال والمكانة والشهرة والمكسب والسمعة بالإضافة إلى وظيفة جيّدة وراتب جيّد وما إلى ذلك؛ كل هذه غوايات. وما الطُرُق الأخرى التي يحمي الله الناسَ بها؟ الله يشفيك من المرض لتفادي معاناتك، وهو يحفظك من أن تُحاصر وتُهاجَم من قِبل الأشخاص الأشرار، وما إلى ذلك. إضافةً إلى ذلك، عندما تواجه بعض المصاعب أو بعض الأشياء التي تبدو كارثيةً، سيُرتِّب الله بعض الأشخاص والأحداث والأشياء لحمايتك من هذه الكوارث والصعوبات، ما يُمكِّنك من العمل بسلاسة من أجل الله في بيته كما تشاء حتى النهاية؛ أليس هذا شيئًا جيدًا؟ (بلى، هو كذلك). إذن، كي تتمكن من جعل كل شيء يسير بسلاسة وجعل كل شيء يسير كما تتمنى، من أين يأتي هذا؟ (حماية الله). صحيح، إنه يأتي من حماية الله، ومن عناية الله، ومن عطف الله. أما هؤلاء الأشخاص الذين هم أبالسة، فلا يُمكِنهم إلا القيام بأشياء إبليسية. هم يرتكبون الأخطاء في كل شيء يفعلونه، وكلّهم يُضمِرون نوايا شريرة. ومن الطبيعي بالنسبة إليهم أن يقعوا كثيرًا في الغواية؛ هذا بالضّبط ما يحتاجون إليه، مثل صخرة كبيرة تقع فجأةً من السماء، تضربهم على الرأس، وتسحقهم، ومن ثَمّ يكونون أمواتًا. الأشخاص الذين هم على استعداد للعمل من أجل الله سيواجهون هذه الأشياء أيضًا، لكن مع حماية الله المعجزة، هذه الكارثة لا تُصيبهم، بل تمر دونهم، وفي قلوبهم يقولون: "الله يحميني، لم يحن وقتي لأموت!". الله يُبقيك حيًا طالما أنك مفيد بالنسبة إليه. الله منحك حياتك، وبما أنك مستعدّ للعمل من أجله وتُقدّم نفسك إليه، لماذا لن يحميك الله؟ سيحميك الله بالتأكيد. هل يريد الله الكثير من الناس؟ (لا). هؤلاء الأشخاص الذين هم مستعدّون للعمل من أجل الله في الواقع ليسوا موهوبين كثيرًا ومستوى قدراتهم ليس بتلك العظمة؛ لديهم فهم محدود للحق، إلى درجة أنهم يُمكِنهم فقط فهم بعض الكلمات والتعاليم وتعلّم الحديث كما يتحدّث الآخرون. هم ببساطة غير قادرين على استيعاب مبادئ الحق، بل لا يُمكِنهم الوصول إلى السعي إلى الحق أو نيل الخلاص. خضوعهم لله يقتصر فحسب على فعل ما يطلبه بيت الله منهم، وليس ثمّة طريقة يُمكِنهم بها الخضوع للحق، هذا كل شيء. ولذلك، لأنهم فقط كائنات مخلوقة عادية فاسدة، وﻷنهم على استعداد للعمل من أجل الله، فإن الله لا يتخلّى عنهم. بالتالي فإن هؤلاء الأشخاص الذين تمّ تطهيرهم لا خير فيهم بالتأكيد. إذا كنتم أناسًا جيّدين حقًا، وإذا كنتم حقًا أناسًا تم اختيارهم من قِبل الله، وإذا كان لديك حقًا موقف الخضوع لله، والرغبة والموقف في أن تكون مستعدًا للعمل من أجل الله وعدم الندم على ذلك، فإن الله لن يتخلّى عنك أبدًا، بل سيُظهِر لك العطف. سيكون هذا بركةً لك، والله يريد أشخاصًا مثل هؤلاء. الله يريد أشخاصًا مثل هؤلاء؛ الذين لا يسعون إلى الحق وغير قادرين على فهم الحق بسبب نقص مستوى قدراتهم، لكنهم على استعداد للعمل من أجل الله. النوع الآخر من الأشخاص الذين يريدهم الله هم أولئك الذين يسعون إلى الحق، والذين يُحبّون الحق، والذين يُحبّون العدالة والبر والأمور الإيجابية، والذين يرغبون في الخضوع للحق، والذين بمجرد أن يفهموا الحق ويستوعبوه، وبمجرد أن يعرفوا الحق ويستوعبوه، يكونون بعد ذلك قادرين على الطاعة والخضوع والممارسة بما يتوافق مع الحق. أيضًا، هؤلاء الأشخاص لديهم عزم للسعي إلى الحق ونيل الخلاص، وهم لم يَشكّوا في الله مطلقًا. هؤلاء الأشخاص بالطبع هم أولئك الذين يُحبّهم الله ويرغب في تخليصهم. هل أنت على أي حال قادر على الوفاء بهذا المعيار؟ وماذا ستفعل إذا لم تكن قادرًا على تلبيته؟ على الأقل، موقفك تجاه الله والحق يجب ألا يكون موقف الأبالسة والشيطان، يجب عليك أن تقترب على الأقل من معيار استحسان الله ويجب أن تكون مستعدًا للعمل من أجل الله. إذا كنت تضع نفسك باستمرار في معارضة مع الله، وتتصرّف عكس الله، وإذا كنت دائمًا تُهاجم الله وتُجدّف ضدّه في قلبك، فستجد نفسك في موقف مقلق وخطير. ينبغي أن تكون واضحًا في قلبك بشأن الموقف الذي تتّخذه تجاه الله، وينبغي عليك أن تُصنّف نفسك وفقًا للأنواع المختلفة من الأشخاص الذين كنت أتكلّم عنهم هنا.

السعي إلى الحق بالغ الأهمية، لكن هذا لا يعني أنه إذا لم يسعَ الناس إلى الحق، فإنهم لن يتمكّنوا من بلوغ نهاية الطريق؛ هذا ليس حتميًا. كل الناس كائنات مخلوقة، وطالما أنهم ليسوا أبالسةً أو شياطين، فإنهم لن يهاجموا الله بنشاط، أو يهاجموا الله ويُجدّفوا ضدّه بنشاط بوعي واضح. بالتالي فإن الله عادل ومنطقي للبشرية الفاسدة العادية، وهو يمنحهم جميعًا الفرصة لنيل الخلاص. بينما يختبر الإنسان نيل الخلاص، يكون الله رحيمًا به، ويحميه ويعتني به. إذن، ما هو موقف الله تجاه هؤلاء الأشخاص الذين هم أبالسة وشياطين؟ هم يرون الله عدوّهم ويدينون ويهاجمون ويُجدّفون ضدّ الله باستمرار، ويُدمّرون عمله، ولا يعرفون التوبة أبدًا. إذا تفاعلوا مع أشخاص آخرين، فإنه سيكون لديهم الذين يتّفقون معهم جيدًا، لكن عندما يأتون أمام الله، فإنهم لا يتفّقون معه على الإطلاق، ولا لدقيقة واحدة أو ثانية واحدة؛ لا يُمكِنهم العمل مع الله أو التعايش معه أو الوصول إلى إجماع معه حول أي شيء، وهذا يُظهِر أنهم أبالسة وشياطين نموذجيون. الله لا يتحمّل مثل هؤلاء الأشخاص قطعًا، وبيت الله لا يُبقي مثل هؤلاء الأشخاص قطعًا. عندما يتمّ اكتشاف أحدهم، يتمّ تطهيره؛ وعندما يتمّ اكتشاف اثنان منهم، يتمّ تطهيرهما، وبقدر العدد الذي يتمّ كشفه، يتم إزالتهم؛ اليوم الذي يتمّ كشفهم فيه هو اليوم الذي يتمّ إنهائهم فيه. كما ترى، عندما عندما يُرقّى الأشخاص الصالحين ويُستخدَمون في شيء هام، يكون هذا هو وقت تكميلهم وتبريكهم ويحصدون أعظم حصاد؛ وعندما يُرقّى الأشخاص الطالحين والأبالسة ويُستخدَموا، فإنهم بشكل طبيعي يُكشَفون ويُستبعَدون، ويكون آخر أيّامهم قد حلّ. فكّروا في أولئك الذين حولكم الذين تمّ كشفهم واستبعادهم أو إخراجهم مؤخرًا أو قبل وقت طويل، وأولئك الذين تمّ شطب أسمائهم في النهاية. كان ذلك عندما وصلوا إلى قمّة "مسيرتهم المهنية" في بيت الله عندما تمّ استبعادهم، وكان يومهم الأخير قد حلّ، وكُتِبت نقطة كبيرة في نهاية حياتهم في الإيمان بالله. عديمو الإيمان يأتون ويذهبون إلى الكنيسة ولا يستطيعون إيجاد مكان مناسب لهم، ولا يُمكِنهم أداء أي واجب. في اللحظة التي يرتكبون فيها فعلاً شريرًا، يتمّ كشفهم، ويكون يومهم الأخير قد حلّ. الشياطين يُحبّون القيام بأشياء كبيرة وصناعة اسم لأنفسهم، واليوم الذي يكونون في ذروة مجدهم يكون يومهم الأخير. لماذا أقول هذا؟ هل تعرفون؟ هكذا تسير الأمور. إنه عندما يكونون في ذروة مجدهم، يكونون في ذروة رضاهم، أوليس عندما يكونون في ذروة ارتياحهم يكونون أكثر عرضةً لنسيان أنفسهم؟ (بلى). عندما لا يكون لديهم نجاح أو مجد، يُطأطئ هؤلاء الأبالسة رؤوسهم. لكن لمجرد أنني أقول إنهم يُطأطئون رؤسهم، فإن هذا لا يعني أنهم قادرون على ممارسة الحق، بل فقط أنهم يفعلون الأشياء بحرص وحذر شديدين، دائمًا بقلب حذر وليس بقلب يتقي الله. في اللحظة التي يرون فيها فرصةً، أو يجدوا أنفسهم متمتّعين ببعض القوة والمكانة، وقادرين على إعطاء الأوامر للريح والمطر لتنفيذ تعليماتهم، يصبحون راضين وينسون أنفسهم، مفكّرين: "لقد حان وقتي. الآن هو الوقت الملائم لإبراز قدراتي ونقاط قوتي ووضع إمكاناتي موضع الاستغلال!". وينتقلون إلى التنفيذ. ما الدافع وراء أفعالهم وما مصدر أفعالهم؟ من أين ينبع الدافع ومصدر أفعالهم؟ إنه ينبع من الأبالسة، ومن الشيطان، ومن طموحاتهم ورغباتهم الجامحة. في ظلّ هذه الظروف، هل يُمكِن للأشياء التي يفعلونها أن تتوافق مع مبادئ الحق؟ هل يُمكِن أن يكون لديهم قلب يتقي الله بينما يفعلون الأشياء؟ هل يُمكِنهم التعامل مع الأمور بما يتوافق مع ما يتطلّبه بيت الله؟ الإجابة على كل هذه الأسئلة هي لا، لا يُمكِنهم ذلك. وما هي العواقب؟ (أنهم يتسبّبون في عرقلة وإزعاج). هذا صحيح، العواقب هي أنهم يتسببون في عرقلة وإزعاج شديدين، بل ويتسبّبون في إزعاج وخسارة جسيمين لبيت الله ولعمل الكنيسة. إذن، بما يتماشى مع مبادئ كيفية التعامل مع الأشخاص في بيت الله، كيف ينبغي التعامل مع الأشخاص الذين يتسبّبون في مثل هذه العواقب على عمل الكنيسة؟ إذا كان الأمر بسيطًا، ينبغي استبدالهم، وإذا كان الأمر خطيرًا، فإنه ينبغي إخراجهم. عندما يتمّ ترقية شخص واستخدامه في أمر هام، أو يتمّ ترتيبه للقيام بعمل ما، فإن بيت الله سيعقد معه دائمًا شركةً بصراحة حول مبادئ القيام بالعمل. يتمّ إخبار ذلك الشخص بالعديد من المبادئ والتفاصيل، وفقط عندما يفهم ويستوعب، ويكتب كل ذلك، يُعتَبر التسليم مكتملاً. لكن عندما ينبغي أن يقوموا ببعض العمل ويؤدون واجبهم، فإنهم يشرَعون في ذلك بمخالبهم الإبليسية المكشوفة ويبدأ الشيطان الذي هم عليه حقًا في الظهور. هم لا يقومون بالأشياء بما يتماشى مع المبادئ المطلوبة من قِبل بيت الله على الإطلاق، بل يقومون بالأشياء تمامًا كما يريدون هم، ويفعلون الأشياء كيفما يحبون، وكيفما يرغبون. لا يُمكِن لأحد السيطرة عليهم، وهم لا يستمعون لأي أحد، ويُفكّرون: "بيت الله والله والحق يُمكِنها جميعًا أن تتنحّى جانبًا! هنا أنا الآمر الناهي!". هكذا يفعل الأبالسة الأمور، وهذا هو الموقف الذي لدى الشياطين تجاه الواجب وتجاه الحق. إذا كان لديك مثل هذا الموقف تجاه الحق، فستُكشَف. إذا اعتبرت عمل بيت الله وواجبك مسائل تافهة ولم تقم بالأشياء بما يتماشى مع المبادئ التي كلّفك بيت الله باتّباعها، فلن يتمّ التعامل معك بأدب. بيت الله لديه مبادئ يتعامل بها مع الناس؛ أولئك الذين ينبغي طردهم من مركزهم يُطرَدون، وأولئك الذين ينبغي إخراجهم يُخرَجون، وهذا كل ما يمكن أن يُقال بهذا الشأن. أليس كذلك؟ أليس هذا ما يفعله بيت الله؟ أوليست هذه هي الكيفية التي يُكشَف بها هؤلاء الأبالسة؟ أوليس هذا هو دافعهم لفعل الأشياء، ومصدر أفعالهم، والطريقة التي يفعلون بها الأشياء؟ (بلى). بالتعامل معهم بهذه الطريقة، هل يُعاملهم بيت الله بغير عدل؟ (لا). هل هذه طريقة ملائمة للتعامل معهم؟ (نعم). إنها ملائمة حقًا! الأشخاص الطبيعيون يَقبلون واجبهم ويتلقون ترقيةً، ويُستخدَمون في أمر هام. وهم يضطلعون بعملهم وفقًا لمؤهلاتهم ومستوى قدراتهم، وإلى حدّ ما بما يتماشى مع مبادئ العمل التي يفهمونها، أو التي كلّفهم بيت الله باتّباعها. على الرغم من حقيقة أنهم غالبًا ما يكشفون عن شخصيات فاسدة، إلا أن هذا لا يؤثر على أدائهم العادي لواجبهم. وبغض النظر عن الصعوبات التي يواجهونها، أو الحالة غير الصحيحة التي يجدون أنفسهم فيها، أو التعطيل الذي يتحمّلونه، فإنهم في النهاية سيحقّقون بعض النتائج الإيجابية في أداء واجبهم، وهذه النتائج مقبولة للجميع. أما عديمو الإيمان أولئك، فبغض النظر عن المدة التي قضوها في أداء واجبهم، إلا أنهم لا يُحقّقون أبدًا نتائج إيجابية. هم دائمًا ما يفعلون أشياء سيئة ويحاولون إفساد الأمور، ولا يؤثر هذا على عمل الكنيسة فحسب، بل يضرّ أيضًا بمصالح الكنيسة، ويخلق جوًّا فاسدًا حول عملها ويجعله في فوضى. إذا عطّل إبليس بعض العمل وأفسده، فسيكون هناك العديد من الأشخاص خلف الكواليس يقومون بالعمل مجددًا من الصفر، ما يُهدر الموارد البشرية والمالية لبيت الله، ويجعل الكثيرين من شعب الله المختار غاضبين. بمجرّد إزالة الإبليس، يأخذ عمل الكنيسة على الفور مظهرًا جديدًا مُشرقًا، وتكون نتائج العمل مختلفةً. الإبليس الذي تسبّب في العرقلة والإزعاج تم حظره، وأصبح الناس يتمتّعون بعقلية حرة ومتحرّرة، وكفاءة العمل ازدادت، ويؤدي كل واحد واجباته بشكل طبيعي. بالتالي، هؤلاء الأشخاص الذين هم أبالسة، والشيطان الذي يبدو من الخارج إنسانًا، وبغض النظر عن أعمارهم أو مستوى تعليمهم، طالما أنهم أشخاص أشرار، فإنهم قادرين على القيام بأفعال شريرة، وهم يلعبون دور الأبالسة والشيطان يُفسِد الناس ويوقعهم في اضطراب. على سبيل المثال بينما تُحضّر وعاءً من حساء الدجاج الذي يتطلّع الجميع لتناوله، إذ تحطّ ذبابة فجأةً في الحساء. أخبرني، أيظلّ هذا الحساء صالحًا للأكل بعد ذلك؟ لا يوجد حلّ لذلك، ينبغي عليك أن تُريقه بعيدًا، ويُهدَر عمل ساعتين أو ثلاث. ثُمّ عليك أن تغسل الوعاء عدّة مرات، وحتى بعد أن تغسله، لا يبدو لك نظيفًا بعد، ويظلّ أثر للشعور بالاشمئزاز. ما الذي يُزعِجك؟ (الذبابة). رغم أن الذبابة بالغة الصغر، إلا أن جوهرها القذر مزعج للغاية. هؤلاء الأشخاص الذين هم أبالسة يشبهون الذباب. يعثرون على طريقهم إلى الكنيسة ويُسبّبون عرقلةً شديدةً للنظام الطبيعي لحياة الكنيسة، ويُزعِجون التقدم الطبيعي لعمل الكنيسة. إذن، هل أصبح لديكم فهم واضح لهؤلاء الأشخاص الذين هم أبالسة؟ محاولة جعلهم يؤدّون بعض الخدمة ويؤدّون واجبهم جيدًا أصعب من محاولة جعل بقرة تتسلّق شجرةً؛ إنه مثل محاولة جعل بطّة تجلس على مَجثَم طير. أصعب شيء هو محاولة جعل الأبالسة والشياطين يُمارسون الحق، مثل محاولة جعل عديمي الإيمان يؤدّون واجبهم بإخلاص. هكذا تسير الأمور. إذا صادفتم أشخاصًا هم شياطين وعديمي الإيمان، واضطررتم إلى طلب مساعدتهم في فعل شيء بشكل مؤقت، فلا بأس في ذلك. لكن إذا رتّبتم لهم أن يؤدّوا بعض الواجب أو أن يقوموا ببعض العمل، فإنك تكون أعمى ويكون قد تمّ خداعك. خاصةً إذا طلبتَ منهم القيام ببعض العمل الهام، فإنك تكون أكثر حماقةً. إذا لم يكن بإمكانك حقًا إيجاد أي أحد مناسب لمساعدتك في شيء وطلبتَ منهم المساعدة، فلا بأس في أن تطلب منهم فعل شيء ما، لكن ينبغي أن تُبقي عينيك عليهم وأن لا تُهمِل الأمر. الأشخاص مثل هؤلاء لا يُمكِن الاعتماد عليهم بالكليّة؛ ﻷنهم ليسوا بشرًا، بل هم أبالسة، ولا يُمكِن الاعتماد عليهم بالكليّة. لذا الآن ألقِ نظرةً على الأشخاص المسؤولين عن الفرِق أو قادة الفِرق، وأولئك الذين يؤدّون واجبات رئيسية وعمل هام، وانظر ما إذا كانوا أشياءً مثل أولئك الأبالسة. إذا كان بإمكانك استبدالهم، فاستبدلهم في أسرع وقت ممكن؛ وإذا لم يكن باستطاعتك استبدالهم ﻷنه ليس ثمّة أحد مناسب ليحلّ محلّهم، فراقبهم عن كثب، وأشرِف عليهم وتابعهم عن قرب. ينبغي عليك ألا تمنح الأبالسة والشياطين الفرصة للتسبّب في إزعاج. الإبليس سيظلّ دائمًا إبليسًا، ليس لديه إنسانية، وليس لديه ضمير أو عقل؛ ينبغي عليك أن تتذكّر هذا دائمًا! عديمو الإيمان جميعهم أبالسة وشياطين، وينبغي عليك ألا تؤمن بهم! لنوقف الشركة عن هذا الموضوع هنا.

عندما عقدنا الشركة سابقًا حول كيفيّة السعي إلى الحق، تحدّثنا عن أمرَين. ماذا كان الأمر الأول؟ (التخلي). أحدهما كان التخلي. ماذا كان الآخر؟ (التكريس). التكريس. تحدّثنا ثلاث مرات عن الأمر الأول "التخلي". ما الذي عقدنا شركةً حوله في المرة الأخيرة؟ (في المرة الأخيرة، شَرَّح الله أسباب ظهور المشاعر السلبيّة كالضيق والقلق والهم عند الناس من منظور الصعوبات التي يواجهونها، وموقفهم تجاه عمل الله والحق). ثمّة أسباب كثيرة تؤدي إلى ظهور المشاعر السلبيّة من قبيل الضيق والقلق والهم، لكنها بشكل عام تنجُم عن السبب الموضوعي المتمثل في عدم فهم الناس للحق. هذا أحد الأسباب؛ وثمّة سبب آخر هو السبب الرئيسي، وهو أن الناس لا يسعون إلى الحق. عندما لا يفهم الناس الحق أو يسعون إليه، ولا يملكون إيمانًا حقيقيًا بالله، فإنهم لا يخضعون حقًا، وهذا هو السبب في أن كل أنواع المشاعر السلبية تنشأ فيهم. في الحياة اليوميّة، بسبب الصعوبات العملية التي يواجهها الناس في حياتهم وكل المشكلات المختلفة التي يُلاقونها في تفكيرهم، ينتهي المطاف بهم بالشعور بكل أنواع المشاعر السلبيّة في بيئاتهم الموضوعية. على وجه الخصوص، فإنَّ المشاعر السلبيّة من قبيل الضيق والقلق والهم، التي تحدّثنا عنها في المرة الأخيرة، كلها تنشأ ﻷنَّ الناس يواجهون جميع أنواع الصعوبات والمشكلات المتعلّقة بحيواتهم الجسديّة. ﻷنه عندما يواجه الناس هذه المشكلات فإنهم لا يطلبون الحق أو يؤمنون بما يقوله الله، فضلاً عن أن يطلبوا الحق الذي يجب أن يفهموه ويُمارسوه في كلام الله، وهو ما من شأنه أن يُمكِّنهم من التخلي عن آرائهم الخاطئة، وأفكارهم وآرائهم الخاطئة المتعلّقة بهذه الأمور، وكذلك التخلي عن طُرقهم في التعامل مع تلك الأمور ومعالجتها، ومع مرور الأيام والوقت، فإنَّ مختلف الصعوبات التي يواجهها الناس في حياتهم اليوميّة تولِّد كل أنواع الأفكار التي تُزعِجهم وتُقيّدهم في أعماق قلوبهم. تتسبّب هذه الأفكار – دون علمهم – في ظهور مشاعر الضيق والقلق والهم المتعلّقة بحيواتهم الجسديّة وكل أنواع القضايا المختلفة التي يواجهونها. في الواقع، عندما لا يكون الناس قد أتوا أمام الله بعد أو لا يفهمون الحق، فإن هذه القضايا ستتسبّب في ظهور مشاعر الضيق والقلق والهم في كل شخص بدرجة متفاوتة؛ هذا أمر لا مفرّ منه. بالنسبة لأولئك الذين يعيشون في الجسد، فإنَّ أي شيء يحدث لهم سيُسبّب اضطرابًا معيّنًا ويؤثر على حيواتهم وأفكارهم. عندما يُصبح هذا الاضطراب والتأثير أكثر ممّا يُمكِنهم تحمّله، أو عندما تكون غرائزهم وقدراتهم وحالاتهم الاجتماعية غير كافية لدعمهم أو لعلاج هذه الصعوبات أو التخلّص منها، فإنَّ مشاعر الضيق والقلق والهم، ستنشأ بطبيعة الحال في أعماق قلوبهم وتتراكم هناك، وستُصبح هذه المشاعر حالتهم الطبيعية. إنَّ القلق بشأن مختلف الأشياء من قبيل آفاق المرء المستقبلية والطعام والشراب والزواج ونجاة المرء مستقبلاً أو صحّته وشيخوخة المرء ووضع المرء ومكانته في المجتمع، هو حالة يشترك فيها جميع أفراد البشرية على أساس عدم فهم الإنسان للحق وعدم الإيمان بالله. على الرغم من ذلك، حالما يبدأ الناس في الإيمان بالله، وعندما يفهمون القليل من الحق، سيظل عزمهم في السعي إلى الحق يزداد قوةً. بهذه الطريقة، ستتناقص تدريجيًا الصعوبات العملية والمشكلات التي يواجهونها، وستضعف وتتلاشى تدريجيًا المشاعر السلبيّة من قبيل الضيق والقلق والهم؛ هذا أمر طبيعي جدًا. السبب في هذا أنه – بعد أن يقرأ الناس الكثير من كلام الله ويتوصّلوا إلى فهم بعض الحق في إيمانهم بالله – فإنهم دائمًا ما يزِنون جوهر القضايا التي يواجهونها في حيواتهم ومصدرها وأصلها، وفقًا لكلام الله. والمحصلة أنهم سيفهمون في نهاية المطاف أن مصيرهم وكل الأشياء التي يختبرونها في حيواتهم في أيدي الله، ومن ثمَّ سيفهمون من منظور عام أن كل هذا تحت سيادة الله، ولا شيء منه يرجع إليهم. ولهذا، أبسط شيء يفعله الناس هو أن يخضعوا؛ يخضعوا لترتيبات السماء وسيادتها. ينبغي عليهم ألا يكافحوا ضدّ مصيرهم، بل ينبغي عليهم – بدلاً من ذلك – أن يطلبوا دائمًا مقاصد الله بإيجابية وبنشاط عندما يواجهون أي قضيّة؛ ومن ثمَّ يجدون الطريقة الأنسب لحلّ المسألة؛ هذا هو الأمر الأساسي الذي يجب على الناس فهمه. بعبارة أخرى، بعد أن يتوصّل الناس إلى الإيمان بالله، يتلاشى تدريجيًا ضيقهم وقلقهم وهمهم، بسبب الحقائق التي يفهمونها وبسبب أنهم جوهريًا يخضعون لله. هذا يعني أن هذه المشاعر لن يكون بمقدورها إزعاجهم بشدّة بعد الآن، أو أن تجعلهم يشعرون بالارتباك أو الحيرة أو أن مستقبلهم مُظلم ومُبهَم، مما يؤدي غالبًا إلى شعورهم بالضيق والقلق والهم بشأن هذه الأمور. على النقيض من ذلك، ﻷنهم توصّلوا إلى الإيمان بالله وفهم بعض الحق، وأصبح لديهم بعض التمييز والفهم لكل أنواع الأشياء في الحياة، أو أصبح لديهم طريقة ملائمة بدرجة أكبر للتعامل مع تلك الأشياء، فإن مشاعرهم السلبيّة من قبيل الضيق والقلق والهم ستتلاشى تدريجيًا. لكن رغم أنك قد آمنتَ بالله لسنوات عديدة واستمعتَ إلى العديد من العظات، فإن مشاعرك السلبيّة من الضيق والقلق والهم لم تُبدَّد أو تضعف بعد – أي إن موقفك بشأن كيفية رؤيتك للناس والأشياء وكيفية سلوكك وتصرّفاتك، وأفكارك وآرائك، والطريقة التي كنت تتعامل بها مع الأشياء قبل أن تتوصّل إلى الإيمان بالله لم تتغيّر – مما يعني أنك بعد أن توصّلتَ إلى الإيمان الله، لم تقبل الحق أو تربح الحق أو تستخدم الحق لعلاج هذه المسائل بعد قراءة كلام الله والاستماع إلى العظات، ومن ثمَّ علاج المشاعر السلبيّة من قبيل الضيق والقلق والهم. إذا لم تطلب الحق أبدًا لعلاج هذه المشاعر السلبيّة، ألا يُظهِر هذا أن لديك مشكلة (بلى). ما المشكلة التي يُظهِرها؟ أنك كنت مؤمنًا بالله لسنوات عديدة وما تزال تشعر أن مستقبلك يبدو موحشًا ودامسًا تمامًا. ما تزال تشعر كثيرًا بالفراغ والعجز في قلبك، وما تزال تشعر كثيرًا بالضياع وأنه ليس لديك طريق للمُضيّ قدمًا. أنت لا تعرف إلى أين تتجّه حياتك، وما تزال تشعر بأنك تتعثر في الضباب، دون طريق، ودون اتّجاه للمُضيّ قدمًا. ماذا يعني هذا؟ يعني على أقلّ تقدير أنك لم تربح الحق، صحيح؟ وإذا لم تربح الحق، فماذا كنت تفعل طيلة هذه السنوات؟ هل كنت تسعى إلى الحق؟ (لا). إذا لم تكن تسعى إلى الحق بينما كنت تتخلّى عن الأشياء وتبذل نفسك وتؤدي واجباتك، ولم تكن تستخدم الحق لحلّ المشكلات العملية، فما الذي كنت تفعله طوال هذا الوقت؟ (التسكّع والتخبّط). هناك العديد من الناس الذين يؤدون واجبهم بإهمال، وفي الواقع هؤلاء الأشخاص يعملون. العاملون يكتفون بأن يكونوا قادرين على أداء واجباتهم، ودفع جانب من الثمن، والمعاناة قليلاً، لكنهم لا يسعون إلى الحق. هذا هو السبب في أنهم بعد الإيمان بالله لسنوات عديدة، لم يتغيّروا على الإطلاق. هؤلاء الأشخاص هم في الواقع عاملون، وإذا قُلنا ما كان يُقال سابقًا، فيمكننا القول إنهم ينخرطون في أنشطة دينيّة. ألقِ نظرةً على تلك الأنشطة الدينية في العالم الديني، في أيام الآحاد يذهب الناس للعبادة وعقد الاجتماعات، وعادةً ما يُصلّون في الصباح، ويتلون صلاة الشكر، ويُقدِّمون الشكر على كل شيء، ويُباركون الناس بصلواتهم، وعندما يرون أشخاصًا آخرين يقولون: "باركك الله، حماك الله". عندما يرون مرشحًا مُحتملاً، يعظونه بالإنجيل ويقرؤون له مقطعًا من الكتاب المقدّس. الأشخاص الأفضل يُنظّفون الكنسية، وعندما يأتي واعظ، يستضيفونه بحماسة في منازلهم؛ وعندما يُصادفون أشخاصًا مُسنّين يعانون من صعوبات في حياتهم، يُساعدونهم، ويستمتعون بمساعدتهم. أليست هذه كلها أنشطة دينية؟ أكل البيض في عيد الفصح، والاحتفال بعيد الميلاد، وغناء ترانيم عيد الميلاد؛ هذه هي الأنشطة التي يشتركون فيها. أنشطتكم الآن تُجرى إلى حدٍ ما بتواتر أكبر مقارنةً بتلك التي يؤديها الأشخاص المتديّنون. العديد منكم يُغادرون منازلهم ويؤدّون واجباتهم متفرغين بدوام كامل. تؤدّون العبادات الروحيّة صباحًا، وتقومون ببعض عمل الكنيسة أثناء النهار، وتحضرون الاجتماعات الدورية وتقرؤون كلام الله، وقبل أن تأووا إلى الفراش في المساء، تُصلّون لله وتطلبون منه حمايتكم، ومنحكم نومًا هانئًا في الليل وصرف الأحلام المزعجة، ومن ثَمّ تعيدون الكرّة نفسها في اليوم التالي. حيواتكم اليوميّة منتظمة على نحو استثنائي، لكنّها أيضًا مُملّة وتافهة بشكل استثنائي. أنتم لا تربحون شيئًا ولا تفهمون شيئًا لزمن طويل، ولا تُفكّرون أبدًا في هذه المشاعر السلبيّة الأساسية جدًا أو تميزوها، وأنتم لم تكشفوا عنها قط أو تعالجوها. في وقت فراغكم، أو عندما يقابلكم في واجبكم شيء لا يروق لكم، أو تتلقون رسالةً من المنزل تقول إن أحد والديكم ليس على ما يُرام، أو أن شيئًا مؤسفًا يحدث في المنزل، لا تعودون تشعرون بالرغبة في أداء واجبكم وتصبحون ضعفاء لعدّة أيام. بينما تشعرون بالضّعف، تنفجر مجددًا تلك المشاعر السلبيّة التي كانت تتراكم داخلكم على مدار زمن طويل. تُفكّر فيها ليلاً ونهارًا، وتُلازمك كظلّك. هناك حتى من تنبثق مجددًا أفكاره وآراءه التي كانت لديه قبل أن يؤمن بالله فجأةً عندما يشعر بالضّعف والسلبية، ويُفكّر: "ربّما كان من الأفضل لو ذهبتُ إلى الجامعة، لو كنتُ درستُ تخصصًا ما، ووجدتُ وظيفةً جيّدةً؛ ربما حتى كان سيمكنني أن أكون قد تزوّجتُ الآن. كان زميلي فلان لا يبدو شخصًا مُميّزًا عندما كنا في المدرسة معًا، لكن بعد المدرسة ارتاد الجامعة. وبعد أن حصل على وظيفة تمّت ترقيته، والآن لديه حياة أسرية مثالية سعيدة. لديه سيارة ومنزل، ويعيش حياةً رائعةً". عندما يُفكّرون في هذه الأمور وينزلقون إلى هذه الحالات السلبيّة، تنفجر كل أنواع المشاعر السلبيّة دفعةً واحدةً. يُفكّرون في البيت، وفي أمهاتهم، ويشتاقون إلى ما كانت عليه الأمور، وإلى الأشياء الجيّدة، والأشياء السيئة، والأشياء المؤلمة، والأشياء السعيدة، والأشياء التي لا تُنسى التي تملأ أذهانهم، وبينما يُفكّرون في كل هذه الأشياء، يُصيبهم الأسى، وتنهمر الدموع من أعينهم. ماذا يُظهِر كل هذا. يُظهِر أن الطريقة التي اعتدتَ أن تعيش بها والطريقة التي اعتدتَ أن تُدير بها حياتك يُمكِن أن تظهر من حين لآخر وتربك حياتك الحالية وحالة حياتك الآن. يُمكِن لهذه الأشياء حتى أن تتحكّم في الطريقة التي تعيش بها حياتك الآن، وفي موقفك من الحياة، إضافةً إلى آرائك في الأمور. إنها تربك حياتك باستمرار وتتحكّم فيها. هذا ليس مُتعمَّدًا من جانبك، بل هو حالة تتمثل في أنك تصبح بشكل طبيعي غارقًا في هذه المشاعر السلبيّة. قد تعتقد الآن أن هذه المشاعر ليست لديك، لكن هذا فقط لأن الأوان والمناخ الملائمَين لم يحلّا بعد. بمجرد أن يحلّ الأوان والمناخ المُناسبَين، فمن الممكن أن تنزلق إلى هذه المشاعر ذاتها في أي وقت وفي أي مكان. الآن، عندما تنزلق إلى هذه المشاعر، تكونُ في خطر، في خطر الرجوع إلى طريقتك الأصلية في العيش في أي وقت وأي مكان، والوقوع تحت سيطرة أفكارك وآرائك الأصلية؛ وهذا خطير جدًا. يُمكِن لهذا الخطر أن يسلب منك فرصتك وأمَلك في نيل الخلاص في أي وقت وأي مكان، وفي أي وقت وأي مكان يُمكِن أن يُبعِدك عن طريق الإيمان بالله. لذا، بغضّ النظر عن مدى قوّة عزمك ورغبتك في أداء واجبك الآن، أو مدى عُمق ورقي الحقائق التي تعتقدُ أنك تفهمها، أو مدى عِظم قامتك، ما دامت أفكارك لا تتغيّر، وما دام منظورك للحياة لا يتغيّر، وما دامت الطريقة التي تعيش بها حياتك لا تتغيّر، وما دامت رغبتك فيما تريده في الحياة لا تتغيّر – وكل هذا بتوجيه هذه المشاعر – فإنك ستكون في خطر في كلّ الأوقات وكلّ الأماكن؛ عندها يُمكن أن تلتهمك هذه الأفكار والآراء وأن تغلبك وتجرفك بعيدًا في أي وقت وأي مكان، وأنت إذن في خطر. لذا، لا تستخفّ بهذه المشاعر السلبيّة. ففي أي لحظة وأي مكان، يُمكِنها أن تسلب منك فرصتك في نيل الخلاص وتُدمِّر فرصتك في أن تُخلَّص، وهذا ليس أمرًا هيّنًا.

كل المشاعر السلبيّة للإنسان ناجمة عن أفكاره الخاطئة المختلفة، وآراءه الخاطئة، وطُرُق حياته الخاطئة، والفلسفات الحياتية الشيطانية الخاطئة. ثمّة أيضًا بعض الأشياء التي تحدث في حياتك الواقعية، خاصةً في الأوقات التي لا تكون فيها قادرًا على استيعاب جوهر هذه الأشياء بوضوح، ويُمكِنك أن تُصبح بسهولة مذعورًا ومُحاصرًا بسبب كيفيّة ظهور هذه الأشياء، وقد تنزلق بسهولة إلى الارتباك، وبالتالي تعود إلى طُرُق الحياة القديمة؛ ستحمي نفسك بطريقة لا إرادية، وتنبذ الله، وتنبذ الحق، وتستخدم أساليبك الخاصة والطُرُق التي تؤمن أنها الأكثر تقليديةً وجدارةً بالثقة لطلب مخرج، والبحث عن كيفيّة العيش، والبحث عن الأمل للاستمرار في العيش. رغم أن هذه المشاعر السلبيّة تبدو ظاهريًا مجرّد مشاعر، وإذا وصفنا هذه المشاعر بالكلمات فإنها تبدو أقلّ أهميةً وليست شديدة الخطورة عندما تُؤخَذ حرفيًا، إلا أن بعض الأشخاص يتشبّثون بهذه المشاعر السلبيّة ولا يسمحون لها بالرحيل، كما لو كانوا متمسّكين بقشّة سوف تُنقِذ حياتهم، ويُصبِحون مُقيَّدين ومُكبّلين بهذه الأشياء. في الواقع، كونهم مُقيَّدين بهذه المشاعر السلبيّة ناجم حقيقةً عن الطُرُق المختلفة التي التي يعتمد عليها الإنسان للبقاء، وكذلك أفكارهم وآراءهم المختلفة التي تُسيطر عليهم، ومواقفهم المختلفة إزاء الحياة والعيش. لذلك، رغم أن مشاعر الضيق والقلق والهمّ والدونيّة والضغينة والغضب وغيرها كلها سلبيّة، إلا أن الناس ما زالوا يعتقدون أن هذه الأشياء يُمكِن الاعتماد عليها، وعندما ينزلقون في هذه المشاعر فقط يشعرون بالأمان، ويشعرون أنهم قد وجدوا أنفسهم وأنهم باقون. في الواقع، كون الناس غارقين في هذه المشاعر يجعلهم يتحرّكون في الاتجاه المعاكس ويبتعدون كثيرًا عن الحق، وكذلك عن طُرُق التفكير الصحيحة، والأفكار والآراء الصحيحة، والموقف الصحيح الذي يُخبرهم الله أن يتّخذوه تجاه الآراء في الأشياء. أيًا كانت المشاعر السلبيّة التي تواجهها، كلما غُصتَ فيها بشكل أعمق، وكلما أصبحتَ مُقيّدًا بها أكثر؛ كلما قُيِّدتَ بها أكثر، وكلما أصبحت تشعر بالحاجة إلى حماية نفسك أكثر؛ كلما شعرت بالحاجة إلى حماية نفسك أكثر، وكلما أصبحت تأمل في أن تكون أقوى وأكثر قدرةً وكفاءةً في الفوز بفرص العيش وإيجاد طُرُق مختلفة للعيش من أجل التغلّب على العالم، وإعلان النصر على كل المصاعب التي تواجهها في العالم، وتجاوز كل مصاعب الحياة ومتاعبها. كلما انزلقت في هذه المشاعر، وكلما أردتَ فعليًا السيطرة على كل المصاعب التي تصادفها في حياتك وعلاجها. أليس كذلك (بلى، صحيح). إذن، كيف تنشأ أفكار الإنسان هذه؟ لنأخذ الزواج على سبيل المثال. أنت تشعر بالضيق والقلق والهمّ بشأن الزواج، لكن ما الأمر بالضبط وراء كل هذا؟ ما الذي تقلق بشأنه؟ من أين يأتي هذا القلق؟ إنه يأتي من عدم معرفتك أن هذا الزواج مُرتّب ومحكوم بالقدر، وأنه مُرتّب ومحكوم من قِبل السماء. بعدم معرفة ذلك، تريد دائمًا أن تُقرّر الأمور لنفسك، وأن تُخطّط وتعتزم وترسم وتُفكّر بشكل مستمر في أشياء من قبيل: "ما نوع الشريك الذي ينبغي أن أبحث عنه؟ ما الطول الذي ينبغي أن يكون عليه؟ ماذا ينبغي أن يكون مظهره؟ ما نوع الشخصية التي يجب أن تكون لديه؟ ما مقدار التعليم الذي ينبغي أن يكون قد حصّله؟ ما نوع العائلة التي ينبغي أن يكون قد أتى منها؟". كلما كانت خططك أكثر استفاضةً، كلما ازداد حنقك، أليس كذلك؟ وكلما ارتفع سقف متطلّباتك وكانت لديك متطلّبات أكثر، كلما ازداد حنقك، صحيح؟ وكلما أصبح من الأصعب عليك إيجاد شريك، بلى؟ (نعم). عندما لا تعرف ما إذا كان الشخص مناسبًا لك أم لا، تُصبح مصاعبك أكبر، وكلما أصبحت مصاعبك أكثر، كلما اشتدّت مشاعرك من قبيل الضيق والقلق والهمّ، أليس كذلك؟ كلما اشتدّت مشاعرك من قبيل الضيق والقلق والهمّ، كلما دفعتك تلك المشاعر إلى الاضطراب. لذا، كيف تحلّ هذه المشكلة؟ لنقل إنك تفهم جوهر الزواج، وتفهم الطريقة الصحيحة للمُضي قدمًا والاتجاه الذي تسلكه؛ ما النهج الصحيح الذي يجب أن تسلكه للزواج؟ تقول: "الزواج حدث عظيم في الحياة، وبغضّ النظر عمّا يختاره الناس، فقد كان مُقدّرًا بالكامل منذ زمن بعيد. لقد رسم الله ورتّب من سيكون قرينك وما سيكون عليه شكله. ينبغي على الناس ألا يتسرّعوا أو يعتمدوا على مخيّلاتهم، أو على تفضيلاتهم. الاعتماد على مخيّلات المرء وتفضيلاته وأن يكون المرء طائشًا كلها من مظاهر الجهل ولا يتوافق مع الواقع. يجب ألا يسمح الناس لأوهامهم بالانفلات من عِقالها، وكل التصوّرات تتعارض مع الواقع. الأمر الأكثر عمليةً الذي ينبغي فعله هو ترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي وانتظار الشخص الذي رتّبه الله لك". إذن، مع هذا الفهم النظري وهذا الفهم العملي كأساس لك، كيف ينبغي أن تُمارس فيما يتعلّق بهذا الأمر؟ ينبغي أن يكون لديك إيمان، وأن تنتظر وقت الله، وأن تنتظر ترتيب الله. إذا رتّب الله شريكًا مناسبًا لك في هذه الحياة، فإنه سيظهر في الوقت المناسب، وفي المكان المناسب، وفي البيئة الصائبة. سيحدث ذلك عندما تكون الظروف مواتيةً، وكل ما ينبغي عليك فعله هو أن تكون الشخص الذي يتعاون مع هذا الأمر في هذا الوقت، وفي هذا المكان وفي هذه البيئة. الشيء الوحيد الذي يُمكِنك فعله هو الانتظار؛ انتظار حلول هذا الوقت، وانتظار هذا المكان، وانتظار هذه البيئة، وانتظار أن يظهر ذلك الشخص، وانتظار أن يتحقّق كل ذلك، وعدم كون المرء نشطًا أو سلبيًا، بل منتظرًا فقط حدوث كل هذه الأشياء ووصولها. ما الذي أعنيه بـ "الانتظار"؟ اعني امتلاك موقف خضوع، وأن لا يكون المرء نشطًا أو سلبيًا؛ هذا الموقف هو موقف طلب وخضوع، دون إلحاح. بمجرّد أن تتبنى هذا النوع من المواقف، هل ستظلّ تشعر بالضيق والقلق والهمّ بشأن الزواج؟ (لا). ستختفي خططك الفردية وتصوّراتك وأمانيك وميولك وكل تفكيرك الجاهل الذي يتعارض مع الحقائق. يطمئن قلبك بعدئذٍ، ولا تشعر بعدها بمشاعر سلبيّة بشأن أمر الزواج. تشعر بالاسترخاء والتحرّر والحرية بشأن هذا الأمر، وتترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي. بمجرد أن يكون لديك هذا الموقف الصحيح، كل شيء تفعله وكل شيء تُعبّر عنه يُصبح عقلانيًا وملائمًا. المشاعر التي تظهر من داخل إنسانيتك الطبيعية لا يُمكِن أن تكون ضيقًا أو قلقًا أو همًّا، بل تكون سلامًا واستقرارًا. المشاعر ليست إحباطًا أو تطرّفًا؛ فأنت تنتظر فقط. الطريقة الوحيدة للممارسة والموقف تجاه هذا الأمر في قلبك هو أن تنتظر وأن تخضع: "أنا أرغب في الخضوع لكل ما يُرتّبه الله لي. ليس لديّ متطلّبات أو خطط شخصية". ألا تكون بذلك قد تخلّيت عن هذه المشاعر السلبيّة؟ وأليس صحيحًا أن هذه المشاعر لن تظهر؟ حتى لو شعرتَ بها، ألن تتخلى عنها تدريجيًا؟ إذن، ما نوع عملية التخلي عن هذه المشاعر السلبيّة؟ هل هي مظهر للسعي إلى الحق؟ إنها تُظهِر أنك تسعى إلى الحق وتُمارس الحق. النتيجة النهائية التي تتحقّق من خلال السعي إلى الحق هي ممارسة الحق؛ إنها تُنفَّذ عبر ممارسة الحق. عندما تصل إلى مستوى ممارسة الحق، فإن ضيقك وقلقك وهمّك لن يتبعك بعدئذٍ كظلّك؛ بل سيُزال تمامًا من صميم قلبك. هل عملية إزالة هذه المشاعر هي عملية التخلي؟ (نعم). ممارسة الحق هي بمثل هذه البساطة. هل هي أمر سهل؟ ممارسة الحق هو تحوّل في الأفكار والآراء، وأكثر من ذلك، إنه تحوّل في موقف المرء تجاه الأشياء. لتتخلى عن شعور سلبيّ بسيط، يجب أن يمارس المرء هذه العمليات ويُحقّقها. أولاً يخضع المرء لتحوّل في أفكاره وآراءه، ثُمّ تحوّل في موقف المرء تجاه الممارسة، وقبل هذا يخضع لتحوّل في طريقة ممارسة المرء، ومبادئ ممارسة المرء، وطريق ممارسة المرء. ألا تكون بذلك قد تخلّيت عن هذا الشعور السلبيّ؟ الأمر بهذه البساطة. النتيجة النهائية التي تُحقّقها من خلال "التخلي" هي أنك لم تعد مضطربًا أو متحيّرًا أو خاضعًا لتحكّم هذا الشعور السلبيّ، وفي الوقت ذاته لم تعد مسكونًا بجميع أشكال الأفكار السلبيّة والآراء الناجمة عن هذا الشعور السلبيّ. بهذه الطريقة ستعيش شعورًا بالاسترخاء والحرية والتحرّر. بالطبع، الشعور بالاسترخاء والحرية والتحرّر هو مجرد مشاعر إنسانية؛ فالفائدة الحقيقية التي يجنيها الناس هي أنهم يأتون لفهم الحق. أساس وجود الإنسان هو الحق وكلام الله. إذا اعتمد الناس على تصوّراتهم للعيش داخل مشاعر سلبيّة مختلفة من أجل الحماية الذاتية، وإذا اعتمدوا على أنفسهم واعتمدوا على قدراتهم ووسائلهم وطُرُقهم لحماية أنفسهم، وسلكوا طريقهم الخاص، فإنهم سيكونون قد ضلّوا عن الحق وعن الله، وسيأتون للعيش تحت سيطرة الشيطان بشكل طبيعي. لذا، عندما تواجهك نفس هذه المصاعب والمواقف، ينبغي أن يكون لديك فهمًا في قلبك، وسوف تفكّر بشكل طبيعي: "أنا لست بحاجة للقلق بشأن هذه الأمر. لا جدوى من القلق. الأشخاص الذين هم أذكياء وحكماء سيعتمدون على الله، وسيأتمنون الله على كل هذه الأشياء، ويخضعون لسيادته، وينتظرون كل الأشياء التي يرتّبها الله، وينتظرون الوقت والمكان والشخص أو الشيء الذي يُرتّبه الله. ما يجب على الإنسان أن يفعله وما باستطاعته أن يفعله هو فقط أن يتعاون وأن يخضع؛ هذا هو الخيار الأكثر عقلانيةً". بالطبع إذا لم تفعل هذا ولم تمارس بهذه الطريقة، فإن كل شيء يُرتبّه الله لا يزال سيحدث في النهاية؛ لا يُمكِن لأي شخص ولأي حدث ولأي موقف أن يتغيّر بإرادة الإنسان. الضيق والقلق والهمّ لدى الإنسان هو مجرد تضحية بلا معنىً، وهي مجرّد أفكار حمقاء ومظاهر لجهل الإنسان. أيًا كان عُمق مشاعرك من قبيل الضيق والقلق والهمّ أو شدّتها، أو مدى تفكيرك في أمر ما، فإن كل هذا سيكون عديم الجدوى في النهاية ويجب أن يُنبَذ. الحقائق والنتائج النهائية لا يُمكن أن تتغيّر بواسطة إرادة الإنسان. يجب أن يعيش الإنسان تحت سيادة الله وترتيباته؛ لا أحد بوسعه تغيير هذه الأشياء، ولا أحد بوسعه التحرّر من كل هذه الأشياء. أليس ذلك؟ (بلى).

لنتحدّث الآن عن المرض. عندما يتعلّق الأمر بهذا الجسد العتيق للإنسان، لا يهم ما المرض الذي يُصيب الناس، سواءً كان بإمكانهم التحسّن، أو إلى أي درجة يُعانون، لا يعود شيء من ذلك إليهم؛ كل ذلك في يدي الله. إذا كُنتَ تخضع لترتيبات الله، وتكون مستعدًا لتحمّل هذه الحقيقة وقبولها، فستظلّ مصابًا بهذا المرض؛ وإذا لم تقبل هذه الحقيقة، فستظلّ غير قادر على التخلص من هذا المرض؛ هذه حقيقة. بوسعك أن تواجه مرضك بإيجابية ليوم، أو تواجهه بسلبية ليوم. هذا هو الأمر، أيًا كان موقفك، لا يُمكنك تغيير حقيقة أنك مريض. ما الخيار الذي يتّخذه الأشخاص الأذكياء؟ وما الخيار الذي يتّخذه الأشخاص الحمقى؟ الأشخاص الحمقى سيختارون أن يعيشوا في مشاعر الضيق والقلق والهمّ. سيُصبحون حتى غارقين في هذه المشاعر ولن يرغبوا في الخروج منها. هم لا يستمعون إلى أي نصيحة تُقدَّم إليهم، ويتساءلون: "أوه، كيف أُصبتُ بهذا المرض؟ هل كان بسبب التعب؟ أم هل كان بسبب القلق؟ أم هل كان بسبب الكبت؟". يتساءلون كل يوم كيف أُصيبوا بالمرض ومتى بدأ، مُفكّرين: "لماذا لم ألاحظه؟ كيف أكون بهذا الغباء وأؤدي واجبي بصدق شديد؟ يُجري الآخرون فحصًا طبيًا كل عام، ويقيسون على الأقل ضغط دمهم ويُجرون مسحًا بالأشعة السينية. كيف لم أُدرك أنني يجب أن أخضع لفحص طبي؟ يعيش الأشخاص الآخرون بحذر شديد. كيف أعيش بهذه البلادة؟ لقد أُصبتُ بهذا المرض ولم أعرف حتى. أوه، يجب أن أتلقى علاجًا لهذا المرض! ما العلاج الذي يُمكِنني تلقيه؟". ثُمّ يذهبون إلى الإنترنت للبحث عن كيفية إصابتهم بهذا المرض، وما الذي تسبّب فيه، وكيفيّة علاجه بالطبّ الصيني، وكيفيّة علاجه بالطبّ الغربي، وما العلاجات الشعبية المُتاحة؛ يبحثون عن كل هذه الأشياء. بعد ذلك، يأخذون الأدوية الصينية ثُمّ الأدوية الغربية في المنزل، ويشعرون دائمًا بالخطر والقلق ونفاذ الصبر بشأن المرض، وبمرور الوقت، يتوقفون عن أداء واجبهم، ويتخلّون عن إيمانهم بالله، ويتوقفون عن الإيمان، ويُفكّرون فقط في كيفية شفاء مرضهم؛ أصبح واجبهم الآن هو شفاء مرضهم. مرضهم يستنزفهم، ويشعرون بالضيق كل يوم بشأن إصابتهم بالمرض، وعندما يرون أي شخص يقولون: "أوه، لقد أُصبتُ بهذا المرض بهذه الطريقة. اجعلوا ما يحدث لي درسًا لكم، وعندما تُصابون بالمرض عليكم أن تذهبوا وتُجروا الفحوصات وتتلقوا العلاج. الاهتمام بصحّتكم هو الأمر الأكثر أهميّة. يجب أن تكونوا فطنين، ولا يجب أن تعيشوا ببلادة شديدة". يقولون هذه الأشياء لكل شخص يقابلونه. من خلال الإصابة بالمرض، يخوضون هذه التجربة ويتعلّمون هذا الدرس. بمجرد أن يمرضوا، يُصبحون حذرين عند تناول الطعام وحذرين أثناء المشي، ويتعلّمون كيف يعتنون بصحّتهم. في النهاية، يصِلون إلى استنتاج: "ينبغي على الناس أن يعتمدوا على أنفسهم في العناية بصحّتهم. لم أولِ قدرًا كبيرًا من الاهتمام للعناية بصحتي في السنوات القليلة الماضية، وفي اللحظة التي غفلتُ فيها، أُصبتُ بهذا المرض. لحسن الحظ، اكتشفته مبكرًا، لو كنتُ قد اكتشفته متأخرًا، لكنتُ قد انتهيتُ. سيكون من سوء الحظ كثيرًا أن أُصابَ بالمرض وأموت في سن صغيرة. لم أتمكّن بعد من الاستمتاع بالحياة، ثمّة الكثير من الأشياء الجيّدة لأتناولها لم أتناولها بعد، وثمّة الكثير من الأماكن الممتعة التي لم أزرها بعد!". يُصابون بالمرض ويخلصون إلى هذا الاستنتاج. يمرَضون لكنهم لا يموتون، ويؤمنون بأنهم حذقين وأنهم اكتشفوا المرض في الوقت المناسب. لا يقولون أبدًا إن كل هذا يعود إلى سيادة الله ومُقدّر سلفًا من قِبله، وأنه إذا لم يكن من المفترض أن يموت الشخص، فإنه مهما كانت شدة إصابته بالمرض، فإنه لن يكون بإمكانه الموت، وأنه إذا كان من المفترض أن يموت الشخص، فإنه سوف يموت حتى دون أن يُصاب بالمرض؛ إنهم لا يفهمون هذا. هم يعتقدون أن مرضَهم قد جعلهم حذقين، في حين أنهم في الحقيقة يُبالغون في "حذاقتهم" وهم حمقى للغاية. عندما يواجه الأشخاص الذين يسعون إلى الحق المرضَ، هل يُصبحون غرقى في مشاعر الضيق والقلق والهمّ؟ (لا). ما النهج الذي يتّخذونه إزاء المرض؟ (أولاً، هم قادرون على الخضوع، ثُمّ أثناء مرضهم، يطلبون فهم مقاصد الله ويتأمّلون ما لديهم من شخصيات فاسدة). هل يُمكِن لهذه الكلمات القليلة أن تحلّ المشكلة؟ إذا كان كل ما يفعلونه هو التأمل، ألن يزالوا بحاجة إلى علاج مرضهم؟ (سيطلبون العلاج أيضًا). نعم، إذا كان مرضًا ينبغي علاجه، أو مرضًا خطيرًا، أو مرضًا قد يزداد سوءًا إذا لم تطلب العلاج له، فينبغي علاجه؛ هذا ما يفعله الأشخاص الأذكياء. عندما يكون الأشخاص الحمقى غير مرضى، فإنهم يكونون قلقين على الدوام: "أوه، هل يُمكِن أن أكونَ مريضًا؟ وإذا كنتُ مريضًا، هل سيتفاقم المرض؟ هل سأُصابُ بهذا المرض؟ وإذا أصبتُ بهذا المرض، هل سأموت قبل أواني؟ هل سيكون الأمر مؤلمًا جدًا عندما أموت؟ هل سأعيشُ حياةً سعيدةً؟ إذا أصبتُ بهذا المرض، فهل ينبغي أن أقوم بالترتيبات لموتي وأستمتع بالحياة على جناح السرعة؟". الأشخاص الحمقى يشعرون كثيرًا بالضيق والقلق والهمّ من أشياء مثل هذه. هم لا يطلبون الحق مُطلَقًا ولا يطلبون الحقائق التي ينبغي أن يفهموها في هذا الأمر. الأشخاص الأذكياء في المقابل لديهم بعض الفهم والرؤية في هذا الأمر سواءً عندما يُصاب شخص آخر بالمرض أو عندما يكونون هم أنفسهم غير مرضى بعد. إذن، ما هو الفهم والرؤية التي ينبغي أن تكون لديهم؟ بادئ ذي بدء، هل سيتخطى المرض أحدًا لأنه يشعر بالضيق والقلق والهمّ؟ (لا). أخبرني، أليس مُقدّرًا بالفعل متى سيُصاب الشخص ببعض الأمراض، وكيف ستكون صحّته في عمر معيّن، وما إذا كان سيُصاب بمرض خطير أو جسيم؟ بلى، وهذا أمر مؤكّد، دعني أخبرك. لن نناقش الآن كيف يُقدِّر الله هذه الأمور سلفًا لك؛ مظهر الناس، وملامح وجوههم، وأشكال أجسادهم، وتواريخ ميلادهم معروفة بوضوح للجميع. هؤلاء العرافون والمنجمّون غير المؤمنين، وأولئك الذين يستطيعون قراءة النجوم وأكّف الناس، يُمكِنهم أن يعرفوا من خلال أكفّ الناس ووجوههم وتواريخ ميلادهم متى سيواجهون كارثةً، ومتى سيحدث لهم مكروه؛ هذه الأشياء قُدِّرت بالفعل. لذا، عندما يُصاب الشخص بالمرض، قد يبدو الأمر وكأنه ناجم عن إرهاق أو مشاعر غضب أو بسبب أنه يعيش في فاقة ويفتقر إلى التغذية؛ قد يبدو الأمر هكذا ظاهريًا. هذا الوضع ينطبق على الجميع، فلماذا يُصاب بعض الناس في نفس الفئة العمرية بهذا المرض ولا يُصاب به آخرون؟ هل الأمر مُقدَّر أن يكون على هذا النحو؟ (نعم). بكلمات العلمانيين، إنه مُقدَّر. كيف نقول ذلك بكلمات تتماشى مع الحق؟ كل هذا يأتي تحت سيادة الله وترتيباته. بالتالي، أيًا كانت نوعيّة طعامك وشرابك وإقامتك وبيئتك المعيشية، فإنه ليس لها علاقة بالموعد الذي ستُصاب فيه بالمرض أو ما المرض الذي سيُصيبك. الأشخاص الذين لا يؤمنون بالله يبحثون دائمًا عن الأسباب من منظور موضوعي، ويؤكّدون دائمًا على أسباب الأمراض، قائلين: "عليك أن تتمرّن أكثر، وتأكل خضروات أكثر ولحم أقلّ". هل هذا هو الحال حقًا؟ الأشخاص الذين لا يأكلون أي لحوم يُمكِن أن يُصابوا بارتفاع ضغط الدم وداء السكر بنفس الطريقة، والنباتيون يُمكن أن يكون لديهم مستوى عالٍ من الكوليسترول. عِلم الطب لم يُقدّم تفسيرًا دقيقًا أو منطقيًا لهذه الأمور. دعني أخبرك، كل الأطعمة المختلفة التي خلقها الله للإنسان هي أطعمة يُفترض أن يأكلها الإنسان؛ فقط لا تتناولها بإفراط، لكن تناولها باعتدال. من الضروري أن تتعلّم كيف تعتني بصحّتك، لكن الرغبة الدائمة في دراسة كيفية الوقاية من المرض هي خطأ. كما قلنا للتوّ، ما ستكون عليه صحة الشخص في عُمرٍ معيّن وما إذا كان سيُصاب بمرض خطير هو كله مُرتّب من قِبل الله. غير المؤمنين لا يؤمنون بالله ويمضون للبحث عن شخص ما ليرى هذه الأمور في كفوف الأيدي وتواريخ الميلاد والوجوه، وهم يؤمنون بهذه الأشياء. أنت تؤمن بالله وتستمع غالبًا إلى العظات والشركات حول الحق، فإذا لم تكن تؤمن بهذا، فإنك لست سوى غير مؤمن. إذا كنت تؤمن حقًا بأن كل شيء في يدي الله، فيجب أن تؤمن بهذه الأشياء – الأمراض الخطيرة، والأمراض الجسيمة، والأمراض البسيطة، والصحة – كلها تقع تحت سيادة الله وترتيباته. ظهور مرض خطير وما ستكون عليه صحة الشخص في عُمرٍ معيّن ليست أشياءً تحدث بمحض الصدفة، وفهم هذا يعني أن لديك فهمًا إيجابيًا ودقيقًا. هل يتوافق هذا مع الحق؟ (نعم). إنه يتوافق مع الحق، وهو الحق، ينبغي أن تقبل هذا، وموقفك وآراءك في هذا الأمر ينبغي أن تتحوّل. وما الذي يتمّ علاجه بمجرد أن تتحوّل هذه الأشياء؟ ألا يتم علاج مشاعرك من قبيل الضيق والقلق والهمّ؟ على الأقل، مشاعرك السلبيّة من قبيل الضيق والقلق والهمّ حول المرض تُعالج نظريًا. لأن فهمك قد حوّل أفكارك وآراءك، فإنه بالتالي يعالج مشاعرك السلبيّة. هذا جانب واحد: سواءً كان الشخص سيُصاب بالمرض أم لا، وما المرض الخطير الذي سيُصيبه، وما ستكون عليه صحّته في كل مرحلة من الحياة، لا يُمكِن تغييره بإرادة الإنسان، بل هو كله مُقدَّر سلفًا من قِبل الله. بعض الناس يقولون: "إذن هل من المقبول ألا أريدُ أن أُصاب بالمرض؟ هل من المقبول إذا كنت أريدُ أن أسأل الله أن يُبعد المرض عني؟ هل من المقبول أن أطلب من الله أن يُجنّبني هذه الكارثة أو هذا المكروه؟". ما رأيكم؟ هل هذه الأشياء مقبولة؟ (لا). تقولون ذلك بيقين كبير، لكن لا أحد قادر على فهم هذه الأشياء بوضوح. ربما يؤدي شخص ما واجبه بإخلاص ولديه العزيمة للسعي إلى الحق، وهم مُهمّ جدًا لبعض العمل في بيت الله، وربما يُبعِد الله هذا المرض الخطير الذي يؤثر على واجبه، وعلى عمله، وعلى طاقته الجسدية وقوّته بعيدًا عنه، حيث سيتحمّل الله مسؤولية عمل الله. ولكن هل هناك شخص مثل هذا؟ من هو مثل هذا؟ أنتم لا تعرفون، أليس كذلك؟ قد يكون هناك أشخاص مثل هذا. إذا كان ثمّة أشخاص مثل هذا، أليس الله قادرًا على إبعاد مرضهم أو مصيبتهم بكلمة واحدة؟ أليس الله قادرًا على فعل ذلك بتفكير واحد؟ تفكير الله سيكون: "هذا الشخص سوف يواجه مرضًا في شهر معيّن في هذا العُمر. هو الآن مشغول جدًا بعمله، لذا لن يُصاب بهذا المرض. هو ليس بحاجة لاختبار هذا المرض. ليتخطّاه المرض". ليس ثمّة سبب يمنع حدوث هذا، وسيحتاج الأمر فقط إلى كلمة من الله، أليس كذلك؟ لكن من يُمكِنه نيل مثل هذه البركة؟ كل من يمتلك حقًا مثل هذه العزيمة والإخلاص ويُمكِنه حقًا أن يتولى هذه المهمة في عمل الله، يُمكِن أن يكون من ينال مثل هذه البركة. ليس هذا هو الموضوع الذي نحتاج إلى الحديث عنه، لذا لن نتحدّث عنه الآن. نحن نتحدّث الآن عن المرض؛ هذا شيء سيختبره معظم الناس خلال حياتهم. بالتالي، نوع المرض الذي سيُصيب أجساد الناس في أي وقت أو في أي عمر وما ستكون عليه صحّتهم، كلها أشياء مُرتّبة من قِبل الله، ولا يستطيع الناس أن يُقرّروا هذه الأشياء بأنفسهم؛ مثل الوقت الذي يُولَد فيه الشخص، لا يُمكِنهم أن يُقرِّروا ذلك بأنفسهم. إذن، أليس من الغباء أن تشعر بالضيق والقلق والهمّ من أمور لا يُمكِنك أن تُقرّرها بنفسك؟ (بلى). ينبغي أن يشرع الناس في علاج الأشياء التي يُمكِنهم علاجها بأنفسهم، أما تلك الأشياء التي لا يستطيعون القيام بها بأنفسهم، ينبغي عليهم أن ينتظروا الله؛ يجب أن يخضع الناس بصمت ويسألوا الله أن يحميهم؛ هذه هي العقلية التي ينبغي أن تكون لدى الناس. عندما يهجم المرض حقًا ويكون الموت قريبًا حقًا، ينبغي على الناس أن يخضعوا وألا يشتكوا أو يتمرّدوا على الله أو يقولوا أشياء تُجدّف على الله أو أشياء تُهاجمه. عوضًا عن ذلك، ينبغي أن يقف الناس ككائنات مخلوقة وأن يختبروا ويُقدّروا كل ما يأتي من الله؛ ينبغي ألا يحاولوا اختيار الأشياء لأنفسهم. يجب أن تكون هذه تجربةً خاصةً تُثري حياتك، وليست شيئًا سيئًا بالضرورة، أليس كذلك؟ لذا، عندما يتعلّق الأمر بالمرض، ينبغي أن يعالج الناس أولاً أفكارهم وآراءهم الخاطئة المتعلّقة بمصدر المرض، ومن ثَمّ لن يعودوا قلقين بشأن هذا؛ إضافةً إلى ذلك، ليس لدى الناس حق في التحكّم في الأشياء المعروفة أو غير المعروفة، ولا هم قادرون على التحكّم فيها، لأن كل هذه الأشياء تحت سيادة الله. موقف ومبدأ الممارسة الذي ينبغي أن يكون لدى الناس هو الانتظار والخضوع. من الفهم إلى الممارسة، ينبغي أن يتمّ كل شيء بما يوافق مبادئ الحق؛ هذا هو السعي إلى الحق.

بعض الناس يكونون قلقين دائمًا بشأن مرضهم، يقولون: "هل سأكون قادرًا على تحمّل مرضي إذا اشتد. إذا تدهورت حالتي، فهل سيأخذ المرض حياتي؟ هل سأحتاج إلى الخضوع لجراحة؟ وهل سأموت على طاولة العمليات إن خضعتُ لجراحة. لقد خضعتُ. هل سيأخذ الله حياتي بسبب هذا المرض؟". ما الفائدة من التفكير في هذه الأمور؟ إذا لم يكن بوسعك سوى التفكير في هذه الأمور، فعليك أن تُصلي لله. لا جدوى من الاعتماد على نفسك، فلن تتمكَّن قطعًا من تحمّله. لا أحد يريد أن يضطر إلى تحمل المرض، ولا أحد ينشرح مبتسمًا ويشعر بالاغتباط ويحتفل عندما يمرض. ليس ثمة أحد مثل هذا لأن هذه ليست إنسانيةً طبيعيةً. عندما يمرض الناس العاديون، سيُعانون دائمًا ويشعرون بالحزن، ولديهم حدود لما يُمكِنهم تحمله. لكن ثمة شيء واحد يجب ملاحظته: إذا فكَّر الناس دائمًا أن يعتمدوا على قوِّتهم الخاصة عندما يمرضون لتخليص أنفسهم من مرضهم والهروب منه، فماذا ستكون النتيجة النهائية؟ ألن يُعانوا ويشعروا بالحزن بدرجة أكبر حتى، فضلاً عن مرضهم؟ هذا هو السبب في أنه يجب على الناس كلما وجدوا أنفسهم مُطَوَّقين بالمرض بدرجة أكبر، أن يطلبوا الحق أكثر، وأن يطلبوا طريق الممارسة ليكونوا في توافق مع مقاصد الله. كلّما طُوِّق الناس بالمرض بدرجة أكبر، كان عليهم أن يأتوا أمام الله أكثر ويعرفوا فسادهم الخاص والمطالب غير المعقولة التي يطلبونها من الله. كلّما طُوِّقت بالمرض أكثر، امتُحِن خضوعك الحقيقي أكثر. لذا، عندما تكونُ مريضًا، فإنَّ قدرتك على الاستمرار في الخضوع لترتيبات الله والتمرّد على شكاواك وطلباتك غير المعقولة تظهر أنك شخص يسعى إلى الحق بصدق ويخضع بصدق لله، وأنك تُقدِّم الشهادة، وأن وفاءك لله وخضوعك له حقيقيان ويُمكِنهما أن يجتازا الامتحان، وأن وفاءك لله وخضوعك له ليسا محض شعارات وتعاليم. هذا ما يتعين على الناس ممارسته عندما يمرضون. عندما تمرض، يكون ذلك لكشف جميع مطالبك غير المعقولة وتصوّراتك ومفاهيمك غير الواقعية عن الله، وهو أيضًا لامتحان إيمانك بالله وخضوعك له. إذا اجتزتَ الامتحان في هذه الأشياء، فإنَّ لديك شهادة حقيقية ودليل حقيقي على إيمانك بالله، ووفائك لله، وخضوعك له. هذا ما يريده الله، وهو ما يجب أن يملكه الكائن المخلوق ويعيشه. أليست كل هذه الأمور إيجابيةً (بلى). هذه هي كل الأمور التي يجب على الناس أن يسعوا إليها. وعلاوةً على ذلك، إذا سمح الله أن تمرض، ألن يكون قادرًا أيضًا على أن يرفع عنك مرضك في أي وقت ومكان؟ (بلى، هو قادر). الله قادر على أن يرفع مرضك عنك في أي وقت ومكان، لذا، ألا يقدِر أيضًا أن يجعل مرضك يبقى معك ولا يتركك مُطلَقًا؟ (بلى، يقدر). وإذا جعل الله هذا المرض نفسه لا يتركك مُطلَقًا، هل يمكنك أن تستمرّ في أداء واجبك؟ هل يمكنك أن تحتفظ بإيمانك بالله؟ أليس هذا امتحانًا. (بلى هو كذلك). إذا مرضتَ ثُمّ تماثلتَ للشّفاء بعد عدّة أشهر، فإن إيمانك بالله ووفاءك وخضوعك له لم تُمتَحن، وليس لديك شهادة. من السهّل تحمّل المرض لبضعة أشهر، لكن إذا دام مرضك سنتين أو ثلاث، ولم يتغيّر إيمانك بالله ولا رغبتك في أن تكون خاضعًا له ومُخلِصًا، بل صارا واقعيين بدرجة أكبر، ألا يُظهِر ذلك أنك قد نموت في الحياة؟ ألا تجني هذا الحصاد؟ (نعم). لذا، بينما يكون الشخص الذي يسعى فعلاً إلى الحق مريضًا، فإنه يُجرّب ويختبر شخصيًا الفوائد العديدة التي يجلبها مرضه. لا يحاول الإفلات من مرضه بلهفة، أو يقلق من العاقبة التي ستقعُ إذا طال مرضه، أو المشكلات التي قد يتسبّب بها، أو ما إذا كان سيتفاقم، أو ما إذا كان سيموتُ؛ هو لا يقلق بشأن هذه الأشياء. إضافةً إلى عدم القلق بشأن هذه الأشياء، فإنه قادر على أن يدخل بشكل إيجابي، وأن يكون لديه إيمان حقيقي بالله، ويكون خاضعًا ومُخلِصًا له حقًا. من خلال الممارسة بهذه الطريقة، يصبح لديه شهادة، وهذا أيضًا يُفيد كثيرًا في دخوله في الحياة، والتغيّر في الشخصية، ويبني أساسًا قويًا لنيله الخلاص. كم ذلك رائع! إضافةً إلى ذلك، قد يكون المرض خطيرًا وقد يكون بسيطًا، لكنه سواءً كان خطيرًا أو بسيطًا فإنه دائمًا ما يُنقّي الناس. بعد أن يتعرض الناس لمرض ما، فإنهم لا يفقدون إيمانهم بالله، هم يخضعون ولا يتبرّمون، ويكون سلوكهم مقبولًا بصفة أساسية، ثُمّ يجنون بعض الحصاد بعد زوال المرض ويشعرون برضا كبير؛ هذا ما يحدث عندما يواجه الناس مرضًا عاديًا. هم لا يكونون مرضى لفترة طويلة ويستطيعون تحمل المرض، الذي هو بشكل أساسي، يدخل في نطاق ما يُمكِنهم تحمّله. لكن ثمّة بعض الأمراض التي تعود مجددًا وتسوء رغم أنها كانت قد تحسنت بعد تلقي العلاج لفترة. يحدثُ هذا مرةً بعد مرة، حتى يصل المرض أخيرًا إلى مرحلة لا يَعود بالإمكان علاجه بعدها، ولا تُجدي الوسائل المُتاحة للطبّ الحديث نفعًا. إلى أي مرحلة يصل المرض؟ يصل إلى مرحلة يُمكِن أن يموت فيها الشخص المُصاب في أي مكان وفي أي وقت. ماذا يُبيّن هذا؟ يُبيّن أن حياة هذا الشخص محدودة. إنها ليست وقتًا يكون فيه الشخص ليس مريضًا والموت بعيدًا وليس هناك شعور به، بل هي بالأحرى أن يُحسّ الشخص أنَّ أجل موته قد اقترب، وأنه يواجه الموت. مواجهة الموت تُؤذِن بوصول أصعب وأهم لحظة في حياة الإنسان. فماذا تفعل إذن؟ أولئك الذين يشعرون بالضيق والقلق والهم سيشعرون دومًا بالضيق والقلق والهم بشأن موتهم، إلى أن تصل أخيرًا أصعب لحظة في حياتهم ويُصبح الشيء الذي يشعرون بالضيق والقلق والهم حياله حقيقةً. كلّما خافوا من الموت أكثر، أصبح الموت أقرب، وقلّت رغبتهم في ملاقاة الموت بسرعة، لكن الموت يقوم بهجوم مفاجئ غير متوقّع عليهم. ماذا عليهم أن يفعلوا؟ هل يحاولون أن يفرّوا من الموت، أم يرفضوا الموت، أم يعارضوا الموت، أم يشكوا بشأنه، أم يحاولوا عقد صفقة مع الله؟ أيّ من هذه الأساليب سينجح؟ لن ينجح أي منها، ولا جدوى من ضيقهم وقلقهم وهمهم. ما أكثر شيء محزن عندما يبلُغون لحظة موتهم؟ كانوا يُحبّون تناول لحم الخنزير الأحمر المطهو ببطء، لكن في آخر بضعة سنوات لم يتناولوه كثيرًا، وعانوا جدًا وهم في نهاية حياتهم. يُفكِّرون في لحم الخنزير الأحمر المطهو ببطء ويرغبون في تناوله مجددًا، لكن صحّتهم لا تسمح بذلك، ولا يُمكِنهم أكله، فهو دسِم للغاية. كانوا يُحبّون أن يظهروا بمظهر جذّاب ويتأنّقون في ملابسهم. الآن هم على وشك الموت، وكل ما يسعهم فعله هو التحديق في خزانة ملابسهم المليئة بالملابس الجميلة، غير قادرين على ارتداء أيّ منها. كم هو محزن الموت! الموت هو أكثر الأشياء إيلامًا على الإطلاق، وعندما يُفكّرون فيه، يشعرون وكأن سكّينًا تلتوي في قلوبهم، وتتحوّل جميع العظام في كامل أجسادهم إلى هُلام. عندما يُفكّرون في الموت، يشعرون بالأسى ويودون أن ينتحبوا، وهم يبكون بالفعل وينتحبون، ويشعرون بالألم من أنهم على وشك مواجهة الموت. يُفكّرون: "لماذا لا أريد أن أموت؟ لماذا أخاف من الموت كثيرًا؟ في السابق، عندما لم أكن مريضًا بشدّة، لم أكن أعتقد أن الموت مخيف. من ذا الذي لن يواجه الموت؟ من ذا الذي لن يموت؟ فلأمت إذن! عندما أفكّر في الأمر الآن، فإن هذا ليس شيئًا يسهل قوله، وعندما يحلّ الموت حقًا، فإنه ليس بالأمر الذي يسهل تسويته. لماذا أشعر بالحزن الشديد؟". هل تشعرون بالحزن عندما تُفكّرون في الموت؟ متى ما فكّرتم في الموت تشعرون بالحزن والألم، وهذا الشيء الذي يُسبّب لكم أقصى درجات القلق والهم يفِدُ أخيرًا. لذلك كلّما فكّرتَ بهذه الطريقة، شعرتَ بخوف أكبر، وازداد شعورك بالعجز، وعانيت أكثر. قلبك غير سَالٍ، وأنت لا تريد أن تموت. من يُمكِنه حلّ مسألة الموت هذه. لا أحد يستطيع، ومن المؤكد أنك لا تستطيع حلّها بنفسك. أنت لا تريد أن تموت، فماذا يُمكِنك أن تفعل؟ لا بد أن تموت رغم ذلك، ولا أحد بوسعه الفرار من الموت. الموت يُحدِق بالناس؛ في قلوبهم، لا يريدون أن يموتوا، لكن كل ما يُفكِرون فيه هو الموت، أوليست هذه الحالة تمثل موتهم قبل أن يموتوا حتى؟ هل يُمكِنهم حقًا أن يموتوا؟ من يجرؤ على أن يخبر يقينًا بموعد موته أو في أي عام سيموت؟ من يُمكِنه معرفة هذه الأمور؟ بعض الناس يقولون: "لقد قُرأ لي طالعي وأعلم تاريخ موتي بالسنة والشهر واليوم، وكيف سيكون موتي". هل تجرؤ على ادّعاء ذلك يقينًا؟ (لا). لا يُمكِنك معرفة ذلك يقينًا. لا تعرف متى ستموتُ؛ هذا أمر ثانوي. المسألة الحاسمة هي ما الموقف الذي ستتبنّاه حينما يقرِّبك مرضك جدًا من الموت. هذا سؤال عليك التأمّل والتفكير فيه. هل ستواجه الموت بموقف الخضوع، أم ستدنو من الموت بموقف المقاومة والرفض والإحجام؟ ما الموقف الذي يجب أن تتخّذه؟ (موقف الخضوع). هذا الخضوع لا يُمكِن تحقيقه وممارسته بمجرّد القول فحسب. كيف يُمكِنك تحقيق هذا الخضوع؟ ما الفهم الذي يجب أن يكون لديك قبل أن تتمكّن من تحقيق الخضوع الطوعي؟ هذا ليس سهلاً، أليس كذلك؟ (بلى، ليس سهلاً). قولوا ما في قلوبكم، إذن. (إذا أصبتُ بمرض خطير، فسأفكّر في أنه حتى لو متُّ حقًا، فإن كل شيء سيكون تحت سيادة الله وترتيبه. الإنسان فاسد بعمق لدرجة أنه إذا كنتُ سأموتُ، فسيكون ذلك ببرّ الله. ليس الأمر أنني يجب حتمًا أن أعيش؛ الإنسان ليس مؤهَّلاً لطلب مثل هذا المطلب من الله. إلى جانب ذلك، أعتقد أنني الآن وقد أمنتُ بالله، مهما حدث، فقد رأيتُ الطريق الصحيح في الحياة وفهمتُ الكثير من الحقائق لدرجة أنه حتى لو كنت سأموتُ قريبًا، فسيكون الأمر برمّته مُستحقًا). هل هذا هو التفكير الصحيح؟ هل يُشكّل هذا نظريةً داعمةً ما؟ (نعم، هو كذلك). من أيضًا يريدُ أن يتحدّث؟ (يا الله، إذا واجهتُ مرضًا ما بالفعل ذات يوم وكان من الوارد أن أموت، فليس ثمّة طريق لتجنّب الموت على أي حال. هذا تعيين الله المسبق وسيادته، ومهما سخطتُ أو قلقتُ، فلا فائدة من ذلك. يجب أن أقضي الوقت القليل المُتبقي لي مُركِّزًا على كيفية أداء واجبي جيدًا. حتى إذا متُّ فعلاً، فلن أشعر بأي ندم. أن أتمكّن من الخضوع لله ولترتيبات الله في النهاية أفضل كثيرًا من العيش في خوف ورعب). ما رأيك في هذا الفهم؟ أليس هذا أفضل قليلاً؟ (بلى). هذا صحيح، هكذا يجب أن تنظر إلى مسألة الموت. على الجميع مواجهة الموت في هذه الحياة، إن الموت هو ما لا بد للجميع أن يواجهوه في نهاية رحلتهم. على الرغم من ذلك، ثمّة سمات عديدة مختلفة للموت. إحدى هذه السمات هي أنه بحلول الوقت الذي قدَّره الله مسبقًا، فإنك تكون قد أنجزتَ مهمّتك، ويضع الله خطًا تحت حياتك الجسدية، وتصل حياتك الجسدية إلى نهايتها، رغم أن هذا لا يعني أن حياتك قد انتهت. عندما يكون الشخص بلا جسد، تنتهي حياته – هل هذا هو الحال؟ (لا). الشكل الذي تتّخذه حياتك بعد الموت يعتمد على الكيفية التي تعاملتَ بها مع عمل الله وكلامه بينما كنتَ على قيد الحياة؛ هذا أمر مهم للغاية. الشكل الذي ستوجد عليه حياتك بعد الموت، أو ما إذا كنت ستحتفظ ببقائك أم لا، سيعتمد على موقفك تجاه الله وتجاه الحق بينما كنتَ على قيد الحياة. في أثناء وجودك على قد الحياة، إذا كان موقفك تجاه الحق عندما كنت تواجه الموت وكل ضروب المرض، هو موقف التمرّد والمعارضة والشعور بالنفور من الحق، فبأي طريقة ستوجد بعد الموت عندما يحين وقت انتهاء حياتك الجسدية؟ ستوجد بطريقة أخرى بالطبع، ولن تستمر حياتك قطعًا. في المقابل، إذا كان موقفك تجاه الحق وتجاه الله في أثناء وجودك على قيد الحياة، عندما كان لديك وعي في جسدك، هو موقف الخضوع والإخلاص وكان لديك إيمان حقيقي، فرغم أن حياتك الجسدية قد وصلت إلى نهايتها، فإن حياتك ستستمر في الوجود على هيئة أخرى في عالم آخر. هذا أحد تفسيرات الموت. ثمّة شيء آخر ينبغي ملاحظته، وهو أن مسألة الموت لها طبيعة المسائل الأخرى نفسها. ليس للناس أن يختاروا فيها بأنفسهم، ولا يُمكِن تغييرها بإرادة الإنسان. الموت مثل أي حدث جسيم آخر في الحياة: إنه بالكامل تحت سيادة الخالق وقضائه المسبق. إذا استجدى شخص ما من أجل الموت، فقد لا يموتُ بالضرورة؛ وإذا استجدى أن يعيش، فقد لا يعيشُ بالضرورة. كل هذا تحت سيادة الله وقضائه المسبق، وهو يتغيّر ويتقرّر بسلطان الله، وبشخصية الله البارة، وبسيادة الله وترتيباته. لذا، لنقل إنك أُصِبتَ بمرض خطير؛ مرض خطير قد يكون فتّاكًا، فلن تموت بالضرورة؛ من يُقرِّر ما إذا كنت ستموت أم لا؟ (الله). الله يُقرِّر. ولما كان الله يُقرِّر ولا يستطيع الناس أن يُقرِّروا مثل هذا الشيء، فما الذي يشعر الناس بالقلق والضيق حياله؟ الأمر مثل مَن يكون والدَيك، ومتى وُلِدتَ وأين؛ هذه الأشياء أيضًا لا يُمكِنك اختيارها. الخيار الأحكَم في هذه المسائل هو ترك الأمور تأخذ مجراها الطبيعي، أن تخضع، وألا تختار، وألا تبذل أي فِكر أو جهد في هذه المسألة، وألا تشعر حيالها بالضيق أو القلق أو الهم. بما أن الناس غير قادرين على الاختيار بأنفسهم، فإن بذل الكثير من الجهد والفكر في هذه المسألة هو حماقة وافتقار إلى الحكمة. ليس ما ينبغي للناس فعله عند مواجهة مسألة الموت المهمّة للغاية هو الشعور بالضيق حياله، أو السخط بشأنه، أو الخوف منه، لكن ما هو؟ أعَلَى الناس الانتظار؟ (نعم) صحيح؟ هل الانتظار يعني انتظار الموت؟ انتظار الموت عند مواجهة الموت؟ هل هذا صحيح؟ (لا، على الناس أن يواجهوه بإيجابية ويخضعوا). هذا صحيح، إنه لا يعني انتظار الموت. لا ترتعب من الموت، ولا تستخدم كل طاقتك للتفكير في الموت. لا تُفكّر طيلة اليوم: "هل سأموت. متى سأموت. ماذا سأفعل بعد أن أموت؟". لا تفكِّر في ذلك فحسب. بعض الناس يقولون: "لماذا لا أفكِّر فيه؟ لماذا لا أفكِّر فيه عندما أكون على شفير الموت؟". لأنه ليس من المعروف ما إذا كنت ستموت أم لا، وليس من المعروف ما إذا كان الله سيسمح لك بالموت؛ هذه الأمور غير معروفة. على وجه التحديد، من غير المعروف متى ستموت، وأين ستموت، وفي أي وقت ستموت، أو كيف سيشعر جسمك عندما تموت. بإجهاد عقلك بالتفكير في هذه الأمور التي لا تعرفها والتأمل فيها والشعور بالقلق والهم بشأنها، ألا يجعلك ذلك أحمقًا؟ بما أن ذلك يجعلك أحمقًا، فلا يجب عليك إجهاد عقلك في هذه الأمور.

أيًا كان الأمر الذي يجِدُ الناس أنفسهم يتعاملون معه، ينبغي عليهم دائمًا التعامل معه بموقف فعّال وإيجابي، ويكون هذا أكثر صحّةً حتى عندما يتعلّق الأمر بالموت. امتلاك موقف فعّال وإيجابي لا يعني مسايرة الموت، أو انتظار الموت، أو السعي إلى الموت بشكل إيجابي وفعّال. إذا لم يكن السعي إلى الموت، أو مسايرة الموت، أو انتظار الموت، فما الذي يعنيه؟ (الخضوع). الخضوع هو نوع من المواقف تجاه مسألة الموت، والتخلي عن الموت وعدم التفكير في الموت هو أفضل طريقة للتعامل معه. بعض الناس يقولون: "لماذا لا أفكّر فيه؟ إذا لم أفكّر فيه مليًّا، هل سأتمكّن من التغلّب عليه. إذا لم أفكّر فيه مليًا، هل سأتمكّن من التخلي عنه؟". نعم، ستتمكّن من ذلك. ولماذا؟ أخبِرني، عندما أنجَبك والديك، هل كانت فكرتك أن تُولَد. الشكل الذي أنت عليه، وعمرك، والمجال الذي تعمل فيه، وحقيقة أنك جالس هنا الآن، وكيف تشعر الآن؛ هل فكّرت في كل ذلك ليكون موجودًا؟ لم تُفكّر في كل هذا ليكون موجودًا، لقد حدث ذلك بمرور الأيام والشهور ومن خلال عيش حياتك الطبيعية يومًا بيوم، يوم يتبعه يوم آخر، حتى وصلتَ إلى ما أنت عليه الآن، وهذا طبيعيّ للغاية. الموت هو نفس ذلك. دون أن تدرك الأمر، تكبرُ لتصبح بالغًا، وتصبح في منتصف العمر، وتصبح كهلاً، ثُمّ تأتي سنواتك الأخيرة، وبعد ذلك يأتي الموت؛ فلا تُفكّر فيه. لا يُمكِنك تجنّب الأشياء التي تُفكّر فيها بعدم التفكير فيها، ولن تأتي مُبكّرًا بالتفكير فيها؛ لا يُمكِن تغييرها بإرادة الإنسان، أليس كذلك؟ لا تُفكّر فيها. ماذا أعني عندما أقول: "لا تُفكّر فيها؟". لأنه إذا كان هذا الشيء على وشك الحدوث في المستقبل القريب، فإن التفكير الدائم فيه سيُشعِرك وكأن ضغطًا غير مرئي يُطبِق عليك. هذا الضغط سيجعلك خائفًا من الحياة والعيش، وستكون دون موقف فعّال وإيجابي، وبدلاً من ذلك ستكون أكثر إحباطًا. لأن الشخص الذي يُواجه الموت ليس لديه اهتمام أو موقف إيجابي تجاه أي شيء، فهو يشعر بالإحباط فحسب. سوف يموت، انتهى كل شيء، لم يعد ثمّة أي معنىً للسعي إلى أي شيء، أو فعل أي شيء، لم يعد لديه أي آفاق أو دافع، وكل شيء يفعله هو استعداد للموت وسير في اتّجاه الموت، فما معنى أي شيء يفعله؟ لذا، كل شيء يفعله يحمل عناصر وطبيعة السلبيّة والموت. لذا، هل يُمكِنك عدم التفكير في الموت؟ هل من السهل تحقيق ذلك؟ إذا كان هذا الأمر مجرّد نتيجةً لاستدلالك العقلي وخيالك، فأنت تُعطي نفسك إنذارًا كاذبًا، وأنت تُخيف نفسك، وهو ببساطة لن يحدث في المستقبل القريب، فما سبب تفكيرك فيه إذن؟ هذا يجعل التفكير حتى لا ضرورة له أكثر. ما ينبغي أن يحدث سيحدث دائمًا؛ وما لا ينبغي أن يحدث لن يحدث بصرف النظر عن كيفيّة تفكيرك فيه. الخوف منه عديم الجدوى، وكذلك القلق منه. لا يُمكِن تجنّب الموت بالقلق منه، ولن يتخطّاك لمجرّد أنك تخاف منه. لذا، أحد الجوانب هو أنه يجب عليك التخلي عن مسألة الموت من قلبك وأن لا تُفكّر في أي شيء من ذلك؛ يجب أن تعهَد به إلى الله، كما لو أن الموت لا علاقة له بك. إنه شيء يُرتّبه الله، لذا دع الله يُرتّبه؛ ألا يُصبح الأمر بسيطًا حينئذٍ؟ الجانب الآخر هو أنه ينبغي أن يكون لديك موقف فعّال وإيجابي تجاه الموت. أخبِرني، من بين مليارات البشر حول العالم، من هو الشخص الميمون جدًا بينهم ليسمع الكثير من كلام الله، ويفهم العديد من حقائق الحياة، ويفهم العديد من الأسرار؟ من بينهم يستطيع أن يتلقى شخصيًا توجيه الله، وتدبير الله، وعنايته وحمايته؟ من الميمون جدًا بذلك؟ قلّة قليلة. لذا، أنتم القلّة القادرين على العيش في بيت الله اليوم، ونيل خلاصه، وتلقي تدبيره، ما يجعل الأمر يستحقّ العناء حتى لو متّم الآن. أنتم محظوظون جدًا، أليس كذلك؟ (نعم). بالنظر إلى الأمر من هذا المنظور، لا ينبغي أن يخاف الناس جدًا من مسألة الموت، ولا أن يكونوا مُقيَّدين به. على الرغم من أنكم لم تستمتعوا بأي من المجد والثروة في العالم، فقد نِلتم رحمة الخالق وسمعتم الكثير من كلام الله؛ أليس هذا تنعّمًا؟ (بلى). أيًا كان عدد السنوات التي تعيشها في هذا الحياة، فالأمر يستحق ذلك، وليس ثمّة ما تندم عليه، لأنك كنتَ تؤدي واجبك في عمل الله باستمرار، وقد فهمتَ الحق، وفهمتَ أسرار الحياة، وفهمتَ الطريق والأهداف التي يجب أن تسعى إليها في الحياة؛ لقد كسبتَ الكثير! لقد عشتَ حياةً ذات قيمة! حتى لو لم تستطع شرحها بوضوح كبير، فأنت قادر على ممارسة بعض الحقائق وامتلاك بعض الوقائع، وهذا يُثبِت أنك قد اكتسبت بعضًا من تدبير الحياة وفهمت بعض الحقائق من عمل الله. لقد اكتسبتَ الكثير – غيضًا كثيرًا – وهذه نعمة عظيمة! منذ فجر تاريخ البشرية، لم يتمتّع أحد على مدار هذه العصور بتلك النعمة، ومع ذلك أنتم تتمتّعون بها. هل ترغبون في الموت الآن؟ مع هذه الرغبة، سيكون موقفكم تجاه الموت هو موقف الخضوع الحقيقي، صحيح؟ (نعم). أحد الجوانب هو أنه ينبغي أن يكون لدى الناس فهم حقيقي، ينبغي أن يتعاونوا بإيجابية وفعالية، وأن يخضعوا حقًا، وينبغي أن يكون لديهم الموقف الصحيح تجاه الموت. على هذا النحو، ألا تتضاءل مشاعر الضيق والقلق والهمّ من الموت بشكل كبير؟ (بلى). تتضاءل بشكل كبير. بعض الناس يقولون: "لقد انتهيتُ للتوّ من الاستماع إلى هذه الشركة، لكن لا يبدو أن هذه المشاعر قد تضاءلت كثيرًا. ربما يستغرق الأمر بعض الوقت. بشكل خاص، كبار السن والذين يُعانون من المرض يُفكّرون في الموت كثيرًا". الناس يُدرِكون متاعبهم الخاصة. عندما يكون الناس مرضى لفترة طويلة، فإنهم يُلخّصون ذلك ويُفكّرون: "لقد آمنتُ بالله لسنوات عديدة، والأشخاص الذين أُصيبوا بنفس مرضي ماتوا منذ فترة طويلة. إذا كانوا قد تجسّدوا مجددًا، فقد يكونون في العشرينات أو الثلاثينات من عُمرِهم الآن. لقد عشتُ لسنوات عديدة بنعمة الله، وكل ذلك أُعطي دون مقابل. إذا لم أكن أؤمن بالله، لكنتُ قد متُّ منذ زمن طويل. عندما ذهبتُ إلى المستشفى للفحص، تفاجأ الأطباء. يا له من فضل ونعمة عظيمة أحظى بها! لو كنتُ قد متُّ قبل 20 عامًا، لما سمعتُ هذه الحقائق والعظات ولم أفهمها؛ إذا كنتُ قد متُّ على ذلك النحو، لما كنتُ قد اكتسبتُ شيئًا. حتى لو عشتُ حياةً مديدةً، لكانت كلها حياةً فارغةً وضائعةً. الآن، لقد عشتُ كل هذه السنوات الإضافية، وتقبّلت الكثير. لم أفكّر في الموت طيلة هذه السنوات، وأنا لا أخاف منه". إذا كان الناس خائفين دائمًا من الموت، فسيُفكّرون دائمًا في كل الأسئلة المتعلّقة بالموت. إذا لم يكن الناس خائفين من أن يموتوا ولم يكونوا مرتعبين من الموت، فإن ذلك يُظهِر أنهم قد عانوا بأكثر من اللازم ولم يعودوا مرتعبين من الموت. بعض الناس يقولون: "إذا لم يكن الشخص مرتعبًا من الموت، فهل يعني ذلك أنه يطلب الموت؟". لا، هذا غير صحيح. طلب الموت هو نوع من المواقف السلبيّة، ومواقف المراوغة، بينما ما قُلتُه آنفًا حول عدم التفكير في الموت هو موقف موضوعي وإيجابي؛ أي التطلّع إلى الموت بعدم اكتراث، وعدم رؤيته على أنه أمر شديد الأهميّة، وعدم التفكير فيه على أنه حدث مؤسف مثير للقلق؛ وعدم الشعور بالهمّ بشأنه بعد الآن، وعدم الانشغال به بعد الآن، وعدم التقيُّد بالموت، وتركه ورائك؛ الأشخاص الذين يستطيعون القيام بهذا لديهم بعض المعرفة الشخصية والتجربة مع الموت. إذا كان الشخص دائمًا متعلّقًا ومُقيّدًا بالمرض والموت، وغارقًا دائمًا في المشاعر السلبيّة من قبيل الضيق والقلق والهمّ، وغير قادر على أداء واجبه بشكل طبيعي أو العيش بشكل طبيعي، فينبغي عليه أن يستمع أكثر إلى شهادة اختبارية تتعلّق الموت، ويرى كيف يختبره أولئك القادرون على النظر إلى الموت بعدم اكتراث، وكيف يفهمون الموت في تجربتهم، وعندئذٍ سيتمكّن من اكتساب شيء ثمين.

الموت ليس مشكلةً سهلة الحلّ، وهو أكبر مصاعب الإنسان. إذا قال لك شخص ما: "شخصياتك الفاسدة عميقة جدًا وإنسانيتك ليست جيدةً. إذا لم تسعَ إلى الحق بجديّة وارتكبت العديد من الأعمال الشريرة في المستقبل، فستهبط إلى جهنّم وتُعاقَب!". قد تشعرُ بالضيق لبعض الوقت بعد ذلك. قد تتأمّل في الأمر، وتشعرُ بتحسّن كبير بعد أن تنام ليلةً، ثُمّ لا تشعرُ بالضيق كثيرًا. ولكن إذا أُصبتَ بمرض قاتل، ولم يتبقَ لك الكثير لتعيشه، فإن هذا شيء لا يُمكِن علاجه بنوم ليلة، ولا يُمكنك التخلي عنه بسهولة كبيرة. مطلوب منك أن تتحمّل الأمر لفترة. أولئك الذين يسعون بصدق إلى الحق يُمكِنهم تجاوز الأمر، ويطلبون الحق في كل شيء، ويستخدمون الحق لعلاج الأمر؛ ليس ثمّة مشكلة لا يقدرون على علاجها. أما إذا استخدم الناس طُرُق البشر، فسيشعرون في نهاية المطاف بالضيق والقلق والهمّ الدائم من الموت فقط. عندما تكون الأمور غير قابلة للعلاج، يلجؤون إلى تدابير مُتطرّفة لمحاولة علاجها. بعض الناس يتبعون نهجًا محبطًا وسلبيًا، قائلين: "سأموت إذن فقط. من يخاف من الموت؟ بعد الموت سأتجسّد مجددًا وأعيش من جديد!". هل يُمكِنك التأكّد من هذا؟ أنت تبحث فقط عن كلمات من أجل الراحة، وهذا لا يحلّ المشكلة. جميع الأشياء وكل شيء، مرئيةً وغير مرئية، ماديةً أو غير مادية، هي تحت سيطرة الخالق وحُكمه. لا ليس بوسع أحد التحكّم في مصيره الخاص، والموقف الوحيد الذي يجب على الإنسان أن يتّخذه، سواءً تجاه المرض أو الموت، هو الفهم والقبول والخضوع؛ لا ينبغي على الناس أن يعتمدوا على تصوّراتهم أو مفاهيمهم، ينبغي عليهم ألا يطلبوا مخرجًا من هذه الأمور، وبالأحرى ينبغي عليهم ألا يرفضوها أو يُقاوموها. إذا حاولتَ على نحو أعمى حلّ مشكلات المرض والموت باستخدام طُرُقك الخاصة، فستعيش لفترة أطول، وستُعاني أكثر، وستُصبح أكثر إحباطًا، وستشعر أكثر بأنك عالِق. في النهاية، ستظلّ مضطرًا أن تسير في طريق الموت، وستكون نهايتك حقًا مثل موتك؛ ستموتُ بالفعل. إذا كنت قادرًا على طلب الحق بشكل فعّال، سواءً فيما يخصّ فهم المرض الذي رتّبه الله لك أو في مواجهة الموت، وكنتَ قادرًا على طلب الحق بفعالية وإيجابية، وتطلب تنظيمات وسيادة وترتيبات الخالق في هذه الحدث الكبير، وتُحقّق الخضوع الحقيقي، فإن هذا يتوافق مع مقاصد الله. إذا اعتمدتَ على قوة الإنسان وطُرُقه للتعامل مع كل هذه الأمور، وحاولتَ جاهدًا علاجها أو الهرب منها، فحتى لو لم تمُت، وتمكّنت مؤقتًا من تجنّب بلاء الموت، فلأنك لا تملك الفهم والقبول والخضوع الحقيقي تجاه الله والحق، سيقودك هذا إلى عدم تقديم الشهادة في هذا الأمر، ثُمّ ستكون النتيجة النهائية أنك عندما تواجه هذه المشكلة مجددًا، ستبقى امتحانًا عظيمًا لك. ستظلّ لديك احتمالية خيانة الله والسقوط، وهذا سيكون دون شكّ أمرًا خطيرًا لك. لذلك، إذا كنتَ حقًا تواجه المرض أو الموت الآن، فدعني أخبرك إنه من الأفضل أن تستغّل هذا الوضع العملي حالاً لطلب الحق وعلاج هذه المسألة من جذورها، بدلاً من انتظار الموت ليأتي فعليًا فقط لتُؤخّذ على حين غرّة، فتشعر بالضياع والحيرة والعجز، ما يجعلك تفعل أشياءً ستندم عليها ما دُمتَ على قيد الحياة. إذا فعلتَ أشياءً تندم عليها وتشعر بوخز الضمير تجاهها، فقد يؤدي هذا إلى الهلاك. بالتالي، أيًا كانت المشكلة، يجب أن تبدأ دائمًا دخولك بالفهم الذي ينبغي أن يكون لديك حول المسألة، وبالحقائق التي ينبغي أن تفهمها. إذا كنتَ تشعر بالضيق والقلق والهمّ الدائم بشأن أشياء مثل المرض وتعيش مُحاطًا بأنواع هذه المشاعر السلبيّة، فيجب عليك أن تبدأ بطلب الحق حالاً وتحلّ هذه المشكلات في أسرع وقت تستطيعه.

المشاعر السلبيّة مثل الضيق والقلق والهمّ لها نفس طبيعة أنواع مختلفة أخرى من المشاعر السلبيّة. كلها أنواع من المشاعر السلبيّة التي تنشأ عند الناس لأنهم لا يفهمون الحق ويعيشون مُقيَّدين بشخصياتهم الفاسدة الشيطانية المُتشعّبة، أو مُحاصَرين ومتأثّرين بكل أنواع الأفكار الشيطانية. هذه المشاعر السلبيّة تجعل الناس يعيشون بشكل دائم مع كل أنواع الأفكار والآراء غير الصحيحة، إضافةً إلى أن تتحكّم فيهم كل أنواع الأفكار والآراء غير الصحيحة بشكل مستمرّ، ما يُؤثِّر على سعيهم إلى الحق ويُعرقِله. بالطبع هذه الأنواع من المشاعر السلبيّة من قبيل الضيق والهمّ والقلق تُعطّل حيوات الناس، وتوجّهها، وتُؤثّر على سعيهم إلى الحق، وتمنعهم من السعي إلى الحق. لذا، رغم أن هذه المشاعر السلبيّة هي مشاعر بمعناها البسيط، إلا أنه لا ينبغي التقليل من شأن دورها؛ فالأثر الذي تتركه على الناس والعواقب التي تؤدي إليها على سعي الناس والطريق الذي يسلكونه هي عواقب خطيرة. في أي حال، عندما تطرأ على الشخص مشاعر سلبيّة مرارًا وتوقعه في اضطراب، ينبغي عليه فورًا اكتشاف وتشريح سبب الظهور المتكرّر لهذا المشاعر السلبيّة، ولماذا تُكدّره هذا المشاعر السلبيّة مرارًا. كما أنه في بيئة مُعيّنة، ستُكدّر هذه المشاعر السلبيّة الشخص باستمرار وستؤثّر بشكل كبير على سعيه إلى الحق؛ وهذه أمور ينبغي على الناس أن يفهموها. بمجرّد أن يفهموا هذه الأمور، الخطوة التالية بالنسبة لهم هي التفكير في كيفيّة طلب الحق وفهمه في هذه المسألة، والاجتهاد في عدم الاستمرار في التكدُّر والتأثُّر بهذه الأفكار والآراء غير الصحيحة، واستبدالها بمبادئ الحق الذي علَّمهم الله إياها. بمجرّد أن يفهموا مبادئ الحق، فإن الخطوة التالية بالنسبة لهم هي الممارسة بما يتماشى مع مبادئ الحق التي علّمهم الله إياها. وأثناء قيامهم بذلك، ستظهر بالتدريج كل مشاعرهم السلبيّة لإزعاجهم، فقط لتُعالج ويُتمرَّد عليها تدريجيًا واحدةً تلو الأخرى، حتى يتركوا كل هذه المشاعر السلبيّة ورائهم دون أن يشعروا بذلك. إذن، ما الذي يعتمد عليه حلّ المشاعر السلبيّة المختلفة. يعمد على تشريح الناس وفهمهم لها، ويعتمد على قبول الناس للحق، والأهم من ذلك، يعتمد على سعي الناس إلى الحق وممارستهم له. أليس كذلك؟ (بلى). مع سعي الناس التدريجي للحق وممارستهم له، تُعالج جميع مشاعرهم السلبيّة المختلفة تدريجيًا ويُتخلَّص منها. إذن، بالنظر إلى الأمر الآن، ما رأيكم، أيهما أسهل في التخلّص منه ومعالجته، هذه المشاعر السلبيّة المختلفة أم الشخصيات الفاسدة؟ (المشاعر السلبيّة أسهل في معالجتها). تعتقدون أن المشاعر السلبيّة أسهل في معالجتها. يختلف الأمر من شخص لآخر. ليس هناك ما هي أصعب أو أسهل من الأخرى، هذا يعتمد فقط على الشخص. في أي حال، بالبدء في عقد شركة عن التخلي عن المشاعر السلبيّة، أضفنا بعض المحتوى إلى سعي الناس إلى التغيّر في الشخصية، وهو التخلي عن مختلف المشاعر السلبيّة. يتمّ التخلي عن المشاعر السلبيّة بشكل رئيسي لعلاج بعض الأفكار والآراء غير الصحيحة، بينما علاج شخصيات المرء الفاسدة يتطلّب فهمًا لجوهر الشخصيات الفاسدة. أخبروني. أيهما أسهل، علاج المشاعر السلبيّة أم علاج الشخصيات الفاسدة؟ في الواقع ليس من السهل حلّ أيًا من المشكلتين. إذا كنتَ مُصمّمًا حقًا وقادرًا على طلب الحق، فإن أي مشكلة تحاول حلّها لن تكون مشكلةً على الإطلاق. مع ذلك، إذا لم تسعَ إلى الحق وكنتَ غير قادر على الشعور بمدى خطورة هاتين المشكلتين، فلن يكون الأمر سهلاً بغض النظر عن أي مشكلة تحاول حلّها. عندما يتعلّق الأمر بهذه الأمور السلبيّة السيئة، ينبغي عليك قبول الحق، وممارسة الحق، والخضوع للحق من أجل علاجها، واستبدالها بالأمور الإيجابية. هذه هي العملية دائمًا، وهي تتطلّب دائمًا من الناس التمرّد على الأمور السلبية، وقبول الأمور الإيجابية والفعّالة، الأمور التي تتوافق مع الحق. أحد الجوانب هو العمل على أفكارك وآرائك، والآخر هو العمل على شخصياتك؛ أحدهما هو علاج أفكارك وآرائك، والآخر هو علاج شخصياتك الفاسدة. في بعض الأحيان بالطبع يظهر هذان الأمران معًا ويتداخلان مع بعضهما البعض. في أي حال، التخلي عن المشاعر السلبيّة هو شيء ينبغي على الناس ممارسته عند السعي إلى الحق. حسنًا، فلنُنهي شركة اليوم هنا.

29 أكتوبر 2022

السابق: كيفية السعي إلى الحق (3)

التالي: كيفية السعي إلى الحق (5)

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب