5. كيف يعرف المرء نفسه ويتخلص من شخصياته الفاسدة

كلمات الله القدير في الأيام الأخيرة

يجب أن تتغير شخصية الإنسان بداية من معرفة جوهره وعبر إحداث تغييرات في تفكيره وطبيعته ونظرته العقلية، وذلك من خلال تغييرات أساسية. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن بها تحقيق تغييرات حقيقية في شخصية الإنسان. فالسبب الجذري للشخصيات الفاسدة التي تنشأ في الإنسان هو تضليل الشيطان وفساده وسُمه، والشيطان قيَّد الإنسان وسيطر عليه، والإنسان يعاني من الضرر المذهل الذي أصاب به الشيطان تفكيره وأخلاقه وبصيرته وعقله. ولهذا بالتحديد، أي لأن هذه المكونات الأساسية في الإنسان قد أفسدها الشيطان، وأصبحت لا تشبه على الإطلاق الصورة التي خلقها الله عليها في الأصل، بات الإنسان يعارض الله ولا يمكنه قبول الحق. لهذا، ينبغي أن يبدأ تغيير شخصية الإنسان بإدخال تغييرات في تفكيره وبصيرته ومنطقه بحيث تؤدي إلى تغيير معرفته عن الله ومعرفته عن الحق. أولئك الذين ولدوا في أكثر بقاع الأرض فساداً هم أكثر جهلاً بماهية الله، أو بما يعنيه الأيمان بالله. فكلما كان الناس أكثر فسادًا تضاءلت فرصة علمهم بوجود الله، وزاد ضعف منطقهم وبصيرتهم. إن مصدر معارضة الإنسان وتمرده على الله هو الإفساد الذي ألحقه به الشيطان. بسبب فساد الشيطان، تخدَّر ضمير الإنسان، واضمحلت أخلاقه وأفكاره، وتخلَّفت نظرته الذهنية. أما قبل أن يفسد الشيطان الإنسان، فقد كان الإنسان بطبيعة الحال يخضع لله ويخضع لكلماته بعد سماعها. كان بطبيعته يتمتع بتفكير سديد وضمير سليم وطبيعة بشرية عادية. أما بعدما أفسده الشيطان أُصيب منطقه وضميره وإنسانيته الأصليين بالتبلد ولحقها التلف بفعل الشيطان. وبهذه الطريقة، فقد خضوعه ومحبته لله. أصبح منطق الإنسان شاذًا، وأصبحت شخصيته مشابهة لشخصية الحيوان، وأصبح تمرده على الله أكثر تكراراً وأشد إيلاماً. ومع ذلك فإن الإنسان لا يعلم ذلك ولا يلاحظه، وبكل بساطة يعارض ويتمرد. إن الكشف عن شخصية الإنسان هو تعبير عن تفكيره وبصيرته وضميره، ولأن عقله وشخصيته فاسدان، ولأن ضميره تخدّر إلى أقصى حد، فقد أصبحت شخصيته متمردة على الله. إذا كان تفكير الإنسان وبصيرته غير قابلين للتغيير، فإن التغييرات في شخصيته تصبح غير واردة؛ حيث يصبح حسب قلب الله. إذا كان تفكير الإنسان غير سليم، فإنه لا يكون قادراً على خدمة الله ويصبح غير صالح لأن يستخدمه الله. المقصود من "التفكير العادي" هو الخضوع لله والإخلاص له، والشوق إليه، والتوجه إليه بطريقة لا لبس فيها، وامتلاك ضمير متجه نحو الله. والمقصود منه أيضًا هو أن يتوحّد القلب والعقل تجاه الله، لا في الاتجاه المعارض عمدًا لله. إن مَنْ يمتلكون "تفكيراً ضالاً" ليسوا على هذه الشاكلة. فمنذ أن أفسد الشيطان الإنسان أنتج هذا الأخير تصورات عن الله، ولم يعد لديه ولاء أو شوق إلى الله، فضلاً عن ضمير يتجه نحو الله. يعارض الإنسان الله عن عمد ويصدر الأحكام عليه، إضافة إلى أنه يرشقه بمفردات القدح من وراء ظهره. يعرف الإنسان بوضوح أنه الله، ومع ذلك يستمر في إدانته من وراء ظهره، وليس لديه أي نية لأن يخضع له، ولا يتوجه سوى بالمطالب والطلبات العمياء إلى الله. لا يمتلك هذا النوع من الناس، أي الناس الذين يمتلكون تفكيراً ضالاً، القدرة على ملاحظة تصرفاتهم الخسيسة أو الشعور بالندم على تمردهم. إذا كان الناس يمتلكون القدرة على معرفة أنفسهم، فبإمكانهم استعادة القليل من قدرتهم على التفكير المنطقي، وكلما ازداد تمرد الناس على الله بينما يجهلون أنفسهم، ازداد انحراف تفكيرهم.

– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أن تكون شخصيتك غير متغيرة يعني أنك في عداوة مع الله

يستخدم الله العديد من الوسائل لكي يجعل الناس يعرفون أنفسهم. لقد أعد كافة أشكال البيئات للناس لكي يكشف فسادهم، وكي يحملهم على أن يعرفوا أنفسهم تدريجيًا من خلال التجربة. سواء كان كشف كلمات الله أو دينونته وتوبيخه، هل تفهمون ما الغرض النهائي من قيام الله بهذا العمل؟ إن الغرض النهائي لله من قيامه بعمله بهذه الطريقة هو السماح لكل شخص يختبر عمل الله بأن يعرف ماهية الإنسان. وماذا يستتبع هذه "المعرفة لماهية الإنسان"؟ يستتبعها السماح للإنسان بأن يعرف هويته ومكانته، وواجبه، ومسؤوليته. إنه يعني السماح لك بأن تعرف ما يعنيه أن تكون إنساناً، والسماح لك بأن تفهم من أنت. هذا هو الهدف النهائي لله من حمل الناس على أن يعرفوا أنفسهم.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث

للسّعي إلى التغيير في الشخصية، على المرء أولًا أن يكون قادرًا على التعرّف على شخصيته الفاسدة. وتتضمّن معرفة المرء نفسه حقًا رؤية حقيقة جوهر فساده وتشريح هذا الجوهر بشكل كامل، إضافة إلى التعرّف على الحالات المختلفة التي تخلقها الشخصية الفاسدة. فقط عندما يفهم المرء بوضوح حالاته الفاسدة وشخصيته الفاسدة، يمكنه أن يكره جسده ويكره الشيطان، وعندئذٍ فقط يُحقّق تغيّرًا في الشخصية. قإذا لم يستطع المرء التعرّف على هذه الحالات، وفشل في صنع الروابط ومُطابقتها مع نفسه، فهل يُمكِن أن تتغيّر شخصيته؟ لا يمكن ذلك. يتطلّب تغيير الشخصية من المرء التعرّف على الحالات المختلفة التي تُنتِجها شخصيته الفاسدة؛ يجب أن يصل إلى نقطة عدم التقيُّد بشخصيته الفاسدة وممارسة الحق؛ عندئذٍ فقط يمكن لشخصيته أن تبدأ في التغيّر. وإذا لم يتمكّن من التعرّف على أصل حالاته الفاسدة، وقيَّد نفسه فقط وفقًا للكلمات والتعاليم التي يفهمها، فإنه حتى إذا كان لديه بعض السلوك الصالح وتَغيَّر قليلًا من الخارج، فلا يُمكِن اعتبار ذلك تحوّلًا في الشخصية. وبما أنه لا يُمكِن اعتباره تحوّلًا في الشخصية، فما الدور الذي يلعبه معظم الناس إذن خلال أداء واجبهم؟ إنه دور العامل؛ هم فقط يبذلون أنفسهم ويُشغِلون أنفسهم بالمهام. وعلى الرغم من أنهم يؤدّون واجبهم أيضًا، فإنهم يركزون في معظم الوقت على إنجاز الأمور فقط، ليس على طلب الحق، وإنّما فقط بذل الجهد. في بعض الأحيان، عندما يكونون في مزاج جيّد، يبذلون جهدًا إضافيًا، وفي أحيان أخرى، عندما يكون مزاجهم سيئًا، يُحجمون قليلًا. لكن بعد ذلك يفحصون أنفسهم ويشعرون بالندم، فيبذلون جهدًا أكبر مجدّدًا، معتقدين أن هذه توبة. في الواقع، هذا ليس تغيّرًا حقيقيًا، ولا هي توبة حقيقية. التوبة الحقيقية تبدأ بمعرفة النفس؛ تبدأ بتغيير في السلوك. وبمجرد أن يتغيّر سلوك المرء، ويُمكنه التمرّد على جسده، وممارسة الحق، ويظهر أن سلوكه يتماشى مع المبادئ، فهذا يعني أنه كان هناك توبة حقيقية. ثُمّ شيئًا فشيئًا، يصل إلى النقطة التي يُصبح فيها قادرًا أن يتحدّث ويتصرّف وفقًا للمبادئ، متوافقًا تمامًا مع الحق. عندئذٍ يبدأ التغيّر في الشخصية الحياتية.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. لا يجد من يسعى إلى الحق عونًا إلّا في معرفة النفس

المفتاح ليحقّق المرء تغييرًا في شخصيته هو معرفة طبيعته، ويجب أن يحدث هذا بحسب كشف من الله. لا يستطيع المرء معرفة طبيعته القبيحة، وإدراك سموم الشيطان المتنوعة في طبيعته، وإدراك أنّه أحمق وجاهل، ومعرفة العناصر الضعيفة والسلبية في طبيعته إلا في كلام الله. بعد أن تعرف هذه الأمور معرفة كاملة، وتتمكّن فعلًا من كراهية نفسك والتمرد على الجسد، وتنفِّذ كلام الله بثبات، وتتّبع الحق بشكل دائم، بينما تؤدي واجباتك، وتحقق تغييرًا في شخصيتك، وتغدو امرأً يحب الله حقًّا، فستكون حينها قد اتَّخذت طريق بطرس. بدون نعمة الله، وبدون الاستنارة والتوجيه من الروح القدس، سيكون من الصعب السير في هذا الطريق، لأن الناس لا يملكون الحق، ولا يستطيعون التمرد على أنفسهم. السير على طريق بطرس لتحقيق الكمال يعتمد في المقام الأول على امتلاك العزم والإيمان والاتكال على الله. وعلاوة على ذلك، على المرء أن يخضع لعمل الروح القدس؛ إذ لا يمكن له الاستغناء عن كلام الله في كل الأشياء. هذه هي الجوانب الرئيسية، ولا يمكن انتهاك أي منها. معرفة الذات في وسط الاختبار أمر صعب للغاية؛ فهو عديم الجدوى من دون عمل الروح القدس.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث

لكي تعرف نفسك، يجب أن تعرف كشوفاتك عن الفساد، وشخصياتك الفاسدة، ونقاط ضعفك الأساسيَّة، وجوهر طبيعتك. ينبغي أن تعرف أيضًا، وبأدقّ التفاصيل، تلك الأشياء التي تنكشف في حياتك اليوميَّة – أي دوافعك ووجهات نظرك وموقفك حول كلّ شيءٍ – سواء كنت في المنزل أو في الخارج، أو كنت في تجمُّعاتٍ، أو كنت تأكل أو تشرب كلام الله، أو في كلّ مسألةٍ تواجهها. ينبغي من خلال هذه الجوانب أن تعرف نفسك. وبالطبع، لكي تعرف نفسك على مستوى أعمق، ينبغي أن تدمج كلام الله؛ ولا يمكنك تحقيق النتائج إلَّا من خلال معرفة نفسك على أساس كلامه. وعند قبول دينونة كلام الله، لا تخشوا المعاناة أو الألم، وأيضًا لا تخشوا أن يخترق كلام الله قلوبكم ويكشف حالاتكم القبيحة. فمن المفيد جدًا أن تعانوا من هذه الأشياء. إذا كنت تؤمن بالله، فيجب أن تقرأ المزيد من كلام الله الذي يدين الناس ويوبخهم، وخصوصًا ذلك الكلام الذي يكشف جوهر فساد البشر. يجب أن تقارنه بحالتك العملية بدرجة أكبر، ويجب أن تربطه بنفسك بدرجة أكبر، وبالآخرين بدرجة أقل. فأنواع الحالات التي يكشفها الله موجودة في كل شخص، ويمكن أن توجد جميعها فيك. وإذا كنت لا تصدق هذا، فحاول اختباره. فكلما زاد اختبارك زادت معرفتك بنفسك، وشعرت أن كلام الله دقيق للغاية. يعجز بعض الناس بعد قراءة كلام الله عن ربطه بأنفسهم؛ إذ يعتقدون أن أجزاء من هذا الكلام لا تتعلق بهم، بل تتعلق بأشخاص آخرين. على سبيل المثال، عندما يفضح الله الناس على أنهن فاسقات وعاهرات، تشعر بعض الأخوات أنه يجب ألا تشير هذه الكلمات إليهن لأنهن كن مخلصات لأزواجهن كامل الإخلاص، وتشعر بعض الأخوات أنه لأنهن غير متزوجات ولم يمارسن الجنس من قبل، فلا يجب أن تكون هذه الكلمات عنهن أيضًا. وكذلك يشعر بعض الإخوة أن هذه الكلمات تستهدف النساء فقط ولا علاقة لهم بها، كما يعتقد بعض الناس أن كلمات الله لكشف الإنسان قاسية جدًا، وأنها لا تتفق مع الواقع؛ وبالتالي يرفضون قبولها. بل إن هناك من يقول إن كلام الله غير دقيق في بعض الحالات. هل هذا هو الموقف الصحيح تجاه كلام الله؟ من الواضح أنه خطأ؛ إذ ينظر جميع الناس إلى أنفسهم بناءً على سلوكياتهم الخارجية. فهم غير قادرين على التأمل في أنفسهم، والتوصل إلى معرفة جوهرهم الفاسد وسط كلام الله. هنا، تشير "الفاسقات" و"العاهرات" إلى جوهر فساد الناس وقذارتهم ومجونهم. فلدى كل شخص أفكار فاسدة بالمجون؛ سواء أكان رجلاً أم امرأة، متزوجًا أم غير متزوج – فكيف لا يكون لذلك أي علاقة بك؟ يكشف كلام الله شخصيات الناس الفاسدة؛ سواء أكانوا ذكورًا أم إناثًا، فإن مستوى الفساد هو نفسه. أليست هذه حقيقة؟ علينا أن ندرك أولًا أن كل شيء يقوله الله هو الحق، ويتفق مع الوقائع، وأنه مهما بلغت قسوة كلماته التي تدين الناس وتفضحهم، ومهما بلغت رقة كلماته في الشركة عن الحق أو وعظ الناس، فسواء كانت كلماته دينونة أو بركات، وسواء كانت إدانات أو لعنات، وسواء كانت تعطي الناس شعورًا مرًا أو حلوًا، فلا بد للناس أن يقبلوها كلها. ينبغي أن يكون للناس هذا الموقف تجاه كلام الله. فما نوع هذا الموقف؟ هل هذا سلوك إخلاص، أم سلوك تقوى، أم سلوك صبر؟ أم أنه سلوك تحمل المعاناة؟ أنتم مشوشون نوعًا ما. أقول لكم إنه ليس أيًا من ذلك. يجب أن يُقِرَّ الناس في إيمانهم بقوة بأن كلمات الله هي الحق. وبما أنها هي الحق بالفعل، فينبغي أن يتقبلها الناس بعقل. وسواء كانوا قادرين على إدراكها أو الاعتراف بها، فينبغي أن يكون أول موقف لهم من كلام الله هو القبول التام. إذا لم تكشف كلمة الله واحدًا منكم أو كثيرين، فمن الذي تكشفه؟ وإن لم يكن الهدف منها هو أن تكشفك، فلماذا يُطلب منك قبولها؟ أليس هذا تناقضًا؟ يتحدث الله إلى البشر جميعًا، وكل جملة يقولها الله تكشف البشر الفاسدين دون أن يُعفى أحد – ومن الطبيعي أن هذا يشملك أيضًا. لا يتعلق أي سطر من سطور أقوال الله بمظاهر خارجية، أو نوع من أنواع الحالات، فضلاً عن أن يكون متعلقًا بقاعدة خارجية أو شكل بسيط من السلوك لدى الناس. إنها ليست كذلك. إن اعتقدت أن كل سطر يقوله الله يكشف نوعًا بسيطًا من السلوك البشري أو مظهرًا خارجيًّا، فأنت لا تتمتّع بفهم روحي، ولا تفهم ما هو الحق. كلام الله هو الحق. ويستطيع الناس الإحساس بعمق كلام الله. كيف يكون هذا العمق؟ إنَّ كل كلمة من كلمات الله، تكشف شخصيات الناس الفاسدة، والأمور الجوهرية المتجذرة في حياتهم. إنها أمور أساسية، وليست مظاهر خارجية، وليست سلوكيات خارجية على وجه الخصوص. إذا نظرنا إلى مظاهر الناس الخارجيّة، فقد يبدو أنهم جميعًا أُناسٌ صالحون، ولكن لماذا يا تُرَى يقول الله على الرغم من ذلك إن بعض الناس أرواحٌ شرِّيرة وبعضهم أرواحٌ نجسة؟ هذه مسألةٌ غير مرئيَّةٍ لك. بالتالي، فإن على المرء ألا يتعامل مع كلام الله في ضوء المفاهيم أو التصورات البشرية، أو في ضوء الأقاويل المتداولة لدى البشر، وألا يتعامل معها بالتأكيد في ضوء أقوال الحزب الحاكم. إن كلام الله وحده هو الحق؛ أما كلام البشر فمغالطة كله. وبعد أن عُقِدَت الشركة معكم بهذه الطريقة، هل اختبرتم تغييرًا في موقفكم تجاه كلام الله؟ وبغض النظر عن مدى كبر التغيير أو صغره، ففي المرة القادمة التي تقرأ فيها كلام الله مدينًا للناس وكاشفًا لهم، فإنه يجب عليك على الأقل ألا تحاول أن تجادل مع الله. وعليك أن تتوقف عن الشكوى من الله قائلاً: "إن كلام الله في كشف الناس ودينونتهم قاسٍ جدًا؛ أنا لن أقرأ هذه الصفحة. أتخطاها فحسب! دعني أبحث عن شيء أقرأه عن البركات والوعود، لكي أجد بعض الراحة". يجب ألَّا تقرأ كلمة الله بعد الآن بالانتقاء والاختيار وفقًا لميولك الخاصة. ينبغي أن تقبل الحق والدينونة والتوبيخ من كلام الله؛ فعندها فقط يمكن تطهير شخصيتك الفاسدة، وعندها فقط يمكنك نيل الخلاص.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. أهمية السعي إلى الحق وطريق السعي إليه

إذا كنت ممن يسعون إلى الحق، فيجب عليك أن تتأمّل في شخصيتك الفاسدة وتفهمها وفقًا لكلام الله، وأن تقيس نفسك على كل جملة من كلام الله في الكشف والدينونة، وأن تُنقّب شيئًا فشيئًا في كل شخصياتك وحالاتك الفاسدة. ابدأ بالبحث في مقاصد وغايات أقوالك وأفعالك، وتشريح كل كلمة تقولها وتمييزها، ولا تتغاضى عن أي شيء موجود في أفكارك وفي عقلك. بهذه الطريقة، من خلال التشريح والتمييز التدريجيين، ستكتشف أن شخصيتك الفاسدة ليست بالشيء الضئيل وإنما هي هائلة، وأن سموم الشيطان ليست محدودةً وإنما كثيرة للغاية. بهذه الطريقة، سترى بوضوح شخصياتك الفاسدة وجوهر طبيعتك تدريجيًا، وستُدرِك مدى عمق إفساد الشيطان لك. عندئذٍ ستشعر بمدى قيمة الحق الذي عبّر الله عنه؛ حيث يُمكِن للحق معالجة مشكلات شخصية البشر وطبيعتهم الفاسدة. هذا الدواء الذي أعدّه الله للبشر الفاسدين من أجل تخليص البشرية هو دواء فعّال للغاية، بل أكثر قيمةً من أي إكسير. لذا، كي تنال تخليص الله لك، عليك أن تسعى طوعًا إلى الحق، وتعتزّ بكل جانب من جوانب الحق أكثر وأكثر، وتسعى إليه بحيوية ونشاط متزايدين. عندما يكون لدى المرء هذا الشعور في قلبه، فهذا يعني أنه قد اكتسب فهمًا لبعض الحق، وأنه قد رسّخ نفسه بالفعل في الطريق الحق. وإذا تمكّن من اختبار ذلك بعمق أكبر وأحبّ الله بصدق من قلبه، فإن شخصيته الحياتية ستبدأ في التحوّل.

من السهل إجراء بعض التغييرات على السلوك، لكن ليس من السهل تغيير شخصية المرء الحياتية. يجب أن تبدأ معالجة مشكلة الشخصية الفاسدة بمعرفة المرء لذاته. هذا يتطلّب الانتباه والتركيز على فحص مقاصد المرء وحالاته شيئًا فشيئًا، وفحص المقاصد والأساليب المُعتادة في الحديث بشكل مستمرّ. ومن ثُمّ، في يوم من الأيام، سيكون هناك إدراك مفاجئ: "إنني دائمًا ما أقول أشياء لطيفة لإخفاء نفسي، على أمل أن أنال مكانةً في قلوب الآخرين. هذه شخصية شريرة. هذا ليس كشفًا عن إنسانية طبيعية ولا يتوافق مع الحق. هذه الطريقة الشريرة في الحديث والمقاصد خاطئة، وينبغي تغييرها والتخلّص منها". بعد امتلاك هذا الإدراك، ستشعر بوضوح متزايد بالخطورة الشديدة لشخصيتك الشريرة. لقد كنت تعتقد أن الشرّ يقتصر فقط على وجود شهوة آثمة بسيطة بين رجل وامرأة، وكنت تشعر أنه رغم أنك أظهرت الشرّ في هذا الصدد، فإنك لست شخصًا ذا شخصية شريرة. هذا يدلّ على أنك كنت تفتقر لفهم معنى الشخصية الشريرة؛ يبدو أنك كنت تعرف المعنى السطحي لكلمة "شريرة"، لكنك لم تستطع حقًا معرفة الشخصية الشريرة أو تمييزها؛ وفي الواقع، أنت لا تزال لا تفهم ما تعنيه كلمة "شريرة". عندما تُدرِك أنك كشفت عن هذا النوع من الشخصية، عليك أن تبدأ في التأمل في ذاتك والتعرّف عليها، والبحث بعمق في أصولها، وسترى حينها أن لديك بالفعل شخصية كهذه. ماذا يجب أن تفعل بعد ذلك؟ عليك أن تستمر في فحص مقاصدك في طُرُقك المشابهة في التحدُّث. ومن خلال هذا البحث المستمر، ستدرك بموثوقية ودقّة متزايدتين أن لديك هذا النوع من الشخصية والجوهر. وفقط في اليوم الذي تعترف فيه حقًا بأن لديك شخصية شريرة، ستبدأ في امتلاك كراهية وازدراء تجاهها. حينها ينتقل المرء من الاعتقاد بأنه شخص صالح ومستقيم في سلوكه، ويمتلك حسًا بالعدالة، وأنّه شخص ذو نزاهة أخلاقية، وشخص بريء، إلى إدراك أن لديه جوهر طبيعة ينطوي على التكبّر، والعناد، والخداع، والشرّ، والنفور من الحق. وعندئذٍ، سيكون قد قيَّم نفسه بدقة وعرف ماهيته الحقيقية. مجرّد الإقرار لفظيًا أو الاعتراف العابر بأن لديك هذه المظاهر والحالات لن ينتج عنه كراهية حقيقية. فقط من خلال إدراك أن جوهر هذه الشخصيات الفاسدة هو الأسلوب الشيطاني البغيض يُمكِن للمرء أن يكره نفسه حقًا. أي نوع من الإنسانية هو المطلوب لكي يعرف المرء نفسه بصدق لدرجة كراهية الذات؟ على المرء أن يُحبّ الأمور الإيجابية، وأن يُحبّ الحق، وأن يُحبّ الإنصاف والبرّ، وأن يكون لديه ضمير ووعي، ويكون له قلب طيّب، وأن يكون قادرًا على قبول الحق وممارسته؛ الأشخاص من هذا النوع فقط هم من يمكنهم أن يعرفوا أنفسهم حقًا ويكرهوها. أما أولئك الذين لا يُحبّون الحق، والذين يجدون أنه من الصعب عليهم قبول الحق فلن يعرفوا أنفسهم أبدًا. فحتى لو تحدّثوا ببعض الكلمات عن معرفة أنفسهم، فإنهم لا يستطيعون ممارسة الحق، ولن يختبروا أي تغيير حقيقي. إنَّ معرفة الذات هي أصعب المهام على الإطلاق.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. لا يجد من يسعى إلى الحق عونًا إلّا في معرفة النفس

عند قراءة كلام الله، لم يركّز بطرس على فهم التعاليم ولا حتى على اكتساب المعرفة اللاهوتية؛ بل ركّز على فهم الحق وإدراك مقاصد الله والوصول لفهم شخصية الله وجماله. لقد حاول أيضًا أن يفهم من كلام الله حالات الفساد المتنوعة لدى الإنسان وكذلك جوهر طبيعة الإنسان وعيوبه الحقيقية، وبذلك يلبي بسهولة مطالب الله بهدف إرضاء الله. لقد كانت لديه العديد من الممارسات الصحيحة التي تندرج ضمن كلام الله. وكان هذا أكثر ما يتطابق مع مقاصد الله وأفضل تعاون يمكن أن يُبديه الإنسان أثناء اختباره لعمل الله. عند اختبار مئات التجارب المُرسلة من الله، فحص بطرس نفسه فحصًا صارمًا من حيث كُلّ كلمةٍ من دينونة الله وكشفه للإنسان، وكُلّ كلمةٍ من مطالبه من الإنسان، واجتهد لسبر أغوار معنى هذه الكلمات بدقة. حاول محاولةً جادَّة أن يتأمَّل ويحفظ كُلّ كلمةٍ قالها يسوع وحقَّق نتائج جيِّدة للغاية. وتمكَّن من خلال الممارسة هكذا من فهم نفسه من كلام الله، ولم يكتفِ بأن فهم الحالات المُتنوِّعة لفساد الإنسان وأوجه قصوره، ولكنه فهم أيضًا جوهر الإنسان وطبيعته. وهذا هو معنى الفهمٌ الحقيقيّ للذات.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. كيف تسلك طريق بطرس؟

إذا أراد الناس فهم أنفسهم، فيجب لهم فهم شخصيتهم الفاسدة، وأن يدركوا حالاتهم الحقيقية. الجانب الأهمّ لفهم المرء حالته هو استيعاب خواطره وأفكاره. ففي كلّ فترةٍ زمنيَّة يتحكَّم شيءٌ رئيسيّ واحد في أفكار الناس وخواطرهم. وإذا تمكَّنت من إدراك أفكارك وخواطرك، فيمكنك إدراك دوافعها. لا يمكن للناس التحكُّم في خواطرهم وأفكارهم، ومع ذلك، أنت بحاجةٍ إلى معرفة المصدر الذي تأتي منه هذه الخواطر والأفكار، والدوافع وراءها، وكيفيَّة إنتاجها، وما يتحكَّم بها، وطبيعتها. بعد أن تتغير شخصية الإنسان، ستختلف تمامًا عن ذي قبل تلك الخواطر والأفكار والآراء والأهداف التي يسعى إليها، والتي تنشأ عن الجزء الذي تغيَّر، أي أنها بصورة جوهرية ستقترب من الحق، وتكون متوافقة معه. أما الأشياء التي لم تتغير في داخل الناس، أي خواطرهم وأفكارهم وآرائهم القديمة، بما في ذلك الأشياء التي يحبها الناس ويسعون إليها، فكلها أشياء قذرة وبذيئة وشنيعة تمامًا. بعد أن يفهم الإنسان الحقَ، يصبح قادرًا على تمييز هذه الأشياء ورؤيتها بوضوح؛ ومن ثم، يصبح قادرًا على التخلي عنها والتمرد عليها، ويكون الأشخاص على هذه الشاكلة قد تغيروا بالتأكيد بصورة ما، إذ يصبحون قادرين على قبول الحق وممارسته والدخول في بعض وقائع الحق. أما الأشخاص الذين لا يفهمون الحق، فلا يمكنهم رؤية هذه الأشياء الفاسدة أو السلبية بوضوح، ولا تمييزها؛ ومن ثم لا يمكنهم التخلي عنها، فضلًا عن التمرد عليها. ما السبب في هذا الاختلاف؟ لماذا جميعهم مؤمنون، لكن بعضهم يستطيع تمييز الأمور السلبية وغير الطاهرة فيتخلى عنها، بينما لا يستطيع آخرون رؤيتها بوضوح ولا تحرير أنفسهم منها؟ يرتبط الأمر ارتباطًا مباشرًا بما إذا كان الشخص يحب الحق ويسعى إليه.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث

مفتاح التأمُّل في الذات ومعرفة نفسك هو كالتالي: كلَّما زاد شعورك بأنك أدَّيت عملاً جيِّدًا في جوانب مُعيَّنة أو فعلت الشيء الصحيح، وكلَّما زاد اعتقادك أنك تستطيع إرضاء مقاصد الله أو أنك قادر على التباهي في جوانب معيَّنة، زادت أهمية أن تعرف نفسك في تلك الجوانب، وأن تتعمَّق في فحصها لمعرفة الشوائب الموجودة بداخلك، بالإضافة إلى الأشياء التي توجد فيك والتي لا يمكنها إرضاء مقاصد الله. لنأخذ بولس كمثالٍ. لقد كان بولس واسع الاطّلاع وعانى كثيرًا في وعظه وعمله، وبجّله كثيرون بشدة. ونتيجةً لذلك، بعد أن أكمل الكثير من العمل، افترض أن ثمة تاجٌ مُخصَّص من أجله. تسبَّب هذا في أن يسلك المسار الخطأ ويتمادى فيه أكثر وأكثر إلى أن عاقبه الله في النهاية. ولو أنه كان في ذلك الوقت قد تأمَّل في نفسه مُشرّحاً إيَّاها لما فكر بالطريقة التي فكر بها. وبعبارة أخرى، فإن بولس لم يُركِّز على طلب الحقّ في كلام الرَّبّ يسوع؛ لكنه آمن فقط بمفاهيمه وتصوُّراته. لقد ظنَّ أنه بمجرّد القيام بذلك قد صنع بعض الصالحات وأظهر بعض السلوكيات الطيبة فإن الله سوف يستحسنه ويكافئه. وفي النهاية، أعمت مفاهيمه وتصوُّراته قلبه وغطَّت حقيقة فساده. غير أن الناس لم يتمكنوا من تبيّن هذا ولم تكن لهم معرفة بمثل هذه الأمور، لذا فقبل أن يكشف الله حقيقة الأمر، كان الناس دائمًا ما يضعون بولس كمعيارٍ يسعون إلى الوصول إليه، وكمثالٍ للعيش بموجبه، ويعتبرونه نموذجًا يسعون ليكونوا مثله. وتعتبر حالة بولس بمثابة تحذير لكل فرد من أفراد شعب الله المختار. فخاصة عندما نستطيع نحن الذين نتّبع الله أن نعاني وندفع الثمن في واجباتنا وعندما نخدم الله، نشعر أننا مخلصون لله ونحب الله؛ وفي مثل هذه الأوقات، يتعين علينا أن نتأمل ونفهم أنفسنا أكثر فيما يتعلق بالمسار الذي نسلكه، وهذا أمر ضروري؛ ذلك لأن ما تظنه خيرًا هو ما ستُحدّده صحيحًا، ولن ترتاب فيه أو تتأمله أو تُشرّحه لترى إن كان ينطوي على أي شيء فيه مقاومة لله. على سبيل المثال، هناك أشخاص يعتقدون أنهم طيبو القلب للغاية؛ فهم لا يكرهون الآخرين أو يؤذونهم أبدًا، ودائمًا ما يمدون يد المساعدة لأخ أو أخت تكون أسرته في حاجة، لكيلا تظل مشكلتهم دون حل؛ كما أن لديهم حسن نية كبير، ويفعلون كل ما في وسعهم لمساعدة كل من يستطيعون مساعدته. لكنهم لا يركزون مطلقًا على ممارسة الحق، وليس لديهم دخول في الحياة. ما هي نتيجة هذه الرغبة في المساعدة؟ لقد أوقف هؤلاء حياتهم الخاصة، لكنهم سعداء للغاية بأنفسهم، وراضون للغاية عن كل ما فعلوه. وأكثر من ذلك أنهم يفتخرون به كثيرًا، معتقدين أن كل ما فعلوه لا يتضمن شيئًا يعارض الحق، وأنه يكفي بالتأكيد لإرضاء مقاصد الله، وأنهم مؤمنون حقيقيون بالله. إنهم يرون طيبتهم الطبيعية أمرًا يمكن الاستفادة منه، وحالما يفعلون ذلك، يعتقدون أنه الحق حتمًا وبلا ريب. وفي الواقع، كل ما يفعلونه هو الخير البشري. إنهم لا يمارسون الحق على الإطلاق؛ لأنهم يفعلون ذلك أمام الإنسان وليس أمام الله، بالإضافة إلى أنهم لا يزالون لا يمارسونه وفقًا لمتطلبات الله والحق. لذا فإن كل أفعالهم بلا طائل. لا يعتبر أي شيء من الأشياء التي يفعلونها ممارسة للحق أو لكلام الله، ناهيك عن اتباع مشيئته؛ بل هم يستخدمون الطيبة البشرية والسلوك الجيد لمساعدة الآخرين. وباختصار، إنهم لا يطلبون مقاصد الله في كل ما يفعلونه، ولا يتصرفون بما يتوافق مع متطلباته. والله لا يستحسن هذا النوع من السلوك الحسن للإنسان؛ فهو سلوك يستحق الإدانة في نظر الله، ولا يستحق أن يذكره الله.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن للمرء أن يتحوّل حقًّا إلّا من خلال التعرف على آرائه الخاطئة

في سياق اختبار عمل الله، بغض النظر عن عدد المرات التي فشلت فيها، أو سقطت، أو تم تهذيبك، أو كشفُك، فتلك ليست أمورًا سيئة. بصرف النظر عن طريقة تهذيبك، أو ما إذا كان ذلك على يد القادة أو العاملين أو إخوتك أو أخواتك، فهذه كلُّها أشياء جيِّدة. ينبغي أن تتذكَّر هذا: بصرف النظر عن مدى معاناتك، فإنك تستفيد بالفعل. وأيُّ شخصٍ لديه اختبارٌ يمكنه أن يشهد على ذلك. مهما يكن، فإن تهذيبك أو كشفَك هو شيء جيد دائمًا. فهو ليس إدانة. إنه خلاص الله لك، وأفضل فرصة بالنسبة لك لكي تتعرف على نفسك. بل يمكن لذلك أن ينقل تجربة الحياة الخاصة بك إلى مستوى جديد. ودون ذلك، لن تمتلك لا الفرصة ولا الظروف ولا السياق الملائم لتتمكن من الوصول إلى فهم حقيقة فسادك. إذا كنت تفهم الحقَّ بالفعل وتمكَّنت من اكتشاف الأشياء الفاسدة المُخبَّأة في أعماق قلبك، وإذا تمكَّنت من تمييزها بوضوحٍ، فهذا جيِّدٌ ويكون قد حلَّ مشكلةً رئيسيَّة ترتبط بدخول الحياة وله فائدة كبيرة للتغييرات في الشخصيَّة. أن تتمكن من معرفة نفسك حقًّا هو أفضل فرصة بالنسبة إليك لإصلاح سبلك والتحوُّل إلى شخص جديد. إنها أفضل فرصة لك لاقتناء حياة جديدة. ما إن تتوصل إلى معرفة نفسك حقًّا، حتى تتمكَّن من رؤية أنه متى أصبح الحقُّ حياة المرء، فذلك شيء ثمين في الواقع، وستتعطش إلى الحقِّ، وتمارس الحق، وتدخل في الواقع. وهذا أمر رائع فعلًا! إذا استطعت أن تغتنم هذه الفرصة لتتفكَّر في نفسك باجتهاد وتكتسب معرفة حقيقية بنفسك كلما فشلت أو سقطت، فستتمكَّن – في خضم السلبية والضعف – من النهوض والوقوف على رجليك مرة أخرى. وبمجرد أن تتجاوز هذه العتبة، ستكون قادرًا على أن تخطو خطوة كبيرة إلى الأمام وتدخل في واقع الحقِّ.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. ينبغي للمرء أن يتعلم من الأشخاص، والأحداث، والأشياء القريبة منه لكي يربح الحق

جميع أولئك الذين يعرفون أنفسهم حقًا فشلوا وتعثروا عدة مرَّات في الماضي، وبعد ذلك قرأوا كلام الله وصلَّوا إليه وتأملوا أنفسهم، وبذلك أصبحوا يرون حقيقة فسادهم بوضوح ويشعرون أنهم بالفعل فاسدون بشدة ومجردون تمامًا من واقع الحق. إذا اختبرت عمل الله على هذا النحو وكنت تُصلِّي إليه وتطلب الحق عندما تصيبك الأمور، فسوف تعرف نفسك تدريجيًا. ويومًا ما، سوف يكون قلبك صافيًا أخيرًا: "قد يكون مستوى قدراتي أفضل قليلًا من الآخرين، لكن هذا قد منحني الله إياه. إنني متفاخر دائمًا، وأحاول التفوق على الآخرين عندما أتحدث، وأحاول إقناع الناس بفعل الأشياء بطريقتي. إنني أفتقر حقًا إلى الإدراك، وهذا تكبُّر وبر ذاتي! من خلال التأمل عرفت شخصيتي المتكبرة. هذه هي استنارة الله ونعمته، وأنا أشكره على ذلك!" هل معرفة أن لديك شخصية فاسدة أمر جيد أم سيئ؟ (أمر جيد). ومن تلك النقطة ينبغي أن تطلب كيفية التحدث والتصرف بإدراك وطاعة، وكيفية الوقوف على قدم المساواة مع الآخرين، وكيفية معاملة الآخرين بإنصاف دون تقييدهم، وكيفية النظر إلى مستوى قدراتك ومواهبك ونقاط قوتك وما إلى ذلك على نحو صحيح. بهذه الطريقة، سوف تُعالَج شخصيتك المتكبرة مثل جبل يتحول بضربة تلو الأخرى إلى غبار. وبعد ذلك، عندما تتفاعل مع الآخرين أو تعمل معهم لأداء واجب، سوف تتمكن من التعامل مع وجهات نظرهم بشكل صحيح وسماعهم بانتباه دقيق ووثيق. وعندما تسمعهم يُعبِّرون عن وجهة نظر صحيحة، سوف تكتشف: "يبدو أن مستوى قدراتي ليس الأفضل. الحقيقة هي أن كل شخص يتمتع بنقاط قوة، وهم ليسوا أدنى مني على الإطلاق. كنت أعتقد دائمًا فيما سبق أنني أمتلك مستوى قدرات أفضل مما لدى الآخرين. وقد كان ذلك إعجابًا بالنفس وجهلًا ضيق الأفق. كانت لديَّ نظرة محدودة للغاية كضفدع في قاع بئر. كان التفكير بذلك الشكل يفتقر إلى الإدراك حقًا؛ وكم كان وقحًا! لقد أصابتني شخصيتي المتكبرة بالعمى والصمم. لم يكن كلام الآخرين يصلني، واعتقدت أنني أفضل منهم وأنني كنت على حق، في حين أنني في الواقع لست أفضل من أي منهم!" من ذلك الحين فصاعدًا، سوف تكون لديك بصيرة حقيقية بنقائصك وقامتك الضئيلة وكذلك معرفة بها. وبعد ذلك، عندما تعقد شركة مع الآخرين، سوف تستمع عن كثب إلى آرائهم وسوف تدرك: "يوجد الكثير من الأشخاص أفضل مني. فمستوى قدراتي وقدرتي على الاستيعاب كلتاهما متوسطتان في أحسن الأحوال". وبهذا الإدراك، ألن تكون قد ربحت القليل من الوعي بالذات؟ من خلال اختبار هذا، والتأمل المتكرر في نفسك وفقًا لكلام الله، سوف تتمكن من ربح معرفة حقيقية بالذات تزداد عمقًا. سوف تتمكن من رؤية حقيقة فسادك وفقرك وبؤسك وقبحك المؤسف، وفي ذلك الوقت، سوف تشعر بالنفور من نفسك وتكره شخصيتك الفاسدة، وحينها سوف يسهل عليك أن تتمرد على نفسك. تلك هي الطريقة التي تختبر بها عمل الله. يجب أن تتأمل في تدفقات فسادك وفقًا لكلام الله. وعلى وجه الخصوص، بعد أن تكشف عن شخصية فاسدة في أي نوع من المواقف، لا بد أن تتأمل في نفسك كثيرًا وتعرفها. سوف يسهل عليك حينها أن ترى جوهرك الفاسد بوضوح، وسوف تتمكن من كره فسادك، وجسدك، وكره الشيطان من القلب. وسوف تتمكن من محبة الحق من القلب والسعي إليه. وبهذه الطريقة، سوف تستمر شخصيتك المتكبرة في التضاؤل، وسوف تتخلص منها تدريجيًا. سوف تربح المزيد والمزيد من الإدراك، وسيكون الخضوع لله أسهل عليك. سوف تبدو في نظر الآخرين أكثر ثباتًا ورسوخًا، وسوف يبدو أنك تتحدث بموضوعية أكبر. سوف تتمكن من الاستماع إلى الآخرين، وسوف تمنحهم وقتًا للتحدث. عندما يكون الآخرون على حق، سوف يسهل عليك قبول كلامهم، ولن تكون تعاملاتك مع الناس شاقة للغاية. سوف تتمكن من التعاون بتناغم مع أي شخص. إذا كانت هذه هي الطريقة التي تؤدي بها واجبك، ألن يكون لديك حينئذ إدراك وإنسانية؟

– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ماذا يعني السعي إلى الحق (1)

لحل مشكلة شخصيتك الفاسدة تمامًا، ينبغي أن تطلب الحق لحلها حالما تظهر. ينبغي عليك حل مشكلة الشخصية الفاسدة في حالتها الناشئة، وبذلك تضمن عدم ارتكابك أي خطأ، وتمنع حدوث مشكلات في المستقبل. فإذا تجذرت الشخصية الفاسدة وأصبحت تمثل أفكار الشخص أو وجهة نظره، فسوف تتمكن من توجيه الشخص لفعل الشر. وبالتالي، فإن الهدف الرئيسي من التأمل الذاتي ومعرفة الذات هو اكتشاف شخصيات المرء الفاسدة وطلب الحق بسرعة لحلها. ينبغي أن تعرف الأشياء الموجودة في طبيعتك، وما الذي تحبه، وما الذي تسعى إليه، وما الذي تريد الحصول عليه. ينبغي أن تشرِّح هذه الأشياء وفقًا لكلام الله لترى ما إذا كانت تتوافق مع مقاصد الله، وبأي طريقة هي مغلوطة. بمجرد أن تفهم هذه الأشياء، ينبغي أن تحل مشكلة اضطراب العقل، أي مشكلة إزعاجك اللاعقلاني المستمر. هذه ليست مشكلة شخصيتك الفاسدة فحسب، بل تمس أيضًا مشكلة افتقارك إلى العقل. بوجه خاص في الأمور التي تتعلق بمصالحهم، لا يملك الناس الذين تطغى عليهم مصالحهم عقلًا طبيعيًا. هذه مشكلة نفسية، وهي أيضًا نقطة ضعف لدى الناس. ...

الأشياء في طبيعة الإنسان ليست مثل بعض السلوكيات أو الممارسات أو الأفكار الخارجية التي يمكن تهذيبها فقط وهذا كل شيء؛ بل يجب كشفها شيئًا فشيئًا. بالإضافة إلى ذلك، ليس من السهل على الناس التعرف عليها، وحتى إذا حُددت، فليس من السهل تغييرها – يتطلب القيام بذلك فهمًا عميقًا بشكل كاف. لماذا نشرِّح دائمًا طبيعة الإنسان؟ ألا تفهمون ما يعنيه ذلك؟ من أين تأتي استعلانات شخصيات الناس الفاسدة؟ تأتي كلها من داخل طبيعتهم، وجميعها محكوم بطبيعتهم. كل شخصية من شخصيات الإنسان الفاسدة، وكل فكر وكل خاطر، وكل مقصد، كلها مرتبطة بطبيعة الإنسان. لذلك، من خلال الكشف المباشر عن طبيعة الإنسان، يمكن حل شخصياته الفاسدة بسهولة. على الرغم من أنه ليس من السهل تغيير طبيعة الناس، إذا تمكَّن من تمييز الشخصيات الفاسدة التي يكشف عنها ورؤيتها على حقيقتها، وإذا تمكن من طلب الحق لحلها، سيتمكن من تغيير شخصياته تدريجيًا. بمجرد أن يحقق الشخص تغييرًا في شخصيته الحياتية، ستكون الأشياء التي تقاوم الله بداخله أقل فأقل. الغرض من تشريح طبيعة الإنسان هو تغيير شخصياته. أنتم لم تدركوا هذا الهدف، وتعتقدون أنه من خلال تشريح طبيعتكم وفهمها فحسب يمكنكم الخضوع لله واستعادة عقولكم. كل ما تفعلونه هو تطبيق اللوائح بشكل أعمى! لماذا لا أكشف ببساطة غطرسة الناس وبرهم الذاتي؟ لماذا يجب عليّ أيضًا أن أشرِّح طبيعتهم الفاسدة؟ إن كشف برهم الذاتي وغطرستهم في حد ذاته لن يحل المشكلة. لكن إذا شرَّحتُ طبيعتهم، فإن الجوانب التي يغطيها هذا واسعة للغاية، وتشمل جميع الشخصيات الفاسدة. إنه أكثر من مجرد النطاق الضيق للبر الذاتي والأهمية الذاتية والغطرسة. تشمل الطبيعة أكثر من ذلك بكثير. لذلك، سيكون من الجيد أن يتعرف الناس على عدد الشخصيات الفاسدة التي يكشفون عنها في جميع مطالبهم المختلفة من الله، أي في رغباتهم المترفة. بمجرد أن يفهم الناس جوهر طبيعتهم، يمكنهم حينئذ كراهية أنفسهم وإنكارها؛ وسيكون من السهل عليهم حل شخصياتهم الفاسدة، وسيكون لديهم مسار. وإلا فإنكم لن تتوصلوا أبدًا إلى السبب الجذري، ولن تقولوا سوى أن هذا برًا ذاتيًا، أو غطرسة، أو كبرياء، أو غياب مُطلق للولاء. هل يمكن لمجرد الحديث عن مثل هذه الأمور السطحية حل مشكلتك؟ هل هناك أي حاجة لمناقشة طبيعة الإنسان؟

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. يُكثر الناس من مطالبهم من الله

في هذه الأيام، يتمتّع معظم الناس بفهم سطحي جدًا لأنفسهم. فهم لم يتوصّلوا إطلاقًا إلى معرفة واضحة للأشياء التي تشكّل جزءًا من طبيعتهم، ولا يعرفون سوى القليل من الحالات الفاسدة التي يكشفون عنها، والأشياء التي يُحتمل أن يفعلوها، أو القليل من عيوبهم، ما يجعلهم يعتقدون أنّهم يعرفون أنفسهم. علاوةً على هذا، إن كانوا يلتزمون ببعض اللوائح، ويضمنون ألا يقترفوا أخطاءً في مجالات معينة، ويتمكّنون من تفادي اقتراف تعديات معينة، فإنهم يعتبرون أنّهم يمتلكون الواقع في إيمانهم بالله ويفترضون أنّهم سيخلَّصون. هذا خيال بشري بالكامل. إن التزمت بتلك الأشياء، فهل ستتمكّن فعلًا من الامتناع عن اقتراف أي تعدٍ؟ هل ستكون قد بلغت تغييرًا حقيقيًا في شخصيتك؟ هل ستحيا فعلًا بشبه إنسان؟ هل تستطيع حقًا إرضاء الله بتلك الطريقة؟ حتمًا لا، وهذا مؤكّد. لا ينجح الإيمان بالله إلا عندما يتمتّع المرء بمعايير رفيعة ويكون قد بلغ الحق وبعض التغييرات في شخصيته الحياتية. يتطلب هذا أوّلًا التفاني لمعرفة النفس. إن كانت معرفة الناس لأنفسهم سطحيةً جدًا، فسيستحيل عليهم حل المشاكل، ولن تتغيّر شخصيات حياتهم بكل بساطة. من الضروري أن يعرف المرء نفسه بعمق؛ ما يعني معرفة المرء طبيعته: ما العناصر التي تشملها تلك الطبيعة، وكيف نشأت هذه الأشياء، ومن أين أتت. بالإضافة إلى هذا، هل تتمكّن في الواقع من كراهية هذه الأشياء؟ هل رأيت روحك القبيحة وطبيعتك الشريرة؟ إن تمكّنت فعلًا من رؤية الحق بشأن نفسك، فسوف تكره نفسك. عندما تكره نفسك ثم تمارس كلام الله، ستتمكّن من التمرد على الجسد وامتلاك القوة لممارسة الحق، من دون الاعتقاد بأنه أمر صعب. لماذا يتبع الكثير من الناس تفضيلاتهم الجسدية؟ وبما أنّهم يعتبرون أنفسهم صالحين جدًا، لشعورهم بأنّ أعمالهم محقّة ومبررة، وأنّهم بلا أخطاء، بل وأنّهم على حق تمامًا. فهم بالتالي قادرون على التصرف مفترضين أنّ العدالة في صفِّهم. عندما يعرف المرء طبيعته الحقيقيَّة من حيث مدى قبحه وحقارته وإثارته للشفقة، فإنه لا يفرط في الافتخار بنفسه أو الكبرياء، ولا يرضى بنفسه كما كان من قبل. يشعر مثل هذا الشخص وكأنه يقول لنفسه: "ينبغي أن أكون جادًا وواقعيًا في ممارسة بعض كلام الله. إذا لم يكن الأمر كذلك، فلن أرقى إلى مستوى أن أكون إنسانًا، وسوف أخجل من العيش في محضر الله". وعندها يرى المرء نفسه تافهًا حقًّا ولا قيمة له فعلًا. وفي هذا الوقت يصبح من السهل عليه أن ينفِّذ الحقّ، ويبدو أنه يشبه الإنسان إلى حدٍّ ما. لا يستطيع الناس التمرد على الجسد سوى عندما يكرهون أنفسهم حقًا. إن كانوا لا يكرهون أنفسهم، فلن يتمكّنوا من التمرد على الجسد. ليست كراهية الذات بحق بالأمر السهل. ثمّةَ أمور عدّة لا بد من وجودها فيهم: أولًا، أن يعرف المرء طبيعته؛ وثانيًا، أن يرى المرء نفسه محتاجًا ومثيرًا للشفقة، ويرى نفسه صغيرًا للغاية ولا قيمة له، ويرى روحه القذرة والمثيرة للشفقة. عندما يرى المرء كليًا ما هو عليه حقًا، ويحقّق هذه النتيجة، يربح آنذاك حقًا معرفةً لنفسه، ويمكن القول إنّ المرء توصّل إلى معرفة نفسه كليًا. وعندها فقط يستطيع المرء أن يكره نفسه حقًا، وأن يصل حتى إلى مرحلة يلعن فيها نفسه، ويشعر حقًا بأنّ الشيطان قد أفسده بعمق لدرجة أنّه لم يعُد يشبه الكائن البشري. ثم، ذات يوم، عندما يظهر تهديد الموت، سيفكّر شخص كهذا قائلاً: "هذه عقوبة الله البارّة. الله بارّ بالفعل؛ وأنا أستحق الموت حقًا". في هذه المرحلة، لن يقدم شكوى، فضلًا عن أن يلوم الله، ويشعر ببساطة بأنه مسكين ومثير للشفقة جدًا، وأنه قذر وفاسد جدًا لدرجة أنّه يجب أن يستبعده الله ويدمره، ولا تستحقّ روح مثل روحه أن تعيش على الأرض. ولذلك فلن يتذمر هذا الشخص من الله أو يقاومه، فضلًا عن أن يخونه. إن كان المرء لا يعرف نفسه، ومع هذا يعتبر نفسه صالحًا جدًا، فعندما يقرع الموت بابه، سيفكّر هذا الإنسان قائلاً: "لقد أحسنتُ صنيعًا في إيماني. كم سعيتُ بجهد! لقد أعطيتُ الكثير، وعانيتُ كثيرًا، لكن في النهاية، يطلب منّي الله الآن أن أموت. لا أعرف أين برّ الله. لماذا يطلب منّي أن أموت؟ إن كان لا بدّ من موتي، إذًا فمن سيَخلُص؟ ألن ينقرض الجنس البشري؟" أولًا وقبل كل شيء، يملك هذا الشخص مفاهيم عن الله. ثانيًا، يتذمّر هذا الشخص ولا يُظهر أي خضوع على الإطلاق. هذا تمامًا مثل بولس: عندما أوشك على الموت، لم يكن يعرف نفسه، وعندما دنت منه عقوبة الله، كان الأوان قد فات تمامًا.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث

معرفة المرء لنفسه أمر في غاية الأهمية لكل شخص، لأنها تؤثر بشكل مباشر على مسألة مهمة وهي ما إذا كان بوسع المرء أن يتخلص من شخصيته الفاسدة ويحقق الخلاص. لا تظن أن هذا الأمر بسيط. فمعرفة نفسك لا تقتصر فقط على فهم أفعالك أو ممارساتك، بل هي معرفة جوهر مشكلتك؛ معرفة أساس تمرُّدك وجوهره، ومعرفة سبب عدم قدرتك على ممارسة الحق، وفهم الأشياء التي تظهر وتوقعك في اضطراب عندما تمارس الحق. وهذه بعض من أهم جوانب معرفة نفسك. على سبيل المثال، بسبب تأثير الثقافة الصينية التقليدية، في المفاهيم التقليدية لشعب الصين، يؤمنون بضرورة برّ المرء لوالديه. ومن لا يراعي برّ والديه يُعدّ ولدًا عاقًا. هذه الأفكار غُرِست في الناس منذ الطفولة، وتُدرّس في كل منزل تقريبًا، وكذلك في كل مدرسة وفي المجتمع بشكل عام. وعندما يمتلئ رأس المرء بمثل تلك الأمور، فإنه يفكر قائلًا لنفسه: "برّ الوالدين أهم من أي شيء. وإذا لم أراعي ذلك، لن أكون شخصًا صالحًا؛ بل سأكون ولدًا عاقًا وسأتعرض للاستهجان من المجتمع. سأكون شخصًا لا ضمير له". هل هذا الرأي صحيح؟ لقد رأى الناس الكثير من الحقائق التي عبّر عنها الله؛ فهل طلب الله أن يُظهِر المرء البرّ تجاه والديه؟ هل هذه واحدة من الحقائق التي يجب على المؤمنين بالله فهمها؟ كلا، إنها ليست كذلك. لقد عقد الله شركةً فقط حول بعض المبادئ. بحسب أي مبدأ يطلب كلام الله من الناس التعامل مع الآخرين؟ أحْبِبْ ما يحبه الله، واكره ما يكرهه الله: هذا هو المبدأ الذي ينبغي التمسك به. إن الله يحبّ هؤلاء الذين يسعون إلى الحق ويستطيعون اتّباع مشيئته؛ وهؤلاء هم أيضًا الأشخاص الذين ينبغي أن نحبهم. أمّا أولئك غير القادرين على اتباع مشيئة الله، الذين يكرهون الله ويتمردون عليه، فهؤلاء يمقتهم الله، وعلينا أن نمقتهم أيضًا. هذا ما يطلبه الله من الإنسان. إذا كان والداك لا يؤمنان بالله، وإذا كانا يعلَمان جيدًا أن الإيمان بالله هو الطريق الصحيح ويمكن أن يؤدي إلى الخلاص، ومع ذلك يظلان غير متقبلَين له، فلا شك أنهما من أولئك الناس الذين ينفرون من الحق ويكرهونه، وأنهما ممن يقاومون الله ويكرهونه؛ ومن الطبيعي أن يمقتهما الله ويكرههما. هل يمكن أن تمقت مثل هذين الوالدين؟ إنهما يعارضان الله ويسبَّانه؛ وفي هذه الحالة، فإنهما بكل تأكيد من الشياطين والأبالسة. هل يمكنك أن تكرههما وتلعنهما؟ هذه كلها أسئلة حقيقية. فإذا منعك والداك من الإيمان بالله، فكيف تعامِلهما؟ كما يطلب منك الله، يجب أن تحب ما يحبه الله، وتكره ما يكرهه الله. قال الرب يسوع في عصر النعمة: "مَنْ هِيَ أُمِّي وَمَنْ هُمْ إِخْوَتي؟" "لِأَنَّ مَنْ يَتَّبِعُ مَشِيئَةَ أَبِي ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي". كانت هذه الكلمات موجودة بالفعل في عصر النعمة، والآن أصبحت كلمات الله أكثر وضوحًا: "أحبوا ما يحبه الله، واكرهوا ما يكرهه الله". هذه الكلمات تدخل مباشرة في صُلب الموضوع، ومع ذلك لا يستطيع الناس غالبًا فهم معناها الحقيقي. فإذا كان شخص ما ينكر الله ويعارضه، وكان ملعونًا من الله، ولكنه كان أحد والديك أو أقاربك، ولا يبدو لك بحسب معرفتك به أنه شخص شرير، وكان يعاملك معاملةً حسنة، فلعلك تجد نفسك عاجزًا عن كره ذلك الشخص، بل قد تظل على اتصال وثيق به، دون أن تتغير علاقتك به. وسماعك أن الله يكره مثل هؤلاء الأشخاص سيزعجك، ولن تستطيع أن تقف إلى جانب الله وترفضه بلا رأفة؛ فأنت مقيد دائمًا بالعاطفة ولا يمكنك التخلي تمامًا عن أولئك الأشخاص. ما هو السبب وراء ذلك؟ يحدث هذا لأن مشاعرك في غاية القوة، وهي تعيقك عن ممارسة الحق. إن ذلك الشخص طيب معك؛ ولذلك لا تستطيع أن تحمل نفسك على كراهيته. لا يمكنك أن تكرهه إلا إذا سبَّب لك الأذى فعلًا. فهل تتماشى تلك الكراهية مع مبادئ الحق؟ أنت أيضًا مقيد بمفاهيم تقليدية، حيث تفكر بأنه أحد الوالدين أو الأقارب، وبالتالي إذا كرهتَه فستُقابل بالازدراء من المجتمع والتشهير من الرأي العام، وتُدان بوصفكَ عاقًّا، وبلا ضمير، بل وحتى بوصفك بأنك لست إنسانًا. وكذلك ستعتقد أنك ستعاني الإدانة والعقاب الإلهيين. وحتى إن أردتَ أن تبغضه فلن يدَعكَ ضميرُكَ تفعل ذلك. فلماذا يعمل ضميرك بهذه الطريقة؟ ذلك لأن نمطًا من التفكير قد زُرِع بداخلك منذ أن كنت طفلًا، من خلال إرث عائلتك، والتعليم الذي قدَّمه لك والديك، والتلقين الثقافي التقليدي. هذا النمط من التفكير مُتجذّر بعمق في قلبك، ويجعلك تعتقد خطأً أن برّ الوالدين أمر طبيعي ومُبرَّر تمامًا، وأن أي شيء ورثته من أسلافك جيّد دائمًا. لقد تعلمتَه في البداية وهو لا يزال مهيمنًا عليك، بحيث صار يمثل حجر عثرة كبرى وإزعاجًا لإيمانك وقبولك للحق، وهو يتركك عاجزًا عن تطبيق كلام الله، وعن حب ما يحبه الله وبغض ما يبغضه. إنك تعلم في صميم قلبك أن حياتك هبةٌ من الله، وليست من أبويك، وتعلم أيضًا أن والديك لم يتوقفا عند عدم الإيمان بالله، بل هما يقاومانه أيضًا، وأن الله يبغضهما، وأن عليك أن تخضع لله وأن تقف إلى جانبه، غير أنك لا تستطيع أن تحمل نفسك على كرههما، حتى إن أردت ذلك. لا يمكنك أن تغير هذا الوضع أو أن تُقسِّيَ قلبك، ولا يمكنك ممارسة الحق. ما أصل ذلك؟ يستخدم الشيطان هذا النوع من الثقافة التقليدية والمفاهيم الأخلاقية لتقييد أفكارك وعقلك وقلبك، ليتركك عاجزًا عن قبول كلام الله. لقد استحوذتْ عليك هذه الأمور الشيطانية فجعلتك غير قادر على قبول كلام الله. عندما تود ممارسة كلام الله، تُحدث هذه الأمور إزعاجًا في داخلك، وتدفعك إلى معارضة الحق ومتطلبات الله، وتجعلك عاجزًا عن التخلص من نير الثقافة التقليدية. وبعد المقاومة لفترة، تضطر إلى التنازل: إذ تفضل الاعتقاد بأن المفاهيم التقليدية عن الأخلاق صحيحة، وأنها تتماشى مع الحق، ومن ثم ترفض كلام الله أو تنبذه. إنك لا تتقبل كلام الله على أنه الحق، ولا تفكر أبدًا في خلاص نفسك، وتشعر أنك لا تزال تعيش في هذا العالم، وأنك لكي تنجو عليك أن تعتمد على هؤلاء الناس. وبما أنك غير قادر على تحمل اتهامات المجتمع، فإنك تميل إلى اختيار التخلي عن الحق وعن كلام الله، والاستسلام للمفاهيم التقليدية عن الأخلاق ولتأثير الشيطان، مفضلًا الإساءة إلى الله وعدم ممارسة الحق. ألا يدعو حال الإنسان إلى الشفقة؟ أليس في حاجة إلى خلاص الله؟ بعض الناس آمنوا بالله لسنوات عديدة، لكنهم لا يزالون لا يمتلكون أي إدراك لقضيّة برّ الوالدين. إنهم حقًا لا يفهمون الحق. ليس بوسعهم أبدًا اختراق حاجز العلاقات الدنيوية هذا؛ ليس لديهم الشجاعة ولا الثقة، ناهيك عن العزم، لذا لا يمكنهم محبة الله وطاعته. وبعض الناس يستطيعون رؤية ما هو أبعد من ذلك، وليس من السهل عليهم بالفعل أن يقولوا: "والديّ لا يؤمنان بالله، ويمنعاني من الإيمان به، إنهما شيطانان". لا يوجد واحد من غير المؤمنين يؤمن بالله، أو بأنه خلق السماوات والأرض وجميع الأشياء، أو بأن الله خلق الإنسان. بل يتمادى البعض قائلين: "يحصل الإنسان على الحياة من والديه، وعليه أن يكرمهما". من أين تأتي مثل هذا الفكرة أو تلك النظرة؟ هل تأتي من الشيطان؟ إنها آلاف الأعوام من الثقافة التقليديَّة التي علَّمت الإنسان وضللته بهذه الطريقة؛ حيث جعلته ينكر خلق الله وسيادته. ولولا تضليل الشيطان وسيطرته، لتحرّى البشر عمل الله، وقرأوا كلامه، وعرفوا أنهم مخلوقون من قِبَل الله وأن حياتهم ممنوحة من الله، وعلموا أن كلّ ما عندهم ممنوح من الله، وأن الله هو من عليهم أن يشكروه. وإذا قدَّم لنا أحدٌ المساعدة فيجب أن نقبل هذا من الله؛ لا سيما آباؤنا، الذين أنجبونا وربّونا؛ وكان هذا كلّه بترتيبٍ من الله. إن الله له السيادة على الجميع؛ والإنسان ما هو إلا أداة للخدمة. إذا استطاع أحدٌ تنحية والديه أو شريك حياته وأطفاله جانبًا ليبذل نفسه لله، فسوف يكون ذلك الشخص أكثر قوة، ولديه حس أكبر بالعدالة أمام الله. مع ذلك، ليس من السهل على الناس كسر قيود التعليم الوطني، والأفكار الثقافية التقليدية والمفاهيم والقواعد الأخلاقية، ﻷن هذه السموم والفلسفات الشيطانية قد ترسّخت جذورها منذ فترة طويلة في قلوب الناس، مما يُولّد كل أنواع الشخصيات الفاسدة التي تمنعهم من سماع كلام الله والخضوع له. في أعماق قلب الإنسان الفاسد، لا يوجد استعداد مُتجذّر لتطبيق الحق واتبّاع مشيئة الله. لذلك يتمرد الناس على الله ويقاومونه؛ وقد يخونونه ويتخلون عنه في أي وقت. فهل يمكن للمرء أن يتلقى الحق إذا كانت الشخصيات الفاسدة والسموم والفلسفات الشيطانية موجودة بداخله؟ هل يمكن للمرء تحقيق الخضوع لله؟ إنه أمر شديد الصعوبة حقًا. ولولا عمل الدينونة من قبل الله نفسه، لما تمكّنت البشرية الفاسدة بشدة من نيل الخلاص، ولما تمكّنت من التطهّر من كامل شخصيتها الشيطانية. فحتى لو آمن الناس بالله وكانوا على استعداد لاتّباعه، فلا يمكنهم الاستماع إلى الله والخضوع له، لأن قبول الحق يتطلّب مجهودًا كبيرًا من الناس. لذلك يجب أن يسبق السعي إلى الحق السعي إلى معرفة النفس وحلّ الشخصية الفاسدة للمرء. حينها فقط سيكون من الأسهل قبول الحق. إن معرفة النفس ليست مسألةً هينة على الإطلاق؛ ووحدهم أولئك الذين يقبلون الحق هم من يمكنهم معرفة أنفسهم. ولهذا السبب تُعد معرفة المرء لنفسه أمرًا في غاية الأهمية، ومسألة يجب ألا تتجاهلوها.

لدى الناس شخصيات فاسدة، لذلك من الصعب جدًا عليهم قبول الحق، والأصعب حتى من ذلك هو أن يعرفوا أنفسهم. إذا أرادوا تحقيق الخلاص، عليهم يتوصلوا إلى معرفة شخصياتهم الفاسدة وجوهر طبيعتهم. حينها فقط بوسعهم قبول الحق بصدق وممارسته. معظم الناس الذين يؤمنون بالله يرضون فقط بكونهم قادرين على الحديث بالكلمات والتعاليم، معتقدين أنهم يفهمون الحق. هذا خطأ كبير، ﻷن الذين لا يعرفون أنفسهم لا يفهمون الحق. لذا، لفهم الحق وربحه في إيمانهم بالله، ينبغي على الناس التركيز على معرفة أنفسهم. بغض النظر عن الزمان والمكان، وبغض النظر عن البيئة التي نحن فيها، إذا استطعنا أن نعرف أنفسنا، وأن نكشف شخصياتنا الفاسدة ونُشرِّحها، ونعامل معرفة أنفسنا على أنها أولوية قصوى، فإننا بالتأكيد سنربح شيئًا، وسنتعمّق تدريجيًا في معرفتنا بأنفسنا. وفي الوقت نفسه، سنمارس الحق، ونمارس حب الله والخضوع له، وسنفهم المزيد والمزيد من الحق. حينئذٍ سيصبح الحق هو حياتنا بشكل طبيعي. ولكن إذا لم تدخل في معرفة نفسك على الإطلاق، فإن قولك إنك تمارس الحق هو قول كاذب، ﻷنك أعمى بمختلف الظواهر السطحية. أنت تشعر وكأن سلوكك قد تحسّن، وأن لديك ضميرًا وعقلًا أكثر من ذي قبل، وأنك ألطف، وأكثر مراعاةً وتسامحًا مع الآخرين، وأكثر صبرًا وتجاوزًا عن الناس، وبالتالي تظن أنك تعيش بالفعل الإنسانية الطبيعة، وأنك شخص عظيم وكامل. لكن في عينيّ الله، أنت لا تزال دون متطلباته ومعاييره، وبعيد جدًا عن الخضوع الحقيقي لله وعبادته. يُظهر هذا أنك لم تربح الحق، وأنك تفتقر إلى أدنى قدر من الواقع، وأنك لا تزال بعيدًا عن تلبية معايير الخلاص.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن للمرء أن يتحوّل حقًّا إلّا من خلال التعرف على آرائه الخاطئة

ترانيم ذات صلة

هذا هو شبه الإنسان الحقيقي

الفشل هو الفرصة الفضلى لمعرفة نفسك

السابق: 4. ما هي المعرفة الحقيقية للذات

التالي: 6. الشخصيات الفاسدة التي يمتلكها الناس

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

سؤال 2: لقد صُلب الرب يسوع كذبيحة خطيئة لتخليص البشرية. لقد قبلنا الرب، وحصلنا على الخلاص من خلال نعمته. لماذا لا يزال علينا أن نقبل عمل الله القدير للدينونة والتطهير في الأيام الأخيرة؟

الإجابة: في عصر النعمة، قام الرب يسوع بعمل الفداء. لم يكن هدف عمل دينونة الله في الأيام الأخيرة هو إنقاذ البشرية بشكل شامل. ما حققه عمل...

تمهيد

مع أن العديد من الناس يؤمنون بالله، إلا أن قلةً منهم يفهمون معنى الإيمان بالله، وما يتعين عليهم بالضبط أن يفعلوه ليكونوا متماشين مع مقاصد...

سؤال 8: الذين آمنوا بالرب يسوع، وضحوا من أجله في حياتهم، إن لم يقبلوا عمل الله القدير في الأيام الأخيرة، فلن يُختطفوا إلى ملكوت السموات؟

الإجابة: بخصوص هذه المسألة، أعطانا الله القدير إجابة واضحة. يقول الله القدير، "إن لم تَسْعَ نحو طريق الحياة الذي يقدمه مسيح الأيام الأخيرة،...

ظهور الله وعمله حول معرفة الله أحاديث مسيح الأيام الأخيرة كشف أضداد المسيح مسؤوليات القادة والعاملين حول السعي إلى الحق حول السعي إلى الحق الدينونة تبدأ ببيت الله كلمات جوهرية من الله القدير مسيح الأيام الأخيرة كلمات الله اليومية اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة وقائع الحق التي على المؤمنين بالله أن يدخلوها إرشادات لنشر إنجيل الملكوت خراف الله تسمع صوت الله أصغ إلى صوت الله عاين ظهور الله أسئلة وأجوبة جوهرية عن إنجيل الملكوت شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد الأول) شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد الثاني) شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد الثالث) شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد الرابع) شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد الخامس) شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد السادس) شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد السابع) شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد التاسع) كيف رجعت إلى الله القدير

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب