59. أهمية تبني الموقف الصحيح في واجبك

بقلم: إيلا، الفلبين

في أكتوبر 2020، قبلتُ عمل الله القدير في الأيام الأخيرة. كنت أحضر الاجتماعات وأعقد شركة بنشاط حول فهمي لكلام الله، وبعد شهرين، أصبحت قائدةً لمجموعة اجتماعات. أتذكر أنه في المرة الأولى التي استضفت فيها اجتماعًا، كنت متحمسةً ومتوترة. ملأني الحماس لأداء بواجبي، لكنني كنت متوترة لأنني خشيت إذا لم أكن مضيفة جيدة، فقد يزدريني إخوتي وأخواتي. اعتقدت أن الطريقة التي تستضيف بها قائدتنا الاجتماعات كانت جيدة جدًا، لذلك كنت متأكدةً من أنه يمكنني استضافة الاجتماع بشكل جيد إذا فعلت ذلك على طريقتها، ثم ستمدحني قائدة الكنيسة ويحترمني إخوتي وأخواتي. فاستضفت الاجتماع اقتداءً بقائدتنا. عندما طرحت أسئلة على إخوتي وأخواتي، تفاعلوا معي، وعندما قدمت لهم شركة، قالوا "آمين" بالاتفاق. بعد الاجتماع، قالت قائدة الكنيسة إنني كنت مضيفة جيدة. شعرت بسعادة وفخر غامرين عندما سمعت مديح القائدة. ولم يمض وقت طويل حتى اُخترتُ بصفتي شماسة سقاية. كنت متحمسة جدًّا، واعتقدت أنني قد اُخترتُ للمنصب لأنني أمتلك مقدرة جيدة. في البداية، لم أكن أعرف كيف أؤدي العمل، لكنني لم أرغب في أن يخيب ظن إخوتي وأخواتي بي. لذلك، في كل اجتماع، ركزت على أن أجد العناصر المهمة التي نوقشت في كلام الله. وهكذا، ستكون شركتي واضحة وتغطي النقاط الرئيسية وسيعتقد إخوتي وأخواتي أنني أمتلك فهمًا جيدًا وعندها سيُعجبون بي. لكن بعد أن أقمت الشركة، عندما استمعت إلى شركات الآخرين، كنت ألاحظ أن ما أوصلته لم يكن واضحًا تمامًا. اعتراني القلق الشديد، وقلت لنفسي: "لن يعتقد أحد أنني أقدم شركة جيدة، وسينصب اهتمام الجميع على مَن قدموا شركة أفضل مني". كنت أخشى أن يزدريني إخوتي وأخواتي، لذا حاولت دائمًا تقديم شركة أفضل. لكنني لم أستطع تهدئة نفسي بما يكفي للتأمل في كلام الله. كلما أردت أن أقدم شركة جيدة، كلما ازدادت شركتي سوءًا. قلت لنفسي: "ماذا سيظن إخوتي وأخواتي بي؟ هل سيخيب أمل قائد الكنيسة بي؟ لماذا لا تكون شركاتي واضحة مثل شركات الآخرين؟ لماذا يقدمون الشركة بشكل جيد، لكن لا يمكنني ذلك؟" شعرت بالإحباط الشديد وفكرت في أنني يجب أن أعمل بجد أكبر لأتفوق عليهم.

بعد بضعة أشهر، وبسبب متطلبات عمل الكنيسة، أُرسِلتُ لأعِظَ بالإنجيل. بمجرد وصولي إلى هناك، سألت من هم قادة المجموعة ومن هو قائد الكنيسة. اعتقدت أنني طالما بذلت قصارى جهدي، يمكنني أن أحظى باستحسان قائدة الكنيسة وربما أكون قائدةً للمجموعة. بهذه الطريقة، سيتطلع إليّ إخوتي وأخواتي. عندما شاركت الإنجيل، كنت أصلي كثيرًا وأتكل على الله عندما كانت هناك أشياء لم أفهمها أو لم أستطع فعلها. بعد فترة، حققت بعض النتائج الجيدة في أداء واجبي، وهذا جعلني في أوْج سعادتي. لكنني شعرت أيضًا بالذنب لأنني كنت أعلم أن طريقة تفكيري خاطئة. كنت أعمل بجدّ أردت فقط لأنني أردت أن يحترمني الآخرون لا لأنني أردت أن أؤدي واجبي بشكل جيد. كان الله يفحص عقلي، وهو بالتأكيد يكره سعيي. مثُلتُ أمام الله وصليت وكنت مستعدة لإهمال مقصدي الخطأ. بعد أن صليت، شعرت ببعض التحسن. ومع ذلك، كنت ما أزال في كثير من الاحيان لا يسعني إلا أن أحاول حمل الآخرين على التطلع إليّ. عندما رأيت الآخرين يحققون نتائج جيدة من أداء واجباتهم، أردت أن أتفوق عليهم. كنت أعلم أنه من الخطأ التفكير بهذه الطريقة، لكنني لم أستطع السيطرة على نفسي. لم أستطع تهدئة نفسي بما يكفي لأؤدي واجبي. ازدادت حالتي سوءًا، وأصبحت غير فعالة في الوفاء بواجبي. فصليت إلى الله، لأطلب منه مساعدتي وإرشادي في معرفة نفسي.

ذات يوم، رأيت مقطعًا من كلمات الله في فيديو شهادة وقد منحني بعض المعرفة عن نفسي. يقول الله القدير، "يؤدي أضداد المسيح واجبهم على مضض لربح البركات. كما أنهم يستفسرون عما إذا كانوا سيتمكنون من استعراض أنفسهم وتطلع الآخرين إليهم من خلال أداء أحد الواجبات، وما إذا كان الأعلى أو الله سيعرف ما إذا كانوا يؤدون هذا الواجب. هذه هي جميع الأشياء التي يفكرون فيها عندما يؤدون واجبًا ما. الشيء الأول الذي يريدون تحديده هو الفوائد التي يمكن أن يحصلوا عليها من خلال أداء أحد الواجبات، وما إذا كان من الممكن أن ينالوا البركة. هذا هو الشيء الأهم بالنسبة إليهم. إنهم لا يفكرون أبدًا في كيفية مراعاة مشيئة الله وردّ جميل محبة الله، وكيفية الوعظ بالإنجيل والشهادة لله حتى ينال الناس خلاص الله والسعادة. كما أنهم لا يسعون أبدًا إلى فهم الحق أو كيفية معالجة شخصياتهم الفاسدة والعيش بحسب صورة إنسانية. إنهم لا يفكرون في هذه الأشياء أبدًا. إنهم لا يفكرون إلا فيما إذا كان بإمكانهم أن ينالوا البركة ويربحوا المنافع، وكيف يحصلون على موطئ قدم في الكنيسة وبين الجمهور، وكيف يكتسبون المكانة، يجعلون الناس ينظرون إليهم نظرة تقدير، وكيف يتميزون عن الآخرين ويصبحون الأفضل. إنهم ليسوا على استعداد لأن يكونوا أتباعًا عاديين. فهم يريدون دائمًا أن يكونوا الأوائل في الكنيسة، وأن يكون لهم القول الفصل، وأن يصبحوا قادة، وأن يجعلوا الجميع يستمعون إليهم. وعندها فقط يمكن أن يشعروا بالرضا. يمكنكم أن تروا أن قلوب أضداد المسيح ملآى بهذه الأشياء. هل يبذلون أنفسهم حقًا من أجل الله؟ هل يؤدون واجباتهم بصدق ككائنات مخلوقة؟ (لا). ماذا يريدون أن يفعلوا إذًا؟ (تقلد زمام السلطة). هذا صحيح. إنهم يقولون: "بالنسبة إلي، أريد في العالم الدنيوي أن أتفوق على أي شخص آخر. ينبغي أن أكون الأول في أي مجموعة. أرفض أن أكون في المرتبة الثانية، ولن أكون تابعًا أبدًا. أريد أن أكون قائدًا وأن يكون لي القول الفصل في أي مجموعة من الناس أكون فيها. إذا لم يكن لي القول الفصل، فسوف أجد طريقة لإقناعكم جميعًا، ولأجعلكم جميعًا تنظرون إلي نظرة تقدير، ولجعلكم تختارونني كقائد. بمجرد حصولي على المكانة، سوف يكون لي القول الفصل، وسوف ينبغي على الجميع الاستماع إليَّ. سيتعيّن عليكم فعل الأشياء بطريقتي، وأن تكونوا تحت سيطرتي". مهما يكن الواجب الذي يؤديه أضداد المسيح، فسوف يحاولون تقلّد منصب رفيع وتولّي المسؤولية؛ إذْ لا يمكنهم مطلقًا أن يكونوا أتباعًا عاديين بهدوء. وما الهاجس الذي يشغل بالهم أكثر من سواه؟ إنه الوقوف أمام الناس وتوجيه الأوامر إليهم، وتوبيخهم، وجعلهم يفعلون كما يقولون. إنهم لا يفكرون أبدًا بكيفية أداء واجبهم أداءً سليمًا، فضلًا عن أن يسعَوا إلى مبادئ الحق، أثناء أداء واجبهم، ليمارسوا الحق ويُرضوا الله. وعوضًا عن ذلك، يُجهدون عقولهم بحثًا عن طرق لتمييز أنفسهم، وجعل القادة يقدّرونهم ويُرَقّونهم لكي يتمكنوا هم أنفسهم من أن يصبح أحدهم قائدًا أو عاملًا، ويستطيع قيادة الآخرين. هذا ما يقضون اليوم كله يفكرون فيه ويتطلعون إليه. أضداد المسيح ليسوا على استعداد لأن يقودهم غيرُهم، ولا لأن يكونوا أتباعًا عاديين، فضلًا عن أن يؤدوا واجباتهم بهدوء ودون ضجيج. مهما تكن واجباتهم، إن لم يستطيعوا أن يتصدروا المشهد، وأن يكونوا أعلى من الآخرين، وأن يكونوا قادة، فلن يجدوا غايتهم في أداء واجباتهم، بل يصبحون سلبيين، وتبدأ همتهم في الفتور. ولولا ثناء الآخرين وإعجابهم لكان الأمر حتى أقل إثارةً لاهتمامهم، بل وتقل رغبتهم في أداء واجباتهم. أما إذا كانوا في الصدارة والمقدمة أثناء أداء واجباتهم، وكان لهم القول الفصل، فإنهم يشعرون بتعزيز موقفهم، ويتحملون أية مشقات. توجد لديهم دائمًا دوافع شخصية في أداء واجباتهم، ويريدون دومًا أن يتعالَوا على غيرهم كوسيلة لإشباع حاجتهم إلى التفوّق على الآخرين، وإرضاء أهوائهم وطموحاتهم" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع: لا يُؤدُّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يبيعون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء السابع)). بعد قراءة كلمات الله، فكرت على الفور في كل ما فعلته. شعرت بأن كل أفكاري وأفعالي قد كُشفت. كشفت كلمات الله أن أضداد المسيح لا يفكرون أبدًا في كيفية السعي إلى الحق ليؤدوا واجبهم بشكل جيد. بل يسعون للمكانة ويرغبون في قيادة الآخرين. إنهم لا يسمحون الآخرين بالتفوق عليهم، ويسيرون في طريق مقاومة الله. فكرت مرة أخرى كيف كانت كل سلوكياتي المختلفة تشبه أضداد المسيح: بمجرد أن شرعت في أداء واجبي، أردت أن يتطلع الجميع إليَّ. لذلك حذوت حَذْو قائدة الكنيسة عندما استضفت الاجتماعات. بذلت قصارى جهدي في التأمل في كلام الله خلال الاجتماعات، على أمل أن أقدم شركة واضحة وبطريقة منظمة. لم يكن مقصدي إحراز نتائج جيدة من الاجتماعات، ولكن لأظهر للجميع أنني قدمت شركة جيدة وواضحة. لقد كانت لنيل مديح إخوتي وأخواتي. وبعد ذهابي لنشر الإنجيل، لم أفكر في كيفية أداء واجبي لإرضاء الله. بل سألت أولًا من قادة المجموعة وقائد الكنيسة، على أمل أن اُختير كقائدة للمجموعة من خلال جهودي. بذلت قصارى جهدي للتباهي أمام إخوتي وأخواتي وقارنت نفسي بهم. وعندما رأيت الآخرين يحققون نتائج جيدة من أداء واجبهم، فشعرت بالغيرة وأردت دائمًا أن أتفوق عليهم وأن أكون الفُضلى. لقد فعلت كل شيء من أجل سمعتي ومكانتي ولم تكن إلا محاولة لإرضاء طبيعتي التنافسية. كيف يمكن ألا يكره الله سعيي؟ الواجب إرسالية من الله، وهو واجب ملزم ومسؤولية يجب أن نؤديها، لكني تعاملت معه وكأنه مهنتي. لقد استخدمت واجبي في السعي إلى المكانة وتحقيق هدفي المتمثل في جعل الناس يتطلعون إليّ. كيف يمكن أن يتوافق إضمار هذا المقصد غير السليم في أداء واجبي مع مشيئة الله؟ كرهت نفسي لفسادي الشديد. لم أعد أريد أن أعيش هكذا. أردت أن أتغير بأسرع ما يمكن.

بعد بضعة أيام، نُقلت إلى مجموعة أخرى لنشر الإنجيل. عندما وصلت لأول مرة، أردت فقط التركيز على عمل الإنجيل وأداء واجبي بشكل جيد. لاحظت أن الإخوة والأخوات هناك يؤدون واجباتهم على أكمل وجه. عندما كانوا يعظون بالإنجيل، كانوا يعقدون شركة عن حق عمل الله بوضوح شديد، وكان العديد ممن سمعوا بالإنجيل مستعدين للسعي وراءه والتحقيق فيه. عندما فكرت كيف كان وعظي غير مؤثر وكانت شركتي عن الحق مبهمة، وشعرت بخيبة أمل شديدة. حينذاك، تبددت عجرفتي شيئًا فشيئًا. لم أعد أجرؤ على الاعتداد بنفسي كثيرًا، ولم أرغب في محاولة حمل الآخرين على احترامي. في البداية، اعتقدت أنني حققت بعض التغيير، ولكن عندما رأيت إخوتي وأخواتي يتلقون الثناء على أداء واجباتهم بشكل جيد، لم أعد أرغب في البقاء في الخلفية. عندما نشرت الإنجيل، دعوت الناس بشكل محموم لسماع العظات، لكنني لم أحاول معرفة ما إذا كانوا يؤمنون حقًا بالله أو ما إذا كانوا يستوفون متطلبات التبشير. ومن ثمَّ، فقد دعوت بعض ضِعاف المؤمنين لحضور العظات، وسرعان ما غادروا اجتماع المجموعة. شعرت بالحزن الشديد وقلت لنفسي: "لمَ الأمر هكذا؟ أديت واجبي بشكل غير فعال. ماذا سيظن بي إخوتي وأخواتي؟ هل يعتقدون أنني أسوأ حالًا منهم؟" في تلك الأيام كنت سلبيةً جدًّا، وأردت البكاء أثناء الاجتماعات، لكنني كنت أتذكر دائمًا مقطعًا من كلمات الله. "ألا تدركون أنني أتحدث دائمًا عن الأمور بصراحة دون لف ولا دوران؟ لماذا تظلّون بلهاء، غير مبالين، وضعاف العقول؟ ينبغي أن تفحصوا أنفسكم بمزيد من التعمق، وإن كان ثمة أي شيء لا تفهمونه فعليكم أن تَمْثُلوا في حضرتي في معظم الأحيان" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أقوال المسيح في البدء، الفصل الثالث والستون). ذكرتني كلمات الله أنه يجب أن أتأمل وأدرس أكثر ما إذا كان لدي مقصد خاطئ في الوفاء بواجبي. من خلال التأمل، أدركت أن مشكلتي القديمة قد عادت: أردت جذب انتباه الناس ونيل احترامهم من خلال القيام بواجبي بشكل جيد. عندما أدركت ذلك، كنت في حالة ذهول شديد. لماذا كانت رغبتي في المكانة قوية جدًّا وفسادي عميقًا جدًا؟ والأسوأ من ذلك أنني كنت فاقدة الحسّ بذلك. لم أدرك حتى أن حالتي كانت خاطئة.

في إحدى المرات، عندما كنت أناقش حالتي مع إحدى الأخوات، أرسلت لي مقطعًا من كلمات الله. وربحتُ أخيرًا بعض المعرفة بنفسي بعد قراءته. تقول كلمات الله، "بعض الناس يؤلِّهون بولس على وجه الخصوص. إنهم يحبّون الخروج وإلقاء الخُطَب والقيام بالعمل، ويُحبّون حضور الاجتماعات والوعظ؛ ويُحبّون أن يستمع الناس إليهم، وأن يتعبّدوا لهم ويحيطوا بهم. إنَّهم يُحِبّون أن يحتلّوا مكانة في أذهان الآخرين، ويستحسنون تفخيم الآخرين للصورة التي يمثلونها. فلنحلل طبيعتهم من خلال هذه التصرفات: ما هي طبيعتهم؟ إذا تصرَّفوا حقًا على هذا النحو، فهذا يكفي لإظهار أنهم متكبّرون ومغرورون. إنهم لا يعبدون الله على الإطلاق؛ بل يسعون للحصول على مكانة أعلى، ويرغبون في أن يتسلَّطوا على الآخرين، وأن يمتلكونهم، وأن يحتلّوا مكانة في أذهانهم. هذه صورة كلاسيكية للشيطان. ما يميز طبيعتهم هو التكبر والغرور وعدم الرغبة في عبادة الله والرغبة في عبادة الآخرين لهم. يمكن لهذه السلوكيات أن تعطيك صورة واضحة للغاية عن طبيعتهم" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. كيفية معرفة طبيعة الإنسان). بعد قراءة كلمات الله، بدأت أتأمل في نفسي. يقول الله أن بولس أحبّ أن يتعبده الناس ويحيطون به وأحبّ أن يحتل مكانة في أذهان الآخرين وقد كان ممتنًا لذلك عندما قدّر الآخرون الصورة التي يمثلها. أردت أيضًا من إخوتي وأخواتي أن يتطلعوا إليّ. في الاجتماعات، أردت الشركة بشكل أفضل من الآخرين. وفي أداء واجبي، عندما رأيت الآخرين يحققون نتائج أفضل مني في عملهم، ظهرت طبيعتي التنافسية. أردت أن أكون أفضل منهم وأتفوق عليهم. كل ما قلته وفعلته كان مليئًا بالطموح والرغبة، وكانت شخصيتي متعجرفةً للغاية. كان مقصدي وسلوكي مماثلين لسلوك بولس. كانت طبيعة بولس متعجرفة ومتغطرسة. إنه لم يعبد الله، بل كان يتباهى ويشهد لنفسه في كل مكان وحاول حمل الآخرين على إجلاله وعبادته، وأراد أن يكون له مكان في أذهان الآخرين. كنت مثله تمامًا. أيًّا كان الواجب الذي أؤديه، كل ما قمت به كان من أجل الشهرة والمكانة، لا من أجل الوفاء بواجبي لإرضاء الله. وفي سعيي، كنت أقاوم الله وأدانني الله. هذا لأن السعي للمكانة لا يتعلق فقط بالحصول على منصب أو لقب؛ بل الغرض منه هو الحصول على مكان في أذهان الناس، وأن تجعل الآخرين يعبدونك. مثلما يقول الله: "هذه صورة كلاسيكية للشيطان". هذا مخيف للغاية حقًّا! ولأحظى بإعجاب الآخرين ، سعيت لتحقيق نجاح سريع في أداء واجبي ووعظت بالإنجيل بلا مبدأ، مما سمح لغير المؤمنين بالدخول إلى اجتماع المجموعة وإهدار وقت العاملين الإنجيليين وطاقتهم. لو دخل أولئك الأشخاص الكنيسة، لازداد الوضع سوءًا ولكان من الممكن أن يزعجوا عمل الكنيسة، كانت طبيعة هذه المشكلة بالغة الخطورة! إذا لم أتُب وأتغير، فسيمقتني الله بالتأكيد، لذلك لم أعد أرغب في السعي للمكانة وإعجاب الآخرين.

في الاجتماعات التالية، استمعت باهتمام إلى شركات إخوتي وأخواتي ورأيت أن الجميع كانوا يؤدون واجبهم باجتهاد. كانت هناك أخت واحدة كان اختبارها مؤثرًا بالنسبة لي بشكل خاص. لقد قدمت شركة عن كيفية اتكالها على الله للتغلب على الصعوبات في أداء واجباتها وكيف نشرت الإنجيل. بعد سماع هذا، سألت نفسي: "هل أتعامل مع واجبي بجدية؟ هل أمارس بحسب كلام الله؟ كل شخص آخر لديه اختبار عملي وشهادة عن ممارسة الحق في بيئات مختلفة. لماذا ليس لدي كل هذا؟ لماذا لا يوجد لدي مقصد لأداء واجبي بشكل جيد؟" شعرت بالذنب الشديد. لم أؤد واجبي وفقًا لما يمليه الضمير. بدلًا من العمل بشكل صحيح، سعيت بقوة لنيل إعجاب الناس. أنا حقًا لم أستحق منحي أي واجبات. خلال ذلك الوقت، تأملت بجدية في نفسي، وتذكرت اختبار بطرس. لم يتباهى بطرس أو يسعى إلى نيل إعجاب الآخرين. لقد ركز على السعي للحق في كل شيء، والتأمل في فهم فساده، ومحاولة تغيير شخصيته الحياتية. وسار في طريق الإيمان بالله بنجاح. أردت أيضًا السعي للتغيير في الشخصية، لذلك كنت أصلي كثيرًا إلى الله، طالبة منه أن يرشدني لمعرفة نفسي. كلما أردت السعي لنيل إعجاب الناس أثناء تأديتي لواجبي، كنت أتخلى بوعي عن مقصدي الخاطئ. أردت الهروب من شخصيتي الفاسدة بأسرع ما يمكن وأداء واجبي بشكل جيد.

ذات يوم، قرأت مقطعًا من كلمات الله ووجدت مسارًا للممارسة. تقول كلمات الله، "إن جعلك الله أحمقَ، فثمة مغزى في حماقتك، وإن جعلك متّقد الذهن فثمة مغزى في اتّقاد ذهنك. وأيًّا كان ما منحك الله من الخبرات والقوى، مهما يكن معدل ذكائك عاليًا، ففيها لله غاية. كل هذه الأمور كانت بتقدير مسبق من الله؛ فقد قدّر الدور الذي تلعبه في حياتك، والواجب الذي تؤديه، منذ أمد بعيد. يرى بعض الناس أن الآخرين يملكون خبرات لا يملكونها هم؛ وبالتالي فهم مستاؤون. إنهم يريدون تغيير الأمور من خلال المزيد من التعلم والمشاهدة والاجتهاد، ولكن يوجد حدّ لما يمكن لاجتهادهم أن يحققه، فلا يستطيعون التفوق على أصحاب المواهب والخبرات. مهما كافحتَ فلا جدوى من ذلك؛ فقد قدّر الله ما ستكون عليه، وليس ثمّةَ ما يستطيع أحد فعله لتغييره. وأيًّا كان ما تجيده فذلك حيث يتعين عليك بذل الجهد. ومهما يكن الواجب المناسب لك فذلك هو الواجب الذي يجب عليك أن تؤديه. لا تحاول أن تقحم نفسك في مجالات تخرج عن نطاق مهاراتك، ولا تحسد الآخرين، فلكل امرئ وظيفته. لا تظن أن بإمكانك إجادة فعل كل شيء، أو أنك أكمل أو أفضل من الآخرين، فترغب دائمًا في أن تحل محل غيرك وتُظهر نفسك. هذه شخصية فاسدة. وهناك من يعتقدون أنهم لا يمكنهم إجادة فعل أي شيء، وأنهم لا يتمتعون بأي مهارات مطلقًا. فإذا كان الحال كذلك فعليك أن تكون امرأً يستمع ويطيع بطريقة عملية. افعل ما تستطيع فعله وأتقنه بكل قوّتك؛ فذلك كافٍ، وسيرضى الله عنه" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. المبادئ التي يجب أن يتحلّى بها المرء في تصرفه). بعد قراءة كلمات الله، تأثرت كثيرًا. لقد تفهمت أنني كنت منهكة للغاية ومررت بالكثير من العذاب وكل هذا لأنني لم أكرس طاقتي لأداء واجبي، وبدلًا من ذلك، استخدمت طاقتي للسعي للسمعة والمكانة. الله يقدّر ما إذا كانت مقدرة شخص ما مرتفعة أو منخفضة، ونوع مواهبه والهبات التي يمتلكها والوظيفة التي يمكنه القيام بها. الله يريدنا أن نفعل ما في وسعنا في حدود قدراتنا. لا يطلب منا أن نحاول التميز عن الآخرين والتفوق على الآخرين. حتى قبل أن أُولد، رتب الله كل شيء لي. لقد قدَّر الله سلفًا المقدرة والمواهب والهبات التي سأحظى بها وما الواجبات التي ستناسب أدائي، وكل شيء آخر. كان من المفترض أن أخضع لسيادة الله وترتيباته، وأحافظ على منصبي، وأمارس قدراتي بطريقة واقعية، وأؤدي واجبي بشكل جيد. بعد تفكير عميق، أدركت أنني لم أتمتع بأي مهارات خاصة، لذا كان لا بد أن أستمع إلى كلمات الله: "فإذا كان الحال كذلك فعليك أن تكون امرأً يستمع ويطيع بطريقة عملية. افعل ما تستطيع فعله وأتقنه بكل قوّتك؛ فذلك كافٍ، وسيرضى الله عنه". كنت مستعدة للممارسة بحسب كلمات الله وتأدية دوري بصدق.

رأيت أختًا أدت واجبها بفعالية كبيرة. كنت أشعر بحسد شديد وغيرة قليلًا. قلت لنفسي: "كيف تفعل ذلك؟" شعرت ثانية برغبة جامحة في التفوق عليها، لكنني أدركت أنني كنت أكشف عن فسادي، فصليت إلى الله لأتمكن من إهمال نفسي. بعد أن صليت قلت لنفسي: "لدينا جميعًا وظائف مختلفة، تمامًا مثل الآلة التي تحتوي على أجزاء مختلفة ولكل جزء وظيفة مختلفة. أختي لديها نقاط قوتها وهي تحقق نتائج جيدة في أداء واجبها. هذا أمر جيد. لا يجب أن أقارن نفسي بها؛ بل يجب أن أتعلم منها". بعد ذلك، كلما قدمت أختي شركة حول مسارها وأرباحها في أدائها لواجبها، كنت أستمع باهتمام وأدون الملاحظات. كما أنني تطلعت إلى الإخوة والأخوات الآخرين للاستفادة من اختبارهم في عمل الإنجيل. أثناء الاجتماعات، أصبحت أهدّئ نفسي وأتفكر في كلام الله وعقدت شركة حول ما فهمته من كلماته ولم أعد أسعى لنيل إعجاب الآخرين. حين مارست بهذه الطريقة، تبددت رغبتي في المكانة والسمعة تدريجيًّا. لم أشعر بالغيرة كما كنت من قبل، وازداد شعوري بالاسترخاء والتحرر.

السابق: 58. الهروب من عرين الشياطين

التالي: 61. عواقب أن يكون المرء شخصًا يسعى إلى إرضاء الناس

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

38. خَلُصتُ بطريقة مختلفة

بقلم هوانغ لين – الصيناعتدت أن أكون مؤمنةً عاديةً في المسيحية الكاريزمية، ومنذ أن بدأ إيماني بالرب لم يفتني اجتماعًا، خاصة أنه كان زمن...

16. كلمة الله قوّتي

بقلم جينغنيان – كندالقد اتبعت إيمان أسرتي بالرَّب منذ طفولتي، وكنت كثيرًا ما أقرأ في الكتاب المقدَّس وأحضر الخدمات. شاركت إنجيل الرَّب يسوع...

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب