كيفية السعي إلى الحق (16)
ما الذي عقدنا حوله شركة في الاجتماع الأخير؟ (في الاجتماع الأخير، عقد الله شركة في المقام الأول حول التخلي عن تكييف الأسرة فيما يتعلق بالتقاليد، والخرافات، والدين. عقد الله شركة تفصيلية حول بعض الأقوال المتعلقة بالإيمان بالخرافات مثل: "العجائن للمغادرة، والمعكرونة للعودة"، و"ارتعاش العين اليسرى ينبئ بثروة، ولكن ارتعاش العين اليمنى ينبئ بكارثة"، وكذلك تأثير بعض العادات التقليدية المتعلقة برأس السنة الصينية الجديدة والأعياد الأخرى على الناس. وفي الوقت نفسه، عقد الله معنا شركة حول الطريقة الصحيحة التي يجب أن نتعامل بها مع هذه الأقوال والممارسات التقليدية والمتصلة بالخرافات، وهي الإيمان بأن بعض الأحداث ستقع بالفعل، مع الإيمان أيضًا بأن كل شيء بيد الله. وبغض النظر عما قد تشير إليه هذه الأقوال أو ما قد يقع من أحداث، يجب علينا جميعًا أن نتبنى موقف الخضوع، وأن نتمكن من وضع أنفسنا تحت رحمة تنظيم الله وترتيباته). كانت هذه هي العناصر الأساسية لشركتنا في الاجتماع الأخير. أما فيما يتعلق بالمحتوى المتصل بالتقاليد والخرافات والأديان التي تكيف العائلات الناس عليها، فقد عقدنا شركة تفصيلية حول بعض الأمور التي يواجهها الناس في حياتهم اليومية. وعلى الرغم من أن محتوى شركتنا غطى فقط التقاليد، والخرافات، والأديان، التي تنطوي عليها الحياة اليومية للشعب الصيني التي نعرفها جميعًا، ولا تمثل كل الأمم والأعراق، فإن التقاليد، والخرافات، والأديان التي يتمسك بها الناس الذين يعيشون في مناطق مختلفة وبين أعراق مختلفة تماثلها في طبيعتها؛ فكلها تراعي بعض التقاليد، والعادات المعيشية، والأقوال التي تتعلق بالخرافات التي توارثوها عن أسلافهم. بغض النظر عما إذا كانت هذه الأشياء المتعلقة بالخرافات تأثيرًا نفسيًا لعقول الناس أو أنها حقيقية موضوعيًا، باختصار، يجب أن يكون موقفكم تجاهها هو أن تدركوا بوضوح الفكر أو الجوهر الأساسي وراء هذه الخرافات. وفي الوقت نفسه، يجب ألا تتأثروا بها أو تنزعجوا منها. يجب أن تؤمنوا بدلًا من ذلك أن كل شيء يخص الناس هو بيد الله، وأن الخرافات ليست هي ما يتلاعب بالناس، وأن الخرافات بالتأكيد ليست هي ما يقرر مصائر الناس أو حياتهم اليومية. وبغض النظر عما إذا كانت الخرافات حقيقية أم لا، وبغض النظر عما إذا كانت فعالة أو صحيحة، ففي جميع الأحوال، يجب أن يكون للناس مبدأ يتوافق مع الحق عند التعامل مع مثل هذه الأمور. لا ينبغي أن تسحرهم هذه الخرافات أو تسيطر عليهم، وبالتأكيد لا ينبغي أن يسمحوا لها بالتدخل مع الأهداف العادية لسعيهم أو ممارستهم للمبادئ. ومن بين موضوعات التقاليد، والخرافات، والدين، تخلق الخرافات أكبر قدر من التداخل وتمارس أكبر تأثير على حياة الناس وأفكارهم ووجهات نظرهم في مختلف الأمور. لا يجرؤ الناس عمومًا على التخلي عن هذه المقولات والتعريفات القائمة على الخرافات، ولا تُحلّ مشكلات الحياة التي تخلقها هذه الخرافات أبدًا. وحقيقة أن الناس لا يجرؤون على كسر أغلال هذه العبارات القائمة على الخرافات في حياتهم اليومية تثبت أنهم لا يملكون إيمانًا كافيًا بالله بعد. إنهم لم يدركوا بعد حقيقة سيادة الله على كل شيء وسيادته على مصير البشرية، ولم يفهموها بعد. ولذلك سيكون الناس مقيدين تمامًا عندما يواجهوا مقولة خرافية أو بعض المشاعر التي تتعلق بالخرافات. وخاصةً عندما يتعلق الأمر بأحداث كبيرة تتعلق بالحياة والموت، أو ثرواتهم، أو حياة وموت أحبائهم، فإن الناس يكونون مكبلين بهذه المحظورات والأقوال المزعومة المتعلقة بالخرافات أكثر، وبدرجة كبيرة يكونون عاجزين عن تحرير أنفسهم. إنهم يخافون باستمرار أن يخالفوا أحد المحظورات فيتحقق الأمر، أو أن تحل بهم مصيبة ما، أو أن يصيبهم مكروه. عندما يتعلق الأمر بالخرافات، يعجز الناس دائمًا عن رؤية جوهر المسألة، ويكونون أقل قدرة على التحرر من أغلال جميع أنواع الأقوال القائمة على الخرافات. وبالطبع، هم أيضًا غير قادرين على رؤية تأثير الخرافات على حياة الناس. من منظور السلوك البشري وأفكار الناس وآرائهم حول الخرافات، لا يزال وعيهم ومنظورات أفكارهم تحت سطوة الشيطان إلى حد كبير، ويسيطر عليها نوع من القوة الخفية من خارج العالم المادي. لذا، على الرغم من أن الناس يتبعون الله ويقبلون كلامه، فإنهم لا يزالون تحت سيطرة الأقوال القائمة على الخرافات التي تتعلق بثرواتهم، وحياتهم وموتهم، ووجودهم. يعني هذا أنهم لا يزالون يؤمنون في أعماق أفكارهم بأن هذه الأقوال القائمة على الخرافات حقيقية حقًا. ما الذي يعنيه إيمانهم بهذا؟ إنه يعني أن الناس لا يزالون خاضعين لسيطرة المخالب الخفية وراء هذه الخرافات، بدلًا من أن يدركوا حقًا أن مصائرهم تحكمها وترتبها يد الله. ويعني أيضًا أنهم ليسوا سعداء أو مرتاحين تمامًا وهم يضعون مصائرهم بين يدي الله، بل يتحكم فيهم الشيطان بشكل لا إرادي. على سبيل المثال، الحياة اليومية، وقواعد البقاء على قيد الحياة، والمفاهيم، وما إلى ذلك لدى الأشخاص الذين يمارسون الأعمال التجارية بانتظام، والأشخاص الذين يسافرون كثيرًا، والأشخاص الذين اعتادوا الإيمان إلى حد ما بالأنشطة والأقوال القائمة على الخرافات مثل قراءة الوجوه، والأضلاع الثمانية، وتنجيم "آي تشينغ"، ودراسات الين واليانغ، وما شابه ذلك، تتأثر بشدة بهذه الخرافات، التي تتحكم بها وتتلاعب بها أيضًا. أي أنه أيًا كان ما يفعلونه، فلا بد أن يكون له أساس نظري مستمد من الخرافات. على سبيل المثال، عندما يخرجون، عليهم أن يطلعوا على ما يقوله التقويم، وما إذا كان هناك أي محظورات. عند ممارسة الأعمال التجارية، أو توقيع العقود، أو بيع أو شراء المنازل، وما إلى ذلك، عليهم بالتأكيد الرجوع إلى التقويم في ذلك اليوم. وإذا لم يفعلوا ذلك، فإنهم يشعرون بعدم اليقين ولا يعرفون ما قد يحدث. إنهم لا يشعرون باليقين وراحة البال إلا عندما يتصرفون ويتخذون القرارات بعد الرجوع إلى التقويم. علاوة على ذلك، فإنهم يصبحون مقيدين بهذه الخرافات بسبب حدوث بعض الأشياء السيئة نتيجة لمخالفتهم بعض المحظورات، فتصبح بعد ذلك معرفتهم واعتقادهم بأن هذه الخرافات حقيقية أكثر يقينًا، ويؤمنون أشد الإيمان بأن مصائر الناس، وحظوظهم، وحياتهم ومماتهم، تتحكم فيها الأقوال القائمة على الخرافات، وأن في عالم الغيب والغيبيات يد كبيرة خفية تتحكم في مصائرهم وتتحكم في حياتهم ومماتهم. لذلك يؤمنون إيمانًا شديدًا بكل الأقوال الخرافية، ولا سيما تلك التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحياتهم وبقائهم، لدرجة أنهم بعد الإيمان بالله، رغم أنهم يعترفون لفظيًا ويؤمنون بأن مصائر الناس بيد الله، إلا أنهم غالبًا ما ينزعجون لا إراديًا من مختلف المقولات القائمة على الخرافات وتتحكم بهم في أعماق قلوبهم، حتى أن بعض الناس يخلطون بين ما يسمى بمحظورات الحياة – ماذا يتعارض مع ماذا، وما هو مقدر له الحدوث في مصير المرء، وغيرها من هذه المقولات القائمة على الخرافات – وبين مبادئ الحق، ويلتزمون بها. هذه المواقف التي يضمرها الناس تجاه الخرافات تؤثر بشدة على المواقف التي يحملونها تجاه الحق وكلام الله في حضرة الله، كما أنها تؤثر بشدة على المواقف التي يحملها الناس ككائنات مخلوقة تجاه الخالق، وبالطبع تؤثر على موقف الله تجاه هؤلاء الناس. هذا لأنه بينما يتبع الناس الله، فإنهم لا يزالون خاضعين طوعًا ولا إراديًا لسيطرة مختلف الأفكار والأقوال التي تنطوي على الخرافات وتزعجهم، والتي غرسها فيهم الشيطان. وفي الوقت نفسه، يصعب على الناس أيضًا أن يتخلوا عن مختلف الأفكار والأقوال القائمة على الخرافات.
من بين الأشياء التي تكيّف العائلات الناس عليها، الخرافات في الواقع هي التي تتداخل في حياة الناس بأقصى درجة، وتشكل الأثر الأكثر عمقًا ودوامًا فيهم. لذلك، عندما يتعلق الأمر بالخرافات، يجب على الناس أن يفحصوها ويتعرفوا عليها في حياتهم الواقعية الواحدة تلو الأخرى، وأن يروا ما إذا كانوا قد تلقوا أي نوع من التكييف أو التأثير من أسرهم، أو عائلاتهم الأكبر، أو عشائرهم فيما يتعلق بالخرافات. وإذا كانوا قد فعلوا ذلك، فينبغي عليهم أن يتخلوا عن هذه الخرافات الواحدة تلو الأخرى، بدلًا من التشبث بها، لأن هذه الأشياء لا صلة لها بالحق. عندما تظهر ممارسة طريقة العيش التقليدية بشكل متكرر في الحياة اليومية للمرء، يمكن أن تجعله يخضع لسيطرة الشيطان بشكل طوعي وغير إرادي. والأكثر من ذلك أن الأقوال القائمة على الخرافات التي تؤثر على أفكار الناس هي أكثر قدرة على إبقاء الناس تحت سيطرة الشيطان بحزم. لذلك، إلى جانب التقاليد والأديان، يجب التخلي عن أي أفكار، أو آراء، أو أقوال، أو قواعد متعلقة بالخرافات على الفور، وعدم التشبث بها. لا توجد محظورات مع الله. إن كلام الله ومتطلباته من البشر ومقاصده معبّر عنها بوضوح في كلام الله. علاوة على ذلك، كل ما يقوله الله للناس أو يطلبه منهم في كلامه يتعلق بالحق ولا يحتوي على أي عناصر غريبة. يخبر الله الناس بوضوح وصراحة كيف يتصرفون وما هي المبادئ التي يجب الالتزام بها في أي الأمور. لا توجد أي محظورات ولا توجد أي تفاصيل أو أقوال مزعجة. ما يجب على الناس الالتزام به هو التصرف وفقًا لمبادئ الحق بحسب ظروفهم الفعلية. لا تحتاج إلى النظر إلى التاريخ أو الوقت لممارسة كلام الله والالتزام بمبادئ الحق؛ فلا توجد محظورات. ليست هناك حاجة أيضًا إلى استشارة التقويم، فضلًا عن الأبراج، أو ما إذا كان القمر بدرًا أو هلالًا في ذلك اليوم؛ لا داعي لأن تقلق بشأن هذه الأشياء. يتحرر الناس ويُعتقون تحت سلطان الله وسيادته، وتكون قلوبهم هادئة ومبتهجة ومطمئنة، وليست مملوءة بالذعر أو الخوف، وبالتأكيد ليس الكبت. إن الذعر والخوف والكبت هي مجرد مشاعر ناتجة عن مختلف الأقوال القائمة على الخرافات. إن الحق، وكلام الله، ومتطلبات الله، وعمل الروح القدس، تجلب للناس السلام والفرح، والحرية والتحرر، والراحة والسعادة. لكن الخرافات تجلب للناس العكس تمامًا؛ فهي تقيدك، وتمنعك من فعل هذا أو ذاك، وتمنعك من أكل هذا أو ذاك. كل ما تفعله خطأ، وكل ما تفعله ينطوي على أمر محظور، وكل شيء يجب أن يكون وفق أقوال التقويم القديم. ما هو الوقت في التقويم القمري، وما الذي يمكن فعله في أي يوم، وما إذا كان بإمكانك الخروج أم لا؛ وحتى حلاقة الشعر، والاستحمام، وتغيير الملابس، ورؤية الناس، كلها تنطوي على محظوراتها الخاصة. وعلى وجه الخصوص، حفلات الزفاف والجنازات، والانتقال من المنزل، والخروج لقضاء بعض المهام، والبحث عن عمل، جميعها تعتمد بشكل أكبر على التقويم القمري. يستخدم الشيطان جميع أنواع الأقوال الغريبة والخرافية لتقييد الناس تمامًا. ما هو غرضه من ذلك؟ (السيطرة على الناس). بتعبير عصري، إنه يجعل وجوده محسوسًا. ماذا يعني ذلك؟ يعني إشعار الناس بوجوده، وإعلامهم بأن هذه الادعاءات التي يطرحها حول المحظورات حقيقية، وأن له القول الفصل، وأنه قادر على فعل هذه الأشياء، وإذا لم تستمع له فسوف يفعل شيئًا تنظر إليه ويسترعي انتباهك. ماذا يقول ذلك التشبيه؟ يقول: "السيدة العجوز تضع أحمر الشفاه لتعطيك شيئًا تنظر إليه". يعني هذا أنك إذا لم تستمع أو إذا انتهكت هذا الأمر المحظور، فعليك أن تنتظر وترى، وعليك أن تتحمل العواقب. إذا كان الناس لا يؤمنون بالله، فإنهم يخافون من هذه المحظورات، لأن الناس في النهاية هم من لحم ودم، ولا يمكنهم محاربة مختلف الأشكال من الأبالسة والشيطان في العالم الروحي. لكن الآن وقد عدت أمام الله، فإن كل شيء عنك، بما في ذلك أفكارك وكل يوم من أيام حياتك، هو تحت سيطرة الله. الله يرعاك ويحميك. أنت تعيش وتوجد تحت سلطان الله، وأنت لست في قبضة الشيطان. لذلك، لم تعد بحاجة إلى الالتزام بهذه المحظورات. بل على العكس، إذا كنت لا تزال تخشى أن يتمكن الشيطان من إيذائك، أو أن تقع لك أمور سيئة إذا لم تستمع إلى الشيطان أو تؤمن بالأشياء المحظورة التي تتحدث عنها الخرافات، فهذا يثبت أنك لا تزال تعتقد أن الشيطان يمكنه التحكم في مصيرك. وفي الوقت نفسه، هذا يثبت أيضًا أنك على استعداد للخضوع لتلاعب الشيطان ولا ترغب في قبول سيادة الله. يفعل الشيطان كل هذا ليعلم الناس أنه موجود حقًا. إنه يريد استخدام قواه السحرية للسيطرة على البشرية، والسيطرة على كل كائن حي. والغرض من السيطرة على هذه الكائنات الحية هو إهلاكها، والغرض والنتيجة النهائية من إهلاكه لها هو أن يلتهمها. بالطبع، الغرض من السيطرة عليها هو أيضًا جعل الناس يعبدونه. إذا أراد الشيطان إبليس أن يجعل وجوده محسوسًا، فعليه أن يُظهر بعض الفعالية. على سبيل المثال، يمكنه تحويل بيضة إلى براز. تُهدى هذه البيضة إلى مذبح روح شريرة، وإذا كنت جائعًا وتريد أكلها، وحاولت انتزاعها من الشيطان، فسيحول البيضة إلى براز ليريك قوته. ستخاف منه ولن تجرؤ على منافسته على الطعام. إذا جعلك شيء ما تخاف منه، ثم جعلك شيء آخر تخاف منه، فمع مرور الوقت ستبدأ في الإيمان به إيمانًا أعمى. وإذا آمنت به إيمانًا أعمى لفترة طويلة بما فيه الكفاية، فستبدأ في عبادته من أعماق قلبك. أليست هذه هي أهداف أفعال الشيطان؟ يتصرف الشيطان تحديدًا من أجل تحقيق هذه الأهداف. وبغض النظر عما إذا كان في الجنوب أو الشمال، وبغض النظر عن أي جنس من البشر هو، فإنهم جميعًا يعبدون الأرواح الشريرة والنجسة راكعين. لماذا يعبدونها راكعين؟ لماذا يمكن لتلك الأرواح الشريرة والنجسة التي يعبدونها راكعين أن يُشعل لها البخور باستمرار، من جيل إلى جيل؟ إذا كنت تقول إنها غير حقيقية، فلماذا يؤمن بها الكثير من الناس ويستمرون في إشعال البخور لها، والسجود لها، وتقديم النذور لها، ثم الوفاء بنذورهم، جيلًا بعد جيل؟ أليس لأن تلك الأرواح الشريرة والنجسة قد فعلت شيئًا ما؟ إذا لم تستمع إلى كلام الأرواح الشريرة، فإنها ستجعلك تمرض وستجعل الأمور تسوء معك، وستتسبب في أن تحل عليك الكوارث، وتجعل أبقار عائلتك مريضة وغير قادرة على حرث الحقول، بل ويتسببون في وقوع حوادث سيارات لعائلتك. سيبحثون عن طرق لإزعاجك، وكلما فعلوا ذلك، زادت متاعبك. لن تستطيع رفض الامتثال، وفي النهاية، لن يكون أمامك خيار سوى أن تعبدها راكعًا، وستحني رأسك طواعيةً للخضوع لها، وعندها ستكون سعيدة. ومنذ ذلك الحين، ستصبح ملكًا لها. انظر إلى هؤلاء الناس في المجتمع الذين تسيطر عليهم أرواح الثعالب أو الشخصيات المختلفة في العالم الروحي الذين يظهرون على المذابح. ماذا نسمي هذا؟ نسميه استحواذ الأرواح الشريرة عليهم أو أن تسكنهم أرواح شريرة. ويسمى هذا بين عامة الناس أن تسيطر عليه روح أو أن يتلبس شيء ما جسده. عندما تبدأ الأرواح الشريرة في البحث عن أجساد لتستولي عليها، لا يرغب المستهدفون في السماح لها بذلك، فتتداخل الأرواح الشريرة معهم وتزعجهم، مما يتسبب في وقوع حوادث ومشكلات في عائلاتهم. أولئك الذين يعملون في مجال الأعمال التجارية يعانون من الخسائر ولا يأتيهم أي زبائن؛ ويُعاقون لدرجة أنهم لا يستطيعون المضي قدمًا، ويكون تحقيق أي تقدم صعبًا للغاية بالنسبة إليهم. وفي نهاية المطاف، يخضعون ويوافقون. وبعد أن يوافقوا، تستخدم الأرواح الشريرة أجسادهم للقيام بأشياء، وللإتيان ببعض الآيات والعجائب، لاجتذاب الآخرين، وعلاج الأمراض، وقراءة الطالع، وحتى المساعدة في استدعاء أرواح الموتى، وما إلى ذلك. ألا تستخدم الأرواح الشريرة هذه الوسائل لتضليل الناس وإفسادهم والسيطرة عليهم؟
إذا كان المؤمنون بالله يعتنقون نفس وجهات نظر غير المؤمنين وآراءهم فيما يتعلق بهذه الأقوال القائمة على الخرافات، فما طبيعة هذا؟ (إنه تحدٍّ لله وتجديف عليه). هذا صحيح، هذا الرد دقيق جدًّا، إنه تجديف خطير على الله! أنت تتبع الله وتقول إنك تؤمن به، لكن في الوقت نفسه تتحكم فيك الخرافات وتزعجك؛ بل إنك قادر على اتباع الأفكار التي تغرسها الخرافات في الناس، والأخطر من ذلك أن بعضكم يخاف من هذه الأفكار والحقائق التي تنطوي على الخرافات. هذا أعظم تجديف على الله. فبالإضافة إلى أنك لا تقدر على الشهادة لله، أنت أيضًا تتبع الشيطان في مقاومة سيادة الله؛ وهذا تجديف على الله. هل تفهم؟ (نعم). إن جوهر إيمان الناس بالخرافات أو اتباعهم للخرافات هو التجديف على الله، لذا ألا ينبغي عليك أن تتخلى عن مختلف أنواع التكييف الذي تفرضه عليك الخرافات؟ (بلى). أبسط طريقة للتدريب على التخلي عنها هي ألا تدع نفسك تنزعج منها، بغض النظر عما إذا كانت تلك الخرافات حقيقية أم لا، وبغض النظر عما ستؤدي إليه. حتى إذا كانت العبارات التي تقولها الخرافات عن شيء معين حقيقية بشكل موضوعي، يجب ألا تنزعج منها أو تدعها تتحكم بك. لماذا؟ لأن كل شيء من ترتيب الله. وحتى لو تمكن الشيطان من إنجاز شيء ما، فإنه يتم بسماح من الله. وبدون سماح من الله، كما قال الله، لا يجرؤ الشيطان حتى على مس شعرة واحدة من رأسك. هذه حقيقة، وهي حقيقة يجب أن يؤمن بها الناس. لذلك، بغض النظر عن أي جفن من جفنيك يرتجف، أو إذا راودتك أحلام عن سقوط أسنانك، أو سقوط شعرك، أو موتك، أو أي نوع من الكوابيس، ينبغي أن تؤمن بأن هذه الأشياء بيد الله، ويجب ألا تتأثر بها أو تنزعج منها. لا أحد يمكنه أن يغير الأشياء التي يريد الله تحقيقها، ولا يمكن لأحد أن يغير الأشياء التي قدّرها الله. الأشياء التي قدّرها الله وخطط لها هي وقائع قد تحققت بالفعل. وبغض النظر عما إذا كان لديك هاجس أو أي نوع من النذر التي يوسوس بها لك هؤلاء الأبالسة والشيطان من العالم الروحي، يجب ألا تنزعج منها. فقط آمن بأن كل هذا بيد الله، وأن الناس يجب أن يخضعوا لتدبير الله وترتيبه. الأشياء التي على وشك الحدوث أو الأشياء التي لا يمكن أن تحدث كلها تحت سيطرة الله وضمن ما يقدره. لا يمكن لأحد أن يغيرها، وبالتأكيد لا يمكن لأحد أن يتدخل فيها. هذه حقيقة. فالخالق هو الذي يجب أن يعبده الناس راكعين، وليس أي قوة في العالم الروحي يمكنها أن تجعل الخرافات تتحقق أو تستعيدها. وأيًا كان حجم القوى السحرية التي يمتلكها الأبالسة والشيطان، وأيًا كانت المعجزات التي يستطيعون صنعها، أو أي أشياء يستطيعون تحقيقها، أو أي هواجس لدى الشخص أو أي أقوال خرافية يستطيعون تحويلها إلى حقيقة، فإن أيًا من هذا لا يعني أنهم يتحكمون في مصائر الناس. لا ينبغي أن يكون ما يعبده الناس جاثين على ركبهم ويؤمنون به هو الأبالسة والشيطان، بل الخالق. هذه هي الأمور التي يجب أن يفهمها الناس عندما يتعلق الأمر بموضوع التكييف العائلي الذي ينطوي على التقاليد، والخرافات، والأديان. وباختصار، سواء كان الأمر يتعلق بالتقاليد، أو الخرافات، أو الأديان، فما دام الأمر لا علاقة له بكلام الله، أو الحق، أو متطلبات الله من الناس، فعلى الناس أن يتخلوا عنه وينبذوه. وبغض النظر عما إذا كان الشيء هو أسلوب حياة أو نوعًا من التفكير، أو إذا كان قاعدة أو نظرية، فيجب على الناس أن يتخلوا عنه ما دام لا ينطوي على الحق. على سبيل المثال، في مفاهيم الناس، تعتبر الأشياء التي لها علاقة بالدين، مثل المسيحية، والكاثوليكية، واليهودية، وما إلى ذلك، أمورًا نبيلة ومقدسة نسبيًا مقارنة بالخرافات، أو التقاليد، أو الوثنية. يشعر الناس بشيء من الإعجاب أو الاستحسان لها في مفاهيمهم وفي أعماق عقولهم، ولكن مع ذلك، ينبغي على الناس أن يتخلوا عن الرموز، والأعياد الدينية، والإشارات المتعلقة بالدين، ولا يبالغوا في الاعتزاز بها أو يعاملوها معاملة الحق فيعبدوها ساجدين أو حتى يحتفظوا لها بمكان في قلوبهم. لا ينبغي القيام بذلك، فالرموز الدينية، والأنشطة الدينية، والأعياد الدينية، وبعض الأمور الدينية الشهيرة، وكذلك بعض الأقوال النبيلة نسبيًا في الدين، وغير ذلك، كلها تدخل في نطاق موضوع الدين الذي تحدثنا عنه. باختصار، الغرض من قول هذا كله هو أن جعلك تفهم حقيقة واحدة: عندما يتعلق الأمر بالأمور التي تتعلق بالخرافات، والتقاليد، والدين، بغض النظر عن كونها نبيلة أو غريبة نسبيًا، ما دامت لا تنطوي على الحق، وما دامت لا علاقة لها بالحق، فيجب التخلي عنها جميعًا، ولا ينبغي أن يتشبث بها الناس. وبالطبع، يجب نبذ الموضوعات التي تخالف مبادئ الحق بشكل خاص، ويجب عدم الاحتفاظ بها مطلقًا. يجب أن يتخلى الناس بشكل قاطع عن كل هذه الأشياء التي تأتي من تكييف عائلاتهم وتأثيرها واحدًا تلو الآخر، وألا يسمحوا لأنفسهم بالتأثر بها. على سبيل المثال، عندما تقابل بعض الإخوة والأخوات في عيد الميلاد، فبمجرد أن تراهم تقول لهم: "عيد ميلاد مجيد! عيد ميلاد سعيد!". هل من الجيد أن تقول "عيد ميلاد مجيد"؟ (لا، ليس جيدًا). هل من اللائق أن تقول: "بما أنه ذكرى اليوم الذي وُلد فيه يسوع، ألا ينبغي أن نأخذ اليوم عطلة ولا نفعل شيئًا على الإطلاق، ومهما كنا مشغولين بأعمالنا وواجباتنا، ألا ينبغي أن نتوقف ونركز على إحياء ذكرى أكثر يوم لا يُنسى في تلك الفترة الماضية من عمل الله"؟ (لا، ليس من اللائق). لماذا ليس من اللائق؟ (لأنه عمل فعله الله في الماضي، وهو أمر لا علاقة له بالحق). من ناحية التعاليم، هذا هو الحال. ومن الناحية النظرية، لقد أدركتم أصل هذه المسألة، لكن ماذا عن الواقع؟ هذا هو أبسط الأمور، وأنتم لا تستطيعون أن تعطوني جوابًا. لا يحب الله أن يفعل الناس مثل هذه الأشياء؛ فهو يزدري رؤيتها. الأمر بهذه البساطة. خلال احتفالات الأعياد، يقول غير المؤمنين: "عام جديد سعيد! عيد ميلاد سعيد!". إذا قاموا بتحيتي، أومئ برأسي فقط وأقول: "ولكم أيضًا!". بمعنى "عيد ميلاد مجيد لك أيضًا". أكرر هذه التحية بشفتي فقط، وهذا كل شيء. لكنني لا أقول هذا أبدًا عندما ألتقي بإخوتي وأخواتي. لماذا؟ لأنه عيد غير المؤمنين، عيد تجاري. في الغرب، كل الأعياد تقريبًا، سواء كانت تقليدية أو من صنع البشر، هي في الواقع مرتبطة بالتجارة ومرتبطة بالاقتصاد. حتى بالنسبة إلى بعض الأمم ذات التاريخ العريق، فإن أعيادها ترتبط فقط بالتقاليد وتطورت تدريجيًا إلى أنشطة تجارية مختلفة منذ القرن العشرين، وهي فرص تجارية ممتازة للتجار. وسواء كانت هذه الأعياد تجارية أو تقليدية، فهي في كل الأحوال لا علاقة لها بالأشخاص الذين يؤمنون بالله. ومهما كان حماس غير المؤمنين أو حتى المتدينين لهذه الأعياد، أو مدى عظمة هذه الأعياد وروعتها في أي بلد أو أمة كانت، فإنها لا علاقة لها بنا نحن الذين نتبع الله وليست أعيادًا يجب أن نهتم بها، ناهيك عن الاحتفال بها أو إحياء ذكراها. وهذا كله فضلًا عن الأعياد التقليدية التي تأتي من غير المؤمنين، فأيًا كان الأصل، أو المجموعة العرقية، أو الحقبة الزمنية، فهي لا علاقة لنا بها. حتى الأعياد التي تتعلق بكل فترة وكل جزء من المراحل الثلاث لعمل الله لا علاقة لنا بها. على سبيل المثال، الأعياد من عصر الناموس لا علاقة لنا بها، وعيد القيامة وعيد الميلاد وما إلى ذلك من عصر النعمة لا علاقة لنا بها بالتأكيد. ما الذي أريد أن أجعل الناس يفهمونه من خلال عقد شركة حول هذه الأشياء؟ أن الله لا يهتم بالأعياد أو أي لوائح في الأشياء التي يفعلها. إنه يتصرف بحرية وتحرر، دون أي محظورات، ولا يحتفل أبدًا بأي أعياد. حتى لو كانت بداية عمل الله الماضي أو نهايته أو يومًا خاصًا منه، فإن الله لا يحتفل أبدًا بذكراها. لا يُحيي الله ذكرى التواريخ، أو الأيام، أو الأوقات، ولا يُعرِّف الناس بها. من ناحية، هذا يُعرّف الناس أن الله لا يحيي ذكرى هذه الأيام، وأن الله لا يهتم بهذه الأيام. ويخبر الناس من ناحية أخرى أنه لا حاجة بهم لإحياء ذكرى هذه الأيام أو الاحتفال بها، وأنه لا ينبغي عليهم الاحتفال بهذه الأيام. لا يحتاج الناس إلى أن يتذكروا أي أيام أو أوقات تتعلق بعمل الله، فضلًا عن إحياء ذكراها. ماذا يحتاج الناس أن يفعلوا؟ إنهم بحاجة إلى الخضوع لترتيب الله وقبول سيادة الله تحت إرشاده. إنهم بحاجة إلى قبول الحق والخضوع للحق في حياتهم اليومية. الأمر بهذه البساطة. بهذه الطريقة، ألن تكون الحياة أسهل وأكثر متعة للناس؟ (بلى). ولذلك، فإن عقد الشركة حول هذه الأمور يجلب في الواقع التحرر والحرية لكل شخص، وليس العبودية. لأنه من ناحية، هذه الموضوعات هي حقائق موضوعية وأمور حقيقية يجب أن يفهمها الناس، ومن ناحية أخرى، فإنها تحرر الناس أيضًا وتسمح لهم بالتخلي عن هذه الأمور التي لا ينبغي عليهم التمسك بها. وفي الوقت نفسه، فإنها تتيح للناس أيضًا أن يعرفوا أن هذه الأشياء لا تمثل الحق، وأن هناك طريقًا واحدًا فقط لله يجب أن يلتزم به الناس، وهو الحق. هل تفهمون؟ (نعم).
عندما يتعلق الأمر بموضوع العائلة، بالإضافة إلى التخلي عن تكييف الأسرة، هناك جوانب أخرى يجب أن يتخلى عنها الناس. لقد عقدنا شركة سابقًا عن كيفية تكييف العائلة لتفكير المرء، ثم عقدنا شركة حول المقولات المختلفة عن الحياة التي تكيف العائلات الناس عليها. توفر جميع العائلات للناس حياة مستقرة ومجالاً للنمو، كما أنها توفر للناس إحساسًا بالأمان، وشيئًا يعتمدون عليه، ومصدرًا للضروريات الأساسية أثناء عملية نموهم. وبالإضافة إلى إشباع احتياجاتهم العاطفية، يحصل الناس أيضًا على إشباع احتياجاتهم المادية من خلال عائلاتهم. وبالطبع، يحصلون أيضًا على ضروريات الحياة، وبعض المعارف الحياتية العامة التي يحتاجون إليها أثناء نموهم. هناك العديد من الأشياء التي يحصل عليها الناس من عائلاتهم، لذا فإن العائلة بالنسبة إلى كل فرد هي جزء من الحياة يصعب بتره. إن الفوائد التي تجلبها العائلة للناس عديدة، ولكن بالنظر إليها من منظور محتوى شركتنا، فإن التأثيرات السلبية المختلفة والمواقف والمنظورات الحياتية السلبية التي تجلبها العائلة على الناس عديدة أيضًا. يعني هذا أنه على الرغم من أن عائلتك تجلب لك العديد من الأشياء الضرورية لحياتك الجسدية، وتوفر لك احتياجاتك الأساسية، وتمنحك سندًا ودعمًا عاطفيًا، فإنها في الوقت نفسه تجلب لك أيضًا بعض المشكلات التي لا داعي لها. بالطبع، من الصعب على الناس الهروب من هذه المشكلات والتخلي عنها قبل أن يفهموا الحق. تجلب عائلتك إلى حد ما اضطرابات كبيرة وصغيرة في حياتك اليومية ووجودك، مما يجعل مشاعرك تجاه أسرتك معقدة ومتناقضة في كثير من الأحيان. وبما أن عائلتك تلبي احتياجاتك العاطفية وفي الوقت نفسه تتدخل في حياتك على المستوى العاطفي، فإن مصطلح "العائلة" يثير أفكارًا معقدة وصعبة الصياغة لدى معظم الناس. أنت تشعر بالحنين والتعلق، وبالطبع الامتنان تجاه عائلتك. ولكن في الوقت نفسه، فإن العوائق التي تجلبها لك عائلتك تجعلك تشعر بأنها مصدر كبير للمتاعب. يعني هذا أنه بعد أن يصبح الشخص بالغًا، يصبح مفهومه، وأفكاره، ووجهات نظره تجاه عائلته معقدة نسبيًا. إذا تخلى عن عائلته أو نبذها أو توقف عن التفكير فيها تمامًا، فلن يقدر ضميره على تحمل ذلك. وإذا فكر في عائلته، واستعاد ذكرياته، وألقى بنفسه بكل إخلاص في هذا الأمر كما كان يفعل في طفولته، فسيشعر بعدم الرغبة في القيام بذلك. غالبًا ما يختبر الناس هذا النوع من الحالات، هذا النوع من الأفكار، أو وجهات النظر، أو الحالات عند التعامل مع عائلاتهم، وهذه الأفكار ووجهات النظر أو الحالات تأتي أيضًا من تكييف عائلاتهم. هذا هو الموضوع الذي سنعقد شركة حوله اليوم: العبء الذي تضعه العائلات على الناس.
لقد عقدنا شركة للتو عن الكيفية التي غالبًا ما تجعل بها العائلة المرء يشعر بالحيرة وعدم الارتياح. إنه يريد أن يتخلى تمامًا، لكنه يشعر بتأنيب الضمير ولا يملك الشجاعة لذلك. إذا لم يتخل، بل استثمر بكل إخلاص في عائلته واندمج معهم، فإنه غالبًا ما يشعر بالحيرة تجاه ما يتعين عليه فعله، لأن بعض وجهات نظره تتعارض مع وجهات نظر عائلته. لذا، يشعر الناس بصعوبة شديدة في التعامل مع عائلاتهم؛ فهم لا يستطيعون الوصول إلى توافق تام معهم، لكنهم أيضًا لا يستطيعون الاستغناء عنهم تمامًا. دعونا اليوم إذن نعقد شركة حول الكيفية التي يجب على المرء أن يتعامل بها مع علاقته بعائلته. ينطوي هذا الموضوع على بعض الأعباء التي تأتي من عائلته، وهو الموضوع الثالث في محتوى التخلي عن العائلة؛ أي التخلي عن الأعباء التي تأتي من عائلة المرء. هذا موضوع مهم. ما هي بعض الأشياء التي يمكنكم أن تفهموها فيما يتعلق بالأعباء التي تأتي من العائلة؟ هل تتعلق بمسؤوليات المرء، والتزاماته، وبر الوالدين، وما إلى ذلك؟ (نعم). تتضمن الأعباء التي تأتي من العائلة المسؤوليات، والالتزامات، وبر الوالدين التي يجب على المرء الوفاء بها تجاه عائلته. من ناحية، هذه هي المسؤوليات والالتزامات التي يجب على المرء الوفاء بها، ولكن من ناحية أخرى – في ظروف معينة ومع أفراد معينين – تصبح اضطرابات في حياة الشخص، وهذه الاضطرابات هي ما نسميها أعباء. عندما يتعلق الأمر بأعباء العائلة، يمكننا مناقشتها من جانبين. الجانب الأول هو توقعات الوالدين. كل والد أو مسن لديه توقعات متفاوتة، كبيرة وصغيرة، من أبنائه. إنه يأمل أن يجتهد أبناؤه في الدراسة ويحسنوا السلوك ويتفوقوا في المدرسة ويكونوا طلابًا ممتازين ولا يتقاعسوا. يريد أن يحظى أطفاله باحترام المعلمين وزملائهم في الفصل، وأن تكون درجاتهم أعلى من 80 باستمرار. إذا حصل الطفل على 60، فسيُضرب، وإذا حصل على أقل من 60، فيجب أن يواجه الحائط ويفكر في أخطائه، أو يتم إجباره على الوقوف دون حراك كعقاب له. لن يُسمح له بتناول الطعام، أو النوم، أو مشاهدة التلفاز، أو اللعب على الكمبيوتر، ولن تُشترى له الملابس والألعاب الجميلة التي وُعد بها من قبل. كل مجموعة من الآباء والأمهات لديهم توقعات مختلفة لأطفالهم ويعلقون عليهم آمالاً كبيرة. إنهم يأملون أن يكون أولادهم ناجحين في الحياة، وأن يحققوا تقدمًا سريعًا في حياتهم المهنية، وأن يجلبوا الشرف والمجد لأسلافهم وعائلاتهم. لا يريد الآباء لأبنائهم أن يصبحوا متسولين، أو مزارعين، أو لصوصًا وقطاع طرق. وكذلك لا يريد الآباء أن يصبح أبناؤهم مواطنين من الدرجة الثانية بعد دخولهم المجتمع، أو أن ينبشوا القمامة، أو يبيعوا بضاعتهم على الأرصفة، أو أن يكونوا باعة متجولين، أو أن ينظر إليهم الآخرون بازدراء. وبغض النظر عما إذا كانت توقعات الآباء هذه يمكن أن يحققها الأبناء أم لا، على أي حال، فإن الآباء لديهم كل أنواع التوقعات لأبنائهم. إن توقعاتهم هي صورة لما يعتقدون أنها أشياء أو مساعٍ جيدة ونبيلة لأبنائهم، ويمنحونهم الرجاء، آملين أن يتمكنوا من تحقيق هذه الرغبات الأبوية. ماذا تخلق هذه الرغبات من الآباء والأمهات لأبنائهم عن غير قصد إذن؟ (الضغط). إنها تخلق ضغطًا، وماذا أيضًا؟ (الأعباء). إنها تصبح ضغطًا وتصبح أيضًا أغلالًا. بما أن الآباء والأمهات لديهم توقعات لأبنائهم، فإنهم سيؤدبون أبناءهم ويوجهونهم ويعلمونهم وفقًا لتلك التوقعات، بل إنهم سيستثمرون في أبنائهم لتحقيق توقعاتهم، أو يدفعون أي ثمن مقابل ذلك. على سبيل المثال، يأمل الآباء والأمهات أن يتفوق أبناؤهم في المدرسة، وأن يكونوا من الأوائل في الصف، وأن يحصلوا على أعلى من 90 درجة في كل امتحان، وأن يكونوا دائمًا في المركز الأول؛ أو على أسوأ تقدير، ألا يقل ترتيبهم عن المركز الخامس. بعد التعبير عن هذه التوقعات، ألا يقوم الآباء أيضًا ببعض التضحيات في الوقت نفسه لمساعدة أطفالهم على تحقيق هذه الأهداف؟ (بلى). من أجل أن يحقق أطفالهم هذه الأهداف، يستيقظون في الصباح الباكر لمراجعة الدروس وحفظ النصوص، ويستيقظ آباؤهم أيضًا في وقت مبكر لمرافقتهم. في الأيام الحارة، سيساعدون في التهوية على أطفالهم، أو إعداد المشروبات الباردة لهم، أو شراء المثلجات لهم لتناولها. يستيقظون في الصباح الباكر لإعداد حليب الصويا وأصابع الحلوى المقلية، والبيض لأطفالهم. وأثناء فترة الامتحانات بصفة خاصة، سيجعل الآباء أطفالهم يأكلون إصبع حلوى مقليًا وبيضتين، على أمل أن يساعدهم ذلك في الحصول على 100 درجة. إذا قلت: "لا يمكنني تناول كل هذا، بيضة واحدة تكفي"، سيقولون: "أيها الطفل السخيف، ستحصل على عشر درجات فقط إذا أكلت بيضة واحدة. تناول بيضة أخرى من أجل أمك. ابذل قصارى جهدك؛ إذا تمكنت من أكل هذه البيضة ستحصل على مائة درجة". يقول الطفل: "لقد استيقظت للتو، لا أستطيع أن آكل بعد". فتقول: "لا، يجب عليك أن تأكل! أحسن السلوك واسمع كلام أمك. أمك تفعل ذلك من أجل مصلحتك، لذا هيا تناولها من أجل أمك". يتأمل الطفل مفكرًا: "أمي تهتم كثيرًا. كل ما تفعله هو لمصلحتي، لذا سآكلها". ما يؤكل هو بيضة، ولكن ما الذي يتم ابتلاعه بالفعل؟ إنه الضغط؛ إنه الرفض وعدم الرغبة. إن الأكل جيد وتوقعات الأم عالية، ومن منطلق الإنسانية والضمير يجب أن يقبلها المرء، ولكن من منطلق العقل، يجب أن يقاوم المرء هذا النوع من الحب ولا يقبل هذا الأسلوب في عمل الأشياء. ولكن، للأسف، ليس ثمة ما يمكنك عمله. إذا لم تأكل ستغضب، وستتعرض للضرب أو التوبيخ أو حتى السب. يقول بعض الآباء: "انظر إلى حالك، أنت عديم الفائدة لدرجة أن أكل بيضة واحدة يتطلب كل هذا الجهد. إصبع حلوى مقلي واحد وبيضتين، أليست هذه مائة درجة؟ أليس هذا كله من أجل مصلحتك؟ لكنك لا تزال غير قادر على أكلها؛ إذا لم تستطع أكلها فستستجدي الطعام في المستقبل. افعل ما يحلو لك!". هناك أيضًا بعض الأطفال الذين لا يستطيعون تناول الطعام حقًا، لكن والديهم يجبرونهم على تناول الطعام، وبعد ذلك يتقيأونه كله. التقيؤ في حد ذاته ليس مشكلة كبيرة، لكن والديهم يصبحون أكثر غضبًا، وإلى جانب أن الأطفال لا يتلقون تعاطفًا أو تفهمًا، فإنهم يتعرضون كذلك للتوبيخ. وإلى جانب تعرضهم للتوبيخ، يشعرون أكثر بأنهم خذلوا والديهم ويلومون أنفسهم أكثر. الحياة ليست سهلة لهؤلاء الأطفال، أليس كذلك؟ (إنها ليست سهلة). بعد التقيؤ، تبكي سرًا في الحمام، متظاهرًا بأنك ما زلت تتقيأ. وعندما تخرج من الحمام، تسارع بمسح دموعك، وتتأكد من أن أمك لا ترى ذلك. لماذا؟ إذا رأت، سينالك التوبيخ وحتى السباب: "انظر إليك، كم أنت عديم الفائدة. لماذا تبكي؟ أنتِ لا تصلح لشيء، أنتِ لا تستطيع حتى أن تأكل وجبة لذيذة كهذه. ماذا تريد أن تأكل؟ إذا كنت ستُحرم من وجبتك التالية، ستتمكن من تناول هذه الوجبة، أليس كذلك؟ لقد وُلدتَ لتعاني! إذا لم تستذكر باجهاد، إذا لم تؤد جيدًا في الامتحانات، فسينتهي بك الأمر إلى التسول للحصول على الطعام!". تبدو كل كلمة تنطق بها أمك وكأنها تهدف إلى تعليمك، ولكنها تبدو أيضًا وكأنها توبيخ؛ ولكن ما الذي تشعر به أنت؟ تشعر بتوقعات والديك وحبهما. لذا، في هذا الموقف، مهما كانت قسوة كلام أمك، عليك أن تتقبل كلماتها وتبتلعها والدموع في عينيك. وحتى إذا لم تستطع أن تأكل، فعليك أن تتحمل الأكل، وإذا شعرت بالغثيان، فلا زال عليك أن تأكل. هل هذه الحياة سهلة التحمل؟ (كلا، ليست كذلك). ولم لا؟ ما نوع التربية التي تتلقاها من توقعات والديك؟ (ضرورة الأداء الجيد في الامتحانات وأن يكون لك مستقبل ناجح). يجب أن تكون واعدًا، وعليك أن تكون على قدر محبة أمك وتعبها وتضحياتها، وعليك أن تكون على قدر توقعات والديك وألا تخذلهما. إنهما يحبانك كثيرًا، وقد ضحيا بكل شيء من أجلك، ويبذلان حياتهما ذاتها ليفعلا كل شيء من أجلك. فماذا أصبحت كل تضحياتهما وتربيتهما وحتى محبتهما؟ أصبحت شيئًا يجب عليك أن ترده، وفي الوقت نفسه، أصبحت عبئًا عليك. هكذا ينشأ العبء. وبغض النظر عما إذا كان الوالدان يفعلان هذه الأشياء بدافع الغريزة، أو بدافع الحب، أو بسبب الضرورات المجتمعية، ففي نهاية الأمر، استخدام هذه الأساليب في تربيتك ومعاملتك، وحتى غرس كل أنواع الأفكار فيك، لا يجلب لروحك الحرية، أو التحرر، أو الراحة، أو الفرح. ما الذي تجلبه لك؟ إنه الضغط، إنه الخوف، إنه الإدانة وعدم الارتياح في ضميرك. ماذا أيضاً؟ (الأغلال والقيود). الأغلال والقيود. والأكثر من ذلك أنه في ظل هذه التوقعات من والديك، لا يسعك إلا أن تعيش من أجل تحقيق آمالهما. ولكي تلبي توقعاتهما، ولكيلا تخيبها، ولكيلا تجعلهما يفقدان الأمل فيك، تذاكر كل مادة باجتهاد وضمير كل يوم، وتفعل كل ما يطلبانه منك. لا يسمحان لكِ بمشاهدة التلفاز، لذلك تقاوم بطاعة مشاهدة التلفاز، على الرغم من أنكِ ترغب في ذلك بشدة. لماذا أنت قادر على المقاومة؟ (خشية أن أخيّب آمال والديّ). أنت تخشى أنك إذا لم تستمع إلى والديك فإن أداءك الأكاديمي سيتراجع حقاً، ولن تتمكن من الالتحاق بجامعة مرموقة. أنت غير متأكد من مستقبلك. يبدو الأمر وكأنك لا تعرف ما الذي ينتظرك في طريقك للمستقبل دون رقابة والديك، وتأنيبهما، وقمعهما. أنت لا تجرؤ على التحرر من قيودهما، ولا تجرؤ على التحرر من أغلالهما. لا يسعك إلا أن تدعهما يضعان لك كافة أنواع القواعد، وتتركهما يتلاعبان بك، ولا تجرؤ على تحديهما. من ناحية، ليس لديك أي يقين بشأن مستقبلك؛ ومن ناحية أخرى، أنت غير راغب في تحديهما ولا ترغب في إيلامهما بوازع من ضميرك وإنسانيتك. تشعر بصفتك ابنًا لهما بأنك يجب أن تستمع إليهما لأن كل ما يفعلانه هو من أجل مصلحتك، ومن أجل مستقبلك، ومن أجل آفاقك. لذا، عندما يضعان لك كل أنواع القواعد، تطيعها بصمت. وحتى لو كان مقدار عدم رغبتك يزيد بمائة ضعف، فإنك لا تزال لا تستطيع إلا أن تطيع أوامرهما. إنهما لا يسمحان لك بمشاهدة التلفاز أو قراءة الكتب الترفيهية، لذلك لا تشاهد ولا تقرأ. لا يسمحان لك بتكوين صداقات مع هذا الزميل أو ذاك، لذلك لا تصادقهما. يخبرانك بوقت الاستيقاظ، فتستيقظ في ذلك الوقت. يخبرانك بوقت الراحة، فتستريح في ذلك الوقت. يخبرانك بكم من الوقت يجب أن تستذكر، فتستذكر ذلك الوقت. يقولان لك عدد الكتب التي يجب أن تقرأها، وعدد المهارات خارج المنهج التي يجب أن تتعلمها، وطالما أنهما يوفران لك الوسائل المالية لتتعلم، فأنت تتركهما يمليان عليك الأشياء ويتحكمان بك. يكون لدى بعض الآباء والأمهات على وجه الخصوص بعض التوقعات الخاصة من أبنائهم، آملين أن يتمكن أبناؤهم من التفوق عليهم، بل أكثر من ذلك، يأملون أن يتمكن أبناؤهم من تحقيق أمنية لم يتمكنوا هم من تحقيقها. على سبيل المثال، ربما أراد بعض الآباء والأمهات أن يصبحوا راقصين، ولكن لأسباب مختلفة – مثل العصر الذي نشأوا فيه أو الظروف العائلية – لم يتمكنوا من تحقيق تلك الأمنية في النهاية. لذا فإنهما يعكسان هذه الأمنية عليك. فبالإضافة إلى أنهما يطلبان منك أن تكون من بين الأفضل في دراستك وأن تلتحق بجامعة مرموقة، فإنهما أيضًا يسجلانك في دروس تعليم الرقص. يجعلانك تتعلم أنماط رقص مختلفة خارج المدرسة، وتتعلم المزيد في صفوف الرقص، وتتدرب أكثر في المنزل، وأن تكون الأفضل على الإطلاق في صفك. وفي النهاية، لا يطالبانك بالقبول في جامعة مرموقة فحسب، بل يطالبانك أيضًا بأن تصبح راقصًا. اختياراتك هي إما أن تصبح راقصًا أو أن تلتحق بجامعة مرموقة، ثم الدراسات العليا، ثم الحصول على درجة الدكتوراه. ليس أمامك سوى هذين الطريقين للاختيار بينهما. في توقعاتهما، يأملان من ناحية أن تجتهد في الدراسة في المدرسة، وتلتحق بجامعة مرموقة، وتبرز بين أقرانك، وتحظى بمستقبل مزدهر ومجيد. ومن ناحية اخرى، يُسقطان رغباتهما التي لم تتحقق عليك، آملين أن تتمكن أنت من تحقيقها نيابة عنهما. وبهذه الطريقة، فيما يتعلق بالدراسة الأكاديمية أو مستقبلك المهني، فإنك تتحمل عبئين في الوقت نفسه. من ناحية، عليك أن ترقى إلى مستوى توقعاتهما وترد لهما كل ما فعلاه من أجلك، وتسعى جاهدًا في النهاية إلى أن تبرز بين أقرانك حتى يتمكنا من الاستمتاع بحياة جيدة. ومن ناحية أخرى، عليك تحقيق أحلامهما التي لم يتمكنا من تحقيقها في شبابهما ومساعدتهما على بلوغ أملهما. إنه أمر مرهق، أليس كذلك؟ (بلى). إن أيًا من هذين العبئين هو أكثر من كافٍ بالفعل لتتحمله، وكلاهما سيثقل كاهلك ويجعلك تلتقط أنفاسك بصعوبة. لا سيما في عصرنا الحالي الذي يشهد منافسة شرسة للغاية، فإن مجموعة المطالب المتنوعة التي يفرضها الآباء على أبنائهم لا تطاق وغير إنسانية؛ إنها غير معقولة على الإطلاق. ماذا يسمي غير المؤمنين هذا؟ ابتزاز عاطفي. أيًا يكن الاسم الذي يطلقه غير المؤمنين على هذا الأمر، فإنهم لا يستطيعون حل هذه المشكلة، ولا يستطيعون شرح جوهر هذه المشكلة بوضوح. إنهم يسمونه ابتزاز عاطفي، لكن ماذا نسميه نحن؟ (أغلال وأعباء). نحن نسميها أعباء. عندما يتعلق الأمر بالأعباء، هل هو شيء يجب أن يحمله الإنسان؟ (كلا). إنه شيء إضافي، شيء زائد تتحمله. إنه ليس جزءًا منك. إنه ليس شيئًا يمتلكه أو يحتاج إليه جسدك وقلبك وروحك، بل هو شيء إضافي. إنه يأتي من الخارج، وليس من داخل نفسك.
لدى والداك جميع أنواع التوقعات لدراستك وخياراتك المهنية. وفي الوقت نفسه، قدما العديد من التضحيات، واستثمرا قدرًا كبيرًا من الوقت والطاقة، حتى يتسنى لك تحقيق توقعاتهما. من ناحية، كان ذلك لمساعدتك على تحقيق أمنياتهما؛ ومن ناحية أخرى، كان ذلك أيضًا لتلبية توقعاتهما الخاصة. وبغض النظر عمّا إذا كانت توقعات والديك معقولة أم لا، فإن هذه السلوكيات من الوالدين إلى جانب آرائهما، ومواقفهما، وأساليبهما هي، باختصار، بمثابة أغلال غير مرئية لكل فرد. وبغض النظر عما إذا كانت ذريعتهما هي حبهما لك، أو آفاقك المستقبلية، أو لتتمكن من أن تعيش حياة جميلة في المستقبل، مهما كانت ذرائعهما، باختصار، فإن الهدف من هذه المطالب، وأساليب هذه المطالب، ونقطة البداية في تفكيرهما هي نوع من العبء على أي فرد. إنها ليست احتياجًا بشريًا. وبما أنها ليست احتياجًا بشريًا، فإن النتائج المترتبة على هذه الأعباء لا يمكن أن تكون سوى تشويه إنسانية الفرد، وتحريفها، وتجزئتها؛ إنها تضطهد إنسانية الفرد، وتؤذيها، وتقمعها. هذه العواقب ليست حميدة، وإنما هي خبيثة، وتؤثر حتى على حياة الإنسان. في دوريهما كأبوين، يطلبان منك القيام بأشياء مختلفة تتعارض مع احتياجات البشرية، أو بعض الأشياء التي تتعارض مع الغرائز الإنسانية أو تتجاوزها. على سبيل المثال، قد يسمح الوالدان لأطفالهما بالنوم لمدة خمس أو ست ساعات فقط في الليلة الواحدة أثناء نموهم. لا يُسمح للأطفال بالراحة قبل الساعة الحادية عشرة مساءً، ويجب أن يستيقظوا في الخامسة صباحًا، ولا يمكنهم القيام بأي أنشطة ترفيهية، ولا يمكنهم الراحة يوم الأحد. يجب عليهم إكمال قدر معين من الواجبات المنزلية والقيام بقدر معين من القراءة خارج المنهج الدراسي، بل ويصر بعض الآباء على ضرورة تعلم أطفالهم لغة أجنبية. باختصار، بالإضافة إلى المقررات التي يتم تدريسها في المدرسة، يجب أيضًا دراسة عدد من المهارات والمعارف الإضافية. وإن لم تدرس، فأنت لست طفلًا صالحًا، أو مطيعًا، أو مجتهدًا، أو عاقلًا، بل أنت شيء لا قيمة له، ولا تصلح لشيء، وأحمق. ومن منطلق أن الآباء يتمنون الأفضل لأبنائهم، يحرمك والداك من حرية النوم، وحرية الطفولة، وأيضًا من اللحظات السعيدة في الطفولة، وفي الوقت نفسه يحرمانك من جميع أنواع الحقوق التي يجب أن تتمتع بها كطفل قاصر. على أقل تقدير، عندما يحتاج جسمك إلى الراحة – على سبيل المثال، تحتاج من سبع إلى ثمان ساعات من النوم ليتعافى جسمك – لا يتركانك تستريح سوى لمدة خمس إلى ست ساعات فحسب، أو أحيانًا تنام بالفعل من سبع إلى ثمان ساعات، ولكن ثمة شيء واحد لا يمكنك تحمله، وهو أن والديك سيزعجانك بلا انقطاع، أو سيقولان لك أشياء مثل: "من الآن فصاعدًا، ليس عليك الذهاب إلى المدرسة. فقط ابقَ في المنزل ونم! نظرًا لأنك تحب النوم، يمكنك النوم طوال حياتك في المنزل. بما أنك لا تريد الذهاب إلى المدرسة، ستتسول الطعام في المستقبل!". لم تستيقظ مبكرًا هذه المرة الوحيدة وتُعامل بهذه الطريقة؛ أليست هذه معاملة غير إنسانية؟ (بلى). لذا، لتتجنب مثل هذا الموقف المحرج، ولا يسعك إلا أن تتنازل وتكبح جماح نفسك؛ فتحرص على الاستيقاظ في الخامسة صباحًا، ولا تذهب إلى الفراش إلا بعد الحادية عشرة مساءً. فهل تقيد نفسك هكذا بإرادتك؟ هل أنتِ راض عن فعل ذلك؟ كلا، بل ليس لديك خيار آخر. فإذا لم تفعل ما يطلبه منك والداك فقد يرمقانك بنظرات ازدراء أو يوبخانك. لن يضرباك، بل سيقولان لك: "لقد ألقينا حقيبتك المدرسية في سلة المهملات. ليس عليك الذهاب إلى المدرسة بعد الآن. فقط ابقَ هكذا. عندما تبلغ الثامنة عشرة، يمكنك أن تصبح جامع قمامة!". وبهذا الطوفان من الانتقادات، لا يضربانك ولا يوبخانك، لكنهما يستفزانك بهذه الطريقة، وأنت لا تستطيع تحمل ذلك. ما الذي لا يمكنك تحمله؟ لا يمكنك تحمل أن يقول لك والداك: "إذا نمت ساعة أو ساعتين إضافيتين، ستضطر إلى التسول للحصول على الطعام كمتشرد في المستقبل". تشعر في أعماقك بعدم الارتياح والحزن الشديدين تجاه نومك هاتين الساعتين الإضافيتين. تشعر بأنك مدين لوالديك مقابل هاتين الساعتين الإضافيتين من النوم، وبأنك قد خذلتهما بعد كل العمل الشاق الذي استثمراه فيك على مدار سنوات عديدة، بالإضافة إلى اهتمامهما الشديد بك. تكره نفسك وتفكر: "لماذا أنا عديم الجدوى؟ ماذا يمكنني أن أفعل بساعتين إضافيتين من النوم؟ هل ستحسن من درجاتي أو تساعدني على الالتحاق بجامعة مرموقة؟ كيف يمكنني أن أكون غير واعٍ إلى هذا الحد؟ عندما يرن المنبه، يجب أن أستيقظ فحسب. لماذا غفوت لفترة أطول؟". تفكر في الأمر مليًا وتقول: "إنني متعب حقًا. أحتاج حقًا إلى الراحة!". ثم تفكر أكثر: "لا يمكنني التفكير بهذه الطريقة. أليس التفكير بهذه الطريقة تحديًا لوالديّ؟ إذا فكرت بهذه الطريقة، ألن أصبح حقًا متسولًا في المستقبل؟ التفكير بهذه الطريقة هو خذلان لوالديّ. يجب أن أستمع إليهما وألا أكون عنيدًا إلى هذا الحد". وفي ظل العقوبات والقواعد المختلفة التي يضعها والداك، وكذلك مطالبهما المختلفة – سواء كانت معقولة أو غير معقولة – تصبح تدريجيًا أكثر إذعانًا، ولكن في الوقت نفسه، يصبح كل ما يفعله والداك لك دون أن تدري أغلالًا وعبئًا عليك. ومهما حاولت، لن تتمكن من التخلص منه أو الاختباء منه؛ لا يمكنك سوى حمل هذا العبء أينما ذهبت. أي عبء ذاك؟ "إن كل ما يفعله والداي هو من أجل مستقبلي. أنا صغير وجاهل، لذا يجب أن أستمع إلى والديّ. كل ما يفعلانه صحيح وصالح. لقد عانيا كثيرًا واستثمرا الكثير من أجلي. يجب أن أعمل بكد من أجلهما، وأن أدرس باجتهاد، وأجد وظيفة جيدة في المستقبل وأكسب المال لأعيلهما وأوفر لهما حياة طيبة، وأرد لهما الجميل. هذا ما يجب أن أفعله وما يجب أن أفكر فيه". لكن عندما تفكر في الطرق التي عاملك بها والديك، وعندما تتذكر السنوات الصعبة التي مررت بها، والطفولة السعيدة التي فقدتها، والابتزاز العاطفي من قبل والديك بصفة خاصة، فإنك لا تزال تشعر في أعماقك أن كل ما فعلاه لم يكن من أجل احتياجاتك الإنسانية، ولا من أجل احتياجات روحك. لقد كان عبئًا. وعلى الرغم من أنك تفكر بهذه الطريقة، فإنك لم تجرؤ أبدًا على الكراهية، ولم تجرؤ أبدًا على مواجهة الأمر بشكل صحيح ومباشر، ولم تجرؤ أبدًا على أن تفحص بعقلانية كل ما فعله والداك أو موقفهما تجاهك بالطريقة التي أمرك الله بها. لم تجرؤ أبدًا على معاملة والديك بالطريقة الصحيحة، أليس كذلك؟ (بلى). وحتى الآن، في مسائل الدراسة واختيار المهنة، هل أدركتم الجهد والثمن الذي دفعه آبائكم من أجلكم، وما يطلبون منكم أن تفعلوه وما يدعون أن عليكم أن تسعوا إليه؟ (لم أميز هذه الأمور من قبل وظننت أن ما فعله والداي كان بدافع المحبة لي ولتحسين مستقبلي. والآن، بعد شركة الله أصبح لدي بعض التمييز، لذا لا أرى الأمر على هذا النحو). إذن، ماذا وراء هذه المحبة؟ (أغلال، وعبودية، وعبء). إنه في الحقيقة حرمان من حرية الإنسان وحرمان من سعادة الطفولة؛ إنه كبت غير إنساني. لو سُمِّيَ إساءة معاملة، قد لا تستطيعون أن تتقبلوا هذا المصطلح من منظور ضمائركم؛ لذا يمكن وصفه فحسب بأنه حرمان من الحرية الإنسانية وسعادة الطفولة، كما أنه شكل من أشكال قمع القاصرين. إذا أردنا أن نقول إنه تنمر، فلن يكون ذلك مناسبًا تمامًا. كل ما في الأمر أنك صغير وجاهل، وهما لهما القول الفصل في كل شيء. لديهما سيطرة كاملة على عالمك وأنت أصبحت دميتهما عن غير قصد. إنهما يخبرانك بما يجب عليك فعله فتفعله. إذا كانا يريدانك أن تدرسي الرقص، فعليك أن تدرسيه. إذا قلت لهما: "أنا لا أحب دراسة الرقص؛ فأنا لا أستمتع به، ولا أستطيع مواكبة الإيقاع، ولديّ توازن سيئ"، سيقولان لك: "يا للأسف. عليك أن تدرسيه لأنني أحبه. عليك أن تدرسيه من أجلي!". عليك أن تدرسي حتى لو كنت تبكي. بل إن أمك ستقول لك في بعض الأحيان: "ادرسي الرقص من أجل أمك، استمعي إلى ما تقوله أمك. أنت صغيرة الآن ولا تفهمين، ولكن عندما تكبرين ستفهمين. أنا أفعل هذا لمصلحتك؛ كما ترىن، لم يكن لديَّ الموارد عندما كنت صغيرة، لم يدفع لي أحد لأتلقى دروس الرقص. لم تحظ أمك بطفولة سعيدة. ولكن أنتِ تنعمين بطفولة سعيدة للغاية الآن. أنا ووالدك نكسب وندخر المال حتى تتمكنين من دراسة الرقص. أنتِ مثل أميرة صغيرة. أنتِ محظوظة جداً! والدك ووالدتك يفعلان ذلك لأننا نحبك". كيف تستجيب عندما تسمع هذا؟ تعجز عن الكلام، أليس كذلك؟ (بلى). غالبًا ما يعتقد الآباء والأمهات أن الأطفال لا يفهمون أي شيء، وأن كل ما يقوله الكبار صحيح؛ فهم يعتقدون أن الأطفال لا يستطيعون تمييز الصواب من الخطأ أو التدقيق فيما هو صحيح بأنفسهم. لذا، قبل أن يبلغ أطفالهم سن الرشد، غالبًا ما يقول الآباء والأمهات أشياء لا يثقون فيها حتى هم أنفسهم لتضليل أطفالهم وتخدير قلوبهم الصغيرة، مما يجبر أطفالهم، طوعًا أو كرهًا، على الامتثال لترتيباتهم دون أي اختيار. وكثير من الآباء والأمهات، عندما يتعلق الأمر بالتعليم، وغرس الأفكار، وبعض الأمور التي يطلبون من أبنائهم القيام بها، غالبًا ما يبررون لأنفسهم ويقولون كل ما يريدون. علاوة على ذلك، فإن 99.9 بالمائة من الآباء والأمهات لا يستخدمون الأساليب الصحيحة والإيجابية لتوجيه أطفالهم بشأن كيفية القيام بكل شيء وفهمه. إنهم بدلًا من ذلك يغرسون بالقوة تفضيلاتهم الأحادية الجانب والأشياء التي يعتقدون أنها صالحة في أطفالهم ويجبرونهم على قبولها. بالطبع، 99.9 بالمائة من الأشياء التي يقبلها الأطفال ليس فقط أنها لا تتوافق مع الحق، بل إنها أيضًا ليست الأفكار والآراء التي يجب أن تكون لدى الناس. وفي الوقت نفسه، هي أيضًا لا تتوافق مع الاحتياجات الإنسانية للأطفال في هذا العمر. على سبيل المثال، بعض الأطفال في سن الخامسة أو السادسة يلعبون بالدمى، أو ينطون الحبل، أو يشاهدون الرسوم المتحركة. أليس هذا طبيعيًا؟ ما هي مسؤوليات الوالدين الوحيدة في هذه الحالة؟ الإشراف والتنظيم والتوجيه الإيجابي، ومساعدة أطفالهم على عدم تقبل الأشياء السلبية في هذه الفترة، وتركهم يتقبلون الأشياء الإيجابية التي يجب أن تتقبلها هذه الفئة العمرية. على سبيل المثال، يجب أن يتعلموا في هذه المرحلة العمرية كيف يتعايشون مع الأطفال الآخرين، وأن يحبوا عائلتهم ويحبوا أمهم وأبوهم. يجب على الآباء والأمهات تعليمهم بشكل أفضل، وجعلهم يفهمون أن الإنسان يأتي من الله، وأن عليهم أن يكونوا أطفالًا صالحين، وأن يتعلموا الاستماع إلى كلام الله، والصلاة عندما يضطربون أو يترددون في الطاعة، وغير ذلك من الجوانب الإيجابية المشابهة في التربية؛ أما الباقي فهو إشباع اهتماماتهم الطفولية. على سبيل المثال، لا ينبغي لوم الأطفال على رغبتهم في مشاهدة الرسوم المتحركة واللعب بالدمى. فبعض الآباء والأمهات يرون أطفالهم الذين يبلغون من العمر خمس أو ست سنوات يشاهدون الرسوم المتحركة ويلعبون بالدمى فيوبخونهم: "أنت عديم الفائدة! أنت لا تركز على الدراسة أو القيام بعمل مناسب في هذا العمر. ما فائدة مشاهدة الرسوم المتحركة؟ إنها كلها مجرد فئران وقطط، ألا يمكنك القيام بشيء أفضل؟ هذه الرسوم المتحركة كلها عن الحيوانات، ألا يمكنك مشاهدة شيئًا فيه بشر؟ متى ستكبر؟ ارمي تلك الدمية بعيدًا! أنتِ أكبر سنًا من أن تلعبي بالدمى. أنت عديمة الفائدة!". هل تعتقد أن الأطفال يمكنهم فهم ما يعنيه الكبار عندما يسمعون هذا الكلام؟ ماذا يمكن أن يفعل طفل في هذا العمر إن لم يكن يلعب بالدمى أو الطين؟ هل يجب أن يصنع القنبلة الذرية؟ أو يكتب البرمجيات؟ هل هم قادرون على ذلك؟ في هذا العمر، يجب أن يلعبوا بأشياء مثل المكعبات والسيارات اللعبة والدمى؛ هذا أمر طبيعي. وعندما يتعبون من اللعب، يجب أن يستريحوا ويكونوا أصحاء وسعداء. عندما يتصرفون بعناد أو عندما يصبحون غير قادرين على التعقل، أو عندما يتسببون في المشكلات عمدًا، يجب على الكبار تعليمهم: "أنت تتصرف بطيش. لا ينبغي للطفل الصالح أن يتصرف بهذه الطريقة. إن الله لا يحب ذلك، وأمك وأبيك لا يحبان ذلك أيضًا". تقع على عاتق الوالدين مسؤولية تقديم النصح لأطفالهم، وليس استخدام أساليبهم ورؤيتهم الخاصة بالكبار، إلى جانب رغبات الكبار وطموحاتهم، لغرس أو فرض شيء ما عليهم. وبغض النظر عن عمر الأبناء، فإن المسؤوليات التي يجب على الآباء والأمهات القيام بها تجاه أبنائهم هي ببساطة تقديم التوجيه الإيجابي، والتربية، والإشراف، ثم المشورة. عندما يرى الآباء والأمهات أبناءهم يُظهرون بعض الأفكار والممارسات والسلوكيات المتطرفة، عليهم أن يقدموا لهم النصح والإرشاد الإيجابي لتقويمهم، وإعلامهم بما هو صالح وما هو سيئ، وما هو إيجابي وما هو سلبي. هذه هي المسؤولية التي يجب على الوالدين الاضطلاع بها. بهذه الطريقة، سيتعلم الأطفال دون وعي، من خلال الأساليب السليمة للتربية والتوجيه من الوالدين، أشياء كثيرة لم يكونوا يعرفونها من قبل. وهكذا، عندما يتقبل الناس العديد من الأشياء الإيجابية ويتعلمون قليلًا عن الصواب والخطأ منذ الصغر، ستكون روحهم وإنسانيتهم طبيعية وحرة؛ ولن تتعرض روحهم لأي ضرر أو كبت. وبغض النظر عن صحتهم الجسدية، فعلى الأقل سيكون عقلهم سليمًا وغير مشوه، لأنهم نشأوا في بيئة تربوية حميدة، ولم يكونوا مكبوتين داخل بيئة خبيثة. ومع نمو الأبناء، فإن المسؤوليات والالتزامات التي يجب على الآباء والأمهات القيام بها هي عدم الضغط على أبنائهم أو تقييدهم أو التدخل في اختياراتهم وإضافة عبء تلو الآخر عليهم. وبدلًا من ذلك فإن مسؤولية الوالدين مع نمو الأبناء – أيًا كانت شخصية الأبناء ومستويات قدراتهم – هي توجيههم في الاتجاه الإيجابي الحميد. وعندما تظهر من أبنائهم لغة أو سلوكيات أو أفكار غريبة وغير لائقة، يجب على الوالدين تقديم الإرشاد الروحي، والتوجيه السلوكي، والتقويم في الوقت المناسب. أما فيما يتعلق بمدى رغبة أبنائهم في الدراسة، ومدى جودة دراستهم، ومدى اهتمامهم بتعلم المعرفة والمهارات، وما يمكن أن يفعلوه عندما يكبرون، فيجب أن تتناسب مع استعداداتهم وميولهم الطبيعية، وتوجه اهتماماتهم، وبالتالي السماح لهم بالنمو بشكل صحي وحُر وقوي خلال عملية تربيتهم؛ هذه هي المسؤولية التي يجب على الوالدين الاضطلاع بها. وعلاوة على ذلك، هذا هو الموقف الذي يجب أن يتبناه الآباء تجاه نمو أطفالهم ودراستهم وحياتهم المهنية، بدلًا من فرض رغباتهم، وتطلعاتهم، وتفضيلاتهم، وحتى أمنياتهم على أطفالهم لكي يحققوها. بهذه الطريقة، من ناحية، لا يضطر الآباء والأمهات إلى تقديم تضحيات إضافية؛ ومن ناحية أخرى، يمكن للأبناء أن ينموا بحرية ويكتسبوا ما يجب أن يتعلموه من تربية آبائهم الصحيحة والسليمة. أهم نقطة هي أن يعامل الآباء والأمهات أطفالهم بشكل صحيح وفقًا لمواهبهم، واهتماماتهم، وإنسانيتهم؛ فإذا عاملوا أطفالهم وفقًا لمبدأ أن "مصائر الناس بيد الله"، فإن النتيجة النهائية ستكون بلا شك نتيجة إيجابية. إن معاملة الأبناء وفقًا لمبدأ أن "مصائر الناس بيد الله" لا تعني منعك من تربية أبنائك؛ بل يجب عليك تأديبهم عندما يحتاجون إلى التأديب، وأن تكون صارمًا عند الضرورة. وسواء أكنت صارمًا أم متساهلًا، فإن مبدأ معاملة الأبناء، كما قلنا للتو، هو السماح لهم باتباع مسارهم الطبيعي، وإعطاءهم بعض التوجيهات والمساعدة الإيجابية، ثم تقديم بعض المساعدة والدعم من حيث المهارات، أو المعرفة، أو الموارد، حسب ظروف الأبناء الفعلية بقدر استطاعتك. هذه هي المسؤولية التي يجب على الآباء والأمهات الوفاء بها، بدلًا من إجبار أبنائهم على فعل ما لا يرغبون في فعله، أو القيام بأي شيء يتنافى مع الإنسانية. باختصار، لا ينبغي أن تكون التوقعات للأبناء مبنية على المنافسة الاجتماعية والاحتياجات الحالية، أو الاتجاهات، أو الادعاءات المجتمعية، أو الأفكار المختلفة حول كيفية معاملة الناس لأبنائهم في المجتمع. يجب أن تستند قبل كل شيء إلى كلام الله ومبدأ أن "كل شيء بيد الله". هذا هو أكثر ما يجب أن يفعله الناس. أما فيما يتعلق بنوع الأشخاص الذين سيصبح عليه أولاد المرء في المستقبل، ونوع الوظيفة التي سيختارونها، وكيف ستكون حياتهم المادية، فبيد من هذه الأمور؟ (بيد الله). إنها في يد الله، وليس في أيدي الوالدين، ولا أي شخص آخر. فإذا لم يستطع الآباء التحكم في مصيرهم، فهل يمكنهم التحكم في مصائر أطفالهم؟ إذا كان الناس لا يستطيعون التحكم في مصيرهم، فهل يمكن لوالديهم التحكم فيه؟ لذلك، كآباء، يجب على الناس ألا يفعلوا أشياء حمقاء عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع دراسات أطفالهم ومهنهم. ينبغي لهم أن يعاملوا أطفالهم بطريقة متعقلة، وألا يحولوا توقعاتهم إلى أعباء على أطفالهم؛ ألا يحولوا تضحياتهم وتكاليفهم ومشاقهم إلى أعباء على أطفالهم؛ وألا يحولوا العائلة إلى مطهر لأطفالهم. هذه حقيقة يجب أن يفهمها الآباء. قد يسأل بعضكم: "ما نوع العلاقة التي يجب أن تجمع الأطفال بوالديهم إذن؟ هل يجب أن يعاملوهم كأصدقاء، أم زملاء، أم يحافظوا على العلاقة بين الكبار والصغار؟ يمكنك التعامل مع الأمر على النحو الذي تراه مناسبًا. دع الأطفال يختارون ما يحلو لهم وافعل ما تعتقد أنه الأفضل. هذه كلها أمور تافهة.
كيف يجب أن يتعامل الأبناء مع توقعات آبائهم؟ ماذا كنت ستفعل إذا واجهت أبوين يبتزان أبناءهما عاطفيًا، إذا واجهت مثل هذين الأبوين غير العقلانيين والشيطانيين؟ (كنت سأتوقف عن الاستماع إلى تعاليمهما، وكنت سأنظر إلى الأمور وفقًا لكلمة الله). من ناحية، يجب أن تدرك أن أساليبهما في التربية خاطئة من حيث المبادئ، والطريقة التي يعاملانك بها تضر بإنسانيتك وتحرمك من حقوقك الإنسانية. ومن ناحية أخرى، يجب أن تؤمن أنت نفسك بأن مصائر الناس بيد الله. إن ما تحب دراسته، أو ما تتفوق فيه، أو ما يستطيع مستوى قدراتك الإنساني تحقيقه؛ كل هذه أمور مقدرة من الله، ولا يمكن لأحد تغييرها. وعلى الرغم من أن والديك أنجباك، لا يمكنهما تغيير أي من هذه الأشياء أيضًا. لذلك، أيًا كان ما يطلب والداك منك أن تفعله، يمكنك أن ترفضه إذا كان شيئًا لا تستطيع فعله، أو لا تستطيع تحقيقه، أو لا تريد أن تفعله. ويمكنك أيضًا أن تتفاهم معهما بالمنطق ثم تعوضهما عن ذلك في جوانب أخرى، وتهدئ من قلقهما عليك. يمكنك أن تقول لهما: "اهدآ، مصائر الناس بيد الله. لن أسير مطلقًا في الطريق الخطأ؛ سأسير بالتأكيد في الطريق الصحيح. وبإرشاد من الله، سأكون شخصًا صادقًا وصالحًا بالتأكيد. لن أخيّب توقعاتكما لي، ولن أنسى لطفكما في أثناء تربيتكما لي". كيف سيكون رد فعل الوالدين بعد سماع هذه الكلمات؟ إذا كان الوالدان غير مؤمنين أو ينتميان إلى الشياطين، فسيغضبان أشد الغضب؛ لأنك عندما تقول: "لن أنسى لطفكما في تربيتكما لي ولن أخيب ظنكما"، فتلك مجرد كلمات فارغة. هل أنجزت هذا؟ هل فعلتَ ما طلباه منك؟ هل أنت قادر على التميز وسط أقرانك؟ هل يمكنك أن تصبح مسؤولًا رفيع المستوى أو أن تجني ثروة حتى يتمكنا من عيش حياة طيبة؟ هل يمكنك مساعدتهما في الحصول على مزايا ملموسة؟ (كلا). هذا غير معروف؛ هذه كلها أمور غير مؤكدة. وبغض النظر عما إذا كانا غاضبين، أو سعيدين، أو يتحملان بصمت، فما هو الموقف الذي يجب أن تتخذه؟ يأتي الناس إلى هذا العالم لتحقيق الرسالة التي عهد الله بها إليهم. لا ينبغي أن يعيش الناس من أجل إرضاء توقعات والديهما، أو إسعادهما، أو جلب المجد لهما، أو لينعما بحياة مرموقة أمام الآخرين. هذه ليست مسؤوليتك. لقد قاما بتربيتك؛ مهما كلفهما الأمر، فقد فعلا ذلك عن طيب خاطر. لقد كانت تربيتك مسؤوليتهما والتزامهما. أما كم التوقعات التي وضعاها عليك، وكم عانيا بسبب هذه التوقعات، وكم أنفقا من المال، وكم رفضهما الناس ونظروا إليهما باحتقار، وكم ضحيا من أجلك، كل ذلك كان طواعية. أنت لم تطلب ذلك؛ لم تجبرهما على فعل ذلك، وكذلك الله. كانت لديهما دوافعهما الخاصة للقيام بذلك. من وجهة نظرهما، فعلا ذلك فحسب من أجل نفسيهما. كان ذلك من أجلك في الظاهر، من أجل أن تكون لك حياة طيبة وآفاقًا جيدة، لكن في الحقيقة، كان ذلك من أجل أن يجلب لهما المجد وألا يخزيهما. لذلك، أنت غير ملزم برد الجميل إليهما، ولست ملزمًا بتلبية رغباتهما وتوقعاتهما منك. لماذا لست ملزمًا بهذا؟ لأن هذا ليس ما أوجبه الله عليك؛ فهو ليس التزامًا أوجبه الله عليك. إن مسؤوليتك تجاههما هي أن تفعل ما يجب أن يفعله الأبناء عندما يحتاجانك، أن تبذل قصارى جهدك للوفاء بمسؤولياتك كابن. فعلى الرغم من أنهما من أنجباك وربياك، فإن مسؤوليتك تجاههما هي فقط القيام بالغسل، والطبخ، والتنظيف، عندما يحتاجان إليك لخدمتهما، والتواجد بجانب سريرهما عندما يمرضان. هذا كل شيء. لست ملزمًا بتنفيذ ما يقولانه، ولست ملزمًا بأن تكون عبدًا لهما. وعلاوة على ذلك، أنت غير ملزم بتنفيذ رغباتهما التي لم تتحقق، أليس كذلك؟ (صحيح).
ثمة جانب آخر من توقعات الآباء لأبنائهم، وهو أن يرثوا نشاط العائلة التجاري أو تجارة الأجداد. على سبيل المثال، بعض العائلات هي عائلات رسامين؛ والقاعدة المتوارثة من الأجداد هي أنه يجب أن يكون في كل جيل من يرث هذا المشروع العائلي ويواصل تقليد العائلة. لنفترض، في جيلك، أن هذا الدور وقع على عاتقك، لكنك لا تحب الرسم وليس لديك اهتمام به؛ فأنت تفضل دراسة مواضيع أبسط. في مثل هذه الحالة، يحق لك الرفض. أنت لست ملزمًا بوراثة تقاليد عائلتك، ولست ملزمًا بوراثة نشاط العائلة التجاري أو تجارة الأجداد، مثل فنون الدفاع عن النفس، أو حرفة أو مهارة معينة، وما إلى ذلك. أنت غير ملزم بمواصلة ما يطلبون منك أن ترثه. في بعض العائلات الأخرى، كل جيل يغني الأوبرا. في جيلك، يجعلك والداك تتعلم غناء الأوبرا منذ الصغر. لقد تعلمته بالفعل، لكنك في أعماقك لا تحبه. وبالتالي، إذا طُلب منك اختيار مهنة ما، فإنك لن تنخرط في أي مهنة تتعلق بالأوبرا على الإطلاق. أنت تكره هذه المهنة من أعماق قلبك؛ في مثل هذه الحالة، يحق لك أن ترفض. نظرًا لأن مصيرك ليس بيد والديك، فإن اختيارك لمهنتك، وتوجه اهتماماتك، وما تريد أن تفعله، ونوع المسار الذي تريد أن تسلكه، كلها بيد الله. كل هذا من ترتيب الله، وليس من ترتيب أي فرد من أفراد عائلتك، وبالتأكيد ليس من ترتيب والديك. إن الدور الذي يلعبه الوالدان في حياة أي طفل هو توفير الوصاية، والرعاية، والرفقة فحسب، مع تقدم الطفل في العمر. في حالات أفضل، يستطيع الوالدان توفير الإرشاد، والتربية، والتوجيه الإيجابي لأطفالهم؛ وهذا هو الدور الوحيد الذي يمكنهم القيام به. وعندما تكبر وتصبح مستقلًا، سيكون دور والديك هو فقط أن يكونا سندًا عاطفيًا وركيزة عاطفية. واليوم الذي تصبح فيه مستقلًا في الفكر وأسلوب الحياة هو اليوم الذي تنتهي فيه مسؤوليات والديك والتزاماتهما تجاهك؛ وبذلك تكون علاقتك بهما قد انتقلت من علاقة المربي والتلميذ، والوصي والقاصر الخاضع للوصاية. أليس هذا هو الواقع؟ (بلى). لا يؤمن آباء وأقارب وأصدقاء بعض الأشخاص بالله؛ هم أنفسهم فقط من يؤمنون بالله. ما الذي يحدث هنا؟ هذا له علاقة بتقدير الله. لقد اختارك الله، وليس هم؛ ويستغل الله أيديهم لتربيتك حتى تصل إلى الرشد، ثم يدخلك في عائلة الله. وحين تكون طفلًا، الموقف الذي يجب أن تتبناه تجاه توقعات والديك هو التمييز بين الصواب والخطأ. إذا كانت الطريقة التي يعاملانك بها لا تتماشى مع كلام الله أو حقيقة أن "مصائر الناس بيد الله"، فيمكنك أن ترفض توقعاتهما وتتفاهم مع والديك بالمنطق حتى يفهما. إذا كنت لا تزال قاصرًا وهما يقمعانك، ويجبرانك على فعل ما يطلبانه، فلا يمكنك إلا أن تصلي إلى الله بصمت وتدعه يفتح لك مخرجًا. ولكن إذا كنت بالغًا، فيمكنك بكل تأكيد أن تقول لهما: "كلا، ليس عليّ أن أعيش وفقًا للطريقة التي حددتماها لي. ليس عليّ أن أختار طريقي في الحياة، وطريقة وجودي، وهدفي في السعي وفقًا للطريقة التي حددتماها لي. لقد استوفيتما بالفعل التزامكما بتربيتي. إذا كان بإمكاننا الانسجام معًا وأن يكون لدينا مساعٍ وأهداف مشتركة، فيمكن أن تبقى علاقتنا كما كانت؛ ولكن إذا لم نعد نتشارك التطلعات والأهداف نفسها، فيمكننا أن نفرق ونتبادل الوداع في الوقت الحالي". كيف يبدو ذلك؟ هل تجرؤ على قول هذا؟ ليست هناك حاجة بالطبع إلى قطع علاقتك بوالديك رسميًا بهذه الطريقة، ولكن على الأقل، يجب أن ترى في أعماق قلبك هذه النقطة بوضوح: على الرغم من أن والديك هما أقرب الناس إليك، إلا أنهما ليسا من منحاك الحياة حقًا، ومكناك من السير في طريق الحياة الصحيح، وجعلاك تفهم كل مبادئ التصرف. إنه الله. لا يستطيع والداك أن يقدما لك الحق أو أن يقدما لك أي نصيحة سليمة تنطوي على الحق. لذلك، من جهة علاقتك بوالديك، مهما كان ما استثمراه فيك، ومهما أنفقا عليك من مال وجهد، فلا داعي لأن تحمّل نفسك أي شعور بالذنب. لماذا؟ (لأن هذه هي المسؤولية والالتزام اللذين يقعان على عاتق الوالدين. إذا كان الوالدان يفعلان كل هذا من أجل أن يبرز الأبناء بين أقرانهم ومن أجل تحقيق رغبات الوالدين الخاصة، فهذه مقاصدهم ودوافعهم الخاصة؛ وليس ما عين لهما الله أن يقوما به. لذلك، لا داعي للشعور بالذنب). هذا جانب واحد فحسب. والجانب الآخر هو أنك تسير حاليًا على الطريق الصحيح، وتسعى إلى الحق، وتأتي أمام الخالق لأداء واجبات الكائن المخلوق؛ لذلك لا ينبغي أن يساورك أي شعور بالذنب تجاههما. إن مسؤوليتهما تجاهك، التي يفترض أنهما قاما بها، كانت ببساطة جزءًا من ترتيب الله. إذا كنت سعيدًا خلال الوقت الذي قاما فيه بتربيتك، فقد كان ذلك من فضل الله عليك. أما إذا كنت تعيسًا، فبالطبع كان ذلك أيضًا من ترتيب الله. يجب أن تكون ممتنًا لأن الله قد سمح لك اليوم بالمغادرة ولأنه أتاح لك الفرصة لتري بوضوح جوهر والديك وأي نوع من الأشخاص هما. يجب أن يكون لديك فهم دقيق لكل هذا من أعماق قلبك، بالإضافة إلى حل دقيق وطريقة للتعامل معه. ألا تشعر بهذه الطريقة بمزيد من الهدوء في أعماقك؟ (بلى). إذا كنت أكثر هدوءً، فهذا رائع. على أي حال، في هذه الأمور، وبغض النظر عن مطالب والديك منك من قبل أو مطالبهما منك الآن، بما أنك تفهم الحق ومقاصد الله، وبما أنك تفهم ما الذي يطالب الله الناس به – وكذلك ما هي العواقب التي تجلبها توقعات والديك عليك – فلا ينبغي أن تشعر بالقلق بعد الآن حيال هذا الأمر بأي شكل من الأشكال. لا داعي لأن تشعر بأنك خيبت أمل والديك، أو تشعر بأنه بسبب اختيارك الإيمان بالله وأداء واجباتك فقد أخفقت في توفير حياة أفضل لوالديك، وفشلت في مرافقتهما والوفاء بمسؤوليتك البنوية تجاههما، مما جعلهما يشعران بالفراغ العاطفي. لا داعي لأن تشعر بالذنب حيال ذلك. هذه هي الأعباء التي يجلبها الوالدان على أبنائهما، وهذه كلها أمور يجب أن تتخلى عنها. إذا كنت تؤمن حقًا بأن كل شيء بيد الله، فعليك أن تؤمن بأن مسألة مقدار المشقة التي يتحملانها ومقدار السعادة التي ينعمان بها طوال حياتهما هي أيضًا بيد الله. سواء كنت بارًا بوالديك أم لا، فلن يغير هذا من الأمر شيء، إذ أن برك بوالديك لن يقلل من معاناتهما، ولن يعانيا أكثر لأنك لست بارًا بهما. لقد قدّر الله مصيرهما منذ زمن بعيد، ولن يتغير شيء من هذا بسبب موقفك تجاههما أو عمق المشاعر بينكم. لديهما مصيرهما الخاص. وسواء كانا فقيرين أم غنيين طوال حياتهما، وسواء سارت الأمور معهما بسلاسة أم لا، أو ما نوع الحياة التي يتمتعان بها والمزايا المادية والمكانة الاجتماعية والظروف المعيشية التي يتمتعان بها، فلا علاقة لك بأي من هذا. إذا كنت تشعر بالذنب تجاههما، وإذا كنت تشعر بأنك مدين لهما بشيء، وأنه ينبغي عليك أن تكون إلى جانبهما، فما الذي سيتغير حتى لو كنت إلى جانبهما؟ (لن يتغير شيء). قد يكون ضميرك مرتاحًا وخاليًا من الذنب. ولكن إذا كنت إلى جانبهما كل يوم، وتراهما لا يؤمنان بالله، ويسعيان وراء أمور دنيوية، وينشغلان بالأحاديث التافهة والثرثرة، فكيف سيكون شعورك؟ هل ستشعر في قلبك بالراحة؟ (كلا). هل يمكنك تغييرهما؟ هل يمكنك تخليصهما؟ (كلا). إذا مرضا، وكان لديك الوسائل للجلوس بجوارهما لرعايتهما وتخفيف معاناتهما قليلًا، وتوفير بعض الراحة لهما بوصفك ابنهما، فبمجرد شفائهما، سيشعران بالراحة الجسدية أيضًا. لكن إذا ذكرت لهما شيئًا واحدًا عن الإيمان بالله، فيمكنهما أن يردا عليك بثماني أو عشر حجج مضادة، وينطقا بمغالطات بغيضة تكفي لإزعاجك طيلة حياتك. قد يكون ضميرك مستريحًا ظاهريًا، وقد تشعر أنهما لم يربياك عبثًا، وأنك لست ناكرًا للجميل لا يعيرهما اهتمامًا، وأنك لم تعط جيرانك الفرصة للسخرية. ولكن لمجرد أن ضميرك مستريح، هل هذا يعني أنك تتقبل حقًا أفكارهما، وآراءهما، ونظرتهما للحياة، وأساليب حياتهما المختلفة من أعماق قلبك؟ هل أنت متوافق معهما حقًا؟ (كلا). لا يمكن لطرفين يسيران في طريقين مختلفين ويحملان وجهات نظر مختلفة، بغض النظر عن أي علاقة أو صلة جسدية أو عاطفية تربطهما، أن يغيرا وجهة نظر الطرف الآخر. لا بأس إذا لم يناقش الطرفان الأمور معًا، ولكن بمجرد أن يناقشا الأمور يبدآن في الجدال، وتنشأ الخلافات وسيكرهان بعضهما بعضًا ويشعران بالضيق من بعضهما بعضًا. على الرغم من أنه تربط بينهما ظاهريًا صلة دم، إلا أنهما من الداخل عدوّان، نوعان من الناس غير متوافقين كالماء والنار. في هذه الحالة، إذا كنت لا تزال إلى جانبهما، فلماذا تفعل ذلك؟ هل تبحث فحسب عن شيء يعكر صفوك أم لسبب آخر؟ ستشعر بالندم في كل مرة تقابلهما فيها، وهذا ما يسمى بالشقاء الذي تجلبه على نفسك. يفكر بعض الناس قائلين لأنفسهم: "لقد مرت سنوات عديدة منذ أن رأيت والديّ. لقد فعلا في الماضي بعض الأشياء البغيضة، وجدّفا على الله، وعارضا إيماني بالله. لقد كبرا كثيرًا الآن، ولا بد أنهما قد تغيرا. لذلك لا ينبغي أن أهتم بالأمور السيئة التي فعلاها، فمعظمها أصبح في طي النسيان على أي حال. وعلاوة على ذلك، أفتقدهما، سواء من الناحية العاطفية أو من ناحية الضمير، وأتساءل عن أحوالهما. لذا أعتقد أنني سأعود للاطمئنان عليهما". ولكن في غضون يوم واحد من عودتك إلى المنزل، تعود إليك مشاعر الاشمئزاز التي شعرت بها تجاههما في الماضي، وتندم مفكرًا: "هل هذه تسمى أسرة؟ هل هذان هما والداي؟ أليسا عدوين؟ لقد كانا كذلك من قبل، ولا يزالان بالشخصية نفسها الآن؛ لم يتغيرا على الإطلاق!". كيف كان يمكن أن يتغيرا؟ ما كانا عليه في الأصل هو ما سيكونان عليه دائمًا. هل تصورت أنهما كانا سيتغيران مع تقدمهما في العمر، وكان بإمكانك أن تتوافق معهما؟ لا مجال للتوافق معهما. بمجرد دخولك إلى المنزل عند عودتك، سينظران إلى ما تحمله في يديك ليريا ما إذا كان شيئًا غالي الثمن مثل أذن البحر، أو خيار البحر، أو زعنفة سمك القرش، أو مثانة العوم لدى السمك، أو ربما حقيبة وملابس لمصممين مشاهير، أو حلي ذهبية وفضية. وبمجرد أن يرياك تحمل كيسين بلاستيكيين، أحدهما به كعك مطهو على البخار والآخر به ثمرتي موز، سيريان أنك لا تزال فقيرًا ويبدآن في التذمر: "سافرت ابنة فلان إلى الخارج وتزوجت من أجنبي. الأساور التي تشتريها لوالديها مصنوعة من الذهب الخالص ويتباهون بها كلما سنحت لهما الفرصة. اشترى فلان ابن فلان سيارة وهو يأخذ والديه للسفر والقيام برحلات إلى الخارج كلما سنحت له الفرصة. إنهم جميعًا يتنعمون بخير أبنائهم! لا تعود ابنة فلان إلى المنزل فارغة اليدين. إنها تشتري حمامات القدمين وكراسي التدليك لوالديها، والملابس التي تشتريها إما حرير أو صوف. لقد أنجبوا أطفالًا بارين بآبائهم؛ كل رعايتهم لهم لم تكن عبثًا! كل من ربيناهم في هذه الأسرة ناكرين للجميل!". أليست هذه صفعة على الوجه؟ (بلى). إنهما لا يكترثان بالكعك المطهي على البخار والموز، وأنت لا تزال تفكر في الوفاء بمسؤولياتك كابن وفي بر الوالدين. يحب والداك الكعك المطهو على البخار والموز وأنت لم ترهما منذ سنوات عديدة، لذلك تشتري هذه الأشياء للتأثير فيهما والتكفير عن تأنيب ضميرك. ولكن عند عودتك، لا يقتصر الأمر على أنك لا تتمكن من التكفير عن تأنيب ضميرك فحسب، بل ستعاني أيضًا من الانتقادات، ويغلبك الاكتئاب وتهرب من المنزل. هل كانت ثمة فائدة من ذهابك إلى المنزل لزيارة والديك؟ (كلا). أنت لم تعد إلى المنزل منذ فترة طويلة، لكنهما لا يفتقدانك؛ لا يقولان: "يكفينا أنك عدت. لست بحاجة إلى شراء أي شيء. من الجيد أن نرى أنك على الطريق الصحيح، وتعيش حياة صحية وأنك آمن من جميع النواحي. رؤيتنا لبعضنا بعضًا وإجراء محادثة صادقة من القلب أمر مُرضٍ بما فيه الكفاية". إنهما لا يهتمان بما إذا كنت على ما يرام خلال هذه السنوات، أو ما إذا كنت قد واجهت أي صعوبات أو مشاكل تحتاج إلى مساعدة والديك فيها. لا يقدمان لك كلمة مواساة واحدة. ولكن إذا كانا قد قالا مثل هذه الأشياء حقًا، ألن تكون عندئذ غير قادر على المغادرة؟ بعد أن يوبخانك، تنهض وتشعر بأنك مبرر تمامًا، دون أي ذنب، وتفكر بينك وبين نفسك: "يجب أن أخرج من هنا، هذا حقًا مطهر! سيسلخان جلدي، ويأكلان لحمي، ولا يزالان يريدان شرب دمي". إن العلاقة الأبوية هي أصعب علاقة يمكن أن يتعامل معها الشخص عاطفيًا، لكنها في الحقيقة لا تستعصي تمامًا على التعامل معها. لا يمكن للناس التعامل مع هذا الأمر بشكل صحيح وعقلاني سوى على أساس فهم الحق. لا تنطلق من منظور المشاعر، ولا تنطلق من رؤى الأشخاص الدنيويين أو وجهات نظرهم، بل عامل والديك بدلًا من ذلك بالطريقة الصحيحة وفقًا لكلام الله. ما هو الدور الذي يلعبه الوالدان بالفعل، وما الذي يعنيه الأبناء بالفعل لوالديهم، وما هو الموقف الذي يجب أن يتخذه الأبناء تجاه والديهم، وكيف ينبغي أن يتعامل الناس مع العلاقة بين الوالدين والأبناء ويعالجونها؟ لا ينبغي أن ينظر الناس إلى هذه الأمور بناءً على المشاعر، ولا ينبغي أن يتأثروا بأي أفكار خاطئة أو مشاعر سائدة، بل يجب التعامل معها بشكل صحيح بناءً على كلام الله. إذا قصرتَ في القيام بأي من مسؤولياتك تجاه والديك في البيئة التي عينها الله، أو إذا لم تلعب أي دور في حياتهما مهما كان، فهل هذا عقوق؟ هل سيؤنبك ضميرك؟ سيوبخك جيرانك، وزملاؤك، وأقاربك، وينتقدونك من وراء ظهرك. وسينعتونك بالابن العاق قائلين: "لقد ضحّى والداك بالكثير من أجلك، وبذلا الكثير من الجهد المضني من أجلك، وفعلا الكثير من أجلك منذ كنت صغيرًا، وأنت، الابن العاق، تختفي دون أثر، ولا ترسل حتى كلمة واحدة لتطمئنهما أنك بأمان. لا يقتصر الأمر على عدم عودتك في العام الجديد فحسب، بل إنك لا تتصل هاتفيًا ولا ترسل حتى تحية لوالديك". في كل مرة تسمع فيها مثل هذه الكلمات، ينزف ضميرك ويبكي، وتشعر بالإدانة. تقول لنفسك: "إنهم على حق". يحمرّ وجهك خجلًا، ويرتجف قلبك كما لو كان يوخز بالإبر. هل راودتك هذه المشاعر من قبل؟ (نعم، راودتني من قبل). هل الجيران وأقاربك على حق في قولهم إنك غير بار بوالديك؟ (لا، لست غير بار). اشرح طريقة تفكيرك. (على الرغم من أنني لم أكن إلى جانب والديّ خلال هذه السنوات، ولم أتمكن من تحقيق أمنياتهما كما يفعل الأشخاص الدنيويون، فإن سيرنا في طريق الإيمان بالله كان مقدرًا من الله. إنه الطريق الصحيح في الحياة، وهو أمر عادل. لهذا السبب أقول إنني لم أكن غير بار). لا يزال استدلالكم مبنيًا على التعاليم التي كان الناس يفهمونها في الماضي. ينقصك التفسير الفعلي والفهم الفعلي. من يريد أيضًا مشاركة أفكاره معنا؟ (أتذكر عندما سافرت إلى الخارج للمرة الأولى، في كل مرة كنت أفكر فيها كيف أن عائلتي لم تكن تعرف ما كنت أفعله في الخارج، وكيف أنهم ربما انتقدوني وقالوا إنني لم أكن بارة، وإنني ابنة غير بارّة لعدم وجودي هناك لرعاية والديّ؛ شعرت بأنني مكبلة ومقيدة بهذه الأفكار. كنت أشعر أنني مدينة لوالديّ في كل مرة كنت أفكر في ذلك. لكن من خلال شركة الله اليوم، أشعر أن رعاية والديّ لي من قبل كانت قيامًا منهما بمسؤولياتهما الأبوية، وأن عطفهما عليّ كان مقدّرًا من الله، وأنني يجب أن أكون شاكرة لله وأرد له محبته. والآن لا ينبغي أن أشعر بأنني مدينة لوالديّ بعد أن آمنت بالله وسرت في الطريق الصحيح في الحياة، وهو أمر عادل. وبالإضافة إلى ذلك، سواء تمكن والداي من الاستمتاع برعاية أولادهما بوجودهم إلى جانبهما أم لا، هو أيضًا أمرٌ قدّره الله مسبقًا. بعد فهم هذه الأمور، يمكنني إلى حد ما أن أتخلى عن الإحساس الذي كنت أشعر به في قلبي بأنني مدينة لهما). جيد جدًا. أولاً: يختار معظم الناس ترك المنزل لأداء واجباتهم جزئيًا لظروف موضوعية قاهرة تحتم عليهم ترك والديهم؛ فلا يستطيعون البقاء بجانب والديهم لرعايتهم ومرافقتهم. ليس الأمر أنهم اختاروا بإرادتهم ترك والديهم؛ هذا هو السبب الموضوعي. ومن ناحية أخرى، من الناحية الشخصية، أنت تخرج لأداء واجباتك ليس لأنك أردت ترك والديك والهروب من مسؤولياتك، ولكن بسبب دعوة الله لك. من أجل التعاون مع عمل الله، وقبول دعوته، وأداء واجبات الكائن المخلوق، لم يكن أمامك خيار سوى ترك والديك؛ لم يكن بإمكانك البقاء إلى جانبهما لمرافقتهما ورعايتهما. أنت لم تتركهما للتهرب من المسؤوليات، أليس كذلك؟ تركك لهما للتهرب من مسؤولياتك واضطرارك إلى تركهما لتلبية دعوة الله وأداء واجباتك، أليس هذان أمران مختلفان في طبيعتهما؟ (بلى). لديك في قلبك ارتباطات عاطفية وتفكر في والديك؛ فمشاعرك ليست خاوية. إذا سمحت الظروف الموضوعية، وكان بإمكانك البقاء إلى جانبهما مع أداء واجباتك أيضًا، فستكون على استعداد للبقاء إلى جانبهما ورعايتهما بانتظام والقيام بمسؤولياتك. ولكن بسبب ظروف موضوعية، يجب عليك أن تتركهما؛ لا يمكنك البقاء إلى جانبهما. المسألة ليست أنك لا تريد الوفاء بمسؤولياتك باعتبارك ابنهما، المسألة هي أنه لا يمكنك ذلك. أليس هذا مختلفًا في طبيعته؟ (بلى). إذا تركت المنزل لتتجنب البر بوالديك والوفاء بمسؤولياتك، فهذا عقوق ويفتقر إلى الإنسانية. لقد ربّاك والداك، لكنك لا تطيق صبرًا لفرد جناحيك والانطلاق بسرعة بمفردك. لا ترغب في رؤية والديك، ولا تعير أي اهتمام عندما تسمع عن بعض الصعوبات التي واجهاها. وحتى لو كانت لديك الوسائل للمساعدة، فإنك لا تفعل، بل تتظاهر بأنك لا تسمع وتترك الآخرين يقولون ما يريدون عنك؛ أنت ببساطة لا تريد أن تفي بمسؤولياتك. هذا هو عدم البر بالوالدين. لكن هل هذا هو الحال الآن؟ (كلا). لقد غادر العديد من الأشخاص مقاطعاتهم، أو مدنهم، أو أقاليمهم، أو حتى بلدانهم، لأداء واجباتهم؛ فهم بالفعل بعيدون عن مسقط رأسهم. علاوة على ذلك، ليس من المناسب لهم البقاء على اتصال مع عائلاتهم لأسباب مختلفة. إنهم يستفسرون في بعض الأحيان عن وضع والديهم الحالي من أشخاص من مسقط رأسهم نفسه ويشعرون بالارتياح عندما يسمعون أن والديهم لا يزالون بصحة جيدة ويتدبرون أمورهم بشكل جيد. في الواقع، أنت لست غير بار بوالديك، ولم تصل بعد إلى درجة انعدام الإنسانية، حيث لا تريد حتى الاهتمام بوالديك أو الوفاء بمسؤولياتك تجاههما. أنت مضطر إلى هذا الاختيار لأسباب موضوعية عديدة، لذا فأنت لست غير بار بوالديك. هذان هما السببان. وهناك سبب آخر أيضًا: إذا لم يكن والداك من النوع الذي يضطهدك أو يعرقل إيمانك بالله بشدة، أو إذا كانا من النوع الذي يؤيد إيمانك بالله، أو إذا كانا من الإخوة والأخوات المؤمنين بالله مثلك، وكانا هما أيضًا من أعضاء بيت الله، فأي منكم لا يصلي إلى الله في صمت عندما يفكر في والديه في أعماق نفسه؟ من منكم لا يستودع والديه – صحتهما، وسلامتهما، وكل احتياجاتهما الحياتية – بين يدي الله؟ إن أفضل طريقة لإظهار الاحترام لوالديك هي أن تودعهما بين يدي الله. أنت لا تتمنى لهما أن يواجها كافة أنواع الصعوبات في حياتيهما، ولا تتمنى لهما أن يعيشا حياة سيئة، أو أن يأكلا طعامًا سيئًا، أو أن يعانيا من صحة معتلة. أنت تتمنى بالتأكيد في أعماق قلبك أن يحميهما الله ويحفظهما. إذا كانا مؤمنين بالله، فأنت تتمنى أن يتمكنا من أداء واجباتهما الخاصة وتتمنى أيضًا أن يتمسكا بشهادتهما. هذا هو وفاء المرء بمسؤولياته؛ إذ لا يمكن للناس تحقيق أكثر من هذا بإنسانيتهم. علاوة على ذلك، أهم شيء هو أنه بعد سنوات من الإيمان بالله والاستماع إلى الكثير من الحقائق، على الأقل يكون لدى الناس هذا القدر اليسير من الفهم والإدراك: إن مصير الإنسان تحدده السماء، والإنسان يعيش بين يدي الله، والحصول على رعاية الله وحمايته أهم بكثير من اهتمامات الإنسان وبره بوالديه ورفقة أولاده له. ألا تشعر بالارتياح لأن والديك في رعاية الله وحمايته؟ لا داعي للقلق عليهما. إذا كنت قلقًا، فهذا يعني أنك لا تثق بالله؛ إيمانك به ضئيل للغاية. إذا كنت قلقًا حقًا على والديك ومشغولًا عليهما، فعليك أن تصلي إلى الله كثيرًا، وأن تستودعهما بين يدي الله، وتدع الله ينظم كل شيء ويرتبه. إن الله يحكم مصير البشر ويحكم كل يوم وكل ما يحدث لهم، فما الذي لا يزال يقلقك حتى الآن؟ أنت لا تستطيع حتى أن تتحكم في حياتك،(أ) أنت نفسك تواجه الكثير من الصعوبات؛ ماذا يمكنك أن تفعل لتجعل والديك يعيشان بسعادة كل يوم؟ كل ما يمكنك فعله هو أن تستودع كل شيء بين يدي الله. إذا كانا مؤمنين، اطلب من الله أن يهديهما إلى الطريق الصحيح حتى يُخلصا في النهاية. وإذا لم يكونا مؤمنين، فدعهما يسيران في الطريق الذي يريدانه. أما الوالدان اللذان يتصفان بالطيبة وبعض الإنسانية، فيمكنك أن تصلي إلى الله أن يباركهما ليقضيا ما تبقى لهما من العمر في سعادة. أما فيما يخص عمل الله، فالله له ترتيباته، وعلى الناس أن يخضعوا لها. لذا، بوجه عام، يتمتع الناس بالوعي في ضمائرهم بالمسؤوليات التي يؤدونها تجاه والديهم. وبغض النظر عن الموقف الذي يجلبه هذا الوعي تجاه الوالدين، سواء كان القلق أو اختيار التواجد إلى جانبهما، ففي كل الأحوال، لا ينبغي أن يشعر الإنسان بالذنب أو أن يكون ضميره مثقلًا لأنه لم يستطع الوفاء بمسؤولياته تجاه والديه بسبب تأثره بظروف موضوعية. لا ينبغي أن تصبح هذه المشكلات وأمثالها مضايقات في حياة الناس الإيمانية بالله؛ بل يجب التخلي عنها. عندما يتعلق الأمر بهذه الموضوعات المتعلقة بالوفاء بالمسؤوليات تجاه الوالدين، يجب أن يكون لدى الناس هذه الأفهام الدقيقة ولا ينبغي أن يشعروا بالتقيد بعد ذلك. فمن جهة، أنت تعلم من أعماق قلبك أنك لست غير بار بوالديك ولست تتنصل من مسؤولياتك أو تتهرب منها. ومن ناحية أخرى، فإن والديك بين يدي الله، فما الذي لا يزال يدعو للقلق؟ لا داعي لأي قلق قد يراود المرء. سيعيش كل شخص بسلاسة وفقًا لسيادة الله وترتيباته حتى النهاية، ويصل إلى نهاية طريقه، دون أي انحراف. لذلك، لا يحتاج الناس إلى أن يقلقوا أنفسهم بشأن هذا الأمر بعد الآن. سواء كنت بارًا بوالديك، أو ما إذا كنت قد وفيت بمسؤولياتك تجاه والديك، أو ما إذا كان عليك أن تردّ عطف والديك؛ هذه أمور لا ينبغي أن تفكر فيها، بل هي أمور يجب أن تتخلى عنها. أليس هذا صحيحًا؟ (بلى).
فيما يتعلق بموضوع توقعات الآباء والأمهات من أبنائهم، فقد عقدنا شركة حول جوانب الدراسة والعمل. ما هي الحقائق التي يجب أن يفهمها الناس في هذا الصدد؟ إذا استمعت إلى والديك واجتهدت في الدراسة بشكل خاص وفقًا لتوقعاتهم، فهل هذا يعني أنك تضمن أنك ستحقق نجاحًا كبيرًا؟ هل يمكن لهذا أن يغيّر مصيرك حقًا؟ (كلا). إذًا ما الذي ينتظرك في المستقبل؟ إنه ذلك الذي رتبه الله لك – المصير الذي يجب أن يكون لك، والمكانة التي يجب أن تكون لك بين الناس، والطريق الذي يجب أن تسلكه، والبيئة المعيشية التي يجب أن تكون لك. لقد رتب الله هذه الأمور لك منذ زمن بعيد. لذا يجب ألا تحمل أي أعباء عندما يتعلق الأمر بتوقعات والديك. سيظل مصيرك كما هو إذا فعلت ما يطلبه والداك، وكذلك إذا لم تتبع توقعات والديك وخيّبت آمالهما، سيظل مصيرك كما هو. ومهما كان مقدرًا للطريق الذي أمامك، هكذا سيكون؛ فقد عيّنه الله بالفعل. وبالمثل، إذا لبيت توقعات والديك وأرضيتهما ولم تخذلهما، فهل يعني ذلك أنهما سيعيشان حياة أفضل؟ هل يمكن لذلك أن يغير مصيرهما من المعاناة وسوء المعاملة؟ (كلا). يعتقد بعض الناس أن والديهم قد أسبغوا عليهم الكثير من العطف في تربيتهم، وأن والديهم عانوا كثيرًا خلال تلك الفترة، لذلك فهم يريدون أن يجدوا عملاً جيدًا، ثم يتحملون المشقة ويكدحون ويجتهدون ويكدون في العمل لكسب الكثير من المال وتكوين ثروة. هدفهم هو أن يوفروا لوالديهم في المستقبل حياة مرفهة، بحيث يعيشان في فيلا، ويقودان سيارة فارهة، ويأكلان ويشربان جيدًا. ولكن بعد سنوات من الكد في العمل، وعلى الرغم من تحسن ظروفهم وأحوالهم المعيشية، يتوفى آباؤهم دون أن ينعموا بيوم واحد من هذا الرخاء. من الملام على ذلك؟ إذا تركتَ الأمور تأخذ مجراها، وتركتَ الله يرتب الأمور، ولم تتحمل هذا العبء، فلن تشعر بالذنب عندما يتوفى والداك. ولكن إذا أهلكت نفسك في العمل لتكسب المال لتردّ لوالديك الجميل وتساعدهما على أن يعيشا حياة أفضل، ثم يموتان، فكيف سيكون شعورك؟ هل ستظل قادرًا على العيش براحة لبقية حياتك إذا تأخرت في أداء واجبك وتأخرت في نيل الحق؟ (كلا). ستتأثر حياتك، وستظل دائمًا تحمل عبء "خذلانك لوالديك" لبقية حياتك. يبذل بعض الناس جهودًا كبيرة في العمل والسعي وكسب المال حتى لا يخيبوا آمال آبائهم ويردوا لهم جميل تربيتهم. بعد ذلك، عندما يصبحون أثرياء ويمتلكون القدرة على شراء الطعام الجيد، يدعون والديهم إلى وجبة طعام ويطلبون مائدة مليئة بالأطباق الفاخرة قائلين "تفضلوا. أتذكر عندما كنت صغيرًا كانت هذه الأطعمة هي المفضلة لديكما؛ تناولاها!". ولكن، مع تقدم والديهم في السن، فقدا معظم أسنانهما وأصبحت شهيتهما ضعيفة، لذا يختاران الأطعمة اللينة وسهلة الهضم كالخضراوات والمعكرونة ويشبعان بعد بضع قضمات فقط. تشعرك رؤية هذه المائدة الكبيرة المليئة بالطعام الذي لم يؤكل بالحزن. لكن والديك يشعران بالرضا التام، فهذه هي الكمية التي يجب أن يأكلاها في مثل هذا العمر المتقدم، إنه أمر طبيعي، فهما لا يطلبان الكثير. تشعر بالتعاسة في داخلك، ولكن لم التعاسة؟ لم يكن من الضروري أن تفعل هذه الأشياء. لقد تحدد مقدار السعادة والمشقة التي سيختبرها والداك في حياتهما منذ زمن بعيد، ولا يمكن تغييره بسبب رغبتك أو إرضاءً لمشاعرك. لقد قدّر الله ذلك منذ زمن طويل، لذا لا لزوم لأي شيء يفعله الناس. ماذا تقول هذه الحقائق للناس؟ ما يجب أن يقوم به الوالدان هو تربيتك وتركك تكبر بشكل صحي وانسيابي، وأن تشق الطريق الصحيح، وتضطلع بالمسؤوليات والالتزامات التي يجب أن تضطلع بها ككائن مخلوق. لا يهدف كل هذا إلى تغيير مصيرك، بل ولا يمكن أن يغيّر مصيرك، بل يؤديان دورًا تكميليًا وتوجيهيًا فحسب، ويربيانك حتى تبلغ سن الرشد ويوجهانك إلى الطريق الصحيح للحياة. ما لا ينبغي لك أن تفعله هو أن تحاول بيدك خلق السعادة لوالديك، أو تغيير مصيرهما، أو السماح لهما بالتمتع بثروة عظيمة والطعام والشراب الجيدين. هذه أفكار حمقاء. هذا العبء ليس عبئًا ينبغي لك حمله، بل هو عبء يجب أن تتخلى عنه. لا ينبغي لك أن تقدم أي تضحيات لا طائل من ورائها أو تفعل أي أشياء لا طائل من ورائها لترد لوالديك الجميل أو تغيّر مصيرهما أو تمكنهما من الحصول على المزيد من النعم ومعاناة أقل، لإرضاء الاحتياجات الشخصية لضميرك أو مشاعرك وتجنب إحباطهما. هذه ليست مسؤوليتك، وليس ما يجب أن تفكر فيه. ينبغي على الآباء الوفاء بمسؤولياتهم تجاه أبنائهم وفقًا لظروفهم الخاصة ووفقًا للظروف والبيئة التي أعدها الله، ويعتمد كذلك ما ينبغي للأبناء أن يفعلوه لوالديهم على الظروف التي يستطيعون تحقيقها والبيئة التي هم فيها، هذا كل ما في الأمر. لا ينبغي أن يكون كل ما يفعله الوالدان أو الأبناء بغرض تغيير مصير الطرف الآخر من خلال قوته الخاصة أو رغباته الأنانية، بحيث يتمكن الطرف الآخر من أن يعيش حياة أفضل وأسعد وأكثر مثالية بسبب جهوده. ينبغي على كل من الوالدين والأبناء أن يتركوا الأمور تأخذ مجراها الطبيعي ضمن البيئات التي رتبها الله، بدلًا من محاولة تغيير الأمور من خلال جهودهم الخاصة أو أي قرارات شخصية. لن يتغير مصير والديك لأن لديك هذا النوع من الأفكار بخصوصهما – فمصيرهما قد رتبه الله منذ زمن بعيد. وقد كتب الله لك أن تعيش في نطاق حياتهما، وأن تولد من صلبهما، وأن تتربى على أيديهما، وأن تكون على هذه العلاقة معهما، إذًا فمسؤوليتك تجاههما هي فقط مصاحبتهما وفق ظروفك وأداء بعض الالتزامات. أما أن ترغب في تغيير وضع والديك الحالي، أو أن ترغب في أن ينعما بحياة أفضل، فهذا كله لا لزوم له. أو أن تجعل جيرانك وأقاربك يتطلعون إليك، أو أن تشرّف والديك، أو أن تضمن لوالديك مكانة مرموقة داخل العائلة، فهذا لا لزوم له بالأكثر. هناك أيضًا الأمهات أو الآباء غير المتزوجين الذين تركهم أزواجهم وزوجاتهم وربوك كابنهم حتى الرشد بمفردهم. تشعر بدرجة أكبر كيف كان الأمر صعبًا لهم، وتريد أن تستغل حياتك كلها لرد الجميل لهما وتعويضهما، إلى درجة القيام بكل ما يطلبانه. إن ما يطلبانه منك، وما يتوقعانه منك، بالإضافة إلى ما أنت على استعداد للقيام به، كل ذلك يصبح عبئًا في حياتك – وهذا ما لا ينبغي أن يكون عليه الحال. أنت في حضرة الخالق كائنًا مخلوقًا. ما يلزم قيامك به في هذه الحياة ليس فقط الوفاء بمسؤولياتك تجاه والديك، بل الوفاء بمسؤولياتك وواجباتك ككائن مخلوق. لا يمكنك الوفاء بمسؤولياتك تجاه والديك إلا على أساس كلام الله ومبادئ الحق، وليس من خلال القيام بأي شيء من أجلهما بناءً على احتياجاتك العاطفية أو احتياجات ضميرك. وبالطبع، فإن الوفاء بمسؤولياتك والتزاماتك تجاههما وفقًا لكلام الله ومبادئ الحق هو أيضًا جزء من واجباتك ككائن مخلوق، وهي المسؤولية التي منحها الله للإنسان. يستند الوفاء بهذه المسؤولية إلى كلام الله وليس احتياجات الإنسان. لذا، يمكنك بسهولة أن تعامل والديك وفقًا لكلام الله، وأن تفي بمسؤولياتك والتزاماتك تجاههما. الأمر بهذه البساطة. هل من السهل القيام بذلك؟ (نعم). لماذا من السهل القيام به؟ الجوهر هنا، وكذلك مبادئ الحق التي يجب أن يلتزم بها الناس، واضحان للغاية. الجوهر هو أنه لا يمكن للآباء ولا الأبناء تغيير مصير أحدهما الآخر. سواء حاولتم جاهدين أم لا، سواء كنتم على استعداد للوفاء بمسؤولياتكم أم لا، لا شيء من ذلك يمكن أن يغير مصير الآخر. سواء كنت تحملهم في قلبك أم لا، فهذا مجرد اختلاف في الاحتياج العاطفي، ولن يغير أي حقائق. لذا، فإن أبسط ما يمكن أن يفعله الناس هو أن يتخلوا عن مختلف الأعباء التي جلبتها توقعات والديهم. أولاً وقبل كل شيء، يجب أن تنظر إلى كل هذه الأشياء وفقًا لكلام الله، وثانيًا، يجب أن تتعامل مع العلاقة مع والديك وتتناولها وفقًا لكلام الله. الأمر بهذه البساطة. أليس الأمر سهلاً؟ (بلى). إذا قبلتَ الحق، فستكون كل هذه الأمور سهلة، وفي أثناء اختبارك، سيزداد شعورك بأن هذا هو الحال حقًا. لا أحد يستطيع تغيير مصير شخص ما؛ فمصير الإنسان بيد الله وحده. لن ينجح الأمر مهما حاولت. بالطبع سيقول بعض الناس: "كل الأشياء التي قلتها حقيقية، لكنني أشعر أن التصرف بهذه الطريقة يفتقر للدفء الإنساني. أشعر دائمًا بوخز الضمير، ولا يمكنني تحمل ذلك". إذا كنت لا تتحمل ذلك، فأرض مشاعرك فحسب؛ رافق والديك وكن قريبًا منهما، واخدمهما، وكن بارًا بهما، ونفذ ما يقولانه سواء كانا على صواب أو خطأ – كن تابعًا لهما وخادمهما، هذا كله جيد. وبهذه الطريقة، لن ينتقدك أحد من وراء ظهرك، وحتى عائلتك ستتحدث عن مدى برّك بوالديك. ومع ذلك، الشخص الوحيد الذي سيعاني من الخسارة في النهاية هو أنت. لقد حافظتَ على سمعتك كابن بار بوالديك، وأشبعتَ احتياجاتك العاطفية، ولم يوخزك ضميرك أبدًا، ورددتَ لطف والديك، ولكن ثمة شيء واحد أهملته وخسرته: لم تتعامل مع كل هذه الأمور وتتناولها وفقًا لكلام الله، وأضعت الفرصة لأداء واجبك ككائن مخلوق. ما معنى هذا؟ معناه أنك كنت بارًا بوالديك، ولكنك خنت الله. لقد أظهرت بر الوالدين وأشبعت الاحتياجات العاطفية لجسد والديك، لكنك تمردت على الله. لقد فضَّلتَ أن تكون ابنًا بارًا على أن تؤدي واجباتك ككائن مخلوق. هذا أقصى آيات عدم الاحترام لله. لن يقول الله إنك شخص يخضع له أو يمتلك الإنسانية لمجرد أنك ابن بار بوالديك، وأنك لم تخيّب أمل والديك، وأن لديك ضمير، وأنك تؤدي مسؤولياتك كابن. إذا كنت تشبع احتياجات ضميرك واحتياجات جسدك العاطفية فحسب، ولكنك لا تقبل كلام الله أو الحق كأساس ومبادئ للتعامل مع هذا الأمر أو تناوله، فأنت تُظهر أقصى آيات التمرد على الله. إذا كنت تريد أن تكون كائنًا مخلوقًا مؤهلاً، فيجب عليك أولاً أن ترى كل شيء وتفعله وفقًا لكلام الله. وهذا ما يسمى أن تكون مؤهلاً، وأن تتمتع بإنسانية، وضمير. وعلى العكس، إذا لم تقبل كلام الله باعتباره مبادئ وأساس التعامل مع هذا الأمر أو تناوله، ولا تقبل كذلك دعوة الله لك للخروج وأداء واجباتك، أو فضّلت أن تؤخر فرصة أداء واجباتك أو تتنازل عنها من أجل البقاء إلى جانب والديك ومرافقتهما وإسعادهما وإتاحة الفرصة لهما للاستمتاع بسنواتهما الأخيرة وردّ الجميل لهما، فإن الله سيقول إنك شيء بلا إنسانية أو ضمير. أنت لست كائنًا مخلوقًا، ولن يعترف بك.
عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع توقعات الآباء، هل من الواضح ما هي المبادئ التي يجب اتباعها وما هي الأعباء التي يجب التخلي عنها؟ (نعم). إذًا، ما هي تحديدًا الأعباء التي يتحملها الناس هنا؟ يجب عليهم أن يستمعوا إلى والديهم وأن يدعاهما يعيشان حياة جيدة؛ فكل ما يفعله الأبوين هو من أجل مصلحتهم؛ ويجب عليهم أن يفعلوا ما يقوله آباؤهم ليكونوا بارين بوالديهم. بالإضافة إلى ذلك، يجب عليهم كبالغين أن يفعلوا أشياء لوالديهم، وأن يردوا الجميل لوالديهم، وأن يكونوا بارين بهما، وأن يرافقوهما، وألا يشعروهما بالحزن أو خيبة الأمل، وألا يخذلوهما، وأن يفعلوا كل ما في وسعهم لتقليل معاناتهما أو حتى استبعادها تمامًا. إذا لم تستطع تحقيق ذلك، فأنت جاحد وغير بار بالوالدين، وتستحق أن تضربك صاعقة ويزدريك الآخرون، وأنت شخص سيئ. هل هذه أعبائك؟ (نعم). بما أن هذه الأشياء هي أعباء الناس، فيجب على الناس أن يقبلوا الحق ويواجهونها بشكل صحيح. من خلال قبول الحق وحده يمكن التخلي عن هذه الأعباء والأفكار والآراء الخاطئة وتغييرها. إذا لم تقبل الحق، فهل هناك طريق آخر لك لتسلكه؟ (كلا). وهكذا، سواء كان الأمر يتعلق بالتخلي عن أعباء العائلة أو الجسد، فالأمر كله يبدأ بقبول الأفكار والآراء الصحيحة وقبول الحق. عندما تبدأ في قبول الحق، ستتفكك هذه الأفكار والآراء الخاطئة في داخلك تدريجيًا وستميزها وتراها على حقيقتها، ثم تُرفض تدريجيًا. وخلال عملية التفكيك والتمييز، ثم التخلي عن هذه الأفكار والآراء الخاطئة ورفضها، ستغير تدريجيًا موقفك ونهجك تجاه هذه الأمور. ستضعف هذه الأفكار التي تأتي من ضميرك البشري أو مشاعرك البشرية تدريجيًا؛ ولن تعود تزعجك أو تقيدك في أعماق عقلك، أو تتحكم في حياتك أو تؤثر فيها، أو تتدخل في أدائك لواجبك. على سبيل المثال، إذا كنت قد قبلت الأفكار والآراء الصحيحة وقبلت هذا الجانب من الحق، فعندما تسمع خبر وفاة والديك، ستذرف الدموع فقط من أجلهما دون أن تفكر كيف أنك خلال هذه السنوات لم ترد لهما جميلهما في تربيتك، وكيف جعلتهما يعانيان كثيرًا، وكيف أنك لم تعوضهما بأدنى قدر، وكيف أنك لم تتركهما يعيشان حياة طيبة. لن تلوم نفسك على هذه الأمور بعد الآن – بل ستظهر تعبيرات طبيعية نابعة من احتياجات المشاعر الإنسانية الطبيعية؛ ستذرف الدموع ثم تختبر بعض الشوق إليهما. وسرعان ما ستصبح هذه الأمور طبيعية وعادية، وسرعان ما ستنغمس في حياة طبيعية وأداء واجباتك؛ ولن تنزعج من هذا الأمر. ولكن إذا لم تتقبل هذه الحقائق، فعندما تسمع خبر وفاة والديك، ستبكي إلى ما لا نهاية. ستشعر بالشفقة على والديك، وأن طوال عمرهما لم تكن حياتهما سهلة، وأنهما ربيا ابنًا غير بار بوالديه مثلك؛ فعندما كانا مريضين لم تجلس بجانب فراشهما لخدمتهما، وعندما ماتا لم تنوح في جنازتهما ولم تكن في حالة حداد؛ لقد خذلتهما، وخيَّبت آمالهما، ولم تدعهما يعيشان حياة طيبة. ستعيش مع هذا الشعور بالذنب لفترة طويلة، وكلما فكرت في الأمر ستبكي وتشعر بألم غريب في قلبك. وكلما واجهت ظروفًا أو أشخاصًا وأحداثًا وأشياء ذات صلة، سيكون لديك رد فعل عاطفي؛ وقد يرافقك هذا الشعور بالذنب لبقية حياتك. ما سبب ذلك؟ السبب هو أنك لم تقبل أبدًا الحق أو الأفكار والآراء الصحيحة باعتبارها حياتك؛ واستمرت بدلًا من ذلك أفكارك وآراؤك القديمة في السيطرة عليك، والتأثير على حياتك. لذا، ستقضي ما تبقى من حياتك في ألم بسبب وفاة والديك. ستكون لهذه المعاناة المستمرة عواقب تتجاوز مجرد الانزعاج الجسدي البسيط؛ إذ ستؤثر على حياتك، وموقفك تجاه أداء واجباتك، وموقفك تجاه عمل الكنيسة، وموقفك تجاه الله، وكذلك موقفك تجاه أي شخص أو أمر يمس روحك. قد تصاب أيضًا بالإحباط والتثبيط تجاه المزيد من الأمور، وتصبح يائسًا وسلبيًا، وتفقد الإيمان بالحياة، وتفقد الحماس والتحفيز لأي شيء، وهكذا. وبمرور الوقت، لن يقتصر التأثير على حياتك اليومية البسيطة، بل سيؤثر أيضًا على موقفك تجاه أداء واجباتك والمسار الذي تسلكه في الحياة، وهذا أمر خطير للغاية. قد تكون نتيجة هذا الخطر أنك لا تستطيع أداء واجباتك ككائن مخلوق بشكل كافٍ، وقد تتوقف عن أداء واجباتك في منتصف الطريق أو قد يكون لديك مزاج وموقف مقاوم تجاه الواجبات التي تؤديها. وباختصار، سيزداد هذا النوع من المواقف سوءًا حتمًا بمرور الوقت ويتسبب في تطور مزاجك وعواطفك وعقليتك في اتجاه خبيث. هل تفهم؟ (نعم). إن الشركة حول هذه المواضيع اليوم، تخبرك في جانب من جوانبها بتأسيس الأفكار والآراء الصحيحة، التي يستند مصدرها إلى جوهر هذه الأمور نفسها. ولأن الجذر والجوهر هكذا، ينبغي على الناس أن يدركوها، ولا ينبغي أن ينخدعوا بهذه التمثيلات أو بالأفكار والآراء النابعة من المشاعر والتهور. هذا جانب. والجانب الآخر هو أن الناس عندما يفعلون ذلك وحده يمكنهم تجنب الالتفافات والانحرافات، وبدلاً من ذلك يعيشون الحياة كما هي في بيئة يحكمها الله ويرتبها. باختصار، فقط من خلال قبول هذه الأفكار والآراء الصحيحة والاسترشاد بها يمكن للناس أن يتخلصوا من هذه الأعباء التي تأتي من آبائهم، ويتخلوا عن هذه الأعباء، ويكونوا قادرين على الخضوع لتنظيمات الله وترتيباته. يمكن للمرء من خلال القيام بذلك أن يعيش بحرية أكبر وبلا قيود، بسلام وفرح، بدلاً من أن يكون مدفوعًا باستمرار بتأثيرات الاندفاع أو المشاعر أو الضمير. بعد أن ناقشنا الكثير، هل أصبح لديك الآن بعض الفهم للأعباء التي تخلقها توقعات الآباء؟ (نعم). الآن بعد أن أصبح لديك بعض الفهم الدقيق، ألا تشعر بأن روحك أكثر استرخاءً وتحررًا؟ (بلى). ستتحرر روحك عندما يكون لديك فهم حقيقي وقبول وخضوع حقيقي. إذا واصلت في المقاومة والرفض، أو تعاملت مع هذه الحقائق على أنها محض نظرية، بدلاً من النظر إلى هذه الأمور بناءً على الحقائق، فسيكون من الصعب عليك التخلي عنها. لن تكون قادرًا سوى على التصرف وفقًا لتنظيمات أفكار الجسد ومشاعره في التعامل مع هذه الأمور؛ وفي النهاية ستعيش في فخ هذه المشاعر، حيث لا يوجد سوى الألم والحزن، ولن يستطيع أن ينقذك أحد. عندما يواجه الناس هذه الأمور وهم متورطون في هذا الفخ العاطفي، لن يكون أمامهم مخرجًا. لا يمكنك أن تتحرر من فخاخ المشاعر وأغلالها إلا بقبول الحق، أليس كذلك؟ (بلى).
بالإضافة إلى التوقعات والتوجهات المختلفة للوالدين فيما يتعلق بدراسة أبنائهم واختياراتهم المهنية، فإن لديهم توقعات مختلفة فيما يتعلق بالزواج أيضًا، أليس كذلك؟ ما هي بعض هذه التوقعات؟ أرجوكم شاركوا. (عادةً ما يقول الآباء لبناتهم أن زوج المستقبل يجب أن يكون على الأقل ثرياً ولديه منزل وسيارة وقادر على الاعتناء بهن. أي أنه يجب أن يكون قادرًا على تلبية احتياجات الابنة المادية وأن يكون لديه أيضًا شعور بالمسؤولية. هذه هي معايير اختيار الزوج). تأتي بعض الأشياء التي يقولها الآباء من تجاربهم الخاصة، وعلى الرغم من أنهم يضعون مصلحتك في الاعتبار، تظل هناك بعض المشكلات. للوالدين أيضًا آراؤهم وتفضيلاتهم الخاصة عندما يتعلق الأمر بتوقعاتهم لزواجك، فهما يطلبان من أبنائهما أن يجدوا شريك حياة يتمتع بالمال والمكانة والقدرة على أقل تقدير وأن يكون ذا شخصية قوية حتى لا يتعرضوا لتسلط الآخرين عليهم خارج المنزل. وإذا تنمر الآخرون عليك، يجب أن يكون هذا الشخص قادرًا على الوقوف في وجههم وحمايتك. قد تقولين: "أنا لا أهتم. أنا لست شخصًا ماديًا. أريد فقط أن أجد شخصًا يحبني وأحبّه أيضًا". لهذا، يقول والداك: "لماذا أنتِ غبية؟ لماذا أنتِ بهذه البساطة؟ أنتِ صغيرة وعديمة الخبرة، ولا تفهمين مصاعب الحياة. هل سمعت من قبل مقولة: "كل شيء يسير بشكل خاطئ بالنسبة إلى الزوجين الفقيرين"؟ في الحياة، تحتاجين إلى المال من أجل هذا وذاك؛ هل تظنين أنك ستعيشين حياة جيدة إذا لم يكن لديك المال؟ عليك أن تجدي شخصًا غنيًا وقادرًا". تجيبين: "لكن حتى الأغنياء والقادرين لا يمكن الاعتماد عليهم". يجيب والداك: "حتى لو لم يكن من الممكن الاعتماد عليهم، عليك أن تؤمني احتياجاتك الأساسية أولاً. ستحصلين على كل ما تريدين أن تأكليه وتلبسيه، وستكونين حسنة التغذية وحسنة الملبس، وهو أمر سيحسدك عليه الجميع". فتردين: "لكن روحي لن تكون سعيدة". فيقول والداك: "ما هي الروح أصلاً؟ أين هي؟ ماذا لو لم تكن روحك سعيدة؟ ما دمت مستريحة جسديًا، فهذا هو المهم!". بعض الأشخاص يرغبون في أن يظلوا عازبين، بناءً على ظروف حياتهم الحالية. على الرغم من أنهم كبار، لا يرغبون في المواعدة، ناهيك عن الدخول في زواج. وهذا يجعل والديهم قلقين، لذلك يستمران في حثهم على الزواج. يرتبان مواعيد غرامية عشوائية ويقدمان شركاء محتملين. إنهما يفعلان كل ما في وسعهما لسرعة العثور على شخص مناسب ومحترم لأبنائهم للزواج، حتى وإن لم يكن مناسبًا، فعلى الأقل يجب أن تكون مؤهلاته جيدة، كأن يكون خريجًا جامعيًا أو حاصلًا على الماجستير أو الدكتوراه، أو درس في الخارج. بعض الناس لا يتحملون إلحاح والديهم. يعتقدون في البداية أنه لأمر رائع أن يكونوا عازبين وأنه ليس عليهم سوى الاهتمام بأنفسهم. خاصةً بعد الإيمان بالله، فهم مشغولون جدًا بأداء واجباتهم كل يوم، وليس لديهم وقت للتفكير في هذه الأمور، لذلك لا يواعدون ولن يتزوجوا في المستقبل. ومع ذلك، لا يمكنهم تجاوز تدقيق الآباء، فآباؤهم لا يوافقون على ذلك، ودائمًا ما يحثونهم ويضغطون عليهم. وكلما رأوا ابناءهم، يبدأون في الإلحاح: "هل تواعدين شخصًا ما؟ هل هناك أي شخص أعجبت به؟ أسرعي وأحضريه إلى المنزل حتى نتمكن من التحقق منه من أجلك. إذا كان مناسبًا لك، سارعي بعقد قرانك؛ فأنت تكبرين في العمر! النساء لا يتزوجن بعد سن الثلاثين والرجال لا يبحثون عن شريكة حياة بعد سن الخامسة والثلاثين. ماذا تحاولين أن تفعلي، تقلبي العالم رأساً على عقب؟ من سيعتني بكِ عندما تكبرين في السن إذا لم تتزوجي"؟ دائمًا ما يقلق الوالدان ويشغلان نفسيهما بهذا الأمر، ويريدان منك أن تبحثي عن هذا الشخص أو ذاك، ويدفعانك للزواج والعثور على شريك. وبعد أن تتزوجي، يستمر والداك في مضايقتك: "أسرعي وأنجبي طفلاً وأنا ما زلت صغيرة. سأعتني بهم من أجلك". تقولين: "لا أحتاج إليك لرعاية أطفالي. لا تقلقي". فترد: "ماذا تعنين بـ"لا تقلقي"؟ أسرعي وأنجبي طفلاً! بعد أن يولد، سأعتني به من أجلك، وبمجرد أن يكبر قليلاً، يمكنك أن تتولى رعايته". مهما كانت توقعات الوالدين تجاه أبنائهم – بغض النظر عن مواقف الوالدين أو ما إذا كانت هذه التوقعات صحيحة – فإن ذلك دائمًا ما يبدو عبئًا على الأبناء. إذا استمعوا إلى والديهم، فسيشعرون بعدم الارتياح والتعاسة، وإذا لم يستمعوا إلى والديهم، فسيشعرون بتأنيب الضمير: "والداي ليسا مخطئين. إنهما كبيران جداً في السن ولن يتسنى لهما رؤيتي أتزوج أو أنجب أطفالاً. يشعران بالحزن، لذلك يحثانني على الزواج وإنجاب الأطفال. هذه مسؤوليتهما أيضاً". لذا، عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع توقعات الوالدين في هذا الصدد، دائمًا ما يكون لدى الناس في أعماقهم شعور غامض بأن هذا عبء. يبدو الأمر خاطئًا سواء أطاعوا أو لم يطيعوا، وفي كلتا الحالتين يشعرون أن عصيانهم لمطالب والديهم أو رغباتهم أمر مشين وغير أخلاقي. إنها مسألة تؤرق ضمائرهم. بل أن بعض الآباء يتدخلون في حياة أبنائهم بقولهم: "أسرع بالزواج وإنجاب الأطفال. أعطني حفيدًا كبيرًا وبصحة جيدة أولًا". وبهذه الطريقة يحاولون حتى التدخل في نوع الطفل. يقول بعض الآباء أيضًا: "لديك ابنة بالفعل، أسرع وأعطني حفيدًا، أريد حفيدًا وحفيدة معًا. أنت وزوجتك مشغولان بالإيمان بالله وأداء واجباتكما طوال اليوم. أنتِ لا تقوم بعملك كما ينبغي، إنجاب الأطفال أمرٌ مهم. ألا تعلم أن "أسوأ الخصال الثلاث لعقوق الوالدين عدم وجود وريث"؟ هل تعتقد أن مجرد إنجاب ابنة يكفي؟ من الأفضل لك أن تسرع وتنجب لي حفيدًا أيضًا! أنت الابن الوحيد في أسرتنا؛ إذا لم تنجب لي حفيدًا، ألن ينتهي نسل عائلتنا؟". فتفكر: "هذا صحيح، إذا انتهت سلالة العائلة معي، ألن أكون قد خذلت أجدادي؟". إذًا، عدم الزواج خطأ، والزواج دون إنجاب أطفال خطأ أيضًا، ولكن بعد ذلك لا يكفي أيضًا أن يكون لديك ابنة، يجب أن يكون لديك ابن. بعض الناس ينجبون ابنًا أولاً، لكن آباءهم يقولون: "طفل واحد لا يكفي. ماذا لو حدث شيء ما؟ أنجب واحدًا آخر حتى يؤنس أحدهما الآخر". كلمة الوالدين هي القانون عندما يتعلق الأمر بأبنائهم، ويمكن أن يكونا غير منطقيين تمامًا، وقادرين على التعبير عن المنطق الأكثر انحرافًا – ويصبح أبناءهم في حيرة من أمرهم حول كيفية التعامل معهم. يتدخل الوالدان وينتقدان حياة أبنائهم وعملهم وزواجهم ومواقفهم تجاه مختلف الأمور. لا يملك الأبناء سوى كتم غضبهم. لا يمكنهم الاختباء من والديهم أو التخلص منهما. لا يستطيعون توبيخ والديهم أو تثقيفهما، فماذا يمكنهم أن يفعلوا؟ إنهم يتحملون الأمر، ويحاولون رؤيتهما بأقل قدر ممكن، ويتجنبون إثارة هذه الأمور إذا كان لا بد من اللقاء. وإذا أثيرت هذه المسائل، فإنهم يقاطعونها على الفور ويذهبون للاختباء في مكان ما. ومع ذلك، بعض الأشخاص يوافقون على طلبات والديهم من أجل تلبية توقعاتهم وعدم تخييب آمالهم. قد تتسرع على مضض في المواعدة والزواج وإنجاب الأطفال. ولكن لا يكفي أن يكون لديك طفل واحد؛ بل يجب أن يكون لديك العديد من الأطفال. أنت تفعل ذلك لتلبية طلبات والديك وإسعادهما وإبهاجهما. وبغض النظر عما إذا كان بإمكانك تلبية رغبات والديك، فإن مطالبهما ستكون مزعجة لأي ابن، فوالداك لا يقومان بأي شيء مخالف للقانون، ولا يمكنك انتقادهما أو التحدث مع أي شخص آخر حول هذا الموضوع أو التفاهم معهما بالمنطق. ومع ذهابك وإيابك على هذا النحو، يصبح الأمر عبئًا عليك. تشعر دائمًا بأنه طالما أنك لا تستطيع تلبية مطالب والديك بالزواج والإنجاب، فلن تستطيع مواجهة والديك وأجدادك بضمير مرتاح. إذا لم تلب مطالب والديكم – أي لم تواعد ولم تتزوج ولم تنجب أطفالًا وتواصل نسب العائلة كما طلبوا – فستشعر بالضغط من الداخل. يمكنك أن تسترخي قليلاً فقط إذا قال والداك أنهما لن يتدخلا في هذه الأمور، مما يمنحك الحرية في أخذ الأمور كما هي. ومع ذلك، إذا كانت ردود الفعل الاجتماعية القادمة من أقاربك وأصدقائك والطلاب في فصلك وزملائك والجميع، هي إدانتك والحديث عنك من وراء ظهرك، فهذا أيضًا عبء عليك. عندما تكونين في الخامسة والعشرين من عمركِ وغير متزوجة، لا تعيرين الأمر اهتمامًا كبيرًا، ولكن عندما تصلين إلى الثلاثين، تبدئين بالشعور بأن الأمر ليس جيدًا، لذا تتجنبين هؤلاء الأقارب وأفراد العائلة ولا تذكرين الأمر. وإذا كنت لا تزالين غير متزوجة في سن الـ35، سيقول الناس: "لماذا لم تتزوجي بعد؟ هل ثمة ما يعيبك؟ أنت غريبة الأطوار نوعًا ما، أليس كذلك؟ إذا كنت متزوجة ولكنك لا تريدين أطفالاً، سيقولون: "لماذا لم تنجبي أطفالاً بعد الزواج؟ يتزوج الآخرون وينجبون بنتًا ثم ابنًا، أو ينجبون ابنًا ثم بنتًا. لماذا لا تريدين أطفالاً؟ ما خطبك؟ أليس لديك أي مشاعر إنسانية؟ هل أنتِ حتى شخص طبيعي؟". سواء كان مصدر هذه المشكلات الوالدين أو المجتمع، تصبح عبئًا عليك في بيئات وخلفيات مختلفة. تشعرين بأنك على خطأ، خاصةً في عمرك. على سبيل المثال، إذا كان عمرك بين الثلاثين والخمسين وما زلت غير متزوجة، لا تجرؤين على مقابلة الناس. يقولون: "تلك المرأة لم تتزوج طوال حياتها، إنها عانس عجوز، لا أحد يريدها، لن يتزوجها أحد". "هذا الرجل لم يتزوج طوال حياته". "لماذا لم يتزوجا؟". "من يدري، ربما ثمة ما يعيبهما". أنت تتساءل: "ليس هناك ما يعيبني، فلماذا لم أتزوج إذًا؟ لم أستمع إلى والديّ وأنا أخذلهما". يقول الناس: "هذا الشاب لم يتزوج، وتلك الفتاة لم تتزوج. انظروا كم أصبح آباؤهم وأمهاتهم بائسين الآن. الآباء الآخرون لديهم أحفاد وأحفاد أحفاد، لكنهم ما زالوا عزابًا. لا بد أن أجدادهم فعلوا شيئًا فظيعًا، أليس كذلك؟ أليسوا بهذا يتركون العائلة بلا وريث؟ لن يكون لهم أي نسل لمواصلة سلالة العائلة. ما خطب هذه العائلة"؟ مهما كان موقفك الحالي متصلبًا، طالما أنك شخص عادي وفاني، وليس لديك ما يكفي من الحق لفهم هذا الأمر، فعاجلاً أم آجلاً ستشعر بالقلق والانزعاج من هذا الأمر. في الوقت الحاضر، هناك العديد من الأشخاص الذين يبلغون من العمر 34 أو 35 عامًا في المجتمع ما زالوا غير متزوجين، وهذا ليس بالأمر الجلل. ومع ذلك، في سن 35 أو 36 وما فوق، هناك عدد أقل من الأشخاص غير المتزوجين. استنادًا إلى الفئة العمرية الحالية للأشخاص غير المتزوجين، إذا كان عمرك أقل من 35 عامًا، فقد تعتقدين أنه: "من الطبيعي ألا أكون متزوجة، ولا أحد يقول شيئًا عن ذلك. إذا أراد والداي أن يقولا شيئاً، فليقولاه. أنا لست خائفة". ولكن بمجرد أن تتخطي سن الخامسة والثلاثين، سينظر الناس إليك نظرة مختلفة. سيقولون إنك عزباء أو غير متزوجة أو امرأة لا يريدها أحد، ولن تستطيعي تحمل ذلك. سيصبح هذا الأمر عبئًا عليك. إذا لم يكن لديك فهم واضح أو مبادئ محددة لممارسة هذه المسألة، فعاجلاً أم آجلاً، ستصبح هذه المسألة مصدر إزعاج لك، أو ستعطل حياتك في وقت خاص. ألا يتضمن هذا بعض الحقائق التي يجب أن يفهمها الناس؟ (بلى).
فيما يتعلق بالزواج وإنجاب الأطفال، ما هي الحقائق التي يجب أن يفهمها الناس لكي يتخلوا عن الأعباء التي تجلبها هذه الأمور؟ بادئ ذي بدء، هل اختيار شريك الحياة تحدده إرادة الإنسان؟ (كلا). ليس الأمر أنه يمكنك أن تذهب وتقابل أي نوع من الأشخاص ترغب فيه، وبالتأكيد ليس الأمر أن الله سيعد لك نوع الشخص الذي تريده بالضبط، بل إن الله قد قدّر بالفعل من سيكون شريكك في الزواج؛ وستتزوج الشخص المقدر لك أيًا كان. لا داعي لأن تتأثر بأي تدخل من جراء احتياجات والديك أو الشروط التي يضعاها. بالإضافة إلى ذلك، هل يمكن لشريك الحياة الذي يطلب منك والداك العثور عليه، الذي يتمتع بالثراء والمكانة العالية، أن يحدد ثروتك ومكانتك المستقبلية؟ (كلا). لا يمكنه ذلك. هناك عدد غير قليل من النساء اللاتي تزوجن من عائلات ثرية طُردن من المنزل وانتهى بهن الأمر في الشوارع يفتشن في القمامة. أولئك الذين يسعون باستمرار لتسلق السلم الاجتماعي من أجل الثراء والوجاهة ينتهي بهم المطاف إلى الخراب وضياع سمعتهم، وهم أسوأ حالًا حتى من الناس العاديين، فهم يقضون أيامهم في حمل حقيبة غسيل رخيصة لجمع الزجاجات البلاستيكية والعلب الألومنيوم، ثم يستبدلونها ببضعة دولارات، وأخيرًا يشترون فنجان قهوة في أحد المقاهي ليشعروا أنهم لا يزالون يعيشون حياة الأثرياء. يا للبؤس! الزواج حدث مهم في حياة المرء. تمامًا مثل نوع الوالدين المقدر أن يكون للمرء، لا يعتمد الزواج على احتياجات والديك أو عائلتك، ولا يعتمد على ذوقك الشخصي وتفضيلاتك؛ بل هو أمر منوط تمامًا بما يقدره الله. ستلتقي في الوقت الصحيح بالشخص الصحيح، وفي الوقت المناسب، ستلتقي بالشخص الذي يناسبك. كل هذه الترتيبات الخاصة بالعالم الغيبي غير المرئي هي تحت سيطرة الله وسيادته. لا حاجة للناس في هذه المسألة أن يلتفتوا إلى ترتيبات الآخرين، أو أن يوجههم الآخرون، أو أن يتلاعبوا بهم ويؤثروا عليهم، لذا عندما يتعلق الأمر بالزواج، أيًا كانت توقعات والديك، وأيًا كانت خططك، لا تحتاج إلى أن تتأثر بوالديك، ولا ينبغي أن تتأثر بخططك الخاصة. يجب أن يستند هذا الأمر بالكامل إلى كلمة الله. لا يهم إذا كنت تبحث عن شريك حياة أم لا – حتى لو كنتِ تبحث عن شريك، فيجب أن يكون ذلك وفقًا لكلمة الله، وليس وفقًا لمطالب والديك أو احتياجاتهما وليس وفقًا لتوقعاتهما. لذلك يجب ألا تصبح توقعات والديك عبئًا عليك عندما يتعلق الأمر بالزواج. إن العثور على شريك حياة معناه تحمل مسؤولية نفسك وشريك حياتك لما تبقى من عمرك؛ إنه يتعلق بالخضوع لتنظيمات الله وترتيباته. إنه لا يتعلق بتلبية مطالب والديك أو تحقيق توقعاتهما. لا ينبغي أن يستند بحثك عن شريك حياة ونوعية هذا الشريك الذي تبحث عنه إلى توقعات والديك. لا يحق لوالديك التحكم بك في هذا الأمر؛ فالله لم يعطهما الحق في ترتيب زواجك من البداية إلى النهاية. إذا كنت تبحث عن شريك حياة، فيجب أن يتم ذلك وفقًا لكلام الله؛ وإذا اخترت عدم طلب شريك، فلك الحرية في هذا. أنت تقول: "في حياتي كلها، أحب أن أكون أعزب، سواء أديت واجباتي أم لا. كوني بمفردي يشعرني بالحرية كما لو كنت طائر ما، فبرفرفة واحدة من جناحي يمكنني التحليق ببساطة. أنا لست مثقلًا بأسرة وأذهب إلى أي مكان بمفردي. هذا رائع! أنا وحدي، ولكنني لست وحيدًا، فالله معي، يرافقني؛ ولست وحيدًا في كثير من الأحيان. أشعر أحيانًا برغبة في الانعزال تمامًا، وهذا ما يحتاج إليه الجسد. أخذ لحظة للانعزال التام ليس بالأمر السيئ. عندما أشعر بالفراغ أو الوحدة بين الحين والآخر أقف أمام الله لأتحدث معه من القلب إلى القلب وأشاركه بعض الكلمات. سأقرأ كلماته، وأتعلم ترانيمه، وأشاهد مقاطع فيديو لشهادات عن اختبارات الحياة، وأشاهد أفلامًا من بيت الله. إنه أمر رائع، ولا أشعر بالوحدة بعد ذلك. لا يهمني ما إذا كنت سأشعر بالوحدة فيما بعد أم لا. على أي حال، أنا لست وحيدًا الآن؛ فهناك العديد من الإخوة والأخوات حولي يمكنني أن أتحدث معهم حديثًا صادقًا. قد يكون البحث عن شريك حياة أمرًا مزعجًا للغاية. لا يوجد الكثير من الأشخاص الطبيعيين الذين يستطيعون أن يعيشوا حياة جيدة بجدية، لذلك لا أريد أن أبحث عن واحد. إذا وجدت شخصًا ما ولم نستطع إنجاح العلاقة الزوجية وتطلقنا، فماذا ستكون الفائدة من كل هذا العناء؟ من الأفضل لي ألا أبحث عن شريك بعد أن رأيت بالفعل هذه النقطة بوضوح الآن. إذا كان الغرض من العثور على شخص للزواج منه هو فقط من أجل السعادة والفرح لحظيًا، وينتهي بك الأمر بالطلاق على أي حال، فهذا مجرد إزعاج، وأنا لست على استعداد لتحمل مثل هذا الإزعاج. أما بالنسبة إلى مسألة إنجاب الأطفال، فأنا كإنسان – وليس مجرد أداة لإنجاب الورثة – ليس من مسؤوليتي ولا من واجبي أن أواصل نسل عائلتي. من يريد أن يواصله فليتفضل. لا يوجد لقب يخص شخصًا واحدًا فقط". ماذا يهم إذا انقطع نسل العائلة؟ أليست المسألة مجرد ألقاب جسدية؟ لا علاقة بين الأرواح وبعضها؛ ولا يوجد توارث أو استمرار فيما بينها يستحق الذكر. تشترك البشرية في سلف واحد؛ فالجميع من نسل ذلك السلف، لذلك انتهاء السلالة البشرية أمر مستحيل. استمرار النسل ليس مسؤوليتك. ما يجب أن يسعى إليه الناس هو السير في الطريق الصحيح في الحياة، وعيش حياة حرة ومتحررة، وأن يكونوا كائنات مخلوقة حقيقية. كونك آلة لتكاثر الجنس البشري ليس عبئًا عليك أن تحمله، كما أن التكاثر واستمرار نسل العائلة من أجل عائلة ما ليس مسؤوليتك. لم يكلفك الله بهذه المسؤولية. من يريد أن ينجب فليتفضل وينجب؛ ومن يريد أن يستمر نسله فليفعل ذلك؛ ومن يرغب في تحمل هذه المسؤولية فليتحمّلها؛ لا علاقة لك بها. إذا لم تكن على استعداد لتحمل هذه المسؤولية ولا ترغب في تحمل هذا الالتزام، فلا بأس، فهذا حقك. أليس هذا مناسباً؟ (بلى). إذا استمر والداك في الإلحاح، يمكنك أن تقول لهما: "إذا كنتما مستائين من عدم إنجابي ومواصلة نسل العائلة من أجلكما، فابحثا عن طريقة لإنجاب طفل آخر ودعوه يكمل ذلك. على أي حال، هذا الأمر ليس من شأني؛ يمكنكما تفويضه إلى من تريدان". ألن يعجز والداك عن الرد بعد قولك هذا؟ عندما يتعلق الأمر بزواج الأبناء وإنجاب الأحفاد، يجب أن يعلم الوالدان، سواء كانا يؤمنان بالله أم لا، في سنهما المتقدم، أن غنى الشخص أو فقره، وعدد الأبناء، والحالة الزوجية في الحياة تحددها السماء؛ فكلها أمور محددة مسبقًا، وليست شيئًا يمكن لأي شخص أن يقرره. لذلك، إذا طلب الأبوان الأشياء من أبنائهم بالقوة بهذه الطريقة، فهما بلا شك أبوان يفتقران إلى المعرفة، وهما أحمقان وجاهلان. عند التعامل مع أبوين أحمقين وجاهلين، تعامل مع ما يقولانه كنفخة هواء ودعه يدخل من أذن ويخرج من الأخرى، وهذه هي نهاية الأمر. إذا أفرطا في الإلحاح، يمكنك أن تقول لهما: "حسناً، أعدكما بأنني سأتزوج غدًا، وأنجب طفلاً بعد غد، وأسمح لكما بحمل حفيد الحفيد بعد بعد الغد. ما رأيكما في هذا؟ اخدعهما فحسب، ثم استدر وانصرف. أليست هذه طريقة هادئة للتعامل مع الأمر؟ على أي حال، عليك أن تدرك هذا الأمر جيدًا. فيما يتعلق بالزواج، دعنا أولًا ننحي جانبًا حقيقة أن الزواج معيّن من الله. إن موقف الله تجاه هذه المسألة هو أن يمنح الناس أنفسهم حق الاختيار. يمكنك أن تختار أن تكون عازبًا، أو يمكنك أن تختار الزواج؛ يمكنك أن تختار أن تعيش مع شريك حياة، أو يمكنك أن تختار أن تكون لك عائلة كبيرة كاملة. أنت حر في هذا. أيًا كان أساس اختيارك لهذه الاختيارات أو ما هو الغرض أو النتيجة التي تريد تحقيقها، باختصار، هذا الحق ممنوح لك من الله؛ أن لك الحق في الاختيار. إذا قلت: "أنا مشغول للغاية في أداء واجباتي، وما زلت شابًا ولا أريد الزواج. لا أريد أن أتزوج، وأريد أن أبذل نفسي لله بدوام كامل، وأن أؤدي واجباتي بشكل جيد. سأتعامل مع مسألة الزواج الكبيرة لاحقًا – عندما أبلغ الخمسين من عمري وأشعر بالوحدة، وعندما يكون لدي الكثير لأقوله، ولكن لا يوجد متنفس لثرثرتي، عندها سأجد شخصًا ما"، لا بأس بذلك أيضًا، ولن يدينك الله. إذا قلت: "أشعر أن شبابي يتسرب مني، يجب أن أغتنم شبابي قبل أن يولّي. بينما ما زلتُ شابًا ولديّ بعض الوسامة والجاذبية، فعليّ أن أسرع وأجد شريكة حياة ترافقني وتحادثني، شريكة حياة تعتز بي وتحبني، يمكنني أن أقضي معها أيامي وأتزوج منها"، هذا أيضًا من حقك. بالطبع، ثمة شيء واحد: إذا قررت الزواج، عليك أولاً أن تفكر مليًا في الواجبات التي تتولاها حاليًا داخل الكنيسة، إذا كنت قائدًا أو عاملًا، إذا كنت قد اُخترت للتنمية داخل بيت الله، إذا كنت تقوم بأعمال أو واجبات مهمة، ما هي المهام التي استلمتها حاليًا، وما هي ظروفك الحالية. إذا تزوجت، فهل سيؤثر ذلك على أدائك للواجبات؟ هل سيؤثر بعد ذلك أيضًا على سعيك إلى الحق؟ هل سيؤثر على عملك كقائد أو عامل؟ هل سيؤثر على نيلك الخلاص؟ هذه كلها أسئلة تحتاج إلى التفكير فيها. على الرغم من أن الله قد منحك مثل هذا الحق، إلا أنك عندما تمارس هذا الحق، عليك أن تفكر بعناية في الخيار الذي أنت على وشك اتخاذه وما العواقب التي قد تترتب على هذا الاختيار. وأيًا كانت العواقب التي قد تنشأ، ينبغي لك ألا تلوم الآخرين وألا تلوم الله. عليك أن تتحمل مسؤولية عواقب اختياراتك. يقول البعض: "بالإضافة إلى الزواج، أريد أيضًا أن أنجب مجموعة من الأطفال. بعد إنجاب ولد، سأرزق بابنة، وسنعيش بسعادة كعائلة طوال العمر، ونؤنس بعضنا بعضًا في سعادة وانسجام. عندما أشيخ، سيلتف أبنائي حولي لرعايتي، وسأستمتع بنعيم الحياة الأسرية. كم سيكون ذلك رائعًا! أما بالنسبة إلى أداء واجباتي، والسعي إلى الحق، ونيل الخلاص، فهذه كلها أمور ثانوية. لا تشغلني هذه الأمور الآن. سأسوي مسألة إنجاب الأطفال أولًا". هذا أيضًا حقك. ومع ذلك، أيًا كانت العواقب التي سيجلبها لك اختيارك في النهاية، سواء كانت مرّة أو حلوة، مزعجة أو مقبضة، فيجب أن تتحملها بنفسك. لا أحد سيتحمل تبعات اختياراتك أو يتحمل مسؤوليتها، بما في ذلك الله. مفهوم؟ (نعم). لقد شُرحت هذه الأمور بوضوح. فيما يتعلق بالزواج، يجب عليك أن تتخلى عن الأعباء التي يجب أن تتخلى عنها. أنت حر في ألا تتزوج، وأنت حر كذلك في الزواج، وحر في إنجاب العديد من الأطفال. أنت حر في اختيارك مهما كان. فمن ناحية، لا يعني اختيارك الزواج أنك قد رددت بذلك إحسان والديك أو كنت بارًا بهما؛ وبالطبع، اختيار عدم الزواج لا يعني أنك تتحدى والديك أيضًا. من ناحية أخرى، اختيارك الزواج أو إنجاب العديد من الأطفال ليس تمردًا على الله، ولا تحديًا له. لن تُدان بسبب ذلك. كما أن اختيارك عدم الزواج لن يكون السبب في أن يمنحك الله الخلاص في نهاية الأمر. باختصار، سواء كنت عازبًا أو متزوجًا أو لديك العديد من الأبناء، فإن الله لن يحدد ما إذا كنت ستخلص في النهاية بناءً على هذه العوامل. لا ينظر الله إلى خلفيتك الزوجية أو حالتك الزوجية؛ إنه لا ينظر سوى إلى ما إذا كنت تسعى إلى الحق، وموقفك تجاه أداء واجباتك، ومقدار ما قبلته من الحق وخضعت له، وما إذا كنت تتصرف وفقًا لمبادئ الحق. في نهاية المطاف، سينحي الله أيضًا حالتك الزوجية جانبًا لفحص طريقك في الحياة، والمبادئ التي تعيش بها، والقواعد التي تحيا بها والتي اخترتها، لتحديد ما إذا كنت ستخلص. بالطبع، ثمة حقيقة واحدة يجب أن نذكرها. فالعزاب أو المطلقون، أي الذين لم يتزوجوا أو الذين تركوا الزواج، لديهم شيء واحد في صالحهم، وهو أنهم ليسوا بحاجة إلى أن يكونوا مسؤولين عن أي شخص أو أي شيء في إطار الزواج. ليس عليهم تحمل هذه المسؤوليات والالتزامات، لذا فهم أكثر حرية نسبيًا. لديهم المزيد من الحرية من حيث الوقت، والمزيد من الوفرة من حيث الطاقة، والمزيد من الحرية الشخصية إلى حد ما. على سبيل المثال، عندما تخرج لأداء واجباتك، لا يمكن لأحد أن يقيدك – حتى والديك لا يملكان هذا الحق. إن صليت لله أنت نفسك، فسيرتب أمورك ويمكنك أن تحزم حقائبك وترحل. ولكن إذا كنت متزوجًا ولديك عائلة، فأنت لست حرًا بالقدر ذاته. عليك أن تكون مسؤولًا عنهم. أولاً وقبل كل شيء، من حيث الظروف المعيشية والموارد المالية، يجب عليك على أقل تقدير توفير الطعام والملبس لهم، وعندما يكون أطفالك صغارًا يجب عليك توصيلهم إلى المدرسة. يجب أن تتحمل هذه المسؤوليات. في هذه الحالات، لا يكون المتزوجون أحرارًا لأن لديهم التزامات اجتماعية وعائلية يجب عليهم الوفاء بها. الأمر أسهل بالنسبة إلى غير المتزوجين والذين ليس لديهم أطفال. عندما يؤدون واجباتهم في بيت الله لن يشعروا بالجوع أو البرد، بل سيكون لديهم الطعام والمأوى. لا يحتاجون إلى الركض لكسب المال والعمل بسبب احتياجات الحياة الأسرية. هذا هو الفارق. في النهاية، عندما يتعلق الأمر بالزواج، تظل النقطة الأساسية هي نفسها: ينبغي ألا تتحمل أي أعباء. سواء كانت توقعات والديك، أو وجهات النظر التقليدية من المجتمع، أو رغباتك المترفة، ينبغي ألا تتحمل أي أعباء. من حقك أن تختار أن تكون أعزب أو أن تتزوج، ومن حقك أيضًا أن تقرر متى تترك العزوبية ومتى تتزوج. لا يصدر الله حكمًا قاطعًا في هذا الشأن. أما بالنسبة إلى عدد الأطفال الذين تنجبهم بعد الزواج، فهذا أمر مقدّر سلفًا من الله، ولكن يمكنك أيضًا أن تختار لنفسك بناءً على ظروفك الفعلية ومساعيك. لن يفرض الله عليك قواعد. لنفترض أنك مليونير أو صاحب ملايين كثيرة أو ملياردير، وتقول: "إنجاب ثمانية أو عشرة أطفال ليس مشكلة بالنسبة إلي، فتربية مجموعة كبيرة من الأطفال لن يؤثر على طاقتي في أداء واجباتي". إذا لم تكن خائفًا من المتاعب، فامضِ قدمًا وأنجبهم؛ لن يدينك الله. لن يغير الله موقفه من خلاصك بسبب موقفك من الزواج. هكذا هو الأمر. هل هذا واضح؟ (نعم). ثمة جانب آخر، وهو أنه إذا اخترت عدم الزواج في الوقت الحالي، يجب ألا يكون لديك أي شعور بالتفوق لمجرد أنك أعزب، وتقول: "أنا واحد من الصفوة غير المتزوجة ولي الحق في أن تكون لي الأولوية للخلاص في حضرة الله". لم يمنحك الله هذا الامتياز، مفهوم؟ قد تقول: "أنا متزوج. هل هذا يجعلني أقل شأناً؟ أنت لست أقل شأناً. أنت ما زلت أحد أفراد البشرية الفاسدة؛ أنت لم تُهان أو تُداس لأنك تزوجت، ولم تصبح أكثر فسادًا أو أصعب في الخلاص أو أكثر إيذاءً لقلب الله من الآخرين، مما يجعل الله لا يريد أن يخلّصك. هذه كلها أفكار الناس وآراءهم الخاطئة. لا علاقة للحالة الاجتماعية للشخص بموقف الله تجاهه، ولا علاقة للحالة الاجتماعية للشخص بما إذا كان يمكن أن يخلص في النهاية. إذًا بماذا يرتبط تحقيق الخلاص؟ (إنه مبني على موقف الشخص من قبول الحق). هذا صحيح، إنه مبني على موقف الشخص من التعامل مع الحق وقبول الحق، وما إذا كان قادرًا على استخدام كلام الله كأساس والحق كمعيار لرؤية الناس والأشياء والسلوك والتصرف. هذا هو الأساس لقياس العاقبة النهائية للشخص. والآن بعد أن وصلنا إلى هذه المرحلة في شركتنا، هل أنت قادر بالأساسً على التخلي عن الأعباء الناجمة عن مشكلة الزواج؟ (نعم). إن قدرتكم على التخلي عنها ستفيد سعيكم إلى الحق. إذا كنت لا تصدق هذا، فيمكنك أن تسأل أولئك الذين تزوجوا عن رجائهم في نيل الخلاص، فسيقولون: "لقد تزوجت لسنوات عديدة وتطلقت بسبب إيماني بالله. لن أجرؤ على القول بأنني سأخلص". يمكنك أن تسأل هؤلاء الشباب الأكبر سنًا قليلًا في الثلاثينات من العمر الذين لم يتزوجوا، لكنهم لم يتبعوا الحق خلال السنوات العديدة التي آمنوا فيها وهم مثل غير المؤمنين. يمكنك أن تسألهم: "هل يمكنكم أن تخلصوا بالإيمان بالله بهذه الطريقة"؟ هم أيضًا لن يجرؤوا على القول بأنهم يمكن أن يخلصوا. أليس هذا هو الحال؟ (بلى).
هذه هي الحقائق التي يجب أن يفهمها الناس عن الزواج. لا يمكن شرح أي من الموضوعات التي عقدنا شركة حولها بوضوح في بضع كلمات فحسب. ثمة العديد من الحقائق المختلفة التي يجب أن تُشرح، وكذلك ظروف مختلف أنواع الناس. بناءً على هذه الظروف المختلفة، لا يمكن شرح الحقائق التي يجب أن يفهمها الناس بوضوح في بضع كلمات فحسب. لكل مشكلة ثمة حقائق ينبغي أن يفهمها الناس، بالإضافة إلى الحقائق الواقعية التي ينبغي أن يفهمها الناس، والأكثر من ذلك الأفكار والآراء الخاطئة التي يحملها الناس والتي ينبغي فهمها أيضًا. بالطبع، هذه الأفكار والآراء الخاطئة هي الأشياء التي يجب أن يتخلى عنها الناس. ستكون أفكارك ووجهات نظرك حول مسألة ما إيجابية نسبيًا ودقيقة نسبيًا عندما تتخلى عن هذه الأشياء. وعندما تواجه هذا النوع من الأمور مرة أخرى، لن تكون مقيدًا بها؛ ولن تكون مقيدًا ومتأثرًا ببعض الأفكار والآراء الخاطئة والسخيفة. لن تلتزم بها أو تنزعج منها؛ بل ستكون قادرًا على مواجهة هذا الأمر بشكل صحيح، وسيكون تقييمك للآخرين أو لنفسك دقيقًا نسبيًا. هذه هي النتيجة الإيجابية التي يمكن أن تتجسد في الناس عندما يرون الناس والأشياء ويسلكون ويتصرفون وفقًا لكلام الله ومبادئ الحق. حسنًا، دعونا ننهي شركتنا هنا لهذا اليوم. إلى اللقاء!
1 أبريل 2023
الحواشي:
(أ) النص الأصلي يقول "لا يمكنك حتى التحكم في نفسك".