76. ليلة من التعذيب الوحشي
ذات ليلة في أبريل من العام 2006، ذهبت لنشر إنجيل ملكوت الله القدير لمجموعة من المسيحيين، لكنهم لم يقبلوه، بل ضربوني أيضًا. وفي الثامنة من صباح اليوم التالي، جاء اثنان من رجال الشرطة في ثياب مدنية إلى مكان عملي وأجبروني على اصطحابهما إلى حيث كنت أعيش في ذلك الوقت. فأدركت أن المسيحيين على الأرجح قد أبلغوا عني. شعرت بالقلق والخوف – فقد علمت أنه إن عثرت الشرطة على كتب كلمات الله التي أحتفظ بها في شقتي، سيعتقلونني بالتأكيد. صليت لله بلا انقطاع: "إلهي، إن اعتقلوني فعلًا اليوم فسيكون بإذن منك. أنا مستعد لوضع نفسي بين يديك. أرجوك احمني، امنحني القوة والإيمان وأرشدني للثبات في شهادتي". بعد الوصول إلى مسكني، بدآ في التنقيب في جميع ممتلكاتي الشخصية دون تقديم أي هوية، وفي النهاية وجدا نسخة من كتاب "الكلمة يظهر في الجسد"، وإنجيلًا، ومشغل أقراص مضغوطة. ثم شرعا في اصطحابي إلى مكتب الأمن العام بالمقاطعة.
سألني شرطي: "هل تؤمن بالله القدير؟ كم عدد الأشخاص الذين تبشرهم؟ مَن قائدك؟"؛ فأجبته: "نعم، أنا أؤمن بالله القدير، لكننا نمارس الإيمان ونشارك الإنجيل من تلقاء أنفسنا. ليس لدينا قادة". أغضبه هذا بشدة لدرجة أنه ركلني بقوة في بطني، ما جعلني أترنح عدة خطوات إلى الوراء. كنت أعرف أنني ربما لا أستطيع تجنب التعرض للتعذيب والتنكيل بي بعد الاعتقال - فمثل هذا اليوم ينتظر هؤلاء الذين يعيشون من بيننا في الصين مؤمنين بالله ويتبعونه. كان عليَّ الاتكال على الله لتجاوز هذه المحنة – فلم يكن من الممكن أن أخضع للشيطان. استجوبني الشرطي بقسوة قائلاً: "متى انضممت إلى الكنيسة؟ مَن أعطاك تلك الكتب؟ أين يعيش؟". عندما لم أرد، سحب يديَّ خلف ظهري وقيدهما إلى كرسي معدني. في ذلك الوقت، دخل رئيس مكتب الأمن العام، الرئيس وانغ، وصرخ: "ماذا تفعلون؟ فكوا أصفاده على الفور!"، ثم سار نحوي مبتسمًا، وربت على كتفي، وقال بنبرة صادقة: "أيها الرفيق القديم، لا أريد لك سوى الأفضل. أعلم أن العمل لم يكن سهلًا عليك. إن أخبرتنا بكل ما تعرفه عن كنيسة الله القدير، فستحصل على مكافأة تبلغ عدة آلاف من اليوانات". فأدركت أن هذه كانت مؤامرة الشيطان الماكرة: كان الشرطي يحاول استدراجي لتقديم معلومات عن الكنيسة، وخيانة الله والوشاية بإخوتي وأخواتي بتقديم مكافأة مالية لي. قلت لنفسي: "حتى لو قدمت لي جبلًا من الذهب، فلن ألين. لن أخون مصالح الكنيسة أبدًا". بعد أن رأى أنني لم أكن مقتنعًا، أضاف: "إن أخبرتني فقط بما تعرفه، يمكنك حتى أن تأخذ جزءًا من أرباحنا من الآن فصاعدًا". فشعرت بالنفور التام منه وتجاهلت كل ما قاله. وعندما أدرك أنني لن أقول أي شيء، تحول على الفور إلى الشر. فقال بعبوس وبنبرة حادة: "هذا الشخص لا يعرف مصلحته. افعل ما يجب عليك فعله معه"؛ ثم خرج من الغرفة غاضبًا. هددني أحد الشرطيين قائلًا: "إن لم تخبرنا بصدق بما تعرفه، فلن تنتهي الأمور على خير بالنسبة لك". وصفعني بقوة على وجهي أثناء قوله هذا، وطرحني أرضًا، ثم لف ذراعيَّ خلف ظهري وقيد يديَّ مرة أخرى إلى الكرسي المعدني. شعرت ببعض الخوف عندما فكرت في التعذيب الذي ينتظرني، ولذا صليت الله صامتًا: "إلهي، موتي على يد الشرطة اليوم هو بين يديك. أرجوك املأني بالإيمان والقوة - ساعد على منعي من الوشاية بإخوتي وأخواتي وخيانتك". بعد الانتهاء من صلاتي، تذكرت فجأة قصة دانيال. لقد أُلقي دانيال في جب الأسود، ولكن كان لديه إيمان، وصلى لله واتَّكل عليه؛ فأغلق الله فكي الأسود ليمنعها من إلحاق الأذى به. كنت أعلم أنني يجب أن أؤمن بالله أيضًا وأن أتمسك بشهادتي له بقوة مهما عذبني رجال الشرطة.
بعد ذلك، استجوبوني حول الأسئلة نفسها مرة أخرى، لكنني استمررت على عدم الرد، لذلك جرُّوني إلى فناء، ووضعوا خمسة أو ستة كتب من كلام الله أمامي، وعلقوا لافتة حول رقبتي تقول "عضو في طائفة". والتقطوا صورة لي قبل أخذ بصمات أصابعي وإدخالي إلى غرفة تعذيب خفية. بمجرد دخولي إلى الغرفة، شعرت بدمي يتجمد – فقد كانت مليئة بجميع أنواع أدوات التعذيب المختلفة. كانت هناك أداة تعذيب مرتفعة مصنوعة من الفولاذ الملحوم، وكرسي تعذيب وأغلال للقدم، بالإضافة إلى أكثر من عشرة صناديق كبيرة وصغيرة مليئة بجميع أنواع أدوات التعذيب الأخرى. كانت هناك سياط من الجلد معلقة على الحائط وهراوات من الباكليت والمشابك والعديد من أدوات التعذيب الأصغر الأخرى التي لم أرها من قبل. لا بد أنه كان هناك أكثر من مائة جهاز تعذيب في تلك الغرفة. شعرت على الفور بالرعب، وارتخت ساقاي. وقلت لنفسي: "إنهم لم يأتوا بي إلى هنا سوى لأنهم يخططون لتعذيبي. مَن يدري ما إذا كنت سأتمكن من الخروج من هنا على قيد الحياة. ربما إذا زودتهم ببعض المعلومات غير ذات الصلة، فسيسمحون لي بالرحيل ولن أضطر إلى المعاناة في هذا المكان. إن لم أخبرهم بأي شيء، فسوف يعرضونني بالتأكيد لعذاب شديد". عندها فقط، تذكرت فجأة قصة أصدقاء دانيال الثلاثة - لقد تم إلقاؤهم في أتون النار لأنهم رفضوا الانحناء أمام صنم ذهبي، قائلين إنهم يفضلون الموت على خيانة الله. لقد حمى الله ثلاثتهم، ولم يتعرض أي منهم لأدنى قدر من الحروق. ذكرني هذا بسيادة الله القدير، وتجدد إيماني به. علمت أن مصيري كان بين يدي الله، سواء أكان هذا المصير أن أعيش أم أموت. مهما عذبوني، كان علي أن أتَّكل على الله وأثبت بحزم في شهادتي له. بعد ذلك، جاء ضابطان شابان وضبطا آلة التعذيب الفولاذية بحسب طولي، وعلقا يديَّ من العمود الأفقي بحيث لامست قدماي الأرض بأطراف أصابعي. صرخ أحد الضباط بشراسة: "لقد أضعنا يومًا كاملًا في محاولة إقناعك بالتحدث، حان الوقت الآن لجعلك تعاني!". كانت يداي وذراعاي تحملان وزن جسدي بالكامل. شعرت بتعب شديد في جسدي بشكل لا يصدق. بعد فترة، بدأت يداي وذراعاي تؤلمان أكثر فأكثر، كما لو كانتا تتمزقان ببطء. صرخت من شدة الألم. ولم أتناول الطعام طوال اليوم وشعرت بالدوار والغثيان. لقد كان هذا حقًّا يفوق احتمالي. في خضم معاناتي، تذكرت فجأة كلمات الله: "ربما تتذكرون جميعكم هذه الكلمات:"لِأَنَّ خِفَّةَ ضِيقَتِنَا ٱلْوَقْتِيَّةَ تُنْشِئُ لَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ ثِقَلَ مَجْدٍ أَبَدِيًّا". كلكم قد سمعتم هذه الكلمات من قبل، لكن أحدًا منكم لم يفهم معناها الحقيقي. أما اليوم فأنتم تدركون تمامًا أهميتها الحقيقية. هذه هي الكلمات التي سيحققها الله خلال الأيام الأخيرة، وستتحقق في أولئك الذين اضطُهِدوا بوحشية من قبل التنين العظيم الأحمر في الأرض التي يقطنها ملفوفًا. إنَّ التنين العظيم الأحمر يضطهِدُ اللهَ وهو عدوّه، ولذلك يتعرّضُ المؤمنون بالله في هذه الأرض إلى الإذلال والاضطهاد، وكنتيجة لذلك، تتحقق هذه الكلمات فيكم أيتها الجماعة من الناس" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. هل عملُ الله بالبساطة التي يتصورها الإنسان؟). من خلال كلام الله، أدركت أنه كان يستخدم التنين العظيم الأحمر لتكميل شعبه المختار. لقد كنت أتعرض للتعذيب لتكميل إيماني - كان هناك معنى خاص لهذا التعذيب - لذا كان عليَّ أن أتوقف عن أن أكون سلبيًّا وضعيفًا. عندئذ، صليت لله قائلاً: "إلهي! مهما عذبوني ومهما اضطررت للمعاناة، لن أشي بإخوتي وأخواتي أو أخونك أبدًا!". بعد ذلك، تُركت معلقًا هناك لمدة ساعتين تقريبًا.
بعد الثامنة مساءً بقليل، دخل أربعة شبان يرتدون أقنعة تزلج الغرفة وسخر أحدهم بقسوة: "حسنًا، كيف حالك؟ هل أنت مستريح؟"، وفي أثناء قوله هذا، أخذ سوطًا جلديًّا من على الجدار وبدأ بجلد ذراعيَّ به. ومع كل ضربة سوط، كنت أشعر بتمزق اللحم من عظامي بالقوة - كان مؤلمًا بشكل لا يطاق. لقد جلدني ما لا يقل عن خمسين أو ستين جلدة، وعندما تعب، تولى رجل آخر المهمة. في ذلك الوقت، كنت قلقًا بعض الشيء من أنهم إن جلدوني بشدة لدرجة إصابة ذراعيَّ بالشلل، فإنني لن أتمكن من عيش حياة طبيعية، لذلك صلَّيت لله قائلًا: "إلهي، إنني أضع كل شيء بين يديك. سواء أصبحت عاجزًا أم لا، فأنا أخضع لتنظيماتك وترتيباتك". فقط بعد أن تعبوا من كل الجلد أنزلوني من أداة التعذيب. كان جسدي كله قد تراخى وسقطت على الفور على الأرض. لكنهم لم يكونوا قد انتهوا مني بعد - فبعد ذلك، ربطوني على كرسي التعذيب واستمروا في استجوابي. قال أحدهم: "لا تعوِّل على الخروج من هنا حيًّا إن لم تخبرنا بالحقيقة! فقط أخبرنا بصدق عما تعرفه وسنسمح لك بالرحيل. إن الحزب الشيوعي الصيني يناصبكم العداء الشديد – فإنه يعتبر المؤمنين أمثالك أعداء لدودين له. إنه يريدون تدميركم وقتلكم جميعًا. هذه هي سياسة الحزب الشيوعي الصيني - يمكنهم أن يقتلوا المؤمنين بالله القدير أمثالك دون أدنى تعرض للحساب أو العقاب!". أجبته بثبات: "إنني لا أعرف شيئًا. لا يوجد شيء يمكنني قوله لك". نظرًا لأنني ظللت غير متعاون، فكُّوا وثاقي بكرسي التعذيب وأجبروني على الاستلقاء على الأرض. ثم أخذ كل منهم هراوة من الباكليت بطول 30 بوصة وعرض 3 إلى 4 بوصات ممتلئة بالكرات الفولاذية، ووقفوا على جانبيَّ، وشرعوا في ضربي بقسوة بالهراوات على جميع أنحاء جسدي. ارتجف جسدي مع كل ضربة من تلك الهراوات. كنت أتلوى من الألم، وأصرخ في بؤس مطلق. وكنت أعاني صعوبة في التنفس؛ ولا توجد كلمات يمكنها وصف مقدار هذا الألم. ضربوني بالأكثر على أردافي - وفعلوا هذا مرارًا وتكرارًا، وشعرت كما لو كانوا سيخرجون أحشائي. تحمَّلت ألمًا لا يطاق، وصرخت بغضب: "أنتم تحاولون ضربي حتى الموت! تريدون أن تقتلوني! لماذا لا تذهبون للقبض على بعض القتلة ومشعلي الحرائق الحقيقيين؟ ما القوانين التي انتهكتها لأستحق هذه القسوة؟ هل أنتم بشر حتى؟". فاشتد غضب أحد رجال الشرطة عند سماع ذلك وبدأ في ضربي بشدة حتى انكسرت هراوة الباكليت إلى قسمين، ما أدى إلى انتشار الكرات الفولاذية على الأرض. انفجر جميع رجال الشرطة في نوبة ضحك. ثم قال لي شرطي بغضب: "إنك لم تخرق أي قوانين؟ لا يسمح الحزب الشيوعي الصيني بوجود أي معتقد ديني. لا يجب أن يؤمن الشعب الصيني سوى بالحزب الشيوعي. أنتم أعداء الحزب الشيوعي الصيني وسوف يدمرونكم ويقتلونكم ويقضون عليكم تمامًا!". وبينما كان يقول هذا، أخذوا سوطين طويلين من أحد الصناديق، وقالوا: "أما زلت لن تخبرنا بما نريد أن نسمع؟ دعنا نجرب نكهة مختلفة إذن - انظر إن كان سيعجبك طعم هذا!". ثم أمروني بالوقوف وبدأ اثنان منهم بجلدي بشدة بغضب شديد، ما تسبب لي في ألم لا يطاق. وعندما تعبا من جلدي، أخذ شرطيان آخران مكانهما وواصلا الضرب، وتبادلوا الجلد أربع مرات على الأقل، مع استمرار الجلد لمدة 30 دقيقة على الأقل. في نهاية الأمر، سقطت على الأرض مشلولًا، لكنهم أنهضوني على الفور واستمروا في استجوابي. وعندما لم أتفوه بكلمة، استمروا في جلدي وركلي في ساقيَّ. شعرت وكأنهم كسروا ساقيَّ، وكان الدم يسيل من أذني اليسرى. بدأت أشعر بالوهن قليلاً وفكرت: "إن لم أخبرهم بأي شيء، فسيواصلون استخدام جميع أنواع أساليب التعذيب المختلفة لتعذيبي، بل ربما يعذبونني حتى الموت. لكن إن قلت أي شيء، سأصبح مثل يهوذا وسيصبح العهد الذي قطعته أمام الله خداعًا. وهذا من شأنه أن يؤذي الله، والأسوأ من ذلك، أن يثير كراهيته المريرة". فكرت في الأمر كثيرًا - هل يجب أن أقول شيئًا أم لا؟ وعندها فقط، تذكرت صلب الرب يسوع وتذكرت كلمات الله: "في الطريق إلى أورشليم، شعر يسوع بألم شديد، كما لو أن سكينًا قد غُرست في قلبه، ومع ذلك لم تكن لديه أدنى نية للرجوع عن كلمته؛ فقد وُجدت دائمًا قوة قوية تدفعه إلى الأمام إلى حيث سيُصلَب، وفي نهاية المطاف، سُمّر على الصليب وصار في شبه جسد الخطية، مكمَّلاً ذلك العمل لفداء البشر، ومرتفعًا فوق أغلال الموت والهاوية. فأمامه فقد الموت والجحيم والهاوية قواها، وهزمها" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كيف تخدم في انسجام مع إرادة الله). كان الرب يسوع على استعداد أن يُصلب، وأن يُذَّل ويُعذب، وأن يقدم حياته لخلاص البشرية جمعاء. إن محبة الله للبشرية عظيمة جدًّا! ومع وضع هذا في الاعتبار، شعرت بالتشجيع العميق وعاهدت الله صامتًا: "لن أصبح مثل يهوذا وأخون الله، حتى لو كان ذلك يعني أن أُعذَّب حتى الموت!". بعد ذلك، استمروا في تهديدي قائلين:"إن لم تخبرنا بما نريد أن نعرفه، فسوف نضربك حتى الموت ونرسلك إلى محرقة الجثث؛ حيث ستُحرق حتى تتحول إلى رماد. إما ذلك، أو سنرسل جثتك إلى ساحة الطوب حيث ستطحن حتى تصبح عجينة ويصنعون منك الطوب". في ذلك الوقت، شعرت بالخوف، لكنني علمت أنه ليس من سلطتهم أن يقولوا ما إن كنت سأنجو من ضربهم أم لا. كان كل شيء بيد الله، وكنت على استعداد للخضوع لتنظيماته وترتيباته. في ذلك الوقت، خطر لي فجأة أن كتب الكنيسة كانت لا تزال في حوزتي ولم يعرف أي من إخوتي وأخواتي أنه قد تم القبض عليَّ. إذا وضعت الشرطة أيديها على هذه الكتب، فستكون خسارة كبيرة للكنيسة. بدأت أرتعب، ولذا صليت لله قائلًا: "حياتي ليست مهمة، لكن بصفتي أمينًا لكتب الكنيسة، يجب أن أحرص على أن تظل هذه الكتب آمنة. ومع ذلك، لا أعرف ما إن كنت سأخرج من هنا حيًّا. إنني أضع كل هذه المخاوف بين يديك وأطلب منك أن تفتح لي مخرجًا". بعد أن أنهيت صلاتي، حدثت معجزة: لم أعد أشعر بأي ألم نتيجة الجلد. كنت أعلم أن الله كان يساعدني في تخفيف معاناتي وكنت ممتنًا له بشكل لا يصدق. عندما رأوا أنني كنت مستلقيًا هناك بلا حراك وتوقفت عن الصراخ، أوقفوا جلدهم على عجل. وضع أحدهم إصبعه تحت أنفي ثم قال بتوتر: "إنه بحالة سيئة. أخرجوه من هنا – سنتعرض لمشكلة كبيرة إن مات وهو تحت حراستنا". فعلمت أن الله فتح لي مخرجًا وكان يرعاني، وإلا لمتُّ هناك بالتأكيد.
بعد ذلك، سحبني ضابطان إلى الخارج وألقيا بي في حقل، وتركاني هناك. استلقيت على الأرض بلا حراك. ولا بد أن الساعة كانت حوالي الثانية صباحًا. في ذلك الوقت، لم يكن هناك سوى فكرة واحدة في ذهني: كان عليَّ أن أخبر إخوتي وأخواتي بوجوب نقل الكتب قبل شروق الشمس، حتى لا ينتهي بها الأمر في أيدي الشرطة. حاولت النهوض، لكنني كنت مصابًا بجروح بالغة. لقد بذلت كل ما كان لدي من طاقة، لكنني لم أستطع الوقوف. فشعرت بقلق وخوف رهيبين، لذا صليت لله على عجل طالبًا منه القوة. بعد صلاتي، تذكرت مقطعًا من كلمات الله: "لا تخف، سيكون الله القدير رب الجنود بلا ريب معك؛ هو يحمي ظهركم وهو دِرعكم" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس والعشرون). منحتني كلمات الله الإيمان. بعد 30 دقيقة أخرى صعبة، حاولت الوقوف مرة أخرى، وبعد حوالي أربع أو خمس محاولات، وقفت أخيرًا. لم تكن الشمس قد أشرقت بعد وكان الظلام لا يزال يخيم على الطرقات. جررت نفسي، وأنا أعاني من ألم مبرح وكنت أعرج خطوة بخطوة أثناء سيري نحو منزل الأخ تشنغ يي. وفور وصولي، أخبرته بما حدث وطلبت منه أن يرشد الإخوة والأخوات على الفور إلى نقل كتب كلمات الله. بعد إبلاغه، عدت إلى شقتي وأنا أعرج. كان ذلك حوالي الثالثة صباحًا. عندما أشعلت المصباح، وجدت المكان في حالة من الفوضى التامة. ماذا حدث لمنزلي؟ اللحافات والوسائد والمرتبة وملابسي كلها على الأرض. كانت الشقة بأكملها مقلوبة رأسًا على عقب. بعد أن انتبهت لتقييم إصاباتي، وجدت أنني تعرضت للتشويه الشديد: لقد التصق لحم ساقي بسروالي من الداخل، وانهار حوالي 10 سم من مستقيمي وبدا أنه ينخر. كنت أعاني من ألم مبرح، وكانت أنفاسي متهدجة، وشعرت وكأنني ألفظ أنفاسي الأخيرة. كانت إصاباتي شديدة جدًّا - فلم أستطع الحركة ولم أستطع حتى ابتلاع جرعة من الماء. فكرت في قرارة نفسي: "هل يمكنني النجاة من كل هذه الإصابات؟ حتى لو فعلت، هل سأكون معاقًا؟ هل سأكون قادرًا على الحركة بمفردي في المستقبل؟ لقد انخدعت زوجتي وأولادي بأكاذيب الحزب الشيوعي الصيني وهم يعارضون إيماني. إن أصبحت معاقًا، فلن يراعوني..." كلما فكرت في الأمر، ازددت شعورًا بالضيق، ولذا صليت لله. وبينما كنت أصلي، تذكرت كلمات الله: "لا يوجد في كل ما يحدث في الكون شيءٌ لا تكون لي فيه الكلمة الفصل. هل يوجد أي شيء خارج سيطرتي؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كلام الله إلى الكون بأسره، الفصل الأول). بالفعل، كان قدري بين يدي الله. كان قرار الله بالكامل ما إن كنت سأعيش أو أموت وما إن كنت سأكون معاقًا أم لا. كنت أعلم أنني يجب أن أسلم نفسي لله وأترك له الترتيبات. كنت سأخضع حتى لو أصبحت معاقًا. وحتى لو لم تهتم بي زوجتي وأولادي، كنت أعلم أن الله سيكون معي وأن إخوتي وأخواتي سيعتنون بي، لذلك سأعيش على الرغم من ذلك. بعد أن أدركت ذلك، لم أعد أشعر بالعذاب والألم.
وصل الأخ يو زيجيان إلى منزلي في الساعة الرابعة صباح ذلك اليوم. عندما دخل، ورآني مستلقيًا على سريري غير قادر على الحركة، سحب بطانيتي للخلف ليجد سروالي مغطى ببقع الدم، وأطرافي السفلية مغطاة بجروح عميقة ولحم مجروح، ومستقيمي وقطع من اللحم عالقة في سروالي. ولما رأى ذلك، انهار بالبكاء وجلب لي إناء من الماء الساخن، وكان يبكي وهو آت. بعد أن قطع سروالي ووضع ضمادة ساخنة، قام بفصل السروال ببطء عن لحمي، قطعة قطعة. كان بالجلد أسفل ركبتي الكثير من الجروح المفتوحة العميقة لدرجة أن العظم كان مكشوفًا. وحتى يومنا هذا، ما زلت لا أستطيع أن أحمل نفسي على تذكر تلك المحنة. لقد أصبت بجروح خطيرة جدًّا، لكنني لم أجرؤ على الذهاب إلى المستشفى خوفًا من أن تجدني الشرطة وتعتقلني لدى دخولي ببطاقة هويتي، كما أنني كنت سأعرض إخوتي وأخواتي للخطر. خلال ذلك الوقت، لم أستطع الاعتناء بنفسي على الإطلاق، وخاطر زيجيان بالتعرض للاعتقال وكان يأتي ويعتني بي كل يوم. كان جديدًا على الإيمان وكنت أخشى أن يصبح خائفًا وضعيفًا بعد رؤية ما تعرضت له من ضرب. فقلت له: "كان المرور بهذه المحنة أمرًا جيدًا بالنسبة لي - فقد سمح لي برؤية الشيطان على حقيقته". ولدهشتي، قال زيجيان: "لا تقلق عليَّ. لقد رأيت الآن بنفسي أن الحزب الشيوعي الصيني شيطان يقاوم الله ويفرض القسوة على البشرية. يجب أن نتمسك بالشهادة لله". على مدار ذلك الأسبوع، قمت بتنظيف الجزء المتدلي من المستقيم يوميًّا بالماء المالح وتناولت علاجًا شعبيًّا أيضًا. وأخيرًا، شُفي التدلي في حوالي اليوم الثامن بعد الاعتقال، وبعد أسبوعين، تمكنت من المشي مرة أخرى.
بعد ذلك، كانت الشرطة تأتي لاستجوابي ومضايقتي كل 15 يومًا. في كل مرة، كانوا يمطرونني بالأسئلة حول الكنيسة ويسألونني إن كنت لا أزال على اتصال بأعضاء آخرين. بل إنهم هددوني قائلين: "إن لم تعترف، فلن نغلق قضيتك أبدًا!"؛ فقلت لنفسي: "أنا أراكم بالفعل جميعًا على حقيقتكم. مهما أكرهتموني أو هددتموني، لن أستسلم لكم أبدًا. انسوا محاولة جعلي أخون الله!". وعلى مدار السنتين الوجيزتين بين اعتقالي في 2006 حتى 2008، حضرت الشرطة لاستجوابي 25 مرة على الأقل. ولم أجرؤ على لقاء الإخوة والأخوات خوفًا من إيقاعهم في المشاكل لأنهم كانوا يراقبونني باستمرار؛ لذلك اضطررت إلى العودة إلى منزل عائلتي في الريف.
لاحقًا، شُفي مستقيمي وظهري تمامًا، لكنني ظللت أعاني آثارًا متبقية من الإصابات التي لحقت بساقي. وما زلت أعاني الكثير من الألم والضعف في ساقي اليمنى وأصاب بالعرج في الطقس الغائم أو الممطر. وعانت بشرتي أسوأ الآثار المتبقية. فقد سقطت القشرة من جميع الجروح لتكشف عن بقع سوداء متغيرة اللون، وكان جسدي كله مغطى بندوب قبيحة، وكتل مركزة بكثافة مع دمامل بيضاء صغيرة تثير الحكة بشكل جنوني. عندما أستحم أو أشعر بالحرارة الشديدة، يكون الشعور بالحكة من الدمامل أسوأ من الملح في الجرح المفتوح. إنها حكة شديدة لدرجة أنني بالكاد أستطيع تحملها، فأضطر أحيانًا إلى حك المناطق المصابة بالحصى من حافة النهر، أو أستخدم سكينًا لتصريف القيح قبل أن أشعر بأي راحة. ظللت أعاني هذا الألم ليل نهار لأكثر من 15 عامًا. وخلال هذا الوقت، ذهبت لرؤية العديد من أطباء الطب الصيني التقليدي في العيادات الخاصة، وأنفقت 10,500 يوان صيني على الفواتير الطبية دون أي تحسن على الإطلاق. وتسببت معاناتي من عذاب جسدي لا يُصدق وعدم قدرتي على الاتصال بإخوتي وأخواتي وعيش حياة كنسية طبيعية في إصابتي بألم بالغ وكنت أصلي في كثير من الأحيان إلى الله والدموع في عيني، طالبًا منه الوقوف بجانبي ومنحي الإيمان والقوة. ولولا حماية الله وإرشاده خلال تلك الأيام العصيبة، لما تمكنت من تجاوزها أبدًا.
لقد مر 15 عامًا منذ أن تم اعتقالي، وكلما فكرت في الأمر، أدرك أنه على الرغم من أنني عانيت بالفعل بدرجة ما، فقد رأيت أيضًا التنين العظيم الأحمر على حقيقته وأدركت حقًّا جوهره الشيطاني. إنني أتذكر كلمات الله التي تقول: "استقرّ بُغض آلافِ السنين في القلب، ونُقشت ألفُ سنة من الخطية فيه. كيف لا يثير هذا الاشمئزاز؟ انتقمْ لله، بَدِّدْ عدوَّه بالكامل، لا تدعه يستفحل أكثر، ولا تسمح له بأن يحكم كطاغية! هذا هو الوقت المناسب: قد جمع الإنسان كلّ قواه منذ زمن بعيد، وكرّس كل جهوده ودفع الثمن كله من أجل هذا، ليمزّق وجه هذا الشيطان القبيح، ويسمح للناس الذين أصابهم العمى، والذين تحملوا جميعَ أنواع الآلام والمشقات، للنهوض من آلامهم وإدارة ظهورهم لهذا الشيطان القديم الشرير" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (8)]. بالتأمل في كلمات الله، رأيت بشكل أوضح مدى قسوة الحزب الشيوعي الصيني ووحشيته. إنهم يزعمون احترام الحرية الدينية، لكنهم في الخفاء يعتقلون المسيحيين بشكل تعسفي ويضطهدونهم، ويسعون إلى قمع عمل الله في خلاص البشرية قمعًا شاملًا وتحويل الصين إلى دولة ملحدة. إنهم عصابة شيطانية تحتقر الحق وتقاوم الله. لقد رأيت حقًّا الوجه القبيح للحزب الشيوعي الصيني وأصبحت أحتقرهم وأنبذهم تمامًا. من خلال هذا الاختبار، أدركت أيضًا كيفية رعاية الله لي دائمًا وحمايته لي. ففي كل مرة كنت أشعر بالألم أو بالوهن، كانت كلمات الله ترشدني وتوجهني وتمنحني القوة والإيمان. لقد اختبرت محبة الله الحقيقية للبشرية وقدرته وإعجازه المطلق. لقد عزز هذا إيماني بالله بشدة. ومهما كانت صعوبة الطريق أمامي أو مدى معاناتي الجسدية، سأتبع الله حتى النهاية!