59. مرارة أن تكون مُرضيًا للآخرين

بقلم: فرانكي؛ اليونان

في السنة الماضية، تم إعفاء الأخ جابرييل، الذي كنت أسافر معه للوعظ بالإنجيل. عندما سألته عن الأمر، أخبرني بأنه لم يكن يؤدي واجبه بشكل جيد على مدار السنوات القليلة الماضية، وأنه فعل الأشياء بطريقته الخاصة وكان عنيدًا، ما عطَّل عمل الكنيسة بشكل خطير، ولذلك تم إعفاؤه. استأتُ لوصوله لهذه المرحلة، ورأيتُه يشعر بالندم الشديد وبالضيق. وبتذكر عملنا معًا، لاحظت أنه كان غير مبالٍ في عمله، وأنه فعل الأشياء بطريقته الخاصة. أردت أن أوضح الأمر له، لأساعده على التأمل وربح الوعي الذاتي، لكن عندما كنت على وشك أن أفتح فمي، ترددت. فكرت: "بالتأكيد لابد أن القائد قد كشفه وتعامل معه كثيرًا عندما أعفاه، لذلك فلابد أنه بائس تمامًا حقًّا. وإن قلت أنا شيئًا أيضًا، ألن أكون بذلك أزيد الأمور سوءًا؟ ألن يظن أنني كنت أفتقر للتعاطف؟ علاوةً على ذلك، لا بد وأن القائد قد ذكر بالفعل المشكلات التي لاحظتها؛ لذا سأواسيه فقط". لذلك قلت له: "أنا متأكدٌ أنك ربحت الكثير من الخبرة في كل هذه السنوات على طريق مشاركة الإنجيل، أو على الأقل اكتسبت الكثير من البصيرة. الكثير من الإخوة والأخوات في الكنيسة هنا مؤمنون جدد انضموا إلينا خلال السنوات القليلة الماضية؛ وليست لديهم خبرة كبيرة في نشر الإنجيل. سيكون بمقدورك مساعدة أي فرد عندما تعود إلى المنزل". ولدهشتي أن رده كان: "أخي، يزعجني أن أسمعك تقول هذا. لقد اعتقدت أنك ستوضح لي مشاكلي وتساعدني حتى أستطيع التأمل في نفسي وأصبح أكثر وعيًا ذاتيًّا؛ فهذا قد يكون مفيدًا لحياتي. لكنك بدلاً من ذلك، تمتدحني بالرغم من أنني قد انحدرت إلى هذا المستوى، وتجعلني أعتقد أن إعفائي ليس مشكلة كبيرة وأنني أكثر كفاءة من الآخرين. إنك من نوعية الأشخاص المُرضية للآخرين، وتتصرف كتابع للشيطان، وتدفعني للاقتراب من الجحيم! هذه الكلمات التي تبدو لطيفة لا تُعلم الناس، لذا فلا تنطق بها ثانية. وهذا ليس محبة، بل إنه مؤذٍ ومدمر حقًّا". شعرت بالخزي حقًّا عندما سمعت الأخ يقول هذا، وأردت فقط أن أجد حفرة وأدفن نفسي فيها. وأصبحت أكثر وعيًا أيضًا بأنه لم يحدث تغيير كبير بشخصية جابرييل الفاسدة على الرغم من سنوات من الإيمان، وأنه لم يحقق نتائج واضحة في واجبه أبدًا، وأن هذا كان وضعًا خطيرًا. ولم أكن بذلك لا أوضح مشكلاته وأساعده، لكنني كنت فقط أقول مجرد أشياء لطيفة. وكنت غير صريح، ومهذبًا ومادحًا بشكلٍ دنيوي. ألم يكن هذا تلاعبًا به وفعلًا مخادعًا؟ كان إعفاء جابرييل الحالي فرصة جيدة له حتى يتأمل في نفسه ويعرفها بشكل أفضل. وإن كان قد استطاع أن يسعى إلى الحق ويتأمل نفسه، ويربح توبة حقيقية، فعندئذ لأصبح هذا الفشل نقطة تحول في إيمانه. لكني كنت حجرة عثرة، أنطق ببعض الترهات المخادعة لأتلاعب بمشاعره وأضلله. كنت أتصرف كتابع للشيطان. فالله يفعل ما بوسعه ليخلِّص الناس، بينما يحيك الشيطان الحيل والألاعيب ليعوق الناس ويعطلهم، ويجرَّهم إلى الأسفل نحو الجحيم. كان هرائي ذلك مؤذيًا لأخي. شعرت بخوفٍ شديد من تلك الفكرة، فوجدت بعضًا من كلمات الله لأقرأها، وفي كلمات الله، بدأت أتأمل في مشكلتي هذه وأعرفها.

رأيت أن كلمة الله تقول: "إذا كانت لديك علاقةٌ جيِّدة مع أخٍ أو أختٍ، وطلب أحدهما منك إيضاح عيوبه، فكيف يجب أن تفعل ذلك؟ يرتبط هذا بالنهج الذي تتبعه في هذه المسألة. هل يستند نهجك إلى مبادئ الحقّ أم تستخدم الفلسفات للعيش؟ ماذا يحدث عندما يمكنك أن ترى بوضوحٍ أن شخصًا ما لديه مشكلة ولكنك لا تخبره صراحةً لتجنُّب المواجهة، بل وتختلق الأعذار قائلًا: "قامتي ضئيلة الآن ولا أفهم مشكلاتك فهمًا دقيقًا. وعندما أفهمها سأخبرك"؟ ينطوي هذا على فلسفة العيش. أليست هذه محاولة لخداع الآخرين؟ يجب أن تتحدَّث عن قدر ما تراه بوضوحٍ، وإذا لم يتَّضح شيءٌ لك، فعبِّر عن الأمر كذلك؛ فهذا هو التعبير عمَّا في قلبك. وإذا كانت لديك أفكارٌ وأشياء مُعيَّنة واضحة لك، لكنك تخشى الإساءة إلى الناس وتفزع من إيذاء مشاعرهم؛ فتختار عدم قول أيّ شيءٍ، فهذا يعني العيش وفقًا لفلسفةٍ دنيويَّة. إذا اكتشفت أن شخصًا ما لديه مشكلةٌ أو ضلّ طريقه، فحتَّى إن لم تتمكَّن من مساعدته بمحبَّةٍ، فعلى الأقلّ ينبغي أن تشير إلى المشكلة حتَّى يمكنه التأمُّل فيها. فإذا تجاهلتها، ألا يضرّه هذا؟" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يستطيع المرء التعامل مع مفاهيمه وسوء فهمه لله إلّا باتباع الحق). وكان هذا المقطع عن الماكرين: "إنهم لا يحبّون الأشياء الإيجابيَّة، ولا يتوقون إلى النور، ولا يحبّون طريق الله أو الحقّ. يحبّون اتّباع النزعات الدنيويَّة، ويُفتنون بالمكانة والهيبة، ويحبّون التفوُّق وسط الآخرين، ومن أنصار المكانة والهيبة. إنهم يبجلون العظماء والمشاهير، لكنهم في الحقيقة يبجلون الشياطين والأبالسة. في قلوبهم لا يطلبون الحقّ أو الأشياء الإيجابيَّة، بل يُؤيِّدون التعلُّم. وفي قلوبهم، لا يستحسنون أولئك الذين يطلبون الحقّ ويشهدون لله، وبدلًا من ذلك، يستحسنون الأشرار وذوي المواهب الخاصَّة ويُعجبون بهم. لا يسيرون في طريق الإيمان بالله وطلب الحقّ، بل يسعون وراء الشرّ والنفوذ، ويسعون جاهدين ليكونوا غامضين وماكرين، ويحاولون الاندماج في المستويات العليا من المجتمع، ليصبحوا شخصيَّات مهيبة ومشهورة. يريدون أن يتمكَّنوا بمنتهى السهولة من التسلُّل في أيّ حشدٍ، وممارسة جميع أنواع الحيل والخدع والتكتيكات ببراعةٍ فنيَّة تامَّة، وملاقاة الترحيب والحفاوة البالغين أينما ذهبوا، ويريدون أن يكونوا محبوبي الجماهير. ذلك هو نوع الأشخاص الذي يريدون أن يكونوه. أيّ نوع من الطرق هذا؟ هذا هو طريق الشياطين، أي طريق الشرّ. إنه ليس الطريق الذي يسلكه المؤمن. إنهم يستخدمون فلسفات الشيطان ومنطقه، ويستخدمون كلّ حيلةٍ من حيله وكلّ خدعةٍ من خدعه في جميع المواقف كي يخدعوا الناس للتخلي عن ثقتهم الشخصية، وكي يجعلوهم يعبدونهم ويتبعونهم. ليس هذا هو الطريق الذي يجب أن يسلكه المؤمنون بالله. فأمثال هؤلاء الناس لن يخلصوا فحسب، بل سيواجهون أيضًا عقاب الله، ولا يمكن أن يوجد أدنى شكٍّ في هذا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن للمرء نيل الخلاص بالإيمان بالدين أو المشاركة في الطقوس الدينية). لقد كشفت كلمات الله حقيقة نيتي وفسادي بشكل كامل. لقد كنت أدرك مشكلة جابرييل بوضوح؛ حيث كان مهملًا في واجبه ولم يخلص فيه. ولم يكن مثابرًا أو ملتزمًا بالمبادئ في عمله. وفعل كل ما يحلو له، وعطل عمل الكنيسة. ولطالما كنت شخصًا مُرضيًا للآخرين، وخشيت أن أسيء إليه؛ ولذا فلم أوضح له هذه الأشياء أبدًا. والآن حيث تم إعفاؤه وكان صريحًا معي في شركة عن إخفاقاته، كان ينبغي عليَّ أن أتحدث عن مشاكله وأشاركه عن مشيئة الله لأساعده في معرفة نفسه والتوبة إلى الله. كان هذا في الحقيقة سيصير تصرفًا محبًّا ومفيدًا ومنوِّرًا له حقًّا. لكني كنت مُرضيًا للآخرين، بقولي بعض الهراء الزائف. ألم أكن أحاول فقط خداعه ليحبني؟ لقد أردته أن يشعر بأنه عندما اختبر الفشل، فإن السبب في ذلك هو القائد الذي تعامل معه على الفور وكشفه، لكني كنت أنا الشخص الذي طمأن قلبه وواساه. وعندئذ سيكون ممتنًا لي ويأخذ عني انطباعًا جيدًا. كنت أستخدم فلسفات غير المؤمنين الدنيوية عند التعامل مع أخي مثل "لا تضرب الآخرين تحت الحزام"، "تحدث بلطفٍ وبتوافقٍ مع مشاعر الآخرين، لأن الصراحة ستزعجهم فقط"، "لا تشارك كل شيء تراه لتحافظ على سعادة أصدقائك القريبين" وهكذا دواليك. هذه كلها كلمات شريرة دنيوية نعيش بها، وفلسفات شيطانية تمامًا. إن تفاعلات غير المؤمنين تدعم دائمًا طريقة الشيطان في العالم، وكلماتهم دائمًا ما تكون متملقة ومنافقة. إنهم يخادعون الآخرين ويستدرجونهم، ويلجأون للخداع في كل شيء يقولونه، ولا ينطقون ولو بكلمة واحدة حقيقية أو صادقة. وقد كنت مؤمنًا لزمن طويل، وأكلت وشربت الكثير من كلمة الله، ولكنني ما زلت لم أستطع قول شيء واحد حقيقي. بل كنت أستخدم فلسفات شيطانية تمامًا مثل غير المؤمنين، وكنت أداةً للشيطان، فأصبحت أكثر مراوغة وخداعًا. كنت مثيرًا للشفقة حقًّا! وذكَّرني ذلك بكلمات الله: "إن كان المؤمنون طائشين وغير منضبطين دائمًا في كلامهم وسلوكهم مثلهم مثل غير المؤمنين، فهم أكثر شرًّا من غير المؤمنين؛ إنهم نموذج للشياطين" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تحذير لمن لا يمارسون الحق). "كلما بقيت في حضرة الله، اكتسبت مزيدًا من الخبرات. إذا كنت لا تزال تحيا في العالم مثل بهيمة، أي أن فمك يعترف بالإيمان بالله ولكن قلبك في مكان آخر، وما زلت تدرس فلسفات الحياة الدنيوية للعيش، أفلن تكون كل أتعابك السابقة بلا جدوى؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. عن الخبرة). بتذكر سنوات إيماني، لم أربح الحق أو أصبح شخصًا بسيطًا صادقًا، لكني ظللت أتعلق بأساليب العيش الدنيوية. لم أكن شخصًا يحب الحق أو يقبله. وقفت أمام الله وصليت: "إلهي، أنا مخادع للغاية! أريد أن أتوب حقًّا وأتوقف عن العيش وفق فلسفات دنيوية شيطانية".

بعد تلك التجربة وذلك الدرس، استطعت أن أكون أكثر حذرًا عند التفاعل مع الآخرين، ومارست الكلام بطريقة قد تفيد الناس، بدلًا من تنحية المشاكل جانبًا لأكون مُرضيًا للآخرين. ولكن لأن الشيطان أفسدني بشدة، فعندما كان الأمر يرتبط بمصالحي الشخصية، لم أستطع منع نفسي من أكون مُرضيًا للآخرين مرة أخرى.

ذات مرة، كنت أعمل مع الأخ هودسون في إنتاج الفيديو. كان لديه آراء قوية إلى حد ما وكان أفضل مني في العمل. شعرت أنني يجب أن أكون متواضعًا حتى لا يأخذ عني انطباعًا بأني كنت جاهلًا ومتعجرفًا. لذا، طوال مدة القيام بواجباتنا، عندما تختلف آراؤنا، حاولت الالتزام بالحكمة القائلة: "الانسجام كنز، والحِلمُ فضيلة" لأتجنب تدمير علاقتنا وللتوافق معه. أحيانًا، كنت أرى بعض الأخطاء في الفيديوهات التي كان يعمل عليها، وكنت أقترح إصلاحها، لكنه لم يظن أن هنالك مشكلة في الأشياء التي ذكرتها. كان يذكر فقط عذرًا أو رأيًا شخصيًّا. وعلى الرغم من أنني لم أكن أتفق معه تمامًا، كنت أخشى أن يؤدي استمرار النقاش بيننا إلى طريق مسدود أو إلى الدخول في جدال، وأن يقول الجميع عني إني متعجرف وبار في عيني ذاتي وعنيد. لذا، كنت أتجاوز الأمر كله. عملنا معًا بهذه الطريقة لبضعة أشهر، ولكن عندما تم نشر مقاطع الفيديو التي أنتجناها، كانت هناك مشكلات هنا وهناك، ومعظم تلك المشكلات هي نفسها التي طرحتها منذ البداية. ونتيجة لذلك، كان علينا أن نعيد العمل على مقاطع الفيديو. وانتهى الأمر بإعفاء هودسون لأنه متعجرف وبار في عيني ذاته وعنيد. وحتى على الرغم من أن مقاطع الفيديو اكتملت في النهاية، فإنني لم أشعر بارتياح أو سلام تجاه الأمر. بل كنت أشعر بالذنب وعدم الارتياح. لقد كنت دائمًا مُرضيًا للآخرين في واجبي، وأحافظ على تناغم ظاهري، وخفت من الإساءة للآخرين، ولم ألتزم بالمبادئ. لم أؤدِ وظيفتي حقًّا كما ينبغي كشريك حقيقي وكنت أعطل عمل الفيديو. تملكني شعورٌ بالغ السوء. ثم جاءت القائدة للحديث معي وكشفتني بقولها: "إنك لم تلتزم بمبادئ الحق في عملك مع إخوتك وأخواتك. لقد عرفت بوضوح أن رأي هودسون خلال الإنتاج كان خطأ، لكنك رغم ذلك اتبعته بشكل أعمى لتتجنب أي خلاف ولتحافظ على صورتك. وكان هذا يعني أنه وجب إعادة العمل على مقاطع الفيديو وأخَّر ذلك تقدمنا". ثم قالت: "إنك تميل إلى السير مع التيار. يجب عليك أن تسعى إلى الحق وتتخلَّص من هذا على الفور". كان صعبًا عليَّ سماع هذا. فصليت وتأملت في هذا على مدار الأيام القليلة التالية، وقرأت كلمة الله.

رأيت أن كلمة الله تقول: "يبدو كلام أعداء المسيح في الظاهر لطيفًا ومُهذَّبًا ومُميَّزًا على نحوٍ خاصّ. وأيّ شخصٍ يخالف المبدأ ويتدخَّل في عمل الكنيسة مُتطفِّلًا لا ينكشف ولا يتعرَّض للنقد بصرف النظر عن هوّيته. فضدّ المسيح يتغاضى عن ذلك؛ بحيث يجعل الناس يعتقدون أنه رحب الصدر في جميع الأمور. فمجمل فساد الناس وعملهم البغيض يُقابَل بالرحمة والتسامح. إنه لا يغضب ولا يثور ولا يهتاج ولا يلوم الناس عندما يفعلون شيئًا خاطئًا ويضرّون بمصالح بيت الله. بصرف النظر عمَّن يرتكب الشرّ ويُعطِّل عمل الكنيسة، فإنه لا يأبه به وكأن هذا لا علاقة له به، ولن يسيء للناس بسببه أبدًا. ما هو أشدّ ما يهتمّ به عدو المسيح؟ يهتمّ بعدد الناس الذين يُبجِّلونه، وبعدد الناس الذين يرونه عندما يعاني فيُعجَبون به بسبب ذلك. يعتقد أعداء المسيح أن المعاناة ينبغي ألَّا تكون عبثًا على الإطلاق. وبصرف النظر عن المصاعب التي يتحمَّلونها، والثمن الذي يدفعونه، والأعمال الصالحة التي يعملونها، ومدى اهتمامهم بالآخرين ومراعاة مشاعرهم ومحبَّتهم لهم، فإن هذا كلّه ينبغي أن يجري أمام الآخرين، ويجب أن يراه المزيد من الناس. وما هدفهم من التصرُّف هكذا؟ كسب الناس، وجعل الناس يشعرون بالإعجاب والاستحسان تجاه أفعالهم وتجاه سلوكهم وتجاه شخصيَّتهم. بل ويوجد أعداء المسيح الذين يحاولون تكوين صورةٍ عن أنفسهم كأشخاصٍ صالحين من خلال هذا السلوك الجيِّد ظاهريًّا؛ بحيث يأتي المزيد من الناس إليهم بحثًا عن المساعدة. ... أفعالهم لا تلهم التبجيل في قلوب الناس فحسب، بل وتمنحهم أيضًا مكانًا هناك. يرغب أعداء المسيح في أن يأخذوا مكان الله. فهذا هو ما يهدفون إليه عندما يفعلون هذه الأشياء. من الواضح أن أفعالهم قد أسفرت بالفعل عن نتائج مُبكِّرة: ففي قلوب هؤلاء الناس الذين يفتقرون إلى التمييز أصبح لأعداء المسيح الآن مكان، ويوجد الآن أناسٌ يُبجِّلونهم ويُعجبون بهم، وهذا ما كان بالضبط هدف أعداء المسيح" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع: لا يُؤدِّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يبيعون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء العاشر)). يرينا الله أن أضداد المسيح أشرار وحقيرون بشكل خاص. إنهم بارعون في التصرف بلطف وقول أشياء لطيفة حتى يُخفوا أنفسهم ويكسبوا قلوب الآخرين، وليجعلوا الناس يعتقدون أنهم وحدهم المتعاونون والمتفهمون، ومن ثم سيلجأ إليهم الآخرون بحثًا عن الطمأنينة. وهذا يبعد الناس أكثر وأكثر عن الله، ويأخذ أضداد المسيح مكان الله في قلوبهم. لقد كنت أتصرف هكذا تمامًا. فيجب على الإخوة والأخوات أن يوضحوا الأشياء لبعضهم بعضًا ويساعد كل منهم الآخر خلال أداء واجباتهم، ولكني كنت أتجنب فعل أي شيء مسيء حتى أحمي سمعتي الشخصية. لقد رأيت المشكلات في مقاطع الفيديو التي أنتجها هودسون، ولكنني لم ألتزم بمبادئ الحق، وسرت تمامًا مع التيار. كنت شخصًا مُرضيًا للآخرين ولم أمارس الحق. لم أرد أن يظن الجميع أنني كنت متعجرفًا، بل بالأحرى كنت متسامحًا ومتفهمًا، وأراعي مشاعر الآخرين. أردت أن أجعل جميع الناس الذين أتعامل معهم سعداء حتى يحبوني ويكون لديهم انطباع طيِّب عني. ولتحقيق غايتي الخسيسة، لم أحافظ حتى على عمل الكنيسة أثناء محاولتي الحفاظ على صورة إيجابية. كنت أنانيًّا جدًّا. من دينونة الله وإعلانه، رأيت أنني بإرضائي الآخرين، كنت على مسار أضداد المسيح. شعرت بالذنب الشديد عندما أدركت هذا. واستمررت في تأمل نفسي بعد ذلك. بتذكر كل لحظاتي كمؤمن، كنت دائمًا ما أضع قناعًا من اللطف مع الآخرين. وكلما رأيت شخصًا خيِّرًا ومهذبًا ولبقًا في حديثه وتصرفاته، حاولت محاكاته والاقتداء به. أردت أن أبدو أكثر مرونة وودًّا لأحمي صورتي في أذهان الإخوة والأخوات. كنت بالكاد أجهر بالقول عندما أرى مشكلات الآخرين أو عندما يظهرون شخصيتهم الفاسدة، خشية أن أحرجهم إذا كشفتهم. أتذكر حين كنت شمَّاسًا من قبل، كنت أحاول بشدة دائمًا ألا ألفت الأنظار وأتحدث بتواضع. عندما رأيت الآخرين يتصرفون بابتذال في واجباتهم وبلا مبدأ، كنت أخشى أن يعتقد أي فرد أنني كنت غير متعاطف معهم إذا تطرقت للموضوع، وأن يحطم ذلك صورتي "كشخص لطيف". لذا، انطلاقًا مما يسمى محبة، عندما كنت أحاول مساعدة الآخرين، كنت حذرًا في انتقاء كلماتي، ولطيفًا وغير مباشر. لم أكشف أحدًا أبدًا بشكل مباشر، ولم أساعدهم بأن يروا خطورة ما فعلوه. كنت فقط أعطيهم تلميحًا غير مباشر. وعندما كان عليَّ إعفاء شخص ما، شعرت أن ذلك قد يسيء إليه، ولم أعرف ماذا يجب أن أقول. بذلت قصارى جهدي لأجعل الآخرين يعقدون شركة بدلًا مني، وأتجنبها في أي وقت أمكنني ذلك. ... وبهذه الطريقة، فعلت ما بوسعي لأحتال في الأمر ولأحمي مكانتي وصورتي بهذه الطريقة، وقال الإخوة والأخوات إنني لم أتصرف بغرور أبدًا، وإنني كنت أنسجم بسهولة مع الآخرين. حتى أنهم رشحوني لمنصب قيادي لأنني "كان لديَّ طبيعة طيبة" وأنني لم أضطهد الآخرين. شعرت بكثير من الغرور. يستخدم أضداد المسيح سلوكًا طيبًا ظاهريًّا ليضللوا الناس ويوقعوهم في الفخ. ألم يكن لديَّ النية والأهداف نفسها في قلبي؟ لم أتأمل أبدًا في نيتي الخسيسة أو طبيعتي الفاسدة، وأحسست أنه لا يوجد خطأ في أن أكون شخصًا مُرضيًا للآخرين. كان بإمكاني ربح استحسان الآخرين ودعمهم، وأجعل الناس يظنون بي خيرًا: فقد بدت هذه طريقة رائعة للعيش. لكن حينئذ رأيت أنه بمحاولتي إرضاء الناس، أنني كنت أثبت نفسي بأكثر طريقة سرية وخفيّة، مضللًا الآخرين، ومغررًا بهم، وكنت أسير على مسار أضداد المسيح!

ذات يوم، قرأت مقطعًا من كلمات الله في عبادتي حرك مشاعري حقًّا: "عدم ممارسة الحقّ عندما يحدث شيءٌ لك هو إثمٌ. وإذا كنت لا تزال لا تمارس الحقّ عندما يحدث لك شيءٌ مرَّةً أخرى – أي إذا تخلَّيت عن الحقّ لحماية مصالحك الخاصَّة وغرورك وكبريائك – فما نوع هذا السلوك؟ هل هو فعل الشرّ؟ إذا لم تمارس الحقّ في أيّ وقتٍ وتزايدت آثامك أكثر من أيّ وقتٍ مضى، فعندئذٍ تكون نهايتك قد تحدَّدت بالفعل. من الواضح رؤية أنه في حال تجميع جميع آثامك وإضافتها إلى اختياراتك والأشياء التي تطلبها وإرادتك الذاتيَّة، بالإضافة إلى الاتّجاهات التي اتَّخذتها والمسارات التي اخترتها عند عمل الأشياء – في حال تجميع هذه كلّها معًا – من الممكن تحديد نهايتك: يجب أن تُطرَح في الجحيم، ممَّا يعني أنك سوف تُعاقَب. ماذا تقولون: هل هذا شيءٌ تافه؟ في حال تجميع جميع آثامك معًا، فإنها تكون خلاصة للأفعال الشرِّيرة ولذلك يجب أن تُعاقَب – وهذه هي العاقبة النهائيَّة عندما تؤمن بالله ولكنك لا تقبل الحقّ" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. أهم شيء في الإيمان بالله هو ممارسة الحق). كنت دائمًا أتصرف كشخص لطيف ولم أمارس الحق. عندما تعاونت مع الآخرين، كان ذلك دائمًا على حساب مصالح الكنيسة، وأنني حققت ذلك لأجل الدافع الشرير لخداع الآخرين والفوز بقلوبهم. وكان كل شيء فعلته شرًّا. ولو أنني استمررت في هذا الطريق، لانتهى بي الأمر مستبعدًا ومعاقبًا من الله! من كلمات الله، استطعت أن أشعر بشخصيته البارَّة وكيف كان يشمئز من أولئك الذين لا يمارسون الحق. أردت أن أتوب في الحال، وأن أسعى لمسار للممارسة، وأتخلص من شخصيتي المُرضية للناس.

قرأت أن كلمة الله تقول: "عندما تصبح علاقتك مع الله طبيعية، سيكون لديك أيضًا علاقات طبيعية مع الناس. من أجل بناء علاقة طبيعية مع الله، على الجميع أن يبنون كلامهم على أساس كلام الله، وعليك أن تكون قادرًا على أداء واجبك بحسب لكلام الله وما يطلبه الله، ويجب أن تصحِّح وجهات نظرك، وأن تطلب الحق في كل شيء. ويجب أن تمارِس الحق عندما تفهمه، ومهما كان ما يحدث لك، يجب أن تصلِّي إلى الله وتطلب، بقلبٍ مطيع لله. بهذه الطريقة من الممارسة، ستكون قادرًا على الحفاظ على علاقة طبيعية مع الله. في الوقت نفسه الذي تؤدي فيه واجبك بشكل صحيح، عليك أيضًا التأكد من عدم القيام بأي شيء لا يفيد دخول الحياة لمختاري الله، وعدم قول أي شيء غير نافِع للإخوة والأخوات. على الأقل، يجب ألا تفعل شيئًا يتعارض مع ضميرك ويجب ألا تفعل أي شيء شائن على الإطلاق. إن ما التمرُّد ضد الله أو مقاومته، على وجه الخصوص، يجب ألا تفعله مطلقًا، ويجب ألا تفعل أي شيء يزعِج عمل الكنيسة أو حياتها. بل كن نزيهًا ومستقيمًا في كل ما تفعله وتأكَّد من أن كل فعل تقوم به مقبول أمام الله. مع أن الجسد قد يكون ضعيفًا في بعض الأحيان، يجب أن تكون قادرًا على إعطاء الأولوية لمصالح عائلة الله، دون الطمع في المنفعة الشخصية، دون عمل أي شيء أناني أو حقير، والتأمل المستمر في نفسك. بهذه الطريقة، فسيكون بوسعك الحياة كثيرًا أمام الله، وستصبح علاقتك مع الله طبيعية تمامًا" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كيف هي علاقتك مع الله؟). "لأن كل من يؤدي واجبه، بغض النظر عن مدى عمق فهمه للحق أو ضحالته، فإن أبسط طريقة للممارسة للدخول في واقع الحق هي التفكير في مصالح بيت الله في كل شيء، والتخلِّي عن الرغبات الأنانية، والنوايا الفردية، والدوافع، والسمعة، والمكانة. ضع مصالح بيت الله أولاً – هذا أقل ما يجب أن يفعله المرء. إذا كان الشخص الذي يقوم بواجبه لا يستطيع حتى القيام بهذا، فكيف يمكن أن يُقال إنه يؤدي واجبه؟ هذا لا يعني أداء الشخص لواجبه. عليك أن تراعي أولاً إرادة الله، وأن تنظر في مصالح الله الخاصة، وأن تضع عمل الكنيسة في الاعتبار، وأن تضع هذه الأمور في المقام الأول وفي الصدارة؛ فقط بعد ذلك يمكنك أن تفكِّر في استقرار مكانتك أو كيف يراك الآخرون. ألا تشعر أن الأمر يصبح أسهل قليلاً عند تقسيمه إلى هذه الخطوات وتقديم بعض التنازلات؟ إذا مارست بهذه الطريقة لفترة من الوقت، فستشعر بأن إرضاء الله ليس صعبًا. ينبغي أن تكون قادرًا على الاضطلاع بمسؤولياتك، وتأدية التزاماتك وواجباتك، ووضع رغباتك الأنانية جانبًا، ووضع نواياك وحوافزك جانبًا، ومراعاة إرادة الله، وإعطاء الأولوية لمصالح بيت الله، وعمل الكنيسة والواجب المفترض أن تؤديه. بعد اختبار هذا لفترةٍ من الوقت، ستشعر بأنّ هذه طريقة جيدة للتصرف: هذا عيش ببساطة وأمانة، من دون أن تكون شخصًا وضيعًا أو عديم الفائدة، فتعيش بإنصاف وشرف بدل أن تكون وضيعًا و سافلًا؛ ستشعر بأنّ الإنسان ينبغي أن يعيش ويتصرّف هكذا" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن كسب الحرية والتحرير إلّا بتخلص المرء من شخصيته الفاسدة). من قراءة كلمة الله، فهمت أنه فقط أولئك الذين يسعون إلى الحق في كل شيء ويقفون في جانب الله، ويتخلون عن رغباتهم الشخصية، ويلتزمون بعمل الكنيسة هم من يعيشون شبه البشر ويمكن أن تكون لديهم علاقة طبيعية مع الآخرين. بعد ذلك، بدأت أمارس وأنا أراعي أولًا في كل موقف حماية مصالح الكنيسة، وحاولت إرضاء مشيئة الله من خلال أقوالي وتصرفاتي. بعد فعل ذلك لمدة، رأيت أني قد حصلت على فرص عديدة لممارسة الحق في الحياة اليومية وفي واجبي. على سبيل المثال: في الاجتماعات، رأيت أن بعض الناس أحبوا مشاركة تعاليم مبتذلة وخرجوا عن الموضوع. أو قد يكون هناك أحد قد تشتت خلال الشركة، ويطيل من فترة اجتماعنا. وقد سبب هذا الضرر لحياتنا الكنسية، لكن قائدة الفريق لم توضح الأمر أو تصححه. في البداية، لم أرد أن أقول شيئًا، لكني شعرت ببعض الذنب - لماذا أردت أن أكون مُرضيًا للناس مرة أخرى؟ رددت صلاةً لله على الفور، وأهملت نيتي الجائرة. وعند نهاية الاجتماع صرحت بالمشكلات التي رأيتها واقترحت حلولًا. شعرت كيف منحني إهمالي لذاتي والتزامي بعمل الكنيسة قدرًا عظيمًا من السلام حقًّا. أيضًا، تم إعفاء أخٍ أعرفه جيدًا حقًّا. لقد أخبرني أن ذلك كان بسبب اشتهائه الراحة، وأنه كان ماكرًا ومراوغًا وغير فعال خلال أدائه واجبه. في البداية، أردت أن أواسيه وأجعله يظن بي خيرًا، لكنني أدركت حينها أنه كان يجب عليَّ أن أمارس الحق هذه المرة. لذا، هدأتُ قلبي وتأملت بهدوء فيما يجب أن أقوله لأساعد على تنوير هذا الأخ. فكرت في تفاعلاتنا السابقة. كان اشتهاؤه الراحة واضحًا جدًّا خلال واجبه. ودون أن أخفي أي كلمة، وضحت له مشكلات السلوك التي أظهرها خلال واجبه، وأرسلت له بعض كلمات الله ذات الصلة. شكرني وقال إن كل هذا قد ساعده. بعد فعل هذا، شعرت بهدوء وسلام كبيرين.

من خلال دينونة الله وإعلان كلماته، رأيت أنني لو استمررت في العيش وفق فلسفات الشيطان الدنيوية، لأصبحت فقط أكثر مراوغة وخداعًا، ولخسرت أدنى حد مما يقصد به أن أكون إنسانًا، ولانتهى بي الأمر بإيذاء الآخرين ونفسي. تعلمت أيضًا أن العيش وفقًا لكلمات الله والتصرف وفق مبادئ الحق هو الطريقة الوحيدة لتتمتع بالإنسانية الطبيعية ولتكون شخصًا صالحًا حقًّا.

السابق: 58. اختيار أمام مسؤول حكومي

التالي: 62. يوم استفقت من غطرستي

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

5. قلبٌ تائهٌ يَعود

بقلم نوفو – الفلبّيناسمي نوفو، وأنا من الفلبّين. اتَّبعتُ أمّي في إيمانها بالله منذُ أن كنتُ صغيرًا، وكنتُ أستمِعُ للصّلوات في الكنيسة مع...

16. كلمة الله قوّتي

بقلم جينغنيان – كندالقد اتبعت إيمان أسرتي بالرَّب منذ طفولتي، وكنت كثيرًا ما أقرأ في الكتاب المقدَّس وأحضر الخدمات. شاركت إنجيل الرَّب يسوع...

36. عودة الابن الضال

بقلم روث – الولايات المتحدة الأمريكيةوُلدت في بلدة صغيرة في جنوب الصين، لعائلة من المؤمنين يعود تاريخها إلى جيل جدة أبي. كانت قصص الكتاب...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب