94. الاتِّكال على الله أعظم حكمة
في الخريف من العام 2011، قابلتُ قرويَّة مثلي تدعى فانغ مين؛ والتي كانت تمتلك إنسانية صالحة وكانت في غاية اللُّطف. لقد آمنت بالرب لأكثر من 20 عامًا، وكانت دائمًا تواظب على حضور الاجتماعات وقراءة الكتاب المقدس. كانت مؤمنة حقيقية، لذا أردتُ أن أشارك معها إنجيل الله القدير في الأيام الأخيرة. في ذلك الوقت، لم أكن كنتُ قد آمنتُ بالله لفترة طويلة جدًّا، وفهمتُ القليل جدًّا من الحقِّ، ولذا طلبت من إحدى الأخوات – هي سونغ جياين - أن تشهد لِـ فانغ مين بعمل الله في الأيام الأخيرة. ومن خلال الشركة عن عمل الله في الأيام الأخيرة، وبقراءة كلماته، قررت فانغ مين في التو واللحظة أن تتحرَّى المزيد. حينذاك، كنتُ في أَوْج سعادتي. لكن بعد بضعة أيام، وعندما ذهبت لزيارة فانغ مين، قالت إنها لا ترغب في مواصلة التحرِّي. فقالت فانغ مين: "قرأت كلام الله القدير وشعرتُ أنه كلام مقنع، لذا هاتفتُ أمي وزففتُ إليها بشارة عودة الرب. قالت أمي إن ما تؤمنين به هو البَرق الشرقيُّ وأنني لا يجب أن أؤمن بذلك. كثيرًا ما يقول وُعَّاظنا إن كلام الله وعمله كليهما في الكتاب المقدس، وأنَّ كلام الله وعمله لا وجود لهما خارج الكتاب المقدس. إنهم يقولون إن وعظ البرق الشرقي يحيد عن الكتاب المقدس، وأنه من المستحيل أن يكون عودة الرب". أدركتُ أن فانغ مين كانت مشوشة ومضطربة من قبل والدتها ووعاظ كنيستها، لذا قلتُ بقلق: "إنْ كان رجال الدين يؤمنون بأن كلمات الله وعمله في الكتاب المقدس، وأنهما لا يحدثان خارج الكتاب المقدس، أليس هذا تحديدًا لله بما هو موجود في الكتب المقدسة؟ أيمكن أن يكون من الصحيح حقًّا أن يعجز الله عن القيام بعمل جديد خارج الكتاب المقدس وألا يمكنه أن يتكلم بأي كلام جديد؟ إنَّ الله هو الخالق وهو مصدر الحياة. إنه قدير للغاية وحكيم وسخي. أيمكن أن يُمثِّل الكتاب المقدس وحده الله بالكليَّة؟ وكيف يعقل أن كلام الله وعمله هما فقط المُسَجَّلين في الكتاب المقدس؟ إنَّ عمل الله جديد دائمًا وليس قديمًا أبدًا. تُبنى كلُّ مرحلة من مراحل عمله على المرحلة السابقة، وهو يقوم بعمل أحدث وأسمى في كل مرحلة. ففي عصر الناموس بالعهد القديم، أصدر الله شرائع لتقود حياة البشر على الأرض. ولكن، في عصر النِّعمة بالعهد الجديد، لم يكرر الله عمل عصر الناموس. وبدلًا من ذلك، بناء على عمله في عصر الناموس، قام بعمل الصلب ليفدِّي جميع البشر. أهذا العمل الجديد مُسجَّل في العهد القديم؟ كلا. أولئك الذين يتَّبعون العهد القديم لم يقبلوا العمل الجديد للرب يسوع، وقد تخلى الله عنهم، واستبعدهم جميعًا. وينطبق الشيء ذاته على هذه المرحلة من العمل في الأيام الأخيرة. وبِناءً على خطته في عمل الخلاص، يقوم الله بعمل الدينونة بحسب احتياجات الناس، ليحل مشكلة خطية البشر تمامًا، حتى يمكن تطهير البشر. فقط باتِّباع خُطى الخِروف وقبول عمل الله الجديد يمكننا أن نربح خلاص الله وندخل ملكوته. لم تقرأ والدتكِ كلمات الله الجديد - ولذا فإنها لاتفهم، وهذا هو السبب في قولها ما قالت. ربما تتحرِّي أولًا. لا تُقرري جُزافًا. إنْ فاتتكِ عودة الرب، فلن تتاح لكِ الفرصة لأن يُخلِّصك الله". لكن أيًّا كان ما قلتُه، لم تكُن لِتُصغِ إليَّ. أردتُ أن أطلب من أخت أخرى أن تعقد شركة مع فانغ مين، لكنها لم تكن لتوافق. كما قالت إنها ستعود إلى مَسْقَط رأسها في غضون بضعة أيام، واشترت تذكرة قطار. كنت مهمومة بشدة – فقد كانت منزعجة ومصدومة للغاية. إنْ عادت إلى مَسْقط رأسها، ألن يزعجها القِسُّ والوعَّاظ أكثر من ذلك؟ ولكن فانغ مين كانت قد اتخذت قرارها بالفعل، وكنتُ أعلم أنها لن تُصغي لما كنت سأقول حينها، لذا تعيَّن عليَّ المغادرة.
بعد عودتي إلى المنزل، بالتفكير في مدى ضآلة الأمل في وعظ فانغ مين حينئذ لأنها كانت تغادر إلى مَسْقَط رأسها، كنتُ ضعيفة الإيمان، وشعرتُ بأن الوعظ بالإنجيل بالغ الصعوبة. كلما فكَّرت مليًّا في الأمر، ازداد شعوري سوءًا. فقط عندما بدأت في الشعور بالسلبية، تذكَّرتُ كلمات الله: "في عصر النعمة، أحسّ يسوع بالشفقة والنعمة على البشر. إن ضاع خروف واحد من بين مئة، كان يترك الخراف التسعة والتسعين ليبحث عن الضائع. لا يمثل هذا السطر نوعًا من العمل الميكانيكي، ولا قاعدةً؛ بل يُظهر قصد الله الملحِّ لجلب الخلاص إلى الناس، وكذلك محبته العميقة لهم. إنه ليس طريقةً لفعل الأشياء؛ إنّها نوع شخصية، ونوع عقلية" (الكلمة، ج. 3. أحاديث مسيح الأيام الأخيرة. الجزء الثالث). كان كلام الله مؤثرًا للغاية. حتى إن ضاع خروف من بين مائة، سيتحوَّل الله عن التسعة والتسعين ليعثر على الخروف الضال. أدركتُ أن رغبة الله في خلاص البشر جادة وصادقة. لا يريد الله أن يفقد أي أحد يؤمن به بحقٍّ، إنَّ محبَّته للبشرية عظيمة للغاية. عندما فكَّرتُ مليًّا في كلمات الله، شعرتُ بالخِزي. من أجل خلاص البشرية الفاسدة، أتى الله إلى الأرض مُتَجسِّدًا ودفع ثمنًا باهظًا، كل هذا على أمل أن المؤمنين الصادقين بالله سيأتون أمامه، ويقبلون خلاصه لهم. بَيْد أنني عندما واجهتُ صعوبات في الوعظ بالإنجيل، صِرتُ سلبية وانسحبت. لم أكن مراعية لمشيئة الله مطلقًا. ومع أن فانغ مين كانت مضطربة ومُشوَّشة وكان لديها بعض المفاهيم الدينية، فإنها كانت مؤمنة بالله بحقٍّ. كان عليَّ أن أبذل قصارى جهدي لأقدم لها شركة عن الحقِّ، وأبدد مفاهيمها، وأحضرها أمامه. كان هذا واجبي. تذكَّرتُ مقطعًا آخر من كلمات الله: "فقلب الإنسان وروحه تمسكهما يد الله، وكل حياة الإنسان تلحظها عينا الله. وبغض النظر عمّا إذا كنت تصدق ذلك أم لا، فإن أي شيء وكل شيء، حيًا كان أو ميتًا، سيتحوَّل ويتغيَّر ويتجدَّد ويختفي وفقًا لأفكار الله. هذه هي الطريقة التي يسود بها الله على كل شيء" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الله مصدر حياة الإنسان). منحتني كلمة الله الثقة والقوة. كل شيء بين يديِّ الله، بما فيها آراء البشر وأفكارهم. في نظر البشر، كانت فانغ مين مُشوَّشة في ذلك الوقت، وقد تعود إلى مَسْقط رأسها، وتضاءل الأمل في وعظها بالإنجيل. لكن الله له مطلق السيادة على كل شيء. إنْ كانت من خِراف الله، لفهِمتْ صوت الله. كل ما أمكنني فعله هو بذل قصارى جهدي للتعاون، وألَّا أستسلم حتى النهاية. وما إن أدركتُ هذا، صلَّيتُ لله: "إلهي! إن فانغ مين مُشوَّشة، والآن هي لا تجرؤ على تحرِّي الطريق الحق. إني أستودعها بين يديك. إنْ كانت من خِرافك، أتمنى أن أبذل كل ما في وسعي لأعظها بالإنجيل". عقبذلك، عَلِمتُ أن فانغ مين اعتقدت أن موعد قطارها كان في الساعة 9:10 مساءً، لكن في الواقع كان في الساعة 9:10 صباحًا، لذلك لم تتمّكن من المغادرة. أدركتُ أن قلوب وأرواح البشر كلها بين يدي الله، وأن الله هو الذي يُنظِّم ويرتِّب كل شيء. فشكرتُ الله مرَّة بعد أخرى في أعماق قلبي، وازداد شعوري بالثقة في وعظ فانغ مين بالإنجيل.
بعدئذ، توجَّهتُ لمقابلة فانغ مين، ورأيتُ أنها لا تزال مُتشبِّثة بمفاهيمها، فقرأت لها مقطعًا من كلمات الله القدير: "وحيث أننا نبحث عن آثار خُطى الله، علينا البحث عن مشيئة الله، وعن كلام الله، وعن أقوال الله، لأنه حيثما يوجد كلام الله الجديد، هناك يكون صوته، وحيثما توجد آثار أقدامه، هناك تكون أعماله. حيثما يوجد تعبير الله، نجد ظهور الله، وحيثما يُوجد ظهور الله، هناك يوجد الطريق والحق والحياة. أثناء سعيكم وراء آثار أقدام الله، تجاهلتم الكلمات التي تقول: "الله هو الطريق والحق والحياة". لذلك فحين يستقبل العديد من الناس الحق، فإنهم لا يؤمنون أنَّهم قد وجدوا آثار أقدام الله ناهيك عن أنَّهم لا يعترفون بظهور الله. يا له من خطأ جسيم! لا يمكن أن يتصالح ظهور الله مع تصورات الإنسان، ولا يمكن أن يظهر الله بحسب أمر من الإنسان. يقوم الله بتقرير اختياراته بنفسه ويحدد خطته بنفسه حين يقوم بعمله، فضلاً عن أن لديه أهدافه الخاصة وطرقه الخاصة. ليس مضطرًا إلى أن يناقش العمل الذي يقوم به مع الإنسان، أو يسعى إلى الحصول على نصيحة الإنسان، أو يخبر كل شخص بعمله. هذه هي شخصية الله ويجب على كل شخص الإقرار بهذا. إن كنتم راغبين في رؤية ظهور الله، إن كنتم ترغبون في اتباع آثار أقدام الله، فعليكم أولاً أن تتجاوزوا حدود تصوراتكم الشخصية. لا يجب أن تطلبوا أن يفعل الله هذا أو ذاك. كما يجب عليكم ألا تُحَجِّموا الله بمحدوديتكم وتصوراتكم الشخصية. بل عليكم أن تطلبوا من أنفسكم كيف ينبغي عليكم السعي وراء آثار أقدام الله، وكيف ينبغي عليكم قبول ظهور الله والخضوع لعمله الجديد؛ هذا ما يجب على الإنسان فِعله" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. مُلحق 1: ظهور الله استهل عصرًا جديدًا). بعد قراءة كلمات الله، عقدتُ شركة معها: "إذا كنا نريد الترحيب بعودة الربِّ، فلابد أن نتعلَّم التخلِّي عن مفاهيمنا. كما تعلمين أن أفكار الله تتجاوز الأفكار البشرية. إنَّ الله لا يعمل بحسب المفاهيم والتخيُّلات البشرية. "إن كلَّ كلمات الله وعمله موجود في الكتاب المقدس، ولا شيء يحدث خارج الكتاب المقدس" - هل لهذا أي أساس في كلمة الله؟ كلا. إن الرب يسوع لم يقل هذا أبدًا، ولم يشهد له الروح القدوس. إذًا، أليس ذلك مبنيًّا على المفاهيم والتخيُّلات بشرية؟ حينما أتى الرب يسوع للعمل، لم ينظر الفريسيُّون إلى مقدار الحقِّ الذي عبَّر عنه الرب يسوع. بدلاً من ذلك، تشبَّثوا بالعهد القديم، معتقدين أن كلام وعمل الرب يسوع يتجاوزان الكتاب المقدس. لقد استغلُّوا هذا كذريعةٍ ليدينوا الرب يسوع، مرتكبين في النهاية الخطيئة الشنيعة المتمثلة في تسميره على الصليب. يجب أن نتعلَّم درسًا من فشل الفريسيين! لا يُقيِّد أي شخص أو شيء كلام الله وعمله أبدًا، ناهيكِ عن الكتاب المقدس. يتكلَّم الله بالمزيد من الكلمات ويقوم بالمزيد من العمل الجديد وِفقًا لخطة تدبيره واحتياجات البشرية. لذا، لتحديد ما إذا كان الله القدير هو الرب يسوع العائد، لا يمكننا النظر فيما إذا كان كلام الله القدير وعمله يتجاوزان الكتاب المقدس. لابد أن ننظر فيما إذا كان كلام الله القدير هو الحق وما إذا كان الله القدير بإمكانه القيام بعمل الخلاص للبشرية، لأن الله وحده هو الطريق والحق والحياة، والله وحده هو الذي يُمكنه أن يُخلِّص البشرية. لقد قرأتِ كلام الله القدير، وتُقرِّين بسُلْطة كلمته وقوتها. فَضْلاً عن ذلك، تكشف كلماته خطة تدبير الله لستة آلاف عام، وأسرار الكتاب المقدس، ومن يمكنه دخول ملكوت السماوات، والغاية المستقبليَّة للجنس البشري. لا يوجد شخص يعرف أسرار الحقِّ هذه، والله وحده يمكنه كشفها..." لكن قبل أن أتمكَّن من إنهاء شركتي، قاطعتني فانغ مين ولم تدعني أقول المزيد. فاعتقدت أن هذا لأن شركتي لم تكن واضحة، لذا أردتُ أن تعقد الأخت جياين شركة مرة أخرى مع فانغ مين بعد ذلك، لكن فانغ مين لم تكن لتوافق. فساورني القلق الشديد. فإنني لم أؤمن بالله منذ فترة طويلة جدًّا، وفهمتُ القليل من الحقِّ، وقدمت شركة عنه بشكل غير واضح في معظمها. فشعرت بأنني لم أتمكَّن من حلِّ مشكلاتها. وفي مواجهة تلك الصعوبات، أردت الانسحاب والتراجع. قلتُ لنفسي مفكرةً: "إنْ كان لا يمكنني وعظها، فسأتوقف. هذا أمر في غاية الصعوبة!". كلما فكَّرت مليًّا في الأمر، شعرت أنني أكثر سلبية، وفي طريقي إلى المنزل، لم أشعر بأي دافع إطلاقًا.
في أحد الاجتماعات، عَلِمَ الإخوة والأخوات بحالتي، وقرأوا لي مقطعًا من كلمة الله. "إلى ماذا تشير هذه الكلمة "الإيمان"؟ الإيمان هو الاعتقاد الصادق والقلب المخلص اللذان ينبغي أن يمتلكهما البشر عندما لا يستطيعون رؤية شيء ما أو لمسه، وعندما لا يكون عمل الله متماشيًا مع المفاهيم البشرية، وعندما يكون بعيدًا عن متناول الإنسان. هذا هو الإيمان الذي أتحدَّث عنه. الناس بحاجة إلى الإيمان في أوقات الضيقة والتنقية؛ والإيمان هو شيء تتْبعه التنقية؛ ولا يمكن الفصل بين التنقية والإيمان. وبغض النظر عن كيفية عمل الله أو نوع بيئتك، فأنت قادر على متابعة الحياة والسعي للحق والبحث عن معرفة عمل الله، وفهم أفعال الله، ويمكنك التصرُّف وفقًا للحق. فعل ذلك هو معنى أن يكون لديك إيمان حقيقي، وفعل ذلك يدل على أنك لم تفقد إيمانَكَ بالله. لا يمكنك أن تتمتَّع بالإيمان الحقيقي بالله إلَّا إذا كنت قادرًا على المثابرة على السعي إلى الحق من خلال التنقية، وعلى محبة الله حقًا، ولم تكن لديك شكوك بشأنه؛ وما زلت تمارس الحق لترضيه بغض النظر عمّا يفعله، وكنت قادرًا على البحثِ في أعماق مشيئته ومراعاةِ إرادته" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أولئك المُزمَع تكميلهم لا بدّ أنْ يخضعوا للتنقية). بعد قراءة كلمات الله، شاركت معي إحدى الأخوات: "إنْ كنا سلبيين وننسحب حينما نواجه صعوبات في الوعظ بالإنجيل، فهذا في الأساس لأننا لا نفهم مشيئة الله. في واقع الأمر، يسمح الله لهذه الصعوبات بأن تأتي إلينا حتى يتكمَّل إيماننا ولنتعلَّم الاتِّكال على الله، وفي الوقت ذاته، من خلال هذه الصعوبات، يمكننا تسليح أنفسنا بالحقِّ ونتعلَّم أن نشهد لعمل الله". من خلال شركتها عن كلمة الله، أدركت أن لله مقاصد حسنة في الصعوبات التي نواجهها في الوعظ بالإنجيل. ويريد الله استخدام هذا ليُكمِّل إيماننا ويساعدنا على فهم المزيد من الحق. لكن عندما واجهتُ صعوبات، بدلاً من التفكير في الاتِّكال على الله والسعي للحق لتبديد مفاهيم فانغ مين وجلبها أمام الله، بقيت غارقة في الصعوبة وأردتُ الانسحاب والاستسلام. لم أرغب في بذل المزيد من الجهد أو دفع المزيد من الثمن، ولم أكن مراعية لمشيئة الله إطلاقًا. عندما كشفتني الحقائق، أدركتُ أخيرًا أنه لم يكن لديَّ إيمان بالله إطلاقًا، وكانت قامتي ضئيلة بشكل حقير. تذكَّرتُ كلمات الله: "وكلما تعاون الناس، وكلما سعوا إلى تحقيق معايير متطلبات الله، زاد عمل الروح القدس" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كيفية معرفة الحقيقة). إنها الحقيقة، كلما تعاون البشر، زاد لديهم عمل الروح القُدُس. ومع أن فانغ مين كانت تؤمن بالرب لأكثر من 20 عامًا وكانت على علمٍ بالكتاب المقدس، كان لديَّ كلمة الله القدير. إنَّ كلمة الله هي الحقُّ وبإمكانها حل كل مشاكل البشر. بفهم هذا، كنت أرغب في الاتِّكال على الله ودفع ثمن بصدق، وبذل قصارى جهدي لتبديد مفاهيمها.
بعدئذ، بحثتُ مع الإخوة والأخوات الذين فهموا الحقَّ حول المفاهيم التي تحملها فانغ مين، وساعدوني على إيجاد مقاطع ذات صِلةٍ من كلمة الله. ثم توجَّهتُ إلى منزل فانغ مين مرة أخرى وقرأت لها مقطعين من كلمة الله القدير: "هل نحتاج إلى تطبيق التعاليم على عمل الله؟ وهل يجب أن تكون وفقًا لنبوات الأنبياء؟ في النهاية، أيهما أعظم: الله أم الكتاب المقدس؟ لماذا يتحتم أن يكون عمل الله وفقًا للكتاب المقدس؟ أمن الممكن ألا يكون لله الحق في تجاوز الكتاب المقدس؟ ألا يستطيع الله أن يبتعد عن الكتاب المقدس ويعمل عملاً آخر؟ لماذا لم يحفظ يسوع وتلاميذه السبت؟ لو أنه كان ليعمل في ضوء السبت وبحسب وصايا العهد القديم، فلماذا لم يحفظ يسوع السبت بعد مجيئه، لكنه بدلاً من ذلك غسلَ أرجلًا وغطى الرأس وكسر خبزًا وشرب خمرًا؟ أليس هذا كله غير موجود في وصايا العهد القديم؟ لو كان يسوع يُكرِم العهد القديم، فلماذا خالف هذه التعاليم؟ يجب أن تعرف أيهما جاء أولاً، الله أم الكتاب المقدس! ألا يستطيع رب السبت أن يكون رب الكتاب المقدس أيضًا؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. بخصوص الكتاب المقدس (1)). "إذا كنت ترغب في أن ترى عمل عصر الناموس وأن ترى كيف اتبع بنو إسرائيل طريق يهوه، فلا بُدَّ أن تقرأ العهد القديم. أما إذا أردت أن تفهم عمل عصر النعمة، فلا بُدَّ أن تقرأ العهد الجديد. لكن كيف ترى عمل الأيام الأخيرة؟ لا بد أن تقبل قيادة إله اليوم وأن تدرك عمل اليوم لأن هذا هو العمل الجديد الذي لم يسبق أن سجله أحدٌ من قبل في الكتاب المقدس. اليوم اتخذ الله جسدًا وعيَّنَ مختارين آخرين في الصين. إن الله يعمل في أولئك، وهو يواصل عمله على الأرض، ويستكمل عمل عصر النعمة. إن عمل اليوم هو طريق لم يسلكه الإنسان من قبل ولم يره أحدٌ من قبل. إنه عمل لم يُعمَل من قبل؛ فهو أحدث أعمال الله على الأرض، لذلك فإن العمل الذي لم يحدث من قبل ليس تاريخًا، لأن الآن هو الآن، ولم يصبح ماضيًا بعد. لا يعرف الناس أن الله قد عمل عملاً أعظم وأحدث على الأرض وخارج إسرائيل، وأنه قد خرج بالفعل خارج نطاق إسرائيل وخارج نبوات الأنبياء. إنهم لا يعرفون أنه عملٌ جديد وعجيب خارج النبوات، وأنه عملٌ جديد خارج حدود إسرائيل، وأنه عملٌ لا يستطيع الناس أن يدركوه ولا أن يتخيلوه. كيف يمكن للكتاب المقدس أن يشتمل على سجلات صريحة عن هذا العمل؟ مَنْ عساه استطاع أن يسجل كل صغيرة من عمل اليوم دونما حذفٍ قبل أن يحدث؟ مَنْ بوسعه أن يسجل هذا العمل الأكثر عظمة وحكمة الذي يتحدى التقليد في الكتاب القديم البالي؟ إن عمل اليوم ليس تاريخًا، ولهذا، إذا أردتَ أن تسلك طريق اليوم الجديد، فلا بد أن تهجر الكتاب المقدس وأن تتجاوز كتب النبوة أو التاريخ في الكتاب المقدس. حينئذٍ فقط سوف تتمكن من السير في الطريق الجديد بصورة سليمة، وستتمكن من دخول الحالة الجديدة وإدراك العمل الجديد" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. بخصوص الكتاب المقدس (1)). بعد قراءة كلمات الله، شاركت معها: "بما أنكِ تؤمنين بأن كلمات الله القدير وعمله ليسا في الكتاب المقدس، فهو ليس الرب العائد. هذا يحد الله في الكتاب المقدس، وفي هذا تحديدٌ لله. ما الذي جاء أولًا؟ الله أم الكتاب المقدس؟ أكان الكتاب المقدس موجودًا حينما خلق الله السماوات والأرض وكل الأشياء؟ لم يكن لدى إبراهيم الكتاب المقدس. ولم يؤمن بالله بحسب الكتاب المقدس. أيمكننا القول إن إبراهيم لم يؤمن بالله؟ لا بد أن نفهم أن الكتاب المقدس ليس سوى السِّجل التاريخي لعمل الله. لقد وُضِعَ بعد أن أتمَّ الله عمله وبعد أن قامت الأجيال اللاحقة بتجميعه. عندما أتى الرب يسوع للعمل، لم يكن العهد الجديد موجودًا بعد. كان الناس لم يقرأوا إلا العهد القديم. لم يأتِ العهد القديم والجديد إلى الوجود إلا بعد قرون من عمل الرب يسوع. وهذا يثبت أن كلام الله وعمله جاءا أولًا، ثم دُوِّن الكتاب المقدس. هذه حقيقة. يظهر الله ويعمل في الأيام الأخيرة، إذًا كيف يعقل أن يُسَّجل كلامه وعمله في الكتاب المقدس سَلَفًا؟ إنْ كنا نريد الترحيب بالرب، فلابد أن نتجاوز الكتاب المقدس، ونتحرَّى ونقبل كلام الله وعمله الحاليين. هذا هو السبيل الوحيد لاتِّباع خُطى الله.". بعد أن عقدت شركة عن هذه الأمور مع فانغ مين، بدت وكأنها تفهم بعضًا منها، لكنها كانت لا تزال مرتبكة وقالت: "ما يقوله الله القدير صحيح. صحيح أن عمل الله جاء أولًا وبعده الكتاب المقدس، وأنا أدرك أن الله أعظم من الكتاب المقدس. لكنني كنتُ أقرأ الكتاب المقدس لعقودٍ ولا يمكنني أن أتخلَّى عنه ببساطة هكذا. مازلتُ بحاجة إلى قراءة الكتاب المقدس". ثم طَرَحَتْ عليَّ فانغ مين الكثير من الأسئلة الجديدة. كان سماعي هذه الأسئلة مُحيِّرًا بعض الشيء في البداية - فلم أدرِ أيًّا من جوانب الحقِّ أعقد شركة عنه لأجيبها عنها. بعد عودتي إلى المنزل، صلَّيت لله، طالبة منه أن يمنحني الاستنارة ويرشدني. وعندئذ أدركت أنه على الرغم من أنني لم أستطع الشركة بوضوح، كان بإمكاني قراءة كلام الله لها. ولذا أردتُ أن أعقد معها شركة مجددًا. وذات يوم، توجَّهتُ إلى منزلها ورأيتُ كتابًا مقدسًا مفتوحًا وكتابًا من كلام الله القدير على عتبة النافذة. فأدركتُ أنه رغم أنَّ فانغ مين قالت إنها لم تقبل عمل الله القدير، أرادت في أعماق قلبها أن تتحراه، ورأيتُ بارقة الأمل من أجلها.
لاحقًا، أصاب فانغ مين المرض ونُقِلَت إلى المستشفى. فأخذتُ إجازة من وظيفتي لأعتني بها وأقرأ لها كلمة الله. رأى رئيسي في العمل أنني كثيرًا ما أطلب إجازة، لذا وجد أعذارًا ليوبخني عن عَمْدٍ. في البداية، تمكنتُ من تحمُّل توبيخه. وشعرتُ أنه على الرغم مما عانيتُه، طالما استطاعت فانغ مين أن تقبل الطريق الحق، فلا بأس من ذلك. لكن بعد قراءة كلمة الله لها عدَّة مرات، لم توافق على التحري. وهنا، أصبحت محبطة مرة أخرى. شعرتُ أنني بذلتُ تضحية، لكنها استمرت في رفضها لي. إلى متى سيتعيَّن عليَّ أن أعظها حتى تقبل بالأمر؟ كلما فكَّرتُ مليًّا في الأمر، شعرتُ بالإحباط والتأزُّم، وقلَّتْ رغبتي في التعاون. بعدئذ، قرأت في كلمة الله: "هل تدرك العبء الذي تحمله على عاتقك وإرساليتك ومسؤوليتك؟ أين هو إحساسك بالإرسالية التاريخية؟ وكيف يمكنك أن تخدم كوَكيلٍ صالح في العصر القادم؟ هل لديك فهمٌ عميقٌ لوكالتك؟ كيف تفسّر ربّ كل الأشياء؟ هل هو حقًّا ربُّ كل المخلوقات وحقيقةُ كل ما في العالم؟ ما هي خطتك لِتُقبِل على المرحلة التالية من العمل؟ كم من الناس ينتظرونك لترعاهم؟ أتشعر أن مهمتك ثقيلة؟ هم فقراء، مزدرون، عميان، وضائعون، يئنّون في الظلمة قائلين "أين الطريق؟" كم يتوقون للنور كشهابٍ لينطلق نازلًا فجأة حتى يُبدّد قوةَ الظلام التي قَمعت الإنسانَ لأعوام طويلة. من تراه يعرف كم تلهّفوا مترجّين هذا الأمر، وكم خارت قواهم في الليل والنهار؟ حتى في ذلك اليوم الذي يسطع فيه النور؛ يظل هؤلاء الذين يتألمون بعمق سجناء في غياهب الظلام، لا رجاء لهم ليُعتَقوا فمتى يتوقف بكاؤهم؟ يا لشقاء هذه الأرواح الهشّة التي لم تختبر الراحة يومًا وبَقُوا موثَقين طويلًا في هذه الحال بحبال القسوة والتاريخ الذي توقّف في مكانه. من تراه قد سمع صوت نحيبهم؟ ومن قد رأى مظهرهم التعس؟ هل فكّرتَ يومًا كم أنَّ قلب الله حزين ومتلهّف؟ كيف يمكن لله أن يحتمل رؤية البشرية البريئة التي خلقها بيديه تعاني عذابًا كهذا؟ على أية حال، البشر هم الضحايا الذين قد تجرّعوا السّمَّ. وبالرغم من كونهم على قيد الحياة إلى يومنا هذا، مَن كان يظن أن الشرير قد جعلهم يتجرّعون السمّ منذ زمن بعيد؟ هل غاب عنك أنك أحد ضحاياه؟ ألا تسعى لخلاص من بقي حيًّا من منطلق محبتك لله؟ ألست مستعدًّا لأن تكرّس كل طاقتك لتردّ الجميل للإله الذي يُحبّ البشرية كلحمه ودمه؟" (الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. كيف تُقبِلُ على إرساليتك المستقبلية؟). لقد استطعت أن أشعر بمقصد الله المُلِح من كلماته. بالنسبة لأولئك الذين يعيشون تحت سيادة الشيطان ولم يأتوا أمام الله، فإن الله يشعر بالانزعاج والقلق، ويأمل أن يتمكَّن الذين يؤمنون به حقًّا من نَيل الخلاص في الأيام الأخيرة. وبصفتي شخصًا قَبِلَ عمل الله في الأيام الأخيرة، كنتُ أعلم أن عليَّ جلب أولئك الذين لم يأتوا أمام الله إلى بيت الله ليقبلوا خلاصه. لقد كان هذا واجبي الإلزامي. استُشْهِدَ الكثيرون في سبيل نشر الإنجيل في عصر النِّعمة، وفي النهاية، انتشر الإنجيل في كل أرجاء العالم وأصبح معروفًا للجميع. كما فكَّرتُ في نوح الذي بنى الفُلْك حتى يفي بإرسالية الله. لمدة 120 عامًا متواصلًا، ورغم الصعوبات والسخرية والافتراء التي واجهها خلال هذه الفترة، فإنه لم يستسلم. في النهاية، أتمَّ إرسالية الله وربح رضا الله. كان نوح يؤمن بالله إيمانًا عظيمًا. ومع أنني واجهت بعض الصعوبات في الوعظ بالإنجيل وتحمَّلتُ بعض المعاناة، فقد كانت هذه بعيدة كل البُعْد عن التضحيات التي بذلها القدِّيسون على مرِّ العصور. عُدت بذاكرتي إلى حينما كان إخوتي وأخواتي يعظونني بالإنجيل. لقد رفضتهم أيضًا المرة تِلْو الأخرى، وتعيَّن عليهم أن يعظوني بمحبة عدَّة مرات قبل أن أقبل ذلك. والآن، مع فانغ مين، لماذا لم أتمكَّن من معاملتها بنفس قدر الحب الذي أظهروه تجاهي؟ إنها لم تفهم الحقَّ بعد، وكانت تَئنُّ في عبودية المفاهيم الدينية، إذًا، أليس من الطبيعيِّ أن تقاوم؟ لم يكن من الممكن بالنسبة لي أن أتخلَّى عنها لمجرد أن الأمر كان صعبًا بعض الشيء. حين أدركتُ هذا، شعرتُ بندمٍ شديد، وأقسمتُ يمينًا لله: أيًّا كانت الصعوبات التي أواجهها وأنا أعظ بالإنجيل، سأبذل قصارى جهدي لأتعاون – فقد كانت هذه مسؤوليتي وواجبي.
لاحقًا، واصلت الاعتناء بِـ فانغ مين، وقراءة كلمات الله لها. وذات يوم، قالت لي: "من خلال كلام الله الذي قرأتِه لي خلال هذه الفترة، أفهم أن الناس لا يجب أن يُحَدِّدوا لله بما هو موجود في الكتاب المقدس، إنَّ عمل الله دائمًا جديد وليس قديمًا أبدًا، وما يحتويه الكتاب المقدس هو عمل الله في الماضي. إنْ عاد الله وفعل الأشياء المُسجَّلة في الكتاب المقدس، فسوف يتكرر عمل الله. سيفقد معناه بهذه الطريقة. فقط حينما يقوم الله بعمل جديد يتجاوز الكتاب المقدس، ممكنًا البشر من الخضوع للدينونة والتطهير بِناءً على قبول عمل الفداء للرب يسوع، يمكنهم أن ينالوا الخلاص حقًّا. إنْ كنتُ لا أزال مُتشبِّثة بعمل الله السابق، حتى ولو قرأت الكتاب المقدس طوال حياتي، فلن أربح الحقَّ والحياة. يجب أن أتَّبع خُطى الله وأقبل خلاصه في الأيام الأخيرة". عندما أدركتُ أنَّ فانغ مين قد عادت إلى رُشْدها أخيرًا، كنتُ في أَوْج سعادتي. وأدركتُ أيضًا أن خِراف الله تُصغي إلى صوت الله. مهما أربكهم الشيطان أو مهما كان عدد المفاهيم التي يحملونها، فإنهم سيقبلون الحقَّ ويأتون أمام الله في نهاية المطاف. عقب ذلك، شَرَعَتْ فانغ مين في قراءة كلمات الله بشكل استباقيٍّ وحضور الاجتماعات، وبدأت تتماثل للشفاء تدريجيًّا. أقامت الأخت جياين الكثير من الشركات حول كلمة الله لمعالجة صعوبات فانغ مين ومفاهيمها، وسرعان ما تيقنتْ من عمل الله في الأيام الأخيرة. فقد قالت لي: "عندما قرأتِ لي كلمة الله في الماضي، رغم أنني تجاهلتكِ في الظاهر، فقد كنتُ أستمع في واقع الأمر إلى بعض منه. لقد شعرتُ أن كلام الله القدير كان يحمل الحقَّ في طيَّاته، لكنني كنتُ أخشى أن أؤمن على نحو خاطئ، لذلك لم أجرؤ على قبوله. إنني الآن أفهم على استعداد لقبوله!". عندما رأيتُ فانغ مين متيقنة من عمل الله، شعرتُ بسعادة غامرة، وشعرت بشدة كيف يُحدِّد الله اللحظة التي يعود فيها كل امرئ إلى بيته. وما دمنا نتَّكِل على الله بصدق، يمكننا أن نرى أعماله. لاحقًا، عَرَضتْ فانغ مين أن تنشر الإنجيل بين أصدقائها ومعارفها. وبعد فترةٍ من التعاون، قَبِلَ أربعة عشر شخصًا خلاص الله في الأيام الأخيرة.
من خلال هذا الاختبار للوعظ بالإنجيل، رأيتُ أعمال الله حقًّا. خلال هذه الفترة، وعلى الرغم من أنني واجهتُ صعوبات جمَّة، وأحيانًا كنتُ أصبح سلبية وأنسحب، أدركتُ كيف كان الله يستغل هذا ليُكمِّل إيماني ومحبتي، وليساعدني على تزويد نفسي بالمزيد من الحق. كما اختبرتُ كيف أن الاتِّكال على الله والنظر إلى الله هما أعظم حكمة. ومنذ ذلك الحين، وأنا أكثر تصميمًا على الوعظ بالإنجيل والشهادة لله.