87. الشريك ليس خَصْمًا
لم يَمْض وقت طويل بعد أن قَبِلْتُ عمل الله في الأيام الأخيرة، حتى بدأت في ممارسة سِقاية المؤمنين الجُدُد. ولأنني كنتُ مُفْعَمَة بالحماس ومبادرة، وحققتُ نتائج في واجبي، اُخْتِرْتُ قائدة مجموعة. ولاحقًا، أصبحت شَمَّاسة إنجيل. وقال إخوتي وأخواتي إنه رُغْم حداثة سِني، فإنني كنت جديرة بالثقة تمامًا، وتحمَّلتُ عِبئًا في واجبي، وكنتُ مسؤولة. وقد أشبع هذا غروري حقًّا. في أكتوبر من العام 2020، أصبحت قائدة كنيسة. وجعلني هذا أكثر شعورًا بأنني كنتُ شخصية كفؤًا تسعى للحقِّ.
وبعد فترةٍ، رتَّبَتْ قائدة عُليا للأخت أوليفيا أن تعمل معي. وبينما كنت أُعرِّفها على الوضع بالكنيسة، تَحَدَّثتْ القائدة عن بعض المشكلات التي كانت موجودة في الكنيسة. وبعد أن سَمِعَتْ بهذا، قالت أوليفيا: "علينا إيجاد السبب الجِذريِّ للمشكلة وحلِّها بسرعة. وإلَّا، فإنها ستُعَرْقل عمل الكنيسة". انتابني شعور بالخِزي عندما سمعتها تقول هذا؛ لأنني شَعُرتُ بالقلق من أن تزدريني أوليفيا؛ حيث إن هذه المشكلات كانت موجودة في عملي. وعلى مدار الأيام القليلة التالية، أخذت أوليفيا تعرف كيف نفذ الإخوة والأخوات واجباتهم في الكنيسة. وعندئذ، أمام العديد من زملاء العمل وإخوتي وأخواتي، قالت لي: "إنَّ شَمَّاسة الإنجيل والعديد من قادة المجموعات الذين التقيتُ بهم في اليومين الماضيين لا يتحملون عبئًا. عندما يكون لدى المؤمنين الجُدُد مفاهيم وصعوبات، فإنَّ قادة المجموعات لا يعرفون كيفية حلِّها، ولا يستكشفونها بنشاط، أو يسعون لحلِّها، وبدلًا من ذلك، يصبحون متورطين في الصعوبات. إنهم لا يستطيعون سِقاية المؤمنين الجُدُد كما ينبغي هكذا". شعرتُ بقليل من المقاومة عندما سمعتُ ما قالته لأنه كان هناك العديد من قادة المجموعات الذين ركَّزتُ على تنميتهم. وسماعها تتحدث عنهم بهذه الطريقة جعل الأمر يبدو وكأن لا أحد منهم كان يعمل بشكل جيد. فشعرتُ بأنها ربما تكون كثيرة المَطالِب أكثر من اللازم. وفكَّرتُ: "لقد وصلتِ لتوِّكِ ولا تفهمين تفاصيل الوضع، ومع ذلك بدأتِ في تَصَيُّد الأخطاء. أتريدين إظهار أنكِ تتحمَّلين عبئًا وبإمكانكِ اكتشاف المشكلات؟ أتحاولين فقط ترك انطباع لأنكِ مُسْتَجدَّة هنا؟ إنْ واصلتِ التنقيب عن المشكلات في عملي، ألن تدمِّري صورتي الحَسَنة في أعين إخوتي وأخواتي؟". فكَظَمْتُ غيظي وقلتُ: "أنتِ مُحقَّة بشأن هذه المشكلات. ومع ذلك، فإنَّ كلًّا من قادة المجموعات وشَمَّاسة الإنجيل يواجهون صعوبات عملية، ولذا فأحيانًا لا تتم متابعة العمل بشكل جيدٍ، وعلينا أن نظهر الفهم". بعد سماع هذا، قالت: "بالإمكان حل تلك الصعوبات بالشركة عن الحق. إنْ كان بإمكانهم قبول الحق وفهم مشيئة الله، فإنهم سيتحمَّلون عِبئًا وسيصبحون مسؤولين في واجبهم. إن المفتاح هو ما إذا أقمنا شركة عن الحق لحل تلك المشكلات". تأجَّجْتُ غَضَبًا، وفكرتُ: "أتقولين إنني لست كفؤًا لحل هذه المشكلات من خلال شركة الحق؟". وتغيَّرتْ وِجْهة نظري عن أوليفيا تمامًا. فلم أعد أفكر فيها على أنها شريكتي أو شخص يستطيع مساعدتي، بل على أنها خَصْمي. فكرتُ: "إنْ استمر هذا، فإنها ستتولى زِمام المبادرة في العمل إن عاجلًا أم آجلًا. إنني القائدة، وهي هنا لمعاونتي فحسب. إنها أفضل مني من كل الوجوه، ودائمًا ما تحرجني. فكيف سأتمكن من امتلاك أي كرامة هكذا؟ وماذا سيظن بي إخوتي وأخواتي؟". بعدئذ، لم تعد لي رغبة في العمل معها، ولم أُرِدْ التحدث إليها.
ذات مرةٍ، في اجتماع لزملاء العمل، كنا نقرأ كلمة الله التي تكشف أن القادة الزائفين لا يقومون بعمل حقيقي. تأملت أوليفيا وشاركت فهمها لنفسها قائلة إنها ظلَّت في الكنيسة لبعض الوقت حتى الآن، لكن لأنها لم تَقُم بأي عمل حقيقي، لم يكن من الممكن حَل صعوبات المؤمنين الجُدُد في الوقت المناسب. وقالت إن هذا تسبب لهم في العيش في صعوباتهم باستمرار، ولم يعرفوا كيف يمارسون الحق، وهو ما كان يؤخر نموهم في الحياة. وعلى الرغم من أن أوليفيا كانت تناقش معرفة ذاتية، فبالنسبة لي، بدا الأمر وكأنها كانت تكشفني لعدم قيامي بأي عمل حقيقي. فبدأت أخمِّن ما قصدته: "إنك تتحدثين عن هذه المشاكل عمدًا ليعلم الجميع بشأن المشاكل في عملي، أليس كذلك؟ كان لدى الإخوة والأخوات انطباع جيد عني في السابق، لكن الآن وأنتِ تكشفينني هكذا، يبدو الأمر وكأنك تدمرين صورتي عمدًا، أليس كذلك؟ ماذا سيظنون بي الآن؟". آنئذ، كنتُ مقاوِمة جدًّا وأردتُ المغادرة، لكنني شعرتُ بأنه كان من غير العقلاني فعل ذلك، لذا أجبرتُ نفسي على البقاء حتى النهاية. وفي ذلك المساء، جاءتني أوليفيا لمناقشتي عمَّن تَحَمَّل عبئًا والذي كان بإمكاننا تنميته ليصبح قائد فريق السقاية. وبعد أن سألتني عن هذا، شعرتُ بالمقاومة الشديدة وفكَّرت: "هل تبقى أي مُرشَّحين مناسبين؟ لقد رفضتِ كل الأشخاص الجيدين. لقد ناقشتِ بصراحة المشاكل الموجودة في كنيستنا، ليس هنا فحسب، بل حتى أمام الإخوة والأخوات من الكنائس الأخرى. والآن فإن الكنائس الأخرى تعلم أنني لا أقوم بعمل حقيقي. لماذا لا تُراعين مشاعري قبل أن تتحدثي؟ أعتقد أنكِ تستهدفينني عن عَمْدٍ!". فقلتُ بتجهم: "منذ قُدُومكِ، لا أحد آخر قد تحمَّل عبئًا!". فأجابتني بصوت خافت: "إذًا، هل تعنين أنني لا يجب أن أتواجد هنا؟". فأدركت أنني كنت متهورة أكثر من اللازم، وأنني لم يجب أن أقول ذلك، لذا أجبتها على الفور: "كلا". ساد الصمت بيننا لبُرْهةٍ قبل أن نواصل مناقشة العمل. ولاحقًا، عندما فكرتُ فيما قلته لأختي، شعرتُ ببعض الذنب. الحقيقة أن أوليفيا قد اكتشفت مشكلات في عملنا أظهرت أنها كانت تستطيع تحمل عبء. فكيف استطعت التحدث إليها بتلك الطريقة؟ أردتُ الاعتذار لها بعد انتهاء المناقشة، لكن بمجرد أن انْشَغَلْتُ بالعمل، نسيت الأمر.
لاحقًا، عندما رأيتُ القائدة العُليا تستشير أوليفيا بشأن كل شيء، راودني شعور شديد بعدم الارتياح: "إنني قائدة أيضًا. ماذا سيظن بي إخوتي وأخواتي؟ هل سيقولون إنني عديمة النفع بصفتي قائدة، وإنني غير مهمة؟". لقد شعرتُ بأن أوليفيا كانت تسرق مني الأضواء، وكنتُ أغار منها. وفكرت: "لو لم تأتِ إلى هنا، لكانت القائدة تناقش العمل معي". وفكرت أيضًا في حقيقة أن أوليفيا أصبحت الآن تُهَيْمن على كل العمل، وأنها قد آمنتْ بالله لفترةٍ طويلة وفَهِمَتْ المزيد من الحق أكثر مني. كما أنها أوضحت المشكلات في عملي أمام إخوتي وأخواتي، ولذا لم يكن لديَّ أدنى فكرة عما كان يظنه بي إخوتي وأخواتي وقتها. وحينما فكرتُ في هذه الأشياء، شعرتُ بوجود أزمةٍ. ساورني القلق من أن أوليفيا قد تسلبني منصبي. وكلما فكرت في الأمر، أصبحت أكثر استياء، وتَمَلَّكتني الرغبة في الانتقام منها: "أنتِ لا تبالين بمشاعري، لذلك لن أُسَهِّل عليكِ الأمور من الآن فصاعدًا". أتذكّرُ ذات مرةٍ أننا كنا نناقش العمل، وبعد أن أعْرَبَتْ أوليفيا عن رأيها، طلبت نصيحتي. فتَجَاهَلْتُها ووجدت خطأ في ترتيبات عملها، قائلة إن هذا لن ينجح وذاك لن يُفلِح لأصعِّب عليها الأمور عمدًا. وذات مرةٍ، كنا نناقش مهمة كانت أوليفيا مسؤولة عنها بشكل أساسي. حينذاك، فهمتُ بوضوح كيفية حل المشكلة، لكنني لم أرغب في تقديم أي اقتراحات. حتى أنني فكرتُ: "من الأفضل أن تفشل ترتيباتكِ. وبتلك الطريقة، سيعلم الجميع أنكِ لا تستطيعين التعامل مع الأشياء، وستُدرك القائدة أنه من الخطأ دائمًا التحدث إليكِ بدلًا مني". وعقب ذلك، قدَّمَتْ عدة اقتراحات، ورفضتُّها جميعًا. وعندما فَطِنْتُ إلى أنها لم تعرف كيفية حلِّها وأرادت مني إِسْداء النُّصْح، شعرتُ بالابتهاج سرًّا: "إنك تعجزين حتى عن ترتيب العمل هكذا كما ينبغي، ولا زلتِ تُوجِّهين أصابع الاتهام إلى عملي بكل وقاحةٍ". رأت القائدة أن سلوكي لم يكن صحيحًا، وذكَّرتني بأنني كان عليَّ العمل بانسجامٍ مع أوليفيا، وإلا سيتأخر عمل الكنيسة. بعد سماع كلمات قائدتي شعرتُ بداخلي بالذنب قليلًا. حينما عَلِقنا في عملنا، لم أتحمَّل العبء لحلِّه. وبدلًا من ذلك، وقفتُ بلا حِرَاك وسخرتُ منها. لم أكن أحمي عمل الكنيسة إطلاقًا. وبعد إدراكي هذا، عَدَّلتُ عقليتي وشاركتُ في المناقشات. ولكن نظرًا للتعطيل السابق، تم تنفيذ ترتيبات العمل في وقت متأخر جدًّا.
ذات ليلةٍ، أتتني القائدة لتوضح لي مشاكلي. وقالت: "إنَّ رغبتكِ في الهَيْبة والمكانة قويَّة جدًّا. وأنتِ تتنافسين مع أوليفيا من أجل الشهرة. وعند مناقشة العمل، لا تقبلين بأيِّ آراء تطرحها. وتَدْحَضينها جميعًا. إن أوليفيا تشعر بأنكِ تُقيِّدينها ولا تعرف كيف تتعاون معكِ. عليكِ بإجراء بعض التأمل الذاتي". بعد سماع ما قالته قائدتي، شَعُرتُ بالحزن الشديد والاضطهاد: "لماذا كانت أوليفيا تُبلِّغ عن مشاكلي دون عِلْمي؟ إنْ كانت تريد مساعدتي حقًّا، فقد كان بإمكانها إخباري شخصيًّا. والآن تعلم القائدة بمشاكلي، ولربما تعفيني". وما إن فكرت في هذا، تصارحت مع القائدة بشأن حالتي. حتى أنني عرضتُ قبول تحمل المسؤولية والاستقالة، لكيلا أواصل تأخير العمل في الكنيسة. وبمجرد أن تحدثتُ عن الاستقالة، كاد قلبي يَنْفطر. شعرتُ بأنني كنت على وشك فقدان واجبي. فأقامت القائدة شركة معي وقالت: "عندما تُصَادفنا مشكلات، فليس بإمكاننا تفاديها. علينا أن نسعى للحقِّ ونتأمل في أنفسنا. وحقيقة أن أوليفيا بإمكانها اكتشاف مشاكل في العمل تُظْهِر أن بوسعها تحمُّل عبء. أليس هذا نافعًا لعمل الكنيسة؟ فلماذا لا تتعاملين مع الأمر كما ينبغي؟ إنكِ دائمًا ما تغارين منها وتخشين أن تتفوق عليكِ. وهذا يُظْهِر أن رغبتكِ في المكانة أقوى من اللازم". بعد شركة قائدتي، أدركتُ أن رغبتي في الهَيْبة والمكانة كانت أقوى من اللازم حقًّا. وكان عليَّ أن أسعى للحق لعلاج حالتي. فلم يعد بإمكاني أن أكون سلبية ومقاوِمة.
بعد ذلك، قرأت مقطعًا من كلمات الله، وربحتُ بعض الفهم للشخصية الفاسدة التي أظهرتُها. تقول كلمات الله: "يعتقد أضداد المسيح أن من يكشفهم يُسبِّب لهم المتاعب بكلّ بساطةٍ، ولذلك فإنهم يُسبِّبون المتاعب لأيّ شخصٍ يكشفهم، إذ يتنافسون معه ويصارعونه. ونظرًا لطبيعتهم المُضادَّة للمسيح، لن يكونوا أبدًا لطفاء مع أيّ شخصٍ يُهذِّبهم أو يتعامل معهم، ولن يتسامحوا أو يتساهلوا مع أيّ شخصٍ يفعل ذلك، وبطبيعة الحال لن يشعروا بالامتنان تجاه أيّ شخصٍ يفعل ذلك ولن يشيدوا به. فعلى النقيض من ذلك، إذا هذَّبهم أيّ شخصٍ أو تعامل معهم فتسبَّب في أن يفقدوا كرامتهم أو ماء وجههم، فسوف يضمرون في قلوبهم كراهيةً لهذا الشخص وسوف يريدون إيجاد فرصة للانتقام منه. يا للكراهية التي يضمرونها للآخرين! هذا ما يُفكِّرون به وما يقولونه علانيةً أمام الآخرين: "اليوم هذَّبتني وتعاملت معي، والآن عداؤنا منقوشٌ على الحجر. اذهب في طريقك وسأذهب في طريقي، لكني أقسم بأنني سأنتقم! إذا اعترفت بخطأك لي، أو أحنيت رأسك لي، أو ركعت وتوسلت لي فسوف أسامحك، وإلَّا فلن أنسى هذا أبدًا!" مهما كان ما يقوله أو يفعله أضداد المسيح، فإنهم لا يرون أبدًا التهذيب الرقيق من أيّ شخصٍ أو تعامله معهم أو المساعدة الصادقة من أيّ شخصٍ على أنها وصول محبَّة الله وخلاصه. بل يرونها علامة على الإذلال ولحظة تعرُّضهم للإحراج الأكبر. وهذا يُبيِّن أن أضداد المسيح لا يقبلون الحقّ على الإطلاق، وأن شخصيَّتهم تشعر بالملل من الحقّ وتكرهه" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع: لا يُؤدِّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يبيعون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء الثامن)). لقد كشف الله أنه عند تهذيب أضداد المسيح والتعامل معهم، فإنهم لا يرفضون ذلك فحسب، بل يبدأون أيضًا في كراهية الشخص الذي هذَّبَهم وتعامل معهم ويريدون الانتقام. ولقد رأيْتُ أن أضداد المسيح لا يقبلون الحقَّ، وأنهم يضَجرون من الحقِّ، وأنهم يكرهون الحقَّ. في الماضي، عندما رأيتُ كلمة "الانتقام"، اعتقدت أن هذا النَّهْج شرير. ولم أعتقد أنني أظهرت شرًّا وأنه ليس بإمكاني ارتكاب مثل هذه النوعية من الأشياء. فأضداد المسيح والأشرار فقط هم الذين ينتقمون من الناس. وتذكرتُ سلوكي، ألم يكن مثل سلوك أضداد المسيح؟ عندما أوضحت أوليفيا المشاكل في عملي أمام زملائي وإخوتي وأخواتي، شعرتُ بأن صورتي قد شُوهتْ، لذا تحيَّزتُ ضدها وقاومتها. وفي أثناء اجتماع، أدركت أوليفيا أنها لم تَقُم بعمل حقيقي بناء على كلمات الله، وراودني شعور بأنها كانت تتعمَّد فَضْح مشاكلي في العمل بمناقشة معرفتها الذاتية، لذا نما تَحَيُّزي ضدها فحسب. بل إنني هاجمتها بقولي إنه لا أحد تحمَّل عبئًا منذ قدومها. وعندما رأيتُ أن القائدة تناقش أمور العمل معها دائمًا، شعرتُ بأن الأضواء قد سرقت مني. ولأنتقم منها، لم أُعْرِب عن اقتراحاتي حينما ناقشنا العمل، وعندما أعْرَبَتْ أوليفيا عن أفكارها واقتراحاتها، أمسكتُ عليها أخطاء وتجاهلتُها، ما جعل من المستحيل إحراز تقدِّم في العمل. لقد اعتبرت أختي خَصْمًا لي. وللإبقاء على سُمْعتي ومكانتي، كان من الممكن حتى أن أهاجمها وأنتقم منها. أليست الشخصية التي كَشَفتُها هي نفسها شخصية عدو المسيح؟ والأكثر من ذلك أنني فكرت في حقيقة أنها كانت توضح مشاكل فعلية في عملي. ولو أنني سعيتُ للحق لأتأمل في نفسي وأعكس انحرافاتي، لكان بالإمكان التوصُّل لحل المشاكل بسرعة. ولكان هذا مفيدًا لعملنا. ولكنني لم أرفض فحسب، بل أردتُ أيضًا الانتقام من أختي. إنني حقًّا لم أستحق لقب مؤمنة بالله!
لاحقًا، قرأتُ مقطعين آخرين من كلمة الله جعلاني أفهم جوهر هذا السلوك وعواقبه. تقول كلمات الله: "الخبث واحدٌ من النزعات الرئيسيَّة في طبيعة أضداد المسيح. ماذا يعني "الخبث"؟ يعني أن لديهم موقفًا خسيسًا بشكلٍ خاصّ تجاه الحقّ. فالأمر لا يقتصر على أنهم لا يخضعون له ويرفضون قبوله، بل إنهم يُدينون أولئك الذين يُهذِّبونهم ويتعاملون معهم. هذه هي الشخصيَّة الخبيثة لأضداد المسيح. يعتقد أضداد المسيح أن من يقبل أن يتم التعامل معه وتهذيبه يكون عرضةً للتنمُّر، وأن الناس الذين يتعاملون دائمًا مع الآخرين ويُهذِّبونهم هم أولئك الذين يرغبون دائمًا في مضايقة الناس والتنمُّر عليهم. ولذلك، سيقاوم ضدّ المسيح كلّ من يتعامل معه ويُهذِّبه، وسوف يضايق ذلك الشخص. ومن يكشف نواقص ضدّ المسيح أو فساده، أو يتشارك معه حول الحقّ ومشيئة الله، أو يجعله يعرف نفسه، يرى ضدّ المسيح أن مثل هذا الشخص يضايقه وينظر إليه بارتيابٍ، فيكره ضدُّ المسيح ذلك الشخص من أعماق قلبه، وسوف ينتقم منه ويُصعِّب عليه الأمور. ... أي نوع من الناس يمتلك مثل هذه الشخصية الشريرة؟ الأشرار. الحقيقة هي أن أضداد المسيح هم أناس أشرار. لذلك، فإن الأناس الأشرار وأضداد المسيح هم وحدهم الذين يمتلكون مثل هذه الشخصية الشريرة. عندما يُواجَه شخصٌ شرسٌ بأي نوع من النصح أو الاتهام أو التعليم أو المساعدة حسنة النية، فإن موقفه لا يتمثل في شكر ذلك أو قبوله بتواضع، ولكنه عوضًا عن ذلك يغضب ويشعر بالكراهية الشديدة والعداوة، وحتى الرغبة في الانتقام" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع: لا يُؤدِّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يبيعون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء الثامن)). "يَعتبر أضداد المسيح أن مكانتهم وسمعتهم أهم من كل ما عداها. هؤلاء الناس ليسوا فقط مراوغين ومتواطئين وأشرارًا، بل هم أيضًا خبثاء بشدة. ماذا يفعلون عندما يكتشفون أن مكانتهم في خطر، أو أنهم قد فقدوا مكانتهم في قلوب الناس، وعندما يفقدون تأييد هؤلاء الناس ومحبتهم، وعندما لا يعود الناس يبجلونهم ويتطلعون إليهم بإجلال، وعندما يقعون في الخزي؟ فجأة يتغيرون. بمجرد أن يفقدوا مكانتهم، يصبحون غير راغبين في القيام بواجبهم، ويكون كل ما يفعلونه رديئًا، ولا يكون لديهم اهتمام بعمل أي شيء. لكن هذا ليس أسوأ مظهر. ما هو أسوأ مظهر؟ حالما يفقد هؤلاء الناس مكانتهم، ولا يعد أحد ينظر إليهم بإجلال، ولا ينجذب أحد إليهم، تخرج الكراهية والغيرة والانتقام. إنهم ليسوا فقط لا يتقون الله، بل يفتقرون أيضًا إلى أي ذرة من الطاعة. إضافة إلى ذلك، قد يكرهون في قلوبهم بيت الله، والكنيسة، والقادة والعاملين؛ ويتوقون إلى أن يواجه عمل الكنيسة مشاكل أو يتوقف؛ يريدون السخرية من الكنيسة ومن الإخوة والأخوات. كما أنهم يكرهون كل من يسعى وراء الحق ويتقي الله. إنهم يهاجمون أي شخص أمين في واجبه ومستعد لدفع الثمن ويسخرون منه. هذه هي شخصية ضد المسيح - أليست شخصية خبيثة؟ هؤلاء أناسٌ من الواضح أنهم أشرار؛ فأضداد المسيح في جوهرهم أناسٌ أشرار" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند التاسع: لا يُؤدِّون واجبهم سوى لتمييز أنفسهم ولإرضاء مصالحهم وطموحاتهم؛ فهم لا يراعون أبدًا مصالح بيت الله، بل يبيعون حتَّى تلك المصالح مقابل المجد الشخصيّ (الجزء الثاني)). كانت رؤية كلمات مثل "شرير" و"الأشرار" مخيفة ومؤلمة. ولم أتوَّقع أن تنطبق عليَّ هذه الكلمات. لقد شُوهَتْ صورتي لأن أوليفيا أوضحت المشاكل في عملي. فهاجَمْتُها وانتَقمْتُ منها، بإحراجها عَمْدًا عند مناقشة العمل، وتَصَيد الأخطاء لها في ترتيبات عملها. بل إنني لم أوضح لها عندما عَلِمتُ بكيفية حل مشكلة صادَفَتْها في عملها لأنني أردتُ إحْرَاجها والسخرية منها. وعندما كشَفتْني القائدة، وتَعاملَتْ معي، لم أحجم عن التأمل في نفسي فحسب، بل كَرِهْتُها أيضًا لإبلاغها بمشاكلي. لقد كنت سلبية ومقاومة، وصَبَبْتُ جام غضبي على واجبي، وأردتُ حتى أن أستقيل وأتوقف عن القيام بواجبي. وما أظْهَرتُه كان نفس ما يظهره عدو المسيح: شخصية شريرة! ما آمنتُ به كان: "نُسالم مَن يُسالمنا"، و"إنْ كنتَ فظًّا، فلا تلمني على أنني ظالم". وحينما أَثَّر أي شخص على مصالحي وصورتي، كَرِهْتُه، وهاجَمْتُه، وانتقمتُ منه. تذكرتُ قبل إيماني بالله، عندما وقع خلاف بيني وبين صديقة وكانت تتحدث عني بسوءٍ لشخص آخر. اسْتَشَطْتُ غضبًا، وفكرتُ: "إنْ كنتَ فظًّا، فلا تلمني على أنني ظالم". فقلتُ خلسَةً لنفس الشخص الآخر: "كيف تكون بهذا الغباء؟ ما الذي تفعله بمعاملتها بلطفٍ هكذا؟ أنت حتى لا تعرف أنها تتحدث عنك بسوءٍ في غيابك!". لقد ظننتُ أنني كنت سأبدو ضعيفة إنْ لم أرد الصَّاعَ صَاعَيْن بعد تعرُّضي للتنمُّر. إن العيش بهذه الفلسفات قد جعلني أنانية وشريرة، وشوَّه تفكيري، وأعجزني عن التمييز بين الخير والشر. بإدراك هذا، شعرتُ بأنني كنت فظيعة. ولو لم أَتَصَدَّ لشَرِّي، لكان من الممكن أن أرتكب المزيد من الشر، وعندئذ يَرفضني الله ويستبعدني! صلَّيتُ لله بصمتٍ: "إلهي، من خلال دينونة وإعلان كلمتك، أستطيع أن أرى أن إنسانيتي سيئة وأنني شريرة تمامًا. أريد أن أتوب، وأمارس الحقَّ لأغير نفسي. أرجوك أرشدني".
لاحقًا، قرأتُ في كلمة الله: "عندما يقضي أي شخص بعض الوقت في مراقبتك أو ملاحظتك، أو يسألك أسئلةً مُتعمِّقة في محاولةٍ منه للتحدُّث إليك بصدقٍ ولمعرفة ما كانت عليه حالتك خلال هذا الوقت، وحتَّى أحيانًا عندما يكون موقفه أقسى قليلًا ويتعامل معك ويُهذِّبك قليلًا ويُؤدِّبك ويُوبِّخك، فإن السبب في هذا كلّه هو أن لديه موقفٌ ضميريّ ومسؤول تجاه عمل بيت الله. يجب ألَّا تكون لديك أفكارٌ أو مشاعر سلبيَّة تجاه هذا. ما يعني هذا، هو أنك إن استطعت قبول إشراف الآخرين وملاحظتهم وسؤالهم، فهذا يعني أنك تقبل تمحيص الله في قلبك. وإذا كنت لا تقبل إشراف الناس وملاحظتهم وسؤالهم – إذا كنت تقاوم هذا كلّه – فهل أنت قادرٌ على قبول تمحيص الله؟ إن تمحيص الله أكثر تفصيلًا وعمقًا ودِقَّة من مساءلة الناس؛ فما يطلبه الله أكثر تحديدًا ودقَّةً وعمقًا من هذا. ولذلك، إذا كنت لا تستطيع قبول أن يراقبك مختارو الله، أفلا تكون ادّعاءاتك بأنك يمكن أن تقبل تمحيص الله كلمات فارغة؟ لكي تتمكَّن من قبول تمحيص الله وفحصه، ينبغي أن تكون أوَّلًا قادرًا على قبول المراقبة من بيت الله والقادة والعاملين والإخوة والأخوات" (الكلمة، ج. 5. مسؤوليات القادة والعاملين). "بصرف النظر عن أي مشكلات موجودة فيك، أو أي نوع من الفساد تُظهره، عليك أن تتأمل ذاتيًا وتعرف نفسك بحسب كلام الله، أو تطلب ملاحظات عليك من الإخوة والأخوات. والأمر الأهم هو أن تقبل تمحيص الله، وتمثل أمام الله لتطلب استنارته وإنارته. بصرف النظر عن كيف تتعامل مع الأمر، فالأفضل أن تحدّد مشاكلك مسبقًا وتعالجها، وهذا ينتج عن تأملك الذاتي. مهما تفعلْ، لا تكتفِ بالانتظار حتى يكشفك الله، لأنه حينئذ سيكون قد فات الأوان!" (الكلمة، ج. 4. كشف أضداد المسيح. البند السابع: إنهم أشرارٌ وماكرون ومخادعون (الجزء الأول)). فقط بعد قراءة كلمات الله، أدركتُ أنَّ إشراف وإرشاد إخوتي وأخواتي ليَّ هو فقط لأنهم جادون ومسؤولون عن العمل. يَجْدر بي أن أتلقاه من الله وأتعلَّم القبول والطاعة. وهذا فقط هو قبول تمحيص الله وامتلاك قلبٍ يخشى الله. عندما اكتشفت أختي مشاكلي ووضحتها لي، كان المقصود من هذا مساعدتي ومؤازرتي. لقد كان اختبار حياتي سطحيًّا جدًّا. فلقد واجه المؤمنون الجُدُد مشاكلَ في واجباتهم، لكنني لم أستطع الشركة عن الحق لحلِّها، وفي كثير من الأحيان، رتَّبتُ العمل بكل بساطةٍ للانتهاء منه، وتركته عند هذا الحد، دون متابعة لاحقة أو مساعدة. ولم يحقق العمل أي نتائج. ولم أستوعب مبادئ ترتيب الموظفين، وكان من الصعب تجنب عدم أهلية بعض الأشخاص. لقد فهمت أوليفيا بعض الحق واستطاعت رؤية بعض الأمور بوضوحٍ، لذا إن كنا قد تعاونا في عمل الكنيسة، لم يكن هذا ليساعد في عمل الكنسية فحسب، بل كان بإمكاني أيضًا التّعلُّم منها والتَّحسُّن. حينها فقط فهمت لماذا طلب الله منا التعاون في واجباتنا، بدلًا من القيام بها بمفردنا. ذلك لأن البشر لديهم شخصيات فاسدة والكثير من العيوب. فيجب أن نشرف على بعضنا بعضًا، ونوجه بعضنا، ونساعد بعضنا بعضًا. هذه هي الطريقة الوحيدة لتجنب الأخطاء. عند التفكير في هذا، اعتراني شعور بالذنب بوجه خاص. لم يعد بإمكاني العيش من أجل هَيْبتي ومكانتي. وكان عليَّ تعلُّم التخلي عن نفسي، وأن أقبل إشراف الآخرين وإرشادهم، وأن أتعاون مع أختي، وأسعى للحق ونحل مشاكل العمل معًا، وأن أؤدي واجبي كما ينبغي.
بعدئذ، تم إرسالي إلى كنيسة أخرى للقيام بواجبي. وبانفصالي عن أوليفيا، شعرت بأنواع عديدة من الندم. لذا صلَّيت لله بصمتٍ؛ قائلة إنني من الآن فصاعدًا، أردتُ القيام بواجبي كما ينبغي، والتركيز على إصلاح شخصياتي الفاسدة. ذات مرة، سألت الأخت إيستر، التي كانت مَنوطة بالسِّقاية، أن تشرح لي كيف كانت تتم اجتماعات المؤمنين الجُدُد. فأسْدَتْ لي إيستر بعض النصائح: "إنكِ دائمًا ما تذهبين للاجتماعات الأخرى، ونادرًا ما تأتين إلى اجتماعات المؤمنين الجُدُد، ما يجعل الأمر يبدو وكأن القائدة مُتَغيِّبة. ولا أحد من الإخوة والأخوات يعرفكِ. ليس من السهل عليكِ متابعة عملهم، وعلاج حالاتهم وصعوباتهم". سماعها تقول ذلك أصابني بالذهول، وشعرتُ بأن وجنتيَّ احمرتا من شدة الانفعال. وفكَّرتُ: "كيف تطلقين عليَّ لقب قائدة مُتغيِّبة؟ ألا تقصدين أن تقولي إنني أهمل عملي الفعلي وإنني عديمة الجدوى؟ يا لك من قاسية! ليس الأمر أنني لا أعمل، بل أتابع أعمال الآخرين. وبما أنكِ المَنوطة بهذه المجموعة، فيجب أن تتولي مسؤوليتها؟ ليس بالضرورة أن أقوم بكل صغيرةٍ وكبيرةٍ. إنْ سمع القادة الأعلى كلامك، ألن يظنوا أنني لا أقوم بعمل حقيقي؟ هذا لن يُجْدي. يجب أن أجد بعض الانحرافات في عملكِ للتحدث بشأنها". عندما فكرتُ في ذلك، أدركتُ أن حالتي كانت خطأ. لقد أوضحت أختي مشاكل في عملي، وبدلاً من القبول والتأمل، ظننتُها شديدة القسوة، وأردتُ إيجاد مشاكل في عملها لدَحْضِها. كنتُ أرفض قبول الحق، وأحاول الانتقام مجددًا. فصلَّيتُ لله فورًا بصمتٍ: "إلهي، لقد أوضحتْ إيستر مسألة لي وكنتُ مقاوِمة في قلبي، وهو ما يتعارض مع مشيئتك. أتمنى أن أقبل وأطيعك وأتأمل في نفسي". بعد أن صلَّيتُ، تأملت وأدركتُ أنني كان لديَّ مشكلة فعليًّا. كنتُ اتِّكالية تمامًا على إيستر. لقد شعرتُ بأنه لأنني كنت مسؤولة معها عن سِقاية المؤمنين الجُدُد، فقد كان بإمكاني الاسترخاء، ومن ثم اتبعت نهج عدم التدخُّل. وبصفتي قائدة كنيسة، نادرًا ما حاولت معرفة الحالات والصعوبات الحقيقية للمؤمنين الجُدُد. لم أكن أفي بمسؤولياتي. وكان هذا حقًّا إظهارًا لعدم قيامي بعمل حقيقي. بعد ذلك، قلتُ لـ إيستر: "إنني لم أدرك وجود هذه المشكلة من قبل، لكنني أرغب في تغييرها". ولاحقًا، تواصلت مع المؤمنين الجُدُد وحضرتُ اجتماعاتهم وقدمتُ شركة لعلاج حالاتهم. وبقيامي بواجبي بهذه الطريقة، شعرتُ براحةٍ شديدة. ومن خلال هذا الاختبار، أدركت أنه بالممارسة وِفقًا لكلمة الله وتعلُّم قبول إشراف إخوتي وأخواتي، وإرشادهم، وتهذيبهم، والتعامل معهم، أمكنني إحراز بعض التغيير بصدق. الشكر لله!