كلمات حول القيام بواجب

اقتباس 30

ما هو الواجب؟ الإرسالية التي يأتمن الله الإنسان عليها هي الواجب الذي ينبغي للإنسان تأديته. أيًا ما يئتمنك الله عليه، فهذا هو الواجب الذي ينبغي أن تؤديه. ولكي تؤدِّي واجبك، عليك تعلُّم أن تبقى واقعيًّا وألَّا تسعى لما هو أبعد من قُدرتك. كُفَّ عن الاعتقاد الدائم بأنَّ ما ليس لديك أفضل، والإصرار على فعل ما لا يُناسبكَ. بعض الناس يُناسبهم أن يكونوا مضيفين، ولكنَّهم يصرُّون على أن يكونوا قادة، آخرون يُلائمهم أن يكونوا ممثِّلين، ولكنَّهم يريدون أن يكونوا مُخرجين. ليس حسنًا أن تسعى على الدوام لنيل مناصبَ أعلى. على المرء أن يجد دوره ومنصبه وأن يحددهما بدقة؛ هذا ما يفعله الإنسانُ ذو العقل. بعد ذلك عليه أن يؤدُّي واجبه بصورة حسنة وبموقفٍ راسخ الثبات ليردُّ لله محبَّته ويرضيه. إن امتلك الإنسان هذا الموقفَ في أثناء تأديته لواجبه، فسيكون قلبه ثابتًا وفي سلام؛ سيستطيع قبول الحق في واجبه، وسيتمكن تدريجيًّا من أداء واجبه وفق متطلبات الله. سيكون باستطاعته التخلُّص من شخصيَّاته الفاسدة، والخضوع لكل ترتيبات الله، وأداء واجبه على النحو المناسب. هذا هو الطريق لربح رضا الله. إذا كنت قادرًا فعلًا على بذل ذاتك لله وتأدية واجبك بنظرة ذهنية صحيحة؛ نظرة ذهنية تتمثل في محبَّته وإرضائه، فسيقودك عمل الروح القدس ويرشدك، وستكون مستعدًا لممارسة الحق والتصرُّف وفق المبادئ خلال تأديتك لواجبك، وستصبح شخصًا يتقي الله ويحيد عن الشرِّ. بهذه الطريقة، ستعيش كلِّيًا شبه الإنسان الحقيقي. تتقدَّم حياة الناس تدريجيًّا بينما يقومون بواجباتهم. أولئك الذين لا يقومون بواجباتهم يعجزون عن بلوغ الحق والحياة، أيًّا كان عدد سنين إيمانهم، وذلك لأنَّهم يفتقرون إلى بركة الله. فالله لا يُبارك إلَّا أولئك الذين يبذلون أنفسهم من أجله ويؤدُّون واجباتهم بأفضل ما يستطيعون. أيًّا كان الواجب الذي تؤدِّيه، أيًّا كان ما يمكنك فعله، فلتعده مسؤوليَّتك وواجبك؛ اقبله وافعله حسنًا. كيف تفعله حسنًا؟ بفعلك إياه كما يطلب الله تمامًا؛ بكلِّ قلبك وبكلِّ فكرك وبكلِّ قوَّتك. عليك أن تتأمَّل هذه الكلمات وتنظر كيف يمكنك أن تؤدِّي واجبك بكلِّ قلبك. على سبيل المثال، إن رأيتَ شخصًا يؤدي واجبه دون مبادئ، يقوم به بغير مبالاة وبحسب مشيئته هو، وجال في خاطرك: "لا يهمني، تلك ليست مسؤوليَّتي"، فهل يمثل هذا قيامك بواجبك بكلِّ قلبك؟ لا، هذا يعكس عدم تحليك بالمسؤوليَّة. إن كنتَ شخصًا تتحمَّل المسؤوليَّة، فعندما تواجه مثل هذا الموقف ستقول: "هذا غير مقبول. قد لا يكون ذلك تحت نطاق إشرافي، لكني أستطيع إخبار قائدي بهذه المسألة وأتركه هو يتعامل معها وفق المبادئ". بعد أن تفعل ذلك، سيرى الجميع أنه كان تصرفًا ملائمًا، وسيرتاح قلبك وستكون قد أتمَّمت مسؤوليَّتك. حينها تكون قد أديت واجبك من كلِّ قلبك. إن كنت غير منتبه على الدوام – أيًّا كان العمل الذي تقوم به – وقلتَ: "إن قمت بهذا العمل بطريقة بسيطة وسريعة، فسأنجزه بمجهود أقل. ففي نهاية المطاف، لا أحد سيتفقَّده. لقد قدمتَ أفضل ما عندي بقدراتي المحدودة وبما لدي من مهارات مهنية. إنَّ إنجازه فحسب جيد بما يكفي. إضافةً إلى ذلك، لن يسألني أحد عنه أو يكون صارمًا معي بشأنه، فهو ليس بتلك الأهمِّيَّة". فهل وجود هذه النيَّة وهذه النظرة الذهنية يعني قيامك بدورك بكلِّ قلبك؟ كلَّا، هذا إهمال ولا مبالاة، وهو كشفٌ لشخصيَّتك الشيطانيَّة والفاسدة. هل يمكنك تأدية واجبك بكلِّ قلبك بالاعتماد على شخصيَّتك الشيطانيَّة؟ كلَّا، ذلك لن يكون ممكنًا. فما معنى أن تقوم بدورك بكلِّ قلبك؟ ستقول: "حتَّى وإن لم يسأل الأعلى عن هذه المَهمَّة، وهي لا تبدو مُهمَّة جدًّا من بين جميع أعمال بيت الله، لكنني سأقوم بها على نحو حسن؛ فهذا واجبي. ما إذا المَهمَّة مُهِمَّةً أم لا فهذا شأنٌ، وما إذا كنتُ أستطيع القيام بها حسنًا أو لا فذاك شأنٌ آخر". ما هو المهمُ؟ ما إذا كان بمقدورك القيام بواجبك بصورة حسنة وبكلِّ قلبك أم لا، وما إذا كان بمقدورك الالتزام بالمبادئ والممارسة بحسب الحق. هذا هو المهم. إن كان بإمكانك ممارسة الحق وفعل الأمور وفق المبادئ، فحينها تكون فعلًا مؤدِّيًا لواجبك بكلِّ قلبك. إن أديتَ نوعًا واحدًا من الواجب حسنًا، ولكنك لم تزل لا تشعر بالرضا بعد وتودُ حتى تأديةَ نوعٍ أهمٍّ من الواجب، وأنت قادر على تأدية حسنًا، فهذا حينئذٍ قيام بواجبك من كلِّ قلبك، وحتى بمستوى أعلى. لذا، إن كان بوسعك القيام بواجبك من كلِّ قلبك، فإلام يُشير ذلك؟ من جهة، يعني أنَّك تقوم بواجبك حسب مبادئ كلمات الله. ومن أخرى، يعني أنَّك قد قبلتَ تمحيص الله، وأنَّ الله موجود في قلبك، يعني أنَّك لا تقوم بواجبك فقط للتباهي، أو كيفما تشاء أو بحسب ما تفضِّله، بل بالحري، تحسبه إرساليَّةً ائتمنك الله عليها وأنت تقوم بها انطلاقًا من تلك المسؤوليَّة والقلب، لا بحسب مشيئتك، بل بالكامل وفق متطلَّبات الله. أن تؤدي واجبك من كلِّ قلبك، هو أنْ تضع قلبك بالكامل في واجبك. بعض الأشخاص لا يفهمون الحقائق عن تأدية الواجبات. إنهم يتذمرون عندما تحلُّ بهم بعض المشقات، ودائمًا ما يتسبَّبون بضجَّة حول اهتماماتهم الشخصيَّة وربحهم وخسارتهم. إنهم يفكرون: "إنْ أديتُ الواجب الذي أوكله القائد لي بصورة حسنة، فسيجلب ذلك له الشرفَ والمجدَ، ولكن من سيذْكُرني؟ لن يعلم أحد أنَّني مَن قمت بالعمل، وسيحظى القائد بالتقدير كله عنه. أليست تأديتي لواجبي على هذا النحو تَخدِم الآخرين" ما نوع هذه الشخصيَّة؟ متمرِّدة، وهؤلاء الناس هم أنواع سخيفة. لا يفهمون إرساليَّة الله بالصورة الصحيحة. لديهم رغبة مستمرَّة بأن يكونوا بمناصب السُلطة، أن يحظوا بالتقدير والمكافأة، وأن يُظهروا أنفسهم بصورة حسنة. لماذا يُركِّزون دائمًا على الهيبة والمكسب؟ يُظهر ذلك أن رغبتهم بالهيبة والمكسب شديدة، ولا يُدركون أنَّ غاية تأديتهم لواجبٍ هي إرضاء الله، أو أنَّ الله يمحِّص أعماق قلب كلِّ شخص. ينقص هؤلاء الأشخاص الإيمانَ الحقيقيَّ بالله، لذا يُصدرون أحكامهم وفق الوقائع التي يرونها بعيونهم، مما يُفضي بهم إلى تكوين آراء خاطئة. وبالتبعية، يصبحون سلبيِّين وغير فعَّالين في عملهم وعاجزين عن تأدية واجباتهم من كلِّ قلبهم ومن كلِّ قوَّتهم. لأنَّهم يفتقرون للإيمان الحقيقيِّ ولا يعرفون أنَّ الله يمحِّص أعماق قلب الناس، فيركِّزون على تأدية واجباتهم لكي يراهم الآخرون، ويجعلون المعاناة والمشقات التي يتحمَّلونها معروفة عند الآخرين، ويطلبون المديح والثناء من القادة والعاملين. يظنُّون أنَّ القيام بواجبٍ ما لا يستحق العناء إلا إن قاموا به وفق هذا الأسلوب، وليس مجيدًا إلا إن رآهم الجميع يقومون به. أليس هذا دنيء؟ إنهم يؤمنون بالله، ولكن ليس أنَّهم بلا إيمان فحسب، بل أيضًا لا يقبَلون أو يَفهمون الحق بأيِّ مستوى. كيف يمكن لأناس كهؤلاء أن يقوموا بواجبٍ بصورة حسنة؟ ألا توجد مشكلة في شخصياتهم؟ إن حاولتَ الشركة معهم حول الحق معهم وما زالوا لا يَقبلونه، فلديهم إذًا شخصيَّة شريرة. إنهم يُخفقون في تحمُّل مسؤوليَّاتهم المعقولة ولا يلتزمون بواجباتهم. عاجلًا أم آجلًا، ينبغي أن يُستبعدوا. ينبغي للذين يؤدُّون واجباتهم أن يكونوا أناسًا بإنسانيَّة طبيعيَّة. عليهم التحلي بمنطقٍ رصين وينبغي لهم أن يكونوا قادرين على الخضوع لجميع ترتيبات الله وتنظيماته. يهِبُ الله مقدرات ومواهب لأشخاص مختلفين، والناس المختلفون مناسبون بصورة أفضل ليقوموا بواجبات مختلفة. حريٌّ بك ألَّا تكون انتقائيًّا للغاية وتختارَ واجبًا بحسب ما تُفضِّل، منتقيًا القيام بالواجبات المريحة والسهلة التي تتلاءم مع رغباتك الخاصَّة. هذا خطأ. هذا ليس قيامًا بالواجب من كلِّ قلبك وهذه ليست تأدية واجبٍ. الأمر الأوَّل الذي عليك القيام به لكي تؤدِّي واجبًا هو أن تضع كلَّ قلبك فيه. بعد ذلك، بغضِّ النظر عمَّا تفعل، إن كانت مهمَّة كبيرة أو صغيرة، قذرة أو مُرهقة، مهمَّة تُتمَّم أمام الناس أو في الكواليس، مهمَّة مُهِمَّةٌ أو غير مهمَّةٍ، عليك اعتبارها جميعًا واجبًا لك وتلتزم بمبدأ القيام بها من كلِّ قلبك ومن كل فكرك ومن كل قوَّتك. وبعد أن تؤدِّي واجبك، إن انتهى بك الأمر شاعِرًا بأن ضميرك غير صافٍ تمام الصفاء بخصوص بعض العمل الذي قمت به، وأنَّ بعض عملك لم يُتمَّم بصورة حسنة ونتائج جهودك ليست جيِّدة جدًّا، رغمَ وضعك كلَّ قلبك فيه، فماذا عليك أن تفعل؟ يفكر بعض الناس: "حسنًا، لقد وضعت كلَّ قلبي في واجبي، ولكن النتائج لم تكن جيِّدة جدًّا. ليست مشكلتي. هي بين يديِّ الله الآن". ما نوعُ هذا الرأي؟ هل هذا هو الرأيُّ الصائبُ؟ إنهم لا يبذلون أنفسهم فعلًا لأجل الله لأنَّهم غير راغبين بطلب الحق ليحلُّوا المشاكل، إنهم هم غير راغبين بإرضاء الله ولا تزال لديهم وجهة نظر غير مبالية وغير مكترثة حيال واجبهم. يبدو أن هذه الفئات من الناس تفتقر للقلب. عندما نتحدَّث عن قيامك بواجبك من كل قلبك، فذلك يعني قلبك بأكمله، لا يمكنك أن تقوم بواجبك بنصف قلب، عليك أن تُكرِّس نفسك، وتُؤدي واجبك بعناية، وتُظهِر ولاءك، متبنِّيًا موقفًا مسؤولًا لضمان أنَّ المهام تمَّت بصورة حسنة، محقِّقًا النتائج التي عليك تحقيقها. وعندها فقط يمكن أن يُدعى ذلك تأدية واجبٍ من كل قلب المرء. إن رأيتَ أنَّ نتائج عملك ليست جيِّدة وفكرت في نفسك: "لقد قمت بأفضل ما في وسعي. لقد ضحَّيتُ بالنوم، وتخلَّيتُ عن وجباتِ طعامٍ، وسهرتُ لوقتٍ متأخِّرٍ، تأخرتُ أحيانًا في حين ذهب الآخرون ليسترخوا ويتمشُّوا. لقد تحمَّلتُ مشقات ولم أكن طماعًا بوسائل الراحة الجسديَّة. وذلك يعني أنَّني قمت بواجبي من كلِّ قلبي". هل هذا الرأيُ صائب؟ لقد استثمرتَ وقتك وكدحتَ. ظاهريًّا، تبدو كأنَّك اجتزت في تلك المشاعر كلها، ولكن النتائج التي حصلت عليها ليست جيدة، ولا تتقبَّل المسؤولية لذلك ولا يعنيك ذلك. هل هذا عملكَ لواجبك من كلِّ قلبك؟ (كلَّا). هذا ليس قيامًا بواجبك من كلِّ قلبك. عندما يُحدِّد الله إن كان شخصٌ ما يقوم بأمرٍ من كلِّ قلبه، فما الذي يَنظر إليه؟ من جهة، يَنظر إن كنتَ قد باشرتَ هذا الأمرَ بإخلاصٍ وبموقفٍ مسؤول. من جهة أخرى، ينظر إلام تفكر بينما تقوم به، إن كنت تؤدِّي بعناية الواجب الذي عليك تأديته، وفيما لو كنت تفعله باستمرار حسب مبادئ الحق، وإن كنت، عندما تواجه المشقات، تطلب الحق بيقظة لتحلَّ المشاكل لكي تستطيع تأدية واجبك حسنًا. الله يراقِب ويمحِّص أثناء قيام البشر بالأمور. إنه ينظر إلى قلوبهم طيلة الوقت. رغم أنَّ الناس لا يعرفون ذلك، يمكنهم أحيانًا أن يشعروا بفحصه. بعض الناس يتَّسمون على الدوام بالإهمال وعدم المبالاة في واجباتهم، وفي نهاية المطاف، يُرتِّبُ الله بيئة ليُكشفوا. في تلك اللحظة، يَشعرون بتخلِّيه عنهم، ويرى الجميع أنَّهم لا يشبهون المؤمنين، وأنَّهم يُشابهون غير المؤمنين والشياطين وإبليس. تُستبعَد فئات الناس هذه أثناء تأديتها لواجباتها. بعض الناس يتفكرون في أنفسهم أثناء تأدية واجباتهم. أحيانًا ما تكون النتائج التي يحصلون عليها غير جيِّدة، أو تظهر مشكلة، ويمكنهم أن يشعروا بها في قلوبهم، ويفكِّرون: "هل عدتُ لأكون غير مكترثٍ وغير مبالٍ من جديد؟" إنهم يَشعرون بالتأنيب. كيف يحدث ذلك؟ الله يفعل ذلك، هذه استنارة الروح القدس. لماذا إذًا يُنيرك الله؟ على أيِّ أساس ينيرك؟ ضمن أيِّ سياقٍ يُؤنبك؟ ينبغي أن تتحلَّى بالذهنية السليمة وتقول: "عليَّ القيام بواجبي من كلِّ قلبي، وذلك يعني قيامي به حسب الحق. هل أنجزتُ واجبي حقًّا من كلِّ قلبي؟" إن كنتَ تتأمل هكذا دائمًا، فسيُنيرك الله، ويجعلك تفهم "لم أقم بتلك المهمة من كلِّ قلبي. ظننتُ أنني أؤدِّي جيِّدًا جدًّا، وأُعطي لنفسي تقييمًا 99 من 100. ولكن الآن أرى أنَّ الحال ليس كذلك، ففي الواقع كنتُ بالكادِ مقبولًا". عندئذٍ فحسب ستكتشف عدم رضا الله. هذه استنارة الله وسماحه لك بإدراك كم ستُحسِن فعلًا تأدية واجبك وكم لا تزال بعيدًا عن متطلَّباته. إن أخفقَ شخص في بلوغ أدنى المقاييس في تأدية واجبه، هل سيُنيره الله بعد؟ على الأرجح لا. من الذي يُنيره اللهُ؟ أوَّلًا، أولئك الذين يُحبُّون الحقَّ. ثانيًا، أولئك الذين لديهم موقف الطاعة. ثالثًا، أولئك الذين يتوقون للحق. رابعًا، أولئك الذين يفحصون أنفسهم ويتفكرون فيها من كلِّ الجوانب. هذه هي فئات الناس الذين يمكنهم أن يحظوا باستنارة الله. بالتطبيق والاختبار بهذه الطريقة، فإن اختبارك الشخصيَّ لقيامك بواجبك من كلِّ قلبك -هذا الجانبُ من ممارسة الحقِّ وجانبُ الواقع هذا- سينمو أكثر فأكثر. تدريجيًّا، سيتضح لك أيٍّ الناس يقومون بواجباتهم من كل قلوبهم وأيٌّ منهم لا يفعلون، ومواقف الأفراد المختلفين وأنماط سلوكهم تُجاه تأدية الواجبات. عندما تَعرِف نفسك، ستستطيع تمييز الآخرين، وستصبح شديد التدقيق بواجبك أكثر فأكثر. لن تفوت عليك ملاحظة أصغر حالة إهمال أو لا مبالاة، وستكون قادرًا على طلب الحق لمعالجتها. ستكون قادرًا على التعامل مع الأمور بحسب المبادئ بينما تؤدي واجبك، وستكون ممارسًا للحق أكثر فأكثر، وسيكون قلبك ثابتًا وفي سلام. إن علمتَ في قلبك يومًا ما أنَّك لم تؤدِّ واجبك جيِّدًا، ما الذي ينبغي عليك فعله؟ عليك التأمل في الأمر، والبحث عن معلومات، وطلب النصيحة من الآخرين، وثمَّ دون أن تشعر ستربح فهمًا للمسألة. ألن يُساعدك ذلك في تأدية واجبك؟ (بلى). سيكون مفيدًا. سيكون هذا هو الحال أيًّا كان الواجب الذي تؤدِّيه. طالما أنَّ الناس يقومون بواجباتهم من كلِّ قلوبهم، ويطلبون مبادئ الحقِّ ويثابرون في جهودهم، فسيحقِّقون النتائج في نهاية المطاف.

اقتباس 34

ثمة أناسٌ ليسوا على استعداد للمعاناة مطلقًا في أداء واجباتهم، ويتذمرون دومًا كلما واجهتهم مشكلة، ويرفضون دفع الثمن. أي نوع من المواقف هذا؟ إنه موقف اللامبالاة والاستهتار. إذا أديت واجبك بلا مبالاة وباستهتار، وعاملته بموقف الاستخفاف، فكيف ستكون النتيجة؟ سيكون أداؤك لواجبك ضعيفًا على الرغم من قدرتك على أدائه بشكل جيد، وبذلك لن يرتقي أداؤك إلى المستوى المطلوب، وسيكون الله مستاءً جدًّا من الموقف الذي تتخذه تجاه واجبك. لو أنك استطعت الصلاة إلى الله، والسعي إلى الحق، ووضعت قلبك وعقلك بالكامل فيه، وتمكنت من التعاون على هذا النحو، لَأعدّ الله لك كل شيء مسبقًا بحيث يقع كل شيء في مكانه المناسب عندما أثناء معالجتك للأمور، وتظفر بنتائج جيدة. لم تكن بحاجة إلى بذل قدر كبير من الطاقة؛ ولو بذلت وسعك في التعاون، لرتب الله لك بالفعل كل شيء. أما إذا كنت مراوغًا ومتكاسلًا، ولم تهتمّ بواجبك كما ينبغي، وسلكت دائمًا الطريق الخاطئ، فلن يعمل الله عندئذ فيك؛ وستضيع منك هذه الفرصة، وسيقول الله: "أنت لست صالحًا، ولا يمكنني استخدامك. اذهب وتَنَحَّ جانبًا؛ فأنت تحب أن تكون مخادعًا ومتكاسلًا، أليس كذلك؟ أنت تحب أن تكون كسولًا وتأخذ الأمور ببساطة، أليس كذلك؟ حسنًا، إذنْ، خذ الأمور ببساطة إلى الأبد!". سيعطي الله هذه النعمة والفرصة لشخص آخر. ماذا تقولون: هل هذه خسارة أم فوز؟ (خسارة). إنها خسارة فادحة!

يُكمِّل الله أولئك الذين يحبونه بصدق، وجميع أولئك الذين يسعون إلى الحق، وذلك في مجموعة من البيئات المختلفة. إنه يُمكِّن الناس من اختبار كلماته عبر بيئات وتجارب مختلفة، وأن يربحوا بهذه الطريقة فهمًا للحقيقة، ومعرفةً حقيقية به، وأن يربحوا الحق في نهاية المطاف. إذا اختبرت عمل الله بهذه الطريقة، فستتغير شخصيتك الحياتية، وستتمكن من ربح الحق والحياة. ما مقدار ما ربحتموه خلال سنوات الاختبار هذه؟ (الكثير). إذن، ألا يستحق ذلك تحمُّل قدرٍ ضئيل من المعاناة ودفع ثمن قليل في أثناء أداء واجبك؟ ماذا ربحت في المقابل؟ ما مقدار ما فهمته من الحقيقة؟ هذا كنز لا يُقدَّر بثمن! ما الذي يرغب الناس في ربحه عبر الإيمان بالله؟ أليس الهدف أن يربحوا الحق والحياة؟ هل تظن أن بإمكانك ربح الحق دون اختبار هذه البيئات؟ لا يمكنك ذلك مطلقًا. عندما تحلُّ بك بعض الصعوبات الخاصة أو تواجهك بعض البيئات المحددة، إذا كان موقفك دومًا هو أن تتجنبها أو تهرب منها، أو أن تحاول يائسًا أن ترفضها وتتخلص منها – إذا كنت لا ترغب في أن تضع نفسك تحت رحمة ترتيب الله، وكنت غير مستعد للخضوع لترتيب الله وتنظيمه، ولا ترغب في أن تدع الحق يكون سلطانًا عليك – إذا أردت دومًا أن تكون صاحب القرار وأن تتحكم في كل شيء يتعلق بك وفقًا لشخصيتك الشيطانية، إذن فستكون عواقب ذلك، إن عاجلاً أو آجلاً، أن الله سيستبعدك بالتأكيد أو سيدفعك إلى الشيطان. إذا فهم الناس هذا الأمر، فيتعيّن عليهم أن يرجعوا سريعًا ويتبعوا طريقهم في الحياة وفقًا للمسار الصحيح الذي يتطلّبه الله. هذا هو المسار الصحيح، وعندما يكون المسار صحيحًا، فهذا يعني أن الاتجاه صحيح. قد تكون هناك عقبات في الطريق وصعوبات خلال هذه الفترة، وربما يتعثّرون أو يشعرون بالسخط في بعض الأوقات وتنتابهم مشاعر سلبية لعدة أيام. ما دام بإمكانهم المواظبة على أداء واجبهم وعدم تأجيل الأشياء، فستصبح هذه المشكلات كلها غير مهمة، لكن يتعيّن عليهم التفكّر في أنفسهم فورًا، والسعي إلى الحق لحلّ هذه المسائل، ويجدر بهم الابتعاد كل البُعد عن التأجيل، أوالاستسلام، أو التخلّي عن واجبهم. هذا أمر بالغ الأهمية. إذا جال في خاطرك: «الشعور بالسلبية والضعف ليس بالأمر الجلل؛ إنها مسألة داخلية. لا يعلم الله عنها شيئًا. وبالنظر إلى مقدار معاناتي في الماضي والثمن الذي دفعته، فسيكون متساهلاً معي بالتأكيد»، وإذا استمر هذا الشعور بالضعف والسلبية، ولم تسْع إلى الحق أو إلى تعلُّم الدروس في البيئات التي رتّبها الله لك، فستُضيِّع فرصك مرةً تلو الأخرى، ومن ثمَّ ستُضيِّع كل الفرص التي أراد الله أن يُكمِّلك عبرها وستخرّبها وتفسدها. ماذا ستكون عواقب ذلك؟ سيصبح قلبك أكثر ظُلمة وقتامة، ولن تشعر بعدها بحضور الله في صلواتك، وستكون سلبيًا لدرجة أن أفكارك ستكون ممتلئة بالشر والخيانة. بعدها ستجد التعاسة الشديدة تحاصرك، وستشعر أنك عاجز تمامًا وغاضب بشدة. ستشعر أنك بلا طريق أو اتجاه، وأنك عاجز عن رؤية أي بصيص من الضوء أو بارقة أمل. أليس من المرهِق أن تعيش بهذه الطريقة؟ (بلى). أولئك الذين لا يتّبعون المسار المستنير للسعي وراء الحق سيعيشون إلى الأبد تحت نفوذ الشيطان، في خطيئة وظُلمة أبديّتين، ودون أي أمل. هل يمكنكم فهم معاني هذه الكلمات؟ (يجب عليَّ السعي إلى الحق وأداء واجبي من كل قلبي وعقلي). عندما يحلّ بك واجب، وتؤتمن عليه، فلا تفكِّر في كيفية تجنب مواجهة الصعوبات؛ إذا كان هناك شيء يصعب التعامل معه، فلا تنحِّه جانبًا وتتجاهله. بل يجب عليك مواجهته وجهًا لوجه. عليك أن تتذكر، في جميع الأوقات، أن الله مع الناس، وأنهم لا يحتاجون إلّا إلى الصلاة والطلب من الله إن تعرّضوا لأي مصاعب، وأنه لا شيء صعب مع الله. يجب أن يكون لديك هذا الإيمان. لما كنتَ تؤمن أن الله حاكم كل الأشياء، فلماذا لا تزال تشعر بالخوف عندما يصيبك شيء، وتشعر أنك ليس لديك ما تعتمد عليه؟ هذا يثبت أنك لا تعتمد على الله. إذا لم تتّخذه سندًا لك وإلهًا، فإنه ليس إلهك إذن. مهما كانت المواقف التي تواجهها في الحياة الحقيقية، فيتعيّن عليك أن تقف أمام الله مرارًا من أجل الصلاة والسعي إلى الحق. حتى إذا فهمت الحق وربحت شيئًا يتعلق بمسألة واحدة فقط كل يوم، فلن يكون هذا الوقت ضائعًا! ما مقدار الوقت الذي تتمكّنون فيه يوميًا من الوقوف أمام الله الآن؟ كم مرة تقفون أمام الله في اليوم الواحد؟ هل حققتم أية نتائج؟ إذا كان الشخص نادرًا ما يقف أمام الله، فستصبح روحه يابسة ومظلمة للغاية. عندما تكون الأمور كلها على ما يرام، يضل الناس طريق الله ويغفلونه، ولا يسعون إليه إلا عندما تطرأ صعوبات. هل هذا إيمان بالله؟ هل هذا اختبار لعمل الله؟ هذه تجلّيات الملحدين. ومحالٌ – في ظل هذا النوع من الإيمان بالله – أن يربح الشخص الحق والحياة.

عندما لا يفهم الناس الحق أو لا يمارسونه، فغالبًا ما يعيشون وسط شخصيات الشيطان الفاسدة. إنهم يعيشون ضمن فخاخ شيطانية متنوعة، وهم يفكرون بمستقبلهم وكبريائهم ومكانتهم ومصالحهم الأخرى، ويُجهدون أذهانهم بشأن هذه الأشياء. لكن إن طبّقت هذا التوجُّه على واجبك وعلى طلب الحق والسعي إليه، فستربح الحق. على سبيل المثال، أنت تُطيل التفكير لتحقيق ربْح شخصي زهيد؛ فتفكر فيه بعناية وبدقة، حيث تخطط كل شيء بصورة مثالية، وتبذل فيه الكثير من الفكر والجهد. ولو أنك بذلت هذا الجهد نفسه في تأدية واجبك والسعي إلى الحق من أجل حل المشكلات، فسترى أن موقف الله تجاهك مختلف. يتذمر أناس من الله باستمرار ويقولون: «لماذا يكون طيبًا مع الآخرين ولكن ليس معي؟ لماذا لا ينيرني مطلقًا؟ لماذا أنا ضعيف دائمًا؟ لماذا لست صالحًا مثلهم؟» ما السبب في ذلك؟ لا يتحيّز الله إلى أحد. إذا لم تقف أمام الله، وأردت دومًا أن تعالج الأمور التي تصيبك بنفسك، فلن ينيرك. وسينتظر حتى تأتي لتصلّي وتتضرّع إليه، وحينها سيمنحك طلبك. ما نوع الأناس الذين يحبهم الله؟ ماذا ينتظر الله أن يطلب الناس منه؟ هل يريدهم أن يطلبوا النقود، والراحة، والجاه، والمكسب، والمتعة، مثل أولئك الأشخاص الوقحين؟ يستاء الله عندما يطلب منه الناس مثل هذه الأشياء. وأولئك الذين يسعون لطلب هذه الأشياء من الله وقحون، إنهم أدنى جميع الناس منزلةً، ولا يريدهم الله. بل إنه يريد الناس الذين يمكنهم اليقظة بعد الخطيئة، وطلب الحق وقبوله منه – هؤلاء هم أنواع الناس الذين يقبلهم الله. يجب أن تكون صلاتك: «يا الله، لقد أفسدني الشيطان بشدة، وكثيرًا ما أعيش وسط شخصياتي الفاسدة. وأنا غير قادر على التغلب على مختلف غوايات السمعة والمكانة ولا أعرف كيف أتعامل معها. أفتقر إلى فهم مبادئ الحق. أتضرّع إليك أن تنيرني وترشدني»، و«أنا مستعد لأن أؤدي واجبي، لكنني أشعر أنني غير كفؤ – أولاً لأن قامتي ضئيلة جدًا، وثانيًا أفتقر إلى فهم هذا المجال. أخشى ألّا أُحسِن التصرف. أتضرّع إليك أن تمنحني هدايتك وعونك». ينتظر الله منك أن تأتي وتسعى إلى الحق. عندما تقف أمام الله وتسعى بقلب صادق، فسينيرك ويضيئك، وحينها سيكون لديك طريق، وستعرف كيف تؤدي واجبك. إذا كنت تبذل الجهد باستمرار فيما يتعلق بالحق، وتقف بحالتك الحقيقية بين يدي الله في الصلاة، وتطلب هدايته ونعمته، حينها وبهذه الطريقة ستبدأ تدريجيًا في فهم الحق وممارسته، وما تحيا بحسبه سيكون شبه الإنسان، والإنسانية الطبيعية، وواقع الحق. أما إذا لم تراع مشيئة الله، ولم تسْعَ إلى الحق، وواصلت التخطيط والتفكّر مليًا وبذل الفكر والاجتهاد لأجل مصالحك المختلفة، بل ووهبت حياتك لها، وفعلت كل ما يلزم من أجلها، فلعلك تربح احترام الناس حينها، إلى جانب مختلَف المزايا وأشكال الفخر – لكن أيُّهما أهم: هذه الأشياء أم الحق؟ (الحق). يفهم الناس هذا التعليم، ومع ذلك لا يسعون إلى الحق، بل يثمّنون مصالحهم ومكانتهم. إذن، هل يفهمون الأمر حقًا، أم أنه فهم زائف؟ (إنه فهم زائف). إنهم جاهلون في الواقع. ولا يرون الأمر بوضوح. عندما يتمكنون من رؤية ذلك بوضوح، فسيكونون قد ربحوا القليل من المكانة. يقتضي ذلك منهم السعي إلى الحق، وبذل الجهد من أجل كلمة الله؛ لا يمكنهم أن يكونوا أغبياء ومستهترين. إذا لم تسْعَ إلى الحق، ويأتي يوم يقول فيه الله: «لقد أتمَّ الله قول كلامه، ولا يرغب في قول المزيد إلى هذه البشرية، أو فعل المزيد، وقد حان الوقت لفحص عمل الإنسان»، فسيكون قدَرك أن تكون مُستبعدًا. مهما بلغ عدد مؤيديك، أو عدد المواهب والخصال التي تتحلى بها، أو مهما كان مستوى تعليمك، أو مكانتك، أو مهما ارتفع شأنك في هذا العالم، فلن ينفعك أيٌّ من هذه الأشياء. وستدرك في ذلك الوقت أهمية الحق وقيمته النفيسة، وستفهم أنك إذا لم تكن قد ربحت الحق، فليس لك شأن مع الله، وستدرك إلى أي مدى يكون الإيمان بالله دون ربح الحق أمرًا مؤسفًا ومأساويًّا. في هذه الأيام، يراود الكثير من الناس بالفعل شعور طفيف بذلك في قلوبهم، لكن هذا الشعور لم يوقظ فيهم العزيمة حتى الآن للسعي إلى الحق. لم يشعروا في أعماق قلوبهم بأهمية الحق وقيمته النفيسة. لا يكفي قليل من الوعي؛ بل يجب على المرء أن يرى بصدقٍ جوهر هذا الأمر بوضوح. وعندما تفعل ذلك، ستعرف جانب الحق الذي يمكنك استخدامه لحل هذه المشكلة. الحق وحده قادرٌ على حل مختلف الصعوبات التي تواجه الناس، ومعالجة أفكارهم الخاطئة المختلفة، وآرائهم ضيقة الأفق، وشخصياتهم الفاسدة، فضلاً عن مشكلات عديدة تتعلق بالفساد. فمجرد السعي إلى الحق ومواصلة استخدام الحق لحل المشكلات يجعلكم قادرين على نبذ شخصياتكم الفاسدة والخضوع لله. إذا اعتمدت فقط على الأساليب الإنسانية والقيود الإنسانية لحل أية مشكلات تواجهك، فلن تتمكن مطلقًا من معالجة هذه الصعوبات والشخصيات الفاسدة. يقول بعض الناس: «إذا قرأتُ المزيد من كلام الله، وقضيت ساعات عدّة في قراءته كل يوم، هل سأتمكن حتمًا من تحقيق تغيير في الشخصية؟» يعتمد ذلك على طريقة قراءتك لكلام الله، وما إذا كنت قادرًا على فهم الحق وممارسته. أما إذا كنت تمر مرور الكرام فقط عند قراءة كلامه ولا تسعى إلى الحق، فلن تربح الحق حينها، وإذا لم تربح الحق، فإن شخصيتك الحياتية لن تتغير مطلقًا. خلاصة القول إنه يتعيّن على المرء حتمًا السعي إلى الحق، وعليه السعي إلى الحق وممارسته حتى يحقق التغيير في الشخصية. أما مجرد قراءة كلام الله دون ممارسة الحق فلن تفي بالغرض. إن محاكاة الفريسيّين، الذين تخصصوا في وعظ الآخرين بكلمة الله وإخبارهم كيف يمارسونها دون أن يطبقوا ذلك بأنفسهم، لهو الطريق الخاطئ. يطلب الله من الناس أن يقرأوا كلامه أكثر حتى يفهموا الحق ويمارسوه ويعيشوا واقع الحق. إن طلب الله من الناس أن يدخلوا في واقع الحق، وأن يتبعوا طريقه، وأن يسيروا في الطريق الصحيح في الحياة؛ وهو السعي إلى الحق، مرتبطٌ ارتباطًا مباشرًا بطلبه أن يمارس الناس ببذل كل قلوبهم وقوتهم عند تأدية واجباتهم. وعند اتباع الله، يجب أن يختبر الناس عمله من خلال تأدية واجباتهم، حتى يتمكنوا من إحراز الخلاص والوصول إلى الكمال.

اقتباس 39

بعض الناس لا يسلكون سلوكًا حسنًا أبدًا عندما يتعلق الأمر بواجباتهم، بل دائمًا ما يبحثون عن أشياء جديدة لكي يميزوا أنفسهم عن الآخرين، ويطرحون أفكارًا رنانة. هل هذا شيء جيد؟ وهل يمكنهم التعاون بانسجام مع الآخرين؟ (لا يمكنهم ذلك). ما نوع الشخصية التي يظهرها المرء إذا ما تكلم بآراء رنانة؟ (الغطرسة والبر الذاتي). إنها الغطرسة والبر الذاتي. وما طبيعة تصرفاته؟ (إنه يسعى إلى ترسيخ استقلاله، والتعبير عن ذاته وفرديته، وتكوين عصبته الخاصة). والمقصود بتكوين عصبته الخاصة هو دفع الآخرين لطاعته وعدم التعامل مع الأمور وفقًا لمبادئ الحق. إن هدفه وغايته هما ترسيخ استقلاله والتعبير عن ذاته وفرديته، ومن ثمَّ تنطوي أفعاله على الإخلال بنظام الأشياء. وما المقصود بالإخلال بنظام الأشياء؟ يشير هذا المفهوم إلى إحداث الدمار، فهو ينطوي على طبيعة الإخلال والاضطراب. إنَّ غالبية المشكلات يمكن حلها عادةً من خلال عقد الشركة والمناقشات الجماعية؛ حيث تتوافق معظم القرارات التي تُتخذ مع مبادئ الحق، التي هي صحيحة ودقيقة، لكن بعض الأشخاص يقاومون هذا الإجماع باستمرار، وهم بفعلهم هذا لا يتجنبون طلب الحق فحسب، إنما يتجاهلون أيضًا مصالح بيت الله. إنهم يسهبون في طرح نظريات غريبة ليبرزوا ويدفعوا الآخرين إلى تقديرهم. إنهم يريدون معارضة القرارات الصحيحة التي اتُخذت ودحض الاختيارات التي اتخذها الجميع. هذا هو المقصود بالإخلال بنظام الأشياء وإحداث الدمار وخلق العراقيل والاضطرابات. هذا هو جوهر طرح الأفكار الرنانة؛ ما المشكلة إذن في هذا النوع من السلوك؟ أولاً، أنهم يكشفون عن شخصية فاسدة وافتقار تام إلى الطاعة، وإضافة إلى ذلك، يرغب هؤلاء الأشخاص العنيدون في أن يبرزوا دائمًا وأن يجعلوا الآخرين يقدرونهم، ونتيجةً لذلك يعرقلون عمل الكنيسة ويربكونه. إنهم – بدون الحق – عاجزون عن رؤية جوهر الأمور، لكنهم يصرون على طرح الأفكار الرنانة للتباهي بأنفسهم، ولا يطلبون الحق على الإطلاق. أليس هذا تصرفًا اعتباطيًا ومتهورًا؟ إنَّ تعلم المرء التعاون مع الآخرين أمر ضروري لأداء واجباته جيدًا. ذلك أنَّ النقاش بين شخصين دائمًا ما يولِّد منظورًا يفوق في شموله ودقته وجهة نظر الشخص الواحد للأمور. إذا أراد شخص ما أن يتصرف دائمًا على نحو غير توافقي أو اعتاد طرح الأفكار الرنانة ليجعل الآخرين يتبعونه، فهذا أمر خطير، ويعني أنه يسير في طريق خاص به وحده. لا بد للمرء أن يناقش كل ما يفعله مع الآخرين، وأن يستمع أولاً إلى ما يقوله الجميع. إذا كان رأي الأغلبية صحيحًا ويتوافق مع الحق، فعليك قبوله والخضوع له. ومهما يكن من أمر، فلا تطرح الآراء الرنانة، إذ إنَّ القيام بذلك ليس بالأمر الجيد أبدًا في أي مجموعة من الناس. عندما تعظ بفكرة رنانة، فقد تُعد مقبولة إذا كانت تتماشى مع مبادئ الحق وتحظى بموافقة الأغلبية، لكن إذا كانت تتعارض مع مبادئ الحق وتضر بعمل الكنيسة، فيجب أن تتحمل المسؤولية عنها وتواجه عواقب أفعالك. علاوةً على ذلك، فإن طرح الأفكار الرنانة من المشكلات المتعلقة بالشخصية، فهو يثبت أنك لا تمتلك واقع الحق، وأنك تعيش على أساس شخصيتك الفاسدة بدلاً منه. أنت تحاول بطرحك للأفكار الرنانة قيادة الآخرين، وأن تكون في موقع السيطرة، وتحاول أيضًا التعبير عن ذاتك وفرديتك وخلق دائرة تأثيرك الخاص؛ إذ تريد أن تجعل شعب الله المختار بأكمله يستمع إليك ويتبعك ويطيعك. إنك بذلك تسير في طريق ضد المسيح. هل أنت واثق من قدرتك على إرشاد شعب الله المختار للدخول إلى وقائع الحق؟ وهل يمكنك قيادتهم إلى ملكوت الله؟ أنت نفسك تفتقر إلى الحق، وأنت قادر على القيام بأشياء لمقاومة الله وخيانته. إذا كنت لا تزال ترغب في قيادة شعب الله المختار في هذا الطريق، أفلا تصبح بذلك خاطيًا كبيرًا؟ بولس قد أصبح خاطيًا كبيرًا ولا يزال يتحمل عقاب الله. إذا سرت في طريق ضد المسيح، فأنت تسير في طريق بولس، ولن تختلف آخرتك ونهايتك عن آخرته ونهايته. ولهذا، يجب على أولئك الذين يؤمنون بالله ويتبعونه ألا يطرحوا أفكارًا رنانة، بل يجب عليهم أن يتعلموا طلب الحق وقبوله والخضوع للحق والله كليهما. وبهذا فقط يمكنهم ضمان أنهم لا يسلكون طريقهم الخاص، وأنهم يستطيعون اتباع الله دون الانحراف في أي من الاتجاهين إلا من خلال القيام بذلك. إنَّ بيت الله يستلزم من الناس أن يتعاونوا بانسجام في أداء واجباتهم. هذا أمر ذو مغزى، وهو أيضًا الطريق الصحيح للممارسة. ففي الكنيسة، من الممكن أن تأتي استنارة الروح القدس وإرشاده على أي شخص من أولئك الذين يفهمون الحق ولديهم القدرة على الفهم. يجب أن تتمسك باستنارة الروح القدس وإضاءته، وأن تتبعه عن كثب، وتتعاون معه عن قرب. عندما تعمل هذا، ستكون سائرًا على أصح المسارات؛ المسار الذي يوجهه الروح القدس. انتبه بشكل خاص لكيفية عمل الروح القدس في أولئك الذين يعمل فيهم وإرشاده لهم. يجب عليك أن تشارك مع الآخرين في كثير من الأحيان، حيث تُقدِّم الاقتراحات وتُعبِّر عن آرائك الخاصة – فهذا واجبك وهو تحررك. ولكن في النهاية، عندما يلزم اتخاذ قرار؛ فأنت تنتهك المبادئ إن كنت أنت وحدك من يصدر الحكم النهائي؛ بحيث تجعل الجميع يفعلون مثلما تقول ويكونون وفق إرادتك. يجب عليك اتخاذ الاختيار الصحيح بناءً على ما تراه الأغلبية، ثم اتخاذ القرار. وإذا لم تتوافق اقتراحات الأغلبية مع مبادئ الحق، فيجب عليك أن تتمسك بالحق. هذا فقط هو ما يتوافق مع مبادئ الحق. إذا كنت تطرح الأفكار الرنانة دائمًا، وتحاول شرح بعض النظريات المعقدة لإبهار الآخرين، بينما تشعر في قلبك أن هذا خطأ في واقع الأمر، فلا تجبر نفسك على أن تكون في دائرة الضوء. هل هذا هو الواجب الذي ينبغي أن تؤديه؟ ما هو واجبك؟ (أن أبذل كل ما في وسعي لأداء الواجب الذي أنا منوط به، وأن أتحدث فقط عما أفهمه. وإذا لم يكن لدي رأيي الخاص، فيجب أن أتعلم الإكثار من الاستماع إلى اقتراحات الجميع، والتمييز بحكمة، والوصول إلى النقطة التي يمكنني عندها التعاون بشكل متناغم مع الجميع). إذا كان كل شيء غير واضح لك ولم يكن لديك رأي، فتعلم أن تسمع وتطيع وتطلب الحق. هذا هو الواجب الذي يتعين عليك القيام به؛ هذا هو التوجه الذي ينم عن حسن السلوك. إذا لم تكن لديك آراء خاصة بك وتخشى دائمًا أن تبدو أحمق، أو غير قادر على تمييز نفسك، أو تخشى التعرض للإهانة، أو إذا كنت تخشى أن يحتقرك الآخرون ولا يكون لك مكان في قلوبهم، ومن ثم تحاول دائمًا أن تجبر نفسك على أن تكون في دائرة الضوء وترغب دائمًا في طرح أفكار رنانة، وطرح بعض التأكيدات السخيفة التي لا تتوافق مع الواقع، والتي تريد أن يقبلها الآخرون، فهل تكون بذلك تؤدي واجبك؟ (لا). ​​ما الذي تفعله؟ أنت بذلك تغدو مدمرًا. عندما تلاحظون أن شخصًا ما يتصرف بهذه الطريقة باستمرار، فلا بد لكم من فرض قيود عليه. كيف ينبغي أن تُفرض هذه القيود؟ إنكم لا تحتاجون إلى إسكاته تمامًا ولا إلى منعه من أي فرصة للتحدث. يمكنكم السماح له بعقد شركة، ولا ينبغي استبعاده، لكن ينبغي على كل مَن هم حوله أن يمارسوا حسن التمييز. هذا هو المبدأ. على سبيل المثال، إذا طرح شخص وجهة نظر غير صحيحة تتوافق تمامًا مع مفاهيم الإنسان وتصوراته، وأيدت الأغلبية رأي ذلك الشخص ووافقت عليه، لكن تمكن القليل من الأشخاص الذين يتمتعون بقدر من حسن التمييز من اكتشاف أن وجهة نظره مشوبة بإرادته وطموحاته ورغباته، فيجب على هؤلاء الأفراد كشف ذلك الشخص وحمله على التفكر في ذاته ومعرفة نفسه. هذا هو النهج الصحيح. إذا لم يمارس أحد حسن التمييز أو يعبر عن رأيه، وكان الجميع يسعون إلى إرضاء الناس فحسب، فسيوجد حتمًا مَن يتملقون ذلك الشخص، ويؤيدونه ويدعمونه، ومن ثم يغذون طموحاته ورغباته. حينئذٍ سيبدأ هذا الشخص في اكتساب القوة حقًا في الكنيسة، وسيصبح الأمر خطيرًا، إذ يمكنه الانضمام إلى مَن يدعمونه، ويصبحون بذلك قوة خاصة مستقلة، يفعلون الشر ويعطلون عمل الكنيسة. وبهذه الطريقة سيكونون قد وضعوا أقدامهم على طريق ضد المسيح. وفور إحكام سيطرتهم على الكنيسة، سيصبحون ضد المسيح ويبدؤون في تأسيس مملكتهم المستقلة.

اقتباس 41

في بيت الله، جميع أولئك الذين يسعون إلى الحق متَّحدون أمام الله، غير منقسمين. جميعهم يعملون معًا لتحقيق هدفٍ مشترك: تتميم واجبهم، وقيامهم بالعمل المنوط بهم، والتصرُّف بحسب مبادئ الحق، والعمل وفقًا لما يطلب الله، وإرضاء مشيئته. إذا لم يكن هدفك لأجل ذلك، وإنما لأجل ذاتك، لأجل إرضاء رغباتك الأنانيَّة، فإنما ذلك تدفق شخصيَّة شيطانيَّة فاسدة. في بيت الله، تُؤدَّى الواجبات بحسب مبادئ الحق، أما تصرُّفات غير المؤمنين فتحكمها شخصيَّاتهم الشيطانيَّة. وهذان سبيلان مختلفان أشد الاختلاف. ذلك أنَّ غير المؤمنين يحتفظون بمشورتهم لأنفسهم؛ كلٌّ منهم له أهدافه الخاصة وخططه، والجميع يعيشون لأجل مصالحهم. ولهذا السبب يتدافعون جميعهم لتحقيق نفعهم الشخصي؛ وهم غير مستعدين للتنازل عن ذرة واحدة مما ربحوا. هم منقسمون، غير متَّحدِين، لأنَّهم لا يسعون لهدفٍ مشترك. إنَّ القصد وراء ما يفعلون وطبيعته، هما ذاتهما في جميع الحالات؛ جميعهم يسعون في سبيل نفوسهم. لا حقَّ يحكم في ذلك، ما يحكم ذلك ويسيطر عليه هي شخصيَّة شيطانيَّة فاسدة. كلٌ منهم محكوم بشخصيته الشيطانيَّة الفاسدة ولا يملكون من أمرهم شيء، لذا يزدادون سقوطًا في الخطيئة أكثر فأكثر. وفي بيت الله، إن لم تكن مبادئ تصرفاتكم وأساليبها ودوافعها وكذلك نقطة الانطلاق الخاصة بها مختلفة عما يتبناه غير المؤمنين، أو إن كان ثمة شخصيَّة شيطانيَّة فاسدة تلهو بكم وتسيطر عليكم وتتلاعب بكم، أو إن كانت نقطة الانطلاق لتصرُّفاتكم هي مصالحكم الخاصَّة وسمعتكم وكبرياءكم ومكانتكم، فحينها لن يوجد اختلاف بين أسلوب أداء واجبكم وبين أسلوب غير المؤمنين في أداء الأمور. إذا كنتم تسعون إلى الحق، فعليكم تغيير طريقة قيامكم بالأمور. عليكم أن تتخلُّوا عن مصالحكم الخاصة ومقاصدكم ورغباتكم الشخصيَّة. عليكم أوَّلًا أن تعقدوا معًا شركة حول الحق عندما تقومون بالأمور، وأن تفهموا مشيئة الله ومتطلَّباته قبل أن تُوزِّعوا الحِملَ فيما بينكم، واضعين في الحسبان من يصلح في فعل هذا أو ذاك، ومَن لا يصلح. عليكم أن تتولوا ما تستطيعون فعله وتتمسَّكوا بواجبكم. لا تتصارعوا أو تتخاطفوا الأشياء. ينبغي لكم تعلُّم الوصول لحلول وسط. وأن تكونوا متسامحين. إن كان أحدٌ ما قد بدأ للتوِّ أداءَ واجبٍ أو تعلَّم لتوه مهارات مجالٍ ما، لكنَّه غير جاهزٍ لبعض المهام، فعليكم ألَّا تجبروه. يجب أن توكلوا إليه مهامًا أسهل قليلًا؛ ذلك من شأنه أن يُسهِّل عليه تحقيق نتائج في أداء واجبه. وهذا هو معنى أن تكونوا متسامحين وصبورين وملتزمين بالمبادئ. هذا جزءٌ مما ينبغي أن تتحلى به الإنسانية الطبيعيَّة؛ هذا ما يطلبه الله من الناس وما يجب عليهم ممارسته. إذا كنتَ ماهرًا إلى حدٍّ ما في مجالٍ معيَّن وأنت تعمل فيه منذ فترة أطول مما قضته فيه الأغلبية، فينبغي أن يوكل إليك العمل الأصعب فيه. ينبغي أن تقبل هذا من الله وتطيع. لا تكن انتقائيًّا وتتذمَّر قائلًا: ''لماذا يتحاملون عليَّ دائمًا؟ يُعطون المهام السهلة للآخرين ويعطونني الصعبة. هل يحاولون تصعيب الحياة عليَّ؟'' ''يحاولون تصعيب الحياة عليك؟'' ما الذي تقصده بذلك؟ إن ترتيبات العمل مصممة بما يتناسب مع كل شخصٍ؛ الأقدر يفعلون أكثر. إن تعلَّمت أكثر وأعطاك الله الكثير، فينبغي أن تُكلَّف بحمل أثقل، وليس ذلك لتصعيب الحياة عليك، بل لأنَّه يُناسبك تمامًا. هذا واجبك، لذا لا تحاول الانتقاء والاختيار، أو الرفض، أو أن تحاول التهرب منه. لماذا تظن أنَّ القيام به أمر صعب؟ الحقيقة أنَّه إذا بذلت بعض الجهد المخلص، فستكون على أتم استعداد للقيام بالمهمة. تفكيرك أنه عمل صعب؛ أنك تتعرض لمعاملة منحازة وأنَّ ثمة مَن يتحامل عليك عمدًا، هو تدفق شخصيَّة فاسدة. هذا رفض لأداء واجبك وعدم قبوله من الله. ليس هذا بممارسة الحق؛ عندما تنتقي وتختار في القيام بواجبك، وتفعل كل ما هو خفيف وسهل، مكتفيًا بما يجعلك تبدو شخصًا جيِّدًا، فهذه شخصية شيطانية فاسدة. إذا كنت غير قادر على قبول واجبك والخضوع، فهذا يثبت أنك لا تزال متمردًا على الله؛ أنك لا تزال تقاومه وترفضه وتتجنبه. هذه شخصية فاسدة. ما الذي عليك فعله عندما تُدرك أنَّ هذه شخصيَّة فاسدة؟ إن شعرتَ أنَّ المهام المُوكلة لآخرين يمكن إنجازها بسهولة في حين أنَّ تلك المُوكلة إليك تُبقيك مشغولًا لوقتٍ طويل وتتطلَّب منك جهدًا في البحث، وهذا يجعلك تعيسًا، فهل من الصواب أن تشعر بالتعاسة؟ بالتأكيد لا. فما الذي يتعين عليك فعله إذن عندما تشعر أنَّ ذلك ليس صوابًا؟ إن كنت مقاومًا وقلتَ: ''في كلِّ مرَّة يوكِّلون الأعمال، يُعطونني الصعبة والقذرة والمتطلِّبة، ويُعطون الآخرين الخفيفة والبسيطة والبارزة. أتراهم يظنون أنَّني مجرَّد شخصٍ يمكنهم معاملته بسوء؟ هذه ليست طريقة عادلة في توزيع الأعمال!'' إن كان هذا منهج تفكيرك، فهو خطأ. بغضِّ النظر عما إن كانت هناك أيُّ انحرافات في توزيع الأعمال أو ما إن وزِّعت على نحو معقول أم لا، ما الذي يفحصهُ اللهُ؟ ما يفحصه هو قلب المرء؛ ينظر ما إن كانت لدى الشخص طاعة في قلبه، وما إن كان يستطيع تحمُّل بعض الأحمال لأجل الله، وما إن كان محبًّا لله. وقياسًا بمتطلَّبات الله، فإنَّ أعذارك غير مشروعة؛ أداؤك لواجبك لا يلبي المعايير، وأنت تفتقر إلى واقع الحق. لا طاعة لديك على الإطلاق، وتتذمَّر عندما تقوم ببعض المهام المتطلِّبة أو القذرة. ما المشكلة هنا؟ أوَّلًا، منهجيَّة التفكير لديك خطأ. ما معنى ذلك؟ يعني أنَّ موقفك تجاه واجبك خطأ. إن كنت تُفكِّر على الدوام في كبريائك ومصالحك، ولا تلقي بالًا لمشيئة الله، وليس لديك طاعة على الإطلاق، فليس هذا هو الموقف الصحيح الذي ينبغي أن تتحلَّى به تُجاه واجبك. إذا بذلت بإخلاص لأجل الله وكان لديك قلب محبٌّ لله، فكيف ستتعامل مع المهام القذرة أو المتطلِّبة أو الصعبة؟ ستكون منهجيَّة تفكيرك مختلفة: ستختار أن تفعل ما هو صعب وتبحث عن الأعباء الثقيلة لتحملها. ستأخذ على عاتقك ما يتقاعس الآخرون عن فعله، ولن تقوم بذلك إلا محبةً لله وإرضاءً له. ستمتلأ بالفرح لفعل ذلك، دون أيِّ إشارة للتذمُّر. المهام غير النظيفة والمتطلِّبة والصعبة تُظهر معدن الناس. كيف تختلف عن الناس الذين لا يتولون إلا المهام الخفيفة والبارزة فقط؟ لستَ أفضل منهم بكثير. أليس الحال كذلك؟ هذه هي النظرة التي يجب أن تتبناها تجله هذه الأمور. ولهذا إذن، فإنَّ أكثر ما يكشف معدن الناس هو أداؤهم لواجبهم. بعض الناس يقولون أمورًا عظيمًا أغلب الوقت، مُدَّعين أنَّهم راغبون بمحبة الله وطاعته، لكنهم عندما يواجهون صعوبة في تتميم واجبهم، يفصحون عن جميع أنواع الشكاوى والكلمات السلبيَّة. من الواضح أنَّهم منافقون. إن كان الشخص محبًّا للحقِّ، فمتى ما واجه صعوبة في تأدية واجبه، سيصلُّي لله ويسعى للحق وهو يتعامل في أثناء ذلك مع واجبه بجدِّيَّة حتَّى وإن رُتِّب بصورة غير مناسبة. لن يتذمَّر هذا الشخص، حتَّى وإن واجه مهامًا ثقيلة أو قذرة أو صعبة، وسيتمكن من القيام بمهامه جيدًا وأداء واجبه أداءً حسنًا بقلبٍ مطيعٍ لله. سيجد هذا الشخص فرحًا عظيمًا بفعل ذلك، ويُسرُّ الله برؤية ذلك. هذا هو نوع الشخص الذي يُحرز رضى الله. إذا كان الشخص يصبح منزعجًا وسريع الانفعال حالما يقابل مهامًا قذرة أو صعبة أو متطلِّبة ولا يسمح لأحد بانتقاده، فمثل هذا الشخص لا يبذل من نفسه بإخلاص لله. التعامل الوحيد معهم هو كشفهم واستبعادهم. عندما تكون لديكم هذه الحالات في المعتاد، هل تكونون قادرين على ملاحظة خطورة هذه المشكلة؟ (بعض منها). إذا استطعتم ملاحظة بعض منها، فهل يمكنكم تغييرها بقوَّتكم الذاتية وبإيمانكم الشخصيِّ وبقامتكم؟ عليك تغيير هذا الموقف؛ وأولًا عليك أن تفكِّر: ''هذا الموقف خطأ. أليس ذلك انتقاءً للأفضل في تأديتي لواجبي؟ هذه ليست طاعة. ينبغي أن تكون تأدية واجبي أمرًا مبهجًا، أُنفِّذه بطواعيَّة وسرور. فلماذا أنا لستُ سعيدًا، ولماذا أنا منزعج؟ أعلم حق المعرفة ما هو واجبي وأنه ما ينبغي فعله، فلماذا لا أخضع فحسب؟ ينبغي أن آتي لمحضر الله وأصلي وأن أدرك تدفق هذه الشخصيَّات الفاسدة في أعماق قلبي''. بعدها، في أثناء فعلك ذلك، عليك أن تُصلِّي: ''يارب، اعتدتُ أن أكون عنيدًا؛ ما كنت أصغي لأحد. موقفي خطأ، ولا طاعة لديَّ. أرجوك أدِّبني واجعلني مطيعًا. لا أريد أن أكون منزعجًا. لا أريد أن أثور ضدك بعد الآن. أرجوك حرِّك مشاعري واجعلني قادرًا على أداء هذا الواجب جيدًا. أنا لستُ راغبًا في العيش للشيطان، أنا راغب في العيش لأجل الحق وممارسته''. عندما تُصلِّي على هذا النحو، ستتحسَّن الحالة الموجودة بداخلك، وعندما تتحسَّن تلك الحالة، ستصبح قادرًا على الخضوع. سيجول في خاطرك: ''هذا ليس بالكثير فعلًا. كل ما هنالك أنَّني أقوم بالمزيد في حين يقوم الآخرون بأقل، أو أمتنع عن التسلية في حين هم يتسلُّون وأنني لا أثرثر عاطلًا في حين هم يفعلون. لقد أعطاني الله عبئًا إضافيًّا، عبئًا ثقيلًا، هذا مستوى تقديره العالي لي وإحسانه لي وهذا يبرهن أنَّ بمقدوري حملُ هذا العبء الثقيل. الله صالحٌ جدًّا معي، وعليَّ أن أكون مطيعًا''. وسيكون موقفك قد تغير، دون أن تشعر بذلك. كان لديك موقف سيء عندما قبلتَ واجبك في البداية؛ كنت عاجزًا عن الخضوع، لكنك تمكنت من تغييره بسرعة، وتقبُّل تمحيص الله وتأديبه على الفور. كنت قادرًا على أن تأتي إلى محضر الله بسرعة بموقف المطيع؛ موقف قبول الحق وممارسته، إلى أن صرتَ قادرًا على قبول واجبك بكلِّ ما فيه من الله وأدائه من كلِّ قلبك. ينطوي ذلك على عمليَّة كفاح. عملية الكفاح تلك هي عملية تغييرك، عملية قبولك للحق؛ أن يكون الناس راغبين وسعداء وأن يخضعوا لكلِّ ما يواجههم دون تردد أمر مستحيل. لو أنَّ الناس تمكنوا من فعل ذلك، لكان معناه أنَّه ليس لديهم شخصيَّة فاسدة، ولما كانت لديهم حاجة لله ليعبر عن الحق ويخلِّصهم. ثمة أفكار تدور في أذهان الناس، وهم يتبنون مواقف خاطئة، وتكون لديهم حالات خاطئة وسلبيَّة. هذه كلها مشاكل حقيقيَّة وموجودة. لكن عندما تُسيطر هذه الحالات السلبيَّة والمخالِفة والمشاعر السلبيَّة والشخصيات الفاسدة وتتحكَّم في سلوكك، فإنَّ ما تفعله وكيفية ممارستك والسبيل الذي ستختاره، كل ذلك سيعتمد على موقفك تجاه الحق. ربما لديك مشاعر أو تكون في حالة سلبية أو متمرِّدة، لكن عندما تظهر هذه الأمور في أثناء تأديتك لواجبك، ستتغيَّر بسرعة لأنَّك تأتي إلى محضر الله، لأنَّك تفهم الحق، لأنَّك تطلب الله، ولأنَّ موقفك هو موقف الطاعة وقبول الحق. حينها لن تكون لديك مشكلات في تأدية واجبك بصورة حسنة، وستتمكن من الانتصار على قبضة الشخصيَّة الشيطانيَّة الفاسدة عليك وسيطرتها. في النهاية، ستنجح في تتميم واجبك، وتتميم إرساليَّة الله، وضمان الحقِّ والحياة. عمليَّة تتميم واجب الناس وربح الحق هو أيضًا تنطوي على تغيير في الشخصيَّة. إنَّ تلقي الناس لاستنارة الروح القدس وإضاءته، وفهمهم للحق، ودخولهم إلى الواقع، كل ذلك يتوقف على أدائهم بواجبهم. وأيضًا عندما توجد صعوبات في أثناء تأدية واجباتهم، يأتون إلى محضر الله ليصلوا ويطلبوا مشيئته ويميِّزوها لكي يحلُّوا هذه الصعوبات، ومن ثمَّ يتمكَّنوا من أداء واجباتهم كالمعتاد. إنَّ تأديب الله للناس وعيشهم في ظل إرشاد الروح القدس، وتعلمهم تدريجيًّا القيام بالأمور وفق مبادئ الحق وأداء واجبهم بصورة مُرضِية، كل ذلك يحدث من خلال أداء واجباتهم. وهذا هو الحق يسُيطر على قلبك ويحكم.

بغضّ النظر عن المشكلة التي يمكن أن تواجه بعض الناس عند أداء واجباتهم، فإنهم لا يطلبون الحقّ، بل يتصرَّفون دائمًا وفقًا لأفكارهم ومفاهيمهم وتصوُّراتهم ورغباتهم. إنهم يُرضون دائمًا رغباتهم الأنانيَّة، وتتحكم طباعهم الفاسدة دائمًا بتصرُّفاتهم. ربما يبدون أنهم قد أدّوا واجباتهم دائمًا، ولكن نظرًا لأنهم لم يقبلوا الحقّ قطّ، ولا يمكنهم فعل الأشياء وفقًا لمبادئ الحقّ، فإنهم يفشلون في النهاية في ربح الحقّ والحياة، ويصبحون عاملي خدمةٍ جديرين بهذا الاسم. ما الذي يعتمد عليه مثل هؤلاء الأشخاص إذًا عند أداء واجباتهم؟ إنهم لا يعتمدون على الحقّ ولا على الله. فالمقدار الضئيل من الحقّ الذي يفهمونه في الواقع لم يشغل مكان السيادة في قلوبهم. إنهم يعتمدون على مواهبهم ومقدراتهم، وعلى أي معرفة اكتسبوها، وكذلك على قوَّة إرادتهم أو نياتهم الحسنة لأداء هذه الواجبات. وفي هذه الحالة، هل سيمكنهم أداء واجباتهم بمستوى مقبول؟ عندما يعتمد الناس على حالتهم الطبيعية ومفاهيمهم وتصوُّراتهم وخبرتهم وتعلُّمهم لأداء واجباتهم، فمع أنه قد يبدو أنهم يُؤدُّون واجباتهم ولا يرتكبون الشرّ، فإنهم لا يمارسون الحقّ ولم يفعلوا أيّ شيءٍ مُرضٍ لله. توجد أيضًا مشكلةٌ أخرى لا يمكن تجاهلها: خلال عمليَّة أداء واجبك، إذا كانت مفاهيمك وتصوُّراتك ورغباتك الشخصيَّة لا تتغيَّر أبدًا ولا يحلّ الحقّ محلَّها أبدًا، وإذا كانت تصرُّفاتك وأفعالك لا تُنفَّذُ أبدًا بتوافق مع مبادئ الحقّ، فماذا ستكون العاقبة النهائيَّة؟ لن تدخل إلى الحياة، وسوف تصبح عامل خدمةٍ، وهكذا تتحقق كلمات الرب يسوع: "كَثِيرُونَ سَيَقُولُونَ لِي فِي ذَلِكَ ٱلْيَوْمِ: يَارَبُّ، يَارَبُّ! أَلَيْسَ بِٱسْمِكَ تَنَبَّأْنَا، وَبِٱسْمِكَ أَخْرَجْنَا شَيَاطِينَ، وَبِٱسْمِكَ صَنَعْنَا قُوَّاتٍ كَثِيرَةً؟ فَحِينَئِذٍ أُصَرِّحُ لَهُمْ: إِنِّي لَمْ أَعْرِفْكُمْ قَطُّ! ٱذْهَبُوا عَنِّي يافَاعِلِي ٱلْإِثْمِ!" (متى 7: 22-23). لماذا يُسمِّي الله أولئك الأشخاص الذين يبذلون الجهد والذين يقدمون الخدمة فاعلي إثم؟ توجد نقطة واحدة يمكننا أن نكون متأكدين منها، وهي أنه بغض النظر عن الواجبات أو العمل الذي يقوم به أولئك الأشخاص، فإن دوافعهم ومحفزاتهم ونيَّاتهم وأفكارهم تنبع بالكامل من رغباتهم الأنانية، والهدف منها بالإجمال هو حماية مصالحهم وتطلعاتهم الشخصية وإرضاء كبريائهم وغرورهم ومكانتهم. فهذه جميعها تتمحوَّر حول هذه الاعتبارات والحسابات، ولا يوجد حقّ في قلوبهم، وليس لديهم قلبٌ يتَّقي الله ويطيعه – وهذا هو أصل المشكلة. ما الأمر المُهمّ الذي تطلبونه اليوم؟ في جميع الأشياء، ينبغي أن تطلب الحقّ، وينبغي أن تُؤدِّي واجبك أداءً صحيحًا وفقًا لمشيئة الله وما يطلبه الله. إذا فعلت ذلك، فسوف تنال مدح الله. إذًا، ما دورك تحديدًا في أداء واجبك وفقًا لما يطلبه الله؟ في كلّ ما تفعله، ينبغي أن تتعلَّم الصلاة إلى الله، وينبغي أن تتأمَّل في نواياك والأفكار التي لديك وما إذا كانت هذه النوايا والأفكار تتوافق مع الحقّ؛ فإذا لم تكن كذلك، فيجب تنحيتها جانبًا، وبعد ذلك يجب أن تتصرَّف وفقًا لمبادئ الحقّ، وتقبل تمحيص الله. فهذا سيضمن أنك تمارس الحقّ. إذا كانت لديك نواياك وأهدافك الخاصَّة وتدرك جيِّدًا أنها تنتهك الحقّ وتتعارض مع مشيئة الله، ومع ذلك ما زلت لا تُصلِّي إلى الله ولا تطلب الحقّ لإيجاد حلٍّ، فهذا أمرٌ خطير ومن السهل عليك أن ترتكب الشرّ وتفعل أشياء تقاوم الله. إذا ارتكبت الشرّ مرَّةً أو مرَّتين وتبت، فلا يزال لديك رجاء في الخلاص. أمَّا إذا واصلت ارتكاب الشرّ، فقد صرتَ فاعلًا لجميع أنواع الأفعال الشرِّيرة. وإذا كنت لا تزال غير قادر على التوبة حتى هذه النقطة، فأنت في ورطةٍ: سوف يطرحك الله جانبًا أو يتخلَّى عنك، ممَّا يعني أنك مُعرَّضٌ لخطر الاستبعاد؛ فالناس الذين يرتكبون جميع أنواع الأفعال الشرِّيرة سوف يُعاقبون بالتأكيد ويُستبعدون.

السابق: كلمات حول معرفة عمل الله وشخصيته

التالي: كلمات حول معرفة المرء لنفسه

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب