8. كيفية تمييز فلسفات الشيطان ومختلف البدع والمغالطات
كلمات الله القدير في الأيام الأخيرة
الله ذاته هو الحق، وهو يملك كل الحقائق. الله هو مصدر الحق. ينبع كل شيء إيجابي وكل حق من الله. هو يستطيع الحكم على صحة كل الأشياء والأحداث وخطئِها؛ يستطيع الحكم على أشياء قد حصلت، وأشياء تحصل الآن، وأشياء مستقبلية لا يعرفها الإنسان بعد. الله هو القاضي الوحيد الذي يستطيع الحكم على صحة كل الأشياء وخطئِها، وهذا يعني أنّ صحة كل الأشياء وخطأها لا يمكن أن يحكم عليها سوى الله. فهو يعرف معايير كل الأشياء. ويستطيع أن يعبر عن الحقائق في أي وقت ومكان. الله هو تجسيد الحق؛ ما يعني أنّه هو بذاته يملك جوهر الحق. حتى وإنْ فهم الإنسان كثيرًا من الحقائق وكمّله الله، هل ستكون له حينئذٍ أي علاقة بتجسيد الحق؟ لا. هذا مؤكد. عندما يكمَّل الإنسان، فإنه – بخصوص العمل الحالي لله ومختلف المعايير التي يطلبها من الإنسان – سيكون لديه حكم دقيق، وطرقٌ دقيقةٌ للممارسة، وسيفهم مقاصد الله تمامًا. ويستطيع التفريق بين ما هو من الله وما هو من الإنسان، وبين ما هو صواب وما هو خطأ. لكن توجد بعض الأمور التي تبقى بعيدة المنال وغير واضحة للإنسان، أمور لا يستطيع أن يعرفها إلا بعد أن يخبره الله عنها. هل يستطيع الإنسان أن يعلم أو يتنبأ بأشياء غير معروفة حتى الآن، أشياء لم يخبره الله عنها بعد؟ كلا، مطلقًا. علاوةً على هذا، حتى لو كسب الإنسان الحق من الله، وامتلك واقع الحق وعرف جوهر الكثير من الحقائق، وامتلك القدرة على تمييز الصواب من الخطأ، فهل سيمتلك القدرة على السيطرة على كل الأشياء وحكمها. لن يمتلك هذه القدرة. ذلك هو الفرق بين الله والإنسان. لا تستطيع الكائنات المخلوقة أن تكسب الحق قط سوى من مصدر الحق. هل تستطيع أن تكسب الحق من الإنسان؟ هل الإنسان هو الحق؟ هل يستطيع الإنسان أن يزوّد الآخرين بالحق؟ لا يستطيع، وهنا يكمن الفرق. لا يمكنك سوى أن تتلقّى الحق، لا أن تزوِّد الآخرين به، هل يمكن أن تُسمَّى شخصً يمتلك الحق؟ هل يمكن أن تُسمى تجسيد الحق؟ كلا، مطلقًا! ما هو بالضبط جوهر تجسيد الحق؟ إنّ المصدر هو الذي يزوّد الحق، مصدر الحكم والسيادة على كل الأشياء، وهو أيضًا المعيار والمقياس الوحيد الذي تُحكَم وفقًا له كل الأشياء والأحداث؛ هذا هو تجسيد الحق.
– الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند الثامن: يجعلون الآخرين يخضعون لهم وحدهم، وليس للحق ولا لله (الجزء الثالث)
يعبِّر الله عن شخصيته وجوهره في تعبيره عن الحق، وتعبيره عن الحق غير مبنيٍّ على مختلف الأمور الإيجابية والتعبيرات التي يعتقد البشر أن الجنس البشري يلخِّصها. كلام الله هو كلام الله. كلام الله هو الحق. إنه الأساس الوحيد والقانون الوحيد الذي توجد به البشرية، وما يسمَّى بالمعتقدات التي تنشأ من الإنسان هي خاطئة وسخيفة ويدينها الله. إنها لا تنال قبوله، ناهيك عن أنها ليست مصدر أو أساس أقواله. يعبِّر الله عن شخصيته وجوهره من خلال كلامه؛ وكل الكلام الذي يعبر عنه الله هو الحق؛ لأن لديه جوهر الله وهو حقيقة كل الأشياء الإيجابية. مهما وضعت هذه البشرية الفاسدة كلام الله في موضع معين أو حدَّدته، ومهما كان رأيها فيه أو طريقة فهمها له، فإن كلام الله هو الحقّ الأبديّ، وهذه حقيقةٌ لا تتغيَّر أبدًا. مهما كان عدد كلمات الله التي قد تكلَّم الله بها، ومهما كانت درجة إدانة هذه البشرية الفاسدة الخبيثة لها، ورفضها لها، فثمة حقيقة باقية لا تتغيَّر إلى الأبد: سوف يكون كلام الله هو الحقّ دائمًا، ولا يمكن للإنسان تغيير هذا أبدًا. في النهاية، يجب على الإنسان أن يقرّ بأن كلام الله هو الحقّ، وبأن ثقافة الجنس البشريّ التقليديَّة الموقورة ومعرفته العلميَّة لا يمكن أن تصبح أشياء إيجابيَّة أبدًا، ولا يمكن أن تصبح الحق. هذا أمر مطلق. لن تصبح الثقافة واستراتيجيات البقاء التقليدية للبشرية هما الحق، بسبب تغيرات الزمن أو مروره، ولن يصبح كلام الله هو كلام الإنسان بسبب إدانة البشرية أو نسيانها. الحق هو الحق دائمًا؛ وهذا الجوهر لن يتغير أبدًا. فأي حقيقة موجودة هنا؟ هي أن هذه الأقوال الشائعة التي لخّصها الجنس البشري تجد مصدرها في الشيطان، وتصورات البشر ومفاهيمهم، أو تنبع من تهور الإنسان، والشخصيات الفاسدة التي للبشر، وليس لها علاقة على الإطلاق بالأشياء الإيجابية. من جهة أخرى، فإن كلام الله هو تعبير عن جوهر الله وهويته. ما سبب تعبيره عن هذا الكلام؟ لماذا أقول إنه حق؟ السبب هو أن الله له السيادة على جميع القوانين، والقواعد، والأصول، وكل جوهر، والوقائع، وأسرار كل شيء. إنه يجمعها جميعها في يده. ولذلك، فإن الله وحده يعرف قواعد جميع الأشياء، ووقائعها، وحقائقها، وغوامضها؛ فالله يعرف منشأ جميع الأشياء، ويعرف بالضبط أصل جميع الأشياء. وحدها تعريفات جميع الأشياء الواردة في كلام الله هي الأدق دون سواها، وكلام الله وحده هو معايير حياة البشر ومبادئها والحقائق والمعايير التي يمكن للبشر العيش بها. في حين أن القوانين والنظريات الشيطانية التي اعتمد عليها الإنسان في حياته منذ أن أفسده الشيطان تتعارض مع حقيقة أن الله له السيادة على كل شيء، وتتعارض في الوقت نفسه مع حقيقة أنه له السيادة على قوانين جميع الأشياء وقواعدها. جميع النظريات الشيطانية لدى الإنسان تنشأ من مفاهيم الإنسان وتصوراته، وهي من الشيطان. ما نوع الدور الذي يلعبه الشيطان؟ أولًا، يقدِّم نفسه على أنه الحق؛ ثم يربك جميع قوانين كل الأشياء التي خلقها الله وقواعدها، وهو يدمرها، ويسحقها. لذلك، فإن ما يأتي من الشيطان يتطابق تمامًا مع جوهر الشيطان، وهو مليء بأغراض الشيطان الخبيثة، وبالزيف، وبالادعاء، وبطموح الشيطان الذي لا يتغير أبدًا. بصرف النظر عما إذا كان البشر الفاسدون قادرين على تمييز هذه الفلسفات والنظريات من الشيطان، ومهما يكن عدد الناس الذين يروّجون لهذه الأشياء، ويدعون لها، ويتبعونها، ومهما يكن عدد السنين والعصور التي أُعجب فيها البشر الفاسدون بهذه الأشياء، وعبدوها، وبشّروا بها، فلن تصبح الحق. لأن جوهر هذه الأشياء، وأصلها، ومصدرها هو الشيطان، الذي هو معادٍ لله ومعادٍ للحق، فلن تصبح هذه الأشياء حقًا أبدًا؛ ستظل دائمًا أشياء سلبية. قد تبدو هذه الأشياء صالحة وإيجابية عندما لا يكون ثمة حق لمقارنتها به، لكن عندما يُستخدم الحق لكشفها وتشريحها، فإنها لا تكون معصومة من الخطأ، ولا يمكنها الصمود أمام التمحيص، وهي أشياء سرعان ما تُدان وتُرفض. إن الحق الذي يعبّر عنه الله يتوافق تمامًا مع احتياجات الإنسانية الطبيعية للبشر الذين خلقهم الله، في حين أن الأشياء التي يغرسها الشيطان في الناس تتعارض تمامًا مع احتياجات الإنسانية الطبيعية للبشر. إنها تجعل الإنسان الطبيعي يصبح غير طبيعي، ويصبح متطرفًا، وضيق الأفق، ومتعجرفًا، وأحمقَ، وخبيثًا، وعنيدًا، وشرسًا، وحتى متكبرًا بشكل لا يُحتمل. ثمة نقطة يصبح عندها الأمر خطيرًا لدرجة أن الناس يصبحون مُختلّين ولا يعرفون حتى من هم. فهم لا يريدون أن يكونوا أشخاصًا طبيعيين أو عاديين، وبدلًا من ذلك يصرّون على أن يكونوا بشرًا خارقين، أو أشخاصًا ذوي قوى خاصة، أو بشرًا من مستوى عالٍ – هذه الأشياء شوَّهت إنسانية الناس وشوَّهت فطرتهم. إن الحق يجعل الناس قادرين على الوجود بشكل أكثر فطرية وفقًا لقواعد الإنسانية الطبيعية وقوانينها وكل هذه القواعد التي وضعها الله، في حين أن ما يُسمى بالأمثال الشائعة هذه والأقوال المضللة، تؤدي تحديدًا إلى أن ينقلب الناس على الفطرة الإنسانية ويتهربوا من القوانين التي عيَّنها الله وصاغها، حتى إلى درجة أنها تجعل الناس ينحرفون عن مسار الإنسانية الطبيعية ويفعلون بعض الأشياء المتطرفة التي لا ينبغي أن يفعلها الناس العاديون أو يفكرون فيها. هذه القوانين الشيطانية لا تشوِّه إنسانية الناس فحسب، بل إنها أيضًا تجعل الناس يفقدون إنسانيتهم الطبيعية وفطرتهم الإنسانية الطبيعية.
– الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الأول)
منذ اختراع البشر لمفهوم العلوم الاجتماعية أصبح عقل الإنسان منشغلًا بالعلم والمعرفة. ثم أصبح العلم والمعرفة أدوات للسيطرة على الجنس البشري، ولم تعد توجد مساحة كافية للإنسان ليعبد الله، ولم تعد تتوفر ظروف مناسبة لعبادة الله. وانحطت مكانة الله إلى أدنى مرتبة في قلب الإنسان. دون وجود الله في قلب الإنسان، يكون عالمه الداخلي مُظلمًا وبلا رجاء وفارغًا. وبالتالي برز العديد من علماء الاجتماع والمؤرخين والساسة في المقدمة ليُعبِّروا عن نظريات العلوم الاجتماعية، ونظرية تطور الإنسان، ونظريات أخرى تتعارض مع حقيقة خلق الله للإنسان، وليملؤوا قلوب البشر وعقولهم بها. وبهذه الطريقة يصبح مَن يؤمنون بأن الله خلق كل شيء أقل من أي وقتٍ سابق، ويتزايد عدد المؤمنين بنظرية التطوُّر أكثر من أي وقتٍ مضى. يتزايد ويتزايد عدد الناس الذين يتعاملون مع سجلَّات عمل الله وكلامه في عصر العهد القديم كخرافات وأساطير. أصبح الناس في قلوبهم غير مكترثين بكرامة الله وعظمته. ولا يبالون بعقيدة وجود الله وتسلّطه على كافة الأشياء. لم يعد بقاء الجنس البشري ومصير الدول والشعوب مهمًا في نظرهم. ويعيش الإنسان في عالم أجوف يهتم فقط بالمأكل والمشرب والسعي وراء الملذَّات. ... القليل من الناس يحملون على عاتقهم البحث عن مكان عمل الله اليوم، ويبحثون عن كيفية تسلطه على غاية الإنسان وترتيبه لهذا. وبهذه الطريقة أصبحت الحضارة الإنسانية – دون دراية الإنسان – عاجزة أكثر فأكثر عن تحقيق آمال الإنسان، بل ويوجد العديد من البشر يشعرون أنهم، لكونهم يعيشون في مثل هذا العالم، صاروا أقل سعادة ممن سبقوهم وماتوا. حتى الأشخاص الذين يعيشون في دول متقدمة يعانون من نفس الشكوى. فبدون إرشاد الله، حتى لو أجهد الحكام وعلماء الاجتماع عقولهم للحفاظ على الحضارة الإنسانية، فلا فائدة من ذلك. لا يمكن لأي شخص أن يملأ خواء قلوب البشر، لأنه لا يمكن لأي شخص أن يكون حياة الإنسان، ولا يمكن لأي نظرية اجتماعية أن تحرر الإنسان من متاعب الخواء. إنَّ العلم والمعرفة والحرية والديمقراطية والمتعة والراحة، لا تجلب للإنسان سوى تعزية وقتية. وحتى مع هذه الأشياء، لا يزال الإنسان يخطئ حتمًا ويشكو من ظلم المجتمع. لا يمكن لامتلاك هذه الأشياء أن يعوق شوق الإنسان ورغبته في الاستكشاف. وذلك لأن الإنسان خلقه الله ولا يمكن لتضحياته واستكشافاته التي لا معنى لها سوى أن تجلب عليه الضيق بصورة متزايدة، وتجعل الإنسان في حالة قلق دائمة، لا يعرف كيف يواجه مستقبل البشرية أو كيف يواجه الطريق الذي أمامه، إلى حد أنَّ الإنسان يصبح حتى خائفًا من العلم والمعرفة، ويصبح حتى أكثر خوفًا من الشعور بالخواء. في هذا العالم، سواء كنت تعيش في بلد حر أو بلد بلا حقوق إنسان، فأنت عاجز تمامًا عن الهروب من قدر البشرية. وسواء كنت حاكمًا أو محكومًا، فأنت عاجز تمامًا عن الهروب من الرغبة في استكشاف قدر البشرية وأسرارها وغايتها، فضلًا عن أنك غير قادر على الهروب من الشعور المحير المتمثل في الخواء. إن مثل هذه الظواهر مشتركة بين جميع البشر، ويسميها علماء الاجتماع ظواهر اجتماعية، ورغم ذلك لا يمكن لأي إنسان عظيم أن يتقدم لحل مثل هذه المشكلات، فالإنسان في نهاية المطاف هو إنسان، ولا يمكن لأي إنسان أن يحل محل الله في المكانة والحياة. ليس ما تحتاج إليه البشرية هو فقط مجتمع عادل ينعم فيه الجميع بحسن التغذية والمساواة والحرية؛ ما تحتاج إليه البشرية هو خلاص الله وتزويده الإنسان بالحياة. لا يمكن علاج احتياجات الإنسان ورغبته في الاستكشاف وخواء قلبه إلا عندما يتلقى تزويد الله إياه بالحياة وخلاصه. إذا كان شعب بلد ما أو أمة ما غير قادر على تلقي خلاص الله ورعايته، فسيتحرك هذا البلد أو الأمة نحو الانحطاط ونحو الظلام، ونتيجة لذلك سوف يفنيه الله.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. ذيل مُلحق 2: الله يسود على قدر جميع البشرية
إن المعرفة بالثقافة القديمة سرقت الإنسان خلسة من حضرة الله وسلَّمته إلى ملك الشياطين وذريته. وقد نقلت الكتب الأربعة والكلاسيكيات الخمس(أ) تفكير الإنسان وتصوراته إلى عصر آخر من العصيان؛ مما جعله يتملق أكثر من أي وقت مضى أولئك الذين صنفوا الكتب والكلاسيكيات، وزاد ذلك في سوء تصوراته عن الله. ودونما إدراك من الإنسان، قام ملك الشياطين بنزع الله من قلبه بقسوة، ثم استحوذ هو عليه تخامره غبطة الانتصار. ومنذ ذلك الحين أصبح للإنسان روح قبيحة وملامح ملك الشياطين. امتلأ صدر الإنسان بكراهية الله، ويومًا بعد يوم تغلغل حقد ملك الشياطين داخله إلى أن التهمه تمامًا؛ فلم يعد يتمتع بأدنى قدر من الحرية، ولم يعد أمامه سبيل للتحرر من شَرَكِ ملك الشياطين. لم يعد لديه خيار سوى أن يؤسر في الحال، وأن يستسلم وأن يهوي في خضوع في حضرته. منذ أمد بعيد، عندما كان قلب الإنسان وروحه لا يزالان في طور الطفولة، زَرعَ ملك الشياطين فيهما بذرة ورم الإلحاد، معلّمًا الإنسان أباطيلَ مثل "دراسة العلوم والتكنولوجيا، وإدراك الحداثات الأربع، ولا يوجد ما يُسمَّى بالإله في العالم". ليس ذلك فحسب، بل إنه يصرخ قائلًا في كل فرصة: "دعونا نعتمد على عملنا الدؤوب لنبني وطنًا جميلًا"، طالبًا من كل شخص أن يكون مستعدًا منذ الطفولة لخدمة بلده بإخلاص. أُحضر الإنسان دون قصد إلى حضرته، وقد نسب إلى نفسه الفضل دون تردد (أي فضل الله المتمثل في كونه يمسك بالبشرية كلها في يده). لم يخامرْه أي شعور بالخجل. وعلاوة على ذلك، استحوذ دون خجل على شعب الله وجرَّهم إلى منزله، حيث قفز كالفأر على الطاولة وجعل الإنسانَ يعبده كالله. يا له من مجرم! إنه ينادي بعبارات فضائحية صادمة مثل: "لا يوجد ما يسمى بالإله في العالم. تأتي الريح من تحولات ناجمة عن قوانين الطبيعة، ويتشكل المطر حين يتكثف بخار الماء عند التقائه بدرجات حرارة منخفضة فيتحول إلى قطراتٍ تسقط على الأرض. والزلزال اهتزاز لسطح الأرض بسبب التغيرات الجيولوجية، والقحط سببه جفاف الجو الناجم عن اضطراب نووي على سطح الشمس. هذه ظواهر طبيعية. أين يوجد عمل الله في كل هذا؟". حتى إن هنالك من ينادون بتصريحات مثل التصريح التالي، وهي تصريحات لا ينبغي التعبير عنها: "تطوَّرَ الإنسان من قِرَدَة في الماضي السحيق، ومنشأ العالم اليوم من سلسلة من المجتمعات البدائية التي بدأت منذ دهر جيولوجي تقريبًا. وسواء ازدهرت دولة ما أو سقطت، فهذا معتمد كليًّا على شعبها". في الخلفية يجعل الشيطانُ الإنسانَ يعلّقُ صورته على الجدران أو يضعها على الطاولات ليقدم الولاء والتقدمات له. وفي الوقت نفسه الذي يصرخ فيه الشيطان قائلًا "لا يوجد إله"، يُنصِّبُ نفسه إلهًا، دافعًا بالله خارج حدود الأرض بفظاظة، بينما يقف في مكان الله ويقوم بدور ملك الشياطين. كم هو فاقد لعقله! ...
لقد أزعج الشيطانُ عملَ الله من أعلاه إلى أدناه ومن بدايته إلى نهايته، وعمل على معارضته. كما أن جميع هذه الأحاديث عن "التراث الثقافي العريق"، و"المعرفة القيمة للثقافة القديمة"، و"تعاليم الطاوية والكونفوشيوسية"، و"التقاليد الكونفوشيوسية والطقوس الإقطاعية" أخذت الإنسان إلى الجحيم. لم يعد ثمة وجود للعلوم والتكنولوجيا المتقدمة الحديثة، والصناعة بالغة التطور، والزراعة، والأعمال التجارية في أي مكان على الإطلاق. وبدلًا من ذلك، فإن كل ما يفعله الشيطان هو أنه يُشدّد على الطقوس الإقطاعية التي روجت لها "قِرَدَة" الأزمنة القديمة لتعطيل عمل الله ومعارضته وتدميره عمدًا. وهو لم يواصل تعذيب الإنسان حتى يومنا هذا فحسب، بل إنه يريد حتى أن يبتلع الإنسان بالكامل(1). إن نقل التعاليم المعنوية والأخلاقية للإقطاعية وتوريث المعرفة بالثقافة القديمة قد أصاب البشر منذ زمن طويل وحولهم إلى شياطين كبيرة وصغيرة. قلَّةٌ من هم مستعدون لأن يستقبلوا الله بسعادة، وقلَّةٌ من هم يرحبون بقدومه بابتهاج. وجه البشرية جمعاء مملوء بنوايا القتل، وريح القتل تملأ الهواء في كل مكان. يسعون إلى إخراج الله من هذه الأرض؛ وفي أيديهم السكاكين والسيوف، ينظمون أنفسهم في تشكيلٍ قتالي "للقضاء" على الله.
– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (7)
الحواشي:
(1) "يبتلع الإنسان بالكامل" تشير إلى السلوك العنيف لملك الشياطين الذي يسلب الناس بالكامل.
(أ) الكتب الأربعة والكلاسيكيات الخمس هي الكتب المرجعية للكونفوشيوسية في الصين.
بغض النظر عن مستواك الحالي في المعرفة، أو مدى تقدم شهاداتك ومؤهلاتك الأكاديمية، أتحدث الآن عن وجهات نظر الإنسانية حول المعرفة وآرائي حول المعرفة. هل تعرفون ما رأي الله في المعرفة؟ قد يقول شخص ما إن الله يرغب في تطور العلم للبشرية، وأن يفهموا المزيد من المعرفة العلمية، لأنه لا يريد أن يكون الإنسان متخلفًا جدًا وجاهلًا ومفتقرًا إلى الفهم. هذا صحيح، لكن الله يستخدم هذه الأشياء لأداء خدمة، ولا يستحسنها. بغض النظر عن مدى روعة هذه الأشياء في نظر الإنسان، فهي ليست الحق وليست بديلًا عن الحق، لذلك يعبر الله عن الحق لتغيير الناس وشخصياتهم. وعلى الرغم من أن كلام الله يمكن أن يمس أحيانًا وجهات النظر أو طرق النظر إلى المعرفة مثل الكونفوشيوسية أو العلوم الاجتماعية، فإنها لا تمثل سوى مثل هذه الآراء. عند القراءة بين سطور كلام الله، يجب أن نرى أنه يبغض المعرفة البشرية. إن المعرفة البشرية لا تحتوي على عبارات أساسية وتعاليم بسيطة فحسب، بل تحتوي أيضًا على بعض الأفكار والآراء، فضلًا عن العبث والتحيزات البشرية والسموم الشيطانية. يمكن حتى لبعض المعرفة أن تخدع الناس وتفسدهم، فهي سم الشيطان وورمه السرطاني، وما إن يقبل شخص ما هذه المعرفة ويفهمها، سينمو سم الشيطان ليتحول إلى ورم سرطاني في قلبه. وسينتشر هذا الورم في جسده كله، مما يؤدي حتمًا إلى الموت إذا لم يشفه كلام الله ويعالجه الحق. فكلما زادت المعرفة التي يكتسبها الناس، زاد فهمهم وقل احتمال إيمانهم بوجود الله، وبدلًا من ذلك سينكرونه ويقاومونه فعليًا، لأن المعرفة شيء يمكنهم رؤيته ولمسه، وترتبط في الغالب بأشياء في حياتهم. يمكن للناس الدراسة واكتساب الكثير من المعرفة في المدرسة، لكنهم يعمون عن رؤية مصدر المعرفة وعلاقتها بالعالم الروحاني. تتعارض معظم المعرفة التي يتعلمها الناس ويفهمونها مع الحق في كلام الله، وتنتمي المادية الفلسفية والتطور على وجه الخصوص إلى بدع الإلحاد ومغالطاته. إنها بلا شك كم ضخم من المغالطات التي تقاوم الله. ماذا ستربح إذا قرأت كتب التاريخ وأعمال المؤلفين المعروفة أو السير الذاتية للعظماء، أو ربما إن درست بعض الجوانب العلمية أو التكنولوجية؟ على سبيل المثال، إذا كنت تدرس الفيزياء، فستتقن بعض المبادئ الفيزيائية أو نظريات نيوتن أو التعاليم الأخرى، التي عندما تتعلمها وتؤمن بها ستسيطر على عقلك وتهيمن على تفكيرك. وعندما تأتي لقراءة كلام الله، ستفكر: "كيف لا يذكر الله الجاذبية الأرضية؟ لماذا لم يُناقش الفضاء الخارجي؟ لماذا لا يتحدث الله عما إذا كان للقمر غلاف جوي، أو عن كمية الأكسجين الموجودة على الأرض؟ يجب أن يكشف الله عن هذه الأشياء، لأنها الأشياء التي تحتاج حقًا إلى التعريف بها وإخبار البشرية عنها". إذا كنت تُضمر هذه الأنواع من الأفكار في قلبك، فستنظر إلى الحق وكلام الله باعتبارهما ثانويين، وبدلًا من ذلك سترفع كل معرفتك ونظرياتك إلى الصدارة. هكذا ستتعامل مع كلمة الله. على أي حال، فإن هذه الأشياء الفكرية ستعطي الناس فكرة خاطئة وتجعلهم يبتعدون عن الله. لا يهم إذا كنتم تصدقون ذلك أم لا، أو ما إذا كان بوسعكم أن تقبلوه اليوم؛ فسيأتي اليوم الذي تعترفون فيه بهذه الحقيقة. هل تفهمون حقًا كيف يمكن أن تقود المعرفة الناس إلى الدمار، بل إلى الجحيم؟ ربما لا يكون البعض على استعداد لقبول هذا، لأن من بينكم من هم متعلمين تعليمًا عاليًا وعلى قدر كبير من المعرفة. أنا لا أسخر منكم أو أتهكم عليكم، أنا ببساطة أُقر حقيقة. لا أطلب منكم قبول تلك الحقيقة فورًا، بل أن تصلوا تدريجيًا إلى فهم هذا الجانب. إن المعرفة تجعلك تستخدم عقلك وفكرك لتحليل كل ما يفعله الله والتعامل معه، كما ستصبح عائقًا وعقبة أمام معرفة الله واختبار عمله، وستقودك إلى الابتعاد عن الله ومقاومته. ولكن لديك المعرفة الآن، فماذا تفعل؟ عليك أن تفرّق بين المعرفة العملية، وتلك التي تأتي من الشيطان وتنتمي إلى الهرطقة والمغالطات. إذا كنت تقبل فقط المعرفة الإلحادية السخيفة، فيمكنها عرقلة إيمانك بالله وتعكير صفو علاقتك الطبيعية معه وقبولك الحق، ومنعك من دخول الحياة. أنت بحاجة إلى معرفة هذا، ومن الصواب أن تفعل ذلك.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. طريق الممارسة نحو تغيير شخصية المرء
المعرفة، والاختبار، والدروس – لا شيء من هذه الأمور هو الحق؛ فلا علاقة لها بالحق على الإطلاق. هذه الأمور تتعارض حتى مع الحق ويدينها الله. خذ المعرفة، على سبيل المثال، هل يُعتبر التاريخ شكلًا من أشكال المعرفة؟ (نعم). كيف نشأت المعرفة وكتب التاريخ عن تاريخ البشرية، أو تاريخ بعض البلدان أو المجموعات العرقية، أو التاريخ الحديث، أو التاريخ القديم، أو حتى بعض التواريخ غير الرسمية؟ (لقد كتبها الناس). فهل تتوافق الأشياء التي كتبها الناس مع التاريخ الحقيقي؟ أليست أفكار الناس وآراؤهم تتعارض مع مبادئ أفعال الله وطرقها ووسائلها؟ هل هذه الكلمات التي قالها الإنسان لها علاقة بالتاريخ الحقيقي؟ (كلا). لا توجد علاقة. لذلك، وبغض النظر عن مدى دقة السجلات الواردة في كتب التاريخ، فهي مجرد معرفة فقط. وبغض النظر عن مدى فصاحة هؤلاء المؤرخين، ومدى منطقية ووضوح سردهم لهذه التواريخ، فما هي النتيجة التي ستصل إليها بعد الاستماع إليهم؟ (سنعرف عن تلك الأحداث). نعم، سنعرف عن تلك الأحداث. ولكن هل هم يروون هذه التواريخ لمجرد إخباركم بتلك الأحداث؟ لديهم فكرة معينة يرغبون في تلقينك إياها. وما هو محور تلقينهم؟ هذا ما نحتاج إلى تحليله وتشريحه. دعوني أضرب لكم مثالًا حتى يتسنى لكم فهم ما يرغبون في تلقين الناس إياه. بعد مراجعة التاريخ منذ العصور القديمة وحتى الوقت الحاضر، توصل الناس في نهاية المطاف إلى مقولة؛ لقد لاحظوا حقيقة من تاريخ البشرية، ألا وهي: "يلقى الفائزون الترحيب بحفاوة كالملوك، والخاسرون يُعتبرون خارجين عن القانون". هل هذه معرفة؟ (نعم). تأتي هذه المعرفة من الوقائع التاريخية. هل لهذا القول أي علاقة بالطرق والوسائل التي يسود الله بها على كل شيء؟ (كلا). في الحقيقة، هو على العكس من ذلك؛ إنه يتناقض معها ويخالفها. إذًا، قد لُقِّنْت هذا القول، وإذا كنت لا تفهم الحق، أو كنت غير مؤمن، فماذا قد تفكِّر بعد سماعه؟ كيف ستدرك هذا القول؟ أولًا، يقوم هؤلاء المؤرخون أو كتب التاريخ بسرد جميع الأحداث من هذا النوع، باستخدام الأدلة الكافية والأحداث التاريخية لتأييد دقة القول. في البداية، ربما تكون قد تعلمت هذا القول فقط من كتاب، ولم تعرف إلا هذا القول فحسب. ربما تفهمه فقط على مستوى واحد، أو إلى حد معين إلى أن تصبح على دراية بهذه الأحداث. لكن فور أن تسمع هذه الوقائع التاريخية، سوف يتعمق إدراكك لهذا القول واعترافك به. لن تقول بالتأكيد "بعض الأمور ليست كذلك". بل ستقول: "هكذا هو الأمر؛ بالنظر إلى التاريخ منذ العصور القديمة وحتى الوقت الحاضر، نجد أن البشرية قد تطورت على هذا النحو: "يلقى الفائزون الترحيب بحفاوة كالملوك، والخاسرون يُعتبرون خارجين عن القانون!" عندما تدرك الأمر بمثل هذه الطريقة، ما هي الآراء والمواقف التي سوف تحملها تجاه سلوكك الذاتي، ومهنتك، وحياتك اليومية، وكذلك الأشخاص والأحداث والأشياء من حولك؟ هل سيؤدي هذا الإدراك إلى تغيير موقفك؟ (نعم). إنه سوف يغيره أكثر من أي شيء آخر. إذًا، كيف سيغير موقفك؟ هل سيوجهك ويغير اتجاه حياتك وأساليبك في التعاملات الدنيوية؟ ربما كنت تعتقد سابقًا أن "التناغم كنز والصبر ذكاء" و"الأخيار ينعمون بحياة السلام". الآن سوف تفكر: "يلقى الفائزون الترحيب بحفاوة كالملوك، والخاسرون يُعتبرون خارجين عن القانون"، فإذا أردت أن أصبح مسؤول، فسوف يتعين عليَّ أن أفكر في فلان. "إنه ليس في جانبي، لذلك لا يمكنني ترقيته، حتى وإن كان يستحق الترقية". عندما تفكر في الأمور بهذه الطريقة، سيتغير موقفك؛ سيتغير بسرعة. كيف سيحدث هذا التغيير؟ سيكون ذلك بسبب قبولك للفكرة ووجهة النظر القائلة: "يلقى الفائزون الترحيب بحفاوة كالملوك، والخاسرون يُعتبرون خارجين عن القانون". إن سماع العديد من الوقائع لن يؤدي إلا إلى تأكيد صحة هذا الرأي في الحياة البشرية الحقيقية بالنسبة لك. سوف تعتقد اعتقادًا راسخًا بأنه يجب عليك تطبيق هذا الرأي على سلوكك وتصرفك من أجل السعي وراء حياتك المستقبلية وآفاقك. ألن تكون هذه الفكرة ووجهة النظر إذًا قد غيرتك؟ (نعم). وبينما هي تغيرك، فإنها ستفسدك أيضًا. هكذا هو الأمر. مثل هذه المعرفة تغيرك وتفسدك. لذا، عند النظر إلى أصل هذه المسألة، وبغض النظر عن مدى دقة عرض هذه التواريخ، فإنها تتلخص في نهاية المطاف في هذا القول، ويتم تلقينك بهذه الفكرة. هل هذه المعرفة هي تجسيد الحق أم منطق الشيطان؟ (منطق الشيطان). هذا صحيح. هل شرحت هذا الأمر بالتفصيل الكافي؟ (نعم). الآن أصبح الأمر واضحًا. إذا كنت لا تؤمن بالله، فلن تفهم هذا حتى بعد عُمْرَيْن؛ كلما عشت أكثر، شعرت بأنك أحمق بدرجة أكبر، واعتقدت أنك لست قاسيًا بما يكفي، وأنه يجب أن تكون أكثر قسوة، وأكثر مكرًا، وأكثر خبثًا وشخصًا أكثر سوءًا وشرًا. سوف تفكر في نفسك قائلًا: "إذا كان بإمكانه أن يقتل، فيجب أن أشعل الحرائق. إذا قتل شخصًا واحدًا، فيجب أن أقتل 10 أشخاص. إذا قتل دون أن يترك أثرًا، فسوف أؤذي الناس دون أن يعرفوا؛ أنا حتى سأجعل أحفادهم يشكرونني لثلاثة أجيال!" هذا هو التأثير الذي تركته فلسفة الشيطان ومعرفته وخبرته ودروسه على البشرية. في الواقع، إنه محض اعتداء وفساد. لذلك، بغض النظر عن نوع المعرفة التي يتم التبشير بها، أو نشرها في هذه الدنيا، فإنها سوف تلقنك فكرة أو وجهة نظر. إذا لم تستطع تمييز ذلك، فسوف تُسمم. في المجمل، ثمة أمر واحد مؤكد الآن: لا يهم ما إذا كانت هذه المعرفة تأتي من عامة الناس أو من مصادر رسمية، سواء كانت تحظى باحترام أقلية أو الأغلبية؛ لا علاقة لشيء من ذلك بالحق. الحق هو واقع كل الأمور الإيجابية. لا تُحدد صحته بعدد الأشخاص الذين يعترفون به. إن واقع الأمور الإيجابية هو نفسه الحق. لا يمكن لأحد تغيير ذلك، ولا يستطيع أحد إنكاره. سوف يظل الحق دائمًا هو الحق.
– الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند الثامن: يجعلون الآخرين يخضعون لهم وحدهم، وليس للحق ولا لله (الجزء الثالث)
فأولئك الذين هم مِن إبليس يعيشون جميعًا لأنفسهم، وتأتي نظرتهم إلى الحياة ومسلَّماتهم بالدرجة الأولى من أقوال الشيطان، مثل: "اللهم نفسي، وكلٌّ يبحث عن مصلحته" "سيفعل الإنسان أي شيء ليصبح ثريًا" وغيرها من هذه المغالطات. وجميع هذا الكلام الذي نطق به ملوك الأبالسة هؤلاء والعظماء والفلاسفة قد أصبح يمثّل حياة الإنسان ذاتها. وتحديدًا، معظم كلام كونفوشيوس الذي يبجِّله الصينيون "كحكيم"، قد غدا يمثل حياة الإنسان. ثمة أيضًا الأمثال الشهيرة في البوذية والطاوية، والمقولات الكلاسيكية المذكورة كثيرًا لشخصيات شهيرة متنوعة. كل هذه هي خلاصات لفلسفات الشيطان وطبيعته. إنّها أيضًا أفضل الإيضاحات والتفسيرات لطبيعة الشيطان. هذه السموم التي غُرست في قلب الإنسان آتية كلها من الشيطان ولا يأتي أيّ منها من الله. تتعارض هذه الكلمات الشيطانية مع كلام الله تعارضًا مباشرًا أيضًا. من الواضح جليًا أنّ وقائع كل الأمور الإيجابية تأتي من الله، وكل الأمور السلبية التي تُسمِّم الإنسان تأتي من الشيطان. وبالتالي، يمكنك تمييز طبيعة الشخص وانتمائه من خلال نظرته إلى الحياة ومن قيمه. يفسد الشيطان الناس من خلال التعليم ونفوذ الحكومات الوطنية والمشاهير والعظماء؛ فقد أصبحت كلماتهم الشيطانية تمثّل حياة الإنسان وطبيعته. "اللهم نفسي، وكلٌّ يبحث عن مصلحته" مقولة شيطانيَّة معروفة غُرست في نفس كل إنسان وأصبح هذا حياة الإنسان. ثَمَّة كلمات أخرى عن فلسفات العيش تشبه تلك العبارة. يستخدم الشيطان الثقافة التقليدية لكل أمة ليُعلِّم الناس ويخدعهم ويفسدهم، فيدفع بالبشرية نحو السقوط في هوة هلاك لا قرار لها تبتلعهم، حتى يفنيهم الله في النهاية لأنهم يخدمون الشيطان ويقاومون الله. خدم بعض الناس كموظفين عموميين في المجتمع لعقود. تخيَّل طرح السؤال الآتي عليهم: "لقد أبليت بلاءً حسنًا في هذا المنصب؛ ما هي الأقوال المأثورة الشهيرة التي تحيا بموجبها؟" قد يقول: "الشيء الوحيد الذي أفهمه هو هذا: "المسؤولون لا يُصعِّبون الأمور على من يقدّمون الهدايا لهم، والذين لا يُطرونهم لا يحقّقون شيئًا". هذه هي الفلسفة الشيطانية التي تقوم عليها مهنتهم. ألا تمثل هذه الكلمات طبيعة مثل هؤلاء الناس؟ لقد أصبحت طبيعته تقضي باستخدام أي وسيلة دونما وازع من ضمير للحصول على منصب؛ فمنصبه الوظيفي ونجاحه المهني هما هدفاه. ما زالت توجد سموم شيطانية كثيرة في حياة الناس وسلوكهم وتصرفاتهم. على سبيل المثال، تمتلئ فلسفاتهم للعيش، وطرقهم في عمل الأشياء، ومسلَّماتهم، بسموم التنين العظيم الأحمر، وتأتي هذه جميعها من الشيطان. وهكذا فإن جميع الأشياء التي تسري داخل عظام الناس ودمهم هي من الشيطان. جميع أولئك المسؤولين، وأولئك الذين يمسكون بزمام السلطة، وأولئك البارعين، لهم طرقهم وأسرارهم لتحقيق النجاح. ألا تمثل مثل هذه الأسرار طبيعتهم تمامًا؟ لقد قاموا بإنجازات كبيرة في العالم، ولا يستطيع أحد أن يرى خفايا المخططات والمكائد الكامنة وراءها. وإن دل هذا على شيء فلا يدل إلا على مدى خبث طبيعتهم وسُمّيّتها. يسري سُمّ الشيطان في دم كل شخص، ويمكن القول إن طبيعة الإنسان فاسِدة وشريرة وعدائية ومعارضة لله، وممتلئة بفلسفات الشيطان وسمومه ومنغمسة فيها. لقد أصبحت في جملتها طبيعة الشيطان وجوهره. هذا هو السبب في أن الناس يقاومون الله ويقفون في مواجهته.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. كيفية معرفة طبيعة الإنسان
القول بأن "المال يجعل العالم يدور" هو فلسفة الشيطان، وهي فلسفة سائدة بين جميع البشر، وسط كلّ مجتمعٍ بشريّ؛ يمكنك القول بأنها اتّجاهٌ. والسبب هو أنها صارت مغروسةً في قلب كل واحد من الناس، الذين لم يقبلوا في البداية هذا القول، لكنهم قبلوه قبولًا ضمنيًا عندما تواصلوا مع الحياة الواقعيّة، وبدأوا في الشعور بأن هذه الكلمات صادقة في الحقيقة. أليست هذه عمليّة يُفسد بها الشيطان الإنسان؟ ربّما لا يفهم الناس هذا القول بالدرجة نفسها، ولكن الجميع لديه درجاتٌ مختلفة من التفسير والإقرار بهذا القول استنادًا إلى الأشياء التي حدثت من حولهم وإلى تجاربهم الشخصيّة. أليست هذه هي الحال؟ بغضّ النظر عن مدى تجربة المرء مع هذا القول، ما التأثير السلبيّ الذي يمكن أن يُحدِثه في قلبه؟ ينكشف شيءٌ ما من خلال الشخصيّة البشريّة للناس في هذا العالم، بما في ذلك كلّ واحدٍ منكم. ما هذا؟ إنها عبادة المال. هل من الصعب انتزاعها من قلب شخصٍ ما؟ صعبٌ جدًّا! يبدو أن إفساد الشيطان للإنسان عميق بالفعل! يستخدم الشيطان المال ليغوي الناس ويفسِدهم ليجعلهم يعبدون المال ويبجلون الأمور الماديَّة. وكيف تظهر عبادة المال هذه في الناس؟ ألا تشعرون أنه لا يمكنكم البقاء في هذا العالم دون أيّ مالٍ، لدرجة أنه حتَّى أن يومًا واحدًا بلا مال سيكون مستحيلًا؟ تستند مكانة الناس إلى مقدار المال الذي يملكونه، كما لو كان الاحترام الذي يطلبونه. تنحني ظهور الفقراء خجلًا في حين ينعم الأغنياء بمكانتهم الرفيعة. يقفون شامخين وفخورين ويتحدَّثون بصوتٍ عال ويعيشون بكبرياء. ما الذي ينقله هذا القول والاتّجاه للناس؟ أليس صحيحًا أن الكثير من الناس يقدمون أي تضحية في سبيل سعيهم للمال؟ ألا يخسر الكثير من الناس كرامتهم ونزاهتهم في سبيل السعي وراء المزيد من المال؟ ألا يخسر الكثير من الناس الفرصة لأداء واجبهم واتّباع الله من أجل المال؟ أليست خسارة الفرصة لربح الحق ونيل الخلاص هي أعظم خسارة يخسرها الناس؟ أليس الشيطان شرّيرًا لاستخدام هذه الطريقة وهذا القول لإفساد الإنسان إلى هذه الدرجة؟ أليست هذه خدعةً خبيثةً؟ فيما تنتقل من الاعتراض على هذا القول الشائع إلى قبوله أخيرًا باعتباره حقيقةً، يقع قلبك بالكامل في قبضة الشيطان ومن ثمَّ سوف تعيش دون قصدٍ بحسب القول الشائع. إلى أيّ درجةٍ أثَّر هذا القول فيك؟ ربّما تعرف الطريق الصحيح، وربّما تعرف الحقّ، ولكنك تعجز عن اتّباعه. ربّما تعرف بوضوحٍ أن كلام الله هو الحق، ولكنك غير راغبٍ في دفع الثمن، أو غير راغبٍ في المعاناة حتى تربح الحق. وتُفضِّل بدلًا من ذلك التضحية بمستقبلك ومصيرك لكي تقاوم الله حتَّى النهاية. بغضّ النظر عمّا يقوله الله، وبغضّ النظر عمَّا يفعله الله، وبغضّ النظر عمَّا إذا كنت تفهم مدى عمق وعظمة محبّة الله لك، سوف تصمم في عنادٍ على اتباع طريقك ودفع ثمن هذا القول. وهذا يعني أن هذا القول ضلَّلك وتحكَّم بالفعل بأفكارك، وقد حكم سلوكك، وأنك تُفضِّل أن تتركه يتحكَّم بمصيرك على أن تتخلَّى عن سعيك وراء الثروة. إن الناس يتصرفون هكذا، ويمكن لكلمات الشيطان أن تتحكَّم وتتلاعب بهم. أليس هذا معناه أن الشيطان ضلَّلهم وأفسدهم؟ ألم تتجذَّر فلسفة الشيطان وعقليته وشخصيّته في قلبك؟ عندما تتبع الثروة اتباعًا أعمى، وتتخلى عن السعي وراء الحق، ألا يكون الشيطان قد حقَّق هدفه بتضليلك؟ هذه هي الحال بالضبط. هل يمكنك إذًا أن تشعر عندما يضلِّلك الشيطان ويفسدك؟ لا يمكنك. إذا لم تكن ترى الشيطان واقفًا مباشرة أمامك، أو تشعر بأنه الشيطان ويتصرف في الخفاء، فهل يمكنك أن ترى شرَّ الشيطان؟ هل يمكنك أن تعرف كيف يفسد الشيطان الإنسان؟ الشيطان يُفسِد الإنسان في جميع الأوقات وفي جميع الأماكن. يجعل الشيطان من المستحيل على الإنسان مقاومة هذا الفساد ويجعل الإنسان عاجزًا أمامه. يجعلك الشيطان تقبل أفكاره ووجهات نظره والأشياء الشرّيرة التي تأتي منه في المواقف التي تكون فيها بلا درايةٍ وعندما لا يكون لديك إدراكٌ بما يحدث لك. يقبل الناس هذه الأشياء بلا استثناءٍ. إنهم يعتزّون بهذه الأشياء ويتمسَّكون بها على أنها كنزٌ، ويسمحون لهذه الأشياء بأن تتلاعب وتلهو بهم، وهذه هي الطريقة التي يعيش بها الناس تحت سطوة الشيطان، ويطعونه بلا وعي، ويصبح إفساد الشيطان للإنسان أعمق وأعمق.
– الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (5)
يوجد الآن بعض الناس الذين يعتقدون أن القول "لا تشك فيمن توظفهم ولا توظف من تشك فيهم" عملي وصحيح. هل مثل هؤلاء الناس لديهم تمييز؟ هل يفهمون الحق؟ هل أفكارهم وآراؤهم إشكالية؟ إذا روج شخص ما داخل الكنيسة لهذا القول، فهو يفعل ذلك بدافع ما، يحاول تضليل الآخرين؛ يحاول استخدام القول "لا تشك فيمن توظفهم ولا توظف من تشك فيهم"، لتبديد مخاوف الآخرين أو شكوكهم بشأنه. هذا يعني ضمنيًّا أنه يريد أن يثق الآخرون في قدرته على القيام بالعمل، وأن يثقوا أنه شخص يمكن الاستفادة منه. أليس هذا هو مقصده وهدفه؟ لا بد أنه كذلك. يفكر بينه وبين نفسه: "أنتم لا تثقون بي أبدًا، وتشكون في دائمًا. في مرحلة ما، من المرجح أنكم ستجدون لدي مشكلة طفيفة وتعفوني. كيف يُفترض بي أن أعمل إذا كان هذا الأمر يشغل ذهني دائمًا؟" وهكذا، يروج هذا الرأي حتى يثق به بيت الله دون شك، ويتركه يعمل بحرية، وبالتالي يحقق هدفه. إذا كان شخص ما يسعى حقًا إلى الحق، فعليه أن يتعامل بشكل صحيح مع إشراف بيت الله على عمله عندما يراه، ويعرف أن هذا لحمايته، والأهم أنَّ ذلك أيضًا فيه تحلٍ بالمسؤولية عن عمل بيت الله. على الرغم من أنه قد يكشف عن فساده، فيمكنه الصلاة إلى الله طالبًا تمحيصه وحمايته، أو يقسم لله أنه سيقبل عقابه إذا فعل أي شر. ألن يريح هذا باله؟ لماذا يروج المرء لمغالطة لتضليل الناس وتحقيق غرضه الشخصي؟ بعض القادة والعاملين دائمًا ما يكون لديهم موقف مقاومة تجاه إشراف شعب الله المختار، أو جهود كبار القادة والعاملين للاطلاع على عملهم. ماذا يفكرون؟ "لا تشك فيمن توظفهم ولا توظف من تشك فيهم". لماذا تشرفون عليَّ دائمًا؟ لماذا تستخدمونني إذا كنتم لا تثقون بي؟" إذا سألته عن عمله أو استفسرت عن مدى تقدمه، ثم سألت عن حالته الشخصية، فسوف يصبح دفاعيًا بدرجة أكبر: "لقد اؤتمنت على هذا العمل؛ وهو يقع ضمن اختصاصي. لماذا تتدخلون في عملي؟" على الرغم من أنهم لا يجرؤون على قول ذلك صراحة، فهم يلمحون: "كما يقول المثل: "لا تشك فيمن توظفهم ولا توظف من تشك فيهم". لماذا أنت شخص شكَّاك هكذا؟" سوف يدينونك ويصنفونك. وماذا لو لم تكن تفهم الحق وليس لديك تمييز؟ بعد سماع تلميحهم، ستقول: "هل أنا شكَّاك؟ أنا مخطئ، إذًا. أنا مخادع! أنت على حق: "لا تشك فيمن توظفهم ولا توظف من تشك فيهم". ألم تُضلَّل هكذا؟ هل قول "لا تشك فيمن توظفهم ولا توظف من تشك فيهم"، يتوافق مع الحق؟ كلا، إنه هراء! هؤلاء الخبثاء ماكرون ومخادعون؛ يقدمون هذا القول على أنه الحق لتضليل الناس مشوشي الذهن. عندما يسمع شخص مشوش الذهن هذا القول، يصبح مُضلَّلًا حقًا ومرتبكًا، ويفكر: "إنه على حق، لقد ظلمت هذا الشخص. لقد قالها بنفسه: "لا تشك فيمن توظفهم ولا توظف من تشك فيهم". كيف أمكنني أن أشك فيه؟ لا يمكن القيام بالعمل بهذه الطريقة. يجب أن أشجعه، دون أن أتطفل على عمله. ونظرًا لأنني أستخدمه، فأنا بحاجة إلى الوثوق به وتركه يعمل بحرية دون تقييده. ينبغي أن أعطيه مساحة للأداء. لديه القدرة على القيام بهذه المهمة. وحتى لو لم يكن لديه القدرة، فلا يزال الروح القدس يعمل!" أي نوع من المنطق هذا؟ هل يتوافق أي منه مع الحق؟ (كلا). تبدو هذه الكلمات كلها صحيحة. "لا يمكننا تقييد الآخرين". "لا يستطيع الناس فعل أي شيء. الروح القدس هو الذي يفعل كل شيء. الروح القدس يمحِّص كل شيء. لسنا بحاجة إلى الشك، لأن الله مسؤول بالكامل". لكن، أي نوع من الكلمات هذه؟ أليس من يقولونها هم أناس مشوشو الذهن؟ لا يمكنهم حتى إدراك هذا القدر، وتُضلِلهم جملة واحدة فقط. يمكننا تأكيد أن معظم الناس يعتبرون عبارة "لا تشك فيمن توظفهم ولا توظف من تشك فيهم"، هي الحق، وهم مُضلَّلون ومقيدون بها. إنهم مرتبكون ويتأثرون بها عند اختيار الناس أو استخدامهم، بل إنهم يسمحون بأن تُملي عليهم أفعالهم. نتيجة لذلك، يوجد العديد من القادة والعاملين الذين دائمًا ما يواجهون صعوبات وهواجس عند تفقدهم عمل الكنيسة، وترقية الناس واستخدامهم. في النهاية، كل ما يمكنهم فعله هو تعزية أنفسهم بالكلمات: "لا تشك فيمن توظفهم ولا توظف من تشك فيهم". عندما يتفقدون العمل أو يستفسرون عنه، يفكرون: "لا تشك فيمن توظفهم ولا توظف من تشك فيهم". يجب أن أثق في إخوتي وأخواتي، وعلى أي حال، الروح القدس يمحِّص الناس، لذا يجب ألا أشك دائمًا في الآخرين، وأشرف عليهم". لقد تأثروا بهذه العبارة، أليس كذلك؟ ما العواقب التي تترتب على تأثير هذه العبارة؟ أولًا وقبل كل شيء، إذا أيَّد شخص ما فكرة "لا تشك فيمن توظفهم ولا توظف من تشك فيهم"، فهل سيتفقد عمل الآخرين ويوجهه؟ هل سيشرف على عمل الناس ويتابعه؟ إذا كان هذا الشخص يثق في كل من يستخدمه ولا يتفقد عمله أو يوجهه أبدًا، ولا يشرف عليه أبدًا، فهل يقوم بواجبه بإخلاص؟ هل يمكنه القيام بعمل الكنيسة بكفاءة، وإكمال إرسالية الله؟ هل هو مُخلِص لإرسالية الله؟ ثانيًا، هذا ليس مجرد إخفاق في الحفاظ على كلمة الله وعلى واجباتك، بل هو عيش بحسب خطط الشيطان وفلسفته للتعاملات الدنيوية كما لو كانتا تمثلان الحق، واتباعهما وممارستهما. أنت تطيع الشيطان وتعيش بحسب فلسفة شيطانية، أليس كذلك؟ أنت لست شخصًا يخضع لله، بل أنك لستَ شخصًا يلتزم بكلام الله. إنك وغد تمامًا؛ فالتخلي عن كلام الله، والأخذ بعبارة شيطانية بدلًا منه وممارستها وكأنها الحق، إنما هو خيانة للحق والله! أنت تعمل في بيت الله، لكن مبادئ أفعالك هي منطق شيطاني وفلسفة شيطانية للتعاملات الدنيوية، فأي نوع من الأشخاص أنت؟ هذا شخص يخون الله، وشخص يخزي الله بشدة. ما جوهر هذا الفعل؟ إنه إدانة الله علنًا وإنكار الحق صراحةً. أليس هذا جوهره؟ (بلى). وبالإضافة إلى عدم اتباع مشيئة الله، أنت تسمح لأقوال إبليسية للشيطان وواحدة من الفلسفات الشيطانية للتعاملات الدنيوية بأن تتفشى في الكنيسة، وبفعلك هذا فإنك تصبح شريكًا للشيطان، وأنت تساعد الشيطان في تنفيذ أنشطته داخل الكنيسة، وبإزعاج عمل الكنيسة وعرقلته. جوهر هذه المشكلة خطير جدًا، أليس كذلك؟
– الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. الملحق الأول: ما هو الحق
إذًا، ما المقصود بعبارة لا تلين أبدًا؟ هي عندما يفشل شخص ما، أو يواجه انتكاسات، أو ينحرف نحو المسار الخطأ، لكنه لا يعترف بذلك. يواصل بعناد فحسب. إنه يفشل لكن ذلك لا يحبطه؛ يفشل لكنه لا يعترف بأخطائه. ومهما كان عدد الناس الذين يوبخونه أو يشجبونه، فإنه لا يتراجع. إنه يصر على القتال، والعمل، والسعي في اتجاهه الخاص به ونحو أهدافه الخاصة، ولا يفكر في التكلفة. هذا هو نوع العقلية التي تشير إليها تلك العبارة. أليست هذه العقلية جيدة جدًا في حشد الناس؟ في أي الحالات تُستخدَم عادة عبارة "لا تلين أبدًا"؟ في جميع أنواع المواقف. أينما يوجد بشر فاسدون، توجد هذه العبارة؛ توجد هذه العقلية. فلماذا ابتكر البشر، الذين هم من الشيطان، هذا القول؟ حتى لا يفهم الناس أنفسهم أبدًا، ولا يدركون أخطائهم، ولا يقبلونها. السبب فحسب هو لئلا يرى الناس جانبهم الهش، والضعيف، والعاجز، بل يروا جانبهم القادر وجانبهم العظيم والشجاع، ولا يقللوا من شأن أنفسهم، بل يعتقدوا أنهم أكفاء. ما دمت تعتقد أنك قادر، فأنت قادر؛ وما دمت تعتقد أنك تستطيع أن تكون ناجحًا، وأنك لن تفشل، ويمكن أن تصبح من صفوة الناس، فسوف تفعل ذلك. ما دام لديك هذا التصميم والعزيمة، وتلك الرغبة والطموح الجامح، فيمكنك تحقيق كل شيء. الناس ليسوا ضئالًا؛ بل إنهم عظام. ثمة قول مأثور لدى غير المؤمنين: "على قدر قلبك يكون نطاقك". بعض الناس يحبون هذا القول فور سماعه: "أوه، أريد ماسة تزن عشرة قيراط، أهذا يعني أنني سأحصل عليها؟ أريد سيارة من طراز مرسيدس بنز، أهذا يعني أنني سأحصل عليها؟" هل ما تحصل عليه سيكون مطابقًا لاتساع رغبة قلبك؟ (كلا). هذا القول مغالطة. بصراحة، غطرسة أولئك الذين يؤمنون بعبارة "لا تلين أبدًا" ويعترفون بها، ليس لها حدود. أي من كلام الله يتناقض مباشرة مع طريقة تفكير هؤلاء الناس؟ يطلب الله من الناس أن يفهموا أنفسهم، وأن يسلكوا بطريقة واقعية. الناس لديهم شخصيات فاسدة؛ لديهم أوجه قصور وشخصية تقاوم الله. لا يوجد أناس كاملون بين البشر؛ لا أحد كامل؛ إنهم أناس عاديين فحسب. ما الكيفية التي وعظ الله الناس أن يسلكوا بها؟ (أن يسلكوا على نحو مهذب). أن يسلكوا بتهذيب، وأن يلتزموا بمكانهم، بوصفهم كائنات مخلوقة، بطريقة واقعية. هل سبق أن طلب الله من الناس ألا يلينوا أبدًا؟ (كلا). كلا. إذًا، ماذا يقول الله عن الناس الذين يتبعون المسار الخطأ، أو يكشفون عن شخصية فاسدة؟ (يقول بأن يعترفوا بذلك ويقبلوه). أن يعترفوا بذلك ويقبلوه، ثم يفهموه، ويكونون قادرين على تغيير أنفسهم، وبلوغ ممارسة الحق. وعلى النقيض من ذلك، فإن – لا تلين أبدًا – هي عندما لا يفهم الناس مشاكلهم، ولا يفهمون أخطاءهم ولا يقبلونها، ولا يغيرون أنفسهم بأي حال من الأحوال، ولا يتوبون بأي حال، فضلًا عن أن يقبلوا سيادة الله أو ترتيباته؛ ليس الأمر فحسب أنهم لا يطلبون ماهية قدر الناس بالضبط، أو ماهية تنظيمات الله وترتيباته؛ ليس الأمر فحسب أنهم لا يطلبون هذه الأمور، بل إنهم يأخذون قدرهم في أيديهم؛ يريدون أن تكون لهم الكلمة الأخيرة. الله يطلب أيضًا من الناس أن يفهموا أنفسهم، وأن يُقيّموا أنفسهم ويُقَدِروها بدقة، وأن يفعلوا ما يستطيعون فعله جيدًا بطريقة واقعية وعلى نحو مهذَّب، ومن كل قلوبهم وعقولهم ونفوسهم، في حين أن الشيطان يجعل الناس يستفيدون بشكل كامل من شخصيتهم المتغطرسة، ويطلقون لها العنان. إنه يجعل الناس خارقين، وعظماء، وحتى لديهم قوى خارقة؛ إنه يجعل الناس يصبحون أشياءً لا يمكن لهم أن يكونوها. ولذا، ما هي فلسفة الشيطان؟ أنك لست على خطأ، حتى لو كنت على خطأ، وما دامت لديك عقلية عدم الاعتراف بالهزيمة، وما دامت لديك عقلية لا تلين أبدًا، فسوف يأتي يوم، عاجلًا أم آجًلا، تصبح فيه من صفوة الناس، وسيأتي يوم، عاجلًا أم آجلًا، ستتحقق فيه رغباتك وأهدافك. فهل قول لا تلين أبدًا يعني أنك ستستخدم أي وسيلة لإنجاز أمر ما؟ لكي تحقق أهدافك، يجب ألا تعترف بأنك قادر على الفشل، ويجب ألا تعتقد أنك شخص عادي، ويجب ألا تعتقد أنك قادر على اتباع المسار الخطأ. علاوة على ذلك، يجب أن تستخدم – بلا أي وازع من الضمير – جميع أنواع الأساليب أو المخططات السرية لتحقيق رغباتك وطموحاتك الجامحة. هل يوجد في عبارة، لا تلين أبدًا، أي شيء يجعل الناس يتعاملون مع قدرهم بموقف انتظار وخضوع؟ (كلا). كلا. يصر الناس على أن يتولوا قدرهم بين أيديهم بصورة كلية؛ فهم يريدون التحكم في قدرهم. بغض النظر عن الطريق الذي سيسلكونه – عما إذا كانوا سيُبارَكون، أو عن نوع نمط الحياة الذي سيعيشونه – فلا بد أن تكون لهم الكلمة الأخيرة في كل شيء.
– الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. الملحق الأول: ما هو الحق
"كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين"، كما هو الحال مع القولين "لا تحتفظ بالمال الذي تجده"، و"استمد المتعة من مساعدة الآخرين"، هو أحد تلك المطالب التي تفرضها الثقافة التقليدية بخصوص السلوك الأخلاقي للناس. وبالمثل، بصرف النظر عما إذا كان بإمكان شخص ما بلوغ مثل هذا السلوك الأخلاقي أو ممارسته، فإنه لا يزال غير المعيار أو القاعدة لقياس إنسانيته. قد تتمكن حقًّا من أن تكون صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين وأن تلتزم بمعايير عالية بشكل خاص. قد تكون طاهرًا بالفعل وقد تفكر بالآخرين دائمًا وتكون مراعيًا لهم من دون أن تكون أنانيًّا ومن دون أن تسعى وراء اهتماماتك الخاصة. قد تبدو شهمًا وغير أناني على وجه الخصوص، ولديك حس قوي بالمسؤولية الاجتماعية والأخلاق الاجتماعية. قد تظهر خُلُقك وسماتك النبيلة أمام المقربين منك وأولئك الذين تقابلهم وتتفاعل معهم. قد لا يمنح سلوكك الآخرين أبدًا أي سبب للومك أو انتقادك، مما يؤدي بدلًا من ذلك إلى الثناء المفرط بل والإعجاب. قد يعتبرك الناس شخصًا صارمًا حقًّا مع نفسه ومتساهلًا مع الآخرين، لكن هذه ما هي إلا سلوكيات خارجية. هل الأفكار والرغبات العميقة في قلبك متوافقة مع هذه السلوكيات الخارجية ومع هذه الأفعال التي تعيش بحسبها ظاهريًّا؟ الإجابة لا، ليست كذلك. والسبب في قدرتك على التصرف بهذه الطريقة هو أن هناك دافعًا وراء ذلك. ما هو ذلك الدافع بالضبط؟ هل يمكنك تحمُّل أن يصبح ذلك الدافع معلنًا؟ بالتأكيد لا. وهذا يثبت أن هذا الدافع شيء لا يصح ذكره؛ شيء قاتم وشرير. والآن، لماذا هذا الدافع لا يصح ذكره لفظاعته وشرير؟ لأن إنسانية الناس محكومة ومدفوعة بشخصياتهم الفاسدة. فجميع خواطر الإنسانية، بصرف النظر عما إذا كان الناس يصيغونها في كلمات أو تتدفق منهم، تخضع – على نحو لا يمكن إنكاره – إلى هيمنة شخصياتهم الفاسدة وسيطرتها وتحكُّمها. ونتيجةً لذلك، فإن دوافع الناس ونواياهم جميعها خبيثة وشريرة. بصرف النظر عما إذا كان الناس يمكنهم أن يكونوا صارمين مع أنفسهم ومتساهلين مع الآخرين، أو ما إذا كانوا يُعبِّرون ظاهريًا عن هذا المبدأ الأخلاقي بشكل مثالي أم لا، من المحتم ألا يكون لهذا المبدأ الأخلاقي أي سيطرة أو تأثير على إنسانيتهم. ما الذي يتحكم إذًا في إنسانية الناس؟ شخصياتهم الفاسدة وجوهر إنسانيتهم الذي يختبئ وراء المبدأ الأخلاقي "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين"؛ تلك هي طبيعتهم الحقيقية. إن طبيعة الشخص الحقيقية هي جوهر إنسانيته. ومما يتكون جوهر إنسانيته؟ إنه يتكون أساسًا من تفضيلاته وما يسعى إليه ونظرته للحياة ونظام قيمه، إضافة إلى موقفه تجاه الحق والله وما إلى ذلك. هذه الأشياء وحدها هي التي تمثل حقًا جوهر إنسانية الناس. يمكن القول على وجه اليقين إن معظم الناس الذين يطالبون أنفسهم بتحقيق المبدأ الأخلاقي المتمثل في "الصرامة مع أنفسهم والتساهل مع الآخرين" مهووسون بالمكانة. إنهم مدفوعون بشخصياتهم الفاسدة، ولا يستطيعون منع أنفسهم من السعي وراء الهيبة بين الناس والشهرة الاجتماعية والمكانة في نظر الآخرين. جميع هذه الأشياء مرتبطة برغبتهم في الحصول على المكانة، ويتم السعي وراءها تحت غطاء سلوكهم الأخلاقي الجيد. ومن أين تأتي مساعيهم هذه؟ إنها تأتي وتُقاد بالكامل من شخصياتهم الفاسدة. ولذلك، بصرف النظر عما إذا كان شخص ما يحقق المبدأ الأخلاقي المتمثل في "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين" أم لا، وما إذا كان يفعل ذلك إلى حد الكمال أم لا، فإن هذا لا يمكنه أن يغير جوهر إنسانيته على الإطلاق. وهذا يعني ضمنيًّا أنه لا يمكنه بأي شكل من الأشكال تغيير نظرته للحياة أو نظام قيمه أو توجيه مواقفه ووجهات نظره حول جميع أنواع الناس والأحداث والأشياء. أليس هذا هو الحال؟ (إنه كذلك). كلما تمكَّن شخص من أن يكون أكثر صرامة مع نفسه وتساهلًا مع الآخرين، كان أفضل في التظاهر وإخفاء نفسه وتضليل الآخرين بالسلوك الجيد والكلمات الطيبة، وزاد خداعه وخبثه بصورة متأصلة. وكلما زاد اتصافه بصفات هذا النوع من الأشخاص، ازداد حبه للمكانة والسلطة وسعيه وراءهما. ومهما كان سلوكه الأخلاقي الخارجي عظيمًا ومجيدًا وصحيحًا، ومهما كان ذلك ممتعًا للنظر بالنسبة للناس، قد ينكشف السعي غير المعلن الكامن في أعماق قلبه، بالإضافة إلى جوهر طبيعته، بل وحتى طموحاته في أي وقت. ولذلك، مهما كان سلوكه الأخلاقي جيدًا، فإنه لا يمكن أن يخفي جوهر إنسانيته المتأصل أو طموحاته ورغباته. ولا يمكنه أن يخفي جوهر طبيعته البشع الذي لا يحب الأشياء الإيجابية، وينفر من الحق ويكرهه. فيما تظهر هذه الحقائق، فإن القول "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين" ليس مجرد قول عبثي فحسب – بل إنه يكشف أولئك الطموحين الذين يحاولون استخدام مثل هذه الأقوال والسلوكيات للتغطية على طموحاتهم ورغباتهم التي لا يصح ذكرها لفظاعتها. يمكنكم مقارنة هذا ببعض أضداد المسيح والأشرار في الكنيسة. من أجل ترسيخ مكانتهم ونفوذهم داخل الكنيسة وربح سمعة أفضل بين الأعضاء الآخرين، يمكنهم المرور بالمعاناة ودفع ثمن في أثناء أداء واجباتهم، وربما حتى يتخلون عن عملهم وعائلاتهم ويبيعون كل شيء لديهم لبذل أنفسهم لله. وفي بعض الحالات، تتجاوز الأثمان التي يدفعونها والمعاناة التي يتعرضون لها في بذل أنفسهم لله ما يمكن للشخص العادي أن يتحمله؛ يمكنهم تجسيد روح إنكار الذات الشديد للحفاظ على مكانتهم. رغم ذلك، مهما كان مقدار معاناتهم أو الأثمان التي يدفعونها، فلا أحد منهم يصون شهادة الله أو مصالح بيت الله ولا يمارس وفقًا لكلام الله. الهدف الذي يسعون إليه يتمثل فقط في الحصول على المكانة والنفوذ ومكافآت الله. لا شيء مما يفعلونه له أدنى علاقة بالحق. بصرف النظر عن مدى صرامتهم مع أنفسهم وتساهلهم مع الآخرين، ماذا ستكون آخرتهم النهائية؟ ماذا سيكون رأي الله عنهم؟ هل سيحدد آخرتهم بناءً على السلوكيات الخارجية الجيدة التي يعيشون بحسبها؟ بالتأكيد لا. الناس يرون الآخرين ويحكمون عليهم بناءً على هذه السلوكيات والمظاهر، ونظرًا لأنهم لا يمكنهم رؤية حقيقة جوهر الآخرين، ينتهي الأمر بأن يخدعهم الآخرون. لكن الله لا يخدعه الإنسان أبدًا. لن يثني الله قطعًا على السلوك الأخلاقي للناس ويتذكره لأنهم استطاعوا أن يكونوا صارمين مع أنفسهم ومتساهلين مع الآخرين. بدلًا من ذلك، سوف يدينهم على طموحاتهم والطرق التي سلكوها في السعي إلى المكانة. ولذلك، فإن أولئك الذين يسعون إلى الحق ينبغي أن يكون لديهم تمييز لهذا المعيار لتقييم الناس. ينبغي أن ينكروا هذا المعيار العبثي بشكل كلي وأن ينبذوه، وأن يميزوا الناس وفقًا لكلام الله ومبادئ الحق. ينبغي أن ينظروا بشكل أساسي إلى ما إذا كان الشخص يحب الأشياء الإيجابية، وما إذا كان بإمكانه قبول الحق، وما إذا كان بإمكانه الخضوع لسيادة الله وترتيباته، إضافة إلى المسار الذي يختاره ويسلكه، ويصنفوا أي نوع من الأشخاص هو، وأي نوع من الإنسانية لديه، بناءً على هذه الأشياء. من السهل للغاية أن تظهر الانحرافات والأخطاء عندما يحكم الناس على الآخرين بناءً على معيار "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين". إذا أخطأت في تمييز شخص ما ورؤيته بناءً على المبادئ والأقوال المأخوذة من الإنسان، فإنك تنتهك الحق وتقاوم الله في ذلك الأمر. لمَ هذا؟ السبب هو أن أساس آرائك عن الناس سوف يكون خاطئًا وغير متوافق مع كلام الله والحق، بل إنه قد يتعارض ويتناقض معهما. لا يُقيِّم الله إنسانية الناس بناءً على التعبير عن السلوك الأخلاقي "كن صارمًا مع نفسك ومتساهلًا مع الآخرين"، ولذلك إذا كنت لا تزال تصر على الحكم على أخلاق الناس وتحديد نوع الشخص الذي هم عليه وفقًا لهذا المعيار، فقد انتهكتَ مبادئ الحق تمامًا، ومن المؤكد أن ترتكب أخطاء وتتسبب في بعض الأخطاء والانحرافات. أليس هذا هو الحال؟ (بلى).
– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ماذا يعني السعي إلى الحق (6)
يوجد مبدأ في فلسفات التعاملات الدنيوية مفاده: "التزام الصمت تجاه أخطاء الأصدقاء الصالحين يجعل الصداقة طويلة وجيدة". وهذا يعني أنه للحفاظ على هذه الصداقة الجيدة، ينبغي على المرء التزام الصمت تجاه مشكلات صديقه حتى إن رآها بوضوح. هو يلتزم بمبادئ عدم ضرب الناس على وجوههم، أو مواجهتهم بعيوبهم. يخدع أحدهما الآخر، ويتوارى أحدهما عن الآخر، وينخرط أحدهما في المكيدة مع الآخر. على الرغم من أن كليهما يعرف بوضوح شديد نوع الشخص الآخر، فإنه لا يقول ذلك صراحةً، بل يستخدم أساليب ماكرة للحفاظ على علاقتهما. لماذا قد يرغب المرء في الحفاظ على مثل هذه العلاقات؟ يرتبط الأمر بعدم الرغبة في تكوين عداوة في هذا المجتمع أو داخل مجموعته؛ مما يعني تعريض النفس أحيانًا لمواقف خطيرة. بمعرفة أن شخصًا ما سوف يصير عدوك ويؤذيك بعد أن تكشف نقائصه أو تؤذيه، ولا ترغب في وضع نفسك في مثل هذا الموقف، فأنت تستخدم مبدأ فلسفات التعاملات الدنيوية: "إذا ضربت الآخرين، فلا تضربهم على وجوههم؛ وإذا واجهت الآخرين، فلا تصرِّح بعيوبهم". وفي ضوء هذا، إذا كان يوجد شخصان في مثل هذه العلاقة، فهل يُعتبران صديقين حقيقيين؟ (لا). إنهما ليسا صديقين حقيقيين، فضلًا عن أن يكون كل منهما كاتمًا لأسرار الآخر. ما نوع هذه العلاقة إذًا بالضبط؟ أليست علاقة اجتماعية في الأساس؟ (إنها كذلك). في مثل هذه العلاقات الاجتماعية، لا يستطيع الناس مناقشات من القلب إلى القلب، ولا تكون لديهم صلات عميقة، ولا يتحدثون عن أي شيء يودونه. لا يمكنهم التعبير بصوت عالٍ عما في قلوبهم، أو المشكلات التي يرونها في الآخرين، أو الكلام الذي يمكنه أن ينفع الآخرين. فبدلًا من ذلك، يختارون أشياء لطيفة ليقولوها، ليحافظوا على استحسان الآخرين لهم. إنهم لا يجرؤون على التحدث بالحق أو التمسك بالمبادئ، وبهذا يحولون دون أن يشكل الآخرون خواطر عدائية تجاههم. عندما لا يهدد أحد شخصًا ما، ألا يعيش في اطمئنان وسلام نسبيين؟ أليس هذا هو هدف الناس من الترويج لعبارة: "إذا ضربت الآخرين، فلا تضربهم على وجوههم؛ وإذا واجهت الآخرين، فلا تصرِّح بعيوبهم؟" (إنه كذلك). من الواضح أن هذه طريقة ملتوية ومخادعة للبقاء وهي تنطوي على عنصر الحذر، وهدفها الحفاظ على الذات. بالعيش على هذا النحو، لا يكون لدى الناس مؤتمَنين على أسرارهم، ولا أصدقاء مقربين يمكنهم أن يقولوا معهم كل ما يحلو لهم. لا يوجد بين الناس سوى حذر متبادل واستغلال متبادل وكيد متبادل، إذ يأخذ كل شخص ما يحتاج إليه من العلاقة. أليس الأمر كذلك؟ إن الهدف من عبارة "إذا ضربت الآخرين، فلا تضربهم على وجوههم؛ وإذا واجهت الآخرين، فلا تصرِّح بعيوبهم" في الأساس هو عدم الإساءة للآخرين وعدم تكوين عداوات، وحماية النفس من خلال عدم إلحاق الأذى بأحد. إنها تقنية وطريقة يتبناها المرء لحماية نفسه من الأذى. بالنظر إلى هذه الجوانب المتعددة لجوهره، هل مطلب السلوك الأخلاقي للناس بأن "إذا ضربت الآخرين، فلا تضربهم على وجوههم؛ وإذا واجهت الآخرين، فلا تصرِّح بعيوبهم" نبيل؟ أهو إيجابي؟ (لا). ما الذي يُعلِّمه للناس إذًا؟ إنه يجب ألا تسيء إلى أي شخص أو تؤذيه، وإلا فأنت الذي سينتهي بك الأمر إلى أن تصاب بالأذى؛ وأيضًا، أنه يجب ألا تثق بأحد. إن جرحت أيًا من أصدقائك الوثيقين، فسوف تبدأ الصداقة تتغير بهدوء: سوف يتحول من كونه صديقك الوثيق الطيب إلى شخص غريب أو عدو. ما المشكلات التي يمكن حلها بتعليم الناس بهذه الطريقة؟ حتى لو من خلال التصرف بهذه الطريقة لم تكتسب أعداءً، بل وخسرت بعضهم، فهل سيجعل هذا الناس يعجبون بك ويستحسنونك ويحافظون دائمًا على صداقتك؟ هل يحقق هذا معيار السلوك الأخلاقي كليًّا؟ في أفضل أحوالها، هذه مجرد فلسفة التعاملات الدنيوية. هل يمكن اعتبار الالتزام بهذه العبارة والممارسة سلوكًا أخلاقيًّا جيدًا؟ على الإطلاق. هذه هي الطريقة التي يعلِّم بها بعض الآباء أبناءهم. إذا تعرَّض طفلهم للضرب أثناء وجوده خارج المنزل في مكان ما، فإنهم يقولون للطفل: "أنت جبان. لماذا لم تقاوم؟ إذا لكمك، اركله فحسب!". هل هذه هي الطريقة الصحيحة؟ (كلا). ماذا يسمى هذا؟ إنه يسمى التحريض. وما الغرض من التحريض؟ تجنب الخسائر واستغلال الآخرين. إذا لكمك شخص ما، سيؤلمك ذلك لبضعة أيام على الأكثر؛ أما إذا ركلته، ألن تكون هناك عواقب أكثر خطورة؟ ومَن الذي تسبب في هذا؟ (الوالدان بتحريضهما). أليست طبيعة العبارة: "إذا ضربت الآخرين، فلا تضربهم على وجوههم؛ وإذا واجهت الآخرين، فلا تصرِّح بعيوبهم" تشبه هذا إلى حد ما؟ وهل من الصواب التفاعل مع الآخرين وفقًا لهذه العبارة؟ (كلا). كلا، ليس ذلك صائبًا. بالنظر إلى الأمر من هذه الزاوية، أليست هذه طريقة لتحريض الناس؟ (بلى، إنها كذلك). هل تُعلِّم الناس أن يكونوا حكماء عند التفاعل مع الآخرين، وأن يكونوا قادرين على التمييز بين الناس، ورؤية الأشخاص والأشياء بالطريقة الصحيحة، والتفاعل مع الناس بطريقة حكيمة؟ هل تُعلِّمك أنك إذا قابلت أشخاصًا صالحين، أو أناسًا ذوي إنسانية، فيجب أن تعاملهم بإخلاص، وأن تقدم لهم المساعدة إذا استطعت، وإذا لم تستطع، فعليك أن تكون متسامحًا وتعاملهم على نحو ملائم، وتتعلَّم أن تتحمَّل عيوبهم، وتصبر على سوء فهمهم وإدانتهم لك، وتتعلَّم من نقاط قوَّتهم وسماتهم الطيبة؟ هل هذا ما تُعلِّمه للناس؟ (كلا). ماذا ينتُج في النهاية إذًا لما تُعلِّمه هذه الأقوال للناس؟ هل تجعل الناس أكثر صدقًا أم أكثر خداعًا؟ إنها تُفضي بالناس إلى أن يصبحوا أكثر خداعًا؛ فقلوب الناس تتباعد أكثر، والمسافة بينهم تتسع، والعلاقات بين الناس تصبح معقدة؛ وهذا يعادل التعقيد في العلاقات الاجتماعية بين الناس. يُفقد الحوار من القلب للقلب بين الناس، وتظهر تدريجيًّا عقلية الاحتراز. هل يمكن أن تظل علاقات الناس طبيعية بهذه الطريقة؟ هل سيتحسن المناخ الاجتماعي؟ (لا). ولهذا السبب، فإن من الواضح أن قول "إذا ضربت الآخرين، فلا تضربهم على وجوههم؛ وإذا واجهت الآخرين، فلا تصرِّح بعيوبهم" تعبير خاطئ. إن تعليم الناس بهذه الطريقة لا يمكن أن يجعلهم يعيشون بحسب الطبيعة البشرية الطبيعية. وبالإضافة إلى ذلك، لا يمكنه أن يجعل الناس فوق مستوى الشبهات أو مستقيمين أو صريحين في الطريقة التي يسلكون بها، ولا يمكنه على الإطلاق تحقيق أي شيء إيجابي.
إن القول: "إذا ضربت الآخرين، فلا تضربهم على وجوههم؛ وإذا واجهت الآخرين، فلا تصرِّح بعيوبهم" يشير إلى فعلين: أحدهما الضرب، والآخر هو التصريح. في تفاعلات الناس العادية مع الآخرين، هل ضرب شخص ما صواب أم خطأ؟ (خطأ). هل ضرب شخص ما هو مظهر وسلوك إنساني طبيعي في تفاعل المرء مع الآخرين؟ (لا). إن ضرب الناس لهو خطأ بالتأكيد، سواء ضربتهم على الوجه أو على أي موضع آخر. لذا، فإن عبارة: "إذا ضربت الآخرين، فلا تضربهم على وجوههم" هي عبارة خاطئة بطبيعتها. وبحسب هذا القول، لا يجوز على ما يبدو أن تضرب على الوجه، لكن من الصواب أن تضرب على موضع آخر، لأنه بعد الضرب على الوجه يصير أحمرَ ومتورمًا ومصابًا. هذا يجعل الشخص يبدو سيئًا وغير لائق، ويُظهِر أيضًا أنك تعامِل الناس بطريقة فظة للغاية، وهمجية، وحقيرة. هل من النبل، إذًا، ضرب الناس على موضع آخر؟ لا، هذا ليس من النبل أيضًا. في الواقع، لا ينصب تركيز هذا القول على موضع ضرب شخص ما، بل على كلمة "ضرب" نفسها. عندما تتفاعل مع الآخرين، إذا كنت دائمًا ما تضرب الآخرين كأسلوب لمواجهة المشكلات والتعامل معها، فإن طريقتك نفسها خاطئة. إنها تحدث بدافع التهور ولا تستند إلى ضمير وعقل إنسانية المرء، ناهيك بالطبع عن أنها ليست ممارسة للحق أو التزامًا بمبادئه. بعض الأشخاص لا يهاجمون كرامة الآخرين في وجودهم؛ فهم حريصون فيما يقولونه ويمتنعون عن ضرب الآخر على الوجه، لكنهم دائمًا ما يمارسون الحيل القذرة من وراء ظهورهم، ويصافحونهم من فوق الطاولة بينما يركلونهم من أسفلها، ويقولون أشياء جيدة في وجوههم لكنهم يدبرون المكائد من وراء ظهورهم، ويستغلون نقاط ضعف الآخرين للسيطرة عليهم من خلالها، ويتحينون الفرص للانتقام، والتلفيق وتخطيط المكائد، ونشر الشائعات، أو هندسة النزاعات واستخدام الآخرين للانتقام منهم. إلى أي مدى هذه الأساليب الخبيثة أفضل من ضرب شخص ما على الوجه؟ أليست أقسى من ضرب شخص على وجهه؟ أليست حتى أكثر دهاءً وشراسة وخالية من الإنسانية؟ (نعم، إنها كذلك). إذًا، عبارة: "إذا ضربت الآخرين، فلا تضربهم على وجوههم" هي في الأساس بلا معنى. وجهة النظر هذه في حد ذاتها خاطئة، مع لمسة من الادعاءات الكاذبة. إنها طريقة مرائية، مما يجعلها أكثر كراهة، وإثارة للاشمئزاز، وبغضة. يتضح لنا الآن أن ضرب الناس في حد ذاته يحدث بدافع التهور. على أي أساس تضرب شخصًا ما؟ وهل هذا مصرَّح به قانونًا أم أنه حق خوَّله لك الله؟ إنه ليس أيًا من هذه الأشياء. فلماذا تضرب الناس؟ إذا كنت تستطيع الانسجام مع شخص ما بشكل طبيعي، فيمكنك استخدام الطرق الصحيحة للتوافق والتفاعل معه. إذا لم تتمكن من التعايش معه، فيمكنك الذهاب في طريقك المنفصل دون الحاجة إلى التصرُّف بتهور أو التشاجر. في نطاق ضمير الإنسانية وعقلها، ينبغي أن يكون هذا شيئًا يفعله الناس. بمجرد أن تتصرف بتهور، حتى لو لم تضرب الشخص على وجهه ولكن على موضع آخر، فهذه مشكلة خطيرة. إن هذه ليست طريقة طبيعية للتفاعل. هذه هي الطريقة التي يتفاعل بها الأعداء، وليست الطريقة العادية التي يتفاعل بها الناس. إنها أبعد ما يكون عن الحس الإنساني. هل كلمة "تصرح" في قول "لا تصرح بعيوبهم" جيدة أم سيئة؟ هل كلمة "تصرح" لها مستوى يشير إلى كون الناس يُكشفون أو يُفضحون في كلام الله؟ (كلا). من فهمي لكلمة "تصرح" كما توجد في اللغة البشرية، فإنها لا تعني ذلك. جوهرها هو أحد أشكال انكشاف الهيئة الخبيثة إلى حد ما؛ يعني الكشف عن مشكلات الناس وأوجه قصورهم، أو بعض الأشياء والسلوكيات غير المعروفة للآخرين، أو بعض المكائد أو الأفكار والآراء التي تعتمل بعيدًا في الخفاء. هذا هو معنى كلمة "تصرح" في عبارة "إذا واجهت الآخرين، فلا تصرح بعيوبهم". إذا كان شخصان على علاقة طيبة معًا وكل منهما كاتم لأسرار الآخر ولا حواجز بينهما، وكان كلٌ منهما يأمل أن يفيد ويساعد الآخر، فمن الأفضل لهما الجلوس معًا، ليكشف كل منهما مشكلات الآخر بصراحة وصدق. هذا أمر مقبول، ولا يشبه التصريح بعيوب الآخرين. إن اكتشفت مشكلات شخص آخر ولكنك لاحظت أنه غير قادر بعد على قبول نصيحتك، إذًا ببساطة لا تقل أي شيء حتى تتجنب الشجار أو الصراع. وإذا كنت ترغب في مساعدته، يمكنك طلب رأيه وسؤاله: "أرى أن لديك مشكلة نوعًا ما، وآمل أن أُقدِّم لك نصيحة، ولا أعرف ما إذا سيكون بإمكانك قبولها. فإذا كنت ستتقبلها، سأخبرك. وإذا لم تكن ستتقبلها، فسأحتفظ بها لنفسي الآن ولن أقول أي شيء". إذا قال: "أنا أثق بك. فكل ما تقوله لن يكون متجاوزًا. يمكنني قبوله"، فإن هذا يعني أنك حصلت على الإذن، ويمكنك حينها التواصل معه بخصوص مشكلاته واحدةً تلو الأخرى. لن يقبل كليًّا ما تقوله فحسب، بل يستفيد منه أيضًا، وسوف يظل بإمكانكما الحفاظ على علاقة طبيعية. أليست تلك هي معاملة بعضنا بعضًا بإخلاص؟ (بلى). هذه هي الطريقة الصحيحة للتعامل مع الآخرين، وهي ليست مثل التصريح بعيوب الآخرين. ماذا يعني عدم "التصريح بعيوبهم" كما يقول القول الذي نحن بصدده؟ إنه يعني عدم الحديث عن نقائص الآخرين، وعدم الحديث عن أكثر مشكلات المحظورات لديه، وعدم الكشف عن جوهر مشكلاته، وعدم الكشف عنها بشكل فج، بل يعني الاكتفاء بتقديم بعض الملاحظات السطحية، وقول الأمور الشائعة التي يقولها الجميع، وقول الأشياء التي يقدر الشخص نفسه على فهمها، وعدم الكشف عن الموضوعات الحساسة أو الأخطاء التي ارتكبها الشخص سابقًا. ماذا ينتفع المرء إذا تصرفت بهذه الطريقة؟ ربما لم تسئ إليه أو لم تجعله عدوًا لك، ولكن ما فعلته لم يساعده أو يفيده بأي شكل من الأشكال. ولهذا، فإن عبارة "إذا واجهت الآخرين، فلا تصرح بعيوبهم" هي نفسها عبارة مراوغة وشكل من أشكال الخداع التي لا تسمح بالإخلاص في تعامل الناس مع بعضهم بعضًا. يمكن للمرء أن يقول إن التصرف بهذه الطريقة يعني إضمار مقاصد شريرة؛ فهذه ليست الطريقة الصحيحة للتعامل مع الآخرين. بل إن غير المؤمنين يرون أن عبارة "إذا واجهت الآخرين، فلا تصرح بعيوبهم" أمر يجب على الشخص نبيل الأخلاق أن يفعله. من الواضح أن هذه طريقة مخادعة للتعامل مع الآخرين يستخدمها الناس لحماية أنفسهم. إنها ليست صيغة ملائمة للتعامل على الإطلاق.
– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ماذا يعني السعي إلى الحق (8)
إن القول عن السلوك الأخلاقي "الإعدام لا يفعل شيئًا إلا دحرجة الرؤوس. كن لينًا قدر الإمكان"، الذي يشار إليه في الثقافة الصينية التقليدية، هو تعليم يقيِّد الناس وينيرهم. لا يمكنه سوى حل الخلافات الصغيرة والنزاعات التافهة، ولكن ليس له أي تأثير على الإطلاق عندما يتعلق الأمر بالأشخاص الذين لديهم كراهية عميقة. هل الأشخاص الذين طرحوا هذا المطلب يفهمون حقًّا إنسانية الإنسان؟ يمكن للمرء أن يقول إن الأشخاص الذين طرحوا هذا المطلب ليسوا بأي حال من الأحوال جهالًا بمدى عظمة نطاق التسامح في الضمير والعقل البشريين. إن مجرد طرح هذه النظرية يمكن أن يجعل قائليها يبدون متطورين ونبلاء، ويكسبون استحسان الناس وإطراءهم. الحقيقة هي أنهم يعرفون جيدًا أنه إذا أساء شخص ما إلى كرامة شخص أو شخصيته، أو أضر بمصالحه، أو حتى أثر في فرصه المستقبلية وحياته كلها، فعندئذ من منظور الإنسانية، لا بد للطرف المتضرر أن ينتقم. ومهما كان مقدار ضميره وعقله، فلن يأخذ الأمر ببساطة. على الأكثر، لن تختلف سوى درجة انتقامه وطريقتها. ...
لماذا يمكن للناس التخلي عن الكراهية؟ ما الأسباب الرئيسة؟ من ناحية، هم متأثرون بهذا القول عن السلوك الأخلاقي: "الإعدام لا يفعل شيئًا إلا دحرجة الرؤوس. كن لينًا قدر الإمكان". وهم، من ناحية أخرى، قلقون من فكرة أنهم إذا كانت لديهم مظالم تافهة، ويكرهون الناس باستمرار، وغير متسامحين مع الآخرين، فلن يتمكنوا من ربح موطئ قدم في المجتمع، وسيدينهم الرأي العام ويضحك الناس منهم؛ لذلك يجب أن يكظموا غضبهم على مضض وعلى غير رغبة منهم. بالنظر إلى الغريزة البشرية، من ناحية، لا يمكن للأشخاص الذين يعيشون في هذا العالم أن يتحملوا كل هذا الاضطهاد، والأذى الذي لا معنى له، والمعاملة الظالمة. وهذا يعني أنه ليس من إنسانية الناس أن يكونوا قادرين على تحمُّل هذه الأشياء. ولذلك، فإن من الظلم ومن القسوة طرح مطلب "الإعدام لا يفعل شيئًا إلا دحرجة الرؤوس. كن لينًا قدر الإمكان" على أي شخص. ومن ناحية أخرى، من الواضح أن مثل هذه الأفكار والآراء تؤثر أيضًا في آراء الناس ووجهات نظرهم بشأن هذه الأمور أو تشوهها، ولذلك فهم غير قادرين على التعامل مع هذه الأمور على نحو صحيح، وعوضًا عن ذلك ينظرون إلى أقوال مثل "الإعدام لا يفعل شيئًا إلا دحرجة الرؤوس. كن ليّنًا قدر الإمكان" كأمور قويمة وإيجابية. عندما يتعرض الناس لمعاملة ظالمة، فلا خيار أمامهم، لكي يتفادوا إدانة الرأي العام، سوى كبت الإهانات والمعاملة غير المتكافئة التي عانوها، وانتظار فرصة للانتقام. ورغم أنهم يقولون بصوت مرتفع أشياءَ تبدو لطيفة مثل "الإعدام لا يفعل شيئًا إلا دحرجة الرؤوس. كن لينًا قدر الإمكان"، ولا داعي للقلق، لا فائدة من الانتقام، فما فات قد انتهى أثره"، تمنعهم الغريزة البشرية من نسيان الضرر الذي سبَّبته لهم هذه الحادثة أبدًا، أي أن الضرر الذي ألحقتْه بأجسادهم وعقولهم لا يمكن أن يُمحَى أو أن يتلاشى أبدًا. عندما يقول الناس: "انسَ الكراهية، فهذا الأمر قد انفضّ وانقضى، فما فات قد انتهى أثره"، فهذه مجرد واجهة لم تتشكل إلا من خلال القيود وتأثير الأفكار والآراء مثل "الإعدام لا يفعل شيئًا إلا دحرجة الرؤوس. كن لينًا قدر الإمكان". الناس بالطبع مقيَّدون أيضًا بمثل هذه الأفكار والآراء، بقدر ما يعتقدون أنهم إذا لم يتمكنوا من ممارستها، وإذا لم يكن لديهم القلب أو السخاء ليكونوا ليِّنين قدر الإمكان، فسوف يزدريهم الجميع ويدينونهم، وسوف يتعرضون حتى لمزيد من التمييز في المجتمع أو داخل دوائرهم. ما نتيجة التعرُّض للتمييز؟ النتيجة هي أنك عندما تتواصل مع الناس وتبدأ عملك، سيقول الناس: "هذا الشخص ضيّق الأفق ومحب للانتقام. كُن حذرًا عند التعامل معه!" يصير هذا على نحو فعال عقبة إضافية عندما تبدأ عملك داخل المجتمع. لماذا توجد هذه العقبة الإضافية؟ لأن المجتمع ككل يتأثر بأفكار ووجهات نظر مثل "الإعدام لا يفعل شيئًا إلا دحرجة الرؤوس. كن لينًا قدر الإمكان". إن أعراف المجتمع ككل توقِّر مثل هذا التفكير، والمجتمع بأسره مقيَّد به وواقع تحت تأثيره وسيطرته؛ ولذلك، إن لم تستطع ممارسته، فسيكون من الصعب عليك ربح موطئ قدم في المجتمع، والحفاظ على البقاء داخل مجتمعك. ولذلك، فبعض الناس ليس لديهم بديل سوى الخضوع لمثل هذه الأعراف الاجتماعية واتباع أقوال ووجهات نظر مثل "الإعدام لا يفعل شيئًا إلا دحرجة الرؤوس. كن لينًا قدر الإمكان"، حيث يعيشون حياة مثيرة للشفقة. في ضوء هذه الظواهر، ألم يكن لمن يُسمون بدعاة الأخلاق أهدافٌ ومقاصدُ معيّنة في طرح هذه الأقوال حول الأفكار والآراء الأخلاقية؟ هل فعلوا ذلك ليتمكن البشر من العيش بحريَّة أكبر، وتتحرَّر أجسادهم وعقولهم وأرواحهم؟ أم أنه كان من أجل أن يعيش الناس حياة أكثر سعادة؟ من الواضح تمامًا أن الأمر ليس كذلك. هذه الأقوال حول السلوك الأخلاقي لا تفي باحتياجات الإنسانية الطبيعية للناس على الإطلاق، فضلًا عن أن تُطرح لجعل الناس يعيشون حياة إنسانية طبيعية. فهي بالأحرى تلبي تمامًا طموح الطبقة الحاكمة للسيطرة على الشعب واستقرار سُلطتها، وهي تخدم الطبقة الحاكمة، وقد طُرحت كي تتمكن الطبقة الحاكمة من الحفاظ على النظام الاجتماعي والأعراف الاجتماعية، باستخدام هذه الأشياء لتقييد كل شخص، وكل أسرة، وكل فرد، وكل مجتمع، وكل مجموعة، والمجتمع المكون من جميع المجموعات المختلفة. في مثل هذه المجتمعات، وتحت تأثير مثل هذه الأفكار والآراء الأخلاقية وتلقينها وغرسها، تنشأ الأفكار والآراء الأخلاقية السائدة في المجتمع وتتشكَّل. لا يفضي هذا التبلور للأخلاق والأعراف الاجتماعية إلى الحفاظ على بقاء الجنس البشري، ولا يفضي كذلك إلى تقدُّم الفِكر البشري وتطهيره، ولا إلى تعزيز الإنسانية. على العكس من ذلك، وبسبب نشوء هذه الأفكار والآراء الأخلاقية، فإن التفكير البشري محصور في نطاق يمكن السيطرة عليه. مَن المستفيد إذًا في النهاية؟ هل هو الجنس البشري؟ أم الطبقة الحاكمة؟ (الطبقة الحاكمة). هذا صحيح، الطبقة الحاكمة هي التي تستفيد في النهاية. بوجود هذه الكتب المقدسة الأخلاقية كأساس لتفكير البشر وسلوكهم الأخلاقي، يسهل حكمهم، ويصبحون على الأرجح مواطنين مطيعين، ويغدو من الأيسر التلاعب بهم، ويسهل التحكُّم بهم من خلال الأقوال المختلفة للكتب المقدسة الأخلاقية في كل ما يفعلونه، وبسهولة أكبر تهيمن عليهم النظم الاجتماعية والأخلاق الاجتماعية والأعراف الاجتماعية والرأي العام. بهذه الطريقة، وإلى حد ما، يكون لدى الأشخاص التابعين للأنظمة الاجتماعية، والبيئة الأخلاقية، والأعراف الاجتماعية نفسها أفكار ووجهات نظر مُجمَع عليها أساسًا، وحدّ أدنى متفق عليه لكيفية التصرُّف المطلوب، لأن أفكارهم ووجهات نظرهم خضعت للمعالجة والتوحيد القياسي من قبل هؤلاء الذين يُسمون بدعاة الأخلاق والمفكرين والمربّين. ماذا تعني كلمة "مُجمَع عليه"؟ إنها تعني أن جميع المحكومين – بما في ذلك أفكارهم وإنسانيتهم الطبيعية – قد تمّ استيعابهم وتقييدهم بهذه الأقوال من الكتب المقدسة الأخلاقية. تُقيَّد أفكار الناس، كما تُقيَّد أفواههم وأدمغتهم في الوقت نفسه؛ حيث يُجبَر الجميع على قبول هذه الأفكار والآراء الأخلاقية للثقافة التقليدية، مستخدمين إياها للحكم على سلوكهم وتقييده من ناحية، والحكم على الآخرين وهذا المجتمع من ناحية أخرى. وهم في الوقت نفسه، يَخضعون أيضًا بالطبع لسيطرة الرأي العام، الذي يتمحور حول هذه الأقوال المأخوذة من الكتب المقدسة الأخلاقية. إن كنت تعتقد أن طريقتك في فعل الأشياء تتعارض مع مقولة "الإعدام لا يفعل شيئًا إلا دحرجة الرؤوس. كن لينًا قدر الإمكان" فإنك تشعر بالضيق وعدم الارتياح، وسرعان ما يخطر ببالك القول: "إذا لم أتمكن من أن أكون لينًا قدر الإمكان، وإذا كنت تافهًا وضيّق الأفق مثل بعض الأقزام ضيقي الأفق، ولا يمكنني التخلي حتى عن أدنى كراهية، بل أحملها معي طوال الوقت، فهل سيضحكون مني؟ هل سيتم التمييز ضدي من قبل الزملاء والأصدقاء؟" لذلك، يجب أن تتظاهر بأنك واسع الصدر على نحو خاص. إذا كانت لدى الناس هذه السلوكيات، فهل يعني هذا أنهم يخضعون لسيطرة الرأي العام؟ (نعم). من الناحية الموضوعية، توجد في أعماق قلبك قيود غير مرئية، أي أن الرأي العام وإدانة المجتمع بأسره بمثابة قيود غير مرئية بالنسبة إليك.
– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ماذا يعني السعي إلى الحق (9)
المعنى الضمني لقول "لا تفرض على الآخرين ما لا تريده" هو أنه ينبغي عليك إعطاء الأشياء التي تحبها أنت شخصيًا وتستمتع بها إلى الآخرين وتوفرها لهم. ولكن ما الأشياء التي يحبها الفاسدون ويستمتعون بها؟ الأشياء الفاسدة والأشياء المنافية للعقل والرغبات المسرفة. إذا منحت الناس هذه الأشياء السلبية ووفرتها لهم، ألن يزداد فساد البشرية جمعاء؟ سوف تتضاءل الأشياء الإيجابية. أليست هذه هي الحقيقة؟ إن الإنسانية في الواقع غارقة في الفساد. فالبشر الفاسدون يحبون السعي وراء الشهرة والربح والمكانة وملذات الجسد؛ ويريدون أن يكونوا مشاهير وأقوياء وخارقين. يريدون حياةً مريحة وينفرون من العمل الجاد؛ ويريدون الحصول على كل شيء بلا تعب. وتوجد قلة قليلة منهم يحبون الحق أو الأشياء الإيجابية. إذا قدَّم الناس فسادهم وميولهم إلى الآخرين، فماذا سيحدث؟ إنه تمامًا كما تتصور: سوف تزداد الإنسانية فسادًا. أولئك الذين يؤيدون فكرة "لا تفرض على الآخرين ما لا تريده" يطلبون من الناس أن يُقدموا ويُزودوا الآخرين بفسادهم وميولهم ورغباتهم المسرفة، جاعلين الآخرين يسعون وراء الشر والراحة والمال والترقي. هل هذا هو الطريق الصحيح في الحياة؟ من الواضح معرفة أن القول "لا تفرض على الآخرين ما لا تريده" ينطوي على إشكاليات كثيرة. فالثغرات والعيوب الموجودة فيه واضحة وضوح الشمس؛ وهو لا يستحق حتى تحليله وتمييزه. فمع أدنى فحص، تظهر أخطاؤه وسخافته للعيان. ومع ذلك، يوجد كثيرون منكم ممن يسهل اقتناعهم وتأثرهم بهذا القول ويقبلونه دون تمييز. فعند التعامل مع الآخرين، تستخدم غالبًا هذا القول لتوبيخ نفسك وحث الآخرين. وبفعل هذا، تعتقد أن شخصيتك نبيلة على وجه الخصوص وأن تصرفك معقول جدًّا. ولكن هذه الكلمات تكون قد كشفت دون أن تدري عن المبدأ الذي تعيش وفقًا له وموقفك من الأمور. وفي الوقت نفسه، تكون قد ضللت الآخرين وأسأت توجيههم ليتعاملوا مع الناس والظروف بنفس وجهة نَظرك وموقفك. لقد تصرفتَ كمراوغ حقيقي واتخذتَ الطريق الوسط تمامًا. تقول: "مهما كانت المشكلة، لا داعي لأخذها على محمل الجد. لا تُصعِّب الأمور على نفسك أو على الآخرين. إذا صعَّبت الأمور على الآخرين، فإنك تُصعِّبها بذلك على نفسك. واللطف مع الآخرين يعني اللطف مع نفسك. إذا قسوت على الآخرين، فأنت بذلك تقسو على نفسك. لماذا تضع نفسك في موقف صعب؟ إن عدم فرضك على الآخرين ما لا تريده هو أفضل شيء يمكن أن تفعله لنفسك، والأكثر مراعاةً لمشاعر الآخرين". من الواضح أن هذا الموقف هو عدم التدقيق في أي شيء. ليس لديك موقف أو منظور صحيح بشأن أي مسألة، بل لديك نظرة مشوشة لكل شيء. أنت لستَ مدققًا وتغض الطرف عن الأشياء. وعندما تقف أمام الله أخيرًا وتُقدِّم حسابًا عن نفسك، سوف يكون ذلك بمثابة تشويش كبير. لمَ ذلك؟ لأنك تقول دائمًا إنه ينبغي عليك ألا تفرض على الآخرين ما لا تريده. هذا مريح وممتع للغاية، لكنه في الوقت نفسه سيُسبِّب لك الكثير من المتاعب، مما يجعلك بلا رؤية أو موقف واضحين في العديد من الأمور. وبالطبع، سوف يجعلك ذلك عاجزًا أيضًا عن الفهم الواضح لمتطلبات الله منك ومعاييره لك عندما تواجه هذه المواقف، أو الآخرة التي ينبغي أن تصل إليها. تحدث هذه الأمور لأنك لستَ مدققًا في أي شيء، وهي ناتجة عن موقفك المشوش وآرائك المشوشة. هل قول ألا تفرض على الآخرين ما لا تريده هو الموقف المتسامح الذي ينبغي أن تتحلى به تجاه الناس والأشياء؟ لا، ليس كذلك. إنه مجرد نظرية تبدو صحيحة ونبيلة ولطيفة ظاهريًا، ولكنها في الواقع شيء سلبي تمامًا. يتضح بالطبع أنه لا يرقى إلى مستوى مبدأ الحق ينبغي على الناس الالتزام به. فالله لا يطلب من الناس ألا يفرضوا على الآخرين ما لا يريدوه، بل يطلب من الناس أن يكونوا واضحين بشأن المبادئ التي ينبغي عليهم مراعاتها عند التعامل مع المواقف المختلفة. إذا كان هذا صحيحًا ومتوافقًا مع الحق في كلام الله، فيجب أن تتمسك به. وليس هذا فحسب، بل يجب أن تُحذِّر الآخرين وتقنعهم وتعقد شركةً معهم حتى يفهموا بالضبط ما هي مقاصد الله وما هي مبادئ الحق. هذه هي مسؤوليتك والتزامك. لا يطلب منك الله أن تسلك الطريق الوسط، وبالطبع لا يطلب منك إظهار مدى رحابة صدرك. ينبغي أن تتمسك بالأشياء التي نصحك الله بها وعلَّمك إياها، وما يتحدث عنه الله في كلامه: المقياس والمعيار، ومبادئ الحق التي ينبغي أن يراعيها الناس. لا يجب عليك فقط التمسك والالتزام بها إلى الأبد، بل أيضًا ممارسة مبادئ الحق هذه من خلال أن تكون قدوةً، بالإضافة إلى إقناع الآخرين والإشراف عليهم ومساعدتهم وتوجيههم للتمسك بها ومراعاتها وممارستها وفقًا لطريقتك نفسها. يطلب الله منك أن تفعل هذا؛ هذا ما يوكله الله لك. لا يمكنك أن تضع متطلبات لنفسك فحسب، بينما تتجاهل الآخرين. يطلب الله منك أن تتخذ الموقف الصحيح بشأن المشكلات، وأن تتمسك بالمعايير الصحيحة، وأن تعرف على وجه التحديد ما هي المعايير في كلام الله، وأن يكتشف على وجه التحديد مبادئ الحق. وحتى إن لم تتمكن من تحقيق ذلك، وحتى إن كنت لا ترغب في ذلك، أو إن كان لا يعجبك، أو إن كانت لديك مفاهيم، أو إن كنت تقاومه، يجب أن تتعامل معه على أنه مسؤوليتك والتزامك. يجب أن تعقد شركةً مع الناس بخصوص الأمور الإيجابية التي تأتي من الله، وبخصوص الأمور السليمة والصحيحة، وأن تستخدمها لمساعدة الآخرين والتأثير عليهم وإرشادهم كي ينتفع الناس منها ويُثقَّفون من خلالها ويسلكون الطريق الصحيح في الحياة. هذه هي مسؤوليتك، ويجب ألا تتمسك بعناد بفكرة "لا تفرض على الآخرين ما لا تريده" التي وضعها الشيطان في ذهنك. يرى الله أن هذا القول مجرد فلسفة للتعامل الدنيوي؛ إنه طريقة تفكير تنطوي على حيل الشيطانية؛ وهي ليست الطريق الصحيح وليست أمرًا إيجابيًّا على الإطلاق. وكل ما يطلبه الله منك هو أن تكون شخصًا مستقيمًا يفهم بوضوح ما ينبغي عليه فعله وما لا ينبغي عليه فعله. إنه لا يطلب منك أن تكون مُرضيًا للناس أو أن تكون على الحياد؛ ولم يطلب منك أن تسلك الطريق الوسط. عندما يرتبط أمر ما بمبادئ الحق، يجب عليك قول ما يجب قوله وفهم ما يجب فهمه. إذا لم يفهم الشخص شيئًا ما ولكنك تفهمه ويمكنك تقديم أفكار وتساعده، فيجب عليك بالطبع الوفاء بهذه المسؤولية والالتزام. يجب ألا تقف على الحياد وتراقب الأمر، ولا تتمسك بالفلسفات التي وضعها الشيطان في ذهنك من قبيل ألا تفرض على الآخرين ما لا تريده. هل تفهم؟ (نعم). أي ما يُعتبر صحيح وإيجابي هو كذلك، حتى لو كان لا يعجبك، أو لا ترغب في القيام به، أو تعجز عن القيام به وتحقيقه، أو تعارضه، أو لديك مفاهيمًا ضده. إن جوهر كلام الله والحق لن يتغيرا لمجرد أن البشر لديهم شخصيات فاسدة ولديهم عواطف ومشاعر ورغبات ومفاهيم معينة. إن جوهر كلام الله والحق لن يتغيرا أبدًا. فما إن تعرف كلامَ الله والحق وتفهمه وتختبره وتكتسبه، يصبح من واجبك تقديم شركة عن شهاداتك الاختبارية إلى الآخرين. سيجعل هذا المزيد من الناس يفهمون مقاصد الله، ويفهمون الحق ويكسبوه، ويفهمون مطالب الله ومعاييره، ويستوعبون مبادئ الحق. عند القيام بذلك، سيكتسب هؤلاء الناس طريقًا للممارسة عندما يواجهون مشكلات في حياتهم اليومية، ولن يصبحوا مشوَّشين أو مقيَّدين بأفكار الشيطان وآرائه المختلفة. إن القول المأثور في السلوك الأخلاقيِّ "لا تفرض على الآخرين ما لا تريده" هو بالتأكيد خطة الشيطان الماكرة للسيطرة على عقول الناس. إذا كنت تؤيد هذا دائمًا، فأنت شخص يعيش وفقًا للفلسفات الشيطانية، وشخص يعيش بالكامل وفقًا لشخصية شيطانية.
– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ماذا يعني السعي إلى الحق (10)
يظل هذا القول في السلوك الأخلاقي "سأتحمل رصاصة من أجل صديق"، صالحًا للتطبيق في أي عصر أو مجموعة عرقية. هذا يعني أنه يتوافق إلى حد كبير مع ضمير وعقل الإنسانية. بتعبير أدق، فإن هذا القول يتوافق مع مفهوم "الأخوَّة" الذي يلتزم به الناس في ضمائرهم. إن الناس الذين يُقدرون الأخوَّة سيكونوا على استعداد لتحمل رصاصة من أجل صديق. مهما كانت صعوبة وخطورة الموقف الذي يواجهه صديقهم، فإنهم يتقدمون ويتحملون رصاصة من أجله. هذه هي روح التضحية بالمصالح الشخصية من أجل الآخرين. إن هذا القول في السلوك الأخلاقي "سأتحمل رصاصة من أجل صديق" يغرس بشكل رئيسي في الناس تعظيم الأخوَّة. ذلك المعيار المطلوب من البشرية التمسك به هو أن يُعظم الإنسان الأخوة؛ وهو جوهر هذا القول. ...
ما الخطأ في أفكار وآراء مثل "سأتحمل رصاصة من أجل صديق"؟ هذا السؤال في الواقع بسيط للغاية وليس صعبًا. لا يوجد إنسان يعيش في العالم يخرج من شقوق الصخور. لدى الجميع آباء وأبناء، لكل شخص أقارب، ليس هناك أحد في هذا العالم البشري مستقلًا بذاته. ماذا أعني بهذا؟ أعني أنك تعيش في هذا العالم البشري، ولديك التزامات عليك الوفاء بها. أولًا، يجب عليك دعم والديك، وثانيًا، يجب عليك تربية أبنائك. هذه هي مسؤولياتك في العائلة. في المجتمع، لديك أيضًا مسؤوليات والتزامات اجتماعية يجب الوفاء بها. يجب أن تلعب دورًا في المجتمع، كأن تكون عاملًا أو مزارعًا أو صاحب عمل أو طالبًا أو مُفكرًا. من الأسرة إلى المجتمع، هناك العديد من المسؤوليات والالتزامات التي يتعين عليك القيام بها. أي أنه بالإضافة إلى طعامك وملبسك ومسكنك وتحركاتك، لديك أشياء كثيرة يجب أن تلتزم بها، وأشياء كثيرة من الضروري القيام بها، والتزامات كثيرة عليك الوفاء بها. بصرف النظر عن الطريق الصحيح للإيمان بالله الذي يسلكه الناس، فإنك كفرد لديك الكثير من المسؤوليات العائلية والالتزامات الاجتماعية للقيام بها. إن وجودك ليس مستقلًا. إن المسؤولية الملقاة على عاتقك لا تقتصر على تكوين صداقات وقضاء وقت ممتع فحسب، أو إيجاد شخص يمكنك التحدث إليه ويساعدك. إن أغلب مسؤولياتك – وأهم ما فيها– يتعلق بأسرتك ومجتمعك. إن حياتك كفرد لن تُعتبر كاملة ومثالية إلا إذا أديت مسؤولياتك الأسرية والتزاماتك الاجتماعية على أكمل وجه. إذًا، ما هي المسؤوليات التي يجب أن تؤديها داخل الأسرة؟ كابنٍ أو إبنة ينبغي أن تكون بارًا بوالديك وتدعمهما. عندما يكون والديك مريضين أو يواجهان صعوبة ما، يجب أن تبذل كل ما في وسعك. كونك أبًا أو أمًا، عليك أن تشقى وتجتهد في عملك وتتحمل المشقة لتوفير احتياجات الأسرة بأكملها، وتتحمل عبء هذه المسؤولية، تربي أبناءَك، وتعلمهم اتباع الطريق الصحيح، وتُفهمهم مبادئ السلوك. ولذلك، تقع على عاتقك مسؤوليات عديدة في الأسرة. يجب عليك أن تدعم والديك وتتحمل مسؤولية تربية أطفالك. ثمة الكثير من هذه الأمور التي يجب القيام بها. وما هي مسؤولياتك في المجتمع؟ عليك الالتزام بالقوانين والأنظمة، يجب أن يكون لديك مبادئ في التعامل مع الآخرين، وأن تبذل قصارى جهدك في العمل، وأن تدير حياتك المهنية جيدًا. يجب أن تبذل ثمانين أو تسعين بالمئة من وقتك وطاقتك في هذه الأمور. وهذا يعني أنه أيًا كان الدور الذي تلعبه داخل عائلتك أو في المجتمع، وأيًا كان المسار الذي تسلكه، ومهما كانت طموحاتك وتطلعاتك، فإن كل شخص لديه مسؤوليات يجب أن يتحملها وهي مهمة جدًا بالنسبة له شخصيًا، وتُشغل كل وقته وطاقته تقريبًا. من منظور المسؤوليات العائلية والاجتماعية، ما قيمة نفسك كشخص وما قيمة وجودك في هذا العالم البشري؟ إنه الوفاء بالمسؤوليات والإرساليات الموكلة إليك من السماء. إن حياتك ليست ملكك وحدك، وبالطبع ليست ملكًا للآخرين. إن حياتك موجودة من أجل إرسالياتك ومسؤولياتك، ومن أجل المسؤوليات والالتزامات والإرساليات التي عليك إنجازها في هذا العالم البشري. إن حياتك ليست ملكًا لوالديك، ولا لزوجتك (زوجك)، وبالطبع ليست ملكًا لأبنائك، ناهيك عن أنها ليست ملكًا لأحفادك. إذًا لمن تنتمي حياتك؟ عند التحدث من وجهة نظر شخص دنيوي، فإن حياتك تنتمي إلى المسؤوليات والإرساليات التي كلفك الله بها. لكن من وجهة نظر المؤمن، فإن حياتك ينبغي أن تنتمي لله، لأنه هو الذي ينظم كل شيء يتعلق بك وله السيادة عليه. لذلك، كشخص يعيش في العالم، ينبغي ألا تتعهد بحياتك للآخرين دون سبب، ولا تضحي بحياتك دون تفكير من أجل أي شخص أو من أجل الأخوَّة. أي أنه لا يجوز أن تستخف بحياتك. إن حياتك لا قيمة لها لأي شخص آخر، وخاصة للشيطان، ولهذا المجتمع، ولهذا الجنس البشري الفاسد، لكن بالنسبة لوالديك وأقاربك، فإن حياتك ذات أهمية قصوى، لأن هناك علاقة لا تنفصم بين مسؤولياتك وبقاءهم في الحياة. وبطبيعة الحال، فالأكثر أهمية من ذلك، هو أن هناك علاقة لا تنفصم بين حياتك وحقيقة أن الله يملك السيادة على كل الأشياء وعلى الجنس البشري بأكمله. إن حياتك لا غنى عنها من بين الحيوات الكثيرة التي يملك الله السيادة عليها. ربما لا ترى حياتك قيِّمة إلى هذا الحد، وربما لا ينبغي أن تُقدر حياتك إلى هذا الحد، ولكن الحقيقة هي أن حياتك مهمة للغاية لوالديك وأقاربك الذين تربطك بهم روابط وثيقة وعلاقة لا تنفصم. لماذا أقول ذلك؟ لأن لديك مسؤوليات تجاههم، لديهم أيضًا مسؤوليات تجاهك، ولديك مسؤوليات تجاه هذا المجتمع، ومسؤولياتك تجاه المجتمع تتعلق بدورك فيه. إن دور كل إنسان وكل كائن حي لا غنى عنه عند الله، وكلها عناصر لا غنى عنها لسيادة الله على البشرية، وعلى هذا العالم، وهذه الأرض، وهذا الكون. في عيني الله، كل حياة هي أضْألُ من حَبّة رمل، وأحْقرُ من نملة؛ ومع ذلك، لأن كل شخص هو حياة، حياة تعيش وتتنفس، لذلك، فإنه في سيادة الله، حتى وإن كان الدور الذي يلعبه هذا الشخص غيرَ محوري، فهو لا غنى عنه أيضًا. لذلك، عند النظر إلى الأمر من هذه الجوانب، إذا كان الشخص مستعدًا لتحمل رصاصة من أجل صديق ولا يفكر في ذلك فقط، بل مستعدًا للقيام به في أي لحظة، مضحيًا بحياته دون أي اعتبار لمسؤولياته العائلية، ومسؤولياته الاجتماعية، وحتى الإرساليات والواجبات التي كلفه الله بها ووضعها على عاتقه، أليس هذا أمر خاطئ؟ (بلى). هذه خيانة! إن أغلى ما يمنحه الله للإنسان هو هذا النَّفس الذي يُسمَّى الحياة. إذا تساهلت وقطعت وعدًا لصديقك بحياتك، والذي تعتقد أن بإمكانك أن تأتمنه عليها، ألا يعد هذا خيانة لله؟ ألا يعد هذا عدم احترام للحياة؟ ألا يعد تمردًا على الله؟ ألا يعد فعل به خيانة لله؟ (نعم). هذا تخلي واضح عن المسؤوليات التي يجب أن تؤديها في عائلتك وفي المجتمع، وتهرُّب من الإرساليات التي كلفك الله بها؛ هذه خيانة. ليس هناك في حياة الإنسان ما هو أكثر أهمية من المسؤوليات التي يجب أن يتحملها في هذه الحياة؛ المسؤوليات العائلية، والمسؤوليات الاجتماعية، والإرساليات التي كلفك بها الله. وأهمها هي هذه المسؤوليات والإرساليات. إذا فقدت حياتك بالتضحية بها بسهولة من أجل شخص آخر بسبب شعور مؤقت بالأخوَّة أو تهوُّر في لحظة ما، فهل لا تزال هناك مسؤوليات عليك؟ كيف يمكنك التحدث عن الإرساليات إذًا؟ من الواضح أنك لا تعتز بالحياة التي وهبها الله لك ولا تعتبرها أثمن شيء، بل تتعهد بها للآخرين بلا مبالاة، وتتنازل عنها من أجل الآخرين، متجاهلًا تمامًا أو مُتخليًا عن مسؤولياتك تجاه عائلتك ومجتمعك، وهو أمر غير أخلاقي وغير عادل. إذًا، ما الذي أحاول أن أخبركم به؟ لا تتنازل عن حياتك بسهولة أو تهبها للآخرين. يقول بعض الناس: "أيمكنني أن أهب حياتي لوالدي؟ ماذا عن وهبها لمن أعشقه، هل هذا مقبول؟" هذا غير مقبول. لماذا؟ الله يهبك الحياة ويجعلك تحيا لتتمكن من الوفاء بمسؤولياتك تجاه عائلتك ومجتمعك، وتنفيذ الإرساليات التي كلفك الله بها. لا يجوز لك أن تتعامل مع حياتك كأنها مزحة، فتوعد الآخرين بها ببساطة، وتمنحهم إياها، وتبذلها لهم، وتُكرسها لهم. إذا فقد الإنسان حياته، فهل سيظل بوسعه القيام بمسؤولياته العائلية والاجتماعية وإرسالياته؟ هل سيظل ذلك ممكنًا؟ (لا). وعندما لا توجد مسؤوليات الشخص العائلية و الاجتماعية، فهل الأدوار الاجتماعية التي يؤديها تظل قائمة؟ (لا). عندما لا توجد الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها الشخص، هل تظل إرساليات ذلك الشخص قائمة؟ لا، لا تظل قائمة. عندما تنتهي إرساليات الشخص وأدواره الاجتماعية، فهل ما يحكمه الله ويسود عليه يظل موجودًا؟ إن ما يحكمه الله ويسود عليه هي الكائنات الحية، والبشر الأحياء، وعندما تنتهي مسؤولياتهم الاجتماعية وحياتهم، وتعود أدوارهم الاجتماعية كلها إلى العدم، فهل هذه محاولة لجعل البشرية – التي يسود عليها حكم الله – وخطة تدبير الله، تعود إلى العدم؟ إذا فعلت هذا، ألا يعد خيانة؟ (نعم). هذه خيانة بالفعل. إن حياتك موجودة من أجل مسؤولياتك وإرسالياتك فقط، وقيمة حياتك لا يمكن أن تنعكس إلا في مسؤولياتك وإرسالياتك. بالإضافة إلى ذلك، فإن تحمل رصاصة من أجل صديق ليست مسؤوليتك أو إرساليتك. باعتبارك شخصًا وهبه الله الحياة، فإن ما عليك عمله هو الوفاء بالمسؤوليات و الإرساليات التي كلفك بها الله. في حين أن تحمل رصاصة من أجل صديق ليست مسؤولية أو إرسالية كلفك الله بها. بل هي تصرفك بدافع الأخوَّة، و مُعتقدك، وتفكيرك النابع عن رغباتك عن الحياة، وبالطبع، هو أيضًا نوع من التفكير الذي يغرسه الشيطان في الناس للسخرية منهم وسحق حياتهم.
– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ماذا يعني السعي إلى الحق (10)
في هذا المجتمع، مبادئ الناس في التعامل مع العالم، وأساليبهم للعيش والوجود، وحتى مواقفهم ومفاهيمهم تجاه الدين والمعتقد، وكذلك مفاهيمهم وآراؤهم المختلفة تجاه الناس والأشياء – كل هذه الأشياء تُكيَّف حتمًا بفعل العائلة. قبل أن يتوصل الناس إلى فهم الحق؛ ومهما كان عمرهم أو نوعهم الاجتماعي أو المهنة التي يمارسونها أو نوع موقفهم تجاه كل الأمور متطرفًا كان أم عقلانيًا؛ أي في جميع أنواع الأشياء باختصار، فإنَّ أفكارهم وآراءهم ومواقفهم تجاه الأشياء، تتأثر تأثرًا كبيرً بالعائلة. معنى هذا أنَّ التأثيرات التكييفية المختلفة التي تمارسها العائلة على الشخص، تحدد إلى حد كبير موقف هذا الشخص من الأشياء وطريقة تعامله معها، وكذلك نظرته إلى الوجود، وهي تؤثر حتى على إيمانه. وبما أن العائلة تكيّف الناس وتؤثر فيهم بدرجة كبيرة، فإن العائلة – لا محالة – هي أساس أساليب الناس ومبادئهم في التعامل مع الأشياء، وكذلك نظرتهم إلى الوجود، وآراءهم عن الإيمان. ولأن بيت العائلة نفسه ليس هو المكان الذي ينشأ فيه الحق، ولا هو مصدر الحق، فلا توجد عمليًا سوى قوة دافعة واحدة أو هدف واحد يدفع عائلتك إلى تكييفك على أي فكرة أو وجهة نظر أو أسلوب للوجود؛ وهذه القوة الدافعة هي العمل لما فيه مصلحتك. هذه الأشياء التي تصب في مصلحتك، بغض النظر عمن تأتي منه – سواء كانت من والديك أو أجدادك أو من أسلافك – كلها باختصار تهدف إلى تمكينك من الدفاع عن مصالحك الخاصة في المجتمع وبين الآخرين، ومنعك من التعرض للتنمر عليك، وتمكينك من العيش بين الناس بطريقة أكثر تحررًا ودبلوماسية، والتي تهدف إلى حماية مصالحك الخاصة إلى أقصى درجة. يهدف التكييف الذي تتلقاه من عائلتك إلى حمايتك، وأن يجنبك التعرض للتنمر أو الإذلال، وأن يجعلك شخصًا يفوق الآخرين في المكانة، حتى لو كان ذلك يعني التنمر على الآخرين أو إيذاءهم، ما دمت أنت نفسك لن تُضَر. هذه بعض أهم الأشياء التي تكيفك عائلتك عليها، وهي أيضًا الجوهر والهدف الرئيس الذي تقوم عليه جميع الأفكار التي تُكيَّف عليها. أليس هذا هو الحال؟ (بلى). إذا نظرت في هدف كل الأشياء التي كيفتك عائلتك عليها، وفي جوهر هذه الأشياء، فهل فيها أي شيء يتوافق مع الحق؟ حتى لو كانت هذه الأشياء تتفق مع الأخلاق أو الحقوق المشروعة والمصالح الإنسانية، فهل لها أي صلة بالحق؟ هل هي الحق؟ (لا). يمكن القول بكل يقين إنها بالتأكيد ليست الحق. فمهما كان اعتقاد الإنسان أن الأشياء التي تكيفه عائلته عليها إيجابية وشرعية وإنسانية وأخلاقية، فإنها ليست الحق، ولا يمكنها أن تمثل الحق، ولا يمكن بالطبع أن تحل محل الحق. لهذا، عندما يتعلق الأمر بموضوع العائلة، فإن هذه الأشياء هي جانب آخر يجب على الناس التخلي عنه. ما هو هذا الجانب تحديدًا؟ إنه التأثيرات التكييفية التي تمارسها العائلة عليك – هذا هو الجانب الثاني الذي يجب أن تتخلى عنه بخصوص موضوع العائلة. بما أننا نناقش التأثيرات التكييفية التي تمارسها العائلة عليك، فلنتحدث أولاً عن ماهية هذه التأثيرات التكييفية بالضبط. إذا ميزناها بحسب مفهوم الناس عن الصواب والخطأ، فبعضها صحيح نسبيًا وإيجابي وقابل للتطبيق ويمكن كشفه أمام الآخرين، في حين أن بعضها أناني نسبيًا وخسيس ودنيء وسلبي نسبيًا، ولا شيء أكثر من ذلك. ولكن على أي حال، فإن هذه التأثيرات التكييفية من العائلة هي بمثابة طبقة من الثياب الواقية التي تحمي في مجموعها مصالح الإنسان الجسدية، وتحفظ كرامته بين الآخرين، وتمنع عنه التنمر. أليس كذلك؟ (بلى). لنتحدث إذن عن التأثيرات التكييفية التي تمارسها العائلة عليك. على سبيل المثال، عندما يكثر كبار العائلة من أن يقولوا لك: "يحتاج الناس إلى كبريائهم مثلما تحتاج الشجرة إلى لحائها"، فإنهم يفعلون ذلك ليجعلوك تولي أهمية لأن تكون لك سمعة طيبة، وأن تعيش حياة أبية وألا تفعل أشياء تجلب لك العار. فهل هذه المقولة ترشد الناس بطريقة إيجابية أم سلبية؟ هل يمكنها أن تقودك إلى الحق؟ هل يمكنها أن تقودك إلى فهم الحق؟ (لا، لا يمكنها ذلك). يمكنك أن تقول بكل تأكيد: "لا، لا يمكنها ذلك!" فكر في الأمر – يقول الله إن الناس يجب أن يتصرفوا بوصفهم أناسًا أمناء. عندما تذنب أو تخطئ في شيء، أو عندما تفعل شيئًا يتمرد على الله ويخالف الحق، فعليك أن تعترف بخطئك، وأن تفهم نفسك، وتواصل تشريح نفسك من أجل تحقيق التوبة الحقيقية، ثم تتصرف بعد ذلك وفقًا لكلام الله. إذن، إذا كان على الناس أن يتصرفوا بوصفهم أناسًا أمناء، فهل يتعارض ذلك مع مقولة "يحتاج الناس إلى كبريائهم مثلما تحتاج الشجرة إلى لحائها"؟ (نعم). كيف يتعارض؟ إن مقولة "يحتاج الناس إلى كبريائهم مثلما تحتاج الشجرة إلى لحائها" تهدف إلى جعل الناس يولون أهمية لعيش جانبهم المشرق والملون والإكثار من فعل الأشياء التي تجعلهم يبدون بمظهر جيد – بدلاً من فعل الأشياء السيئة أو المشينة، أو الكشف عن جانبهم القبيح – ومنعهم من العيش بدون كبرياء أو كرامة. من أجل سمعة المرء، ومن أجل كبريائه وشرفه، لا يمكن له أن يستنكر كل شيء يخصه، ناهيك عن إخبار الآخرين عن جانبه المظلم وجوانبه المخزية، لأن عليه أن يعيش بكبرياء وكرامة. ولكي يعيش المرء بكرامة يحتاج إلى سمعة طيبة، ولكي تكون للمرء سمعة طيبة يحتاج إلى التظاهر والتزين. ألا يتعارض هذا مع أن يتصرف المرء بوصفه شخصًا أمينًا؟ (بلى). عندما تتصرف بوصفك شخصًا أمينًا، فإن ما تفعله يتعارض تمامًا مع مقولة "يحتاج الناس إلى كبريائهم مثلما تحتاج الشجرة إلى لحائها". إذا أردت أن تتصرف بوصفك شخصًا أمينًا، فلا تعلق أهمية على الكبرياء؛ فكبرياء الإنسان لا يساوي شيئًا. يجب على المرء عند مواجهة الحق أن يكشف عن نفسه، لا أن يتظاهر أو يخلق صورة زائفة لنفسه. يجب على المرء أن يكشف لله أفكاره الحقيقية، والأخطاء التي ارتكبها، والجوانب التي تخالف مبادئ الحق، وما إلى ذلك، وأن يكشف هذه الأشياء أيضًا لإخوته وأخواته. ليست المسألة مسألة أن يعيش المرء من أجل سمعته، بل هي مسألة أن يعيش المرء من أجل التصرف بوصفه شخصًا أمينًا، وأن يعيش من أجل السعي إلى الحق، وأن يعيش من أجل أن يكون كائنًا مخلوقًا حقيقيًا، ومن أجل إرضاء الله وأن يخلُص. ولكن عندما لا تفهم هذا الحق، ولا تفهم مقاصد الله، غالبًا ما تهيمن عليك الأشياء التي كيفتك عائلتك عليها. لذلك عندما ترتكب خطأ ما، تتستر عليه وتتظاهر وتفكر: "لا يمكنني قول أي شيء عن هذا الأمر، ولن أسمح أيضًا لأي شخص آخر يعرف عن هذا الأمر أن يقول أي شيء. إذا قال أي منكم أي شيء، فلن أتهاون معك. سمعتي تأتي في المقام الأول. لا قيمة للحياة إن لم تكن من أجل سمعة المرء، لأنها أهم من أي شيء آخر. إذا فقد الإنسان سمعته، يفقد كل كرامته. لذلك لا يمكنك أن تقول الحق كما هو، بل عليك أن تتظاهر، وعليك أن تتستر على الأمور، وإلا ستفقد سمعتك وكرامتك، وستكون حياتك بلا قيمة. إذا لم يحترمك أحد، فأنت مجرد حثالة رخيصة عديمة القيمة". هل من الممكن أن تتصرف بوصفك شخصًا أمينًا من خلال الممارسة بهذه الطريقة؟ هل من الممكن أن تكون منفتحًا تمامًا وتشرّح نفسك؟ (لا، هذا ليس ممكنًا). من الواضح أنك بفعلك هذا تلتزم بمقولة "يحتاج الناس إلى كبريائهم مثلما تحتاج الشجرة إلى لحائها" التي كيفتك عائلتك عليها. رغم ذلك، إذا تخليت عن هذه المقولة من أجل السعي إلى الحق وممارسته، فستكف عن التأثير عليك، وستكف عن أن تكون شعارك أو مبدأك في القيام بالأشياء، وبدلاً من ذلك سيكون ما تفعله العكس تمامًا من مقولة "يحتاج الناس إلى كبريائهم مثلما تحتاج الشجرة إلى لحائها". لن تعيش من أجل سمعتك، ولا من أجل كرامتك، بل ستعيش من أجل السعي إلى الحق، والتصرف بوصفك شخصًا أمينًا والسعي إلى إرضاء الله والعيش ككائن مخلوق حقيقي. إذا التزمت بهذا المبدأ، فستكون قد تخلّيت عن التأثيرات التكييفية التي تمارسها عائلتك عليك.
– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. كيفية السعي إلى الحق (12)
إنَّ العائلة لا تكيف الأشخاص على مقولة أو اثنتين فقط، بل على مجموعة كاملة من الأقوال المأثورة والأمثال المعروفة. على سبيل المثال، هل يكثر شيوخ عائلتك ووالداك من ذكر مقولة: "الإنسان يترك اسمه وراءه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت"؟ (نعم). إنهم يقولون لك: "يجب أن يعيش الناس من أجل سمعتهم. لا يسعى الإنسان في حياته إلى أي شيء سوى السمعة الطيبة بين الناس، وأن يخلف لديهم انطباعًا حسنًا. أينما ذهبت، كن أكثر سخاءً في إلقاء التحية والملاطفات والمجاملات، وأكثر من قول الكلمات الطيبة. لا تسئ إلى الناس، بل قم بالمزيد من الأعمال الصالحة والأفعال الطيبة". إن لهذا التأثير التكييفي الخاص الذي تمارسه العائلة تأثير معين على سلوك الناس أو مبادئ السلوك، والنتيجة الحتمية هي أنهم يولون أهمية كبيرة للشهرة والربح؛ أي إنهم يعلقون أهمية كبيرة على سمعتهم ومكانتهم والانطباع الذي يتركونه في أذهان الناس، وتقدير الآخرين لكل ما يفعلونه وكل رأي يعبرون عنه. عندما تولي أهمية كبيرة للشهرة والربح، فإنك عن غير قصدٍ تولي أهمية قليلة لمدى اتفاق الواجب الذي تؤديه مع الحق والمبادئ من عدمه، وما إذا كنت ترضي الله، وما إذا كنت تؤدي واجبك على النحو الملائم. أنت ترى أن هذه الأمور أقل أهمية وأدنى في الأولوية، في حين تصبح مقولة "الإنسان يترك اسمه وراءه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت"، التي كيفتك عائلتك عليها، في غاية الأهمية بالنسبة إليك. إنها تجعلك تولي اهتمامًا عظيمًا لما يرد في أذهان الآخرين بشأن كل تفاصيلك. وعلى وجه الخصوص، يولي بعض الناس اهتمامًا خاصًا لما يعتقده الآخرون عنهم فعلًا من وراء ظهورهم، لدرجة التنصت عبر الجدران، والاستماع من خلال الأبواب نصف المفتوحة، وحتى سرقة نظرة خاطفة على ما يكتبه الآخرون عنهم. حالما يذكر أحدهم اسمه، يفكر: "يجب أن أسرع وأستمع إلى ما يقوله عني، وما إذا كان رأيه فيّ جيدًا. يا إلهي، لقد قال إنني كسول وأحب تناول أطايب الطعام. يجب أن أتغير إذن، إذ لا يمكنني أن أكون كسولًا في المستقبل، بل يجب أن أكون مجتهدًا". وبعد أن يجتهد لفترة من الوقت، يفكر في قرارة نفسه: "لقد كنت أستمع إلى ما إذا كان الجميع يقولون إنني كسول، ويبدو أن أحدًا لم يقل ذلك مؤخرًا". لكنه لا يزال غير مستريح، لذلك يقحم الأمر عرضًا في أحاديثه مع من حوله قائلًا: "أنا كسول بعض الشيء"؛ فيرد الآخرون: "أنت لست كسولًا، أنت الآن أكثر اجتهادًا مما كنت عليه في السابق". وعندها يشعر على الفور بالاطمئنان والسعادة البالغة والراحة. "مرحى! لقد تغيرت آراء الجميع عني. يبدو أن الجميع لاحظوا التحسن في سلوكي". كل ما تفعله ليس من أجل ممارسة الحق، ولا من أجل إرضاء الله، بل من أجل سمعتك. بهذه الطريقة، ماذا يصبح كل ما تفعله فعليًا؟ لقد أصبح فعليًا عملاً دينيًا. ماذا أصبح جوهرك؟ لقد أصبحت نموذجًا مثاليًا للفريسي. ماذا أصبح مسارك؟ لقد أصبح مسار أضداد المسيح. هكذا يعرِّف الله الأمر. إذن، لقد أصبح جوهر كل ما تقوم به ملوثًا، ولم يعد مثلما كان؛ فأنت لا تمارس الحق أو تسعى إليه، بل تسعى إلى الشهرة والربح. في نهاية المطاف، بالنسبة إلى الله، فإن أداء واجبك – باختصار – غير كافٍ. لماذا؟ لأنك تكرس نفسك لسمعتك فحسب، لا لما ائتمنك الله عليه، أو لواجبك ككائن مخلوق. بأي شيء تشعر في قلبك عندما يأتي الله بمثل هذا التعريف؟ أن إيمانك بالله طوال هذه السنوات كان بلا طائل؟ فهل يعني هذا أنك لم تكن تسعى إلى الحق على الإطلاق؟ أنت لم تكن تسعى إلى الحق، بل كنت تولي اهتمامًا خاصًا لسمعتك، وأصل هذا الأمر التأثيرات التكييفية التي تأتي من عائلتك. ما المقولة الأكثر هيمنة التي تم تكييفك عليها؟ إن مقولة: "الإنسان يترك اسمه وراءه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت"، قد ترسخت في قلبك وأصبحت شعارًا لك. فأنت قد تأثرت بهذه المقولة وتكيفت عليها منذ صغرك، وحتى بعد أن كبرت، غالبًا ما تستمر في ترديد هذه المقولة للتأثير على الجيل القادم من عائلتك والأشخاص المحيطين بك. الأخطر من ذلك بالطبع هو أنك تبنيتها طريقة ومبدأ لسلوكك والتعامل مع الأشياء، بل إنك تبنيتها هدفًا واتجاهًا تسعى إليه في الحياة. إن هدفك واتجاهك خاطئان، وبالتالي فإن العاقبة النهائية ستكون سلبية بالتأكيد. لأن جوهر كل ما تفعله هو فقط من أجل سمعتك، وفقط من أجل تطبيق مقولة: "الإنسان يترك اسمه وراءه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت". أنت لا تسعى إلى الحق، لكنك أنت نفسك لا تعرف ذلك. أنت تعتقد أنه لا بأس بهذه المقولة، لأنه ألا ينبغي أن يعيش الناس من أجل سمعتهم؟ فبحسب المقولة: "الإنسان يترك اسمه وراءه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت". تبدو هذه المقولة إيجابية ومشروعة للغاية، لذا فإنك تتقبل تأثيرها التكييفي دون وعي وتعتبرها أمرًا إيجابيًا. بمجرد اعتبارك هذه المقولة كأمر إيجابي، فأنت تتبعها وتطبقها دون وعي. في الوقت نفسه، أنت تسيء فهمها دون وعي وبصورة مشوشة على أنها الحق ومعيارًا للحق. عندما تعتبرها معيارًا للحق، فأنت لم تعد تستمع إلى ما يقوله الله، ولم تعد تفهمه. أنت تمارس هذا الشعار: "الإنسان يترك اسمه وراءه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت" بشكل أعمى وتتصرف وفقًا له، وما تحصل عليه من ذلك في النهاية هو السمعة الطيبة. لقد ربحت ما أردت، لكنك عندما فعلت ذلك خالفت الحق وتخليت عنه، وخسرت فرصة الخلاص. وبما أن هذه هي العاقبة النهائية، يجب عليك أن تتخلى عن فكرة أن "الإنسان يترك اسمه وراءه أينما كان مثلما تصيح الإوزة أينما حلقت"، التي كيّفتك عليها عائلتك، وأن تنبذها. إنها ليست شيئًا يجب أن تتمسك به، ولا هي مقولة أو فكرة يجب أن تنفق جهدك وطاقتك طوال الحياة في سبيل تطبيقها. هذه الفكرة ووجهة النظر التي غُرِسَت فيك وكُيِّفت عليها خاطئة، لذا يجب عليك التخلي عنها. والسبب في أنه يجب عليك التخلي عنها لا يقتصر فقط على أنها ليست الحق، بل لأنها ستضللك وستودي بك في النهاية إلى الهلاك، لذا فإن العواقب وخيمة للغاية. بالنسبة إليك، فهي ليست مجرد مقولة بسيطة، بل سرطان – وسيلة وطريقة تفسدان الناس. لأنه في كلام الله، من بين كل متطلباته للناس، لم يطلب منهم أبدًا أن يسعوا وراء السمعة الحسنة، أو أن يسعوا وراء الهيبة، أو أن يتركوا انطباعًا جيدًا لدى الناس، أو أن يفوزوا باستحسان الناس، أو أن يحصلوا على إعجاب الناس، وهو لم يجعل الناس يعيشون من أجل الشهرة أو من أجل أن يتركوا وراءهم سمعة حسنة. إن الله لا يريد من الناس سوى أن يؤدوا واجبهم جيدًا وأن يخضعوا له وللحق. لذلك، بالنسبة إليك، فإن هذه المقولة هي نوع من التكييف من عائلتك يجب أن تتخلى عنه.
– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. كيفية السعي إلى الحق (12)
هناك تأثير تكييفي آخر تمارسه عائلتك عليك. على سبيل المثال، عندما يشجعك الوالدان أو كبار العائلة، غالبًا ما يقولون لك: "يجب أن تتحمل معاناة كبيرة للوصول إلى القمة". إن هدفهم من قولهم هذا هو تعليمك أن تتحمل المعاناة، وأن تكون مجتهدًا ومثابرًا، وألا تخشى المعاناة في كل ما تفعله، لأن أولئك الذين يتحملون المعاناة ويقاومون المشقة ويعملون بجد ويمتلكون روحًا قتالية هم وحدهم الذين يستطيعون أن يصلوا إلى القمة. ماذا يعني "الوصول إلى القمة"؟ إنه يعني عدم التعرض للتنمر عليك أو احتقارك أو التمييز ضدك، ويعني أن يكون لك هيبة ومكانة عالية بين الناس، وأن يكون لك سلطة التحدث وأن تُسمع، وسلطة اتخاذ القرارات، ويعني أن تكون قادرًا على أن تعيش حياة أفضل وأعلى جودة بين الآخرين، وأن ينظر الناس إليك بتوقير، ويعجبوا بك، ويحسدوك. وهذا جوهريًا أنك في الطبقة العليا من الجنس البشري بأكمله. ماذا تعني "الطبقة العليا"؟ يعني أن هناك الكثير من الناس تحت قدميك وأنك لست بحاجة إلى تحمل أي سوء معاملة منهم؛ هذا هو "الوصول إلى القمة". من أجل أن تصل إلى القمة، عليك أن "تتحمل معاناة كبيرة"، وهو ما يعني أنك يجب أن تكون قادرًا على تحمل معاناة لا يستطيع الآخرون تحملها. لذا قبل أن تتمكن من الوصول إلى القمة، يجب أن تكون قادرًا على تحمل نظرات الناس المزدرية، وسخريتهم، وتهكمهم، وافترائهم، وكذلك عدم فهم الآخرين لك، وحتى احتقارهم، وما إلى ذلك. إضافة إلى المعاناة الجسدية، يجب أن تكون قادرًا على تحمل سخرية الرأي العام واستهزائه بك. لا يمكنك أن تبرز بين الناس سوى بتعلمك أن تكون من هذا النوع من الأشخاص، وبأن تربح لنفسك مكانة في المجتمع. الهدف من هذه المقولة هو أن يصبح الناس متبوعين لا تابعين، لأن كونك تابعًا أمر صعب للغاية؛ عليك أن تتحمل سوء المعاملة، وتشعر بأنك عديم الفائدة، ولا كرامة لك ولا ماء وجه. هذا أيضًا تأثير تكييفي تمارسه عائلتك عليك، بهدف التصرف بما يخدم مصالحك. تقوم أسرتك بذلك حتى لا تُضطر أنت إلى تحمل سوء المعاملة من الآخرين، وحتى تكون لك شهرة وسلطة، وحتى تأكل جيدًا وتستمتع، وحتى لا يجرؤ أحد على التنمر عليك أينما ذهبت، بل يمكنك أن تتصرف كطاغية وتتخذ القرارات، فيخضع لك الجميع وينحنون لك. من ناحية، أنت تسعى إلى أن تكون في مرتبة أعلى من أجل مصلحتك، ومن ناحية أخرى، فإنك تفعل ذلك أيضًا لتعزيز المكانة الاجتماعية للعائلة وجلب الشرف لأسلافك، حتى يستفيد والداك وأفراد عائلتك أيضًا من علاقتهم بك ولا يعانون من سوء المعاملة. إذا كنت قد تحملت معاناة كبيرة ووصلت إلى القمة بأن أصبحت مسؤولاً رفيع المستوى لديك سيارة فارهة ومنزل فخم وحاشية من الناس تحوم حولك، فإنَّ عائلتك ستستفيد بالمثل من الارتباط بك، وسيتمكن أفراد عائلتك أيضًا من قيادة سيارات فارهة وتناول الطعام الجيد والعيش في رفاهية. ستتمكن من تناول أغلى الأطعمة الشهية إذا أردت، وستتمكن من الذهاب إلى أي مكان تريده، وسيكون الجميع تحت تصرفك، وستفعل ما يحلو لك، وستعيش بعناد وغطرسة دون الحاجة إلى التواري عن الأنظار أو العيش ذليلًا، وأن تفعل ما تشاء، حتى لو كان فوق القانون، وأن تعيش بجرأة وتهور، هذا هو هدف عائلتك من تكييفك بهذه الطريقة، لمنعك من أن تُظلم، ولجعلك تصل إلى القمة. وبعبارة صريحة، هدفهم هو أن يجعلوك شخصًا يقود الآخرين ويوجههم ويأمرهم، وأن يجعلوك شخصًا يستطيع التنمر على الآخرين لكنه لا يكون أبدًا المتلقي، وأن يجعلوك شخصًا يصل إلى القمة، وليس شخصًا يُقاد. أليس هذا هو الحال؟ (بلى). ... ما الذي يطلبه الله في هذا الصدد إذًا؟ هل يطلب الله من الناس أن يكونوا في القمة وألا يكونوا متوسطين أو رتيبين أو غير مميزين أو عاديين، بل أن يكونوا عظماء ومشهورين وسامين؟ هل هذا هو ما يطلبه الله من الناس؟ (كلا). من الواضح جدًا أن المقولة التي كيفتك عائلتك عليها – "يجب أن تتحمل معاناة كبيرة للوصول إلى القمة" – لا ترشدك في اتجاه إيجابي، وبالطبع لا صلة لها بالحق أيضًا. إن أهداف عائلتك من جعلك تتحمل المعاناة ليست بريئة إطلاقًا، وترتكز على تدبير المكائد، وهي أهداف دنيئة وخسيسة جدًا. يجعل الله الناس يتحملون المعاناة لأن لديهم شخصيات فاسدة. إذا رغب الناس في أن يتطهروا من شخصياتهم الفاسدة، فعليهم أن يتحملوا المعاناة؛ هذه حقيقة موضوعية. إضافةً إلى ذلك، يطلب الله من الناس أن يتحملوا المعاناة: هذا ما ينبغي للكائن المخلوق أن يفعله، وهو أيضًا ما يجب أن يتحمله الشخص الطبيعي، والموقف الذي يجب أن يتحلى به الشخص الطبيعي. رغم ذلك، لا يطلب الله منك أن تكون في القمة، بل يطلب منك فقط أن تكون شخصًا عاديًا طبيعيًا يفهم الحق، ويستمع إلى كلامه، ويخضع له، وهذا كل شيء. لا يطلب الله منك أبدًا أن تفاجئه، أو أن تفعل أي شيء يزلزل الأرض، ولا يحتاج منك أن تكون مشهورًا أو شخصًا عظيمًا. إنه يحتاج منك فقط إلى أن تكون شخصًا عاديًا وطبيعيًا وحقيقيًا، وبغض النظر عن مقدار المعاناة التي يمكنك تحملها، أو ما إذا كنت تستطيع تحمل المعاناة على الإطلاق، إذا كنت قادرًا في النهاية على أن تتقي الله وتحيد عن الشر، فهذا أفضل شخص يمكن أن تكونه. ما يريده الله ليس أن تكون في القمة، بل أن تكون كائنًا مخلوقًا حقيقيًا، شخصًا يستطيع أن يؤدي واجب الكائن المخلوق. هذا الشخص هو شخص عادي وغير ملحوظ، شخص يتمتع بإنسانية وضمير وعقل طبيعيين، وليس شخصًا ساميًا أو عظيمًا في نظر غير المؤمنين أو البشر الفاسدين. لقد قدمنا الشركة كثيرًا حول هذا الجانب من قبل، لذا لن نناقشه أكثر من ذلك الآن. من الواضح أن هذه المقولة "يجب أن تتحمل معاناة كبيرة للوصول إلى القمة" هي شيء يجب أن تتخلى عنه. ما هو تحديدًا الشيء الذي يجب أن تتخلى عنه؟ إنه الاتجاه الذي كيفتك عائلتك على السعي إليه. أي إنه يجب عليك تغيير اتجاه سعيك. لا تفعل أي شيء لمجرد أن تكون على القمة، أو أن تبرز من بين الحشود وأن تكون جديرًا بالملاحظة أو أن تكون موضع إعجاب الآخرين، بل يجب عوضًا عن ذلك أن تتخلى عن هذه المقاصد والأهداف والدوافع، وأن تفعل كل شيء بطريقة واقعية من أجل أن تكون كائنًا مخلوقًا حقيقيًا. ماذا أعني بـ "بطريقة واقعية"؟ المبدأ الأساسي هو أن تفعل كل شيء وفقًا للطرق والمبادئ التي علَّمها الله للناس. لنفترض أن ما تفعله لا يبهر الجميع أو يثير إعجابهم، أو حتى لا يمتدحه أو يقدِّره أحد. رغم ذلك، إذا كان هذا أمر يتعين عليك القيام به، فعليك المثابرة والاستمرار فيه، وأن تعامله على أنه واجب يجب أن يؤديه الكائن المخلوق. إذا فعلت ذلك، فستكون كائنًا مخلوقًا مقبولًا في عينيِّ الله؛ الأمر بهذه البساطة. ما تحتاج إلى تغييره هو سعيك فيما يتعلق بتصرفك ونظرتك إلى الحياة.
– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. كيفية السعي إلى الحق (12)
تكيفك الأسرة وتؤثر فيك بطرق أخرى، على سبيل المثال بمقولة: "التناغم كنز والصبر ذكاء". غالبًا ما يعلمك أفراد العائلة: "كن لطيفًا ولا تجادل الآخرين ولا تخلق لك أعداءً، لأنك إذا خلقت الكثير من الأعداء، فلن تتمكن من الحصول على موطئ قدم في المجتمع، وإذا كان من يكرهونك ويتربصون بك كُثُر، فلن تكون آمنًا في المجتمع. ستكون دائمًا مهددًا، وسيتعرض بقاؤك، ومكانتك، وعائلتك، وسلامتك الشخصية، وحتى فرص ترقيتك المهنية للخطر وعرقلة الناس الأشرار لها. لذا يجب أن تتعلم أنَّ "التناغم كنز والصبر ذكاء". كن لطيفًا مع الجميع، ولا تفسد العلاقات الجيدة، ولا تقل شيئًا لا يمكنك التراجع عنه لاحقًا، وتجنب أن تجرح كبرياء الناس، ولا تفضح عيوبهم. تجنب قول الأشياء التي لا يرغب الناس في سماعها أو توقف عن ذلك. قدِّم المجاملات فحسب، لأنه لا يضير أبدًا أن تجامل شخصًا ما. يجب أن تتعلم أن تتحلى بالصبر والمساومة في الأمور الكبيرة والصغيرة على حد سواء، لأن "المساومة تجعل حل النزاع أسهل بكثير". فكر في الأمر، تغرس عائلتك فيك فكرتين ووجهتي نظر في آن واحد. فمن ناحية، يقولون لك أن تكون لطيفًا مع الآخرين؛ ومن ناحية أخرى، يقولون لك أن تكون صبورًا ولا تتكلم في غير دورك، وإذا كان لديك ما تريد قوله، فعليك أن تغلق فمك حتى تصل إلى المنزل ثم تخبر أسرتك. أو الأفضل ألا تخبر أسرتك على الإطلاق، لأن الجدران لها آذان؛ إذا تسرَّب السر في أي وقت، فلن تسير الأمور على ما يرام بالنسبة إليك. لكسب موطئ قدم في هذا المجتمع والبقاء على قيد الحياة فيه، يجب أن يتعلم الناس شيئًا واحدًا، وهو أن يظلوا على الحياد من الجميع، أي بكلمات سهلة، يجب أن تكون مراوغًا وماكرًا. لا يمكنك أن تقول ما يدور في ذهنك فحسب. إذا مضيت قدمًا وقلت ما يدور في ذهنك، فهذا يسمى غباءً، ولا يسمى ذكاءً. بعض الناس لا يمكن توقع تصرفاتهم ويقولون ما يريدون أيًا كان. تخيل شخصًا يفعل ذلك وينتهي به الأمر بالإساءة إلى رئيسه. حينئذٍ، ينغص عليه رئيسه حياته، ويلغي علاوته، ويسعى دائمًا إلى افتعال شجار معه. وفي نهاية الأمر، لا يعود قادرًا على تحمل البقاء في الوظيفة. وإذا استقال من وظيفته، فليس لديه وسيلة أخرى لكسب العيش. لكن إذا لم يستقل، فليس بوسعه سوى البقاء في وظيفة لم يعد يتحمل القيام بها. ماذا يُسمى ذلك، عندما تكون بين المطرقة والسندان؟ "عالق"، أو في مأزق. حينئذٍ توبخه عائلته قائلة: "أنت تستحق أن تُساء معاملتك، كان عليك أن تتذكر أنَّ "التناغم كنز والصبر ذكاء"! أنت تستحق هذا لأنك شخص لا يمكن توقع تصرفاته وكلامك كثير! لقد أخبرناك أن تكون لبقًا وتفكر مليًا بشأن ما تقوله، لكنك لم ترغب في ذلك، بل كان لزامًا عليك أن تكون مباشرًا. هل كنت تعتقد أن رئيسك في العمل من السهل العبث معه؟ هل كنت تعتقد أن النجاة في المجتمع بهذه السهولة؟ أنت تتصور دائمًا أنك صريح فحسب. حسنًا، عليك الآن أن تحصد العواقب المؤلمة. فليكن هذا درساً لك! من الأفضل لك مستقبلًا أن تتذكر مقولة: "التناغم كنز والصبر ذكاء"! وبمجرد أن يتعلم هذا الدرس، يتذكره ويفكِّر: "لقد كان والداي محقين فعلًا في تعليمي. هذا شيء من الرؤية الثاقبة للاختبار الحياتي، وهي حكمة حقيقية لا يمكنني الاستمرار في تجاهلها. تجاهلي لمن هم أكبر سنًا يضر بي، لذا سأتذكر ذلك في المستقبل". بعد أن أصبح مؤمنًا بالله وانضم إلى بيت الله، لا يزال يتذكر هذه المقولة: "التناغم كنز والصبر ذكاء"، ولذا فهو يحيّي إخوته وأخواته متى رآهم، ويبذل قصارى جهده للتحدث إليهم بكلمات لطيفة. يقول القائد: "أتولى القيادة منذ فترة، لكنني لا أملك خبرة كافية في العمل"، فيتدخل في الكلام ويقول مجاملًا له: "أنت تقوم بعمل رائع. لولا قيادتك لنا لشعرنا أنه ليس لدينا مكان نلجأ إليه". يقول شخص آخر: "لقد ربحت فهمًا لنفسي، وأعتقد أنني مخادع للغاية". فيرد قائلًا: "لست مخادعًا، بل أنت صادق للغاية، أنا المخادع". يوجه له شخص آخر ملاحظة بذيئة، فيفكر في نفسه: "لا داعي للخوف من الملاحظات البذيئة كهذه، يمكنني تحمل ما هو أسوأ من ذلك بكثير. مهما وصل مدى سوء ملاحظاتك، سأتظاهر فحسب بأنني لم أسمعها، وسأستمر في مجاملتك، وسأحاول قدر المستطاع أن أتودد إليك، لأنه لن يضيرني أبدًا أن أجاملك". ومتى ما طلب منه أحد أن يدلي برأيه أو يبوح بما في قلبه في أثناء الشركة، لا يتحدث بصراحة، ويحافظ على هذه الواجهة المبتهجة والمرحة أمام الجميع. يسأله أحدهم: "كيف تكون دائمًا بهذا الابتهاج والمرح؟ هل أنت نمر مبتسم حقًا؟ فيفكر في نفسه: "إنني نمر مبتسم منذ سنوات، وخلال كل هذا الوقت لم يستغلني أحد قط، لذلك أصبح هذا مبدئي الأَولى في التعامل مع العالم". أليس كالحجر الزلق؟ (بلى). لقد انجرف بعض الناس في المجتمع على هذا النحو لسنوات عديدة، ولا يزالون يفعلون ذلك بعد أن انضموا إلى بيت الله. إنهم لا يقولون كلمة واحدة صادقة، ولا يتحدثون أبدًا من القلب، ولا يتحدثون عن فهمهم الخاص لأنفسهم. حتى عندما يبوح لهم أخ أو أخت بما في قلبه، فإنهم لا يتحدثون بصراحة، ولا يمكن لأحد أن يعرف ما يجول في أذهانهم حقًا. إنهم لا يكشفون أبدًا عما يفكرون فيه أو ما هي آراؤهم، فهم يحافظون على علاقات جيدة حقًا مع الجميع، ولا تعرف ما نوع الناس أو الشخصيات الذي يحبونه فعليًا، أو ما يفكرون فيه فعليًا تجاه الآخرين. إذا سألهم أي شخص عن أي نوع من الأشخاص فلان، فإنهم يجيبون: "إنه مؤمن منذ أكثر من عشر سنوات، وهو لا بأس به". أيًا كان من تسألهم عنه، سيجيبون بأن هذا الشخص لا بأس به أو جيد جدًا. إذا سألهم شخص ما: "هل اكتشفت أي عيوب أو نقائص فيه؟"، فسيجيبون قائلين: "لم أجد أيًا منها حتى الآن، سأراقبه عن كثب في المستقبل"، لكنهم في قرارة أنفسهم يفكرون: "أنت تطلب مني أن أسيء إلى هذا الشخص، وهو ما لن أفعله بالتأكيد! إذا أخبرتك بالحقيقة واكتشف هو الأمر، ألن يصبح عدوي؟ لطالما أخبرتني عائلتي بألا أتخذ أعداءً لي، ولم أنسَ كلماتهم. هل تعتقد أنني غبي؟ هل تظن أنني سأنسى ما تلقيته من تعليم وتكييف من عائلتي لمجرد أنك قدمت لي شركة من جملتين حول الحق؟ هذا لن يحدث! حتى الآن، لم تخذلني هاتان المقولتان: "التناغم كنز والصبر ذكاء" و "المساومة تجعل حل النزاع أسهل بكثير"، وهما تعويذتيَّ. لا أتحدث عن عيوب أي شخص، وإذا استفزني أحدٌ ما فإنني أظهر له الصبر. ألم تر هذا الحرف المطبوع على جبيني؟ إنه الرمز الصيني المقابل لـ "الصبر"، والذي يتكون من رسم سكين فوق رسم قلب. أُظهر الصبر لكل من يقول ملاحظات بذيئة. أُظهر الصبر لمن يهذبني. هدفي هو أن أبقى على علاقة طيبة مع الجميع، وأن أحافظ على العلاقات في هذا المستوى. لا تتمسك بالمبادئ، لا تكن غبيًا، لا تكن غير مرن، يجب أن تتعلم أن تذعن بحسب الظروف! لماذا في رأيك تعيش السلاحف لفترة طويلة؟ ذلك لأنها تختبئ داخل قوقعتها متى اشتدت عليها الظروف، أليس كذلك؟ بهذه الطريقة يمكنها حماية نفسها والعيش لآلاف السنين. هكذا تعيش طويلًا، وهكذا تتعامل مع العالم". أنت لا تسمع مثل هؤلاء الناس ينطقون بأي شيء صادق أو حقيقي، ولا يكشفون أبدًا عن وجهات نظرهم الحقيقية وأساس تصرفهم. إنهم يفكرون فقط في هذه الأشياء ويتأملونها في قلوبهم، لكن لا أحد غيرهم يعرف بها. هذا النوع من الأشخاص لطيف في الظاهر مع الجميع، ويبدو حسن الخلق، ولا يؤذي أو يضر أحدًا. لكن في الواقع، هو يظل على الحياد من الجميع وهو حجر زلق. هذا النوع من الأشخاص محبوب دائمًا من بعض الناس في الكنيسة، لأنه لا يرتكب أخطاءً كبيرة أبدًا، ولا يفصح عن نفسه أبدًا، وتقييم قادة الكنيسة والإخوة والأخوات له هو أنه على وفاق مع الجميع. إنه فاتر في أداء واجبه، ولا يفعل سوى ما يُطلب منه فحسب. إنه مطيع ومهذب بشكل خاص، ولا يؤذي الآخرين أبدًا في الحديث أو عند التعامل مع الأمور، ولا يستغل أحدًا أبدًا. لا يتحدث أبدًا عن الآخرين بسوء، ولا يحكم على الناس من وراء ظهورهم. ومع ذلك، لا أحد يعرف ما إذا كان مخلصًا في أداء واجبه، ولا أحد يعرف ما يظنه بشأن الآخرين أو رأيه فيهم. بعد التفكير مليًا، أنت تشعر حتى أن هذا النوع من الأشخاص غريب بعض الشيء ويصعب فهمه، وأن الإبقاء عليه قد يؤدي إلى متاعب. ماذا ينبغي أن تفعل؟ إنه قرار صعب، أليس كذلك؟ عندما يؤدون واجبهم، يمكنك أن تراهم يمضون في أعمالهم لكنهم لا يهتمون أبدًا بالمبادئ التي أوصلها لهم بيت الله. إنهم يقومون بالأشياء كما يحلو لهم، ويؤدونها بشكل سطحي فحسب، ويحاولون فقط تجنب ارتكاب أي أخطاء كبيرة. وبالتالي، لا يمكنك إيجاد خطأ فيهم، أو تحديد أي عيوب بهم. إنهم يقومون بالأشياء بشكل لا تشوبه شائبة، ولكن بم يفكرون في داخلهم؟ هل يريدون أداء واجبهم؟ لو لم تكن هناك مراسيم إدارية كنسية، أو إشراف من قائد الكنيسة أو من إخوتهم وأخواتهم، فهل يمكن أن يخالط هذا الشخص أناسًا أشرارًا؟ هل يمكن أن يفعل أشياء سيئة ويرتكب الشر مع الناس الأشرار؟ هذا ممكن جدًا، وهو قادر على فعل ذلك، لكنه لم يفعل ذلك بعد. هذا النوع من الأشخاص هو النوع الأكثر إثارة للمتاعب، وهو خير نموذج للحجر الزلق أو الثعلب العجوز الماكر. إنهم لا يحملون ضغائن ضد أي شخص. إذا قال أحدهم شيئًا يجرحهم، أو كشف عن شخصية فاسدة تنتهك كرامتهم، فماذا يكون رأيهم؟ "سأظهر الصبر، ولن أحمل ضغينة ضدك، ولكن سيأتي يوم تجعل فيه من نفسك أضحوكة!" عندما يتم التعامل مع هذا الشخص حقًا أو يجعل من نفسه أضحوكةً، فإنه يضحك سرًا على ذلك. إنه يسخر بسهولة من الآخرين والقادة وبيت الله، لكنه لا يسخر من نفسه. إنه فقط لا يعرف ما المشكلات أو العيوب الموجودة لديه هو نفسه. يحرص مثل هؤلاء الأشخاص على عدم الكشف عن أي شيء من شأنه أن يؤذي الآخرين، أو أي شيء يمكِّن الآخرين من رؤية حقيقتهم، على الرغم من أنهم يفكرون في هذه الأشياء في قلوبهم. في حين أنه عندما يتعلق الأمر بالأشياء التي يمكن أن تخدِّر الآخرين أو تضللهم، فإنهم يعبرون عنها بحرية ويسمحون للناس برؤيتها. مثل هؤلاء الناس هم الأكثر خبثًا وصعوبة في التعامل معهم. فما هو الموقف الذي يتخذه بيت الله تجاه أمثال هؤلاء الناس؟ استخدامهم إذا كان بالإمكان استخدامهم، وإخراجهم إذا لم يكن ذلك بالإمكان؛ هذا هو المبدأ. لماذا؟ السبب هو أن أمثال هؤلاء الناس مقدر لهم ألا يسعوا إلى الحق. إنهم عديمو إيمان يسخرون من بيت الله ومن الإخوة والأخوات والقادة عندما تسوء الأمور. ما الدور الذي يلعبونه؟ هل هو دور الشيطان والأبالسة؟ (نعم). عندما يُظهرون الصبر تجاه إخوتهم وأخواتهم، فهذا لا يمثل تسامحًا حقيقياً ولا محبة حقيقية. إنهم يفعلون ذلك لحماية أنفسهم وتجنب خلق أي أعداء أو خطر لأنفسهم. إنهم لا يتسامحون مع إخوتهم وأخواتهم لحمايتهم، ولا يفعلون ذلك بدافع المحبة، وهم بالطبع لا يفعلون ذلك لأنهم يسعون إلى الحق ويمارسون وفقًا لمبادئ الحق. إن موقفهم هو كليًا موقف يتمحور حول الانجراف وتضليل الآخرين. مثل هؤلاء الناس يظلون على الحياد من الجميع وهم أحجار زلقة. إنهم لا يحبون الحق ولا يسعون إليه، وبدلاً من ذلك ينجرفون فحسب. من الواضح أن التكييف الذي يتلقاه مثل هؤلاء الأشخاص من عائلاتهم يؤثر بشكل كبير على الأساليب التي يتصرفون بها ويتعاملون بها مع الأشياء. بالطبع، لا بد من القول إن هذه الأساليب والمبادئ في التعامل مع العالم لا تنفصل عن جوهرهم الإنساني. وعلاوة على ذلك، فإن تأثيرات التكييف من عائلاتهم لا تعمل إلا على جعل تصرفاتهم بارزة وملموسة بدرجة أكبر، وتكشف عن جوهر طبيعتهم بشكل أكمل. لذلك، عندما يواجهون قضايا أساسية تتعلق بالصواب والخطأ، وفي الأمور التي لها تأثير على مصالح بيت الله، إذا استطاع هؤلاء الناس أن يتخذوا بعض الخيارات المناسبة ويتخلوا عن فلسفات التعاملات الدنيوية التي يضمرونها في قلوبهم من قبيل: "التناغم كنز والصبر ذكاء"، من أجل الحفاظ على مصالح بيت الله وتقليل تعدياتهم وتقليل أفعالهم الشريرة أمام الله؛ فكيف سينفعهم ذلك؟ على أقل تقدير، عندما يحدد الله عاقبة كل شخص في المستقبل، سيخفف ذلك من عقابهم ويقلل من تأنيب الله لهم. من خلال الممارسة بهذه الطريقة، ليس لدى هؤلاء الناس شيء يخسرونه ويربحون كل شيء، أليس كذلك؟ إذا أُجبروا على التخلي تمامًا عن فلسفاتهم للتعاملات الدنيوية، فلن يكون الأمر سهلًا عليهم، لأن الأمر يتعلق بجوهر إنسانيتهم، وهؤلاء الأحجار الزلقة الذين يظلون على الحياد من الجميع لا يقبلون الحق على الإطلاق. ليس من البسيط والسهل عليهم أن يتخلوا عن الفلسفات الشيطانية التي كيّفتهم عليها عائلاتهم، لأنهم – حتى لو نحينا جانبًا تأثيرات التكييف هذه من عائلاتهم – هم أنفسهم مؤمنون مهووسون بالفلسفات الشيطانية، ويحبون هذا النهج في التعامل مع العالم، وهو نهج فردي وذاتي للغاية. ولكن إذا كان هؤلاء الأشخاص أذكياء، إذا تخلوا عن بعض هذه الممارسات للدفاع عن مصالح بيت الله بشكل مناسب، ما دامت مصالحهم الخاصة غير مهددة أو متضررة، فهذا في الواقع أمر جيد بالنسبة إليهم، لأنه على أقل تقدير يمكن أن يخفف من ذنبهم، ويقلل من تأنيب الله لهم، بل يمكن حتى أن يقلب الوضع، بحيث إنَّ الله يكافئهم ويتذكرهم بدلاً من أن يؤنبهم. كم سيكون ذلك رائعًا! ألن يكون هذا شيئًا جيدًا؟ (بلى).
– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. كيفية السعي إلى الحق (12)
كيف كيفتك عائلتك أيضًا؟ على سبيل المثال، غالبًا ما يقول لك والداك: "إذا كنت ثرثارًا وتتحدث بتهور، فإنَّ ذلك سيوقعك في المتاعب عاجلًا أم آجلًا! عليك أن تتذكر أن "من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا"! ماذا يعني هذا؟ إنه يعني أنك إذا تكلمت كثيرًا، فسينتهي بك الأمر حتمًا إلى إحراج نفسك. لا تتكلم بتسرع مهما كانت المناسبة، وانتبه لما يقوله الآخرون أولًا قبل أن تتفوه أنت بأي شيء. ستكون على ما يرام إذا سايرت الأغلبية. لكن إذا حاولت دائمًا أن تبرز وتحدثت دائمًا بتسرع وكشفت عن وجهة نظرك دون معرفة ما يفكر فيه رئيسك أو مديرك أو كل من حولك، فسيضايقك رئيسك أو مديرك إن اتضح أنه لا يفكر بنفس طريقتك. هل يمكن أن يأتي من ذلك أي خير؟ يجب أن تكون حذرًا في المستقبل أيها الطفل السخيف. من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا. فقط تذكر ذلك، ولا تتهور في الكلام! الأفواه للأكل والتنفس، وللتحدث إلى رؤسائك بكلام معسول، ومحاولة إرضاء الآخرين، وليست لقول الحق. يجب أن تختار كلماتك بحكمة، ويجب أن تستخدم الحيل والأساليب، ويجب أن تستخدم عقلك. ابتلع الكلمات قبل أن تخرج من فمك مباشرة، وراجعها مرارًا وتكرارًا في ذهنك، وانتظر حتى يحين الوقت المناسب أن تقولها. ما تقوله فعليًا يجب أن يعتمد أيضًا على الموقف. إذا بدأت في مشاركة رأيك، لكنك لاحظت بعد ذلك أن الناس لا يتقبلونه، أو أن رد فعلهم ليس جيدًا، فتوقف عند هذا الحد وفكر في كيفية قوله بطريقة تجعل الجميع سعداء قبل أن تكمل. هذا ما سيفعله الشاب الذكي. إذا فعلت ذلك، فستبتعد عن المتاعب وسيحبك الجميع. وإذا أحبك الجميع، ألن يكون ذلك في صالحك؟ ألن يخلق لك ذلك المزيد من الفرص في المستقبل؟ إن أسرتك لا تكيفك فحسب بإخبارك كيف تكتسب سمعة طيبة، وكيف تصل إلى القمة، وكيف تؤسس موطئ قدم راسخ لك بين الآخرين، بل تكيفك أيضًا بكيف تخدع الآخرين من خلال المظاهر الخارجية وألا تقول الحق، فضلًا عن أن تفصح عن كل ما يدور في ذهنك. بعض الأشخاص الذين باؤوا بفشل بعد قول الحق يتذكرون قول عائلتهم لهم: "من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا"، ويستخلصون منه درسًا. وبعد ذلك يصبحون أكثر استعدادًا لممارسة هذه المقولة ويجعلونها شعارًا لهم. وثمة أناس آخرون لم يبوؤوا بفشل، لكنهم يتقبلون تكييف عائلتهم في هذا الصدد بجدية، ويطبقون هذه المقولة باستمرار مهما كانت المناسبة. وكلما زاد تطبيقهم لها شعروا بأن "والديَّ وأجدادي يحسنون معاملتي، وكلهم مخلصون لي ويريدون الأفضل لي. أنا محظوظ جدًا لأنهم قالوا لي هذه المقولة: "من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا"، وإلا كنت سأبوء بالفشل كثيرًا بسبب ثرثرتي، وكان الكثير من الناس سيضايقونني أو يرمقونني بنظرات ازدراء أو يسخرون مني ويستهزئون بي. هذه المقولة مفيدة ونافعة جدًا!". إنهم يكتسبون قدرًا كبيرًا من الفوائد الملموسة من تطبيق هذه المقولة. وبالطبع، عندما يأتون بعد ذلك أمام الله، فإنهم يظلون يعتقدون أن هذه المقولة شيء مفيد ونافع للغاية. متى قدم أحد الإخوة أو الأخوات الشركة بصراحة عن حالته أو فساده أو خبرته أو معرفته الاختبارية، يريدون هم أيضًا بالطبع تقديم شركة وأن يكونوا أشخاصًا صريحين ومنفتحين، وهم أيضًا يريدون بالطبع أن يتحدثوا بصدق عما يعتقدونه أو يعرفونه في قلوبهم، حتى يخففوا مؤقتًا من حالتهم الذهنية التي كانت مكبوتة لسنوات عديدة، أو لينالوا قدرًا من الحرية والعتق. لكن حالما يتذكروا ما يظل الآباء يرددونه على مسامعهم، أي: "من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا. لا تتهور في كلامك، وكن مستمعًا لا متكلمًا، وتعلم الاستماع إلى الآخرين"، فإنهم يحجمون عن قول كل ما يريدون قوله. وعندما ينتهي الآخرون من الكلام، لا يقولون شيئًا وبدلًا من ذلك يفكرون في قرارة أنفسهم: "هذا رائع، من الجيد أنني لم أقل شيئًا هذه المرة، لأنني حالما كنت سأقول ما لديَّ ربما كوَّن الجميع آراءً عني، وربما كنت لأخسر شيئًا ما. من الرائع ألا أقول شيئًا، ربما بهذه الطريقة سيظل الجميع يعتقدون أنني شخص صادق ولست شديد الخداع، بل مجرد شخص قليل الكلام بطبيعتي، وبالتالي لست شخصًا يدبر المكائد، أو شخصًا فاسدًا جدًا، وبالأخص لست شخصًا لديه مفاهيم عن الله، بل شخصًا بسيطًا ومنفتحًا. ليس أمرًا سيئًا أن يكون هذا هو رأي الناس فيّ، فلماذا ينبغي أن أقول أي شيء؟ أنا في الواقع أرى بعض النتائج من خلال التمسك بمقولة: "من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا"، لذلك سأستمر في التصرف على هذا النحو. يمنحهم الالتزام بهذه المقولة شعورًا جميلًا ومجزيًا، ومن ثمَّ يظلون صامتين مرة ومرتين وهكذا إلى أن يأتي يوم، عندما يكون لديهم الكثير من الكلمات المكبوتة في داخلهم ويريدون أن يصارحوا إخوتهم وأخواتهم بها، لكنهم يشعرون أن فمهم مغلق ومربوط بإحكام، ولا يستطيعون إخراج جملة واحدة. وبما أنهم لا يستطيعون إخبار إخوتهم وأخواتهم، فإنهم يقررون أن يحاولوا التحدث إلى الله عوضًا عن ذلك، فيركعون أمامه ويقولون: "يا الله، لدي شيء أريد أن أقوله لك. أنا...". لكن على الرغم من أنهم فكروا في الأمر مليًا في قلوبهم، لا يعرفون كيف يقولونه، ولا يستطيعون التعبير عنه، وكأن البكم أصابهم حقًا. إنهم لا يعرفون كيف يختارون الكلمات المناسبة أو حتى كيف يكوِّنون جملة. السنوات العديدة من المشاعر المكبوتة تجعلهم يشعرون بأنهم مخنوقون تمامًا، وأنهم يعيشون حياة مظلمة ودنيئة، وعندما يعقدون العزم على أن يقولوا لله ما في قلوبهم ويفرغوا ما في صدورهم من مشاعر، لا يجدون الكلمات ولا يعرفون من أين يبدؤون أو كيف يقولونه. أليسوا تعساء؟ (بلى، هم كذلك). لماذا إذن ليس لديهم ما يقولونه لله؟ إنهم يقدمون أنفسهم فحسب. إنهم يريدون أن يخبروا الله بما في قلوبهم، لكنهم لا يجدون الكلمات، وفي النهاية كل ما يخرج منهم هو: "يا الله، أرجوك امنحني الكلمات التي يجب أن أقولها!" فيرد الله: "يتعين عليك أن تقول الكثير، لكنك لا تريد أن تقوله، ولا تقوله عندما تتاح لك الفرصة، لذلك سأسترد كل ما أعطيتك إياه. لن أعطيك إياه، فأنت لا تستحقه". حينئذٍ فقط يشعرون أنهم خسروا الكثير خلال السنوات الماضية. على الرغم من أنهم يشعرون أنهم عاشوا حياة كريمة جدًا، وحموا أنفسهم جيدًا، وصانوا أنفسهم تمامًا، عندما يرون أن إخوتهم وأخواتهم كانوا يحققون مكاسب طوال هذا الوقت، وعندما يرون إخوتهم وأخواتهم يتحدثون عن خبراتهم دون أي تحرُّج ويصرحون بفسادهم، يدرك هؤلاء الناس أنهم لا يستطيعون أن يقولوا جملة واحدة، ولا يعرفون كيف يفعلون ذلك. إنهم يؤمنون بالله منذ سنوات عديدة، ويريدون أن يتحدثوا عن معرفة أنفسهم، وأن يناقشوا اختبارهم لكلام الله، وأن يحصلوا من الله على قدر من الاستنارة وشيء من النور، وأن يربحوا شيئًا. لكن لسوء الحظ، وأنهم كثيرًا ما يتشبثون بالرأي القائل بأن "من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا"، وغالبًا تقيدهم هذه الفكرة وتسيطر عليهم، فقد عاشوا من أجل هذه المقولة لسنوات عديدة، ولم يتلقوا من الله أي استنارة أو إضاءة، وهم ما يزالون فقراء ومثيرين للشفقة وخاويين الوفاض فيما يخص الدخول إلى الحياة. لقد مارسوا هذه المقولة والفكرة بشكل تام وأطاعوها بحذافيرها، لكن على الرغم من إيمانهم بالله لسنوات عديدة، لم يربحوا أي شيء من الحق، ولا يزالون فقراء وعميانًا. لقد أعطاهم الله أفواهًا، لكن ليس لديهم أي قدرة على الإطلاق على تقديم شركة حول الحق، ولا أي قدرة على التحدث عن مشاعرهم ومعرفتهم، فضلًا عن القدرة على التواصل مع إخوتهم وأخواتهم. والأمر الأكثر إثارة للشفقة هو أنهم لا يملكون حتى القدرة على التحدث إلى الله، وقد فقدوا تلك القدرة. أليسوا تعساء؟ (بلى، إنهم كذلك). تعساء ومثيرون للرثاء. ألا تكره الكلام؟ ألست قلقًا على الدوام من أنه من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا؟ إذن ينبغي ألا تتكلم أبدًا. أنت تكتم أفكارك التي في أعماق نفسك والتي أعطاك الله إياها، وتكبتها وتحبسها بعيدًا وتمنعها من الهرب. أنت تخاف باستمرار من فقدان ماء الوجه، وتخشى من الشعور بالتهديد، وتخاف من أن يرى الآخرون حقيقتك، وتخاف باستمرار من أنك لن تعود في أعين الآخرين شخصًا مثاليًا وصادقًا وصالحًا، لذلك تكتم نفسك، ولا تقول شيئًا عن أفكارك الحقيقية. وماذا يحدث في النهاية؟ تصبح أبكم بكل ما تحمله الكلمة من معنى. من الذي ألحق بك مثل هذا الأذى؟ في الأساس، ما أصابك بالأذى هو تكييف عائلتك لك، لكن من منظورك الشخصي، فذلك أيضًا لأنك تحب أن تعيش بفلسفات شيطانية، لذلك تختار أن تؤمن بأن تكييف عائلتك لك صحيح، ولا تؤمن بأن متطلبات الله منك إيجابية. لقد اخترت أن تعتبر التأثير التكييفي الذي تمارسه عائلتك عليك أمرًا إيجابيًا، وأن تعتبر أن كلام الله لك ومتطلباته منك وتزويده لك ومساعدته وتعليمه، أمور يجب عليك الحذر منها، بوصفها أمور سلبية. لذلك، مهما كان ما أنعم الله عليك به في البداية كثيرًا، فبسبب حذرك ورفضك طوال هذه السنوات، ستكون النتيجة النهائية هي أن الله سيسترد كل شيء ولا يعطيك شيئًا، لأنك لا تستحق. لذا قبل أن يصل الأمر إلى ذلك، يجب عليك أن تتخلى عن التأثير التكييفي الذي تمارسه عائلتك عليك في هذا الصدد، ولا تقبل الفكرة الخاطئة القائلة بأن "من يتكلم كثيرًا يخطئ كثيرًا". هذه المقولة تجعلك أكثر انغلاقًا وأكثر خبثًا وأكثر نفاقًا. إنها تتعارض تمامًا وتتناقض مع مطلب الله من الناس أن يكونوا صادقين، ومطالبته لهم بأن يكونوا صريحين ومنفتحين. يجب عليك كمؤمنٍ بالله وتابِعٍ لله أن تكون عازمًا تمامًا على السعي إلى الحق. وعندما تكون عازمًا تمامًا على السعي إلى الحق، يجب أن تكون عازمًا تمامًا على ترك ما تتخيل أنه تأثيرات تكييفية جيدة تمارسها عائلتك عليك؛ يجب ألا يكون هناك اختيار. مهما كانت التأثيرات التكييفية التي تمارسها عائلتك عليك، ومهما كانت جودتها أو فائدتها لك، ومهما كان مدى حمايتها لك، فهي تأتي من الناس والشيطان، ويجب عليك أن تتخلى عنها. على الرغم من أن كلام الله ومتطلباته من الناس قد تتعارض مع التأثيرات التكييفية لعائلتك، أو حتى تضر بمصالحك، وتجردك من حقوقك، وحتى لو كنت تعتقد أنها لا تحميك، بل تهدف إلى أن تكشفك وتجعلك تبدو أحمق، فلا يزال يتعين عليك أن تعتبرها أمورًا إيجابية، لأنها تأتي من الله، وهي الحق، ويجب عليك قبولها. إذا كان للأشياء التي كيفتك عائلتك عليها تأثير في تفكيرك وسلوكك ونظرتك للوجود والطريق الذي تسلكه، فعليك أن تتخلى عنها ولا تتمسك بها. ويجب عوضًا عن ذلك أن تستبدل بها الحقائق المقابلة لها من الله، وفي أثناء القيام بذلك، يجب عليك أيضًا أن تميز باستمرار المشكلات الكامنة في هذه الأشياء التي كيفتك عائلتك عليها وجوهرها وتتعرف عليها، ثم تتصرف وتمارس باتباع كلام الله بشكل أكثر دقة وعملية وصدقًا. قبول الأفكار والآراء التي تأتي من الله حول الأشخاص والأشياء ومبادئ الممارسة – هذه هي المسؤولية الواجبة على الكائن المخلوق، وما يجب أن يقوم به الكائن المخلوق، وهي أيضًا الفكرة والرأي الذي يجب أن يمتلكهما الكائن المخلوق.
– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. كيفية السعي إلى الحق (12)
تمارس العائلة نوعًا آخر من التأثير التكييفي. فعلى سبيل المثال، دائمًا ما يقول لك أفراد عائلتك: "لا تكن شخصًا يتميز كثيرًا عن الآخرين. يجب أن تكبح جماح نفسك وتمارس القليل من ضبط النفس في أقوالك وأفعالك، وكذلك في مواهبك وقدراتك الشخصية ومعدل ذكائك وما إلى ذلك. لا تكن ذلك الشخص الذي يتميز أكثر من اللازم. فكما يرد في الأقوال: "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص"، و"العارضة الخشبية التي تبرز هي أول ما يتعفن". إذا أردت أن تحمي نفسك وأن تحظى بمكانة ثابتة وطويلة الأمد في المجموعة التي تنتمي إليها، فلا تكن الطائر الذي يبرز عنقه، بل عليك أن تكبح جماح نفسك ولا تطمح إلى الارتفاع فوق الجميع. فكر في مانعة الصواعق، وهي أول ما يُضرب في العاصفة، لأن الصواعق تضرب أعلى نقطة؛ وعندما تهب الرياح الهوجاء، أول ما يتلقى وطأتها هي أطول شجرة وتطيح بها الرياح؛ وعندما يكون الطقس باردًا، فإن أول ما يتجمد هو أعلى جبل. والأمر نفسه مع الناس: إذا كنت دائمًا ما تبرز بين الآخرين وتلفت الانتباه، ويلاحظك الحزب، فسوف يفكر بجدية في معاقبتك. لا تكن الطائر الذي يبرز عنقه، ولا تحلق منفردًا. يجب أن تبقى داخل السرب، وإلا، إذا تشكلت أي حركة احتجاج اجتماعي حولك، فستكون أول من يُعاقب، لأنك الطائر الذي يبرز. لا تكن قائدًا أو رئيس مجموعة في الكنيسة؛ وإلا، ففي حالة حدوث أي خسائر أو مشكلات في بيت الله تتعلق بالعمل، ستكون أول من يُستهدف بصفتك القائد أو المشرف. لذا، لا تكن الطائر الذي يبرز عنقه، لأن الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص. يجب أن تتعلم أن تطأطئ رأسك وتنكمش مثل السلحفاة". أنت تتذكر هذه الكلمات من والديك، وعندما يحين وقت اختيار القائد، ترفض هذا المنصب قائلاً: "كلا، لا أستطيع أن أفعل ذلك! لدي أسرة وأطفال، وأنا شديد الارتباط بهم. لا يمكنني أن أكون قائدًا. يجب أن تفعلوا أنتم ذلك، لا تختاروني". وبافتراض أنك انتُخبت قائدًا على أي حال، فأنت لا تزال مترددًا في القيام بذلك. تقول: "يؤسفني أنني مضطرٌ إلى الاستقالة. لتكونوا أنتم القائد يا رفاق، أنا أعطيكم الفرص كاملة. سأترككم تأخذون المنصب، سأتنحى عنه". تتفكر في قلبك: "حسنًا! الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص. كلما ارتفعت في الصعود، كان سقوطك أصعب، والقمة موحشة. سأدعك تكون القائد، وبعد أن يتم اختيارك، سيأتي اليوم الذي يتفرج فيه الناس عليك. أنا لا أريد أن أكون قائدًا أبدًا، لا أريد أن أتسلق السلم، مما يعني أنني لن أسقط من علو شاهق. فكر في الأمر، ألم يُعف فلان من منصب القائد؟ وبعد إعفائه طُرد، لم يحصل حتى على فرصة ليكون مؤمنًا عاديًا. إنه مثال ممتاز على مقولة "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص" ومقولة "العارضة الخشبية التي تبرز هي أول ما يتعفن". ألست على حق؟ ألم يُعاقب؟ يجب أن يتعلم الناس أن يحموا أنفسهم، وإلا فما فائدة عقول الناس؟ إذا كان لديك عقل في رأسك، فيجب أن تستخدمه لحماية نفسك. بعض الناس لا يستطيعون رؤية هذه المسألة بوضوح، لكن هذا هو الحال في المجتمع وفي أي مجموعة من الناس: "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص". ستحظى بتقدير كبير في أثناء إبراز عنقك، حتى اللحظة التي يُطلق فيها عليك الرصاص. ثم ستدرك أن الأشخاص الذين يضعون أنفسهم في خط النار ينالون جزاءهم عاجلاً أم آجلاً". هذه هي التعاليم الجادة لوالديك وعائلتك، وأيضًا صوت الخبرة، والحكمة المستخلصة من سنوات عمرهم، والتي يهمسون بها في أذنك دون تحفظ. ماذا أعني بـ "يهمسون بها في أذنك"؟ أعني أن أمك تقول في أذنك ذات يوم: "دعني أخبرك، إذا كان ثمة شيء واحد تعلمته في هذه الحياة، فهو أن "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص"، مما يعني أنه إذا أفرط أحد في الظهور أو لفت الانتباه أكثر من اللازم، فمن المرجح أنه سيُعاقب على ذلك. انظر كيف أصبح والدك خانعًا وساذجًا الآن، هذا لأنه عوقب في إحدى الحملات القمعية. يتمتع والدك بموهبة أدبية، ويمكنه الكتابة وإلقاء الخطب، ولديه مهارات قيادية، لكنه برز من بين الحشود أكثر من اللازم، وانتهى به الأمر إلى أنه عوقب في إحدى الحملات. لماذا لا يتحدث والدك أبدًا منذ ذلك الحين عن كونه مسؤولاً حكوميًا وشخصية بارزة؟ بسبب هذا الأمر. أنا أتحدث إليك من القلب وأقول لك الحقيقة. يجب أن تستمع وتتذكرها جيدًا. لا تنس، يجب أن تحفظها في ذهنك أينما ذهبت. هذا هو أفضل شيء يمكنني أن أقدمه لك بصفتي أمك". تتذكر كلماتها بعد ذلك، وكلما تذكرت مقولة "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص"، فإنها تذكرك بوالدك، وكلما فكرت في والدك تتبادر هذه المقولة إلى ذهنك. كان والدك في يوم من الأيام الطائر الذي أبرز عنقه وأُطلق عليه الرصاص، والآن تركت نظرته المتشائمة والمحبطة انطباعًا عميقًا في ذهنك. لذا، متى ما أردت أن تبرز عنقك، ومتى ما أردت أن تقول رأيك، ومتى ما أردت أن تتمم واجبك بإخلاص في بيت الله، ترن نصيحة أمك الصادقة في أذنك – "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص" – وتتذكرها مرة أخرى. لذا، تتراجع مرة أخرى وتفكر: "لا يمكنني أن أظهر أي مواهب أو قدرات خاصة، يجب أن أكبح جماح نفسي وأقمعها. وبخصوص حث الله للناس على أن يؤدوا واجبهم بكل قلوبهم وعقولهم وقوتهم، فيجب أن أمارس هذه الكلمات باعتدال، وألا أبرز من خلال بذل الكثير من الجهد. إذا برزت من خلال المحاولة بجدية شديدة، وأبرزت عنقي بقيادة عمل الكنيسة، فماذا لو حدث خطأ ما في عمل بيت الله وحمّلوني المسؤولية؟ كيف لي أن أتحمل هذه المسؤولية؟ هل سيتم إخراجي؟ هل سأصبح كبش الفداء– الطائر الذي أبرز عنقه؟ في بيت الله، من الصعب معرفة ما ستؤول إليه هذه الأمور. لذا يجب أن أترك لنفسي طريقًا للهروب بغض النظر عما أفعله، ولا بد قطعًا أن أتعلم كيف أحمي نفسي، وأحرص على أن أضمن سلامتي قبل أن أتكلم وأتصرف. هذا هو التصرف الأكثر حكمة، لأنه كما تقول أمي: "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص". هذه المقولة مغروسة بعمق في قلبك ولها أيضًا تأثير عميق على حياتك اليومية. والأخطر من ذلك بالطبع أنها تؤثر على موقفك تجاه أداء واجبك. ألا توجد مشكلات خطيرة هنا؟ لذلك، متى ما أديت واجبك وأردت أن تبذل نفسك بإخلاص، وأن تستغل كل قوتك بكل صدق، فإن هذه المقولة – "الطائر الذي يبرز عنقه هو الذي يُطلق عليه الرصاص" – توقفك دائمًا فجأة، وفي النهاية تختار دائمًا أن تترك لنفسك بعض الفسحة والمجال للمناورة، ولا تقوم بواجبك إلا بطريقة مدروسة بعد أن تترك لنفسك طريقًا للهروب. ألست على حق؟ هل يحميك تكييف أسرتك في هذا الصدد إلى أقصى حد من أن تُكشف ويتم التعامل معك؟ هذه بالنسبة إليك تعويذة أخرى، أليست كذلك؟ (بلى).
– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. كيفية السعي إلى الحق (12)
يتضمن تكييف العائلة على الأرجح المزيد من قواعد اللعبة للتصرف والتعامل مع العالم. على سبيل المثال، غالبًا ما يقول الآباء: "ينبغي للمرء ألا يعتزم أبدًا إلحاق الأذى بالآخرين، ولكن يجب أن يحذر دائمًا من الأذى الذي قد يلحقه الآخرون به؛ أنت أحمق وساذج للغاية". غالبًا ما يكرر الآباء هذا النوع من الكلام، وحتى كبار السن غالبًا ما يزعجونك قائلين: "كن شخصًا صالحًا، لا تؤذي الآخرين، ولكن يجب عليك دائمًا الحذر من الأذى الذي قد يلحقه بك الآخرون. كل الناس سيئون. قد ترى أن شخصًا ما يقول لك أشياء لطيفة ظاهريًا، لكنك لا تعرف ما يفكر فيه. قلوب الناس مُخبأة تحت جلدهم، عندما ترسم نمرًا، تبيّن جلده، ولكن ليس عظامه، وعندما تعرف شخصًا ما، قد تعرف وجهه، ولكن ليس قلبه". هل ثمة جانب صحيح لهذه العبارات؟ إذا نظرنا إلى كل من هاتين العبارتين حرفيًا، سنجد أنهما لا خطأ فيهما، إذ لا يمكن معرفة ما يفكر فيه المرء حقًا في أعماقه، سواء كان قلبه شريرًا أو طيبًا. من المستحيل رؤية حقيقة روح المرء. المعنى الكامن وراء هذه العبارات صحيح ظاهريًا، لكنها ليست سوى نوع من التعاليم. ما هو مبدأ التعامل مع العالم الذي يستمده الناس في النهاية من هاتين العبارتين؟ إنه: "ينبغي للمرء ألا يعتزم أبدًا إلحاق الأذى بالآخرين، ولكن يجب أن يحذر دائمًا من الأذى الذي قد يلحقه به الآخرون". هذا ما يقوله الجيل الأكبر سنًا. غالبًا ما يقول الآباء وكبار السن هذا، وينصحونك باستمرار بالقول: "كن حذرًا، لا تكن أحمق وتكشف كل شيء في قلبك. تعلم أن تحمي نفسك وتكون يقظًا. لا تكشف عن حقيقة نفسك أو عن مكنون قلبك حتى مع أقرب أصدقائك. لا تخاطر بحياتك من أجلهم". هل هذا التحذير من كبار عائلتك صحيح؟ (كلا، إنه يعلم الناس طرقًا مخادعة). من الناحية النظرية، إن له هدف رئيسي جيد، وهو حمايتك، ومنعك من التعرض لمواقف خطرة، ولحمايتك من التعرض للأذى أو غش الآخرين لك، وحماية مصالحك الجسدية، وسلامتك الشخصية، وحياتك. إنه لإبعادك عن المشاكل، والدعاوى القضائية، والإغراءات، والسماح لك بالعيش كل يوم بسلام وسلاسة وسعادة. الهدف الرئيسي للآباء والشيوخ هو ببساطة حمايتك. غير أن الطريقة التي يحمونك بها، والمبادئ التي ينصحونك باتباعها، والأفكار التي يغرسونها فيك ليست صحيحة على الإطلاق. وعلى الرغم من أن هدفهم الرئيسي صحيح، فإن الأفكار التي يغرسونها فيك تقودك دون وعي إلى التطرف. تصبح الأفكار التي يغرسونها فيك المبادئ والأسس التي تتعامل على أساسها مع العالم. عندما تتفاعل مع زملاء الدراسة، والأقران، وشركاء العمل، والرؤساء، وكل أنواع الأشخاص في المجتمع، والناس من جميع مناحي الحياة، تصبح هذه الأفكار الحامية التي غرسها والداك فيك دون وعي تعويذتك ومبدأك الأساسيان كلما تعاملت مع الأمور التي تنطوي على علاقات شخصية. أي مبدأ هذا؟ إنه مبدأ: لن أؤذيك، لكن يجب أن أحذر منك في جميع الأوقات لمنعك من خداعي أو غشي، لتجنب المتاعب أو الدعاوى القضائية، لمنع ثروة عائلتي من الضياع وبلوغ الناس في عائلتي نهايتهم، ومنعي من أن ينتهي بي المطاف في السجن. إن العيش تحت سيطرة مثل هذه الأفكار ووجهات النظر، والعيش وسط هذه المجموعة الاجتماعية بمثل هذا الموقف تجاه التعامل مع العالم، لن يؤدي بك إلا إلى أن تصبح أكثر اكتئابًا، وأكثر إرهاقًا، وتعبًا في كل من العقل والجسد. ومن ثم، تصبح أكثر مقاومة لهذا العالم والإنسانية وأكثر نفورًا منهما، وتحتقرهما أكثر. وبينما تحتقر الآخرين، تبدأ في التقليل من شأن نفسك، وتشعر أنك لا تعيش مثل الناس، بل تعيش حياة متعبة وكئيبة. عليك أن تكون حذرًا دائمًا، وأن تفعل وتقول أشياء ضد إرادتك من أجل تجنب التعرض للأذى من الآخرين. في أثناء السعي لحماية مصالحك وسلامتك الشخصية، ترتدي قناعًا زائفًا في كل جانب من جوانب حياتك وتتنكر، ولا تجرؤ أبدًا على قول كلمة حق. وفي هذه الحالة، في ظروف البقاء هذه، لا يمكن لأعماق نفسك أن تجد الحرية أو الانطلاق. غالبًا ما تحتاج إلى شخص لا يشكّل أي ضرر لك ولن يهدد أبدًا مصالحك، شخص يمكنك مشاركة أعمق أفكارك معه والتنفيس عن إحباطاتك معه، دون تحمل أي مسؤولية عن كلماتك، أو التعرض للسخرية، أو التهكم، أو الاستهزاء، أو تحمل أي عواقب. في موقف تكون فيه فكرة ووجهة نظر "ينبغي للمرء ألا يعتزم أبدًا إلحاق الأذى بالآخرين، ولكن يجب أن يحذر دائمًا من الأذى الذي قد يلحقه به الآخرون" هي مبدأك في التعامل مع العالم، ستمتلئ أعماق نفسك بالخوف وعدم الشعور بالأمان. بطبيعة الحال، ستشعر بالاكتئاب، وعدم القدرة على العثور على التحرر، وتحتاج إلى شخص ما يريحك، شخص تثق به. لذا، انطلاقًا من هذه الجوانب، على الرغم من أن مبدأ التعامل مع العالم الذي علمك إياه والداك: "ينبغي للمرء ألا يعتزم أبدًا إلحاق الأذى بالآخرين، ولكن يجب أن يحذر دائمًا من الأذى الذي قد يلحقه به الآخرون" يمكن أن ينجح في حمايتك، فهو سلاح ذو حدين. ففي حين أنه يحمي مصالحك الجسدية وسلامتك الشخصية إلى حد ما، فإنه يجعلك تشعر بالاكتئاب والبؤس، وغير قادر على بلوغ التحرر، بل ويجعلك أكثر إحباطًا تجاه هذا العالم وتجاه الإنسانية. وفي الوقت نفسه، تبدأ أيضًا في أعماقك في الشعور الخافت بالضجر من ولادتك في مثل هذه الحقبة الشريرة، بين هذه المجموعة الشريرة من الناس. لا يمكنك أن تفهم لماذا يجب أن يعيش الناس، أو لماذا الحياة مرهقة للغاية، أو لماذا يجب عليهم ارتداء قناع وإخفاء أنفسهم في كل مكان يذهبون إليه، أو لماذا يجب أن تكون دائمًا حذرًا من الآخرين من أجل مصالحك الخاصة. تتمنى أن تقول الحق، لكن لا يمكنك ذلك بسبب العواقب. تريد أن تكون شخصًا حقيقيًا، وأن تتحدث وتتصرف بصراحة، وتتجنب أن تكون شخصا دنيئًا أو تقوم بأعمال شريرة ومخزية في الخفاء، وتعيش حصريًا في الظلام، لكن لا يمكنك فعل أي من هذا. لماذا لا تستطيع العيش باستقامة؟ تشعر بازدراء باهت عندما تفكر في أفعالك السابقة. أنت تكره وتمقت هذا الاتجاه الشرير وهذا العالم الشرير، وفي الوقت نفسه، تكره نفسك بشدة وتحتقر الشخص الذي أصبحت عليه. ومع ذلك، ليس ثمة ما يمكنك القيام به. على الرغم من تمرير والديك هذه التعويذة إليك من خلال كلماتهم وأفعالهم، إلا أنها لا تزال تشعرك بأن حياتك تفتقر إلى السعادة أو الشعور بالأمان. وعندما تشعر بهذا الافتقار إلى السعادة، والأمان، والنزاهة، والكرامة، تجد نفسك في آن واحد ممتنًا لوالديك لإعطائك هذه التعويذة ومستاءً بسبب ما كبلوك به. أنت لا تفهم لماذا قال لك والداك أن تتصرف بهذه الطريقة، ولماذا يجب عليك أن تتصرف هكذا من أجل الحصول على موطئ قدم في المجتمع، ولتندمج في هذه المجموعة الاجتماعية، وتحمي نفسك. على الرغم من أنها تعويذة، فهي أيضًا نوع من القيد الذي يجعلك تشعر بكل من الحب والكراهية في قلبك. ولكن ماذا يمكنك أن تفعل؟ ليس لديك الطريق الصحيح في الحياة، لا أحد يخبرك كيف تعيش أو كيف تتعامل مع الأشياء التي تقابلها في طريقك، ولا أحد يخبرك ما إذا كان ما تفعله صحيحًا أم خاطئًا، أو كيف يجب أن تسير في الطريق الذي أمامك. ليس أمامك سوى معاناة الارتباك، والتذبذب، والألم، والاضطراب. هذه هي نتائج فلسفة المعاملات الدنيوية التي غرسها فيك والداك وعائلتك، مما يجعل أبسط رغباتك في أن تكون شخصًا بسيطًا – أي رغبتك في أن تكون قادرًا على التصرف باستقامة دون اللجوء إلى هذه الوسائل للتعامل مع العالم – لا يمكن تحقيقها. لا يمكنك العيش إلا بطريقة مهينة، وتقديم التنازلات، والعيش من أجل سمعتك، مما يجعلك شرسًا للغاية لحماية نفسك من الآخرين، والتظاهر بالشراسة، وطول القامة، والعنفوان، والقوة، وبأنك غير عادي، لتجنب التعرض للتنمر. لا يمكنك سوى العيش على هذا النحو رغم إرادتك، مما يجعلك تكره نفسك، لكن ليس لديك خيار. فنظرًا لأنك لا تملك القدرة أو الطريق للهروب من هذه الطرق والاستراتيجيات للتعامل مع العالم، لا يمكنك سوى السماح لهذه الأفكار التي كيفتك عائلتك ووالديك عليها أن تتلاعب بك. يُخدع الناس بالأفكار التي غرستها فيهم عائلاتهم وآبائهم خلال هذه العملية اللاواعية وتسيطر عليهم، لأنهم لا يفهمون الحق أو كيف يجب أن يعيشوا، لذلك لا يمكنهم سوى ترك الأمر للقدر. وحتى لو كان لا يزال بضمائرهم القليل من الحس، أو حتى لو كانت لديهم رغبة صغيرة في العيش بشبه الإنسان، أو التعايش مع الآخرين والتنافس معهم بشكل منصف، بغض النظر عن رغباتهم، فلا يمكنهم الهروب من تكييف الأفكار ووجهات النظر المختلفة التي تأتي من أسرهم وتحكمها فيهم، وفي النهاية، لا يمكنهم سوى العودة إلى الفكرة ووجهة النظر التي كيفتهم عليها أسرهم والتي مفادها: "ينبغي للمرء ألا يعتزم أبدًا إلحاق الأذى بالآخرين، ولكن يجب أن يحذر دائمًا من الأذى الذي قد يلحقه به الآخرون"، لأنه ليس لديهم طريق آخر يسلكونه؛ ليس لديهم خيار. كل هذا ناتج عن عدم فهم الناس للحق وعجزهم عن نيل الحق.
– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. كيفية السعي إلى الحق (14)
ما السبب في أنَّ هذه الثقافات التقليدية ليست هي الحق؟ يتلخص الأمر كله في أن هذه الأشياء هي أفكار جاءت بعد أن أفسد الشيطان البشرية. إنها لا تأتي من الله. إنها مشوبة ببعض من تصورات الناس ومفاهيمهم، وهي، علاوة على ذلك، النتائج التي تحققت من خلال إفساد الشيطان للبشرية. الشيطان يستغلّ أفكار البشرية الفاسدة وآراءهم وكلّ أنواع أقوالهم وحججهم من أجل تقييد فكر الناس وإفساده. إذا استخدم الشيطان، من أجل تضليل الناس، بعض الأشياء التي كان من الواضح أنها سخيفة وغير معقولة وخاطئةً، فسيكون لدى الناس تمييز، وسيكونون قادرين على التمييز بين الصواب والخطأ، وسيستخدمون هذا التمييز لرفض تلك الأشياء وإدانتها. وبهذه الطريقة، لم تكن هذه التعاليم لتصمد أمام التمحيص، لكن عندما يستخدم الشيطان – من أجل تكييف الناس والتأثير فيهم وتلقينهم – بعض الأفكار والنظريات التي تتوافق مع مفاهيم الناس وتصوراتهم، والتي يعتقد أنها ستصمد أمام التمحيص عندما تُقال علنًا، فإن البشرية تُضلل بسهولة، ويسهل أيضًا أن تُقبَل هذه الأقوال وتنتشر بين الناس، ومن ثمَّ تبقى هذه الأقوال من جيل إلى جيل، حتى الوقت الحاضر. خذ على سبيل المثال بعض القصص عن الأبطال الصينيين، مثل القصص الوطنية عن يو فاي وجنرالات عائلة يانغ وون تيانشيانغ. كيف انتقلت هذه الأفكار إلى يومنا هذا؟ إذا نظرنا إلى الأمر من ناحية الأشخاص، فإنه يوجد في كل عصر نوع من الأشخاص أو نوع من الحكام الذين يستخدمون هذه الأمثلة باستمرار ويستخدمون أفكار هذه الشخصيات وروحها لتعليم جيل بعد جيل من الناس، حتى يقبل الناس جيلًا بعد جيل حكمهم بطاعة وخضوع، وحتى يتمكنوا من حكم الناس بسهولة جيلًا بعد جيل، ويجعلوا حكمهم أكثر استقرارًا. بالحديث عن الإخلاص الأعمى ليو فاي وجنرالات عائلة يانغ، وكذلك الروح الوطنية لدى ون تيانشيانغ وكو يوان، فإنهم يثقّفون رعاياهم ويجعلونهم يعرفون قاعدة واحدة، وهي أنه يجب على المرء أن يتسم في سلوكه الذاتي بالإخلاص – هذا ما يجب أن يتحلى به الشخص ذو الأخلاق النبيلة. إلى أي درجة يكون الولاء؟ إلى درجة أنه "عندما يأمر الإمبراطور مسؤوليه بالموت، فإنهم لا يملكون خيارًا إلا الموت"، و"الخادم المخلص لا يخدم ملكين" – وهذه مقولة أخرى يجلّونها. وهم يجلّون أيضًا أولئك الذين يحبون بلدهم. حُب البلد يعني حب ماذا، أو حب من؟ أهو حب الأرض؟ أم حب الناس الذين يعيشون فيها؟ وما هو البلد؟ (الحكام). الحكام هم ممثلو البلد. إذا قلت: "حبي لبلدي هو في الحقيقة حب لمسقط رأسي ووالديّ. أنا لا أحبكم أيها الحكام!" فسيغضبون. إذا قلت: "حبي لبلدي هو حب للحكام، من أعماق قلبي"، فسيقبلون مثل هذا الحب ويستحسنونه؛ إذا جعلتهم يفهمون أنك لا تحبهم وجعلت هذا الأمر واضحًا، فلن يستحسنوا هذا. من الذي يمثّله الحكّام عبر العصور؟ (الشيطان). هم يمثّلون الشيطان، هم أعضاء في عصابة الشيطان، وهم أبالسة. لا يمكنهم تعليم الناس أن يعبدوا الله، وأن يعبدوا الخالق. لا يمكنهم فعل ذلك. بدلًا من ذلك، يخبرون الناس أن الحاكم هو ابن السماء. ما معنى "ابن السماء"؟ يعني أن السماء تمنح السلطة لشخص ما، وحينئذٍ يُدعى هذا الشخص "ابن السماء" ولديه السلطة ليحكم كل الناس تحت السماء. هل هذه فكرة غرسها الحكام في الناس؟ (نعم). عندما يصبح شخص ما ابن السماء، فإن السماء هي التي تحدد ذلك، ومشيئة السماء تكون معه، لذلك يجب على الناس أن يقبلوا حكم هذا الشخص دون قيد أو شرط، أيًا كان نوع هذا الحكم. هم يغرسون في الناس هذه الفكرة التي تجعلك تقبل ذلك الشخص على أنه ابن السماء بما أنك تقر بوجود السماء. ما الغرض من جعلك تقبل ذلك الشخص على أنه ابن السماء؟ ليس الغرض هو جعلك تقرّ بوجود السماء، أو بوجود الله، أو بوجود خالق، بل جعلك تقبل حقيقة أن هذا الشخص هو ابن السماء، ولأنه ابن السماء، الذي جاء به وجود مشيئة السماء، فيجب على الناس أن يقبلوا حكمه؛ هذا نوع الأفكار التي يغرسونها. سواء كان ما نشرِّحه هو عبارات وتعابير اصطلاحية تحتوي على تلميحات، أو أمثال شعبية وأقوال شائعة خالية تمامًا من التلميحات، فإن كل هذه الأفكار التي تطورت منذ بداية البشرية إلى يومنا هذا تكمن وراءها روابط الشيطان وتضليله للبشرية وكذلك تعريف البشرية الفاسدة المغلوط لهذه الأفكار نفسها. ما تأثير هذا التعريف المغلوط على البشرية في الفترات اللاحقة؟ هل هو جيد أم إيجابي أم سلبي؟ (سلبي). إنه سلبي بالأساس. لنأخذ على سبيل المثال القول: "النوم على الحطب ولعق المرارة"، والقول: "أخفِ نورك واستجمع قوتك في الظلام"، والقول: "تحمل الإذلال وتحمل العبء الثقيل"، والقول: "لا ألين أبدًا"، وكذلك "تظاهر بفعل شيءٍ بينما تفعل شيئًا آخر" – ما تأثير هذه الأقوال على البشرية في العصور اللاحقة؟ هو أنه حالما يتقبل الناس هذه الأفكار من الثقافة التقليدية، فإن كل جيل متعاقب من الناس يبتعد أكثر فأكثر عن الله، ويبتعد أكثر فأكثر عن خلق الله للناس وخلاصهم، وعن عمل خطة التدبير الخاص به. حالما يقبل الناس هذه الآراء الخاطئة من الثقافة التقليدية، يزداد شعورهم بأن مصير الإنسان يجب أن يكون بأيديهم، وأن السعادة لا بد أن تُخلَق بأيديهم، وأن الفرص محجوزة لأولئك المستعدين، مما يؤدي بالبشرية إلى إنكار الله على نحو متزايد، وإنكار سيادة الله، والعيش تحت سيطرة الشيطان. إذا قارنت بين ما يحب الناس الحديث عنه في العصر الحديث وما كان الناس قبل ألفي عام يحبون الحديث عنه، فإن معنى التفكير الكامن وراء هذه الأشياء هو نفسه في الواقع. كل ما في الأمر أن الناس في الوقت الحاضر يتحدثون عن تلك الأشياء بشكل أكثر تحديدًا وبدرجة أكبر من المجاهرة. هم لا ينكرون وجود الله وسيادته فحسب، بل إنهم يقاومون الله ويدينونه بدرجة متزايدة الخطورة.
– الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع (الجزء الأول)
ما الفرق الجوهري بين كلام الله وكلام الإنسان، وبين الحق والتعليم؟ إن كلام الله يجعل الناس ينمون في العقل والضمير، ويدفعهم إلى التصرف بمبادئ، ويزيد إدراكهم لواقع الأشياء الإيجابية التي يعيشون بحسبها. أما كلام الإنسان، فقد يبدو متوافقًا تمامًا مع أذواق الناس ومفاهيمهم، لكنه ليس الحق، فهو يفيض بالفخاخ والإغواءات والبدع والمغالطات، وإذا تصرف الناس وفقًا لهذا الكلام، فإن ما يعيشون بحسبه سينحرف أكثر فأكثر بعيدًا عن الله وعن معاييره. والأخطر من ذلك، فإن أسلوب حياة الناس سيزداد شرًا وتشبّهًا بالشيطان. عندما يعيش الناس ويتصرفون بالكامل وفقًا لبدع ومغالطات الإنسان، وعندما يعتنقون هذه الحجج كُليًا، فإنهم يعيشون كالشيطان. وألا يعني العيش كالشيطان أنهم شياطين؟ (بلى). إذًا، لقد أصبحوا "بنجاح" شياطين أحياء. يقول البعض: "لا أومن بذلك. إني أريد فقط أن أكون شخصًا بلا ذنب محبوبًا من الآخرين. أريد أن أكون شخصًا يعتبره معظم الناس صالحًا، وبعد ذلك سأرى إن كان الله يُسَر بي أم لا". إن لم تؤمن بما يقوله الله، فاذهب وانظر، وتأكّد ما إن كان كلام الله هو الحق، أم أن مفاهيم الإنسان هي الحق. هذا هو الفرق الجوهري بين كلام الله وكلام الإنسان. إنه الفرق الجوهري بين الحق والبدع والمغالطات. مهما بدت بدع الإنسان ومغالطاته متوافقة مع أذواق الناس، فإنها لن تستطيع أبدًا أن تصبح حياتهم؛ في الوقت نفسه، مهما بدا كلام الله بسيطًا، وعاميًا، ومهما خالف مفاهيم الناس، فإن جوهره هو الحق، وإذا كان ما يفعله الناس ويعيشون بحسبه متوافقًا مع مبادئ كلام الله، ففي نهاية المطاف، يومًا ما، سيصبحون مخلوقات حقيقية مؤهلة، وسيكونون قادرين على اتّقاء الله والحيد عن الشر. وعلى النقيض، إذا لم يمارس الناس وفقًا لكلام الله ولم يعملوا وفقًا لمطالب الله، فإنهم لن يستطيعوا أن يصبحوا مخلوقات مؤهلة. فقط سيزدري الله أفعالهم والطريق الذي يسلكونه؛ هذه حقيقة.
– الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند العاشر: يحتقرون الحقَّ، وينتهكون المبادئ بشكل صارخ، ويتجاهلون ترتيبات بيت الله (الجزء الخامس)
يؤمن كثير من الناس بالله لفظيًا ويمدحونه، أمّا في قلوبهم فلا يحبون الكلمات التي يقولها الله. إنهم غير مهتمين بالحق، ويعتقدون دائمًا أن العيش وفقًا لفلسفات الشيطان أو النظريات الدنيوية المختلفة هو ما يفعله الناس العاديون، وأن هذه هي الطريقة التي يمكن بها للمرء حماية نفسه، وأن هذه هي الطريقة التي نعيش بها بقيمة في العالم. هل هؤلاء الناس هم من يؤمنون بالله ويتبعونه؟ لا، هم ليسوا كذلك. تبدو كلمات الأشخاص العظماء والمشهورين حكيمة بشكل خاص ويمكن أن تضلل الآخرين بسهولة. قد تتمسك بكلماتهم باعتبارها حقائق أو شعارات تلتزم بها، ولكن عندما يتعلق الأمر بكلام الله، وبمطلب عادي يطلبه من الناس مثل أن يكون المرءُ أمينًا، أو يحافظ على مكانه بشكل ملائم ودقيق، وأن يؤدي واجبه ككائن مخلوق، وأن يتمتع بسلوك ثابت وصادق، إذا لم تتمكن من ممارسة هذا الكلام أو اعتباره حقائق، فأنت لست من أتباع الله. أنت تدعي أنك تمارس الحق، ولكن إذا سألك الله "هل "الحقائق" التي تمارسها كلام الله؟ هل تستند المبادئ التي تتمسك بها إلى كلام الله؟" فكيف ستفسر ذلك؟ إذا لم يكن أساسك كلام الله، فهو كلام الشيطان. أنت تعيش بحسب كلام الشيطان، ومع ذلك تدّعي أنك تمارس الحق وتُرضي الله. أليس ذلك تجديفًا على الله؟ يرشد الله الناس إلى أن يكونوا صادقين، على سبيل المثال، ومع ذلك لا يفكر بعض الناس فيما يستلزمه حقًا أن يكون شخصًا صادقًا، وكيفية ممارسة كونه شخصًا صادقًا، وأي الأشياء التي يعيش بها ويكشف عنها تكون مخادعة، وأي الأشياء التي يعيش بها ويكشف عنها تكون صادقة. وبدلًا من التأمل في جوهر الحق في كلام الله، يلجؤون إلى كتب غير المؤمنين. ويفكرون: "أقوال غير المؤمنين جيدة جدًا كذلك، فهم أيضًا يعلّمون الناس أن يكونوا صالحين! على سبيل المثال، "الأخيار ينعمون بحياة السلام" و "الناس الذين بلا ذنب يسودون دائمًا"، و"المغفرة للآخرين ليست من الغباء، فهي تجلب الفوائد لاحقًا". هذه العبارات صحيحة أيضًا، وتتماشى مع الحق!" لذلك، يلتزمون بهذه الكلمات. مثل أي نوع من الأشخاص يمكن أن يعيشوا من خلال الالتزام بهذه الأقوال لغير المؤمنين؟ هل يمكنهم أن يعيشوا واقع الحق؟ (لا، لا يمكنهم ذلك). أليس هناك الكثير من الناس على هذه الشاكلة؟ إنهم يكتسبون بعض المعرفة؛ فقد قرؤوا بعض الكتب وبعض الأعمال الشهيرة؛ واكتسبوا بعض المنظور، وسمعوا بضعة أقوال شهيرة وأمثال شعبية، ثم اعتبروها الحق، وهم يتصرفون ويؤدون واجبهم وفقًا لهذه الكلمات، ويطبقونها في حياتهم كمؤمنين بالله، ويعتقدون أنهم يرضون قلب الله. أليس هذا استعاضة عن الحق بالباطل؟ أليس هذا تعاملًا بالخداع؟ في نظر الله، هذا تجديف! هذه الأشياء تتجلّى في كل شخص، في عدد ليس بقليل. الشخص الذي يتعامل مع الكلمات المُرضية والتعاليم الصحيحة التي يدلي بها الناس باعتبارها حقائق يتمسك بها، في حين ينحي كلام الله جانبًا ويتجاهله، ويفشل في استيعابه مهما كان عدد مرات قراءته له، أو في اعتبار كلام الله بأنه الحق، هل هو مؤمن بالله؟ هل هو من أتباع الله؟ (لا). أمثال هؤلاء الناس يؤمنون بالدين، وما زالوا يتبعون الشيطان! إنهم يعتقدون أن الكلمات التي ينطق بها الشيطان فلسفية، وأنها عميقة وكلاسيكية إلى حد كبير، ويعتبرونها أقوالًا مشهورة تعبر عن أقصى درجات الحق. مهما تكن الأمور الأخرى التي يتخلون عنها، فلا يمكنهم التخلي عن هذه الكلمات. إن التخلي عن هذه الكلمات سيكون بمثابة فقدان أساس حياتهم، مثل تفريغ قلوبهم. أي نوع من الناس هؤلاء؟ إنهم أتباع الشيطان، ولهذا السبب يقبلون أقوال الشيطان الشهيرة على أنها الحق. هل يمكنكم تحليل مختلف الحالات التي تجدون أنفسكم فيها في سياقات مختلفة والتعرف عليها؟ على سبيل المثال، يؤمن بعض الناس بالله وكثيرًا ما يقرؤون كلماته، ولكن عندما تحدث لهم أمور، فإنهم يقولون دائمًا: "قالت أمي" أو "قال جدي" أو "قال الشخص الفلاني المشهور ذات مرة" أو "يقول الكتاب الفلاني كذا وكذا". لا يقولون أبدًا: "كلام الله يقول هذا"، أو "متطلبات الله منا هي كذا وكذا"، أو "الله يقول هذا". إنهم لا يقولون هذه الكلمات قط. هل هم يتبعون الله؟ (لا، إنهم لا يتبعونه). هل يسهل على الناس اكتشاف هذه الحالات؟ لا، لا يسهل، لكن وجودها في الناس يضر بهم بشدة. ربما تكون قد آمنت بالله منذ ثلاث أو خمس أو ثماني أو عشر سنوات، لكنك ما زلت لا تعرف كيف تخضع لله أو تمارس كلام الله. مهما يحدث لك، ما زلت تتخذ الكلمات الشيطانية كأساس لك، وما زلت تلتمس أساسًا في الثقافة التقليدية. هل ذلك هو الإيمان بالله؟ ألست تتبع الشيطان؟ أنت تعيش بحسب الكلمات الشيطانية وتعيش بالشخصيات الشيطانية، إذًا، ألست تقاوم الله؟ بما أنك لا تمارس كلام الله أو تعيش بحسبه، ولا تتبع خطى الله، ولا تستطيع أن تصغي إلى ما يقوله الله، ولا تستطيع أن تخضع مهما كان ما ينظمه الله أو يطلبه، فأنت لا تتبع الله. أنت لا تزال تتبع الشيطان. أين الشيطان؟ الشيطان في قلوب الناس. لقد ترسخت الفلسفات والمنطق والقواعد والكلمات الشيطانية المختلفة للشيطان منذ فترة طويلة في قلوب الناس. هذه هي المشكلة الأخطر. إذا كنت لا تستطيع حل هذه المشكلة في إيمانك بالله، فلن تكون قادرًا على أن تنال خلاص الله. لذلك، يجب عليكم في كثير من الأحيان أن تضعوا كل ما تفعلونه، وأفكاركم وآراءكم وأساسكم لفعل الأشياء في مقارنة مع كلام الله وتشريح الأشياء في أفكاركم. يجب أن تعرفوا أي الأشياء بداخلكم هي فلسفات للمعاملات الدنيوية وأمثال شعبية وثقافة تقليدية، وكذلك تلك التي جاءت من المعرفة الفكرية. يجب أن تعرفوا أيَّ هذه الأشياء تعتقدون دائمًا أنها صحيحة وتتوافق مع الحق، وأيها تلتزمون بها كما لو كانت هي الحق، وأيها تسمحون لها بأن تحل محل الحق. يجب عليكم تحليل هذه الأشياء. وعلى وجه الخصوص، إذا تعاملتَ مع الأشياء التي تعتقد أنها صحيحة وثمينة على أنها الحق، فليس من السهل رؤيتها على حقيقتها، ولكن إن رأيتها على حقيقتها فعلًا، فستكون قد تغلبت على عقبة رئيسية. هذه الأشياء هي عوائق أمام فهم الناس لكلام الله وممارسة الحق والخضوع لله. إذا كنت تقضي اليوم كله في حيرة من أمرك وأمورك غير محسومة، ولا تفكر في هذه الأشياء أو تركز على حل هذه المشكلات، فهي أصل شعورك بالضيق وتسميم قلبك، وإذا لم تُزَل، فلن تكون قادرًا على اتباع الله حقًا، ولن تتمكن من ممارسة الحق أو الخضوع لله، ولن يكون لديك أي طريقة لنيل الخلاص.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. لا يمكن للمرء نيل الخلاص بالإيمان بالدين أو المشاركة في الطقوس الدينية
أيًا كان ما يصيبك، فهل تعتمد على الفلسفات الشيطانية وتستخدم الأساليب البشرية لحله، أم تطلب الحق وتحله وفقًا لكلام الله، أم أنك تتبنى نهجًا وسطًا؟ اختيارك هو أفضل ما يكشف ما إذا كنت شخصًا يحب الحق ويسعى إليه. إذا كنت دائمًا ما تختار حل المشكلات بالاعتماد على الفلسفات الشيطانية والأساليب البشرية، فستكون النتيجة أنه لا يمكنك ربح الحق، ولا استنارة الروح القدس وإضاءته وإرشاده لك. وعلاوةً على ذلك، ستنشأ في داخلك المفاهيم وسوء الفهم عن الله، وسيزدريك الله في النهاية ويستبعدك. لكن إذا كان بوسعك أن تطلب الحق في كل شيء وتحله وفقًا لكلام الله، فستكون قادرًا على نيل استنارة الروح القدس وإضاءته وإرشاده. سيزداد فهمك للحق وضوحًا، وستعرف الله أكثر فأكثر؛ وستتمكن بهذه الطريقة من الخضوع حقًا لله ومحبته. بعد الممارسة والاختبار بهذه الطريقة لفترة من الوقت، ستتطهر شخصياتك الفاسدة أكثر من أي وقت مضى، وستقل حالات تمردك ضد الله باطراد، حتى تصل في النهاية إلى التوافق التام معه. إذا كنت تختار نهج الحل الوسط دائمًا، فأنت في الواقع لا تزال تعتمد على الفلسفات الشيطانية للتعامل مع المشكلات. إن العيش على هذا النحو لن يكسبك استحسان الله أبدًا، وستُكشف وتُستبعد فحسب. إذا كنت قد اخترت الطريق الخاطئ للإيمان بالله، أي طريق الدين، فأنت بحاجة إلى عكس مسارك بسرعة، والتراجع عن حافة الهاوية، واعتماد الطريق الصحيح. عندئذ قد يظل لديك أمل في نيل الخلاص. إذا كنت ترغب في ربح الطريق الصحيح للإيمان بالله، فعليك أن تسعى وتبحث عنه بمفردك؛ ومَن لديه فهم روحي، سيجد الطريق الصحيح بعد فترة من الاختبار.
– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. من خلال السعي إلى الحق وحده يمكن للمرء أن يعالج مفاهيمه وسوء فهمه لله
شهادات اختبارية ذات صلة
هل علينا أن نحيا وفق الفضائل التقليدية؟
لا تشك في موظفيك: أهذا صحيح؟
تأملات حول لا تعامل الآخرين بما لا تحب أن يعاملوك به