68. الآن أعرف كيفية الشهادة لله
في أبريل 2021، بدأت عمل نشر الإنجيل مع زميلتي في العمل، الأخت تشين. ونظرًا لأنني نشرت الإنجيل بالفعل في الماضي وكانت لديَّ بعض الخبرة ذات الصلة، بدأت أحصل على نتائج أفضل منها بعد فترة من الوقت. غالبًا ما كنت أتفاخر بكيفية نشر الإنجيل وأجيب عن أسئلة المهتدين المحتملين، مع الخوض في التفاصيل. شعرت الأخت تشين بالرهبة حقًا. وفي إحدى المرَّات، بعد أن تشاركت مع بعض المؤمنين الجدد الذين لم يحضروا الاجتماعات، بدأوا جميعًا في الحضور كالمعتاد. عرفت أن الله يرشدهم ويُحرِّك قلوبهم، لكنني كنت لا أزال راضية تمامًا عن نفسي معتقدةً أنني قد أديت دوري. وعند العودة من المشاركة، لم يسعني إلا التباهي للأخت تشين قائلةً: "اتَّكلت على الله وبعد مشاركة مجرد بضع كلمات، وافقوا جميعًا على حضور الاجتماعات". شعرت بالتحسن عندما رأيت نظرة الأخت تشين إليَّ بإعجاب شديد. وفي مرَّة أخرى، عادت وهي تشعر بالحزن لأنها لم تستطع الإجابة عن سؤال شخص كانت تعظه. فسألتها عما قالته له، فقدمت لي موجزًا. قلت لنفسي: "ليست لديكِ خبرة كافية بعد. لم يكن هذا سؤالًا صعبًا للإجابة عنه، ولكنت سأتولى شأنه في أسرع وقت. أحتاج إلى اطلاعكِ على الأمر وكشف كيفية مشاركة الإنجيل حقًا". وبذلك، أخبرتها عن كيفية المشاركة بفعالية أكبر. وافقت الأخت تشين على ما قلته، قائلةً إن هذا كان ينقصها حقًا، وطلبت مني مساعدتها أكثر. أخبرتها بأنه ينبغي علينا الاتِّكال على الله، ولكني في قلبي كنت راضية تمامًا عن نفسي، وأفكر في مدى موهبتي في مشاركة الإنجيل.
في أحد الاجتماعات، سألتنا إحدى القائدات عما تعلمناه والاختبارات التي مررنا بها مؤخرًا أثناء نشر الإنجيل. قالت الأخت تشين: "تعلمت من خلال نشر الإنجيل أنه لا يزال لديَّ الكثير من أوجه القصور. كانت توجد الكثير من الأسئلة من مهتدين محتملين لم أتمكن من الإجابة عنها. يبدو أن الأخت شو يمكنها إيجاد كلام الله للمشاركة والإجابة عن أسئلتهم بسرعة فائقة". ابتسمت لي القائدة وأومأت برأسها. أردت أن أُظهِر للقائدة مدى معرفتي وقدرتي على الإجابة عن أي سؤال بسهولة، ولذلك توليت عمدًا التحدث بالنيابة عن الأخت تشين قائلةً: "كان من الصعب جدًا الإجابة عن بعض أسئلة المهتدين المحتملين حقًا". فسألت القائدة: "أي أسئلة؟" اخترت عددًا من الأسئلة بسرعة، معتقدةً أنه يجب عليَّ اختيار سؤال صعب لأُظهِر للقائدة مدى موهبتي. ولذلك، سردت أسئلة المهتدين المحتملين بإيماءات نشطة وبتصرف مفعم بالحيوية والهمة، وكيفية المشاركة لحلها وكيفية إقناعهم في النهاية بصدق. بالغت في تصوير الأمور على أنها أصعب مما كانت عليه، كما لو كان الآخرون لا يمكنهم حل هذه المشكلات مطلقًا وكما لو كنت الوحيدة التي يمكنها ذلك. أردت إقناع القائدة بأنني أملك قدرًا من واقع الحق، وبأنني كنت الأفضل بين جميع من يشاركون الإنجيل. استحسنتني القائدة والإخوة والأخوات جميعًا، وقد صدَّقتُ ذلك. وبعد السؤال عن عملنا في مشاركة الإنجيل، شاركت القائدة بمبادئ مشاركة الإنجيل فيما يتعلق بشؤوننا الأخيرة. كانت القائدة قد بدأت لتوها بالحديث فقلت لنفسي: "لديَّ بعض الخبرة ذات الصلة التي يجب أن أشاركها فورًا. إذا انتقلنا إلى موضوع آخر، فسوف أفقد فرصتي للتحدث". ولذلك، انخرطت في الحديث قائلةً: "هذا الموضوع ينطوي على الكثير". ثم انطلقت في مناقشة مستفيضة مستمدةً كلامي من تجربتي الخاصة لتوضيح كيف حقَّقتُ النتائج أثناء نشر الإنجيل. وعندما رأيت الجميع يومئون رؤوسهم بالموافقة، تحدثت بحماسة أكبر. تدخَّل الإخوة والأخوات الآخرون بآرائهم، لكني لم أستوعب أي شيء حقًا. شعرت أنه ليست لديهم أي بصيرة حقيقية أو أفكار قيِّمة. ظللت أشارك آرائي فقط، ولم أعطِ الفرصة للآخرين للتحدث. أردت فحسب مشاركة تجربتي كلها مرَّة واحدة لترى القائدة أنني أتمتع بالمقدرة والمواهب، ويمكنني أن أطلب المبادئ في واجبي، وأنني كنت موهبة نادرة. وأثناء الحديث، خطر لي أنني ربما كنت متباهية، ولذلك حاولت الإبطاء والتحدث قليلًا عن فسادي وأخطائي. ولكني كنت أعتقد أيضًا أن هذه الأساليب العملية يجب مشاركتها للصالح العام. كانت هذه كلها هي تجربتي الشخصية المباشرة ولم أستطع منع نفسي من المشاركة لمجرد الخوف من التباهي. عندما خطر لي هذا الفكر، استطردت في الحديث. وعندما انتهيت، أومأت القائدة برأسها بالموافقة وبدا الآخرون وكأنهم ينظرون إليَّ بإعجاب. كان هذا شعورًا رائعًا. ولذلك، فيما يخص ذلك الاجتماع، كان الجميع في الأساس يستمعون إلي حديثي. وليس هذا فحسب، ولكن في الاجتماعات والمشاركة نادرًا ما كنت أخبر الآخرين بحالتي السلبية أو بأمثلة لإخفاقاتي في مشاركة الإنجيل. شعرت أن ذلك قد يُشوِّه صورتي، ولذلك كنت أختار نجاحاتي بعناية. اعتقد الجميع أنني كنت رائعة في مشاركة الإنجيل بعد عدة اجتماعات، وبدأ بعض الآخرين في ذلك الواجب يعتمدون عليَّ. كانوا يطلبون مني مباشرةً التحدث مع أناس عالقين حقًا في مفاهيمهم. وهذا كله جعلني أكوِّن صورة أسمى عن نفسي، وقد استمتعت بنظرة التقدير من الآخرين. وبمثل شعوري بالرضا التام عن نفسي، واجهت تزكية الله وتأديبه.
بدأت أواجه الكثير من العقبات ولم أحقق أي نتائج أثناء نشر الإنجيل. قلت لنفسي: "دائمًا ما أتباهى وأستعرض نفسي في الاجتماعات مع الإخوة والأخوات، والآن أصبحت غير فعالة في نشر الإنجيل. هل يشعر الله بالضجر مني ويحتجب عني؟" بُحْتُ بمكنون صدري للأخت تشين عن الحالة التي كنت فيها، فقالت: "على مدار الوقت الذي عرفتكِ فيه، لاحظت أنكِ تميلين إلى التباهي. كنتِ تتحدثين طوال الوقت عندما تنضم القائدة إلى اجتماعنا. وكنتِ تقاطعينها قبل أن تتمكن من إنهاء حديثها، ولم أستطع حتى طرح سؤال. شعرت بالدونية الشديدة بعد أن سمعت عن جميع تجاربكِ في نشر الإنجيل ومدى فعاليتكِ في حل مشكلات الناس". وبينما كانت تتحدث بدأت في البكاء، فشعرتُ بالسوء. لم أتصور قطّ أن يكون استعراضي قد أضرها بشدة. ألم يكن ذلك هو فعل الشر؟ مثلت أمام الله لأتأمل في نفسي بجدية، ثم قرأت كلام الله هذا: "يشهد كثير من الناس لأنفسهم باستمرار: لقد عانيتُ بهذه الطريقة وتلك، لقد فعلت هذا العمل وذاك، لقد تعامل الله معي بهذه الطريقة وبتلك الطريقة، وطلب مني أن أفعل كذا وكذا، ويجلّني إجلالاً خاصًا، والآن أنا مثل كذا وكذا. يتحدثون بنبرة معينة عن قصد، ويتبنون مواقف معينة. وفي نهاية المطاف، ينتهي الأمر ببعض الناس إلى التفكير بأن هؤلاء الناس هم الله. وبعد أن يصلوا إلى تلك النقطة، سيكون الروح القدس قد تخلى عنهم منذ فترة طويلة. وعلى الرغم من أنهم في هذه الأثناء يتعرضون للتجاهل، ولا يُطردون، يكون مصيرهم محددًا، وكل ما يمكنهم عمله هو انتظار عقوبتهم" (الكلمة، ج. 2. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. يُكثر الناس من مطالبهم من الله). كان إعلان كلام الله ضربة في الصميم وشعرت بالسوء حقًا. أدركت أن السبب الذي جعلني أصطدم بالعديد من العقبات ولم أشعر بإرشاد الله هو أنني كنت قد ضجرت من الله بسبب تفاخري. وشخصية الله بارة ومقدسة للغاية! شعرت بالخوف نوعًا ما. وعلمت أنه إذا واصلت على هذا النحو، فسوف يتخلى الله عني ويستبعدني ضجرًا. كان عليَّ طلب الحق لحل هذه المشكلة.
بعد ذلك، صادفت مقطعًا من كلام الله يكشف أولئك الذين يُعظِّمون أنفسهم ويتباهون. "يرفعون أنفسهم ويشهدون لها، ويفتخرون بأنفسهم، ويحاولون أن يجعلوا الناس ينظرون إليهم بإكبار – الطبيعة البشرية الفاسدة قادرة على أمور كهذه. هكذا يتفاعل الناس بصورة فطرية عندما تسود عليهم طبائعهم الشيطانية، وهذا مألوف لجميع البشرية الفاسدة. كيف يرفع الناس أنفسهم ويشهدون لها عادةً؟ كيف يبلغون ذلك الهدف؟ واحدة من الطرق هي شهادتهم لِكَمْ كابدوا من معاناة، وكَمْ أنجزوا من عمل، وكَمْ بذلوا أنفسهم، إنهم يتحدثون عن هذه الأشياء باعتبارها رأس مالهم الشخصي. أي إنهم يستخدمون تلك الأمور بوصفها رأس المال الذي يرفعون به أنفسهم، والتي تمنحهم مكانة أسمى وأقوى وأكثر رسوخًا في عقول الناس، حتى يجلهم عددٌ أكبر من الناس ويعجبون بهم ويبجلوهم، بل ويكرمونهم ويعبدونهم ويتبعونهم أيضًا، وذلك هو التأثير الأسمى. لكن هل ما يقومون به لبلوغ ذلك الهدف، من رفعة للنفس وشهادة لها، معقول؟ ليس معقولاً؛ فهم خارج حدود العقلانية. إنهم لا يخجلون: يشهدون دون حياء لما قاموا به من أجل الله، وكم قاسوا في سبيله، بل يتباهون حتى بمواهبهم وملكاتهم وخبراتهم ومهاراتهم الخاصة، أو بأساليبهم الذكية في التصرف، والوسائل التي يستخدمونها كي يتلاهوا بالناس. إن طريقتهم في رفعة ذاتهم والشهادة لها هي التباهي بذواتهم والتقليل من شأن الآخرين. كذلك فإنهم يراءون ويُموِّهون أنفسهم، فيخفون ضعفاتهم، ونقائصهم وفشلهم عن الناس، بحيث لا يرون إلا ذكائهم. بل إنهم لا يجرؤون على أن يخبروا الناس الآخرين عندما يحدوهم شعور سلبي؛ فهم يفتقرون إلى الشجاعة للمصارحة والشركة معهم، وعندما يرتكبون خطأ، تجدهم يبذلون قصارى جهدهم لإخفائه والتستر عليه. كذلك لا يذكرون الضرر الذي ألحقوه ببيت الله في معرض قيامهم بواجبهم. لكن عندما يقدمون مساهمة ضئيلة أو يحققون بعض النجاح الضئيل، يسرعون إلى التباهي به، ولا يسعهم الانتظار كي يعرّفوا العالم كله كَمْ أنهم قادرون، وكم هي عظيمة مقدرتهم، وكَمْ هم متميزون، وكَمْ هم أفضل من الناس العاديين. أليست هذه وسيلة لرفعة نفسك والشهادة لها؟" (الكلمة، ج. 3. كشف أضداد المسيح. البند الرابع: يُمجِّدون أنفسهم ويشهدون حولها). ألم أتباهى وأُعظِّم نفسي مثلما وصف الله؟ كنت في أداء واجبي أتباهى لنيل إعجاب الآخرين بدلًا من الشهادة لله وتعظيمه. كنت أستخدم خبرتي في الإنجيل كرأس مال شخصي، معتقدةً أنني كنت ذكية وبليغة. تباهيت ودفعت نفسي إلى دائرة الضوء في كل فرصة. وعندما حققت بعض النجاحات في مشاركة الإنجيل، تفاخرت للأخت التي كنت أعمل معها بشأن قدرتي على مشاركة الحق وحل المشكلات، وعندما كنت أراها تواجه بعض الإخفاقات، كنت أخبرها بجميع تجاربي. كنت أتصرف تحت ستار مساعدتها، ولكني في الواقع كنت أتباهى بنفسي فحسب وأستعرض قدراتي. أردت منها أن تعتقد أنني أفضل منها، ونتيجةً لذلك انتهى بها الأمر إلى شعورها بالدونية والوقوع في السلبية. عندما كانت القائدة تأتي إلى اجتماعنا، كنت أتباهى وأستعرض نفسي طوال الوقت، وأبالغ في مدى صعوبة المشكلات التي حللتها لتسليط الضوء على قدراتي. كما كنت أقاطع كلام الناس وأُحوِّل الاجتماع إلى جلسة محاضرة شخصية، مع استمراري في الحديث عن كيفية تحقيقي نتائج في مشاركة الإنجيل لتسليط الضوء على إنجازاتي وكسب إعجاب الآخرين. لقد كنت حقًا حقيرة ووقحة! فنظرًا لأنني كنت دائمًا أقاطع الكلام وأتباهى، حرمت إخوتي وأخواتي من فرصة طلب الحق ومشاركته. ونتيجةً لذلك، لم تُحل مشكلاتهم ومصاعبهم فورًا. كنت أُعطِّل الاجتماع تعطيلًا تامًا. والأكثر من ذلك، نظرًا لأنني لم أكن مهتمة إلا باستعراض نفسي، لم أبذل أي جهد في التأمل في كلام الله والاستماع إلى تجارب الآخرين ومعارفهم. ونتيجةً لذلك، لم أكن أستفيد أي شيء من الاجتماع أيضًا. علمت أن لديَّ الكثير من العيوب والإخفاقات، لكني كنت خائفة من تشويه صورتي في نظر الآخرين، ولذلك كنت أغطي أوجه القصور والإخفاقات هذه، ولا أتحدث إلا عن نجاحاتي. ونتيجةً لذلك، كان الآخرون في فريق الإنجيل يُعجبون بي ويعتمدون عليَّ. كنت أجذبهم لي ولم أشعر بالخوف، بل وكنت أستمتع بهذا. وبالتأمل في سلوكي، أدركت أنني لم أحاول أداء واجبي جيدًا وإرضاء الله، لكني كنت أخدع الناس وأوقعهم في الفخ.
لاحقًا، قرأت هذا المقطع من كلام الله الذي ساعدني على فهم طبيعتي وجوهري. يقول الله، "بعض الناس يؤلِّهون بولس على وجه الخصوص. إنهم يحبّون الخروج وإلقاء الخُطَب والقيام بالعمل، ويُحبّون حضور الاجتماعات والوعظ؛ ويُحبّون أن يستمع الناس إليهم، وأن يتعبّدوا لهم ويحيطوا بهم. إنَّهم يُحِبّون أن يحتلّوا مكانة في أذهان الآخرين، ويستحسنون تفخيم الآخرين للصورة التي يمثلونها. فلنحلل طبيعتهم من خلال هذه التصرفات: ما هي طبيعتهم؟ إذا تصرَّفوا حقًا على هذا النحو، فهذا يكفي لإظهار أنهم متكبّرون ومغرورون. إنهم لا يعبدون الله على الإطلاق؛ بل يسعون للحصول على مكانة أعلى، ويرغبون في أن يتسلَّطوا على الآخرين، وأن يمتلكونهم، وأن يحتلّوا مكانة في أذهانهم. هذه صورة كلاسيكية للشيطان. ما يميز طبيعتهم هو التكبر والغرور وعدم الرغبة في عبادة الله والرغبة في عبادة الآخرين لهم. يمكن لهذه السلوكيات أن تعطيك صورة واضحة للغاية عن طبيعتهم" (الكلمة، ج. 2. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. كيفية معرفة طبيعة الإنسان). جعلني هذا أدرك أن التباهي المستمر هو نتيجة لسيطرة طبيعة متكبرة. أحببت الشعور بإعجاب الآخرين بي ودعمهم لي منذ أن كنت صغيرة – وكان يراودني شعور بالهيبة والمتعة – ولذلك لطالما سعيت إلى هذا الشيء في الحياة. ظللت أفعل ذلك حتى بعد نيل الإيمان، إذ كنت أتباهى وأستعرض نفسي كلما سنحت لي الفرصة. كنت أستمتع بهذا وأبتهج كلما رأيت نظرة إعجاب من شخص ما. كان نشر الإنجيل مسؤوليتي وواجبي، وكانت أي نجاحات بفضل إرشاد الله. ولكن طبيعتي المتكبرة كانت تتحكم فيَّ، حيث كنت أستخدم المواهب والخبرة والنتائج القليلة التي حصلت عليها في نشر الإنجيل كرأس مال شخصي. شعرت وكأنني موهبة لا غنى عنها، وكنت رافضة لأي شخص آخر. كنت أيضًا أغتنم كل فرصة للتفاخر أمام إخوتي وأخواتي، وكيفية نجاحي في مشاركة الإنجيل، لكني لم أذكر أوجه قصوري أو إخفاقاتي مطلقًا. ونتيجةً لذلك، بدأ إخوتي وأخواتي يعتمدون عليَّ بدلاً من التطلع إلى الله والاتِّكال عليه. يجب أن يشغل الله مكانًا مقدسًا في قلوب الناس، لكني كنت أجذب الآخرين، ولذلك لم يوجد مكان في قلوبهم إلا لي أنا. ألم أكن أقاوم الله؟ فكرت في بولس في عصر النعمة، الذي كان متكبرًا جدًا. لم يُعظِّم الرب يسوع المسيح أو يشهد له قط في رسائله، ولم يشهد لما فعله الرب يسوع من أجل البشرية. كان يتفاخر فقط بمواهبه ومقدرته ويوقع الآخرين في الفخ حتى يُعجبوا به ويتبعوه. شهد أنه لم يكن أدنى من أي رسول آخر، وقال في النهاية إنه عاش كمسيح، مما أساء بشدة إلى شخصية الله. وتمجيد بولس لنفسه جعل أناسًا آخرين يداهنونه، لدرجة أن المؤمنين لمدة 2000 عام تعاملوا مع كلامه على أنه كلام الله نفسه، وأساس إيمانهم، ومبادئ يجب ممارستها. وكلامه يفوق كلام الله الخاص لهم، مما يجعل الله مجرد رمز. وقد انتهى به الأمر إلى أن أصبح بولس هو ضد المسيح الأساسي، وقد عاقبه الله. ألم أكن مثل بولس فحسب؟ لم أكن أُعظِّم الله وأشهد له في واجبي، ولكني كنت أتباهى وأوقع قلوب الناس في الفخ. كيف كنت أؤدي واجبي؟ كنت ببساطة أدير مشروعي الخاص. شعرت في ذلك الوقت بالرعب من أفعالي وأدركت أن الاستمرار على هذا النحو سيكون أمرًا خطيرًا حقًا. مثلت أمام الله وصليت: "يا إلهي، لا أريد أن أعيش ضدك، في سياق شخصيتي الفاسدة. أرجو منك التأديب والتزكية إذا تباهيت مرَّة أخرى. يا الله، من فضلك أرشدني لأربح فهمًا أعمق لنفسي". لاحقًا، صادفت مقطعًا آخر من كلام الله يدين فيه البشر ويكشفهم: "لا تظن أنك تفهم كل شيء. أقول لك إن كل ما قد رأيته واختبرته غير كافٍ لتفهم ولو حتى جزءًا من ألف من خطة تدبيري. فلماذا إذًا تتصرف بكبرياء؟ قلة موهبتك ومعرفتك الضئيلة غير كافية ليستخدمها يسوع في حتى ثانية واحدة من عمله! ما هو كم الخبرة الذي لديك فعليًّا؟ كل ما رأيته وكل ما سمعته في حياتك وكل ما تخيلته أقل من العمل الذي أقوم به في لحظة! من الأفضل ألا تتصيد الأخطاء وتجدها! لا يهم كم قد تكون مغرورًا، أنت مجرد مخلوق أقل من نملة! كل ما تحمله داخل بطنك أقل مما تحمله النملة بداخل بطنها! لا تظن أنه لمجرد أنك حصلت على بعض المعرفة والأقدمية فإن هذا يعطيك الحق في الإيماء بشراسة والتكلم بغطرسة. أليست خبرتك وأقدميتك هي نتاج الكلمات التي قد نطقتها أنا؟ هل تؤمن أنها مقابل عملك وتعبك؟ اليوم، أنت رأيت أنني قد صرت جسدًا، وبناءً على هذا فقط صرتَ أنت مليئًا بهذه التصورات الغنية، وجمعت مفاهيم لا حصر لها منها. لو لم يكن من أجل تجسدي، حتى لو امتلكت مواهب غير عادية، لن يكون لديك العديد من التصورات؛ أَوَليس من هذا قد جاءت مفاهيمك؟" (الكلمة، ج. 1. عمل الله ومعرفة الله. التجسُّدان يُكمِّلان معنى التجسد). لم أكن أملك واقع الحق ولم أتمكن إلا من المساهمة بمعرفة التعاليم. بعد اكتساب القليل من الخبرة وأداء بعض العمل، كنت أتجاهل على الفور أي شخص آخر، حتى الله. كنت أسرق مجد الله، وكنت متكبرة بشكل غير معقول وأفتقر إلى الحد الأدنى من العقلانية! وأثناء مشاركة الإنجيل، كنت في الواقع مدركة تمامًا أن الله هو من يدافع عن عمله. أحيانًا يسأل شخص ما سؤالًا لم أعرف إجابته، ولذلك كنت أصلي إلى الله وأتكل عليه. ثم يأتيني الجواب وأعرف كيفية علاج المشكلة من خلال استنارة الروح القدس. أحيانًا كنت لا أقول الكثير، بل مجرد مقطع من كلام الله، لكن الناس كانوا يتأثرون ويميزون صوت الله، ويستعدون للبحث عن عمل أيامه الأخيرة وقبوله. وقد تحقق هذا كله من خلال كلام الله؛ إذ كان الله هو من يحرك قلوب الناس. في إحدى المرَّات شاركت الإنجيل مع شقيق إحدى الأخوات في الكنيسة. كان عدد قليل جدًا من الناس قد تشارك معه من قبل، لكنه كان مقيدًا بمفاهيمه ولم يكن مستعدًا للبحث والتحقق. لم أشعر بثقة كبيرة، لكنني تحضرت قليلًا بناءً على خبرتي السابقة. وعندما تحدثت إليه حول ما تأملت فيه بالفعل، لم يصدر عنه رد فعل إيجابي فحسب، بل أثار بعض المفاهيم التي كانت لديه. لم أكن أعرف كيفية المشاركة، ولذلك صليت وطلبت من الله أن يتحرك ويمده بالاستنارة. عرضت عليه مقطع فيديو عن الشهادة ولم أتشارك معه كثيرًا، لكنه تأثر حقًا بالمشاركة في الفيديو وأراد فحص عمل الله الجديد. فوجئت جدًا: فقد حقق تحولًا كاملاً فيما يزيد قليلًا عن 30 دقيقة. علمت أن ذلك لم يكن لأنني تشاركت جيدًا، ولكن لأن الله حركه. عندما كانت دوافعي خاطئة في واجبي، لم يرغب أحد في قبول الإنجيل مهما كان مقدار حديثي. أظهرت لي تجربتي أنه في واجباتي، أدى كلام الله وعمل الروح القدس الدور الحاسم، ولم تكن مواهبي ومقدرتي هي العامل القاطع. خراف الله تسمع صوته. وأولئك الذين سبق الله واختارهم يتعرفون إلى صوته في كلامه ويريدون التحقق من الطريق القويم. إذا لم يكن الشخص قد اختاره الله، فلن يُحدِث أي قدر من الشراكة أي فرق. وحتى بدون أي موهبة أو مقدرة جيدة، إذا كان قلب شخص ما في المكان المناسب، وكان يتطلع حقًا إلى الله ويتكل عليه، فيمكنه أن يربح إرشاد الله وسوف ينجح في واجباته على حد سواء. ومع ذلك، كانت هذه الحقيقة غائبة عني، ولم يكن لديَّ أدنى تمييز لعمل الروح القدس، ولم أخاف الله في قلبي. أعطيت نفسي كل المجد لأدنى إنجاز، واستخدمت ذلك كذريعة للتباهي. لقد كنت حقًا وقحة. مع إعادة التفكير في الطرق التي كنت أتباهى بها، شعرت بالحقارة والخجل. لقد كنت حقًا مُهرِّجة، إذ كنت أستعرض نفسي دون دراية وأكشف حالتي البائسة للجميع دون أدنى قدر من معرفة الذات. لولا العقبات التي واجهتها أثناء نشر الإنجيل، ولولا تعامل أختي معي وتهذيبها لي، لبقيت فاقدة للحس دون أي معرفة بالذات. عندما أدركت هذا، صليت إلى الله طالبةً التوبة والتوقف عن تمجيد نفسي والتباهي.
لاحقًا، بحثت بوعي عن كيفية الممارسة لتعظيم الله والشهادة له. قرأت مقطعًا من كلام الله قال: "عند الشهادة لله، ينبغي أن تتكلموا أكثر بالأساس عن الكيفية التي يدين الله بها الناس ويوبخهم، وأي تجارب يستخدمها لتنقية الناس وتغيير شخصياتهم. وينبغي أن تتكلموا أيضًا عن حجم الفساد الذي كُشف في تجاربكم، وكم فعلتم لمقاومة الله، وكيف أخضعكم الله في نهاية الأمر، وأن تتحدثوا حول كم تملكون من معرفة حقيقية بعمل الله وكيف ينبغي لكم أن تشهدوا لله وأن تبادلوه محبته. ينبغي أن تضعوا معنى جوهريًا في هذا النوع من اللغة، وأنتم تصيغونها بشكل مبسّط. لا تتحدثوا عن نظريات فارغة. تكلموا بشكل أكثر واقعية، وتكلموا من القلب؛ هذه هي الطريقة التي ينبغي أن تختبروا فيها. لا تسلحوا أنفسكم بالنظريات الفارغة التي تبدو عميقة لتتفاخروا بأنفسكم؛ فهذا يبديكم متكبرين وبلا عقل تمامًا. يجب أن تتكلموا أكثر عن أشياء حقيقية من تجربتكم الفعلية وتتكلموا أكثر من القلب، فهذا أكثر ما يفيد الآخرين وهو أكثر ما يناسبهم رؤيته" (الكلمة، ج. 2. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. السعي وراء الحق وحده يمكنه إحداث تغيير في شخصيتك). أظهر لي كلام الله أن طريقة تمجيد الله والشهادة له هي من خلال اختبار عمله وشخصيته، والتحدث عن فسادنا وعصياننا، وكيفية تعلمنا عن أنفسنا من خلال دينونة كلامه وتوبيخه. وبالتالي، يتمكن الآخرون من رؤية شخصية الله البارة بالإضافة إلى محبته وخلاصه لنا. لكني كنت أتحدث للتو عن نجاحاتي في مشاركة الإنجيل، وبالكاد لم أتحدث عن الفساد الذي أظهرته أو كيفية مقاومتي لله وتمردي عليه. ونتيجةً لذلك، بدأ الناس يُعجبون بي ويعتمدون عليَّ. كنت بحاجة لإظهار ذاتي الحقيقية، والكشف عن كيفية تعظيم نفسي والتباهي، وكيفية تزكية الله لي وإرشادي لمعرفة نفسي. يجب أيضًا إظهار صراعاتي وأوجه قصوري في الوعظ بالإنجيل، ومشاركة كيفية إرشاد الروح القدس لي. كنت بحاجة إلى مشاركة هذا كله حتى يتمكن الآخرون من رؤيتي بوضوح ومن رؤية كيفية عمل الله أيضًا. ومن ثم سوف يتحلّون بالإيمان الذي يمكنهم به الاتكال على الله والتطلع إليه في واجبهم وربح إرشاده. عندما بُحْتُ بمكنون صدري بتلك الطريقة، أدرك الجميع أنهم لا يملكون الله في قلوبهم حقًا. أرادوا إجراء تغيير للاتِّكال على الله في واجبهم.
قرأت هذا في كلام الله بعد ذلك: "ما هو فهمك لشخصية الله وما لديه ومن هو؟ ما هو فهمك لسلطانه وقدرته الكليّة وحكمته؟ هل يعرف أحد منذ كم سنة يعمل الله بين كل البشر وكل الأشياء؟ لا أحد يعرف بالضبط عدد السنين التي قضاها الله في العمل وتدبير كل البشر حتى اليوم؛ فهو لا يعلن عن أمور كهذه للبشر. لكن إن فعل الشيطان هذا لبعض الوقت، هل يعلن عنه؟ من المؤكد أنه سيعلن عنه. يريد الشيطان التباهي، كي يخدع المزيد من الناس وكي يعترف المزيد منهم بفضله. لماذا لا يخبر الله عن هذا التعهد؟ ثمة جانب متواضع ومخفيّ من جوهر الله. ما الأمور التي تتعارض مع التواضع والتخفّي؟ التعجرف والوقاحة والطموح. مهما كان عمل الله عظيمًا، يكفي أن يخبر الله الإنسان ويجعله يعي ما يستطيع أن يعرفه ويفهمه فقط، مستعملًا كل العمل الذي يقوم به ليجعل الإنسان يعرف جوهره. كيف يفيد هذا الإنسان؟ ما النتيجة التي يحقّقها؟ هل يعني أنّه عليك معرفة هذه الأمور كي تتمكّن من عبادة الله؟ في الواقع، هذا غير ضروري. القدرة على عبادة الله هي النتيجة الموضوعية المحقَّقة في النهاية، لكنّ مقصد الله الحقيقي هو أنّه عندما يعرف الإنسان هذه الأمور ويفهم كيف يدبّر الله البشر، وكيف يحكم البشر ويضع خططًا لهم، سيتمكّن الإنسان من أن يخضع لسيادة الله، وأن يكفّ عن المقاومة التي لا داعي لها وعن الانحراف عن السبيل، وبالتالي ستقلّ معاناته. إن استطعت أن تترك الطبيعة تأخذ مجراها وتعيش بحسب الطُرق والنواميس التي وضعها الله، وبالانسجام مع طلباته والمبادئ التي يعطيها، فلن تسقط بين يدَي الشيطان، ولن تُفسَد أو تُداس مرةً ثانيةً. ستعيش إلى الأبد بين النواميس التي سنّها الله، وستعيش بشبه إنسان ككائن خلقه الله، وستتلقّى عنايته وحمايته. هذا مقصد الله وغايته الحقيقيتان من القيام بالعمل. يقوم الله بهذا العمل العظيم، من خلال توجيه البشرية، وهو يترأس الكون بأسره. سلطانه وقوّته واسعان للغاية، لكنه لم يقل أبدًا: "قدرتي غير عادية". بل يظل مختبئًا بين كل الأشياء، ويترأس كل شيء، ويغذي البشرية ويعولها، ويسمح للبشرية بأسرها بالاستمرار جيلًا بعد جيل. الهواء وأشعة الشمس، على سبيل المثال، أو كل الأشياء المادية المرئية الضرورية للوجود البشري، كلها تتدفق دون توقف. إن إعالة الله للإنسان أمر لا يقبل الشك. لذا إذا فعل الشيطان شيئًا جيدًا، فهل سيلزم الصمت ويبقى بطلًا غير معروف؟ مستحيل. يشبه الأمر وجود بعض أضداد المسيح في الكنيسة الذين قاموا سابقًا بعمل خطير، أو قاموا مرة بعمل ضار بمصالحهم الخاصة، والذين ربما ذهبوا إلى السجن؛ هناك أيضًا أولئك الذين ساهموا ذات مرة في جانب واحد من عمل بيت الله. إنهم لا ينسون هذه الأشياء أبدًا، ويعتقدون أنهم يستحقون نسب الفضل لهم مدى الحياة، ويعتقدون أن هذا رأس مالهم في حياتهم، مما يظهر مدى ضآلة الأشخاص! الناس صغار والشيطان سافر" (الكلمة، ج. 3. كشف أضداد المسيح. البند السابع: إنهم أشرارٌ وماكرون ومخادعون (الجزء الثاني)). تأثرت بتواضع الله واحتجابه. شعرت بالخجل الشديد عندما قارنت تصرفه بتصرفي. الله سام للغاية، لكنه مع ذلك تحمل الكثير من المعاناة والإذلال الكبير في صيرورته جسدًا ومجيئه إلى الأرض وفي تعبيره عن الحقائق لخلاص البشرية. وبصرف النظر عن مدى عظمة عمله أو عدد الحقائق التي يُعبِّر عنها، فهو لا يفتخر أبدًا. إنه يعول البشرية في سكون ويُخلِّصها. جوهر الله جميل بما يفوق الوصف. لكنني مجرد ذرَّة تراب وقد أفسدني الشيطان بشدة. ليس لديَّ أي شيء مميز ومع ذلك كنت أتوق إلى الإعجاب بشدة. تفاخرت بأي شيء تافه عملته، خوفًا من عدم ملاحظة الآخرين له. وعلى الرغم من وضوح أن هذا كله كان عمل الله وأنني تعاونت قليلًا وحسب، فإنني كنت لا أزال أسعى بلا خجل لسرقة مجد الله، وأتباهى بنفسي باستمرار. كلما فكرت في الأمر شعرت بالوضاعة والحقارة – وكان الأمر مقيتًا للغاية في نظر الله. لم أرغب في أن أكون هكذا فيما بعد.
عمدت في الاجتماعات اللاحقة إلى تعظيم الله والشهادة له، وتحدثت عن فسادي وعصياني، وعن النوايا الدنيئة التي أدت إلى إخفاقاتي، وعن كيفية تأديب وإرشاد الله لي لفهم المبادئ واكتساب طريق الممارسة. وقد سمح هذا للإخوة والأخوات بالتعلم من إخفاقاتي والتعرف إلى شخصية الله البارة وخلاصه. أحيانًا كان لا يزال لديَّ القليل من الرغبة في التباهي، ولكن بعد أن أدرك ذلك كنت أُصلِّي وأتخلى عن نفسي فورًا. شعرت بتحسن كبير بعد ممارسة ذلك. وبفضل محبة الله وخلاصه تمكنت من تحقيق هذا التحول.