24. كيفية علاج الشخصيات الفاسدة لدى المرء ونيل التطهير

كلمات الله القدير في الأيام الأخيرة

بعد عدة آلاف من السنين التي ساد فيها الفساد، أصبح الإنسان فاقداً للحس ومحدود الذكاء، وغدا شيطاناً يعارض الله، حتى وصل الأمر إلى أن تمرد الإنسان على الله قد وُثِّق في كتب التاريخ، بل إن الإنسان نفسه لم يعد قادراً على إعطاء وصف كامل لسلوكه المتمرّد؛ لأن الشيطان أفسد الإنسان بشدة، وضلله إلى الحد الذي لم يعد يعرف له فيه ملاذاً يلجأ إليه. وحتى في يومنا هذا، مازال الإنسان يخون الله: عندما يحظى الإنسان برؤية الله فإنه يخونه، وعندما يعجز عن رؤية الله يخونه أيضا. بل إن هناك أناسًا بعد أن شهدوا لعنات الله وغضبه لا يزالون مستمرين في خيانته. ولذا يمكنني أن أقول إن تفكير الإنسان قد فقد وظيفته الأصلية، وإن ضمير الإنسان، أيضاً، فقد وظيفته الأصلية. ... الإنسان، الذي وُلد في مثل هذه الأرض القذرة، قد أعداه المجتمع إلى درجة خطيرة، كُيِّف بواسطة الأخلاق الإقطاعية، وتلقى التعليم في "معاهد التعليم العالي". التفكير المتخلّف، والأخلاقيات الفاسدة، والنظرة الوضيعة إلى الحياة، وفلسفة التعاملات الدنيوية الخسيسة، والوجود الذي لا قيمة له على الإطلاق، وعادات الحياة اليومية الدنيئة – كل هذه الأشياء ظلت تدخل عنوة إلى قلب الإنسان، وتتلف ضميره وتهاجمه بشدة. ونتيجة لذلك، أصبح الإنسان بعيدًا عن الله أكثر فأكثر، وراح يعارضه أكثر فأكثر، كما غدت شخصية الإنسان أكثر قسوة يومًا بعد يوم. لا أحد يتنازل عن أي شيء من أجل الله عن طيب خاطر، كما لا يوجد شخص واحد يمكن أن يخضع لله عن طيب خاطر، بل إنه لا يوجد شخص واحد يمكن أن يطلب ظهور الله عن طيب خاطر. بدلًا من ذلك، يسعى الإنسان إلى اللذة بقدر ما يشاء، تحت نفوذ الشيطان، ويفسد جسده في الوحل دونما قيد. وحتى عندما يسمع الذين يعيشون في الظلام الحق، لا يكون لديهم أي رغبة في ممارسته، ولا يميلون إلى الطلب، حتى عندما يرون أن الله قد ظهر بالفعل. كيف يكون لبشر منحطين على هذا النحو أي هامش للخلاص؟ كيف يمكن لبشر منحلين على هذا النحو أن يعيشوا في النور؟

يجب أن تتغير شخصية الإنسان بداية من معرفة جوهره وعبر إحداث تغييرات في تفكيره وطبيعته ونظرته العقلية، وذلك من خلال تغييرات أساسية. هذه هي الطريقة الوحيدة التي يمكن بها تحقيق تغييرات حقيقية في شخصية الإنسان. فالسبب الجذري للشخصيات الفاسدة التي تنشأ في الإنسان هو تضليل الشيطان وفساده وسُمه، والشيطان قيَّد الإنسان وسيطر عليه، والإنسان يعاني من الضرر المذهل الذي أصاب به الشيطان تفكيره وأخلاقه وبصيرته وعقله. ولهذا بالتحديد، أي لأن هذه المكونات الأساسية في الإنسان قد أفسدها الشيطان، وأصبحت لا تشبه على الإطلاق الصورة التي خلقها الله عليها في الأصل، بات الإنسان يعارض الله ولا يمكنه قبول الحق. لهذا، ينبغي أن يبدأ تغيير شخصية الإنسان بإدخال تغييرات في تفكيره وبصيرته ومنطقه بحيث تؤدي إلى تغيير معرفته عن الله ومعرفته عن الحق. أولئك الذين ولدوا في أكثر بقاع الأرض فساداً هم أكثر جهلاً بماهية الله، أو بما يعنيه الأيمان بالله. فكلما كان الناس أكثر فسادًا تضاءلت فرصة علمهم بوجود الله، وزاد ضعف منطقهم وبصيرتهم. إن مصدر معارضة الإنسان وتمرده على الله هو الإفساد الذي ألحقه به الشيطان. بسبب فساد الشيطان، تخدَّر ضمير الإنسان، واضمحلت أخلاقه وأفكاره، وتخلَّفت نظرته الذهنية. أما قبل أن يفسد الشيطان الإنسان، فقد كان الإنسان بطبيعة الحال يخضع لله ويخضع لكلماته بعد سماعها. كان بطبيعته يتمتع بتفكير سديد وضمير سليم وطبيعة بشرية عادية. أما بعدما أفسده الشيطان أُصيب منطقه وضميره وإنسانيته الأصليين بالتبلد ولحقها التلف بفعل الشيطان. وبهذه الطريقة، فقد خضوعه ومحبته لله. أصبح منطق الإنسان شاذًا، وأصبحت شخصيته مشابهة لشخصية الحيوان، وأصبح تمرده على الله أكثر تكراراً وأشد إيلاماً. ومع ذلك فإن الإنسان لا يعلم ذلك ولا يلاحظه، وبكل بساطة يعارض ويتمرد. إن الكشف عن شخصية الإنسان هو تعبير عن تفكيره وبصيرته وضميره، ولأن عقله وشخصيته فاسدان، ولأن ضميره تخدّر إلى أقصى حد، فقد أصبحت شخصيته متمردة على الله. إذا كان تفكير الإنسان وبصيرته غير قابلين للتغيير، فإن التغييرات في شخصيته تصبح غير واردة؛ حيث يصبح حسب قلب الله. إذا كان تفكير الإنسان غير سليم، فإنه لا يكون قادراً على خدمة الله ويصبح غير صالح لأن يستخدمه الله. المقصود من "التفكير العادي" هو الخضوع لله والإخلاص له، والشوق إليه، والتوجه إليه بطريقة لا لبس فيها، وامتلاك ضمير متجه نحو الله. والمقصود منه أيضًا هو أن يتوحّد القلب والعقل تجاه الله، لا في الاتجاه المعارض عمدًا لله. إن مَنْ يمتلكون "تفكيراً ضالاً" ليسوا على هذه الشاكلة. فمنذ أن أفسد الشيطان الإنسان أنتج هذا الأخير تصورات عن الله، ولم يعد لديه ولاء أو شوق إلى الله، فضلاً عن ضمير يتجه نحو الله. يعارض الإنسان الله عن عمد ويصدر الأحكام عليه، إضافة إلى أنه يرشقه بمفردات القدح من وراء ظهره. يعرف الإنسان بوضوح أنه الله، ومع ذلك يستمر في إدانته من وراء ظهره، وليس لديه أي نية لأن يخضع له، ولا يتوجه سوى بالمطالب والطلبات العمياء إلى الله. لا يمتلك هذا النوع من الناس، أي الناس الذين يمتلكون تفكيراً ضالاً، القدرة على ملاحظة تصرفاتهم الخسيسة أو الشعور بالندم على تمردهم. إذا كان الناس يمتلكون القدرة على معرفة أنفسهم، فبإمكانهم استعادة القليل من قدرتهم على التفكير المنطقي، وكلما ازداد تمرد الناس على الله بينما يجهلون أنفسهم، ازداد انحراف تفكيرهم.

– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. أن تكون شخصيتك غير متغيرة يعني أنك في عداوة مع الله

ليس في وسع الناس أن يغيروا شخصيتهم بأنفسهم، بل لا بُدَّ لهم من الخضوع للدينونة والتوبيخ والمعاناة والتنقية في كلام الله، أو أن يتم تأديبهم وتهذيبهم بواسطة كلامه. حينئذٍ فقط يستطيعون أن يبلغوا الخضوع لله والإخلاص له، ولا يتعاملون معه بلا مبالاة؛ فشخصيات الناس لا تتغير إلا بتنقية كلام الله. إن أولئك الذين يتعرضون للكشف والدينونة والتأديب بواسطة كلام الله، هُم وحدهم الذين لن يجرؤوا بعدُ على التصرف باستهتار، بل يصبحون بدلًا من ذلك ثابتين وهادئين. وأهم ما في الأمر أن يكونوا قادرين على الخضوع لكلام الله الحالي ولعمله، وحتى إن تعارض ذلك مع تصوراتهم البشرية، ففي وسعهم أن ينحّوا هذه التصورات جانبًا ويخضعوا طوعًا. في الماضي، كان الحديث عن التغيرات في الشخصية يدور بصفة رئيسية حول تمرد المرء على ذاته، وترك الجسد يعاني، وتأديب جسد المرء، والتخلص من الرغبات الجسدية؛ وهذا نوع واحد من التغيير في الشخصية. بيد أنَّ الجميع أصبحوا يعرفون اليوم أن التعبير الحقيقي عن التغيير في الشخصية هو الخضوع لكلام الله الحالي ومعرفة عمله الجديد حقّ المعرفة. بهذه الطريقة يمكن التخلص من فهم الناس السابق عن الله، والذي تأثر بتصوراتهم، ويمكنهم أن يبلغوا معرفة حقيقية بالله وخضوعًا له، وهذا وحده ما يُعَد تعبيرًا حقيقيًا عن التغير في الشخصية.

– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. الناس الذين تغيرت شخصياتهم هم الذين دخلوا إلى حقيقة كلام الله

إذا أراد الإنسان أن يتطهر في حياته ويحقق تغييرات في شخصيته، وإذا أراد أن يحيا حياة ذات معنى، وأن يفي بواجبه ككائن مخلوق، فيجب عليه أن يقبل توبيخ الله ودينونته، ويجب ألا يسمح لتأديب الله وضربه أن يبتعدا عنه، حتى يتمكن من تحرير نفسه من تلاعب الشيطان وتأثيره، ويعيش في نور الله. اعلم أن توبيخ الله ودينونته هما النور، ونور خلاص الإنسان، وأنه لا توجد بركة أو نعمة أو حماية أفضل من ذلك للإنسان. يعيش الإنسان تحت تأثير الشيطان، ويوجد في الجسد؛ فإذا لم يتطهر ولم ينل حماية الله، فسيصبح أكثر فسادًا. إذا أراد الإنسان أن يحب الله، فيجب أن يتطهر ويخلُص. صلى بطرس قائلًا: "يا الله، عندما تعاملني بلطف أكون مسرورًا، وأشعر بالراحة؛ وعندما توبخني أشعر بقدر أكبر من الراحة والفرح. ومع أنني ضعيف، وأقع تحت معاناة لا توصف، ورغم وجود دموع وحزن، فأنت تعلم أن هذا الحزن بسبب تمردي، وبسبب ضعفي. إنني أبكي لأنني لا أستطيع إرضاء مقاصدك، وأشعر بالحزن والأسف لأنني لا أفي بمتطلباتك، لكنني على استعداد لتحقيق هذا المستوى، وراغب في أن أفعل كل ما في وسعي لإرضائك. لقد منحني توبيخك الحماية، ووهبني الخلاص الأفضل؛ دينونتك تفوق تسامحك وصبرك. بدون توبيخك ودينونتك، لم أكن لأتمتع برحمتك وعطفك المحب. اليوم، أرى بدرجة أكبر أن محبتك قد تجاوزت السماوات وتفوقت على كل شيء. ليست محبتك محض رحمة أو عطف محب فحسب؛ بل هي، أكثر من ذلك بكثير، توبيخ ودينونة. لقد ربحت الكثير جدًا من توبيخك ودينونتك؛ بدون توبيخك ودينونتك، لم يكن لشخص واحد أن يُطهَّر، ولم يكن لشخص واحد أن يتمكن من اختبار محبة الخالق".

– الكلمة، ج. 1. ظهور الله وعمله. اختبارات بطرس: معرفته بالتوبيخ والدينونة

في سياق اختبار عمل الله، بغض النظر عن عدد المرات التي فشلت فيها، أو سقطت، أو تم تهذيبك، أو كشفُك، فتلك ليست أمورًا سيئة. بصرف النظر عن طريقة تهذيبك، أو ما إذا كان ذلك على يد القادة أو العاملين أو إخوتك أو أخواتك، فهذه كلُّها أشياء جيِّدة. ينبغي أن تتذكَّر هذا: بصرف النظر عن مدى معاناتك، فإنك تستفيد بالفعل. وأيُّ شخصٍ لديه اختبارٌ يمكنه أن يشهد على ذلك. مهما يكن، فإن تهذيبك أو كشفَك هو شيء جيد دائمًا. فهو ليس إدانة. إنه خلاص الله لك، وأفضل فرصة بالنسبة لك لكي تتعرف على نفسك. بل يمكن لذلك أن ينقل تجربة الحياة الخاصة بك إلى مستوى جديد. ودون ذلك، لن تمتلك لا الفرصة ولا الظروف ولا السياق الملائم لتتمكن من الوصول إلى فهم حقيقة فسادك. إذا كنت تفهم الحقَّ بالفعل وتمكَّنت من اكتشاف الأشياء الفاسدة المُخبَّأة في أعماق قلبك، وإذا تمكَّنت من تمييزها بوضوحٍ، فهذا جيِّدٌ ويكون قد حلَّ مشكلةً رئيسيَّة ترتبط بدخول الحياة وله فائدة كبيرة للتغييرات في الشخصيَّة. أن تتمكن من معرفة نفسك حقًّا هو أفضل فرصة بالنسبة إليك لإصلاح سبلك والتحوُّل إلى شخص جديد. إنها أفضل فرصة لك لاقتناء حياة جديدة. ما إن تتوصل إلى معرفة نفسك حقًّا، حتى تتمكَّن من رؤية أنه متى أصبح الحقُّ حياة المرء، فذلك شيء ثمين في الواقع، وستتعطش إلى الحقِّ، وتمارس الحق، وتدخل في الواقع. وهذا أمر رائع فعلًا! إذا استطعت أن تغتنم هذه الفرصة لتتفكَّر في نفسك باجتهاد وتكتسب معرفة حقيقية بنفسك كلما فشلت أو سقطت، فستتمكَّن – في خضم السلبية والضعف – من النهوض والوقوف على رجليك مرة أخرى. وبمجرد أن تتجاوز هذه العتبة، ستكون قادرًا على أن تخطو خطوة كبيرة إلى الأمام وتدخل في واقع الحقِّ.

إذا آمنت بسيادة الله، فعليك أن تصدِّق أن الأحداث اليومية، سواء كانت جيدة أم سيئة، لا تحدث عشوائيًا. فليس الأمر أن شخصًا ما يعاملك بقسوةٍ عمدًا أو يستهدفك؛ إنما الله في الواقع هو من رتَّب هذا كله ونظمه. لماذا ينظم الله كل هذه الأمور؟ ليس الهدف من هذا أن يفضح حقيقتك أو يكشف عنك ويستبعدك؛ ليس الكشف عنك هو الهدف النهائي، بل الهدف هو أن يُكمِّلك ويُخلّصك. كيف يكملك الله؟ وكيف يخلصك؟ يبدأ بأن يجعلك تدرك شخصيتك الفاسدة وتعرف جوهر طبيعتك وعيوبك وما تفتقر إليه. فقط من خلال معرفة هذه الأمور وفهمها يمكنك السعي إلى الحق والتخلص تدريجيًا من شخصيتك الفاسدة. هذه فرصة يمدك الله بها. هذه رحمة الله. وعليك أن تعرف كيف تغتنم هذه الفرصة. ينبغي ألا تقاوم الله، وألا تعارضه أو تسيء فهمه. وتحديدًا عندما تواجه الناس، والأحداث، والأشياء التي يرتِّبها الله حولك، لا تشعر دائمًا أن الأمور ليست كما تتمنى أن تكون؛ لا تتمنى دائمًا أن تهرب منها، أو تشكو دائمًا من الله وتسيء فهمه. إذا كنت تقوم بتلك الأمور دائمًا، فأنت لا تختبر عمل الله، وسيصعِّب هذا عليك جدًا الدخول في واقع الحق. ومهما كان الشيء الذي تواجهه ولا يمكنك فهمه فهمًا كاملًا، أو الذي يجعلك تختبر الصعوبات، فيجب أن تتعلَّم الخضوع. ينبغي أن تبدأ أولًا بالمجيء أمام الله والصلاة أكثر. بهذه الطريقة، سرعان ما سيحدث تحوّل في حالتك الداخلية وستكون قادرًا على طلب الحق لمعالجة مشكلتك، وكذلك ستكون قادرًا على طلب الحق لعلاج مشكلتك. وهكذا، ستكون قادرًا على اختبار عمل الله. ومع حدوث ذلك، سيتشكَّل واقع الحق في داخلك، وبهذه الطريقة سوف تتقدم وسيحدث تغيير في حالة حياتك. حالما تمر بهذا التغيير، وتمتلك واقع الحق هذا، ستمتلك قامة أيضًا، ومع القامة تأتي الحياة. إذا كان شخص ما يحيا دائمًا بحسب شخصية شيطانية فاسدة، فبغض النظر عن مقدار الحماسة أو الطاقة المتوفرة لديه لا يمكن النظر إليه على أنَّه يمتلك قامةً أو حياةً. يعمل الله في كل شخصٍ، وبغض النظر عن طريقته، أو نوع الأشخاص، والأحداث، والأشياء التي يستخدمها في خدمته، أو نوع النبرة التي لكلماته، فليس له إلا هدف نهائي واحد: خلاصك. إنه يريد تغييرك قبل أن يُخلِّصك، فكيف لا تعاني قليلًا؟ سيكون عليك أن تعاني. وقد تنطوي هذه المعاناة على أمورٍ كثيرة. أوَّلًا، يجب أن يعاني الناس عند قبول دينونة كلام الله وتوبيخه. وعندما يكون كلام الله شديدًا وواضحًا للغاية والناس يسيئون فهم الله – بل ولديهم مفاهيم – من الممكن أن يكون ذلك مؤلمًا أيضًا. أحيانًا يُهيِّئ الله بيئة حول الناس لكشف فسادهم ولدفعهم على التأمُّل ومعرفة أنفسهم، وسوف يعانون قليلًا بعد ذلك أيضًا. وأحيانًا، عند تهذيب الناس والتعامل معهم وكشفهم بصورة مباشرة، ينبغي أن يعانوا. ويبدو الأمر كما لو أنهم يخضعون لعمليَّةٍ جراحيَّة؛ فإذا لم تكن هناك معاناة فلن يكون هناك تأثير. إذا كنت في كل مرة تتعرض فيها للتهذيب، وفي كل تنكشف فيها بواسطة بيئة ما، يثير هذا مشاعرك ويعطيك دفعة، فمن خلال هذه العملية، سوف تدخل في واقع الحق، وسوف تكون لك قامة. إذا كنت في كل مرة تتعرض فيها للتهذيب، وللكشف بواسطة بيئة ما، لا تشعر بأي ألم أو عدم راحة بأي قدر، ولا تشعر بأي شيء على الإطلاق، وإذا كنت لا تأتي أمام الله لتطلب مقاصده، ولا تصلي أو وتطلب الحق، فأنت فعلًا مخدّر جدًا! لا يعمل الله فيك عندما لا تشعر روحك بأيّ شيءٍ ولا تتفاعل. إن كان ثمة شخص مخدرًا للغاية، وليس لديه أي وعي روحي؛ لن يكون لدى الله طريقة للعمل عليه. سيقول الله: "هذا الشخص مخدّر للغاية وقد أفسِد بشكل عميق جدًا. بصرف النظر عن كيفيَّة تأديبي له، أو تهذيبي له، أو محاولة كبح جماحه، انظروا إلى كل ما فعلته، وكل الجهود التي بذلتُها، لا أزال أعجز عن تحريك قلبه أو إيقاظ روحه. سيكون هذا الشخص في مشكلة؛ ليس خلاصه سهلًا". إذا كان الله يرتب بيئات، وأشخاص، وأحداث، وأشياء معينة لك، وإذا كان يهذّبك، وإذا كنتَ تتعلّم دروسًا من هذا، وإذا كنتَ قد تعلّمت أن تمثل أمام الله، وتعلمت اأن تطلب الحق، ودون أن تعلم حظيت بالاستنارة والإضاءة ونلت الحق، وإذا اختبرتَ تغييرًا في هذه البيئات وكسبتَ مكافآت وأحرزتَ تقدمًا، وإذا بدأت تحصل على بعض الفهم لمقاصد الله وكففت عن التذمر، فسيعني كل هذا أنّك صمدت في وسط تجارب هذه البيئات وصمدت أمام الاختبار. وهكذا، ستكون قد تجاوزتَ هذه المحنة. كيف سينظر الله إلى أولئك الذين يجتازون الاختبار؟ سوف يقول الله إن لديهم قلبًا صادقًا ويمكنهم تحمُّل هذا النوع من المعاناة وإنهم من أعماقهم يحبّون الحقّ ويريدون ربح الحقّ. إذا كان لدى الله هذا النوع من التقييم لك، ألست شخصًا يتمتَّع بالقامة؟ ألا تملك الحياة إذًا؟ وكيف يجري نيل هذه الحياة؟ هل هي ممنوحة مِن الله؟ يمدّك الله بطرقٍ متنوّعة ويستخدم العديد من الأشخاص، والأحداث، والأشياء لتدريبك. ويكون الأمر كما لو أن الله يمنحك بنفسه طعامًا وشرابًا، ويُقدِّم لك بنفسه العديد من الأغذية أمامك لتأكلها حدّ الشبع وتستمتع بها؛ وعندئذ فقط يمكنك النموّ والوقوف بقوَّةٍ. هذه هي الطريقة التي يجب أن تفهم بها هذه الأشياء؛ هذه هي الطريقة لتكون مطيعًا لكل ما يأتي من الله. يجب أن تمتلك هذا النوع من الحالة الذهنية وهذا السلوك، ويجب أن تتعلم كيف تسعى إلى الحقيقة. يجب ألا تبحث دائمًا عن أسباب خارجية أو تلوم الآخرين على مشاكلك، ويجب أن تفهم مقاصد الله. في الظاهر، قد يبدو أن بعض الأشخاص لديهم آراء عنك أو تحيزات ضدك، لكن يجب ألا ترى الأشياء على هذا النحو. إذا رأيت الأشياء من وجهة نظر خاطئة، فإن الشيء الوحيد الذي ستفعله هو مناقشة الآخرين بالمنطق، ولن تكون قادرًا على تحقيق أي شيء. يجب أن ترى الأشياء بموضوعية وتقبل كلّ شيءٍ من الله. عندما تنظر إلى الأشياء بهذه الطريقة، سوف يكون من السهل عليك الخضوع لعمل الله، وسوف تتمكَّن من طلب الحقّ وفهم مقاصد الله. بهذه الطريقة، سوف تسعى إلى الحق وتفهم قصد الله. بمجرد تصحيح وجهة نظرك وحالتك الذهنية، ستتمكَّن من بلوغ الحق. لماذا لا تفعل ذلك فحسب إذًا؟ لماذا تقاوم؟ إذا توقَّفت عن المقاومة، فسوف تربح الحقّ. وإذا قاومت، فلن تربح شيئًا بل ستجرح مشاعر الله وتُخيِّب آماله. لماذا سيصاب الله بخيبة الأمل؟ لأنك لا تقبل الحقّ ولا رجاء لك في الخلاص والله لا يربحك، فكيف لا يصاب بخيبة الأمل؟ عندما لا تقبل الحقّ، فهذا معناه إبعاد الطعام الذي قدَّمه الله لك بنفسه. وأنت تقول إنك لست جائعًا ولست بحاجةٍ إليه؛ والله يحاول مرارًا وتكرارًا أن يُشجِّعك على تناول الطعام لكنك ما زلت لا تريده وتُفضِّل الجوع. تعتقد أنك شبعانٌ بينما في الواقع ليس لديك أيّ شيءٍ على الإطلاق. مثل هؤلاء الناس يفتقرون إلى العقل وهم أبرارٌ للغاية في أعين أنفسهم؛ فهم لا يعرفون بالفعل الشيء الجيِّد عندما يرونه وهم أكثر الناس عوزًا وأكثرهم مدعاةً للرثاء.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. ينبغي للمرء أن يتعلم من الأشخاص، والأحداث، والأشياء القريبة منه لكي يربح الحق

إذا كنتَ ترغب في أن تُطهَّر من الفساد وأن تتغير شخصيَّتك الحياتية، فينبغي عليك أن تحبّ الحقّ وأن تكون قادرًا على قبوله. ما معنى قبول الحقّ؟ يعني قبول الحقّ أنه بصرف النظر عن نوع الشخصيَّة الفاسدة التي لديك أو نوع سموم التنِّين العظيم الأحمر – سموم الشيطان الموجودة في طبيعتك – عندما يكشف كلام الله هذه الأشياء، ينبغي أن تعترف بها وتخضع، ولا يمكنك أن تختار خيارًا مختلفًا، ويجب أن تعرف نفسك وفقًا لكلام الله. يعني هذا أن تتمكن من قبول كلام الله وقبول الحق. وبصرف النظر عمَّا يقوله الله، وعن صرامة أقواله، وعن الكلام الذي يستخدمه، يمكنك قبوله ما دام ما يقوله هو الحقّ، ويمكنك الاعتراف به ما دام يتوافق مع الواقع. يمكنك الخضوع لكلام الله بغضّ النظر عن مدى عمق فهمك إيّاه، كما أنك تقبل النور من استنارة الرُّوح القدس الذي يقدم الإخوة والأخوات شركة عنه، وتخضع لهذا النور. عندما يصل سعي مثل هذا الشخص للحقّ إلى نقطةٍ مُعيَّنة، يمكنه الحصول على الحقّ وتحقيق التحوُّل في شخصيَّته. حتى لو كان الناس الذين لا يحبون الحق يملكون قدرًا ضئيلًا من الإنسانية، ويمكنهم فعل بعض الأعمال الصالحة، ويمكنهم التخلي عن أشياء والبذل لأجل الله، فإنهم مرتبكون بشأن الحق ولا يتعاملون معه بجدية. ولذلك، فإن شخصيتهم الحياتية لا تتغير أبدًا. يمكنك أن ترى أن بطرس كانت لديه طبيعة إنسانية مماثلة للتلاميذ الآخرين، لكنه تميَّزَ بسعيه الحثيث إلى الحق. وبغض النظر عما قاله يسوع، فقد تأمله بجدية. سأل يسوع: "يا سِمعان بن يونا، أتحبُّني؟" أجاب بطرس بصدق: "لقد أحببتُ فقط الآب الذي في السماء، ولكنّني لم أحبّ قط الرب الذي على الأرض". وقد فهم في وقت لاحق، وفكر قائلًا لنفسه: "هذا ليس صحيحًا، فالإله الذي على الأرض هو الإله الذي في السماء. أليس هو الإله ذاته في السماء وعلى الأرض؟ إذا كنتُ أحب الله الذي في السماء فقط، فإن محبتي ليست عملية. يجب أن أحب الله الذي على الأرض؛ لأنه عندها فقط ستكون محبتي عملية". وهكذا، فهم بطرس المعنى الحقيقي لكلمة الله من سؤال يسوع. لكي يحب المرءُ الله، ولكي تكون هذه المحبة عملية، يجب عليه أن يحب الله المتجسد الذي على الأرض؛ فمحبة الإله الغامض وغير المرئي أمر غير واقعيٍّ ولا عمليّ، بينما محبة الإله العملي المرئي هي الحق. من كلمات يسوع، ربِحَ بطرس الحق وفَهْمًا لمقاصد الله. من الواضح أن إيمان بطرس بالله كان مرتكزًا فقط على السعي إلى الحق. وفي النهاية، توصل إلى محبة الإله العملي؛ أي الإله الذي على الأرض. كان بطرس جادًّا بخاصّة في سعيه إلى الحق، وكان في كل مرة نصحهُ فيها يسوع يفكر بجدية في كلماته. ربما تأمل لأشهر أو لسنة أو حتى لسنوات قبل أن يزوده الروح القدس بالاستنارة وأصبح هو يفهم جوهر كلام الله. بهذه الطريقة، دخل بطرس إلى الحق، وفيما فعل ذلك تغيرت شخصيته الحياتية وتجددت.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. كيفية معرفة طبيعة الإنسان

لعلاج الشخصية الفاسدة، يجب على المرء أولًا أن يتمكن من قبول الحق. قبول الحق هو قبول دينونة الله وتوبيخه، وهو قبول كلامه الذي يكشف جوهر فساد الإنسان. إذا توصلت إلى معرفة تدفقات فسادك وحالاتك الفاسدة ونواياك وسلوكياتك الفاسدة وتشريحها على أساس كلام الله، وتمكنت من الكشف عن جوهر مشكلاتك، فعندئذٍ سوف تكون قد ربحت معرفة بشخصيتك الفاسدة، وسوف تكون قد بدأت في عملية علاجها. ومن ناحية أخرى، إذا لم تمارس بهذه الطريقة، فلن تتمكن من علاج شخصيتك العنيدة، وليس هذا فحسب، بل لن تكون لديك أيضًا طريقة لاستئصال شخصياتك الفاسدة. يمتلك كل شخص الكثير من الشخصيات الفاسدة، فأين يجب أن يبدأ المرء في علاجها؟ أولًا، يجب على المرء علاج عناده لأن الشخصية العنيدة تمنع الناس من الاقتراب إلى الله والسعي إلى الحق والخضوع لله. العناد هو العثرة الأكبر أمام صلاة الإنسان وشركته مع الله، وهو العائق الأكبر أمام علاقة الإنسان الطبيعية بالله. بعد أن تكون قد عالجت شخصيتك العنيدة، سوف يكون من السهل علاج الشخصيات الأخرى. يبدأ علاج الشخصية الفاسدة بالتأمل في الذات ومعرفة الذات. عالج أي شخصيات فاسدة تكون على دراية بها، فكلما ازدادت معرفتك بها ازدادت قدرتك على علاجها؛ وكلما تعمقت معرفتك بها، أمكنك علاجها علاجًا أكثر شمولًا. هذه هي عملية علاج الشخصيات الفاسدة، فهي تجري من خلال الصلاة إلى الله والتأمل في الذات ومعرفتها وتشريح جوهر شخصية المرء الفاسدة من خلال كلام الله إلى أن يتمكن المرء من التمرد على الجسد وممارسة الحق. إن معرفة جوهر شخصيتك الفاسدة ليست بالمهمة السهلة، فمعرفة نفسك لا تعني القول عمومًا: "أنا شخص فاسد. أنا إبليس ومن نسل الشيطان وسليل التنين العظيم الأحمر. إنني أقاوم الله وأعاديه، وأنا عدوه". لا يعني مثل هذا الكلام بالضرورة أنك تمتلك معرفة حقيقية بفسادك. ربما تكون قد عرفت هذه الكلمات من شخص آخر ولا تعرف الكثير عن نفسك. لا تستند معرفة الذات الحقيقية إلى علم الإنسان أو أحكامه، بل تستند إلى كلام الله. إنها رؤية عواقب الشخصية الفاسدة والمعاناة التي اختبرتها نتيجةً لها، والشعور بأن الشخصية الفاسدة لا تلحق الضرر بك وحدك، بل بالآخرين أيضًا. إنها إدراك حقيقة أن الشخصيات الفاسدة تنشأ من الشيطان، وأنها سموم الشيطان وفلسفاته، وأنها معادية تمامًا للحق ولله. عندما تدرك هذه المشكلة، ستكون قد توصلت إلى معرفة شخصيتك الفاسدة. بعد أن يعترف البعض بأنهم أبالسة وشياطين، فإنهم ما زالوا لا يقبلون التهذيب. إنهم لا يعترفون بأنهم ارتكبوا أي خطأ أو انتهكوا الحق. ما مشكلتهم؟ إنهم لا يزالون لا يعرفون أنفسهم. يقول بعض الناس إنهم أبالسة وشياطين، ولكن إذا سألت الواحد منهم: "لماذا تقول إنك إبليس وشيطان؟"، فلن يتمكن من الرد. وهذا يوضّح أنه لا يعرف شخصيته الفاسدة أو جوهر طبيعته. لو استطاع أن يرى أن طبيعته هي طبيعة الشيطان وأن شخصيته الفاسدة هي شخصية الشيطان، واعترف بالتالي أنه إبليس وشيطان، لكان قد عرف جوهر طبيعته. تتحقق المعرفة الحقيقية بالذات من خلال كشف كلام الله ودينونته وممارسته واختباره. إنها تتحقق من خلال فهم الحق. إذا كان الشخص لا يفهم الحق، فمهما قال عن معرفته بالذات، فإنها معرفة فارغة وغير عملية لأنه لا يستطيع إيجاد تلك الأشياء الجذرية والأساسية أو فهمها. لكي يعرف المرء نفسه، يجب عليه أن يعترف بأي الشخصيات الفاسدة قد كشف عنها في مواقف محددة، وبماهية مقصده، وكيف كان سلوكه، وبما كان ملوَّثًا به، وبسبب عدم تمكنه من قبول الحق. يجب أن يتمكن من ذكر هذه الأمور بوضوح، وعندئذٍ فقط يمكنه معرفة نفسه. عندما يواجه بعض الناس التهذيب، فإنهم يعترفون بأنهم ينفرون من الحق وبأن لديهم شكوكًا وسوء فهم بشأن الله، وبأنهم محترسون منه. إنهم يعترفون أيضًا بأن كل كلام الله الذي يدين الإنسان ويكشفه هو كلام واقعي، وهذا يدل على أن لديهم القليل من معرفة الذات. ولكن معرفتهم بالذات ضحلة تمامًا نظرًا لأنهم لا يملكون معرفة بالله أو عمله ونظرًا لأنهم لا يفهمون مقاصده. إذا اعترف شخص ما بفساده فقط، لكنه لم يتوصل إلى أصل المشكلة، فهل يمكن علاج شكوكه وسوء فهمه واحتراسه من الله؟ كلا، لا يمكن علاجها. ولهذا السبب، فإن معرفة الذات أكثر من مجرد اعتراف بفساد الفرد ومشكلاته، إذ يجب على المرء أيضًا فهم الحق وعلاج مشكلة الشخصية الفاسدة من جذرها. تلك هي الطريقة الوحيدة لرؤية حقيقة فساد المرء وبلوغ التوبة الحقيقية. عندما يتمكن أولئك الذين يحبون الحق من معرفة أنفسهم، فإنهم يتمكنون أيضًا من طلب الحق وفهمه لعلاج مشكلاتهم. وحده هذا النوع من معرفة الذات يحقق نتائج. متى ما قرأ الشخص الذي يحب الحق عبارة من كلام الله الذي يكشف الإنسان ويدينه فإنه، قبل أي شيء آخر، يؤمن أن كلام الله الذي يكشف الإنسان هو كلام واقعي وحقيقي، وأن كلام الله الذي يدين الإنسان هو الحق، وأنه يُمثِّل بر الله. يجب على محبي الحق على الأقل أن يتمكنوا من إدراك هذا. إذا كان شخص ما لا يؤمن حتى بكلام الله ولا يؤمن أن كلام الله الذي يكشف الإنسان ويدينه هو حقائق وهو الحق، فهل يمكنه أن يعرف نفسه من خلال كلامه؟ بالتأكيد لا، فهو لن يتمكن من ذلك، حتى لو رغب فيه. إذا استطعت أن تكون راسخًا في إيمانك بأن جميع كلام الله هو الحق وأن تؤمن به كله، فمهما يقل الله مهما تكن طريقة حديثه، سوف يكون من السهل عليك التأمل فيه ومعرفة نفسك من خلاله إن تمكنت من الإيمان بكلام الله ومن قبوله، حتى إن كنت لا تفهمه. لا بد أن يستند التأمل في الذات على الحق، فهذا أمر لا شك فيه. وحده كلام الله هو الحق، ولا شيء من كلام الإنسان ولا شيء من كلام الشيطان هو الحق. إنَّ الشيطان يفسد البشرية بجميع أنواع التعلم والتعاليم والنظريات منذ آلاف الأعوام، وأصبح الناس متبلدي الحس وبليدي الذهن لدرجة أنهم لا يفتقرون فقط إلى أدنى معرفة بأنفسهم، بل إنهم يؤيدون الهرطقات والمغالطات ويرفضون قبول الحق. والبشر أمثال هؤلاء لا يمكن افتداؤهم. أولئك الذين لديهم إيمان حقيقي بالله يؤمنون أن كلامه فقط هو الحق، ويمكنهم معرفة أنفسهم على أساس كلام الله والحق، ومن ثم بلوغ التوبة الحقيقية. وبعض الناس لا يسعون إلى الحق، فهم لا يسندون تأملهم في الذات إلا على تعلم الإنسان ولا يعترفون بأي شيء أكثر من السلوك الخاطئ، وهم خلال ذلك كله غير قادرين على رؤية حقيقة جوهرهم الفاسد. مثل هذه المعرفة بالذات مسعى لا طائل منه، ولا تسفر عن أي نتائج. يجب على المرء أن يؤسس تأمله في الذات على كلام الله، وبعد التأمل، يتعرف بالتدريج إلى الشخصيات الفاسدة التي يكشف عنها. يجب أن يتمكن المرء من قياس ومعرفة نقائصه وجوهر إنسانيته وآرائه حول الأشياء ونظرته للحياة والقيم بناءً على الحق، ثم الوصول إلى تقييم وحكم دقيقين بشأن جميع هذه الأشياء. وبهذه الطريقة، يمكن أن يكتسب معرفة بذاته تدريجيًا. لكن معرفة الذات تزداد عمقًا كلما اختبر المرء المزيد في الحياة، وقبل أن يكون المرء قد ربح الحق، سوف يستحيل عليه أن يرى حقيقة جوهر طبيعته بالكامل. إذا كان الشخص يعرف نفسه حقًا، فسيمكنه أن يرى أن البشر الفاسدين هم بالفعل نسل الشيطان وتجسيداته. سوف يشعر أنه لا يستحق العيش أمام الله ولا يستحق محبته وخلاصه، وسوف يتمكن من السجود أمامه تمامًا. وأولئك القادرون على مثل هذه الدرجة من المعرفة هم وحدهم الذين يعرفون أنفسهم حقًا. إن معرفة الذات شرط مسبق للدخول إلى واقع الحق. إذا أراد شخص ما ممارسة الحق والدخول إلى الواقع، فيجب أن يعرف نفسه. جميع الناس لديهم شخصيات فاسدة، وهم مقيدون ومحكومون دائمًا بهذه الشخصيات الفاسدة رغمًا عن أنفسهم. إنهم عاجزون عن ممارسة الحق أو الخضوع لله. ولذلك، إذا أرادوا فعل هذه الأشياء، فينبغي عليهم أولًا أن يعرفوا أنفسهم ويعالجوا شخصياتهم الفاسدة. لا يمكن للمرء أن يفهم الحق ويربح معرفة الله إلا من خلال عملية علاج الشخصية الفاسدة، فعندئذٍ فقط يمكن للمرء أن يخضع لله ويشهد له. هكذا يربح المرء الحق. إن عملية الدخول إلى واقع الحق هي عملية علاج شخصية المرء الفاسدة. ما الذي يجب على المرء أن يفعله إذًا لعلاج شخصيته الفاسدة؟ أولًا، يجب أن يعرف المرء جوهره الفاسد. وهذا يعني تحديدًا معرفة كيفية نشوء شخصية المرء الفاسدة، وأي كلمات الشيطان الإبليسية ومغالطاته التي قبلها المرء أدت إلى ظهورها. بمجرد أن يفهم المرء هذه الأسباب الجذرية تمامًا على أساس كلام الله ويميزها، لن يعود راغبًا في العيش وفقًا لشخصيته الفاسدة، بل سيريد فقط الخضوع لله والعيش بكلامه. ومتى ما كشف عن شخصية فاسدة، فإنه سوف يتمكن من تمييزها ورفضها والتمرد على جسده. ومن خلال الممارسة والاختبار بهذه الطريقة، سوف يتخلص ببطء من جميع شخصياته الفاسدة.

– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ماذا يعني السعي إلى الحق (1)

ينبغي أن تُميِّز أبرز الأشياء وأوضحها التي في شخصياتك الفاسدة مثل التكبُّر أو الخداع أو الشر. وبدءًا بهذه الشخصيات الفاسدة، تأمل نفسك وشرّحها واربح معرفة عنها. إذا تمكنت من تحقيق معرفة حقيقية بنفسك ومن كراهية نفسك، فسوف يسهل عليك التخلص من شخصياتك الفاسدة، وسوف يسهل عليك ممارسة الحق. كيف يجب إذًا ممارسة هذا على وجه التحديد؟ دعونا نعقد شركة ببساطة عن هذا الأمر مستخدمين مثال الشخصية المتكبرة. يجب أن تركز في حياتك اليومية في جميع الأوقات على فحص نوع الشخصية المتكبرة التي تتدفق منك عندما تتحدث وتتصرف وتتعامل مع الأمور وتؤدي واجبك وتعقد الشركة مع الآخرين وما إلى ذلك، ومهما كان الأمر المطروح أو مكان وجودك أو نوعية الظروف. يجب أن تتفحص جميع التدفقات والخواطر والأفكار التي تأتي من شخصيتك المتكبرة التي تعيها ويمكنك إدراكها، بالإضافة إلى نواياك وأهدافك، وعلى وجه الخصوص، رغبتك الدائمة في إلقاء محاضرات على الآخرين باستعلاء، وعدم طاعة أحد، واعتبار نفسك أفضل من الآخرين، ورفض ما يقوله الآخرون مهما كان مدى صوابهم، ومطالبة الآخرين بقبول ما تقوله والخضوع له حتى عندما تكون مخطئًا، وميلك الدائم لقيادة الآخرين، وعدم الامتثال وتقديم تبريرات عندما يهذبك القادة والعاملون، وإدانتك لهم على أنهم كذبة، والإدانة الدائمة للآخرين وإعلاء نفسك، والتفكير الدائم بأنك أفضل من أي شخص آخر، والرغبة الدائمة في أن تكون شخصًا بارزًا مشهورًا، والحب الدائم للتباهي بحيث يبجلك الآخرون ويهيمون بك.... يمكنك معرفة مدى قبح شخصيتك المتكبرة من خلال ممارسة التأمل في تدفقات الفساد هذه وتشريحها، ويمكنك أن تمقت نفسك وتبغضها وتكره شخصيتك المتكبرة أكثر. ومن ثم، سوف تكون على استعداد للتأمل فيما إذا كانت قد تدفقت منك شخصية متكبرة في جميع الأمور أم لا. جزء من هذا هو التأمل فيما يتدفق من الشخصيات المتكبرة والبارة ذاتيًا في كلامك، أي الكلام المتباهي المتكبر الأخرق الذي تقوله. والجزء الآخر هو التأمل في الأشياء السخيفة الخرقاء التي تفعلها أثناء التصرف وفقًا لمفاهيمك وتصوراتك وطموحاتك ورغباتك، فهذا النوع وحده من تأمل الذات يمكنه أن ينتج معرفة عن الذات. بمجرد أن تكون قد ربحت معرفة حقيقية عن نفسك، ينبغي أن تطلب مسارات ومبادئ الممارسة لتكون شخصًا صادقًا في كلام الله، وحينها تمارس وتؤدي واجبك وتتعرف إلى الآخرين وتتعامل معهم وفقًا للمسارات والمبادئ المشار إليها في كلام الله. عندما تكون قد مارست بهذه الطريقة لفترة ربما تكون شهرًا أو شهرين، سوف تشعر بغبطة في قلبك حيال ذلك، وسوف تكون قد ربحت منه شيئًا، وتذوقت طعم النجاح. سوف تشعر أن لديك طريقًا لتصبح شخصًا صادقًا وعاقلًا، وسوف تشعر أنك أكثر ثباتًا. على الرغم من أنك لن تتمكن بعد من التحدث عن معرفة عميقة بالحق على وجه التحديد، فإنك ستكون قد ربحت قدرًا من المعرفة الإدراكية عنه، بالإضافة إلى مسار للممارسة. على الرغم من أنك لن تتمكن من التعبير عنه بوضوح في صورة كلمات، فإنك سوف تتمتع بشيء من التمييز عن الضرر الذي تلحقه الشخصية المتكبرة بالناس وكيفية تشويهها لإنسانيتهم. مثال ذلك، غالبًا ما يقول الناس المتكبرون والمغرورون كلامًا متباهيًا متهورًا ويقولون كلامًا شيطانيًا لخداع الآخرين. إنهم يتكلمون كلامًا رنانًا ويهتفون بالشعارات ويخطبون خُطبًا سامية. أليست هذه مظاهر مختلفة للشخصية المتكبرة؟ أليس من العبث المطبق تدفق هذه الشخصيات المتكبرة؟ إذا استطعت أن تفهم حقًا أنه كي تتدفق منك مثل هذه الشخصيات المتكبرة فلا بد أن تكون قد فقدت عقلك البشري الطبيعي، وأن العيش ضمن شخصية متكبرة يعني أنك تعيش الشيطانية بدلًا من الإنسانية، فعندئذٍ ستكون قد أدركت حقًا أن الشخصية الفاسدة شخصية شيطانية، وسوف تتمكن من كره الشيطان وكره الشخصيات الفاسدة من قلبك. وفي غضون ستة أشهر أو عام من هذا الاختبار، سوف تستطيع معرفة نفسك الحقيقية. وإذا تدفقت منك شخصية متكبرة مرَّة أخرى، فستكون على دراية بها فورًا، وستتمكن من التمرد عليها ونبذها. سوف تكون قد بدأت في التغيير، وسوف تتمكن من التخلص تدريجيًا من شخصيتك المتكبرة والتعايش بشكل طبيعي مع الآخرين. سوف تستطيع التحدث بصدق ومن القلب، ولن تعود تتفوه بالأكاذيب أو كلام التكبُّر. ألن تمتلك حينها قدرًا من العقل وقدرًا من الشبه بالشخص الصادق؟ ألن تكون قد ربحت ذلك الدخول؟ هذا هو الوقت الذي سوف تبدأ فيه في ربح شيء ما. عندما تمارس الصدق بهذه الطريقة، سوف تستطيع طلب الحق والتأمل في نفسك مهما كان نوع الشخصية المتكبرة التي تتدفق منك، وبعد اختبار كونك شخصًا صادقًا بهذه الطريقة لبعض الوقت، سوف تتمكن من أن تفهم تلقائيًا وتدريجيًا الحقائق وكلمات الله ذات الصلة عن كونك شخصًا صادقًا. وعندما تستخدم تلك الحقائق لتشريح شخصيتك المتكبرة، سوف توجد في أعماق قلبك استنارة وإضاءة كلام الله، وسوف يبدأ قلبك في الشعور بمزيد من الإشراق. سوف ترى بوضوح الفساد الذي تجلبه الشخصية المتكبرة للناس والقبح الذي يجعلهم يعيشونه، وسوف تستطيع تمييز كل حالة من الحالات الفاسدة التي يجد الناس أنفسهم فيها عندما تتدفق منهم شخصية متكبرة. وبالمزيد من التشريح، سوف ترى قبح الشيطان بشكل أوضح، وسوف تكره الشيطان أكثر. ومن ثم، سوف يسهل عليك التخلص من شخصيتك المتكبرة.

– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ماذا يعني السعي إلى الحق (2)

يجب على المرء لبلوغ التوبة الحقيقية أن يعالج شخصياته الفاسدة. كيف ينبغي على المرء إذًا على وجه التحديد الممارسة والدخول لعلاج شخصياته الفاسدة؟ إليك أحد الأمثلة. الناس لديهم شخصيات خادعة، فهم يكذبون ويغشون دائمًا. إذا أدركت ذلك، فإن المبدأ الأبسط والأكثر مباشرة للممارسة لعلاج خداعك هو أن تكون شخصًا صادقًا وأن تقول الحق وتتصرف تصرفات صادقة. قال الرب يسوع: "بَلْ لِيَكُنْ كَلَامُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لَا لَا". يجب على المرء أن يتبع مبادئ كلام الله ليكون صادقًا. هذه الممارسة البسيطة هي الأكثر فعالية، فهي سهلة الفهم والممارسة. ومع ذلك، نظرًا لأن الناس فاسدون للغاية، ونظرًا لأنهم جميعًا لديهم طبائع شيطانية ويعيشون وفقًا لشخصيات شيطانية، فإنه يصعب عليهم للغاية ممارسة الحق. إنهم يرغبون في أن يكونوا صادقين، لكنهم لا يستطيعون. لا يسعهم إلا قول الأكاذيب والانخراط في الخداع، وعلى الرغم من أنهم قد يشعرون بالندم بعد إدراك هذا، فإنهم سيظلون عاجزين عن التخلص من قيود شخصيتهم الفاسدة، وسوف يواصلون الكذب والغش كما فعلوا من قبل. كيف ينبغي علاج هذه المشكلة؟ يتمثل جزء من العلاج في معرفة المرء أن جوهر شخصيته الفاسدة قبيح وحقير، وفي تمكُّنه من كراهيتها من قلبه. ويتمثل جزء آخر في تدريب المرء نفسه على الممارسة وفقًا لمبدأ الحق. "بَلْ لِيَكُنْ كَلَامُكُمْ: نَعَمْ نَعَمْ، لَا لَا". عندما تمارس هذا المبدأ، فإنك تكون في مرحلة علاج شخصيتك المخادعة. وبطبيعة الحال، إذا تمكنت من الممارسة وفقًا لمبادئ الحق أثناء علاج شخصيتك المخادعة، فهذا مظهر من مظاهر تغييرك لنفسك، وبداية توبتك الحقيقية، والله يستحسن هذا. فهذا يعني أنه عندما تُغيِّر نفسك، سوف يُغيِّر الله رأيه عنك. وعندما يفعل الله هذا، فإنه في الواقع يعفو عن شخصيات الإنسان الفاسدة وعصيانه. إنه يغفر للناس ولا يعود يذكر خطاياهم أو ذنوبهم. هل هذا محدد بما يكفي؟ هل فهمتم هذا؟ إليكم مثال آخر. لنفترض أن لديك شخصية متكبرة، وأنه بصرف النظر عما يحدث لك فأنت عنيد جدًا، إذ تريد دائمًا أن تكون صاحب القرار وأن تجعل الآخرين يطيعونك وأن يفعلوا ما تريد منهم فعله. ثم يأتي اليوم الذي تدرك فيه أن هذا ناتج عن شخصية متكبرة. إن اعترافك أنها شخصية متكبرة هو الخطوة الأولى نحو معرفة الذات. وانطلاقًا من ذلك، ينبغي أن تبحث عن بعض المقاطع من كلام الله التي تكشف الشخصية المتكبرة لتقارن نفسك بها وتتأمل فيها وتعرف نفسك. إذا وجدت أن المقارنة مناسبة تمامًا واعترفت أن الشخصية المتكبرة التي يكشفها الله موجودة فيك، ثم ميَّزت وكشفت مصدر شخصيتك المتكبرة وسبب ظهورها وأي من سموم الشيطان وبدعه ومغالطاته تتحكم بها، فسوف تكون قد تعمقت في أصل تكبُّرك بعد النظر في جوهر جميع هذه الأسئلة. هذه معرفة حقيقية بالذات. عندما يكون لديك تعريف أدق لكيفية الكشف عن هذه الشخصية الفاسدة، سوف يُسهِّل ذلك معرفة أعمق وأكثر عملية عن نفسك. ماذا ينبغي أن تفعل بعد ذلك؟ ينبغي أن تبحث عن مبادئ الحق في كلام الله، وأن تفهم أي نوع من السلوك البشري والكلام يعد مظهرًا من مظاهر الإنسانية الطبيعية. وبعد أن تجد طريق الممارسة، يجب أن تمارس وفقًا لكلام الله، وعندما يكون قلبك قد تغيَّر، تكون قد تبت حقًا. سوف توجد مبادئ لكلامك وأفعالك، وليس هذا فحسب، بل ستعيش أيضًا على شبه الإنسان وتتخلص تدريجيًا من شخصيتك الفاسدة. وسوف يراك الآخرون شخصًا جديدًا: لن تعود فيما بعد ذاك الشخص العتيق الفاسد الذي كنت عليه من قبل، بل شخصًا مولودًا من جديد بكلام الله، ومثل هذا الشخص هو الذي تغيَّرت شخصيته الحياتية.

– الكلمة، ج. 6. حول السعي إلى الحق. ماذا يعني السعي إلى الحق (1)

للسّعي إلى التغيير في الشخصية، على المرء أولًا أن يكون قادرًا على التعرّف على شخصيته الفاسدة. وتتضمّن معرفة المرء نفسه حقًا رؤية حقيقة جوهر فساده وتشريح هذا الجوهر بشكل كامل، إضافة إلى التعرّف على الحالات المختلفة التي تخلقها الشخصية الفاسدة. فقط عندما يفهم المرء بوضوح حالاته الفاسدة وشخصيته الفاسدة، يمكنه أن يكره جسده ويكره الشيطان، وعندئذٍ فقط يُحقّق تغيّرًا في الشخصية. قإذا لم يستطع المرء التعرّف على هذه الحالات، وفشل في صنع الروابط ومُطابقتها مع نفسه، فهل يُمكِن أن تتغيّر شخصيته؟ لا يمكن ذلك. يتطلّب تغيير الشخصية من المرء التعرّف على الحالات المختلفة التي تُنتِجها شخصيته الفاسدة؛ يجب أن يصل إلى نقطة عدم التقيُّد بشخصيته الفاسدة وممارسة الحق؛ عندئذٍ فقط يمكن لشخصيته أن تبدأ في التغيّر. وإذا لم يتمكّن من التعرّف على أصل حالاته الفاسدة، وقيَّد نفسه فقط وفقًا للكلمات والتعاليم التي يفهمها، فإنه حتى إذا كان لديه بعض السلوك الصالح وتَغيَّر قليلًا من الخارج، فلا يُمكِن اعتبار ذلك تحوّلًا في الشخصية. وبما أنه لا يُمكِن اعتباره تحوّلًا في الشخصية، فما الدور الذي يلعبه معظم الناس إذن خلال أداء واجبهم؟ إنه دور العامل؛ هم فقط يبذلون أنفسهم ويُشغِلون أنفسهم بالمهام. وعلى الرغم من أنهم يؤدّون واجبهم أيضًا، فإنهم يركزون في معظم الوقت على إنجاز الأمور فقط، ليس على طلب الحق، وإنّما فقط بذل الجهد. في بعض الأحيان، عندما يكونون في مزاج جيّد، يبذلون جهدًا إضافيًا، وفي أحيان أخرى، عندما يكون مزاجهم سيئًا، يُحجمون قليلًا. لكن بعد ذلك يفحصون أنفسهم ويشعرون بالندم، فيبذلون جهدًا أكبر مجدّدًا، معتقدين أن هذه توبة. في الواقع، هذا ليس تغيّرًا حقيقيًا، ولا هي توبة حقيقية. التوبة الحقيقية تبدأ بمعرفة النفس؛ تبدأ بتغيير في السلوك. وبمجرد أن يتغيّر سلوك المرء، ويُمكنه التمرّد على جسده، وممارسة الحق، ويظهر أن سلوكه يتماشى مع المبادئ، فهذا يعني أنه كان هناك توبة حقيقية. ثُمّ شيئًا فشيئًا، يصل إلى النقطة التي يُصبح فيها قادرًا أن يتحدّث ويتصرّف وفقًا للمبادئ، متوافقًا تمامًا مع الحق. عندئذٍ يبدأ التغيّر في الشخصية الحياتية.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. لا يجد من يسعى إلى الحق عونًا إلّا في معرفة النفس

إذا أظهرت فسادًا في أمرٍ ما، فهل يمكنك ممارسة الحقّ فورًا بمُجرَّد إدراكك لهذا؟ لا يمكنك ذلك. في هذه المرحلة من الفهم، فإنَّ الآخرين يُهذّبونك، ثم تجبرك بيئتك وتدفعك إلى التصرُّف وفقًا لمبادئ الحق. أحيانًا لا تزال غير متقبل لفعل ذلك وتقول لنفسك: "هل ينبغي أن أفعل ذلك هكذا؟ لماذا لا يمكنني أن أفعله كما أريد؟ لماذا يُطلب مني دائمًا ممارسة الحقّ؟ لا أريد أن أفعل هذا، فقد سئمت منه!" يتطلَّب اختبار عمل الله الخضوع للعمليَّة التالية: من ممانعة ممارسة الحقّ إلى ممارسة الحقّ عن طيب خاطر؛ ومن السلبيَّة والضعف إلى القوَّة واستطاعة التمرد على الجسد. عندما يصل الناس إلى نقطةٍ مُعيَّنة من الاختبار ثم يخضعون لبعض التجارب والتنقية ويصلون في النهاية إلى فهم مقاصد الله وبعض الحقائق، فسيكونون سعداء نوعًا ما وراغبين في فعل الأشياء وفقًا لمبادئ الحق. يتردَّد الناس في البداية في ممارسة الحق. خذ كمثال أداء المرء بواجباته على نحو يتسم بالتكريس: لديك بعض الإدراك للقيام بواجباتك وأن تكون مكرَّسًا لله، كما أن لديك بعض الفهم للحق، ولكن متى ستستطيع أن تكون مكرَّسًا بالكامل؟ متى ستكون قادرًا على القيام بواجباتك بالاسم وبالفعل؟ سيتطلب هذا عملية. وخلال هذه العملية، قد تعاني من متاعب كثيرة. قد يهذبك بعض الناس وقد ينتقدك بعضهم الآخر. وستكون أعين الجميع عليك، وتمحِّصك، وحينها فقط ستبدأ تدرك بأنك على خطأ وبأنك من لم يكن أداؤه جيدًا في الواقع، وبأنَ افتقارك إلى أن تكون مكرَّسًا في أدائك لواجباتك هو أمر غير مقبول، وبأنك لا يجب أن تكون غير مبالٍ! سيهبك الروح القدس الاستنارة من داخلك ويوبّخك عندما ترتكب خَطَأً ما. وخلال هذه العملية، ستصل إلى فهم بعض الأمور عن نفسك وستعرف أنَّ لديك مظاهر دنس كثيرة، وأنَّك تُبطِنُ دوافع شخصية كثيرة للغاية وكذلك رغبات جامِحة عديدة جدًا في القيام بواجباتك. وبمجرد أن تكون قد فهمت جوهر هذه الأمور، يمكنك أن تمثُل أمام الله في الصلاة وأن تتوب توبةً صادقة، يمكن تطهيرك من تلك الأشياء الفاسدة. إذا سعيت إلى الحق كثيرًا بتلك الطريقة لحل مشكلاتك العملية، فسوف تدخل تدريجيًا في مسارِ الإيمان الصحيح؛ وسوف تبدأ في الحصول على اختباراتٍ حقيقيَّة في الحياة، وتبدأ شخصيَّتك الفاسدة بالتطهر تدريجيًّا. وكلَّما طُهّرَت شخصيتك الفاسدة، ستتحول شخصيتك الحياتية بصورةٍ أكبر.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. ما ينبغي معرفته عن تغيير شخصية المرء

إذا لم تُعالج شخصيات الناس الفاسدة، فلن يتمكنوا من الدخول في واقع الحق. إذا لم يعرفوا أي شخصيات فاسدة لديهم، أو ما هو جوهر طبيعتهم الشيطانية، فهل يستطيعون حقًا الإقرار بأنهم هم أنفسهم بشر فاسدون؟ (كلا). إذا كان الناس غير قادرين على الإقرار حقًا بأنهم شيطانيون، وأنهم أفراد من الجنس البشري الفاسد، فهل يمكنهم التوبة حقًا؟ (كلا). وإذا لم يتمكنوا من التوبة حقًا، ألا يمكن أن يفكروا في أغلب الأحيان أنهم ليسوا سيئين للغاية، وأنهم محترمون ومبجلون، وذوو منزلة عالية، وأنهم يتمتعون بالمكانة والشرف؟ ألن تكون لديهم مثل هذه الأفكار والحالات في أغلب الأحيان؟ (بلى). لماذا إذن تظهر هذه الحالات؟ يتلخص الأمر كله في جملة واحدة: إذا لم تُعالج شخصيات الناس الفاسدة، فستكون قلوبهم مضطربة دائمًا، وسيكون من الصعب أن تكون لديهم حالة طبيعية. هذا يعني أنه إذا لم تُعالج شخصيتك الفاسدة في جانب ما، فسيكون من الصعب جدًا عليك أن تتحرر من تأثير الحالة السلبية، ومن الصعب جدًا أن تخرج من تلك الحالة السلبية، لدرجة أنك قد تظن حتى أن حالتك هذه صحيحة وسليمة وتتماشى مع الحق. سوف تتمسك بها وتستمر فيها، وستصبح حبيسًا فيها بطبيعة الحال، لذا سيكون من الصعب جدًا عليك أن تخرج منها. وبعد ذلك في يوم من الأيام، حالما تفهم الحق، ستدرك أن هذا النوع من الحالات يقودك إلى إساءة فهم الله ومقاومته، ويقودك إلى الصراع مع الله ودينونته، إلى الحد الذي يجعلك تشك في أن كلام الله هو الحق، وتشك في عمل الله، وتشك في أن الله له السيادة على كل شيء، وتشك في أن الله هو واقع كل الأشياء الإيجابية وأصلها. سترى أن حالتك خطيرة للغاية. وقد حدثت هذه العاقبة الوخيمة إذ لم يكن لديك حقًا معرفة بهذه الفلسفات، والأفكار، والنظريات الشيطانية. حينئذٍ فحسب ستكون قادرًا على رؤية كم أنَّ الشيطان شرير وخبيث؛ فالشيطان قادر تمامًا على تضليل الناس وإفسادهم، مما يجعلهم يسلكون طريق مقاومة الله وخيانته. إذا لم تُعالج الشخصيات الفاسدة، فستكون العواقب وخيمة. وإذا كنت قادرًا على امتلاك هذه المعرفة، وهذا الإدراك، فهذه النتيجة ترجع كليًا إلى فهمك للحق، وكلام الله الذي ينيرك ويضيئك. إن الناس الذين لا يفهمون الحق لا يمكنهم رؤية كيفية إفساد الشيطان للناس، وكيفية إضلاله لهم وجعلهم يقاومون الله؛ وهذه النتيجة خطيرة للغاية. بينما يختبر الناس عمل الله، إذا لم يعرفوا كيف يتأملون في أنفسهم، أو يميزون الأشياء السلبية، أو يميزون الفلسفات الشيطانية، فلن يكون لديهم سبيل إلى التحرر من تضليل الشيطان وفساده. لماذا يطلب الله من الناس قراءة المزيد من كلماته؟ لكي يفهم الناس الحق، ويعرفوا أنفسهم، ويروا بوضوح ما يؤدي إلى ظهور حالاتهم الفاسدة، ويروا من أين تنبع أفكارهم، ووجهات نظرهم، وطرق حديثهم وسلوكهم وتعاملهم مع الأمور. عندما تدرك أن وجهات النظر هذه التي تتمسك بها لا تتماشى مع الحق، وأنها تتعارض مع كل ما قاله الله، وأنها ليست ما يريده؛ عندما يكون لدى الله متطلبات منك، وعندما تأتي عليك كلماته، وعندما لا تسمح لك حالتك وعقليتك بالخضوع لله، ولا بأن تكون خاضعًا للظروف التي رتبها، ولا تتسبب في أن تعيش حرًا ومتحررًا في حضرة الله وأن ترضيه؛ فإن كل هذا يثبت أن الحالة التي تتمسك بها خاطئة. هل واجهتم هذا النوع من المواقف من قبل: أنت تعيش وفقًا للأشياء التي تعتقد أنها إيجابية، والتي تعتقد أنها الأفيَد لك؛ ولكن على نحو غير متوقع، عندما تحدث لك الأشياء، فإن الأشياء التي تعتقد أنها الأصح لا يكون لها تأثير إيجابي في أغلب الأحيان؛ بل هي على العكس من ذلك، تتسبب في أن يكون لديك شكوك بشأن الله، وتتركك بلا مسار، وتجعل لديك نقاط سوء فهم بشأن الله، وتؤدي إلى معارضة الله؛ فهل مررت بمثل هذه الأوقات؟ (نعم). من المؤكد بالطبع أنك ما كنت لتتمسك بتلك الأشياء التي تعتقد أنها خاطئة؛ بل إنك تتمسك فقط بالأشياء التي تعتقد أنها صحيحة وأنت تواظب عليها، وتعيش دائمًا في مثل هذه الحالة. عندما تفهم الحق ذات يوم، حينها فقط ستدرك أن الأشياء التي تتمسك بها ليست إيجابية؛ بل إنها خاطئة تمامًا، إنها أشياء يعتقد الناس أنها جيدة، لكنها ليست الحق. كم من الوقت تدركون وتعون أن الأشياء التي تتمسكون بها خاطئة؟ إذا كنتم على وعي بأنها خاطئة في أغلب الأحيان، لكنكم لا تتأملون، ولديكم مقاومة في قلوبكم، وأنتم غير قادرين على قبول الحق، وغير قادرين على مواجهة هذه الأشياء بشكل صحيح، وأنتم أيضًا تفكرون نيابة عن أنفسكم؛ فإذا لم يتغير هذا النوع من الحالة الخاطئة، فسيكون الأمر خطيرًا للغاية. إن التمسك دائمًا بمثل هذه الأشياء يجعل من السهل عليك للغاية أن تقع في الحزن، ويجعل من السهل أن تتعثر وتفشل، وإضافة إلى ذلك، لن تدخل في واقع الحق. عندما يحاجج الناس دائمًا نيابة عن أنفسهم، فهذا تمرد؛ وهذا يعني أنهم لا يملكون عقلًا. وحتى إذا لم يقولوا شيئًا بصوت مرتفع، فإذا كانوا يكِنُّون الأمر في قلوبهم، فإن المشكلة الجذرية لم تُعالَج بعد. في أي الأوقات إذن تكون قادرًا على عدم معارضة الله؟ لا بد أن تعكس حالتك وتعالج جذور مشاكلك في هذا الصدد؛ لا بد أن تعرف بوضوح أين بالضبط يكمن الخطأ في وجهة النظر التي تتمسك بها؛ يجب عليك أن تسبر أغوار هذا الأمر وتطلب الحق لعلاجه. حينها فقط يمكنك أن تعيش في الحالة الصحيحة. وعندما تعيش في الحالة الصحيحة، لن يكون لديك أي سوء فهم بشأن الله، ولن يكون لديك أي معارضة له، وبالطبع لن تنشأ فيك مفاهيم. وفي هذا الوقت، سيُعالَج تمردك في هذا الصدد. وعندما يُعالَج، وعندما تعرف كيفية التصرف بما يتماشى مع مقاصد الله، ألن تكون أفعالك في هذا الوقت متوافقة مع الله؟ وإذا كنت متوافقًا مع الله في هذا الأمر، ألن يكون كل ما تفعله متماشيًا مع مقاصده؟ أليست مسارات العمل والممارسة التي تتماشى مع مقاصد الله تتماشى أيضًا مع الحق؟ عندما تكون راسخًا في هذا الأمر، فإنك تعيش في الحالة الصحيحة. وعندما تعيش في الحالة الصحيحة، فإنَّ ما تكشف عنه وتعيشه لا يعود شخصية فاسدة؛ وتكون قادرًا على عيش الإنسانية الطبيعية، ويكون من السهل عليك ممارسة الحق، وتكون خاضعًا بحق.

– الكلمة، ج. 3. محادثات مسيح الأيام الأخيرة. لا يتحقق التحول الحقيقي للمرء إلا بمعالجة شخصيته الفاسدة

شهادات اختبارية ذات صلة

أعرف طريق معالجة الشخصية الفاسدة

ترانيم ذات صلة

كيفية تقبّل الحق

السابق: 23. كيفية تمسك المرء بشهادته خلال التجارب

التالي: 26. ما هو التغيير في الشخصية

كيف يمكن لنا نحن المسيحيون أن نتحرَّر من رباطات الخطية ونتطهَّر؟ لا تتردد في الاتصال بنا لتجد الطريق.

محتوى ذو صلة

سؤال 8: الذين آمنوا بالرب يسوع، وضحوا من أجله في حياتهم، إن لم يقبلوا عمل الله القدير في الأيام الأخيرة، فلن يُختطفوا إلى ملكوت السموات؟

الإجابة: بخصوص هذه المسألة، أعطانا الله القدير إجابة واضحة. يقول الله القدير، "إن لم تَسْعَ نحو طريق الحياة الذي يقدمه مسيح الأيام الأخيرة،...

تمهيد

مع أن العديد من الناس يؤمنون بالله، إلا أن قلةً منهم يفهمون معنى الإيمان بالله، وما يتعين عليهم بالضبط أن يفعلوه ليكونوا متماشين مع مقاصد...

سؤال 2: لقد صُلب الرب يسوع كذبيحة خطيئة لتخليص البشرية. لقد قبلنا الرب، وحصلنا على الخلاص من خلال نعمته. لماذا لا يزال علينا أن نقبل عمل الله القدير للدينونة والتطهير في الأيام الأخيرة؟

الإجابة: في عصر النعمة، قام الرب يسوع بعمل الفداء. لم يكن هدف عمل دينونة الله في الأيام الأخيرة هو إنقاذ البشرية بشكل شامل. ما حققه عمل...

ظهور الله وعمله حول معرفة الله أحاديث مسيح الأيام الأخيرة كشف أضداد المسيح مسؤوليات القادة والعاملين حول السعي إلى الحق حول السعي إلى الحق الدينونة تبدأ ببيت الله كلمات جوهرية من الله القدير مسيح الأيام الأخيرة كلمات الله اليومية اتبعوا الحمل ورنموا ترنيمات جديدة وقائع الحق التي على المؤمنين بالله أن يدخلوها إرشادات لنشر إنجيل الملكوت خراف الله تسمع صوت الله أصغ إلى صوت الله عاين ظهور الله أسئلة وأجوبة جوهرية عن إنجيل الملكوت شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد الأول) شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد الثاني) شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد الثالث) شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد الرابع) شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد الخامس) شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد السادس) شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد السابع) شهادات عن اختبارات أمام كرسي دينونة المسيح (المجلد التاسع) كيف رجعت إلى الله القدير

إعدادات

  • نص
  • مواضيع

ألوان ثابتة

مواضيع

الخط

حجم الخط

المسافة بين الأسطر

المسافة بين الأسطر

عرض الصفحة

المحتويات

بحث

  • ابحث في هذا النص
  • ابحث في هذا الكتاب