3. أخيرًا رأيت مكري

بقلم: مارلين، هونغ كونغ

كنت مسؤولة عن سقاية المؤمنين الجدد في الكنيسة. ومنذ فترة، كان يوجد العديد من المؤمنين الجدد الذين لم أكن متأكدة من ملائمتهم للتهذيب كقادة فرق. كان مصدر قلقي هو إهدار الوقت والطاقة إن تبيَّن أنهم غير مناسبين بعد أن أُهذبهم. ومع ذلك، إن لم أُهذبهم، ربما تقول مشرفتي إنني كنت أطالبهم بمطالب ثقيلة ولا أعير اهتمامًا كافيًا بتهذيبهم، أو إنني ببساطة كنت أفتقر إلى القدرة على تهذيبهم. كنت في مأزق ولم أعرف ما يجب فعله. شعرت أنه ينبغي أن أسأل مشرفتي عن هذا وأترك لها القرار. فحينها لن أكون المسؤولة الوحيدة إن حدث خطأ ما، ولن أضطر إلى تعامل أحد معي حتى إن كان المؤمنون الجدد غير مناسبين حقًا. عندما تواصلت مع مشرفتي، لم أقل مباشرةً إنني لم أكن أجيد تمييز الناس وإنني لم أكن أعرف ما يجب فعله. فبدلًا من ذلك، راوغت في كلامي بشأن مختلف الظروف والصعوبات لدى أولئك المؤمنين الجدد: فلان لديه اتصال ضعيف بالإنترنت ويصعب الاتصال به، وفلان مشغول بالعمل، وفلان لا يتحدث كثيرًا في الاجتماعات.... وعندئذ، خوفًا من أن تقول المشرفة إنني كنت أُصنف الناس، أضفت: "لكنهم نشطون في الاجتماعات ومتحمسون في سعيهم، ولذلك سوف أبذل قصارى جهدي لتهذيبهم". اعتقدت في البداية أنها ستقول إن هؤلاء المؤمنين الجدد لم يكونوا مناسبين للتهذيب، وبهذه الطريقة سيكون هذا هو قرارها، ولن أكون مسؤولة ولن أخاطر بدفع الثمن لتهذيبهم. ولذلك، فوجئت عندما لم تُقدِّم إجابة وسألتْ بصرامة: "ماذا تقصدين؟ لديكِ طريقة ملتوية في الحديث يصعب اتباعها. وقد لاحظتها من قبل. تتحدثين أولًا عن مشكلات المؤمنين الجدد، مما يجعل الأمر يبدو وكأنهم لا يستحقون التهذيب، ثم تقولين إنكِ ستبذلين قصارى جهدكِ معهم، ولذلك يستحيل معرفة ما تفكرين به بالفعل". شعرت بالاستياء الشديد عند سماع ذلك: "هل تعني أنني ملتوية كالأفعى بدلًا من التحدث عن المشكلة مباشرةً؟ هل أنا بذلك السوء حقًا؟ أم أنها تُنفِّس فقط عما بداخلها لأنها في حالة مزاجية سيئة؟" أدركت أن هذه كانت الطريقة الخاطئة للتفكير في الأمر، وأن الأخت لم تكن لتقولها دون سبب على الإطلاق ويجب أنه يعكس شعورها بالفعل. لقد كشفتُ عن شخصية فاسدة دون دراية بذلك، وكانت الأخت تساعدني بالإشارة إليها. ولذلك قلت لها: "إنني لا أستوعب تمامًا المشكلات التي تشيرين إليها، لكنني على استعداد لقبول هذا والتأمل التام في نفسي".

ظللت بعد ذلك أفكر فيما قالته مشرفتي، وصلَّيت إلى الله، وطلبت منه أن يرشدني لمعرفة نفسي معرفةً أفضل. تذكرت أن كلمات الشيطان كانت ملتوية على وجه الخصوص وتفتقر إلى الشفافية. يهوه الله سأل الشيطان: "مِنْ أَيْنَ جِئْتَ؟" فَأَجَابَ ٱلشَّيْطَانُ يَهْوَه وَقَالَ: "مِنَ ٱلْجَوَلَانِ فِي ٱلْأَرْضِ، وَمِنَ ٱلتَّمَشِّي فِيهَا" (أيوب 1: 7). يكشف الله الطريقة التي يتكلم بها الشيطان هنا ويحللها، قائلًا: "كيف تشعرون إذًا عندما ترون الشيطان يجيب بهذه الطريقة؟ (نشعر أن الشيطان سخيفٌ وماكر). هل يمكنك معرفة شعوري؟ في كلّ مرّةٍ أرى هذه الكلمات أشعر بالاشمئزاز؛ لأنه يتحدّث دون أن يقول أيّ شيءٍ! هل أجاب عن سؤال الله؟ لم تكن كلماته إجابةً، ولم توجد أيّة نتيجةٍ. لم تكن إجابةٌ مُوجّهة للردّ على سؤال الله. "مِنَ ٱلْجَوَلَانِ فِي ٱلْأَرْضِ، وَمِنَ ٱلتَّمَشِّي فِيهَا". ماذا تفهم من هذه الكلمات؟ من أين يأتي الشيطان؟ هل تلقّيتم إجابةً؟ (كلا). هذا "ذكاء" مكر الشيطان بعدم السماح لأيّ شخصٍ باكتشاف ما يقوله حقًّا. ما زلتم بعد سماع هذه الكلمات لا تقدرون على تمييز ما قاله، إلّا أنه انتهى من الإجابة. إنه يعتقد أنه أجاب إجابةً وافية. كيف تشعر إذًا؟ بالاشمئزاز؟ (نعم). والآن تبدأ في الشعور بالاشمئزاز من هذه الكلمات. كلمات الشيطان تتسم بسمات محددة: ما يقوله الشيطان يتركك في حيرةٍ وغير قادرٍ على إدراك مصدر كلامه. أحيانًا يكون للشيطان دوافع ويتحدّث أحيانًا عن عمدٍ وأحيانًا تغلبه طبيعته، وتخرج هذه الكلمات تلقائيًا وتأتي مباشرة من فم الشيطان. لم يستغرق الشيطان فترة طويلة من الوقت ليزن مثل هذه الكلمات، بل عبَّر عنها دون تفكير. وعندما سأل الله الشطيان من أين أتيت، فإنه أجاب بكلمات قليلة غامضة. تشعر بالحيرة الشديدة ولا تعرف تمامًا من أين يأتي. هل يوجد أحدٌ بينكم يتحدّث بهذه الطريقة؟ ما نوع هذا الكلام؟ (إنه غامضٌ ولا يُقدّم إجابةً مُحدّدة). ما نوع الكلمات التي يجب أن نستخدمها لوصف طريقة التحدّث هذه؟ إنها مُخادِعة ومُضلِّلة، أليس كذلك؟ لنفترض أن شخصًا ما لا يريد أن يُعرِّف الآخرين ما فعل بالأمس. تسأله: "لقد رأيتك بالأمس. إلى أين كنت ذاهبًا؟" فلا يُخبرك مباشرةً أين ذهب. بل يقول: "الأمس كان مُتعِبًا جدًّا!" هل أجاب عن سؤالك؟ لقد أجاب، ولكن هذا ليس الجواب الذي كنت تريده. هذا هو "ذكاء" حيلة الشخص. لا يمكنك أن تكتشف أبدًا ما يقصده أو ترى المصدر أو النيّة وراء كلماته. ولا تعرف ما يحاول تجنّبه لأن لديه في قلبه قصّته الخاصّة – وهذه هي الغواية. هل يوجد بينكم من يتحدثون بهذه الطريقة؟ (نعم). ما هدفكم إذًا؟ هل هدفكم أحيانًا حماية مصالحكم، وأحيانًا الحفاظ على كبريائكم ووضعكم وصورتكم، وحماية أسرار حياتكم الخاصة؟ مهما كان الهدف، فإنه لا ينفصل عن اهتماماتكم ويرتبط بمصالحكم. أليست هذه هي طبيعة الإنسان؟" (من "الله ذاته، الفريد (د)" في "الكلمة يظهر في الجسد"). رأيت من خلال ما كشفه كلام الله أن الشيطان يضمر دائمًا دوافع خفية وحيلًا ماكرة في كلامه وأفعاله. فمن أجل إخفاء نواياه المخزية، يتحدث بمواربة ومراوغة. وهذا يحير المستمعين الذين لا يمكنهم فهم معناه. تأملت في الطريقة التي كنت أتحدث بها مع إخوتي وأخواتي كما يفعل الشيطان، مما حيرهم باستخدامي الموارب للغة. عندما كانوا يسألونني عن عدد المؤمنين الجدد الذين يمكن تهذيبهم في الكنيسة التي كنت أشرف عليها، وكيفية تقدُّم أولئك الوافدين الجدد، فإن كل ما تطلبه مني الأمر هو بضع كلمات عن عدد المؤمنين الجدد ووضعهم، لكنني لم أكن أُقدم قط إجابة مباشرة. كنت أختار أمثلة على الأداء الضعيف للمؤمنين الجدد وأذكر العديد من العوامل ذات الصلة حتى يعتقد الإخوة والأخوات أن المؤمنين الجدد لم يكونوا مناسبين للتهذيب بدلًا من وجود مشكلة معي في عدم تهذيبهم. وبعد ذلك كنت أُغير لهجة كلامي قائلةً: "ولكن يجب تهذيب المؤمنين الجدد. دعونا نحاول أولًا ونرى". كنت أتحدث عن إثارتهم للمتاعب، ثم أقول فجأةً إنني سأحاول تغييرهم. لم تكن تلك إجابة مباشرة بل إجابة ملتوية بحيث لم يكن لدى أحد أدنى فكرة عما كنت أقصده. يقول الله إن سبب استخدام الشيطان للغة المواربة وإضمار الدوافع الخفية والحيل الماكرة هو حماية مصالحه الخاصة. سألت نفسي عندئذٍ عما كنت أحاول تحقيقه من خلال التحدث هكذا مع الإخوة والأخوات. عند إعادة التفكير في الأمر، رأيت أنني كنت أبدأ دائمًا بتقديم المشكلات حتى يعرف الآخرون أن الأمر لم يكن مرتبطًا بعدم تركيزي على تهذيب الناس، بل بالأحرى لأنهم لم يكونوا مرشحين جيدين لأسباب مختلفة. ثم كنت أختتم كلامي بقول إنني سأحاول تهذيبهم وأرى كيف تسير الأمور كي أُظهِر للإخوة والأخوات أنني كنت أتحمَّل المسؤولية الواجبة لتهذيب المؤمنين الجدد وأنه كان لديَّ موقف إيجابي. فبهذه الطريقة لن يقولوا إنني كنت أُصنف الناس ولم أرغب في المخاطرة بدفع ثمن لتهذيبهم. تكمن دوافع خسيسة فيما وراء هذه الطريقة الملتوية في الكلام. كنت أتملص من المشكلات عندما أتحدث مع مشرفتي، وكنت أريدها تخمين ما أقصده دون أن تعرفه على وجه اليقين، وفي النهاية أجعلها تقرر ما إذا كان يجب تهذيب هؤلاء المؤمنين الجدد أم لا. بهذه الطريقة سوف تكون الآخرة لمصلحتي مهما حدث. فإن تابع أي شخص سبب عدم تهذيبي لهم، كان يمكنني إلقاء اللوم على مشرفتي بكل سهولة. وإن حقق المؤمنون الجدد تقدُّمًا، فسوف يرى الجميع أنني متمكنة من تهذيب مثل هؤلاء الناس مما يجعلني أبدو ماهرة. كانت طريقة كلامي هي بالضبط طريقة كلام الشيطان كما كشفها الله – أي دفن دوافعي والالتواء كالأفعى حتى أتمكن من تحقيق أهدافي دون أن يعرف الآخرون ما كنت على وشك عمله. كنت ماكرة ومخادعة مثل الشيطان. كنت ظاهريًا أستكشف مع المشرفة ما إذا كان يمكن تهذيب المؤمنين الجدد، ولكنني كنت في الواقع أحاول توجيهها لإصدار قرار بالنيابة عني حتى أتمكن من التخلص من المسؤولية. كم كنت غادرة! فالشخص العادي في هذا الوضع يصل إلى المبادئ ذات الصلة للتصرف بحسب المبدأ وتهذيب المؤمنين الجدد بشكل أفضل لصالح العمل الكنسي. لكن الهدف الذي كنت أرمي إليه كان التخلص من المسؤولية لحماية مصالحي ومكانتي وسمعتي. كيف كنت في منتهى المكر والغدر؟ كان السبب الذي جعل المشرفة تتعامل معي وتكشفني هو أنني اعتدت على التحدث والتصرف على أساس شخصيتي المخادعة ولم أكن أتأمل في الذات قط. كنت بغيضة في نظر الله وكريهة للآخرين. صلَّيت وأقسمت إلى الله بأنه منذ تلك اللحظة فصاعدًا سوف أولي مزيدًا من الاهتمام للدوافع والأهداف الكامنة وراء ما كنت أقوله وأفعله وأنني سأمارس الصدق. ولاحقًا، عندما كان إخوتي أو أخواتي يسألونني عن المؤمنين الجدد، كنت أرغب أحيانًا في البدء بالمشكلات مرَّة أخرى حتى لا تكون مسؤوليتي إن لم يكن من الممكن تهذيبهم. عندما أدركت أنني أخادع من جديد ولديَّ الدافع الخاطئ، صلَّيت بوعي وتخليت عن نفسي وتحدثت عن الوافدين الجدد بإنصاف وموضوعية. عندما مارست الصدق بوعي، اكتشفت أنه كانت توجد العديد من الأمور التي كان يمكن أن أكون فيها مراوغة ومخادعة، وأن دوافعي كانت مدفونة أحيانًا بعيدًا عن الأنظار.

قالت المشرفة يومًا إن مؤمنًا جديدًا كنت أرويه كان يحضر الاجتماعات التي تنظمها الأخت ألينا، وإنه أحب تقديمها للشركة. بدأت أفكر حينها أن هذا المؤمن الجديد كان متكبرًا للغاية، وكانت لديه مفاهيم مختلفة، وكان يحب الاتجاهات العلمانية. لم يكن يشارك بانتظام في اجتماعاتي، وكانت سقايته تتطلب جهدًا هائلًا، ولذلك اعتقدت أنه ستكون لديَّ واجبات أقل إن تمكنت ألينا من سقايته بدلًا مني. لو كنت قد طرحت فكرة نقله مباشرةً إلى ألينا، لربما قالت المشرفة إنني كنت ماكرة وأردت الاستغناء عن المؤمنين الجدد الذين تصعب سقايتهم. ولكن إن اقترحت المشرفة بنفسها نقله، يمكنني عندئذٍ التخلص من العبء بهدوء. ولذلك، تقصيت الأمر بسؤال أساسي: "هل قال المؤمن الجديد إنه يفضل شركة ألينا؟" فأجابت المشرفة بالإيجاب. فتابعت كلامي بسرعة: "نظرًا لأن ذلك هو الحال، هل ينبغي أن نتبع ما يحبه؟ إنه على أي حال لا يحضر اجتماعاتي كثيرًا. ما رأيكِ؟" كنت أنتظر منها أن تقول إنه ينبغي نقله. لكنها لم تقرر فورًا. ولاحقًا، رادوني شعور غامض بعدم الارتياح: ألم أكن أتحدث بدوافع خفية مرَّة أخرى؟ لماذا كانت لديَّ دائمًا مثل هذه النوايا المخزية؟ لماذا لم أتمكن من المصارحة والمباشرة بشأن ما كنت أفكر به؟

بحثت يومًا عن كلمات الله ذات الصلة بحالتي لأكلها وشربها، وقرأت كلماته هذه: "يتحدث بعض الناس بطريقة محيّرة جدًّا؛ فأحيانًا تكون لجملهم بداية، ولكنها دون نهاية، وأحيانًا تجد لها نهاية ولكن لا بداية لها؛ فلا تدري مطلقًا ما يريدون قوله، ولا يحمل شيء مما يقولونه أي معنىً بالنسبة إليك. وإذا ما طلبت منهم تفسير كلامهم بوضوح فإنهم لا يفعلون ذلك. كثيرًا ما يستخدمون الضمائر في كلامهم. على سبيل المثال، ينقلون كلامًا ويقولون: "ذلك الشخص. اممم، كان يفكر بأن، ثمَّ لم يكن الإخوة والأخوات. للغاية..." وقد يمضون في هذا الكلام لساعات، ومع ذلك لا يعبرون عن مرادهم بوضوح، بل يتمتمون ويتلعثمون، دون أن يكون لكلامهم أي معنىً، ويقولون أشياء غير مترابطة فيما بينها؛ بحيث يَدَعونك لا تدري شيئًا مما يقولون بعد سماعه، حتى إنك لتشعر بالقلق. والواقع أنهم قرؤوا العديد من الكتب، ويتمتعون بتعليم جيد؛ فلماذا إذًا يعجزون عن النطق بعبارة كاملة؟ تعتبر هذه مشكلةً في الشخصية؛ فالناس مراوغون جدًا لدرجة أن قول أي شيء يتطلب مجهودًا كبيرًا، ولا يوجد تركيز على أي شيء يقولونه؛ فهناك دائمًا نقطة بداية ولكن لا توجد نهاية؛ إذْ بعد أن يفتحوا أفواههم وينطلقوا في الكلام يبتلعون آخره. لماذا يبتلعون ويطمسون آخره؟ لأنهم لا يريدونك أن تفهم قصدهم، بل يريدونك أن تخمّن. إن أخبروك مباشرةً فستدرك ما يقولون وتفهم قصدهم بالضبط، أليس كذلك؟ إنهم لا يريدون ذلك. فماذا يريدون؟ يريدون لك أن تحزر بنفسك، وهم سعداء إذْ يدَعونك تعتقد أن ما تخمّنه صحيح. وهم في تلك الحالة لم يقولوه، ومن ثم فإنهم لا يتحملون أي مسؤولية. وفضلًا عن ذلك، ما الذي تكسبه عندما تخبرهم بتخمينك لمعنى كلامهم؟ تخمينك هو بالضبط ما يودّون سماعه، كما أنه يكشف لهم عن أفكارك وآرائك حول المسألة. ومن تلك النقطة، يمكنهم أن يتحدثوا على نحو انتقائي؛ حيث يختارون ما يقولون وما لا يقولون، وكيف يقولونه، ثم يُقْدِمون على الخطوة التالية في خطتهم. فكل جمله مختومة بفخ، وحينما تستمع إليهم، إنْ تابعت توجيه الأسئلة فستكون قد وقعت في الفخ تمامًا. هل يُتعبهم أن يتحدثوا دائمًا على هذا النحو؟ هذه هي شخصيتهم؛ إنهم لا يشعرون بالتعب. إنه أمر طبيعي تمامًا بالنسبة إليهم. لماذا يريدون أن ينصبوا لك هذه الفخاخ؟ لأنهم لا يستطيعون معرفة آرائك بوضوح، كما يخشون أن تدرك قصدهم. وفي الوقت نفسه الذي يحاولون فيه منعك من فهمهم، يسعون هم إلى فهمك. إنهم يريدون أن يستنتجوا آراءك وأفكارك وأساليبك، وإذا ما نجحوا، تكون فخاخهم قد نجحت. يتلكأ بعض الناس بقولهم في كثير من الأحيان: "همم" و "ياه" و "هاه"، وهم بذلك لا يعبرون عن وجهة نظر معينّة، بينما يتباطأ آخرون بقولهم "مثل" و "حسنًا..."، للتغطية على ما يفكرون به حقيقةً، وذلك باستخدامهم هذا بدلًا مما يودون قوله فعلًا. يَرِدُ في كل جملة العديد من الكلمات الوظيفية والظروف والأفعال المساعدة عديمة النفع. وإذا شئتَ أن تسجل كلماتهم، فستكتشف أن أيًّا منها لا يدلّ على آرائهم أو مواقفهم حول القضية؛ فكلماتهم جميعها تنطوي على مصايد واختبارات وغوايات خفية. ما هذه الشخصية؟ (شريرة). إنها شريرة للغاية. هل ينطوي ذلك على ازدواجية وخداع؟ تسمّى هذه المصايد والاختبارات والغوايات التي يصطنعونها بالخداع، وهذه صفة مشتركة في الأشخاص الذين لديهم الجوهر الشرير الذي يتميز به أضداد المسيح. كيف تتجلّى هذه الصفة المشتركة؟ إنهم ينقلون الأخبار الجيدة وليست السيئة، ويتحدثون حصريًا بلغة مُرضية، وبتردد، ويخفون جزءًا من قصدهم الحقيقي، ويتكلمون بأسلوب مشوَّش ومبهم، وينطوي كلامهم على اختبارات. هذه جميعًا فخاخ ووسائل للخداع والازدواجية" (من "إنهم أشرارٌ وماكرون ومخادعون (الجزء الثاني)" في "كشف أضداد المسيح"). يخبرنا الله أن أضداد المسيح يحومون دائمًا حول الموضوع عندما يتحدثون. إنهم يتحدثون بغموض ويجعلون المستمعين في حالة من الارتباك. إنهم دائمًا يستقصون ويخدعون ويحاولون جر الآخرين إلى فخ لتحقيق أهدافهم وتجنب المسؤولية في النهاية. وهذا أشبه بالشيطان عندما أخبر حواء أنها لن تموت بالضرورة إن أكلت الثمرة. كانت كلمات الشيطان مليئة بالاستقصاء والإغواء، ولم تكشف مباشرةً عن أهدافه، بل كانت تغوي الآخرين بالخطية دون تحمُّل المسؤولية. وهذا هو ما كشفه الله: "الجميع اليوم يضمرون في داخلهم شخصية الشيطان، ويحمل البشر جميعًا في داخلهم سموم الشيطان التي تُغري الله وتُغوي الإنسان. عندما يتكلم الناس، فإنهم يستخدمون أحيانًا في كلامهم نبرة صوت الشيطان، وذلك بقصد الإغراء والإغواء. كما إن الخواطر والأفكار التي تكلأ الناس تطفح بسموم الشيطان؛ بل إن الطريقة التي يتصرفون بها بالذات هي بإيعاز من الشيطان، وأحيانًا حتى الغمزة أو الإيماءة البسيطة تحمل في طياتها نفحة من نفحات الإغراء والإغواء" (من "أكثر المعرّضين للخطر هم من فقدوا عمل الروح القدس" في "أحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). لقد كنت هكذا، إذ كنت أتحدث دائمًا بطريقة ملتوية مع الإخوة والأخوات، وأستقصي وأخدع من أجل دوافعي الحقيرة. لم أرغب في تخصيص الوقت وبذل الطاقة للمؤمن الجديد. كنت أرغب في استغلال هذه الفرصة للتخلي عنه. لكنني لم أرغب في أن تعرف المشرفة أنني كنت أُصنف المؤمن الجديد وأرفضه. وللحفاظ على صورتي في أن أبدو مراعية للضمير ومحبة للمؤمنين الجدد، اقترحت عليها مبدئيًا أنه ينبغي علينا مراعاة مشاعر المؤمن الجديد وعمل ما يحبه. كنت أحاول توجيهها إلى اقتراح نقله إلى اجتماعات ألينا لأتمكن من تحقيق هدفي. كانت الطريقة التي أتحدث بها هي ما كشفه الله تمامًا: "وإذا شئتَ أن تسجل كلماتهم، فستكتشف أن أيًّا منها لا يدلّ على آرائهم أو مواقفهم حول القضية؛ فكلماتهم جميعها تنطوي على مصايد واختبارات وغوايات خفية. ما هذه الشخصية؟ (شريرة). إنها شريرة للغاية" (من "إنهم أشرارٌ وماكرون ومخادعون (الجزء الثاني)" في "كشف أضداد المسيح"). كلما ظهر شيء ما، كان ما يصدر من فمي اختبارات وإغواءات بالإجمال دون كلمة صادقة واحدة. ألم تكن تلك شخصية شريرة تؤدي دورها؟ كنت أُفضل الحوم حول الموضوع بدلًا من أن أجعل أي شخص يفهم ما كنت أقصده حقًا. اعتقدت أنه سيكون من الحماقة كشف إخفاقاتي من خلال التفوه بما كنت أريده. فقد كان ذلك مناسبًا للحمقى! اعتقدت أن طريقتي الماكرة في الحديث كانت ماهرة، وأنني كنت بارعة وذكية وأسبق الجميع في تفكيري، وأن هذه كانت طريقة حماية مصالحي. كان المكر والخبث هما المبدأ الذي عشت به، ورفضت ما يخبرنا به الله عن الصدق والشفافية في القول والفعل. شعرت أنني سأخسر إن عشت هكذا. لطالما كانت وجهة نظري مشوهة. وقد استخدمت طرق الشيطان كقاعدة سلوكية كوني مخادعة ومضللة في كل مناسبة. كان الأمر مخيفًا نوعًا ما أن أتأمل في هذا وأرى كم كنت دنيئة وشريرة. رأيت مدى إفساد الشيطان لي وأنني بالكاد كنت أشبه البشر. كنت أتحدث وأتصرف هكذا في حياتي اليومية أيضًا. ذات مرَّة، تذكرت إعجابي الشديد بحقيبة يد من علامة تجارية راقية اشترتها عمتي. لم أستطع أن أطلبها مباشرةً ولكنني لم أرغب في إنفاق الكثير من المال لشراء واحدة لنفسي، ولذلك تصنعت القلق وقلت: "إنها لن تُستخدَم، فيا لها من مضيعة للمال! لقد حصلتِ بالفعل على حقيبة من تلك العلامة التجارية. لماذا اشتريتِها؟ بدا الأمر لعمتي وكأنني كنت مراعية للمشاعر ولم أردها تضييع المال على أشياء لم تكن بحاجة إليها. ولكن ما قصدته حقًا هو أن الحقيبة كانت بلا قيمة بمجرد وجودها هناك، فلماذا لا تعطيني إياها؟ من المؤكد أنها أعطتني الحقيبة. باستخدام بضع كلمات قصيرة جعلتها "تعرض" عليَّ تقديم الحقيبة لي. كنت دائمًا على ذلك الحال. لم أكن أقول مباشرةً ما أريده، بل كنت أجعل الناس يعطونني إياه من تلقاء أنفسهم. بالنظر إلى جميع تلك الأشياء، تساءلت عن مدى خداعي. تمنيت أن أعود بالزمن إلى الوراء وأستعيد الكلام الكريه الذي قلته. أدركت حينها أن الطريقة التي يتكلم بها أضداد المسيح ويتصرفون بها، وشخصيتهم الشريرة كما كشفها الله، كانت منتشرة في داخلي. وظللتُ على ذلك النحو لأعوام، وكنت أنزلق إلى تلك الطريقة الماكرة في الكلام دون دراية. كانت شخصيتي الفاسدة مشكلة كبيرة. وسوف يكون الأمر خطيرًا للغاية إن لم أتعامل معها وأُجري تغييرًا.

قرأت كلمات الله: "إن طلب الله من الناس أن يكونوا صادقين يبرهن على أنه يمقت حقًا أولئك الذين هم مخادعون، وأنه لا يحب المخادعين. إن كراهية الله للأشخاص المخادعين هي كراهية لطريقتهم في فعل الأشياء، وشخصياتهم، ودوافعهم، وأساليب خداعهم؛ فالله يبغض هذه الأمور جميعًا. إنْ استطاع الأشخاص المخادعون قبول الحق، وأقرّوا بشخصياتهم المخادعة، وكانوا على استعداد لقبول خلاص الله، فسيكون لديهم أيضًا أمل بالخلاص؛ لأن الله يعامل الناس جميعًا على قدم المساواة، كما أن الحق يساوي بين الناس قاطبةً في المعاملة؛ وبالتالي، إذا ما رغبنا في أن نصبح أولئك الذين يحبهم الله، فإن أول شيء يتعيَّن علينا فعله هو تغيير مبادئ وجودنا: فلا يعود بإمكاننا العيش وفقًا لفلسفات الشيطان، ولا المضي في اعتماد الأكاذيب والخداع، بل لا بدّ لنا من التخلّي عن الأكاذيب وأن نصبح صادقين، وبهذه الطريقة تتغيَّر نظرة الله إلينا. كان الناس في السابق يعتمدون دومًا على الأكاذيب والادعاء الكاذب والاحتيال للعيش بين الناس، وكانوا يستخدمون فلسفات شيطانية باعتبارها الأساس الوجودي والحياة والقاعدة التي يبنون عليها تصرفاتهم. كان هذا النهج موضع مقت من الله. إذا تحدَّثت بصراحة بين صفوف غير المؤمنين، وقلت الحق، وكنت شخصًا صادقًا، فستتعرَّض للافتراء والإدانة والنبذ؛ ولذلك تتبع التوجُّهات الدنيوية، وتعيش بحسب الفلسفات الشيطانية، وتغدو شيئًا فشيئًا أكثر مهارة في الكذب والخداع. وتتعلَّم أيضًا استخدام الوسائل الخبيثة لتحقيق أهدافك وحماية نفسك، كما تصبح أكثر فأكثر ازدهارًا في عالم الشيطان، ونتيجةً لذلك فإنك تغرق في أعماق الخطيَّة إلى أن تعجز عن تخليص نفسك. أما في بيت الله، فالأمور على العكس من ذلك تمامًا. فكلما ازددت كذبًا واحتيالًا، ازداد سأم شعب الله المختار منك ونبذهم لك. وإذا رفضت أن تتوب، وظللت متمسكًا بفلسفات الشيطان ومنطقه، واستخدمت المؤامرات والمكائد المحكمة لتمويه نفسك والتستر خلفها، فمن المرجح جدًا أن تنكشف وتُطرد؛ ذلك لأن الله يبغض المخادعين، ولا يزدهر في بيت الله سوى الصادقين الأمناء، أما المخادعون فسيكون مآلهم إلى الطرد والنبذ. هذا كله قد سبق الله أن قدَّره. لا نصيب في ملكوت السماوات إلا للصادقين، وبالتالي فإنك إن لم تَسْعَ لأن تكون إنسانًا صادقًا، ولم تختبر وتمارس في اتجاه اتباع الحق، ولم تكشف قبحك وتُظهر وجهك الحقيقي، فلن تستطيع أبدًا تلقي عمل الروح القدس والفوز برضاء الله" (من "أكثر ممارسة جوهرية يمارسها الشخص الأمين" في "أحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). علمتني كلمات الله أنه يحب الصادقين ويمقت أولئك المخادعين. فالصادقون وحدهم يمكنهم ربح خلاصه، أما المخادعون فسوف ينكشفون ويُستبعَدون. من بين الناس الذين رأيتهم يُطهَّرون ويُستبعَدون من الكنيسة خلال أعوام إيماني، كان يوجد من كانوا مهملين بشأن واجبهم وغير موثوق بهم، وأولئك الذين كانوا من أجل الهيبة والمكانة يختبئون وراء قناع زائف أو يخدعوا الناس بمكائد وحيل مختلفة. لكن الله يرى جميع الأشياء ويرتب الظروف لكشف كل واحد منهم. لا يجد المخادعون موطئ قدم في بيت الله حقًا. عند إعادة التفكير في وقت سقايتي وتهذيبي للمؤمنين الجدد، كانت توجد الكثير من الانحرافات والمشكلات في طريقة تصرفي، ومع ذلك لم أُركز على السعي إلى الحق للتعامل معها. كنت دائمًا شريرة ومخادعة، وكنت أجد الأسباب والأعذار للتستر على فسادي ونقائصي، ونتيجةً لذلك، لم يكن المؤمنون الجدد يُهذبون. ولو استمرت الأمور على هذا النحو، لكان الله سيرفضني أيضًا ويستبعدني. بالنظر إلى الإخوة والأخوات البسطاء والصادقين من حولي، رأيت أنهم لم يفهموا الكثير في واجباتهم، وأنه كانت توجد أخطاء وإغفالات، لكنهم لم يتنصلوا من مسؤولياتهم. لفهم الحق وإدراك المبادئ وأداء واجباتهم بطريقة ترضي الله، تمكنوا من أن يضعوا الكبرياء جانبًا، وأن يكونوا بسطاء ومتصارحين، وأن يعترفوا بإخفاقاتهم ونقائصهم، وأن يطلبوا من الآخرين. كان من الواضح رؤية أن الله كان يمنحهم الاستنارة ويرشدهم. فحتى إن كانوا متوسطي المقدرة أو كانوا أحيانًا حمقى قليلًا، كان الله يواصل إرشادهم ومساعدتهم تدريجيًا على تعلم مبادئ الحق وتحسين واجباتهم. أدركت من هذا أن الله يبارك البسطاء والصادقين. فهذا هو بره. وبفهم هذا، أدركت أن قول الحق والصدق قد يعني أن الناس يرونني على حقيقتي، لكن هذا ليس بالأمر السيئ. قد يكون الأمر محرجًا نوعًا ما في الوقت الحالي، لكن الله يحب أولئك المتصارحين والمستقيمين. بالإضافة إلى ذلك، في حين أنني قد أكشف مشكلاتي بالتصرف ببساطة وصراحة، فإن إخوتي وأخواتي لن ينظروا لي نظرة ازدراء أبدًا بسبب ذلك. سوف يساعدونني في إجراء تصحيحات ويرشدوني معهم إلى المبادئ. والممارسة من ذلك النوع لن تضر بواجبي. يتوسع إنجيل ملكوت الله بسرعة كبيرة الآن، وهو يتطلب مساعدة الكثير من المؤمنين الجدد. لكنني بالكاد هذبت أي مؤمنين جدد. ألم يكن هذا يعوق العمل الكنسي ويعرقله؟ لقد كنت أقاوم الله! يقول الله: "فكلما ازددت كذبًا واحتيالًا، ازداد سأم شعب الله المختار منك ونبذهم لك. ... أما المخادعون فسيكون مآلهم إلى الطرد والنبذ. هذا كله قد سبق الله أن قدَّره. لا نصيب في ملكوت السماوات إلا للصادقين". إن كلمات الله واضحة جدًا. أيًا كان المسار الذي يختاره الشخص وما يسعى ليكونه، فإن هذا له تأثير مباشر على آخرته ومصيره. فكرت في أنني كنت في العديد من المناسبات أكتفي باللغو في المواقف دون السعي إلى الحق أو التأمل في الذات لمعرفة نفسي بشكل أفضل. كنت أعيش وفقًا لطبيعتي الشيطانية. ولم أدخل حتى إلى الحقيقة الأساسية المتمثلة في الصدق أو إجراء تغييرات على شخصيتي الحياتية. بقيت إنسانة مخادعة تابعة للشيطان. فكيف كان لي أن أرجو الخلاص؟ لا يمكن أن أكون على الطريق الصحيح إلا بممارسة أن أكون إنسانة صادقة.

واصلت لاحقًا السعي، وأصبح طريقي إلى ممارسة الصدق أوضح من خلال قراءة كلام الله. تقول كلمات الله: "عندما يقوم الناس بالخداع، ما النوايا التي تنبع منه؟ وما الهدف منه؟ الهدف هو – دون أي استثناء – الحصول على المكانة والسمعة، باختصار، يفعلون ذلك من أجل مصالحهم الخاصة. وعلى ماذا يدل السعي إلى المصالح؟ على أن الناس يرون أن مصالحهم الخاصة أكثر أهميةً من أي شيء آخر. فيقومون بالخداع لإفادة أنفسهم، وبذلك، يُكشف عن شخصياتهم المخادعة. كيف يجب حل هذه المشكلة؟ … يجب أن يقبلوا الحق. لا يستطيع الناس رؤية جوهر مصالحهم الخاصة إلّا عندما يفهمون الحق، وعندها فقط يمكنهم أن يتعلموا التنازل والتخلي، ويكتسبوا القدرة على تحمل ألم التخلي عما يحبونه بشدّة. وعندما تستطيع القيام بذلك، وتتخلّى عن مصالحك الخاصة، ستشعر بمزيد من الراحة والسلام في قلبك، وبذلك ستهيمن على الجسد. إذا كنت تتشبث بمصالحك ولا تقبل الحق بأي شكل من الأشكال، وإذا كنت تقول في قلبك: "ما الخطأ في البحث عن مصالحي الخاصة ورفض تحمل أي خسارة؟ ما دام الله لم يعاقبني، فماذا بإمكان الناس أن يفعلوا بي؟" فلن يفعل أحد بك أي شيء. لكن إذا كان هذا هو إيمانك بالله، فستفشل في النهاية في ربح الحق والحياة، وستكون تلك خسارة كبرى لك؛ إذْ لا يمكنك نيل الخلاص. هل هناك أيّ ندم أعظم من هذا؟ هذا هو ما يأتي في النهاية من السعي وراء مصالحك الخاصة. إذا سعى الناس إلى المكانة والسمعة فحسب، وإذا سعوا وراء مصالحهم الخاصة فحسب، فلن يربحوا الحق والحياة أبدًا، وفي النهاية سيكونون هم الذين يعانون الخسارة. يخلص الله أولئك الذين يسعون إلى الحق. إذا لم تقبل الحق، وكنت غير قادر على التفكير في شخصيتك الفاسدة ومعرفتها، فلن تتوب حقًا، ولن يكون لك أي دخول إلى الحياة. إن قبول الحق ومعرفة نفسك هو الطريق إلى النمو في حياتك وإلى الخلاص، وهو فرصتك للمثول أمام الله وقبول تمحيصه لك، وقبول دينونته وتوبيخه وربح الحياة والحق. إذا تخليت عن السعي إلى الحق من أجل السعي وراء المكانة والسمعة ومصالحك الخاصة، فهذا يعني التخلي عن فرصة تلقي دينونة الله وتوبيخه ونيل الخلاص. أنت تختار المكانة والسمعة ومصالحك الخاصة، ولكن ما تتخلى عنه هو الحق، وما تخسره هو الحياة وفرصة الخلاص. أيهما يعني لك أكثر؟ إن اخترت مصالحك الخاصة وتخليت عن الحق، ألا تكون غبيًا؟ بصراحة، هذه خسارة كبيرة لقاء الحصول على ميزة صغيرة. السمعة والمكانة والمال والمصلحة كلها مؤقتة، وكلها سريعة الزوال، في حين أن الحق والحياة أبديان وثابتان. إذا وجد الناس حلًّا لمشكلة شخصيتهم الفاسدة التي تدفعهم إلى السعي وراء المكانة والسمعة، فعندئذ يكون لديهم أمل في نيل الخلاص. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحق الذي يربحه الناس أبديّ؛ لا يستطيع الشيطان أن يسلبهم إياه، ولا يستطيع أيّ شخصٍ آخر ذلك. لقد تخليت عن اهتماماتك ولكنك ربحت الحقّ والخلاص؛ وهذه النتائج تخصّك. لقد ربحتها لنفسك. إن اختار الناس ممارسة الحق، فحتى لو خسروا مصالحهم، فهم يربحون خلاص الله والحياة الأبدية. هؤلاء أذكى الناس. إن استفاد الناس على حساب الحق، فما يخسرونه هو الحياة وخلاص الله؛ هؤلاء أحمق الناس. أمّا بالنسبة إلى ما سيختاره الشخص في النهاية – المصالح الخاصة أو الحق – فهذا يكشف الشخص أكثر من أي شيء آخر" (من "أحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). "غالبًا ما تكمن دوافع وراء أكاذيب الناس، غير أن بعض الأكاذيب لا يوجد وراءها أي دافع، ولا خطة مقصودة، وإنما تَصدُرُ بصورة طبيعية. ما نوع الأكاذيب بالضبط التي يمكن تجنبها؟ أولًا، احسم الأمر بالنسبة إلى الأكاذيب التي يَسهُل تجنبها، ثم اسعَ وراء الحق لتتغلب على أصعب أنواع الكذب، وهي الأكاذيب التي يَصعُب إصلاحها. ألن تكون الممارسة بهذه الطريقة سهلة للتخلص من الأكاذيب ولحل مشكلة الكذب؟ فأنت، على سبيل المثال، تشعر بأن هذا الكلام ينطوي على دوافع، وأنه مذموم، وأنه عبارة عن أكاذيب؛ ومن ثم تدرك ذلك وأنت تتحدث، أليس كذلك؟ إن أدركت ذلك فاصمت أولًا، وصلِّ إلى الله في قلبك، وفكِّر بالأمور مليًّا. خذ الأمر أمام الله لتجعله ضمن صلواتك وتكشفه. ضع هذا أولًا موضع التطبيق. وبعد القيام بذلك لفترة، ينبغي أن تصلي إلى الله من جديد وأن تسعى، طالبًا منه أن يؤدبك ويؤنبك إن حدث أن عدت يومًا إلى الكذب، وبعد ذلك ينبغي أن تعرض أكاذيبك تدريجيًا أمام إخوتك وأخواتك لتحليلها. وبهذه الطريقة يتناقص عدد أكاذيبك تدريجيًا عما كانت عليه. اليوم ستنطق بعشر أكاذيب، وغدًا قد تنطق بتسع، وفي اليوم التالي ستنطق بثمان، وبعد ذلك لن تنطق إلا بكذبتين أو ثلاث. وستنطق بالصدق أكثر فأكثر. وسوف تصبح من خلال صدقك أكثر قربًا إلى إرادة الله ومتطلباته ومعاييره من أي وقت مضى. كم سيكون ذلك جيدًا! لكي تمارسَ الصدق، لا بدَّ أن يكون لديك مسار وهدف. أولًا، عليك أن تحل مشكلة التفوُّه بالأكاذيب. عليك أن تعرف الحقيقة الكامنة وراء تفوُّهك بهذه الأكاذيب، وأن تحلل لتعرف الدوافع التي تقودك إلى قول هذه الأكاذيب، ولماذا تتحكم بك مثل هذه الدوافع، وما هي جوهرها. إن واصلت ممارسة هذا فستكون هناك نتيجة بلا ريب، وستقول ذات يوم: "من السهل أن أكون صادقًا؛ فالخداع متعب للغاية! لا أريد أن أكون مخادعًا بعد الآن مطلقًا. ثمة الكثير الذي يجري في قلبي، وينبغي أن أمحِّص الأمور في عقلي دائمًا. عليَّ دومًا أن أفكر بما سأقوله لكي أخدع الناس ولأشق طريقي بالخداع. ينبغي أن أفكر دومًا بهذه الأمور. لا يمكن أن يكون كلامي مرحًا بطريقة مبالغ فيها ولا شديد الجدّيّة، ولا أستطيع أن أحمل في قلبي هذا الضغط، ولا أريد أن أعيش على هذا النحو مرة أخرى؛ فالعيش على هذه الشاكلة مرهق للغاية!" في هذا الوقت سيكون لديك أمل في أن تكون صادقًا حقًّا، ويبرهن ذلك على أنك قد بدأت تحرز تقدمًا نحو كونك صادقًا. كذلك يمثل هذا اختراقًا وتقدمًا. بالطبع، قد يشعر البعض منكم في البداية، وبعد قول كلمات صادقة وكشف نفسه، أن: "الأمر كان مؤلمًا؛ فقد احمرّ وجهي خجلًا، لقد كان الأمر محرجًا!" وعندما تلتقي آخرين تفكر في نفسك قائلًا: "يكتشف الآخرون الأمور السرية التي فعلتها والأكاذيب التي قلتها لأخدعهم. يا له من أمر مخزٍ! كنت أظن أنني على ما يرام، وأنني تركت لدى الناس انطباعًا جيدًا، أما الآن، وبعد أن حلّلت نفسي وكشفتها، لا يعتقد أحد أنني جيد مطلقًا. ماذا أفعل؟" عليك أن تصلي من أجل هذا أمام الله، وتقول: "يا الله، أريد أن أكون صادقًا. اليوم، أمارس الصدق، وأرجوك أن تدعني أوغل فيه أكثر. أرجوك أن تسمح لي أن أتخلى عن غروري، وألّا تتحكم بي هذه الدوافع الخادعة أو تقيدني. أريد أن أعيش في النور، ولا أريد أن أعيش في ظل مُلك الشيطان أو أن يقيدني الشيطان، ولا أريد أن تُلجمني الشخصية الشيطانية الفاسدة أو أن تتحكم بي وتقيدني، أو حتى أن تسبب لي الضرر". عندما تصلي بهذه الطريقة، سيمتلئ قلبك بمزيد من التألق دائمًا، وستقول لنفسك: "من الجيد أن أضع هذا موضع التطبيق. لقد وضعت الصدق موضع التطبيق، وأشعر أنني الآن فقط أعيش كشخص حقيقي". وحينما تصلي بهذه الطريقة، ألا يكون الله قد أنارك؟ لقد بدأ الله يعمل في قلبك، وقد أثر فيك، إذ سمح لك أن تقدِّر كيفية الشعور بكونك إنسانًا حقيقيًا. هذه هي الكيفية التي ينبغي بها ممارسة الصدق. في البداية لا يكون لديك مسار، ولكنك تجد مسارًا من خلال السعي إلى الصدق. عندما يبدأ الناس السعي وراء الصدق، لا يكون لديهم بالضرورة إيمان. ينطوي الافتقار إلى مسار على صعوبة أمام الناس، ولكنهم بمجرد أن يفهموا الحقيقة ويكون لديهم طريق للممارسة، تنعم قلوبهم بالمتعة؛ فإذا استطاعوا ممارسة الصدق والتصرف وفقًا للمبادئ، تنعم قلوبهم بالارتياح، ويفوزون بالانعتاق والحرية" (من "أكثر ممارسة جوهرية يمارسها الشخص الأمين" في "أحاديث مسيح الأيام الأخيرة"). وجدت في كلمات الله مبادئ الممارسة للتعامل مع الأكاذيب والخداع. يجب أولًا وقبل كل شيء أن نتخلى عن المصالح الشخصية. فهذا الجانب من الممارسة مهم على وجه الخصوص. الهدف من الكذب هو حماية مصالحك وتحقيق أهدافك. وعندما يكون هذا هو الهدف، فإنك تلجأ إلى الكذب والخداع. ولذلك، من الضروري التخلي أولًا عن الاهتمامات الشخصية. فهذا يساعد في معالجة مشكلة المكر. من المهم أيضًا أن تتأمل في النفس بانتظام، وتجعل الله يمحص كل كلمة من كلامنا وكل فعل من أفعالنا. عندما نجد أنفسنا نرغب في التحدث أو نسلك سلوك الخداع، يجب أن نتساءل عما نحاول تحقيقه. إذا أدركنا أننا نضمر نوايا خبيثة أو نكشف عن شخصية شريرة، فيجب أن نمثل سريعًا أمام الله للصلاة ونُغيِّر أنفسنا. يجب أن نمارس الصدق بوعي ونتعلم مصارحة إخواننا وأخواتنا، وكشف أفكارنا ووجهات نظرنا وفسادنا وعيوبنا، والسعي إلى الحق لعلاجها. تلك هي الطريقة الوحيدة للتطهير التدريجي لشخصية شيطانية مخادعة شريرة. بعد أن أدركت هذا، بحثت عن مشرفتي وصارحتها بدوافعي الدنيئة عندما تحدثت معها، واعتذرت. فلم ترفضني، بل وصارحتني أيضًا وقيّمنا النقائص في واجباتنا معًا. شعرت بالارتياح عند الممارسة بهذه الطريقة. شعرت أنني لم أعد أعيش في الظل، وقد منحني هذا راحة البال. لست متحررة تمامًا من شخصيتي المخادعة والشريرة والفاسدة، ولكنني أملك الإيمان والإرادة لأكون إنسانة صادقة ترضي الله وأركز على الصدق والمصارحة لتمحيص الله في كل شيء أقوله وأفعله في الحياة.

السابق: 2. الطريق إلى الملكوت ليس دائمًا مفروشًا بالورود

التالي: 4. عواقب فشل القيام بعمل فعلي

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

38. خَلُصتُ بطريقة مختلفة

بقلم هوانغ لين – الصيناعتدت أن أكون مؤمنةً عاديةً في المسيحية الكاريزمية، ومنذ أن بدأ إيماني بالرب لم يفتني اجتماعًا، خاصة أنه كان زمن...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب