42. لماذا يُقال إن أولئك الذين مروا بتغيير في الشخصية هم فقط المؤهلون لخدمة الله
كلمات الله القدير في الأيام الأخيرة
خدمة الله ليست بالمهمة اليسيرة. فأولئك الذين لا تزال شخصيتهم الفاسدة كما هي دون تغيير لا يمكنهم أن يخدموا الله أبدًا. إذا لم تكن شخصيتك قد خضعت لدينونة كلمات الله وتوبيخها، فإنها لا تزال تمثل الشيطان، وذلك يثبت أنك تخدم الله من قبيل إظهار نواياك الحسنة، وهي خدمة مبنية على طبيعتك الشيطانية. إنك تخدم الله بشخصيتك الطبيعية، ووفقًا لتفضيلاتك الشخصية. أضف إلى ذلك أنك تظن دومًا أن الأمور التي ترغب في فعلها هي ما يبهج الله، وأن الأشياء التي لا ترغب في فعلها هي ما يكرهه الله. إنك تعمل كليًّا حسب تفضيلاتك الخاصة؛ فهل تُسمي هذه خدمة لله؟ في نهاية المطاف، لن يكون هناك أدنى تغير في شخصية حياتك؛ بل إن خدمتك ستجعلك حتى أشدّ عنادًا؛ وهذا سيجعل شخصيتك الفاسدة متأصلة بعمق. وبذلك تتكون في داخلك قواعد حول خدمة الله التي تعتمد في الأساس على شخصيتك والخبرات المكتسبة من خدمتك وفقًا لشخصيتك. هذه هي خبرات الإنسان ودروسه. إنها فلسفة الإنسان للتعاملات الدنيوية. يمكن تصنيف أمثال هؤلاء الناس كفريسيين ومسؤولين دينيين، وإذا لم يفيقوا ويتوبوا، فسيتحولون بلا شك في نهاية المطاف إلى مسحاء كذبة وأضداد للمسيح يُضلون الناس في الأيام الأخيرة. وسوف يظهر المسحاء الكذبة وأضداد المسيح الذين ورد ذكرهم من بين أمثال هؤلاء الناس. إذا كان أولئك الذين يخدمون الله يتبعون شخصيتهم ويتصرفون وفقًا لإرادتهم الخاصة، فعندئذٍ يكونون عرضة لخطر الطرد في أي وقت. أما أولئك الذين يطبقون سنواتهم العديدة من الخبرة المكتسبة على خدمة الله من أجل كسب قلوب الآخرين، ولإلقاء المحاضرات على أسماعهم ولتقييدهم، والتعالي عليهم – ولا يتوبون أبدًا، ولا يعترفون أبدًا بخطاياهم، ولا يتخلون أبدًا عن مزايا منصبهم – فهؤلاء الناس سيسقطون أمام الله. إنهم من نفس صنف بولس، ممن يستغلون أقدميتهم ويتباهون بمؤهلاتهم، ولن يجلب الله الكمال لمثل هؤلاء الناس. فمثل هذه الخدمة تعرقل عمل الله. يتعلق الناس دائمًا بالقديم، ومن ثمَّ فهم يتشبثون بمفاهيم الماضي وبكل شيء من الأزمنة الماضية، وهذه عقبة كبرى أمام خدمتهم، وإذا لم يكن بمقدورك أن تتخلص منها، فإن هذه الأشياء ستقيد حياتك كلها، ولن يثني عليك الله مطلقًا، ولا حتى لو كسرت ساقيك أو أحنيت ظهرك من العمل، ولا حتى لو أصبحت شهيدًا في خدمتك لله. بل على العكس تمامًا: سيقول إنك شرير.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. يجب تطهير الخدمة الدينية
ثمّةَ انحرافٌ أقلُّ كثيرًا في عمل أولئك الذين خضعوا للتهذيب والدينونة والتوبيخ، وكان التعبير عن عملهم أكثر دقة. أما الذين يعتمدون على بداهتهم في العمل فهم يرتكبون أخطاءً كبيرة تمامًا. إن عمل الناس الذين لم يُمنَحوا الكمالَ يعبر كثيرًا عن بداهتهم، مما يشكِّل عائقًا كبيرًا أمام عمل الروح القدس. ومهما تكن مكانة المرء جيدة، فلا بدّ أيضًا أن يخضعَ للتهذيب والدينونة قبل أن يتمكن من تنفيذ عملِ إرساليةِ الله. فإن لم يخضع لمثل هذه الدينونة، فإن عمله لا يمكن أن يتماشى مع مبادئ الحق، مهما كان متقنًا، وسيكون دومًا نتاجَ بساطة وصلاح بشريين. أمّا عمل الذين خضعوا للتهذيب والدينونة، فهو أكثر دقة من عمل الذين لم يتم تهذيبهم ودينونتهم. إن الذين لم يخضعوا للدينونة لا يعبرون إلا عن الجسد والأفكار البشرية المختلِطة بالكثير من الذكاء الإنساني والمواهب الفطرية. ليس هذا تعبيرًا دقيقًا من الإنسان عن عمل الله. والذين يتبعون أمثال هؤلاء الناس تدفعهم إمكانياتهم الفطرية للمجيء أمامهم. وبما أنهم يعبرون عن العديد من الرؤى والخبرات الإنسانية، التي هي في الغالب لا ترتبط بالمقصد الأصلي لله، وتحيد بعيدًا جدًا عنه، فإن عمل هذا النوع من الأشخاص لا يمكن أن يأتي بالناس أمام الله، بل يأتي بهم أمام الإنسان. ولذلك فإن أولئك الذين لم يجتازوا الدينونة والتوبيخ غير مؤهلين لتنفيذ عمل إرسالية الله. إن عمل العامل المؤهل يمكنه أن يرشد الناس للطريق الصحيح ويمنحهم دخولًا أكبر في الحق؛ إذْ يمكن لعمله أن يأتي بالناس أمام الله. وبالإضافة إلى ذلك، فإن العمل الذي يقوم به يمكن أن يختلف من فرد لآخر، وهو غير مقيد بقواعد، ويسمح للناس بالانطلاق والحرية، وللقدرات بالنمو تدريجيًّا في الحياة، والحصول على دخول في الحق أكثر عمقًا. إن عمل العامل غير المؤهل قاصر جدًا، وينطوي على حماقة؛ إذْ لا يمكنه إلّا أن يرشد الناس فقط إلى القواعد، ولا يختلف ما يطلبه من الناس من فرد لآخر. إنه لا يعمل وفقًا لاحتياجات الناس الفعلية. في هذا النوع من العمل، هناك عدد كبير جدًا من القواعد والتعاليم، ولا يمكنه أن يرشد الناس إلى الحقيقة ولا إلى الممارسة الطبيعية للنمو في الحياة، بل لا يمكنه سوى أن يجعل الناس قادرين على الالتزام بالقليل من القواعد عديمة القيمة. ليس من شأن هذا النوع من الإرشاد سوى أن يضلل الناس. إنه يقودك لتصبح مثله، ويمكنه أن يدخلك فيما هو عليه وما لديه. إن أراد الأتباع أن يميزوا ما إذا كان القادة مؤهلين أم لا، فالمفتاح لذلك يتمثل في النظر إلى الطريق الذي يقودون إليه ونتائج عملهم، ورؤية ما إذا كان الأتباع يحصلون على مبادئ متوافقة مع الحق وعلى طرق ممارسة مناسبة لتغييرهم. يجب عليك أن تميز العمل المختلف لأنواع الناس المختلفة؛ وألّا تكون تابعًا أحمق. يؤثر هذا في مسألة دخول الناس. إن كنت غير قادر على تمييز أية قيادة بشرية لديها طريق وأية قيادة ليس لديها طريق، فسوف تُضلَّل بسهولة. هذا كله له تأثير مباشر في حياتك. هناك الكثير من البساطة في عمل الناس غير المكملين؛ إذ يمتزج بقدر كبير من الإرادة البشرية، ويتمثل كيانهم بالبساطة الطبيعية، بحسب ما وُلدوا به، وليس الحياة بعد الخضوع للتهذيب أو الواقعية بعد التعرض للتغيير. كيف يمكن لمثل هذا الشخص أن يدعم أولئك الذين يسعون وراء الحياة؟ إن حياة الإنسان التي كان يتمتع بها في الأصل هي ذكاؤه أو موهبته الفطريّان. وهذا النوع من الذكاء أو الموهبة بعيد كل البعد عن مطالب الله المحددة للإنسان. إن لم يُكمَّل الإنسان، ولم يتم تهذيب شخصيته الفاسدة، فستكون هناك فجوة كبيرة بين ما يعبر عنه وبين الحق؛ وسيمتزج ما يعبر عنه بأمور مبهمة؛ مثل خياله والخبرة أحادية الجانب. وبالإضافة إلى ذلك، فبغض النظر عن كيف يعمل، يشعر الناس أن ليس هناك هدف كلي ولا يوجد حق مناسب لدخول كل الناس. إن معظم ما هو مطلوب من الناس يفوق قدرتهم، كما لو أنهم كانوا بطّاتٍ اضطرت للجلوس على الفراخ وأصبحت هدفًا سهلًا. هذا هو عمل الإرادة البشرية. تتخلل شخصية الإنسان الفاسدة وأفكاره ومفاهيمه كافة أجزاء جسده. لم يولد الإنسان بغريزة ممارسة الحق، وليس لديه غريزة لفهم الحق بصورة مباشرة. أضف إلى ذلك شخصية الإنسان الفاسدة، عندما يعمل هذا النوع الطبيعي من الأشخاص، ألا يسبب هذا تعطيلاً؟ ولكن الإنسان الذي نال الكمال يتمتع بخبرة في الحق ينبغي على الناس فهمها، ولديه معرفة بطباعه الفاسدة، بحيث تزول الأمور المبهمة وغير الواقعية في عمله تدريجيًّا، وتقل خدع الإنسان، ويغدو عمله وخدمته أقرب ما تكونان إلى المعايير التي يطلبها الله. وبهذا دخل عمله في واقع الحق وأصبح واقعيًا. تسهم الأفكار الموجودة في ذهن الإنسان تحديدًا في إعاقة عمل الروح القدس. لدى الإنسان خيال غني ومنطق معقول وخبرة قديمة في التعامل مع الأمور. إن لم تخضع هذه الجوانب في الإنسان للتهذيب والتقويم، تصير جميعها عقبات أمام العمل؛ ولذلك لا يمكن أن يصل عمل الإنسان لأكثر المستويات دقةً، وبالأخص عمل الناس غير المكملين.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. عمل الله وعمل الإنسان
يشعر أولئك الذين غيَّروا شخصيَّاتهم باتقاء الله، وبالنقص التدريجيّ لتمرُّدهم عليه. بالإضافة إلى ذلك، فإنهم لا يعودون في أداء واجباتهم بحاجةٍ إلى أن يقلق الآخرون بشأنهم، ولا يحتاج الرُّوح القدس دائمًا إلى أداء عمل التأديب عليهم. يمكنهم بصفةٍ أساسيَّة الخضوع لله، و وجهات نظرهم حول الأشياء تتفق مع الحق. وهذا كلّه يعني أنهم أصبحوا متوافقين مع الله. افترض أن شخصًا ما سلَّمك بعض الأعمال. أنت لا تحتاج إلى أي شخص لإدارتك، أو للإشراف عليك. يمكنك إكمال هذا العمل بكلمة الله والصلاة وحدهما. أثناء هذا العمل، لا تكون غير مبالٍ ولا متعجرفًا ولا بارًا في عينيِّ ذاتك، ولا تفعل الأشياء بطريقتك الخاصة؛ ولا تقيِّد أي شخص آخر، ويمكنك مساعدة الآخرين بتعاطف. يمكنك مساعدة الجميع على نوال القوت والمنفعة، ويمكنك إرشاد الناس للدخول إلى المسار الصحيح للإيمان بالله. أضف إلى ذلك أنك، أثناء هذا العمل، لا تسعى إلى مكانتك أو مصالحك، ولا تنسب لنفسك أي شيء لم تكسبه، ولا تتحدث عن نفسك، ومهما كانت طريقة معاملة أي شخص لك، فأنت تعامله على نحو ملائم. ستصبح بعد ذلك شخصًا يتمتع بقامة جيدة نسبيًا. ليس من السهل أن يقوم شخص ما ببعض الأعمال ويجلب شعب الله المختار إلى حقيقة كلمته. لا يمكن فعل ذلك من دون واقع الحق. هناك كثيرون ممن يتكلون على المواهب العظيمة في العمل، فيسقطون ويخفقون. والأشخاص الذين ليس لديهم الحق لا يمكن الاعتماد عليهم إطلاقًا، بل وأكثر من ذلك، إذا لم يغيروا شخصياتهم.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. السعي وراء الحق وحده يمكنه إحداث تغيير في شخصيتك
الناس الذين اختبروا تغييرًا في شخصياتهم قد فهموا الحق، ويُميِّزون كل القضايا، ويعرفون كيف يتصرَّفون وفقًا لمقاصد الله، وكيف يتصرَّفون وفقًا لمبدأ الحق، وكيف يتصرَّفون لإرضاء الله، ويفهمون طبيعة الفساد الذي يكشفون عنه. وعندما تُكشف أفكارهم ومفاهيمهم، فإنَّهم يقدرون على التمييز والتمرد على الجسد. هكذا يظهر التغيير في الشخصية. والمظهر الرئيسي للناس الذين حدث تغير في شخصياتهم هو أنَّهم فهموا الحق بوضوح، وعندما ينفِّذون أمورًا، فإنَّهم يمارسون الحق بدِقَّةٍ نسبيَّة ولا يشكفون عن الفساد في كثيرٍ من الأحيان. وبوجه عام، يبدو الناس الذين تغيَّرَت شخصياتهم بوجه خاص عقلاء وفطنين تمامًا، ونتيجةً لفهمهم للحق، لا يكشفون عن البر الذاتيّ أو التكبّر بنفس القدر. فهم قادرون على أن يروا بوضوح ويميزوا الكثير من الفساد الذي كُشف عنه فيهم، لذلك لا يصيرون متكبِّرين. وهم قادرون على اقتناء إدراك متوازن للمكانة التي ينبغي أن يتخذوها وأي الأشياء ينبغي لهم القيام بها وتعتبر عقلانية، وكيف يكونون أوفياءً لواجبهم، وماذا يقولون وماذا لا يقولون، وماذا يقولون وماذا يفعلون لأي الأشخاص. وهكذا فإن الأشخاص الذين تغيرت شخصياتهم هم عقلاء نسبيًا، وأمثال هؤلاء الأشخاص هم وحدهم من يعيشون حقًا بحسب شبه الإنسان، وبما أنهم يفهمون الحق فهم قادرون دائمًا على قول الأشياء ورؤيتها بحسب الحق، ويتبعون المبادئ في كل ما يفعلونه. لا يخضعون لتأثير أي شخص أو حدث أو شيء ولديهم جميعًا آراؤهم ويمكنهم التمسك بمبادئ الحق. شخصياتهم ثابتة نسبيًا، فهم لا يتقلّبون في رأيهم، وبغض النظر عن ظروفهم، فإنَّهم يفهمون كيف يقومون بواجباتهم بصورة صحيحة وكيف يتصرفون بشكل يُرضي الله. أولئك الذين قد تغيَّرَت شخصياتهم حقًّا لم يُركِّزوا على ما يجب فعله ظاهريًا ليجعلوا الآخرين يحسنون الظن بهم، فقد اكتسبوا وضوحًا داخليًا متعلقًا بما يجب فعله لإرضاء الله. ولذلك قد لا يبدون من الخارج متحمِّسين للغاية أو كأنَّهم قد فعلوا أي شيءٍ مهم، ولكنّ كلّ ما يفعلونه هو ذو معنى وذو قيمة ويحقق نتائج عملية. ومن المؤكد أنّ أولئك الذين قد تغيَّرَت شخصياتهم يمتلكون الكثير من وقائع الحق، وهذا يمكن تأكيده من خلال وجهات نظرهم حول الأمور ومبادئهم في أفعالهم. أمَّا أولئك الذين لم يحظوا بالحقّ فلم يُحقِّقوا أيّ تغييرٍ في الشخصيَّة الحياتية على الإطلاق.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث
يعاني العديد من الناس كثيرًا في الدين طوال حياتهم؛ فهم يروّضون أجسادهم ويحملون صلبانهم، حتى إنهم يستمرون في المعاناة والتحمل حتى الرمق الأخير! ويظل بعضهم صائمًا حتى صباح يوم موته؛ فهم يحرمون أنفسهم طيلة حياتهم من الطعام الطيب، والملابس الجميلة، واضعين تركيزهم فقط على المعاناة. إنهم قادرون على إخضاع أجسامهم، والتمرد على أجسادهم. إن همّتهم في تحمّل المعاناة جديرة بالثناء من أجل آلامهم المستمرة؛ ولكن تفكيرهم ومفاهيمهم وتوجهاتهم العقلية، بل وطبيعتهم القديمة، لم يتم تهذيبها على الإطلاق؛ فهم لا يملكون معرفة حقيقية بأنفسهم، وصورتهم العقلية عن الله تقليدية، فهي صورة عن إله غامض، وعزمهم على المعاناة من أجل الله ينبع من حماسهم والشخصية الجيدة التي لإنسانيتهم. ومع أنهم يؤمنون بالله، فهم لا يفهمونه ولا يعرفون إرادته، إنما هم يعملون ويعانون بشكل أعمى من أجل الله. فهم لا يُولون أي قيمة على الإطلاق للتمييز، ويهتمون قليلًا بكيفية التأكد من أن خدمتهم تحقق مشيئة الله، وقلّما يدركون كيف يحققون معرفة بالله. إن الإله الذي يخدمونه ليس الله في صورته المتأصلة، بل هو إله تخيلوه، إله سمعوا به فحسب، أو قرأوا عنه في الأساطير المكتوبة؛ ثم يستخدمون خيالاتهم الخصبة وتقواهم ليعانوا من أجل الله ويضطلعوا بالعمل الذي يريد الله أن يقوم به. إن خدمتهم ليست متقنة بالمرة، بحيث لا يوجد أحد منهم عمليًا يستطيع بصدق أن يخدم الله وفقًا لمشيئة الله. وبغض النظر عن مدى سرورهم بالمعاناة، فإن وجهة نظرهم الأصلية حول الخدمة وصورتهم العقلية عن الله تبقى دون تغيير؛ لأنهم لم يخضعوا لدينونة الله وتوبيخه وتنقيته وكماله، ولأنه لم يرشدهم أحد مستخدمًا الحق؛ وحتى إن كانوا يؤمنون بيسوع المخلِّص، لم يرَ أحد منهم المخلِّص قط. فهم لا يعرفونه إلّا من خلال الأساطير والشائعات، ومن ثمَّ فإن خدمتهم لا تعدو كونها خدمة عشوائية بأعين مغلقة مثل إنسان أعمى يخدم أباه. ما الذي يمكن تحقيقه في نهاية المطاف من خلال مثل هذه الخدمة؟ ومَن الذي يوافق عليها؟ من البداية إلى النهاية، لا تتغير خدمتهم أبدًا. إنهم يتلقون دروسًا من صنع الإنسان فقط ولا يبنون خدمتهم إلا على سجيتهم وما يحبونه هم أنفسهم. أي مكافأة يمكن أن يحققها هذا؟ لم يكن حتى بطرس الذي رأى يسوع، يعرف كيف يخدم وفقًا لإرادة الله، ولم يتوصل لمعرفة ذلك إلا في النهاية بعد أن بلغ سن الشيخوخة. ماذا يخبرنا هذا عن هؤلاء الناس العُميان الذين لم يختبروا أقل قدر من التهذيب ولم يكن هناك مَنْ يرشدهم؟ ألا تُشبه خدمة الكثيرين منكم اليوم خدمة هؤلاء العُميان؟ كل أولئك الذين لم يَخضعوا للدينونة، ولم يحصلوا على التهذيب، ولم يتغيروا – أليسوا هم جميعًا مَنْ لم يُخضَعوا بشكلٍ كاملٍ؟ ما فائدة مثل هؤلاء الناس؟ إن لم يؤدِّ تفكيرك ومعرفتك بالحياة ومعرفتك بالله إلى ظهور أي تغيير جديد ولم تربح أي شيء في الواقع، فلن تحقق إذًا أي شيء مميز في خدمتك! لا تُخضع من دون تبصر ومعرفة جديدة لعمل الله، وستكون طريقتك في اتباع الله مثل أولئك الذين يعانون ويصومون: قليلةَ القيمة! يرجع هذا بالضبط إلى ضآلة الشهادة فيما يفعلونه؛ ولذلك أقول إن خدمتهم غير مجدية! أولئك الناس يعانون ويقضون وقتًا في السجن خلال حياتهم، إنهم متسامحون وأهل محبة ويحملون الصليب دومًا. وهم يتعرضون للسخرية والنبذ من العالم ويختبرون كل الشدائد؛ وعلى الرغم من أنهم مطيعون حتى النهاية، فهم لا يزالون غير خاضعين ولا يستطيعون تقديم أي شهادة بأنهم قد أُخضعوا. لقد عانَوْا كثيرًا، لكنهم في داخلهم لا يعرفون الله على الإطلاق. لم يتم تهذيب أي من تفكيرهم وتصوراتهم القديمة، وممارساتهم الدينية، ومعرفتهم وأفكارهم البشرية. لا يوجد لديهم أدنى أثر لمعرفة جديدة، وليس لديهم أدنى قدر من المعرفة الصحيحة أو الدقيقة بالله؛ لقد أساؤوا فهم إرادة الله. هل يمكن أن يكون في هذا خدمة لله؟ مهما كانت معرفتك بالله في الماضي، إن بقيت على حالها اليوم واستمررت في تأسيس معرفتك بالله على تصوراتك وأفكارك الخاصة بغض النظر عمَّا يفعله الله؛ بمعنى أنك إن كنت لا تملك أي معرفة جديدة وصحيحة بالله وفشلت في معرفة صورة الله وشخصيته الحقيقية؛ وظلت معرفتك بالله موجَّهةً بالتفكير العدائي والخرافي، ووليدةَ الخيال والتصورات الإنسانية – إذا كان هذا هو الحال، فإنك لم تُخضع بعد. الهدف من جميع الكلمات الكثيرة التي أتحدث بها لك الآن هو أن تعرف، وأن تقودك هذه المعرفة إلى معرفة دقيقة وأكثر جِدّةً. كما تهدف إلى تهذيب المفاهيم القديمة والمعرفة القديمة التي فيك حتى تتمكن من امتلاك معرفة جديدة. إذا كنت حقًا تأكل وتشرب كلامي، فسوف يؤدي ذلك إلى تغير كبير في معرفتك. ما دمت تأكل وتشرب كلام الله بقلب يتّسم بالخضوع، فإن منظورك سيتخذ اتجاهًا معاكسًا. ما دمت قادرًا على قبول التوبيخ المتكرر، فإن عقليتك القديمة ستتغير تدريجيًا، وما دامت عقليتك القديمة قد استُبدلت بها عقلية جديدة تمامًا، فسوف تتغير ممارستك أيضًا وفقًا لذلك. وبهذه الطريقة، ستقترب خدمتك نحو الهدف المنشود أكثر فأكثر، وستكون أكثر قدرة على تلبية إرادة الله.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الحقيقة الكامنة وراء عمل الإخضاع (3)
في نظر الله، يتعارض كل ما يفعله كل شخص يؤمن بالله مع الحق، ولا يتوافق مع كلمة الله، ويعاديها. قد لا تكون قادرًا على قبول هذا أيضًا، وتقول: "نحن نخدم الله، ونعبد الله، ونؤدي واجبنا في بيت الله. لقد فعلنا الكثير، وكل هذا وفقًا لكلمات الله ومتطلباته، وتماشيًا مع ترتيبات العمل. كيف يمكن أن يُقال إننا نقاوم الله ونخونه؟ لماذا تثبّط دائمًا حماستنا؟ لقد تنازلنا عن أسرنا ومهننا بصعوبة كبيرة، وكنا عازمين على اتباع الله، فكيف يمكنك أن تتحدث عنا بهذا الشكل؟" الهدف من التحدث بهذه الطريقة هو التأكد من أن الجميع يفهم: ليس الأمر أن الشخص الذي يسلك سلوكًا طيبًا، أو يتخلى عن شيء ما، أو يعاني من بعض المصاعب سيغير من طبيعته الخائنة. مستحيل! المعاناة ضرورية، مثل قيامك بواجبك، ولكن مجرد معاناتك أو قيامك بواجبك لا يعنيان أن شخصيتك الفاسدة لم تعد موجودة. هذا لأنه لم يكن هناك تغيير حقيقي في الشخصية الحياتية داخل أي شخص، ولا يزال الجميع بعيدين عن إرضاء مقاصد الله وتلبية متطلباته. إن إيمان الناس بالله ملوّث للغاية، وقد كشفت شخصياتهم الفاسدة عن الكثير جدًا. فعلى الرغم من خدمة العديد من القادة أو العمال لله، فإنهم يقاومونه أيضًا. ماذا يعني هذا؟ يعني أنهم يعارضون كلام الله عمدًا ولا يمارسون بحسب رغباته. إنهم يخالفون الحق عمدًا، ويصرون على التصرف وفقًا لإرادتهم الخاصة، وعلى تحقيق مخططاتهم وأهدافهم، وخيانة الله وتأسيس مملكتهم المستقلة، حيث يسري ما يقولون. هذا معنى خدمة الله ولكن أيضًا مقاومته. هل تفهمون الآن؟
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. طريق الممارسة نحو تغيير شخصية المرء
بمجرد أن تفهم فعليًا الحق وتبدأ في حب الحق من داخلك، ستجد من السهل أن تفعل أشياء تتفق مع الحق. وستؤدي واجبك بصورة طبيعية؛ بل بسهولة وسعادة، وستشعر بأن القيام بأي شيء سلبي يتطلب قدرًا كبيرًا من الجهد. وذلك لأن الحق قد لعب دورًا مهيمنًا في قلبك. إذا فهمت حقًا الحقائق حول حياة الإنسان، عندئذ سيكون لديك طريق تسلكه فيما يتعلق بحقيقة نوع الشخص الذي يجب أن تكونه، وكيف تكون شخصًا صريحًا ومباشرًا، وشخصًا أمينًا، وشخصًا يشهد لله ويخدمه، وبمجرد أن تفهم هذه الحقائق فلن تكون قادرًا مرة أخرى على ارتكاب أفعال شريرة تتحداه، ولن تلعب أبدًا دور قائد كاذب أو عامل كاذب أو ضد المسيح. حتى لو ضللك الشيطان، أو حفَّزك شخص شرير، فلن تفعل ذلك؛ إذ بغض النظر عمَّن يحاول إرغامك، فأنت لا تزال غير قادر على التصرُّف بهذه الطريقة. عندما يربح الناس الحق ويصير حياتهم، سيصبحون قادرين بالتالي على كره الشر والشعور بالاشمئزاز الداخلي من الأشياء السلبية، وسيكون من الصعب عليهم ارتكاب الشر لأن شخصيات حياتهم قد تغيَّرت وكمَّلهم الله.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. السعي وراء الحق وحده يمكنه إحداث تغيير في شخصيتك
ترانيم ذات صلة
أحماء الله فقط جديرون بخدمته