91. متمردة تتوب
اعتنقتُ المسيحية في عام 1990. وثمة واحد من قادة الكنيسة كان يقول: "إنّ الكتاب المقدس هو أساس إيماننا، وبصفتنا مؤمنين، علينا أن نتبع الكتاب المقدس". لقد ترسّخت هذه الكلمات في قلبي حقًّا، وقلت لنفسي: "عليَّ أن أُكثر من قراءة الكتاب المقدس، وما دمتُ أفهمه، فسيكون لدي مسار في إيماني". لذلك قرأت الكتب المقدسة المرة تلو الأخرى وكثيرًا ما قصدت شيوخي الروحيين طلبًا للنصيحة. أتذكر أن أحد هؤلاء الشيوخ قال لي كلمات التشجيع هذه: "مع شغفكِ بالكتاب المقدس، من المؤكد أن الرب سيستخدمكِ في أمر مهم يومًا ما". قد حمَّسني حقًّا سماع هذه الكلمات. وجعلني ذلك أيضًا أعبد الكتاب المقدس بدرجة أكبر. منذ ذلك الحين، بدأت أستيقظ في الرابعة صباحًا يوميًّا لقراءة الكتب المقدسة، وكان لدي العديد من آيات الكتاب المقدَّس معلقة في جميع أنحاء منزلي. كلما سنحت لي لحظة فراغ، كنت إما أقرأ فقرات من الكتاب المقدس أو أحفظها. كنت حتى أضع الكتاب المقدس بجانب وسادتي عندما أنام ليلًا، إذ كنت أفكر أنه إذا عاد الرب في الليل، فيمكنني أن أذهب لتحيته والكتاب المقدس بين ذراعيّ. باختصار، كنت لا أطيق الابتعاد عن كتابي المقدس فحسب. بعد بضع سنوات، كنت أحد الزملاء الرئييسيين في الطائفة الكاريزمية في مدينتنا، وتوليت مسؤولية الإشراف على أكثر من 300 موقع اجتماع. ولأنني كنت أعشق الكتاب المقدس، كنت دائمًا ما أقول للإخوة والأخوات: "قال الرب يسوع: "لَيْسَ بِٱلْخُبْزِ وَحْدَهُ يَحْيَا ٱلْإِنْسَانُ، بَلْ بِكُلِّ كَلِمَةٍ تَخْرُجُ مِنْ فَمِ ٱللهِ" (متى 4: 4). كل كلام الله موجود في الكتاب المقدس، لذا فإنّ قراءة الكتاب المقدس لا تقلّ أهمية عن وجباتنا اليومية. الكتاب المقدس هو أساس إيماننا، لذا علينا أن نتبعه مهما يكن. وهذا هو ما يعنيه أن تكون مؤمنًا حقيقيًّا".
في عام 1997، كانت الكثير من الكنائس في شمال شرق الصين بها أعضاء يقبلون عمل الله القدير في الأيام الأخيرة، واحدًا تلو الأخرى. سارع أحد القيادات العليا إلى عقد اجتماع للزملاء في العمل حيث أطلعنا على مجموعة من الدعاية التي تشوّه وتدين البرق الشرقي وأخبرنا: "توجد الآن كنيسة تسمى البرق الشرقي. يقولون إن الرب يسوع قد عاد في الجسد بصفته الله القدير، وأنه قد نطق بكلمات جديدة وفتح السفر. يقولون إن الكتاب المقدس الآن قد عفا عليه الزمن، وأن قراءة كلام الله هي الطريقة الوحيدة لكسب القوت. فكيف يمكن أن يكون هذا صحيحًا؟ على مدار آلاف السنين، كان جميع المؤمنين بالرب يقرأون الكتاب المقدس. كل كلام الله موجود في الكتاب المقدس، ولا شيء خارج الكتاب المقدس هو كلام الله. مهما كان الأمر، لا بد أن نبقى دائمًا أوفياء للكتاب المقدس. إن الحيد عن الكتاب المقدس خيانة للرب، وهو لن يخلصك عندما يأتي". كنت أتفق معه تمامًا، وقلت لنفسي: "صحيح. كل شيء في إيماننا يستند إلى الكتاب المقدس. الناس في كنيسة البرق الشرقي، لا يقرؤونه حتى، إذًا، ألا يضلّون عن طريق الرب؟ لا بد أن أقود الإخوة والأخوات إلى التمسك بالكتاب المقدس وألا يضلوا عنه أبدًا". لثلاثة أيام، عقد هذا القائد الأعلى اجتماعات من هذا القبيل، وتحدث عن كيفية الاحتراس من كنيسة البرق الشرقي ومعارضتها. بعد تلك الاجتماعات، شعرت أن مسؤوليتي قد تعاظمت أكثر من أي وقت مضى. ولأحمي الكنيسة، بذلتُ قصارى جهدي مع زملاء عمل آخرين لإغلاق كنيسة البرق الشرقي ومقاومته. تحدثنا في كل اجتماع عن كيفية الاحتراس منها ومقاومتها. إنني حتى حثثتُ الإخوة والأخوات على الصوم والصلاة، وأن يطلبوا من الرب منع البرق الشرقي من سرقة خراف كنيستنا.
ذات يوم، أخبرتني إحدى الأخوات أن أحد زملاء الرئييسيين قد صار الآن يؤمن بالبرق الشرقي، وأن أكثر الأعضاء حماسة في موقع اجتماعها قد انضموا إليه. أصابني سماع ذلك بالقلق الشديد لدرجة أنني أسرعت إلى مكانه دون أن أتناول الطعام، ورأيت أنَّ اجتماعًا يضم قُرابة 40 شخصًا، كان ينقصه 19 شخصًا. والجدير بالذكر أن هؤلاء الأعضاء الـ 19 كانوا أكثر الأعضاء ورعًا في موقع الاجتماع هذا. إن رؤية تلك الخراف الصالحة وقد سرقها البرق الشرقي قد أزعجتني حقًّا. قلت لنفسي: "لا بد أن يكون البرق الشرقي منيعًا بحقّ ليتمكن من سرقة تلك الخراف الصالحة بعد أيام قلائل من العمل فحسب". فأسرعتُ إلى زيارة أولئك الإخوة والأخوات لأُثنيهم عن ذلك، وقلت: "يزعم أتباع البرق الشرقي أن الرب قد عاد ونطق بكلمات جديدة، ولكن هذه مجرد محاولة لتضليل الناس. كل كلام الله موجود في الكتاب المقدس، وأي شيء آخر هو حيد عن طريق الرب. لن يُرفع هؤلاء الناس إلى الملكوت عندما يأتي الرب. إذًا، ألن تكون كل تلك السنوات من الإيمان بالرب قد ذهبت سُدىً؟ عليكم أن تتوبوا إلى الرب في الحال". اعتقدت أنهم سيستمعون إليَّ، ولكن على نحو مثير للدهشة، قالت لي إحدى الأخوات: "أيتها الأخت غو، إنّ ادعاءكِ بأن كل كلام الله موجود في الكتاب المقدس ليس حقيقيًّا. ورد في يوحنا 21: 25، "وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ ٱلْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ ٱلْكُتُبَ ٱلْمَكْتُوبَةَ". تُظهر لنا هذه الآية أن الأشياء التي قالها الرب يسوع والعمل الذي قام به لم تُسجَّل بالكامل في الكتاب المقدس. علاوة على ذلك، يتنبأ سفر الرؤيا أنه عندما يعود الرب، سيفتح السفر ويفضّ الأختام السبعة، ويُكلّم الكنائس. من الواضح أن كلام الله الجديد للأيام الأخيرة لم يكن بالإمكان كتابته في الكتاب المقدس سلفًا، لذا فإن ادعاءكِ بأن كل كلام الله موجود في الكتاب المقدس لا يستند إلى أي أساس". لم أدرِ حقًّا كيف يمكنني دحض ذلك. قلت لنفسي: "صحيح. لقد كانت آية الكتاب المقدس تلك في غاية الوضوح، فلماذا لم أفكر في ذلك من قبل؟". ثم تابعت الأخت قائلة: "إنّ الله القدير هو الرب يسوع العائد. لقد عبّر عن كل الحقائق التي تدين البشرية وتطهّرها وتخلّصها. هذه الحقائق هي كلمات الروح القدس للكنائس. هذا هو فتح السفر الذي يتنبأ به سفر الرؤيا. إنّ الإيمان بالله القدير ليس خيانة للرب، بل هو سماع صوت الله واتباع خطى الحمل. تمامًا كما جاء في سفر الرؤيا، "هَؤُلَاءِ هُمُ ٱلَّذِينَ يَتْبَعُونَ ٱلْخَرُوفَ حَيْثُمَا ذَهَبَ" (رؤيا 14: 4). ينبغي أن تقرأي كلام الله القدير أيضًا. إن البحث بتواضع هو السبيل الوحيد لسماع صوت الله والترحيب بعودة الرب!". لم أُرد حقًّا أن أسمع كلامهم، وهكذا أخذت الكتاب المقدس ولوّحت به فحسب، وقلت: "إنني أفهم الكتاب المقدس؛ لست بحاجة إلى البحث! أي شيء يخالف الكتاب المقدس هو هرطقة، ولن تُخلّصوا!". ولمدة أسبوع، كنت أذهب كل يوم في محاولة لتغيير رأيهم. لكن مهما قلت، فقد كانوا جميعًا مصممين على اتباع الله القدير. انتهى بي الأمر دون أن أستعيد أي فرد من الـ 19 فردًا. ومهما طال تفكيري في الأمر، فإنني كنت أظل في حيرة من أمري، وسألت نفسي: "لماذا - فور قرائتهم لكتاب البرق الشرقي – لم يكن من الممكن تغيير رأيهم، مهما يكن من أمر؟ هل كان الأمر حقًّا كما أخبرنا القائد الأعلى أن هناك نوعًا من المخدر في كتابهم؟ لكنهم بدوا طبيعيين تمامًا، وغير مشوشين إطلاقًا، وكانوا جميعًا مفعمين بالحيوية ومليئين بالإيمان. شركتهم أيضًا كانت ذات بصيرة ولا يمكن دحضها". كنتُ في حيرة من أمري. أردت أن أرى بالضبط ما هو مكتوب في كتاب البرق الشرقي. لكنني اعتقدت أن الحيد عن الكتاب المقدس خيانة للرب، وأنني لن أُخلّص، لذلك لم أجرؤ على التفكير في الأمر مرة أخرى. لاحقًا، طردتُ هؤلاء الأشخاص التسعة عشر من الكنيسة وحثثتُ الجميع على ألا يكون لهم أي علاقة بهم. لقد حثثت الزملاء في العمل بشكل خاص على مراقبة قطعانهم عن كثب، وأن يطردوا على الفور أي شخص يقبل البرق الشرقي.
لقد بذلت قصارى جهدي لإغلاق الكنيسة، ولكن ازداد عدد الإخوة والأخوات الذين واصلوا الانضمام إلى البرق الشرقي. كان هناك شخص آخر كل يوم تقريبًا – كنت ببساطة غير قادرة على إيقاف ذلك. لقد استهلكني هذا الأمر بالكامل. كنتُ أعمل لساعات طويلة جدًّا كل يوم في محاولة لإقناعهم بالعودة، لكنني لم أُقنع أي منهم. ما أدهشني حقًّا أنه لم يمض وقت طويل، حتى انضم الأخ وانغ مينغيي، الذي كان يعمل إلى جانبي، إلى البرق الشرقي. كان هذا غير متوقع حقًّا. لقد بدأ مينغيي مثلي تمامًا، ودائمًا ما كان يتحدث عن كيفية الحذر من البرق الشرقي ومقاومته. لم أتوقع قطّ أن ينتهي به المطاف بالانضمام إليهم. فذهبت إلى منزله لاستجوابه. قلت: "أنت تعي تمامًا بأن البرق الشرقي هو حيد عن الكتاب المقدس. كيف يمكنك أن تؤمن به؟". وكانت إجابته: "أيتها الأخت غو، أنا أيضًا استمعت إلى القائد من قبل، ولم أبحث عن تعاليم البرق الشرقي أو أتحقق منها إطلاقًا، بل إنني قاومتها بشكل أعمى وأدنتها. ولكن بعد قراءة كلام الله القدير، أدركت أنها تكشف الكثير من أسرار الكتاب المقدس، وتمنحنا طريقًا لنتطهّر من الخطيئة. إنّ كلام الله القدير هو الحق، وصوت الله. إنه الرب يسوع العائد. أنتِ أيضًا، ينبغي أن تقرأي كلماته! ..." عند هذه النقطة، قاطعته فحسب، قائلة: "هذا يكفي! لقد ضُلِّلتَ – لا تحاول أن تفعل الشيء نفسه معي. لا آبه لما تقوله لي. يستحيل أن أقرأ كتاب البرق الشرقي هذا!". وصفقتُ الباب بقوة وغادرتُ وأنا غاضبة. ولاحقًا، سمعت زميل العمل ليو، يقول إن كنيسة أخرى قد فقدت أكثر من 100 عضو بسبب البرق الشرقي، وكان الكثير من زملاء العمل الآخرين يقولون إن البرق الشرقي يسرق خرافًا صالحة في مناطقهم كل يوم، ولم يتمكنوا من استعادة أي منها. كان سماع هذه الأمور بمثابة صدمة هائلة بالنسبة لي. تساءلتُ: "كيف يمكن للبرق الشرقي أن يكون منيعًا جدًّا؟ هل يمكن أن يكون الرب قد عاد حقًّا؟ "لماذا يقبله الكثير من الناس ويؤمنون به إلى هذا الحد إن لم يكن الأمر كذلك؟".
في سبتمبر من عام 1997، انضم الأخ لي تشي وهو أحد زملاء العمل الرئيسيين في كنيستنا، إلى البرق الشرقي مع زوجته. عندما تلقيت الخبر، أخذت كتابي المقدس وجمعت أربعة من زملائي الآخرين في العمل للذهاب لمقابلتهما. عندما وصلنا إلى هناك، وبدون أن أدعهما ينطقان بكلمة واحدة، صرخت فيهما: "ألا تملكان ضميرًا حتى؟ لقد أنعم الرب يسوع عليكما بالكثير – هل نسيتما ذلك؟ كيف أمكنكما أن تؤمنا بالله القدير؟ ماذا منحوكما؟ "كم دفعا لكما؟". وعلى نحو مفاجئ، ابتسم لي تشي وقال: "لقد منحانا الحق والحياة وليس المال". وقد زادني هذا غضبًا على غضبي، وأجبته: "كيف أمكنهم أن يمنحاكما الحياة؟ كل ما هو خارج الكتاب المقدس هو خيانة للرب. أيّ حقيقة وحياة؟". وعلى غير المتوقع، سألني سؤالًا ردًّا على ذلك: "هل تقولين إن الحق والحياة مصدرهما الله أم الكتاب المقدس؟ ماذا قال الرب يسوع عندما وبَّخ الفريسيين؟ "فَتِّشُوا ٱلْكُتُبَ لِأَنَّكُمْ تَظُنُّونَ أَنَّ لَكُمْ فِيهَا حَيَاةً أَبَدِيَّةً. وَهِيَ ٱلَّتِي تَشْهَدُ لِي. وَلَا تُرِيدُونَ أَنْ تَأْتُوا إِلَيَّ لِتَكُونَ لَكُمْ حَيَاةٌ" (يوحنا 5: 39-40). كانت كلماته واضحة للغاية. إنّ الكتاب المقدس يشهد لله، لكنه لا يحتوي على الحياة الأبدية. البحث عن الحياة الأبدية داخل الكتاب المقدس خطأ. وحده المسيح هو الحق والطريق والحياة، وفقط من خلال اتباع المسيح والخضوع لعمله وكلامه يمكننا أن نربح الحق والحياة الأبدية". لم أدرِ حقًّا كيف أردّ عندما سمعت شركة الأخ. شعرت بشيء من الحرج. فكَّرت بيني وبين نفسي: "كنت دائمًا ما تستمع إلى وعظي، فلماذا تشرح لي الأمور الآن وتدحضني؟ بعد كل سنوات قراءتي للكتاب المقدس، كيف أمكنك أن تعرف عن الإيمان بالرب أكثر مني؟". وأجبتُ بشيء غير معقول للغاية فحسب، قائلة: "لا آبه لما تقوله. كل من لا يقرأ الكتاب المقدس سيذهب إلى الجحيم". ثم حاول زملاؤنا الأربعة الآخرون إقناعهما بالترغيب والترهيب، ولكن مهما قلنا لهما، ظلّ لي تشي وزوجته ثابتين على إيمانهما بالله القدير. عندما وصلت إلى المنزل، قلت لنفسي: "لقد كنت أعرف عن الكتاب المقدس أكثر بكثير من أولئك الآخرين الذين انضموا إلى البرق الشرقي. سابقًا، كانوا يستمعون إلى عظاتي، ولكن بعد أيام قلائل فحسب من قبولهم للبرق الشرقي، تمكّنوا من عقد لساني ببضع كلمات فحسب. ما الذي يجري؟ هل يُعقل أن يكون البرق الشرقي هو الطريق الحق بالفعل؟". لكنني سرعان ما طردت هذه الفكرة، وقلت لنفسي: "هذا مستحيل! كل ما هو خارج الكتاب المقدس خيانة للرب. سأتمسك بالكتاب المقدس وأنتظر الرب ليعود ويأخذني إلى السماء".
وإذ رأيت المزيد والمزيد من الناس يقبلون البرق الشرقي، لم أعد حتى أُلقي العظات في الاجتماعات. كنت أستخدم فحسب مجموعة من المواد التي تعارض البرق الشرقي وأسترسل في الحديث عنها في اجتماعات زملاء العمل وخدمات الأحد بدلًا من ذلك. هددت الجميع أيضًا حتى لا يتجرؤوا على التحقق من البرق الشرقي، بل وعملت مع قادة وزملاء عمل من كنائس أخرى لمحاربته معًا. إذا سمعت عن شخص ما يحاول تحويل أحد أعضاء الكنيسة إلى البرق الشرقي، كنت أسارع إليه وأطارده. كنت أخشى أحيانًا أن يكون ركوب دراجتي بطيئًا جدًا، لذلك كنت أستقل سيارة أجرة طوال الطريق عبر المدينة لمطاردة أعضاء البرق الشرقي. اعتقدت أنني كنت أحمي طريق الرب وأحافظ على القطيع، وكنت على استعداد حتى لوضع حياتي على المِحَكّ من أجل ذلك. لكن ما لم أستطع فهمه هو السبب في أنني كلما حاربتُ ذلك بشدة، ازدادت الحوادث في الكنيسة. في أغسطس 1999، بينما كنا نقوم بتعميد جماعيّ اعتُقل عدد غير قليل من الأشخاص واقتيدوا إلى مركز الشرطة. ثم في أغسطس 2000، اعتُقلتُ مع ثلاثة من زملاء العمل المهمين أثناء إجراء التعميد. تعرّض منزلي أيضًا للتفتيش وأخذت الشرطة جميع تقدمات الكنيسة. أثناء وجودي في الاحتجاز، لم أستطع التوقف عن التفكير بشأن كل ما حدث في الكنيسة في تلك السنوات القليلة الماضية. كان الشيخان اللذان اعتادا دائمًا دعوتي لمشاركتي العظات والتبشير، الأخت جيانغ رو والأخ وو يونغ، يحاولان حماية قطيعهما، لذلك كانا قد عزلا كنيستهما لمقاومة البرق الشرقي. كانا مسيحيين ورعين للغاية، لكن من الصادم، أنهما أصيبا بالسرطان وماتا ميتة مؤلمة. ذات مرة في عام 1998 في أحد الاجتماعات الكبيرة التي حضرها أكثر من 200 من زملاء العمل البارزين في الكنيسة، تلبَّس شيطان فجأة بأحد الزملاء، ولم يستطع أحد طرده من جسده مهما صلى الجميع من أجله. ظلّت الحادثة تلو الأخرى تدور في ذهني، ولم أستطع أن أفهم فحسب سبب اضطراب الكنيسة الشديد. فكرت كيف أنني على مدار سنوات من اتباعي للرب، تركت وظيفتي وعائلتي لأعمل بجدّ من أجل الرب. توليت زمام كل أنواع المهام في الكنيسة، وعملت بجدّ لأحمي طريق الرب وأحافظ على القطيع. لماذا لم يكن الرب يحميني أو يباركني؟ لماذا كلما زدتُ من محاربتي للبرق الشرقي، زادت معاناتي وبقيت في حالة قلق دائم؟ أيمكن أنَّ مقاومة البرق الشرقي كانت خطأً؟ هل عاد الرب حقًّا؟ كنت لا أنام تقريبًا خلال الأيام السبعة التي قضيتها في الاحتجاز. كنت بائسة تمامًا. فصليت إلى الرب، قائلة: "يا رب، لقد حدثت الكثير من الأمور في الكنيسة. ما السبب الحقيقي وراء كل ذلك؟ ما الخطأ الذي أفعله بالضبط؟ ..." عندما أُطلق سراحي من الاحتجاز، رأيت أن الكنيسة تزداد إقفارًا – كان الأمر مُفجعًا. قلت صلاة أخرى للرب: "يا رب! لماذا الكنيسة على هذه الحالة؟ لقد بُنيت الكنيسة بفضل دمك الثمين، فلماذا تهملها؟ يا رب! إني أعاني بشدة. إن القطيع يتشتت، وكلما حاربتُ البرق الشرقي، ازداد ما في الكنيسة من اضطراب. لا أدري كيف يمكن إنقاذ كل هذا وإحياء الكنيسة. يا رب، أرجوك، افتح لي طريقًا!". ولكن مهما صليت، فقد ظلت الكنيسة في حالة فوضى. كان زملاء العمل قد تشتتوا في مهب الريح واختبأوا خوفًا من الاعتقال. كانت الكنيسة في حالة من الفوضى وكان الحضور يتراجع. لم أدرِ بماذا سأعظ، وكنت أتهيب عظات الأربعاء والأحد. كان الإخوة والأخوات يغفون بينما أتحدث، ولم أتمكن من فعل أي شيء حيال ذلك. لم أدرِ بشأن ماذا أصلي وكان إيماني يتضاءل. فجأة، وجدت أنني فقدت عزيمتي السابقة على أنني سأحافظ على إيماني ومحبتي للرب حتى لو لم يفعل أحد آخر. كنت أغرق ببطء في الفسق. بدأت في مشاهدة التلفاز والأفلام، وتعلمت حتى لعب الماهجونغ والبوكر. كنت أعيش في الخطيئة ولم أستطع انتشال نفسي. كثيرًا ما وجدت نفسي جالسة عند مدخل منزلي، ممسكةً بكتابي المقدس، شاعرةً بالبؤس والضياع بشكل لا يصدق. لم يكن لدي أي فكرة حقًّا عن كيفية الاستمرار. خلال تلك الفترة من الزمن، كنتُ أجثو على ركبتيَّ كثيرًا، صارخة للرب، متوسلة إليه، قائلة: "أيها الرب يسوع، أين أنت؟ أشعر وكأنني على مشارف الموت. يا رب، إني أتوسل إليك، أرجوك أن تخلّصني وتخلّص الكنيسة! ..."
في عام 2002، عندما كنت في أضعف حالاتي، اتصل بي الأخ تشو تشنغ من جنوب الصين وطلب مني زيارته لإجراء بعض الدراسات التعبدية. شكرت الله من قلبي عندما سمعت هذا وكنت متحمسة لاغتنام هذه الفرصة لأستعيد قوتي. عندما وصلت إلى هناك، رأيت أن الإخوة والأخوات هناك كانوا جميعًا يبلون بلاءً حسنًا مقارنة بآخر مرة ذهبت فيها قبل عامين. وكان إيمانهم أشد قوة. عندما رأوني، كانوا يطمئنونني ويشجعونني، وشعرت أننا عائلة فحسب. لقد تأثّرتُ بشدة. في اليوم التالي، سألني تشو تشنغ عن كيفية سير الأمور بشكل عام بالنسبة لي، وهو ما أصابني في موضع الألم. أخبرته بما كان يحدث في الكنيسة، دون أن أخفي شيئًا. بعد أن فرغتُ من الكلام، شاركني هذه الشركة: "ليست كنيستكِ وحدها التي تفقد حيويتها الآن. هذا يحدث في الكنائس المنتشرة في كل مكان. إنّ إيمان المؤمنين ومحبتهم يبردان، وهم لا يُؤدَّبون على خطاياهم. ليس لدى الزملاء الرئييسيين ما يعظون به، وهم منخرطون في معارك الغيرة والاقتتال الداخلي. الكنائس تمزق – لم تحظَ بحضور الرب منذ فترة طويلة". أخبرني أيضًا عن السبب في أن جميع الكنائس كانت تصبح مقفرة للغاية. وقرأ لي الإصحاح 8، الآية 11 من سفر عاموس. "أَيَّامٌ تَأْتِي...أُرْسِلُ جُوعًا فِي ٱلْأَرْضِ، لَا جُوعًا لِلْخُبْزِ، وَلَا عَطَشًا لِلْمَاءِ، بَلْ لِٱسْتِمَاعِ كَلِمَاتِ يَهْوَه". ثم قال: "يمكننا أن نستشف من هذه الآية أن أحد أسباب إقفار الكنائس هو أن الناس لا يمارسون كلام الله. مثلما حدث في أواخر عصر الناموس، عندما كان رؤساء الكهنة اليهود والكتبة والفريسيين يتمسكون بالتقاليد البشرية فحسب، دون الالتزام بشريعة يهوه. كانوا يقدمون ذبائح دون المستوى، ويبيعون الماشية علنًا ويتاجرون بالمال في الهيكل، محولين إياه إلى وكر للصوص، لذلك اشمئز الله وهجره. وحالما لم يعد عمل الله فيه، راح الناس يفعلون ما يشاؤون ولم يُؤدَّبوا على خطاياهم. وأصبح الهيكل خاويًا. كان السبب الرئيسي في ذلك أن القادة الدينيين لم يكونوا محافظين على وصايا يهوه وكانوا قد حادوا عن طريق الرب. كان السبب الآخر لهذا الإقفار داخل الكنائس هو أن الله كان يقوم بمرحلة جديدة من العمل، لذلك تحول عمل الروح القدس. كان الرب يسوع يعمل ويقود الناس خارج الهيكل، مُدشِّنًا عصر النعمة، واستطاع الناس الذين اتّبعوه أن يربحوا السقاية والقوت. وما داموا يصلَّون ويعترفون للرب، فقد كانت خطاياهم تُغفَر، واستطاعوا أن يتمتعوا بكل النعمة والسلام والفرح الممنوحين لهم من الرب. لكن رؤساء الكهنة والكتبة والفريسيين، الذين رفضوا قبول عمل الله وقاوموه وأدانوه، وأولئك الذين في الهياكل ممن أصروا على مجاراتهم، كان من الطبيعي أن ينبذهم عمل الله ويستبعدهم، وسقطوا في الظلمة والخراب". شعرت حقًا بأنني استضأت بشركة الأخ، لكنني كنت حائرة أيضًا، وفكرت: "لقد قرأت كل ذلك مرات لا تُحصى في الكتاب المقدس، فلماذا لم أكتسب هذه الإضاءة قطّ من قراءاتي؟ كيف اكتشفوا هذا الأمر؟ من الأفضل أن أستمع إليهم". ثم استطرد تشو تشنغ قائلًا: "تمامًا مثل سبب خراب الهيكل في عصر الناموس، فإنّ كنائس اليوم في هذه الحالة الخَرِبة لأن الله يقوم بمرحلة جديدة من العمل". عندما سمعته يقول هذا الكلام، خفق قلبي بشدة وخطر ببالي أنهم قد يكونون مع البرق الشرقي. قال الجميع إن ما علموه كان منيعًا حقًّا – ماذا لو كنت أنا أيضًا مُضلَّلة؟ بدأت أشعر بالتوتر الشديد والتضارب: هل ينبغي أن أستمع إليهم أم لا؟ انتهى بي الأمر بأن قررت البقاء وواصلت الاستماع لأنني أردت حقًّا أن أحل المشكلة في الكنيسة. على مدار تلك السنوات، لم يستطع أي من القساوسة أو الشيوخ من الصين أو من خارجها، المساعدة على الإطلاق؛ ومهما شرحوا الكتاب المقدس أو صاموا أو صلوا، لم تنجح أي من الحلول التي توصلوا إليها. ظلت الكنيسة تتدهور فحسب. لكن هؤلاء الإخوة والأخوات كانوا مفعمين بالإيمان والمحبة، وكانت شركتهم مضيئة. ما كان لأحد أن يُبلي بمثل هذا البلاء الحسن ما لم يكن لديه عمل الروح القدس وإرشاده. إذا أمكنني أن أجد طريقة لإحياء الكنيسة من خلال شركتهم، فلا يزال لدينا ثمة أمل. أردت أن أغتنم هذه الفرصة، حتى ولو كانوا مع البرق الشرقي، ما كان يتعين عليَّ أن أخاف، لأنني كنت على علمٍ بالكتاب المقدس ولم يكن من الممكن أن أُضلَّل. فبدأتُ الاستماع وأنا أتصفح الكتاب المقدس لأتحقق مما قالوه، ولأرى إن كان يتوافق مع الكتاب المقدس.
ثم قرأ تشو تشنغ من عاموس 7:4-8: "وَأَنَا أَيْضًا مَنَعْتُ عَنْكُمُ ٱلْمَطَرَ إِذْ بَقِيَ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ لِلْحَصَادِ، وَأَمْطَرْتُ عَلَى مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ، وَعَلَى مَدِينَةٍ أُخْرَى لَمْ أُمْطِرْ. أُمْطِرَ عَلَى ضَيْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَٱلضَّيْعَةُ ٱلَّتِي لَمْ يُمْطَرْ عَلَيْهَا جَفَّتْ. فَجَالَتْ مَدِينَتَانِ أَوْ ثَلَاثٌ إِلَى مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ لِتَشْرَبَ مَاءً وَلَمْ تَشْبَعْ، فَلَمْ تَرْجِعُوا إِلَيَّ، يَقُولُ يَهْوَه". وفسر ذلك قائلًا: "هذه الآية تذكر أن إحدى المدن يصيبها المطر بينما تعاني مدينة أخرى من القحط. يشير هذا "المطر" إلى عمل الروح القدس. يأخذ الله عمل الروح القدس من جميع الأماكن وينقله إلى أولئك الذين يقبلون عمله الجديد. أولئك الذين يحافظون على خطى الله ينالون سقاية كلام الروح القدس الحالي وقُوتِه ويربحون عمله. لكن أولئك الذين لا يقبلون عمل الله الجديد يُنبذون بطبيعة الحال ويُستبعدون في مسار عمل الله، ويعيشون في الظلمة". وعند هذه النقطة في شركته، بدأت الأمور تزداد وضوحًا بالنسبة لي، وقلت لنفسي: "إذًا السبب في أن الكنيسة مقفرة هو أن الله يقوم بعمل جديد، لذا فقد تحوَّل عمل الروح القدس. لا عجب أنني لم أشعر بحضور الله طوال هذه السنوات، وكنت قد شعرت بظلام روحي شديد كما لو كنت قد سقطتُ في حفرة بلا قرار دون ذرة من الأمل، وقد كنت أعيش في بؤس مُطلق". وإذ رحت أفكر في اللحاق بخطى الله والاستمتاع بعمل الروح القدس وإرشاده مجددًا، سألتُ تشو تشنغ بلهفة: "كيف يمكن للمرء أن يواكب خطى الحمل ويربح عمل الروح القدس؟". فقال لي: "لقد تُنُبِّئَ سبع مرات في سفر الرؤيا، "مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ ٱلرُّوحُ لِلْكَنَائِس" (رؤيا 2، 3). تخبرنا هذه النبوءة أن الله سيتحدث إلى الكنائس في الأيام الأخيرة، وكل من يميّز صوت الله سيواكب خطى الله ويشهد عشاء عُرْس الخروف". ثم أخرج كتابًا وتابع: "هذا الكتاب يحتوي على كلام الروح القدس للكنائس. اقرأي هذا وستفهمين كل شيء". فأخذته ورأيت الكلمة يظهر في الجسد. ألم يكن هذا كتاب البرق الشرقي؟ لوهلةٍ، ذُهِلت، وقلت لنفسي: "لقد كنت أتنافس معهم مباشرة على مدار خمس سنوات، لكنني لم أواجههم قطّ وجهًا لوجه حتى الآن". فكرت في كل هؤلاء الإخوة والأخوات الذين لم يستطيعوا الاقتناع بشيء آخر فور استماعهم إلى البرق الشرقي. اعتراني توتر شديد لدرجة أنني شعرت وكأن قلبي في حلقي. فقلت صلاة: "يا رب، أرجوك، أرجوك أن تحميني. لا يمكنني أن أحيد عن الكتاب المقدس، لا يمكنني أن أحيد عن طريقك مهما حدث". لذلك سألتُ: "كيف يمكن أن يحتوي هذا الكتاب على كلام لله؟ إنّ كلام الله كله في الكتاب المقدس، ولا شيء آخر هو كلام الله. إنّ الحيد عن الكتاب المقدس هرطقة – إنها خيانة للرب". لم أستطع الجلوس هناك أكثر من ذلك، فقمتُ وأنا غاضبة ورفضتُ سماع كلمة أخرى. بعد أن رأوا مدى مقاومتي وأنني قد توقفت عن الإصغاء، جثوا جميعًا على رُكبهم وصلّوا من أجلي، وهم يبكون، طالبين من الله أن ينيرني وأن يُعرِّفني بعمل الله. كنت أقف جانبًا، وقد أثّر فيَّ حقًّا سماع صلواتهم النابعة من القلب. قلت لنفسي: "لولا عمل الروح القدس، من كان يمكنه أن يكون مُحبًّا هكذا؟". عند هذه النقطة، بدأت أهدأ تدريجيًّا وتخليت عن بعض مقاومتي.
بعد انتهائهم من الصلاة، شارك تشو تشنغ معي بعضًا من اختباره. قال: "أتفهّم شعوركِ. كنت مثلكِ تمامًا في البداية؛ أنا أيضًا قاومت عمل الله في الأيام الأخيرة. لقد سايرت القساوسة والشيوخ في تلفيق الشائعات حول كنيسة الله القدير، وألّفت مواد ضدها. أنا حتى قد أرهبتُ الإخوة والأخوات لمنعهم من الإيمان بالله القدير. لقد فعلت الكثير من الأشياء لمقاومة الله والتجديف عليه، معتقدًا أنني كنت أحمي طريق الرب وأُكرّس نفسي له. لقد آمنت بالله لكنني لم أعرفه، وكنت مُتعنتًا ومتغطرسًا. ولولا عقاب الله وتأديبه لي، وكلماته السلطانية والتي تمس النفس، لم أكن لأخضع قطّ". وقال أيضًا إنه كان يعتقد دائمًا أن كل كلام الله موجود في الكتاب المقدس، وألا شيء سواه هو كلمة الله، لذا فإن الحيد عن الكتاب المقدس هو هرطقة. بعد ذلك، قرأ بعضًا من كلمات الله القدير وفَهِم أن هذا لا يستقيم، وأنه لا يتماشى مع الحقائق. في البداية، كنت في حيرة من أمري حقًّا وتساءلت كيف أن الأمر لم يكن واقعيًّا. ثم قال: "إنكِ على دراية جيدة بالكتاب المقدس، لذا لا بد أنك أن تعرفين أنه الناس قد جمعوه بعد سنوات من انتهاء عمل الرب، وهذا يعني حتمًا أنَّ بعض محتواه قد حُذِف أو اقتُطع منه. بعض كلمات الأنبياء من الله لم تُسجَّل في العهد القديم بكاملها، لكنها وُضعت في الكتب المنحولة مثل نبوءات عزرا". وقال أيضًا: "في عصر النعمة، لم يكن عمل الرب يسوع وكلماته كلها موثقة في الكتب المقدسة. كان يعمل رسميًا لثلاث سنوات ونصف، ومن يدري مقدار ما قاله، وعدد العظات التي ألقاها خلال تلك الفترة. إذا جمعنا كل كلمات الرب يسوع من الأناجيل الأربعة، فلن يكون ذلك سوى ساعات قليلة من الحديث. مقارنةً بمقدار ما يجب أن يكون قد قاله على مدار تلك السنوات الثلاث والنصف، نرى أنه محدود للغاية! وورد أيضًا في إنجيل يوحنا، "وَأَشْيَاءُ أُخَرُ كَثِيرَةٌ صَنَعَهَا يَسُوعُ، إِنْ كُتِبَتْ وَاحِدَةً وَاحِدَةً، فَلَسْتُ أَظُنُّ أَنَّ ٱلْعَالَمَ نَفْسَهُ يَسَعُ ٱلْكُتُبَ ٱلْمَكْتُوبَةَ" (يوحنا 21: 25). هل يمكن أن يكون صحيحًا حقًّا ألا شيء خارج الكتاب المقدس هو كلمة الله؟ هل هذا دقيق؟ لقد تُنُبِّئَ عن ذلك عدة مرات في سفر الرؤيا، "مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ مَا يَقُولُهُ ٱلرُّوحُ لِلْكَنَائِس" (رؤيا 2، 3). وهذا يثبت أن الرب لديه المزيد ليقوله للكنائس في الأيام الأخيرة. كيف أمكن أن تكون هذه الكلمات الخاصة بالأيام الأخيرة مكتوبة في الكتاب المقدس مسبقًا؟ يتنبأ سفر الرؤيا أيضًا أن الحمل سيفتح اللفافة، والتي بدأت مختومة، والحمل وحده هو القادر على فضّ الأختام. هل يمكن أن يكون محتوى تلك اللفافة موثقًا بالفعل في الكتاب المقدس؟ قطعًا لا. إذًا فهل ادعاء القساوسة بأن "كل كلام الله موجود في الكتاب المقدس" له ما يبرره؟ أليس هذا إنكارًا وإدانة لكلام الله نفسه؟". عند تلك النقطة اقتنعت تمامًا. وقلت لنفسي: "هذا صحيح، تنبأ سفر الرؤيا بوضوح أن الحَمَل سيفتح اللفافة ويفض الأختام السبعة في الأيام الأخيرة. فكيف أمكن أن يكون هذا المحتوى المحدد مدونًا بالفعل في الكتاب المقدس؟ بإصراري على عدم وجود أي كلام لله خارج الكتاب المقدس، كنت قد أخطأت". قال لي تشو تشنغ: "الكتاب المقدس هو مجرد سجل تاريخي لعمل الله، وكلا العهدين القديم والجديد قد جمعهما البشر وحرروهما بعد أن أنهى الله مرحلة من العمل. إن الله لا يعمل وفقًا للكتاب المقدس، ولا هو مقيَّد به. يعمل الله وفقًا لخطة تدبيره الخاصة واحتياجات البشر. عندما جاء الرب يسوع للعمل، لم يعمل وفقًا للعهد القديم، بل تجاوز الكتب المقدسة في ذلك الوقت، ووعظ عن طريق التوبة، وشفى المرضى وطرد الشياطين، وأوصى الناس أن يغفروا للآخرين إلى سبعين مرة سبع مرات، وألا يحفظوا السبت، إلخ. وفي النهاية صُلب، مختتمًا عمل الفداء. لكن لم يمكن العثور على أي من هذا في العهد القديم؛ حتى إن بعضًا منه بدا متناقضًا مع نواميس العهد القديم. إذا أخذنا بما يقوله القساوسة من أن كل ما هو خارج الكتاب المقدس هرطقة، ألا يكون ذلك إدانة لعمل الرب يسوع أيضًا؟ إن الله هو الخالق، وفيضه يشمل كل شيء. فهل يمكن أن يكون صحيحًا أنه لا يستطيع أن يؤدي إلا العمل المحدود المدوَّن في الكتاب المقدس؟ هل صحيح أن الله لا يستطيع أن يقوم بعمل جديد أو ينطق بكلام جديد خارج الكتاب المقدس؟ ألن يكون ذلك تحديدًا لله وتجديفًا عليه؟ لقد استخدم الفريسيون العهد القديم لإدانة عمل الرب يسوع، قائلين إنه خرج عن الكتب المقدسة، وإنه كان هرطقة. لقد أنكروا الحقائق التي عبَّر عنها وأدانوها، وفي النهاية أمروا بصلبه، ولعنهم الله وعاقبهم. والآن قد جاء الله القدير وعبَّر عن كل الحقائق التي تطهِّر البشرية وتخلِّصها. هذه هي كلمات الروح القدس للكنائس، وهذا هو الله يهبنا طريق الحياة الأبدية في الأيام الأخيرة. إذا لم نستمع أو نقرأ أو نطلب، بل تشبثثنا بالكتاب المقدس تشبثًا أعمى فحسب، وقاومنا عمل الله وكلامه في الأيام الأخيرة وأدناهما، ألسنا بهذا نرتكب الخطأ نفسه الذي ارتكبه الفريسيون؟ ذلك سيؤدي بنا إلى أن ينبذنا عمل الله ويستبعدنا!". لقد أشعرني سماع هذه الشركة منه بالخوف، وخطر ببالي شيء قاله الرب يسوع: "وَكُلُّ مَنْ قَالَ كَلِمَةً عَلَى ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ يُغْفَرُ لَهُ، وَأَمَّا مَنْ جَدَّفَ عَلَى ٱلرُّوحِ ٱلْقُدُسِ فَلَا يُغْفَرُ لَهُ" (لوقا 12: 10). عندما فكرت في نفسي في ضوء ذلك، فكرت: "إنْ كان كلام الله القدير حقًّا من الله، فهو كلام الروح القدس، وإنْ دعوت عمله وكلامه هرطقةً، أليس هذا تجديفًا على الروح القدس؟ وهذا يعني أنه من المستحيل أن يُغفر لي في هذه الحياة ولا في العالم القادم. لا يمكنني الاستمرار في معارضة هذا الأمر وإدانته. لا بد أن أحاول جاهدةً أن أطلبه وأتحرى عنه".
بعد ذلك، قرأ لي تشو تشنغ فقرتين من كلام الله القدير. "يعتقد العديد من الناس أن فهم الكتاب المقدس والقدرة على تفسيره تماثل إيجاد الطريق الحق، ولكن هل الأمور في الواقع بهذه البساطة حقًّا؟ لا أحد يعرف حقيقة الكتاب المقدس: أنه ليس إلّا سجلًّا تاريخيًّا لعمل الله، وشهادة عن المرحلتين السابقتين من عمل الله، وأنه لا يقدم لك فهمًا لأهداف عمل الله. فكل من قرأ الكتاب المقدس يعرف أنه يوثق مرحلتي عمل الله أثناء عصر الناموس وعصر النعمة. يؤرخ العهد القديم تاريخ إسرائيل وعمل يهوه من وقت الخليقة حتى نهاية عصر الناموس. ويسجل العهد الجديد عمل يسوع على الأرض، وهو مذكور في الأناجيل الأربعة وأيضًا عمل بولس – أليست هذه سجلات تاريخية؟ إن طرح أمور الماضي في الحاضر يجعلها تاريخًا، وبغض النظر عن مدى حقيقتها أو صحتها، فهي لا تزال تاريخًا، والتاريخ لا يمكنه معالجة الحاضر؛ لأن الله لا ينظر إلى الوراء في التاريخ! وبالتالي فإن كنت تفهم الكتاب المقدس فحسب، ولا تفهم شيئًا من العمل الذي ينوي الله فعله اليوم، وإن كنت تؤمن بالله ولكنك لا تطلب عمل الروح القدس، فأنت لا تفهم ما معنى أن تطلب الله. إن كنت تقرأُ الكتاب المقدس لتدرسَ تاريخ إسرائيل وتبحثَ في تاريخ خلق الله لكل السماوات والأرض، فأنت إذًا لا تؤمن بالله. أما اليوم، فبما أنك تؤمن بالله، وتسعى وراء الحياة، وبما أنك تسعى لمعرفة الله، ولا تسعى وراء كلمات وتعاليم جامدة أو فهم للتاريخ، فيجب عليك أن تطلب مشيئة الله للوقت الحاضر، وتبحث عن إرشاد عمل الروح القدس. إن كنت عالم آثار فيمكنك قراءة الكتاب المقدس، لكنك لست كذلك، أنت واحد من المؤمنين بالله، ومن الأفضل لك طلب مشيئة الله للوقت الحاضر" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. بخصوص الكتاب المقدس (4)]. "كان يسوع في زمانه يقود اليهود وكل الذين تبعوه بحسب عمل الروح القدس فيه في ذلك الوقت. لم يتخذ يسوع الكتاب المقدس أساسًا لما قام به، لكنه تكلم بحسب عمله، ولم يلتفت إلى ما قاله الكتاب المقدس أو يبحث في الكتاب المقدس عن طريق يهدي تابعيه. لكنه شرع منذ بداية عمله في نشر طريق التوبة، وهي الكلمة التي لم يرد لها ذكر مطلقًا في نبوات العهد القديم. بل إنه لم يكتف فقط بعدم العمل بحسب الكتاب المقدس، لكنه أنشأ طريقًا جديدًا وصنع عملاً جديدًا. كذلك، فإنه لم يشر إلى الكتاب المقدس في عظاته. لم يستطيع أحد في عصر الناموس أن يقوم بمعجزات شفاء المرضى وإخراج الشياطين التي قام يسوع بها. كما أن عمله وتعاليمه وسلطانه وقوة كلماته فاقت قدرة الإنسان في عصر الناموس؛ فيسوع بكل بساطة قام بعمله الجديد، ومع أن كثيرين استخدموا الكتاب المقدس في إدانته – بل واستخدموا العهد القديم حتى في صلبه – فإن عمله فاق العهد القديم. إن لم يكن كذلك، فلماذا صلبوه على الصليب؟ أليس لأن العهد القديم لم يذكر شيئًا عن تعاليمه وعن قدرته على شفاء المرضى وإخراج الشياطين؟ كان الغرض من عمله أن ينشئ طريقًا جديدًا، لا أن يشن هجومًا مقصودًا ضد الكتاب المقدس أو أن يستغنى عمدًا عن العهد القديم. إنه ببساطة جاء ليتمم خدمته ويقدم العمل الجديد لأولئك الذين يشتاقون إليه ويطلبونه. ... بدا الأمر للناس وكأن عمله من دون أساس، وأن معظمه متعارض مع أسفار العهد القديم. أليس هذا هو تضليل الإنسان؟ هل نحتاج إلى تطبيق الأنظمة على عمل الله؟ وهل يجب أن تكون وفقًا لنبوات الأنبياء؟ في النهاية، أيهما أعظم: الله أم الكتاب المقدس؟ لماذا يتحتم أن يكون عمل الله وفقًا للكتاب المقدس؟ أمن الممكن ألا يكون لله الحق في تجاوز الكتاب المقدس؟ ألا يستطيع الله أن يبتعد عن الكتاب المقدس ويعمل عملًا آخر؟ لماذا لم يحفظ يسوع وتلاميذه السبت؟ لو أنه كان ليعمل في ضوء السبت وبحسب وصايا العهد القديم، فلماذا لم يحفظ يسوع السبت بعد مجيئه، لكنه بدلًا من ذلك غسلَ أرجلًا وغطى الرأس وكسر خبزًا وشرب خمرًا؟ أليس هذا كله غير موجود في وصايا العهد القديم؟ لو كان يسوع يُكرِّم العهد القديم، فلماذا خالف هذه الأنظمة؟ يجب أن تعرف أيهما جاء أولًا، الله أم الكتاب المقدس! ألا يستطيع رب السبت أن يكون رب الكتاب المقدس أيضًا؟" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. بخصوص الكتاب المقدس (1)]. عندما سمعت هذه الكلمات، شعرت أنها فعلًا تنطوي على سلطان. على مدار سنوات إيماني، كنت قد سمعت عظات كثيرة من رجال الدين الأجانب والصينيين، وكنت قد قرأت بعض الكتب عن الروحانية، لكنني لم أرَ أحدًا قطّ يكشف القصة الخفية للكتاب المقدس بهذا الوضوح والشمول. لقد كان ذلك منيرًا حقًّا بالنسبة لي. قلت لنفسي: "هذا صحيح، الكتاب المقدس هو مجرد سجل تاريخي لعمل الله، وقد جاء بعد أن قام الله بذلك العمل. لكنني كنت أحدد الله بنطاق الكتاب المقدس، معتقدةً أنه لا ينبغي له أن يقوم بأي عمل أو ينطق بكلمات جديد خارج ذلك. كنت في غاية الحماقة! أدرك الآن أن كلام الله القدير قد جاء حقًّا من الله؛ إنه كلام الروح القدس، وأنا بحاجة إلى القيام ببعض الطلب، وإلا سأفوّت فرصتي في الترحيب بالرب، وسيأتي ندمي بعد فوات الأوان". فصليت صلاة مُلحّة، طالبةً من الرب أن يرشدني.
لكن كان لا يزال لدي بعض الالتباس. كان الرب يسوع قد تنبأ بوضوح أنه سيعود على سحابة ويظهر علانيةً لجميع الناس، لكنني كنت لم أرَ ذلك يحدث بعد. كانوا يقولون إنه قد عاد بالفعل، وإنه في الجسد، وينطق بكلمات جديدة. فهل كانت هناك أي نبوءات في الكتاب المقدس عن أنَّ المجيء الثاني للرب مجيء بالجسد؟ سألت تشو تشنغ عن هذا الأمر. فقال لي: "هناك بعض نبوءات بالكتاب المقدس عن مجيء الرب على سحابة وظهوره علانيةً للجميع، ولكن هناك أيضًا عدد غير قليل من النبوءات عن مجيئه سرًّا وفي الجسد. قال الرب يسوع: "هَا أَنَا آتِي كَلِصٍّ!" (رؤيا 16: 15). "وَكَمَا كَانَتْ أَيَّامُ نُوحٍ كَذَلِكَ يَكُونُ أَيْضًا مَجِيءُ ٱبْنِ ٱلْإِنْسَانِ" (متى 24: 37). "لِذَلِكَ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضًا مُسْتَعِدِّينَ، لِأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لَا تَظُنُّونَ يَأْتِي ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ" (متى 24: 44). "لِأَنَّهُ كَمَا أَنَّ ٱلْبَرْقَ ٱلَّذِي يَبْرُقُ مِنْ نَاحِيَةٍ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ يُضِيءُ إِلَى نَاحِيَةٍ تَحْتَ ٱلسَّمَاءِ، كَذَلِكَ يَكُونُ أَيْضًا ٱبْنُ ٱلْإِنْسَانِ فِي يَوْمِهِ. وَلَكِنْ يَنْبَغِي أَوَّلًا أَنْ يَتَأَلَّمَ كَثِيرًا وَيُرْفَضَ مِنْ هَذَا ٱلْجِيلِ" (لوقا 17: 24-25). هذه الآيات كلها تذكر مجيء ابن الإنسان، وابن الإنسان يعني المولود من شخص، من لحم ودم، وبإنسانية طبيعية. لو جاء في هيئة روحية على سحابة، وظهر لجميع الناس، لخاف الجميع عند رؤيته وهرعوا للسجود له. من كان سيجرؤ على مقاومته أو رفضه؟ هل كان سيعاني كثيرًا، ويرفضه هذا الجيل عندما يعود؟ قطعًا لا. لذلك تنبأ الرب يسوع بأنه سيعود بطريقتين مختلفتين. أولاً، سيأتي سرًّا في الجسد بصفته ابن الإنسان ليعبّر عن الحقائق ويقوم بعمل الدينونة مبتدئًا ببيت الله، ومكوِّنًا جماعة من الغالبين قبل الكوارث. وبعد الكوارث، سيأتي الرب على سحابة ويظهر للجميع علانية. إذا انتظرنا رؤية الرب يسوع على سحابة فحسب دون أن نقبل عمل الله وكلامه عندما يأتي سرًا في الجسد، فيمكن أن يرفضنا الرب بسهولة!". لقد كانت شركته بمثابة صحوة كبيرة بالنسبة لي. أدركت أخيرًا أن ابن الإنسان يشير إلى الله في الجسد. كنت على مدار السنين قد تحدثت عن آيات الكتاب المقدس تلك كثيرًا مع آخرين، قائلةً إن الرب سيأتي كلص، وأخبرتهم بأن يتنبّهوا ويصلّوا وينتظروا الرب لكنني لم أرَ أنها تنبأت بمجيء الرب سرًّا.
طرحت سؤالاً آخر على تشو تشنغ بعد ذلك. قلت: "لقد صُلب الرب يسوع كذبيحة خطيئة عن البشرية، وقد حمل خطايانا. وبصفتنا مؤمنين بالرب، فإن خطايانا مغفورة، لذا يجب أن نؤخذ مباشرة إلى ملكوت السماوات عندما يأتي. لماذا يحتاج الله إلى القيام بمرحلة أخرى من العمل للخلاص؟". ردًا على هذا السؤال، سألني: "تقولين إن المؤمنين يستطيعون الدخول إلى الملكوت لأن خطاياهم مغفورة، ولكن هل هناك أي أساس لهذا في كلام الرب؟ لقد غفر لنا خطايانا فحسب، لكنه لم يقل قطّ إنَّ بإمكاننا أن ندخل الملكوت لأن خطايانا قد غُفرت. هذا مجرد مفهوم وتصور بشريين. إن غفران خطايانا يعني فحسب أنه لا يعود يرانا خُطاة، لكن هذا لا يعني أننا تحررنا من الخطيئة. وهو، على وجه الخصوص، لا يعني أننا أنقياء، أو أننا لم نعد نخطئ أو نقاوم الله. وبخصوص من يستطيع الدخول إلى الملكوت، فقد ذكر الرب يسوع بوضوح: "لَيْسَ كُلُّ مَنْ يَقُولُ لِي: يَارَبُّ، يَارَبُّ! يَدْخُلُ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ. بَلِ ٱلَّذِي يَفْعَلُ إِرَادَةَ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ. كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِٱسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِٱسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِٱسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! ٱذْهَبُوا عَنِّي يافَاعِلِي ٱلْإِثْمِ!" (متى 7: 21-23). ألم يكن أولئك الناس الذين تنبأوا وطردوا الأبالسة باسم الرب مغفورة خطاياهم أيضًا؟ فلماذا إذًا يقول الرب إنه لم يعرفهم قطّ، وإنه يدينهم كفاعلي شر؟ تُظهر هذه الكلمات أن كل الذين يعيشون في الخطيئة، حتى لو كانوا يعملون باسم الرب ويبذلون أنفسهم باسمه، سيُدانون في النهاية وذلك لأنهم لا يستحقون ملكوت الله". بعد ذلك، قرأ تشو تشنغ بعضًا من كلمات الله القدير للإجابة عن سؤالي. "هل يمكن لخاطئ مثلكم، قد اُفتُدي للتو، ولم يغيره الله أو يكمِّله، أن يكون متماشيًا مع مقاصد الله؟ بالنسبة إليك، أنت الذي لا تزال ذاتك القديمة، صحيح أن يسوع خلَّصك حقًّا، وأنك بسبب خلاص الله لا تُحسب خاطئًا، لكن هذا لا يثبت أنك بدون خطية أو نجاسة. فكيف يمكنك أن تتقدس إن لم تتغير؟ أنت في داخلك مُحاصر بالنجاسةٌ وأنانيٌّ ووضيع، لكنك ما تزال ترغب في النزول مع يسوع؛ يجب أن تكون محظوظًا للغاية! لقد فقدتَ خطوةً في إيمانك بالله: لقد اُفتُديت فحسب، لكنك لم تتغير. لكي تكون متماشيًا مع مقاصد الله، لا بد أن يقوم الله شخصيًّا بالعمل لتغييرك وتطهيرك؛ وإلا فلا يمكنك أبدًا أن تتقدس لمجرد أنك افتُديت. وبهذه الطريقة لن تكون مؤهلًا للتمتع بالبركات الصالحة مع الله، لأنك فقدت خطوةً من عمل الله في تدبير البشر، وهي خطوة أساسية للتغيير والتكميل. ولذلك– فأنت الخاطئ الذي افُتُدي فحسب – عاجز عن أن ترث مباشرةً إرث الله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. بخصوص الألقاب والهوية). "مع أن يسوع أتى بين الناس وقام بالكثير من العمل، فإنه لم يكمل سوى عمل فداء الجنس البشري بأسره وكان بمثابة ذبيحة خطية عن الإنسان، ولم يخلص الإنسان من شخصيته الفاسدة كلها. إن خلاص الإنسان من تأثير الشيطان خلاصًا تامًّا لم يتطلّب من يسوع أن يحمل خطايا الإنسان كذبيحة خطية فحسب، بل تطلّب الأمر أيضًا من الله أن يعمل عملًا أضخم لكي يخلص الإنسان تمامًا من شخصيته التي أفسدها الشيطان. وهكذا بعدما غُفِرَت للإنسان خطاياه عاد الله إلى الجسد ليقود الإنسان إلى العصر الجديد، وبدأ عمل التوبيخ والدينونة، وقد أتى هذا العمل بالإنسان إلى عالَم أسمى. كل مَنْ يخضع لسيادة الله، سيتمتع بحق أعلى ويربح بركات أعظم، ويحيا بحق في النور، ويربح الحق والطريق والحياة" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. تمهيد). "قبل أن يُفتدى الإنسان، كانت الكثير من سموم الشيطان قد زُرِعَت بالفعل داخله. وبعد آلاف السنوات من إفساد الشيطان، صارت هناك طبيعة داخل الإنسان تقاوم الله. لذلك، عندما افتُدي الإنسان، لم يكن الأمر أكثر من مجرد فداء، حيث اُشتري الإنسان بثمن نفيس، ولكن الطبيعة السامة بداخله لم تُمحَ. لذلك يجب على الإنسان الذي تلوث كثيرًا أن يخضع للتغيير قبل أن يكون مستحقًّا أن يخدم الله. من خلال عمل الدينونة والتوبيخ هذا، سيعرف الإنسان الجوهر الفاسد والدنس الموجود بداخله معرفًة كاملة، وسيكون قادرًا على التغير تمامًا والتطهُّر. بهذه الطريقة فقط يمكن للإنسان أن يستحق العودة أمام عرش الله. الهدف من كل العمل الذي يتم في الوقت الحاضر هو أن يصير الإنسان طاهرًا ويتغير؛ من خلال الدينونة والتوبيخ بالكلمة، وأيضًا التنقية، يمكن للإنسان أن يتخلَّص من فساده ويصير طاهرًا. بدلًا من اعتبار هذه المرحلة من العمل مرحلةَ خلاص، سيكون من الملائم أن نقول إنها عمل تطهير. في الحقيقة، هذه المرحلة هي مرحلة إخضاع وهي أيضًا المرحلة الثانية للخلاص" [الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. سر التجسُّد (4)]. ثم عقد الشركة: "بصفتنا مؤمنين قُدامى، فنحن جميعًا متفقون على شيء واحد. بعد ربح الإيمان، عندما نخطئ، يمكن أن يُغفر لنا بالاعتراف والتوبة إلى الرب. ولكن ما لا يمكننا إنكاره هو أننا لا يسعنا إلا أن نستمر في الكذب والخطيئة طوال الوقت. نحن نعيش في دائرة من فعل الخطيئة في النهار، والاعتراف بالليل، ولا يمكننا الهروب من قيود الخطيئة هذه. لأن الرب يسوع قام بعمل الفداء فحسب، وليس عمل الدينونة والتطهير للأيام الأخيرة، فقد غُفرت خطايانا، ولكن لا تزال لدينا طبيعة خاطئة. لم تُعالَج طبيعتنا وشخصياتنا الشيطانية، وهذه الأشياء مترسخة بدرجة أكبر من الخطايا نفسها. إنها أصل خطايانا ومقاومتنا لله". وضرب تشو تشنغ أيضًا بعض الأمثلة، قائلًا: "نحن متغطرسون ومخادعون وأشرار، ونعيش بهذه الشخصيات الشيطانية، لذلك فنحن دائمًا ما نكذب ونغش ونتباهى. نتقاتل على الاسم والربح، ونحن غيورون وكارهون. عندما نواجه كارثة أو نعاني من مشكلات في المنزل، نسيء فهم الله ونلقي باللوم عليه، وأحيانًا حتى ننكره ونخونه. لا سيّما عندما لا يتماشى عمل الله مع مفاهيمنا، فإننا نقاوم الله وندينه بعناد. الآن قد عاد الرب يسوع في الجسد وعبَّر عن الحقائق، وقام بعمل دينونة الأيام الأخيرة، وكثيرون من المؤمنين منذ فترة طويلة يحددونه وفقًا لمفاهيمهم وتصوراتهم الخاصة، قائلين إنه لن ينطق بكلام جديد خارج الكتاب المقدس أو يأتي للعمل في الجسد. ليس لديهم أي اهتمام بالطلب أو الخضوع لعمل الله، ويفتقرون تمامًا إلى القلب الذي يتقي الله. وبدلاً من ذلك، يقاومونه ويدينونه فحسب، مخالفين الله بعناد وغطرسة. إن الله قدوس، فكيف يمكن أن يسمح لأولئك الذين يقاومونه، الذين هم من الشيطان، بالدخول إلى ملكوته؟ لذلك، بناءً على احتياجات البشرية، يقوم بمرحلة من العمل لتخليصنا من الخطيئة على أساس عمل الفداء الذي قام به الرب يسوع، ويعبّر عن الحقائق لدينونة شخصياتنا الفاسدة وتطهيرها. في عصر الملكوت، يعبِّر الله القدير عن كل الحقائق التي تطهِّر الإنسان وتخلِّصه، وقد كشف كل أسرار خطة تدبيره، مثل أهداف خطة تدبيره التي تمتد لستة آلاف سنة، والقصة الخفية لمراحل عمله الثلاث، والأسرار الكامنة وراء التجسُّدات، وحقيقة الكتاب المقدس، وغايات الناس المستقبلية. لقد كشف لنا أيضًا حقيقة فساد البشرية وأصل ارتكابنا للخطية ومقاومتنا لله، وأظهر لنا الطريق لنغيّر شخصياتنا ونتوب حقًّا. وهذا يتمّم نبوءة الرب يسوع: "إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لِأَقُولَ لَكُمْ، وَلَكِنْ لَا تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا ٱلْآنَ. وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ ٱلْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ ٱلْحَقِّ" (يوحنا 16: 12-13). لقد عبَّر الله القدير عن هذه الحقائق لعلاج طبيعتنا الخاطئة. كل أولئك الذين يمكنهم قبول دينونة كلامه وأن يُطهَّروا سيحميهم الله من الكوارث وسيدخلون ملكوته".
لقد استوعبتُ هذا الأمر بشكل أفضل بكثير بعد شركة تشو تشنغ. في عصر النعمة، قام الرب يسوع بعمل الفداء فحسب، فاديًا البشرية من الخطية. إن عصر ملكوت الأيام الأخيرة هو عندما يعبِّر الله القدير عن حقائق عمل دينونته، وهذا ما سيعالج طبيعتنا الخاطئة، مخلِّصًا إيانا تمامًا من الخطيئة ومطهِّرًا لنا. فكرت في كيف أنني كنت لا أزال حقًّا مكبّلة بالخطيئة، حتى بعد كل تلك السنوات بصفتي مؤمنة. ولا سيَّما في السنوات الأخيرة، قد صرت أكثر فسادًا، على قدم المساواة مع غير المؤمن. كنت أشاهد التلفاز والأفلام، وتعلمت لعب الماهجونغ. حوصرت بالعيش في الخطيئة ولم أتمكن من انتشال نفسي. أدركت أنني لا أستحق حقًّا دخول ملكوت الله. كانت أيام العيش في الخطيئة مؤلمة حقًّا، ولم أدرِ كيف أهرب منها. أدركت أخيرًا أنه كان عليَّ أن أقبل عمل دينونة الله في الأيام الأخيرة لأُحرَّر من قيود الخطيئة وأُطهَّر وأُخلَّص. يكشف كلام الله القدير بوضوح عن أصل الخطيئة، ويبين لنا القصة الخفية لعمل الله، كاشفًا الطريق إلى التطهير ودخول الملكوت. وحده الله يستطيع أن يشرح عمله بهذا الوضوح، ووحده الله يستطيع أن يخلِّص البشرية من قيود الخطيئة. تيقنت بدرجة أكبر من أن كلام الله القدير هو الحق وصوت الله.
وعلى مدار الأيام القليلة التالية، كنت ألتهم كلام الله كل يوم بشراهة، وسرعان ما تأكدت أن الله القدير هو الرب يسوع العائد. كنت متحمسة حقًّا لكوني قادرةً على الترحيب بالرب في عودته، لكن في الوقت نفسه، ملأني الندم. لم أكن لأتخيل قطّ أن الله القدير الذي كنت أعارضه وأدينه طوال تلك السنوات كان في الواقع هو الرب يسوع الذي كنت أتوق إليه، وأن الكلمة يظهر في الجسد الذي كنت أدينه هو كلام الله. لقد كرهت نفسي بسبب حماقتي وعماي الشديدن، ولاستغراقي وقتًا طويلًا جدًا حتى أرى النور. حملت الكلمة يظهر في الجسد بين ذراعيّ وأجهشت بالبكاء. كنت قد آمنت بالرب لكنني لم أعرفه، وكنت متغطرسة ومتمردة، وحددته بسبب مفاهيمي وتصوراتي الخاصة، ولم أؤمن بأن الله سيعود للعمل في الجسد. لكن الأسوأ من ذلك، أنني قد استخدمت مواد تجديفية لتضليل الإخوة والأخوات، لمنعهم من التقصّي عن عمل الله في الأيام الأخيرة. وبناءً على كل الأشياء التي فعلتها، استحققت حقًّا لعنة الله. لكن الله أشفق عليَّ وسمح لي أن أسمع صوته وأربح خلاصه في الأيام الأخيرة. إنّ حبه هائل حقًّا!
بدأت في عقد اجتماعات منتظمة مع هؤلاء الإخوة والأخوات بعد ذلك. غنّى الجميع الترانيم وسبّحوا الله معًا، وعقدوا الشركة عن كلام الله. لقد أتاح لي هذا النوع من الحياة الكنسية إعادة اكتشاف الفرح الذي يجلبه عمل الروح القدس، والتمتع بالسلام الذي يأتي مع حضور الرب. أتذكر أنني قرأت ذات مرة فقرة من كلمات الله أثرت فيّ بشدة: "يأتي الله هذه المرة ليعمل، ليس في جسد روحاني، بل في جسد عادي جدًا. علاوة على ذلك، إنه جسد التجسد الثاني لله، وهو أيضًا الجسد الذي يعود الله من خلاله إلى الجسد. إنه جسد عادي جدًا. عندما تنظر إليه، لا يمكنك أن ترى فيه ما يميزه عن الآخرين، لكن يمكنك أن تربح منه حقائق لم يُسمَع بها من قبل. هذا الجسد الذي لا أهمية له هو تجسيد كل الكلام الحق من الله، وحامل عمل الله في الأيام الأخيرة، والتعبير الذي يفهم به الإنسان شخصية الله الكاملة. ألا ترغب بشدة في رؤية الله الذي في السماء؟ ألا ترغب بشدة في فهم الله الذي في السماء؟ ألا ترغب بشدة في أن ترى غاية البشرية؟ سيخبرك بكل هذه الأسرار، الأسرار التي لم يستطع أي إنسان أن يخبرك بها، وسيخبرك أيضًا بالحقائق التي لا تفهمها. إنه بوابتك إلى الملكوت، ومرشدك إلى العصر الجديد. هذا الجسد العادي يحمل الكثير من الأسرار التي لا يمكن للإنسان سبر أغوارها. أعماله غامضة بالنسبة إليك، لكن الهدف الكلي من العمل الذي يقوم به كافٍ لتمكينك من رؤية أنه ليس جسدًا بسيطًا كما يعتقد الناس، لأنه يمثل مقاصد الله في الأيام الأخيرة وعناية الله بالبشر في الأيام الأخيرة. رغم أنك لا تستطيع سماع كلماته تبدو وكأنها تهز السماوات والأرض، ورغم أنك لا تستطيع أن ترى عينيه كشعلة نار، ورغم أنك لا تستطيع تلقي تأديب قضيبه الحديدي، فيمكنك أن تسمع من كلمات الله أنه غضوب وتعرف أنه يظهر رحمة للبشرية، وأن ترى شخصية الله البارة وحكمته، وأن تقدِّر – بدرجة أكبر – عناية الله بالبشرية جمعاء. يتمثل عمل الله في الأيام الأخيرة في أن يسمح للإنسان بأن يرى على الأرض الإله الذي في السماء يعيش بين الناس، ويمكّن الإنسان من معرفة الله والخضوع له واتقائه ومحبته. وهذا ما جعله يعود إلى الجسد مرة أخرى. ومع أن ما يراه الإنسان اليوم هو إله يشبه الإنسان، إله له أنف وعينان، وإله عادي، فسوف يريكم الله في النهاية أنه بدون وجود هذا الرجل ستتعرض السماوات والأرض لتغير هائل، وبدون هذا الإنسان سوف تصبح السماء معتمة وتغدو الأرض في حالة فوضى، ويعيش البشر جميعًا في مجاعة وأوبئة. وسوف يريكم أنكم لولا الخلاص بالله المتجسّد في الأيام الأخيرة لأهلك الله الناس جميعًا في جهنم منذ أمد طويل، ولولا وجود هذا الجسد لكنتم إذًا وإلى الأبد أوائل الخُطاة وجثثًا على الدوام. عليكم أن تعلموا أنه لولا وجود هذا الجسد لواجهت البشرية كلها كارثة حتمية، ولوجدتم أنه من الصعب النجاة من عقاب الله الأشد للناس في الأيام الأخيرة. لولا ميلاد هذا الجسد العادي لكنتم جميعًا في حال لا تحظون فيها بالحياة ولا بالموت مهما طلبتموهما، ولولا وجود هذا الجسد لما كنتم قادرين في هذا اليوم على تلقي الحقيقة والمثول أمام عرش الله، بل لعاقبكم الله بسبب خطاياكم الفظيعة. هل تعلمون؟ لولا عودة الله إلى الجسد، لما أتيحت لأحد فرصة للخلاص، ولولا مجيء هذا الجسد، لأنهى الله هذا العصر القديم. وعليه، فهل ما زال بإمكانكم رفض التجسد الثاني لله؟ وما دمتم تستفيدون كثيرًا من هذا الإنسان العادي، فلماذا إذًا لا تسارعون إلى قبوله؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. هل علمت؟ لقد صنع الله أمرًا عظيمًا بين الناس). كانت قراءة هذا الجزء مؤثرة بشكل خاص: "لولا ميلاد هذا الجسد العادي لكنتم جميعًا في حال لا تحظون فيها بالحياة ولا بالموت مهما طلبتموهما، ولولا وجود هذا الجسد لما كنتم قادرين في هذا اليوم على تلقي الحقيقة والمثول أمام عرش الله، بل لعاقبكم الله بسبب خطاياكم الفظيعة". عدت بذاكرتي إلى تلك الأيام التي لم يكن الرب معي فيها. بدت الكنيسة خرابًا وكان إيمان الإخوة والأخوات يتضاءل. لم يدرِ زملاء العمل عن أي موضوعات يلقون العظات، وكانت هناك غيرة واقتتال داخلي. كان الجميع يعيشون في الخطيئة ولم يتمكنوا من انتشال أنفسهم، وكانوا جميعًا يعيشون كالموتى السائرين. لقد أعادني كلام الله القدير إلى الحياة من جديد وأعاد لي فرحة وجود الله بجانبي. ربحت أيضًا قدرًا من الفهم الأساسي لعمل الله. لولا تجسّد الله وتكلّمه، كاشفًا أسرار الكتاب المقدس وتجسداته، فإنني على يقين من أنني كنت سأظل متشبثة بمفاهيمي وتصوراتي بعناد. من يدري كم من الشرور التي كنت سأرتكبها في حق الله. لقد كان تجسد الله في غاية الأهمية بالنسبة لنا!
بالعودة بالذاكرة إلى تلك السنوات الخمس، فإنَّ الكثير من الإخوة والأخوات كانوا قد شاركوني بعقد الشركة وحثوني على الطلب، لكنني أصممتُ أذني. لم يقتصر الأمر على أنني رفضت أن أطلب أو أن تحرى عن الأمر، بل إنني قاومته وأدنته. إنني حتى قد أَضْلَلتُ الآخرين ووقفت حجر عَثْرة في طريقهم، مما جعلهم يفقدون فرصتهم في الترحيب بالرب. هل يمكن حتى اعتباري من المؤمنين؟ ألم أكن أعارض الرب تمامًا مثل الفريسيين، وأسمِّره على الصليب من جديد؟ كنت قد تمتعت بالكثير من نعمة الرب في سنواتي بصفتي مؤمنة، ولكن عندما عاد الرب، لم أعرفه. بل إنني قاومته بجنون لخمس سنوات كاملة. على مدى خمس سنوات، ارتكبت تعديات لا تُغتفر. إنني شديدة التمرد. عندما فكرت في كل خطاياي، ورأيت رحمة الله وتسامحه، شعرت أنه ليس لدي مكان لأختبئ فيه، وأنني لا أستطيع مواجهة الله. أمسكت بكتاب من كتب كلام الله وجثوت على ركبتيّ وصليت وأنا أبكي. قلت: "يا الله القدير! أنت لم تضربني قطّ، على الرغم من أنني كنتُ في غاية التمرد والتحدي. لقد منحتني الفرصة لأتوب. لا أدري حقًّا كيف أردّ لك رحمتك. يا الله القدير! إني لا أطلب شيئًا سوى أن أستخدم ما تبقّى من حياتي لأردّ لك محبتك، وأن أبذل كل ما في وسعي لأعيد هؤلاء الناس الذين أبعدتهم عنك، الذين لم يأتوا بعد أمامك، ويعودوا إلى بيتك، حتى تحظى ببعض العزاء". بعد ذلك، بشرتُ بالإنجيل بنشاط، وفي غضون شهر، جاء أكثر من 30 أخًا وأختًا لقبول عمل الله في الأيام الأخيرة.
متى ما تذكرت كل تلك الأوقات التي قاومت فيها الله، أشعر بألم شديد، وكأنه سكين في قلبي، خاصة عندما أقرأ هذه الكلمات: "يوجد أولئك الذين يقرؤون الكتاب المقدَّس في الكنائس الكبرى ويرددونه طيلة اليوم، ولكن لا أحد منهم يفهم الغرض من عمل الله، ولا أحد منهم قادر على معرفة الله، كما أن لا أحد منهم يتفق مع مقاصد الله. جميعهم بشرٌ عديمو القيمة وأشرار، يقفون في مكان عالٍ لتعليم الله. إنهم يعارضون الله عن قصدٍ مع أنهم يحملون لواءه. ومع أنهم يدَّعون الإيمان بالله، فإنهم ما زالوا يأكلون لحم الإنسان ويشربون دمه. جميع هؤلاء الناس شياطين يبتلعون روح الإنسان، ورؤساء شياطين تزعج عن عمد مَن يحاولون أن يخطوا في الطريق الصحيح، وهم حجارة عثرة تعرقل مَن يسعون إلى الله. قد يبدون أنهم في "قوام سليم"، لكن كيف يعرف أتباعهم أنهم ضد المسيح الذين يقودون الناس إلى الوقوف ضد الله؟ كيف يعرف أتباعهم أنَّهم شياطين حية مكرَّسة لابتلاع أرواح البشر؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. جميع الناس الذين لا يعرفون الله هم مَن يعارضونه). إن كلمات الله تصفني تمامًا. كنت أقود الإخوة والأخوات إلى اتباع كلام الكتاب المقدس الحرفي، والتمسك بالمفاهيم، وعدم القدوم أمام الله. لقد عظَّمتُ الكتاب المقدس بينما كنت أقاوم عمل الله في الأيام الأخيرة. تشبث الإخوة والأخوات ممن أضللتُهم بلا عقلانية بكلمات الكتاب المقدس الحرفية، ولم يجرؤوا على قبول عمل الله في الأيام الأخيرة. كان هذا ضررًا لحق بهم وكارثة ألحقتها بهم. تشبث الفريسيون بكتبهم المقدسة وسمّروا الرب على الصليب، مرتكبين خطيئة شنيعة. لقد كنت متشبثة بالكتاب المقدس، وكنت أدين عمل الله القدير في الأيام الأخيرة، وفي الأساس، صلبتُ الله مرة أخرى. كنت ألعب دور الفريسيّ المعاصر. حتى لو متّ مائة مرة، ما استطعت أن أكفّر عن خطاياي قطّ. كل ما أريده الآن هو أن أبذل قصارى جهدي لأسعى إلى الحق، وأتمّم واجبي، وأشارك الإنجيل لأردّ دَيْني لله.