6. كلمات عن الكتاب المُقدَّس

240. لسنوات طويلة، ظلَّت الوسائل التقليدية للإيمان (الخاصة بالمسيحية، وهي واحدة من الديانات الرئيسية الثلاث في العالم) لدى الناس تتمثل في قراءة الكتاب المقدس؛ فالابتعاد عن الكتاب المقدس ليس من الإيمان بالرب، لكنه بدعة، بل وهرطقة، وحتى عندما يقرأ الناس كتبًا أخرى، لا بُدَّ أن يكون تفسير الكتاب المقدس هو الأساس الذي تقوم عليه تلك الكتب. وهذا يعني أنك إذا قلتَ إنك تؤمن بالرب، فلا بُدَّ أن تقرأ الكتاب المقدس، ويجب ألا تقدِّس أي كتاب – دون الكتاب المقدس – لا يشتمل على الكتاب المقدس؛ حيث إنك إذا فعلتَ ذلك تخون الله. منذ أن وُجِدَ الكتاب المقدس، ظل إيمان الناس بالرب متمثلاً في الإيمان بالكتاب المقدس، وأصبح من الأفضل أن تقول إن الناس تؤمن بالكتاب المقدس بدلاً من أن تقول إن الناس تؤمن بالرب؛ وبدلاً من أن نقول إنهم بدأوا يقرأون الكتاب المقدس، أصبح من الأفضل أن نقول إنهم أصبحوا يؤمنون بالكتاب المقدس؛ وبدلاً من أن نقول إنهم عادوا إلى الرب، أصبح من الأفضل أن نقول إنهم عادوا إلى الكتاب المقدس. وبهذه الطريقة، أصبح الناس يعبدون الكتاب المقدس كما لو كان هو الله، أو كما لو كان هو واهب الحياة لهم، وفقدانه يمثل لهم فقدان الحياة. ينظر الناس إلى الكتاب المقدس بنفس سمو الله، بل إن هناك مَنْ يراه أكثر سموًا من الله. إذا كان الناس يفتقرون إلى عمل الروح القدس، ولا يستطيعون الشعور بالله، فحتى لو استطاعوا الاستمرار في الحياة، إلا أنهم بمجرد أن يفقدوا الكتاب المقدس أو يفقدوا الإصحاحات أو الآيات الشهيرة من الكتاب المقدس، فسوف يصير الأمر كما لو أنهم فقدوا حياتهم. وهكذا، ما إن يؤمن الناس بالرب حتى يبدأوا في قراءة الكتاب المقدس ويحفظونه عن ظهر قلب، وكلما زاد مقدار ما يحفظه الناس من الكتاب المقدس، زاد ذلك تأكيدًا على حبهم للرب وعِظَم إيمانهم. أولئك الذين قرأوا الكتاب المقدس ويمكنهم أن يخبروا الآخرين به هُم إخوة وأخوات أفاضل. لطالما كان إيمان الناس بالرب وإخلاصهم له طوال هذه السنوات يُقاس بمدى فهمهم للكتاب المقدس. الغالبية لا يفهمون لماذا يجب أن يؤمنوا بالله ولا كيفية الإيمان به، ولا يفعلون أكثر من مجرد البحث عشوائيًا عن مفاتيح لفك ألغاز إصحاحات الكتاب المقدس. لكن لم يسع الناس مطلقًا في طريق عمل الروح القدس، ولم يفعلوا شيئًا إلا دراسة الكتاب المقدس وتحليله بصورة بائسة، ولم يعثر أحد على أي عمل جديد للروح القدس خارج الكتاب المقدس، بل إنَّ أحدًا لم يبرح دفتي الكتاب المقدس، بل لم يجرؤ أحد على ذلك. ظل الناس طوال هذه السنوات يدرسون الكتاب المقدس وتوصَّلوا إلى تفسيرات كثيرة وبذلوا مجهوداتٍ كبيرة بل واختلفوا في الرأي كثيرًا حوله ودخلوا في سجالٍ لا ينتهي بشأنه حتى أصبح لدينا اليوم أكثر من ألفي طائفة مختلفة، كلها تريد أن تجد تفسيرات خاصة للكتاب المقدس أو أن تكشف عن ألغاز أكثر عمقًا فيه. إنهم يريدون سبر أغواره ليعثروا في داخله على خلفية عمل يهوه في إسرائيل أو خلفية عمل يسوع في اليهودية، أو على مزيدٍ من الأسرار التي لا يعرفها أحدٌ غيرهم. يعتمد منهج الناس في التعامل مع الكتاب المقدس على الولع والإيمان، لكن دون أن يتمكن أحد من استيضاح المادة أو التفاصيل الداخلية للكتاب المقدس بصورة كاملة؛ ولذلك، ما زال الناس إلى اليوم لديهم شعور لا يوصف بالانجذاب السحري تجاه الكتاب المقدس، بل والأكثر من ذلك أنهم مولعون ومؤمنون به. بات اليوم كل واحد يرغب في اكتشاف النبوات المتعلقة بعمل الأيام الأخيرة في الكتاب المقدس، واكتشاف العمل الذي يتمه الله في تلك الأيام والعلامات المذكورة للأيام الأخيرة. بهذه الطريقة تصبح عبادتهم للكتاب المقدس أكثر حرارة، وكلما اقتربت الأيام الأخيرة، ازداد إيمانهم الأعمى بنبوات الكتاب المقدس، لا سيما تلك المتعلقة بالأيام الأخيرة. في ظل ذلك الإيمان الأعمى بالكتاب المقدس وتلك الثقة فيه، لم تعد لديهم الرغبة في البحث عن عمل الروح القدس. إنهم يعتقدون – بحسب فهمهم – أن بوسع الكتاب المقدس وحده أن يجلب عمل الروح القدس، وأنه في الكتاب المقدس وحده يمكنهم أن يجدوا خطوات الله، وفيه وحده توجد خفايا عمل الله، وأنه بوسع الكتاب المقدس وحده دون باقي الكتب الأخرى أو الأشخاص الآخرين أن يوضح كل شيء عن الله وعمله الكامل، وبوسعه أن يجلب عمل السماء إلى الأرض، وأن يبدأ العصور وينهيها. في ظل وجود هذه المفاهيم، لم يعد لدى الناس أدنى ميل إلى البحث عن عمل الروح القدس. لذلك، وبغض النظر عن مقدار العون الذي قدمه الكتاب المقدس للناس في الماضي، أصبح اليوم عقبة تعترض عمل الله الأخير؛ فمن دون الكتاب المقدس، يستطيع الناس أن يبحثوا عن خطوات الله في أي مكان آخر، لكنَّ اليوم، أصبحت خطواته محصورة في داخل الكتاب المقدس، وأصبح نشر عمله الأخير يواجه صعوبة مضاعفة ويستلزم كفاحًا كَمَنْ يصعد جبلاً. هذا كله بسبب إصحاحات الكتاب المقدس وآياته المشهورة فضلاً عن نبواته المختلفة. لقد أصبح الكتاب المقدس معبودًا في عقول الناس وأحجية في أدمغتهم، وأصبحوا ببساطة غير قادرين على التصديق بأنه يمكن للناس أن يجدوا الله خارج الكتاب المقدس، وبالأحرى غير مصدقين أن الله يستطيع أن يخرج خارج نطاق الكتاب المقدس أثناء العمل النهائي وأن يبدأ من جديد. هذا أمر مستبعد لدى الناس؛ فلا يمكنهم أن يصدقوه أو حتى أن يتصوره. لقد أصبح الكتاب المقدس عقبة كبيرة أمام قبول الناس لعمل الله الجديد، وبات يشكّل صعوبة في توسيع الله لنطاق هذا العمل الجديد.

من "بخصوص الكتاب المقدس (1)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

241. أي نوع من الكتب هو الكتاب المقدس؟ العهد القديم هو عمل الله في عصر الناموس، حيث يسجل العهد القديم من الكتاب المقدس كل عمل يهوه أثناء عصر الناموس وعمل الخلق الذي أتمه. يسجل العهد القديم برمته عمل يهوه، قبل أن يختتم سرد عمل يهوه بسفر ملاخي. يسجل العهد القديم عملين قام بهما الله: الأول هو عمل الخلق، والثاني هو سَن الناموس، وكلاهما يمثلان العمل الذي قام به يهوه. إن عصر الناموس يمثل العمل تحت اسم يهوه الله، وهو مجمل العمل الذي تم أساسًا تحت اسم يهوه؛ ومن ثمَّ، فإن العهد القديم يسجل عمل يهوه، بينما يسجل العهد الجديد عمل يسوع، وهو العمل الذي تم أساسًا تحت اسم يسوع. أهمية اسم يسوع والعمل الذي أتمه مُسجلان كلهما تقريبًا في العهد الجديد. أثناء عصر الناموس في العهد القديم، بنى يهوه الهيكل والمذبح في إسرائيل، وأرشد حياة بني إسرائيل على الأرض ليثبت أنهم كانوا شعبه المختار والجماعة الأولى التي اختارها على الأرض التي كانت حسب قلبه، الجماعة الأولى التي تولَّى قيادتها بنفسه. كان أسباط إسرائيل الاثني عشر هم أوائل الذين اختارهم يهوه، لذلك ظل الله دائمًا يعمل فيهم إلى أن تمَّ عمل يهوه في عصر الناموس. أما المرحلة الثانية من العمل فقد كانت عمل عصر النعمة في العهد الجديد، وقد تم بين ظَهرانَيْ الشعب اليهودي في أحد أسباط إسرائيل الاثني عشر، ويرجع السبب في أن نطاق العمل كان أصغر إلى أن يسوع كان هو الله المُتجسِّد. لقد عمل يسوع فقط في أرض اليهودية، ولم يعمل إلا لثلاث سنواتٍ ونصف؛ لذلك، فإن ما هو مُسجَّل في العهد الجديد أقل كثيرًا من أن يتجاوز مقدار العمل المُسجَل في العهد القديم.

من "بخصوص الكتاب المقدس (1)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

242. كُتب العهد القديم بعد أن كان الله قد أتم عمل عصر الناموس، وحينها بدأ الناس في قراءة الكتاب المقدس. وبعد مجيء يسوع، قام بعمل عصر النعمة، وكتب رسله العهد الجديد. وهكذا كُتب العهد القديم والعهد الجديد من الكتاب المقدس، ويلتزم كل مَن يؤمن بالله بأن يقرأه حتى اليوم. الكتاب المقدس كتاب تاريخ. إنه بالطبع يشمل أيضًا نبوات الأنبياء، ولا يمكن أن تُعَد هذه النبوات تاريخًا. يشتمل الكتاب المقدس على عدَّة أجزاء، فهو لا يقتصر على نبوات أو على عمل يهوه فحسب، كما أنه لا يشتمل على رسائل بولس الرسول وحدها. يجب أن تعرف كَمْ من الأجزاء يشملها الكتاب المقدس؛ فالعهد القديم يشمل أسفار التكوين والخروج... كذلك هناك الأسفار النبوية التي كتبها الأنبياء. وأخيرًا، ينتهي العهد القديم بسفر ملاخي. العهد القديم يسجل عمل عصر الناموس الذي كان يقوده يهوه. الأسفار من التكوين إلى ملاخي عبارة عن سجلٍّ شاملٍ بكل عمل عصر الناموس، أي أن العهد القديم يسجل كل ما اختبره الناس الذين كان يهوه يقودهم في عصر الناموس. أثناء عصر الناموس في العهد القديم، تكلم ذلك العدد الكبير من الأنبياء الذين أقامهم يهوه بنبوات عنه، ونطقوا بتعاليم لمختلف القبائل والأمم، وتنبؤا عن العمل العتيد أن يقوم به يهوه. لقد أعطى يهوه أولئك الذين أقامهم جميعًا روح النبوة؛ فكانوا قادرين على أن يروا رؤى من يهوه وأن يسمعوا صوته؛ لذلك، كانوا مُلهَمين منه وكتبوا نبواتٍ. كان العمل الذي قاموا به يمثل تعبيرًا عن صوت يهوه، وتعبيرًا عن نبوة يهوة، وقد كان عمل يهوه في ذلك الوقت مجرد إرشاد الناس باستخدام روحه؛ فهو لم يكن قد تجسَّد بعد، ولم يكن الناس قد رأوا وجهه. لذلك أقام يهوه أنبياءً كثيرين ليتمّوا عمله، وأعطاهم الوحي الذي نقلوه إلى كل أسباط وجماعات إسرائيل. كان عملهم هو التكلم بنبوات، كما دوَّنَ بعضهم تعاليم يهوه ليظهروها للآخرين. لقد أقام يهوه أولئك الناس ليتكلموا بالنبوة وليُنبئوا بعمل المستقبل أو العمل العتيد أن يُتمَّم في ذلك الزمان حتى يستطيع الناس أن يروا روعة يهوه وحكمته. كانت كتب النبوة تلك مختلفة جُل الاختلاف عن كتب الكتاب المقدس الأخرى؛ فقد كانت عبارة عن كلمات نطق بها أو كتبها أولئك الذين أُعطوا روح النبوة – اللذين استُعلِنَتْ لهم رؤى أو سمعوا صوت يهوه. أما كل شيء آخر في العهد القديم بخلاف كتب النبوة، فهو عبارة عن سجلات أنشأها أُناسٌ بعد أن أتم يهوه عمله. لا يمكن لتلك الكتب أن تحل محل النبوات التي تكلم بها الأنبياء الذين أقامهم يهوه، تمامًا كما لا يمكن أن يُقارن التكوين والخروج بسفر أشعياء وسفر دانيال. لقد قيلَتْ النبوات قبل القيام بالعمل، لكنَّ الأسفار الأخرى كُتِبَت بعد أن تمَّ العمل، وهو أمر في استطاعة الناس. كان أنبياء ذلك الزمان موحى إليهم من يهوه، وتكلموا ببعض النبوات، ونطقوا بكلماتٍ كثيرة، وتنبؤا بأشياء تتعلق بعصر النعمة وبفناء العالم في الأيام الأخيرة، وهو العمل الذي خطط له يهوه. أما باقي الأسفار، فكلها تسجل العمل الذي قام به يهوه في إسرائيل؛ ومن ثمَّ، عندما تقرأ الكتاب المقدس، فأنت في الأساس تقرأ عمَّا فعله يهوه في إسرائيل؛ ذلك لأن العهد القديم من الكتاب المقدس يسجل بصفة أساسية العمل الذي قام به يهوه من إرشاد إسرائيل واستخدامه لموسى في قيادة بني إسرائيل في رحلة خروجهم من مصر وتخليصه لهم من قيود فرعون وإخراجه لهم إلى البرية قبل أن يدخل بهم أرض كنعان، وكل ما جاء بعد ذلك كان وصفًا لحياتهم في كنعان. عدا ذلك هو سجلات لعمل يهوه طوال تاريخ إسرائيل، وكل ما هو مُسجَّل في العهد القديم هو عمل يهوه في إسرائيل، وهو العمل الذي فعله يهوه في الأرض التي جعل فيها آدم وحواء. منذ أن بدأ الله رسميًا قيادة الناس على الأرض من بعد نوح، كل المُسجَّل في العهد القديم إنما هو عمل إسرائيل. لكن لماذا لم يُسجَّل أي عملٍ آخر خارج إسرائيل؟ لأن أرض إسرائيل هي مهد البشرية؛ حيث لم توجد في البدء أي بلدانٍ أخرى بخلاف إسرائيل، ولم يقم يهوه بأي عملٍ في أي مكانٍ آخر. بهذا يكون المُسجَّل في العهد القديم من الكتاب المقدس هو فقط عمل الله في إسرائيل في ذلك الزمان. أما الكلمات التي نطق بها الأنبياء إشعياء ودانيال وإرميا وحزقيال وغيرهم فتتنبأ بعمله الآخر على الأرض، حيث إنهم تنبأوا عن عمل يهوه الله نفسه. كل هذا جاء من الله، لقد كان ذلك عمل الروح القدس، وبعيدًا عن كتب النبوة هذه، فإن كل شيء عداها ما هو إلا سجل باختبارات البشر لعمل يهوه في زمانهم.

لقد حدث عمل الخلق قبل أن يوجد بشر، لكن سفر التكوين لم يظهر إلا بعد أن وُجِدَ بشرٌ، فهو كتاب كتبه موسى أثناء عصر الناموس. إنه كالأمور التي تحدث بينكم اليوم، حيث تسجلونها بعد وقوعها لتظهروها للناس في المستقبل، ويرى الناس الذين في المستقبل أن ما سجلتموه هو أشياء حدثت في أزمنة سابقة – وهكذا هي ليست أكثر من مجرد تاريخ. الأشياء المُسجَّلَة في العهد القديم هي عمل يهوه في إسرائيل، وتلك المُسجَّلَة في العهد الجديد هي عمل يسوع في عصر النعمة. إنهما يوثقان العمل الذي قام الله به في عصرين مختلفين؛ فالعهد القديم يوثق عمل الله في عصر الناموس، ولذلك فإن العهد القديم كتابٌ تاريخي، في حين أن العهد الجديد هو نتاج عمل عصر النعمة. عندما بدأ العمل الجديد، بات أيضًا العهد القديم باليًا؛ ومن ثم، فإن العهد الجديد أيضًا كتاب تاريخي. بالطبع، فإن العهد الجديد ليس نظاميًا كالعهد القديم، كما لا يُسجِّل الكثير من الأشياء. ففي حين أن كل الكلمات الكثيرة التي تكلم بها يهوه مسجلةٌ في العهد القديم من الكتاب المقدس، ليس سوى بعض من كلمات يسوع فقط هي المسجَّلة في الأناجيل الأربعة. وبالطبع قام يسوع أيضًا بأعمال كثيرة، بيد أنها لم تُسجَّل بالتفصيل. إن ذلك القليل المُسجَّل في العهد الجديد إنما يرجع إلى مقدار العمل الذي قام به يسوع؛ فمقدار العمل الذي قام به يسوع أثناء الثلاث سنوات والنصف التي قضاها على الأرض والأعمال التي قام بها التلاميذ كانت أقل بكثير من العمل الذي قام به يهوه؛ لذلك، فإن عدد أسفار العهد الجديد أقل من عدد أسفار العهد القديم.

من "بخصوص الكتاب المقدس (1)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

243. أسفار بشارة العهد الجديد سُجِّلت في مدة تتراوح ما بين عشرين إلى ثلاثين عامًا بعد صلب يسوع. قبل ذلك كان شعب إسرائيل يقرأ فقط العهد القديم. أي إنه في بداية عصر النعمة كان الناس يقرؤون العهد القديم. وقد ظهر العهد الجديد فقط أثناء عصر النعمة. لم يوجد العهد الجديد حين كان يسوع يعمل؛ قام الناس بتسجيل عمله بعدما قام وصعد. وقتها فقط كان هناك أربع بشارات بالإضافة إلى رسائل بطرس وبولس وأيضًا سفر الرؤيا. بعد ما يزيد عن 300 عام من صعود المسيح إلى السماء، فحصت الأجيال المتعاقبة هذه الوثائق بانتقاء، وبعدها ظهر العهد الجديد في الكتاب المقدس. فقط بعد إكمال هذا العمل، ظهر العهد الجديد؛ ولم يكن موجودًا من قبل. قام الله بكل هذا العمل، وقد كتب بولس ورسل آخرون العديد من الرسائل إلى الكنائس في البقاع المختلفة، ثم جمع مَن جاءوا بعدهم رسائلهم، وضموا معها أعظم رؤيا سجلها يوحنا في جزيرة بطمس، والتي تنبأت عن عمل الله في الأيام الأخيرة. عمل الناس هذا الترتيب، وهو ترتيب مختلف عن أقوال اليوم. ما يُسجل اليوم هو بحسب خطوات عمل الله؛ ما ينخرط فيه الناس اليوم هو عمل يتم شخصيًّا من قبل الله، وكلمات هو قالها شخصيًّا. أنتم – أيها البشر – لستم في حاجة إلى التدخل في الأمر؛ فالكلمات الآتية مباشرةً من الروح، رُتِّبت خطوة بخطوة وهي مختلفة عن ترتيب السجلات البشرية. يمكن أن يُقال إن ما سجلوه كان وفقًا لمستواهم التعليمي والكوادر والمعايير البشرية. ما سجلوه كانت خبرات بشر، وكل منهم كان لديه وسائله للتسجيل والمعرفة، وكان كل سجل مختلفًا. لذلك إن كنت تعبد الكتاب المقدس على أنه الله، فأنت جاهل وغبي بصورة كبرى! لماذا لا تطلب عمل إله اليوم؟ فقط عمل الله بإمكانه تخليص الإنسان. الكتاب المقدس لا يمكنه تخليص الإنسان، فالكتاب المقدس قرأه البشر على مدى عدة آلاف من السنين ولم يحدث فيهم أدنى قدر من التغيير، وإن كنت تعبد الكتاب المقدس فلن تفوز أبدًا بعمل الروح القدس.

من "بخصوص الكتاب المقدس (3)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

244. يعتقد العديد من الناس أن فهم الكتاب المقدس والقدرة على تفسيره تماثل إيجاد الطريق الحق، ولكن هل الأمور في الواقع بهذه البساطة حقًّا؟ لا أحد يعرف حقيقة الكتاب المقدس: أنه ليس إلّا سجلًا تاريخيًّا لعمل الله، وشهادة عن المرحلتين السابقتين من عمل الله، وأنه لا يقدم لك فهمًا لأهداف عمل الله. فكل من قرأ الكتاب المقدس يعرف أنه يوثق مرحلتي عمل الله أثناء عصر الناموس وعصر النعمة. يؤرخ العهد القديم تاريخ إسرائيل وعمل يهوه من وقت الخليقة حتى نهاية عصر الناموس. ويسجل العهد الجديد عمل يسوع على الأرض، وهو مذكور في الأناجيل الأربعة وأيضًا عمل بولس - أليست هذه سجلات تاريخية؟ إن طرح أمور الماضي في الحاضر يجعلها تاريخًا، وبغض النظر عن مدى حقيقتها أو صحتها، فهي لا تزال تاريخًا، والتاريخ لا يمكنه معالجة الحاضر؛ لأن الله لا ينظر إلى الوراء في التاريخ! وبالتالي فإن كنت تفهم الكتاب المقدس فحسب، ولا تفهم شيئًا من العمل الذي ينوي الله فعله اليوم، وإن كنت تؤمن بالله ولكنك لا تطلب عمل الروح القدس، فأنت لا تفهم ما معنى أن تطلب الله. إن كنت تقرأُ الكتاب المقدس لتدرسَ تاريخ إسرائيل وتبحثَ في تاريخ خلق الله لكل السماوات والأرض، فأنت إذًا لا تؤمن بالله. أما اليوم، فبما أنك تؤمن بالله، وتسعى وراء الحياة، وبما أنك تسعى لمعرفة الله، ولا تسعى وراء حروف وتعاليم جامدة أو فهم للتاريخ، فيجب عليك أن تطلب مشيئة الله للوقت الحاضر، وتبحث عن إرشاد عمل الروح القدس. إن كنت عالم آثار فيمكنك قراءة الكتاب المقدس، لكنك لست كذلك، أنت واحد من المؤمنين بالله، ومن الأفضل لك طلب مشيئة الله للوقت الحاضر.

من "بخصوص الكتاب المقدس (4)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

245. إذا كنت ترغب في أن ترى عمل عصر الناموس وأن ترى كيف اتبع بنو إسرائيل طريق يهوه، فلا بُدَّ أن تقرأ العهد القديم. أما إذا أردت أن تفهم عمل عصر النعمة، فلا بُدَّ أن تقرأ العهد الجديد. لكن كيف ترى عمل الأيام الأخيرة؟ لا بد أن تقبل قيادة إله اليوم وأن تدرك عمل اليوم لأن هذا هو العمل الجديد الذي لم يسبق أن سجله أحدٌ من قبل في الكتاب المقدس. اليوم اتخذ الله جسدًا وعيَّنَ مختارين آخرين في الصين. إن الله يعمل في أولئك، وهو يواصل عمله على الأرض، ويستكمل عمل عصر النعمة. إن عمل اليوم هو طريق لم يسلكه الإنسان من قبل ولم يره أحدٌ من قبل. إنه عمل لم يُعمَل من قبل؛ فهو أحدث أعمال الله على الأرض، لذلك فإن العمل الذي لم يحدث من قبل ليس تاريخًا، لأن الآن هو الآن، ولم يصبح ماضيًا بعد. لا يعرف الناس أن الله قد عمل عملاً أعظم وأحدث على الأرض وخارج إسرائيل، وأنه قد خرج بالفعل خارج نطاق إسرائيل وخارج نبوات الأنبياء. إنهم لا يعرفون أنه عملٌ جديد وعجيب خارج النبوات، وأنه عملٌ جديد خارج حدود إسرائيل، وأنه عملٌ لا يستطيع الناس أن يدركوه ولا أن يتخيلوه. كيف يمكن للكتاب المقدس أن يشتمل على سجلات صريحة عن هذا العمل؟ مَنْ عساه استطاع أن يسجل كل صغيرة من عمل اليوم دونما حذفٍ قبل أن يحدث؟ مَنْ بوسعه أن يسجل هذا العمل الأكثر عظمة وحكمة الذي يتحدى التقليد في الكتاب القديم البالي؟ إن عمل اليوم ليس تاريخًا، ولهذا، إذا أردتَ أن تسلك طريق اليوم الجديد، فلا بد أن تهجر الكتاب المقدس وأن تتجاوز كتب النبوة أو التاريخ في الكتاب المقدس. حينئذٍ فقط سوف تتمكن من السير في الطريق الجديد بصورة سليمة، وستتمكن من دخول الحالة الجديدة وإدراك العمل الجديد. يجب أن تفهم لماذا يُطلَب منك اليوم ألا تقرأ الكتاب المقدس، ولماذا يوجد عمل آخر منفصل عن الكتاب المقدس، ولماذا لا يتطلع الله إلى ممارسة أحدث وأكثر تفصيلاً في الكتاب المقدس، ولماذا يوجد – بدلاً من ذلك – عمل أعظم خارج الكتاب المقدس. هذا ما يجب أن تفهموه كله. يجب أن تعرف الفارق بين العملين القديم والجديد، وأن تكون قادرًا على التمييز بينهما حتى لو لم تقرأ الكتاب المقدس؛ لأنك لو لم تتمكن من ذلك، فسوف تظل تعبد الكتاب المقدس، وسوف يصعب عليك أن تدرك العمل الجديد وأن تخضع لتغيرات جديدة. لما كان هناك طريق أسمى، فلماذا تدرس ذلك الطريق المتدني القديم؟ ولما كانت هناك أقوال حديثة وعمل أحدث، فلماذا تعيش وسط سجلات تاريخية قديمة؟ بمقدور الأقوال الحديثة أن تكفيك، وهو ما يُثبِت أن هذا هو العمل الجديد؛ فليس بوسع السجلات القديمة أن تشبعك أو تلبي احتياجاتك الحالية، وهو ما يُثبِت أنها مجرد تاريخ وليست عمل الوقت الراهن. الطريق الأسمى هو العمل الأحدث، ويظل الماضي – بغض النظر عن سمو طريقه – في ظل وجود العمل الجديد يمثل تاريخ أفكار الناس، ويظل يمثل الطريق القديم مهما كانت قيمته كمرجع. يظل الطريق القديم تاريخًا رغم أنه مُسجَّل في "الكتاب المقدس"، كما يظل الطريق الجديد هو طريق الوقت الراهن حتى ولو لم يكن مسجلاً في "الكتاب المقدس". يستطيع هذا الطريق أن يُخلِّصك وأن يغيرك، ذلك لأنه عمل الروح القدس.

من "بخصوص الكتاب المقدس (1)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

246. يجب أن تفهموا الكتاب المقدس؛ فهذا العمل في غاية الأهمية! لستَ في حاجة اليوم إلى قراءة الكتاب المقدس، فليس فيه شيء جديد. إنه قديم كله. الكتاب المقدس كتابٌ تاريخي، وإذا أكلت وشربت العهد القديم في عصر النعمة – لو مارست ما كان مطلوبًا في عصر العهد القديم في عصر النعمة – لكان يسوع قد رفضك وأدانك. إذا طبقت العهد القديم على عمل يسوع، فسوف تصبح فريسيًا. إذا جمعت اليوم بين العهدين القديم والجديد لتأكلهما وتشربهما وتمارسهما، فإن إله اليوم سوف يدينك لأنك بذلك تكون قد تخلَّفت عن عمل الروح القدس اليوم! إذا أكلتَ العهد القديم والعهد الجديد وشربتهما، تصبح بذلك خارج مسار الروح القدس! كان يسوع في زمانه يقود اليهود وكل الذين تبعوه بحسب عمل الروح القدس فيه في ذلك الوقت. لم يتخذ يسوع الكتاب المقدس أساسًا لما قام به، لكنه تكلم بحسب عمله، ولم يلتفت إلى ما قاله الكتاب المقدس أو يبحث في الكتاب المقدس عن طريق يهدي تابعيه. لكنه شرع منذ بداية عمله في نشر طريق التوبة، وهي الكلمة التي لم يرد لها ذكر مطلقًا في نبوات العهد القديم. بل إنه لم يكتف فقط بعدم العمل بحسب الكتاب المقدس، لكنه أنشأ طريقًا جديدًا وصنع عملاً جديدًا. كذلك، فإنه لم يشر إلى الكتاب المقدس في عظاته. لم يستطيع أحد في عصر الناموس أن يقوم بمعجزات شفاء المرضى وإخراج الشياطين التي قام يسوع بها. كما أن عمله وتعاليمه وسلطانه وقوة كلماته فاقت قدرة الإنسان في عصر الناموس؛ فيسوع بكل بساطة قام بعمله الجديد، ومع أن كثيرين استخدموا الكتاب المقدس في إدانته – بل واستخدموا العهد القديم حتى في صلبه – فإن عمله فاق العهد القديم. إن لم يكن كذلك، فلماذا صلبوه على الصليب؟ أليس لأن العهد القديم لم يذكر شيئًا عن تعاليمه وعن قدرته على شفاء المرضى وإخراج الشياطين؟ كان الغرض من عمله أن ينشئ طريقًا جديدًا، لا أن يشن هجومًا مقصودًا ضد الكتاب المقدس أو أن يستغنى عمدًا عن العهد القديم. إنه ببساطة جاء ليتمم خدمته ويقدم العمل الجديد لأولئك الذين يشتاقون إليه ويطلبونه، لكنه لم يجيء ليفسر العهد القديم أو ليؤكد عمله. لم يكن عمله بغرض السماح باستمرار تطور عصر الناموس، إذ أن عمله لم يهتم بما إذا كان الكتاب المقدس يمثل أساسًا يعتمد عليه من عدمه؛ فيسوع جاء فقط ليتمم العمل الذي يجب عليه أن يفعله. لذلك، لم يفسر نبوات العهد القديم أو يعمل بحسب كلمات عصر الناموس الخاصة بالعهد القديم، لكنه تجاهل ما ذكره العهد القديم، ولم يهتم بما إذا كان ذلك متفقًا مع عمله أم لا، ولم يلتفت إلى ما عرفه الآخرون عن عمله أو كيف أنهم أدانوه. لقد استمر فحسب في القيام بالعمل الذي كان عليه أن يقوم به حتى مع استخدام الكثيرين لنبوات أنبياء العهد القديم في إدانته. بدا الأمر للناس وكأن عمله من دون أساس، وأن معظمه متعارض مع أسفار العهد القديم. أليس هذا هو خطأ الإنسان؟ هل نحتاج إلى تطبيق التعاليم على عمل الله؟ وهل يجب أن تكون وفقًا لنبوات الأنبياء؟ في النهاية، أيهما أعظم: الله أم الكتاب المقدس؟ لماذا يتحتم أن يكون عمل الله وفقًا للكتاب المقدس؟ أمن الممكن ألا يكون لله الحق في تجاوز الكتاب المقدس؟ ألا يستطيع الله أن يبتعد عن الكتاب المقدس ويعمل عملاً آخر؟ لماذا لم يحفظ يسوع وتلاميذه السبت؟ لو أنه كان ليحفظ السبت ويعمل بحسب وصايا العهد القديم، فلماذا لم يحفظ يسوع السبت بعد مجيئه، لكنه بدلاً من ذلك غسل أرجل وغطى الرأس وكسر خبزًا وشرب خمرًا؟ أليس هذا كله غير موجود في وصايا العهد القديم؟ لو كان يسوع يُكرِم العهد القديم، فلماذا خالف هذه التعاليم؟ يجب أن تعرف أيهما جاء أولاً، الله أم الكتاب المقدس! ألا يستطيع رب السبت أن يكون رب الكتاب المقدس أيضًا؟

من "بخصوص الكتاب المقدس (1)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

247. جميع اليهود آنذاك قرؤوا من العهد القديم وعرفوا من نبوة إشعياء أن طفلاً ذكرًا سيولد في مذود. لماذا إذًا، مع هذه المعرفة، اضطهدوا يسوع؟ أليس هذا بسبب طبيعتهم العاصية وجهلهم بعمل الروح القدس؟ وقتها آمن الفريسيون بأن عمل يسوع لم يكن يشبه ما عرفوه عن الطفل الذكر المُتَنَبأ عنه؛ إنسان اليوم يرفض الله لأن عمل الله المُتجسِّد لا يتماشى مع الكتاب المقدس. أليس جوهر عصيانهم ضد الله هو نفسه؟ هل يمكنك أن تقبل كل عمل الروح القدس بدون سؤال؟ إن كان هو عمل الروح القدس، فهو التيار الصحيح. يجب عليك أن تقبله دون أدنى شك، بدلاً من انتقاء واختيار ما يُقبل. إن ربحت المزيد من "البصائر" من الله وتوخيتَ بعض الحذر تجاهه، أليس هذا إذًا تصرفًا غير مبرَّر؟ ما ينبغي عليك فعله هو قبول أي عمل طالما أنه من الروح القدس، دون الحاجة إلى دليل إضافي من الكتاب المقدس، لأنك تؤمن بالله لتتبع الله، وليس لتتحرى عنه. لا ينبغي أن تبحث عن دليل إضافي عني ليُظهر لك أني أنا إلهك. بل ينبغي عليك أن تميز إن كنت ذا منفعة لك أم لا؛ هذا هو المفتاح. حتى لو اكتشفت دليلاً لا يقبل الجدل داخل الكتاب المقدس، فهو لا يقدر أن يجلبك أمامي بالكامل. أنت شخص يحيا منحصرًا في حدود الكتاب المقدس وليس أمامي؛ لا يمكن للكتاب المقدس أن يساعدك على معرفتي ولا يعمِّق محبتك لي. مع أن الكتاب المقدس قد تنبأ عن ميلاد طفل ذكر، لم يمكن لأحد أن يستوعب الشخص الذي ستتحقق فيه النبوة، لأن الإنسان لم يعرف عمل الله، وهذا هو ما جعل الفريسيين يقفون ضد يسوع. يعرف البعض أن عملي في صالح الإنسان، ومع ذلك يستمرون في الإيمان بأن يسوع وأنا كيانان منفصلان كليًّا وغير متوافقين بصورة مشتركة. آنذاك، قال يسوع فقط لتلاميذه سلسلة من العظات في عصر النعمة، مثل كيفية السلوك، وكيفية الاجتماع وكيفية الطلبات في الصلاة، وكيفية التعامل مع آخرين، وخلافه. العمل الذي قام بتنفيذه كان عمل عصر النعمة، وشرح فقط كيف يجب أن يطبقه التلاميذ ومن تبعوه. قام فقط بعمل عصر النعمة ولم يقم بأي عمل من أعمال الأيام الأخيرة. حين سن يهوه شريعة العهد القديم في عصر الناموس، لماذا لم يقم إذًا بعمل عصر النعمة؟ لماذا لم يوضح مسبقًا عمل عصر النعمة؟ ألم يكن بذلك سيساعد في قبول الناس له؟ هو فقط تنبأ بأن طفلًا ذكرًا سيولد وسيتولى السلطة، لكنه لم يُنفَّذ مسبقًا عمل عصر النعمة. إن عمل الله في كل عصر له حدود واضحة؛ إنه يقوم فقط بعمل العصر الحالي ولا ينفذ أبدًا المرحلة القادمة من العمل مسبقًا. فقط بهذه الطريقة يمكن أن يأتي عمله التمثيلي لكل عصر في الطليعة. تكلم يسوع فقط عن علامات الأيام الأخيرة، وكيف تتحلَّى بالصبر وكيف تخلُص وكيف تتوب وتعترف، وأيضًا كيف تحمل الصليب وتتحمل المعاناة؛ لكنه لم يتكلم أبدًا عن كيفية دخول الإنسان في الأيام الأخيرة أو كيفية سعيه إلى تحقيق مشيئة الله. وعليه، أليس من المغالطة أن تبحث داخل الكتاب المقدس عن عمل الله في الأيام الأخيرة؟ ما الذي يمكنك تمييزه من مجرد مسك الكتاب المقدس بيديك؟ سواء أكان مفسرًا للكتاب المقدس أم كارزًا، مَنْ يمكنه معرفة عمل اليوم مسبقًا؟

من "كيف يمكن للإنسان الذي حصر الله في مفاهيمه أن ينال إعلانات الله؟" في "الكلمة يظهر في الجسد"

248. اليوم، يؤمن الناس أن الكتاب المقدس هو الله وأن الله هو الكتاب المقدس. لذلك يؤمنون أيضًا أن كل كلمات الكتاب المقدس هي الكلمات الوحيدة التي قالها الله، وأنها جميعًا قيلت من قبل الله. أولئك الذين يؤمنون بالله يعتقدون أنه على الرغم من أن جميع أسفار العهدين القديم والجديد الستة والستين كتبها أُناس، إلا أنها جميعًا موحى بها من الله وهي سجل لأقوال الروح القدس. هذا تفسير خاطئ من الناس ولا يتوافق بالكامل مع الحقائق. في الواقع، بخلاف أسفار النبوة، معظم العهد القديم هو سجل تاريخي. بعض رسائل العهد الجديد تأتي من خبرات الناس، وبعضها يأتي من استنارة الروح القدس؛ رسائل بولس على سبيل المثال جاءت من عمل إنسان، وكلّها كانت نتيجة استنارة الروح القدس، وكُتبت للكنائس كتشجيع ووعظ للإخوة والأخوات في الكنائس. لم تكن كلمات تكلم بها الروح القدس – لم يستطع بولس أن يتكلم بالنيابة عن الروح القدس، ولم يكن نبيًا، فضلاً عن أنه لم يرَ الرؤى التي رآها يوحنا. لقد كتب رسائله لكنائس أفسس وفلادلفيا وغلاطية وكنائس أخرى. ولذلك فإن رسائل بولس بالعهد الجديد هي رسائل كتبها بولس للكنائس وليست وحيًا من الروح القدس ولا أقوالاً مباشرةً من الروح القدس. هي مجرد كلمات تشجيع وتعزية ووعظ كتبها للكنائس أثناء مسار عمله. لذلك هي أيضًا سجل لمعظم عمل بولس آنذاك. كُتبت لجميع مَن كانوا إخوة وأخوات في الرب، حتى يتسنى للإخوة والأخوات في كل الكنائس آنذاك أن يتبعوا نصيحته ويلتزموا بطريق التوبة الذي أوصى به الرب يسوع. لم يقل بولس بأية وسيلة من الوسائل، سواء للكنائس في وقتها أو المستقبل، أن على الجميع أن يأكل ويشرب الكلام الذي كتبه، ولم يقل أن كلماته كلها جاءت من الله. بحسب ظروف الكنيسة آنذاك، هو ببساطة تواصل مع الإخوة والأخوات ووعظهم وألهمهم الإيمان؛ كان يكرز ببساطة ويذكِّر الناس ويعظهم. كانت كلماته مبنية على حِمْله الخاص، وقد دعَّم الناس من خلال تلك الكلمات. هو قام بعمل رسول الكنائس آنذاك، وكان عاملاً استخدمه الرب يسوع، ولذلك كان عليه أن يأخذ على عاتقه مسؤولية الكنائس ويتولَّى عملها، وقد كان عليه أن يتعلم بشأن مواقف الإخوة والأخوات ولهذا السبب كتب الرسائل للإخوة والأخوات جميعًا في الرب. إن كل ما قاله مما كان بنَّاءً وإيجابيًّا للناس كان صحيحًا، لكن ما قاله لا يمثل أقوال الروح القدس، ولا يمكنه أن يمثِّل الله. إن تعامل الناس مع سجلات الخبرات والرسائل البشرية كأنها كلمات قالها الروح القدس للكنائس يُعد فهمًا فاضحًا وتجديفًا هائلاً! وهذا الأمر صحيح بالأخص فيما يتعلق بالرسائل التي كتبها بولس للكنائس، لأن رسائله كُتبت للإخوة والأخوات بناءً على ظروف وموقف كل كنيسة في ذلك الوقت وكانت تهدف لتشجيع الإخوة والأخوات في الرب لكي يمكنهم نيل نعمة الرب يسوع. كانت رسائله تهدف إلى إنهاض الإخوة والأخوات آنذاك. يمكن أن نقول إن هذا كان حِمْله، وهو أيضًا الحِمْل الذي أُعطيَ له بالروح القدس؛ ففي النهاية، كان بولس رسولاً قاد كنائس زمانه وكتب رسائل للكنائس وشجعها – وكانت هذه هي مسؤوليته. كانت هويته هي هوية رسول عامل، وكان مجرد رسول مرسل من الله؛ لم يكن نبيًّا أو رائيًا. كان عمله وحياة الإخوة والأخوات في نظره لهما الأهمية البالغة. لذلك لم يكن يستطيع أن يتكلم نيابةً عن الروح القدس. لم تكن كلماته كلمات الروح القدس، وبالأحرى لا يمكن أن يُقال إنها كلمات الله، لأن بولس ليس إلا مخلوقًا من الله، وبالتأكيد لم يكن هو تجسُّد الله. لم تكن هويته مثل هوية يسوع. كانت كلمات يسوع هي كلمات الروح القدس، كلمات الله، لأن هويته كانت هوية المسيح – ابن الله. كيف يمكن أن يكون بولس مساويًا له؟ إن كانت الناس ترى أن رسائل وكلمات مثل رسائل وكلمات بولس هي أقوال الروح القدس، ويعبدونها كالله، فلا يمكن أن يُقال إلَّا أنَّهم يفتقرون كل الافتقار إلى التمييز. ولأصيغها بصورة أقسى، أليس هذا إلا تجديفًا؟ كيف يمكن لإنسان أن يتكلم نيابةً عن الله؟ وكيف ينحني الناس أمام سجلات رسائله وأقواله كما لو كانت كتابًا مقدسًا أو سماويًّا؟ هل يمكن أن ينطق إنسان بكلمات الله بلا اكتراث؟ كيف يمكن لإنسان أن يتحدث نيابةً عن الله؟ ولذلك ماذا تقول أنت، أوليست الرسائل التي كتبها إلى الكنائس تشوبها أفكاره الشخصية؟ كيف لا يمكن أن تشوبها الأفكار البشرية؟ لقد كتب الرسائل إلى الكنائس بناءً على خبراته ومعرفته الشخصية. على سبيل المثال، كتب بولس رسالة إلى كنائس غلاطية وكانت تحتوي على رأيه الشخصي، وكتب بطرس واحدةً أخرى، كان بها وجهة نظر أخرى. أيهما أتى من الروح القدس؟ لا أحد يستطيع أن يجيب بالتأكيد. لذلك، يمكن أن يُقال فقط إن كليهما تحمَّل حِمْلًا من أجل الكنائس، ومع ذلك فإن رسائلهما تمثل قامَتَيْهما، تمثل دعمهما للإخوة والأخوات ومسؤوليتهما تجاه الكنائس، وهي فقط تمثل العمل البشري؛ لم تكن رسائل من الروح القدس كليَّةً. إن كنت تقول إن رسائله هي كلمات الروح القدس، فأنت بلا عقل، وتُجدِّف! إن الرسائل البولسية ورسائل العهد الجديد الأخرى توازي مذكرات الشخصيات الروحية الأكثر حداثة. وهي على قدم المساواة مع كتب ووتشمان ني Watchman Nee أو اختبارات لورانس Lawrence، وخلافه. إن كُتب الشخصيات الروحية اللاحقة لم تُضمَّن في العهد الجديد، ومع ذلك فإن جوهر هؤلاء الناس هو نفس الجوهر: هم أناس استخدمهم الروح القدس أثناء فترة محددة، وهم لا يمثلون الله مباشرةً.

من "بخصوص الكتاب المقدس (3)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

249. اليوم، مَنْ منكم يجرؤ على أن يقول إن كل الكلام الذي يقوله هؤلاء الأشخاص الذين استخدمهم الروح القدس جاء من الروح القدس؟ هل يجرؤ أحد على قول هذه الأمور؟ إن كنت تقول هذه الأقوال، لماذا إذًا رُفض سفر نبوة عزرا؟ ولماذا رُفضت أسفار القديسين والأنبياء القدامى؟ إن كانت جميعها تأتي من الروح القدس، فلماذا تجرؤون على عمل مثل هذه الخيارات النَّزَوِيَّة؟ هل أنت مؤهل لاختيار عمل الروح القدس؟ لقد رُفضت أيضًا العديد من قصص إسرائيل. وإن كنت تؤمن بأن كتابات الماضي جميعها جاءت من الروح القدس، لماذا رُفضت بعض الأسفار إذًا؟ إن كانت قد جاءت جميعها من الروح القدس، كان يجب الاحتفاظ بها جميعًا، وإرسالها إلى الإخوة والأخوات في الكنائس لقراءتها. ما كان ينبغي أن يتم اختيارها أو رفضها بمحض الإرادة البشرية؛ ففِعل هذا أمر خاطئ. عندما أقول إن خبرات بولس ويوحنا اختلطت برؤاهم الشخصية فهذا لا يعني أن خبراتهما ومعرفتهما جاءت من الشيطان، ولكن يوجد القليل من الأمور التي جاءت من خبراتهما ورؤاهما الشخصية. كانت معرفتهم نابعة من خلفية خبرات واقعية في ذلك الوقت، ومَنْ استطاع بثقة أن يقول إن جميعها أتت من الروح القدس؟ إن كانت البشارات الأربع جميعها قد جاءت من الروح القدس، فلماذا قال كل من متى ومرقس ولوقا ويوحنا أشياءً مختلفة بشأن عمل يسوع؟ إن كنتم لا تؤمنون بهذا، انظروا للروايات التي جاءت في الكتاب المقدس عن كيفية إنكار بطرس للرب ثلاث مرات: جميعها مختلفة، وجميعها لها سماتها الخاصة. العديد من الجُهال يقولون: "الله المتجسِّد أيضًا إنسان، فهل يمكن أن تأتي الكلمات التي يقولها بأكملها من الروح القدس؟ إن امتزجت كلمات بولس ويوحنا بالإرادة البشرية، أليست الكلمات التي يقولها الله المتجسِّد حقًّا ممتزجة بالإرادة البشرية؟" الأشخاص الذين يقولون أمورًا مثل هذه هم عميان وجهلة! اقرأ الأناجيل الأربعة بدقة؛ اقرأ ما سجلته البشارات عن أمور فعلها يسوع وكلمات قالها. كل قصة كانت – ببساطة شديدة – مختلفة، وكان لكل قصة منظورها الخاص. إن كان كل ما كتبه الكُتَّاب في هذه الأسفار قد جاء من الروح القدس، أما وَجَبَ أن تكون جميعها متشابهةً ومتسقةً؟ لماذا توجد إذًا تناقضات؟ أليس الإنسان غبيًا جدًا لأنه لا يرى هذا؟

من "بخصوص الألقاب والهوية" في "الكلمة يظهر في الجسد"

250. يوثق إنجيل متى في العهد الجديد سلسلة أنساب يسوع. في البداية يقول إن يسوع من نسل إبراهيم، وابن داود وابن يوسف؛ ثم يقول إن يسوع حُبل به بالروح القدس ووُلد من عذراء مما يعني أنه ليس ابن يوسف ولا من نسل إبراهيم وأنه لم يكن ابن داود. مع ذلك تؤكد سلسلة الأنساب على نسبةِ يسوع إلى يوسف، ثم بعد ذلك تبدأ سلسلة الأنساب في تسجيل عملية ميلاد يسوع، فتقول إن يسوع حُبل به من الروح القدس ووُلد من عذراء وأنه ليس ابن يوسف. ومع ذلك في سلسلة الأنساب مكتوب بوضوح أن يسوع ابن يوسف، ولأن الأنساب مكتوبة ليسوع فهي تسجل اثنين وأربعين جيلاً. حين تتطرق لجيل يوسف، تقول سريعًا إن يوسف زوج مريم، وهي كلمات تثبت أن يسوع كان من نسل إبراهيم. أليس هذا تعارضًا؟ توثق سلسلة الأنساب بوضوح أصل يوسف، من الواضح أنها سلسلة أنساب يوسف، ولكن يصرَّ متَّى على أنها سلسلة أنساب المسيح. ألا ينكر هذا حقيقة كون يسوع قد حُبل به من الروح القدس؟ وعليه، أليست فكرة الأنساب التي ذكرها متى فكرًا بشريًّا؟ إنه أمر سخيف! بهذه الطريقة تدرك أن هذا السفر لم يأتِ كليًّا من الروح القدس. ربما هناك بعض الناس الذين يظنون أن الله يجب أن يكون له سلسلة أنساب على الأرض ولهذا السبب ينسبون يسوع كالحفيد من الجيل الثاني والأربعين لإبراهيم. إنه أمر حقًّا سخيف! بعد المجيء إلى الأرض، كيف يمكن أن يكون لله أنساب؟ إن قلت إن لله نسبًا، ألا تصنفه من بين مخلوقات الله؟ لأن الله ليس من الأرض، بل هو رب الخليقة، وعلى الرغم من مجيئه في جسد فهو ليس من نفس جوهر الإنسان. كيف يمكنك أن تصنف الله بنفس نوع خليقته؟ إبراهيم لا يمكن أن يمثل الله؛ لقد كان أداة لعمل يهوه آنذاك، كان مجرد خادم أمين وافق عليه يهوه، وكان واحدًا من شعب إسرائيل، كيف يمكنه أن يكون جَدًّا ليسوع؟

من "بخصوص الكتاب المقدس (3)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

251. أنا اليوم أفحص الكتاب المقدس بدقة بهذه الطريقة وهذا لا يعني أنني أكرهه أو أنكر قيمته كمرجع. أنا أشرح وأوضّح لك الأصول والقيمة المتأصلة للكتاب المقدس لكي أُطلقك من أسر الظُّلمة. وما دام لدى الناس الكثير من الآراء حول الكتاب المقدس، ومعظمها خاطئ؛ فإن قراءة الكتاب المقدس بهذه الطريقة لا تمنعهم فقط من الحصول على ما يجب عليهم الحصول عليه بل، الأكثر أهمية، أنها تعيق العمل الذي أنوي القيام به. إنها تشوّش بشدة على عمل المستقبل، وتقدم فقط العوائق وليس المميزات. لذلك، فإن ما أعلِّمك إياه هو ببساطة جوهر الكتاب المقدس وقصته الحقيقية. لا أطلب منك عدم قراءة الكتاب المقدس، أو أن تتجول مُعلِنًا أنه يخلو تمامًا من القيمة، بل أطلب منك فقط أن يكون لديك المعرفة والرأي الصحيحان عن الكتاب المقدس. لا تكن متحاملًا للغاية! فعلى الرغم من أن الكتاب المقدس كتاب تاريخي كتبه بشر، فهو أيضًا يوثق العديد من المبادئ التي من خلالها خدم الأنبياء والقديسون القدامى اللهَ، وأيضًا خبرات الرسل اللاحقة في خدمة الله، وجميعها قد رآها وعرفها هؤلاء الناس حقًّا، ويمكن أن تكون بمثابة مرجع لأناس هذا العصر في السعي وراء الطريق الحق. وبالتالي فمن خلال قراءة الكتاب المقدس يستطيع الناس اكتساب العديد من طرق الحياة التي لا يمكن إيجادها في كتب أخرى. هذه الطرق هي طرق حياة عمل الروح القدس الذي اختبره الأنبياء والرسل في العصور الماضية، والعديد من الكلمات ثمينة ويمكن أن توفر ما يحتاجه الناس. لذلك، يحب الناس جميعًا أن يقرؤوا الكتاب المقدس. ولأن هناك الكثير من الخبايا في الكتاب المقدس، تختلف آراء الناس فيه عن آرائهم في كتابات الشخصيات الروحية العظيمة. الكتاب المقدس هو سجل ومجموعة من خبرات ومعارف أناس خدموا يهوه ويسوع في العصرين القديم والجديد، ولذلك استطاعت الأجيال اللاحقة أن تحصل منه على الكثير من الاستنارة والإضاءة وطرق الممارسة. السبب في كون الكتاب المقدس أعلى من كتابات أية شخصية روحية عظيمة هو أن كتاباتهم (أي الشخصيات) مُستقاة من الكتاب المقدس، وكافة خبراتهم آتية من الكتاب المقدس، وجميعهم يشرحون الكتاب المقدس. وعليه، فمع أن الناس يمكنهم اكتساب استفادة من كتب أية شخصية روحية عظيمة، فإنهم لا يزالون يعبدون الكتاب المقدس؛ لأنه يبدو لهم ساميًا وعميقًا! وعلى الرغم من أن الكتاب المقدس يجمع بعض أسفار كلمات الحياة معًا، مثل الرسائل البولسية والبطرسية، ومع إمكانية حصول الناس على مساعدة وعون من هذه الأسفار، فإن هذه الأسفار قد فات أوانها، ولا تزال تنتمي لعصر قديم، ومهما كانت جودتها؛ فهي مناسبة لفترة واحدة فحسب، وليست أبدية؛ ذلك أن عمل الله يتطور دائمًا، ولا يمكن أن يقف ببساطة عند زمن بولس وبطرس أو يظل دائمًا في عصر النعمة الذي صُلب فيه يسوع. وعليه، فإن هذه الأسفار مناسبة لعصر النعمة فقط، وليس لعصر الملكوت في الأيام الأخيرة. بإمكانها فقط تقديم شيء لمؤمني عصر النعمة وليس قديسي عصر الملكوت، وبغض النظر عن مدى جودتها، فهي لا تزال عتيقة. وينطبق الشيء نفسه ينطبق على عمل يهوه في الخلق أو عمله في إسرائيل: لا يهم مدى عظمة هذا العمل، فهو مع ذلك قد أصبح عتيقًا، وقد مضى زمنه. عمل الله أيضًا مشابه: هو عمل عظيم، ولكن سيأتي وقت ينتهي فيه؛ لا يمكن أن يظل دائمًا ضمن عمل الخليقة ولا عمل الصلب. مهما يكنْ عمل الصلب مقنعًا، ومهما تكنْ فاعليته في دحر الشيطان، فالعمل، في المقام الأول، لا يزال عملاً، والعصور، في المقام الأول، لا تزال عصورًا؛ لا يمكن أن يبقى العمل دائمًا على الأساس نفسه، ولا يمكن ألا تتغير الأزمنة أبدًا، لأنه كانت هناك الخليقة، ويجب أن تكون هناك الأيام الأخيرة. هذا أمر حتمي! لذلك، فإن كلمات الحياة اليوم في العهد الجديد – رسائل الرسل والأناجيل الأربعة – أصبحت أسفارًا تاريخية، وتقاويم قديمة، فكيف ستأخذ التقاويمُ القديمة الناسَ إلى العصر الجديد؟ لا يهم مدى قدرة هذه التقاويم على مدِّ الناس بالحياة، ولا يهم قدرتها على قيادة الناس للصليب، أليست عتيقة الطراز؟ ألا تخلو من القيمة؟ لذلك أقول إنك يجب ألّا تؤمن بصورة عمياء بهذه التقاويم. فهي قديمة للغاية، ولا يمكنها إدخالك في العمل الجديد، ولا يمكن أن تكون إلا عبئًا عليك. ليس الأمر فقط أنها لن تُدخلَك في العمل الجديد، بل ستدخل بك في الكنائس الدينية القديمة، وإن كان ذلك هو الحال، ألستَ تتراجع في إيمانك بالله؟

من "بخصوص الكتاب المقدس (4)" في "الكلمة يظهر في الجسد"

252. لقد صنعتُ أعمالاً كثيرة بين البشر ونطقتُ بكلماتٍ كثيرة في ذلك الوقت. كانت تلك الكلمات لأجل خلاص الإنسان، وكان الغرض من قولها أن يصبح الإنسان في توافق معي. بيد أنني لم أربح إلا نفرًا قليلاً من الناس الذين توافقوا معي، لذلك أقول إن الإنسان لا يُثمِّن كلماتي، لأنه لا يتوافق معي. بهذه الطريقة، فإن الغرض من العمل الذي أعمله ليس مجرد أن يعبدني الإنسان، لكنَّ الأهم من ذلك أن يصبح الإنسان في توافق معي. إن البشر الذين فسدوا يعيشون بجملتهم في فخ الشيطان، جميعهم يعيشون للجسد ولرغبات ذواتهم، ولا يوجد بينهم مَنْ يتوافق معي. هناك مَنْ يقولون إنهم يتوافقون معي، لكنهم جميعًا يعبدون أوثانًا مبهمة؛ ومع أنهم يعترفون بأن اسمي قدوس، فإنهم يسلكون طريقًا معاكسًا لي، وكلمتهم مشحونة كبرياءً وإعجابًا بالنفس، ذلك لأنهم جميعًا – من الأساس – ضدي وغير متوافقين معي. يسعون في كل يوم إلى اقتفاء أثري في الكتاب المقدس ويبحثون عشوائيًا عن فقراتٍ "مناسبة" يقرأونها دون نهاية ويتلونها كنصوصٍ مقدسة، لكنهم لا يعرفون كيف يكونون في توافق معي أو ما يعنيه أن يكونوا في عداوة معي، بل يكتفون بقراءة الكتب المقدسة دون تدبُّر. إنهم يضعون داخل حدود الكتاب المقدس إلهًا غامضًا لم يروه من قبل ولا يستطيعون أن يروه، ويخرجونه ليتطلعوا إليه في وقت فراغهم. يعتقدون أن وجودي ينحصر فقط في نطاق الكتاب المقدس. في نظرهم، أنا والكتاب المقدس الشيء نفسه، ومن دون الكتاب المقدس لا وجود لي، كما أنه من دوني لا وجود للكتاب المقدس. إنهم لا ينتبهون إلى وجودي أو أعمالي، لكنهم – بدلاً من ذلك – يوجهون اهتمامًا خاصًا وفائقًا لكل كلمة من كلمات الكتب المقدسة، بل إن كثيرين منهم يعتقدون بأنني يجب ألا أقوم بما أريده إلا إذا كانت الكتب المقدسة قد تنبأت به. إنهم يولون الكتب المقدسة قدرًا مُبَالَغًا فيه من الأهمية لدرجة يمكن معها القول بأنهم يرون الكلمات والتعبيرات مهمة جدًا إلى الحد الذي يجعلهم يستخدمون آياتٍ من الكتاب المقدس ليقيسوا عليها كل كلمة أقولها، بل ويستخدمونها في إدانتي أيضًا. إنهم لا ينشدون طريق التوافق معي أو طريق التوافق مع الحق، لكن بالأحرى طريق التوافق مع كلمات الكتاب المقدس، ويعتقدون أن أي شيء لا يتوافق مع الكتاب المقدس، دون استثناء، ليس بعملي. أليس أولئك هم الأبناء البررة للفريسيين؟ لقد استخدم الفريسيون اليهود شريعة موسى في إدانة يسوع. لم ينشدوا التوافق مع يسوع ذلك الزمان، لكنهم حرصوا على اتباع الشريعة حرفيًا حتى أنهم سمَّروا يسوع البريء على الصليب في النهاية بعد أن اتهموه بمخالفة شريعة العهد القديم وأنه ليس المسيا. ماذا كان جوهرهم؟ أليس أنهم لم ينشدوا طريق التوافق مع الحق؟ لقد استبدَّ بهم الاهتمام البالغ بكل كلمة في الكتب المقدَّسة، لكنهم لم يلتفتوا إلى إرادتي وخطوات عملي وأساليبه. لم يكونوا أُناسًا يبحثون عن الحق، بل أناسًا تشبَّثوا بالكلمات بطريقة جامدة؛ لم يكونوا أناسًا يؤمنون بالله، بل أناسًا يؤمنون بالكتاب المقدس. لقد كانوا – في واقع الأمر – حرَّاسًا للكتاب المقدس. وفي سبيل حماية مصالح الكتاب المقدس، ورفعة شأنه وحماية كرامته، ذهبوا مذهبًا بعيدًا حتى إلى صلب يسوع الرحيم على الصليب، وهو ما فعلوه لمجرد الدفاع عن الكتاب المقدس والحفاظ على وضع كل كلمة من كلماته في قلوب الناس. لذلك فضَّلوا أن يتنازلوا عن مستقبلهم وعن ذبيحة الخطيّة حتى يدينوا يسوع الذي لم يلتزم بعقيدة الكتب المقدسة ويحكموا عليه بالموت. أليسوا بذلك عبيدًا لكل كلمة في الكتب المقدسة؟

وماذا عن الناس اليوم؟ لقد جاء المسيح لينشر الحق، لكنهم يفضلون أن يلفظوه من بين البشر حتى يدخلوا السماء وينالوا النعمة. إنهم يفضلون أن ينكروا مجيء الحق تمامًا حتى يحموا مصالح الكتاب المقدس، وسيفضلون أن يسمِّروا المسيح العائد في الجسد على الصليب مرة أخرى حتى يضمنوا الوجود الأبدي للكتاب المقدس. كيف يحصل الإنسان على خلاصي عندما يكون قلبه شريرًا وطبيعته معادية نحوي إلى هذا الحد؟ أنا أعيش بين البشر، لكن الإنسان لا يفطن إلى وجودي، وعندما أشرق بنوري عليه، يظل جاهلاً بوجودي، وعندما أسخط عليه، فإنه يتشدَّد أكثر في إنكار وجودي. يبحث الإنسان عن التوافق مع الكلمات، مع الكتاب المقدس، لكنَّ أحدًا لا يأتي أمامي طالبًا طريق التوافق مع الحق. يرفع الإنسان نظره إلىَّ في السماء ويهتم اهتمامًا خاصًا بوجودي في السماء، لكنَّ أحدًا لا يهتم بي متجسدًا، لأني أنا الذي أحيا بين البشر ببساطة ليس لي أهمية كبيرة. أنظر إلى أولئك الذين لا ينشدون سوى التوافق مع كلمات الكتاب المقدس ومع إله غامض فأراهم في منظرٍ بائس. ذلك لأن ما يعبدوه هو كلماتٍ ميتة وإله قادر على أن يمنحهم كنوزًا لا يُنطَق بها. ما يعبدوه هو إله يضع نفسه تحت رحمة الإنسان، وليس له وجود. ماذا إذًا يستطيع أشخاصٌ كأولئك أن ينالوا مني؟ الإنسان ببساطة وضيع جدًا حتى أن الكلمات لا تصفه. أولئك الذين يعادونني، الذين يطلبون مني طلبات لا تنتهي، الذين ليست فيهم محبة الحق، الذين يقاومونني، كيف يكونون في توافق معي؟

من "يجب أن تبحث عن طريق التوافق مع المسيح" في "الكلمة يظهر في الجسد"

253. الله نفسه هو الحق والحياة، والحق والحياة متلازمان. لذلك فإن مَنْ لا يستطيع أن يصل إلى الحق لن يصل مطلقًا إلى الحياة. فبدون إرشاد الحق ودعمه وعنايته لن تصل إلا إلى مجرد حروف وعقائد لا بل إلى الموت نفسه. حياة الله موجودة دائمًا، وحقه وحياته متلازمان. إذا تعذر عليك العثور على مصدر الحق، فلن تصل إلى طعام الحياة، وإذا تعذر عليك أن تصل إلى طعام الحياة، فبالتأكيد لن تدرك الحق، حينئذٍ، وبعيدًا عن التصورات والمفاهيم النظرية، يصبح جسدك كله لحمًا فحسب، لحماً نتنًا. اعلم أنَّ كلمات الكتب لا تُعتَبَر حياةً، وأنَّ سجلات التاريخ لا تُكرَّم كالحق، وعقائد الماضي لا يمكن اعتبارها تسجيلاً للكلام الذي يتكلم به الله اليوم. إن ما يعبّر عنه الله عندما يجيء إلى الأرض ويعيش بين البشر هو الحق والحياة وإرادة الله ومنهجه الحالي في العمل. إذا طَبَّقْتَ الكلمات التي نطق بها الله في العصور السالفة على حياتنا اليوم تصبح كعالم الآثار، ويكون أفضل وصفٍ لك أنك خبيرٌ في الإرث التاريخي، ذلك لأنك تؤمن دائمًا بالآثار الباقية لعمل الله الذي أتمّه في الأزمنة الماضية، وتصدّق فقط الظلّ الذي تركه الله في عمله السابق بين البشر، كما وتؤمن فقط بالمنهج الذي سلَّمه الله لمن تبعه في الأزمنة الماضية. فأنت لا تؤمن بمسار عمل الله اليوم وسماته المجيدة، كما ولا تؤمن بالطريقة التي يستخدمها الله الآن في التعبير عن الحق. لذلك فأنت – بلا شك – حالم بعيد كل البُعد عن الواقع. إذا كنت مُتمسّكًا الآن بكلماتٍ لا تقدر أن تحيي الإنسان، فأنت غصنٌ يابس ميؤوس منه،[أ] ذلك لأنك محافظ أكثر من اللازم ومعاند جداً ومنغلق تماماً أمام المنطق!

من "وحده مسيح الأيام الأخيرة قادر أن يمنح الإنسان طريق الحياة الأبدية" في "الكلمة يظهر في الجسد"

254. مسيح الأيام الأخيرة يهب الحياة، وطريق الحق الأبدي. هذا الحق هو الطريق الذي يستطيع الإنسان من خلاله أن يحصل على الحياة، وهو السبيل الوحيد الذي من خلاله يعرف الإنسانُ اللهَ ويتزكَّى منه. إن لم تَسْعَ نحو طريق الحياة الذي يقدمه مسيح الأيام الأخيرة، فلن تنال أبدًا تزكية يسوع، ولن تكون أهلاً لدخول ملكوت السموات، لأنك ستكون حينها ألعوبة وأسيرًا للتاريخ. أولئك الذين تتحكم فيهم الشرائع والحروف والذين يكبّلهم التاريخ لن يتمكّنوا مطلقًا من بلوغ الحياة ولن يستطيعوا الوصول إلى طريق الحياة الأبدي، فكل ما لديهم ليس إلا ماءً عكرًا تشبّثوا به لآلاف السنين، وليس ماء الحياة المتدفق من العرش. أولئك الذين لا يرويهم ماء الحياة سيبقون جثثًا إلى الأبد، ألعوبة للشيطان وأبناء للجحيم. كيف لهم حينذاك أن يعاينوا الله؟ لو كان كل ما تفعله هو محاولة التشبث بالماضي، والإبقاء على الأشياء كما هي بالوقوف جامدًا، وعدم محاولة تغيير الوضع الراهن وترك التاريخ، أفلا تكون دائمًا ضد الله؟ إن خطوات عمل الله هائلة وجبارة كالأمواج العاتية والرعود المُدوّية، لكنك في المقابل، تجلس وتنتظر الدمار دون أن تحرك ساكنًا، لا بل تتمسّك بحماقتك دون فعل شيء يُذكَر. بأي وجهٍ – وأنت على هذه الحال – يمكن اعتبارك شخصاً يقتفي أثر الحَمَل؟ كيف تبرر أن يكون الله الذي تتمسك به إلهًا متجدّدًا لا يشيخ مطلقًا؟ وكيف يمكن لكلمات كُتُبِكَ العتيقة أن تَعْبُر بك إلى عصرٍ جديدٍ؟ وكيف لها أن ترشدك في السعي نحو تتبّع عمل الله؟ وكيف لها أن ترتقي بك إلى السماء؟ ما تمسكه في يديك ليس إلا كلمات لا تستطيع أن تقدّم لك سوى عزاءٍ مؤقتٍ، وتفشل في إعطائك حقائق قادرة أن تمنحك الحياة. إن الكتب المقدسة التي تقرؤها لا تقدر إلا أن تجعلك فصيح اللسان، لكنها ليست كلمات الحكمة القادرة أن تساعدك على فهم الحياة البشرية، ناهيك عن فهم الطرق القادرة على الوصول بك إلى الكمال. ألا تعطيك هذه المفارقة سببًا للتأمّل؟ ألا تسمح لك بفهم الغوامض الموجودة فيها؟ هل تستطيع أن تقود نفسك بنفسك لتصل السماء حيث تلقى الله؟ هل تستطيع من دون مجيء الله أن تأخذ نفسك إلى السماء لتستمتع بسعادة العِشرَة معه؟ أما زلت تحلم حتى الآن؟ أشير عليك إذاً أن تنفض عنك أحلامك، وأن تنظر إلى مَنْ يعمل الآن، إلى مَنْ يقوم بعمل خلاص الإنسان في الأيام الأخيرة. وإن لم تفعل، فلن تصل مطلقًا إلى الحق ولن تنال الحياة.

من "وحده مسيح الأيام الأخيرة قادر أن يمنح الإنسان طريق الحياة الأبدية" في "الكلمة يظهر في الجسد"

الحواشي:

أ. غصنٌ يابس: مصطلح صيني يعني "تتعذر مساعدتك".

السابق: 5. كلمات عن العلاقة بين كلّ مرحلةٍ من مراحل عمل الله واسم الله

التالي: 7. كلمات عن شخصيَّة الله وما لديه ومن هو

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب