43. أنا أؤمن بالله، فلماذا أبجّل الناس؟
عندما توليت للمرَّة الأولى مسؤولية عمل الإنجيل في الكنيسة، لم أكن أحصل على نتائج رائعة، مما جعلني أشعر بالقلق الشديد. وفي ذلك الوقت تقريبًا، نُقلت آني إلى كنيستنا. سمعت أنها كانت مؤمنة لأكثر من 20 عامًا، وأنها تخلت عن كل شيء للعمل وبذل نفسها، وكانت تعظ في العديد من الأماكن المختلفة، وواجهت خطرًا ومحنة شديدين دون أن تستسلم أبدًا. ولهذا السبب، كنت أقدرها كثيرًا، وشعرت بسعادة غامرة عندما رتبت قائدتي أن تشاركني آني في عمل الإنجيل. خلال اجتماع آني الأول معنا، تحدثت عن لقاءاتها مع قادة دينيين معطلين أثناء مشاركة الإنجيل، وكيفية تقديمها للشركة معهم ومناظرتها لهم، مما جعلهم عاجزين عن الكلام. تحدثت عن كيفية تقديمها شركة عن الحق مع متلقين محتملين للإنجيل ممن كانت لديهم مفاهيم دينية قوية ومعرفة كتابية واسعة، وفي النهاية عالجت التباساتهم. ناقشت الصعوبات العديدة التي واجهتها أثناء نشر الإنجيل، وكيفية دفعها الثمن مع الإخوة والأخوات الآخرين لنشر الإنجيل في أماكن مختلفة. كما تحدثت عن تقدير كبار القادة لها وتنميتهم لها وإعطائها بعض الواجبات المهمة. كان أكثر ما أثار إعجابي عندما قدَّمت شركة عن محبة الله للبشر، بينما كانت عيناها تمتلئان بالدموع. قالت إنه يجب علينا مراعاة مشيئة الله، وإنه مهما واجهنا من مشاق، فإن مهمتنا هي نشر إنجيله في الأيام الأخيرة. بدا لي في ذلك الوقت أن آني كانت تمتليء بالمحبة لله، فاحترمتها فورًا. قلت لنفسي: "لقد آمنت آني بالله لفترة طويلة، وهي تفهم حقائق أكثر منا، وتتمتع بقامة أعظم منا. ينبغي أن أتعلم منها". ولاحقًا، بينما كنا نؤدي واجباتنا معًا، لاحظت أن آني كانت قادرة حقًا على تحمُّل المشقة، وكانت تسهر غالبًا لمتابعة العمل وحل المشكلات. كما كانت تشير إلى الانحرافات والإغفالات في عملي، وقدَّمت شركة معي بخصوص مسارات الممارسة. عندما كانت تشارك الإنجيل مع المتلقين المحتملين، كانت تعطي أمثلة وتستخدم استعارات وتتحدث بشكل قاطع للغاية، وتمكنت من حل التباساتهم. عندما كانت تتحدث عن إخفاقها في أداء واجبها جيدًا أثناء الاجتماعات، كانت تبدأ غالبًا في البكاء قائلةً كم تدين لله. وأحيانًا كان أعضاء فريق السقاية يأتون إليها بمشكلة تحتاج إلى حل فتجد الوقت فورًا لمساعدتهم. كانت تُبدي أيضًا اهتمامها فعلًا إذا لاحظت أنني لم أكن على ما يرام بدنيًا. وهذا كله جعلني أحبها أكثر. ولاحقًا، عند انتخابها كقائدة كنسية، شعرت بمزيد من اليقين أنها كانت تفهم الحق وتمتلك حقيقته. كنت أنظر إليها بتقدير وأحترمها كثيرًا. رأيت مدى انشغالها إذ كانت تسرع لمساعدة الإخوة والأخوات لحل مشكلاتهم، مما جعلني أشعر أن لديها دورًا مهمًا بالفعل في الكنيسة، وأننا لا يمكننا بالتأكيد الاستغناء عنها. عندما كنت أواجه مشكلات أو صعوبات، كنت أبحث عنها للحصول على شركة. كنت أُدون ملاحظاتها وأفكارها بحماسة وأُنفذ اقتراحاتها، بل وقد قلدت بعض سلوكياتها. مثال ذلك، عندما كنت أراها تعمل في وقت متأخر من الليل، اعتبرت هذا علامة على أمانتها وقدرتها على تحمُّل المشاق في أداء واجبها، وكنت أسهر أيضًا. وحتى عندما لم يكن لديَّ أي شيء عاجل لأفعله وكان من الممكن أن أذهب إلى الفراش في وقت مبكر، كنت أرغب في السهر أيضًا إن رأيت آني ما زالت مستيقظة. عندما رأيت أنها ظلت قوية واستمرت في إشغال نفسها بواجبها بعد تهذيبها والتعامل معها، اعتقدت أن هذا كان يعني أنها تتمتع بالقامة وبحقيقة الحق. ولذلك، بعد التعامل معي، كنت أهرع إلى واجبي دون التركيز على التأمل وربح المعرفة عن نفسي عندما فكرت في سلوك آني، على الرغم من أنني شعرت بالضيق حقًا وأردت قضاء بعض الوقت للتأمل. لم أكن أدرك على الإطلاق أنني كنت أعيش في حالة تقدير وتبجيل لإنسانة. بقيت هكذا حتى حدثت بعض الأشياء التي منحتني تدريجيًا شيئًا من التمييز عن آني.
اتبعت آني نهجًا عمليًا في كل شيء كقائدة كنسية، وتمكنت بالفعل من المعاناة ودفع ثمن، لكن المشكلات استمرت في الظهور واحدةً تلو الأخرى، وانخفضت فعالية العمل الكنسي ببطء. ذات يوم، أخبرتني الأخت ليلى شماسة السقاية بأنها وجدت بعض الانحرافات في عمل آني. قالت إن آني كانت تتولى كل شيء ولا تسمح للإخوة والأخوات بالممارسة، وإنها لم تركز على تنمية الآخرين. قالت ليلى إن آني كانت تضطلع بعمل الشمامسة وقادة الفرق كله، مما كان يعني عدم تمكن أي شخص آخر من الممارسة، وبمرور الوقت بدأ الجميع يشعرون بأنهم عديمو الفائدة وعديمو القيمة، لكنهم كانوا ينظرون بالفعل إلى آني نظرة تقدير. لم يكن هذا جوًا يسمح للمرء بأداء واجبه. قالت ليلى إنها أرادت تقديم بعض النصائح إلى آني وإخبارها بتزويد الآخرين بمزيد من الفرص للممارسة حتى يتمكنوا من معرفة عيوبهم ونواقصهم وتحقيق تقدم أسرع. بتلك الطريقة سوف يتمكن الجميع من الاستفادة من مواهبهم، وبالتأكيد سوف يصبحون أكثر فاعلية في واجباتهم. كنت داعمة بالفعل لفكرة ليلى، فذهبت معها للتحدث إلى آني. فوجئت عندما وجدت أن آني لم ترضَ حقًا بنصيحتنا وتجهم وجهها واختلفت معنا. قالت إن الإخوة والأخوات كانت لديهم الكثير من النقائص وإن تعليمهم سوف يسبب الكثير من المتاعب ويؤخر الأمور. قالت إن فعل الأشياء بنفسها كان أكثر فعالية وكفاءة بالنسبة لها. شعرت بشيء من الارتباك عندما سمعتها تؤكد هذا ببلاغة بارعة. ولكن عندما فكرت في الأمر لاحقًا، أدركت أنه لم يكن من الملائم أن تعمل آني بتلك الطريقة. لن يحصل الآخرون على أي تدريب، وإن تُرك كل شيء لها، لن يُنجَز العمل جيدًا. ولكنني حينها فكرت في كيفية عدم فهمنا للحق، ولذلك سوف نكون بلا فائدة ونعيق الأمور إن حاولنا العمل معها لحل المشكلات. وبما أن آني كانت تفهم الحق بشكل أفضل، اعتقدت أنه ينبغي علينا أن نتركها تعتني بالأشياء فحسب. ونتيجةً لذلك، على الرغم من انشغال آني الشديد كل يوم، فقد كانت مشكلات كثيرة لا تزال قائمة. كان الإخوة والأخوات سلبيين للغاية في واجباتهم وكانوا ينتظرونها حتى تعالج المشكلات. كان معظم الناس يعيشون في حالة من الكبت والاكتئاب. ولاحقًا، اكتشفت إحدى كبار القادة وجود العديد من المشكلات في كنيستنا، ولذلك جمعت تقييمات عن آني من الإخوة والأخوات، وعرفت مدى تكبر آني وغرورها وسيطرتها ورفضها للاقتراحات، ومدى تعظيمها لنفسها دائمًا وتباهيها واستعراض نفسها أمام الجميع. أعفتها القائدة فورًا عند اكتشاف ذلك. كما أشارت إلى أننا كنا نفتقر إلى التمييز وكنا ننظر نظرة تقدير إلى آني جُزافًا ونبجلها. قدَّمت القائدة شركة عن كيف ينبغي لنا السعي إلى مبادئ الحق في واجباتنا، وعدم النظر إلى الآخرين نظرة تقدير أو طاعتهم. أدركت عند سماع هذا أنني كنت أعيش في حالة مطولة من تبجيل إنسانة ما، وأن علاقتي مع الله لم تكن طبيعية منذ فترة طويلة. فكرت في أن "المراسيم الإدارية العشرة التي يجب على شعب الله المختار طاعتها في عصر الملكوت" قالت: "ينبغي على الناس الذين يؤمنون بالله أن يطيعوا الله ويعبدوه. لا ينبغي عليك أن تُمَجِد أي شخص أو تُرفِّعه؛ ولا ينبغي عليك أن تعطي المكانة الأولى لله، والمكانة الثانية للناس الذين تقدرهم، والمكانة الثالثة لنفسك. لا ينبغي لأي شخص أن يشغل مكانًا في قلبك، ولا يجب عليك اعتبار الناس – وبالأخص الذين تُبَجِلَهم – ليكونوا على قدم المساواة مع الله. هذا أمر لا يتسامح الله معه" (من "المراسيم الإدارية العشرة التي يجب على شعب الله المختار طاعتها في عصر الملكوت" في "الكلمة يظهر في الجسد"). شعرت بالخوف نوعًا ما. فكرت في طريقة تقديري لآني منذ لقائها، وعدم تركيزي على البحث عن مبادئ الحق في واجبي والاعتماد عليها فقط بدلًا من ذلك. كنت أبحث عنها كلما واجهت مشكلة وأفعل ما تقوله. كنت أنظر إليها بتقدير شديد ولم أحتفظ بمكان في قلبي لله. بدا لي أنه لا يمكن إنجاز عملنا بدونها في الكنيسة، وكما لو كان بإمكاننا التعايش جيدًا دون إرشاد الله أو مبادئ الحق. هل كنت مؤمنة أساسًا؟ ألم أكن أبجل إنسانة أخرى وأتبعها فحسب؟ مثل هذا السلوك مقيت حقًا في نظر الله! لا عجب أنني لم أستطع نيل عمل الروح القدس في واجبي، ولم أرَ أي تقدم بعد الممارسة لفترة طويلة. صلَّيت إلى الله راغبةً في تغيير حالتي والتوقف عن تقدير الآخرين.
بعد ذلك، حدثت بعض الأشياء التي أظهرت لي آني على حقيقتها. فبعد إعفائها، لم تحلل نفسها أو تحاول معرفة نفسها أثناء الاجتماعات على الرغم من علمها التام بأن العديد من الإخوة والأخوات كانوا يبجلونها. وبدلًا من ذلك، تصرفت وكأنها تعرضت للظلم، قائلةً إنها كانت تبجل الأخت فيرا شريكتها وإنها عندما كانت تؤدي واجبها كانت تفعل كل ما تطلبه منها فيرا. صُدمت عندما رأيتها تلوم فيرا، وقلت لنفسي: "لقد كشفت القائدة بوضوح مشكلات آني وحللتها، فلماذا لا تفهم نفسها ولا تتحمل أي مسؤولية؟ ذلك ليس تعبيرًا عن قبول الحق!" أعادت القائدة تكليف آني لاحقًا بأداء عمل الإنجيل معي، وبالرغم من أنني لم أكن أُقدرها كثيرًا مثل ذي قبل، فإنني كنت أشعر بالسعادة حقًا. يوجد قول مأثور نصه: "حتى الجمل الهزيل أكبر من الحصان"، وقد شعرت أن آني كانت لا تزال أفضل مني على الرغم من جميع مشكلاتها. ومع ذلك، وجدت أثناء العمل معها أنها لم تكن مريحة أو ودودة كما كانت من قبل، وبدلًا من ذلك أصبحت حادة للغاية. عندما كنا نناقش العمل، لم تكن تستمع إلى أي من آرائي وكانت غالبًا ترفضها تمامًا. وفي كثير من الأحيان، كانت تتجنب التحدث معي، وبدلًا من ذلك تذهب لمناقشة الأمور مع الأخت التي كانت شريكتها من قبل. وقد جعلني هذا أشعر بالتقييد والرفض. لم نكن في ذلك الوقت نحرز أي نتائج في واجبنا، ولذلك مضيت لتقديم شركة معها حول المشكلات التي اكتشفتها خلال فترة عملنا معًا، فصُدمت عندما اكتشفت أنها لم تقبل أيًا منها، وأنها شعرت أنها لا تعاني من أي مشكلات. كانت فظة في ردها عليَّ بقولها: "سوف أكون صريحة معكِ، فلا تستائي. لست معتادة على العمل معكِ. ولا أحب طريقة عملكِ، فهي تشعرني بالقلق". شعرت عند سماع هذا بمزيد من السلبية وشعرت بأنني كنت أعيقها.
سمعت القائدة فيما بعد عن مشكلاتنا وتعاملت مع آني لكونها متكبرة وبارة ذاتيًا ولا تقبل الحق. قالت آني خلال اجتماع للجميع إن التعامل معها كان يعني محبة الله. بكت وأقرت بأنها خذلت الله بعدم أداء واجبها جيدًا. بدت صادقة للغاية، كما لو كانت قد عرفت نفسها حقًا. ومع ذلك، كانت في تعاملاتنا الشخصية تنشر السلبية فحسب، قائلةً إنه فاض بها، ولم تكن لديها رغبة في أداء واجبها. حاولت تقديم شركة لها، لكنها لم تستمع. عندما تحدثت القائدة عن التقدم الذي يحرزه أحد الإخوة أو الأخوات، ومدى حسن أدائه لواجبه، كانت آني تصبح أكثر سلبية، معتقدةً أن القائدة كانت تُقدِّر الآخرين أكثر منها. كانت تسألني دائمًا عما إذا كان الآخرون يسخرون منها دون علمها. من الواضح أنها كانت تشعر بالسلبية وكانت تنهار بدنيًا وعقليًا، لكنها تصرفت بروعة ونشاط في الاجتماعات، وكانت تتصنع قبول الحق ومراعاة مشيئة الله. وقد جعلني مجرد النظر إليها أشعر بالإرهاق. كنت أحيانًا أسأل نفسي: "هل هذه هي حقًا الإنسانة التي اعتدت على تقديرها وتبجيلها كثيرًا؟ إنها لا تبدو كإنسانة تملك حقيقة الحق!" أدركت أنها كانت تركز بشدة على الهيبة والمكانة ولم تقبل الحق بتاتًا. عندما داهمتها الأمور، لم تحاول معرفة نفسها، وكانت تتصنع غالبًا. لم تكن إنسانة قويمة. وفي وقت لاحق، استمرت حالتها في التدهور. قدَّمت القائدة شركة معها عدة مرَّات، وبينما بدت متقبلة لذلك، فإنها لم تتغير في الواقع مطلقًا. بل وكانت تكره الإخوة والأخوات وتنظر إليهم بنظرات ضغينة في عينيها. ولما هذبتها القائدة وتعاملت معها وكشفت مشكلاتها، فإنها كرهت الله ولامته. لم تستطع منع نفسها من إزاحة المسؤولية إلى الله بخصوص جميع ما حدث من أشياء رديئة. رأيت أنه كانت لديها طبيعة شريرة، وأنها كانت تكره الله والحق. لقد كانت شيطانة وإحدى أضداد المسيح. ولاحقًا، لم يعد مسموحًا لها بعيش الحياة الكنسية أو بأداء واجب.
لم أتمكن من الشعور بالهدوء لفترة طويلة بعد مغادرة آني. تساءلت عن سبب تبجيلي وتقديري لها لدرجة أنني كنت أرغب في أن أكون مثلها. فكرت في مدى إعجابي الدائم بمن يتمتعون بالفصاحة ومن كان بمقدورهم تحمُّل معاناة كبيرة والتخلي عن كل شيء لبذل أنفسهم لله، والأشخاص الذين اعتُقلوا وعُذبوا دون أن يخونوا الله. لماذا كنت أُبجل هؤلاء الناس وأُقدرهم كثيرًا؟ ما الفكرة التي كانت تحكمني؟ ثم رأيت يومًا مقطعين من كلام الله يقولان: "هناك بعض الناس الذين يمكنهم تحمل المشقات؛ يمكنهم دفع الثمن، وسلوكهم الخارجي جيد جدًّا، وهم محترمون، وينالون إعجاب الآخرين. ماذا تعتقدون: هل يمكن لهذا السلوك الخارجي أن يُعدَّ ممارسة للحق؟ هل يمكنكم أن تقولوا إن هذا الشخص يلبي مقاصد الله؟ لماذا ينظر الناس لهذا النوع من الأفراد مرارًا وتكرارًا ويظنون أنهم يرضون الله، ويعتقدون أنهم يسيرون في طريق ممارسة الحق، ويسيرون في طريق الله؟ لماذا يفكر بعض الناس بهذه الطريقة؟ هناك تفسير واحد فقط لهذا. وما هو ذلك التفسير؟ التفسير هو أن عدداً ضخماً من الناس يرون أن ثمة أسئلة غير واضحة جداً لهم، مثل: ما معنى ممارسة الحق، وما هو إرضاء الله، وما هو معنى أن يكون لديك واقعية الحق. لذلك هناك بعض الناس الذين غالبًا ما يُخدعون بأولئك الذين يبدون ظاهريًا روحانيين ونبلاء ولهم صورة رفيعة. أما بالنسبة إلى أولئك الناس الذين بإمكانهم التحدث عن الحروف والتعاليم، ويبدو كلامهم وتصرفاتهم جديرة بالإعجاب، فإن المنخدعين بهم لم ينظروا مطلقًا لجوهر أفعالهم والمبادئ الكامنة وراء أعمالهم، وماهية أهدافهم، ولم ينظروا أبدًا إلى ما إذا كان هؤلاء الأشخاص يطيعون الله حقًّا أم لا، وإذا ما كانوا أشخاصًا يتقون الله حقًّا ويحيدون عن الشر أم لا. لم يميزوا أبدًا جوهر الطبيعة البشرية لهؤلاء الناس. بل إنهم منذ الخطوة الأولى لتعارفهم، صاروا رويدًا رويدًا معجبين بهؤلاء الناس ويبجلونهم، وفي النهاية يصير هؤلاء الناس أصنامًا لهم، إضافةً إلى أن بعض الناس يرون أن الأصنام التي يعبدونها، ويؤمنون أنهم من الممكن أن يهجروا أسرهم ووظائفهم من أجلها ويدفعوا الثمن في المقابل، هي تلك التي يمكنها حقًّا إرضاء الله، ونيل عاقبة وغاية جيدتين. في رأيهم أن هذه الأصنام هي أناس يمدحهم الله" (من "كيفية معرفة شخصيّة الله والنتائج التي يحققها عمله" في "الكلمة يظهر في الجسد"). "هناك سبب متأصل وحيد يجعل الناس تفعل هذه التصرفات الجاهلة وتعتنق وجهات نظر وممارسات أحادية الاتجاه، وسأخبركم اليوم عنه. السبب هو أنه على الرغم من أن الناس قد يتبعون الله، ويصلون له كل يوم، ويقرؤون كلمته كل يوم، لكنهم في الواقع لا يفهمون مشيئته. هذا هو أصل المشكلة. إن كان أحد يفهم قلب الله وما يحبه وما يبغضه وما يريده وما يرفضه ونوع الشخص الذي يحبه ونوع الشخص الذي لا يحبه ونوع المعيار الذي يطبقه الله في متطلباته من الإنسان ونوع المنهج الذي يتخذه لتكميل الإنسان، هل يمكن لذلك الشخص مع ذلك أن تكون لديه أفكاره الشخصية الخاصة؟ هل يمكنه أن يذهب ويعبد شخصًا آخر؟ هل يمكن لشخص عادي أن يصير صنمًا له؟ إذا فهم المرء مشيئة الله، ستكون وجهة نظره أكثر عقلانية من ذلك. ولن يُؤَلِّهَ اعتباطًا شخصًا فاسدًا. ولن يؤمن بصورة تعسفية – أثناء مسيرة طريق ممارسة الحق – بأن الالتزام غير العقلاني بالقليل من القواعد والمبادئ البسيطة يعادِل ممارسة الحق" (من "كيفية معرفة شخصيّة الله والنتائج التي يحققها عمله" في "الكلمة يظهر في الجسد"). أصابت كلمات الله كبد الحقيقة فيما يخص حالتي. أدركت أنه كان لديَّ المنظور الخاطئ في إيماني طوال تلك الأعوام، معتقدةً أنه إذا كان شخص قد آمن بالله لفترة طويلة، وبذل نفسه بحماس، وعانى ودفع ثمنًا، وأدي الكثير من العمل، فإن هذا كان يعني أنه مارس الحق وكان يملك حقيقة الحق، وأنه كان يُفرح الله ويتمتع بمكان في الكنيسة. ولذلك، عندما رأيت أن آني كانت مؤمنة لأعوام عديدة وقدَّمت الكثير من التضحيات وعانت كثيرًا لنشر الإنجيل، وأنها كانت واضحة ومنطقية في الوعظ وتقديم الشركة، فقد انخدعت بصورتها المهيبة وسلوكها الحسن، وبدأت بتقديرها وتبجيلها. لم أدرك مدى حماقتي وعدم درايتي ومدى سخافة الفكرة التي كنت أتمسك بها إلا بعد قراءة هذين المقطعين من كلمة الله. عندما يُقدِّم شخص ما تضحيات ويبذل نفسه، وعندما يعاني ويدفع ثمنًا في واجبه، فهذه مجرد سلوكيات سطحية جيدة. لا يعني هذا أن لديه إنسانية جيدة أو أنه يحب الحق، وبالتأكيد لا يعني أنه يملك حقيقة الحق. على الرغم من أن آني كانت متحدثة موهوبة وكانت تتخلى باستمرار وتبذل نفسها خلال العشرين عامًا التي آمنت فيها، فإنها تعاملت مع هذه الأشياء كرأسمال شخصي، واستخدمتها دائمًا للتباهي والتفاخر واستعراض نفسها أمام الجميع. لم تتمكن من قبول الحق أو ممارسته على الإطلاق. وبصرف النظر عن عدد المرَّات التي خضعت فيها للتهذيب والتعامل معها، أو عدد الإخفاقات أو العثرات التي ارتكبتها، فإنها لم تتأمل قط لمعرفة نفسها وبالتأكيد لم تتب حقًا. عندما كان الآخرون يُقدرونها وكانت تحظى بمكانة عالية، كانت لديها طاقة هائلة لأداء واجبها، وكان بإمكانها السهر لوقت متأخر وبذل كل ما لديها فيه. ولكن بعد إعفائها، فقدت كل رغبتها في أداء واجبها، وأبدت المقاومة والاستياء. كانت تنشر السلبية سرًا، ولكنها كانت تقول علنًا إنها تدين لله وبدا أنها كانت تائبة حقًا. وقد جعل هذا الناس يشعرون أنها كانت مراعية لمشيئة الله وأنها تتمتع بقامة وتملك حقيقة الحق، ولذلك كانوا جميعًا يُقدرونها ويُبجلونها. أخبرت الجميع بعد تهذيبها والتعامل معها أن هذا كان محبة الله، لكنها كانت تلوم الله سرًا وتكرهه. ألم تكن إحدى أضداد المسيح إذ كانت تحتقر الحق والله؟ فهمت أخيرًا أن مجرد أن شخصًا ما آمن بالله لفترة طويلة ويمكنه تقديم تضحيات والتحدث ببلاغة ويملك الخبرة ويجد التقدير من الآخرين، فإن هذا لا يعني أن لديه حقيقة الحق، وبالتأكيد لا يعني أنه يُفرح الله. مهما كانت مدة إيمان الشخص أو مدى جدية عمله، إن لم يمارس الحق على الإطلاق ولم يُغيِّر شخصيته الشيطانية، سوف يظل شخصًا يقاوم الله في جوهره، وسوف ينكشف ويُستبعَد كذلك في النهاية. وهذا يتمم كلام الرب يسوع: "َكَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِٱسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِٱسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِٱسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! ٱذْهَبُوا عَنِّي يافَاعِلِي ٱلْإِثْمِ!" (متى 7: 22-23). فكرت لاحقًا في كلام الله: "لا يهمني مدى جدارة عملك الجاد، أو روعة مؤهلاتك، أو قرب تبعيتك لي، أو شهرتك، أو مدى تحسن توجهك؛ فطالما أنك لم تفعل ما طلبته منك، فلن تتمكن أبداً من الفوز بمدحي. أسقطوا كل أفكاركم وحساباتكم هذه في أقرب وقت ممكن، وابدأوا في التعامل مع مطالبي على محمل الجد. وإلا سأحوّل كل الناس إلى رماد من أجل وضع نهاية لعملي، وفي أسوأ الأحوال تحويل سنوات عملي ومعاناتي إلى لا شيء، لأنني لا أستطيع أن آتي بأعدائي وبالناس الذين يتلفظون بالشر على مثال الشيطان إلى ملكوتي في العصر الآتي" (من "التعديات سوف تقود الإنسان إلى الجحيم" في "الكلمة يظهر في الجسد"). "إنني لا أحدد مصير كل شخص على أساس العمر والأقدمية وحجم المعاناة وأقل من ذلك مدى استدرارهم للشفقة، وإنما وفقًا لما إذا كانوا يملكون الحق. لا يوجد خيار آخر غير هذا. يجب عليكم أن تدركوا أن كل أولئك الذين لا يتبعون مشيئة الله سيُعاقَبون، وهذه حقيقة ثابتة" (من "أَعْدِدْ ما يكفي من الأعمال الصالحة من أجل غايتك" في "الكلمة يظهر في الجسد"). لامست كلمات الله قلبي حقًا. لا يحدد الله آخرة شخص ما أو غايته وفقًا لمقدار ما بذله من جهد وما ساهم به، أو مدى حسن تصرفه، أو مقدار العمل الذي فعله، بل يحدده على أساس ما إذا كان لديه الحق أم لا. لا يحكم الله على الناس بحسب ما هو ظاهر، بل يدينهم بحسب جوهرهم. إنه ينظر إلى ما إذا كانوا يحبون الحق ويمكنهم ممارسته، وما إذا كانوا يخضعون له وينفذون مشيئته. أدركت أن شخصية الله بارة ومقدسة فعلًا. توجد معايير يدين بها الناس ومبادئ لكيفية معاملته للناس دون أدنى تدخل للعاطفة. لن يقرر الله أن يكون شخص ما بارًا أو صالحًا لمجرد إظهاره القليل من الحماس، أو ما إذا كان يساهم أو يعاني قليلًا. فعلى العكس من ذلك، مهما كانت مدة إيمان شخص ما بالله، أو مقدار العمل الذي فعله، أو مدى حسن سمعته، سوف يستبعده الله في النهاية إن لم يمارس الحق ويُغيِّر شخصيته. شعرت بالمزيد من الجهل والبؤس بعد أن فهمت هذا. فطوال أعوام إيماني، لم أسعَ إلى الحق أو أفهم مشيئة الله. اكتفيت بإرساء إيماني على مفاهيمي وتصوراتي الخاصة، وكنت أُبجل الآخرين باستمرار. كم كنت عمياء وجاهلة! فكرت في كلمة الله: "في كل البشرية، لا يوجد واحد يمكن أن يكون مثل نموذج للآخرين، لأن البشر متشابهون أساسًا ولا يختلف أحدهم عن الآخر، مع وجود القليل مما يميز بعضهم عن بعض. لهذا السبب، لا يزال البشر حتى اليوم غير قادرين تمامًا على معرفة أعمالي. فقط عندما ينزل التوبيخ على البشرية كافة، سيدركون جميعهم أعمالي، دون أن يدروا، وبدون أن أفعل أي شيء أو أجبر أي شخص، سيعرفني البشر، ووقتها سيرون أعمالي. هذه هي خطتي، وهذا هو الجانب الظاهر من أعمالي، وهو ما ينبغي على الإنسان أن يعرفه" (من "الفصل السادس والعشرون" "كلام الله إلى الكون بأسره" في "الكلمة يظهر في الجسد"). كلمة الله واضحة تمامًا. فالناس يفسدهم الشيطان ولديهم جوهر الشيطان. ونحن لا نكشف شيئًا سوى الشخصيات الشيطانية. لا أحد منا يستحق التبجيل. لو كنت قد فهمت ذلك من قبل، لما بجَّلت أي شخص أو ألَّهته.
بعد ذلك بوقت قصير، أُعفيت لأنني لم أنجز أي شيء في واجبي لفترة طويلة. فكرت كثيرًا في ذلك الوقت وتأملت في سبب فشلي. فكرت كيف كنت عالقة في حالة من التبجيل والتقدير تجاه آني، وكيف كنت أعتقد أنها كانت تفهم الحق وتملك حقيقته لمجرد أنها كانت مؤمنة لفترة طويلة، وتعظ بالإنجيل لأعوام، وتعاني كثيرًا، ولديها الكثير من الخبرة العملية. كنت غالبًا أقلد سلوكها وألتجئ إليها بمشكلاتي. وكنت أقبل فورًا جميع الآراء التي تُعرب عنها دون التفكير فيها، وأفعل ما تقوله مهما كان. لم أحتفظ بمكان في قلبي لله على الإطلاق. لم أسعَ إلى الحق عندما كنت أواجه مشكلات، ولم تستند أفعالي إلى أي مبادئ. كنت أستمع فحسب إلى إنسانة واحدة وهي آني. كيف كان ذلك إيمانًا بالله؟ ألم أكن أتبع شخصًا فحسب؟ هذا يشبه تمامًا ما يقوله الله: "إن ما يعجبك ليس هو اتّضاع المسيح، بل أولئك الرعاة الكاذبون ذوو المراكز البارزة. إنَّك لا تحب جمال المسيح أو حكمته، لكن تحب هؤلاء المستهترين الذين يرتبطون بالعالم الفاسد. إنَّك تستهزئ بألم المسيح الذي ليس له أين يسند رأسه، بل تُعجب بتلك الجثث التي تخطف التقدمات وتعيش في الفجور. إنَّك لست راغبًا في أن تعاني مع المسيح، لكنك بسعادة ترتمي في أحضان أضداد المسيح غير المبالين مع أنَّهم لا يمدّونك سوى بالجسد وبالكلام وبالسيطرة. حتى الآن لا يزال قلبك يميل إليهم، وإلى شهرتهم، وإلى مكانتهم، وإلى تأثيرهم، وما زلت مستمرًا في تمسُّكك بموقف تجد فيه أن عمل المسيح يصعب ابتلاعه وأنك غير راغب في قبوله. هذا هو السبب في قولي إنَّه ينقصك الإيمان للاعتراف بالمسيح. إن السبب في اتِّباعك له إلى هذا اليوم يرجع كليةً إلى إنَّك لا تملك خيارًا آخر. فهناك سلسلة من الصور النبيلة تطفو إلى الأبد في قلبك؛ ولا يمكنك أن تنسى كل كلمة قالوها وكل فعل أدّوه، ولا حتى كلماتهم وأياديهم المؤثرة. إنَّكم تقدِّرونهم في قلوبكم كمتفوقين دائمًا، وكأبطال دائمًا. لكن ليس الأمر كذلك بالنسبة لمسيح اليوم. فهو غير هام في قلبك دائمًا وغير مستحق للمخافة دائمًا، لأنه شخص عادي جدًا، وليس له سوى قدر قليل للغاية من التأثير، ولا يحظى بمقام رفيع" (من "هل أنت مؤمن حقيقي بالله؟" في "الكلمة يظهر في الجسد"). كشف كلام الله عن حالتي الحقيقية. عندما فكرت في أعوام إيماني، رأيت أن الناس الذين كنت معجبة بهم يتمتعون جميعًا بالمقدرة والمواهب، وكانوا يجدون الدعم والتقدير من الآخرين، وأنني كنت أنظر إلى كل كلمة من أقوالهم وكل فعل من أفعالهم على أنه شيء يجب الاقتداء به. لم أسأل نفسي قط عن مشيئة الله، وعما إذا كانت أفعالي هي ما كان يريده الله، وما إن كانت تتوافق مع مبادئ الحق. كنت أُبجل الآخرين وأتبعهم جُزافًا، بل وتمنيت أن أصبح مثلهم تمامًا. كنت أسير في الطريق الخطأ طوال الوقت، ساعيةً إلى المزيد من المعاناة والعمل، ومتكلةً على المقدرة والخبرة أثناء أداء واجبي. لم أركز على السعي إلى مبادئ الحق، وركزت حتى بدرجة أقل على دخولي الشخصي إلى الحياة. ونتيجةً لذلك، لم أفهم قدرًا كبيرًا من الحق خلال أعوام إيماني، وتضررت حياتي. أدركت مدى جهلي وبؤسي بدرجة لا تُصدق. لقد منحنا الله كلامًا كثيرًا ولم أحفظ أيًا منه تقريبًا، ولكن كان يمكنني أن أتذكر بوضوح شديد جميع ما قالته آني، وجميع الآراء التي كانت تُعبِّر عنها، وكنت أسرع دائمًا لتنفيذها. كنت أتكل عليها دائمًا في واجبي، ولم أحتفظ بمكان في قلبي لله على الإطلاق. وكشفني هذا الموقف مع آني تمامًا. فبعد إعفائها على وجه الخصوص، عندما انكشفت بالفعل الكثير من مشكلاتها وبدأنا العمل معًا من جديد، كنت لا زلت أحتفظ لها بصورة مهيبة في ذهني. واصلت الاتكال عليها في واجبي وظللت أفكر في ذلك التعبير "حتى الجمل الهزيل أكبر من الحصان"، معتقدةً أن آني كانت لا تزال أفضل مني حتى إن كانت لديها بعض المشكلات. كانت هذه وجهة نظر شيطانية بحتة. فقد كنت أُبجلها بإفراط، ولم أسعَ إلى مبادئ الحق في تعاملاتنا وكنت أفتقر تمامًا إلى التمييز. كنت أرى الأشياء باستمرار وفقًا للأكاذيب الشيطانية. وبعد ذلك، بعد ظهور المزيد والمزيد من مشكلات آني، كنت لا أزال لا أُميزها أو أكشفها. ظللت أتبعها إذ كنت مقيدة بها، وكنت أعيش في حالة من السلبية والبؤس. كنت أستحق بالفعل كل شيء حصلت عليه! كنت أنظر إلى آني نظرة تقدير وأتكل عليها في واجبي، ولكن ما الذي قدَّمته لي؟ الخداع والتقييد والرفض. لقد جعلتني أيضًا أشعر بالبؤس والاكتئاب دون أي أمل في التحرر، وازداد ابتعادي عن الله أكثر فأكثر. على الرغم من أنني كنت أؤمن بالله، فإنني لم أتكل عليه أو أتطلع إليه، ولم أسعَ إلى الحق بتاتًا. كنت أُبجل الناس وأتبعهم. كنت حمقاء وخالية من أي تمييز. وكان فشلي وسقوطي هكذا هو بالفعل بر الله وخلاصه. تمكنت من خلال هذا الإعلان من إلقاء نظرة فاحصة على المسار الخطأ الذي كنت أسلكه، وفحص الآراء السخيفة التي كنت أضمرها، والسعي إلى الحق لحل مشكلاتي. وفي الوقت نفسه، شعرت أيضًا بأهمية السعي إلى الحق. قال الله: "إن أولئك الذين لا يسعون للحق لا يمكنهم الاستمرار حتى النهاية"، وهذا حقيقي للغاية. فأولئك الذين لا يسعون إلى الحق محكوم عليهم بأن يكشفهم الله ويستبعدهم. كانت إخفاقات الإنسانة التي كنت أنظر إليها بتقدير – وإخفاقاتي أنا أيضًا - أفضل دليل على هذا.
بعد شهرين، تشاركت مع سارة في عمل الإنجيل. سمعت أنه بعد إيمانها بالله، تخلت عن وظيفة مرموقة لأداء واجبها وتمكنت تمامًا من تحمُّل المشقة، وكانت مقدرتها رائعة ولديها خبرة في نشر الإنجيل. عرفتها لفترة ورأيت أنها تهتم كثيرًا بعمل الكنيسة. كانت تقيم شركة في الاجتماعات بنشاط، ومهما كانت الظروف أو عدد الناس الموجودين، لم تشعر قط بالتقييد وكانت تتحدث برصانة كبيرة ودون خوف. كانت تقيم شركة مع الإخوة والأخوات وتساعدهم عندما كانوا يواجهون مشكلات، ونالت استحسان الجميع حقًا. شعرت أنها كانت إنسانة تسعى إلى الحق، وكان تقديري لها كبيرًا. وبينما كنت سعيدة بالحصول على فرصة للعمل معها، تذكرت أيضًا إخفاقي السابق، وكيف دفعني تقدير مقدرة الآخرين ومواهبهم إلى تبجيلهم واتباعهم. لقد سلكت الطريق الخطأ بسبب هذا مما أضر بحياتي. كنت أعلم أنه يجب ألا أرى الأشياء من خلال مثل ذلك المنظور الخاطئ عندما يتعلق الأمر بتعاملاتي مع سارة، وأنه كان عليَّ التعامل معها وفقًا لمبادئ الحق. كانت سارة تتمتع بمقدرة وخبرة جيدتين في مشاركة الإنجيل، ولذلك سأتعلم منها الكثير لتعويض ما كنت أفتقر إليه. لكنها كانت أيضًا إنسانة فاسدة لديها شخصيات فاسدة ونقائص وعيوب. وكان من الواجب ألا أُبجلها أو أتكل عليها. إن كانت لديها مشكلات أو انحرافات في واجبها، كان يجب ألا أتبعها جُزافًا. كان عليَّ أن أمارس التمييز وأعاملها وفقًا لمبادئ الحق. لاحظت لاحقًا في مناقشات العمل أن معظم اقتراحات سارة لم تكن عملية جدًا. شعرت أنا وأختان أخريان أن الاقتراحات لم تكن نافعة، لكن سارة أصرت عليها بشدة. عندما كانت لا تتمكن من الحصول على الموافقة على فكرة، كنا نعلق بها ونبقى في طريق مسدود لفترة طويلة مما كان يعطل تقدُّم عملنا بالفعل. رأيت بالتدريج أن سارة كانت متكبرة وبارة ذاتيًا وعنيدة، وأنها كانت تستاء عند رفض اقتراحاتها. كانت تفقد أعصابها مما كان يُقيِّد الآخرين. لم تكن تؤدِ دورًا إيجابيًا في مجموعتنا، وعطلت تقدُّم العمل وعرقلته، ولذلك أبلغت القائدة بسلوكها كله. وبعد فهم القائدة للوضع، كشفت مشكلات سارة وحللتها وحاولت مساعدتها، لكن سارة رفضت ذلك فعُدل واجبها. شعرت بالارتياح الشديد بعد اختبار ذلك. شعرت وكأنني قد قلبت أخيرًا أفكاري الخاطئة رأسًا على عقب ولم أعد أُبجل الناس وأتبعهم كما كنت من قبل. شعرت بالامتنان الشديد لله على تهيئة تلك المواقف لمساعدتي على ربح التمييز وتعلم تلك الدروس. شكرًا لله!