58. الهروب من عرين الشياطين

بقلم: شياو كانغ، الصين

كنت في يوم اعتقالي في اجتماع مع أختين عندما جاء أكثر من 20 شرطيًا فجأةً. صرخوا فينا قائلين: "اثبتوا في أماكنكم، اجلسوا على الأرض!" ثم التقطوا صورًا لنا نحن الثلاثة قبل شروعهم في بعثرة محتويات المنزل كله رأسًا على عقب وكأنهم عصابة من قُطَّاع الطرق. وجد أحد رجال الشرطة في حقيبتي إيصالًا بمبلغ 200,000 يوان صيني من أموال الكنيسة. انقبض قلبي فيما قلت لنفسي: "بما أنهم وجدوا هذا الإيصال، سوف يسألونني بالتأكيد عن مكان أموال الكنيسة". أسرعت بالصلاة إلى الله وطلبت منه أن يساعدني لئلا أخونه كما فعل يهوذا وأن يسمح لي بالتمسك بشهادتي له. ثم سألني شرطي: "هل هذه حقيبتكِ؟" وعندما لم أجب، صفعني بشدة على وجهي وركلني عدة مرَّات. ثم نقلونا بالإجبار إلى سيارة الدورية.

بعد وصولنا إلى مكتب الأمن العام، فُرِّقنا ونُقلنا للاستجواب. سألني قائد لواء الأمن الوطني عن رتبتي القيادية ومع من كنت أجتمع في المعتاد. عندما لم أرد، التقط كتابًا وضربني به على وجهي ورأسي عدة مرَّات متسببًا بألم مبرح في وجهي. قلت لنفسي: "ما نوع التعذيب الذي سيُعرضونني له لانتزاع 200,000 يوان صيني مني؟ هل سأتمكن من مقاومة التعذيب؟ ماذا لو سقطت وخنت الله مثل يهوذا؟" فيما خطرت لي هذه الأفكار، سرعان ما شعرت بالقلق وطلبت من الله أن يمنحني الإيمان والقوة. ثم فكرت في كلمات الله التي تقول: "قد يبدو الذين في السلطة أشرارًا من الخارج، لكن لا تخافوا؛ لأن هذا سببه أن إيمانكم ضئيل. ما دام إيمانكم ينمو، فلن يستعصي عليكم أمرٌ" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الخامس والسبعون). قلت لنفسي: "هذا صحيح. فمهما كانت شراسة رجال الشرطة هؤلاء، فإنهم جميعًا بين يديَّ الله. ولا يمكنهم أن يمسوني بسوء دون سماح من الله. يجب أن أؤمن بالله وأضع نفسي بين يديه. مهما كانت الطريقة التي تعاملني بها الشرطة، يجب أن أتكل على الله وأتمسك بشهادتي له". سألتهم بغضب: على أي أساس اعتقلتمونا وضربتمونا؟ ما القانون الذي انتهكناه؟" فأجاب شرطي آخر بصرامة: "ما زلتِ تنكرين ذنبكِ، أليس كذلك؟ الإيمان بالله القدير يخالف القانون ويخالف الحزب ويخالف وطننا!" فأجبته قائلةً: "إن كل ما نفعله في إيماننا هو أننا نجتمع ونقرأ كلام الله. لا ننخرط في السياسة أبدًا، فكيف نكون ضد الحزب والدولة؟ أنت تنتهك القانون عمدًا باعتقالنا وضربنا دون سبب". ثار غضبًا لدرجة أنه كان على وشك أن يضربني. ولكن حينها جاء ضابط آخر وأخبرهم بالذهاب لتناول العشاء ومواصلة الاستجواب في وقت لاحق من تلك الليلة.

نقلوني في ذلك المساء إلى فندق واستمروا في استجوابي بخصوص من كان يحتفظ بمبلغ 200,000 يوان صيني من أموال الكنيسة ومكان وجود الأموال. صفعني ضابط بشدة عندما لم أجب حتى بدأت أتلوى من الألم وكان خدايّ يؤلمانني بحرقة. حاول قائد لواء الأمن الوطني تخويفي قائلًا: "لقد اعتقلنا قبل أيام قليلة العديد من قياداتكِ العليا. كنا نتابعكِ منذ فترة ونعلم أنكِ قائدة. من الأفضل أن تتعاوني معنا تعاونًا كاملًا وإلا سوف نضربكِ حتى الموت!" تجاهلته وواصلت الصلاة إلى الله في قلبي، طالبةً منه أن يمنحني الشجاعة والحكمة لئلا أخاف الشيطان. وبعد ذلك، تصنَّع ضابط آخر ابتسامةً وقال: "كل ما عليكِ فعله هو إخبارنا بما تعرفينه وبعد ذلك يمكنكِ العودة إلى المنزل. لا تزال طفلتكِ صغيرة جدًا ولا يوجد شخص آخر يعتني بوالديكِ. كيف سيتصرفون إذا لم تكوني موجودة في المنزل من أجلهم؟ أخبرينا فقط بما تعرفينه الآن وإلا سوف تذهبين إلى السجن!" قلت لنفسي عند سماع هذا: "والديَّ في السبعينيات من العمر وابنتي لا تزال صغيرة جدًا. من سيعتني بهم إذا حُكم عليَّ بالسجن؟" وفيما فكرت في هذا، لم يسعني إلا البكاء. وعندئذٍ فكرت في كلمات الله التي تقول: "في كل وقت يجب أن يحترس شعبي من خطط الشيطان الماكرة، ويحرسوا لي بوابة بيتي، وينبغي أن يكونوا قادرين على أن يدعم بعضهم بعضًا، ويعيل بعضهم بعضًا، بحيث تتفادوا السقوط في فخ الشيطان، الذي لو حدث سيكون قد فات أوان الندم" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كلام الله إلى الكون بأسره، الفصل الثالث). ذكَّرتني كلمات الله بأن الشيطان كان يحاول استغلال قلقي على أفراد عائلتي كي يغويني لخيانة الله. ولم أقع في فخه. فكرت في مقطع آخر من كلمات الله يقول: "لماذا لا تودعها بين يدي؟ أليس لديك إيمان كافٍ بي؟ أم إنَّك تخشى أن أتَّخذ ترتيبات غير مناسبة لك؟ لماذا تقلق دائمًا على عائلة جسدك؟ وتفتقد دومًا أحبابك! هل لي مكانة معينة في قلبك؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل التاسع والخمسون). كانت مصائر ابنتي ووالديَّ كلها في يديّ الله في الواقع، والله هو من يأمر بها ويُرتِّبها، فما الذي يجب أن أقلق بشأنه؟ ينبغي أن أستودعهم لله وألا أخون إخوتي وأخواتي بسبب قلقي على عائلتي. قطعت يمينًا في صمت: "حتى لو بقيت في السجن لبقية حياتي، لن أخون إخوتي وأخواتي ولن أخون الله أبدًا!" جاء ضابط آخر عندئذٍ وقال إنهم بحاجة إلى استجواب الأختين الأخريين أولًا، وعندها انتقلوا إلى غرفة مجاورة تاركين وراءهم ضابطين فقط لحراستي. وبعد ذلك بقليل، سمعت صوتًا تقشعر له الأبدان من صرخات أخواتي المتكررة. شعرت بالغضب، فقد كنا كمؤمنين بالله وكأتباع له نسير في الطريق الصحيح ولا نخالف أي قوانين، ومع ذلك اعتقلنا الحزب الشيوعي الصيني وعاملنا بوحشية! فكرت في كلمات الله التي تقول: "لقد بقيت هذه الأرض أرض الدنس لآلاف الأعوام. إنها قذرة بصورة لا تُحتمل، وزاخرة بالبؤس، وتجري الأشباح هائجة في كل مكان، خادعة ومخادعة ومقدِّمة اتهامات بلا أساس، وهي بلا رحمة وقاسية، تطأ مدينة الأشباح هذه، وتتركها مملوءة بالجثث الميّتة؛ تغطي رائحة العفن الأرض وتنتشر في الهواء، وهي محروسة بشدة. مَن يمكنه أن يرى عالم ما وراء السماوات؟ ... الآباء الأقدمون؟ القادة الأحباء؟ كلّهم يعارضون الله! ترك تطفّلهم كل شيء تحت السماء في حالة من الظلمة والفوضى! الحرية الدينية؟ حقوق المواطنين المشروعة ومصالحهم؟ كلها حيلٌ للتستّر على الخطية!" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. العمل والدخول (8)). الحزب الشيوعي الصيني شيطان يكره الله ويقاومه. وتجسد الله وخلاصه للبشر مناسبة مبهجة حقًا، لكن الحزب الشيوعي الصيني يمنع الله من المجيء إلى الأرض. لن يسمحوا لنا أن نؤمن بالله ونتبع الله ونسير في الطريق الصحيح. إنهم يلاحقون المسيح بشراسة ويعاقبون أتباع الله بشدة. إنهم دائبون على استئصالنا جميعًا ومحونا وقمع عمل الله للوصول إلى السيادة الأبدية وإشباع طموحهم الجامح للسيطرة على البشرية؛ إنهم عدائيون بالفعل. كرهت الحزب الشيوعي الصيني، هذا الشيطان القديم، بكل جوارحي، وكلما اضطهدوني، ازدادت رغبتي في اتباع الله. مهما كان مقدار المعاناة، كنت على استعداد للتمسك بشهادتي لله لإذلال الشيطان.

لاحقًا، بعد الساعة الرابعة صباحًا بقليل، استلقى الحراس على أسرَّتهم وخلدوا إلى النوم. اعترتني رغبة عارمة في الهروب من هناك، ولكنني قلقت أيضًا من أنه إن لم أنجح وتمت إعادتي سوف تستخدم الشرطة أساليب تعذيب أشد قسوة معي. وسرعان ما صلَّيت إلى الله: "يا إلهي! إن كنتَ قد هيأت هذا الطريق لي، أرجو أن تغمرني بالإيمان والشجاعة والحكمة التي أحتاج إليها للهروب من عرين الأسد هذا". وبعد أن أنهيت صلاتي فكرت في كلمات الله التي تقول: "لا يوجد في كل ما يحدث في الكون شيءٌ لا تكون لي فيه الكلمة الفصل. هل يوجد أي شيء خارج سيطرتي؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كلام الله إلى الكون بأسره، الفصل الأول). منحتني كلمات الله القوة: فالله قدير ويسود على كل شيء. والشيطان أيضًا في حوزة الله. فكرت في كيف أن موسى عندما كان يقود بني إسرائيل خارج مصر وكان محاصرًا بين المركبات من ورائهم والبحر الأحمر أمامهم، سرعان ما نادى يهوه الله ففتح الله طريقًا لهم وقسَّم مياه البحر الأحمر وكشف عن شريط من اليابسة على طول المنتصف. وبعد أن مر بنو إسرائيل عبر البحر الأحمر، أغلق الله بسرعة الطريق عبر المياه العالية، فابتلع المصريين الذين كانوا يطاردونهم أثناء ذلك. بعد أن أدركت أن جميع الأشياء تخضع لسيادة الله، شعرت بقدر أقل من الخوف وكان لديَّ الشجاعة والإيمان للهروب. فتحت الباب بهدوء وأغلقته برفق في طريقي للخروج قبل أن أشق طريقي بتمهل إلى الطابق الأول، بينما كنت أحمل نعلي في يديَّ. لم يوجد أحد على المكتب الأمامي، ولكن عندما وصلت إلى مدخل المبنى، رأيته مغلقًا. قلت لنفسي: "لن أتمكن من الهروب الآن. من الأفضل أن أعود. إن اكتشف رجال الشرطة ما فعلته، سوف يضمنون ضربي ضربًا مبرحًا". شعرت بالتوتر الشديد وكانت دقات قلبي تتسارع. ولكن لدهشتي، لاحظت فجأةً مخرجًا خلفيًا في طريق عودتي إلى الدرج الثاني. ولذلك، مشيت رويدًا لإلقاء نظرة، لكن ذلك الباب كان مغلقًا أيضًا مما يعني خيبة أمل أخرى. قلت: "يا إلهي! لن أحاول الهروب ما لم تسمح بذلك. أنا على استعداد للخضوع لتنظيماتك وترتيباتك. إن حصلت على إذنك، أرجو إذًا أن تهيئ طريقًا لي". سحبت القفل بعناية، وكم كانت دهشتي عندما انفتح مباشرةً! شعرت بسعادة غامرة وركضت من الباب الخلفي بأسرع ما يمكن. ركضت بكل قوتي، وبعد رحلة شاقة وصلت أخيرًا إلى منزل عمتي على مسافة حوالي 4 كيلومترات.

بمجرد أن جلست في منزل عمتي، سمعت فجأةً عويل صفارات إنذار الشرطة عبر الشارع – وهو النوع نفسه الذي كانت الشرطة تستخدمه عند ملاحقة المجرمين الخطرين. بمجرد التفكير في الوجوه المتجهمة لأولئك الضباط وصنوف تعذيبهم المختلفة، شعرت بالذعر والقلق من أن يخطفوني في أي لحظة. وعندئذٍ منحتني كلمات الله التشجيع من جديد: "لا تخف، سيكون الله القدير رب الجنود بلا ريب معك؛ هو يحمي ظهركم وهو دِرعكم" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل السادس والعشرون). منحتني كلمات الله تدفقًا فوريًّا من الشجاعة والإيمان. فعندما يكون الله سندًا لي، ما الذي يجب أن أخافه؟ ألم ينقذني الله بالفعل من عرين الأسد؟ كان عليَّ أن أؤمن بالله وأضع نفسي بجملتي بين يديه. لقد سبق الله وحدد بالفعل مقدار المعاناة التي سألقاها، وإن اُعتقلت مرَّة أخرى، لن يكون هذا إلا بإذنه. عندما فكرت هكذا، شعرت بالهدوء نوعًا ما، ولكنني فكرت حينها في كيفية اعتراض ابن عمتي وزوجته على إيمان عمتي بالله، بل وأرادا إرسالها إلى مركز الشرطة في أكثر من مرَّة. لم أكن متأكدة مما سيفعلانه إذا اكتشفا أن الحزب الشيوعي الصيني كان يبحث عني، ولذلك علمت أنني يجب أن أغادر في أسرع وقت ممكن.

قصصت شعري وغيرت ملابسي لضمان عدم التعرف عليَّ. وبعدها، في صباح اليوم الثالث من إقامتي مع عمتي، تسللت خارجةً من المنزل في حوالي الساعة الرابعة صباحًا. ركبت دراجتي لمسافة 20 كيلومترًا على طول الطرق الخلفية إلى منزل الأخت دونغ إن. تذكرت أنني رتبت للدردشة مع عدد قليل من الأخوات كل يوم في وقت الظهيرة تقريبًا، لكنهن لم يعرفن أنني اُعتُقلت وأن هاتفي كان في يد الشرطة، فإن اتصلن بي سوف يُراقَبن ويُعتقَلن في النهاية. ولذلك، اشتريت بطاقة هاتف جديدة واتصلت لأطلب منهن إيقاف تشغيل هواتفهن فورًا. ولسوء الحظ، كانت الشرطة تراقب مكالماتهن بالفعل، وبمجرد أن اتصلت بهن حددت الشرطة موقعي فورًا. بعد بضعة أيام، وفي حوالي الساعة السابعة مساءً، حشد الحزب الشيوعي الصيني قوة ضخمة من الشرطة تتألف من ضباط مكتب الأمن العام والشرطة المسلحة وعناصر فرقة التدخل السريع للبحث عني واعتقالي في قرية دونغ إن. بمجرد أن علم زوج دونغ إن بالأمر، سرعان ما أخبرني أن الشرطة حاصرت القرية وجاءت على الأرجح للإمساك بي. بدأت دقات قلبي تتسارع ارتعادًا في تلك اللحظة، وركضت مسرعةً إلى الطابق السفلي دون حتى أن أُغيِّر نعلي. عندما نزلت إلى الطابق الأول، استقبلتني فورًا الأخت ليو يي التي كانت تعيش أيضًا في القرية نفسها. أمسكت بي وانطلق كلانا خارج المنزل إلى حقل فول صويا على مسافة حوالي خمسين مترًا. وما إن جلسنا القرفصاء في ذلك الحقل حتى اقتحم فريق يتألف من سبعة أو ثمانية ضباط منزل دونغ إن وبدأ تفتيش كل طابق باستخدام مصابيح كاشفة. وعندما لم يعثروا عليَّ بعد البحث لأكثر من نصف ساعة، أخذوا زوج دونغ إن بدلًا مني. اختبأت أنا وليو يي في حقل فول الصويا ذاك إلى حوالي الساعة الحادية عشرة من تلك الليلة، وعندئذٍ قررتْ العودة إلى منزل دونغ إن لترى كيف كانت الأمور، معتقدةً أن الشرطة كانت قد غادرت بالفعل. غابت لفترة طويلة، فشعرت بقلق بالغ عليها، لكنني لم أجرؤ على التصرف بتهور. وفجأةً، توقفت سيارة شرطة خارج المنزل، وبعد لحظات شاهدت الشرطة تنقل ليو يي إلى سيارة الدورية بينما كنت مغلوبة على أمري. لم أستطع حبس دموعي وكرهت نفسي لأنني تركت ليو يي تعود إلى المنزل، ولكن كان كل ما استطعت فعله حينها هو أنني صلَّيت صلاة صامتة من أجلها.

لم أجرؤ في ذلك الوقت على الذهاب إلى أي من منازل الإخوة والأخوات ولم أعرف إلى أين يجب أن أهرب، ولذلك بدأت في الركض بلا هدف ناحية الجنوب. لكن بعض كلاب القرية لم تتوقف عن مطاردتي والنباح. خشيت أن يأتي رجال الشرطة للبحث إذا سمعوها، ولذلك اختبأت بسرعة في حقل ذرة. ولم يمر وقت طويل حتى سمعت محركات دراجات بخارية صغيرة تدور في الجوار فشعرت بالذعر تقريبًا. قلت لنفسي: "يستحيل أن أهرب مع وجود الكثير من رجال الشرطة هنا يبحثون عني. إنهم يعرفون أنني قائدة ولديهم ذلك الإيصال. إذا أمسكوني مرَّة أخرى، فسوف يقتلونني بالتأكيد. هل مصيري حقًا أن أُقتَل على يد الحزب الشيوعي الصيني في مثل هذا السن المبكر؟" بعد أن أدركت هذا، أصبحت قانطة بعض الشيء، ولكنني بعد ذلك تذكرت أن كلمات الله تقول: "مَنْ من بين كل البشر لا يحظى بعناية في عيني القدير؟ مَنْ ذا الذي لا يعيش وسط ما سبق القدير فعيَّنه؟ هل تحدث حياة الإنسان ومماته باختياره؟ هل يتحكَّم الإنسان في مصيره؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كلام الله إلى الكون بأسره، الفصل الحادي عشر). في الواقع، كان مصيري بين يديّ الله، وكان الله صاحب الكلمة الأخيرة فيما إذا كنت سأعيش أم أموت. إن لم يسمح الله بالاعتقال والتعذيب حتى الموت من الحزب الشيوعي الصيني، لن تتمكن الشرطة بالتأكيد من إنهاء حياتي. عندما هاجم الشيطان أيوب وأغواه، فإنه لم يحصل على إذن الله بقتل أيوب، ولذلك لم يتمكن إلا من إيذاء جسده فقط دون أن يأخذ حياته. فكرت في مقطع آخر من كلمات الله يقول: "ولذلك، أثناء هذه الأيام الأخيرة يجب أن تحملوا الشهادة لله. بغض النظر عن مدى حجم معاناتكم، عليكم أن تستمروا حتى النهاية، وحتى مع أنفاسكم الأخيرة، يجب أن تظلوا مخلصين لله، وتحت رحمته. فهذه وحدها هي المحبة الحقيقية لله، وهذه وحدها هي الشهادة القوية والمدوّية" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اختبار التجارب المؤلمة هو السبيل الوحيد لكي تعرف روعة الله). غمرني كلام الله بالإيمان. كنت أعلم أنني بحاجة إلى وضع نفسي بين يديّ الله والخضوع لتنظيماته وترتيباته. فحتى لو كان نَفسي الأخير، كان عليَّ أن أبقى مخلصة لله وألا أخونه أبدًا. فكرت في بطرس الذي بعد أن عانى من جميع أنواع الاضطهاد والمشاق، كان على استعداد أن يُصلب بالمقلوب ليشهد على محبته لله. وعلى مر العصور، ضحى عدد لا يُحصى من القديسين بحياتهم لنشر الإنجيل، حاملين شهادة مدوية لا تلين لله لإحباط الشيطان وإذلاله. كانت القدرة على اختبار هذا الاضطهاد وهذه المشقة ووجود الفرصة للشهادة لله بركة في الواقع. عندما أدركت هذا، غمرني شعور متجدد بالشجاعة، ولذلك صلَّيت إلى الله متعهدةً له أنني سأشهد له أمام الشيطان حتى لو كان ذلك يعني المخاطرة بحياتي. وبعد الصلاة، بدأ خوفي يتناقص وبدأت أفكر في كيفية الاتكال على الله للهروب. كنت أعرف أنني لا أستطيع أن أسلك طريقًا رئيسيًا، ولذلك اتجهت إلى الغابة على أطراف القرية وشققت طريقي عبرها، وأحيانًا كنت أركض على طول حافة النهر. وبفضل حفظ الله، تمكنت أخيرًا من الهروب من القرية سالمةً.

عندما خرجت من الغابة، كان الوقت متأخرًا بالفعل ولم أكن متأكدة من المكان الذي يجب أن أذهب إليه، ولذا قررت التوجه إلى منزل أختي على مسافة حوالي 10 كيلومترات. سمعت دراجات بخارية صغيرة تسير على الطريق الرئيسي وأدركت أن الشرطة كانت لا تزال تحاول محاصرتي وقطع الطريق عليَّ، فركضت حافية القدمين عبر ممرات صغيرة في الغابة. وبعد حوالي كيلومترين أو ثلاثة، مررت عبر بعض حقول الأرز وشُقت قدمي بسبب قطعة من الطوب، ولكن لم يوجد وقت للاعتناء بالألم. واصلت الركض للأمام بأسرع ما يمكن. وصلت في النهاية إلى طريق من الحصى، وقد كان الطريق الوحيد إلى منزل أختي. كان الحصى يضغط على الجرح الذي أصاب قدمي مما تسبب بألم مبرح، ولكن لم يكن أمامي إلا أن أتحمل على مضض لأنني لم أجرؤ على التوقف. عندما كنت على وشك المرور بجوار محطة ضخ كهربائية، سمعت دراجة بخارية صغيرة تقترب من ورائي، فأسرعت للاختباء بين بعض الشجيرات على جانب الطريق. توقفت الدراجة البخارية الصغيرة بجانب المحطة، وسأل ضابط شرطة الرجل العجوز الذي كان يعمل حارسًا هناك عما إذا كان قد رأى امرأة تمشي بجواره. فقال الرجل العجوز إنه لم يرَ شيئًا. قلت لنفسي: "لا يمكنني مواصلة التجوال على طريق الحصى هذا. ينبغي أن أعود للسير على طول حقول الأرز أو الطرق الخلفية؛ فقد أتمكن من تجنب الشرطة بهذه الطريقة". وبعد نصف كيلومتر آخر أو نحو ذلك، عند اقتراب الفجر ببطء، اعتقدت أن الشرطة قد توقفت بعد البحث عني طوال الليل وأنه يمكنني العودة إلى الطريق الرئيسي. ولكنني اندهشت إذ لمحت فجأةً قائد لواء الأمن الوطني واثنين من رجال الشرطة على مسافة خطوات قليلة. كان أحدهم جالسًا على دراجة بخارية صغيرة، والثاني واقفًا بجانب الدراجة البخارية الصغيرة، والثالث جالسًا القرفصاء على الأرض. ارتعدت للغاية وبدأت دقات قلبي تتسارع. قلت لنفسي: "أنا في ورطة الآن ويستحيل أن أهرب. ركضت طوال الليل، لكنني ما زلت لم أتمكن من الهروب من براثنهم". وسرعان ما صلَّيت إلى الله: "يا إلهي! أنت تسود على جميع الأشياء. إن سمحت باعتقال الشرطة لي، فإنني مستعدة للخضوع وترك كل شيء يجري وفقًا لتنظيماتك". شعرت بالهدوء نوعًا ما بعد الصلاة، وبعد تسوية شعري وقفت في مكاني لبضع ثوانٍ ثم تقدمت خطوة إلى الأمام. إذا أرادوا اعتقالي، فسوف يمكنهم ذلك بسهولة في ذلك الوقت، ولكنني اندهشت من أنهم بقوا في مكانهم بلا حراك وكأنهم ثلاث منحوتات خشبية. بدا أنهم لم يتعرفوا عليَّ لأنني قصصت شعري وغيرت ملابسي وبدوت مختلفة تمامًا عما كنت عليه عندما اعتقلوني في البداية. عندما رأيت أنهم لا يتفاعلون معي، شعرت بقليل من الشجاعة والثقة وواصلت السير إلى الأمام. بينما كنت أمر عليهم، كنت أحبس أنفاسي متوترةً. فقد كان الأمر وكأن كل شيء حولي قد تجمد. رأيت طريقًا قصيرًا يتجه شرقًا، ولذلك سرت نحوه بتمهل، لكن الضباط الثلاثة لم يتحركوا بعد. رأيت مرَّة أخرى سيادة الله القدير. عندما ابتعدت عنهم بحوالي 10 أمتار، سمعت القائد يصرخ من ورائي: "شياو كانغ، شياو كانغ، هل هذه أنتِ شياو كانغ؟" لا بد وأنه ناداني صارخًا أربع أو خمس مرَّات. عندما سمعته يصرخ مناديًا اسمي، تسارعت نبضات قلبي وارتعدت خوفًا. كان أكثر ما أريده هو أن أنطلق في ركض محموم، لكن ساقيَّ لم تطاوعا أوامر دماغي. خطر لي أنه إذا ركضت بسبب ذلك، فسوف يعرفونني وسيأتون لمطاردتي. أسرعت للصلاة إلى الله طالبةً منه أن يمنحني الهدوء ولا يدعني أشعر بالذعر. وبعد الصلاة شعرت بالهدوء نوعًا ما. وعلى الرغم من أن رجال الشرطة كانوا ينادوني، فإنني تجاهلتهم وواصلت المشي. لم يأتِ أي من رجال الشرطة لمطاردتي. وبمثل هذه الطريقة، وبحفظ الله، هربت من أمام أعينهم تمامًا.

جعلني هذا الهروب المحفوف بالمخاطر بما يفوق الوصف أفكر في مقطع من كلمات الله: "بغضّ النظر عن مدى "قوّة" الشيطان، وبغضّ النظر عن مدى جرأته وتطلّعه، وبغضّ النظر عن مدى قدرته على إلحاق الضرر، وبغضّ النظر عن مدى اتّساع نطاق طرقه التي يُفسِد بها الإنسان ويغويه، وبغضّ النظر عن مدى مهارة الحيل والأفكار التي يُرهِب بها الإنسان، وبغضّ النظر عن مدى قابليّة هيئته التي يوجد عليها للتغيّر، إلّا أنه لم يقدر قط على خلق شيءٍ حيّ واحد، ولم يقدر قط على وضع قوانين أو قواعد لوجود جميع الأشياء، ولم يقدر قط على حكم ومراقبة أيّ كائنٍ، سواء كان مُتحرّكًا أو غير مُتحرّكِ. داخل الكون والجَلَد لا يوجد شخصٌ أو كائن واحد وُلِدَ منه أو يوجد بسببه؛ ولا يوجد شخصٌ أو كائن واحد يخضع لحكمه أو سيطرته. وعلى العكس، فإنه لا يتوجّب عليه أن يعيش في ظلّ سلطان الله وحسب، ولكن، علاوة على ذلك، يتعيّن عليه أن يطيع جميع أوامر الله وفروضه. فبدون إذن الله، من الصعب على الشيطان أن يلمس حتّى قطرة ماءٍ أو حبّة رملٍ على الأرض؛ وبدون إذن الله، لا يملك الشيطان حتّى حريّة تحريك نملةٍ على الأرض – ناهيك عن تحريك الجنس البشريّ الذي خلقه الله" (الكلمة، ج. 2. حول معرفة الله. الله ذاته، الفريد (أ)). رأيت أن الله قدير ويسود على جميع الأشياء ويملك السلطان المطلق والنهائي. لقد أعمى الله رجال الشرطة، مما سمح لي بالمرور دون أن يلاحظني أحد. بالنظر إلى هاتين الحالتين من قمع الحزب الشيوعي الصيني واعتقاله لي، أدركت أن قوى الله لا يحدها مكان. فعند اعتقالي، هيأ الله لي طريقًا للخروج وسمح لي بالهروب دون حادثة. حشدت الشرطة عملية ضخمة للعثور عليَّ واعتقالي، وطوقت المنزل والقرية التي كنت أقيم فيها، لكنها لم تتمكن من الإمساك بي. ثم حاولوا مطاردتي وقطع الطريق عليَّ، لكنهم لم يتعرفوا عليَّ عندما سرت بجانبهم. كلما فكرت في الأمر، شعرت أن الله قدير بالفعل، ومهما كانت وحشية تصرف الشيطان، فإنه لا يمكن أن يمسني دون إذن الله.

أخبرني بعض الإخوة والأخوات لاحقًا أن الحزب الشيوعي الصيني وضع لافتات للمطلوب اعتقالهم تعرض صورتي مع تعليق يقول "مجرمة خطيرة في تعطيل النظام الاجتماعي" عبر أنحاء المقاطعة. كانت الشرطة أيضًا تمر عبر حافلات المدينة بصورتي وتسأل عما إذا كان أي شخص يعرف مكاني. ونظرًا لأن الشرطة كانت لا تزال تبحث عني، لم أستطع الخروج بتاتًا لأداء واجباتي واُضُطررت للاختباء في منزل عائلتي المضيفة، وكنت دائمًا متوترة الأعصاب. وبعد ذلك، لم أخرج من المنزل لأكثر من عام وشعرت بالكبت والاكتئاب. كنت أشعر أحيانًا أنه من الصعب والمؤلم للغاية أن أؤمن بالله في بلد التنين العظيم الأحمر. رأيت مقطعًا من كلمات الله يقول: "ولأنه يتم في أرضٍ تُعارضه، فإن عمل الله كله يواجه عقبات هائلة، كما أن تحقيق الكثير من كلماته يستغرق وقتًا، ومن ثمَّ تتم تنقية الناس كنتيجة لكلمات الله، وهذا أيضًا أحد جوانب المعاناة. إنه لأمرٌ شاقٌ للغاية أنْ يقوم الله بتنفيذ عمله في أرض التنين العظيم الأحمر، لكنه يُتَمِّمَ من خلال هذه المعاناة مرحلةً واحدةً من عمله ليُظهِرَ حكمته وأعماله العجيبة، وينتهزُ هذه الفرصة ليُكَمِّلَ هذه الجماعة من الناس" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. هل عملُ الله بالبساطة التي يتصورها الإنسان؟). أدركت أن الله لم يكن يتسبب في معاناة الناس عمدًا، بل كان يستخدم الظروف المعاكسة التي أوجدها اعتقال الحزب الشيوعي الصيني واضطهاده للمؤمنين لتكميل إيمان الناس ومحبتهم وتكوين مجموعة من الغالبين.

عند التأمل في هذه التجربة بأكملها – من الاعتقال إلى الهروب وحتى الآن – واجهت قدرًا كبيرًا من المشقة، لكن ذلك جعلني أُميِّز بوضوح الجوهر الشيطاني لمقاومة الحزب الشيوعي الصيني لله. لم يعد الحزب الشيوعي الصيني قادرًا على خداعي، وتخليت عنه تمامًا. وفي الوقت نفسه، رأيت عن كثب وبصفة شخصية أن الله كان معي في كل خطوة على الطريق، وكان يساعدني متى احتجت ويهيئ لي الطريق مرارًا وتكرارًا. منحني كلام الله الإيمان والقوة وأرشدني للخروج من عرين الأسد مرَّة تلو الأخرى. عاينت سيادة الله القدير، وعمَّق هذا إيماني بالله. كلما فكرت في الأمر، أدركت أنني ربحت الكثير من خلال هذه المشقة وهذا الاضطهاد. ومع وضع هذا في الاعتبار، فإنني لا أعاني على الإطلاق بل أشعر وكأن الله أظهر لي نعمة وفضَّلني بالسماح لي باختبار عمله من خلال هذا الموقف العصيب. ومهما كانت الكيفية التي يطاردني بها الحزب الشيوعي الصيني ويضطهدني، سوف أستمر في السعي وراء الحق وأداء واجبي وأكافئ محبة الله!

السابق: 57. وأخيرًا تجرأت على الإبلاغ عن الإثم

التالي: 59. أهمية تبني الموقف الصحيح في واجبك

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

39. رحبت بعودة الرب

بقلم تشوانيانغ – الولايات المتحدةتركني شتاء 2010 في الولايات المتحدة أشعر بالبرد الشديد. كان الأسوأ من برودة الرياح والثلوج القارسة، أن...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب