معنى السعي إلى الحق (2)
أقمنا في اجتماعنا الأخير شركة عن معنى السعي إلى الحق. لنبدأ بمراجعة: ما معنى السعي إلى الحق؟ هل لديك إجابة عن هذا السؤال؟ هل تفكرتم فيه بعد إقامة شركتنا السابقة؟ بعد أن ننتهي من إقامة الشركة عن موضوعات معينة، سوف تحتاج إلى التفكير فيها ثم اختبارها ومراجعتها عمليًا في حياتك الواقعية. وعندئذٍ فقط سوف تستطيع ربح المعرفة الحقيقية، وسوف يمكنك فهم تلك الموضوعات التي كنت تفكر فيها وإدراكها، وسوف تتمكن من تقديم الاختبار والمعرفة الحقيقيين. أليس كذلك؟ (بلى). ولذلك، هل فكرتم في السؤال؟ ما معنى السعي إلى الحق؟ ما العناصر التي ينطوي عليها السعي إلى الحق؟ ما الأشياء الرئيسية التي ينطوي عليها؟ هل لخصتم هذه الأشياء؟ (في المرَّة الأخيرة، بدأ الله بإقامة شركة عن مختلف الأفكار والآراء والمواقف الخاطئة التي لدى الإنسان فيما يتعلق بالسعي إلى الحق، ثم أقام الله شركة بالتفصيل عن الخطوات الخمس للسعي إلى الحق). كان يوجد في الأساس جزءان رئيسيان في شركتنا الأخيرة: بعض الحالات السلبية أو الآراء الخاطئة التي لدى أناس كثيرين فيما يخص السعي إلى الحق، وحالات سوء فهم الإنسان بخصوص السعي إلى الحق، بالإضافة إلى الأعذار والمبررات التي يُقدِّمها الناس لعدم السعي إلى الحق، وكان ذلك هو الجزء الرئيسي الأول. أما الجزء الثاني فهو إقامة الشركة عن كيفية السعي إلى الحق، وقد تكوَّن من خمس خطوات. على الرغم من وجود جزئين فقط، فقد تطرقنا إلى الكثير من التفاصيل والحذافير داخل كل منهما. لقد كشفت عن قدر من معرفة الإنسان وفهمه الخاطئين بخصوص السعي إلى الحق، كما كشفت عن العديد من الصعوبات لدى الإنسان في السعي إلى الحق، بالإضافة إلى بعض الأعذار والمبررات والذرائع التي يُقدِّمها أولئك الذين سئموا الحق لعدم السعي إلى الحق. تتطابق المواقف والإدراكات السلبية والخاملة التي يُظهرها الناس عندما يتعلق الأمر بالسعي إلى الحق مع أنماط الحياة والمساعي التي يتمسكون بها في حياتهم الواقعية، بالإضافة إلى المواقف التي ينتجونها تجاه الحق، وهي جميعها مرتبطة بسلوكيات الناس المحددة وتدفقاتهم المحددة. ومن ثم، بناءً على سلوكيات الإنسان المختلفة، قدَّمت القليل من الطرق المحددة وخطوات الممارسة فيما يخص مسار السعي إلى الحق. هل يتضح لك كل شيء؟ (نعم). هل يتضح فعلًا؟ لماذا لا تقول شيئًا إذًا؟ يبدو أنه لا يزال غير واضح لك وأنه يوجد المزيد الذي نحتاج إلى إقامة الشركة بخصوصه.
السعي إلى الحق هو أروع الأشياء في الإيمان بالله. ما معنى السعي إلى الحق؟ عندما يتعلق الأمر بمسألة السعي إلى الحق، فإن جميع إظهارات الناس تكشف العديد من مشكلاتهم وصعوباتهم، ويمتلك الناس جميع أنواع التبريرات والأعذار لعدم السعي إلى الحق، فالعوائق هائلة للغاية. نظرًا للصعوبات المختلفة لدى الناس، فإنهم يبدون مضغوطين للغاية ومرتبكين عندما يتعلق الأمر بالسعي إلى الحق، ويعتقدون أنه في غاية الصعوبة. أما السؤال نفسه "ما معنى السعي إلى الحق؟" فهو في الواقع سؤال سهل الإجابة عنه، فلماذا لا يستطيع الناس السعي إلى الحق؟ ما السبب؟ يتفاخر كل واحد بالضمير والعقل، وبإيمانه الفعلي بالله، وبقدرته على أداء واجبه، وباستعداده للمعاناة ودفع الثمن. فكيف يكون الحال أنهم عاجزون عن السير في طريق السعي إلى الحق مع وجود هذه السلوكيات الجيدة أساسًا لهم؟ إنهم يتمتعون بمثل هذه الإنسانية الصالحة والنزاهة والسمعة الطيبة، ولديهم إرادتهم وتطلعاتهم ورغباتهم في سعيهم، ولديهم مجهوداتهم الذاتية ورغبتهم في تحمُّل المشاق وموقف دفع الثمن، ولديهم موقفهم النشط والإيجابي والمتفائل المتمثل في التوق إلى قبول الحق. ومع وجود هذه الأشياء كأساس لهم، كيف لا يتأهلون للسعي إلى الحق؟ لماذا لا يستطيعون تحقيق السعي إلى الحق؟ أين يكمن أصل المشكلة؟ (الإنسان لا يحب الحق وقد سئم منه بطبيعته). تلك إجابة دقيقة. السبب الأساسي هو أن الناس لديهم شخصيات فاسدة. وشخصية الإنسان الفاسدة تأتي من الشيطان، وأي شيء من الشيطان يعادي الله والحق. ولذلك، فإن مطالبة الناس بالسعي إلى الحق تعادل مطالبتهم بالتخلي عن حياتهم وسماتهم الفطرية وطريقتهم الفطرية في سعيهم ونظرتهم إلى الحياة. إنهم يجدون صعوبة في التخلي عن هذه الأشياء الخاطئة ونبذ تفضيلاتهم الجسدية، وفي المقابل طلب كلام الله والحق وممارسته. هذا ما تمقته أجسادهم، فهم يفتقرون إليه بل ويحتقرونه ويكرهونه ويرفضونه. إن مطالبتك بالسعي إلى الحق تعادل مطالبتك بالتخلي عن حياتك الفطرية. أليس ذلك هو نفسه مطالبتك بالتضحية بحياتك؟ (بلى). أنت تضحي بحياتك. هل يضحى الناس بحياتهم طواعيةً من أجل الأشياء؟ (لا). إنهم يقولون في أعماق قلوبهم: "لن أفعل ذلك" مئات وآلاف المرَّات بل وعشرات آلاف المرَّات. "لن أفعل ذلك". مهما كان الأمر، يصعب على الناس التخلي عن الأشياء الشيطانية الفطرية التي يمتلكونها. هذه حقيقة، وقد اختبرتموها اختبارًا عميقًا وفعليًا. لا يرغب الناس من أعماق قلوبهم في التخلي عن الجسد أو التخلي عن حياتهم، فطبيعة حياتهم وجوهرها من الشيطان. ولا يرغب الناس في التخلي عن صفاتهم الشيطانية الفطرية أو طبيعتهم الشيطانية للسعي إلى الحق. ولذلك، فيما يخص أولئك الذين لديهم طبائع شيطانية ويعيشون وفقًا لشخصيات شيطانية، فإن محبة الحق والسعي إليه يتعارضان مع إرادتهم، وهم مترددون في فعل ذلك. ما السبب الجذري لهذا؟ لأن الصفات الموجودة داخل الإنسان هي صفات الشيطان، وهي في جوهرها معادية لله. ولذلك، بعد أن يكون الناس قد سمعوا الحق وفهموه، فإن أولئك الذين يحبون الحق وعلى استعداد للسعي إليه ودفع الثمن ولديهم هذه الإرادة والطموح والرغبة هم وحدهم القادرون على ممارسة الحق بمجرد أن يفهموه. إنهم وحدهم القادرون على العيش بالحق والعيش في واقعه. يوجد أناس كثيرون على استعداد لممارسة الحق، لكن طبائعهم وشخصياتهم الشيطانية تعوقهم. إنهم عاجزون عن ممارسة الحق على الرغم من أنهم قد يرغبون في ذلك. والحقيقة هي أن ممارسة الحق في الحياة الواقعية أمر صعب للغاية. من السهل مطالبتك بالتخلي عن ملابسك ومجوهراتك المفضلة أو الأشياء التي تستمتع بها أو الوظيفة والمهنة اللتين تحبهما أو نقاط قوتك وهواياتك أو أي شيء من هذا القبيل. يمكنك التخلي عن أي منها، فمن السهل نبذها. أما مطالبتك بالتخلي عن جسدك وشخصيتك الشيطانية، وممارسة الحق والخضوع لله فهو أمر أصعب بكثير. ولدواعي التبسيط، فإن الأمر أشبه بإجبار بطة على عدم الحركة أو إجبار ثور على تسلُّق شجرة، فهذه الأشياء شاقة عليهما للغاية. من السهل على سنور أن يتسلق شجرة، فهذا طبيعي له. ولكن من المستحيل تمامًا أن تجعل السنور يأكل التبن بدلًا من اللحم. إذا طلبت من شخص أن يعاني قليلًا ويدفع قدرًا من الثمن ويعيش متواضعًا لبقية حياته، فذلك شيء يمكن أن يحققه أي شخص يملك الإرادة لفعل ذلك. وفي الواقع، لا توجد أي صعوبة جسدية تُشكِّل مشكلة كبيرة لشخص يؤمن حقًا بالله ويتوق إلى الحق. مثال ذلك، عدم الانغماس في الملذات الجسدية، أو تقليل عدد ساعات النوم كل يوم، أو العيش في ظروف قاسية لمدة عشرة أعوام متتالية، أو الاكتفاء بأدنى أنواع المأكل والملبس والمسكن والمواصلات. يمكن لأي شخص تحمُّل هذه المشاق والأثمان ما دامت لديه الإرادة لفعل ذلك وكان مستعدًا للسعي إلى الحق وكان يتمتع بقدر من ضبط النفس. ولكن إذا طلبت من شخص ما التخلي عن الجسد والشيطان، والتصرف تمامًا وفقًا لمتطلبات الله وعلى أساس كلامه، والممارسة وفقًا للحق وبالتالي الوصول إلى الخضوع لله، فإن أي شخص سيجد ذلك صعبًا. فذلك هو مكمن الصعوبات التي يواجهها الإنسان. ولذا، لا تبدو مسألة السعي إلى الحق كما لو كان بإمكان الناس اتخاذ قرار وتجربته، أو ممارسة ضبط النفس واتباع القواعد ثم التمكن من ممارسة الحق وامتلاكه. فالسعي إلى الحق هو الشيء الأكثر صعوبة وتعقيدًا للإنسانية الفاسدة. من أين ينشأ جذر هذه المشكلة؟ (ينشأ من شخصية الشيطان). ذلك صحيح. فشخصية الشيطان هي أعظم تحدٍ للإنسان. قد يكون المرء ضئيل المقدرة أو حاد الطباع أو واهن الشخصية، وقد لا يملك أي نقاط قوة أو مواهب أو ملكات يتحدث عنها، ولن يُشكِّل أي من هذه الأشياء تحديًا كبيرًا له. ففي النهاية، تنشأ المشكلة من شخصية الإنسان الفاسدة. فالشخصية الفاسدة تُبقي أيادي الناس وأقدامهم، وعقولهم وأفكارهم، وخواطرهم، وطريقة تفكيرهم، وأعماق أرواحهم في قبضة الموت تحت سيطرتها بحيث يصعب عليهم أن يسلكوا كل شبر على طريق السعي إلى الحق. قد يؤمن المرء بالله لمدة ثلاثة أو خمسة أعوام من دون أن يربح شيئًا، بل ويوجد بعض الناس الذين آمنوا لمدة عشرة أعوام أو عشرين أو ثلاثين عامًا ولم يربحوا منه إلا القليل. والبعض منهم لم يربح شيئًا على الإطلاق. ما أكثر أولئك الناس صفر اليدين فقرًا وبؤسًا! لقد آمنوا بالله لمدة ثلاثين عامًا لكنهم يظلون فقراء وعميانًا ولم يربحوا منه شيئًا. عندما يقعون في السلبية، فإنهم لا يعرفون كيفية الخروج منها؛ وعندما تكون لديهم حالات سوء فهم عن الله، فإنهم لا يعرفون كيفية تبديدها؛ وعندما تداهمهم الشدة، فإنهم لا يعرفون كيفية مواجهتها ولا كيفية علاج ذلك النوع من المشقة. هل يمكن علاج المشكلات باستخدام قوة الإرادة الذاتية وحدها ليكبح المرء جماح نفسه أو الاتكال على صبره للمثابرة إلى ما لا نهاية؟ ربما يخوض الناس المواقف خطوة بخطوة حتى يجتازوا ذلك، لكن شخصياتهم الفاسدة لا تزال قائمة من دون علاج. ومهما كان عدد مرَّات معاناتهم من السلبية أو حالات سوء الفهم عن الله أو كانت لديهم أفكار عن الله، أو فشلوا وسقطوا وشعروا بالضعف، فإنهم لا يزالون إلى يومنا هذا عاجزين عن تقديم أقل قدر من الشهادة الاختبارية، ولا يمكنهم أن يقولوا كلمة واحدة عن معرفتهم بكلام الله أو اختباره أو تجربته. فقلوبهم فارغة، وأعماق نفوسهم فارغة. لا يملكون فهمًا اختباريًا للحق، وليست لديهم معرفة حقيقية بكلام الله، وما أبعدهم عن معرفة عمله وشخصيته. أليسوا فقراء وعميانًا وبؤساء؟ (بلى). إذا كان الشخص لا يسعى إلى الحق، فإن إيمانه بالله لا معنى له مهما كانت مدته. لماذا يسمح الشخص لنفسه إذًا بالوصول إلى هذه المرحلة؟ أين يكمن السبب؟ تنشأ المشكلة هنا أيضًا من شخصية الإنسان الفاسدة. فهذا هو السبب الموضوعي.
لقد أوضحنا بالفعل السبب الموضوعي لعدم سعي الناس إلى الحق. والآن سنتحدث قليلًا عن السبب الذاتي. والسبب الذاتي هو أنه على الرغم من أن الناس ربما عرفوا من عمل الله وجميع كلامه أو حياتهم الفعلية أن لديهم شخصية فاسدة، فإنهم لا يقارنون أنفسهم أبدًا وفقًا لكلام الله والحق، ولا يربحون أي معرفة عن شخصياتهم الفاسدة ولا يتخلون عنها، ولا يمارسون أبدًا وفقًا لكلام الله. وعلى الرغم من أن الناس قد يبذلون وينفقون الكثير على طريق الإيمان بالله، وعلى الرغم من أنهم قد يعملون بكل جدية ويعانون كثيرًا ويدفعون أثمانًا كثيرة، فإن هذه جميعها مجرد سلوكيات خارجية. إنها لا تثبت أن المرء قد انطلق في طريق السعي إلى الحق. فالناس الذين عانوا بالأكثر هم أولئك الذين بدأوا في اتباع الله في أوائل حياتهم، وأخذوا واجباتهم على عاتقهم عندما كانوا في سن العشرين تقريبًا. والآن يبلغ عمر هؤلاء الأشخاص نحو خمسين عامًا ولا يزالون غير متزوجين. يمكنك القول إنهم كرسوا شبابهم لإيمانهم بالله وتخلوا عن العائلة والزواج. فهل ذلك ثمن عظيم؟ (نعم). لقد تخلوا عن شبابهم وضحوا بحياتهم كلها، وماذا ينتج عن ذلك؟ كان الثمن الذي دفعوه عظيمًا، لكن ما يربحونه في النهاية لا يساوي إنفاقهم أو يتوافق معه. ما المشكلة هنا؟ بناءً على الموقف والعزيمة اللذين يدفعون بهما الثمن، ومدة إنفاقهم ومقداره ودرجته، يبدو الأمر كما لو أنه ينبغي أن يفهموا الحق ويتمكنوا من ممارسته. تعتقد أنه ينبغي أن تكون لديهم شهادة وقلوب توقر الله، وأن تكون لديهم معرفة بالله، وأن يكونوا قد انطلقوا بالفعل في طريق اتقاء الله والحيدان عن الشر، وأن يكونوا قد دخلوا بالفعل في حقيقة الحق. لكن هذا مجرد استنتاج في الواقع. فهذان الشيئان لهما علاقة منطقية فقط، ولا يتوافقان مع الحقائق أو مع ما يعيشه هؤلاء الناس. ما المشكلة هنا؟ ألا ينبغي إخضاعها للتحقيق والنقاش؟ أليست هذه مشكلة تستحق التفكير العميق؟ (بلى). من بين أولئك الذين قبلوا هذه المرحلة من عمل الله لمدة عامين أو ثلاثة، فإن الناس ذوي الاختبار والشهادة ليسوا قليلين. إنهم يشهدون أن كلام الله غيَّرهم وجعلهم أناسًا صادقين، وأن كلام الله جعلهم يفهمون الحق على طريق السعي إلى الحق، وأن كلام الله عالج شخصياتهم الفاسدة وتكبُّرهم وخداعهم وعصيانهم وتوقهم إلى المكانة وطموحاتهم ورغباتهم وما إلى ذلك. يستطيع هؤلاء الناس أن يتمتعوا بالاختبار والشهادة بعد مجرد عامين أو ثلاثة من الإيمان بالله، ولديهم فهم اختباري عميق لكلام الله، ويمكنهم أن يشعروا بصدق كلامه. لماذا آمن بعض الناس بالله إذًا لمدة عشرين أو ثلاثين عامًا ودفعوا أثمانًا باهظة وعانوا كثيرًا وفعلوا الكثير لكن أعماق قلوبهم وعوالمهم الروحية تظل فارغة وجوفاء؟ غالبًا ما يشعر أناس كثيرون في مثل هذا النوع من الحالات بالتيهان. إنهم يقولون دائمًا: "أنا تائه للغاية". أما أنا فأقول: "لقد آمنتَ بالله لمدة عشرين أو ثلاثين عامًا الآن. فكيف لا تزال تائهًا؟ من الواضح أنك لم تربح شيئًا". وإلى يومنا هذا، لا يزال بعض الناس سلبيين وضعفاء. إنهم يقولون: "لقد آمنت بالله لأعوام عديدة، فماذا ربحت؟" وغالبًا عندما يكونون سلبيين وضعفاء أو عندما يُحرَمون من مكانتهم ومنافعهم أو عندما لا يُرضَى غرورهم، فإنهم يلومون الله ويندمون على إيمانهم به لأعوام عديدة. إنهم يندمون على الإيمان بكلامه في المقام الأول، ويندمون على التخلي بعزم عن عملهم وعن الزواج والعائلة، وعن فرصتهم في الالتحاق بالكلية لاتباع الله. بل ويفكر البعض منهم في ترك الكنيسة. إنهم مشحونون للغاية بمشاعر الندم على إيمانهم الآن، فلماذا تكبدوا عناء ذلك من الأساس؟ لقد آمنوا بالله لمدة عشرين أو ثلاثين عامًا، وسمعوا الكثير من الحقائق، واختبروا الكثير من عمل الله، ومع ذلك لا تزال أعماق قلوبهم فارغة، وغالبًا ما يغرقون في حالات الفوضى والارتباك والندم والنفور بل وعدم اليقين بشأن مستقبلهم، فما الذي يُسبِّب هذا؟ هل أمثال هؤلاء الناس يستحقون الشفقة؟ (لا). عندما أرى هؤلاء الناس، وكلما سمعت أخبارًا عنهم وعلمت بآخر أحوالهم، راودني هاجس بشأنهم وراودتني خاطرة عنهم. كيف تبدو حالتهم وعوالمهم الداخلية مألوفة جدًا لي؟ إنهم يبقون إلى الآن في بيت الله يؤدون واجباتهم. فما الذي يتكلون عليه؟ هل يتكلون على عقلية الخلاص بالنعمة؟ هل يتكلون على عقلية الخلاص الحتمي إذا اتبع المرء الله إلى النهاية؟ أم يتكلون على عقلية تستند على الحظ والفرصة؟ لا واحدة من هذه. ما هي إذًا؟ إنها أشبه تمامًا بما قاله بولس: "قَدْ جَاهَدْتُ ٱلْجِهَادَ ٱلْحَسَنَ، أَكْمَلْتُ ٱلسَّعْيَ، حَفِظْتُ ٱلْإِيمَانَ، وَأَخِيرًا قَدْ وُضِعَ لِي إِكْلِيلُ ٱلْبِرِّ" (2 تيموثاوس 4: 7-8). لتحليل هذا المقطع وللتعبير عنه ببساطة، فإن هذه الكلمات تتسم بإجراء تعاملات، وتنطوي على موقف وفكرة وخطة لإبرام صفقة، وتنبع من الرغبة والطموح. ما الحقيقة التي تراها في هذه الكلمات؟ ما الذي يسعى إليه الناس في إيمانهم بالله؟ (الإكليل والبركات) نعم. إنهم يسعون إلى البركات وإلى غاية صالحة. وبماذا سيقايضون مقابل هذه الغاية الصالحة والبركات؟ بماذا سيتبادلون مثل تلك الأشياء؟ (كدحهم وعملهم وتضحياتهم ونفقاتهم ومعاناتهم ودفع الثمن). باستخدام كلمات بولس، فقد جاهدوا الجهاد الحسن وأكملوا السعي. إنهم يؤمنون أنهم فعلوا كل شيء كان من المفترض أن يفعلوه، وأنهم بالتالي ينبغي أن يربحوا الغاية الصالحة والبركات التي أعدها الله للبشر. يعتقدون أنه من نافلة القول إن هذا هو ما ينبغي أن يفعله الله – وما يجب أن يفعله – وإنه إذا لم يفعل ذلك فلن يكون هو الله. من الواضح أنه لا توجد طاعة تجاه الله في هذا، ولا موقف السعي إلى الحق، ولا موقف أو خطة لأداء واجب الكائن المخلوق. إنها مجرد رغبة في مقايضة بعض الأشياء التي يمكنهم فعلها مقابل البركات التي وعد بها الله البشر. ولذلك، فإن الناس الذين تحدثنا عنهم للتو يشعرون غالبًا بفراغ في عوالمهم الداخلية، وأنه ليس لديهم ما يتكلون عليه في أعماق قلوبهم، ومع ذلك فإنهم يواصلون فعل ما كانوا يفعلونه دائمًا من جهة دفع مثل هذه الأثمان والمعاناة الشديدة مثابرين في الجهاد الحسن وإكمال السعي. على ماذا يتكلون؟ إن أقوال بولس تلك التي يتمسكون بها ويؤمنون بها جُزافًا هي التي تدعم "إيمانهم". إنهم يتكلون على طموحاتهم ورغبتهم في المكافأة ونيل الإكليل. يتكلون على أحلامهم في استخدام تبادل المعاملات للحصول على بركات عظيمة. إنهم لا يتكلون على فهم عمل الله أو على ربح الاختبار والمعرفة من السعي إلى الحق بينما يبذلون أنفسهم لله. فذلك ليس هو ما يتكلون عليه.
بالنظر إلى ما أقمنا عنه الشركة للتو، يمكن للمرء أن يرى أنه على الرغم من وجود تحديات عملية كثيرة على طريق السعي إلى الحق، بالإضافة إلى أغلال الشخصيات الفاسدة وقيودها والعديد من الصعوبات والعقبات، فإنه ينبغي على المرء أن يعتقد أنه ما دام لديه إيمان حقيقي، سوف يتمكن تمامًا من الانطلاق في طريق السعي إلى الحق عند الاتكال على إرشاد كلام الله وعمل الروح القدس. وبطرس سابقة لهذا. لا يركز أناس كثيرون في إيمانهم بالله إلا على العمل من أجل الله، ويكتفون بمجرد المعاناة ودفع الثمن، لكنهم لا يطلبون الحق أبدًا. ونتيجةً لذلك، فإنهم يفتقرون إلى المعرفة الحقيقية بعمل الله بعد إيمانهم به لمدة عشرة أعوام أو عشرين عامًا أو ثلاثين عامًا، ولا يمكنهم التحدث عن أي اختبار أو معرفة بالحق أو بكلام الله. وأثناء الاجتماعات، عندما يحاولون التحدث قليلًا عن شهادتهم الاختبارية، لا يكون لديهم ما يقولونه، كما أنهم يجهلون تمامًا ما إذا كانوا سينالون الخلاص أم لا. ما المشكلة هنا؟ هذا هو الحال مع الأشخاص الذين لا يطلبون الحق. بصرف النظر عن عدد أعوام إيمانهم، فإنهم غير قادرين على فهم الحق، فضلًا عن ممارسته. فكيف يمكن لشخص لا يقبل الحق على الإطلاق أن يدخل إلى حقيقته؟ يوجد البعض ممن لا يمكنهم رؤية هذه المشكلة. إنهم يعتقدون أنه إذا كان الناس الذين يرددون كلام وعبارات التعاليم مثل الببغاوات يمارسون الإيمان، فيمكنهم الدخول إلى حقيقته أيضًا. هل هذا صحيح؟ الناس الذين يرددون كلام وعبارات التعاليم مثل الببغاوات يعجزون بالفطرة عن فهم الحق – فكيف يمكنهم ممارسته؟ إن ما يمارسونه يبدو أنه لا يخالف الحق، ويبدو أعمالًا صالحة وسلوكيات جيدة، ولكن كيف يمكن تسمية تلك الأعمال الصالحة والسلوكيات الجيدة حقيقة الحق؟ إن الأشخاص الذين لا يفهمون الحق لا يعرفون حقيقة الحق؛ فهم يعتبرون أن أعمال الناس الصالحة وسلوكياتهم الجيدة هي ممارسة الحق. هذا أمر سخيف، أليس كذلك؟ كيف يختلف هذا عن أفكار المتدينين وأراءهم؟ وكيف يمكن حل مثل هذه المشكلات للفهم الخاطئ؟ ينبغي على الناس أولًا أن يفهموا مشيئة الله من كلامه، وينبغي أن يعرفوا معنى فهم الحق وممارسته حتى يمكنهم معرفة الآخرين وتمييزهم على حقيقتهم، وحتى يمكنهم معرفة ما إذا كانت لديهم حقيقة الحق أم لا. إن عمل الله وخلاصه للإنسان يُراد به جعل الناس يفهمون الحق ويمارسونه؛ فعندئذٍ فقط سوف يتمكن الناس من التخلص من شخصياتهم الفاسدة والتصرف وفقًا للمبادئ والدخول إلى حقيقة الحق. إن لم تطلب الحق واكتفيت فحسب بالتضحية والمعاناة ودفع الثمن لأجل الله وفقًا لمفاهيمك وتصوراتك، فهل سيُمثِّل كل شيء تفعله ممارستك للحق وخضوعك لله؟ هل سيثبت أنك غيَّرت شخصيتك الحياتية؟ هل سيُمثِّل امتلاكك للمعرفة الحقيقية عن الله؟ لا. ما الذي سيُمثِّله كل شيء تفعله إذًا؟ لا يمكن أن يُمثِّل إلا تفضيلاتك وفهمك الشخصيين وتفكيرك الحالم. وفي الأساس لن يكون إلا الأشياء التي تحب فعلها وترغب في فعلها؛ فكل شيء تفعله يرضي رغباتك وإرادتك ومُثُلك العليا فحسب. ومن الواضح أن ذلك لا يعني طلب الحق. فلا شيء من أفعالك أو سلوكياتك له علاقة بالحق أو بمتطلبات الله. وجميع أفعالك وسلوكياتك هي لنفسك؛ فأنت لا تعمل وتقاتل وتسعى إلا من أجل مُثُلك العليا وسمعتك ومكانتك. وهذا لا يجعلك مختلفًا عن بولس الذي لم يكدح ويعمل طوال حياته إلا من أجل المكافأة ونيل الإكليل والدخول إلى ملكوت السماوات. وهذا يدل بوضوح على أنك تسير في طريق بولس. يقول البعض: "أنا أكدح وأعمل عن طيب خاطر. لم أحاول إبرام صفقة مع الله". لا يهم ما إذا كنت قد حاولت بطريقة أو بأخرى إبرام صفقة مع الله، وما إذا كانت لديك في ذهنك أو موقفك نية صريحة لإبرام صفقة مع الله. فما إذا كانت لديك مثل هذه الخطة والهدف أم لا، فإنك تحاول مقايضة كدحك وعملك ومصاعبك والأثمان التي دفعتها مقابل المكافآت وإكليل ملكوت السماوات. يتمثل جوهر هذه المشكلة في أنك تحاول إبرام صفقة مع الله، لكنك لست على دراية بأنك تفعل ذلك. وبصرف النظر عن ذلك، ما دام الشخص يعاني المصاعب ويدفع الأثمان لربح البركات، فإن جوهر سعيه هو نفسه جوهر سعي بولس. بأي طريقة يتماثلان؟ كلاهما محاولتان لمقايضة سلوكيات الفرد الجيدة، أي عمله والمصاعب التي يمر بها والأثمان التي يدفعها وما إلى ذلك، مقابل بركات الله والبركات التي يعد بها للبشر. أليست هذه الأشياء في جوهرها هي نفسها؟ (بلى). إنها نفسها في الجوهر، ولا يوجد اختلاف فعلي. إذا كنت لا ترغب في السير في طريق بولس بل في طريق بطرس، وكنت ترغب في ربح رضا الله، فكيف ينبغي أن تمارس؟ لا يوجد شك: يجب أن تتعلم السعي إلى الحق. يجب أن تتمكن من قبول الحق، وكذلك دينونة الله وتوبيخه، والتهذيب والتعامل معك. يجب أن تركز على معرفة نفسك وإحداث تغيير في شخصيتك والسعي لممارسة محبة الله. ذلك هو معنى السير في طريق السعي إلى الحق والانطلاق في طريق بطرس. للسير في طريق بطرس، يجب أن تفهم أولًا ما يتطلبه الله من الإنسان والطريق الذي أشار إليه الله للإنسان. يجب أن تتمكن من تمييز طريق الإيمان بالله الذي يؤدي إلى الخلاص من الطريق الذي يؤدي إلى الهلاك والمحو. عليك أن تتأمل حقًا سبب قدرتك على السير في طريق بولس وتتأكد من نوع الشخصية التي تطلب منك السير في ذلك الطريق. ينبغي أن تُميِّز أبرز الأشياء وأوضحها التي في شخصياتك الفاسدة مثل التكبُّر أو الخداع أو الشر. وبدءًا بهذه الشخصيات الفاسدة، تأمل نفسك وحللها واربح معرفة عنها. إذا تمكنت من تحقيق معرفة حقيقية لنفسك ومن كراهية نفسك، فسوف يسهل عليك التخلص من شخصياتك الفاسدة، وسوف يسهل عليك ممارسة الحق. كيف يجب إذًا ممارسة هذا على وجه التحديد؟ دعونا نقيم شركة ببساطة عن هذا الأمر مستخدمين مثال الشخصية المتكبرة. يجب أن تركز في حياتك اليومية في جميع الأوقات على فحص نوع الشخصية المتكبرة التي انكشفت عنك عندما تتحدث وتتصرف وتتعامل مع الأمور وتؤدي واجبك وتقيم الشركة مع الآخرين وما إلى ذلك، ومهما كان الأمر المطروح أو مكان وجودك أو نوعية الظروف. يجب أن تكشف جميع التدفقات والخواطر والأفكار التي تأتي من شخصيتك المتكبرة التي تدركها ويمكنك استيعابها بالإضافة إلى نواياك وأهدافك، وعلى وجه الخصوص، رغبتك الدائمة في إلقاء محاضرات على الآخرين باستعلاء، وعدم طاعة أحد، واعتبار نفسك أفضل من الآخرين، ورفض ما يقوله الآخرون مهما كان مدى صوابهم، ومطالبة الآخرين بقبول ما تقوله والخضوع له حتى عندما تكون مخطئًا، وميلك الدائم لقيادة الآخرين، وعدم الامتثال وتقديم تبريرات عندما يهذبك القادة والعاملون ويتعاملون معك، وإدانتهم على أنهم كذبة، والإدانة الدائمة للآخرين وإعلاء نفسك، والتفكير الدائم بأنك أفضل من أي شخص آخر، والرغبة الدائمة في أن تكون شخصًا بارزًا مشهورًا، والحب الدائم للتباهي بحيث يبجلك الآخرون ويهيمون بك.... يمكنك معرفة مدى قبح شخصيتك المتكبرة من خلال ممارسة التأمل في تدفقات الفساد هذه وتحليلها، ويمكنك أن تمقت نفسك وتنفر منها وتكره شخصيتك المتكبرة أكثر. ومن ثم، سوف تكون على استعداد للتأمل فيما إذا كانت قد تدفقت منك شخصية متكبرة في جميع الأمور أم لا. القسم الأول من هذا هو التأمل فيما يتدفق من الشخصيات المتكبرة والبارة ذاتيًا في كلامك، أي الكلام المتكبر الأخرق الذي تقوله. والجزء الآخر هو التأمل في الأشياء السخيفة الخرقاء التي تفعلها أثناء التصرف وفقًا لمفاهيمك وتصوراتك وطموحاتك ورغباتك. فهذا النوع وحده من تأمل الذات يمكنه أن ينتج معرفة عن الذات. بمجرد أن تكون قد ربحت معرفة حقيقية عن نفسك، ينبغي أن تبحث عن مسارات ومبادئ الممارسة لتكون شخصًا صادقًا في كلام الله، وحينها تمارس وتؤدي واجبك وتتعارف إلى الآخرين وتتعامل معهم وفقًا للمسارات والمبادئ المشار إليها في كلام الله. عندما تمارس بهذه الطريقة لفترة ربما تكون شهرًا أو شهرين، سوف تشعر بإشراق القلب حيال ذلك، وسوف تكون قد ربحت منه شيئًا، وسوف تذوق طعم النجاح. سوف تشعر أن لديك طريقًا لتصبح شخصًا صادقًا وعاقلًا، وسوف تشعر أنك أكثر ثباتًا. على الرغم من أنك لن تتمكن بعد من التحدث عن معرفة عميقة للحق على وجه التحديد، فإنك سوف تربح قدرًا من المعرفة الإدراكية عنه، بالإضافة إلى مسار للممارسة. على الرغم من أنك لن تتمكن من التعبير عنه بوضوح في صورة كلمات، فإنك سوف تتمتع بشيء من التمييز عن الضرر الذي تلحقه الشخصية المتكبرة بالناس وكيفية تشويهها لإنسانيتهم. مثال ذلك، غالبًا ما يقول الناس المتكبرون والمغرورون كلامًا متكبرًا متهورًا ويكذبون لخداع الآخرين. إنهم يتكلمون كلامًا رنانًا ويهتفون بالشعارات ويخطبون خُطبًا سامية. أليست هذه مظاهر مختلفة للشخصية المتكبرة؟ أليس من العبث المطبق تدفق هذه الشخصيات المتكبرة؟ إذا استطعت أن تفهم حقًا أنه يجب أن تكون قد فقدت عقلك البشري الطبيعي كي تتدفق منك مثل هذه الشخصيات المتكبرة، وأن العيش ضمن شخصية متكبرة يعني أنك تعيش في ظل الشيطانية بدلًا من الإنسانية، فعندئذٍ سوف تكون قد أدركت حقًا أن الشخصية الفاسدة شخصية شيطانية، وسوف تتمكن من كره الشيطان وكره الشخصيات الفاسدة من قلبك. وفي غضون ستة أشهر أو عام من هذا الاختبار، سوف تستطيع معرفة نفسك الحقيقية. وإذا تدفقت منك شخصية متكبرة مرَّة أخرى، فستكون على دراية بها فورًا، وستتمكن من التخلي عنها ونبذها. سوف تكون قد بدأت في التغيير، وسوف تتمكن من التخلص تدريجيًا من شخصيتك المتكبرة والتعايش بشكل طبيعي مع الآخرين. سوف تستطيع التحدث بصدق ومن القلب، ولن تعود تتفوه بالأكاذيب أو كلام التكبُّر. ألن تمتلك حينها قدرًا من العقل وقدرًا من الشبه بالشخص الصادق؟ ألن تكون قد ربحت ذلك الدخول؟ هذا هو الوقت الذي سوف تبدأ فيه في ربح شيء ما. عندما تمارس الصدق بهذه الطريقة، سوف تستطيع السعي إلى الحق والتأمل في نفسك بصرف النظر عن نوع الشخصية المتكبرة التي تتدفق منك، وبعد اختبار كونك شخصًا صادقًا بهذه الطريقة لبعض الوقت، سوف تفهم تلقائيًا وتدريجيًا الحقائق وكلام الله ذات الصلة عن كونك شخصًا صادقًا. وعندما تستخدم تلك الحقائق لتحليل شخصيتك المتكبرة، سوف توجد في أعماق قلبك استنارة وإضاءة كلام الله، وسوف يبدأ قلبك في الشعور بمزيد من الإشراق. سوف ترى بوضوح الفساد الذي تجلبه الشخصية المتكبرة للناس والقبح الذي يجعلهم يعيشونه، وسوف تستطيع تمييز كل حالة من الحالات الفاسدة التي يجد الناس أنفسهم فيها عندما يتصرفون بشخصية متكبرة. وبالمزيد من التحليل، سوف ترى قبح الشيطان بشكل أوضح، وسوف تكره الشيطان أكثر. ومن ثم، سوف يسهل عليك التخلص من شخصيتك المتكبرة. عندما تصل معرفتك إلى هذا الحد، سوف تفهم كلام الله ذات الصلة والحق فهمًا شاملًا، وسوف تعرف أن كل ما يطلبه الله من الإنسان هو ما يجب أن يمتلكه الناس ذوي الإنسانية الطبيعية ويعيشونه. وعندئذٍ، لن تعود ممارسة الحق صعبة لك. وبدلًا من ذلك، سوف تؤمن أن ممارسة الحق قدّرتها السماء وأقرّتها الأرض، وأنها الطريقة التي ينبغي أن يعيش بها الإنسان. في تلك المرحلة، سوف تكون ممارستك لكلام الله والحق تلقائية وإيجابية واستباقية تمامًا، وفي الوقت نفسه سوف تحب الحق أكثر. سوف يزداد عدد الأشياء الإيجابية في قلبك، وسوف تنشأ فيه تدريجيًا معرفة حقيقية بالله. وهذا هو معنى أن تفهم الحق بصدق. سوف تكون لديك وجهة نظر ومنظور صحيحين عن جميع الأمور، وسوف تتجذر في قلبك هذه المعرفة الحقيقية وهذه الآراء الصحيحة تدريجيًا. وذلك هو معنى الدخول إلى حقيقة الحق. فهو شيء لا يمكن لأحد أن يحرمك منه أو يسلبك إياه. بعد أن تتجمع هذه الأشياء الإيجابية شيئًا فشيئًا، سوف تشعر بالإثراء الشديد في أعماق قلبك. لن تشعر فيما بعد أنه لا فائدة من الإيمان بالله، وسوف يزول الشعور الأجوف في قلبك. عندما تشعر بمدى روعة فهم الحق وترى نور الحياة البشرية، سوف ينشأ فيك الإيمان الحقيقي. وعندما تملك الإيمان لتختبر عمل الله وترى مدى واقعية السعي إلى الحق وعمليته وتحقق الخلاص، سوف تمارس كلام الله وتختبره بإيجابية واستباقية. سوف تقيم شركة عن اختبارك ومعرفتك الحقيقيين، وبالتالي تشهد لله وتساعد المزيد من الناس على معرفة قوة كلام الله والفوائد التي يجلبها الحق للإنسان. وحينها سوف يكون لديك المزيد من الإيمان لممارسة الحق وأداء واجبك جيدًا، وبذلك تكون قد خضعت حقًا لله. عندما تتحدث عن شهادتك الاختبارية الحقيقية، سوف يشرق قلبك أكثر. سوف تشعر أن لديك طريقًا أكثر لممارسة الحق، وفي الوقت نفسه سوف ترى أن لديك الكثير من النقائص وأنه توجد حقائق كثيرة ينبغي عليك ممارستها. هذه الشهادة الاختبارية ليست مفيدة وتنويرية للآخرين فحسب، بل ستشعر أيضًا أنك قد ربحت شيئًا في سعيك إلى الحق، وأنك نلت بركات الله حقًا. عندما يختبر الشخص عمل الله بهذه الطريقة إلى أن يتمكن من الشهادة له، لن يؤدي هذا الاختبار فقط إلى معرفة المزيد من الناس بشخصياتهم الفاسدة، والتخلُّص من أغلال تلك الشخصيات وقيودها ومحنتها، وتمكُّنهم من الانعتاق من قوة الشيطان، بل يمكنه أيضًا أن يمنح ذلك الشخص المزيد والمزيد من الإيمان للسير في طريق السعي إلى الحق ويجعله كاملًا. ألا يصبح مثل هذا الاختبار شهادة حقيقية؟ تلك هي الشهادة الحقيقية. هل يشعر الشخص القادر على تقديم مثل هذه الشهادة لله أن الإيمان به ممل أو تافه أو أجوف؟ بالطبع لا. عندما يستطيع الإنسان أن يشهد لله وتكون لديه معرفة حقيقية به، فإن أعماق قلبه تمتلئ بالسلام والفرح، ويشعر بالإثراء والرسوخ بدرجة مذهلة. عندما يعيش المرء في مثل هذه الحالة وهذا المجال، فمن الطبيعي ألا يجبر نفسه على المعاناة ودفع ثمن وكبح جماح نفسه. لن يجبر نفسه على قمع جسده والتخلي عن الجسد. وما سيفعله أكثر هو ربح المعرفة بشكل إيجابي عن شخصياته الفاسدة. سوف يسعى أيضًا إلى معرفة شخصية الله وما لدى الله ومن هو الله، وسوف يفهم ما يجب على المرء أن يفعله للخضوع لله وإرضائه. وبذلك سوف يفهم مشيئة الله وسط كلامه، ويجد مبادئ ممارسة الحق بدلًا من التفكير في المشاعر العابرة في داخله. مثال ذلك، عدم القدرة على كبح جماح نفسه عند حدوث الأشياء، أو حدة الطباع، أو سوء المزاج، أو الشعور بالغضب مرَّة أخرى منذ ذلك الوقت فصاعدًا، أو فعل شيء سيئ أو دون المستوى المثالي مرَّة أخرى منذ ذلك الوقت فصاعدًا، أو أي أمر تافه كهذا. لا داعي للقلق بشأن هذه الأشياء ما دامت لا تعيق ممارستك للحق. ينبغي أن تستمر في التركيز على علاج شخصياتك الفاسدة والسعي إلى كيفية الممارسة بطريقة تُرضي الله وتتوافق مع مشيئته. مارس الحق هكذا وسوف تحقق تقدمًا سريعًا في الحياة، وسوف تكون قد انطلقت في طريق السعي إلى الحق وتحقيق الكمال. لن يكون قلبك أجوف فيما بعد، وسوف يكون لديك إيمان حقيقي بالله، وسوف تكون مهتمًا أكثر بكلام الله والحق، وسوف تعتز بهما أكثر مما قبل. سوف تفهم المزيد والمزيد عن مشيئة الله ومتطلباته. عندما يصل المرء إلى هذا المستوى، يكون قد دخل بالكامل في كلام الله وحقيقة الحق.
إن ما يمارسه أناس كثيرون ويدخلون فيه الآن ليس حقيقة الحق، لكنهم يدخلون إلى نوع من الحالات يُظهرون فيها سلوكيات خارجية جيدة ويكونون على استعداد لدفع ثمن والمعاناة وبذل كل شيء. ومع ذلك، فإن أعماق قلوبهم تظل فارغة، وليس لديهم ما يدعمهم في عوالمهم الداخلية. لماذا ينقصهم الدعم؟ لأنهم يفتقرون إلى طريق يصيبهم فيه أي شيء، ويعتمدون على التفكير الحالم، وليست لديهم مبادئ ممارسة الحق. عندما تتدفق منهم شخصية فاسدة، لا يمكنهم إلا ممارسة ضبط النفس ولا يمكنهم السعي إلى الحق لعلاجها. ومن حسن حظ الناس، فإن جسدهم العتيق يتمتع بقدرة فطرية وهي قدرته على المعاناة. يوجد قول مأثور بين غير المؤمنين نصه: "لا توجد معاناة تستعصي على التحمُّل، ولكن توجد بركات لا يمكن التمتع بها". يتمتع جسد الإنسان بقدرة فطرية غريزية: فهو لا يستطيع التمتع بالكثير من البركات، لكنه يستطيع معاناة أي شيء وتحمُّله وكبح جماح نفسه. هل هذا شيء جيد؟ هل هي نقطة قوة أم عيب أو نقص؟ هل قولهم ذاك هو الحق؟ (لا). إنه ليس كذلك، وإذا لم يكن الشيء هو الحق، فهو هراء. ذلك القول مجرد كلمات جوفاء، ولا يمكنه علاج أي من مشكلاتك، ولا يمكنه علاج صعوباتك العملية. ولتحري الدقة، لا يمكنه علاج شخصياتك الفاسدة. ولذلك، لا فائدة من قوله. على الرغم من أنك قد تملك قدرًا من المعرفة به وقد تكون على دراية به واختبرته بعمق، فإنه لا يزال غير مفيد. توجد لدى غير المؤمنين أقوال أخرى أيضًا مثل: "لست خائفًا من الموت، فلماذا أخاف من العيش؟" و"عندما يحل الشتاء، ما أبعد الربيع". هذه عبارات سامية للغاية، أليس كذلك؟ إنها ملهمة وفلسفية تمامًا، أليس كذلك؟ يُسمِّي غير المؤمنين هذه الأقوال "غذاء الروح". هل تحب هذه الأنواع من الأقوال؟ (لا). لمَ لا؟ قد يقول البعض: "نحن لا نحبها فحسب، فهي ما يقوله غير المؤمنين. نحن نحب كلام الله". أي جزء من كلام الله تحبه إذًا؟ ما العبارة التي تعتبر أنها الحق؟ ما العبارة التي اختبرتها ومارستها ودخلت فيها وربحتها؟ لا جدوى من مجرد كره أقوال غير المؤمنين هذه. ربما لا تحبها، ولكن لا يمكنك تمييز جوهرها بوضوح. هل هذه الأقوال صحيحة؟ (لا). سواء كان كلام غير المؤمنين صحيحًا أم لا، فإنه لا علاقة له بالحق. وحتى لو اعتبره الناس كلامًا جيدًا وصحيحًا، فإنه لا يتوافق مع الحق ولا يمكنه الارتقاء إلى مستوى الحق. إنه في مجمله يخالف الحق ويعاديه. وغير المؤمنين لا يقبلون الحق، فلا داعي للتجادل معهم بخصوص الصواب والخطأ. فكل ما يمكننا فعله هو التعامل مع كلامهم على أنه هراء مشوش والاكتفاء بذلك. ماذا تعني كلمة "هراء"؟ إنها تعني الكلام الذي لا يُمثِّل على الإطلاق أي بنيان أو قيمة للناس أو لحياتهم أو للطرق التي يسلكونها أو لخلاصهم. فكل هذا الكلام هراء، ويمكن تسميته أيضًا بالكلام الفارغ. لا علاقة له بحياة الإنسان وموته أو بالطرق التي يسلكها، وهو هراء ليست له أي فائدة إيجابية بتاتًا. يسمع الناس مثل هذه العبارة ويعيشون حياتهم كما يحلو لهم كالمعتاد دائمًا، ومثل هذه العبارة لن تُغيِّر أي حقائق لأنها ليست الحق. فالحق وحده يبني الإنسان ويتمتع بقيمة لا حدود لها. لماذا أقول هذا؟ لأن الحق يمكن أن يُغيِّر مصائر الناس وأفكارهم ووجهات نظرهم وعوالمهم الداخلية. والأهم من ذلك، يمكن للحق تبديد شخصيات الإنسان الفاسدة، وتغيير صفات الشخص وتحويل صفاته الشيطانية إلى صفات للحق. ويمكنه أن يُحوِّل الشخص الذي يعيش بشخصياته الفاسدة إلى شخص يعيش بالحق وبكلام الله. عندما يعيش المرء حقيقة الحق ويكون كلام الله أساسًا له، ألا تتغير حياته بهذه الطريقة؟ وعندما تتغير حياة المرء، فهذا يعني أن أفكاره ووجهات نظره قد تغيَّرت، وأن نظرته ومواقفه وآرائه بخصوص الناس والأشياء قد تغيَّرت، ويعني أن موقفه ووجهات نظره بخصوص الأحداث والأشياء مختلفة عن ذي قبل. إن أقوال غير المؤمنين تلك كلها كلام فارغ وهراء. لا يمكنها علاج أي مشكلات. أليس القول الذي ذكرته للتو: "لا توجد معاناة تستعصي على التحمُّل، ولكن توجد بركات لا يمكن التمتع بها" كلامًا فارغًا لا معنى له؟ (بلى). يمكنك أن تعاني، فماذا في ذلك؟ أنت لا تعاني لربح الحق، بل تعاني للتمتع بالهيبة والمكانة. ومعاناتك ليست لها قيمة أو أهمية على الإطلاق. انظر إلى الحقائق: لقد عانيت الكثير ودفعت ثمنًا باهظًا، ومع ذلك ما زلت لا تعرف نفسك ولا تستطيع حتى فهم الخواطر والأفكار التي تنشأ من شخصيتك الفاسدة، ولا يمكنك علاجها. هل تعتقد أنك تستطيع الدخول إلى الحياة إذًا؟ هل معاناتك لها قيمة؟ ليست لها قيمة بتاتًا. أما معاناة بعض الناس فلها قيمة. فالمعاناة التي يمر بها الناس لربح الحق مثلًا لها قيمة: عندما يكون المرء قد ربح الحق، يمكنه بنيان الآخرين وإعالتهم. يعاني الكثير من الناس ويدفعون الثمن لنشر الإنجيل والمساعدة في توسيع عمل الكنيسة وبيت الله ونشر إنجيل ملكوت السماوات. يمكننا أن نرى من هذا أن من يتألم ويدفع ثمنًا لربح الحق وإرضاء الله سوف يربح شيئًا من ذلك. وهؤلاء الناس سوف ينالون رضا الله. ولكن يوجد من لا يسعون إلى الحق، وعلى الرغم من أنهم قد يبذلون أنفسهم ويعانون من أجل الله وينالون لطفه، فإن ذلك اللطف لا يتعدى كونه شفقة الله وتسامحه وانعكاسًا للفضل الذي يُظهره للإنسان، كما أنه النعمة التي يمنحها للإنسان. أي نوع من النعمة؟ القليل من البركات المادية، وليس أكثر من ذلك. هل ذلك هو ما تريده؟ هل ذلك هو هدفك النهائي من الإيمان بالله؟ لا أعتقد ذلك. فمنذ اليوم الذي آمنت فيه بالله، هل اكتفيت بتمني لطفه وحمايته والقليل من البركات المادية التي يمنحها؟ هل تلك هي الأشياء التي تريدها؟ هل هي ما تسعى إليه في إيمانك؟ (لا). هل يمكن لهذه الأشياء علاج مسألة خلاصك؟ (لا). يبدو أنكم تفكرون بوضوح تام. فأنت تفهم ما هو في غاية الأهمية وما هو مهم. وأنت غير مرتبك. إنك تعرف ما يتمتع بالأهمية وما هو ليس كذلك. ومع ذلك، يبقى أن نرى ما إذا كان بإمكانك الانطلاق في طريق السعي إلى الحق.
لا يرتبط الإيمان بالله بربح النعمة أو تسامح الله وشفقته. بماذا يرتبط إذًا؟ إنه يرتبط بالخلاص. وما علامة الخلاص إذًا؟ ما المعايير التي يطلبها الله؟ ما الذي يتطلبه الأمر للخلاص؟ علاج الشخصية الفاسدة للمرء، فهذا هو جوهر المسألة. ولذا، في نهاية المطاف وعند وضع جميع الحقائق في الاعتبار، إذا لم تُعالَج شخصيتك الفاسدة على الإطلاق مهما كان مقدار ما عانيته أو مقدار الثمن الذي دفعته أو مهما زعمت عن نفسك بأنك مؤمن حقيقي، فهذا يعني أنك لا تسعى إلى الحق. أو يمكن القول إنه نظرًا لأنك لا تسعى إلى الحق، فإن شخصيتك الفاسدة لم تُعالَج. وهذا يعني أنك لم تنطلق بتاتًا في طريق الخلاص، وأن كل ما يقوله الله وجميع العمل الذي يُجريه لخلاص الإنسان لم يحقق شيئًا فيك، ولم يؤدِ إلى أي شهادة منك، ولم يثمر في داخلك. سوف يقول الله: "نظرًا لأنك عانيت ودفعت ثمنًا، فقد منحتك النعمة والبركات والرعاية والحماية التي تستحقها في هذه الحياة وفي هذا العالم. ولكن لا نصيب لك فيما يستحقه الإنسان بعد الخلاص. لمَ هذا؟ لأنني وهبتك بالفعل ما تستحقه في هذه الحياة وفي هذا العالم، أما ما يستحقه الإنسان بعد الخلاص فلا يوجد شيء لك لأنك لم تنطلق في طريق السعي إلى الحق". أنت لست من بين أولئك الذين سوف يخلصون، ولم تصبح كائنًا حقيقيًا مخلوقًا، والله لا يريدك. لا يريد الله أولئك الذين يكتفون بالعمل والسعي والمعاناة ودفع ثمن له، والذين يؤمنون بالفعل نوعًا ما ولديهم قدر ضئيل من الإيمان ولا شيء أكثر من ذلك. يمكن إيجاد أمثال هؤلاء الناس في كل مكان داخل مجموعات من مؤمنيه. وهذا يعني أنه يوجد الكثير منهم، أي أولئك الذين يعملون ويخدمون الله، بأعداد تفوق الحصر. إذا كانوا أشخاصًا عيَّنهم الله مسبقًا واختارهم وأعادهم إلى بيت الله، فلن يكون أي منهم غير راغب في العمل وتقديم الخدمة له. لمَ هذا؟ لأنه من السهل أدائها. ولهذا السبب، يوجد أناس كثيرون يُقدِّمون الخدمة ويعملون من أجل الله. بل ويوجد أضداد للمسيح وأشرار يمكنهم فعل ذلك أيضًا مثل بولس. ألا يوجد أناس كثيرون مثل بولس؟ (بلى). إذا ذهبت إلى كنيسة ووعظت بهذه الطريقة – "ما دمت على استعداد للسعي والمعاناة ودفع ثمن من أجل الله، سوف يكون إكليل بر في انتظارك" – فهل تعتقد أن أناسًا كثيرين سوف يستجيبون لدعوتك؟ سوف يستجيب كثيرون. ولكن لسوء الحظ، فإن هؤلاء في النهاية ليسوا الأشخاص الذين سوف يُخلِّصهم الله أو الذين يمكن أن يخلصوا. فأمثال هؤلاء الناس يتوانون في مرحلة تقديم الخدمة وليسوا على استعداد إلا لخدمة الله. وهذا يعني أن هؤلاء الناس ليسوا على استعداد إلا لمقايضة تعبهم للحصول على غنى الله ونعمته وبركاته. إنهم لا يرغبون في تغيير أساليب بقائهم على قيد الحياة أو طرق عيشهم أو الأساس الذي يعتمدون عليه للبقاء على قيد الحياة. ولا يريدون قبول دينونة الله وتوبيخه لتغيير شخصياتهم الفاسدة أو السعي إلى الحق لنيل الخلاص. وبطبيعة الحال، يمكنك القول أيضًا إن هؤلاء الناس ليسوا على استعداد إلا للمعاناة ودفع الثمن، وإنهم ليسوا على استعداد إلا للتخلي عن كل ما لديهم وتقديمه، وإنهم ينفقون كل ما في وسعهم مهما كانت التكلفة، وإنهم مستعدون للتعب بأي طريقة ممكنة. ولكن إذا طلبت منهم أن يعرفوا أنفسهم، ويقبلوا الحق، ويعالجوا شخصياتهم الفاسدة، ويتخلوا عن الجسد، ويمارسوا الحق، ويتركوا شرَّهم، ويعودوا إلى الله كما فعل أهل نينوى، ويراعوا كلامه ويعيشوا وفقًا لكلامه، فسوف يكون الأمر صعبًا للغاية عليهم. أليس كذلك؟ (بلى). أليس هذا مزعجًا تمامًا؟ لقد أدى الله الكثير من العمل وتكلم كلامًا كثيرًا، فلماذا يشعر الناس أن السعي إلى الحق في غاية الصعوبة؟ لماذا يكونون دائمًا غير مبالين تجاهه؟ ليست لديهم نية للتغيير إلى الآن حتى بعد سماع العظات لأعوام. إنهم لم يتوبوا مطلقًا إلى الله بصدق في أعماق قلوبهم، ولم يعترفوا قط أو يقبلوا حقيقة أن لديهم شخصيات فاسدة. وفي آرائهم عن الأشياء والأفعال، لم يتخلوا قط عن آرائهم الخاصة ولم يسعوا إلى الحق. إنهم لا يتعاملون مع كل أمر بموقف ينقض وجهات نظرهم وموقف التوبة إلى الله. ولذلك، يوجد أناس عديدون اختبروا الكثير وأدوا الكثير من العمل وظلوا في واجباتهم لفترة طويلة، لكنهم ما زالوا عاجزين عن تقديم أي شهادة. ليست لديهم أي معرفة أو اختبار بكلام الله إلى الآن، وعندما يتحدثون عن اختبارهم ومعرفتهم بكلام الله، فإنهم يشعرون بالحرج والعجز الشديدين، ويبدون في غاية السخف. وسبب هذا هو أنهم ليست لديهم معرفة بالحق أو أنهم غير مهتمين به. ومن ناحية أخرى، فإن التعب بسيط وسهل للغاية. ولذا، فإن الجميع على استعداد لتقديم الخدمة لله، لكنهم لا يختارون السعي إلى الحق.
والآن، بقول ذلك، ماذا يعني السعي إلى الحق بالضبط؟ لقد قلنا الكثير. ألا ينبغي أن نحدد معنى السعي إلى الحق؟ هل يمكنكم تعريفه؟ ينبغي أن يكون تعريفًا بسيطًا جدًا، أليس كذلك؟ هل سيأتي إليكم إذا اكتفيتم بتأمل الكلام والتفكير فيه ودراسته؟ قد يقول البعض: "السعي إلى الحق موضوع كبير. لا يمكن التعبير عنه بوضوح بمجرد بضع عبارات. لا أعرف ما يجب قوله عنه. ما الكلمات التي يمكن أن تصفه؟ السعي إلى الحق أمر عظيم، ولا شيء إلا الكلمات السامية يمكنه وصفه وتعريفه كما يليق. تلك هي الطريقة الوحيدة لإثارة إعجاب الجميع حقًا!" هل تعتقدون أن هذا هو ما يجب أن يكون عليه الأمر؟ (لا). عرِّف السعي إلى الحق إذًا بلغة الحياة اليومية. (السعي إلى الحق يعني استخدام الحق لعلاج شخصيتنا الفاسدة). هل يُعتبر ذلك تعريفًا؟ هل تتوصل إلى استنتاج بهذا؟ هل من السهل تعريف السعي إلى الحق؟ إن تعريفه ليس مهمة سهلة، فأنت تحتاج إلى بذل بعض الجهد للتفكير فيه. ما معنى السعي إلى الحق؟ دعونا نحاول تعريفه. إن أفضل ما في اللغة البشرية جميعها هو ما يتسم بالبساطة والدارجة والواقعية. لن نتحدث بلغة غريبة أو ببعض الكلمات السامية. سوف نتحدث باللغة اليومية للناس العاديين بطريقة فصيحة ودارجة وسهلة الفهم حتى يتمكن الناس من فهم ما نقوله فورًا. بصرف النظر عن القاصرين أو السذج أو المرضى العقليين العاجزين عن الفهم، فإن أي شخص بالغ يفكر تفكيرًا طبيعيًا سوف يتمكن من فهم اللغة التي نستخدمها بمجرد سماعها. وهذا ما يعنيه أن تكون اللغة دارجة، وهي ما تُسمَّى لغة الحياة اليومية. إذًا، ما معنى السعي إلى الحق؟ أن ينظر المرء إلى الناس والأشياء وأن يتصرف ويعمل كليًّا بناءً على كلام الله ووفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا للمرء، فهذا هو معنى السعي إلى الحق. ذلك هو ما يبدو عليه التعريف الدقيق للسعي إلى الحق. سؤال: ما معنى السعي إلى الحق؟ جواب: أن ينظر المرء إلى الناس والأشياء وأن يتصرف ويعمل كليًّا وفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا للمرء. ذلك هو تعريف السعي إلى الحق. إنه بسيط، أليس كذلك؟ قد يقول بعضكم: "لقد كنت تقيم شركة طوال هذا الوقت عن معنى السعي إلى الحق في حين أن تعريفه مجرد جملة واحدة. هل هو بتلك البساطة؟" نعم، إنه بهذه البساطة. إنه تعريف بسيط، لكنه يتطرق إلى العديد من الموضوعات ذات الصلة، وتلك الموضوعات ذات الصلة تتطرق جميعها إلى موضوع السعي إلى الحق. تشمل هذه الموضوعات صعوبات الإنسان، وخواطره ووجهات نظره، بالإضافة إلى جميع الأعذار والمبررات والأساليب والمواقف التي لا تُعد ولا تُحصى لدى الإنسان تجاه السعي إلى الحق. يوجد أيضًا موضوع مقاومة الإنسان للسعي إلى الحق ورفضه فعل ذلك، وهذا ما ينتج عن شخصيات الإنسان الفاسدة. وبالطبع، فإن الأشياء التي أخبرتك عنها – أي المسارات والخطوات المتعددة للسعي إلى الحق، والطريقة التي يسعى بها المرء إلى الحق، والنتائج التي تتحقق من خلال السعي إلى الحق، وحقيقة الحق التي يمكن أن تظهر في الناس الذين يعيشونه – تتطرق أيضًا إلى موضوع السعي إلى الحق. والنتيجة النهائية لهذا هي الشهادة الاختبارية لكلام الله وعمل الله لخلاص الإنسان والتي تنشأ عندما يسعى الناس إلى الحق ويمارسون كلام الله ويختبرونه. فهذه هي النتيجة الأعظم. من سمات مثل هذه الشهادة أنها تشهد لنتائج عمل الله، ومن السمات الأخرى أنها تشهد للآثار الإيجابية التي يمكن رؤيتها في الناس الذين سعوا إلى الحق، وهي أن شخصياتهم الفاسدة قد عولجت بدرجة أكبر أو أقل. ومثال ذلك، فإن الشخص الذي اعتاد أن يكون متكبرًا للغاية وكان متعسفًا ومتهورًا وكان يتصرف كما يشاء يتعلم من خلال قراءة كلام الله أن هذه شخصية فاسدة، ثم يمضي في قبول هذا والاعتراف به. إنه يتعرف تدريجيًا على الضرر الذي تُسبِّبه هذه الشخصية الفاسدة للآخرين ولنفسه: فهي من منظور أضيق ضارة بالناس، ومن منظور أوسع تزعج عمل الكنيسة وتعطله وتضره. هذا جزء من النتائج، وهو شيء يتعلمه الإنسان عندما يفهم كلام الله. بالإضافة إلى ذلك، بناءً على إعلان كلام الله، فإنه يعترف بشخصيته الفاسدة، وبعد ذلك في المواقف التي يرتبها الله، يتوب تدريجيًا ويتخلى عن أنماط حياته وآفاق سلوكه وأفعاله التي كان يتمسك بها سابقًا. إنه يجد مبادئ ومسارات للممارسة في كلام الله ويتعامل مع الأمور وفقًا لمبادئ الممارسة التي منحه الله إياها. وهذه توبة حقيقية وتغيير حقيقي لحياة المرء، فهو يستطيع السلوك والتصرف بناءً على كلام الله، وفي النهاية يسعى إلى مبادئ الحق كلما تصرَّف، ويعيش جزءًا من حقيقة اتخاذ كلام الله أساسًا له. وهذا مثال على علاج شخصية متكبرة. والنتيجة النهائية التي تتحقق من هذا هي أن هذا الشخص لا يعود يعيش في التكبُّر، لكنه بدلًا من ذلك يتمتع بالضمير والعقل ويتمكن من السعي إلى مبادئ الحق ويخضع بالفعل للحق. لم يعد ما يمارسه ويعيشه خاضعًا لشخصيته الفاسدة، لكنه بدلًا من ذلك يتخذ الحق معيارًا له ويعيش حقيقة كلام الله، وتلك هي النتيجة. ألا تتحقق هذه النتيجة بالسعي إلى الحق؟ (بلى). هذا هو نوع النتيجة التي يحققها السعي إلى الحق لدى المرء. وفي نظر الله، فإن العيش بهذه الطريقة شهادة حقيقية له ولعمله، فهو نتيجة تتحقق عندما يخضع الكائن المخلوق للدينونة والتوبيخ وكشف كلام الله. إنها شهادة حقيقية، وهذا شيء مجيد في نظر الله. أما بالنسبة للإنسان، فهذا بالطبع ليس شيئًا مجيدًا، إذ لا يمكن إلا أن يُسمَّى شيئًا جليلًا ويدعو للافتخار، وهو الشهادة التي يجب أن يمتلكها الكائن المخلوق ويعيش وفقًا لها بعد اختبار عمل الله. إنه تأثير إيجابي يتحقق في الشخص الذي يسعى إلى الحق. كما أن الله ينظر بعين الاعتبار لهذا الاختبار والمعرفة وما يعيشه هؤلاء الناس كنتائج يحققها عمله. إنه يعتبر أن هذه شهادة تنتقم بقوة ساحقة من الشيطان. وهذا ما يحبه الله ويُقدِّره.
لقد عرَّفنا للتو معنى السعي إلى الحق. من خلال هذا التعريف، هل تقترب وجهة نظركم لمعنى السعي إلى الحق من الواقع؟ (نعم). الآن وبعد أن عرَّفنا السعي إلى الحق بطريقة تفهمونها، كيف ينبغي أن تنظروا إلى مساعيكم السابقة؟ من الممكن أن الغالبية العظمى منكم لا تسعى إلى الحق. قد يكون سماع هذا مزعجًا بعض الشيء لكم، أليس كذلك؟ اقرأوا التعريف مرَّة أخرى. (ما معنى السعي إلى الحق؟ جواب: أن ينظر المرء إلى الناس والأشياء وأن يتصرف ويعمل كليًّا وفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا للمرء). يمكنكم الآن أن تقولونه بدقة. على أساس مزيد من الدراسة، هل هذا صحيح؟ (نعم). إذا قستم مساعيكم وممارساتكم السابقة بناءً على هذا التعريف، فماذا ستكون النتيجة؟ سوف تتمكنون من معرفة ما إذا كنتم تمتلكون حاليًا حقيقة الحق أم لا، وسوف تتمكنون من التحقق مما إذا كان سلوككم الحالي هو السعي إلى الحق. هذه ليست طريقة مجردة للتعبير عن الأمر، أليس كذلك؟ إنها لغة دارجة، أليس كذلك؟ (بلى). إنها لغة عادية يمكن لأي شخص عادي أن يفهمها. وعلى الرغم من أنه قد يبدو من السهل جدًا فهمه، فإن الناس لديهم مشكلة. ما المشكلة؟ أنهم يشعرون بالضيق والانزعاج بمجرد أن يفهموا التعريف. لماذا هم منزعجون؟ لأنهم يشعرون أن معاناتهم الماضية والأثمان التي دفعوها قد أدينت، وأنهم قدموها عبثًا، وهذا يجعلهم يشعرون بالغضب. سوف يقول بعض الناس بعد سماع هذا: "ذلك إذًا هو تعريف السعي إلى الحق. إذا طبقنا ذلك التعريف، ألم تُهدَر جميع الأثمان التي دفعناها وجميع نفقاتنا السابقة؟ لو لم تضع تعريفًا لمعنى السعي إلى الحق، لكنا قد واصلنا التفكير بأننا على ما يرام في مساعينا. أما الآن وقد قدَّمت له هذا التعريف، ألم تُهدَر جميع مساعينا والأثمان التي دفعناها؟ ألم تتحطم جميع أحلامنا في نيل الإكليل والمكافأة؟ عندما نفهم الحق، ينبغي أن ننال البركة وأن تتحقق أحلامنا، فلماذا نُدان الآن بعد أن فهمنا الحق؟ لماذا نعيش يائسين في الظلمة؟ لقد أدينت ماضياتنا وحاضراتنا ومن المستحيل معرفة ما سيكونه المستقبل. يبدو أنه ليس لدينا رجاء في البركة". هل ذلك هو الحال؟ هل يصح أن يفكر الناس في الأمر بهذه الطريقة؟ (لا). هل ينبغي إذًا أن يفكر الناس في الأمر بهذه الطريقة؟ (لا). ينبغي ألا يفعلوا ذلك. ولكن يوجد شيء واحد جيد في هذا: يمكنك أن تقرأ تعريف السعي إلى الحق هذا بروح الصلاة مرارًا وتكرارًا ثم تلقي نظرة على ماضيك وتنظر إلى حاضرك وتتطلع إلى مستقبلك. قد تشعر بالضيق، لكن ذلك الشعور يعني أنك لست فاقدًا للحس. فأنت تعرف التفكير في ماضيك وحاضرك ومستقبلك، وتعلم وضع خطط لآفاقك والتفكير فيها والقلق بشأنها والشعور بالغضب فيما يخصها. وذلك أمر جيد. إنه يثبت أنك ما زلت على قيد الحياة، وأنك شخص حي، وأن قلبك لم يمت. أما ما يثير القلق فهو أن يظل الشخص غير مبال مهما كان ما يقال له أو مهما كان وضوح إقامة الشركة معه عن طريق السعي إلى الحق. إنه يقول لنفسه: "هذه هي طبيعتي. فمن يهتم بما إذا كنت أنال البركة أو تصيبني كارثة؟ أصدر دينونتك واحكم عليَّ وافعل ما تريد!" إنه لا يبالي بالأمر بصرف النظر عما يقال له. وذلك يُسبِّب المتاعب. ماذا أقصد بالمتاعب؟ تعني أنه مهما أقمت شركة معه عن الحق، فإنه لن يفهمها؛ فهو شخص ميت منعدم الروح. ليست لديه فكرة عن أمور مثل الإيمان بالله أو السعي إلى الحق أو الخلاص أو عمل الله لخلاص الإنسان، فهو لا يفهم مثل هذه الأشياء. والأمر أشبه بمحاولة تعليم الغناء لشخص مصاب بصمم النغمات الصوتية أو تعليم مزج الألوان لشخص مصاب بعمى الألوان، فهذا ليس ممكنًا. وإقامة الشركة عن هذه الأشياء تخلو من أي معنى أو قيمة له لأنه مهما كان ما تقوله، سواء كان عميقًا أو سطحيًا، وسواء كان محددًا أو عموميًا، فإنه لن يُحدث أي فرق، ولن يشعر بأي شيء على أي حال. إنه مثل أعمى يرتدي نظارات، إذ لا يوجد أي تأثير على بصره سواء ارتدى تلك النظارات أم لا. يقول بعض الناس غالبًا: "عندما يحل الشتاء، ما أبعد الربيع" و"لست خائفًا من الموت، فلماذا أخاف من العيش؟" و"إني أشير بيدي فلا تمر سحابة واحدة من دون إذني". هذه جميعها كلمات لأناس أموات لا روح لهم يعتقدون أنهم ماهرون للغاية. وللتعبير عن ذلك بمصطلحات روحية، فإنهم يفتقرون إلى الفهم الروحي. أولئك الذين يفتقرون إلى الفهم الروحي هم أناس أموات، حتى وإن كانوا أحياء. هل يستطيع الموتى فهم كلام الأحياء؟ إنهم يقولون: "ما علاقتي بهذا الكلام كله عن السعي إلى الحق ووجهات نظر المرء عن الناس والأشياء وسلوك الفرد وأفعاله؟ "لست خائفًا من الموت، فلماذا أخاف من العيش؟" من يفكر هكذا انتهى أمره، فهو واحد من الموتى. وذلك هو الحال مع تعريف السعي إلى الحق. مهما كانت النوايا أو الخطط التي لديك لمسارك المستقبلي بعد قراءة هذا التعريف أو الكيفية التي سوف تتغير بها، فإن ذلك كله يعود إلى سعيك الشخصي. هذه هي الكلمات التي أريد قولها والعمل الذي أحتاج إلى فعله. لقد قلت كل ما كنت أحتاج إليه، وقلت كل ما يجب أن أقوله. إذا كنتم تحبون الحق بالفعل وكانت لديكم الإرادة للسعي إليه، فمن الأفضل أن تقبلوا تعريف السعي إلى الحق الذي قدَّمته باعتباره هدف واتجاه سعيكم عندما يتعلق الأمر بكيفية نظرتكم المعتادة إلى الناس والأشياء والتصرف وفعل الأشياء أو قبوله كمرجع حتى تتمكنوا من الدخول تدريجيًا إلى حقيقة كلام الله والحق. إذا فعلت ذلك، فعندئذٍ سوف تربح شيئًا بالتأكيد في المستقبل القريب على طريق السعي إلى الحق. قد يقول البعض: "لم يفت الأوان بعد للسعي إلى الحق". هذا غير دقيق، فإذا لم تسع إلى الحق إلا بعد انتهاء عمل الله، فسوف يكون قد فات الأوان بالفعل. كيف يمكن شرح تلك الفكرة؟ يجب أن يحدث السعي إلى الحق قبل انتهاء عمل الله. أي أن هذه العبارة صحيحة قبل أن يقرع الله على الجرس ليُظهر أن عمله قد انتهى. ولكن عندما يكون عمل الله قد انتهى ويقول: "لن أُجري بعد الآن عمل خلاص الإنسان، ولن أتكلم فيما بعد كلامًا يساعد الناس على تحقيق الخلاص أو ينطوي على خلاص الإنسان. لن أتكلم فيما بعد عن مثل هذه الأشياء"، فعندئذٍ يكون عمله قد انتهى حقًا. إذا انتظرت حتى ذلك الحين للسعي إلى الحق، فسوف يكون الوقت قد فات حقًا. وأيًا كان الأمر، إذا بدأت السعي إلى الحق الآن، فسوف يظل لديك الوقت ولا تزال لديك فرصة لنيل الخلاص. من الآن فصاعدًا، ابذل أقصى ما في وسعك لرؤية الأشخاص والأشياء تدريجيًا، والعمل والتصرف وفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا لك. جاهد لقراءة جميع كلمات الله التي تكشف شخصيات الإنسان الفاسدة وفهمها في فترة زمنية قصيرة، ومارس التأمل في نفسك ومعرفة نفسك. ففعل ذلك له فائدة كبيرة لدخولك إلى الحياة. مثال ذلك، من بين كلمات الله التي تكشف شخصيات البشرية الفاسدة، اقرأ تلك الكلمات التي تتطرق إلى شخصية أضداد المسيح. أليست تلك هي الكلمات الأكثر جوهرية؟ (بلى). وماذا ينبغي أن تفعل بهذه الكلمات كأساس لك؟ تدين نفسك؟ تلعن نفسك؟ تُجرِّد نفسك من مستقبلك ومصيرك؟ لا، بل عليك استخدامها لمعرفة شخصيتك الفاسدة. لا تحاول الهروب من هذا. فهذا منعطف يجب أن يمر به كل شخص. ماذا يعني أن كل شخص يجب أن يمر به؟ الأمر أشبه تمامًا بالكيفية التي يولد بها كل شخص لأم وأب ثم يكبر ثم يشيخ ثم يموت. فهذه منعطفات يجب أن يمر بها كل شخص واحدًا تلو الآخر. ما أهمية السعي إلى الحق؟ إنه بمثل أهمية طعام الإنسان وشرابه اليومي. لو توقفت عن الأكل والشرب كل يوم، لما تمكَّن جسدك من البقاء ولما استمرت حياتك. وتعبير "وفقًا لكلام الله" يعني أنه يجب عليك النظر إلى الناس والأشياء والتصرف وفقًا لكلام الله، مما يؤدي بدوره إلى تطلعاتك وأساليبك وممارساتك. وبالطبع، فإن تعبير "وفقًا لكلام الله" يعادل تعبير "بحيث يكون الحق معيارًا للمرء". ولذلك، في تعريف السعي إلى الحق، يكفي تعبير "وفقًا لكلام الله" بحد ذاته. لماذا يجب إضافة تعبير "بحيث يكون الحق معيارًا للمرء"؟ لأنه توجد بعض المشكلات المحددة التي لا يتناولها كلام الله. في مثل هذه الحالات، ينبغي أن تسعى إلى مبادئ الحق، وأن تنظر إلى الناس والأشياء، وأن تعمل وتتصرف ضمن تلك المبادئ. فبفعل ذلك، سوف تحقق بدرجة حاسمة الدقة المطلقة. وقبل تحقيق الدقة المطلقة، يجب على المرء أن يعرف شخصيته الفاسدة ويعترف بتدفقاته الفاسدة وجوهره الفاسد. وبعد ذلك، يجب أن يتوب بصدق، ومن ثم يُغيِّر نفسه بصدق. لا غنى عن كل من العمليات في هذه السلسلة، تمامًا مثلما يحدث عندما يأكل الشخص: يجب وضع الطعام في فمه ثم يمر عبر المريء إلى معدته، وبعدها يجري هضمه وابتلاعه. فعندئذٍ فقط يمكن أن يدخل إلى الدم تدريجيًا ويصبح التغذية التي يحتاج إليها جسمه. يسعى الناس إلى الحق ويعتبرونه معيارًا لهم، وحينها يمكنهم ممارسة الحق والعيش به والدخول إلى حقيقته. لا غنى عن أي من العمليات العادية في هذا التسلسل، فهي خطوات إلزامية يجب على كل شخص يسعى إلى الحق أن يتخذها في السعي إلى أي عنصر من عناصر الحق. قد يقول البعض: "لست بحاجة إلى تلك الخطوات والعمليات للسعي إلى الحق. سأسعى إلى الحق مباشرةً فحسب ثم أمارسه وأجعله حقيقتي". وذلك فهم تبسيطي، ولكن إذا كان بإمكانه تحقيق نتائج، فهو بالطبع طريقة أفضل. إنه يوضح أنك جمعت بالفعل قدرًا معينًا من المعرفة والنجاح بينما تتعرف بانتظام إلى شخصيتك الفاسدة، ولذلك يمكنك الاستغناء عن عمليات الفحص والمعرفة والقبول والتوبة وما إلى ذلك والانتقال مباشرةً إلى السعي إلى مبادئ الحق. ولكي ينتقل الشخص مباشرةً إلى السعي إلى مبادئ الحق، يجب أن يتمتع بقامة معينة. ماذا يعني وجود مثل هذه القامة؟ يعني أن لديه معرفة حقيقية بشخصيته الفاسدة، وأنه عندما لا يفهم الحقائق بشأن شيء ما يصيبه لن يعود بحاجة إلى معرفة نفسه أو التوبة أو إحداث تغيير عكسي في مساره. كل ما يحتاج إليه هو أن يتوصل مباشرةً إلى فهم لمبادئ الحق ثم يمضي في الممارسة وفقًا لها. فذلك يكفي. هذه ليست قامة الشخص العادي. فالشخص الذي يتمتع بمثل هذه القامة اختبر على الأقل عملية دينونة الله وتوبيخه وتأديبه واختباره له بقسوة. لقد خضع له وهو بالفعل على الطريق نحو الكمال. لا يحتاج أمثال هؤلاء الناس إلى عمليات مثل معرفة فسادهم ثم الاعتراف به والتوبة وتغيير أنفسهم. ماذا عنكم إذًا؟ هل يحتاج معظمكم إلى البدء بمعرفة أنفسكم؟ إذا كنت لا تعرف نفسك، فلن تكون مقتنعًا، ولن يسهل عليك قبول الحق، ولن تتمكن من التوبة الحقيقية. وإذا لم تتب حقًا، فهل يمكنك الخضوع للحق؟ هل يمكنك الخضوع لله؟ بالتأكيد لا، وفي تلك الحالة لن تنال الخلاص.
بعد إقامة هذه الشركة، هل لديكم الآن طريق للسعي إلى الحق؟ هل لديكم الثقة للسعي إليه؟ (نعم). ذلك جيد، فسوف يكون الأمر مقلقًا إن لم يكن لديكم أي طريق. قد يشعر بعضكم بالسلبية بعد العظة. "لا، إن مقدرتي ضئيلة. لقد استمعت للعظة ولكنني لا أستطيع فهم شيء منها. فأنا أفهم قدرًا ضئيلًا من التعاليم. يبدو أنني لا أتمتع بالكثير من الفهم الروحي. أشعر بالفتور بخصوص السعي إلى الحق. وكل ما يمكنني فعله في أداء واجبي هو التعب قليلًا. لديَّ نقائص كثيرة وأنا مليء بالشخصيات الفاسدة. أعتقد أن هذا لا يمكن تغييره. وذلك بالضبط ما سيكون عليه الأمر، إذ يكفيني مجرد كوني عامل خدمة". هل يمكن لشخص لديه أفكار سلبية كهذه أن ينطلق في طريق السعي إلى الحق؟ يبدو الأمر خطيرًا نوعًا ما، لأن هذه الأفكار السلبية تشكل عائقًا هائلًا أمام سعي المرء إلى الحق. وإذا لم يعالجها المرء، فلن يتمكن من السير في هذا الطريق مهما كان جيدًا. لقد فشل بعض الناس وسقطوا مرَّات عديدة على طريق السعي إلى الحق، وينتهي بهم الأمر بالإحباط: "هذا كل شيء، فلم أعد بحاجة إلى السعي إلى الحق. وليس قدري أن أنال البركة. ألم يقلها الله بنفسه: "هل لديك وجه إنسان يمكن أن ينال البركات؟" عندما أنظر إلى المرآة يبدو مظهري عاديًا، فعيناي فاترتان وملامحي غير متناسقة، وليس لديَّ أدنى قدر من التنقية. ومهما نظرت إلى وجهي، فإنني لا أبدو كشخص ينال البركة. إذا لم يكن الله قد عيَّن مسبقًا أن يكون الأمر كذلك، فيمكن للناس السعي بقدر ما يريدون ولن يكون ذلك مفيدًا!" انظر إلى عقلية هؤلاء الناس: كيف يمكنهم الانطلاق في طريق السعي إلى الحق مع وجود فظائع كثيرة في قلوبهم لم تُعالَج بعد؟ السعي إلى الحق أعظم أمر في الحياة، وأسوأ ما يمكنك فعله هو أن تربطه دائمًا بربح البركات. يجب على المرء أولًا أن يحسم نيته في ربح البركات. وبعد ذلك، سوف يصبح السعي إلى الحق أكثر سلاسة نوعًا ما. عندما يتعلق الأمر بالسعي إلى الحق، فإن الشيء الأهم هو عدم النظر إلى ما إذا كان يوجد أشخاص كثيرون على هذا الطريق، وعدم اتباع ما تختاره الأغلبية بل التركيز فحسب على السعي لتلبية متطلبات الله والاقتداء ببطرس. الشيء الأهم هو أن ترى الحاضر بوضوح وتعيش فيه، وأن تعرف الشخصية الفاسدة التي تتدفق منك حاليًا، وأن تسعى فورًا وحالًا إلى الحق لعلاجها بتحليلها أولًا ومعرفتها جيدًا ثم التوبة إلى الله. وعندما تتوب، فإن ممارسة الحق في غاية الأهمية، فهي الطريقة الوحيدة لتحقيق نتائج فعلية. إذا اكتفيت بالقول لله: "يا إلهي، أنا على استعداد للتوبة. أنا آسف. فقد كنت مخطئًا. سامحني من فضلك!"، واعتقدت أن هذا هو كل ما عليك فعله لربح رضا الله، فهل سينجح ذلك؟ (لا). إذا كنت دائمًا على استعداد لتقول لله: "يا إلهي، أنا آسف. فقد كنت مخطئًا"، على أمل أن يقول الله لك عندما تفعل ذلك: "لا بأس. استمر"، وإذا كنت تعيش دائمًا في هذا النوع من الظروف، فلن تتمكن من الدخول إلى الحق. كيف ينبغي أن تصلي وتتوب إلى الله إذًا؟ هل يوجد طريق؟ كل من لديه اختبار عن هذا يمكنه التحدث قليلًا عنه. لا أحد؟ يبدو أنكم بطبيعة الحال لا تصلون صلوات التوبة أبدًا ولا تعترفون بخطاياكم وتتوبون إلى الله. ولذلك، كيف ينبغي أن تتخلوا عن رغباتكم ونواياكم؟ كيف ينبغي علاج فسادك؟ هل لديك طريق للممارسة؟ مثال ذلك، إذا لم يكن لديك طريق لعلاج شخصية متكبرة، فينبغي أن تصلي إلى الله هكذا: "يا إلهي، لديَّ شخصية متكبرة. فأنا أعتقد أنني أحسن من الآخرين، وأفضل من الآخرين، وأذكى من الآخرين، وأريد أن أجعل الآخرين يفعلوا ما أقول. وهذا يخلو تمامًا من المعنى. لماذا لا أستطيع التخلي عنه رغم علمي أنه التكبُّر؟ أتوسل أن تؤدبني وتوبخني. فأنا على استعداد للتخلي عن تكبُّري وإرادتي للسعي إلى مشيئتك بدلًا من ذلك. أنا على استعداد للاستماع إلى كلامك وقبوله على أنه حياتي والمبادئ التي يجب أن أتصرف وفقًا لها. أنا على استعداد للعيش وفقًا لكلامك. أتوسل إليك أن ترشدني، وأبتهل إليك أن تساعدني وتقودني". هل يوجد موقف خضوع في هذه الكلمات؟ هل توجد رغبة للخضوع؟ (نعم). قد يقول البعض: "الصلاة مرَّة واحدة لا تنفع. عندما يصيبني شيء ما، فإنني ما زلت أعيش بشخصيتي الفاسدة، وما زلت أريد أن أكون مسؤولًا". في تلك الحالة، واصل الصلاة: "يا إلهي، أنا متكبر للغاية ومتمرد للغاية! أتوسل إليك أن تؤدبني وأن توقف فعلي للشر فورًا وأن تكبح شخصيتي المتكبرة. أتوسل إليك أن ترشدني وتقودني حتى أعيش حسب كلامك وأتصرف وأمارس حسب كلامك ومتطلباتك". امثل أمام الله أكثر في الصلاة والدعاء ودعه يعمل. كلما كان كلامك وقلبك أكثر صدقًا، زادت رغبتك في التخلي عن جسدك وعن نفسك. وعندما يطغى هذا على رغبتك في التصرف وفقًا لإرادتك، فإن قلبك سوف يُغيِّر نفسه تدريجيًا. وعندما يحدث ذلك، سوف يوجد رجاء لك لممارسة الحق والتصرف وفقًا لمبادئه. عندما تصلي، لن يقول الله أي شيء لك ولن يشير لك بأي شيء أو يعدك بأي شيء، لكنه سيفحص قلبك والنية من وراء كلامك، وسيلاحظ ما إذا كان ما تقوله صادقًا وصحيحًا وما إذا كنت تتضرع وتصلي إليه بقلب صادق أم لا. عندما يرى الله أن قلبك صادق، فإنه سيقودك ويرشدك كما طلبت وصليت إليه، وبالطبع، سوف يوبخك ويؤدبك. عندما يتمم الله ما تضرعت من أجله، سوف يستنير قلبك ويتغير نوعًا ما. وعلى العكس من ذلك، إذا كانت صلواتك وتضرعاتك إلى الله غير صادقة، ولم تكن لديك رغبة حقيقية في التوبة لكنك تحاول فقط إرضاء الله بطريقة روتينية وتخدعه بكلامك، فعندما يكون الله قد فحص قلبك لن يفعل لك شيئًا وسوف يمقتك ويرفضك. وفي ظل هذه الظروف، لن تشعر أيضًا أن الله يقول لك أي شيء أو يفعل أي شيء أو يتخذ أي إجراء على الإطلاق، لكن الله لن يُجري أي عمل فيك لأنك غير صادق في قلبك. وعندما لا يعمل الله، ماذا سيحدث؟ سوف يحدث ما كنت تقصده تمامًا. سوف يفقد قلبك الرغبة في التوبة، ولن يتغير على الإطلاق. وهكذا، في تلك البيئة وفي الحدث الذي أصابك، سوف يظل ما تفعله خاضعًا للإرادة البشرية والشخصيات الفاسدة بدلًا من أن يكون مبنيًا على مبادئ الحق. سوف تظل تتصرف وتمارس وفقًا لما تريده وترغبه. وسوف تكون آخرة صلواتك إلى الله هي نفسها كما كانت قبل الصلاة، فلن يوجد أي تغيير. ستظل تفعل ما تريد من دون أن تُغيِّر نفسك على الإطلاق. وهذا يعني أنه في عملية السعي إلى الحق تكون جهود الناس الذاتية مهمة مثل ما إذا كانوا يفهمون الحق. وفي الوقت نفسه، عندما يفهم الناس الحق ويرغبون في ممارسته لكنهم يجدون صعوبة في فعل ذلك، يجب عليهم الاتكال على الله وتقديم قلوبهم وصلواتهم الصادقة. ذلك مهم جدًا أيضًا، فجميع هذه الأشياء لا غنى عنها. إذا كان كل ما تفعله هو الصلاة إلى الله بطريقة عابرة سطحية قائلًا: "يا إلهي، لقد كنت مخطئًا. أنا آسف"، وإذا كنت سطحيًا مع الله في قلبك مثلما تكون في كلام صلاتك، فلن يُجري الله أي عمل ولن يبالي بك. وإذا قلت: "يا إلهي، أنا آسف. فقد كنت مخطئًا"، فلن يقول الله بالتأكيد:" لا بأس". نظرًا للكلمات العابرة السطحية التي قلتها لله، سوف يسألك: "بأي طريقة كنت مخطئًا؟ ماذا تنوي أن تفعل؟ هل ستتوب؟ هل ستتخلى عن شرَّك وتُغيِّر نفسك؟ هل ستتخلى عن إرادتك ونواياك ومصالحك وتسرع لتغيير نفسك؟ هل يمكنك اتخاذ قرار لتغيير نفسك؟" قد لا تسمع الله يطلب منك أي شيء أثناء حدوث هذا، ولكن إذا قلت لله: "يا إلهي، أنا آسف. فقد كنت مخطئًا"، فسوف يكون موقف الله من خلال منظوره هو كما قلت للتو: سوف يسألك مستخدمًا هذا الكلام. كيف سيسألك؟ سوف يستمر في مراقبة ما تفعله والخيارات التي تتخذها بعد أن تقول: "يا إلهي، أنا آسف. فقد كنت مخطئًا". وسوف يتطلع ليرى ما إذا كانت لديك توبة حقيقية مصدرها الاعتراف الصادق بفسادك وكرهك له. سوف ينظر الله ليرى موقفك تجاهه، وموقفك تجاه الحق، وكيفية نظرتك إلى شخصيتك الفاسدة وآرائك عنها، وما إذا كنت تنوي التخلي عن آرائك وطرقك الخاطئة. سوف ينظر في اختياراتك، وفيما إذا كنت تختار السير في طريق السعي إلى الحق، والطريقة التي ينبغي أن تتصرف بها والمبادئ التي يجب عليك التمسك بها من ذلك الوقت فصاعدًا، وما إذا كان يمكنك ممارسة الحق والخضوع لله. سوف يفحص الله كل حركة وكل نية وخيار لديك، وبينما يفعل ذلك، سوف ينظر ليرى ما إذا كانت الأشياء التي تفعلها بعد اتخاذ تلك الخيارات هي حقًا أفعال توبة وأنك تُغيِّر نفسك. فتلك هي المسألة الحاسمة.
بمجرد أن يختار الناس التوبة، كيف يمكنهم تغيير أنفسهم؟ بالتخلي عن رغباتك وخواطرك وآرائك وطرقك القديمة في فعل الأشياء لممارسة الحق والتغيير الفعلي. ذلك هو ما يعنيه تغيير نفسك بالفعل. إذا كنت تكتفي بالادعاء بأنك على استعداد لتغيير نفسك، لكنك في قرارة قلبك ما زلت متمسكًا برغباتك الخاصة ومتخليًا عن الحق ومستمرًا في طرقك القديمة، فأنت لا تُغيِّر نفسك حقًا. وإذا كان كل ما تقوله لله عندما تصلي هو: "يا إلهي، أنا آسف. فقد كنت مخطئًا"، لكنك في كل سلوكك اللاحق ما زلت تتخذ قرارات وتتصرف وتمارس وتعيش وفقًا لإرادتك الخاصة، وكنت تخالف الحق في جميع هذه الأشياء، فكيف ينبغي تعريفك من خلال منظور الله؟ أنت لم تُغيِّر نفسك. سوف يقول الله على أقل تقدير إنك لا تنوي تغيير نفسك. قد تقول لله: "يا إلهي، أنا آسف. فقد كنت مخطئًا"، لكن هذه مجرد كلمات عابرة وليست توبة واعترافًا ينبعان من أعماق قلبك. إنها لا تعكس موقف الاعتراف بالخطأ والتوبة، بل مجرد كلمات جوفاء. لا يستمع الله إلى ما تقوله، فهو ينظر إلى ما تفكر فيه وتخطط له وتدبره. وعندما يرى الله أن أساس أفعالك ومبادئها ما زال معارضًا للحق، سوف يُصدر بحقك حكمًا صادقًا وفعليًا ودقيقًا. سوف يقول: "أنت لم تُغيِّر نفسك، ولا تُغيِّر نفسك". وعندما يقول الله هذا ويصدر هذا الحكم بحقك، لن يعود يُشغِل نفسه بك. وعندما لا يُشغِل الله نفسه بك، سيكون قلبك معتمًا في الأيام التالية، وستفتقر إلى الاستنارة والإضاءة في كل ما تفعله، ولن تكون مدركًا على الإطلاق عندما تتدفق منك شخصية فاسدة ولن تُؤدَّب عليها. سوف تستمر في أن تكون بليدًا منعدم الحس، وسوف تشعر بالفراغ من دون أن يكون لديك ما تتكل عليه. والأسوأ من ذلك كله، سوف تستمر في الانغماس في سلوكك التعسفي المتهور، وسوف تواصل ترك شخصيتك الفاسدة تتضخم وتنمو من دون رقابة. ذلك هو ما سيحدث. وماذا ستكون العاقبة النهائية للشخص الذي يتصرف بهذه الطريقة؟ عندما يتخلى الشخص عن الحق، فإن العاقبة التي يجلبها على نفسه هي أن الله لن يُشغِل نفسه به. على الرغم من أن الله قد لا يقول لك أي شيء أو يشير بوضوح إلى أي شيء لك، فإنك سوف تتمكن من الشعور بذلك. بناءً على خواطرك وأفكارك وحالتك الحقيقية وموقفك من الحق، سوف يتضح أن وضعك بالإجمال وضع بلادة وانعدام للحس وعناد ومظاهر أخرى من هذا القبيل. وهذه الأشياء تنعكس في الناس. ولذلك، بعد مقارنة حياتكم الواقعية والأشياء التي تمارسونها بهذا، قد ترغبون في دراسة ما يلي أو فحصه: عندما لا تكون قد رجعت إلى الله على الإطلاق، قد تقول له الكثير من الكلمات المعسولة اللطيفة، ولكن ما نوع حالتك ووضعك عندما تفعل ذلك؟ وعندما تكون قد غيَّرت نفسك بالفعل، فعلى الرغم من أنك قد لا تصلي إلى الله بكلمات لطيفة أو معسولة بل تتحدث قليلًا من قلبك، ما نوع حالتك ووضعك حينئذٍ؟ الحالتان في غاية الاختلاف. قد لا يشير الله بوضوح إلى أي شيء للناس في حياتهم اليومية أو يتحدث إليهم بكلمات واضحة، ولكن ينبغي أن يتمكن الناس من الشعور في حياتهم اليومية بعمل الروح القدس وبكل ما يفعله الله وبكل مشيئة يرغب في التعبير عنها. وبطبيعة الحال، يمكن للناظرين اكتشاف هذه الأشياء أيضًا. فالشخص الذي كان بليدًا معتوهًا قد يصبح فجأةً ذكيًا، والشخص الذي يكون ذكيًا في العادة قد يصبح فجأةً بليدًا ومعتوهًا وعديم الجدوى. يمكن أن يحدث هذان الوضعان أو هاتان الحالتان في الوقت نفسه لدى شخص واحد أو لدى أناس مختلفين، فهذا أمر يحدث كثيرًا. ومن هذا، يمكن للمرء أن يرى أنه في حالات كثيرة لا يتعلق كون الشخص ذكيًا أو أحمق بدماغه أو خواطره أو مقدرته، لكن الله يحدد هذا. هل ذلك واضح؟ (نعم). لن تفهم هذه الأشياء أبدًا ما لم تختبرها، فسوف تعرف بمجرد أن تختبرها. وكلما تعمق اختبارك لها، كان فهمك أكثر شمولًا وتعمق تقديرك لها. تكمن مشيئة الله في أفعاله، فهو لن يعطيك إشارة واضحة عنها ولن يخبرك صراحةً عنها أو يتحدث إليك عنها، لكن هذا لا يعني أنه ليس لديه أي موقف تجاهك. وهذا لا يعني أن الله ليست لديه آراء حول أي من الخواطر أو الأفكار أو الحالات أو المواقف التي لديك. عندما يضمر شخص نواياه وخططه الشخصية عندما يصيبه شيء ما، وعندما تتدفق منه بوضوح شخصية فاسدة، فإن هذه بالضبط هي اللحظات التي يحتاج فيها إلى التأمل في نفسه وطلب الحق، كما أنها أيضًا لحظات حاسمة عندما يفحص الله ذلك الشخص. وبالتالي، فإن اللحظات الأشد كشفًا للشخص هي ما إذا كان يمكنه السعي إلى الحق وقبوله وتقديم التوبة الصادقة. ففي مثل هذه الأوقات، ينبغي أن تعترف بأن لديك شخصية فاسدة وأن تكون على استعداد للتوبة حقًا. ينبغي أن تُقدِّم إقرارًا صادقًا لله بدلًا من أن تقول له بإهمال: "يا إلهي، أنا آسف. فقد كنت مخطئًا". فالله ليس بحاجة إلى إهمالك بل إلى موقف توبة صادقة. إذا كانت لديك صعوبات، فسوف يساعدك الله ويرشدك ويقودك خطوة بخطوة في تغيير نفسك نحو طريق قبول الحق والسعي إليه. وبالطبع، إذا كانت توبتك غير موجودة إلا في صورة كلمات، أو إذا كنت تنوي التوبة وترغب في التخلي عن نواياك ورغباتك لكنك لست مخلصًا في ذلك وليست لديك الإرادة لفعل ذلك، فإن الله لن يجبرك. عندما يتعلق الأمر بالله، لا توجد "ضرورة" في موقفه تجاه الإنسان. فالله يمنحك الحرية والاختيار وينتظر. ماذا ينتظر؟ إنه ينتظر ليرى أي خيار تتخذه وما إذا كنت تنوي التوبة. وإذا كنت تنوي التوبة، فمتى ستفعل ذلك؟ وكيف ستظهر توبتك؟ إذا كنت تنوي التوبة وترغب في فعل ذلك لكنك ما زلت تحاول حماية مصالحك عندما تتصرف وما زلت لا ترغب في فقدان مكانتك، فمن الواضح أنك لست تائبًا حقًا ولست مخلصًا بخصوص ذلك. إنك ترغب فحسب في التوبة نوعًا ما، لكنك لست تائبًا حقًا. هل سيعمل الله فيك إذا كنت تنوي التوبة فحسب لكنك لست تائبًا حقًا؟ لن يفعل ذلك. سوف يقول: "متى تنوي التوبة؟" لن تعرف ذلك. هل سيسألك الله مرَّة أخرى؟ لا، فسوف يقول: "أنت إذًا لست تائبًا حقًا. سوف أنتظر فحسب". قد لا تنوي التوبة أو لا ترغب في التوبة أو التخلي عن مكانتك ومصالحك. فليكن. الله يمنحك الحرية، ويمكنك اتخاذ أي خيار تريده. لن يجبرك الله. ولكن توجد حقيقة واحدة يجب أن تراعيها مثل أهل نينوى. إذا لم تُغيِّر نفسك وتتب، فما النتيجة؟ سوف تُمحى. إذا كنت في الوقت الحالي تكتفي بنية التوبة لكنك لم تتخذ أي إجراء حقيقي تجاه التوبة، فلن يُشغِل الله نفسه بك. لماذا لن يُشغِل نفسه بك؟ يقول الله: "أنت غير صادق ولا تعلن عن موقفك ولا يزال قلبك مترددًا". قد تقول بعد لحظة من التفكير إنك على استعداد للتوبة، لكن تلك مجرد خاطرة لديك، أي إقرار أجوف من دون أي فعل أو أي خطة ملموسة. ولهذا السبب، يقول الله: "سوف أضع أمثالك جانبًا. فأنت لا تهمني. افعل ما تشاء!" عندما تقول لنفسك يومًا: "لا، فأنا أريد أن أتوب"، كيف ينبغي أن تفعل ذلك؟ لن ينخدع الله بكلامك هذا وينطلق اعتباطًا إلى العمل قائلًا: "إنه ينوي التوبة، ولذلك عليَّ الآن أن أباركه، أليس كذلك؟" لن يفعل الله ذلك. ماذا سيفعل؟ سوف يفحصك. أنت تنوي التوبة وترغب في التوبة وتنشدها أقوى نوعًا ما من ذي قبل، ولكن من يعلم كم من الوقت سيمضي قبل أن تتوب بالفعل. إن لم تكن قد اتخذت خطوات ملموسة أو لم تكن لديك خطة فعلية لممارسة التوبة، فتلك ليست توبة صادقة. ينبغي عليك اتخاذ إجراء فعلي. وبمجرد أن تتخذ إجراءً فعليًا، سيكون عمل الله هو التالي. ألا توجد مبادئ لعمل الله ومعاملته للناس؟ عندما ينطلق الله إلى العمل، يربح الشخص الاستنارة وتشرق عيناه ويتمكن من فهم الحق والدخول إلى حقيقته وتتضاعف أرباحه مائة ضعف وألف ضعف. وبمجرد أن يحدث هذا، فإنك تتبارك حقًا. ما الأساس الذي يجب أن يستند عليه الناس إذًا لتحقيق هذه الأشياء؟ (القدرة على التوبة حقًا). ذلك صحيح. فعندما يتخلى الناس حقًا عن اهتماماتهم ورغباتهم الخاصة، وعندما يتوبون فعلًا إلى الله – أي يتوقفون عن شرَّهم فورًا ويتخلون عن شرَّهم وشهواتهم ونواياهم ويعترفون لله ويقبلون متطلبات الله وكلامه – سوف يبدأون حينها في الدخول إلى حقيقة تغيير أنفسهم. وهذه وحدها هي التوبة الحقيقية.
لقد أقمنا للتو شركة عن المشكلات التي توجد كثيرًا في سياق سعي الإنسان إلى الحق، والمشكلات التي يمكن لمن يسعون إلى الحق تمييزها ومعرفتها. إنها المشكلات نفسها التي يجب علاجها. ربما لم نشرح هذه المشكلات أو نحللها كثيرًا في الماضي، وربما لم نتوصل حتى إلى أي استنتاجات واضحة عنها، ولكن فيما يخص كل خطوة من الخطوات التي يختبرها الإنسان في عملية السعي إلى الحق ومختلف السلوكيات والحالات التي تكون لديه خلال هذه العملية، فإن الله لديه كلمات وأعمال متطابقة ولديه طرق وأساليب مناسبة للتعامل معها وعلاجها. يمكن للناس اختبار قدر قليل من جميع هذه الأشياء وفهمه. ينبغي ألا يسيئوا فهم الله أو يضمروا أي مفاهيم أو تصورات عن الله لا تتناسب مع الحق. وبالإضافة إلى ذلك، يمنح الله الناس ما يكفي من الحرية والفاعلية لاتخاذ خيارات فيما يتعلق بكل خطوة وكل طريقة عمل وكل طريقة ممارسة مرتبطة بالسعي إلى الحق، فهو لا يجبر الناس. وعلى الرغم من أن هذه الكلمات والمتطلبات مطبوعة في صورة نصوص ومنطوقة بلغة واضحة ودقيقة، فإن الأمر متروك لكل شخص لاتخاذ قراره الحر فيما يخص كيفية التعامل مع هذه الحقائق. فالله لا يجبر الناس. إذا كنت على استعداد للسعي إلى الحق، فعندئذٍ يكون لديك رجاء لنيل الخلاص. وإذا كنت غير راغب في السعي إلى الحق وكنت لا تهتم بهذه الحقائق وتتجاهلها، وإذا لم تكن مهتمًا على الإطلاق بهذه الطرق لممارسة السعي إلى الحق، فلا بأس بذلك أيضًا. لن يجبرك الله. ولا بأس أيضًا إذا لم تكن على استعداد إلا للتعب من أجل الله. ما دمت لا تنتهك المبادئ، سوف يسمح لك بيت الله باتخاذ خيارك. على الرغم من أن السعي إلى الحق مرتبط ارتباطًا وثيقًا بتحقيق الخلاص ووثيق الصلة به، فإن الناس غير المهتمين بالسعي إلى الحق والذين ليست لديهم خواطر أو نية لفعل ذلك ولا أي خطط لذلك ليسوا بالقليلين. هل هؤلاء الناس مدانون إذًا؟ ليس تمامًا. إذا استوفى هؤلاء الأشخاص متطلبات بيت الله في أداء واجباتهم، فيمكنهم الاستمرار في أداء واجباتهم فيه. لن يسلب بيت الله حقك في أداء واجب نظرًا لأنك لا تسعى إلى الحق. لكن أداء المرء لواجبه بهذه الطريقة قد جرى تصنيفه إلى يومنا هذا على أنه "عمل". وكلمة "العمل" كلمة مهذبة لوصف ذلك. إنه المصطلح الذي يستخدمه بيت الله، ولكن يمكن في الواقع تسميته ببساطة "أداء عمل". قد يقول بعضكم: "عندما تؤدي عملًا فإنك تحصل على أجر مدفوع". نعم، يمكنك الحصول على أجر مقابل أداء عمل ما. ما أجورك إذًا؟ جميع النعم التي منحك الله إياها، فتلك هي أجورك. وفيما يخص السعي إلى الحق، فإن أيًا كان ما تنوي عمله أو تخطط لعمله أو ترغب في عمله، يمكنني أن أخبرك بوضوح الآن أنك حر. يمكنك السعي إلى الحق، وذلك جيد. وإذا لم تسعَ، فلا بأس بذلك أيضًا. لكن آخر شيء سأقوله لكم هو أنه لا يمكن للمرء نيل الخلاص إلا من خلال السعي إلى الحق. إذا كنت لا تسعى إلى الحق، انعدم رجاؤك في نيل الخلاص. وتلك هي الحقيقة التي أخبرك بها. يجب إخباركم بهذه الحقيقة بحيث تكون لها علامة واضحة وصريحة ودقيقة ومميزة في قلوبكم وبحيث تعرفوا بوضوح في قلوبكم الأساس الذي يستند عليه رجاء الخلاص. إذا رضيت بمجرد العمل قائلًا لنفسك: "الأمور على ما يرام إذا تمكنت فحسب من أداء واجبي ولم أتعرض للطرد من بيت الله. لست مضطرًا لإزعاج نفسي بشيء صعب مثل السعي إلى الحق"، فهل ستصمد وجهة نظرك هذه؟ على الرغم من أنك ما زلت تؤمن بالله الآن أو تؤدي واجبًا، فهل أنت واثق من أنه يمكنك اتباع الله إلى النهاية؟ مهما كان الأمر، فإن السعي إلى الحق أمر عظيم في الحياة، فهو أهم من الزواج وإنجاب الأطفال، وأهم من تربية أبنائك وبناتك، وأهم من عيش حياتك وصنع ثروتك، بل وأهم من أداء واجب والسعي وراء تكوين مستقبل في بيت الله. عند وضع جميع الأمور في الاعتبار، فإن السعي إلى الحق أهم شيء على طريق حياة الشخص. وإذا لم يكن قد نشأ فيكم بعد اهتمام بالسعي إلى الحق، فلن يصدر أحد حكمًا عليكم ويقول إنكم لن تسعوا إلى الحق في المستقبل. وأنا أيضًا لن أصدر حكمًا عليكم وأقول إنكم إذا لم تسعوا إلى الحق الآن فلن تفعلوا ذلك أبدًا في المستقبل. فذلك ليس هو الواقع. لا توجد مثل هذه العلاقة المنطقية، وهذه ليست هي الحقيقة. مهما يكن الأمر، آمل أن تتمكنوا في المستقبل القريب أو حتى في هذه اللحظة بالذات من أن تنطلقوا في طريق السعي إلى الحق وتصبحوا أناسًا يسعون إلى الحق وتُحسَبوا ضمن أولئك الذين لديهم رجاء في الخلاص.
يرتبط السعي إلى الحق ارتباطًا مباشرًا بتحقيق الخلاص، ولذلك فإن موضوع السعي إلى الحق ليس موضوعًا صغيرًا. على الرغم من أنه قد يكون موضوعًا شائعًا، فإنه يتطرق إلى الكثير من الحقائق. يرتبط هذا الموضوع في الواقع ارتباطًا وثيقًا بآفاق الإنسان ومصيره، وعلى الرغم من أننا نقيم غالبًا شركة بخصوصه، فإن الحقائق والمشكلات المختلفة التي يحتاج الناس إلى فهمها فيما يخص السعي إلى الحق ما زالت غير واضحة تمامًا لهم. وبدلًا من ذلك، فإنهم ينتهجون بطريقة مشوشة مختلف السلوكيات والطرق التي يعتبرها الناس جيدة، بالإضافة إلى بعض الخواطر والآراء التي يراها الناس فعالة ومتفائلة وإيجابية نسبيًا، ويسعون إليها على أنها الحق. وهذا خطأ فادح. توجد أشياء كثيرة يرى الناس أنها جيدة وصائبة وصحيحة، ولكنها ليست الحق عندما نتحرى الدقة. على أكثر تقدير، قد يتفق بعضها مع الحق، ولكن لا يمكن للمرء أن يقول إنها الحق. معظم الناس لديهم سوء تفاهمات عميقة بخصوص السعي إلى الحق، ولديهم عدد غير قليل من التفاهمات الخاطئة والتحيزات تجاهه. ولهذا السبب، من الضروري لنا أن نقيم شركة عن هذا الأمر بوضوح وأن نجعل الناس يفهموا الحقائق الموجودة فيه والتي يجب عليهم فهمها والمشكلات التي يجب عليهم علاجها. هل لديكم أي خواطر عن المحتوى المحدد المتعلق بالسعي إلى الحق الذي قدَّمنا شركة عنه للتو؟ هل لديك أي خطط أو نوايا؟ الآن وبعد أن قدَّمنا تعريفًا أكثر تحديدًا لمعنى السعي إلى الحق من خلال إقامة شركتنا، يشعر أناس كثيرون بشيء من الحيرة بخصوص الأشياء التي اعتادوا على فعلها وإظهارها، بالإضافة إلى ما ينوون فعله في المستقبل. إنهم مستاؤون، ويشعر بعضهم أنه ليس لديهم رجاء وأنهم معرضون لخطر الاستبعاد. إذا كان الحق قد أقيمت عنه شركة واضحة ومع ذلك يشعر الناس بالفتور، فهل حالتهم صحيحة؟ هل هذا طبيعي؟ (لا، هذا ليس طبيعيًا). إذا كنت قد سعيت إلى الحق من قبل وتلقيت تأكيدًا بخصوص ذلك من خلال الاستماع إلى هذه الشركة، أفلا تشعر بمزيد من النشاط؟ (بلى). لماذا يشعر الناس بالفتور إذًا؟ ما أصل ذلك الفتور؟ كلما أقيمت الشركة عن الحق بمزيد من الشفافية والوضوح، اتضح بالأكثر الطريق الذي يجب أن يسلكه الناس. وإن كان الطريق يتضح بالأكثر للناس، لماذا يشعرون إذًا بمزيد من الخمول؟ ألا توجد مشكلة هنا؟ (بلى). أي مشكلة؟ (إذا كان الشخص يعرف أنه من الجيد السعي إلى الحق لكنه لا يرغب في ذلك، فهذا لأنه لا يحب الحق). لا يحب الناس الحق ولا ينوون السعي إليه، ولذلك يشعرون بالفتور. وماذا عن أفعالهم السابقة؟ (إنها مدانة). كلمة "مدانة" ليست الكلمة الصحيحة تمامًا. على الأصح، لم يُعترَف بأفعالهم السابقة. ما نوع عاقبة عدم الاعتراف بأفعال المرء؟ ماذا يحدث عند عدم الاعتراف بأفعال المرء؟ ماذا يعني ذلك؟ ذلك أمر بسيط. عند عدم الاعتراف بأفعال الشخص، فهذا يدل على أنه لا يسعى إلى الحق، وأنه بدلًا من ذلك يسعى إلى أشياء يعتبرها الإنسان صحيحة وصالحة، وأنه ما زال يعيش وفقًا لمفاهيمها وتصوراتها. أليس هذا هو ما يحدث؟ (بلى). ذلك هو ما يحدث. يشعر الناس بالضيق عندما لا يعترف الله بأفعالهم. وفي مثل تلك الأوقات، ألا يكون لديهم قدر من المسار الإيجابي والصحيح للممارسة؟ هل سيكون من الصواب أن يصبح الشخص سلبيًا ويتخلى عن واجبه ويتخلى عن نفسه كأنه ميؤوس منه لمجرد عدم الاعتراف بأفعاله؟ هل ذلك هو الطريق الصحيح للممارسة؟ (لا). إنه ليس الطريق الصحيح للممارسة. عندما يصيب الشخص شيء كهذا ويكتشف مشكلاته الخاصة، عليه إحداث تغيير عكسي في طريقه فورًا. إذا اكتشفت من خلال إقامة شركتنا عن معنى السعي إلى الحق أن أفعالك وسلوكياتك السابقة لم تكن لها علاقة بالسعي إلى الحق، فإن الشيء الأول الذي يجب عليك فعله هو إحداث تغيير عكسي في طرقك وأساليبك القديمة والخاطئة في الممارسة وكذلك المسار الخاطئ لسعيك بصرف النظر عما إذا كان ذلك يزعجك أم لا. عندما يرفض الله الأفعال السابقة لبعض الناس ولا يعترف بها، وعندما يقول الله إن هذه الأفعال كانت مجرد عمل وإنه لا علاقة لها بالسعي إلى الحق، فإنهم سوف يقولون لأنفسهم: "نحن البشر حمقى وعميان بالفعل. نحن لا نفهم الحق ولا نستطيع رؤية الأشياء على حقيقتها. لقد كنا نعتقد طوال هذا الوقت أننا كنا نمارس الحق ونسعى إلى الحق ونرضي الله. ولم نعرف إلا الآن أن الأشياء التي فعلناها فيما يُسمَّى "بسعينا إلى الحق" كانت مجرد سلوكيات بشرية جيدة ومجرد أشياء يفعلها الناس بناءً على مختلف القدرات الغريزية والمقدرات والمواهب في أجسادهم. إنها بعيدة كل البعد عن جوهر السعي إلى الحق وتعريفه ومتطلباته، وهي ببساطة لا علاقة لها به. ماذا ينبغي أن نفعل بخصوص هذا؟" هذه مشكلة كبيرة وينبغي علاجها. ما طريقة علاج هذا؟ لقد طُرِحَ السؤال: بالنظر إلى أن السلوكيات والطرق التي اعتبرها الناس سابقًا جيدة قد رُفضت بشكل موحد، والله لا يتذكرها ولم يُعرِّفها على أنها السعي إلى الحق، ما هو السعي إلى الحق إذًا؟ يجب على المرء للإجابة عن هذا أن يقرأ بروح الصلاة تعريف السعي إلى الحق، وأن يجد طريقًا للممارسة من ذلك التعريف ويُحوِّله إلى حقيقة حياته. لم يمارس الناس السعي إلى الحق في الماضي، ولذلك يجب أن يتخذوا من الآن فصاعدًا تعريف السعي إلى الحق أساسًا لهم وأساسًا لتصرُّفهم. ما تعريف السعي إلى الحق إذًا؟ إنه هكذا: أن ينظر المرء إلى الناس والأشياء وأن يتصرف ويعمل كليًّا بناءً على كلام الله ووفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا للمرء. لا يمكن التعبير عن هذا بشكل أكثر وضوحًا أو صراحة. ماذا كانت جميع أفعال الإنسان السابقة وسلوكياته؟ هل كانت تتفق مع كلام الله وكان الحق معيارها؟ حاول أن تتذكر، هل كانت كذلك؟ (لا). يمكن القول إن مثل هذه الأفعال والسلوكيات نادرًا ما تحدث ولا توجد في أي مكان تقريبًا. ولذلك، هل لم يحقق الإنسان شيئًا بالفعل على الإطلاق في أعوام كثيرة من الإيمان بالله وقراءة كلامه وإقامة الشركة عن كلامه؟ ألم يمارس الناس شيئًا واحدًا وفقًا لكلام الله؟ ما الذي يستهدفه التعريف الذي تحدثنا عنه هنا: "أن ينظر المرء إلى الناس والأشياء وأن يتصرف بناءً على كلام الله ووفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا للمرء"؟ ما المشكلة التي من المفترض أن يعالجها؟ وأي من مشكلات الإنسان وأي جوانب من جوهر شخصية الإنسان يستهدفها التعريف؟ قد يفهم الناس الآن تعريف السعي إلى الحق، ولكن عندما يتعلق الأمر بأسباب عدم الاعتراف بأفعالهم السابقة وسبب تعريفها على أنها ليست السعي إلى الحق، فإن هذه الأشياء تظل غير واضحة وغير مفهومة ومبهمة بالنسبة إليهم. سوف يقول البعض: "لقد تخلينا عن الكثير منذ قبولنا باسم الله: تخلينا عن عائلاتنا وعملنا، وتركنا آفاقنا. استقال بعضنا من وظائف جيدة، وتخلى بعضنا عن عائلات سعيدة، وكان بعضنا ينعمون بوظائف رائعة رواتبها جيدة ومستقبل مشرق وتركوا كل شيء. هذه هي الأشياء التي نبذناها. ومنذ إيماننا بالله، تعلمنا أن نكون متواضعين وصبورين ومتسامحين. فنحن لا ندخل في مجادلات مع الآخرين عندما نتعامل معهم، ونبذل قصارى جهدنا للتعامل مع أي أمور تطرأ في الكنيسة، ونبذل كل ما في وسعنا لمساعدة إخوتنا وأخواتنا بمحبة كلما واجهوا أي صعوبات. نحن نتجنب إلحاق الأذى بالآخرين ونتجنب الإضرار بمصالح الآخرين قدر الإمكان. فهل هذه الأساليب لا علاقة لها حقًا بالسعي إلى الحق؟" فكر مليًا الآن: ما علاقة تنازلات الإنسان ونفقاته ومجهوداته وتسامحه وصبره وحتى معاناته؟ كيف تتحقق هذه الأشياء؟ وعلى ماذا تستند؟ ما القوة المحفزة التي تدفع الناس لفعل هذه الأشياء؟ تأمل في هذا. أليست هذه الأشياء جديرة بالتفكير العميق؟ (بلى). نظرًا لأنها جديرة بالتفكير العميق، لنستكشفها ونتحقق منها اليوم. دعونا نرى ما إذا كانت هذه الأشياء التي اعتقد الإنسان دائمًا أنها جيدة وصحيحة ونبيلة لها أي علاقة بالسعي إلى الحق أم لا.
سوف نبدأ بالنظر في تنازلات الإنسان ومجهوداته والأثمان التي يدفعها. بصرف النظر عن سياق أو بيئة هذه التنازلات والمجهودات والأثمان، من أين تأتي القوة الدافعة الرئيسية لهذه الأشياء؟ في خلاصتي، يوجد مصدران. الأول هو عندما يقول الناس لأنفسهم في أفكارهم ومفاهيمهم: "إذا كنت تؤمن بالله، فينبغي أن تتنازل وتبذل نفسك وتدفع ثمنًا له. فالله يحب أن يفعل الناس ذلك. ولا يحب أن ينغمس الناس في الراحة ويسعوا إلى الدنيويات أو عندما يظلون غير مبالين ويواصلون عيش حياتهم الخاصة بعد زعمهم بأنهم قبلوا اسمه وأصبحوا أتباعه. لا يحب الله أن يفعل الناس ذلك". هذا الفكر مؤكد من حيث الإرادة الذاتية للناس. مهما كان سبب قبول الشخص لله ولعمله الجديد، فإن إرادته الشخصية توافق على التصرف بهذه الطريقة، معتقدًا أن الله لا يحب إلا أن يتصرف الناس هكذا، وأنه لن ينال سعادة الله ورضاه إلا من خلال التصرف بهذه الطريقة. إنه يعتقد أنه ما دام الناس يكافحون بجدية ويبذلون جهدًا ويجتهدون من دون أن يطلبوا أي شيء في المقابل، وما داموا يتجاهلون السراء والضراء لدفع الثمن ومواصلة بذل الجهد ودفع الثمن والبذل وتقديم أنفسهم لله، فعندئذٍ سوف يكون الله سعيدًا بالتأكيد. وهكذا، بمجرد تصديق الشخص لهذا، فإنه يحني رأسه بلا تردد، وبصرف النظر عن كل شيء آخر، يتخلى عن كل ما يمكنه التخلي عنه، ويُقدِّم كل ما يمكنه تقديمه، ويتحمل أي معاناة يمكنه تحمُّلها. يطبق الناس هذه الأساليب، ولكن هل رفع أي منهم رأسه ليسأل الله: "يا إلهي، هل الأشياء التي أفعلها هي ما تحتاج إليها؟ يا إلهي، هل تميز نفقاتي وجهودي ومعاناتي والأثمان التي دفعتها؟" لا يسأل الناس الله عن هذا أبدًا، ومن دون معرفة رد فعل الله أو موقفه، فإنهم يواصلون بالتمني بذل الجهد وتقديم أنفسهم وبذل أنفسهم معتقدين أن الله لن يكون سعيدًا وراضيًا ما لم يعانوا بهذه الطريقة. ويتمادى بعض الناس إلى حد التخلي عن أكل الزلابية خوفًا من ألا يشعر الله بالسعادة إذا أكلوها. وبدلًا من ذلك، يأكلون خبز الذرة المطهو على البخار معتقدين أن تناول الزلابية انغماس في الرفاهية. ولا يشعرون بالطمأنينة إلا عندما يأكلون خبز الذرة المطهو على البخار، والخبز الجاف، والخضروات المخللة. وعندما يشعرون بالطمأنينة، فإنهم يعتقدون أن الله يجب أن يكون راضيًا بالتأكيد. يظنون أن مشاعرهم المتمثلة في فرحهم وحزنهم وغضبهم وسعادتهم هي مشاعر الله المتمثلة في فرحه وحزنه وغضبه وسعادته. أليس ذلك سخيفًا؟ يتعامل أناس كثيرون مع الأشياء التي يعتقد الإنسان أنها صحيحة باعتبارها الحق، ويفرضونها على الله ويصفونها بأنها متطلبات الله من الإنسان لأن ذلك هو ما يؤمن به جميع الناس. ما دام الناس لديهم مثل هذا الاعتقاد، من المحتمل والطبيعي للغاية أنهم سوف يصنفون دون وعي تلك التأكيدات والسلوكيات والطرق على أنها الحق. وبما أن الناس قرروا أن تلك الأشياء هي الحق، سوف يعتقدون أنها يجب أن تكون مبادئ الممارسة التي يجب على الإنسان الالتزام بها، وأنه إذا مارسها الشخص والتزم بها بهذه الطريقة، فإنه بذلك يمارس كلام الله ويسعى إلى الحق وبالطبع يصنع مشيئة الله. وبما أن الناس "يصنعون مشيئة الله"، ألا تكون مشاقهم جديرة بالاهتمام؟ ألا يدفعون هذا الثمن بشكل صحيح؟ أليس هذا شيئًا يرضى الله به ويتذكره؟ يعتقد الناس أن الأمر كذلك بالتأكيد. هذه هي المسافة والتمييز بين ما يعتقد الإنسان أنه "الحق" وبين كلام الله. يصنف الناس بانتظام كل شيء يتوافق في مفاهيمهم وتصوراتهم مع الشخصية الأخلاقية البشرية ويكون صالحًا ونبيلًا وصحيحًا مثل الحق، ثم يواصلون العمل والسعي للممارسة في ذلك الاتجاه بينما يطالبون أنفسهم بمطالب صارمة. إنهم يؤمنون أنهم بهذا يسعون إلى الحق، وأنهم ليسوا أدنى ممن يسعى إلى الحق، وأنهم بالطبع أيضًا يمكن أن يخلصوا. والحقيقة هي أن كلام الله والحق لا علاقة لهما بتلك الأشياء التي يعتقد الناس في مفاهيمهم أنها جيدة وصحيحة وإيجابية. ومع ذلك، حتى عندما يقرأ الناس كلام الله ويمسكونه بأيديهم، فإنهم يأخذون كل ما هو في مفاهيمهم صالح وصحيح وجميل ولطيف وإيجابي ويدافع عنه الإنسان على أنه الحق وأشياء إيجابية، ويسعون إليه بلا كلل. ولا يكتفون بمجرد مطالبة أنفسهم بالسعي إليه وتحقيقه، بل يطالبون أيضًا أن يسعى الآخرون لتحقيقه. يظن الناس بلا كلل أن الأشياء التي يراها الإنسان صالحة هي الحق، ثم يسعون وفقًا لما تتطلبه تلك الأشياء من معايير وتوجيه، وبالتالي يعتقدون أنهم يسعون بالفعل إلى الحق ويعيشون حقيقة الحق. وهذا أحد جوانب التفاهمات الخاطئة لدى الناس بخصوص السعي إلى الحق. فهذا الفهم الخاطئ هو أن الناس يعتبرون ما يؤمنون به في مفاهيمهم على أنه جيد وصحيح وإيجابي هو معاييرهم بحيث يحل محل متطلبات الله من الإنسان ويحل محل متطلبات كلام الله ومعاييره. يظن الناس أن هذه الأشياء التي يعتقدون أنها صحيحة وصالحة في مفاهيمهم هي الحق، وليس ذلك فحسب، بل ويلتزمون بهذه الأشياء ويسعون إليها أيضًا. أليست هذه مشكلة؟ إنها مشكلة في خواطر الإنسان ووجهات نظره. ماذا يحفز الناس عندما يفعلون هذه الأشياء؟ ما السبب الجذري الذي يقودهم إلى هذه الأفكار والتفاهمات الخاطئة؟ السبب الجذري هو أن الناس يعتقدون أن الله يحب هذه الأشياء، ولذلك فإنهم يفرضونها عليه. مثال ذلك، تخبر الثقافة التقليدية الناس أن يكونوا مجتهدين وموفرين، فالاجتهاد والتوفير من سمات البشر. والقول "يجب أن تتحمل معاناة كبيرة للوصول إلى القمة" سمة أخرى أشبه بالقول: "نفِّذ أوامر سيدك وإلا فلن تربح أي شيء حتى من أكثر جهودك المضنية" وغيرهما من الأفكار الأخرى. يعتقد الناس في كل سلالة وجماعة أن كل شيء يعتبرونه جيدًا وصحيحًا وإيجابيًا وفعالًا ومتفائلًا هو الحق، ويتعاملون مع هذه الأشياء على أنها الحق، ويضعونها محل جميع الحقائق التي عبَّر الله عنها. إنهم يظنون أن الأشياء التي يؤمن بها الإنسان إيمانًا راسخًا والتي هي من الشيطان هي الحق ومعايير متطلبات الله. ويشيرون إلى سعيهم نحو المُثُل والتوجيهات والأهداف التي يتخيلونها ويعتقدون أنها صحيحة. وهذا خطأ فادح. فهذه الأشياء التي تأتي من مفاهيم الإنسان وتصوراته لا تتوافق على الإطلاق مع كلام الله وتتعارض مع الحق تمامًا.
سوف أقدم أمثلة قليلة عن أناس يظنون في مفاهيمهم أن الأشياء التي يعتقدون أنها جيدة وصحيحة هي الحق، لئلا تكون هذه الفكرة مجردة للغاية وحتى تتمكنوا من فهمها. مثال ذلك: تتوقف بعض النساء عن استخدام مستحضرات التجميل والمجوهرات بعد إيمانهن بالله. إنهن يضعن مستحضرات تجميلهن ومجوهراتهن جانبًا، معتقدات أن المؤمنين بالله يجب أن يحسنوا التصرف وأنهن لا يستطعن استخدام مستحضرات التجميل أو التزين. وبعض الناس يمتلكون سيارات لكنهم لا يقودونها بل يركبون الدراجات بدلًا منها. يعتقدون أن قيادة السيارات انغماس في الرفاهية. وبعض الناس بمقدورهم أكل اللحوم لكنهم لا يفعلون ذلك معتقدين أنهم إذا أكلوا اللحوم دائمًا وجاء وقت لم تسمح لهم الظروف فيه بأكلها فسوف يصبحون سلبيين وضعفاء وسوف يخونون الله. ولذلك، فإنهم يستبقون الأمور ويتعلمون المعاناة بالامتناع عن تناولها. ويعتقد آخرون أنهم كمؤمنين بالله يجب أن يُظهِروا حسن السلوك، ولذلك يحسبون عيوبهم وعاداتهم السيئة، ويعملون بجدية لتغيير نبرة حديثهم، ويكبحون جماح أعصابهم، ويبذلون قصارى جهدهم لتنقية أنفسهم والابتعاد عن الابتذال. يعتقدون أنه بمجرد أن يؤمن الشخص بالله يجب عليه تقييد نفسه وكبح جماح نفسه، وأنه يجب أن يكون شخصًا صالحًا وحسن التصرف في نظر الآخرين. يعتقدون أنهم بفعل ذلك يدفعون الثمن ويرضون الله ويمارسون الحق. تتزين بعض النساء ويخرجن للتسوق من وقت لآخر، ويشعرن بالذنب عندما يفعلن ذلك. يعتقدن أنهن ما دمن يؤمنَّ بالله لا يمكنهن استخدام مستحضرات التجميل والتزين، ولا يمكنهن ارتداء ملابس أنيقة. يعتقدن أنهن إذا استخدمن مستحضرات تجميلهن وتزينَّ وارتدين ملابس أنيقة، فإن الله سوف يمقت ذلك ويكرهه. يعتقدن أن الله يحب البشر على فطرتهم ولا يحب الصناعة أو العلم الحديث أو أي نزعات حديثة. يعتقدن أنهن لا يسعين إلى الحق إلا إذا تخلين عن السعي وراء هذه الأشياء. أليس هذا فهمًا مشوهًا؟ (بلى). هل قرأ هؤلاء الناس كلام الله باعتناء؟ هل اعتبروا كلامه هو الحق؟ (لا). وبما أنهم لم يعتبروا كلامه هو الحق، هل يسعون إلى الحق؟ (لا). ولهذا السبب، فإن هذه الأساليب والمظاهر هي مجرد ظن الناس أن الأشياء التي يؤمنون بها في مفاهيمهم على أنها صحيحة وجيدة هي الحق، واستخدام تلك الأشياء لتحل محل الحق. إنهم يمارسون هذه الأشياء بتفاؤل، وبعد ذلك يعتقدون أنهم يسعون إلى الحق وأنهم أناس يمتلكون حقيقة الحق. مثال ذلك، يوجد أناس لم يشاهدوا برنامجًا تلفزيونيًا ولم يطالعوا الأخبار بل ولم يذهبوا للتسوق منذ إيمانهم بالله. لقد ناموا ليالٍ كثيرة على أكوام التبن وأمضوا أيامًا كثيرة بجانب أماكن إيواء الكلاب لأنهم كانوا ينشرون الإنجيل ويؤدون واجباتهم. وقد أصيبوا بالكثير من آلام المعدة بسبب تناول الطعام البارد، وفقدوا أرطالًا كثيرة من أوزانهم وعانوا الكثير بسبب قلة النوم والطعام الضئيل. إنهم يعرفون جميع هذه الأشياء جيدًا، ويحصونها واحدًا تلو الآخر. لماذا يحتفظون بمثل هذه السجلات الواضحة لهذه الأشياء؟ لأنهم يعتقدون أن هذه السلوكيات والأساليب هي ممارسة الحق وإرضاء الله، وأنهم إذا حققوا جميع هذه السلوكيات الجيدة فسوف يرضى الله بهم. وهكذا، فإن الناس لا يشتكون، بل يمارسون هذه الأشياء بلا تردد. إنهم لا يتعبون أبدًا من التحدث عنها وتكرارها وتذكُّرها، إذ تشعر قلوبهم بالشبع الشديد. ومع ذلك، عندما يواجه هؤلاء الناس تجارب الله ولا تروق لهم البيئة التي يرتبها لهم، وعندما لا يتطابق ما يطلبه منهم وأفعاله مع مفاهيمهم، فإن الأشياء التي يعتبرونها صحيحة وكذلك الأثمان التي يدفعونها وممارساتهم لن تكون لها فائدة بتاتًا. لن تساعدهم هذه الأشياء ولو بأدنى طريقة على الخضوع لله أو معرفته في البيئات التي يواجهونها. وعلى النقيض من ذلك، سوف تصبح عقبات وعوائق أمام دخولهم إلى حقيقة كلام الله والخضوع لله. وسبب هذا هو أن الناس لم يتعلموا بتاتًا أن الأشياء التي يعتقدون أنها صحيحة ليست هي الحق في الأساس، وأن ما يمارسونه ليس هو السعي إلى الحق. ما الذي يتهيأ الناس لربحه إذًا من هذه الأشياء؟ مجرد السلوك الجيد. لن يربح الناس الحق والحياة منها. ومع ذلك، فإنهم يظنون أن هذه السلوكيات الجيدة هي حقيقة الحق، ويشعرون بمزيد من العزم في تصميمهم على أن هذه الأشياء التي يعتبرونها صحيحة في مفاهيمهم هي الحق والأشياء الإيجابية، وبالتالي، فإن ذلك التصميم يتأصل في قلوبهم. وكلما ازدادت عبادة الناس لهذه الأشياء التي يعتقدون أنها صحيحة في مفاهيمهم وإيمانهم الاعتباطي بها، ازداد رفضهم للحق وابتعادهم عن متطلبات الله وكلامه. وفي الوقت نفسه، كلما ازدادت الأثمان التي يدفعها الناس، ازداد اعتقادهم بأنهم يربحون رأس المال وبأنهم مؤهلون للخلاص وتلقي وعد الله. أليست هذه حلقة مفرغة؟ (بلى). ما أصل هذه المشكلة؟ ما الجاني الرئيسي؟ (ظن الناس أن مفاهيمهم هي الأشياء الإيجابية ووضعها محل كلام الله). يضع الناس مفاهيمهم الخاصة محل كلام الله، ويضعون كلام الله جانبًا ويتجاهلونه في الأساس. أي أنهم لا يعتبرون أن كلام الله هو الحق على الإطلاق. ومن الآمن القول إن الناس بعد أن يؤمنوا بالله قد يقرؤون كلام الله، ولكن ما يسعون إليه ويختارونه ويمارسونه لا يزال قائمًا على مفاهيم الإنسان وتصوراته، وهم لم ينطلقوا في طريق الإيمان بالله بناءً على كلامه ومتطلباته. من أين تنشأ بالضبط مشكلة إيمان الناس بالله بناءً على مفاهيمهم وتصوراتهم؟ ومن أين تنشأ مفاهيم الإنسان وتصوراته؟ من أين تنبع؟ يمكن القول إنها تنبع في المقام الأول من الثقافة التقليدية ومن التراث البشري، وكذلك من تعويد العالم الديني وتأثيره. فمفاهيم الإنسان وتصوراته ترتبط ارتباطًا مباشرًا بهذه الأشياء.
ما الأشياء الأخرى التي يعتقد الناس في خواطرهم وآرائهم أنها جيدة وصحيحة وإيجابية؟ يمكنك المضي قُدُمًا وتسمية بعضها كأمثلة. يقول الناس غالبًا: "الأخيار ينعمون بحياة السلام"، و"الناس الذين بلا ذنب يسودون دائمًا" – هذان مجرد مثلين، أليس كذلك؟ (بلى). من الأمثلة الأخرى: "الخير يُجازى بالخير والشر بالشر. إن لم يكن اليوم، فهو في الطريق"، و"الإصرار على الشر يؤدي إلى دمار الذات"، و"من سيمحوه الله يقوده أولًا إلى الجنون"، و"يجب أن تتحمل معاناة كبيرة للوصول إلى القمة"، و"المساعي الأخرى ضئيلة، والسجلات تفوقها جميعًا"، وما إلى ذلك. هذا الهراء كله منفر. فأنا أشعر بالغضب الشديد عندما أسمع مثل هذه الكلمات، ومع ذلك يقولها الناس بكل سهولة. لماذا يمكنهم قول هذه الكلمات بهذه السهولة؟ ولماذا لا أستطيع أن أقولها على ما يبدو؟ إنني لا أحب هذه الكلمات، أي هذه الأقوال. وكونُها جاهزة لديكم وتخرج مباشرةً من ألسنتكم والطريقة التي تتلونها بها بسلاسة تثبت أنكم تهيمون بهذه الأشياء وتبجلونها على وجه الخصوص. أنتم تهيمون بهذه الأشياء الفارغة والخادعة والزائفة، وفي الوقت نفسه تعتبرونها شعاراتكم، كما تعتبرونها مبادئ أفعالكم ومعاييرها وأساسها. وبعد ذلك، تعتقدون أيضًا أن الله نفسه يصدّق هذه الأشياء أيضًا، وأن كلامه مجرد نهج مختلف لهذه الأفكار نفسها، وأن هذه الأشياء هي المعنى العام لكلامه: أي دعوة للناس ليكونوا صالحين. فهل هذا الرأي صحيح؟ هل هذه الأشياء هي معنى كلام الله والحقائق التي يُعبِّر عنها؟ بتاتًا، فما يعنيه الله لا علاقة له بهذه الأشياء. ولذلك، يجب على الناس إحداث تغيير عكسي في موقفهم تجاه الحق، ويجب تصحيح اعترافهم بالحق؛ مما يعني أن المعيار الذي يضعون الحق من خلاله يحتاج إلى التصحيح وإحداث تغيير عكسي له. وإلا، فسوف يصعب عليهم قبول الحق، ولن تكون لديهم طريقة للانطلاق في طريق السعي إليه. ما هو الحق؟ عمومًا، جميع كلام الله هو الحق. وما هو الحق إذًا على وجه الخصوص؟ لقد أخبرتك من قبل. ماذا قلتُ؟ ("الحق هو معيار تصرُّف الإنسان وأفعاله وعبادته لله"). ذلك صحيح. الحق هو معيار تصرُّف الإنسان وأفعاله وعبادته لله. هل يرتبط الحق إذًا بالأشياء التي يعتقد الناس في مفاهيمهم أنها صحيحة وجيدة؟ (لا). من أين تأتي هذه الأشياء البشرية؟ (من فلسفة الشيطان للعيش ومن بعض الخواطر التي تغرسها الثقافة التقليدية في الإنسان). هذا صحيح. وعلى وجه الدقة، تنبع هذه الأشياء من الشيطان. ومن هم الأشخاص البارزون المشاهير الذين غرسوا هذه الأشياء في الإنسان؟ أليسوا هم الشيطان؟ (بلى). فجميع أوليائكم أولئك هم الشيطان – هم الشيطان يعيش ويتنفس. انظر فحسب إلى تلك الأقوال التي يتبناها الشعب الصيني: "يا لفرحة قدوم صديق من بعيد"، و"بمجرد وصولك يمكنك البقاء"، و"لا تسافر بعيدًا أثناء حياة والديك"، و"البر بالوالدين فضيلة يجب أن تكون فوق كل اعتبار"، و"الدرجة الأسوأ من حالات عقوق الوالدين الثلاث هي غياب وريث"، و"احترم الموتى"، و"عندما يقترب الشخص من الموت، يكون كلامه صادقًا لطيفًا". حلِّل هذه الكلمات بعناية. هل أي منها هو الحق؟ (لا). جميعها هراء ومغالطات. أخبرني، ما مدى حماقة الناس عندما يظنون أن هذه المغالطات والهراء هو الحق بعد أن يقبلوا عمل الله؟ هل يستطيع هؤلاء الناس فهم الحق؟ (لا). فأمثال هؤلاء الناس أنواع سخيفة وهم عاجزون تمامًا عن فهم الحق. أما أنتم، فبعد أن قرأتم الآن الكثير من كلام الله، ألا تمتلكون قدرًا ضئيلًا من معرفة الحق؟ (بلى). من أين ينبع الحق؟ (ينبع من الله). الحق ينبع من الله. لا تُصدِّق أي كلام لا يقوله الله. فتلك الفلسفات الشيطانية للعيش وتلك الأفكار من الثقافة التقليدية ليست هي الحق، ويجب على المرء ألا ينظر إلى الناس والأشياء أو يتصرف أو يعمل وفقًا لها أو بحيث تكون تلك الأشياء معايير له؛ لأنها ليست من عند الله. ما دام شيء ما يأتي من الإنسان، فلا يهم ما إذا كان نابعًا من الثقافة التقليدية أو أحد المشاهير، أو ما إذا كان نتاجًا للتعلم أو المجتمع، أو منحدرًا من سلالة أو عرق من الناس، فهو ليس الحق. ومع ذلك، فإن هذه هي بالضبط الأشياء التي يعتبرها الناس على أنها الحق، والتي يسعون إليها ويمارسونها بدلًا من الحق. وطوال الوقت يعتقدون أنهم يمارسون الحق وأنهم قريبون إلى إرضاء مشيئة الله، بينما العكس هو الصحيح تمامًا في الواقع: فعندما تسعى وتمارس بناءً على هذه الأشياء فإنك تبتعد أكثر فأكثر عن متطلبات الله وعن الحق.
من السخف المتأصل أن يظن الناس أن الأشياء التي يراها الإنسان جيدة وإيجابية هي الحق، وأن يسعوا إليها كما لو كانت هي الحق. كيف يمكن للناس الذين قبلوا عمل الله وقرأوا الكثير من كلامه أن يستمروا في الإصرار على الظن بأن تلك الأشياء التي يراها الإنسان جيدة هي الحق والسعي إليها كما لو كانت هي الحق؟ ما المشكلة هنا؟ هذا يكفي لإظهار أن الناس لا يفهمون معنى الحق ولا يملكون معرفة حقيقية بالحق. وهذا أحد العوامل في السؤال الذي طرحته للتو: "بالنظر إلى أن هذه الأشياء ليست هي الحق، كيف يمكن للناس أن يستمروا في ممارستها ويعتقدوا أنهم يمارسون الحق؟" سأتحدث عن عامل آخر يتطرق إلى شخصية الإنسان الفاسدة. يعتقد الناس أن الأشياء التي يرونها جيدة وصحيحة وإيجابية في مفاهيمهم هي الحق، وعلى هذا الأساس فإنهم يصنعون مكيدة، معتقدين أنه عندما يُرضون الله ويشعر الله بالسعادة، فإنه سيمنحهم البركات التي وعد بها الإنسان. أليست هذه المكيدة محاولة لإبرام صفقة مع الله؟ (بلى). من ناحية، يتمسك الناس بهذه الأشياء ويسعون إليها بينما يضمرون فهمًا خاطئًا سخيفًا، وفي الوقت نفسه يحاولون إبرام صفقة مع الله برغباتهم وطموحاتهم. أليس ذلك عاملًا آخر؟ (بلى). لقد أقمنا الشركة كثيرًا عن هذا العامل في الماضي، ولذلك لن نتحدث عنه بالتفصيل الآن. وبالتالي، فإنني أسألكم: عندما يزهد شخص يؤمن بالله ويعاني ويبذل نفسه ويدفع أثمانًا لله، ألا تكون لديه نية وهدف في ذلك؟ (بلى). هل يوجد من يقول: "لا أرغب شيئًا ولا أطلب شيئًا. سوف أزهد وأبذل نفسي وأدفع ثمنًا مهما كانت الظروف. فذلك هو كل ما في الأمر. ليست لديَّ أي رغبات وطموحات شخصية. وكيفما عاملني الله، فذلك مقبول. قد يكافئني وقد لا يكافئني. فعلى أي حال، تصرفت وفقًا لمتطلباته، وقدَّمت نفسي، وتخليت عن كل شيء، ودفعت ثمنًا وعانيت"؟ هل يوجد أمثال هؤلاء الناس؟ (لا). لم يولد مثل هذا الشخص إلى يومنا هذا. وقد يقول البعض: "يجب أن يعيش مثل ذلك الشخص في برج عاجي". وحتى لو عاش الإنسان في برج عاجي، لن يكون هكذا: فسوف تظل لديه شخصية وطموحات ورغبات فاسدة، وسوف يظل يحاول إبرام صفقة مع الله. ولذا، فإن العامل الثاني في هذا السؤال هو أنه بمجرد أن يتعامل الناس مع الأشياء التي يعتقدون في مفاهيمهم أنها صحيحة باعتبار أنها الحق، فإنهم يصنعون مكيدة. وما تلك المكيدة؟ ممارسة هذه الأشياء لمقايضتها بالبركات التي وعد بها الله الإنسان، ومقايضتها بغاية جميلة. إنهم يؤمنون أنه ما دام الإنسان يعتبر شيئًا ما إيجابيًا، فلا بدّ أن يكون صحيحًا، ولذلك فإنهم يفعلون ويسعون إلى ما يعتقدون أنه صحيح، ويعتقدون أنه من خلال ممارسته بهذه الطريقة لا بد أن يباركهم الله. تلك هي مكيدة الإنسان. وهذا العامل الثاني لا يتعلق إلا بالناس الذين يحاولون إرضاء طموحاتهم ورغباتهم ويسعون إلى إبرام صفقة مع الله. إذا كنت لا تصدق هذا، فحاول منع الناس من إبرام صفقات، وتجريدهم من رغباتهم وطموحاتهم – أي اجعلهم يتخلون عن رغباتهم وطموحاتهم. سوف يفقدون فورًا الطاقة للمعاناة ودفع الأثمان. لماذا سيفقدون الطاقة لفعل هذه الأشياء؟ لأنهم سيشعرون أنهم فقدوا تطلعاتهم ومصيرهم، وأنهم لم يعد لديهم أي رجاء في نيل البركة، وأنه ليس لديهم ما يربحونه. إن ما يمارسونه ليس هو الحق، وما يسعون إليه ليس هو الحق، بل أشياء يتصورون أنها إيجابية. ومع ذلك، فإنهم، عندما تتحطم رغباتهم وطموحاتهم، لا يعودون مستعدين حتى لبذل هذه الأشياء. أخبرني، ما الذي يملكه الناس؟ هل لديهم إيمان حقيقي؟ (لا). ولمزيد من التفصيل، هل الناس مخلصون؟ قد يقول البعض: "مهما قال الله الآن، فإننا نتبعه. بصرف النظر عما يقوله، فإننا لا نصبح سلبيين أو محبطين ولا نتراجع، وبالطبع فإننا لا نستسلم. وحتى لو كان الله لا يريدنا وقال إننا عاملو خدمة وعاملون، وإننا لا نسعى إلى الحق ولا رجاء لنا في الخلاص، سوف نظل نتبعه دون تردد وسوف نثابر على أداء واجباتنا. أليس ذلك هو الإخلاص؟ أليس ذلك هو الإيمان؟ ألا يتساوى الإخلاص والإيمان مع السعي إلى الحق؟ ألا يعني ذلك أننا نسعى إلى الحق إلى حد ما؟" أخبرني، هل ذلك هو السعي إلى الحق؟ (لا). ماذا يعني القول إنه ليس السعي إلى الحق؟ يعني أن "شريان حياة" الإنسان بأكمله قد انقطع وليست لديه ولو قشة يتعلق بها. ما الذي يتعين فعله حينها؟ هل يوجد أي شيء يمكن فعله؟ بصرف النظر عما إذا كان يوجد أي شيء يمكن للناس فعله بخصوص ذلك أم لا، كيف يشعرون بعد سماع هذا؟ يشعرون بخيبة أمل شديدة: "هل هذا يعني حقًا أنه ليس لديَّ رجاء في البركة؟ ما الذي يحدث يا تُرى؟" يفقد الناس اتجاهاتهم تمامًا في هذه الظروف. الآن وبعد أن جرَّدكم كلامي من "شرايين حياتكم" كلها، سوف أرى خطوتكم القادمة. يقول البعض: "ليس من الصواب العمل أو محاولة إبرام صفقات أو وجود تفاهمات مشوهة أو المعاناة ودفع الثمن – فما الشيء الصحيح الذي يجب فعله يا ترى؟ مهما قال الله لن نتركه. سوف نستمر في أداء واجباتنا. ألا يرقى ذلك إلى ممارسة الحق؟" يجب فهم هذا السؤال بوضوح. فنظرًا لأن الناس لا يفهمون الحق ويضمرون دائمًا تفاهمات مشوهة لمعنى ممارسة الحق، فإنهم يعتقدون أن الزهد والبذل والمعاناة ودفع الأثمان هو ممارسة الحق والخضوع لله. وهذا خطأ فادح. فممارسة الحق تعني ممارسة كلام الله، ولكن يجب على الناس ممارسة ذلك وفقًا للمبادئ. يجب ألا يفعلوا ذلك على أساس مفاهيم الإنسان وتصوراته بتاتًا. فما يريده الله هو قلب صادق، أي قلب يحبه ويرضيه. وممارسة كلام الله بهذه الطريقة هي وحدها ممارسة الحق. إذا كان المرء يرغب دائمًا في إبرام صفقة مع الله عندما يبذل نفسه له، وفي إشباع طموحاته ورغباته، فإنه لا يمارس الحق بل يتلاعب به ويدوس عليه، وهو مراءٍ. ولذلك، إذا استطاع الشخص قبول كلام دينونة الله، ولم يترك الله، وأصرَّ على أداء واجبه بالرغم من تحطم نواياه ورغباته في ربح البركات، وبالرغم من عدم وجود أي شيء يتطلع إليه أو يحفزه، فهل يرقى هذا إلى السعي إلى الحق وممارسته؟ أرى أننا إذا قسنا هذا بناءً على تعريف ما يعنيه السعي إلى الحق، فإن هذا لا يزال عدم السعي إلى الحق، ولا يرقى بتاتًا إلى مستوى السعي إلى الحق. بما أن لدينا الآن تعريفًا دقيقًا للسعي إلى الحق، فينبغي أن نلتزم به التزامًا صارمًا عند تقييم أفعال الناس وسلوكهم ومظاهرهم. ما التقييم الذي يمكن إجراؤه بناءً على قدرة الشخص على البقاء مع الله والمثابرة على أداء واجبه على الرغم من أنه ليست لديه بركات يمكن أن يتطلع إليها؟ هو أن الناس باعتبارهم كائنات مخلوقة يولدون بشيئين جديرين بالثناء في إنسانيتهم، وأنك إذا استطعت الاستفادة منهما، فسوف يضمن ذلك أن تتبع الله إلى أدنى درجة ممكنة. هل تعلمون ما هما هذان الشيئان؟ (الضمير والعقل). صحيح. يوجد شيئان لهما القيمة الأكبر في إنسانية الإنسان. عندما لا يفهم الناس الحق، وتكون مقدرتهم ضئيلة للغاية، ويكونون محرومين من أي معرفة أو دخول يخص متطلبات الله والحق، ولا يزال بإمكانهم الثبات في مركزهم، ما الشرط المسبق الأساسي الذي يسمح لهم بتحقيق هذا؟ يجب أن يتمتعوا بضمير الإنسانية الطبيعية وعقلها. الجواب واضح إذًا. بما أن الناس لا يسعون إلى الحق ويفتقرون إلى الرغبة أو الطموح لنيل البركة نظرًا لتجريدهم من رغبتهم في نيل البركة، وإذا كان لا يزال بإمكانهم اتباع الله وإتمام واجباتهم، فعلى أي أساس يفعلون ذلك؟ ما الذي يحفزهم؟ لا يوجد أساس أو دافع لأفعالهم. ما دام الناس يمتلكون ضمير الإنسانية الطبيعية وعقلها، فيمكنهم فعل هذه الأشياء. هذا هو الوضع الحالي: أنت لا تفهم الحق، وتلك حقيقة، وفهمك للتعاليم لا جدوى منه، ولا يعني ذلك أنك دخلت إلى حقيقة الحق. أنت تعرف أن السعي لإبرام صفقة مع الله للسعي وراء تطلعاتك ومصيرك هو أمر خاطئ، ولكن ما سيكون رائعًا حقًا هو ما إذا كنت لا تزال سعيدًا باتباع الله وأداء واجبك بعد إدانة السعي وراء تطلعاتك ومصيرك والرغبة في نيل البركة وتجريدك منهما. إن استطعت اتباع الله من دون ربح الحق، فما الذي يعتمد عليه ذلك؟ إنه يعتمد على ضميرك وعقلك. فضمير الشخص وعقله يمكنهما أن يحافظا على وجوده الطبيعي وحياته ومعاملته للناس والأشياء. ما الفجوة إذًا بين أداء واجبك على أساس ضميرك وعقلك وبين ممارسة الحق؟ إن مظهر الشخص الذي يسعى إلى الحق هو أنه ينظر إلى الناس والأشياء، ويتصرف وفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا له، أما أولئك الذين لا يتصرفون إلا بناءً على ضميرهم وعقلهم فقد لا يسعون إلى الحق، ولكن لا يزال بإمكانهم العمل وأداء واجباتهم والبقاء في بيت الله من دون أي أخطاء في سجلهم. على ماذا يعتمد ذلك؟ إنهم ينظرون إلى الناس والأشياء، ويتصرفون كليًّا وفقًا لمعايير ضميرهم وعقلهم بدلًا من فعل ذلك وفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا لهم. لذا، مع أخذ ذلك في الاعتبار، إذا كنت لا تؤدي واجبك إلا بناءً على ضميرك وعقلك، أفلا توجد فجوة بين ذلك والسعي إلى الحق؟ (بلى). إن أداء المرء واجبًا على أساس ضميره وعقله يعني أن يرضى بالعمل وحده، أي أن تكون معاييره أشياء مثل العمل الجيد، وعدم التسبب في تعطيلات أو إزعاجات، والطاعة والخضوع، والتمتع بسلوكيات جيدة وعلاقات جيدة مع الآخرين، وعدم وجود أي أخطاء في سجله. هل يرقى ذلك إلى مستوى السعي إلى الحق؟ لا. بصرف النظر عن عدد السلوكيات الجيدة لدى الشخص، إذا لم تكن لديه أي معرفة على الإطلاق بشخصيته الفاسدة ولا أي معرفة بتمرده أو مفاهيمه أو تصوراته الخاطئة عن الله ومختلف حالاته السلبية، وإذا استحال عليه علاج هذه الأمور، وتعذّر عليه فهم مبادئ ممارسة الحق، وإذا لم يُعالَج أي تدفق من تدفقات شخصيته الفاسدة، وإذا كان لا يزال متكبرًا وبارًا ذاتيًا في نظره ومتعسفًا ومتهورًا ومعوجًا ومخادعًا، بل وأصبح أحيانًا سلبيًا وضعيفًا، وكان يشك في الله، وما إلى ذلك؛ أي إذا كانت هذه الأشياء لا تزال موجودة بداخله، فهل يمكنه تحقيق الخضوع الحقيقي لله؟ إن كانت هذه الطباع الفاسدة لا تزال توجد بداخله، فهل سيتمكن من اختبار عمل الله حقًا؟ إذا كان الشخص يمتلك مجرد سلوكيات جيدة، فهل ذلك أحد مظاهر السعي إلى الحق؟ (لا). ما أفضل الأشياء في الإنسان؟ ضمير الإنسان وعقله وحدهما، فهذان هما الشيئان الإيجابيان الوحيدان، وهما ما يستحقان الثناء عند الإنسان. ومع ذلك، لا يرتبط أي منهما بالحق، فهما لا يتعديان كونهما أبسط الشروط الأساسية لسعي الإنسان إلى الحق، مما يعني أنه إذا كان لديك الضمير والعقل الطبيعيان للبشر وتمكنت من فهم الحق، فسوف تستطيع اتخاذ الخيارات الصحيحة عندما تصيبك الأشياء. ينطوي الضمير والعقل اللذان يمتلكهما الإنسان على أن الله هو رب الخليقة وأنك كائن مخلوق، فقد اختارك الله، ولذا فالصواب هو أن تكرس نفسك وتبذل نفسك لله، والصواب وحده هو أن تستمع إلى كلامه. يتحدد تعبير "الصواب وحده" هذا من خلال ضميرك وعقلك، ولكن هل استمعت إلى كلام الله؟ ما المبادئ والطرق الكامنة وراء أفعالك؟ لديك شخصية فاسدة، فهل تخليت عنها؟ هل عالجتها؟ لا ترتبط مثل هذه الأشياء بتعبير "الصواب وحده". إذا لم تذهب أبعد من هذا الأساس لما هو الصواب وحده فيما يخص فعله وكيف أنه من الصواب وحده التصرف به، وإذا كنت تعيش وسط معايير "الصواب وحده"، أليس ذلك تأثير ضميرك وعقلك؟ (بلى). يقول لك ضميرك: "لقد خلَّصني الله، ولذا ينبغي أن أبذل نفسي له. لقد خلَّص الله حياتي ومنحني حياةً ثانية، ولذا من الصواب أن أرد محبته بمثلها. الله رب الخليقة وأنا كائن مخلوق، ولذا يجب أن أخضع لترتيباته". أليس هذا تأثير ضميرك وعقلك؟ (بلى). إن مختلف السلوكيات وأنماط الممارسة والمواقف والآراء التي تنشأ لدى الناس نظرًا لتأثير ضميرهم وعقلهم لا تتعدى كونها معايير ما يستطيع ضميرهم وعقلهم فعله بطبيعة الحال، كما أنها ليست ممارسة الحق. أليس كذلك؟ (بلى). قد يقول بعض الناس مثلًا: "لقد رفعني بيت الله بالسماح لي بأداء واجب، وبيت الله يُطعمني ويُلبسني ويهتم بمسكني. يهتم بيت الله بجميع جوانب حياتي. لقد استمتعت كثيرًا بنعمة الله، ولذا ينبغي أن أكافئ محبته. ينبغي ألا أخدع الله بأن أكون روتينيًا في واجبي، وبالطبع ينبغي ألا أفعل أي شيء معطل أو مزعج. أنا على استعداد للخضوع لجميع ما يرتبه لي بيت الله. لن أشكو مهما طلب بيت الله مني". لا بأس بهذا النوع من التصريحات. أليس من السهل على شخص لديه الضمير والعقل أن يفعل هذا؟ (بلى). هل يمكن أن يرقى إلى مستوى ممارسة الحق؟ (لا يمكن). إنه لا يبلغ أن يكون ممارسة الحق. ولذلك، بصرف النظر عن مدى نبل ضمير الشخص أو سلامة عقله، أو ما إذا استطاع فعل كل شيء تحت حكم ضميره وعقله، وبصرف النظر عن مدى ملاءمة أفعاله ولياقتها أو مدى إعجاب الآخرين بهذه الأفعال، فإنها لا تتعدى كونها سلوكيات بشرية جيدة. لا يمكن تصنيفها إلا ضمن نطاق السلوكيات البشرية الجيدة، فهي في الأساس لا ترقى إلى مستوى ممارسة الحق. عندما تبني تعاملاتك مع الآخرين على عقلك، سوف تكون ألطف في الكلام نوعًا ما، ولن تهاجم الآخرين، ولن تغضب، ولن تقمع الآخرين أو تتحكم بهم أو تتنمر عليهم أو تسعى إلى التأثير عليهم وما إلى ذلك. هذه جميعها أشياء يمكن تحقيقها من خلال عقل الإنسانية الطبيعية، ولكن هل ترتبط بممارسة الحق؟ لا. إنها أشياء يمكن أن يحققها عقل الإنسان، وتوجد فجوة معينة بينها وبين الحق.
لماذا أقول إن تصرُّف المرء بناءً على ضميره وعقله لا علاقة له بممارسة الحق؟ سأعطي مثالًا. لنفترض أن شخصًا كان لطيفًا معك وأنك على علاقة طيبة به، وأنه يقبل عمل الله في الأيام الأخيرة، ثم نشر الإنجيل لك، مما يعني أن الله يستخدمه لنشر الإنجيل لك. بعد قبولك لعمل الله الجديد، تشعر بمزيد من الامتنان تجاهه وترغب دائمًا في رد معروفه. ولذلك، تمنحه قدرًا قليلًا من الحرية في كل ما تفعله، كما تكون مهذبًا دائمًا على وجه الخصوص في كل كلامك له. تتعامل معه على وجه الخصوص بالاحترام والمراعاة والتسامح، وبصرف النظر عن الأخطاء التي يفعلها أو ماهية شخصيته، فإنك تتحلى معه بالصبر والقبول لدرجة أنه كلما تواصل معك طلبًا للمساعدة عندما يواجه تحديًا، فإنك تساعده بلا قيد أو شرط. لماذا تفعل هذا؟ ماذا يؤثر على أفعالك؟ (ضميري). يجري هذا نتيجةً لضميرك. ولا يمكن تسمية تأثير ضميرك هذا تأثيرًا إيجابيًا أو سلبيًا، فكل ما يمكن للمرء أن يقوله هو إنك تتمتع بالضمير وبقدر ضئيل من الإنسانية، وإنه عندما يعاملك شخص باللطف تكون ممتنًا له وترد له المعروف. أنت شخص لطيف من ذلك المنظور. ولكن إذا قسنا هذا باستخدام الحق، فقد نصل إلى استنتاج مختلف. لنفترض أن ذلك الشخص صنع الشر يومًا وأن الكنيسة سوف تستبعده، وكنت لا تزال تقيسه بحسب ضميرك وتقول: "لقد كان هو الشخص الذي نشر الإنجيل لي. لن أنسى لطفه ما دمت على قيد الحياة. فلولاه ما وصلت إلى ما أنا عليه الآن. وعلى الرغم من أنه صنع الشر اليوم، لا يمكنني أن أكشفه. على الرغم من أنني رأيت أن ما فعله كان خاطئًا، فإنني لا أستطيع قول ذلك لأنه ساعدني كثيرًا. قد لا أتمكن من رد معروفه، ولكن لا يمكنني مهاجمته. إذا أراد غيري الإبلاغ عنه، فيمكنه فعل ذلك لكنني لن أفعل. لا يمكن أن أزيد الطين بلة. إذا فعلت ذلك، فكيف سأبدو كإنسان؟ ألن يجعلني إنسانًا منعدم الضمير؟ أليس الإنسان منعدم الضمير مجرد وحش؟" ما رأيك؟ ما تأثير الضمير في مثل تلك الظروف؟ ألا يكون تأثير الضمير مخالفًا للحق؟ (بلى). يمكننا أن نرى من هذا أن مشاعر المرء تعمل على تقييد ضرورات ضميره أحيانًا وتؤثر عليها، ونتيجةً لذلك تتعارض قراراته مع مبادئ الحق. يمكننا على هذا النحو أن نرى حقيقة واحدة بوضوح وهي أن تأثير ضمير المرء أدنى من مستوى الحق، وأن الناس ينتهكون الحق أحيانًا أثناء التصرف بناءً على ضمائرهم. إذا كنت تؤمن بالله ولكنك لا تعيش وفقًا بالحق بل تتصرف بدلًا من ذلك بناءً على ضميرك، فهل يمكنك أن تفعل الشر وتقاوم الله؟ سوف تستطيع فعلًا أن تفعل بعض الشرور، ولا يمكن القول مطلقًا إنه من الخطأ أبدًا التصرف بناءً على ضمير الفرد. فهذا يكشف أنه إذا رغب المرء في إرضاء الله والتوافق مع مشيئته، فإن مجرد التصرف بناءً على ضميره سوف يكون ناقصًا إلى أبعد الحدود. يجب على المرء أن يتصرف على أساس الحق لإتمام مطالب الله. عندما تتعامل مع ضميرك على أنه الحق وتعتبره أسمى من أي شيء آخر، أين تكون قد وضعت الحق إذًا؟ لقد وضعت ضميرك محل الحق. أليست تلك مقاومة للحق؟ أليست تلك معارضة للحق؟ إذا كنت تعيش بضميرك، فيمكنك أن تنتهك الحق، وانتهاك الحق مقاومة لله. يوجد أناس كثيرون يتخذون ضمائرهم معيارًا لكلامهم وأفعالهم بعد إيمانهم بالله، ويتصرفون بناءً على ضمائرهم أيضًا. هل تصرُّف المرء على أساس ضميره ممارسة للحق أم لا؟ هل يمكن لضمير المرء أن يحل محل الحق؟ وبأي طريقة بالضبط يختلف تصرُّف المرء بناءً على ضميره عن التصرف بناءً على الحق؟ يصر بعض الناس دائمًا على التصرف بناءً على ضمائرهم، ويعتقدون أنهم يسعون إلى الحق. هل ذلك الرأي صحيح؟ (لا). هل يمكن لمشاعر ضمير الشخص أن تحل محل الحق؟ (لا). ما الخطأ الذي يرتكبه هؤلاء الناس؟ (مخالفة الحق، أي مقاومة الله). ذلك صحيح. إنهم يساوون مشاعر ضمائرهم بالحق، مما يجعلهم عُرضة لانتهاك الحق. ومثل هذا الشخص ينظر دائمًا إلى الناس والأشياء ويتصرف ويعمل بناءً على معيار ضميره، بحيث يكون ضميره معيارًا له. فضميره يورطه ويتحكم به، وفي الوقت نفسه، فإن عقله يتحكم به أيضًا. وإذا كان الشخص خاضعًا لسيطرة ضميره، فهل لا يزال بإمكانه السعي إلى الحق والممارسة وفقًا له؟ لا يمكنه. هل يمكن للضمير أن يحل محل الحق إذًا؟ لا يمكنه. قد يتساءل البعض: "بما أننا لا نستطيع استخدام ضمائرنا لقياس كيفية تعاملنا مع الآخرين ولا يمكننا التعامل مع ضمائرنا على أنها الحق، هل يصح استخدام معايير ضمائرنا لقياس كيفية تعاملنا مع الله؟" هذا السؤال جدير بالنظر. وعلى أي حال، لا يمكن لضمير الشخص أن يحل محل الحق. إذا كنت لا تمتلك الحق وكنت تتعامل مع الله بناءً على ضميرك، فسوف يُعتبر ذلك جيدًا وفقًا للمعايير البشرية، لكنك لن تتمكن من تحقيق المحبة أو الخضوع لله من خلال الاتكال على هذا المعيار. فعلى الأكثر، سوف تتمكن من تجنب انتهاك الحق أو مقاومة الله، وهو أمر جيد نوعًا ما في حد ذاته. قد يقول البعض: "أنت لست بحاجة إلى استخدام ضميرك مع الآخرين، ولست بحاجة إلى استخدام ضميرك مع الله أيضًا". هل ذلك صحيح أم لا؟ إنه يبدو خاطئًا من منظور التعاليم والنظرية، أليس كذلك؟ استخدم الحق لقياسه إذًا، فهل يبدو صحيحًا لك؟ هل يخبر الله الناس أن يتعاملوا معه مستخدمين ضمائرهم؟ ماذا يطلب الله من الإنسان؟ كيف يطلب من الإنسان أن يتعامل معه؟ قد يكون لديك ضمير، ولكن هل أنت صادق؟ إذا كان لديك ضمير ولكنك لست صادقًا، فلن يكون ذلك مفيدًا. يطلب الله أن يتعامل معه الإنسان بصدق. مكتوب في الكتاب المقدس: "تُحِبُّ ٱلرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ، وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ" (مرقس 12: 30). ماذا يطلب الله؟ (أن يحب الناس الله من كل قلوبهم ومن كل عقولهم ومن كل أرواحهم). ماذا يريد الله من الناس؟ (صدقهم). هذا صحيح. هل قال الله: "يجب أن تحبونني بضميركم وعقلكم وغرائزكم"؟ هل قال الله ذلك؟ (لا، لم يقل). لماذا لا يقول الله ذلك؟ (لأن الضمير ليس الحق). ما هو الضمير؟ (أدنى المعايير الإنسانية). هذا صحيح، فالضمير والعقل هما أدنى المعايير الإنسانية وأكثرها أساسية. كيف يمكنك معرفة ما إذا كان الشخص صالحًا وما إذا كان يمتلك الإنسانية؟ كيف يمكنك قياس هذا؟ بماذا تقيس هذا؟ المعيار الأدنى والأساسي هو ما إذا كان ذلك الشخص يمتلك الضمير والعقل. ذلك هو المعيار الذي يمكنك من خلاله قياس ما إذا كان الشخص يمتلك الإنسانية. ما هو إذًا معيار قياس ما إذا كان الشخص يسعى إلى الحق أم لا؟ يمكنك معرفة ما إذا كان الشخص يسعى إلى الحق أم لا بناءً على ما إذا كان لديه ضمير وعقل. هل هذه الكلمات هي الحق؟ هل هي صحيحة؟ (لا). ماذا يريد الله من الإنسان إذًا؟ (الصدق). يريد الله صدق الإنسان. مما يتكون ذلك الصدق؟ ماذا ينبغي أن يفعل المرء لإثبات الصدق؟ إذا اكتفى أحدهم في الصلاة بقول إنه يُقدِّم صدقه إلى الله، لكنه بعد ذلك لا يبذل نفسه بصدق لله ولا يؤدي واجبه بإخلاص، فهل ذلك صدق؟ هذا ليس صدقًا بل خداع. ما السلوك الذي يكون مظهرًا من مظاهر الصدق إذًا؟ ما هي الممارسة المحددة؟ هل تعرف؟ أليس هو موقف الخضوع لله؟ (بلى). فالشخص لا يكون صادقًا إلا إذا كان لديه موقف الخضوع. أليس هذا أسمى بكثير من الضمير؟ فضمير الإنسان وعقله ليسا قريبين من الصدق حتى، إذ توجد مسافة بين الجانبين. ولا تعدو ضمائر الناس وعقلهم أكثر من الشروط الأكثر أساسية للحفاظ على وجودهم وحياتهم الطبيعية وعلاقاتهم مع الآخرين. إذا فقد الناس ضمائرهم وعقلهم، فلن يستطيعوا الوجود أو العيش بشكل طبيعي أو تكوين علاقات مع الآخرين حتى على المستوى الأكثر أساسية. انظر إلى أولئك الناس الذين يفتقرون إلى الضمير أو العقل، أي أولئك الأشرار. هل يمكن أن يتعامل معهم أي شخص في المجموعة طواعيةً؟ (لا). لن يتعامل معهم أحد طواعيةً. بماذا يشعر الناس أثناء التعامل معهم؟ القرف والمقت، بل وقد يشعرون بالخوف والتقييد والتكبيل بسببهم. لا يمتلك أمثال هؤلاء الناس حتى ضمير الطبيعة البشرية وعقلها، ولن يتعامل معهم أحد طواعيةً. أخبرني، هل يُخلِّص الله هؤلاء الناس؟ (لا). إذا استجاب شخص شرير لأي شخص يُغضبه قائلًا: "إذا سمحت الظروف بذلك، فسوف أقتلك وأدمرك!"، فبصرف النظر عما إذا استطاع حقًا فعل تلك الأشياء، ألا تجعله حقيقة قدرته على قول ذلك الكلام شخصًا شريرًا؟ (بلى). إذًا، أي نوع من الأشخاص ذاك الذي يثير كلامه الخوف لدى الآخرين؟ هل هو شخص لديه ضمير وعقل؟ (لا). وهل أولئك الذين بلا ضمير ولا عقل لديهم إنسانية؟ (لا). من يجرؤ على التعامل مع مثل هذا الشخص الشرير الذي يفتقر إلى الإنسانية؟ هل يتمتع أولئك الأشرار بعلاقات طبيعية مع الآخرين؟ (لا). ما حالة علاقاتهم مع الآخرين؟ الجميع يخافهم، والجميع يشعرون بالتقييد والتكبيل بسببهم. إنهم يرغبون في التنمر على كل شخص يقابلونه ومعاقبة الجميع. هل أمثال هؤلاء الناس لديهم طبيعة بشرية؟ لا أحد يجرؤ على التعامل مع مثل هذا الشخص الذي لا يمتلك الضمير والعقل. فهو لا يمكنه حتى أن يعيش حياة الطبيعة البشرية، ولذا فإنه لا يختلف عن الشياطين والوحوش. إنهم في مجموعات يهاجمون الآخرين دائمًا ويعاقبون الواحد تلو الآخر. وفي النهاية، يبتعد الجميع عنهم ويتجنبهم الجميع. كم هم مرعبون! إنهم عاجزون حتى عن إقامة علاقات الطبيعة البشرية ولا يمكنهم تثبيت أنفسهم داخل المجموعة، فأي نوع من الأشياء هم؟ أمثال هؤلاء الناس لا يمتلكون حتى الإنسانية، فهل يمكنهم السعي إلى الحق؟ (لا). وأي نوع من الأشخاص يفتقر إلى الإنسانية؟ وحوش وشياطين. يمنح الله الحقائق التي يُعبِّر عنها للبشر وليس للوحوش والشياطين. لا يصلح إلا أصحاب الضمير والعقل ليكونوا بشرًا. أخبرني مرَّة أخرى: هل امتلاك الضمير والعقل هو كل ما يتطلبه الشخص ليعيش تمامًا حياة الطبيعة البشرية؟ قد يقول المرء إنه لا تزال توجد فجوة لأن الناس لديهم شخصيات فاسدة. يجب عليهم السعي إلى الحق قبل أن يتمكنوا من التخلص من شخصياتهم الفاسدة وعيش الطبيعة البشرية. قد يقول البعض: "لديَّ الضمير والعقل. وما دمت أتأكد من أنني لا أصنع أي شر، سوف أمتلك حقيقة الحق". هل ذلك صحيح؟ إذا كان الشخص يمتلك الضمير والعقل، فذلك لا يعني أنه يسعى إلى الحق بالفعل، كما أن حقيقة أنه يعيش وفقًا لضميره وعقله لا تعني ذلك. ما معنى الضمير والعقل إذًا بالضبط؟ ضمير الإنسان وعقله ليسا إلا أكثر العلامات والصفات الأساسية للإنسانية التي يجب أن يمتلكها الناس للسعي إلى الحق. والعيش بهذين الشيئين لا يعني أن الشخص يسعى إلى الحق، ولا يعني أنه يثبت أنه يمتلك حقيقة الحق. من المثال الذي تحدثت عنه للتو، يمكن ملاحظة أنه عندما ينظر المرء إلى الناس والأشياء ويتصرف وفقًا لضميره وعقله، فإنه يكون عُرضة لانتهاك الحق والمبادئ. إنه لا يرقى أبدًا إلى مستوى فعل تلك الأمور وفقًا لكلام الله، بحيث يكون الحق معيارًا له. ولذلك، بصرف النظر عن مقدار ضميرك وسلامة عقلك، إذا كنت لا تستطيع رؤية الناس والأشياء وتتصرف وتعمل وفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا لك، فأنت لا تسعى إلى الحق. وبالمثل، بصرف النظر عن مدى معاناتك وعملك في نطاق فطرة ضميرك وعقلك، لا يمكن القول إنك تسعى إلى الحق.
لقد حلَّلنا للتو ثلاثة أشياء، وجميعها كانت تحيزات وسوء تفاهمات لدى الناس بخصوص السعي إلى الحق. أخبرني، ماذا كانت تلك الأشياء الثلاثة؟ (الأول هو أن الناس يظنون أن الأشياء التي يؤمنون بها في مفاهيمهم على أنها جيدة وصحيحة وإيجابية هي الحق. إنهم يستخدمونها كمعايير لهم ويضعونها محل متطلبات الله من الإنسان ومتطلبات كلام الله ومعاييره، وبعد ذلك يسعون إلى تلك الأشياء ويمارسونها. والثاني هو أنه على أساس تمسُّك الناس بتفاهمات خاطئة، فإنهم يحاولون إبرام صفقات مع الله بينما يضمرون رغبات وطموحات. يعتقد الناس أنه بمجرد أن يرضوا الله ويكون الله سعيدًا، فإن الله سوف يمنحهم وعده. والثالث هو أن الناس يؤمنون أنهم يمارسون الحق بالفعل من خلال التصرف والفعل بناءً على ضمائرهم وعقلهم). إذا وضعنا تلك الأشياء الثلاثة جانبًا، ما الذي يعنيه بالضبط السعي إلى الحق؟ دعونا نعود إلى تعريفنا للسعي إلى الحق. "أن ينظر المرء إلى الناس والأشياء وأن يتصرف ويعمل كليًّا وفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا للمرء". هذه الكلمات كافية لإفهام الناس معنى السعي إلى الحق وكيفية فعل ذلك. لقد تحدثنا كثيرًا بالفعل عن معنى السعي إلى الحق. كيف يسعى إليه المرء إذًا؟ لقد أقمنا قدرًا هائلًا من الشركة بخصوص ذلك في الحاضر والماضي: سواء كنت تنظر إلى الناس والأشياء أو تتصرف وتعمل، يجب أن يكون ذلك وفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا لك. فذلك هو السعي إلى الحق. وأي شيء آخر لا علاقة له بهذه الكلمات ليس هو السعي إلى الحق. وبالطبع، إذا كان القول "أن ينظر المرء إلى الناس والأشياء وأن يتصرف ويعمل كليًّا وفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا للمرء" لا يستهدف شخصيات الإنسان الفاسدة، فإنه يتناول بعضًا من خواطر الإنسان ووجهات نظره ومفاهيمه. وإذا كان يتناول هذه الأشياء وكان المقصود منه تحقيق هدف تمكين الإنسان من الممارسة وفقًا لمبادئ الحق والخضوع لكلام الله والحق، فمن الطبيعي أن يكون ذلك هو تأثيره النهائي. وهذا القول "أن ينظر المرء إلى الناس والأشياء وأن يتصرف ويعمل كليًّا وفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا للمرء" واضح وصريح تمامًا. فالطريق الذي يمنحه للناس في النهاية يُمكِّنهم من التخلص من تحيزاتهم في ممارساتهم والتخلي عن رغباتهم وطموحاتهم. وفي الوقت نفسه، يجب ألا يختبئ الناس معتقدين أنهم متفوقون وأنهم يمتلكون الإنسانية والضمير والعقل، ويجب ألا يستخدموا هذا ليضعوه محل مبدأ ممارسة اتخاذ كلام الله أساسًا للمرء واتخاذ الحق معيارًا له. مهما كانت المبررات التي لديك ونقاط القوة والمزايا التي تمتلكها، فإنها ليست كافية لتحل محل النظر إلى الناس والأشياء والتصرف والعمل وفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا للمرء. فذلك يقين مطلق. وعلى النقيض من ذلك، إذا كانت نقطة البداية لوجهات نظرك عن الناس والأشياء وسلوكك وأفعالك متوافقة تمامًا مع كلام الله، بحيث يكون الحق مبادئ ممارستك، فإنك تمارس الحق. وبخلاف ذلك، فأنت لا تمارسه. باختصار، فإن عيش الناس وسط مفاهيم وتصورات بشرية، وعملهم بقصد إبرام صفقات، أو وضع الاعتقاد بأنهم يمتلكون قدرًا كبيرًا من السلوك الأخلاقي الجيد محل السعي إلى الحق وممارستها دائمًا جميعها أساليب حمقاء. لا يُعد أي منها مظاهر للسعي إلى الحق، وفي النهاية، سوف تكون آخرة هذه الأساليب الحمقاء أن الناس لا يفهمون الحق ولا يستطيعون فهم مشيئة الله ولا يمكنهم الانطلاق في طريق الخلاص. هل تفهم؟ (نعم). وبالطبع، من بين أولئك الذين لا يسعون إلى الحق – بصرف النظر عن أولئك الذين لا يمكن أن يخلصوا – يوجد البعض ممن هم على استعداد ليكونوا عاملين في الخدمة سوف يبقون على قيد الحياة. هذا رائع ويمكن اعتباره بديلًا جيدًا لعدم السعي إلى الحق. فالمسار الذي تختارونه على وجه التحديد متروك لكم. ربما سيقول بعض الناس: "بعد إقامة كل تلك الشركة، لم تخبرنا بعد عن كيفية النظر إلى الناس والأشياء، أو كيفية التصرف والعمل". ألم أفعل ذلك؟ (بل فعلت). ما الذي ينبغي أن تكون نظرة المرء إلى الناس والأشياء وتصرُّفه وعمله وفقًا له؟ (وفقًا لكلام الله). وماذا يجب أن يكون معيار المرء؟ (بحيث يكون الحق معيارًا للمرء). ما هي كلمات الله إذًا؟ أين الحق؟ (كلام الله هو الحق). يوجد الكثير من كلام الله، وهو يخبر الناس عن كل جانب من جوانب كيفية النظر إلى الناس والأشياء، وكيفية التصرف والعمل، ولذلك لن نخوض في تفاصيل هذه الأشياء الآن. اقرأ مرَّة أخرى معنى السعي إلى الحق. (ماذا يعني السعي إلى الحق؟ أن ينظر المرء إلى الناس والأشياء وأن يتصرف ويعمل كليًّا وفقًا لكلام الله بحيث يكون الحق معيارًا للمرء".) يجب أن تنقشوا هذه الكلمات في قلوبكم وتستخدمونها كشعار لحياتكم. أخرجها كثيرًا حتى تفكر فيها وتتأملها. وقارن بها سلوكك وموقفك في الحياة وآرائك بخصوص الأشياء ونواياك وأهدافك. سوف تتمكن حينها بوضوح من الشعور بحالتك الحقيقية وجوهر الشخصيات التي تتدفق منك. قارن هذه الأمور بهذه الكلمات، واعتبر هذه الكلمات مبادئ الممارسة الخاصة بك ومسار ممارستك واتجاهها. عندما تسعى بهذه الطريقة وتستطيع الدخول في هذه الكلمات وعيشها تمامًا، سوف تفهم معنى السعي إلى الحق. وبطبيعة الحال، عندما تدخل في حقيقة هذه الكلمات، فإنك تكون قد انطلقت بالفعل في طريق السعي إلى الحق. وعندما تنطلق في طريق السعي إلى الحق، ماذا سينتج عنه؟ سوف يقل بشكل متزايد الكرب الناجم عن إزعاج شخصيتك الفاسدة وسيطرتها وقيودها. لمَ ذلك؟ لأنك سوف تشعر أن لديك طريقًا لعلاج شخصيتك الفاسدة، وأنه يوجد رجاء في خلاصك. وعندئذٍ فقط سوف تشعر أن حياة الإيمان بالله حقًا والأكل والشرب من كلامه هي حياة مشبعة ومسالمة ومبهجة. بعد أعوام كثيرة من الإيمان بالله، لا يزال أولئك الذين لا يحبون الحق يشعرون أن الحياة فارغة للغاية وأنه لا يوجد شيء يمكنهم الاتكال عليه. إنهم يشعرون غالبًا أنه من المؤلم حقًا العيش في سياق شخصية فاسدة، وعلى الرغم من أنهم يرغبون في التخلص منها، فإنهم لا يستطيعون ذلك. إنهم يظلون خاضعين إلى الأبد لقيود شخصيتهم الفاسدة وأغلالها وأربطتها، مما يسبب لهم كربًا شديدًا، ومع ذلك لا يكون لديهم بتاتًا طريق ليتبعوه. وأيامهم المريرة هذه لا نهاية لها. إذا استطاعوا قبول الحق وتحقيق الخلاص، فإن هذه الأيام المريرة سوف تمضي. ومع ذلك، تعتمد نتائج هذا كله على سعيكم ودخولكم في المستقبل.
29 يناير 2022