ب. الضرر والعواقب يجلبها للناس استحواذ البشرية الفاسدة على السلطة
كلمات الله القدير في الأيام الأخيرة
منذ اختراع البشر لمفهوم العلوم الاجتماعية أصبح عقل الإنسان منشغلًا بالعلم والمعرفة. ثم أصبح العلم والمعرفة أدوات للسيطرة على الجنس البشري، ولم تعد توجد مساحة كافية للإنسان ليعبد الله، ولم تعد تتوفر ظروف مناسبة لعبادة الله. وانحطت مكانة الله إلى أدنى مرتبة في قلب الإنسان. دون وجود الله في قلب الإنسان، يكون عالمه الداخلي مُظلمًا وبلا رجاء وفارغًا. وبالتالي برز العديد من علماء الاجتماع والمؤرخين والساسة في المقدمة ليُعبِّروا عن نظريات العلوم الاجتماعية، ونظرية تطور الإنسان، ونظريات أخرى تتعارض مع حقيقة خلق الله للإنسان، وليملؤوا قلوب البشر وعقولهم بها. وبهذه الطريقة يصبح مَن يؤمنون بأن الله خلق كل شيء أقل من أي وقتٍ سابق، ويتزايد عدد المؤمنين بنظرية التطوُّر أكثر من أي وقتٍ مضى. يتزايد ويتزايد عدد الناس الذين يتعاملون مع سجلَّات عمل الله وكلامه في عصر العهد القديم كخرافات وأساطير. أصبح الناس في قلوبهم غير مكترثين بكرامة الله وعظمته. ولا يبالون بعقيدة وجود الله وتسلّطه على كافة الأشياء. لم يعد بقاء الجنس البشري ومصير الدول والشعوب مهمًا في نظرهم. ويعيش الإنسان في عالم أجوف يهتم فقط بالمأكل والمشرب والسعي وراء الملذَّات. ... القليل من الناس يحملون على عاتقهم البحث عن مكان عمل الله اليوم، ويبحثون عن كيفية تسلطه على غاية الإنسان وترتيبه لهذا. وبهذه الطريقة أصبحت الحضارة الإنسانية – دون دراية الإنسان – عاجزة أكثر فأكثر عن تحقيق آمال الإنسان، بل ويوجد العديد من البشر يشعرون أنهم، لكونهم يعيشون في مثل هذا العالم، صاروا أقل سعادة ممن سبقوهم وماتوا. حتى الأشخاص الذين يعيشون في دول متقدمة يعانون من نفس الشكوى. فبدون إرشاد الله، حتى لو أجهد الحكام وعلماء الاجتماع عقولهم للحفاظ على الحضارة الإنسانية، فلا فائدة من ذلك. لا يمكن لأي شخص أن يملأ خواء قلوب البشر، لأنه لا يمكن لأي شخص أن يكون حياة الإنسان، ولا يمكن لأي نظرية اجتماعية أن تحرر الإنسان من متاعب الخواء. إنَّ العلم والمعرفة والحرية والديمقراطية والمتعة والراحة، لا تجلب للإنسان سوى تعزية وقتية. وحتى مع هذه الأشياء، لا يزال الإنسان يخطئ حتمًا ويشكو من ظلم المجتمع. لا يمكن لامتلاك هذه الأشياء أن يعوق شوق الإنسان ورغبته في الاستكشاف. وذلك لأن الإنسان خلقه الله ولا يمكن لتضحياته واستكشافاته التي لا معنى لها سوى أن تجلب عليه الضيق بصورة متزايدة، وتجعل الإنسان في حالة قلق دائمة، لا يعرف كيف يواجه مستقبل البشرية أو كيف يواجه الطريق الذي أمامه، إلى حد أنَّ الإنسان يصبح حتى خائفًا من العلم والمعرفة، ويصبح حتى أكثر خوفًا من الشعور بالخواء. في هذا العالم، سواء كنت تعيش في بلد حر أو بلد بلا حقوق إنسان، فأنت عاجز تمامًا عن الهروب من قدر البشرية. وسواء كنت حاكمًا أو محكومًا، فأنت عاجز تمامًا عن الهروب من الرغبة في استكشاف قدر البشرية وأسرارها وغايتها، فضلًا عن أنك غير قادر على الهروب من الشعور المحير المتمثل في الخواء. إن مثل هذه الظواهر مشتركة بين جميع البشر، ويسميها علماء الاجتماع ظواهر اجتماعية، ورغم ذلك لا يمكن لأي إنسان عظيم أن يتقدم لحل مثل هذه المشكلات، فالإنسان في نهاية المطاف هو إنسان، ولا يمكن لأي إنسان أن يحل محل الله في المكانة والحياة. ليس ما تحتاج إليه البشرية هو فقط مجتمع عادل ينعم فيه الجميع بحسن التغذية والمساواة والحرية؛ ما تحتاج إليه البشرية هو خلاص الله وتزويده الإنسان بالحياة. لا يمكن علاج احتياجات الإنسان ورغبته في الاستكشاف وخواء قلبه إلا عندما يتلقى تزويد الله إياه بالحياة وخلاصه. إذا كان شعب بلد ما أو أمة ما غير قادر على تلقي خلاص الله ورعايته، فسيتحرك هذا البلد أو الأمة نحو الانحطاط ونحو الظلام، ونتيجة لذلك سوف يفنيه الله.
ربما تكون دولتك مزدهرة في الوقت الحالي، ولكن إن تركت شعبك يضل عن الله، فإنَّ دولتك ستجد نفسها تتجرد من بركات الله بطريقة متزايدة. ستُسحق حضارتها أكثر فأكثر تحت الأقدام بفعل الإنسان، وسرعان ما سيثور شعبها ضد الله ويلعن السماء. على هذا النحو، سيُخرَّب قدر هذه الدولة، دون دراية. سيقيم الله دولًا قوية تواجه تلك الدول التي لعنها الله، حتى إنه سيمحيها من على وجه الأرض. يتوقف ازدهار دولة ما، أو أمة، أو سقوطها على ما إذا كان حكامها يعبدون الله، وما إذا كانوا يقودون شعبهم ليقترب من الله ويعبده. ولكن في هذا العصر الأخير، الذي تحاول فيه قلة قليلة عبادة الله والبحث عنه، يُنعم الله بإحسانه الخاص على الدول التي فيها المسيحية هي دين الدولة. يجمع الله تلك الدول معًا ليكوِّن المعسكر العادل نسبيًّا للعالم، بينما تصير الدول الملحدة أو تلك الدول التي لا تعبد الله خصومًا للمعسكر العادل. بهذه الطريقة لا يكون لله مكان بين البشرية لإتمام عمله فحسب، بل أيضًا يربح دولًا يمكنها ممارسة السلطة العادلة، والسماح بفرض عقوبات وقيود على تلك الدول التي تقاوم الله. ومع ذلك لا يزال عدد كبير من الناس لا يأتون إلى الله ليعبدوه لأن الإنسان قد حاد بعيدًا عن الله كثيرًا ونسيه لمدة طويلة. لا تزال على الأرض دول تمارس العدل وتقاوم الظلم، ولكن هذا بعيد كل البُعد عن رغبات الله، لأن حكام الدول لن يسمحوا لله بتوجيه شعوبهم، ولن يجمع حزب سياسي أعضاءه لعبادة الله؛ لقد فقد الله مكانه الصحيح في قلب كل دولة وشعب وحزب حاكم وحتى في قلب كل إنسان. ومع أنه توجد في هذا العالم بعض القوى العادلة، فإنَّ أي حكم لا يكون لله فيه مكان في قلب الإنسان، هو حكم هشٌّ للغاية، والمشهد السياسي الذي يفتقر إلى بركة الله هو في فوضى ولا يستطيع تحمل ضربة واحدة. وبالنسبة إلى البشر، فإن الوجود من دون بركة الله يكافئ الوجود من دون الشمس. بغض النظر عن مدى اجتهاد الحكام في المساهمات التي يقدمونها إلى شعوبهم، وبغض النظر عن عدد المؤتمرات العادلة التي تعقدها البشرية معًا، فلا شيء من هذا سيعكس التيار أو يغيّر قدر البشرية. يعتقد الإنسان أن الدولة التي يجد فيها الناس مأكلهم وملبسهم، ويعيشون فيها معًا في سلام – هي دولة جيدة، وبها قيادة جيدة. لكن الله لا يعتقد هذا؛ فالله يرى أن الدولة التي لا يعبده فيها أحد هي دولة سيبيدها. دائمًا ما تختلف أفكار الإنسان اختلافًا عظيمًا عن أفكار الله. لذلك، إذا كان رأس الدولة لا يعبد الله، فإنَّ قدر هذه الدولة سيكون مأسويًّا للغاية، وستكون هذه الدولة بلا غاية.
لا يشارك الله في سياسات الإنسان، ومع ذلك فإنه يتحكم في قدر كل دولة وأمة؛ الله يتحكّم في هذا العالم والكون بأسره. قدر الإنسان وخطة الله مرتبطان ارتباطًا لصيقًا، ولا يوجد إنسان أو دولة أو أمة يمكن أن تفلت من سيادة الله. إن رغب إنسان في معرفة قدره، فعليه أن يأتي أمام الله. فالله سيجعل أولئك الذين يتبعونه ويعبدونه يزدهرون، وسيجلب التدهور والفناء على أولئك الذين يقاومونه ويرفضونه.
استرجِع المشهد المذكور في الكتاب المقدس، حين أنزل الله الخراب على سدوم، وفكِّر أيضًا في زوجة لوط التي تحولت إلى عمود ملح. فكِّر في توبة أهل نينوى واعترافهم بخطاياهم في مسوح ورماد. وتذكر النهاية التي حلَّت باليهود بعد أن سمَّرَوا يسوع على الصليب قبل ألفي عام مضت – طُرِد اليهود من إسرائيل وفرّوا إلى بلدان في كل أنحاء العالم؛ العديد منهم قُتلوا وتعرَّضت الأمة اليهودية بأسرها إلى ألم غير مسبوق ناجم عن إبادة بلدها. لقد سمروا الله على الصليب – ارتكبوا خطيئة شنعاء – فاستفزوا شخصية الله. لقد حُمِلوا على دفع ثمن ما فعلوه وعلى تحمُّل كل تبعات أفعالهم. لقد أدانوا الله ورفضوه، فلم يكن لديهم إلا قدر واحد: أن يعاقبهم الله. كانت هذه هي النتيجة المريرة، والكارثة التي جلبها حكامهم على دولتهم وأمتهم.
اليوم، عاد الله بين الناس ليقوم بعمله. محطته الأولى في عمله هي خلاصة الديكتاتورية: الصين، الحصن المنيع للإلحاد. لقد ربح الله جماعة من الناس بحكمته وقوته. وأثناء هذه الفترة، طارده الحزب الحاكم في الصين بكل الوسائل وتعرَّض لكل أنواع المعاناة، بلا موضع يسند فيه رأسه ولا مكان ليتخذه مأوى. ومع هذا لا يزال الله يواصل العمل الذي ينوي فعله: يتحدث ويقول كلمات وينشر الإنجيل. لا يمكن لأحد أن يسبر غور قدرة الله. في الصين، الدولة التي ترى الله عدوًّا، لم يُوقِف الله أبدًا عمله، بل قد قَبِل المزيد من الناس عمله وكلمته، لأن الله يُخلِّص كل فرد في البشرية إلى أقصى حدٍّ ممكن. كلنا نؤمن أنه لا توجد دولة أو قوة بإمكانها أن تعيق ما يريد الله تحقيقه؛ وأولئك الذين يحاولون عرقلة عمل الله، والذين يقاومون كلمته، والذين يُربِكون خطة الله ويحاولون تعطيلها سيعاقبهم الله في النهاية. أي شخص يقاوم عمل الله سينفيه الله إلى الجحيم؛ أي دولة تقاوم عمل الله سيدمرها الله؛ وأي أمَّة تقوم ضد عمل الله سيمحيها الله من على هذه الأرض ولن يعود لها وجود.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. ذيل مُلحق 2: الله يسود على قدر جميع البشرية
لقد أسهمت معرفة الثقافة والتاريخ القديمين على مدى عدة آلاف من السنين في إغلاق تفكير الإنسان ومفاهيمه ونظرته الذهنية بإحكام لتصبح عصيّة على الاختراق والتحول(1). فالناس يعيشون في الدائرة الثامنة عشرة من الجحيم، كما لو أن الله قد حجبهم في الزنازين بحيث لا يرون النور أبدًا. وقد قَمَعَ التفكيرُ الإقطاعيُّ الناس حتى أصبحوا بالكاد قادرين على التنفس ويشعرون بالاختناق. ليس لديهم مثقال ذرة من القوة للمقاومة؛ ولهذا كل ما يفعلونه هو أنهم يتحمّلون ويتحمّلون بهدوء...لم يجرؤ أحدٌ أبدًا على النضال أو الدفاع عن العدالة والإنصاف. ببساطة يعيش الناس حياةً أسوأ من حياةِ الحيوان، ويتعرضون عامًا بعد عام، ويومًا بعد يوم، للصفعات وسوء المعاملة الناجمين عن نظام الأخلاقيات الإقطاعية، ولم يفكروا مطلقًا في البحث عن الله ليتمتّعوا بالسعادة في العالم الإنساني، وكأنما قد سُحِقَ الناس إلى أن غدوا كأوراق الخريف المتساقطة، والذابلة والجافة وذات اللون البني المصفر. لقد فقد الناس ذاكرتهم منذ فترة طويلة، ويعيشون بائسين في الجحيم المدعو العالم البشري، منتظرين مجيء اليوم الأخير ليهلكوا مع هذا الجحيم، كما لو أن اليوم الأخير الذي يتوقون إليه هو اليوم الذي سيتمتع فيه الإنسان بالسلام والراحة. لقد أخذت الأخلاقيات الإقطاعية حياة الإنسان إلى "الهاوية"، مما زاد في إضعاف قدرة الإنسان على المقاومة. أجبر القمعِ بجميع أشكاله الإنسانَ على السقوط تدريجيًا في أعماق الهاوية، ليزداد بعدًا عن الله، إلى أن أصبح الإنسان في يومنا هذا غريبًا تمامًا عن الله ويسارع إلى تجنبه حينما يلتقيان. لا يبالي الإنسان بالله، بل يتركه يقف وحيدًا في جانب واحد كما لو أنه لم يعرفه أو يره من قبل. ... إن المعرفة بالثقافة القديمة سرقت الإنسان خلسة من حضرة الله وسلَّمته إلى ملك الشياطين وذريته. وقد نقلت الكتب الأربعة والكلاسيكيات الخمس(أ) تفكير الإنسان وتصوراته إلى عصر آخر من العصيان؛ مما جعله يتملق أكثر من أي وقت مضى أولئك الذين صنفوا الكتب والكلاسيكيات، وزاد ذلك في سوء تصوراته عن الله. ودونما إدراك من الإنسان، قام ملك الشياطين بنزع الله من قلبه بقسوة، ثم استحوذ هو عليه تخامره غبطة الانتصار. ومنذ ذلك الحين أصبح للإنسان روح قبيحة وملامح ملك الشياطين. امتلأ صدر الإنسان بكراهية الله، ويومًا بعد يوم تغلغل حقد ملك الشياطين داخله إلى أن التهمه تمامًا؛ فلم يعد يتمتع بأدنى قدر من الحرية، ولم يعد أمامه سبيل للتحرر من شَرَكِ ملك الشياطين. لم يعد لديه خيار سوى أن يؤسر في الحال، وأن يستسلم وأن يهوي في خضوع في حضرته. منذ أمد بعيد، عندما كان قلب الإنسان وروحه لا يزالان في طور الطفولة، زَرعَ ملك الشياطين فيهما بذرة ورم الإلحاد، معلّمًا الإنسان أباطيلَ مثل "دراسة العلوم والتكنولوجيا، وإدراك الحداثات الأربع، ولا يوجد ما يُسمَّى بالإله في العالم". ليس ذلك فحسب، بل إنه يصرخ قائلًا في كل فرصة: "دعونا نعتمد على عملنا الدؤوب لنبني وطنًا جميلًا"، طالبًا من كل شخص أن يكون مستعدًا منذ الطفولة لخدمة بلده بإخلاص. أُحضر الإنسان دون قصد إلى حضرته، وقد نسب إلى نفسه الفضل دون تردد (أي فضل الله المتمثل في كونه يمسك بالبشرية كلها في يده). لم يخامرْه أي شعور بالخجل. وعلاوة على ذلك، استحوذ دون خجل على شعب الله وجرَّهم إلى منزله، حيث قفز كالفأر على الطاولة وجعل الإنسانَ يعبده كالله. يا له من مجرم! إنه ينادي بعبارات فضائحية صادمة مثل: "لا يوجد ما يسمى بالإله في العالم. تأتي الريح من تحولات ناجمة عن قوانين الطبيعة، ويتشكل المطر حين يتكثف بخار الماء عند التقائه بدرجات حرارة منخفضة فيتحول إلى قطراتٍ تسقط على الأرض. والزلزال اهتزاز لسطح الأرض بسبب التغيرات الجيولوجية، والقحط سببه جفاف الجو الناجم عن اضطراب نووي على سطح الشمس. هذه ظواهر طبيعية. أين يوجد عمل الله في كل هذا؟". حتى إن هنالك من ينادون بتصريحات مثل التصريح التالي، وهي تصريحات لا ينبغي التعبير عنها: "تطوَّرَ الإنسان من قِرَدَة في الماضي السحيق، ومنشأ العالم اليوم من سلسلة من المجتمعات البدائية التي بدأت منذ دهر جيولوجي تقريبًا. وسواء ازدهرت دولة ما أو سقطت، فهذا معتمد كليًّا على شعبها". في الخلفية يجعل الشيطانُ الإنسانَ يعلّقُ صورته على الجدران أو يضعها على الطاولات ليقدم الولاء والتقدمات له. وفي الوقت نفسه الذي يصرخ فيه الشيطان قائلًا "لا يوجد إله"، يُنصِّبُ نفسه إلهًا، دافعًا بالله خارج حدود الأرض بفظاظة، بينما يقف في مكان الله ويقوم بدور ملك الشياطين. كم هو فاقد لعقله! إنه يجعل المرء يكرهه حتى النخاع. يبدو أن الله وهو عدوّان لدودان ولا يمكنهما التعايش؛ فهو يخطط لطرد الله بعيدًا بينما يتجول بحرية خارج نطاق القانون(2). يا له من ملكٍ للشياطين! كيف يمكن تحمّل وجوده؟ لن يهدأ حتى يشوّش على عمل الله تاركًا إياه منهارًا في فوضى كاملة(3)، كما لو أنه يريد أن يعارض الله حتى النهاية المريرة، حتى تموتَ الأسماك أو تتمزّق الشبكة. إنَّه يقاوم الله عمدًا ويضغط أكثر من أي وقت مضى. لقد انكشف وجهه البغيض تمامًا منذ فترة طويلة، وأصبح الآن معطوبًا ومحطمًا(4)، وفي وضع مؤسف، إلّا أنَّهُ لن يلين في كراهيته لله، كما لو أنَّه لن يتمكن من التنفيس عن الكراهية المكبوتة في قلبه إلا إذا التهم الله في لقمةٍ واحدة. كيف يمكننا تحمّله، هذا عدو الله! لن تثمر أمنيتنا في الحياة سوى بالقضاء عليه واجتثاثه تمامًا. كيف يُمكِنُ السَّماحَ له بأنْ يَستَمِرَّ بالجري هائجًا؟ لقد أفسد الإنسان إلى درجة أن الإنسان يجهلُ شمس السماء وقد أصبح ميتًا ومتبلد الحس. لقد فقد الإنسان عقله الإنساني الطبيعي. لماذا لا نضحي بكياننا كله للقضاء عليه وحرقه كي ننهي جميع المخاوف على المستقبل ونسمح لعمل الله أن يتألّق قريبًا بصورةٍ غير مسبوقة؟ لقد حلَّت عصابة الأوغاد هذه في عالم البشر وحولته إلى حالة من الاضطراب. لقد أحضروا البشر جميعًا إلى حافة هاوية وخططوا سرًا لدفعهم وإسقاطهم عنها ليحطّموهم إربًا إربًا وليتمكنوا من التهام جثثهم. إنهم يأملون عبثًا في إنهاء خطة الله والتباري معه مقامرين بكل شيء برمية حجر نرد واحدة(5). هذا ليس سهلًا بأية حال! فالصليب قد أُعدَّ أخيرًا لملك الشياطين المذنب بارتكابه لأبشع الجرائم. لا ينتمي الله إلى الصليب، وقد ألقى به بالفعل للشيطان. لقد خرج الله منتصرًا منذ زمن بعيد قبل الآن ولم يعد يشعر بالأسى على خطايا البشرية، لكنه سوف يجلب الخلاص للبشرية جمعاء.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (7)
الحواشي:
(1) الغرض من "عصيّة على الاختراق والتحول" هنا هو السخرية، أي أن الناس جامدون في معرفتهم وثقافتهم ونظرتهم الروحية.
(2) تدل عبارة "يتجول بحرية خارج نطاق القانون" على أن الشيطان يندفع هائجًا ويجري مسعورًا.
(3) "في فوضى كاملة" تشير إلى أنه لا يمكن تحمل سلوك الشيطان العنيف.
(4) "معطوبًا ومحطمًا" تشير إلى الوجه القبيح لملك الشياطين.
(5) "مقامرين بكل شيء برمية حجر نرد واحدة" تعني مغامرة المرء بكل نقوده في رهان واحد على أمل الفوز في النهاية. هذه استعارة لخطط الشيطان الشريرة والشائنة، ويستخدم هذا التعبير على سبيل السخرية.
(أ) الكتب الأربعة والكلاسيكيات الخمس هي الكتب المرجعية للكونفوشيوسية في الصين.
بعد عدة آلاف من السنين التي ساد فيها الفساد، أصبح الإنسان فاقداً للحس ومحدود الذكاء، وغدا شيطاناً يعارض الله، حتى وصل الأمر إلى أن تمرد الإنسان على الله قد وُثِّق في كتب التاريخ، بل إن الإنسان نفسه لم يعد قادراً على إعطاء وصف كامل لسلوكه المتمرّد؛ لأن الشيطان أفسد الإنسان بشدة، وضلله إلى الحد الذي لم يعد يعرف له فيه ملاذاً يلجأ إليه. وحتى في يومنا هذا، مازال الإنسان يخون الله: عندما يحظى الإنسان برؤية الله فإنه يخونه، وعندما يعجز عن رؤية الله يخونه أيضا. بل إن هناك أناسًا بعد أن شهدوا لعنات الله وغضبه لا يزالون مستمرين في خيانته. ولذا يمكنني أن أقول إن تفكير الإنسان قد فقد وظيفته الأصلية، وإن ضمير الإنسان، أيضاً، فقد وظيفته الأصلية. إن الإنسان الذي أنظر إليه هو وحش في زيّ إنسان، إنه ثعبان سام، ومهما حاول أن يظهر مستحقًا للشفقة أمام عيني، فلن أشعر بالرحمة تجاهه مطلقاً؛ لأن الإنسان لا يمتلك القدرة على إدراك الفرق بين الأسود والأبيض، أو الفرق بين الحقيقة وغير الحقيقة. إن تفكير الإنسان مخدّر للغاية، ومع ذلك فهو لا يزال يرغب في الحصول على البركات. إن إنسانيته حقيرة جداً، ومع ذلك فهو لا يزال يرغب في امتلاك سيادة مَلِك. من هم الذين يمكن أن يصبح ملكاً عليهم بتفكير كهذا؟ كيف يستطيع بإنسانية كهذه أن يجلس على العرش؟ حقا إن الإنسان لا يعرف الخجل! إنه بائس متعجرف! نصيحتي للراغبين منكم في الحصول على البركات هي أن تبحثوا أولاً عن مرآة، وتنظروا إلى صورتكم القبيحة: هل لديك ما يلزم لكي تصبح ملكًا؟ هل لديك وجه إنسان يمكن أن ينال البركات؟ لم يطرأ أدنى تغيير على شخصيتك، ولم تضع أياً من الحق موضع التنفيذ، ومع ذلك ما زلت تتمنى في أن تحظى بغد رائع. إنك تضلل نفسك! الإنسان، الذي وُلد في مثل هذه الأرض القذرة، قد أعداه المجتمع إلى درجة خطيرة، كُيِّف بواسطة الأخلاق الإقطاعية، وتلقى التعليم في "معاهد التعليم العالي". التفكير المتخلّف، والأخلاقيات الفاسدة، والنظرة الوضيعة إلى الحياة، وفلسفة التعاملات الدنيوية الخسيسة، والوجود الذي لا قيمة له على الإطلاق، وعادات الحياة اليومية الدنيئة – كل هذه الأشياء ظلت تدخل عنوة إلى قلب الإنسان، وتتلف ضميره وتهاجمه بشدة. ونتيجة لذلك، أصبح الإنسان بعيدًا عن الله أكثر فأكثر، وراح يعارضه أكثر فأكثر، كما غدت شخصية الإنسان أكثر قسوة يومًا بعد يوم. لا أحد يتنازل عن أي شيء من أجل الله عن طيب خاطر، كما لا يوجد شخص واحد يمكن أن يخضع لله عن طيب خاطر، بل إنه لا يوجد شخص واحد يمكن أن يطلب ظهور الله عن طيب خاطر. بدلًا من ذلك، يسعى الإنسان إلى اللذة بقدر ما يشاء، تحت نفوذ الشيطان، ويفسد جسده في الوحل دونما قيد. وحتى عندما يسمع الذين يعيشون في الظلام الحق، لا يكون لديهم أي رغبة في ممارسته، ولا يميلون إلى الطلب، حتى عندما يرون أن الله قد ظهر بالفعل. كيف يكون لبشر منحطين على هذا النحو أي هامش للخلاص؟ كيف يمكن لبشر منحلين على هذا النحو أن يعيشوا في النور؟
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أن تكون شخصيتك غير متغيرة يعني أنك في عداوة مع الله
ما البشر سوى أعدائي. والبشر هم الأشرار الذين يعارضونني ويتمردون عليّ. وليس البشر سوى ذرية الشرير الذي لعنته. وليسوا سوى سلالة رئيس الملائكة الذي خانني. كذلك ليس البشر سوى إرث الشيطان الذي رفضته منذ زمن بعيد وهكذا صار عدوي الذي لا يمكن التصالح معه منذ ذلك الحين. ذلك أن السماء فوق البشر قاطبةً مكدّرة، ومظلمة من دون أدنى انطباع بالوضوح، وعالم البشر غارق في الظلام الدامس، حتى أن من يعيش فيه لا يمكنه حتى رؤية يده ممدودة أمام وجهه، ولا الشمس عندما يرفع رأسه. يتعرج الطريق تحت قدميه بالتواءات، ويمتلئ بالوحل والحُفَر؛ وتنتشر الجثث على الأرض كلها. تمتلئ الزوايا المظلمة ببقايا الموتى، واتخذت حشود الشياطين من الزوايا الباردة والمظللة مسكنًا لها. وفي كل مكان في عالم الإنسان تأتي جحافل من شياطين وتذهب. وذرية جميع أنواع الوحوش المغطاة بالقذارة عالقة في معركة عنيفة، يسبب صوتها رعبًا في القلب. أين يذهب المرء للبحث عن مصادر سعادة الحياة في مثل هذه الأوقات في عالم مثل هذا، وفي مثل هذه "الجنة الأرضية"؟ أين يمكن أن يذهب المرء ليجد وجهة حياته؟ إن البشرية، التي تداس تحت أقدام الشيطان منذ زمن بعيد، قد لعبت من البداية دور الممثل الذي يأخذ صورة الشيطان، بل وأكثر من ذلك، البشرية هي تجسيد الشيطان، وبذلك تعمل كدليل يحمل شهادة قوية وواضحة للشيطان. كيف يمكن لمثل هذا الجنس البشري، مثل هذه الحفنة من الحثالة الفاسدة، نسل هذه العائلة البشرية الفاسدة، أن تشهد لله؟ من أين يأتي مجدي؟ أين يمكن للمرء أن يبدأ في الكلام عن شهادتي؟ بالنسبة للعدو الذي، بعد أن أفسد البشر، يقف ضدي، فقد أخذ بالفعل البشر – هؤلاء البشر الذين خلقتهم منذ زمن بعيد وملأتهم بمجدي وحياتي – ولوثهم. لقد انتزع مجدي منهم، وكل ما أشبع به الإنسان هو سُم ممزوج بنكهة قبح الشيطان، وعصير من ثمرة شجرة معرفة الخير والشر. في البداية، أنا خلقت البشرية، بمعنى أنني خلقت جَدَّ البشرية، آدم. قد وُهِب شكلًا وصورة، مليئًا بالعنفوان، ومفعمًا بالحيوية، وإضافة إلى ذلك، كان في معيَّة مجدي. كان ذلك هو اليوم المجيد الذي خلقت فيه الإنسان. بعدها جُعِلَت حواء من جسد آدم، وكانت هي أيضًا جَدة الإنسان، وهكذا صار الناس الذين خلقتهم مملوئين بنَسَمتي ومفعمين بمجدي. وُلد آدم أصلاً من يدي وكان تمثيل صورتي. ومن ثمَّ، كان المعنى الأصلي لاسم "آدم" هو كائن خلقته أنا، مُشبّعًا بطاقتي الحيوية، ومفعمًا بمجدي، وله شكل وصورة، وله روح ونَسَمة. كان الكائن المخلوق الوحيد الذي يمتلك روحًا، والذي كان قادرًا على تمثيلي وحمل صورتي وتلقي نسمتي. في البداية، كانت حواء هي الإنسان الثاني الذي عيَّنتُ خلقه وقد وُهِب نَسَمة، وبالتالي كان المعنى الأصلي لاسم "حواء" أنها كائن مخلوق سيواصل مجدي، ومملوء بحيويتي، وعلاوةً على ذلك، قد مُنِح مجدي. جاءت حواء من آدم، لذلك فقد حملت صورتي أيضًا، لأنها كانت الإنسان الثاني الذي خلقته على صورتي. كان المعنى الأصلي لاسم "حواء" هو إنسان حي، له روح ولحم وعظام، وشهادتي الثانية وكذلك صورتي الثانية بين البشرية. كانا هما جدَّا البشرية، وكنز الإنسان النقي والثمين، وكانا منذ البداية كائنين حيين قد وُهِبا الروح. ومع ذلك داس الشرير على ذرية جَدَّي البشرية وأخذهم أسرى، مغرقًا العالم البشري في ظلام دامس، وجعله هكذا حتى لا يعود نسلهما يؤمن بوجودي. بل ما هو أكثر فظاعة هو أنه بينما يفسد الشرير الناس ويدوسهم، فإنه يقاتل بعنف لانتزاع مجدي وشهادتي والحيوية التي منحتها لهم، والنسمة والحياة التي نفختها فيهم، وكل مجدي الذي في العالم الإنساني، وكل دم القلب الذي أغدقته على البشرية. لم تعد البشرية في النور، وقد فقد الناس كل ما أعطيتهم، ورفضوا المجد الذي منحتهم إياه. كيف يستطيعون أن يعترفوا بأنني ربُّ كل المخلوقات؟ كيف يمكنهم أن يستمروا في الاعتقاد بوجودي في السماء؟ كيف يكتشفون تجليات مجدي على الأرض؟ كيف يمكن لهؤلاء الأحفاد والحفيدات أن يتخذوا الله الذي اتَّقاه أجدادهم على أنه الربّ الذي خلقهم؟ قام هؤلاء الأحفاد والحفيدات التعساء "بتقديم" مجدي وصورتي والشهادة التي محنتها لآدم وحواء، فضلاً عن الحياة التي أعطيتها للبشرية والتي يعتمدون عليها في وجودهم، إلى الشرير بسخاء. إنهم يغفلون وجود الشرير، ويعطون كل مجدي له. أليس هذا هو مصدر كلمة "الحثالة"؟ كيف يمكن لمثل هذه البشرية، ولمثل هؤلاء الشياطين الأشرار، ولمثل هذه الجثث المتحركة، ولمثل صور الشيطان هذه، ولأعدائي هؤلاء أن يمتلكوا مجدي؟ سأستعيد مجدي، وسأستعيد شهادتي الكائنة بين البشر، وكل ما كان لي وأعطيته للبشرية منذ زمن، أي أنني سوف أخضع البشرية تمامًا. ومع ذلك، عليك أن تعرف أن البشر الذين خلقتهم كانوا قديسين وقد حملوا صورتي ومجدي. لم ينتموا إلى الشيطان، كما أنهم لم يخضعوا لخداعه، بل كانوا تعبيرًا واضحًا عني، وغير حاملين لأدنى أثر لسُمّ الشيطان. وهكذا، أخبر البشرية بأنني أريد فقط مَنْ خلقتهم يداي، هؤلاء القديسين الذين أحبهم والذين لا ينتمون لأي كيان آخر. وعلاوة على ذلك، ستكون مسرتي فيهم وسأعتبرهم مجدي. غير أن، ما أريده ليس البشرية التي أفسدها الشيطان، والتي تنتمي للشيطان اليوم، والتي لم تعد خليقتي الأصلية. ولأنني أعتزم استرجاع مجدي الكائن في العالم الإنساني، سأخضع بالتمام الناجين الباقين من بين البشر، كدليل على مجدي في هزيمة الشيطان. أنا آخذ فقط شهادتي كالبورة لنفسي، كهدف تمتعي. هذه هي إرادتي.
لقد استغرقت البشرية عشرات الآلاف من السنين على امتداد التاريخ لتصل إلى حيث هي اليوم، لكن البشرية التي خلقتها في الأصل قد غرقت في الانحطاط منذ فترة طويلة. لقد توقفوا بالفعل عن أن يكونوا ما أريد، ومن ثمَّ لم تعد البشرية هي البشرية التي أرغب فيها، ولم يعد الناس، في نظري، يستحقون تسميتهم بشرًا. بل بالأحرى هم حثالة البشرية التي أسرها الشيطان، والجثث الفاسدة المتحركة التي يسكنها الشيطان والتي يكتسي بها. الناس لا يثقون بوجودي مُطلقًا، ولا يرحبّون بمجيئي. لا تستجيب البشرية لطلباتي إلا على مضض، ولا تتقبلها إلا مؤقتًا، ولا تشاركني بصدق في أفراح الحياة وأحزانها. ولأن الناس يرونني غامضًا، فإنهم يبتسمون لي على مضض، ويتبنون موقف التودد لمَنْ هو في السلطة، لأن الناس لا يعرفون عملي، ناهيك عن إرادتي في الوقت الحاضر. سأكون صادقًا معكم: عندما يأتي اليوم، ستكون معاناة أي شخص يعبدني أسهل من تلك التي تعانوها أنتم. في واقع الأمر، إن درجة إيمانكم فيَّ لا تتجاوز درجة إيمان أيوب، بل إن إيمان اليهود الفريسيين يفوق إيمانكم، ولهذا عندما يأتي يوم النار، فإن معاناتكم ستكون أشد من معاناة الفريسيين عندما وبخهم يسوع، ومن معاناة المائتين وخمسين قائدًا الذين عارضوا موسى، ومن معاناة سدوم تحت ألسنة النيران الحارقة التي دمرتها.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. ما يعنيه أن تكون شخصًا حقيقيًا
فأولئك الذين هم مِن إبليس يعيشون جميعًا لأنفسهم، وتأتي نظرتهم إلى الحياة ومسلَّماتهم بالدرجة الأولى من أقوال الشيطان، مثل: "اللهم نفسي، وكلٌّ يبحث عن مصلحته" "سيفعل الإنسان أي شيء ليصبح ثريًا" وغيرها من هذه المغالطات. وجميع هذا الكلام الذي نطق به ملوك الأبالسة هؤلاء والعظماء والفلاسفة قد أصبح يمثّل حياة الإنسان ذاتها. وتحديدًا، معظم كلام كونفوشيوس الذي يبجِّله الصينيون "كحكيم"، قد غدا يمثل حياة الإنسان. ثمة أيضًا الأمثال الشهيرة في البوذية والطاوية، والمقولات الكلاسيكية المذكورة كثيرًا لشخصيات شهيرة متنوعة. كل هذه هي خلاصات لفلسفات الشيطان وطبيعته. إنّها أيضًا أفضل الإيضاحات والتفسيرات لطبيعة الشيطان. هذه السموم التي غُرست في قلب الإنسان آتية كلها من الشيطان ولا يأتي أيّ منها من الله. تتعارض هذه الكلمات الشيطانية مع كلام الله تعارضًا مباشرًا أيضًا. من الواضح جليًا أنّ وقائع كل الأمور الإيجابية تأتي من الله، وكل الأمور السلبية التي تُسمِّم الإنسان تأتي من الشيطان. وبالتالي، يمكنك تمييز طبيعة الشخص وانتمائه من خلال نظرته إلى الحياة ومن قيمه. يفسد الشيطان الناس من خلال التعليم ونفوذ الحكومات الوطنية والمشاهير والعظماء؛ فقد أصبحت كلماتهم الشيطانية تمثّل حياة الإنسان وطبيعته. "اللهم نفسي، وكلٌّ يبحث عن مصلحته" مقولة شيطانيَّة معروفة غُرست في نفس كل إنسان وأصبح هذا حياة الإنسان. ثَمَّة كلمات أخرى عن فلسفات العيش تشبه تلك العبارة. يستخدم الشيطان الثقافة التقليدية لكل أمة ليُعلِّم الناس ويخدعهم ويفسدهم، فيدفع بالبشرية نحو السقوط في هوة هلاك لا قرار لها تبتلعهم، حتى يفنيهم الله في النهاية لأنهم يخدمون الشيطان ويقاومون الله.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. كيفية معرفة طبيعة الإنسان
إلى جانب استخدام جميع نتائج واستنتاجات العلم المُتنوِّعة لتضليل الإنسان، يستخدم الشيطان أيضًا العلم كوسيلةٍ لتنفيذ التدمير الغاشم واستغلال البيئة المعيشيّة التي وهبها الله للإنسان. إنه يفعل ذلك بحُجَّة أنه إذا أجرى الإنسان البحث العلميّ، فسوف تتحسَّن بيئة حياة الإنسان ونوعية حياته باستمرارٍ، بالإضافة إلى أن الهدف من التطوّر العلميّ هو تلبية الاحتياجات الماديّة اليوميّة المتزايدة للإنسان وحاجته إلى تحسين نوعيّة حياته باستمرار. هذا هو الأساس النظريّ لتطوّر العلم عند الشيطان. ومع ذلك، ماذا جلب العلم للبشريّة؟ ألم تُلوّث بيئة معيشتنا وبيئة معيشة الجنس البشري كله؟ ألم يصبح الهواء الذي يتنفَّسه الإنسان ملوثًا؟ ألم يصبح الماء الذي نشربه ملوثًا؟ هل الطعام الذي نأكله مازال عضويًا وطبيعيًا؟ معظم الغلال والخضروات تُزرَع باستخدام السماد الكيميائي وتُنَمّى باستخدام التعديل الوراثيّ، وهناك بعد الأصناف التي تُخلَّق باستخدام العلم. الخضروات والفاكهة التي نأكلها لم تعد طبيعيّة. ليس من السهل الآن أن يجد الناس بيضةً طبيعيّة يأكلونها. كما أن مذاق البيض لم يعد كما كان وذلك بعد معالجته باستخدام ما يُسمَّى بعلم الشيطان. بالنظر إلى الصورة الكبيرة، تعرَّض الغلاف الجويّ بأكمله للدمار والتلوّث؛ كما تعرَّضت الجبال والبحيرات والغابات والأنهار والمحيطات وكلّ ما فوق الأرض أو تحتها للدمار بسبب ما يُسمَّى بالإنجازات العلميّة. باختصار، كامل البيئة الطبيعية والبيئة المعيشيّة اللتان وهبهما الله للإنسان تعرَّضتا للخراب والدمار بسبب ما يُسمَّى بالعلم. على الرغم من أنه يوجد العديد من الأشخاص الذين قد حصلوا على ما تمنوه من حيث نوعيّة الحياة التي يسعون إليها، مُشبعين بذلك شهواتهم وجسدهم، فإن البيئة التي يعيش فيها الإنسان خُرّبت ودُمِّرَت بسبب "الإنجازات" المُتنوِّعة التي حققها العلم. لم يعد لدينا الآن الحقّ في تنفُّس نفسٍ واحد من الهواء النظيف. أليس هذا حزن البشر؟ هل لا تزال توجد أيّ سعادةٍ يمكن الحديث عنها للإنسان حين يكون عليهم العيش في مثل هذا النوع من المساحة المعيشيّة؟ هذه المساحة والبيئة المعيشية التي يعيش فيها الإنسان خلقها الله منذ البداية من أجل الإنسان. الماء الذي يشربه الناس، والهواء الذي يتنفَّسونه، والأطعمة المختلفة التي يأكلونها، وكذلك النباتات والكائنات الحية وحتى الجبال والبحيرات والمحيطات، كل جزء من هذه البيئة المعيشيّة وهبه الله للإنسان؛ إنها بيئة طبيعيّة وتعمل وفقًا لقانون طبيعيّ وضعه الله. من دون العلم، لظل البشر يتبعون السبل التي يمنحها لهم الله، ولكان بمقدورهم أن يتمتعوا بكل ما هو بكر وطبيعي، ولظلوا سعداء. ومع ذلك، فقد خرَّب الشيطان الآن هذا كلّه ودمَّره؛ إذ لم تعد مساحة المعيشة الأساسيّة للإنسان في حالتها الأصليّة. ولكن لا يستطيع أحدٌ أن يُدرِك ما الذي تسبَّب في هذا أو كيف حدث هذا، والمزيد من الناس يفهمون العلم ويتعاملون معه من خلال استخدام الأفكار التي غرسها فيهم الشيطان. أليس هذا بغيضًا ومثيرًا جدًّا للشفقة؟ بما أن الشيطان أخذ الآن المساحة التي يوجد فيها البشر وبيئتهم المعيشيّة وأفسدهم ليصبحوا على هذا الحال، وبما أن البشر مُستمرّون في التطوّر بهذه الطريقة، هل توجد أيّ حاجةٍ ليقوم الله شخصيًّا بتدمير هذا الجنس البشريّ؟ إذا استمرّ الناس في التطوّر بهذه الطريقة، فما الاتّجاه الذي سيتّخذونه؟ (سيُبادون). كيف سيُبادون؟ بالإضافة إلى بحث الناس الجَشِع عن الشهرة والربح، فإنهم يستمرّون في القيام بالاستكشاف العلميّ والبحث المُتعمِّق، ثم يتصرفون بطريقة تُلبي احتياجاتهم المادية وشهواتهم دون توقُّفٍ؛ فما العواقب إذًا على الإنسان؟ أوّلاً وقبل كلّ شيءٍ، لم يعد يوجد أيّ توازنٍ بيئيّ، وحين يحدث هذا، فإن أجسام الناس وأعضاؤهم الداخلية تتعرَّض للفساد والتلف بسبب هذه البيئة غير المتوازنة، وتنتشر أمراضٌ وأوبئةٌ مُعدِية مُتنوِّعة في جميع أنحاء العالم. هذا وضعٌ لا يمكن للإنسان السيطرة عليه الآن، أليس هذا صحيحًا؟ الآن بعد أن تفهموا هذا، إذا لم يتبع البشر الله بل كانوا يتبعون الشيطان دائمًا بهذه الطريقة مُستخدِمين المعرفة لإثراء أنفسهم باستمرارٍ، ومُستخدِمين العلم بلا توقُّفٍ لاستكشاف مستقبل حياة الإنسان، ومُستخدِمين هذه الطريقة لمواصلة العيش فهل يمكنكم أن تعرفوا كيف ستكون نهاية البشرية؟ سوف تنقرض البشرية بشكل طبيعي: خطوة بخطوة، ستتقدم البشرية نحو الدمار، نحو تدمير نفسها بنفسها! أليس هذا خرابًا تجلبه على نفسها؟ أليست تلك نتيجة للتقدم العلمي؟ يبدو الآن كما لو أن العلم نوعٌ من الجُرعة السحريّة التي أعدَّها الشيطان للإنسان بحيث إنكم عندما تحاولون تمييز الأشياء فإنكم تفعلون ذلك وغشاوةٍ ضبابيّة تشوش تفكيركم، ومهما أمعنت النظر فإنه لا يمكنك رؤية الأشياء بوضوحٍ، ومهما حاولت بجدّيّةٍ، لا يمكنك معرفتها. ومع ذلك، يستخدم الشيطان اسم العِلم ليثير شهيّتك ويسوقك بالإكراه في الاتّجاه نفسه على طول الطريق، نحو الهاوية ونحو الموت. وفي هذه الحالة، سيرى الناس بوضوح أن تدمير الإنسان هو بالفعل من صنع يد الشيطان؛ الشيطان هو زعيم العصابة.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (6)
ترانيم ذات صلة
الله يتحكَّم في مصير كل دولة وأمة
من يستفزّون شخصية الله يجب أن يُعاقَبوا