44. استجواب سري في فندق
في أحد أيام شهر فبراير من العام 2013، حددت مع إحدى الأخوات موعدًا للذهاب إلى اجتماع. وبينما كنت أنتظرها بالقرب من متجر للأحذية في حوالي الساعة الثانية ظهرًا، رأيت رجلًا ينظر إليَّ من وقت لآخر أثناء تحدثه عبر الهاتف، فشعرت بوجود مشكلة. عندما كنت على وشك المغادرة، سمعت "لا تتحركي!" رأيت أربعة أو خمسة أشخاص يندفعون تجاهي، فقلت لنفسي: "يا إلهي، إنها الشرطة!" حاولت الهرب، لكن رجلين أمسكا بي وطرحاني أرضًا ثم دفعاني إلى داخل سيارة رأيت فيها ثلاث أخوات أخريات اُعتُقلن معي.
نقلتنا الشرطة إلى مركز الشرطة وأمرتنا بالوقوف إلى جانب جدران الفناء. كنت متوترة للغاية. صلَّيت إلى الله بصدق وفكرت في كلام الله: "لا تخف، سيكون الله القدير رب الجنود بلا ريب معك؛ هو يحمي ظهركم وهو دِرعكم" (الكلمة، ج. 1، عمل الله ومعرفة الله، أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس والعشرون). فعلًا، عندما يكون الله بجانبي، ما الذي أخافه؟ كان عليَّ الاتكال على الله لأختبر هذه البيئة. تمكنت بالتدريج من تهدئة نفسي، وبعد ذلك نقلوني إلى غرفة. شعرت بالإهانة والغضب عندما أجبرتني شرطية على خلع ملابسي للتفتيش، وتعمدتْ أن تجعلني أجلس القُرْفُصَاء مع الإبعاد بين ساقيَّ.
نقلتني الشرطة في الليلة التالية إلى فندق مكون من ستة طوابق. استأجروا الطوابق الثلاثة العليا من الفندق وحولوها إلى مركز استجواب سري لاحتجاز المؤمنين بالله وتعذيبهم. عندما وصلت إلى الطابق السادس، رأيت أكثر من 20 أخًا وأختًا يقفون في صف واحد فشعرت بالصدمة: لقد اُعتُقل الكثير من الناس! يبدو أن الحزب الشيوعي قد اعتقلهم جميعًا في الوقت نفسه. لم أكن أعرف كيف ستعاملنا الشرطة، ولذلك صلَّيت إلى الله بصمت طالبةً منه أن يحمينا حتى نتمكن من الثبات. ثم فصلتنا الشرطة للاستجواب.
جاء شرطي بدين في الساعة الخامسة من صباح اليوم الثالث وقال بنبرة تعنيف: "الرجل الذي كنت أستجوبه قائد، وقد كان عنيدًا. لم ينتهِ الاستجواب حتى الساعة الثانية أو الثالثة". ثم أومأ متفاخرًا بينما تابع كلامه: "أولًا، ركلته بقوة في وجهه، ثم ركلته بقوة على الجانب الآخر من وجهه، ثم صفعته مرارًا بكلتا اليدين". هزَّ يديه وأكمل شكواه الغاضبة: "لقد ضربته بشدة لدرجة آذت يديَّ، فالتقطت نصف زجاجة من المياه المعدنية وضربته بها على وجهه حتى لم أستطع تحريك ذراعيَّ. كان وجهه كله مشوهًا، وكان يصعب التعرف إليه بتاتًا". أصابني أداء الشرطي بالرعب. كان قلبي يخفق، وشعرت بالغضب على نحو خاص قائلةً لنفسي: "رجال الشرطة هؤلاء قساة للغاية. إذا ضربوني كما ضربوا أخي، فهل يمكنني تحمُّل ذلك؟" لم أجرؤ على إطالة التفكير في الأمر. أسرعت بالصلاة إلى الله لأطلب منه أن يحمي الأخ الذي تعرَّض للضرب، وأن يحميني أيضًا، كي ننال الثقة في تجربة هذه البيئة.
نقلتني الشرطة في صباح اليوم الرابع إلى مركز الشرطة. سألني شرطي لقبه وو عن منصبي في الكنيسة. قلت إنني كنت مؤمنة عادية. فوقف فجأةً وقال: "أعتقد أنكِ لن تقولي الحقيقة ما لم تشعري ببعض الألم!" أمرني بفرد ذراعيَّ والجلوس القُرْفُصَاء والوقوف ثم إعادة الحركة. وبعد عمل ذلك لفترة طويلة، كنت متعبة جدًا لدرجة أنني كنت أتعرق بشدة، وكانت ساقاي متورمتين. وقعت على الأرض، فسخر قائلًا: "أتعرفين أنه بصرف النظر عن مدى قوة الناس، عليهم هنا أن ينحنوا أمامي. هل أنتِ قائدة؟ من رئيسكِ؟" عندما لم أقل شيئًا، أمرني بالجلوس القرفصاء. وبعد الجلوس القرفصاء لبضع دقائق، بدأت ساقاي بالارتجاف والتورم، وسرعان ما وقعت. طلب مني النهوض ومواصلة الجلوس القرفصاء، وكررته أكثر من 800 مرَّة. قال شرطي مُهددًا: "انظري إلى مدى تعرقكِ. أنتِ تبدين مثيرة للشفقة. لماذا تعانين هكذا؟ أين الله هذا؟ إن أخبرتِنا بما تعرفينه، لن تضطري للمعاناة. وإن لم تفعلي ذلك، سوف تعانين أكثر مما تعرفين". شعرت بالاشمئزاز عند سماع كلام الشرطي. حدَّقتُ فيه وقلت إنني لا أعرف شيئًا. قيَّدوا يديَّ خلف ظهري على مقعد التعذيب. وبعد تقييد يديَّ لفترة وجيزة، شعرت بضيق في صدري وصعوبة في التنفس، وكنت على وشك الاختناق. طلبت منهم نزع الأصفاد، وبعد فترة طويلة فتحوها أخيرًا. جاء ضابط شرطة في وقت لاحق وقال: "حاولي أن تفهمي وضعكِ، فالجميع اعترفوا. من الغباء أن تجلسي هنا وتقاومي بمفردكِ، أليس كذلك؟ أخبريني بما تعرفينه الآن وسوف نسمح لكِ بالمغادرة". ثم أخرج بعض الصور وطلب مني التعرف إلى الأشخاص الموجودين فيها. قال: "لقد اعْتُقِلَ هؤلاء الأشخاص جميعًا وقالوا إنهم يعرفونكِ. هل تعرفينهم؟ ما وظائفهم في الكنيسة؟" قلت لنفسي: "إن كان الإخوة والأخوات قد اعترفوا حقًا بمعرفتهم بي وقلت إنني لا أعرفهم، لن تطلق الشرطة سراحي بالتأكيد. ولكن إذا قلت إنني أعرفهم، فسوف أخون إخوتي وأخواتي. وهذا سيجعلني مثل يهوذا الذي يخون الله. ماذا يجب أن أفعل؟" تذكرت في هذا الوقت مقطعًا من كلمة الله: "في كل وقت يجب أن يحترس شعبي من خطط الشيطان الماكرة، ويحرسوا لي بوابة بيتي، ... بحيث تتفادوا السقوط في فخ الشيطان، الذي لو حدث سيكون قد فات أوان الندم" (الكلمة، ج. 1، عمل الله ومعرفة الله، كلام الله إلى الكون بأسره، الفصل الثالث). أدركت أن هذه كانت إحدى حيل الشيطان. ربما تستخدم الشرطة هذه الطريقة لتخدعني وتجعلني أخون إخوتي وأخواتي وأخون الله، ولا يمكن الانخداع بها. فحتى لو اعترف إخوتي وأخواتي بأنهم كانوا يعرفونني، لا يمكنني خيانتهم. وعند وضع هذا في الاعتبار، قلت إنني لا أعرفهم.
رأى ضابط الشرطة الذي لقبه وو أنني لم أنخدع، فقال لي غاضبًا: "أود أن أرى مدى عنادكِ!" ثم أمرني بالنهوض وقيَّد يديَّ بالأصفاد تجاه القضبان المعدنية التي تغطي نافذة الردهة. كان جسمي معلقًا في الهواء، وكان الألم في معصميَّ لا يُطاق، وفي غضون ذلك كان رجال الشرطة ينظرون إليَّ ويضحكون. أنزلوني بعد فترة وطلبوا مني مواصلة الجلوس القرفصاء. أعادتني الشرطة إلى الفندق في تلك الليلة. وفي صباح اليوم التالي، قال ضابط الشرطة الذي لقبه وو: "ابتداءً من اليوم، سوف أُقيِّد يديكِ بالأصفاد إلى النافذة. إذا لم تقولي الحقيقة، فلن تحصلي حتى على ما يسدّ رَمَقكِ". قيَّدوا بعد ذلك يديَّ بالأصفاد إلى القضبان المعدنية. وكانوا يأتون من وقت لآخر ليسألوني عن تفاصيل كنيستي. عندما رأى شرطي أنني ما زلت لا أتحدث، صفعني بشدة بملف وكان يفتح الباب عمدًا لأسمع أصوات الأخوات الأخريات وهُنَّ يتعرضن للتعذيب. شعرت بالحزن والغضب الشديدين عندما سمعت صرخات عذابهن.
بعد أربعة أيام، أخذ شرطي لقبه مو مفكرتي وأشار إلى الأرقام الموجودة عليها، وسألني عما إذا كانت أرقام الهواتف المحمولة لإخوتي وأخواتي. وعندما لم أرد، صرخ بصوت عالٍ: "حتى لو لم تقولي كلمة واحدة، فإن هذه المفكرة كافية للحكم عليكِ!" أخرج صورة وأشار إلى الشخص الموجود فيها وسألني عما إذا كان هو قائد الكنيسة. ثم أخرج ثلاث صور لمنازل مضيفة للكنيسة، ثم طلب مني تحديدها. كنت أعرف جميع هذه المنازل، لكنني قلت إنني لم أعرفها. فأضاف قائلًا: "سوف نضعكِ في سيارة ونأخذكِ إلى هناك. وما عليكِ إلا الإشارة إلى الموقع. سوف نحتفظ بسرية الأمر لكِ، ولن يعرف أحد أنكِ قدمتِ معلومات". عندما وجد أنني ما زلت لا أقول أي شيء، قال للشرطي المجاور له: "انزع ملابسها وعلقها بحيث تكون مواجهةً للنافذة وبحيث يتمكن المارة من رؤيتها. ثم التقط صورة لها وانشرها عبر الإنترنت وقل إنها مثل يهوذا وإنها أخبرتنا بكل شيء". وبعد ذلك، جاء لنزع ملابسي، فشعرت بالخوف الشديد. إذا فعل هذا بالفعل ونشر صورتي عبر الإنترنت، فسوف يشاهدها أقاربي وأصدقائي. فكيف يمكنني العيش بعد ذلك؟ توسلت إليه ألا ينزع ملابسي، لكنه سخر قائلًا: "ماذا؟ هل أنتِ خائفة؟" ثم انفجروا جميعًا في الضحك. عندما رأيت ملامح الرضا تبدو عليهم، أدركت أن هذه كانت حيلة أخرى من حيل الشيطان، ولذلك سرعان ما هدأتُ وصرخت إلى الله. تذكرت في هذا الوقت ترنيمة من كلمة الله: "يجب أن تعاني المشقات من أجل الحق، ويجب أن تعطي نفسك للحق، ويجب أن تتحمل الذلَّ من أجل الحق، ويجب أن تجتاز المزيد من المعاناة لكي تنال المزيد من الحق. هذا هو ما ينبغي عليك القيام به. يجب ألا تطرح عنك الحق من أجل حياة أسرية هادئة، ويجب ألا تفقد كرامة حياتك ونزاهتها من أجل متعة لحظية" (من "ينبغي أن تهمل كلّ شيء من أجل الحق" في "اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة"). منحني كلام الله الثقة والقوة. كنت أؤمن بالله وأتبع الطريق الحقّ في الحياة. التعرض للتعذيب والإذلال بسبب إيماني بالله لم يكن شيئًا يدعو للخجل. كنت أتعرض للاضطهاد من أجل البر، وكان الله يوافق على ذلك. إن استسلمت للشيطان وخنت الله لحماية سمعتي، فسوف يكون ذلك أكثر الأشياء المخجلة التي يمكن أن أفعلها، وسوف أفقد كرامتي الإنسانية حقًا. كرهت نفسي لكوني جبانة وأستجدي الرحمة من الشيطان، وبذلك جعلت نفسي أضحوكة الشيطان. أقسمت لنفسي أنه بصرف النظر عن كيفية إهانة رجال الشرطة الأشرار هؤلاء لي – وحتى لو جرَّدوني من ملابسي بالفعل – لن أنحني لهم أبدًا ولن أستجدي الرحمة ولن أصبح مثل يهوذا أبدًا. عندما رأى عناصر الشرطة أنني لم أعد خائفة، غضبوا للغاية لدرجة أنهم قيَّدوا يديَّ بالأصفاد إلى القضبان المعدنية. صرخت شرطية قائلةً: ألم تقصد تجريدها من ملابسها؟ جردها من كل شيء حتى يمكنكم جميعًا رؤية كل شيء". ضحكت مجموعة رجال الشرطة ضحكًا صاخبًا كشياطين من العالم السفلي. كانت قدماي في ذلك الوقت في الهواء، وكان وزني محمولًا على معصميَّ مما آلمني وكأنهما على وشك الانفصال. صلَّيت بصدق إلى الله في قلبي طالبةً منه أن يمنحني الثقة والقوة لأتمكن من تحمُّل تعذيب الشرطة وعدم المساومة مع الشيطان. أنزلتني الشرطة بعد أكثر من نصف ساعة. كانت قدماي خدرتين وفاقدتين للحس، وسقطت على الأرض بمجرد أن لمستها قدماي. قال ضابط شرطة بشراسة: "فكِّري في موقفكِ. إذا كنت ما زلت ترفضين التحدث، فلدينا المزيد من الحيل للتعامل معكِ". وبعد ذلك غادروا.
جاء شرطي بدين بعد يومين. قال بمجرد دخوله للشرطيين اللذين كانا يراقبانني: "هل تعلمان لماذا لا يمكنكما التغلب على هذه المرأة؟ لأنكما لطيفان للغاية ولا تستخدمان الأساليب الصحيحة. سوف أُعلِّمكما القليل من الحيل اليوم وأريكما كيف أنجز العمل!" طلب مني أن أجلس القرفصاء ثم نصف القرفصاء ثم أكرر ذلك، إلى أن خارت قوتي كلها وسقطت. ثم طلب من ضابطي الشرطة أن يمسك كل منهما بأحد ذراعيَّ ويدفعني للأسفل ويرفعني ويواصل تعذيبي على هذا النحو مرارًا. بالنظر إلى تعابير وجوههم الشرسة، أدركت أن التعذيب الأقسى سوف يأتي لاحقًا. فكَّرت في مظهري الذليل عندما انحنيت للشيطان وتوسلت من أجل الرحمة قبل يومين بسبب خوفي من الإذلال. ولذلك، قررت أن أتَّكل اليوم على الله وأقدم شهادة له أمام الشيطان. صلَّيت إلى الله في قلبي: "يا إلهي، لا أعرف الوسائل الأخرى التي ستستخدمها الشرطة لتعذيبي، لكني أريد تقديم شهادة قوية ومدوية لك، ولذلك أطلب منك أن تمنحني الثقة والقوة". وبعد فترة قصيرة، أصبحا متعبين للغاية ومتعرقين لدرجة أنهما لم يتمكنا من رفعي. وبمجرد أن تركتني أيديهما، سقطت بشدة على الأرض. أمروني بالنهوض والجلوس القرفصاء مرارًا. سخر الشرطي البدين قائلًا: "إنها تبدو ساخنة للغاية. صُبَّا بعضًا من الماء البارد عليها. فأنا متأكد من أنها ستحب ذلك". ثم سكبا عليَّ الماء البارد حتى غمرني الماء تمامًا. لكن المدهش هو أنني شعرت ببخار ساخن يخرج مني ولم أشعر بالبرد على الإطلاق. كنت أعلم أن هذه كانت حماية الله لي. كنت أشكر الله في قلبي باستمرار، وشعرت بنمو إيماني بالله.
ثم سحبني الشرطيان إلى أعلى وقيَّدا يدي اليسرى بالأصفاد إلى القضبان المعدنية. كان معصمي قد أصيب بالفعل بسبب رفعه من قبل. ولذلك، كان الألم أشدّ عند تقييد يدي هذه المرَّة. ضحك رجال الشرطة عندما رأوني أتألم، ولم أكن أريدهم أن يروا ضعفي، فتحمُّلت الألم في سكوت. ولتقليل الألم، جاهدت للوقوف على أطراف أصابع قدميَّ. كاد أحد أصابع قدميَّ أن يلامس الأرض. ولكن عندما رأى ضابط شرطة ذلك، ضغط بقدمه على عقبي وعلَّق جسمي لفترة ثم حرَّك قدمه ممَّا تسبَّب في شد عنيف على يدي كان مؤلمًا على وجه الخصوص. عندما رأى رجال الشرطة أنني كنت لا أزال صامتة، ربطوا حبلًا بإحدى قدميَّ، وسحبوا الحبل لتعليق جسمي في الهواء، ثم تركوني فجأةً. وقد فعلوا ذلك مرارًا. وبهذه الطريقة، كان جسمي يتأرجح من جانب إلى آخر، وشعرت وكأن سكينًا تخترق معصمي. ومع استمرار هذا، صلَّيت إلى الله بإلحاح في قلبي. أحضر الشرطي البدين لاحقًا مقعدًا من الخيزران. أمسك كل من الشرطيين الآخرين بإحدى ساقيَّ ووضعاهما فوق ظهر المقعد ثم سحبا المقعد بعيدًا. أصبح ثِقَلُ كل وزني على معصمي، مما تسبب في انغراز حافة الأصفاد في اللحم. كان الألم لا يطاق تقريبًا. بعد ثلاثين أو أربعين دقيقة، أنزل الشرطيان يدي اليسرى، وقيَّدا يدي اليمنى بالأصفاد إلى القضبان المعدنية وواصلا التعذيب. بدأت أشعر بضيق في التنفس وقلت لنفسي: "لا أعرف إلى متى ستعذبني الشرطة. إن أبقاني الشرطيان مُعلقةً هكذا، سوف تصاب يداي بالشلل، وإذا أصبحت يداي مشلولتين بالفعل، فكيف سأعيش في المستقبل؟" كلما فكَّرت في الأمر شعرت بالبؤس حتى أصبح من الصعب عليّ أن أتنفس. شعرت أنني لم أعد أستطيع تحمُّل الألم، فصلَّيت بإخلاص إلى الله: "يا إلهي، إن جسدي ضعيف جدًا. ولا يمكنني الصمود أكثر من ذلك. أرجو أن تمنحني القوة لأتمكن من الثبات وإذلال الشيطان". تذكرت في تلك اللحظة مقطعًا من كلام الله: "في الطريق إلى أورشليم، شعر يسوع بألم شديد، كما لو أن سكينًا قد غُرست في قلبه، ومع ذلك لم تكن لديه أدنى نية للرجوع عن كلمته؛ فقد وُجدت دائمًا قوة قوية تدفعه إلى الأمام إلى حيث سيُصلَب، وفي نهاية المطاف، سُمّر على الصليب وصار في شبه جسد الخطية، مكمَّلاً ذلك العمل لفداء البشر، ومرتفعًا فوق أغلال الموت والهاوية. فأمامه فقد الموت والجحيم والهاوية قواها، وهزمها" (الكلمة، ج. 1، عمل الله ومعرفة الله، كيف تخدم في انسجام مع إرادة الله). منحتني كلمة الله القوة. لفداء البشر، صُلب الرب يسوع وعانى من الإذلال والألم الرهيبين، لكنه فعل ذلك دون تردد. إن محبة الله للناس عظيمة جدًا، وبهذا يكون الله قدوة حسنة لنا بالفعل. ولكن عندما واجهت تعذيب الشرطة، لم أفكر في كيفية التمسك بالشهادة. وبدلًا من ذلك، فكرت في جسدي. لقد كنت أنانية وحقيرة للغاية! ومع وضع هذا في الاعتبار، شعرت بالخجل والإحراج. صمَّمت هذه المرَّة على إرضاء الله. فالتفكير في محبة الله ألهمني ومنحني الشجاعة لمحاربة الشيطان حتى النهاية. في هذا الوقت، رآني أحد رجال الشرطة بعينين مغمضتين فقال: "إنها تُصلِّي إلى إلههم وتحصل على دفعة من القوة كلما فعلت ذلك". غرز رجل شرطة آخر عودًا معدنيًا رفيعًا في جفنيَّ. وفيما نكز عينيَّ قال: "افتحي عينيكِ. لا يُسمح لكِ بالصلاة إلى إلهكِ". عندما رأى أنني ما زلت صامتة، صفعني بحزام ثلاث أو أربع مرَّات، لكنني لم أشعر بأي ألم بتاتًا. وبعد أكثر من نصف ساعة، قال شرطي: "قيِّدها بالأصفاد إلى مستوى أعلى بحيث لا تلمس الأرض. دعنا نرى كيف تستمتع بذلك". رفعني شرطيان بعد ذلك، ولكن بمجرد أن فتح أحدهما الأصفاد وكان على وشك إغلاقها حول قضيب معدني أعلى، انكسرت الأصفاد فجأةً ولم تُقفَل. جرَّبا زوجًا آخر من الأصفاد، فكانا أيضًا عاطلين. علمت أن هذه كانت حماية الله، وشكرت الله في قلبي. كان رجال الشرطة متعبين للغاية لدرجة أنهم لم يعودوا قادرين على إبقائي مرفوعة فتركوني وسقطت على الأرض فجأةً. لقد عذبوني لما يقرب من ساعتين، وكنت مرهقة للغاية لدرجة أنني استلقيت هناك بلا حراك. بالتفكير في مجمل عملية تعذيب الشرطة لي، رأيت بوضوح الطبيعة الدنيئة والشريرة للشرطة. وشعرت أيضًا برعاية الله لي، وأصبحت أكثر ثقة بالله. جاء ضابط شرطة بعد فترة وركلني عدة مرَّات. عندما أدرك أنني ما زلت بلا حراك، وضع زجاجة كاملة من مرهم تبريد على عينيَّ، لكنني لم أشعر بأي شيء. رأى الشرطي أنني لم أكن أستجيب وغادر. علمت أن هذه كانت حماية الله لي.
جاء ضابط شرطة في الساعة السابعة مساءً تقريبًا. عندما رأى أنني كنت مبتلة وأرتجف من البرد، وبَّخ رجال الشرطة الآخرين. وباستخدام نغمة كاذبة من اللطف، طلب منهم إحضار ملابس جافة لتغيير ملابسي، ثم قدَّم لي طبقًا من المكرونة، وبعدها حاول أن يتملقني قائلًا: أنتِ بعيدة جدًا عن منزلكِ، والآن لا يمكنكِ العودة. ألا يشتاق أطفالكِ إليكِ؟ ما الذي تفعلينه من الإيمان بالله في هذا السن المبكر؟ سمعت أنكِ قائدة، فأخبرينا فقط بما نريد معرفته، وأعدكِ بأننا سنطلق سراحكِ. سوف تتمكنين من العودة إلى المنزل لتكوني مع أسرتكِ". بمجرد أن سمعت هذا، أدركت أنه كان يحاول خداعي للوثوق به وإخباره بالمعلومات عن الكنيسة. قلت: "لقد أخبرتك بالفعل بكل ما أعرفه. لا أعرف أي شيء آخر". دق الطاولة فجأةً ونهض قائلًا بشراسة: "لا تعتقدي أننا لا نستطيع فعل أي شيء لكِ إذا لم تتكلمي! أمرتنا الحكومة المركزية بالقضاء التام على المؤمنين بالله القدير. سوف نقضي على منظمتكم. إذا لم تبدأي في التعاون، فسوف يُحكَم عليكِ". ثم غادر. وفي هذا الوقت، قال الشرطي الذي لقبه وو: "من الأفضل أن تتصرفي بذكاء وتعطينا المعلومات التي نريدها. فبتلك الطريقة لن تضطري إلى المعاناة كثيرًا". قلت لنفسي: "لن تتوقف الشرطة ما لم تحصل على المعلومات التي تريدها". إذا لم أستطع تحمُّل التعذيب وأصبحت مثل يهوذا، فسوف يكون ذلك خيانة لله، وسيكون من الأفضل أن أقتل نفسي". كانت أفكار الانتحار تراودني. أدركت في تلك اللحظة أن حالتي كانت خاطئة، ولذلك صلَّيت إلى الله بصمت: "يا إلهي! إن جسدي ضعيف، وأريد الهروب من هذه البيئة بالموت. أنا ضعيفة جدًا وقامتي ضئيلة للغاية. أرجوك أن تمنحني الاستنارة وتوجهني وتمنحني الثقة والقوة للثبات". وبعد أن صلَّيت، أدركت فجأةً أن لديَّ ملفات كلمة الله على مُشغِّل MP5 الخاص بي. قلت لضابط الشرطة الشاب: "أعطني مُشغِّل MP5 الخاص بي. يوجد شيء عليه أريد أن أريك إياه". كان يعتقد أنني على وشك الاعتراف، فأعطاني إياه. شغَّلت مُشغِّل MP5 ورأيت عليه مقطعًا من كلام الله: "إن الذين يشير إليهم الله على أنهم "غالبون" هم الذين لا يزالون قادرين على التمسك بالشهادة والحفاظ على ثقتهم وإخلاصهم لله حتى في ظل تأثير الشيطان وأثناء حصاره لهم، أي عندما يجدون أنفسهم وسط قوى الظلام. إن كنت لا تزال قادرًا على الحفاظ على قلب طاهر أمام الله، وعلى محبتك الحقيقية لله مهما حدث، فأنت إذًا متمسك بالشهادة أمام الله، وهذا ما يشير الله إليه بكونك "غالبًا" (الكلمة، ج. 1، عمل الله ومعرفة الله، يجب عليك أن تحافظ على عبادتك لله). فهمت مشيئة الله من كلامه. عندما أواجه الاضطهاد والضيق، فإن ما يريده الله هو إيماني وإخلاصي. يريدني الله أن أقدم شهادة منتصرة عندما يحاصرني الشيطان. لقد عذبني رجال الشرطة الأشرار هؤلاء بهذه الطريقة لإجباري على خيانة الله. وإذا قتلت نفسي وفقدت شهادتي، فسوف أكون قد انخدعت بحيل الشيطان، وسوف يكون فشلًا في الارتقاء إلى مستوى الجهد الذي بذله الله من أجلي – وهذا سيؤذي الله كثيرًا. لم يكن من الممكن أن أموت، فقد كان عليَّ أن أعيش وأكون قوية وأثبت بحزم وأرضي الله. شعرت بالقوة عند التفكير في هذا. جثوت على ركبتيَّ وقدمت صلاة شكر لله. قال الشرطي الشاب متفاجئًا: "أنتِ شجاعة جدًا إذ تجرؤين على الركوع والصلاة هنا!" فتجاهلته. وبعد أن صلَّيت سألني: "هل اتخذتِ قراركِ؟ بمجرد أن تكوني قد فكرتِ في الأمر، أخبريني بما تعرفينه". فقلت بحزم: "لقد قلت كل ما أريد قوله. وليس لديَّ شيئًا آخر أقوله". اهتاج الضابط الذي لقبه "وو" غضبًا لدرجة أنه أخذ الأصفاد وقيَّد إحدى يديَّ إلى القضبان المعدنية. قال ضابط الشرطة الشاب: "إن الصلاة قوية حقًا. يبدو الأمر وكأنها تجعلها إنسانة مختلفة تمامًا. إنها لا تخشى أي شيء ولا تقول أي شيء". شكرت الله من صميم قلبي عندما سمعت ذلك، وأصبحت أكثر ثقة في أنني أستطيع الثبات.
في صباح اليوم التالي، عندما رأى رجال الشرطة أنه لم تنفع معي أي طريقة من طُرقهم، قالوا: "بدءًا من اليوم، سوف نُقيِّد يديكِ إلى النافذة كل يوم، ولن ندعكِ تأكلي أو تشربي أو تنامي. دعونا نرى عدد الأيام التي يمكنك فيها أن تصمدي". صلَّيت إلى الله بصمت قائلة: "يا إلهي، أؤمن أن حياتي وموتي بين يديك. أرجوك أن تحميني. وحتى لو مِتُّ، فسوف أثبت وأقدم شهادة لك!" وبعد ذلك، تناوب رجال الشرطة على مراقبتي، وكانوا يوقظونني بصوت عالٍ عندما يرونني أغفو. في اليوم الثالث، لاحظ رجل عبر الطريق أن يديَّ كانتا مكبلتين على النافذة فصرخ قائلًا: "هل اختطفكِ أحد؟ إذا كان الأمر كذلك، فلوِّحي بيدكِ لي، وسوف أتصل بالرقم 110 من أجلكِ". قلت لنفسي: "لقد سجنتني الشرطة هنا. هل تعتقد أن الشرطة تصنع الخير للناس العاديين؟ إن شرطة الحزب الشيوعي ما هي إلا مجموعة من الشياطين الهمجيين". بعد بضعة أيام أخرى، لاحظ المزيد والمزيد من الناس في الطوابق السفلية أن يديَّ كانتا مكبلتين على النافذة. كانوا يشيرون إليَّ ويواصلون الحديث عن الأمر، ولذلك نقلتني الشرطة إلى الغرفة المقابلة.
نُقلت إلى مكتب تحقيقات خاص في إحدى الليالي في يوم 20 مارس تقريبًا. أخضعني شرطيان هناك لغسيل دماغ حتى بعد الساعة الرابعة صباحًا، وعندها قال لي ضابط شرطة لقبه ليو: "لقد نمت كنيسة الله القدير إلى عدة ملايين من الناس الآن، وهذا يُعرِّض مصالح الحزب الشيوعي للخطر مباشرةً. إذا لم نقمعها، فمن سيطيع الحزب الشيوعي؟ أمر الرئيس شي شخصيًا بالقضاء على البرق الشرقي تمامًا، وأن يتلقى أولئك الذين يؤمنون بالله القدير إعادة التأهيل حتى يتخلوا عن معتقداتهم ويقبلوا تعليم الحزب وقيادته. وإذا رفضوا، فسوف يُحكم عليهم بالسجن، ولن يهتم أحد إذا تعرضوا للضرب حتى الموت". وتابع قائلًا: "في الوقت الحالي، تقوم المقاطعة والبلاد بأكملها باعتقال أعضاء كنيسة الله القدير. وفي النهاية، سوف يتم استئصالها. إذا كنتِ تعتقدين أنه يمكنكِ الاستمرار في الإيمان بالله القدير، فأنا أقول لكِ الآن إنه مستحيل!" قلت: "نحن المؤمنون بالله نكتفي بالذهاب إلى الاجتماعات، وقراءة كلمة الله، والسعي إلى تغيير الشخصية لنصبح أناسًا أمناء، واتباع الطريق الحق في الحياة. فكيف نضر بمصالح الحزب الشيوعي؟ إذا كنت لا تصدقني، فاقرأ كلام الله القدير وسوف تعرف. لقد صادرتم الكثير من كتب كلمة الله القدير، فلماذا لا تفتح أحدها وتلقي نظرة؟" قال ضابط الشرطة الآخر بصوت عالٍ: "لا تخبرينا عن الإيمان بالله! نحن لا نؤمن بهذا، بل نؤمن فقط بالحزب الشيوعي والرئيس شي". ثم هددني قائلًا: "فكري في الأمر مليًا. إذا أخبرتِنا بما نريد أن نعرفه، فأعدكِ بعدم الحكم عليكِ بالسجن. سوف نسمح لكِ بالعودة إلى المنزل فورًا. وإذا كنتِ ما زلتِ لا تفهمين موقفكِ، فسوف أرسلكِ إلى مستشفى للأمراض العقلية. سوف يعطيكِ الطبيب حقنة كل يوم حتى تفقدي عقلكِ. سوف تقيمين مع جميع أنواع المصابين بأمراض عقلية، ثم يضربونكِ ويوبخونكِ كل يوم. سوف نرى كم من الوقت يمكنكِ البقاء هناك". شعرت بالخوف الشديد بعد أن سمعت هذا. إن أرسلوني إلى مستشفى للأمراض العقلية، سوف أُحاط بالمصابين بأمراض عقلية كل يوم. والعيش مع أمثال هؤلاء الناس يصيب حتى الشخص العادي بالجنون. عندما رأى رجال الشرطة أنني كنت صامتة، هددوني مرَّة أخرى: "عودي وفكري في الأمر. اكتبي كل شيء يجب أن نعرفه. بناءً على الأدلة المتوفرة لدينا، يمكننا الحكم عليكِ بالسجن لمدة لا تقل عن ثلاثة إلى سبعة أعوام".
بعد العودة إلى الفندق للتفكير فيما قاله رجال الشرطة، لم أستطع النوم على الإطلاق. تصببت عرقًا وتجمدت في فراشي عند التفكير في مطاردة المرضى العقليين وضربهم لي وفي صورة نفسي مصابة بالجنون وأركض في الشارع عارية. بكيت وصلَّيت إلى الله: "يا إلهي! أخشى أن أصاب بالجنون. أرجو أن تساعدني وتقودني وتهدئني. بصرف النظر عن نوع الظروف التي أواجهها، فلن أخونك أبدًا". وبعد أن صلَّيت فكرت في مقطع من كلام الله: "عندما يكون الناسُ مُستعدين لأن يضحّوا بحياتهم يصبح كلُّ شيء تافهاً، ولا يمكن لأيٍّ كان أن ينتصر عليهم. ما الذي يُمكِنُ أن يكون أكثر أهمية من الحياة؟ وبذلك يصبح الشيطان عاجزاً عن إحداث مزيد من التأثير في الناس؛ إذ لن يكون هناك ما يمكنه فعله مع الإنسان" (الكلمة، ج. 1، عمل الله ومعرفة الله، تفسيرات أسرار كلام الله إلى الكون بأسره، الفصل السادس والثلاثون). هدأت تدريجيًا بينما تأملت في كلمة الله. إن كنت على استعداد للمخاطرة بحياتي، فما المعاناة التي لا يمكنني تحمُّلها؟ كانت حياتي وموتي بين يديَّ الله، ولن أصاب بمرض عقلي دون سماح من الله. أخرجت قلمًا وورقة بعد الفجر، وكتبت سطرًا واحدًا: "جدران عالية وساحات فناء واسعة، متعفنة إلى الأبد في السجن". عندما رآه ضابط الشرطة تغيرت ملامح وجهه وشعر بالغضب الشديد لدرجة أنه أغلق الباب بقوة وغادر.
نُقلت بعد أكثر من شهر إلى مركز الاعتقال. ونظرًا لأن الاستجواب كان لا يزال غير حاسم، فقد حكموا عليَّ بالمراقبة السكنية لمدة ستة شهور وحذروني قائلين: "أنتِ مشتبه بها جنائيًا الآن، وليس لديكِ الحرية في أي مكان. إذا آمنتِ بالله مرَّة أخرى، فسوف يُحكم عليكِ إذا اعتقلناكِ". كانت الشرطة تتصل بهاتف منزلي من وقت إلى آخر، وكان أفراد من مكتب الشؤون الدينية يأتون إلى منزلي ليحققوا معي حول إيماني بالله. لم أجرؤ على الاتصال بإخوتي وأخواتي، ولم أستطع أن أعيش الحياة الكنسية. وبسبب تعذيب الشرطة لي، لم أستطع ثني أصابعي في كلتا يديَّ، وكان معصماي يؤلماني بشدة لدرجة أنني لم أستطع تحريكهما. لم تكن لديَّ القوة حتى لالتقاط المشط، وإلى الآن لا أملك أي قوة في معصماي.
بعد أن اعتقلني الحزب الشيوعي واضطهدني وعذبني، رأيت بوضوح طبيعته الوحشية الشريرة التي تتحدى السماء. كما رأيت بوضوح أن الشيطان هو الذي يقاوم الله ويؤذي الناس. وفي الوقت نفسه، رأيت أن الله قدير وحكيم، وشعرت بحماية الله ورعايته لي. فكلام الله هو الذي قادني خطوة بخطوة إلى الانتصار على الشيطان والثبات. شكرًا لله!